أركان الإثراء بلا سبب
756 – أركان ثلاثة :قدمنا أن أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ثلاثة :
1 ) إثراء المدين 2 ) افتقار الدائن المترتب على هذا الإثراء . 3 ) انعدام السبب القانوني لهذا الإثراء . هذه هي أركان القاعدة إذا توافرت قامت دعوى الإثراء وليس من الضروري بعد ذلك ، كما قدمنا ، أن تكون دعوى الإثراء دعوى احتياطية أو أن يكون الإثراء باقياً وقت رفع الدعوى .
المبحث الأول
إثراء المدين
( Enrichissement du debiteur )
757 – وجوب تحقق الإثراء : أول ركن لقاعدة الإثراء بلا سبب هو أن يتحقق إثراء المدين . ذلك أن مصدر الالتزام الذي يترتب في ذمته إنما هو هذا الإثراء ، فلا بد من تحققه حتى يقوم الالتزام . أما إذا لم يتحقق الإثراء فلا التزام ، كما لو وفي شخص ديناً عن شخص آخر وتبين أن هذا الدين قد سبق الوفاء به أو أنه لا وجود له . فهنا لم يتحقق الإثراء في جانب الشخص الآخر ولا رجوع للشخص الأول عليه ( [1] ) . وإنما يرجع هذا بما دفع على من دفع له إذا توافرت شروط دفع . غير المستحق على ما سنرى . ويمكن القول كذلك إن الصغير إذا افترض مالاً فأضاعه لم يكن مسئولاً ، لا بعقد القرض إذا أبطله . ولا بقاعدة الإثراء بلا سبب إذا ضاع المال فلم يتحقق الإثراء .
والأصل في الإثراء أن يكون إيجابياً ولكن يجوز أن يكون سلبياً ، وأن يكون مباشراً ولكن يجوز أن يكون غير مباشر ، وان يكون مادياً ولكن يجوز أن يكون معنوياً .
الإثراء الإيجابي والإثراء السلبي :
758 – الإثراء الإيجابي :يتحقق الإثراء الإيجابي عادة بأن تضاف قيمة مالية إلى ذمة المدين ( [2] ) . ويتم هذا بأن يكسب المدين حقاً ، عينياً كان أو شخصياً أو أن يزيد فيما يملك من ذلك . فإذا استهلك شخص قدراً من المياه أو النور عن طريق مواسير أو أسلاك خفية كان ما استهلكه قيمة مالية أثرى بها ( [3] ) . وإذا أقام الحائز للعقار المرهون بناء في هذا العقار أثرى الدائن المرتهن من وراء هذا البناء إذ يزيد ضمانه . وإذا قام المستأجر الذي انفسخ عقد إيجاره قبل انقضاء مدته بتحسينات في العين التي رسا عليه مزادها ثم نزعت العين من يده كان في هذا إثراء لمن تؤول إليه العين .
وقد يتحقق الإثراء الإيجابي لا عن طريق إضافة قيمة مالية إلى ذمة المدين ، بل من طريق منفعة يجنيها أو عمل يستثمره ( [4] ) . مثل المنفعة منزل انتفع به شخص دون عقد إيجار ( [5] ) . ومثل العمل تصميم قام به مهندس ( [6] ) أو لحن ألقه موسيقي وانتفع بهذا أو بذلك دون عقد . ومثل العمل أيضاً خطيبة تعمل لخطيبها دون أجر ثم لا يتم الزواج ، وعارف الأنساب يهدي الوارث إلى ميراث كان يجهله دون اتفاق على الأجر . والسمسار لا تتم الصفقة على يديه ولكنه هو الذي يجمع بين البائع والمشتري ( [7] ) .
759 – الإثراء السلبي : وقد يكون الإثراء سلبياً . ومن صور هذا الإثراء أن يوفي شخص بدين على آخر ، فيثري هذا إثراء سلبياً عن طريق النقص فيما عليه من ديون . مثل ذلك المستأجر يقوم بالترميمات الجسيمة وهي واجبة على المؤجر ، والتاجر يحضر للزوجة ما تحتاج إليه من مؤونة ونفقتها واجبة على الزوج ، والمشتري لعقار مرهون يدفع دين الراهن ( [8] ) .
ومن صور الإثراء السلبي كذلك أن يجنب الشخص خسارة كان وقوعها محتماً فيثري إثراء سلبياً بقدر ما تجنب من خسارة مثل ذلك الجار يتلف متاعاً له حتى يطفئ حريقاً شبت في منزل جاره ، وربان السفينة يلقي ببعض ما تحمل السفينة حتى ينقذ السفينة من الغرق ( [9] ) .
الإثراء المباشر والإثراء الغير مباشر :
760 – الإثراء المباشر : يكوكن الإثراء المباشر إذا انتقل ، في أية صورة من صوره ، مباشرة من مال المفتقر إلى مال المثري ، إما يفعل المفتقر وإما بفعل المثري نفسه . مثل الانتقال بفعل المفتقر من يدفع دين غيره ، والمستأجر يقوم بالترميمات الجسيمة في العين المؤجرة ( [10] ) . ومثل الانتقال بفعل المثري من يستولي على مال لغيره دون حق ، ومن يستهلك المياه والنور من مواسير وأسلاك خفية ( [11] ) . وقد يكون الانتقال بقوة قاهرة ، كما يحدث في طرح البحر ، فيكون الإثراء مباشراً .
761 – الإثراء غير المباشر : ويكون الإثراء غير المباشر إذا تدخل أجنبي في نقله من مال المفتقر إلى مال المثري . وقد يقع تدخل الأجنبي عن طريق عمل مادي كربان السفينة يلقي ببعض ما تحمل إلى البحر لإنقاذ الباقي من الغرق ، وكفرقة إطفاء الحريق تتلف متاعاً للغير حتى تتمكن من إطفاء الحريق ، وكالمغتصب يبني بمواد غيره في الأرض المغتصبة ( [12] ) . وقد يقع التدخل عن طريق عمل قانوني . مثل ذلك أن يشتري شخص سيارة من آخر ، ثم يدفعها إلى ” ميكانيكي ” لإصلاحها ، وينفسخ عقد بيع السيارة ، فيرجع الميكانيكي وهو المفتقر بمصروفات الإصلاح على البائع وهو المثري ، ويكون المشتري هنا هو الأجنبي الذي تدخل بعمل قانوني في نقل الإثراء من المفتقر إلى المثري . والعمل القانوني هو عقد المقاولة الذي أبرمه المشتري مع الميكانيكي لإصلاح السيارة ( [13] ) . ومثل ذلك أيضاً مستأجر الأرض الزراعية يشتري سماداً للأرض من تاجر دون أن يدفع ثمنه ، فإذا حجز المالك على زراعة المسـتأجر التي انتفعت بالسماد جاز للتاجر وهو المفتقر أن يرجع على المالك وهو المثري بقدر ما عاد به السماد على الزراعة من نفع في حدود الثمن ، والأجنبي الذي تدخل هنا هو المستأجر . وتدخله وقع عن طريق عمل قانوني هو شراء السماد ( [14] ) . ومثل ذلك أخيراً أن يعمد مدير شركة إلى اختلاس أسهم لها يرهنها في قرض يعود بالنفع على شركة أخرى هو أيضاً مديرها ، فترجع الشركة الأولي وهي المفتقرة على الشركة الثانية وهي المثرية بدعوى الإثراء ، والأجنبي الذي تدخل هنا هو المدير الذي أختلس الأسهم . والعمل القانوني الذي عن طريقه تم التدخل هو عمل من أعمال الإدارة قام به المدير بالنسبة إلى الشركة الثانية فجعلها تنتفع بالقرض الذي حصل عليه برهن الأسهم المختلسة ( [15] ) .
الإثراء المادي والإثراء المعنوي :
762 – الإثراء المادي : الأصل في الإثراء أن يكون مادياً . وفيما قدمناه من الأمثلة في الإثراء الإيجابي والسلبي ، والمباشر ، ما يتبين منه أن الإثراء هو قيمة مالية أو منفعة مادية انتقلت إلى ذمة المثري .
763 – الإثراء المعنوي :ولكن الإثراء قد يكون معنوياً كأن يكون إثراء عقلياً أو أدبياً أو صحياً . فالمدرس وهو يعلم التلميذ يجعله يثري إثراء عقلياً أو أدبياً أو صحياً . فالمدرس وهو يعلم التلميذ يجعله يثري إثراء عقلياً . والمحامي وهو يحصل على حكم ببراءة المتهم يجعله يثري إثراء عقلياً والمحامي وهو يحصل على حكم ببراءة المتهم يجعله يثري إثراء أدبياً . والطبيب وهو يشفي المريض يجعله يثري إثراء صحياً . فهل يصلح الإثراء المعنوي كالإثراء المادي ركناً لقاعدة الإثراء بلا سبب؟
ارتطمت هذه القاعدة هنا ، كما ارتطمت في الإثراء الناتج عن منفعة أو عن عمل وفي الإثراء غير المباشر ، بعقبات ما لبثت أن يذللها . فقد رأينا كيف أن النفقة في فرنسا كان يأبى أن يتحقق الإثراء عن طريق منفعة أو عمل ، ثم تطور فأجاز ذلك ، وتحررت قاعدة الإثراء من هذا القيد . ورأينا كيف أن النظرية الألمانية تأبي أن يكون الإثراء غير مباشر ، ولكن قاعدة الإثراء تحررت من هذا القيد أيضاً في فرنسا وفي مصر . وهنا كذلك نرى أن القانون الألماني والسويسري يشترطان في نصوصهما أن يكون الإثراء ذا قيمة مادية ( auf dessen kosten ) ، ونرى جانباً من الفقه في فرنسا يقول بهذا الرأي ( [16] ) . ولكن قاعدة الإثراء تحررت أيضاً من هذا القيد الثالث . وأصبح جمهور الفقهاء في مصر ( [17] ) وفي فرنسا ( [18] ) يقولون بجواز أن يكون الإثراء معنوياً ما دام من المستطاع أن يقدر بمال ، سواء في ذاته أو من ناحية الافتقار الذي يقابله ( [19] ) . وبهذا الرأي جرى القضاء في فرنسا ( [20] ) وفي مصر ( [21] ) .
( [1] ) أنظر محكمة الاستئناف المختلطة في 7 يونية المختلطة في 7 يونيه سنة 1928 م 40 ص 407 .
( [2] ) أنظر محكمة الاستئناف المختلطة في 21 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 85 .
( [3] ) أنظر محكمة الاستئناف المختلطة في 21 مارس سنة 1900 م 12 ص 170 .
( [4] ) ولم تخط قاعدة الإثراء بلا سبب هذه الخطوة إلا بعد تطور . فقد كان الفقه في فرنسا يشترط أن يتحقق الإثراء عن طريق إضافة حق إلى مال المدين ( أوبري ورو 9 فقرة 578 – ديموج 3 فقرة 150 – رينار ص 248 ) ) . ثم تطور فأجاز أن يكون الإثراء ناتجاً عن منفعة أو عمل ( بلانيول وريبير وإسمان 7 ص 48 ) .
( [5] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه ” إذا كانت المطالبة بأجر الأرض مؤسسة على أن المدعى عليه شغلها بغير حق وبذلك حرم مالكها المدعى من الانتفاع بها ، وكان واقع الحال أن المدعى عليه قد أدعى أن للمباني المشغولة بها الأرض حق البقاء والقرر عليها ورفض إزالتها ، ثم حكم بعدم حقه في ذلك وبوجوب الإزالة ، فإن المدعى يكون بهذا الحكم مستحقاً للتعويض عن فعل المدعى عليه بلا نظر إلى ادعائه عدم انتفاعه بالمباني بعض الزمن ، لأن المالك لم يتعهد له بهذا الانتفاع ، والأجر الذي يطلبه إنما هو في مقابل شغل أرضه بلا مسوغ قانوني لا في مقابل الانتفاع بالمباني . ولذلك يكون المدعي عليه مسئولاً عن أجر الأرض من يوم استحقاقه عليه إلى يوم إزالة المباني ” ( محكمة النقض في 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 ص رقم 70 ص 157 ) . وأنظر أيضاً في الإثراء عن طريق الانتفاع بالعين انتفاعاً مؤقتاً محكمة النقض الفرنسية في 11 ديسمبر سنة 1928 داللوز الأسبوعي 1929 – 18 .
( [6] ) أنظر محكمة الاستئناف المختلطة في 26 مايو سنة 1910 م 22 338 .
( [7] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المتجر الذي ينتفع بجهود شخص وبصلاته التجارية في الخارج يكون قد أثري على حسابه ( محكمة الاستئناف المختلطة في 4 مارس سنة 1925 م 37 ص 265 ) .
( [8] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه ” إذا اشترى أشخاص أرضاً ودفعوا ثمنها كاملاً للبائع ، ولم يلتزموا في عقدهم بدفع أي دين على الأرض . ثم اشترى شخص آخر باقي الأرض المملوكة للبائع ، ووجد أنها مرهونة هي والأرض المبيعة لسواه من قبل ، فسدد ما على الأرض كلها من ديون ، كان الذين اشتروا قبله ملزمين بأن يسددوا للمشتري المذكور ما دفعه عن أرضهم ، لأنه مع التسليم بعد الالتزام هؤلاء المشترين شخصياً بالدفع ، إلا إنهم قد استفادوا فعلاً من دفع صاحب الأرض المشتركة مع أرضهم في ضمان الدين . ولا يجوز أن يستفيدوا هذه الفائدة على حساب غيرهم بدون مقابل ، خصوصاً وان المشتري لم يكن متطوعاً في سداد ذلك الدين ، بل كان مجبراً على سداده ليدفع عن أرضه خطر نزع الملكية ، ولم يكن لديه وسيلة أخرى لدفع هذا الخطر ما دام أن الدين مضمون برهن غيره قابل للتجزئة على أرضه وأرض الباقين والقول بغير ذلك وبعدم التزام من اشتروا قبلا بدفع ما سدده عنهم المشتري الأخير من الدين المطلوب على أرضهم فيه كل معنى الإثراء على حساب الغير ، لأن الإثراء كما يكون بأخذ مبلغ بلا مقابل يكون أيضاً بتوفير مبلغ واجب الدفع ، لأن هذا التوفير يزيد من طريق غير مباشر في ثروة الملتزم بالدفع ، فبدلاً من أن تنقص تبقى كما هي ” ( محكمة الاستئناف مصر في 21 أبريل سنة 1935 المحاماة 16 رقم 75 ص 161 ) .
وقضت محكمة النقض بأن ” الكفيل الذي يضمن أحد المدينين المتضامنين يملك قبل من كفله منهم الحق في المطالبة بجميع ما دفعه عنه عملاً بالمادة 505 من القانون المدني ( م 800 جديد ) ، وليس له قبل المدينين الآخرين إلا أحد سبيلين ( الأول ) أن يستعمل باسم مكفولة حقه قبلهم في المطالبة بما يجوز له أن يرجع به عليهم وذلك عملاً بالمادة 141 من القانون المدني ( م 235 جديد ) . ( والثاني ) أن يرجع عليهم بدعوى الإثراء على حساب الغير عملاً بالمادة 144 ( م 179 جديد ) ( محكمة النقض في 7 يناير سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 24 ص 61 ) .
أنظر أيضاً في الإثراء عن طريق سداد دين المثري محكمة النقض الفرنسية في 12 فبراير سنة 1929 جازيت دي باليه 1929 –1 – 615 – وحكماً آخر في 4 يونية سنة 1924 داللوز 1926 – 1 – 102 .
( [9] ) ومثل ذلك أيضاً –من قضاء محكمة النقض –أن يتقدم ناظر وقف يطلب شراء أطيان بمال البدل المتجمد ، فيتقدم شخص محتسباً يعارض في إتمام الصفقة ، ويثبت أن الأطيان المراد شراؤها ليست ملكاً للبائع بل هي موقوفة ولا يصح التصرف فيها . فيثمر جهده فائدة كبرى لجهة الوقف إذ يقيه ضياع آلاف من الجنيهات كانت على وشك الضياع لو تم الاستبدال الذي عمل على منعه . فالشخص المحتسب هنا قد افتقر بقدر ما تكفله من مصروفات وأتعاب محاماة للوصول إلى النتيجة التي وصل إليها ، وجهة الوقف قد أثرت على حسابه بقدر ما جنيها من خسارة كانت على وشك تحملها . وتكون مطالبة هذا الشخص المحتسب لجهة الوقف بما تجشمه من مصروفات وأتعاب محاماة هي مطالبة ممن أفاد لمنتفع بما استفاد ، وتكون دعواه هي دعوى الإثراء بغير سبب ( محكمة النقض في 4 يونية سنة 1936 مجموعة 1 عمرا رقم 373 ص 1145 ) . أنظر أيضاً في الإثراء عن طريق تجنيب المثري خسارة أو التوفير عليه في مصروف محكمة النقض الفرنسية في 15 يناير سنة 1866 سيريه 1912 – 1 – 513 . وانظر في هذا المعني بودري وبارد 4 فقرة 2849 ( 18 ) – ديموج 3 فقرة 149 .
( [10] ) انظر في أمثلة أخرى من القضاء المصري محكمة استئناف مصر في 14 ديسمبر سنة 1922 المجموعة الرسمية 25 رقم 43 ( الراسي عليه المزاد أحدث إصلاحات في العين التي رسا مزادها عليه ) – محكمة الاستئناف المختلطة في 4 أبريل سنة 1907 م 19 ص 201 وفي 31 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 135 ( المستأجر الذي أبطل إيجاره أو فسخ أحدث إصلاحات في العين المؤجرة ) – محكمة الاستئناف المختلطة في 28 يناير سنة 1909 م 21 ص 139 وفي 26 مايو سنة 1910 م 22 ص 338 ( المهندس الذي قام بعمل مشروعات أو تصميمات ) – محكمة الاستئناف المختلطة في 4 مارس سنة 1925 م 37 ص 265 وفي 15 ديسمبر سنة 1926 جازيت 17 ص 42 وفي 10 يونية سنة 1942 م 54 ص 237 وفي أول مارس سنة 1944 م 56 ص 68 ( التاجر والمحامي والسمسار يؤدون خدمات دون سابق انفاق ) .
( [11] ) استئناف مختلط في 21 مارس سنة 1900 م 12 ص 170 ( وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) . أنظر أيضاً استئناف مختلط في 19 نوفمبر سنة 1896 م 9 ص 18 ( شخص ينتفع بنقود مملوكة لغيره دون عقد قر ) – استئناف مختلط في 9 مايو سنة 1912 م 24 ص 338 ( شخص يسكن عقاراً مملوكاً لغيره دون عقد إيجار ) .
( [12] ) وقد يكون الأجنبي المتدخل بعمل مادي هو ناظر الوقف يقترض مالاً دون إذن القاضي يدخل به تحسينات على العين الموقوفة فبطل القرض ويرجع المقرض على الوقف بدعوى الإثراء ( محكمة الاستئناف المختلطة في أول مارس سنة 1923 م 35 ص 259 ) وأنظر أيضاً استئناف مختلط في 12 يناير سنة 1905 م 17 ص 76 وفي 21 يناير سنة 1915 م 27 ص 133 وفي 9 أبريل سنة 1929 م 41 ص 345 . وانظر أيضاً استئناف مختلط في 2 يناير سنة 1896 م 8 ص 61 .
( [13] ) وللميكانيكي بداهة أن يرجع على المشتري الذي تعاقد معه على إصلاح السيارة بدعوى العقد .
( [14] ) أنظر مارافان ( Maravent ) في رسالته المنشورة في مجلة مصر المصرية سنة 1949 عدد يناير وفبراير ص 72 – هذا وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأنه ” إذا عرض المالك أرضه للتأجير بالمزاد ورسا مزادها على شخص دفع التأمين ، وبعد فوات المدة المسموح فيها بتقديم عطاءات جديدة زرع الأرض ثم آجرها المالك بناء على شرط في قائمة المزاد يسمح له بذلك ، كان المالك ملزماً بأن يرد إلى من رسا عليه المزاد قيمة ما صرفه في الزراعة لأنه زرع في أرضه بحسن نية ولأنه لا يجوز قانوناً الإثراء بلا مقابل . وإذا كان المالك سلم الأرض بما عليها من الزراعة إلى مستأجرة حق له أن يطالبه بما انتفع به من زرع غيره . أما الراسي عليه المزاد فلا علاقة له بالمستأجر حتى يطالبه بشيء ما ” ( استئناف أسيوط 21 ينايرسنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 39 ص 72 ) . وهذا يلاحظ هنا أن الإثراء في حالة رجوع الراسي عليه المزاد على المالك هو إثراء مباشر ، وفي حالة رجوع المالك على المستأجر هو إثراء غير مباشر بتدخل الراسي عليه المزاد عن طريق أعمال مادية أو أعمال قانونية وفقاً لطبيعة العمل الذي قام به الراسي عليه المزاد لزراعة الأرض .
وكالمستأجر للأرض الزراعية بغرس فيها زرعاً المقاول يقيم بناء على أرض مؤجرة تنفيذاً لعقد يتم بينه وبين المستأجر ، فيحق للمقاول الرجوع على المالك بدعوى الإثراء ، والإثراء هنا غير مباشر بتدخل من المستأجر عن طريق عمل قانوني هو العقد الذي تم بينه وبين المقاول ( أنظر محكمة مصر الابتدائية الوطنية في 21 نوفمبر سنة 1939 المحاماه 20 رقم 180 ص 470 ) . ودعوى الإثراء التي تعطي للمقاول في هذا القرض هي غير حق الامتياز الذي قرره القانون المدني الجديد للمقاولين ( قارن حكم محكمة الاستئناف المختلطة في 26 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 53 ) – ويلاحظ في هذه الأمثلة أن المؤجر لم يشترط في عقد الإيجار أن يكون البناء أو الغراس له عند نهاية الإيجار وإلا لكان لإثرائه سبب هو عقد الإيجار كما سيأتي .
( [15] ) محكمة الاستئناف المختلطة في 22 مايو سنة 1901 م 13 ص 327 . أما الفقه في مصر فكالقضاء يجير الإثراء غير المباشر ( والتون 2 ص 174 – ص 177 – الموجز للمؤلف فقرة 368 – حشمت أبو ستيت فقرة 537 ) . – ولا يجيز القانونان الألماني والسويسري الإثراء غير مباشر ( أنظر رسالة وسيوMosiou ص 121 – ص 123 وص 160 – ص 165 ) . والقانون المصري الجديد لم ينحرف عن تقاليد الماضية فهو ، كالقانون القديم ، يجير الإثراء غير المباشر ( أنظر في هذا الموضوع رسالة مارافان ص 71 – ص 74 وبخاصة آخر ص 74 ) .
( [16] ) رينار ( المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1920 ) ص 248 – بنكاز ( Bonnecase ) ملحق مبسوط بودري 3 ص 343 . ويلاحظ أن هذا الجانب من الفقه في فرنسا الذي يتول بهذا الرأي هو الجانب الذي ينظر إلى قاعدة الإثراء بلا سبب نظرة مادية على اعتبار أنه تنظم علاقة ذمة مالية أخرى ، لا نظرة ذاتية على اعتبار أنها تنظم واجبات الأفراد الأدبية بعضهم ببعض . ومن هذا الرأي الأخير الأستاذ ريبير في كتابه المعروف ” القاعدة الأدبية في الالتزامات ” وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
وتجدر الإشارة إلى أن بعض ضروب الإثراء المعنوي يمكن اعتباره ذا قيمة مادية ، كما في براءة المتهم وفي شفاء المريض .
( [17] ) والتون 2 ص 186 – الموجز للمؤلف فقرة 379 ص 387 – الدكتور حشمت في نظرية الالتزام فقرة 35 ص 390 – مارافان ( Maravent ) مجلة مصر المصرية سنة 1949 ص 59 – ص 61 .
( [18] ) بلانيول وريبير وإسمان 7 فقرة 753 ص 49 – رواست ( المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1922 ) ص 54 – ( Mosiou ) ص 197 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1267 – جوسران 2 فقرة 569 – ديموج 3 فقرة 150 ص 241 .
ويلاحظ أن الإثراء المعنوي في قاعدة الإثراء بلا سبب عاني من الصعوبات في الاعتراف به ما عاناه الضرر الأدبي ( prejudice moral ) في نظرية المسئول التقصيرية . على أن الضرر الأدبي قد أصبح الآن معترفاً به إلى حد أبعد من الحد الذي اعترف فيه بالإثراء المعنوي ( أنظر في هذا المعني ديموج 3 فقرة 150 ومارافان مجلة مصر المصرية سنة 1949 ص 60 ) . ويقول الأستاذ فرانسوا جوريه في كتابه في الإثراء على حساب الغير ( باريس ص 62 – ص 63 ) إن التعويض عن الضرر الأدبي في المسئولية التقصيرية أوسع مدى من التعويض عن الإثراء المعنوي في قاعدة الإثراء بلا سبب . ويعلل ذلك بأن التعويض في المسئولية التقصيرية ليس عديلاً ( equivalent ) عن الخسارة التي لحقت بالضرر ، بل عوض ( conipensation ) عن هذه الخسارة ؛أما في الإثراء بلا سبب فالتعويض هو عديل الإثراء لا عوض عنه . والعديل غير العوض ، إذا الخسارة الأدبية التي لا يمكن تقديرها بمال قد يكون لها عوض ول يكون لها عديل . فإذا لم يكن الإثراء المعنوي مما يمكن تقديره بمال تعذر أن يكون له عديل وإن جاز أن يكون له عوض ، فلا يصح أن يقوم ركناً في القاعدة الإثراء بلا سبب . ونحن نرى أن التمييز ما بين العديل والعوض في نظرية الإثراء بلا سبب دون نظرية المسئولية التقصيرية إنما يرجع إلى متخلف من نزعة الاستعصاء المألوفة التي تزال نظرية الإثراء بلا سبب تواجهها حتى اليوم .
( [19] ) أنظر بلانيول وريبير وإسمان 7 فقرة 753 ص 49 – مارافان مجلة مصر العصرية ص 61 .
( [20] ) محكمة النقض الفرنسية في 15 يولية سنة 1873 دالللوز 73 – 1 – 457 – وفي 13 يونية سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 596 – وفي 30 نوفمبر سنة 1908 داللوز 1912 – 1 – 217 – وفي ديسمبر سنة 1910 داللوز 1911 – 1 – 177 – وفي 11 ديسمبر سنة 1928 ص 181 – محكمة مونبلييه في 3 فبراير سنة 1869 داللوز 69 – 2 – 213 ( الأجر عن التدريس ف حالة إعسار والد التلميذ وسنرى في موضوع آخر أن إثراء التلميذ هنا له سبب قانوني ) – محكمة إكس في 20 ديسمبر سنة 1888 سيريه 90 – 2 – 25 ( تحسين حالة مريض في مستشفي الأمراض العقلية وكانت قواعد الفضالة هي المنطقية في هذه القضية ) .
( [21] ) محكمة الاستئناف المختلطة في 4 مارس سنة 1925 م 37 ص 265 ( الانتفاع بالصلات التجارية وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) – ومع ذلك أنظر حكماً لمحكمة طنطا الوطنية في 26 يونية سنة 1935 ( المحاماة 15 رقم 332 ص 407 ) تقول فيه : ” أما الإثراء الأدبي الذي يستتبع تحسين حالة فرد أو جماعة من ناحية أدبية احتمالية محضة فلا يعطي حقاً في دعوى الإثراء بلا سبب وإن كان القضاء الفرنسي قد أجاز أخيراً هذه الدعوى للدائن الذي زاد في ثروةالمدين العقلية والخلقية كالمربي ” .
ونحن لا نتردد في القبول بجواز أن يكون الإثراء معنوياً – وقد استعملنا لفظ المعنوي ” هنا بمعني فشمل الإثراء الصحي والجسمي ويعتبر هذا النوع من الإثراء عادة إثراء ذا قيمة مادية ، سواء في ظل القانون المدني القديم أو في ظل القانون المدني الجديد ( أنظر مارافان مجلة مصر العصرية من 61 حاشية رقم 6 ) . فلو أن بعثة للآثار وفقت إلى كشوف أثرية تزيح الغموض عن حقائق علمية وتاريخية ، وكان الاتفاق بينهما وبين مصلحة الآثار أن يكون لهذه المصلحة ملكية هذه الكشوف ، لجاز في رأينا أن يكون لدائني هذه البعثة الرجوع على مصلحة الآثار بما أثرت به من قيم معنوية –وهنا يمكن تقديرها بالمال – في حدود ما لهم من ديون في ذمة البعثة صرفت في القيام بهذه الكشوف الأثرية .
نقلا عن محامي أردني