اثر تقرير البطلان للعقد


اثر تقرير البطلان

336 – النصوص القانونية : نصت المادة 142 من القانون الجديد على ما يأتي :

 ” 1 – في حالتي إبطال العقد وبطلانه يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل ” .

 ” 2 – ومع ذلك لا يلزم ناقص الأهلية ، إذا أبطل العقد لنقص أهليته ، أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ” ( [1] ) .

ويتبين من ذلك أن العقد الباطل أو القابل للإبطال ، إذا تقرر بطلانه ، يعتبر كأن لم يكن فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير . ونستعرض كلا من هاتين الحالتين .

1 – فيما بين المتعاقدين

337 – زوال كل اثر للعقد : إذا تقرر بطلان العقد زال كل اثر له ( [2] ) ، وارجع كل شيء إلى أصله . وجاز الحكم بتعويض على أساس المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية .

فإذا كان العقد بيعاً وتقرر بطلانه ، رد المشتري المبيع إلى البائع ، ورد البائع الثمن إلى المشتري . ويرد المشتري المبيع بثمراته من وقت المطالبة القضائية إذا كان حسن النية ، وفي مقابل ذلك لا يلتزم البائع بالفوائد عن الثمن الذي يرده إلا من وقت المطالبة القضائية كذلك . وهكذا يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد . واسترداد كل متعاقد لما أعطاه إنما يكون على أساس استرداد ما دفع دون حق بعد أن تقرر بطلان العقد .

أما إذا أصبح الاسترداد مستحيلا بأن هلك المبيع مثلا في يد المشتري وبخ ” ا منه ( [3] ) ، حكم القاضي بتعويض معادل ، فألزم المشتري برد قيمة المبيع وقت الهلاك طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية لا على أساس العقد الذي تقرر بطلانه ، وألزم البائع برد الثمن على أساس دفع غير المستحق .

وإذا كان العقد زمنيا كالإيجار وتقرر بطلانه ، فالمنفعة التي استوفاها المستأجر قبل تقرير البطلان يجب أن يعوض عنها . وقد يقدر التعويض بمقدار الأجرة ولكنه لأي كون أجرة فلا يكفله حق الامتياز .

بقى أن نشير إلى حالتين خاصتين : ( 1 ) حالة عدم المشروعية ( 2 ) وحالة نقص الأهلية .

338 – حالة عدم المشروعية : ( * ) أشتمل المشروع التمهيدي للقانون الجديد على نص في هذا الصدد . فقضت الفقرة الثالثة من المادة 201 من هذا المشروع بأنه ” لا يجوز لمن وفى بالتزام مخالف للآداب أن يسترد ما دفعه إلا إذا كان هو في التزامه لم يخالف الآداب ” . فحذفت هذه الفقرة في المشروع النهائي ” لا نها لا تتمشى مع منطق البطلان ” . ذلك أن منطق البطلان تقضي في العقد الباطل ، أي أكان سبب البطلان ، بإعادة كل شيء إلى أصله ، فإذا كان أحد المتعاقدين سلم شيئاً للأخر تنفيذاً للعقد الباطل جاز له استرداده .

إلا أن قاعدة رومانية قديمة كانت لا تسلم بهذه النتيجة المنطقية في العقد الباطل لعدم المشروعية . فإذا سلم أحد المتعاقدين للأخر شيئاً تنفيذاً لعقد غير مشروع ، لم يكن له أن يسترد ما سلم إلا إذا كان عدم المشروعية غير ات من جهته . مثل ذلك شخص يعطي للأخر مالا ليرد له ما سرقه منه ، فيستطيع أن يسترد المال لأن عدم المشروعية غير ات من جهته . أما في الرشوة والاتصال الجنسي غير المشروع والمقامرة وما إلى ذلك ، فمن أعطى المال لا يستطيع أن يسترده ، لأن عدم المشروعة ات من جهته أو هو شريك فيه ، فهو طرف ملوث لا يجوز له أن يحتج بغش صدر من جانبه ( Nemo auditor propriam turpitudenem allegans ) . وقد احترم الفقه الفرنسي هذه القاعدة بادئ الأمر ( [4] ) . ثم تحول عنها لأن المشرع الفرنسي لم ينقلها إلى نصوصه ( [5] ) . أما القضاء الفرنسي فقد كان يحترمها كذلك ، ثم أخذ هو أيضاً يتحول عنها ، وأصبح الآن لا يطبقها إلا في العقود المخالفة للآداب ( [6] ) .

ولا يزال القضاء المصري يحترم القاعدة ( [7] ) ، ولم يخرج عليها إلا في الحكام قليلة ( [8] ) .

وقد أخذت التقنينات الحديثة بالقاعدة الرومانية ، من ذلك التقنين الألماني ( م 817 ) وتقنين الالتزامات السويسري ( م 66 ) والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 27 فقرة 2 ) ( [9] ) .

ومهما يكن من أمر فإن القاعدة الرومانية التي كانت أساساً لهذه الحركة الفقهية والقضائية والتشريعية هي قاعدة معيبة من الوجهتين المنطقية والعملية ، فمنطق البطلان يفضي بأن يكون الاسترداد جائزاً في كل الأحوال ، حتى لا يترتب اثر على العقد الباطل . وإذا كان الرومان يأبون الاسترداد على من كان ملوثاُ من الطرفين ، فذلك يرجع إلى خاصية في القانون الروماني قد زالت . وذلك أن العقد في هذا القانون كان يستمد قوته الملزمة من شكليته ، فإذا أعطى المتعاقد الذي سلم الشيء حق استرداده ، فلم يكن ذلك لأن العقد الشكلي غير ملزم ، بل كان عن طريق إعطاء المتعاقد دعوى خاصة ( condictio ob turpem causam ) ، من العدل أن تنكر على من كان ملوثاُ من الطرفين إذ لا يصبح جديراً بها . أما الآن فالوضع القانونين للمسالة قد يتغير ، وأصبح العقد غير المشروع ليست له قوة ملزمة حتى بالنسبة إلى الطرف الملوث ، ولم يعد هناك محل للنظر في إعطائه دعوى الاسترداد أو إنكارها عليه ما دام العقد غير ملزم له . والوجه العملي للمسالة ، كوجهها المنطقي ، يقضي هو أيضاً بأن يكون الاسترداد جائزاً في كل الأحوال . فما دام الغرض محاربة العقود غير المشروعة ، فلن يكون ذلك بمنع الطرف الملوث من استرداد ما سلمه لطرف ملوث مثله ، إذ يكون بقاء المال في يد هذا الطرف الآخر – كالموظف يستبقى الرشوة ، والمأجور على جريمة يستبقى الأجر – ابلغ في التشجيع على الفساد من سلبه إياه . وما على المجرمين إذن إلا أن يتعاملوا نقداً حتى يأمنوا غائلة القانون !!

لذلك أحسن القانون الجديد صنعاً في إغفاله النص الذي كان المشروع التمهيدي يشتمل عليه ، وقد حذف في المشروع النهائي كما قدمنا ، لأنه نص لا يتمشى مع منطق البطلان . وإذا كانت هناك أحوال تقتضي النظر ، فإن القواعد العامة تكفي في معالجتها ، كما إذا كان هناك ضرر أحدثه الطرف الذي يريد الاسترداد بالطرف الآخر . مثل ذلك شخص اتصل بامرأة اتصالا غير مشروع في مقابل مال أعطاه إياه ، وهو يريد الآن استرداد هذا المال . في مثل هذه الحالة لا نتردد في إنكار الاسترداد عليه ، وتستبقى المرأة المال ، ولا بمقتضى العقد فهو باطل لا ينتج أثراً ، ولا بمقتضى القاعدة الرومانية فهي قاعدة عتيقة لا يجوز الأخذ بها بعد أن زالت مقتضياتها ، بل على سبيل التعويض عن الضرر الذي أصاب المرأة من هذا الاتصال غير المشروع ( [10] ) .

339 – حالة نقص الأهلية : وإذا كان العقد قابلا للإبطال لنقص أهلية أحد المتعاقدين ، وأبطل ، فإن ناقص الأهلية يسترد ما دفع تطبيقاً للقواعد التي قدمناها . أما المتعاقد الآخر فلا يسترد من ناقص الأهلية إلا مقدار ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ، كما تقول الفقرة الثانية من المادة 142 وقد تقدم ذكرها . والأصل في ذلك قاعدة عامة قررتها المادة 186 من القانون الجديد في دعوى غير المستحق ، إذ قضت بأنه ” إذا لم تتوافر أهلية التعاقد فيمن تسلم غير المستحق فلا يكون ملتزماً إلا بالقدر الذي أثرى به ” . وسيأتي بيان ذلك تفصيلا عند الكلام في حالة الوفاء لناقص الأهلية في دعوى غير المستحق .

2 – بالنسبة إلى الغير

340 – تأثر حق الغير بالبطلان : ولا يقتصر اثر البطلان على العلاقة اشتراها بعقد باطل أو قابل للإبطال حقاً عينياً ، رهناً أو حق ارتفاق مثلا ، ثم تقرر بطلان البيع ، فإن البائع يسترد العين خالية من الحقوق العينية التي رتبها المشتري . كذلك لو باع المشتري العين من آخر ، فإن البائع بعد تقرير البطلان يستردها من المشتري الثاني .

341 – وجوب تسجيل دعوى البطلان : على أن البائع في المثل المتقدم ، حتى يستوثق من الوصول إلى هذه النتيجة ، يجب عليه أن يسجل دعوى البطلان أو أن يؤشر بها على هامش تسجيل العقد الباطل . فقد نصت المادة 15 من قانون الشهر العقاري على أنه ” يجب التأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجوداً أو صحة أو نفاذاً ، كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع ، فإذا كان المحرر الأصلي لم يشهر تسجل تلك الدعاوى ” . وتنص المادة 17 من هذا القانون على أنه ” يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل تلك الدعاوى أو التأشير بها . ولا يكون هذا الحق حجة على الغير الذي كسب حقه بحسن نية قبل التأشير أو التسجيل المشار إليهما ” .

ويتبين من ذلك أن الغير إذا تلقى حقاً عينياً بعد تسجيل دعوى البطلان ، فإن حقه يزول بتقرير بطلان العقد ، سواء كان سيء النية أو كان حسن النية . أما إذا تلقى الحق العيني قبل تسجيل دعوى البطلان ، فالظاهر من نص المادة 17 أن حقه يزول إذا كان سيء النية ، ويبقى إذا كان حسن النية . ومهما يكن من أمر – وليس هنا مجال التفصيل في ذلك – فإن القانون أورد حكماً خاصاً لمصلحة الدائن المرتهن رهناً رسمياً ، فنص في المادة 1034 على أن ” يبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو الغاؤه أو زواله لأي سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن ” .


 ( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 201 من المشروع التمهيدي علىالوجه الآتي : ” 1 – إذا تقرر بطلان العقد بطلانا مطلقاً أو نسبياً ، اعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد . فإذا كان ذلك مستحيلا استبدلا به تعويضاً يعادله . 2 – ومع ذلك لا يلزم ناقص الأهلية ، إذا أبطل العقد لنقص أهليته ، أن يرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد . 3 – لا يجوز لمن وفي بالتزام مخالف لابداب أن يسترد ما فدعه ، إلا إذا كان هو في التزامه لم يخالف الآداب ” . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً لتجنب استعمال ألفاظ البطلان المطلق والبطلان النسبي ، وحذفت الفقرة الثالثة لأنها لا تتمشى مع منطق البطلان . فأصبح النص مطابقا للوجه الوارد في القانون الجديد ، وأصبح رقم المادة 146 في المشروع النهاي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل . ووافق لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ عليها دون تعديل أيضاً ، وأصبح رقمها 142 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 254 – ص 259 ) .

هذا وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” بيد أن عبء إثبات البطلان يقع دائماً على عاتق من يتمسك به . وتتبع القاعدة نفسها ، بل ويكون اتباعها أولى فيما يتعلق بالبطلان المطلق . فإذا حم بالبطلان المطلق أو النسبي استند أثره واعتبر العقد باطلا من وقت نشئوه ، دون أن يخل ذلك بما يكون الغير حسن النية قد اكتسب من حقوق عقارية ، سجلت قبل تسجيل إعلان التصريح بالبطلان في حالة البطلان النسبي ( وقد اتبع المشروع التمهيدي نظام تقرير البطلان النسبي عن طريق الإعلان كما رأينا ) . ويلتزم كل من المتعاقدين بأن يرد ما تسلمه بمقتضى العقد . ويستثنى من هذه القاعدة حالتان : أولهما حالة ناقص الأهلية ، فهو لا يسال عن الرد إلا وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب . والثانية حالة وفاء أحد المتعاقدين بالتزام في عقد باطل لسبب مخالفته للآداب ، فلا يجوز لمثل هذا المتعاقد أن يسترد ما أدى إذا نسب إليه ما يخالف الآداب . وعلى هذا النحو ابان المشروع وجه الحكم في مسألة أثير بشأنها خلال شديد ( أنظر المادتين 1305 و 1306 من التقنين الأسباني ، والمادة 692 من التقنين البرتغالي ، والمادة 27 من المشروع الفرنسي الإيطالي والمادتين 77 / 72 من التقنينين التونسي والمراكشي ، والمادة 817 من التقنين الألماني ، والمادة 66 من تقنين الالتزامات السويسري ، والمادة 132 من التقنين البولوني ، والمادة 971 من التقنين البرازيلي ، والمادة 180 من التقنين الصيني ، والمادة 147 من التقنين السوفييتي ) .

 ( [2] ) فيما عدا ما قدمناه من آثار عرضية أو أصلية تترتب على العقد الباطل .

 ( [3] ) أما إذا هلك المبيع في يد المشتري بقوة قاهة ، فلما كان البائع إنما يرجع على المشتري طبقاً لأحكام دفع غير المستحق كما قدمنا ، كان الواجب في هذه الحالة تطبيق هذه الأحكام . وهي تقضي – كما سنرى عند الكلام في دفع غير المستحق – بان المشتري إذا كان حسن النية ، أي يعتقد أنه تسلم ما هو مستحق له ، فلا يكون مسئولا إلا بقدر ما عاد عليه من منفعة ترتبت على هلاك العين ، وللبائع في جميع الأحوال أن يسترد المبيع التالف في الصورة التي آل إليها بعد التلف دون أن يتقاضى تعويضاً عن التلف . أما إذا كان المشتري سيء النية ، أي يعلم أنه تسلم شيئاً غير مستحق له ، التزم برد قيمة المبيع وقت الهلاك ، ولا يعفيه من هذه المسئولية إلا أن بثبت أن المبيع كان يهلك ولو كان في يد البائع ( قارن نظرية العقد للمؤلف ص 653 هامش رقم 1 ) .

 ( [4] ) تولييه 6 فقرة 126 و 11 فقرة 62 – 1 اوبري ورو 6 فقرة 46 مكرر ص 322 هامش رقم 8 – لارومبيير م 1133 فقرة 10 .

 ( [5] ) ديمولومب 27 فقرة 43 – لوران 16 فقرة 164 – هيك 8 فقرة 392 – بفنوار ص 654 – بودري وبارد 1 فقرة 316 – ديموج 2 فقرة 878 ص 810 .

 ( [6] ) أنظر تحليلا تفصيلياً في القضاء الفرنسي في كابيتان في السبب فقرة 115 – فقرة 118 . ويستخلص كابيتان من استعراض القضاء الفرنسي في هذه المسألة أن هذا القضاء لا يطبق القاعدة الرومانية في جميع العقود غير المشروعة ، بل يقصر تطبيقها على العقود المخالفة للآداب دون العقود المخالفة للقوانين أو للنظام العام . ويذهب في ذلك إلى أن العقود المخالفة للآداب لا يليق أن تنظر فيها المحاكم ، بل الجدير أن تغسل يدها من مثل هذه القضايا الملوثة ، فلا تحكم فيها بقبول أو برفض : أنظر بنوع خاص في هذا المعنى محكمة بورج الإستئنافية في 13 يونية سنة 1889 داللوز 89 – 5 – 329 – محكمة الجزائر الإستئنافية في 5 مايو سنة 1894 سيريه 94 – 2 – 302 – وانظر محكمة النقض الفرلنسية في 4 يناير سنة 1897 داللوز 97 – 1 – 126 في الاتصال الجنسي غير المشروع – وفي 15 مارس سنة 1911 داللوز 1911 – 1 – 382 في الرشوة – وانظر أيضاً ديموج 2 فقرة 877 .

 ( [7] ) محكمة الاستئناف الوطنية في 18 ابريل سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 رقم 85 ص 160 – محكمة الاستئناف المختلطة في 14 مارس سنة 1888 المجموعة الرسمية للقضاء المختلط 13 ص 115 – وانظر في القضاء المصري تفصيلا نظرية العقد للمؤلف ص 655 هامش رقم 3 ومرجع القضاء ملحق م 147 رقم 5277 – 5283 – بسطوروس 2 ص 435 – ص 436 – . هذا وقد ضهبت بعض الأحكام في مصر إلى مدى أبعد مما ذهبت إليه القاعدة الرومانية ذاتها ، فقضت بأن من يدفع فوائد تربو على النصاب القانونين ليس له أن يطلب استنزال ما دفعه زيادة عن ذلك النصاب من أصل دينه ( استئناف وطني في 16 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 رقم 66 – وفي ) مارس سنة 1915 الشرائع 2 ص 217 رقم 229 – استئناف مختلط في 17 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 62 – وفي 14 مارس سنة 1917 م 29 ص 288 ) . ذلك أن المدين الذي دفع الفوائد الربوية غير ملوث ، والملوث هو الدائن الذي اضطر المدين إلى ذلك ( أنظر في جواز استرداد الفوائد الربوية استئناف مختلط في 4 مارس سنة 1896 م 8 ص 147 – والمادة 227 فقرة أولى من القانون الجديد ) .

 ( [8] ) محكمة مصر الكلية الوطنية في 5 يونية سنة 1901 المجموعة الرسمية 3 رقم 85 / 3 ص 224 – وقضت محكمة العطارين الجزئية في 17 ديسمبر سنة 1932 ( ا لمحاماة 12 رقم 307 ص 603 ) بأنه وإن اختلفت الآراء في جواز استرداد ما دفع تنفيذاً لتعهد قائم على سبب مخالف للآداب أو للنظام العام ، إلا أنه مما لا شك فيه أن نتيجة الرأي القائل بعدم جواز الاسترداد يؤدي حتما إلى إقرار حالة يأباها القانون ، لأن حرمان أحد المتعاقدين من استرداد ما دفعه عقاباً له على ما فرط منه معناه تمكين العاقد الآخر من الاستمتاع بما حصل عليه جزاء على إجرامه أو تدليسه أو خروجه على الآداب العامة ومهما قال أنصار هذا الرأي في تأييده فإن الأوفق والأكثر انطباقا على القانون إلا يرتب على العقد ذى السبب غير المشروع أي اثر قانونين وأن تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل العقد ، ويكفي المسترد عقاباً ما يناله من تشهير يترتب على أذاعت محتويات العقد وما كان يدبره في الخفاء مخالفاً للقانون والآداب .

 ( [9] ) وأخذت بها بعض التقنينات الأقدم عهداً : القانون النمساوي ( م 1174 ) والقانون الأسباني ( م 1305 – 1306 ) والقانون البرتغالي ( م 671 – 692 – ويقضي بأن المال الذي لا يسترد يكون ملكاً للخزينة تصرفه في أغراض خيرية ) .

 ( [10] ) هذا وإذا اعتبرنا أن القانون الجديد قد جاء مفسراً للقاعدة القانونية التي يجب اتباعها في صدد العقود غير المشروعة وجواز استرداد ما دفع تنفيذاً لها ، فإنه يطبق بأثر رجعي ، شأن سائر القوانين المفسرة ، ويسري على جميع العقود ، حتى التي ابرم منها في ظل القانون القديم . أما إذا اعتبرنا القانون الجديد قد استحدث الحكم الذي أتى به ، فإن هذا الحكم لا يسري على العقود التي أبرمت في ظل القانون القديم فلا يجوز فيها الاسترداد ، ويسري على العقود التي أبرمت في ظل القانون الجديد فيجوز الاسترداد فيها . ونحن نميل إلى اعتبار الحكم مستحدثاً ، لأنه أتى مخالفاً لما جرت عليه الكثرة من الأحكام .

منشور في مقال أقوى محامي الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s