الآثار التى تترتب على توجيه اليمين الحاسمة
289 – مسائل أربع : إذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم وفقاً للأحكام التى قدمناها ، لم يسع هذا الخصم إلا أحد أمرين : إما أن يحلف اليمين ، وإما أن يردها على من وجهها . فإذا لم يحلف اليمين أو يردها ، عد ناكلاً 552 خسر الدعوى ( [1] ) . فتوجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم يترتب عليه حتماً من جانب هذا الخصم أحد مواقف ثلاثة : ( 1 ) إما أن يحلف اليمين ( 2 ) وإما أن يردها على خصمه ( 3 ) وإما أن يمتنع عن الحلف والرد فيعد ناكلاً . ثم إن لحلف اليمين أو النكول عنها حجية حددها القانون .
فهذه مسائل أربع نتكلم فيها على التعاقب : ( 1 ) حلف اليمين الحاسمة ( 2 ) ردها ( 3 ) النكول عنها ( 4 ) حجيتها .
المطلب الأول
حلف الخصم لليمين الحاسمة
290 – كيفية الحلف : يجب على الخصم الذى وجعت غليه اليمين الحاسمة ، ولم يردها على خصمه ، أن يؤدى اليمين بنفسه ، لأن خصمه قد احتكم إلى ضميره ، فلا يصح أن يوكل غيره فى الحلف . وقد نصت المادة 183 من تقنين المرافعات على هذا الحكم صراحة فقالت : ” لا يجوز التوكيل فى تأدية اليمين ” . وإذا صح التوكيل فى تحليف اليمين ، فإن التوكيل فى حلفها لا يجوز ، كما قدمنا . وفى هذا المعنى تقول المادة 473 من التقنين المدنى العراقى : ” تجرى النيابة فى التحليف ، ولكن لا تجرى فى اليمين ” . ( انظر أيضاً المادة 132 من قانون البينات السورى ) .
وتأدية اليمين تكون بأن يقول الخصم : ” أحلف ” ( [2] ) ، ثم يذكر صيغة اليمين التى أقرتها المحكمة . فإذا كان دين الخصم يفرض أوضاعاً مقررة فى الحلف ، 553 جاز للخصم أن يطلب تأدية اليمين وفقاً لهذه الأوضاع ( [3] ) . وقد وردت هذه الأحكام صراحة فى تقنين المرافعات . فنصت المادة 180 من هذا التقنين على أن ” تكون تأدية اليمين بأن يقول الحالف أحلف ويذكر الصيغة التى أقرتها المحكمة ” . ونصت المادة 181 على أنه ” لمن يكلف حلف اليمين أن يؤديها وفقاً للأوضاع المقررة فى ديانته إذ طلب ذلك ” . ( انظر أيضاً المادتين 129 و 130 من قانون البينات السورى ) .
554
ويعتبر فى حلف الأخرس ونكوله إشارته المعهودة إن كان لا يعرف الكتابة ، فإن كان يعرفها فحلفه ونكوله بها ( م 182 مرافعات ) . وقد نصت المادة 478 من التقنين المدنى العراقى على أنه ” تعتبر يمين الأخرس ونكوله عن اليمين بإشارته المعهودة ” . ( [4] ) ( انظر أيضاً المادة 131 من قانون البينات السورى ) .
555
وإذا كان لمن وجهت إليه اليمين عذر يمنعه من الحضور ، انتقل المحكمة أو ندبت أحد قضاتها لتحليفه ( م 179 مرافعات ) .
ويحرر محضر بحلف اليمين ، يوقعه الحالف ورئيس المحكمة أو القاضى المنتدب والكاتب ( م 184 مرافعات ) ( [5] ) .
291 – ما يترتب على حلف اليمين الحاسمة – النصوص القانونية : تنص المادة 413 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤدها الخصم الذى وجهت إليه أو ردت عليه . على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائى ، فإن للخصم الذى أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض ، دون إخلال بما قد يكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صدر ضده ” ( [6] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 225 / 290 ( [7] ) .
556
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى قانون البينات السورى المادة 120 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 481 ، وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى المادة 234 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 402 ( [8] ) .
ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1363 ( [9] ) .
ويؤخذ من نص التقنين المدنى الجديد أن الخصم إذا حل اليمين الحاسمة ، انحسم النزاع نهائياً ، وخسر الخصم الذى وجه اليمين دعواه . ولا يجوز لهذا الخصم أن يعود إلى مخاصمة من حلف اليمين مرة أخرى فى نفس موضوع الحق ليثبت كذب اليمين ( [10] ) كما لا يجوز له أن يقدم أى وجه آخر للإثبات ( [11] ) .
557
وقد كانت المادة 225 / 290 من التقنين المدنى السابق تنص على أن ” التكليف باليمين يؤخذ منه أن طالبها ترك حقه فيما عداها من جميع أوجه الثبوت ( [12] ) ” . وكان الفقه والقضاء فى مصر ، فى ظل هذا النص من التقنين السابق ، لا يجيزان للمدعى ، إذا ثبت أن خصمه حلف كذباً ، أن يطالبه بالتعويض . ويثبت الحلف كذباً عادة فى دعوى جنائية تقام على الحالف . ذلك أن المادة 301 من قانون العقوبات تنص على أن ” من ألزم باليمين أو ردت عليه فى مواد مدينة ، وحلف كذباً ، يحكم عليه بالحبس ، ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى ” . وكان كل ما يستطيع الخصم الذى وجه اليمين إلى خصمه ، فحلف كذباً ، الانتفاع به من هذا النص ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، هو أن يبلغ ، كأى فرد عادى ، النيابة العامة عن وقوع جريمة حلف يمين كاذبة ، وأن يقدم للنيابة أدلة الإثبات على كذب اليمين بعد أن يكون قد عثر عليها ، بشرط ألا 558 تكون هذه الأدلة هى البينة أو القرائن إذا كانت قيمة المحلوف تزيد على عشرة جنيهات . والنيابة العامة هى التى ترفع الدعوى الجنائية إذا رأت وجهاً لذلك . أما الخصم الذى وجه اليمين فلا يجوز له أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة ، بل ولا أن يدخل مدعياً مدنياً فى الدعوى الجنائية التى ترفعها النيابة العامة . وحتى إذا صدر الحكم الجنائى بالإدانة فى الدعوى التى رفعتها النيابة العامة ، فلم يكن يجوز للخصم الذى وجه اليمين أن يستند إلى هذا الحكم ليطعن فى الحكم المدنى الذى صدر ضده بعد الحلف ، أو أن يرفع دعوى جديدة بحقه بعد أن ثبت كذب اليمين التى حلفها خصمه . بل لم يكن له أن يرفع دعوى تعويض مدنية عن هذه اليمين الكاذبة ، بالرغم من أن دعوى التعويض هذه هى غير دعواه الأولى التى خسرها ( [13] ) ، وكان ينبغى ألا يصطدم قبول سماعها بحجية الأمر 559 المقضى لاختلاف السبب والمحل ، ولا أن ترد باتفاق موهوم قيل باستخلاصه من توجيه اليمين على أساس أن توجيه اليمين صلح وهو ليس يصلح كما قدمنا ، أو على أساس أنه اتفاق على الإعفاء من المسئولية التقصيرية والإعفاء الاتفاقى من المسئولية التقصيرية باطل كما هو معروف .
وقد جاء التقنين المدنى الجديد يسير فى اتجاه آخر ، ويصلح من تطرف هذا الرأى . فهو إذا كان يقضى بأنه لا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذى وجهت إليه أو ردت عليه ( [14] ) ، فإنه من جهة أخرى ينص صراحة على جواز أن يحصل الخصم الذى وجه اليمين على تعويض إذا ثبت على من حلف اليمين بحكم جنائى أنه حلف كذباً . فيجوز إذن للخصم الذى وجه اليمين أن يبلغ النيابة العامة أن خصمه حلف اليمين كذباً ، كما كان يستطيع ذلك فى الماضى . ويجوز له فوق ذلك – وهذا ما لم يكن يستطيعه فى الماضى – إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائى ، أن يرفع دعوى مدنية مبتدأة بالتعويض أمام المحاكم المدنية بد صدور الحكم الجنائى . ولكن يبدو من ظاهر النص أنه لا يستطيع ، قبل ثبوت كذب اليمين بحكم جنائى ، أن يدعى مدنياً فى الدعوى الجنائية التى ترفعها النيابة العامة ، ولا يستطيع كذلك من باب أولى أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة . وعليه 560 أن يتربص حتى يصدر حكم جنائى نهائى بكذب اليمين ، ثم يرفع بعد ذلك دعوى التعويض أمام المحاكم المدنية ( [15] ) .
ولا يفتح له صدور الحكم الجنائى بكذب اليمين باباً جديداً للطعن فى الحكم المدنى الذى صدر ضده بعد حلف هذه اليمين . ولكن إذا كشف الحكم الجنائى عن وجه من وجوه التماس إعادة النظر فى هذا الحكم المدنى ، كأن أثبت أن الخصم الذى حلف اليمين الكاذبة قد وقع منه غش كان من شأنه التأثير فى الحكم المدنى ( م 417 أولا مرافعات ) ، أو كان سبباً فى الحصول على أوراق قاطعة فى الدعوى كان الخصم الذى حلف اليمين الكاذبة قد حال دون تقديمها ( م 417 رابعاً مرافعات ) ، فإنه يجوز للخصم الذى وجه اليمين أن يلتمس إعادة النظر فى الحكم المدنى إذا كان حكماً ابتدائياً ولم ينقض ميعاد الاستئناف . وهذا ما نصت عليه صراحة العبارة الأخيرة من المادة 413 من التقنين المدنى الجديد ، إذن وهى تجعل للخصم الذى وجه اليمين الحق فى ن يطالب بالتعويض ، تجعل له هذا الحق ” دون إخلال بما قد يكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صدر ضده ( [16] ) ” وهذا الحق فى الطعن على الحكم المدنى لم يكن موجوداً فى عهد التقنين المدنى 561 السابق ، وقد استحدثه التقنين المدنى الجديد هو والحق فى المطالبة بالتعويض بدعوى مبتدأة . لذلك لا تكون لهذه الأحكام المستحدثة أثر رجعى ، ولا تسرى إلى على يمين حاسمة صدر حكم بتوجيهها فى تاريخ غير سابق على 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ميعاد نفاذ التقنين المدنى الجديد ، فإن كان الحكم بتوجيه اليمين قد صدر قبل هذا التاريخ فالتقنين المدنى السابق هو الذى يسرى بأحكامه التى تقدم ذكرها .
المطلب الثانى
رد الخصم لليمين الحاسمة على خصمه
292 – النصوص القانونية : تنص الفقرة الثانية من المادة 410 562 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه . على أنه لا يجوز الرد إذا انصبت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان ، بل يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين ( [17] ) ” .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق للمادة 224 / 289 ( [18] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى قانون البينات السورى المادة 116 فقرة أولى ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 475 ، وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى المادة 233 ، وفى التقنين المدنى الليبى المادة 399 فقرة 2 ( [19] ) .
ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1362 ( [20] ) .
563
293 – متى يجوز رد اليمين : ويتبين من النص المتقدم الذكر أن اليمين يجوز ردها من الخصم متى وجهت إليه ، وذلك إذا لم يرد الحلف . فمن وجهت إليه اليمين يلتزم إذن التزاماً أصلياً بحلفها ، والتزاماً بدلياً بردها على خصمه . ويترتب على أن الالتزام بالرد هو التزام بدلى لا التزام تخييرى ( [21] ) أنه إذا وجهت اليمين إلى خصم فأصبح ملتزماً بالحلف أصلاً وبالرد بدلاً ، ثم استحال عليه تنفيذ الالتزام الأصلى وهو الحلف ، بأن مات أو أفلس أو حجر عليه ، فلا يصار إلى الالتزام البدلى وهو رد اليمين ، بل يسقط الالتزامان معاً – الحلف والرد – وتعود الحالة بين من وجه اليمين وورثة من وجهت إليهم إلى ما كانت عليه قبل توجيه اليمين ( [22] ) . ولو كان الالتزام بالرد التزاماً تخييرياً ، واستحال تنفيذ الالتزام الأصلى وهو الحلف ، لوجب تنفيذ الالتزام التخييرى ، ولاعتبرت اليمين مردودة على الخصم الذى وجهها ( [23] ) .
294 – شروط رد اليمين : ويشترط فى رد اليمين ما يشترط فى توجيهها ، إذ رد اليمين كتوجيهها تصرف قانونى بإرادة منفردة . فيشترط فى الرد إذن كمال أهلية التصرف ، والخلو من عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه ، والخلو من التواطؤ والصورية ، وصدور توكيل خاص إذا فوض الخصم غيره فى الرد . وقد سبق تفصيل ذلك عند الكلام فى توجيه اليمين . ويصبح الرد غير قابل 564 للرجوع فيه بمجرد قبول الخصم الذى ردت عليه اليمين أن يحلف ، وذلك كما فى توجيه اليمين .
ويشترط أيضاً أن يكون الرد واقعاً على نفس اليمين التى وجهت ، فيجب إذن أن يكون فى واقعة قانونية محددة غير مخالفة للقانون أو النظام العام أو الآداب وحاسمة فى الدعوى . ويشترط ، فوق ذلك ، أن يكون الرد فى واقعة يشترك فيها الخصمان ، فلا يجوز فى واقعة يستقل بها شخص من وجهت إليه اليمين . فإذا وهب رجل لابنه منزلاً واشترط عليه أن يتزوج فى خلال سنة وإلا فسخت الهبة ، ثم رفع دعوى على ابنه بالفسخ ووجه إليه اليمين الحاسمة على أنه تزوج فى خلال السنة ، فلي للابن إلا أن يحلف اليمين فيكسب الدعوى ، أو ينكل فيخسر . ولا يجوز له أن يرد اليمين على أبيه ، ويطلب منه أن يحلف هو على أن الابن لم يتزوج فى خلال السنة ، وذلك لأن واقعة الزواج هذه واقعة لا يشترك فيها الخصمان بل يستقل بها الابن وحده ، فلا يجوز رد اليمين فيها على الأب ( [24] ) . وقد قضت إحدى المحاكم بأنه إذا وجه الشفيع اليمين للمشترى فى خصوص مقدار ثمن المبيع ، فلا يجوز للمشترى أن يرد اليمين على الشفيع ، لأن هذا أجنبى عن الاتفاق الخاص بالثمن ، فلا يمكنه التأكد من حقيقة مقداره ( [25] ) .
565
295 – أثر رد اليمين : ومتى ردت اليمين ، أصبحت موجهة إلى من كان قد وجهها أول مرة . فينقلب الموقف ، ويصبح هذا هو الملتزم بالحلف ، ثم لا يجوز له رد اليمين ثانية على من ردها عليه ، وإلا لدرنا فى حلقة مفرغة وأجزنا الرد إلى ما لا نهاية . فإن حلف كسب الدعوى ، وإن لم يحلف عدنا كلا وخسر دعواه . ويجرى فى كيفية الحلف وفيما يترتب من الأثر على الحلف والنكول ، فى حالة الرد ، ما يجرى فى حالة توجيه اليمين .
على أن كل هذا مشروط بأن يكون الرد واقعاً على نفس اليمين التى وجهت أولاً كما قدمنا . فإذا عدلت اليمين المردودة ، كان الرد توجيهاً ليمين جديدة يجوز ردها ثانية . مثل ذلك أن يوجه المدعى اليمين إلى المدعى عليه على أنه ليس فى ذمته الدين المدعى به ، فيرد المدعى عليه اليمين معدلاً ، وبدلاً من أن يطلب من المدعى أن يحلف هو على أن الدين فى ذمة المدعى عليه ، يطلب منه الحلف على أنه لم تقع مقاصة بين الدين والمدعى به وحق يقابله فى ذمة المدعى . فإن رد المدعى عليه اليمين معدلة على هذا النحو ، يكون قد اعترف بأن الدين قد قام ابتداء فى ذمته ولكنه انقضى بعد ذلك بالمقاصة . ولما كان هو المطالب بتقديم الدليل على وقوع المقاصة ، ولا دليل عنده على ذلك ، فهو يوجه يميناً أخرى 566 جديدة إلى المدعى في خصوص وقوعها . ويجوز عندئذ للمدعى أن يرد اليمين الجديدة على المدعى عليه ليحلف أن له حقاً تقع به المقاصة ( [26] ) .
المطلب الثالث
النكول عن اليمين الحاسمة
296 – النصوص القانونية : تنص المادة 414 من التقنين المدني على ما يأتي :
” كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه ، وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها ، خسر دعواه ( [27] ) ” .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في قانون البينات السوري المادة 119 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 480 ، وفي تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة 232 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 403 ( [28] ) .
567
ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1361 ( [29] ) .
297 – ممن يقع النكول : ويتبين من نص التقنين المدنى المصرى أن النكول إما أن يقع ممن وجهت إليه اليمين ابتداء ، فلا يردها على خصمه ولا يحلف فيعتبر ناكلا . وإما أن يقع ممن ردت عليه اليمين ، وقد رأينا أنه لا يستطيع ردها ، فإذا لم يحلفها اعتبر ناكلاً .
298 – كيف يقع النكول : ويقع النكول بعدم الحلف حين يجب الحلف . فالنكول إذن موقف سلبى . وقد نظمه تقنين المرافعات فى المادتين 177 و 178 ( [30] ) . فميز بين ما إذا كان الحكم بالتحليف قد صدر فى حضور الخصم المكلف بالحلف ، أو صدر وهو غائب .
فإن صدر الحكم وهو حاضر – سواء أكان قد نازع فى جواز اليمين أو فى تعلقها بالدعوى ورفضت المحكمة منازعته أم لم ينازع فى ذلك – فإن صيغة اليمين تكون مبينة فى منطوق الحكم ، ويجب على الخصم أن يحلفها فوراً أو يردها على خصمه ، فإن سكت عن الحلف والرد اعتبر ناكلاً . ويجوز مع ذلك أن تعين المحكمة فى حكمها يوماً معيناً للحلف ، ويعتبر نطقها بالحكم إعلاناً للخصوم على شرط أن يكون ثابتاً بمحضر الجلسة أو الحكم أن المكلف باليمن حاضر شخصياً وقت النطق بالحكم . ويراعى فى تجديد جلسة الحلف ميعاد التكليف 568 بالحضور ، ما لم يقبل المكلف بالحلف ميعاداً أقصر ويكون قبوله هذا مدوناً بمحضر الجلسة ( [31] ) . وحضور الوكيل يغنى عن حضور المكلف باليمين ، إذا كان هذا الوكيل ممن يصح إعلان الأصيل فى مواجهته ( [32] ) .
569
وإن كان صدر الحكم بالتحليف فى غيبة المكلف بالحلف ، وجب تكليفه بالحضور على يد محضر لحلف اليمين بالصيغة التى أقرتها المحكمة وفى اليوم الذى حددته . فإن حضر وامتنع عن الحلف والرد دون أن ينازع ، اعتبر ناكلاً . وإن تغيب ، تنظر المحكمة فى سبب غيابه ، فإن اعتبرته عذراً شرعياً جاز لها أن تحدد جلسة أخرى لحلف اليمين ، وإلا اعتبرت غيابة دون عذر شرعى نكولاً ( [33] ) .
299 – أثر النكول : والنكول يكون بمثابة إقرار ، كما قدمنا ، وتكييفه هو تكييف الإقرار . فإذا نكل الخصم على الوجه المتقدم ذكره ، لم يجز له بعد ذلك أن يطلب السماح له بالحلف من جديد ، بل يحكم عليه عقب نكوله . فإن كان من نكل هو من وجهت إليه اليمين ، كسب من وجه اليمين دعواه . وإن كانت اليمين قد ردت على الخصم الذى وجهها ونكل هذا ، خسر دعواه ، فالدعوى التى يحلف عليها يكسبها المدعى بنكول خصمه ، ويخسرها برد اليمين عليه ونكوله ( [34] ) .
ويكون الحكم على من نكل مانعاً للمحكوم عليه بعد ذلك أن يثبت صحة الواقعة التى نكل فيها عن الحلف ( [35] ) و( [36] ) .
570
المطلب الرابع
حجية اليمين الحاسمة
300 – حجية اليمين الحاسمة من حيث الحلف : اليمين الحاسمة ، كالإقرار ، حجيتها قاصر ، كما قدمنا ، سواء فى ذلك عند الحلف أو عند النكول .
أما من حيث الحلف ، فمن وجه اليمين واحتكم بذلك إلى ذمة خصمنه ، كان أثر هذا الاحتكام قاصراً عليه هو وورثته بصفتهم خلفاً عاماً له .
571
ولا يتعدى هذا الأثر إلى غير الخصم وورثته . فلا يتعدى إلى الشريك أو الورثة فيا بينهم أو المدين المتضامن . فلو وجه أحد الشركاء فى الشيوع اليمين إلى مدعى استحقاق الملك الشائع ، وحلف هذا ، كانت اليمين حجة على الشريك الذى وجه اليمين دون غيره من الشركاء . ولو وجه أحد الورثة اليمين إلى دائن التركة وحلف ، كانت اليمين حجة على الوارث الذى وجه اليمين دون غيره من الورثة . ولو وجه أحد المدينين المتضامين اليمين إلى الدائن وحلف ، كانت اليمين حجة على المدين الذى وجه اليمين دون غيره من المدينين ( م 295 فقرة 2 مدنى ) .
وإذا ادعى شخص ديناً على آخر ، فوجه المدعى عليه اليمين إلى المدعى فحلف ، كانت اليمين حجة على من وجهها ، ولا تكون حجة على دائنيه إذا طعنوا فى اليمين بالتطواطؤ . وإذا تنازع شخصان على عقار ، وباع أحدهما هذا العقار ، ثم وجه اليمين للمتنازع معه فحلف ، كانت اليمن حجة على من وجهها دون المشترى منه . أما إذا كان حلف اليمين قبل البيع ، كانت اليمين حجة على المشترى ( [37] ) .
301 – حجية اليمين الحاسمة من حيث النكول : وأما من حيث النكول فحجية اليمين قاصرة قصورها من حيث الحلف . فمن نكل من الشركاء فى الشيوع ، كان نكوله حجة عليه دون سائر الشركاء . ومن نكل من الورثة ، كان نكوله حجة عليه دون سائر الورثة . ومن نكل من المدينين المتضامنين ، كان نكوله حجة عليه دون سائر المدينين ( م 295 فقرة 2 مدنى ) .
302 – تعارض قصور حجية اليمين مع قواعد أخرى : ولكن قد تتعارض القاعدة التى تقضى بقصور حجية اليمين مع قواعد أخرى ، فتتعدى 572 عند ذلك حجية اليمين . من ذلك أثر القاعدة التى تقضى بأن عمل احد المدينين المتضامنين يفيد الباقين . وقد قضت الفقرة الثالثة من المادة 295 مدنى بأنه ” إذا اقتصر الدائن على توجيه اليمين إلى أحد المدينين المتضامين فحلف ، فإن المدينين الآخرين يستفيدون من ذلك ” . فهنا تعدت حجية اليمين إلى سائر المدينين المتضامنين ( [38] ) . ومن ذلك القاعدة التى تقضى بارتباط التزام الكفيل بالتزام الأصيل . فاليمين التى توجه إلى المدين الأصلى فيحلفها تبرئ ذمة الكفيل ، وكذلك اليمين التى توجه إلى الكفيل فى أصل الدين لا فى الكفالة فيحلفها تبرئ ذمة الأصيل ( [39] ) .
( [1] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكم الذى يوجه اليمين يجب أن يقضى بقبول أو رفض الدعوى فى حالة الحلف أو عدم الحلف ، فهو حكم معلق على شرط فى كل من الشقين ( 17 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 90 – 6 فبراير سنة 1936 م 48 ص 113 ) .
( [2] ) ولا يجوز التحليف بصيغة الطلاق ، فإن الحلف بهذه الصيغة يتعدى أثره إلى الزوجة والأولاد . وقد قضت محكمة طنطا الكلية بأن توجيه اليمين بصيغة الطلاق يخالف القانون ، وذلك لأن قانون المرافعات لم يسمح للخصم الذى يكلف خصمه باليمين إلا أن يقدم صيغة الواقعة التى يريد الاستحلاف عليها ، وقد جرى العرف فى القضاء الأهلى بأن تكون اليمين بصيغة ” أقسم أو أحلف بالله العظيم ” ، وحكمة هذا هو الشعور بجلال المحلوف به وبرهبته وخشية العقاب . واليمين بصيغة الطلاق ليس فيها شئ من حكمة اليمين ، ويتعدى أثرها إلى الغير ( الزوجة والأولاد ) ، فى أضعف من اليمين بالله قوة ، وهى تضر الغير إذا كان الحالف حانثاً ( 10 سبتمبر سنة 1919 المحاماة 1 رقم 31 ص 196 ) .
( [3] ) كذلك يجوز للخصم الذى وجه اليمين أن يطلب من خصمه أن يضع يده على ما يعتبر فى دينه الكتاب المقدس ، إمعاناً فى إشعاره بجلالة الموقف وبخطر اليمين . وقد قضت محكمة بنى سويف الجزئية بأنه لا مانع يمنع الخصم عند توجيه اليمين الحاسمة لخصمه من أن يطلب منه أن يضع يده على المصحف أو الإنجيل أو التوراة وقت الحلف ، فإذا قبل الخصم حلف اليمين ورفض وضع يديه على الكتاب عد ناكلاً عن اليمين ( 30 نوفمبر سنة 1920 المحاماة 1 رقم 100 ص 490 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الإسكندرية الكلية بأن وضع اليد على مصحف خاص معروف بالبتوكية ، وعليه فمن يرفض حلف اليمين على هذه الصورة لا يعد ناكلاً عن اليمين ، ( 14 يونيه سنة 1921 المحاماة 2 رقم 71 ص 227 – قارن محكمة النقض الفرنسية فى قضايا الحالف فيها مسلم من الجزائر : 6 نوفمبر سنة 1934 داللوز الأسبوعى 1934 – 585 – 4 مايو سنة 1936 – داللوز الأسبوعى 1936 332 – 20 أكتوبر سنة 1940 سيريه فهرست 1940 لفظ الجزائر Algerie فقرة 3 – أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون المدنى 4 Preuve فقرة 1061 ) .
وكان تقنين المرافعات المختلط ( م 190 ) يوجب رفع اليد اليمنى عند القسم . أما التقنين الوطنى فلم يكن يوجب ذلك ، وجرى العمل فى المحاكم الوطنية على أن يقسم الحالف ” بالله العظيم ” .
وقد رأينا أنه إذا كان دين من يحلف يفرض عليه ألا يقسم باسم الله ، بل يقتصر على التأكيد باسم الذمة والضمير ، جاز له أن يكتفى بذلك ما دام مثل هذا التأكيد يعتبر يميناً فى دينه . ولكن لا يلزم الخصم باتباع أوضاع دينه فى الحلف إذا عرض أن يحلف وفقاً للأوضاع المدنية . ( انظر أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون المدنى 4 لفظ Preuve فقرة 1062 وفقرة 1065 ) .
أما كيفية الحلف فى الفقه الإسلامى فقد جاء فى شأنه فى البدائع ما يأتى : ” وقال مشايخنا ينظر إلى حال الحالف ، إن كان ممن لا يخاف منه الاجتراء على الله تعالى باليمين الكاذبة ، يكتفى فيه بالله عز وجل من غير تغليط . وإن كان ممن يحلف ذلك تغلظ ، لأن من العوام من لا يبالى عن الحلف بالله عز وجل كاذباً فإذا غلظ عليه اليمين يمتنع . وقال بعضهم إن كان المال المدعى يسيراً يكتفى فيه بالله عز وجل ، وإن كان كثيراً يغلظ . وصفة التغليظ أن يقول : والله الذى لا إله إلا الله هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذى يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، ونحو ذلك مما يعد تغليظاً فى اليمين . وإن كان الحالف كافراً ، فإنه يحلف كافراً ، فإنه يحلف بالله عز وجل أيضاً ، ذمياً كان أو مشركاً ، لأن المشركين لا ينكروه الصانع ، قال الله تبارك وتعالى جل شأنه : ” ولئن سألتم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ” ، فيعظمون اسم الله تعالى عز شأنه ويعتقدون حرمة الإله . . . وإن رأى القاضى ما يكون تغليظاً فى دينه فعل ، لما روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ على ابن صوريا ، دل أن كل ذلك سائغ ، فيغلظ على اليهودى بلله تعالى عز وجل الذى أنزل التوراة على سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ، وعلى النصرانى بالله الذى أنزل الإنجيل على سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ، وعلى المجوسى الله الذى خلق النار . . . وكذلك لا يجب تغليط اليمين على المسلم بزمان ولا مكان عندنا . وقال الشافعى رحمه الله : إن كان بالمدينة يحلف عند المنبر ، وإن كان بمكة يحلف عند الميزاب ، ويحلف بعد العصر . والصحيح قولنا ، لما روينا من الحديث المشهور وهو قوله عليه الصلاة والسلام : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه . مطلقاً عن الزمان والمكان . وروى أنه اختصم زيد بن ثابت وابن مطيع فى دار إلى مروان بن الحكم ، فضى على زيد بن ثابت باليمين عند المنبر ، فقال له زيد أحلف له مكانى ، فقال له مروان لا والله إلا عند مقاطع الحقوق ، فجعل زيد يحلف إن حقه لحق وأبى أن يحلف عند المنبر ، فجعل مروان يعجب من ذلك ، ولو كان ذلك لازماً لما احتمل أن يأباه زيد بن ثابت . ولأن تخصيص التحليف بمكان وزمان تعظيم غير اسم الله تبارك وتعالى ، وفيه معنى الإشراك فى التعظيم ” . ( البدائع 6 ص 227 – ص 228 ) . وجاء فى البحر الرائق فى صدد الحليف بالطلاق ما يأتى : ” وفى الحانية وإن أرد المدعى تحليفه بالطلاق والعتاق فى ظاهر الرواية لا يجيبه القاضى إلى ذلك ، لأن التحليف بالطلاق والعتاق حرام ، ومنهم ن جوزه فى زماننا ، والصحيح ما فى ظاهر الرواية اهـ . وفى كتاب الحظر والإباحة من التتارخانية والفتوى على عدم التحليف بالطلاق والعتاق اهـ . وفى منية المفتى لم يحزه أكثر مشايخنا ، وإن مست إليه الضرورة يفتى أن الرأى فيه للقاضى اتباعاً للبعض اهـ . وفى خزانة المفتين كما فى منية المفتى ، وزاد فلو حلفه القاضى بالطلاق فنكل ، وقضى بالمال ، لا ينفذ قضاؤه على قول الأكثر ” . ( البحر الرائق 7 ص 213 ) .
( [4] ) ونصت المادة 474 من التقنين المدنى العراقى على أنه ” إذا اجتمعت طلبات مختلفة فى دعوى واحدة ، يكفى فيها يمين واحدة ، ولا يلزم التحليف لكل منها على حدة ” ( انظر أيضاً المادة 115 من قانون البينات السورى ) . وهذا أحكام تسرى فى القانون المصرى دون نص ، لأنها تتفق مع القواعد العامة .
( [5] ) ويجب أداء اليمين بنفس الصيغة التى طلبت بها ، وكل تعديل فى هذه الصيغة يمكن اعتباره نكولاً ، وعلى ذلك إذا طلب من الخصم اليمين على أنه دفع مائة وعشرين ، ولكنه عند أدائها حلف بأنه دفع خمسة وسبعين فقط ، اعتبر هذا التعديل نكولاً عن اليمين ( الأقصر 25 مارس سنة 1907 المجموعة الرسمية 8 رقم 71 ) . كذلك لا يجوز التحفظ فى الحلف ، كأن يضيف الحالف عبارة تفيد أنه يقرر الواقع بقدر ما تعيه ذاكرته أو بقدر ما يعلم ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1915 م 27 ص 405 – أوبرى ورو 12 فقرة 753 ص 151 وهامش رقم 44 ) . ولا يجوز الامتناع عن الحلف حتى لو دفع من وجهت غليه اليمين بعدم اختصاص المحكمة ، فما عليه إلا أن يستأنف حكم الاختصاص حتى لا يعتبر حلفه بعد ذلك رضاء ضمنياً باختصاص المحكمة ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1917 م 29 ص 485 ) . ولا يمنع حلف اليمين حالفها من أن يستأنف الحكم بتوجهها ( استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1930 م 42 ص 318 ) .
( [6] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 511 من المشروع التمهيدى على الوجه الذى استقر عليه فى التقنين الجديد ، فيما عدا تحويراً لفظياً . وزال كل فرق لفظى فى لجنة المراجعة ، وأصبح رقم المادة 426 من المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 413 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 455 وص 457 ) .
( [7] ) وكانت المادة 225 / 290 من التقنين المدنى السابق تجرى على الوجه الآتى : ” التكليف باليمين يؤخذ منه أن طالبها ترك حقه فيما عداها من جميع أوجه الثبوت ” .
( [8] ) التقننيات المدنية العربية الأخرى : قانون البينات السورى م 120 : ” 1 – توجيه اليمين يتضمن التنازل عما عداها من البينات بالنسبة إلى الواقعة التى ترد عليها ، فلا يجوز للخصم أن يثبت كذب اليمين بعد أن يؤديها الخصم الذى وجهت إليه أو ردت عليه . 2 – على أنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائى ، فإن للخصم الذى أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض ، دون إخلال بما قد يكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صد ضده بسبب اليمين الكاذبة ” . وهذا النص يتفق فى أحكامه مع التقنين المصرى .
التقنين المدى العراقى م 481 : تكاد تكون مطابقة لنص التقنين المصرى ، وهى مطابقة فى الحكم .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 234 : إذا حلف الفريق الذى كلف اليمين أو الذى ردت عليه ، فلا تقبل من خصمه إقامة البرهان على كذب يمينه . على أنه إذا ثبت كذب اليمين بمقتضى قرار جزائى ، حق للفريق المتضرر أن يطالب ببدل العطل والضرر ، وهذا لا يحول دون الطعن فى الحكم بطرق المراجعة القانونية الممكنة . ( وهذا النص يطابق فى حكمه نص التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى للمملكة الليبية المتحدة م 402 : مطابقة لنص التقنين المصرى .
( [9] ) التقنين المدنى الفرنسى م 1363 : إذا أديت اليمين الموجهة أو المردودة ، فلا يقبل من الخصم الآخر أن يثبت كذب هذه اليمين .
( [10] ) ولكن هذا لا يمنع من الطعن فى الحكم الذى صدر بالتحليف بوجوه تتعلق بصحة توجيه اليمين وبصحة الحلف وبغير ذلك مما يتعلق باليمين ذاتها وما يسرى عليها من أحكام . مثل ذلك أن يتمسك بنقص أهليته وقت حلف اليمين أو بعيب من عيوب الإرادة . وفى هذه الأحوال يلغى الحكم بتوجيه اليمين ، ويترتب على ذلك بطلان الحلف ( الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات ص 220 هامش رقم 1 ) .
( [11] ) وفى الفقه الإسلامى لا تجوز البينة بعد حلف اليمين إلا لعذر على قول خليل فى المذهب المالكى . جاء فى الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل : ” وإن أنكر المدعى عليه أى أجاب بالإنكار ، قال القاضى للمدعى ألك بينة ، فإن قال نعم أمره بإحضارها وأعذر للمدعى عليه فيها كما يأتى . فإن نفاها بأن قال لا بينة لى ، واستحلفه أى طلب المدعى تحليفه ، وحلفن فلا بينة تقبل للمدعى بعد ذلك ، إلا لعذر كنسيان حين تحليفه خصمه وحلف أنه نسيها ، وأدخلت الكاف عدم علمه بها ثم علم ، كذا إذا ظن أنها لا تشهد له ، أو أنها ماتت ، فله القيام بها إن حلف على ذلك . فلو شرط المدعى عليه على المدعى عدم القيام ببينة يدعى نسيانها أو عدم علمه بها وفى له بشرطه ” . ( حاشية الدسوقى على الشرح الكبير 4 ص 146 ) . ولكن جمهور الفقهاء على أن البينة تجوز بعد حلف اليمين ، وقد جاء فى البدائع فى هذا المعنى : ” وأما حكم أدائه فهو انقطاع الخصومة للحال لا مطلقاٌ ، بل مؤقتاً إلى غاية إحضار البينة عند عامة العلماء . وقال بعضهم حكمه انقطاع الخصومة على الإطلاق ، حتى لو أقام المدعى البينة بعد يمين المدعى عليه قبلت بينته عند العامة ، وعند بعضهم لا تقبل لأنه لو أقام البينة لا تبقى له ولاية الاستحلاف فكذا إذا استحلف لا يبقى له ولاية إقامة البينة والجامع أن حقه فى أحدهما فلا يملك الجمع بينهما . والصحيح قول العامة ، لأن البينة هى الأصل فى الحجة لأنها كلام الأجنبى ، فأما اليمين فكالخلف عن البينة لأنها كلام الخصم صير إليها للضرورة ، فإذا جاء الأصل انتهى حكم الخلف فكأنه لم يوجد أصلاً ” . ( البدائع 6 ص 229 ) .
ويستخلص من ذلك ، كما يقول الأستاذ أحمد إبراهيم ، أن اليمين فى الفقه الإسلامى كالإقرار ” ليست طريقاً للقضاء ، لأن المنكر إذا حلف وعجز المدعى عن البينة ، يترك المدعى فى يديه لعدم قدرة المدعى على إثباته ، لا قضاء بيمينه . ولذا لو جاء المدعى بعد ذلك بالبينة يقضى له بها ولو كان ترك المال فى يد قضاء له به لم ينقض ” . ( طرق القضاء فى الشريعة الإسلامية ص 7 ) .
( [12] ) وقد قدمنا أن المادة 166 / 187 من تقنين المرافعات القديم كانت أيضاً تنص على أنه : ” لا يكون التحليف من باب الاحتياط باليمين الحاسمة ، لأن التكليف بتلك اليمين يفيد ترك ما عداها من أوجه الثبوت للمادة المراد الاستحلاف عليها ” .
( [13] ) وقد كان هذا هو الرأى السائد فى الفقه والقضاء فى عهد التقنين المدنى السابق : الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة 2 ص 41 – ص 43 – الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات جزء 2 فقرة 557 – دى هلتس 4 ص 178 فقرة 43 – الأستاذ أحمد أمين فى شرح قانون العقوبات ص 515 . وقد قضت دائرة النقض الجنائية بأن الخصم الذى يوجه إلى خصمه اليمين الحاسمة فى دعوى مدنية يعتبر أنه تنازل عن كل حقوقه إذا حلف خصمه اليمين ، سواء أكان كاذباً أم صادقاً ، ولا يجوز حينئذ لمن وجه اليمين أن يرفع مباشرة دعوى اليمين الكاذبة على خصمه ، والنيابة التى لها وحدها الحق فى رفع الدعوى فى هذه الحالة لا يمكنها أن تبدى طلبات البتة فى الدعوى المرفوعة مباشرة بغير حق ، وإنما لها فقط أن ترفع دعوى خاصة ( 13 أبريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 69 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا وجه أحد الخصوم اليمين الحاسمة إلى خصمه فحلفها حانثاً فيها ، ثم رفعت النيابة الدعوى العمومية على الحالف ، فليس لمن وجه اليمين أن يعيد دعواه المدنية بأى حال من الأحوال ، ولو من طريق المطالبة بتعويض كمدع بحق مدنى ( 6 نوفمبر سنة 1924 المجموعة الرسمية 27 رقم 26 ) – انظر أيضاً : نقض جنائى 3 مايو سنة 1949 المحاماة 30 رقم 144 ص 115 – استئناف أهلى 2 مايو سنة 1903 الحقوق 28 ص 212 – أسيوط استئنافى 28 يوليه سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 54 – ملوى 30 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 106 الأقصر 6 مارس سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 رقم 9 – 16 مارس سنة 1916 المجموعة الرسمية 18 رقم 11 – قنا الجزئية 6 يوليه سنة 1918 المجموعة الرسمية 20 رقم 35 – 5 يوليه سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 ص 155 – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1916 م 28 ص 221 – 8 فبراير سنة 1940 م 52 ص 125 – انظر أيضاً فى الفقه الفرنسى : أوبرى ورو 12 فقرة 753 ص 153 – ص 154 ورده على ديرانتون ( وهو يقول برأى عكسى : ديرانتون 13 فقرة 600 ) . فى فقرة 753 هامش رقم 45 .
وقد كنا ، فى عهد التقنين المدنى السابق ، من المعترضين على هذا الرأى ، وكتبنا فى الموجز فى هذا الصدد ما يأتى : ” على أنه من السهل أن يؤخذ على هذا الرأى أنه يخلط بين حق المدعى الأصلى الذى تنازل عنه فلا يجوز أن يعود إلى المطالبة به ، وبين حق المدعى فى التعويض عن جريمة ارتكبها خصمه بحلفه كذباً ، وهذا حق له مصدر مستقل عن مصدر الحق الأصلى ولم يتنازل عنه المدعى حتى يمتنع من المطالبة به ” ( الموجز فقرة 665 ص 693 ) . وقال أيضاً فتحى زغلول فى شرح القانون المدنى ( ص 421 ) : ” وعلى ذلك يجوز الطعن على الحالف بأنه حلف كذباً ، فإذا ثبت عليه كذبه ، عوقب ، ولزمه الحق الذى حلف على إنكاره على سبيل التعويض ” . وقضى بهذا الرأى حكم صدر من محكمة أسيوط الكلية يقرر أنه يجوز لمن وجه اليمين الحاسمة لخصمه أن يثبت كذبها بدخوله مدعياً بحق مدنى فى دعوى اليمين الكاذبة التى تقيمها النيابة العامة على من أداها ( 28 يونيه سنة 1915 المجموعة الرسمية 18 ص 87 ) .
( [14] ) ” وهذا الحكم – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى – ليس إلا نتيجة لازمة لضرورة الترخيص بتوجيه اليمين من القاضى . وليس الإثبات باليمين من طرق الإثبات العادية ، بل هو طريق اضطرارى تملى العدالة وجوب الركون إليه ، ويخول من يعوزه الدليل المقرر وسيلة لإثبات ادعائه . والواقع أن اليمين تنصب على ادعاء الخصم ، وهو إنكار ادعاء من يوجه اليمين ، وذلك بسبب صيغتها الشخصية . ولإثبات كذب اليمين يتعين على من وجهها أن يقيم الدليل بالطرق المقررة على ادعائه ، والمفروض أنها لا تقبل إلا عند انتفاء كل دليل مقرر ” ص ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4553 – ص 456 ) .
( [15] ) انظر فى هذا المعنى الأستاذ على زكى العرابى فى الإجراءات الجنائية جزء أول فقرة 243 ( وإن كان يورد قضاء صدر فى عهد التقنين المدنى السابق ) – وانظر محكمة الزقازيق 10 نوفمبر سنة 1952 المحاماة 34 رقم 44 ص 56 . على أن عبارة المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى قد يفهم منها عكس هذا الرأى ، وأنها تؤيد جواز ” المطالبة بالتعويض فى خلال دعوى جنائية بشأن كذب اليمين ” ، وكذلك ” جواز ادعاء المضرور مدنياً فى حالة اليمين الكاذبة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 456 – وانظر النص الفرنسى للمذكرة الإيضاحية جزء 2 ص 722 ) . ويمكن القول ، لتوجيه هذا الرأى ، أن النص يجيز للخصم أن يطالب بالتعويض عند ثبوت كذب اليمين بحكم جنائى : فعلى أية صورة تكون المطالبة بالتعويض – دعوى مدنية مستقلة أو ادعاء مدنى فى خلال دعوى جنائية أو دعوى جنحة مباشرة – تكون الدعوى مقبولة بشرط أن يثبت كذب اليمين بحكم جنائى ، ولا يحكم بالتعويض فيه إلا عند تحقق هذا الثبوت .
( [16] ) والشق الثنى من المادة 413 من التقنين المدنى – وهو القاضى بأنه إذا ثبت كذب اليمين بحكم جنائى فإن للخصم الذى أصبه اضرر منها أن يطالبه بالتعويض دون إخلال بما قد يكون له من حق فى الطعن على الحكم الذى صدر ضده – مأخوذ من المشروع الفرنسى الإيطالى ( م 316 – وانظر أيضاً التقنين المدنى البرتغالى م 2527 فقرة 2 ) . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى خصوص هذا الشق الثانى ما يأتى : : ” أما الشق الثانى فهو نتيجة لطبيعة اليمين ، لأنها ليست تعاقداً أو صلحاً ، بل نظاماً من نظم العدالة . وقد استقر الفقه والقضاء على اعتبار اليمين الحاسمة صلحاً ، وفرعاً على عدم شل الآثار التى تترتب على توجيهها وأدائها من طرق الادعاء مدنياً والمطالبة بتعويض فى خلال دعوى جنائية بشأن كذب اليمين ، أو من طريق الطعن فى الحكم بالطرق المقررة لهذا الغرض . ولما كانت اليمين ليست من التعاقد أو الصلح فى شئ فيجب عدم إقرار النتائج التى تقدمت الإشارة إليها . ولذلك نص فى الشق الثانى . . . وهو مطابق للمادة 316 من المشروع الفرنسى الإيطالى ، على جواز ادعاء المضرور مدنياً فى حالة اليمين الكاذبة دون إخلال بما قد يكون من الحق فى الطعن فى الحكم . ويراعى أن الضرر الحادث من جراء رفض الدعوى ليس سببه توجيه اليمين ، كما ذهب إلى ذلك بعض البارزين من الفقهاء ( بارتان على أوبرى ورو ) ما دام أن من وجه اليمين قد استعمل حقاً أثبته له القانون . بيد أنه لا يجوز لمن وجه اليمين طبقاً للشق الأول أن يقيم نفسه مدعياً بالحق المدنى وأن يطالب بالتعويضات من حلف أو أن يستعمل طرق الطعن فى الحكم المدنى إذا ثبت كذب اليمين بمقتضى حكم جنائى إلا فى حالة ما إذا ثبت كذب اليمين بكشف أوراق أو ضبط مستندات كانت فى حيازة المتهم وحده أى فى حيازة من أدى اليمين . أما فيما يتعلق بطرق الطعن فى الحكم ، فإثبات كذب اليمين التى ثبت بمقتضاها ادعاء من وجهها أوردها ميسور له مادامت المواعيد المقررة لم تنقض ، فله أن يطعن بالاستئناف أو بطريق الالتماس عند الاقتضاء ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 456 ) . والظاهر من عبارة المذكرة الإيضاحية أنه لا توجد إلا حالة واحدة يستطيع فيها من وجه اليمين أن يطالب بتعويض وأن يطعن فى الوقت ذاته فى الحكم المدنى ، وتلك الحالة فى حالة كشف أوراق أو ضبط مستندات كانت فى حيازة الخصم الذى أدى اليمين كذباً . ولكن هذا يتعارض مع إطلاق النص وعدم تقييده بهذه الحالة وحدها ( انظر الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 2 فقرة 588 ص 20 ) – قارن فى هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات فقرة 140 ص 222 – ص 224 . وانظر بيدان وبرو 9 فقرة 1328 .
( [17] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى الفقرة الثانية من المادة 548 من المشروع التمهيدى على الوجه الذى استقر به فى التقنين المدنى الجديد بتحوير لفظى طفيف . وفى لجنة المراجعة أصبح النص مطابقاً لنص التقنين الجديد ، وأصبح رقم المادة 423 فى المشروع النهائى . وأقره مجل النواب ، فلجنة الشيوخ تحت رقم 410 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 443 ص 447 – ص 448 ) .
( [18] ) كانت المادة 224 / 289 من التقنين المدنى السابق تجرى على الوجه الآتى : ” يجوز لكل من الأخصام أن يكلف الآخر باليمين الحاسمة للنزاع ، وفى هذه الحالة يجوز للمطلوب منه اليمين أن يردها على الطالب ” . ولا فرق فى الحكم بين النصين الجديد والقديم .
( [19] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون البينات السورى م 116 فقرة أولى : يجوز لمن وجهت إليه اليمين أو يردها على خصمه . على أنه لا يجوز الرد إذا انصبت اليمين على واقعة لا يشترك فيها الخصمان ، بل يستقل بها شخص من وجهت له اليمين . ( والحكم واحد فى القانون السورى والتقنين المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 475 : مطابقة للنص المصرى .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 233 : لا يجوز رد اليمين على الخصم إذا كانت الواقعة المستحلف عليها لا تختص بالفريقين ، بل هى شخصية محضة للفريق الذى طلبت منه اليمين . ( والحكم واحد فى التقنين اللبنانى والتقنين المصرى ) .
التقنين المدنى للمملكة الليبية المتحدة م 399 فقرة 2 : مطابقة للنص المصرى .
( [20] ) التقنين المدنى الفرنسى م 1362 : لا يجوز رد اليمين إذا كانت الواقعة المستحلف عليها لا تتعلق بالخصمين معاً ، بل كانت لا تتعلق إلا بشخص من وجهت إليه اليمين .
( [21] ) وقد ورد فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 454 ) خطأ أن الالتزام تخييرى .
( [22] ) أوبرى ورو 12 فقرة 753 ص 151 .
( [23] ) الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 2 فقرة 463 – الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات ص 218 هامش رقم 4 – استئناف مختلط 9 يناير سنة 1929 م 41 ص 156 – ويقال أيضاً فى تكييف هذا الوضع أن الطالب فى عرضه اليمين لا يعتبر أنه تنازل فحسب عن جميع أوجه الإثبات الأخرى التى كان يمكنه أن يدلى بها ، بل تنازل أيضاً عن مدعاه إذا حلف خصمه . وتنازله هذا معلق على شرط . وعلى ذلك إذا مات المطلوب تحليفه قبل الحلف تخلف الشرط ، وعاد حق طالب اليمين إليه ، أى تنظر الدعوى بالحالة التى هى عليها . وما على طالب اليمين إلا أن يقدم أدلة الإثبات الأخرى التى يكون قد تنازل عنها عند توجيهه اليمين ( بيدان وبرو 9 فقرة 1323 – بودرى وبارد 4 فقرة 2731 مكررة – الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة جزء 2 ص 8 ) .
( [24] ) هذا إلا إذا حلف الأب على مجرد عدم العلم بأن ابنه تزوج . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذه المسألة ما يأتى : ” والواقع أن اليمين التى توجه من أحد الخصم تنصب على ادعاء الخصم الآخر ، ويقضى المنطق بعدم جواز الاستحلاف على صحة واقعة إلا إذا كانت متعلقة بشخص الحالف . فإذا لم يكن الخصمان مشتركين فى الواقعة ، بل كانت يستقل بها من وجهت إليه اليمين فحسب ، فلا يجوز لهذا الأخير أن يرد هذه اليمين على خصمه . ذلك أن اليمين تكون غير جائزة القبول فى هذه الحالة ، لتعلقها بواقعة ليست خاصة بشخص من يطلب استحلافه ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 445 ) .
( [25] ) محكمة جرجا فى 12 يناير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 256 ص 449 .
وفى الفقه الإسلامى خلاف فى جواز رد اليمين : الحنفية لا يجيزون الرد ، والمالكية والشافعية يوجبونه إذا نكل المدعى ، وابن تيمية لا يجيز الرد إلا فيما يقع تحت علم المدعى ( طرق القضاء للأستاذ أحمد إبراهيم ص 263 – ص 269 ) . وجاء فى البدائع ، فى الخلاف ما بين الحنفية والشافعية فى هذه المسألة ، ما يأتى : ” فإن نكل عن اليمين بعد العرض عليه ثلاثاً فإن القاضى يقضى عليه عندنا ، وعند الشافعى رحمه الله لا يقضى بالنكول ولكن يرد اليمين إلى المدعى فيحلف فيأخذ حقه . احتج الشافعى رحمه الله بقول النبى عليه الصلاة والسلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه ، جعل البينة حجة المدعى عليه ولم يذكر عليه الصلاة والسلام النكول ، فلو كان حجة المدعى لذكره . والمعقول أنه يحتمل أنه نكل لكونه كاذباً فى الإنكار فاحترز عن اليمين الكاذبة ، ويحتمل أنه نكل مع كونه صادقاً فى الإنكار تورعاً عن اليمين الصادقة ، فلا يكون حجة القضاء مع الشك والاحتمال ، كن يرد اليمين إلى المدعى ليحلف فيقضى له ، لأنه ترجح جنبه الصدق فى دعواه بيمينه . . . ولنا . . . أنه ظهر صدق المدعى فى دعواه عند نكول المدعى عليه ، فيقضى له كما لو أقام البينة . ودلالة الوصف أن المانع من ظهور الصدق فى خبره إنكار المدعى عليه ، وقد عارضه النكول . . . فزال المانع للتعارض ، فظهر صدقه فى دعواه . وقوله يحتمل أنه نكل تورعاً عن اليمين الصادقة ، قلنا هذا احتمال نادر ، لأن اليمين الصادقة مشروعة ، فالظاهر أن الإنسان لا يرضى بفوات حقه تحرزاً عن مباشرة أمر مشروع ، ومثل هذا الاحتمال ساقط الاعتبار شرعاً . ألا ترى أن البينة حجة القضاء بالإجماع وإن كانت محتملة فى الجملة ، لأنها خبر من ليس بمعصوم عن الكذب ، لكن لما كان الظاهر هو النص أن الرد فى الفقه الإسلامى لا يكون بناء على طلب من وجهت إليه اليمين ، بل إن هذا ليس أمامه إلا أن يحلف أو ينكل ، فإن نكل وجب على القاضى – عند غير الحنفية – أن يرد اليمين على المدعى .
([26]) الموجز للمؤلف ص 693 – ص 694 .
([27]) تاريخ النص : ورد هذا النصف في المادة 552 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم المادة 427 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 414 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 458 – ص 459 ) .
([28]) التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون البيانات السوري م 119 : مطابقة لنص التقنين المصري .
التقنين المدني العراقي م 480 : تكاد تكون مطابقة لنص التقنين المصري ، وهي مطابقة في الحكم .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني م 232 : من كلف حلف اليمين وتمنع عنها أو عن ردها على خصمه ، أو ردت عليه اليمين وتمنع عنها ، كان خاسراً في طلبه أو في دفعه . ( والحكم واحد في التقنينين اللبناني والمصري ) .
التقنين المدني للمملكة الليبية المتحدة م 403 : مطابقة لنص التقنين المصري .
( [29] ) التقنين المدنى الفرنسى م 1361 : من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يرضى بدرها على خصمه ، ومن ردت عليه اليمين فنكل عنها ، خسر دعواه أو دفعه .
Art . 1361 : Celui auquel le serment est defere, qui le refuse ou ne conset pas a le refere a son afversaire, ou l’adversaire a qui il a ete refere et qui le refuse, doit succomber dans sa demande ou dans son exception .
( [30] ) المادة 177 مرافعات : إذا لم ينازع من وجهت إليه اليمين لا فى جوازها ولا فى تعلقها بالدعوى ، وجب عليه إن كان حاضراً بنفسه أن يحلفها فوراً أو يردها على خصمه ، وإلا اعتبر ناكلاً . ويجوز للمحكمة أن تعطيه ميعاداً للحلف إذا رأت لذلك وجهاً . فإن لم يكن حاضراً وجب تكليفه على يد محضر بالحضور لحلفها بالصيغة التى أقرتها المحكمة وفى اليوم الذى حددته ، فإن حضر وامتنع دون أن ينازع ، أو تخلف بغير عذر ، اعتبر ناكلاً كذلك .
المادة 178 مرافعات : إذا نازع من وجه إليه اليمين فى جوازها أو فى تعقها بالدعوى ، ورفضت المحكمة منازعته وحكمت بتحليفه ، بينت فى منطوق حكمها صدق اليمين ، ويعلن هذا المطوق للخصم إن لم يكن حاضراً بنفسه ، ويتبع ما نص عليه فى المادة السابقة .
( [31] ) وقد قضت محكمة النقض – فى عهد تقنين المرافعات السابق – بأن المادة 170 مرافعات ( 177 جديد ) تنص على أن ” من يطلب التعجيل من الأخصام يعلن حكم اليمين لخصمه ، ويكلفه بالحضور لأدائه ، مع مراعاة الأصول والمواعيد المقررة للطلب أمام المحكمة ” . وفى مجيئ المادة بهذا ما يدل على أن أصل مراد الشارع بالمادة 169 التى قبلها ( 178 جديد ) هو أن المحكمة إذ حكمت بتحليف اليمين فهى تقتصر على مجرد الحكم بذلك مع بيان صيغة السؤال المراد التحليف عليه ، ثم تترك لمن يهمه من الأخصام أن يسعى فى تنفيذ هاذ الحكم بإعلانه لخصمه وتحديد الجلسة لذلك . إما أن تحدد المحكمة من تلقاء نفسها ميعاداً لحلف اليمين أمامها ، أو أن تعتبر نطقها بالحكم إعلاناً للخصوم بالجلسة التى تحددها للحلف ، فهذا خارج عما هو مفهوم من مجموع المادتين ومن نظام الإجراءات التى يريد الشارع بحسب الأصل ابتاعه فى مسألة اليمين وفى تنفيذ هذا الحكم . على أن ذلك ليس معناه أن المحكمة ممنوعة من أن تحدد من تلقاء نفسها جلسة لحلف اليمين ، أو أن تعتبر النطق بحكمها إعلاناً للخصوم ، وبحيث يمكنها عند عدم حضور من عليه اليمين فى الميعاد المحدد أن تعتبره ناكلاً . كلا ، بل إن لها أن تحدد جلسة للحلف ، ولكن على شرط أن تكون بعيدة بعداً يمسح بإعلان حكمها للخصم فى محل إقامته الأصلى مع مراعاة مواعيد التكليف بالحضور ومواعيد المسافة ، وأن تتأكد المحكمة فى اليوم المحدد للحلف أن الإعلان قد حصل صحيحاً وروعيت فيه تلك المواعيد ، كما لها عند تحديد الجلسة أن تعتبر حكمها إعلاناً للخصوم ، وذلك فى صورة ما إذا كان ثباتاً بمحضر الجلسة أو بالحكم أن المكلف باليمين حاضر شخصياً وقت النطق به وفى هذه الحالة تكون الجلسة التى تحددها وتعلنها إليه فى حكمها مستوفية لميعاد التكليف بالحضور ، ما لم يقبل المكلف الحلف فى ميعاد أقصر ، ويكون قوله هذا مدوناً بمحضر الجلسة . وإذن فإذا كانت المحكمة قد حكمت بالتحليف ، وحددت لذلك جلسة لميعاد أقصر من الميعاد القانونى المعتاد ، ثم هى من جهة أخرى اعتبرت النطق بالحكم إعلاناً للخصوم ، ولم يثبت بمحضر الجلسة ولا بالحكم أن المكلف باليمين كان حاضراً ولا أنه قبل تقصير الميعاد ، فقضاؤها بعد فى موضوع الدعوى على اعتبار أن الطاعن ممتنع عن اليمين وناكل عنه لمجرد عدم حضوره فى اليوم التالى هو قضاء مؤسس على إجراء مخالف للقانون ، ويتعين نقضه ( نقض مدنى 28 فبراير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 233 ص 622 ) .
انظر أيضاً : استئناف مختلط 13 أبريل سنة 1898 م 10 ص 247 – 27 أبريل سنة 1898 م 10 ص 261 ( انتداب قاض التحليف اليمين لا يكون إلا عند وجود عذر دائم ، وللقاضى المنتدب سلطات المحكمة المنتدبة فى كل ما يتعلق بتحليف اليمين ) – 13 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 8 ( تحليف الوصية على واقعة شخصية ) – 21 فبراير سنة 1906 م 18 ص 125 ( إعلان صيغة اليمين ) – 26 يناير سنة 1926 م 38 ص 192 ( طلب تعديل صيغة اليمين لا يعتبر نوكلاً ) .
انظر طريقة توكيل محامي
( [32] ) الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 2 فقرة 565 .
( [33] ) فإذا صدر على الخصم حكم غيابى بالنكول ، جاز له أن يعارض فيه ، وأن يبدى فى المعارضة العذر الشرعى الذى منعه من الحضور . فإن قبلت المحكمة العذر ، ألغت الحكم المعارض فيه ، وحلف المعارض .
( [34] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 458 – ص 459 ) .
( [35] ) استئناف مختلط 19 مايو سنة 1920 م 32 ص 321 – وقد ينكل الخصم فى بعض الوقائع المطلوب تحليفه عليها ويحلف على بعض ، فما نكل عنه يكون قد اعترف به ، وما حلف عليه ينحسم النزاع فيه ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1907 م 19 ص 272 ) – ويعتبر نكولاً تأخير الخصم المكلف بالحلف أداء اليمين من يوم إلى يوم بتأجيلات متعاقبة حتى تشطب الدعوى ، ثم يأتى بعد ثمانى سنوات يعرض أن يؤدى اليمين ( استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1929 م 41 ص 430 ) . والخصم الذى امتنع فى محكمة أول درجة عن حلف اليمين الحاسمة للنزاع ، مع عدم المعارضة فى تعلق الواقعة المقصود الاستحلاف عليها بأصل الدعوى ، ولا فى جواز قبولها ، ولم يردها على خصمه ، لا يقبل منه فى محكمة الاستئناف العدول عن ذلك الامتناع ( قنا استئنافى 4 فبراير سنة 1903 المجموعة الرسمية 4 رقم 92 ) .
هذا وقد ينكل الخصم عن الحلف ، ولكنه يضيف إلى هذا النكول واقعة من شأنها أن تعطل من أثر هذا النكول . مثل ذلك أن يوجه الخصم إلى خصمه اليمين أنه ما اقترض منه المبلغ المدعى به ، فينكل من وجهت إليه اليمين . ولكنه يضيف أن دين القرض هذا قد انقضى بالتجديد . فهنا يعتبر النكول إقراراً بواقعة القرض ، ولكنه إقرار مركب ، إذ أضيفت إليه واقعة أخرى لاصقة هى واقعة التجديد . ويكون حكم النكول فى هذه الحالة هو حكم الإقرار المركب ، وهو هنا إقرار غير قابل للتجزئة كما رأينا فيما قدمناه عن عدم تجزئة الإقرار . ويترتب على ذلك أن الخصم الذى وجه اليمين إما أن يطرح النكول بشقيه ويقوم بإثبات القرض بطريق آخر غير اليمين ، فعلى خصمه عندئذ يقع عبء إثبات وقوع التجديد ، وإما أن يستبقى الشق الأولى من النكول وهو الإقرار بالقرض على أن يثبت هو عدم وقوع التجديد ( انظر فى هذه المسألة بيدان وبرو 9 فقرة 1326 ص 424 ) .
( [36] ) اعتبر أوب حنيفة النكول بذلاً – أى تركاً للمنازعة – وعند الصاحبين النكول إقرار . جاء فى تكملة فتح القدير : ” لهما – أى لأبى يوسف ومحمد رحمهما الله – أن النكول إقرار ، لأنه يدل على كونه كاذباً فى الإنكار . . . إذ لولا ذلك لأقدم على اليين إقامة للواجب ودفعاً للضر عن نفسه ، وفيها تحصيل الثواب بإجراء اسم الله تعالى على لسانه تعظيماً له ، ودفع تهمة الكذب عن نفسه ، وإبقاء ماله على ملكه . فلولا هو كاذب فى يمينه لما ترك هذه الفوائد الثلاث ، كذا فى العناية وغيرها . فكان – أى النكول – إقراراً أو بدلاً عنه ، بفتح الدال ، أى خلفاً عن الإقرار ، يعنى أنه قائم مقام الإقرار . . . ولأبى حنيفة أنه – أى النكول – بذل . وتفسير البذل عنده ترك المنازعة والإعراض عنها ، لا الهبة والتملك . . . وأما العلة المرجحة لكونه بذلاً على كونه إقراراً . . . لو حملناه على الإقرار لكذبناه فى إنكاره السابق ، ولو جعلناه بذلاً لقطعنا الخصومة بلا تكذيب ، فكان هذا أولى ، صيانة للمسلم عن أن يظن به الكذب . . . وقيل عليه إن الحكم واجب على الحاكم بالنكول ، والبذل لا يجب به الحكم عليه ، فلم يكن النكول بذلاً . وأجيب عنه بأن الحكم لا يجب بالبذل الصريح ، وأما ما كان بذلاً بحكم الشرع كالنكول فلا نسلم أنه لا يجب به ، بل هو موجب له قطعاً للمنازعة ” . ( تكملة فتح القدير 6 ص 163 – ص 165 ) .
( [37] ) الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة 2 ص 44 – ص 45 – ويستطيع الخصم أن يوجه اليمين إلى خصمه حتى لو انتقل الحق المدعى به من هذا الأخير إلى خلف له ، وبذلك يتيسر توجيه اليمين فى واقعة شخصية لمن توجه إليه ، وإذا نكل هذا ، وكان نكوله بعد انتقال الحق إلى الخلف ، لم يسر النكول فى حق الخلف ( أنسيكوبيدى داللوز فى القانون المدنى 4 Preuve فقرة 1125 ) .
( [38] ) أما القاعدة التى تقضى بأنه لا يجوز لأحد الدائنين المتضامنين أن يأتى عملاً من شأنه الإضرار بالدائنين الآخرين ( م 282 فقرة 2 مدنى ) فتتمشى مع قصور حجية اليمين ولا تعطلها فيما إذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين إلى المدين فحلفها ، فإن ذمة المدين لا تبرأ إلا بالنسبة إلى الدائن الذى وجه اليمين دون غيره من الدائنين . وبذلك تكون حجية اليمين قاصرة على هذا الدائن وحده .
( [39] ) وقد نص ت المادة 1365 من التقنين المدنى الفرنسى ، تطبيقاً لهذه القواعد ، على ما يأتى : ” اليمين لا تكون إلا حجة لمن وجهها أو حجة عليه ، هو وورثته وخلفائه . ومع ذلك إذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين إلى المدين ، لم تبرئ اليمين ذمة المدين إلا بمقدار حصة هذا الدائن . واليمين الموجهة إلى المدين الأصلى تبرئ ذمة الكفيل . واليمين الموجهة إلى أحد المدينين المتضامنين تفيد الباقين . واليمين الموجهة إلى الكفيل تفيد المدين الأصلى . وفى الحالتين الأخيرتين لا تفيد اليمين الموجهة إلى المدين المتضامن أو إلى الكفيل سائر المدينين المتضامنين أو المدين الأصلى إلا إذا انصبت على أصل الدين لا على واقعة التضامن أو الكفالة ” ( قارن كولان وكابيتان ومورانديير 2 فقرة 818 فيما يتعلق باليمين الموجهة إلى الكفيل ) . ونصت المادة 236 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى على ” أن حلف اليمين لا يصلح حجة إلا تجاه طالب التحليف وورثته وخلفائه فى الحقوق إما لهم وإما عليهم ” .
وهذا هو الأصل الفرنسى لنص المادة 1365 :
المصدر: محامي في الأردن