لإجازة للعقد الباطل


الإجازة

1 – العقد الباطل

315 – العقد الباطل لا تلحقه الإجازة : نصت الفقرة الأولى من المادة 141 من القانون الجديد على أنه ” إذا كان العقد باطلا جاز لكل ذى مصلحة أن يتمسك بالبطلان ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ، ولا يزول البطلان بالاجازة ” ( [1] ) .

والعقد الباطل لا تلحقه الإجازة لأنه معدوم ، والعدم لايصير وجوداً ولو أجيز . وإذا كانت المادة 498 من القانون الجديد قد نصت على أنه ” إذا قام الواهب أو ورثته مختارين بتنفيذ هبة باطلة لعيب في الشكل ، فلا يجوز لهم أن يستردوا ما سلموه ” ، فإن ذلك يحمل على أن القانون هو الذي بعين الجزاء على مخالفة الشكل كما قدمنا ، فيجوز أن يجعل العقد الباطل لعيب في الشكل قابلا لأن تلحقه الإجازة . أو يقال إن الهبة الباطلة من ناحية الشكل يتخلف عنها ، بالنسبة إلى الواهب وإلى ورثته ، التزم طبيعي ، إذا قام أحد منهم بتنفيذه مختاراً كان هذا وفاء لا يسترد طبقاً لقواعد الالتزام الطبيعي ( [2] ) .

316 – ولكن يجوز عمله من جديد : وإذا كان العقد الباطل لا تلحقه الإجازة ، فإن هذا لا يمنع من أن يعاد عمله من جديد . وهناك فرق بين الإجازة ( confirmation ) وعمل العقد من جديد ( refection ) ( [3] ) . فالاجازة ، كما نسرى ، عمل قانونين صادر من جانب واحد هو المجيز ، ولها اثر رجعي يستند إلى وقت نشوء العقد المجاز . أما عمل العقد من جديد فيقتضي توافق الإرادتين لأنه عقد جديد ، ويكون تاريخ هذا العقد من وقت صدوره لا من وقت صدور العقد الباطل . ولذلك يجب توافر الأهلية في كل من المتعاقدين وقت عمل العقد الجديد ، ويكتفي بتوافرها في المجيز وقت الإجازة .

2 – العقد القابل للإبطال

317 – العقد القابل للإبطال تحلقه الإجازة : نصت المادة 139 من القانون الجديد على ما يأتي :

 ” 1 – يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ” .

 ” 2 – وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون إجلال بحقوق الغير ( [4] ) ” .

وقد قدمنا أن الإجازة تلحق العقد القابل للإبطال لأن له وجوداً قانونياً ما دام بطلانه لم يتقرر ، وإن كان هذا الوجود مهدداً بالزوال ، فإذا لحقته الإجازة استقر .

والاجازة عمل قانونين صادر من جانب واحد ، فلا حاجة لاقتران قبول بها ، ولا يمكن الرجوع فيها بحجة أن القبول لم يصدر ( [5] ) .

والذي يجيز العقد هو الذي يثبت له الحق في التمسك بالطبلان . فناقص الأهلية و من شاب رضاءه عيب هما اللذان تصدر منهما الإجازة . وهذا ما يقضي به المنطق القانونين ، لأن الإجازة نزول عن التمسك بالبطلان ، ولا ينزل عن الحق إلا من يملكه ( [6] ) . ويجب في المجيز وقت الإجازة أن يكون كامل الأهلية بالنسبة إلى العقد الذي يجيزه ، وإلا تشوب الإجازة – وهي عمل قانونين كما قدمنا – عيب من عيوب الإرادة ، غلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال . ومن أجل ذلك لا تصح الإجازة إلا إذا زال السبب الذي قرر القانون من اجله البطلان . فناقص الأهلية لا يستطيع إجازة العقد ما دام ناقص الأهلية ، فإذا استكمل أهليته جاز له ذلك . ومن شاب رضاءه عيب لا تكون إجازته صحيحة ما دام تحت تأثير هذا العيب ، حتى إذا انكشف الغلط أو افتضح التدليس أو ارتفع الإكراه صحت الإجازة بعد ذلك .

وتكون الإجازة صريحة أو ضمنية . ولا يشترط في الإجازة الصريحة أن تشتمل على بيانات معينة ( قارن م 1338 من القانون المدني الفرنسي ) ، بل كل عبارة يفهم منها الإجازة تصح ، بشرط أن تكون نية المجيز في الإجازة واضحة ( [7] ) . والاجازة الضمنية تكون بتنفيذ العقد من جانب من له الحق في التمسك بالبطلان ( [8] ) ، أو بإتيانه عملا مادياً يدل على نزوله عن التمسك بالبطلان ( [9] ) ، أو بتصرفه تصرفاً يفهم منه بوضوح أنه أجاز العقد كما إذا اشترى قاصر عيناً وبعد البلوغ تصرف فيها باعتباره مالكاً وهو عالم بأن له حق إبطال العقد الذي اشترى به العين ( [10] ) . وعبء إثبات الإجازة يقع على الطرف الآخر غير المجيز ، ولما كانت الإجازة غير صادرة منه فله أن يثبتها بجميع الطرق ولو بالبينة أو بالقرائن ( [11] ) .

318 – اثر الإجازة : وإذا أجيز العقد القابل للإبطال ، زال حق المتعاقد في التمسك بإبطال العقد ، واستقر وجود العقد نهائياً غير مهدد بالزوال . وهذا معناه أن العقد ينقلب صحيحاً بوجه بات . ويعتبر صحيحاً من وقت صدوره لا من وقت الإجازة ، لأن للاجازة أثراً رجعياً . ولكن هذا الأثر لا يكون إلا فيما بين المتعاقدين ، لا بالنسبة إلى الغير ممن كسب حقاً عينياً على الشيء موضوع العقد . فلو أن قاصراً باع عيناً ، وبعد بلوغه سن الرشد وقبل إجازته للبيع رهن العين ، فإن إجازته للبيع بعد ذلك لا تضر الدائن المرتهن ، وتنتقل العين إلى المشتري مثقلة بحق الرهن ( [12] ) . والاجازة لا تتناول إلا العيب المقصود بهذه الإجازة . فإن كانت هناك عيوب أخرى بقى باب الطعن مفتوحا؟ً من اجلها . ومن ثم إذا تعاقد قاصر وكان وقاعاً في غلط ، وأجاز العقد بعد بلوغ سن الرشد فيما يتعلق بنقص الأهلية ، بقى له الحق في إبطال العقد للغلط 


 ( [1] ) أنظر تاريخ النص فيما يلي ( فقرة 319 في الهامش ) .

 ( [2] ) وقد قضت محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية بان الهبة الباطلة شكلا ليست مجردة من كل الآثار القانونية ، إذ ينشأ عنها التزام أدبي في ذمة الواهب ، بمعنى أنه إذا اوفاه لا يستطيع استرداده ، وبمعنى أنه ينقلب التزاماً مدنياً . إذا حصل استبداله ( 30 مايو سنة 1930 المحاماة 11 رقم 324 ص 653 ) .

 ( [3] ) كما يوجد فرق بين هذين وبين إقرار العقد ( ratification ) . فإقرار العقد عمل قانونين صادر من جانب المقر ، وهو من الغير ، فيجعل العقد بهذا الإقرار سارياً في حقه ، كالمالك يقر ببيع الغير لملكه ، وكالموكل يقر عقداً ابرمه الوكيل مجاوزاً فيه حدود الوكالة .

 ( [4] ) ترايخ النص : ورد هذا النص في المادة 198 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” 1 – العقد الباطل بطلانا نسبياً تصححه الإجازة الصريحة كما تصححه الإجازة الضمينة . وتتحقق الإجازة على الأخص إذا نفذ العقد مختاراً من له الحق في طلب البطلان وهو عالم بذلك . ويشترط لاجازة العقد أن تتوافر فهي و قت الإجازة الشروط اللازمة لصحته ، وأن تكون الإجازة ذاتها خالية من كل عيب . 2 – وتنسحب الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون إخلال بحقوق الغير ” . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً ، وأصبح رقم المادة 143 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل . وفي لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ تقرر أن تكون الفقرة الأولى من المادة كما يأتي : ” نزول حق إبطال العقد بالاجازة الصريحة والضمنية ” مع حذف بقية الفقرة لأن في القواعد العامة ما يغني عن ايرادها . ثم انتقلت اللجنة إلى الفقرة الثانية من المادة فتساءل الرئيس كيف تخل الإجازة بحقوق الغير ، ؟؟ بأن ذلك يتحقق مثلا في حالة شخص باع منزله مرتين وكان البيع الأول قابلا للإبطال ، فرأي البائع إجازة هذا العقد ، فالمشتري الثاني تجب حمايته لأن التصرف الثاني يعتبر بمثابة تنازل عن حق الإجازة ، ولذلك يجب عدم نفاذ الإجازة في حق المشتري الثاني . وبعد مناقشة طويلة انتهى رأي اللجنة إلى استبقاء الفقرة الثانية متضمنة عبارة ” دون إخلال بحقوق الغير ” ، وأقرت اللجنة النص في النهاية على الوجه الوارد في القانون الجديد ، وأصبح رقم المادة 139 – ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 240 – ص 246 ) .

 ( [5] ) استئناف مختلط في 27 ابريل سنة 1926 م 38 ص 365 .

 ( [6] ) وشذ بيع ملك الغير ، إذ يجوز فيه أن تصدر الإجازة من المالك الحقيق مع أنه لا يملك التمسك بالبطلان . ويفسر هذا علة البطلان في بيع ملك الغير ، وهي ترجع إلى أن هذا البيع لا ينقل الملكية إلى المشتري ، فإذا أجاز المالك الحقيقي العقد لم يعد هناك مانع من انتقال الملكية ، فتنتفي علة البطلان ، فيزول .

 ( [7] ) استئناف مختلط في 17 يونية سنة 1915 م 27 ص 417 – وفي 5 مارس سنة 1922 م 24 ص 261 – والتون 1 ص 149 .

 ( [8] ) استئناف مختلط في 16 ديسمبر سنة 1986 م ) ص 58 – وفي 2 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 31 .

 ( [9] ) كبنائه على الأرض التي اشتراها . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بان استيلاء الشريك على الجزء المفرز الذي وقع في نصيبه بعد القسمة وقيامه فيه بالأعمال التي يقوم بها المالك في ملكه بعد أن كشف العيب الذي شاب عقد القسمة يعتبر إجازة ضمنية للعقد ( 29 مايو سنة 1913 م 25 ص 417 ) – كذلك يعد إجازة ضمنية للقسمة استيلاء القاصر بعد بلوغه سن الرشد على ربع الجزء المفرز الذي وقع في نصيبه في قسمة تمت دون مراعاة الإجراءات القانونية وقت أن كان قاصراً ، واستمراره مدة طويلة على هذه الحال .

 ( [10] ) استئناف مختلط في 2 مارس سنة 1916 م 28 ص 148 – وفي 2 مارس سنة 1922 م 34 ص 215 . وتصرف البائع في الثمن إجازة ضمنية لبيع قابل للإبطال ( استئناف مختلط في 27 ابريل سنة 1926 م 38 ص 365 ) . وسماح القاصر بعد بلوغه سن الرشد لوكيله بالاستمرار في الإدارة إجازة ضمنية لعقد الوكالة ( استئناف مختلط في 27 يناير سنة 191؟؟ ) وانضمام القاصر بعد بلوغه سن الرشد لأبيه في طلب قسمة عقار ؟؟؟؟ عام للإجراءات القانونية قبل بلوغ القاصر سن الرشد ( استئناف مختلط في 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 175 ) . واستئجار قاصر بعد بلوغه سن الرشد للعقار الذي باعه وهو قاصر إجازة ضمنية للبيع ( استئناف وطني في 25 نوفمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 53 ص 123 ) – ولا يعتبر تنفيذ الالتزام مع التحفظ الصريح إجازة ضمنية ( استئناف مختلط في 20 ديسمبر سنة 1906 م 19 ص 45 ) – ومجرد السكوت عن طلب البطلان لا يعتبر إجازة مهما طالت المدة ، إلا إذا سقط الحق بالتقادم ( استئناف مختلط في 3 فبراير سنة 1915 م 27 ص 146 – وفي 15 يونية سنة 1926 م 38 ص 472 ) ، ما لم يفهم من هذا السكوت أن المتعهد قد نزل عن طلب البطلان ( بني سويف الجزئية في 31 مارس سنة 1900 الحقوق 15 ص 133 ) – ولا يعتبر إجازة ضمنية أن يدفع المتعاقد بوجه من وجوه البطلان ويترك الوجوه الأخرى ( استئناف مختلط في 26 مايو سنة 1904 م 16 ص 285 ) ، ولا دخول المتعاقد في مفاوضات للصلح لم تكن منتجة ( إسكندرية المختلطة التجارية في 2 فبراير سنة 1925 جازيت 16 رقم 1 ص 4 ) ، ولا الإمضاء على محضر حصر التركة المشار فيها إلى العقد القابل للإبطال ما دام من أمضى لا يقصد بإمضائه إجازة العقد .

 ( [11] ) بلانيول وريبير وإسمان 1 فقرة 306 – قارن دي هلتس 1 لفظ ( confirmation ) فقرة 12 .

 ( [12] ) ومن الفقهاء من يقول بعكس هذا الرأي على التخريج الآتي : البيع الصادر من القاصر صحيح حتى يتقرر بطلانه ، ولذلك تنتقل الملكية إلى المشتري ، ويكون الرهن الصادر من القاصر بعد بلوغه سن الرشد صادراً من غير مالك ، فلا يسري في حق المالك وهو المشتري ، وبعد إجازة البيع تنتقل العين نهائياً إلى المشتري خالية من الرهن ( بلانيول 2 فقرة 1301 ) .

هذا وإذا كان العقد القابل للإبطال من شأنه أن يشهر حتى يصير حجة على الغير ، فلا حاجة لإعادة شهره بعد إجازته ، ويبقى الشهر الأول حافظاً لحجيته ( بلانيول وريبير وإسمان 1 فقرة 304 ص 418 – بودري وبارد 3 فقرة 1992 ) .

منشور في مقال أقوى محامي الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s