عقد الهبة


عقد الهبة

عقد الهبه في اللغة يعني العطية الخالية من الأغراض والأعواض، وفي الاصطلاح تعني تمليك العين بغير عوض حال الحياة، أو تمليك المال مجانًا حال الحياة.

وعرف القانون الأردني الهبة في الفقرة رقم 1 من المادة رقم (577) بأنها : تمليك مال أو حق مالي لآخر حال حياة المالك دون عوض.

والقانون المدني المصري عرف عقد الهبة في نص المادة (486) بأنها : عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في المال له دون عوض، ويجوز للواهب دون أن يتجرد عن نية التبرع أن يفرض على الموهوب له في القيام بالتزام معين.

فعقد الهبة في الأصل هو تبرُع محض من قبل الواهب، فعلى الواهب وحده يقع الالتزام بالتبرع، أما الموهوب له فدوره ينحصر في تلقي الحق، وبناء على ما سبق نفهم أن عقد الهبه هو عقد ملزم لجانب واحد بحسب الأصل، ألا وهو الواهب فقط لا غير.

ومن الجدير بالذكر أنه يجب أن تكون الهبة بسند رسمي وإلا وقع عليها البطلان، هذا ما لم تتم تحت ستار عقد آخر، إلا أنه يجوز في المنقول ودون الحاجة إلى سند رسمي أن تتم الهبة بالقبض.

جدول المحتويات

مشروعية الهبة

أركان عقد الهبة

الشروط الشكلية

الآثار المترتبة على عقد الهبة

مشروعية الهبة

الهبة عقد مشروع، وقد دل على مشروعيته الكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول، وهذا سنبينه فيما يلي:

1-    الكتاب:

قوله تعالى : ” وأتوا النساء صدقاتهم نحلة فإن طبن لكم منه شيئًا فكلوه هنيئًا مريئًا”

فالله جل وعلا قد أباح الأكل بطريق الهبة، وذلك دليل بين على جوازها.

2-    السنة

جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أدلة كثيرة على جواز الهبة نختار منها ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : “تهادوا تحابوا”.

3-    الإجماع

سار الصحابة والفقهاء على استحباب الهبة بكافة أنواعها لأنها من أسباب التواد والتراحم استدلالا بقوله تعالي : “وتعاونوا على البر والتقوى “.

4-    المعقول

شُرعت الهبة لعظم فائدتها فهي تذهب الأحقاد والضغائن، وتدل على كرم الأخلاق، وتؤلف القلوب على المحبة وسبب من أسباب الإحسان والتواد.

أركان عقد الهبة

الهبة عقد كسائر العقود الأخرى له ثلاثة أركان وهي التراضي والمحل والسبب والشكلية أيضًا ركن أساسي فيها وتُضاف في هبة العقار، وحتى يكون العقد منتجًا لأثاره، فلابد من توافر شروط الانعقاد وشروط الصحة.

أولاً : التراضي

وهو يعني تطابق إيجاب وقبول أي انصراف وتوافق إرادتين إلى إبرام عقد وحتى يكون التراضي صحيحًا فيتعين أن يكون الذي صدر منه متمتعًا بالأهلية وأن يخلوا الرضا من العيوب.

وقبول الموهوب له ضروريًا لانعقاد الهبة، فلا تتم الهبة إلا إذا قبلها الموهوب له أو نائبه، ومن غير الضروري أو اللازم أن يكون صريحًا، والتعبير عن الإرادة في عقد الهبة تسري عليه القواعد العامة التي تسري على غيره من العقود، فالإيجاب يجوز أن يكون ضمنيًا، وإن كان الغالب أن يكون صريحًا.

ويجب أن يكون التراضي صادرًا من أشخاص يتمتعون بالأهلية وهي صلاح الشخص لكسب الحقوق وتحمل الالتزامات، وأيضًا أن يكون خاليًا من أي عيب من عيوب الإرادة كالغلط، والتدليس، والاكراه، والاستغلال.

ثانيًا: المحل

فالأصل في الهبة أن تكون عقدًا ملزمًا لجانب واحد ألا وهو الواهب فعليه وحده يقع الالتزام ومحل التزامه هو الشيء الموهوب، إلا أنه من الجائز أن يشترط الواهب في الهبة عوضًا، فتكون الهبة كالإيجار أو البيع ملزمة للجانبين، والعوض المُشترط يكون هو التزام الموهوب له.

ولكي تحتفظ الهبة بطابعها التبرعية فيتعين أن تكون قيمة المال الموهوب أعلى من قيمة العُوض المشروط ، حتى يكون الفرق بين القيمتين هبة، وإن حدث خلاف ذلك فُيعتبر العقد معاوضة.

ثالثًا: السبب

ونظرية السبب في عقد الهبة تُعتبر أن السبب هو الدافع الرئيس للتبرُع، ويشترط القانون في هذا الدافع أن يكون مشروعًا، وغير مرتبط بشرط مستحيل على الموهوب له حتى لا تكون الهبة باطلة بطلانًا مُطلقًا، ومثال الهبة المقترنة بشرط مستحيل أن يهب شخص لأخر ويشترط عليه المشي على الماء، ومثال الشرط غير المشروع أن يهب لامرأة من أجل إقامة علاقة محرمة معها.

رابعًا: الشروط الشكلية

الهبة عقد شكلي ومُبرر الشكلية في عقد الهبة هو أن الهبة عقد خطير وهو تصرف استثنائي غير مألوف يقع نادرًا ولدوافع قوية، فكان من اللازم على الواهب الذي يتجرد عن ماله دون مقابل أن يتأمل ويتدبر وتعينه الشكلية على ذلك، وفيما يتعلق بهذا الصدد فقد نصت المادة رقم (488) من القانون المدني المصري على ما يلي :

  • تكون الهبة بورقة رسمية وإلا وقعت باطلة مالم تتم تحت ستار عقد آخر.
  • ومع ذلك يجوز في المنقول أن تتم الهبة بالقبض دون حاجة إلى ورقة رسمية.

ويتضح لنا من النص السابق أن شكل الهبة في المنقول يختلف عن شكل الهبة في العقار، وهو ما سنبينه في الاتي:

·        شكل الهبة في العقار

الهبة في العقار لا يُمكن أن تتم إلا بورقة رسمية وذلك عبر مكاتب التوثيق، وعلى المُوثق التحقق من رضا كلا المتعاقدين وأهليتهما، ويتعين حضور شاهدين يوقعان على الهبة.

ويقوم الموثق بتلاوة سيرة العقد والأثر القانوني المُترتب عليه قبل توقيع المُتعاقدين على عقد الهبة، وفي حال أن اتضح للموثق عدم توافر الأهلية أو الرضاء لدى المُتعاقدين فمن حقه رفض التوثيق.

والجدير بالإشارة أنه يجب أن تتضمن الورقة الرسمية كافة عناصر الهبة، من واهب وموهوب له ومال موهوب، وكذلك جميع الشروط التي يتضمنها العقد.

·        شكل الهبة في المنقول

كهبة العقار فإن هبة المنقول لا تكون إلا بورقة رسمية، فكل ما تطرقنا له بخصوص الرسمية في هبة العقار يسري على هبة المنقول، فإذا تم توثيق هبة المنقول في ورقة رسمية فإن الهبة تنعقد بغير حاجة إلى القبض، إلا أنه يجوز في المنقول ودون الحاجة إلى ورقة رسمية أن تتم الهبة بالقبض.

ففي حال أن لجأ كلا المتعاقدين إلى القبض في إبرام هبة المنقول فإن الهبة حينئذ يُطلق عليها الهبة اليدوية أي المناولة من يد الواهب إلى يد الموهوب له، بمعنى أنها تتم بالتسليم.

ويجدر الإشارة الى ان الهبة في السيارات وفقا للقانون الأردني لا يجوز ان تتم الا من خلال دائرة نقل ملكية السيارات المختصة وتسمى دائرة ترخيص ونقل ملكية المركبات .

الآثار المترتبة على عقد الهبة

ذكرنا فيما سبق أن عقد الهبة في الأصل هو عقد مُلزم للواهب فقط، ولكن إذا اشترط الواهب العوض لهبتة كانت الهبة في تلك الحالة ملزمة لكلا الجانبين، ومن هذا المُنطلق سنتناول التزامات الواهب والموهوب له كما سيأتي :

أولًا : التزامات الواهب

الالتزام بنقل ملكية الشيء الموهوب :

فعقد الهبة يُنشأ التزامًا في ذمة الواهب بنقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له.

الالتزام بتسليم الشيء الموهوب:

فعلى الواهب إذا لم يكن قد سلم الشيء الموهوب فعلًا قبل الهبة أن يُحافظ على الشيء الموهوب قبل أن يُسلمه للموهوب له.

الالتزام بضمان التعرض والاستحقاق:

وذلك بأن يضمن الواهب للموهوب له حيازة الشيء الموهوب حيازة هادئة مستقرة دون القيام بأعمال مادية أو تصرفات قانونية من شأنها الاعتداء على حقوق الموهوب له.

الالتزام بضمان العيوب الخفية:

فإذا هلك الشيء الموهوب قبل التسليم لسبب أجنبي فالهلاك يقع على عاتق الموهوب له، ولكن إذا تعمد الواهب إخفاء العيب أو ضمن خلو الشيء الموهوب من العيوب كان ملزمًا بتعويض الموهوب له عن الضرر الذي يسببه العيب، ويكون أيضًا ملزمًا بالتعويض إذا كانت الهبة بعوض على ألا يتجاوز التعويض في تلك الحالة مقدار ما أداه الموهوب له من هذا العوض.

ثانيًا : التزامات الموهوب له

التزام الموهوب له بالعوض

إذا كانت الهبة بعوض أو بمقابل يؤديه الموهوب له للواهب أو للمصلحة العامة أو لمصلحة أجنبي فإن الموهوب له يلتزم بأداء ما أُشترط عليه من عوض، ويجب أن تكون قيمة العوض المُشترط أقل من قيمة المال الموهوب.

الالتزام بنفقات الهبة

يقع على الموهوب له بحسب الأصل مصروفات العقد وتسليم الشيء الموهوب ونقله، ولكن إذا أراد الواهب تحمل تلك النفقات والمصروفات فيجوز له الاتفاق مع الموهوب له على ذلك.

منشور في مقال أقوى محامي الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s