عوارض الأهلية
155 – حصر عوارض الأهلية : قد بلغ الإنسان سن الرشد ، ولكن أهليته تتأثر بعد ذلك بعارض يرجع إلى التمييز . والعوارض أربعة : الجنون ، والعته ، والغفلة ، والسفه . ويلاحظ أن السفه إنما هو نقص في التمييز في دائرة التصرفات المالية ، ولذلك اندرج بين عوارض الأهلية .
وسنرى أن من يغيب غيبة منقطعة يقام عنه وكيل ، ومن حكم عليه بعقوبة جنائية ينصب قيم عليه ، ومن أصيب بعاهات معينة يعين له مساعد قضائي . وهذا كله لا يدخل في الأهلية ، لأنه لا يرجع إلى التمييز بل يقوم على أسباب أخرى ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
156 – المجنون : نصت المادة 113 من القانون المدني الجديد على أن ” المجنون والمعتوه وذا الغفلة والسفيه تحجر عليهم المحكم ، وترفع الحجر عنهم ، وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في القانون ( [1] ) ” . والقانون المقصود هنا هو أيضاً قانون المحاكم الحسبية . وقد قضت المادة 42 منه بأنه ” يحكم بالحجر إلى البالغ للجنون أو للعته أو للغفلة أو للسفه ، ولا يرفع الحجر إلا بحكم ” . فالمجنون تحجر عليه المحكمة وتنصب له قيما ، إلا إذا كان قد حكم باستمرار الولاية أو الوصاية عليه قبل بلوغه سن الرشد أو بلوغ هذه السن مجنوناً فتبقى ولاية وليه أو وصيه .
وأهلية المجنون معدومة لأنه فاقد التمييز ، وتصرفاته القانونية تقع باطلة لانعدام الإرادة . وإلى هذا تشير المادة 114 من القانون المدني الجديد إذ تنص على ما يأتي :
” 1 – يقع باطلا تصرف المجنون والمعتوه ، إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار الحجر ” .
2 – أما إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا إلا إذا كانت حالة الجنون أو العته شائعة وقت التعاقد ، أو كان الطرف الآخر على بينة منها ( [2] ) ” .
فالمجنون تصرفاته بعد تسجيل الحجر باطلة . وتصرفاته قبل تسجيل الحجر صحيحة ما دامت حالة الجنون غير شائعة وغير معروفة من الطرف الآخر ، فإذا شاعت أو عرفها الطرف الآخر كان التصرف باطلا .
وولاية القيم على المجنون كولاية الوصى على الصغير ، يباشر القيم وحده من التصرفات ما يباشره الوصي وحده ، ويستأذن المحكمة في التصرفات التي يستأذن فيها الوصي ، ولا يستطيع مباشرة التصرفات التي لا يستطيع مباشرة التصرفات التي لا يستطيع مباشرتها الوصي . وكالقيم على المجنون وصيه . أما الولي على المجنون فمثل الولى على الصغير من حيث سعة الولاية .
157 – المعتوه : والمعتوه كالمجنون يحجر عليه وينصب له قيم إذا لم يكن له ولى أو وصى والقيم على المعتوه ووليه ووصيه كالقيم على المجنون ووليه ووصيه من حيث مدى الولاية .
أما المعتوه نفسه فقد يكون غير مميز فتكون أهليته معدومة ، شأنه في ذلك شأن الصغير غير المميز والمجنون . ( [3] ) وقد يكون مميزاً فتكون عنده أهلية الصبي المميز و قد سبق بيان ذلك ( [4] ) .
158 – ذو الغفلة والسفيه : نصت الفقرة الأولى من المادة 115 من القانون المدني الجديد على أنه ” إذا صدر تصرف من ذى الغفلة أو من السفيه بعد تسجيل قرار الحجر سري على هذا التصرف ما يسري على تصرفات الصبي المميز من أحكام ” . ويتضح من ذلك أن ذا الغفلة والسفيه يحجر عليهما وينصب لهما قيم . وتكون أهليتهما بعد تسجيل قرار الحجر ناقصة كأهلية الصبي المميز ، فتثبت لهما أهلية الاغتناء ، وتتقيد أهلية الإدارة وأهلية التصرف بالقيود التي سبق ذكرها في الصبي المميز ، وتنعدم أهلية التبرع .
واستثنى في أهلية التصرف نوعان من التصرفات هما الوقف والوصية ، فهذان يكونان صحيحين إذا صدرا من السفيه أو ذى الغفلة وأذنته المحكمة فيهما . وتقضي الفقرة الأولى من المادة 116 بهذا الحكم إذ تنص على أن ” يكون التصرف المحجور عليه لسفه أو غفلة بالوقف أو بالوصية صحيحاً متى أذنته المحكمة في ذلك ” . كذلك يجوز للمحجور عليه للسفه أو الغفلة أن يتسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها على النحو الذي رأيناه في الصبي المميز الذي بلغ الثامنة عشرة وفي الحدود التي سبق ذكرها هناك . وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 116 مقصورة في هذا الصدد على السفيه إذ تنص على أن ” تكون أعمال الإدارة الصادرة من المحجور عليه لسفه المأذون له بتسلم أمواله صحيحة في الحدود التي رسمها القانون ” ، فإن المادة 43 من قانون المحاكم الحسبية تشمل كلا من السفيه وذى الغفلة إذ تنص على أنه ” يجوز للمحجور عليه للسفه أو الغفلة أن يقف أمواله أو يوصى بها متى أذنته المحكمة بذلك ، وكذلك يجوز له بإذن من المحكمة أن يتسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها ، فإذا أذنته المحكمة بذلك سرت عليه أحكام المواد 3 و 4 و 5 من هذا القانون ( [5] ) ” .
هذا هو حكم تصرفات السفيه وذى الغفلة بعد تسجيل قرار الحجر . أما التصرفات الصادرة قبل تسجيل قرار الحجر فهي في الأصل صحيحة ، لأن انتقاص الأهلية لا يثبت إلا بالحجر . وهذا هو رأي الإمام أبي يوسف ، خلافاً لرأي الإمام محمد الذي يذهب إلى أن الحجر للسفه يثبت بقيام السبب نفسه لا بحكم القاضي . ولا يسري الحجر في حق الغير إلا من وقت تسجيل القرار الصادر به وفقاً للمبادئ العامة . ولا يحتج الغير بعدم علمه بالحجر متى كان القرار مسجلا ( [6] ) .
لكن يقع كثيرا أن السفيه أو ذا الغفلة يتوقع الحجر عليه فيعمد إلى تبديد أمواله بالتصرف فيها إلى من يتواطأ معه على ذلك ، أو أن ينتهز الغير هذه الفرصة فيستصدر منه تصرفات يستغله بها ويبتز أمواله . ففي هاتين الحالتين – حالة التواطؤ وحالة الاستغلال – يكون تصرف السفيه أو ذى الغفلة باطلا إذا كان من أعمال التبرع ، أو قابلا للإبطال إذا كان من أعمال التصرف أو أعمال الإدارة . وهذا ما استقر عليه القضاء المصري في ظل القانون القديم ( [7] ) ، وأكده القانون الجديد في الفقرة الثانية من المادة 115 إذ تنص على ما يأتي : ” أما التصرف الصادر قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلا أو قابلا للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ ( [8] ) ” .
وينصب القيم على السفيه وذى الغفلة على النحو الذي ينصب به القيم على المجنون والمعتوه أو يعين به الوصى على القاصر . ولا تستمر الولاية أو الوصاية على القاصر إذا بلغ سفيها أو ذا غفلة ، بل يجب الحجر عليه ونصب قيم له كما قدمنا . وولاية القيم على مال السفيه وذى الغفلة كولايته على مال المجنون والمعتوه وكولاية الوصى على مال القاصر ، وقد تقدم ذكر ذلك ( [9] ) .
159 – الغائب والمحكوم عليه بعقوبة جناية : وهناك حالتان تلحقان عادة بالأهلية ، ولكنهما لا يتصلان بها إلا من حيث مظاهر الحجر وإقامة نائب عن المحجور ، وهما حالتا الغائب والمحكوم عليه بعقوبة جناية .
فالغائب ، كما نصت المادة 50 من قانون المحاكم الحسبية ، ” هو كل شخص كامل الأهلية لا تعرف حياته أو مماته ، أو تكون حياته محققة ولكنه هجر موطنه راضياً أو مرغماً وحالت ظروف قاهرة دون إدارته شؤونه بنفسه أو بوكيل عنه مدة أكثر من سنة ، وترتب على ذلك أن تعطلت مصالحه أو مصالح غيره ” . ويتبين من ذلك أن الغائب شخص كامل الأهلية كما هو صريح النص ، ولكن الضرورة قضت بإقامة وكيل عنه يدير شؤون حتى لا تتعطل مصالحه ومصالح الناس . ويلاحظ أن القانون استعمل لفظ ” الغائب ” لا لفظ ” المفقود ” لأن اللفظ الأول ينطوي على معنى اعم من المعنى الذي ينطوي عليه اللفظ الثاني . فالمفقود في الشريعة الإسلامية هو من يختفى بحيث لا يعرف احي هو أم ميت ، أما الغائب فهذا وغيره ممن تكون حياته محققة ولكنه بعد عن موطنه بحيث لم يعد يستطيع أن يدير شؤونه بنفسه . وقد قضت المادة 51 من قانون المحاكم الحسبية بأنه ” إذا ترك الغائب وكيلا عاماً تحكم المحكمة بتثبيته متى توافرت فيه الشروط الواجب توافرها في الوصي ، وإلا عينت غيره ” . ثم قضت المادة 53 من هذا القانون بأن ” يسري على الوكيل عن الغائب حكم المادة 33 من هذا القانون ، وفيما عدا ما استثنى بنص صريح في هذا الفصل يسري على الغيبة ما يسرى على الوصاية من أحكام أخرى ” . وقضت المادة 52 من القانون ذاته بأن ” تنتهي الغيبة بزوال سببها أو بموت الغائب أو بالحكم من جهة الأحوال الشخصية المختصة باعتباره ميتاً وفقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 52 سنة 1929 ” .
أما المحكوم عليه بعقوبة جناية فتقضى أحكام قانون العقوبات ( م 25 ) بأن يكون محجوراً عليه مدة تنفيذ العقوبة ، ويختار قيما تصد عليه المحكمة ، أو يعين القيم المحكمة المدنية الكلية التي يقع في دائرتها محل إقامته إذا لم يختر أحداً . ويتولى القيم إدارة ماله . أما أعمال التصرف فلا بد فيها من إذن المحكمة المدنية وإلا كانت باطلة .
ومن ذلك نرى أن الحجر على المحكوم عليه لا يرجع لنقص أهليته ، فهو كامل الأهلية لأنه كامل التمييز وإنما وقع الحجر عليه لاستكمال العقوبة من جهة ، وللضرورة من جهة أخرى ( [10] ) .
160 – المساعدة القضائية : وقد استحدث قانون المحاكم الحسبية في مصر نظام المساعدة القضائية ( assistance judiciaire ) . ونقله القانون المدني الجديد ، فنص في المادة 117 على ما يأتي :
” 1 – إذا كان الشخص أصم أبكم ، أو أعمي أبكم ، وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته ، جاز للمحكمة أن تعين له مساعدا قضائيا يعاونه في التصرفات التي تقتضي مصلحته فيها ذلك ” .
” 2 – ويكون قابلا للإبطال كل تصرف من التصرفات التي تقررت المساعدة القضائية فيها ، متي صدر من الشخص الذي تقررت مساعدته قضائيا بغير معاونة المساعد ، إذا صدر التصرف بعد تسجيل قرار المساعدة ( [11] ) ” .
أما قانون المحاكم الحسبية فقد نص في المادة 47 على أنه ” إذا كان الشخص أصم أبكم ، أو أعمى أصم ، أو أعمى أبكم ، وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته ، جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقتضي مصلحته فيها ذلك ” . ونصت المادة 48 من هذا القانون على أنه ” يكون قابلا للإبطال كل تصرف من التصرفات التي تقررت المساعة فيها يصدر من الشخص الذي حكم بإقامة مساعد قضائي له بغير معاونة هذا المساعد ، إذا صدر هذا التصرف بعد تسجيل الحكم بتقرير المساعدة ” . ونصت المادة 49 من القانون ذاته على أنه ” يسري في تعيين المساعد القضائي وفي عزله ما يسري في تعيين القيم وعزله من أحكام . وكذلك تسري على المساعدة الأحكام الأخرى الخاصة بالقوامة ” .
ويتبين من مجموع هذه النصوص أن المساعدة القضائية إنما تتقرر لاجتماع عاهتين في الجسم من عاهات ثلاث : العمى ، والبكم ، والصمم . والسبب فيها ليس نقص الأهلية ، فإن التمييز الكامل متوافر عند من تقرر له المساعدة القضائية ، ولكن هو العجز الطبيعي عن التعبير عن الإرادة كما صرحت بذلك النصوص السابق ذكرها .
والمساعدة القضائية تتقرر لتصرف بالذات أو المجموع من التصرفات المعينة ، وينظر في ذلك إلى ظروف من تقررت مساعدته وإلى خطر ما تقررت المساعدة القضائية فيه أو إلى وقته . فإذا وقع تصرف من ذلك بغير معاونة المساعد ، كان التصرف قابلا للإبطال لمصلحة من تقررت له المساعدة ، إذا صدر بعد تسجيل الحكم بتقرير المساعدة .
والمساعد القضائي يعين ويعزل وفقاً للأحكام التي تتبع في تعيين القيم وعزله ، وتسري عليه الأحكام الخاصة بالقوامة .
( [1] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي . ولجنة المراجعة هي التي وضعته تحت رقم المادة 116 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . وأضافت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ عبارة ” وترفع الحجر عنهم ” بعد عبارة ” تحجر المحكمة عليهم ” لاستظهار معنى أن الحجر لا يرفع إلا بحكم . وأصبح رقم المادة 113 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 119 – ص 121 ) .
( [2] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي . ولجنة المراجعة هي التي وضعته تحت رقم المادة 117 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . ثم وافقت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ وكذلك مجلس الشيوخ تحت رقم 114 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 121 – ص 123 ) .
ويلاحظ أن تصرف المجنون قبل تسجيل الحجر – إذا كانت حالة الجنون غير شائعة وغير معروفة من الطرف الآخر – إنما يصح أخذا بالإرادة الظاهرة دون الإرادة الباطنة ، لأن الإرادة الباطنة عند المجنون لا وجود لها .
( [3] ) وقد قضت محكمة النقض بأن العته يعدم إرادة من يصاب به ، فتقع تصرفاته باطلة من وقت ثبوته . ولذلك لا يتطلب بطلانها توافر التحايل على القانون أو الغش أو التواطؤ بين المعتوه والمتصرف له كما هو الحال بالنسبة إلى المحجور عليه للسفه إذا ما أريد أبطال تصرفاته السابقة على قرار الحجر عليه ، كما أن هذا البطلان لا يكون نتيجة لانسحاب اثر قرار الحجر على الماضي وإنما لثبوت حالة العته المعدم لإرادة المعتوه وقت صدور التصرف منه ( نقض مدني 29 ديسمبر سنة 1949 طعن رقم 54 سنة 18 قضائية لم ينشر بعد ) .
( [4] ) أنظر في كل ذلك المادتين 113 و 114 من القانون المدني الجديد ، وقد سبق ذكرهما – هذا وقيام حالة العته عند أحد المتعاقدين مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى ، فلا يخضع فيه القاضي لرقابة محكمة النقض ( نقض مدني 27 أكتوبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 138 ص 414 ) . ولكن إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها بقيام حالة العته وقت التعاقد على أقوال شهود مؤداها أنه كانت تنتابه نوابات عصبية ويتهيج في بعض الأحيان ، وعلى أنه سبق أن حجر عليه للعته ، ورفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه ثانياً للعته والسفه بعد تعاقده ثم رفع عنه الحجر ، ثم حجر عليه مرة ثالثة لضعف قواه العقلية ، فإن ما استدلت به من هذا ليس فيه ما من شأنه أن يؤدي إلى أن المحجور كان معتوهاً في ذات وقت التعاقد ، ويكون هذا الحكم قاصر التسبيب متميناً نقضه ( نقض مدني 20 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 157 ص 353 ) . ولعل محكمة النقض قد تأثرت في هذه القضية بأن المتعاقد قد تكرر رفع الحجر عنه ، فلا شيء يقطع في أنه وقت التعاقد بالذات كان معتوهاً . وهي في قضية أخرى لم تبد هذا التشدد في استخلاص قيام العته ، وذكرت أنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها ببطلان عقد لعته المتصرف على شهادة الشهود الذين سمعتهم وعلى قرائن مستقاة من مصادر صحيحة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه ، فلا يقدح في حكمها أن يكون قاضي التحقيق قد سأل أحد الأطباء الذين عالجوا المتصرف ” هل كانت حالة المريض حالة عته قانوني يلي الجنون في الدرجة ” ، فأجاب بأنه ” لم يكن على هذه الحالة وقت فحصه بمعرفتي ولكنه كان مشوش التفكير ضعيفاً في بنيته وتفكيره بمعنى أنه يمكن التأثير عليه ويكون في حالة تردد ” ، فإن هذه الإجابة كاملة لا تشهد بسلامة عقله ، فضلا عن أن الطبيب ليس هو الذي يعطي الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشهدها ، بل الشأن في ذلك للقضاء في ضوء ما يبيده الطبيب ( نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 106 ص 238 ) .
( [5] ) يلاحظ أن مشروع القانون المدني سبق مشروع قانون المحاكم الحسبية إلى مجلس الشيوخ ، فلم يتمكن هذا المجلس من التنسيق ما بين القانونين في هذه المسألة ، فوجب أعمال نصوص كل منهما .
( [6] ) محكمة استئناف مصر الوطنية في 29 نوفمبر سنة 1942 المحاماة 24 رقم 78 ص 197 .
( [7] ) محكمة استئناف مصر الوطنية في 14 ديسمبر سنة 1926 المحاماة 8 ص 45 – وفي 26 نوفمبر سنة 1946 المحاماة 30 رقم 158 ص 161 – محكمة استئناف اسيوط في 16 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 ص 633 – محكمة الاستئناف المختلطة في 5 فبراير سنة 1930 م 42 ص 252 – وفي 18 مارس سنة 1947 م 59 ص 167 . محكمة الجيزة في ) ابريل سنة 1940 المحاماة 21 رقم 223 ص 502 . وانظر سائر الأحكام المشار إليها في نظرية العقد للمؤلف ص 341 هاشم 3 – واستقر قضاء محكمة النقض على ذلك : نقض مدني في 8 ديسمبر سنة 1932 مجلة القانون والاقتصاد 3 ص 487 – ص 492 – وفي 5 يناير سنة 1950 طعن رقم 64 سنة 18 قضائية لم ينشر بعد – وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأنه إذا كانت محكمة الموضوع قد أبانت ظروف التصرف الصادر من المتصرف قبل توقيع الحجر عليه للسفه وفي فترة طلب الحجر ، واستدلت به على أن المشترين غشوه فذهبوا به بعيداً عن بلدتهم حتى لا ينكشف أمرهم ، وهم على علم بالاجراءات المتخذة لتوقيع الحجر عليه ، لكي يتم بيع العين لهم قبل صدور قرار المجلس الحسبي بالحجر ، فانقاد لهم حتى يقبض متهم قبل غل يده ما دفعوه له من ثمن ، ثم قضت بإبطال التصرف ، فإنها تكون قد أقامت قضاءها هذا على مقدمات نتيجة وهي قيام التواطؤ بين المتصرف لهم والمتصرف مع علم المتصرف لهم بما كان يتردى فيه المتصرف من سفه وانتهازهم فرصة سفهه للأثراء من ماله حين كانت الإجراءات القانونية تتخذ لحمايته – ومتى كانت القرائن التي أخذت بها محكمة الموضوع في إثبات علم المشتري بحالة سفه البائع مؤدية عقلا إلى ما انتهت إليه من ذلك ، فلا شأن لمحكمة النقض معها ( نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 77 ص 213 ) .
وقضت محكمة النقض من جهة أخرى بأنه إذا تعاقد شخص بعقد عرفي على البيع ، فلما علمت زوجته بذلك طلبت إلى المجلس الحسبي توقيع الحجر عليه ، وأرسلت إلى المشتري إنذاراً حذرته فيه من إتمام الشراء لأنها طلبت الحجر على البائع ، فلم يعبأ ونفذ الشراء بالعقد العرقي عن طريق عقد رسمي ، وقرر المجلس الحسبي بعد ذلك توقيع الحجر ، ثم حكمت المحكمة بصحة العقد ، وأوردت في حكمها ظروف التعاقد وملابساته على الوجه المتقدم ، واستخلصت منها استخلاصاً سليماً أن الصفقة لم تتم عن تواطؤ وغش ، وأن البيع الصادر من المحجور عليه قد انعقد بالعقد العرفي قبل الحجر ، وأن العقد الرسمي اللاحق لم ينشيء البيع بل إنه لم يكن إلا تنفيذاً للعقد الأول ، فهذا الحكم سليم ولا خطأ فيه ( نقض مدني في 6 نوفمبر سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 125 ص 385 ) . ويلاحظ هنا أن البيع كان قد تم بالعقد العرفي قبل أن يعلم المشتري بإجراءات الحجر ، ولم يكن العقد الرسمي اللاحق إلا تنفيذاً للعقد العرفي السابق .
( [8] ) تاريخ المادتين 115 و 116 من القانون المدني الجديد : ( أولاً ) المادة 115 : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي ، ولجنة المراجعة هي التي وضعته تحت رقم 118 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ تحت رقم 115 ، ثم مجلس الشيوخ – ( ثانياً ) المادة 116 : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي ، ولجنة المراجعة هي التي وضعته تحت رقم 120 في المشروع النهائي ، وكان مقصوراً على الفقرة الأولى منه . ووافق عليه مجلس النواب . وفي لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ أضيفت الفقرة الثانية من النص توخياً لاستكمال الأحكام الموضوعية الخاصة بناقص الأهلية في المشروع وأصبح رقم المادة 116 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 123 – ص 128 ) .
هذا وقد كانت لجنة المراجعة وضعت نصاً هو المادة 119 من المشروع النهائي يجري على الوجه الآتي : ” إذا كان طلب الحجر قد سجل قبل تسجيل قرار الحجر ترتب على تسجيل الطلب ما يترتب على تسجيل القرار ” . وقد وافق مجلس النواب على هذا النص . وفي لجنة القانون المدني المجلس الشيوخ اقترح حذفه لأنه حكم تفصيلي ورد في قانون المحاكم الحسبية ، فوافقت اللجنة على ذلك ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 126 – ص 127 في الهامش ) .
( [9] ) ومن ثم فقد نصت المادة 45 من قانون المحاكم الحسبية على أن ” تصرف القيم في مال المحجور عليه بطريق التبرع باطل ” . ونصت المادة 46 من هذا القانون على أنه ” يسري على القيم حكم المادة 33 من هذا القانون ، وفيما عدا ما استثنى بنص صريح في هذا الفصل يسري على القوامة ما يسري على الوصاية من أحكام أخرى ” .
( [10] ) وقد جاء في كتاب ” شرح القانون المدني ” لفتحي زغلول ( ص 37 – ص 38 ) قريباً من هذا المعنى ، ما يأتي : ” إن عدم أهلية المحكوم عليه اخف من عدم أهلية القاصر أو السفيه من وجه بقاء التصرفات له من إذن المحكمة . والواقع إنها أهلية من نوع خاص سببها اعتقال رب المال ، فلا هو قليل الخبرة ولا ضعيف العقل ولا هو غائب ، ولهذا يحترم رأيه غالباً في إدارة أعماله ، ويؤذن له كذلك بإجراء ما يريد من التصرفات ” .
( [11] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المشروع التمهيدي . واقترحت لجنة المراجعة النص الآتي : ” يكون قابلا للإبطال كل تصرف يصدر من شخص تقررت مساعدته قضائياً إذا صدر هذا التصرف بغير معاونة المساعد ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في القانون ” ، وأصبح رقم المادة 121 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على هذا النص دون تعديل . وفي لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ اقترحت إضافة فقرة أولى تتضمن النص الوارد في المادة 47 من قانون المحاكم الحسبية في بيان حالة من تجب له المساعدة القضائية ، واقترح كذلك أن يكون حق طلب الأبطال قاصراً على التصرفات التي تقررت المساعدة القضائية في شأنها . وقد أخذت اللجنة بهذين الاقتراحين لأن أولهما يرمى إلى استكمال الأحكام الموضوعية في التقنين المدني فيما يتعلق بناقص الأهلية ، والثاني يقيد النص تقييداً انصرفت إليه نية واضعه . فأقرت اللجنة النص كما ورد في القانون ، وأصبح المادة 117 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها اللجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 128 – ص 131 )
منشور في مقال أقوى محامي الأردن