نيابة في العقد


النيابة في العقد ( التعبير الصادر من النائب )

83 ـ تمهيد : التعبير الصادر من النائب ـ من حيث إنه تعبير عن الإرادة ـ يخضع لجميع القواعد التي أسلفناها ـ فيكون صريحًا أو ضمنيًا ـ ويرد فيه الأخذ بالإرادة الباطنة أو الإرادة الظاهرة ، وينتج أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ولا يسقط بموت النائب أو فقده لأهليته ، كل ذلك على التفصيل الذي قدمناه . وهو ـ من حيث إنه تعبير يصدر من النائب لا من الأصيل ـ يقتضينا الكلام في نظرية النيابة .

والنيابة ( representation ) هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل مع انصراف الأثر القانوني لهذه الإرادة إلى شخص الأصيل كما لو كانت الإرادة قد صدرت منه هو ( [1] ) .

والنيابة – بالنسبة إلى المصدر الذي يحدد نطاقها – تكون أما نيابة قانونية إذ كان القانون هو الذي يحدد هذا النطاق ، كما في الولي والوصي والقيم والسنديك والحارس القضائي والفضولي والدائن الذي يستعمل حق المدين . واما أن تكون نيابة اتفاقية إذا كان الاتفاق هو الذي يتولى تحديد نطاقها ، ويتحقق هذا في عقد الوكالة ( [2] ) .

والفكرة الجديدة التي اهتدى إليها الفقه الحديث في موضوع النيابة هي أن من ينوب عن غيره إنما يحل إرادته هو محل إرادة من ينوب عنه . وقد هجر الرأي القديم الذي كان يذهب إلى أن النائب إنما يتقمس شخص الأصيل ، فيتكلم بلسانه ويعبر عن إرادته . وأصبح الفقه الحديث يذهب إلى أن التعبير الذي يصدر من النائب إنما هو تعبير عن إرادة النائب لا عن إرادة الأصيل ، وذلك بالقدر الذي لا يتلقى فيه النائب من الأصيل تعليمات محددة فينفذها كما تلقاها ، إذ يكون في هذه الحدود معبراً عن إرادة الأصيل لا عن إرادته هو ( [3] ) . والخصوصية في التعبير الذي يصدر من النائب مترجما عن إرادته هو أن هذا التعبير ينتج أثره لا في شخص صاحبه كما هو الحال في كل تعبير عن الإرادة ، بل في شخص غيره وهو الأصيل .

والنيابة لا تتحقق إلا بشروط معينة ، ولها آثار خاصة . وقد ينوب شخص واحد عن طرفي العقد فتحل إرادته محل ارادتهما معاً ، أو يتعاقد أصيلاً عن نفسه نائبا عن غيره ، فيبدو في الفرضين أن الشخصي يتعاقد مع نفسه ، وهذه حالة هامة من أحوال النيابة نفردها بالذكر .

فنتلكم اذن في مسائل ثلاث : ( ا ) شروط تحقق النيابة ( ب ) آثار النيابة ( ج ) تعاقد الشخص مع نفسه .

ا – شروط تحقق النيابة

84 – حصر هذه الشروط : حتى تكون هناك نيابة يجب :

 ( أولاً ) أن تحل إرادة النائب محل إرادة الأصيل .

 ( ثانياً ) وان تجري إرادة النائب في الحدود المرسومة للنيابة .

 ( ثالثاً ) وان يكون التعامل باسم الأصيل لا باسم النائب .

الشرط الأول – حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل :

85 – النائب والرسول : تقدم القول أن النائب إنما يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل ، فهو ليس بمجرد وسيط بين الأصيل والغير يقتصر على نقل إرادة كل منهما إلى الآخر ، وإلا كان رسولا ( messager ) . وهناك فرق بين التعاقد بنائب والتعاقد برسول . ففي الحالة الأولى يتعاقد الأصيل بنائب عنه ، ويعتبر التعاقد بين حاضرين إذا جمع النائب والمتعاقد الآخر مجلس واحد ، والعبرة بإرادة النائب فلا يصح أن يكون مجنوناً أو غير مميز ، ويعتد بالعيوب التي تلحق هذه الإرادة . أما في الحالة الثانية فالأصيل يتعاقد بنفسه ، والتعاقد يكون بين غائبين حتى لو جمع الرسول والمتعاقد الآخر مجلس واحد ، والعبرة بإرادة الأصيل إذ الرسول يعبر عن هذه الإرادة فيصح أن يكون مجنوناً أو غير مميز ما دام يقدر مادياً على نقل هذه الإرادة ويستطيع تبليغ الرسالة صحيحة ، ولا ينظر في عيوب الرضاء إلى إرادة الرسول بل إلى إرادة المرسل .

86 – العبرة بارادة النائب وبنيته : ومن ذلك نرى أن مجرد الوساطة لا تكفي لتحقيق النيابة ، بل يجب لتحقيقها أن يكون النائب معبراً عن إرادته هو لا عن إرادة من ينوب عنه . ويترتب على ذلك : ( 1 ) أن عيوب الرضاء ينظر فيها إلى إرادة النائب لا إلى إرادة الأصيل . فإذا وقع النائب في غلط أو تدليس أو إكراه كان العقد قابلا للإبطال ، ولا يعترض على هذا بأن إرادة الأصيل لم يشبها عيب من هذه العيوب . كذلك يعتد بالتدليس والإكراه الصادرين من النائب فتصبح إرادة من تعاقد معه معيبة . وإذا وقع التدليس أو الإكراه من الأصيل فإنه يؤثر كذلك في صحة العقد ، لأن التدليس والإكراه يؤثران في صحة العقد حتى لو وقعا من الغير فاولى أن يؤثرا في صحة العقد إذا وقعا من الأصيل . ( 2 ) أن حسن النية وسوءها يتلمسان عند النائب لا عند الأصيل ، وذلك في الأحوال التي يرتب فيها القانون اثرا على ذلك . فإذا كان النائب حسن النية وتعامل مع مدين معسر ، فلا يجوز لدائني هذا المدين الطعن في التصرف بالدعوى البوليصية . أما إذا كان الناب سيء النية وتواطأ مع المدين المعسر ، فللدائنين الطعن في التصرف حتى لو كان الأصيل حسن النية .

وقد ينظر في بعض الفروض إلى نية الأصيل . ويتحقق ذلك إذا كان النائب يتصرف وفقاً لتعليمات محددة صدرت له من الأصيل . فإذا وكل شخص آخر في شراء شيء معين بالذات ، وكان الموكل يعلم بما فيه من العيب والوكيل يجهل ذلك ، فلا يجوز في هذه الحالة للموكل أن يرجع على البائع بدعوى العيب . ونرى أن هذا القدر في اعتبار نية الأصيل كاف في تعيين الدور الذي يقوم به كل من الأصيل والنائب في إبرام العقد . فالأصل أن العقد ينعقد بإرادة النائب لا بإرادة الأصيل ، على أن إرادة الأصيل تكون محل اعتبار فيما يختص بعلمه وفيما يوجه فيه النائب ، إذ أن النائب في هذه الحالة يكون بمثابة الرسول ( [4] ) .

وقد أورد القانون الجديد كل هذه الأحكام ، فنص في المادة 104 على ما يأتي :

 ” 1 – إذا تم العقد بطريق النيابة ، كان شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة أو في اثر العلم ببعض الظروف الخاصة أو افتراض العلم بها حتما . “

 ” 2 – ومع ذلك إذا كان النائب وكيلا ويتصرف وفقاً لتعليمات معينة صدرت له من موكله ، فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو أن كان من المفروض حتما أن يعملها ( [5] ) ” .

ولم يكن في القانون القديم مقابل لهذا النص ، ولكن القضاء والفقه في مصر كانا يعملان دون نص بمقتضى هذه الأحكام ( [6] ) .

87 – أما الأهلية فينظر فيها للأصيل : ولا يؤخذ من أن النائب إنما يعبر عن إرادته أنه يجب أن تتوافر فيه الأهلية اللازمة للعقد الذي يباشره نيابة عن الأصيل . ذلك لأن العقد إذا كان ينعقد بإرادة النائب فإنه ينتج أثره في شخص الأصيل ، فالأصيل لا النائب هو الذي يجب أن تتوافر فيه الأهلية للعقد ( [7] ) .

وإذا كانت الأهلية تشترط في الأصيل ، فهي لا تشترط في النائب كما قدمنا . فيصح أن ينوب قاصر أو محجور عليه في بيع منزل مملوك لشخص تتوافر فيه أهلية التصرف ( [8] ) . ولكن النائب يجب أن يكون أهلاً لأن تصدر منه إرادة مستقلة لأنه يعبر عن إرادته هو ، فيجب إذن أن يكون مميزا ولو كان قاصراً . ولكن إذا كان الوكيل قاصراً جاز له أن يطلب إبطال عقد الوكالة ، فلا يرجع الموكل عليه إلا بدعوى الإثراء بلا سبب أو بدعوى الفضالة ( [9] ) .

وكل هذا ما لم تكن النيابة قانونية . فإن القانون في هذا النوع من النيابة هو الذي اضفى على النائب صفته ، وهو الذي يعين أهليته وأهلية الأصيل . فيجوز أن يكون الأصيل قاصراً – مميزاً أو غير مميز – كما يجوز أن يطلب من النائب كمال الأهلية ، ويتحقق هذا في الوصاية والقوامة .

الشرط الثاني – استعمال النائب إرادته في الحدود المرسومة للنيابة :

88 – مجاوزة النائب لحدود نيابته : وإذا كان النائب يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل ، فإنه يجب أن يعبر عن هذه الإرادة في حدود نيابته ، وهي الحدود التي عينها القانون أو الاتفاق . فإذا جاوز هذه الحدود فقد صفة النيابة ولا ينتج العمل الذي قام به أثره بالنسبة إلى الأصيل .

على أن العمل ينتج استثناء أثره بالنسبة إلى الأصيل إذا كان الغير الذي نعامل مع التائب حسن النية ، أي لا يعلم بمجاوزة حدود النيابة ، وكانت لديه أسباب قوية تدعوه إلى الاعتقاد بأن النائب قد تعاقد في حدود نيابته . مثل ذلك أن يكون النائب قد خولت له نيابة مستمرة ، كعملاء التأمين ومديري الشركات ووكلاء الدوائر ، وان يكون العمل الذي قام به يدخل عادة في حدود نيابته . ومثل ذلك أيضاً أن يبقى الأصيل سند النيابة في يد النائب بعد انتهاء النيابة ، فيتعامل الغير مع النائب الذي انتهت نيابته مطمئناً إلى هذا السند ( [10] ) .

وقد اشتمل القانون الجديد على نصين هما تطبيقان للمبدأ المتقدم . ( أولهما ) هو الخاص بحالة انقضاء النيابة وكان النائب ومن تعاقد معه يجهلان هذا الانقضاء . فنصت المادة 107 على أنه ” إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معا وقت العقد انقضاء النيابة ، فإن أثر العقد الذي يبرمه ، حقاً كان أو التزاماً ، يضاف إلى الأصيل أو خلفائها ( [11] ) ” . مثل ذلك أن يعزل الأصيل النائب دون أن يعلم هذا بالعزل ، أو أن يموت الأصيل دون أن يعلم النائب بموته ، فيتعاقد النائب مع الغير دون أن يعلم الغير بعزل النائب أو بموت الأصيل . ( والنص الثاني ) ورد في عقد الوكالة ، إذ تنص المادة 703 على ما يأتي : ” – الوكيل ملزم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة .

 2 – على أن له أن يخرج عن هذه الحدود متى كان من المستحيل عليه أخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على هذا التصرف ، وعلى الوكيل فى هذه الحالة أن يبادر بإبلاغ الموكل خروجه عن حدود الوكالة ( [12] ) ” .

89 – إقرار الأصيل لهذه المجاوزة : فإذا جاوز النائب حدود النيابة لوم ينتج العمل الذي قام به أثره في حق الأصيل في إحدى الصور المتقدمة الذكر ، ولم يكن من المستطاع اعتبار النائب فضولياً لعدم توافر شروط الفضالة ، اعتبر الأصيل أجنبياً عن هذا العمل . ورجع الغير على النائب بالتعويض إذا كان له محل .

ولكن قد يقر الأصيل العمل المجاوز لحدود النيابة ، فيصبح كأنه قد تم في حدودها ، ويتقيد به الأصيل والغير من وقت التعاقد لا من وقت الإقرار ( [13] ) .

الشرط الثالث – تعامل النائب باسم الأصيل :

90 – الاسم المستعار الو المسخر ( prete – nom ) : ولا يكفي أن يكون النائب معبراً عن إرادته في حدود النيابة ، بل يجب أيضاً أن يكون تعامله مع الغير باسم الأصيل . فلو تعامل الوكيل باسمه لما كانت هناك نيابة ، وتكون الوكالة مقصورة على علاقة الوكيل بالموكل ، وهذا هو ما يعرف بالاسم المستعار أو المسخر . ومن ثم يضاف اثر العقد إلى الوكيل دائناً أو مدينا ولا يضاف إلى الموكل . ويرجع الموكل على الوكيل بمقتضى عقد الوكالة الذي تم بينهما .

ومع ذلك يضاف اثر العقد إلى الأصيل في حالتين : ( 1 ) إذا كان من المفروض حتما أن الغير يعلم بوجود النيابة . ( 2 ) أو كان يستوي عند الغير أن يتعامل مع الأصيل أو النائب . وقد اشتملت المادة 106 من القانون المدني الجديد على هذه الأحكام . فنصت على ما يأتي : ” إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائباً ، فان اثر العقد لا يضاف إلى الأصيل ، دائنا أو مدينا ، إلا إذا كان من المفروض حتما أن من تعاقد مع النائب يعلم بوجود النيابة ، أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب ” ( [14] ) .

91 – التعاقد باسم الأصيل : فيجب إذن وقت أن يتعاقد النائب مع الغير أن يتعامل باسم الأصيل ولحسابه . وهذه النية قد يفصح عنها ، أو قد تفهم ضمناً من الظروف ، كما إذا باع مستخدم بضاعة مخدومة في محل هذا المخدوم ، وكالخادم يتعاقد عن سيده ، وكقبطان السفينة يتعاقد عن صاحبها .

والتعاقد باسم الأصيل يجب أن يتحقق أيضاً عند الغير الذي يتعاقد مع النائب . فإذا كان النائب يعمل باسم الأصيل ، ولكن الغير يتعامل معه في شخصه ، فالنيابة لا تقوم ، والعقد لا يتم ، لا مع شخص النائب لأنه لا يتعامل لنفسه ، ولا مع الأصيل لأن الغير لا يقصد التعامل معه . ولكن إذا كان النائب يعمل باسمه والغير يتعامل باسم الأصيل ، أضيف العقد إلى الأصيل في الحالتين اللتين نصت عليهما المادة 106 ، وقد تقدم ذكرهما .


 ( 1 ) إذا كانت النيابة تبدو في القانون الحديث نظاما منطقيًا معقولا ” فإن الأمر لم يكن كذلك في القوانين القديمة . فقد كانت هذه القوانين تستعصبى على فكرة النيابة ، ولم تسلم بها إلا ندرجًا وفي حدود معينة .

كان القانون الروماني يعترف من قديم بنيابة الابن والعبد عن رب الأسرة ، ولكن في جعله دائنا لا مدينًا . ثم أخذ يعترف بنيابتها في جعل رب الأسرة مدينًا أيضًا ولكن في حدود معينة . أما غير الابن والعبد فلم يكن له أن ينوب عن غيره ممن لا يخضع لسلطته لا دائنا ولا مدينا . فإذا وكل شخص آخر في عمل يقوم به مع الغير ، فالغير لا يعرف إلا الوكيل يرجع عليه ، وكذلك شخص آخر في عمل يقوم به مع الغير ، فالغير لا يعرف إلا الوكيل يرجع عليه ، وكذلك الموكل لا يعرف إلا الوكيل . ولم تكن هناك علاقة مباشرة بين الغير والموكل . ثم تطور القانون فصار للغير دعوى قبل الموكل مع استيفاء دعواه الأصلية قبل الوكيل ، ما لم يكن النائب وكيلا تحكم القانون كالوصي والقيم ، فقد كان يعطى دفعًا لدعوى الغير ، وفي في هذه الحالة كان الغير لا يستطيع الرجوع إلا على الأصيل فكانت النيابة كاملة . أما أن يعطي الموكل دعوى قبل الغير ، أي أن يصبح الشخص دائنا بوكيل ، فهذا ما لم يتم في القانون الروماني إلا في حالات معينة منها حالة النيابة القانونية . وبقى الوكيل هو الدائن للغير ، ويؤدي بعد ذلك حسابا للموكل فيكون مديناً له ( انظر جيرار ص 678 ، ص 690 – وانظر في القانون الفرنسي القديم بريسو ( Brissaud ) ص 1442 وما بعدها ) .

وفي الشريعة الإسلامية اختلفت المذاهب في هذا الموضوع . فأبو حنيفة يرجع حكم العقد إلى الموكل ، أما حقوق العقد فترجع إلى الوكيل ، وهو في هذا قريب من القانون الروماني على النحو الذي تقدم . والشافعي يرجع حكم العقد وحقوقه إلى الموكل دون الوكيل ، وهو في هذا يتفق مع القانون الحديث ( انظر البدائع 6 ص 33 – ص 34 ) .

 ( [2] ) وقد ينظر إلى النيابة بالنسبة إلى المصدر الذي يضفي على النائب صفة النيابة . فتكون قانونية كام في الولي ، فإن القانون هو الذي يعين الأولياء . وتكون قضائية كما في الوصى والقيم والحارس القضائي ، فإن جهة قضائية هي التي تختار هؤلاء . وتكون اتفاقية كما في الوكيل ، فان العقد هو الذي يعينه . ومن ثم تكون نيابة الوكيل نيابة اتفاقية بالنسبة إلى المصدر الذي يحدد نطاقها وبالنسبة إلى المصدر الذي يضفي صفة النيابة . وتكون نيابة كل من الولى والفضولى والدائن نيابة قانونية بالمعنيين معا . وتكون نيابة كل من الوصي والقيم والحارس والسنديك نيابة قانونية بالمعنى الأول ونيابة قضائية بالمعنى الثاني .

وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نصين حذفا من المشروع النهائي لوضوح حكمهما . فكانت المادة 155 من المشروع التمهيدي تنص على ما يأتي : ” يجوز التعاقد بالإصالة أو بطريق النيابة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ” . وكانت المادة 156 من هذا المشروع تنص على ما يأتي : ” 1 – النيابة اتفاقية أو قانونية . 2 – يحدد التفويض الصادر من الأصيل نطاق سلطة النائب عندما تكون النيابة اتفاقية ، فإذا كانت قانونية فالقانون هو الذي يحدد تلك السلطة ” . ( انظر في هذا وفي المذكرة الإيضاحية لهذين النصين المحذوفين مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 90 – ص 91 ) .

 ( [3] ) وهذا هو الفرق ما بين النائب والرسول كما سنرى ، فالنائب يعبر عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل ، أما الرسول فيعبر عن إرادة المرسل لا عن إرادته هو . فإذا تلقى النائب تعليمات محددة من الأصيل ، كان رسولا في حدود هذه التعليمات ونائبا في خارج هذه الحدود ( انظر في هذا المعنى بلانيول وربير وإسمان 1 فقرة 57 ) .

 ويذهب الدكتور حلمي بهجت بدوي إلى وجوب التمييز بين النيابة الاتفاقية والنيابة القانونية . ففي الأولى تشترك إرادة الأصيل والنائب في إمضاء العقد ، ونتيجة لهذا الاشتراك توزع شروط الإرادة على هاتين الإرادتين بقدر مساهمتهما في إمضاء العقد . أما في النيابة القانونية فالعقد ينعقد بإرادة النائب وحده ، ولكن اثر العقد هو حكم من أحكام القانون ينصرف إلى الأصيل ( الدكتور حلمي بهجت بدوي ص 79 – 80 – وانظر في النظريات المختلفة التي تقول باشتراك ارادتي النائب والأصيل في إبرام العقد ديموج 1 ص 147 – 150 ) .

 وانظر أيضاً في النظريات المختلفة في طبيعة النيابة ، وهل النائب يتقمص شخص الأصيل عن طريقة الافتراض القانوني ( fiction ) كما هو الرأي القديم ، أو أن النائب ليس إلا رسولا كما يقول سافيني ، أو أن إرادة النائب تحل محل إرادة الأصيل كما يقول إهرنج ، أو إن إرادته تشترك مع إرادة الأصيل كما يقول ميتييس ( Mitteis ) ، إلى رسالة حديثة في النيابة والدور الذي تقوم به في إنشاء الالتزامات للدكتور جان كلاريز ( Jean Clarise ) ليل سنة 1949 ص 147 – ص 165 . ويذهب الدكتور كلاريز صاحب هذه الرسالة إلى أن إرادة النائب وحدها ، أو مشتركة مع إرادة الأصيل ، هي التي تحدد نطاق الالتزام ( contenu de l’obligation ) ، أما الذي يخلق الرابطة القانونية ( lien de droit ) ما بين نطاق الالتزام وذمة الأصيل فهي إرادة الأصيل في النيابة الاتفاقية والقانون ذاته في النيابة القانونية ( انظر الرسالة المتقدمة الذكر ص 167 – ص 178 ) . وانظر في رأي للأستاذ بولانجية ( Boulanger ) يذهب إلى أن إرادة النائب تشترك مع إرادة الأصيل إذا كان عقد الوكالة هو مصدر النيابة ، أما إذا كان مصدرها القانون أو القضاء فإرادة النائب تحل محل إرادة الأصيل ، إلى المقدمة التي وضعها الأستاذ بولانجيه للرسالة المذكورة .

 ويشير الدكتور كلاريز في رسالته ( ص 137 – ص 140 و 223 ) إلى جواز أن تكون النيابة في عمل مادي ( fait materiel ) لا في عمل قانوني ( acte juridique ) ، ويضرب مثلا لذلك نيابة التابع عن المتبوع فيما يرتكب الأول من خطأ يسأل عنه الثاني ، فالمتبوع في هذه الحالة يكون مسئولا عن تابعه لأن هذا يعتبر نائبا عنه ل لا في الأعمال القانونية فحسب بل وفي الأعمال المادية ( انظر في هذا المعنى شيروني ( Chironi ) في المسئولية اللاعقدية جزء أول فقرة 156 وما بعدها – مازو جزء أول فقرة 934 وما بعدها ) . وتكون النيابة على هذا الأساس إما نيابه في الإرادة كنيابة الوكيل عن الموكل ، أو نيابة في المصلحة كنيابة الولي عن الصغير ، أو نيابة في العمل كنيابة التابع عن المتبوع ونيابة الفضولي عن رب العمل إذا كان العمل الذي قام به الفضولي عملا مادياً .

 ( [4] ) قارن ديموج 1 فقرة 147 – فقرة 150 ، والدكتور حلمي بهجت بدوي ص 79 – ص 80 ، والدكتور احمد حشمت أبو ستيت ص 93 – ص 94 .

 ( [5] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 157 من المشروع التمهيدي على النحو الآتي : ” يكون شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في صحة التعبير عن الإرادة ، ومدى ما يتأثر به هذا التعبير من وجود عيب في الإرادة ، أو من العلم ببعض الظروف الخاصة أو وجوب العلم بها ” . ولما عرض على لجنة المراجعة ، اقترح استكمال الحكم بما يسمح في بعض الأحوال بأن يعتد بإرادة الأصيل إلى جانب إرادة النائب ، وقدمت المادة في المشروع النهائي تحت رقم 107 بالنص الآتي : ” 1 – إذا تم العقد بطريق النيابة ، كان شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة أو في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة ، أو افتراض العلم بها .

 2 – ومع ذلك إذا كان النائب وكيلا ويتصرف وفقا لتعليمات معينة صدرت له من موكله ، فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو ، أو كان المفروض حتما أن يعلمها . ” وقد وافق مجلس النواب على المادة دون تعديل تحت رقم 107 . ووافقت لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ على النص بعد تعديل جاء عنه في تقريرها ما يأتي : ” عدلت العبارة الأخيرة في الفقرة الأولى فأستعيض عن التعبير ، ” بوجوب العلم بها ” بالتعبير ” بافتراض العلم بها حتما ” ، حتى تكون دلالة النص أضيق . وعدلت العبارة الأخيرة من الفقرة الثانية تعديلا يتمشى مع ما تقرر بالنسبة إلى الفقرة الأولى ” . وأصبح رقم المادة 104 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها اللجنة .

وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” ليست الأحكام الواردة في هذه المادة سوى تطبيقات للنظرية الحديثة في النيابة القانونية . فما دامت إرادة النائب هي التي تنشط لإبرام العقد بجميع ما يلابسها من ظروف ، فيجب أن يناط الحكم على صحة التعاقد بهذه الإرادة وحدها دون إرادة الأصيل . وعلى هذا النحو يكون للعيوب التي تلحق إرادة النائب أثرها في التعاقد . فإذا انتزع رضاه بالإكراه ، أو صدر بتأثير غلط أو تدليس ، كان العقد قابلا للبطلان لمصلحة الأصيل ، رغم أن إرادته براء من شوائب العيب . أما فيما يتعلق بالظروف التي تؤثر في الآثار القانونية للتعاقد فيجب أيضاً أن يكون مرجع الحكم عليها شخص النائب لا شخص الأصيل ، وعلى ذلك يجوز أن يطعن بالدعوى البوليصية في بيع صادر من مدين معسر توطأ مع نائب المشتري ولو أن الأصيل ظل بمعزل عن هذا التواطؤ ” . ( انظر في كل هذا مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 90 – ص 94 ) .

 ( [6] ) محكمة الاستئناف المختلطة في 17 مايو سنة 1905 م 17 ص 277 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 206 .

 ( [7] ) محكمة الاستئناف المختلطة في 30 يناير سنة 1913 م 25 ص 161 . والعبرة في توافر الأهلية في الأصيل بالوقت الذي يباشر فيه النائب العقد ، فلو أن الأصيل بالوقت الذي يباشر فيه النائب العقد ، فلو أن الأصيل لم يكن أهلاً لهذا العقد وقت إعطاء الوكيل ، وكان أهلاً له وقت مباشرة الوكيل للتعاقد ، صح العقد ، ولا يصح إذا كان الأصيل أهلاً وقت التوكيل وغير أهل وقت مباشرة العقد .

 ( [8] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه يجوز للسفيه المحجور عليه أن يكون وكيلا عن الغير ، ولا تشترط فيه أهلية خاصة ، لأنه لا يعمل باسمه بل باسم موكله ( 8 يونيه سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 ص 148 ) .

 ( [9] ) ويلاحظ أنه إذا اختار الوكيل القاصر أن يبطل عقد الوكالة ، فإن نيابته المستمدة من هذا العقد تبطل ببطلان العقد ، ويصح أن ينقلب إلى فضولي إذا توافرت شروط الفضالة . هذا وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في صدد توافر الأهلية في الأصيل دون النائب ، ما يأتي : ” وعلى تقيض ما تقدم يعتد في الحكم على الأهلية بشخص الأصيل دون النائب . فإذا كان الأصيل أهلاً للتعاقد بالأصالة ، صح تعاقد النائب عنه ولو لم يكن هذا النائب كامل الأهلية . وقد يكون مصدر النيابة في الصورة الأخيرة وكالة ، فما دام النائب غير أهل لعقدها ، كان عقد الوكالة وحده قابلا للبطلان ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 92 ) .

 ( [10] ) وكان المشروع التمهيدي يشتمل على نص يخول للغير أن يطلب من النائب صورة من سند نيابته ، فكانت المادة 158 فقرة ثانية من هذا المشروع تنص على ما يأتي : ” ولمن يتعاقد مع النائب أن يطلب منه إثبات نيابته ، فإذا كانت النيابة ثابتة بعقد مكتوب فله أن يحصل منه على صورة مطابقة للأصل تحمل توقيعه ” . وبقى هذا النص في المشروع النهائي وفي المشروع الذي وافق عليه مجلس النواب . ولما عرض على لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ قررت هذه اللجنة حذفه ، ” إذ اعترض عليه بإنه لا فائدة منه إطلاقاً ، على أن سند النيابة قد يكون عرفياً ، فإذا أريد الإبقاء على هذه الفقرة فيجب أن ينص فيها على أن يكون سند النيابة رسميا ، لاسيما أن لهذه المادة مقابلا في القانون الحالي وهي المادة 518 مدني – وكانت المادتان 518 / 634 من القانون القديم تقضيان بالحق لمن يعامل الوكيل في أن يطلب منه صورة رسمية من سند التوكيل – ولما تبين من المناقشة أن هذه الفقرة لا ضرورة لها لأن الشخص الذي يتعاقد مع نائب عن الغير تقضي عليه الظروف بالاحتياط والحكمة في معاملته ، فقد يكتفي بسند عرفي ، وقد يصر على طلب سند رسمي ، وقد يصرف النظر عن هذا وذاك ، فالمرجع في هذا الخصوص إلى رغبة المتعاقد مع النائب عن الغير ” . وجاء في تقرير اللجنة : ” حذفت الفقرة الثانية من هذه المادة لأنها تتناول مسالة عملية تفصيلية ، في القواعد العامة ما يغني عن النص عليها ” . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها اللجنة . ( انظر في كل هذه مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ، ص 95 – ص 97 ) .

وجاء في المذكرة الإيضاحية للنص المحذوف ما يأتي : ” فإذا احتفظ النائب بسند نيابته بعد انقضائها ، كان لمن تعاقد معه بناء على ثقته في هذا السند حق التمسك بالنيابة . ويستوي في هذه الحالة أن يكون النائب عالماً وقت العقد بانقضاء نيابته أو أن يكون جاهلا بهذه الواقعة . وقد روعى في تقرير هذه القاعدة ما هو ملحوظ من خطأ الأصيل في عدم سحب السند من النائب بعد انقضاء النيابة مباشرة ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 102 – ص 103 ) .

 ( [11] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 160 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” ما دام النائب لم يعلم بانقضاء نيابته ، فإن اثر العقد الذي يبرمه ، حقا كان أو التزاما ، ينصرف إلى الأصيل وخلفائه كما لو كانت النيابة لا تزال باقية ، هذا إذا كان الغير الذي تعاقد معه النائب يجهل هو أيضاً أن النيابة قد انقضت ” . ولما عرضت المادة على لجنة المراجعة أقرتها بعد أن أبدلت عبارة ” ينصرف إلى الأصيل ” بعبارة ” يضاف إلى الأصيل ” ، وأصبح رقم المادة 110 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل تحت رقم 110 . وعدلت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ صياغة الادة إلى الوجه الذي استقرت عليه في القانون حتى يكون المعنى اوضح دون مساس بجوهر الحكم ، وأصبح رقم المادة 107 ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها اللجة – هذا ، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” قد تنقضي النيابة دون أن يعلم النائب بذلك ، كما إذا كان يجهل موت الأصيل أو الغاء التوكيل ، فإذا تعاقد في هاتين الحالتين مع شخص حسن النية لا يعلم بانقضاء النيابة ، كان تعاقده ملزما للأصيل وخلفائه . وقد قصد من تقرير هذا الحكم إلى توفير ما ينبغي للمعاملات من أسباب الثقة والاستقرار ” . ( انظر في كل هذا مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 102 – ص 104 ) .

 ( [12] ) ويلاحظ أنه في الفرضين الأولين – النيابة المستمرة وبقاء سند النيابة في يد النائب – ينتج عمل النائب أثره بالنسبة إلى الأصيل لأن هذا قد ارتكب خطأ ، فيكون نفاذ عمل النائب في حقه بمثابة التعويض . أما في الفرضين الأخيرين – جهل النائب والغير لانقضاء النيابة والظروف التي يغلب معها الظن أن الموكل يوافق على تصرف الوكيل – فنفاذ عمل النائب في حق الأصيل إنما هو تطبيق لقواعد الفضالة .

 ( [13] ) فلو كان النائب وكيلا وجاوز حدود الوكالة ، جاز القول إنه نصب نفسه وكيلا بإرادته . المنفردة فيما جاوز فيه حدود الوكالة ، على أن يقره الموكل بعد ذلك . ويكون مصدر النيابة في هذه الحالة هو القانون ، فقد جعل الوكيل – بناء على إرادته – نائبا فيما يجاوز حدود الوكالة . والنيابة هنا ليست منجزة ، بل هي معلقة على شرط موقف هو أن يصدر إقرار من الموكل .

 ( [14] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 159 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد أنه يتعاقد بصفته نائبا ، فان أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائنا أو مدينا ، إلا إذا كان من المفروض حتما أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة ، أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب ” . فأقرته لجنة المراجعة بعد تعديلات لفظية تحت رقم 109 من المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على المادة دون تعديل تحت رقم 109 . وفي لجنة القانون المدني لمجلس الشيوخ ، استعيض عن عبارة ” إلا إذا كان يستفاد من الظروف ” بعبارة ” إلا إذا كان من المفروض حتما ” ، وأصبح رقم المادة 106 . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها اللجنة . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 98 – ص 101 ) .

وانظر أيضاً المادة 32 فقرة 2 و 3 من قانون الالتزامات السويسري . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” وقد استحدث المشروع باقتباس هذا النص من تقنين الالتزامات السويسري حكماً هاماً يطابق أحكام الشريعة الإسلامية . أما القواعد الخاصة بالاسم المستعار أو التسخير ، وهي التي تقضي بانصراف آثار العقد إلى النائب أو المسخر ، فلا تنطبق إلا إذا كان من يتعامل مع هذا النائب يجهل وجود النيابة ، أو كان لا يستوي عنده التعامل معه أو مع من فوضه ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 96 ) .

هذا ويلاحظ أن الفضولي ، وهو نائب نيابة قانونية عن رب العمل كما قدمنا ، إذا عمل باسمه لا باسم رب العمل ، فإن الأثر ينصرف إليه هو لا إلى رب العمل ، تطبيقاً للمبدأ المتقدم الذكر .

منشور في مقال أقوى محامي الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s