الاستثناءات
205 – نوعان من الاستثناءات : قدمنا أن هناك أحوالا استثنائية يجوز فيها الإثبات بالبينة وبالقرائن ، حتي لو زادت قيمة الالتزام علي عشرة جنيهات ، وحتي لو كان المراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها . فتكون هذه الأحوال إذن استثناء من قاعدة وجوب الدليل الكتابي بشقيها . 413 وهذه الاستثناءات ، كما أسلفنا القو نوعان :
( النوع الأول ) أحوال يقوم فيه دليل كتابي غير كامل يجعل وجود التصرف القانوني المدعي به قريب الاحتمال ، وهذا الدليل الكتابي غير الكامل يسمي مبدأ الثبوت بالكتابة ( commencement de prevue par ecrit ) .
( والنوع الثاني ) أحوال يقوم فيها مانع ، إما من الحصول علي دليل كتابي ، وإما من تقديم هذا الدليل بعد الحصول عليه لفقده بسبب أجنبي ( [1] ) .
المطلب الأول
مبدأ الثبوت بالكتابة ( [2] )
206 – النصوص القانونية : تنص المادة 402 من التقنين المدني علي ما يأتي :
414 ” 1 – يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ” .
” 2 – وكل كتابة تصدر من الخصم ، ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعي به قريب الاحتمال ، تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ( [3] ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 217 / 282 ( [4] ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في قانون البينات السوري المادة 56 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 490 ، وفي تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة 242 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 389 ( [5] ) . 415 ويقابل في التقنين المدني الفرنسي المادة 1347 ( [6] ) .
207 – نطاق مبدأ الثبوت بالكتابة : ويتبين من نص التقنين المدني المصري أنه إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة – بالشروط التي سنفصلها – جاز إثبات التصرف القانوني بالبينة أو بالقرائن أو بهما معا ، أي أن البينة والقرائن تأتي معززة لدليل كتابي ناقص فتكمله ( [7] ) . ومبدأ الثبوت بالكتابة ، معززاً بالبينة أو بالقرائن ، 416 يكون دليلا كاملا في كل ما كان يجب إثباته بالكتابة . فيكون دليلا كاملا علي : ( 1 ) تصرف قانوني تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ( 2 ) ما يخالف الكتابة أو يجاوزها ( 3 ) تصرف قانوني اشترط القانون بنص خاص أن يكون إثباته بالكتابة كالصلح والكفالة . ولكنه لا يصلح دليلا علي تصرف شكلي كالهبة والرهن الرسمي ، إذ هو لا يحل محل الشكل ، فإن الشكل ذاته ركن في التصرف ( [8] ) .
417 208 – أركان مبدأ الثبوت بالكتابة : وحتي يكون هناك مبدأ ثبوت بالكتابة يجب ، وفقا للنص الذي قدمناه ، أن تتوافر أركان ثلاثة : ( 1 ) أن تكون هناك ورقة مكتوبة . ( 2 ) وأن تكون هذه الورقة صادرة من الخصم الذي يحتج بها علية أو ممن يمثله . ( 3 ) وأن يكون من شأن هذه الورقة أن تجعل وجود التصرف القانوني قريب الاحتمال ( [9] ) .
” 1 – وجود ورقة مكتوبة
209 – الأعمال المادية لا تكون مبدأ ثبوت بالكتابة : لا بد لتوافر الركن الأول من وجود ورقة مكتوبة . أما مجرد الأعمال المادية ، إيجابية كانت أو سلبية ، ولو كانت ثابتة بالبينة أو بالقرائن ، فلا تكفي . ويترتب علي ذلك أن تنفيذ الالتزام ، إذا انطوي علي أعمال مادية محضة كبناء منزل أو نقل بضاعة ، وثبت بغير الكتابة كما هو الشأن في هذه الأعمال إذ تثبت عادة بالبينة أو بالقرائن أو بالمعاينة ، فإنه لا يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة . أما إذا كان تنفيذ الالتزام ينطوي علي تصرف قانوني كالوفاء بمبلغ من النقود ، فلا بد من إثبات 418 هذا التنفيذ وهو تصرف قانوني بورقة مكتوبة إذا زادت القيمة علي عشرة جنيهات وهذه الورقة – سواء كانت دليلا كتابيا كاملا علي التنفيذ أو لم تكن إلا مبدأ ثبوت بالكتابة – تكون في الوقت ذاته مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة إلي إثبات وجود الالتزام . فإذا كان الوفاء منصبا علي مبلغ لا يزيد علي عشرة جنيهات وكان هذا هو كل الدين ، فإثبات الوفاء يجوز بالبينة وبالقرائن ، ولكننا في هذه نكون في غير حاجة إلي مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات الالتزام ذاته ، إذ يجوز إثباته هو أيضا بالبينة وبالقرائن .
وقد يكون مبدأ الثبوت بالكتابة أعمالا مادية تسجل بعد ذلك في ورقة مكتوبة ، فعند ذلك تكون هذه الورقة المكتوبة – لا الأعمال المادية – هي مبدأ الثبوت بالكتابة ( [10] ) .
210 – الشروع في الوفاء : وقد كان التقنين المدني السابق ينص في المادة 221 / 286 منه علي أن ” الشروع في الوفاء يصح أن يكون عند الاقتضاء سببا للقاضي في أن يأذن بالإثبات بالبينة ” . ولم يستبق التقنين الجديد هذا النص ، وقد كانت هناك فائدة في استبقائه ، إذ يتميز في بعض صوره عن مبدأ الثبوت بالكتابة . ذلك أن الشروع في الوفاء قد يكون عملا ماديا محضا ، فيثبت بغير ورقة مكتوبة . وكان في هذه الحالة ، وفقا لنص المادة 221 / 286 من التقنين المدني السابق ، يصلح سببا للقاضي في أن يأذن في الإثبات بالبينة . أما بعد أن أغفل التقنين المدني الجديد إيراد هذا النص ، فلم يعد الشروع في الوفاء يصلح 419 في هذه الحالة أن يكون مبدأ بالكتابة يجيز الإثبات بالبينة ( [11] ) .
وإذا كان الشروع في الوفاء تصرفا قانونيا كالوفاء بمبلغ من النقود أو دفع الفوائد ، فإن كان المبلغ الموفي به أكثر من عشرة جنيهات فلا بد في إثبات الوفاء من ورقة مكتوبة . وعندئذ تصلح هذه الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات الالتزام ذاته ، دون حاجة إلي استبقاء نص المادة 221 / 286 من التقنين السابق . أما إذا كان المبلغ الموفي به لا يزيد علي عشرة جنيهات ، فيمكن إثبات الوفاء وحده بالبينة أو القرائن دون ورقة مكتوبة . ولكن إثبات الوفاء بالبينة أو بالقرائن في هذه الحالة لا يمكن التذرع به ، كما قدمنا ، لإثبات الالتزام ذاته إذا كان يزيد علي عشرة جنيهات ، حتي في عهد التقنين السابق ، بل يجب للوصول إلي إثبات الالتزام أن يكون الوفاء ثابتا بورقة مكتوبة . وهنا أيضا تصلح هذه الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات الالتزام ذاته دون حاجة إلي استبقاء نص المادة 221 / 286 ( [12] ) .
420 ويخلص من ذلك أن المادة 221 / 286 ، إذا كان يستطاع الاستغناء عنها في حالة ما إذا كان الشروع في الوفاء ينطوي علي تصرف قانوني ، فقد كانت هناك فائدة في استبقائها في حالة ما إذا كان الشروع في الوفاء ينطوي علي عمل مادي ( [13] ) .
211 – أية كتابة تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة : وكل كتابة تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، أيا كان شكلها وأيا كان الغرض منها .
فسند غير موقع – إذ السند الموقع يكون دليلا كتابيا كاملا – ودفاتر تجارية ، وسجلات وأوراق منزلية ، ومراسلات موقعة كانت أو غير موقعة ، ومؤرخة وموجهة إلي من يحتج بها أو موجهة إلي الغير ما دام يمكن تقديمها إلي القضاء ، وتأشيرات علي سند الدين ، كل هذه تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، هذا إذا لم تكن دليلا كاملا في الحالات التي نص القانون فيها علي ذلك وقد تقدم بيانها .
كذلك يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة محاضر الجرد ، ودفاتر الحساب ، والإيصالات ( [14] ) ، والمخالصات ، والتأشيرات المدونة في هامش الأوراق 421 والسندات أو في ظهرها ، والمذكرات الشخصية ولو كانت مدونة في أوراق منثورة ، وصور الأوراق الرسمية ، وصور الأوراق العرفية كصورة العقد المسجل ( [15] ) .
وتصلح الأوراق القضائية ونحوها من الأوراق أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، حتي لو كانت أوراقا في قضية أخري ، وذلك كالبيانات المدونة في أسباب الحكم ( [16] ) ، وما ورد في محاضر الجلسات ومحاضر التحقيق ( [17] ) ، والإقرارات التي تدون في مذكرات الخصوم ولو أمضاها الوكلاء عنهم ( [18] ) ، والبيانات التي تقدم لمصلحة الشهر العقاري أو لمصلحة البيد أو للمصالح الحكومية الأخري وتدون في أوراق رسمية ( [19] ) .
422 ويجوز أن يستخلص مبدأ الثبوت بالكتابة من مجموع أوراق متفرقة لا من ورقة واحدة ، كما إذا كانت الورقة الصادرة من الخصم تشير إلي ورقة أو أوراق أخري غير صادرة منه ولكنها هي ، دون الأوراق الأخري ، التي تجعل وجود التصرف القانوني قريب الاحتمال ( [20] ) .
212 – السندات الباطلة : والسند الرسمي إذا كان باطلا – أيا كان سبب بطلانه – وكان موقعا من ذي الشأن ، تكون له قيمة الورقة العرفية كما سبق القول . فمن باب أولي يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة إذا لم يكن صالحا لأن يكون دليلا كتابيا كاملا .
أما إذا كان السند الرسمي الباطل غير موقع من ذوي الشأن ، وكان عدم التوقيع راجعا إلي جهل ذي الشأن الكتابة أو عدم استطاعته إياها أو رفضه للتوقيع ، فإنه يصلح كذلك أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( [21] ) . وقد رأينا أن الورقة الرسمية الباطلة ، إذا كانت غير موقعة من المدين ، لا تكون لها قيمة الورقة العرفية ، حتي لو كان الموثق قد ذكر فيها عجز المدين عن التوقيع ، ولكنها في هذه الحالة تصلح ، كما قدمنا أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة . أما إذا كان السند الرسمي الباطل غير موقع عليه ، لا لجهل بالكتابة أو عدم استطاعة لها أو رفض للتوقيع ، فإنه يكون مجرد مشروع لم يتم ، ولا تكون له قيمة الورقة العرفية ، ولا يصلح كذلك أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة . وإذا كان السند الرسمي الباطل صادراً من عدة مدينين متضامنين ولم يوقعه إلا بعض هؤلاء ، فلا تكون له قيمة 423 الورقة العرفية ، وكذلك لا يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، لا بالنسبة إلي من لم يوقع لعدم التوقيع ، ولا بالنسبة إلي من وقع لأنه لم يوقع إلا كمدين متضامن مع آخرين فلو صلحت مستنداً ضده لفقده حق الرجوع علي من لم يوقع من هؤلاء المدينين ( [22] ) .
والسند العرافي ، إذا كان باطلا لعدم التوقيع عليه ، يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة إذا كان مكتوبا بخط المدين أو كان صادراً منه أو ممن يمثله ( [23] ) . وكذلك السند العرفي الموقع عليه أو الصادر من المدين ، دون ذكر لمقدار الدين ، يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، فيجوز إثبات الدين بالبينة أو بالقرائن ، ولا يعد هذا إثباتا لما يجاوز الكتابة لأن الكتابة هنا ليست دليلا كتابيا كاملا بل مبدأ ثبوت بالكتابة .
213 – البيانات السلبية – تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب أو امتناعه عن الإجابة : وفي بعض الحالات قد يكون مجرد بيان سلبي ، أي مجرد إغفال ذكر بيان في ورقة مكتوبة ، صالحا لأن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة . وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأن السكوت ، إذا كان ذا دلالة علي الوفاء ، ومرتبطا بورقة متعلقة بالدين ، يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( [24] ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن مبدأ الثبوت بالكتابة قد ينتج من عدم ذكر أمر في ورقة تحتويه عادة ، كما إذا لم يذكر الورثة في محضر جرد أموال مورثهم دينا من الديون ، فإن هذا يصح اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة في التخلص من هذا الدين ( [25] ) . وقضت محكمة النص الفرنسية بأن عدم ذكر دين متنازع عليه في محضر 424 جرد قد يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، علي أساس أن محضر الجرد الحالي من ذكر الدين هو الورقة المكتوبة ( [26] ) .
وتفريعا علي هذا المبدأ نصت المادة 173 من تقنين المرافعات الجديد علي أنه ” إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول ، أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر قانوني ، جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي ما كان يجوز فيها ذلك ” . والورقة المكتوبة في هذه الحالة هي المحضر الرسمي الذي دون فيه تخلف الخصم عن الحضور أو امتناعه عن الإجابة ( [27] ) . 425 فكأن الواقعة التي يتكون منها مبدأ الثبوت هي واقعة مستقلة عن الكتابة ، ليست الكتابة إلا لإثباتها ( [28] ) .
214 – التاريخ الثابت لمبدأ الثبوت بالكتابة : يميز الفقه في فرنسا بين ورقة عرفية موقع عليها وقد أعدت للإثبات ولكنها لا تصلح إلا مبدأ ثبوت بالكتابة – وذلك كالورقة العرفية التي لم تتعدد نسخها أو لم تحمل عبارة الاعتماد المعروفة – وبين ورقة عرفية لم يوقع عليها ولم تعد للإثبات وتصلح مع ذلك أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة – وذلك كدفاتر التجار والسجلات والأوراق المنزلية والمذكرات الشخصية . ففي الحالة الأولي لا يكون تاريخ الورقة حجة علي الغير إلا إذا كان ثابتا وفقا للطرق التي سبق بيانها في ثبوت التاريخ ، وذلك بالرغم من أن الورقة ليست إلا مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة . وفي الحالة الثانية يكون تاريخ الورقة حجة علي الغير دون حاجة إلي أن يكون تاريخا ثابتا ، وللغير أن يثبت أن هذا التاريخ غير صحيح بجميع الطرق لأنه ليس طرفا في الورقة ( [29] ) .
ولما كانت الحالة الأولي لا تتحقق في مصر ، إذ هي ترجع إلي أحكام في التقنين الفرنسي أغفلها التقنين المصري – تعدد النسخ وعبارة الاعتماد – فإنه يمكن القول أن مبدأ الثبوت بالكتابة في القانون المصري يكون تاريخه حجة علي الغير دون حاجة إلي أن يكون ثابتا . والغير الذي ينازع في صحة هذا التاريخ يستطيع أن يثبت عدم صحته بجميع الطرق ، حتي بالبينة أو بالقرائن ، لأنه من الغير وليس طرفا في الورقة التي يحتاج بها عليه كمبدأ ثبوت بالكتابة كما سبق القول .
215 – ما لا يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة : ويتبين مما قدمناه أنه لا يكون هناك مبدأ ثبوت بالكتابة إذا لم تكن هناك ورقة مكتوبة يستند إليها في الإثبات ، 426 ولو كانت ورقة أغفل فيها ذكر الواقعة المراد إثباتها حيث كان يجب ذكرها وهو ما سميناه بالبيان السلبي فيما تقدم . فأي عمل مادي ، إيجابي أو سلبي ، واي قول لا ينتهي إلي بيانات مدونة – أو مغفلة حيث كان يجب تدوينها – في ورقة مكتوبة ، لا يكون مبدأ ثبوت بالكتابة . ومن ثم لا تكفي الأقوال الشفوية إذا كان لا يمكن إثباتها بالكتابة ، وإن كان يمكن إثباتها بالبينة أو بالقرائن ( [30] ) .
وإذا كان المراد هو إثبات ما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها عن طريق مبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن ، فلا يصح أن تكون الورقة ذاتها التي يراد إثبات ما يخالفها أو يجاوزها هي مبدأ الثبوت بالكتابة ، بل يجب أن يكون مبدأ الثبوت بالكتابة ورقة أخري صادرة في تاريخ تال لهذه الورقة التي يراد إثبات ما يخالفها أو يجاوزها ( [31] ) .
427 رقابة محكمة النقض : وكون هذا الركن الأول – وجود ورقة مكتوبة – قد توافر في مبدأ الثبوت بالكتابة أو لم يتوافر مسألة من مسائل القانون تخضع لرقابة محكمة النقض ( [32] ) .
” 2 – صادرة من الخصم أو ممن يمثله
217 – الورقة صادرة من الخصم : حتي تصلح الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة ، يجب أن تكون صادرة من الخصم الذي يحتج عليه بها ، مدعيا كان في الدعوي التي رفعها أو مدعي عليه في الدفع الذي تقدم به ( [33] ) وصدور الورقة من الخصم إما أن يكون صدورا ماديا ( materiel ) أو صدوراً معنويا ( intellectual ) .
فالصدر المادي يتحقق بأن تكون الورقة بتوقيع الخصم أو بخطه – وأي الشيئين يكفي : التوقيع أو الخط . والورقة التي وقعها الخصم تكون في الغالب دليلا كتابيا كاملا إذا أعدت أصلا لإثبات المدعي به . ولكنها قد لا تكون أعدت لذلك ، واقتصرت علي بيانات تجعل المدعي به قريب الاحتمال ، وعندئذ يكفي لاعتبارها صادرة من الخصم أن تكون بتوقيعه دون أن تكون بخطه ( [34] ) . ولكن يجب أن يكون التوقيع هو التوقيع الصحيح للخصم ، فلا يكفي أن يكون مجرد تأشيرة 428 ( paraphe ) أو علامة ( marque ) أو توقيع هامشي ( signature marginale ) ( [35] ) . وقد تكون الورقة غير موقع عليها من الخصم ، ولكنها مكتوبة بخطه . وهذا يكفي لاعتبار الورقة صادرة منه ، ولا حاجة إلي التوقيع( [36] ) . وسواء كانت الورقة موقعة من الخصم أو مكتوبة بخطه ، فالواجب في الحالتين أن يكون الخصم غير منكر لتوقيعه أو لخطه . أما إذا أنكر ، فلابد من الالتجاء إلي إجراءات تحقيق الخطوط علي النحو الذي بيناه فيما تقدم ، فإن ظهر من التحقيق أن التوقيع أو الخط هو له اعتبرت الورقة صادرة منه ، وهذا ما لم يطعن فيها بالتزوير وينجح في هذا الطعن ( [37] ) .
والصدور المعنوي يتحقق بأن الخصم – وهو لم يوقع الورقة ولم يكتبها بخطه – يعتبرها كما لو كانت صادرة منه . فقد يكون الخصم أميا فتكتب الورقة بأملائه ( [38] ) ، 429 وتعتبر في هذه الحالة صادرة منه دون أن يكون قد وقعها أو كتبها بخطه ( [39] ) .وقد تكون الورقة لم تكتب بأملائه ، ولكنه تمسك بها مقراً بما ورد فيها ، كمخالصة صادرة من الخصم الآخر تمسك بها ، فتعتبر كأنها صادرة منه دون أن تكون بتوقيعه أو بخطة ( [40] ) . ويلاحظ أن ارتضاء الخصم للورقة التي لا تحمل توقيعه أو خطه ، واعتبارها صادرة منه ، واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن ( [41] ) . والورقة الرسمية غير الموقع عليها من الخصم قد تعتبر صادرة منه صدوراً معنويا ، وصفة الموظف العام الذي كتب هذه الورقة قد تكفي وحدها ذلك . فالإقرارات والبيانات التي ترد في أسباب الحكم ( [42] ) ، 430 وتلك التى ترد فى محضر الاستجواب ( [43] ) ، أو فى محضر المعاينة ، كل هذه تعتبر صادرة من الخصم صدوراً معنوياً ، فهى لا تحمل توقيع الخصم أو خطه ، ولكنها مدونة فى أوراق رسمية منسوبة إلى الخصم ، بواسطة موظفين عامين فوق مستوى الشبهات ( [44] ) . وهذا بخلاف الورقة الرسمية الموثقة ، فإنها إذا لم تكن موقعة من الخصم ، ولم يكن عدم التوقيع راجعاً إلى الجهل بالكتابة أو عدم 431 استطاعتها أو رفض التوقيع ، فلا تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأنها تعتبر فى هذه الحالة مجرد مشروع لم يتم ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [45] ) .
218 – الورقة صادرة ممن يمثل الخصم : ويصح أن تكون الورقة صادرة ، لا من الخصم نفسه ، بل ممن يمثل الخصم وقت تحرير الورقة . والأدق أن يقال : ممن يمثله الخصم أو ممن يمثل الخصم ( [46] ) .
فمثل من يمثله الخصم المورث . فالورقة الصادرة من المورث تعتبر كأنها صادرة من الوارث ، وتصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة يحتج بها على الوارث كما 432 كان يحتج بها على المورث . ومثل من يمثله الخصم أيضا المدين إذا استعمل الدائن حقوقه . فالورقة الصادرة من المدين تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة يحتج بها على الدائن ( [47] ) .
ومثل من يمثل الخصم وكيله . فالورقة التى تصدر من الوكيل فى حدود وكالته تعتبر كأنها صادرة من الموكل ، ويحتج بها عليه كمبدأ ثبوت بالكتابة ( [48] ) .
على أنه يجب إثبات عقد الوكالة وفقاً للقواعد العامة 433 والمحامى يعتبر وكيلاً عن الخصم الذي يترافع عنه . فالإقرارات والبيانات التى كتبها فى مذكراته منسوبة إلى موكله تعتبر صادرة من الموكل ، وتصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة يحتج بها عليه . وهذا هو أيضا شأن ما يدلى به فى مرافعته منسوبا إلى موكله ، ويدون فى محضر الجلسة ، أو فى محضر التحقيق .
كذلك المحضر يعد وكيلاً . فكل إعلان يقوم به المحضر على لسان الخصم يعتبر كأنه صادر من الخصم ، كصحيفة الدعوى والمعارضة فى التنبيه وغير ذلك من أوراق المحضرين ( [49] ) .
ويمثل الولى والوصى والقيم القاصر والمحجور عليه ، فى حدود ولاية كل منهم . فالورقة الصادرة من أحد من هؤلاء ، فى هذه الحدود ، تعتبر كأنها صادرة من القاصر أو المحجور عليه .
219 – مالا يعتبر صادرا من الخصم ولا ممن يمثله : ويتبين مما تقدم أن الورقة ما لم تكون صادرة من الخصم ، أو ممن يمثله الخصم أو ممن يمثله الخصم أو ممن يمثل الخصم ، لا تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، ولا يحتج بها على الخصم .
فالورقة الصادرة من الخصم الآخر لا تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة يحتج بها على الخصم الأول ( [50] ) ، للسبب المتقدم ، ولأن الشخص لا يستطيع أن يصطنع 434 الدليل لنفسه ( [51] ) .
والورقة الصادرة من الزوج لا يحتج بها على زوجته ، ولا يحتج بالورقة الصادرة من الزوجة على زوجها ، هذا ما لم يكن أحدهما وكيل الآخر وفى حدود هذه الوكالة ( [52] ) .
كذلك لا يحتج بالورقة الصادرة من الإبن على أبيه ، ولا من الأب على ابنه ( [53] ) . ولا يحتج بالورقة الصادرة من أحد الشركاء فى الشيوع على باقى الشركاء ، ولا من أحد المتهمين فى جريمة على شركائه أو الفاعلين الأصليين الآخرين ، ولا من أحد الخصوم فى الدعوى على المنضمين معه فى الخصومة ، ولا من مصفى الشركة على أحد الشركاء ( [54] ) .
كذلك لا يحتج على الخصم بما يصدر عن الغير من إقرارات وبيانات عند استجوابه . ومن ثم لا يجوز استجواب ولا الأمر باستحضار غير الخصم ( [55] ) .
435 220 – رقابة محكمة النقض : وكون الورقة صادرة من الخصم ، أو ممن له صفة فى تمثيل الخصم له أو فى تمثيله للخصم ، هو الركن الجوهرى فى مبدأ الثبوت بالكتابة ، إذ هو الذي يصل الورقة بالخصم ويجعلها حجة عليه . وهذه مسألة من مسائل القانون ، ومن ثم كان البت فيها خاضعاً لرقابة محكمة النقض ، مثلها فى ذلك مثل الركن الأول ( [56] ) .
3 – تجعل المدعى به قريب الاحتمال
221 – معنى قريب الاحتمال : لا يكفى أن تكون الورقة المقدمة كمبدأ ثبوت بالكتابة من شأنها أن تجعل الواقعة المراد إثباتها محتملة ، بل يجب أن تجعل هذه الواقعة مرجحة الحصول ، لا ممكنة الحصول فحسب ( [57] ) .
فإذا توافر ركن قرب الاحتمال على هذا النحو ، فإن مبدأ الثبوت بالكتابة ، هو وحده أيضاً ، لا يكفى دليلا كاملا على صحة الواقعة المراد إثباتها ، كما تقدم القول . بل تجب تكملته بالبينة ، أو بالقرائن ، أو بهما معا .
وليس القاضى مجبراً ، عند وجود مبدأ ثبوت بالكتابة ، أن يحيل الدعوى إلى التحقيق لتكملة الدليل . فقد يرى فى ظروف القضية وملابساتها وفيما يحوطها من القرائن القضائية ما يقنعه بصحة الواقعة المدعى بها ، وتكون القرائن فى هذه الحالة هى التى أكملت مبدأ الثبوت بالكتابة . وقد يقوم من ظروف القضية وملابساتها ما يقنعه بعكس ذلك ، فلا يحتاج أيضا فى هذه الحالة إلى أن يحيل الدعوى إلى التحقيق ، ويزول ما كان لمبدأ الثبوت بالكتابة من أثر كدليل .
436 وقد يرى القاضى أن يحيل الدعوى إلى التحقيق لاستكمال مبدأ الثبوت بالكتابة بالبينة أو بالقرائن . وهنا أيضاً يستبقى القاضى سلطته الكاملة فى التقدير فيسمع الشهود ، وقد يقتنع فتصبح عنده الواقعة المدعى بها ، وقد لا يقتنع فيعتبر أن هذه الواقعة لم يقم عليها الدليل ( [58] ) .
222 – قرب الاحتمال مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض : وتقدير ما إذا كان مبدأ الثبوت بالكتابة يجعل الواقعة المدعى بها قريبة الاحتمال مسألة واقع . ومحكمة الموضوع فى تقديرها لهذه المسألة لا تخضع لرقابة محكمة النقض ، فلا يجوز الطعن فى تقديرها أمام هذه المحكمة . وهذا هو الذي انعقد عليه الاجماع ، فقهاً وقضاء ، فى مصر وفى فرنسا ( [59] ) .
437 فمن الأركان الثلاثة لمبدأ الثبوت بالكتابة ، يكون الركنان الأولان – وجود ورقة وكونها صادرة من الخصم – من مسائل القانون ، فهما يخضعان لرقابة محكمة النقض . والركن الثالث – قرب الاحتمال – من مسائل الواقع ، لقاضى الموضوع فيها سلطان لا معقب عليه من المحكمة العليا .
223 – ضوابط ثلاثة فى تقدير قرب الاحتمال : ومن يستقرئ الفقه والقضاء يستطيع أن يستخلص ضوابط يستأنس بها فى تقدير ما إذا كان مبدأ الثبوت بالكتابة من شأنه أن يجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال .
وهى ضوابط يستأنس بها قاضى الموضوع ، ولكنه غير مقيد بها قانوناً . وسواء اتبعها أو لم يتبعها ، فتقديره كما قدمنا غير خاضع لرقابة محكمة النقض ( [60] ) .
ذلك أن الورقة التى تقدم على اعتبار أنها مبدأ ثبوت بالكتابة يمكن أن ترد إلى أحد أنواع ثلاثة :
- ورقة كان من الممكن أن تكون دليلا كتابياً كاملا على الواقعة المراد إثباتها .
- ورقة لم يكن ممكنا أن تكون دليلا كتابياً كاملا على الواقعة المراد إثباتها ، ولكنها تشير إلى هذه الواقعة .
- ورقة لم يكن ممكنا أن تكون دليلا كتابياً كاملا على الواقعة المراد إثباتها ، ثم هى لا تشير إلى هذه الواقعة .
438 224 – ورقة كان من الممكن أن تكون دليلا كتابيا كاملا على الواقعة المراد إثباتها : وذلك كالأوراق الرسمية والأوراق العرفية وغيرها من الأوراق التى جعل لها القانون قوة معينة فى الإثبات كدفاتر التجار والسجلات والأوراق المنزلية والرسائل .
وهذه أوراق فى الأصل تكون دليلا كتابيا كاملاً . فإذا نقصها شرط من الشروط التى يتطلبها القانون لم تعد تصلح أن تكون دليلا كاملا ، وانقلبت إلى مبدأ ثبوت بالكتابة ، إذ هى تذكر الواقعة المراد إثباتها ذكر الدليل الكامل ، فلا يكون هناك شك فى أنها تجعل هذه الواقعة قربة الاحتمال . وإذا فاتها أن تكون دليلا كتابياً كاملا لما اعتورها من النقض ، فإنها تصلح فى القليل أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة .
فالورقة الرسمية إذا شابها عيب فى الشكل ، ولم تصلح أن تكون ورقة عرفية ، فإنها تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة . مثل ذلك السند الرسمى الباطل غير الموقع عليه من ذى الشأن ، إذا كان عدم التوقيع راجعاً إلى جهل ذى الشأن الكتابة أو عدم استطاعته إياها أو رفضه للتوقيع ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك ( [61] ) ” .
وصور الأوراق الرسمية التى لا تصلح دليلا كاملا طبقا لأحكام القانون ، كالصورة الرسمية الأصلية إذا لم يكن مظهرها الخارجى لا يسمح بالشك فى مطابقتها للأصل ، وصورة الصورة الأصلية إذا كانت الصورة الأصلية غير موجودة على رأى أشرنا إليه فيما تقدم ، تصلح فى الغالب أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة على النحو الذي أسلفنا الإشارة إليه .
والورقة العرفية المكتوبة بخط المدين إذا لم تكن موقعة ، وثبت أن عدم التوقيع لا يرجع إلى رفض المدين لتوقيعها مما يجعلها فى منزله مشروع لم يتم ، تكون مبدأ ثبوت بالكتابة .
349 وصور العقود المسجلة تكون مبدأ ثبوت بالكتابة على الوجه الذي ذكرناه فيما تقدم .
ودفاتر التجار ، حين تكون حجة على غير التجار فيا قام التجار بتوريده مع توجيه اليمين المتممة ( م 397 فقرة أولى ) تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، أكمل هنا ، لا بالبينة ولا بالقرائن ، بل باليمين المتممة . وهذا وضع خاص نص عليه القانون .
والأوراق والسجلات المنزلية ، إذا كانت مكتوبة بخط صاحبها دون توقيعه ، وفى غير الحالتين اللتين نص فيهما القانون على أن تكون دليلا كاملا ( م 398 : إذا ذكر أنه استوفى دينا ، أو أن الورقة تقوم مقام السند ) ، تكون مبدأ ثبوت بالكتابة على النحو الذي قدمناه .
والرسائل إذا كانت غير موقعة ، وكذلك الأصل غير الموقع من البرقيات تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة على التفصيل الذي أسلفناه ذكره ( [62] ) .
225 – ورقة لم يكن ممكنا أن تكون دليلا كتابيا كاملا على الواقعة المراد إثباتها ولكنها تشير إلى هذه الواقعة : وهذه الإشارة قد تكون إيجابية أو سلبية .
والأمثلة كثيرة على الإشارة الإيجابية . منها كتاب يرسله شخص إلى آخر ، يتكلم فيه عن بيع أو قرض أو أى عقد آخر ، فيكون هذا الكتاب مبدأ ثبوت بالكتابة ضد صاحبه على وقوع هذا العقد . وكتاب يرسله المدين ، يذكر فيه الدين الثابت فى ذمته دون أن يذكر مقداره وشروطه ، فيكون مبدأ ثبوت بالكتابة على هذا الدين ( [63] ) . وكتاب يكتبه الدائن إلى ورثة مدينه ، يسألهم إذا كان فى أوراق مورثهم شىء يفيد براءة ذمته ، فإذا ما استوثق أن شيئا من ذلك لا يوجد رفع الدعوى يطالب بالدين ، فيعتبر هذا الكتاب الذي أرسله الدائن إلى الورثة 440 وأشار فيه إلى براءة ذمة المدين مبدأ ثبوت بالكتابة على هذه البراءة ( [64] ) .
441 أما أن تشير الورقة إلى الواقعة المراد إثباتها إشارة سلبية فذلك يتحقق على أحد وجهين :
422 أ ) إما بأن تثبت الورقة واقعة هى عكس الواقعة المراد إثباتها تماما ، ثم يتبين بعد ذلك تزوير الورقة ، فتنتفى هذه الواقعة العكسية وتصبح الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال . مثل ذلك أن يطالب الدائن مدينه بالدين وليس مع الدائن سند مكتوب ، فيبرز المدين مخالصة مزورة ، فتكون هذه المخالصة بعد أن ثبت تزويرها مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات الدين ( [65] ) . ومثل ذلك أيضا أن يثبت أن تاريخ الورقة مزور وأن التاريخ الصحيح هو ما قرره من ادعى التزوير ، فإن ذلك يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات صحة ما يذهب إليه مدعى التزوير ، إذ أن عكسه قد ثبت تزويره ، فأصبح ما يذهب إليه قريب الاحتمال ( [66] ) .
ب ) وإما أن تكون الورقة المراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من شانها فى الأصل أن تثبت واقعة متنازعاً عليها ، فإذا هى لم تثبتها كان فى ذلك إشارة سلبية إلى أن هذه الواقعة غير صحيح . مثل ذلك أن تجرد تركة المدين الميت بحضور دائنه ولم يذكر الدين فى محضر الجرد ، فخلو المحضر من ذكر هذا الدين مع حضور الدائن وقت الجرد قد يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة على الوفاء ، إذ لو كان الدين لا يزال فى ذمة المدين لما خلا منه محضر الجرد ( [67] ) . ومثل ذلك أيضاً أن يتمسك المدين بأن الدائن أبرأه من الدين ، ويحتج بأن ورثة الدائن بعد موته ، وهم يعلمون بالدين وحقيقة الإبراء منه ، قد اقتسموا التركة ولم يذكروا شيئا فى عقد القسمة عن هذا الدين ، فيعتبر عدم التنويه عنه فى عقد القسمة مبدأ ثبوت بالكتابة على صحة الإبراء ( [68] ) .
443 وسواء كانت الإشارة إيجابية أو سلبيا ، فقد قدمنا أنه يجب لاعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة أن يكون من شأنها جعل الواقعة المراد إثباتها مرجحة الحصول ، لا محتلمة فحسب . فالاتفاق المكتوب ما بين شخصين على جواز إثبات العقود المبرمة بينهما بالبينة لا يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات عقد أبرم بعد هذا الاتفاق ، إذ أن هذا الاتفاق المكتوب ليس من شأنه أن يجعل العقد المدعى به مرجح الحصول ، ولا يزيد على أن يجعله محتملا ( [69] ) .
226 – ورقة لم يكن ممكنا أن تكون دليلا كتابيا كاملا على الواقعة المراد إثباتها ثم هى لا تشير إلى هذه الواقعة : ويبدو لأول وهلة أن مثل هذه الورقة لا تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأنه يبعد أن يكون من شأنها أن تجعل واقعة لا تشير إليها بتاتا – لا إيجاباً ولا سلبا – مرجحة الحصول . ولكن يقع مع ذلك ، فى بعض الأحوال الاستثنائية ، أن مثل هذه الورقة تثبت واقعة أخرى لها ارتباط بالواقعة المراد إثباتها ، ويكون ثبوت هذه الواقعة الأخرى من شأنه أن يجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال . فينتقل الإثبات بذلك من محل إلى آخر ، 444 وهذا ما عرفناه بتبدل محل الإثبات أو تحوله ( deplacement de preuve ) ويتحقق ذلك فى الأمثلة الآتية :
1 – رفع شخص على آخر دعوى الدين ، فقدم المدعى عليه ورقة تفيد أن المدعى مدين له بعد تاريخ استحقاق الدين المدعى به . فهذه الورقة تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة على وفاء الدين المدعى به . ذلك أن المدين لا يبدأ فى العادة أن يكون دائنا لدائنة إلا بعد أن يوفيه الدين الذي عليه . فالورقة تثبت واقعة مديونية الدائن للمدين . والواقعة المراد إثباتها هى وفاء المدين الدين لدائنه .
وثبوت الواقعة الأولى يجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال ( [70] ) .
2 – إذا قرر الدائن المرتهن شطب الرهن ، فإن هذا التقرير يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة على وفاء الدين المضمون بالرهن . ذلك أن الدائن المرتهن لا يرضى عادة بشطب الرهن قبل أن يستوفى حقه . وتقرير الدائن لشطب الرهن ورقة تثبت رضاء الدين بهذا الشطب . والواقعة المراد إثباتها هى وفاء الدين المضمون بالرهن . وثبوت الواقعة الأولى يجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال .
3 – قضت دائرة النقض الجنائية ( [71] ) بأنه إذا أخذ أحد ضباط القرعة قيمة البدل العسكرى من والد أحد المقترعين وبددها ، وزور شهادة معافاة باسم المقترع بالمذكور ، فإن هذه الشهادة المزورة تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة إلى تسلم المبلغ . ذلك أن شهادة المعافاة المزورة تثبت أن قيمة البدل العسكرى 445 لم يسدد الخزانة الحكومة . وهذه الواقعة تجعل واقعة تسلم الضابط للبدل وتبديده إياه قريبة الاحتمال ( [72] ) .
446 المطلب الثانى
قيام المانع من الحصول على الكتابة أو من تقديمها
227 – النصوص القانونية : تنص المادة 403 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” يجوز أيضا الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة : “
( أ ) إذا وجد مانع مادى أو أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى .
( ب ) إذا فقد الدائن سنده الكتابى لسبب أجنبى لا يد له فيه ” ( [73] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 215 / 280 و 218 / 283 ( [74] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى قانون البينات السورى المادة 57 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 491 ، وفى تقنين أصول المحاكمات 447 المدنية اللبنانى المادة 242 ، وفى التقنين الليبى المادة 391 ( [75] ) .
ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1348 ( [76] ) .
448 ويتبين من نص التقنين المدنى المصرى أنه جمع بين حالتين تتميز إحداهما عن الأخرى ، وإن كانتا تشتركان من ناحية قيام المانع فى كل منهما :
( 1 ) حالة قيام المانع من الحصول على الكتابة .
( 2 ) حالة قيام المانع من تقديم الكتابة بعد الحصول عليها ، وذلك لفقدها بسبب أجنبى
1 – قيام المانع من الحصول على الكتابة
228 – المانع المادى والمانع الأدبى : إذا وجد مانع من الحصول على الكتابة لإثبات تصرف قانونى كان الواجب إثباته بالدليل الكتابى ، فلا مناص من النزول عند حكم الضرورة ، والسماح بالبينة والقرائن تحل محل الكتابة فى إثبات هذا التصرف . والمانع وفقاً لنص المادة 403 ( بند 1 ) إما أن يكون مانعاً ماديا أو مانعا أدبيا .
وفى الحالتين – قيام المانع المادى أو قيام المانع الأدبى – يجوز الإثبات بالبينة والقرائن : ( 1 ) فيما تزيد قيمته على عشرة جنيهات . ( 2 ) فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها . ( 3 ) فى كل عقد يتطلب القانون أن يكون إثباته بالكتابة ولم لم تزد قيمته على عشرة جنيهات ، كالصلح والكفالة . أما العقد الشكلى الذي لا ينعقد إلا بورقة رسمية ، كالهبة والرهن الرسمى ، فلا يثبت ، بل لا يوجد ، بغير هذه الورقة الرسمية . وقد مر بيان ذلك عند الكلام فى مبدأ الثبوت بالكتابة 449 والبينة والقرائن ، فى الصور الثلاث المتقدم ذكرها ، لا تكمل الدليل الكتابى كما كان الأمر فى مبدأ الثبوت بالكتابة – بل تحل محل هذا الدليل لقيام الضرورة ( [77] ) .
والمانع ، ماديا كان أو أدبياً ، واقعة مادية يكلف بإثباتها الخصم الذي يدعيها ، وله أن يثبتها بالبينة والقرائن ، فيجب إذن على الخصم أن يثبت أولا قيام المانع ، ثم يثبت بعد ذلك التصرف القانونى المدعى ، ويثبت هذا وذاك بجميع الطرق ( [78] ) .
وأيا كان المانع ، مادياً أو أدبيا ، فإن تقديره موكول إلى قاضى الموضوع وهو لا يخضع فى ذلك إلى رقابة محكمة النقض ، ما دام يورد فى أسباب حكمه الواقعة التى اعتبرها مانعاً ، ويبين لماذا أضفى عليها هذا الاعتبار . فإن أتى فى ذلك بما هو مستساغ معقول ، حمل تكييفه على الصحة ، وإلا صار ما اعتبره من ذلك كأنه منتزع من غير دليل ( [79] ) .
ونستعرض الآن كلا من المانعين : المادى والمانع الأدبى .
450 1 – المانع المادى
229 – أمثلة على المانع المادى : لم يورد التقنين المدنى الجديد ، ولا التقنين المدنى السابق ، أمثلة على المانع ، ماديا كان أو أدبيا ، كما فعلت بعض التقنينات الأخرى . ونورد هنا بعض ما أوردته هذه التقنينات ، وما أخذ به القضاء والفقه من حالات المانع المادى .
فقد نص التقنين المدنى الفرنسى ( م 1348 ) على بعض هذه الحالات على سبيل التمثيل . فذكر : ( 1 ) الالتزامات التى تنشأ من شبه العقد أو الجريمة أو شبه الجريمة . ( 2 ) الوديعة الاضطرارية التى تقع فى حالات الحريق والتهدم والاضطرابات والغرق ، وكذلك وديعة النزيل فى الفندق ، وذلك كله وفقا لصفة الشخص ولظروف الواقع . ( 3 ) الالتزامات المعقودة عند نزول أحداث غير منظورة لم يكن يستطاع معها كتابة ورقة .
ونص قانون البينات السورى ( م 57 ) على حالتين : ( 1 ) ألا يوجد من يستطيع كتابة السند ( 2 ) أن يكون طالب الإثبات شخصا ثالثاً لم يكن طرفاً فى العقد .
ونص التقنين المدنى العراقى ( م 491 ) على حالة واحدة هى ألا يوجد من يستطيع كتابة السند .
ويضيف الفقه – والقضاء حالات أخرى . منها عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه واستغلال . ومنها الاحتيال على القانون ، والسبب غير المشروع ، ومنها الصورية بالنسبة إلى الغير وفيما بين المتعاقدين . ومنها ما جرت العادة أن يعتبر الحصول على دليل كتابى فيه متعذراً .
وننبه بادئ ذى بدء إلى أن هذا كله لم يذكر على سبيل الحصر ، بل على سبيل التمثيل . فيجوز أن توجد إلى جانب هذه الحالات حالات أخرى يقوم فيها المانع المادى من الحصول على دليل كتابى ، بل قد تجد حالات لم تكن موجودة من قبل .
451 ونقتصر هنا على تنسيق الأمثلة التى قدمناها وترتيبها ، حتى تتحدد من وراء ذلك فكرة المانع المادى .
ويمكن تقسيم ما قدمناه من الحالات إلى طوائف ست : ( 1 ) الالتزامات التى تنشأ من مصدر غير عقدى ، وعيوب الإرادة . والذى يجمع بين هذه الحالات أنها جميعها فى الواقع من الأمر ليست تصرفات قانونية ، بل هى وقائع مادية ، فهى ليست استثناء من قاعدة وجوب الدليل الكتابى . ( 2 ) أن يكون طالب الإثبات غير طرف فى التصرف القانونى وما يتصل بذلك من الصورية .
( 3 ) الاحتيال على القانون والسبب غير المشروع . ( 4 ) الودائع الاضطرارية ، ويلحق بها ، بالنسبة إلى البلاد التى لم تنتشر فيها الكتابة انتشاراً كافياً ، ألا يوجد من يستطيع كتابة السند . ( 5 ) الأحداث غير المنظورة بوجه عام . ( 6 ) ما جرت به العادة .
230 – الالتزامات غير العقدية وعيوب الإرادة : يذكر التقنين المدنى الفرنسى ( م 1348 ) بين حالات المانع المادى مصادر الالتزامات غير العقدية ، ويعددها على الوجه الذي اختاره فى ترتيب هذه المصادر : شبه العقد والجريمة وشبه الجريمة . ونلاحظ فى هذا الصدد أمرين : ( أولا ) لو فرضنا جدلا أن مصادر الالتزام غير العقدى تصرفات قانونية ، فإن المانع هنا من الكتابة ليس مانعاً خاصاً فى حالة بالذات ، بل هو مانع عام فى جميع هذه الحالات دون تمييز ما بين حالة وحالة . وعندنا أن المقصود بقيام المانع أن يكون هذا المانع ذاتيا يقوم فى حالة بالذات ، لا أن يكون مانعاً موضوعيا يقوم بالنسبة إلى طائفة من الحالات فى جميع أفرادها ( [80] ) .
( ثانياً ) وقبل ذلك ، يجب أن يلاحظ أن المصادر غير العقدية للالتزام ليست تصرفات قانونية إطلاقاً بل هى وقائع مادية ، وقد رأينا أن الدليل الكتابى إنما وضع للتصرفات القانونية دون الوقائع 452 المادية أما هذه فالأصول فيها أن يكون إثباتها بجميع الطرق ، ويدخل فى ذلك البينة والقرائن والمعاينة كما قدمنا . فلم يكن التقنين المدنى الفرنسى فى أية حاجة إلى استثناء المصادر غير العقدية من قاعدة وجوب الإثبات بالدليل الكتابى ، فهى فى الأصل لم تدخل فى هذه القاعدة حتى تستثنى الظاهرى ، وأحسن التقنين المصرى فى تجنب متابعته فى هذا الخطأ ( [81] ) .
وإذا رتبنا مصادر الالتزام غير العقدية الترتيب الحديث ، وقلنا أنها العمل غير المشروع والإثراء بلا سبب والقانون ، وجدنا أن العمل غير المشروع يكون دائما عملا مادياً له أركان ثلاثة ، هى الخطأ والضرر وعلاقة السببية ، وكل ركن من هذه يعتبر واقعة مادية يجوز إثباتها بالبنية والقرائن . على أن هناك أعمالا غير مشروعة تقوم على أساس عقود مدنية ، كجريمة التبديد فهذه يجب فى إثباتها إثبات العقد المدنى الذي تقوم عليه ، ولا بد فى إثبات العقد المدنى من مراعاة 453 قواعد الإثبات المتعلقة بالتصرفات القانونية ، فلا يجوز إثبات ما تزيد قيمته على عشرة جنيهات بالبينة أو القرائن ، سواء فى ذلك كانت المحكمة محكمة مدنية أو محكمة جنائية ، وقد مر ذكر ذلك ( [82] ) .
أما فيما يتعلق بالإثراء بلا سبب ، فالوفاء بغير المستحق يكون عادة تصرفا قانونياً ، لا يجوز إثباته بالبينة أو القرائن إذا زاد المبلغ الموفى به على عشرة جنيهات ( [83] ) . والفضالة ، بالنسبة إلى رب العمل ، هى واقعة مادية يجوز إثباتها بالبينة والقرائن . ولكن الفضولى قد يبرم ، فيما يأتيه من أعمال الفضالة ، تصرفاً قانونياً مع الغير ، ففيما بينه وبين هذا الغير لا يثبت هذا التصرف إلا وفقا لقواعد الإثبات فى التصرفات القانونية . وهذا التصرف نفسه يعتبر ، بالنسبة إلى رب العمل ، واقعة مادية يجوز له إثباتها بجميع الطرق . وأعمال الإثراء بلا سبب الأخرى تكون غالبا أعمالا مادية يجوز إثباتها بالبينة والقرائن ، كالبناء والغراس ، ولكن يقع فى بعض الأحوال أن تكون تصرفات قانونية كمن يوفى دين غيره ويرجع على المدين ، ففى هذا الرجوع تراعى قواعد الإثبات فى التصرفات القانونية ( [84] ) .
أما الوقائع المادية التى ينص القانون على أنها تنشئ التزامات ، فإن إثباتها جائز بجميع الطرق . على أنه يلاحظ أن القرابة لها فى الغالب طرق إثبات خاصة ، وأن الجوار يثبت عادة بالمعاينة .
ثم يذكر الفقه ، فيما يجوز إثباته بالبينة والقرائن لقيام المانع المادى ، عيوب الإرادة من غلط وتدليس وإكراه واستغلال . ولكن هذه أيضاً وقائع مادية ، لا معنى لاستثنائها من قاعدة لا تسرى إلا على التصرفات القانونية . صحيح أن هذه العيوب تلتصق بالإرادة ، أى بالتصرف القانونى ، ولكن التصرف القانونى فى ذاته يثبت وفقا للقواعد العامة ، ومن يدعى وجوده عليه أن يثبته ، فإذا ثبت وجوده كان على من يدعى أن التصرف شابه عيب من هذه العيوب أن يثبت ذلك ، ويجوز له أن يثبت هذا العيب بالبينة والقرائن لأنه واقعة مادية كما قدمنا ( [85] ) .
231 – طالب الإثبات ليس طرفا فى التصرف القانونى ، فإذا استبعدنا ما قدمناه من الوقائع المادية ، واقتصرنا على التصرفات القانونية ، وجب أن نقصر دائرة تطبيق الدليل الكتابى على العلاقة فيما بين طرفى التصرف . فالدليل الكتابى غير مطلوب إلا فى هذا النطاق . أما الغير الذي لم يكن طرفا فى التصرف ، فله أن يثبته ، إذا دعته مصلحة مشروعة إلى هذا الإثبات ، بجميع الطرق ومنها البينة والقرائن . وليس ذلك راجعاً ، فى نظرنا ، إلى قيام مانع مادى حال دون حصول الغير على الكتابة المثبتة للتصرف . لا شك فى أن هذا المانع المادى موجود ، ولكنه مانع عام يوجد فى كل حالة يكون طالب الإثبات فيها من الغير بالنسبة إلى التصرف القانونى ، وقد قدمنا أن المانع يجب أن يكون خاصاً يوجد فى حالة بالذات . والعلة ، فى نظرنا ، فى أن نبيح للغير أن يثبت تصرفاً قانونياً ليس طرفاً فيه بجميع الطرق ، هى أن هذا التصرف بالنسبة إليه يعتبر واقعة مادية ، والواقعة المادية يجوز إثباتها بجميع الطرق .
وقد رأينا أن الشفيع يستطيع إثبات البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة بجميع الطرق ، لأنه من الغير ، فيعتبر البيع بالنسبة إليه واقعة مادية . ورأينا فى الفضالة أن الفوضى فى أعمال فضالته قد يبرم تصرفاً قانونياً مع الغير ، فلرب العمل ، إذا اقتضى الأمر ، أن يثبت هذا التصرف بجميع الطرق ، لأنه لم يكن طرفا فى هذا التصرف ، فيعتبر التصرف بالنسبة إليه واقعة مادية . وقد يتعاقد صاحب المصنع من أحد الفنيين ، فيأتى مصنع منافس ويستخدم هذا الفنى قبل انتهاء خدمته فى المصنع الأول ، فإذا رجع صاحب المصنع الأول على صاحب المصنع الآخر بتعويض ، وطولب أن يثبت عقد استخدام المصنع الآخر لهذا الفنى ، كان له أن يثبت هذا العقد بجميع الطرق ، لأنه ليس طرفا فيه ، فيعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية . والحاجز على مال مدينة قد يضطر إلى إثبات ملكية المدين للمال المحجوز عليه بمقتضى تصرف قانونى لم يكن طرفا فيه ، فيثبت هذا التصرف بجميع الطرق ، إذ هو بالنسبة إليه واقعة مادية . والحاجز على مال مدينة قد يضطر إلى إثبات ملكية المدين للمال المحجوز عليه بمقتضى تصرف قانونى لم يكن طرفياً فيه ، فيثبت هذا التصرف بجميع الطرق ، إذ هو بالنسبة إلى واقعة مادية . ويمكن القول إذن بوجه عام أن كل شخص لم يكن طرفاً فى تصرف قانونى ، وكانت له مصلحة فى إثبات هذا التصرف ، يجوز له الإثبات بجميع الطرق ، لأن التصرف يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية ( [86] ) .
455 كذلك يستطيع الغير ، فى تصرف قانونى مكتوب ، أن يثبت بجميع الطرق ما يخالف الكتابة أو يجاوزها ، لأن التصرف يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية . والمثل البارز لذلك هو الصورية . فالعقد الصورى ، فيما بين المتعاقدين ، تصرف قانونى لا يجوز إثبات ما يخالفه – أى إثبات الصورية – إذا كان العقد مكتوباً ، إلا بالكتابة ( [87] ) . أما بالنسبة إلى الغير ، فيجوز له هذا الإثبات بجميع الطرق ، لأن العقد الصورى بالنسبة إليه يعتبر واقعة مادية ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك .
232 – الاحتيال على القانون والسبب غير المشروع : فإذا اقتصرنا على العلاقة فيما بين طرفى التصرف القانونى ، أمكن أيضا أن نتصور جواز أن يثبت أحد الطرفين التصرف القانونى بجميع الطرق ، لا لأن التصرف يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية فهو تصرف قانونى بالنسبة إلى كل من الطرفين ، بل لأن هناك سبباً غير مشروع ، كربا فاحش أو مقامرة ، يراد إخفاؤه احتيالا على القانون . وقد قدمنا أن الاحتيال على القانون يبيح الإثبات بجميع الطرق ، فهو مبدأ عام يضاهى فى عمومه مبدأ قيام المانع ، ولا يتفرغ عنه . ولذلك يجب ألا نخلط ما بين المبدأين . وقد سبق أن عالجنا مبدأ الاحتيال على القانون وكيف يجيز الإثبات بالبينة والقرائن .
233 – الودائع الاضطرارية وما يلحق بها : وننتقل الآن إلى النطاق الحقيقى لقيام المانع . فهو دائرة العلاقة بين طرفى التصرف القانونى فيما ليس فيه احتيال على القانون ، وذلك بعد أن استبعدنا من هذا النطاق الواقعة المادية فهى ليست بتصرف قانونى ، واستبعدنا الغير الذي يعتبر التصرف القانونى بالنسبة إليه واقعة مادية ، واستبعدنا الاحتيال على القانون وهو يبيح كمبدأ عام مستقل الإثبات بجميع الطرق . وننظر ، فى حدود هذا النطاق الحقيقى ، كيف يحول المانع المادى دون الحصول على الدليل الكتابى .
ونواجه أول ما نواجه الوديعة الاضطرارية ( depot necessaire ) وما يلحق بها . فهنا يقوم مانع مادى يتعذر معه الحصول على الكتابة لإثبات التصرف .
456 فمن فوجئ بخطر الحريق أو النهب أو الاضطراب أو التهدم أو الغرق أو نحو ذلك ، فبادر إلى إنقاذ متاعه من هذه الأخطار بإيداعه عند الغير ، لا يجد من الوقت ولا من الظروف التى أحاطت به متسعاً للحصول من المودع عنده على دليل كتابى بالوديعة إذا زادت قيمتها على عشرة جنيهات . وبحسبه أن وجد من يستودعه متاعه فى هذه الظروف الحرجة . فإذا زال الخطر وأراد استرداد متاعه ، وأنكر المودع عن الوديعة ، كان على المودع أن يثبت أولا قيام المانع من الحصول على الدليل الكتابى ، أى الخطر الذي كان يتهدده . وهذه واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق . ثم يجوز له بعد ذلك أن يثبت بالبينة والقرائن عقد الوديعة ذاته .
ويلحق بالوديعة الاضطرارية وديعة النزيل فى الفندق لأمتعته . فقد شبه التقنين المدنى الفرنسى ( م 1348 وم 1352 ) هذه الوديعة بالوديعة الاضطرارية ، من حيث قيام المانع المادى من الحصول على دليل كتابى . أما التقنين المدنى المصرى فقد سكت عن ذلك ، وترك المسألة للقواعد العامة . وقد نصت المادة 727 من التقنين المدنى على أن ” 1 – يكون أصحاب الفنادق والخانات وما ماثلها ، فيما يجب عليهم من عناية بحفظ الأشياء التى يأتى بها المسافرون والنزلاء ، مسئولين حتى عن فعل المترددين على الفندق أو الخان . 2 – غير أنهم لا يكونون مسئولين ، فيما يتعلق بالنقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة ، عن تعويض يجاوز خمسين جنيها ، ما لم يكونوا قد أخذوا على عاتقهم حفظ هذه الأشياء وهم يعرفون قيمتها ، أو يكونوا قد رفضوا دون مسوغ أن يتسلموها عهدة فى ذمتهم ، أو يكونوا قد تسببوا فى وقوع الضرر بخطأ جسيم منهم أو من أحد تابعيهم ” . وظاهر من هذا النص أن مسئولية صاحب الفندق العقدية ، بمقتضى عقد الوديعة ، تختلف عن مسئولية التقصير . فهو مسئول مسئولية عقدية ، بمقتضى عقد الوديعة ، عن المحافظة على الأمتعة التى يأتى بها النزيل . وإثبات عقد الوديعة فى هذه الحالة يكون بجميع الطرق ، لقيام مانع مادى من الحصول على الكتابة . ونلاحظ منذ الآن أن المانع المادى أخذ هنا يتخفف من حدته ، فلم يعد مانعاً مادياً يجعل الحصول على الدليل الكتابى متعذراً كما كان الأمر فى الوديعة الاضطرارية ، بل هو مانع مادى يجعل الحصول على الدليل الكتابى غير مألوف ويتعارض مع ظروف الإيداع . ويقدر ما يتخفف المانع 457 المادى هنا من حدته ، بقدر ما يفقد من صبغة الخصوص فيه ، ويقرب من أن يكون مانعاً عاماً لا يختص بحالة دون حالة ، لولا أن وديعة نزيل الفندق هى ذاتها حالة متخصصة بين الودائع بوجه عام . وهنا أيضا تتسع الثغرة فى قاعدة الدليل الكتابى لتترك مجالا غير ضيق للإثبات بالبينة . أما فيما يختص بالنقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة فمسئولية صاحب الفندق العقدية ، بمقتضى عقد الوديعة الذي يثبت بالبينة والقرائن ، لا تجاوز خمسين جنيها مصرياً . فإن جاوز الضرر هذا المبلغ ، تحولت مسئولية صاحب الفندق إلى مسئولية تقصيرية ، أو بقيت عقدية على حسب الأحوال . وعلى النزيل أن يثبت أحد أمور ثلاثة : ( 1 ) عقد وديعة خاصة ، يتعهد بمقتضى صاحب الفندق بالمحافظة على النقود والأوراق المالية والأشياء الثمينة وهو عارف قيمتها . وهذا العقد لا يجوز فى إثبات البينة أو القرائن لأن قيمته تزيد على عشرة جنيهات . ( 2 ) خطأ من صاحب الفندق ، هو أنه رفض دون مسوغ أن يتسلم النقود أو الأوراق المالية أو الأشياء الثمينة عهدة فى ذممته . وهذا الخطأ واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق . ( 3 ) خطأ جسيما من صاحب الفندق أو من أحد تابعيه ، أياً كان هذا الخطأ ، ولكن لا يكفى أن يكون خطأ عادياً بل أن يكون جسيماً . وهذا الخطأ أيضا واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ( [88] ) .
وينص كل من قانون البينات السورى ( م 57 ) والتقنين المدنى العراقى ( م 491 ) صراحة على أنه ” يعتبر مانعاً مادياً ألا يوجد من يستطيع كتابة السند ” ( [89] ) .
وهنا أيضا يزداد المانع المادى تخففاً من حدته . فيصبح للعرف والبيئة دخل فى تقديره . ففى البلاد التى لم تنتشر فيها الكتابة انتشاراً كافياً قد يتعذر فى بعض الأحوال العثور على شخص يستطيع كتابة السند الذي يراد إعداد كدليل كتابى على التصرف القانونى المعقود . فيقدر القاضى ظروف البيئة فى كل مسألة بالذات ، ليرى إذا كان حقاً قد تعذر العثور على من يكتب السند ، فيقضى بقيام المانع المادى ويرخص فى الإثبات بالبينة . وطالب الإثبات بالبينة هو الذي يحمل 458 عبء إثبات تعذر العثور على من يكتب السند فى الظروف التى انعقد فيها التصرف القانونى ، ويستطيع إثبات ذلك بالبينة والقرائن لأنه إنما يثبت واقعة مادية . ونلاحظ أن المانع المادى هنا هو مانع خاص ذاتى ، لا مانع عام موضوعى . ولا يعتد به إلا فى القوانين التى تنص عليه . ففى التقنين المصرى ، حيث لا نص ، لا يكون هذا مانعاً يسوغ الإثبات بالبينة والقرائن .
234 – الأحداث غير المنظورة بوجه عام : وقد أضاف التقنين المدنى الفرنسى ( م 1348 بند 3 ) عبارة عم بها ظروف الودائع الاضطرارية ، فأجاز الإثبات بالبينة ” عند نزول أحداث غير منظورة لم يكن يستطاع معها كتابة ورقة ” . ويجب أن تكون النازلة غير منظورة ، وأن تكون جسيمة بحيث تجعل التعاقد على الالتزام أمراً بلغ حداً من الاستعجال لا يتسع معه الوقت للحصول على سند كتابى . فالقرض الذي يعطى لإسعاف أحد الجنود فى جيش يتقهقر منهزماً ( [90] ) ، وإقراض شخص مالا طرأت الحاجة إليه وهو على وشك السفر ، أو وهو مصاب فى حادث لم يكن يتوقعه ، وإيداع السيارة فى مكان عام حيث لا يوجد من الحراس عدد كاف لتسلم جميع السيارات المودعة ( [91] ) ، وإصابة المودع بشلل فجائى اضطر معه للانتقال إلى المستشفى قبل الحصول على سند كتابى ( [92] ) ، وإيداع صندوق بداخله نقود أثناء قيام البوليس بالتفتيش ( [93] ) ، كل هذه حالات يجوز فيها الإثبات بالبينة والقرائن لقيام المانع المادى الذي يخول دون الحصول على سند كتابى . ويقدر القاضى كل حالة على حدتها ، ليرى هل هناك مانع مادى ، فالمانع إذن خاص ذاتى ، لا عام موضوعى .
235 – ما جرت به العادة : وهنا يتخفف المانع المادى من حدته إلى حد أقصى ، ويزداد اتساع الثغرة فى قاعدة الدليل الكتابى . إذ لا يكون المانع 459 المادى راجعاً إلى التعذر أصلا ، بل إلى مجرد ما جرت به العادة وألفته الناس فى التعامل . وفى هذا خرق واسع تحدثه البينة فى نطاق الدليل الكتابى . ويزيد فى خطورة الأمر أن المانع يبدأ فى التحول من مانع ذاتى إلى مانع موضوعى ، لولا بقية من الذاتية هى التى تركت لتقدير القاضى لينظر فى كل حالة على حدة هل جرت العادة فى مثلها ألا يؤخذ سند كتابى .
وقد جرت العادة ألا يأخذ السيد من خادمه دليلا كتابيا على ما يعهد إليه به من مال أو متاع . وجرت عادة أصحاب الفنادق والمطاعم والمقاهى ألا يأخذوا دليلا كتابيا على ما يقدمون إلى عملائهم من خدمة ومأكل ومشرب . وجرت عادة التجار ألا يأخذوا دليلا كتابيا على ما يرسلوا إلى المنازل من سلع . وجرت العادة فى الأسواق أن تجرى المبايعات بالشروط المألوفة دون كتابة ، فإذ خرجت الشروط عن نطاق المألوف دونت فى ورقة مكتوبة ( [94] ) .
ويختلط المانع المادى هنا بالمانع الأدبى الذي سنراه فى عرف بعض المهن . ومن الفقهاء من يميز بين عادة عامة تجرى بين فريق كبير من الناس بحيث تعتبر قاعدة قانونية مصدرها العرف ، وهذا هو المانع المادى ، وبين عادة خاصة جرى عليها شخصان فى التعامل فيما بينهما ، مما يمكن اعتباره دليلا على وجود صلة متينة بين المتعاملين تمنع من الحصول على سند مكتوب ، وهذا هو المانع الأدبى( [95] ) . وفى رأينا أن المانع المادى والمانع الأدبى يتلاقيان عند العادة ، ويصعب هنا الفصل فيما بينهما فصلا دقيقا . فالعادة من حيث إنها تضع قاعدة مألوفة للسلوك المتبع يتعذر معها الحصول على دليل كتابى تكون مانعاً مادياً ، ومن حيث إنها تتغلغل فى النفوس إلى حد يحجم معه المتعاملون من طلب دليل كتابى تكون مانعاً أدبيا .
460 ب – المانع الأدبى
236 – تقدير المانع الادبى موكول لقاضى الموضوع – اتساع الثغرة فى الدليل الكتابى : وقد يكون المانع أدبياً غير مادى . وتقدير ذلك – كما هو الأمر فى المانع المادى – موكول للقاضى . وتقديره موضوعى لا معقب عليه لمحكمة النقض ( [96] ) كما تقدم القول . ويميل القضاء إلى التوسع فى الموانع الأدبية ، فتتسع بذلك إلى حد بعيد الثغرة فى قاعدة الدليل الكتابى . ويساعد على ذلك أن القضاء لا يميل إلى تحديد ما هو المانع الأدبى ، فيترك القاضى حراً فى تقدير كل حالة على حدتها ، فيحد من صرامة وجوب الحصول على سند مكتوب بعد هبوط قيمة العملة وصعود مستوى الأسعار ( [97] ) .
وأكثر ما ترجع الموانع الأدبية – وفقا لأحكام القضاء – إلى أمور ثلاثة : ( 1 ) الزوجية والقرابة ( 2 ) علاقة الخدمة ( 3 ) العرف المتبع فى بعض المهن .
237 – الزوجية والقرابة : كثيراً ما تقوم علاقة الزوجية أو القرابة مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على الدليل الكتابى الذي يتطلبه القانون . فإذا أثبت الخصم هذه العلاقة ( [98] ) ، وقرر القاضى ، وفقاً لظروف كل حالة وملابساتها – ومن ثم يكون المانع الأدبى خاصاً ذاتياً لاعاماً موضوعياً – أنها علاقة كافية لتقوم مانعاً أدبياً يحول دول الحصول على الدليل الكتابى ، أباح للخصم الإثبات بالبينة والقرائن بدلا من الكتابة .
461 فعلاقة الزوجية قد تحول – وفقاً لظروف كل حالة – دون الحصول على دليل كتابى لإثبات قرض ما بين الزوجين ، أو لإثبات الوفاء بالدين ، أو لإثبات أى تصرف قانونى آخر ( [99] ) . وكعلاقة الزوجية علاقة المصاهرة ، وقضت محكمة استئناف مصر بأن الموانع الأدبية التى تسمح بالإثبات بالبينة والقرائن تخضع لظروف الدعوى أيضا لا لشدة القرابة وحدها ، فإذا زوجت سيدة ابن خالتها من ابنتها بغير مهر ، وجهزت هى ابنتها ، وأقامت الإبنة وزوجها عندها ليسرها ، هذه الظروف كلها تمنع الزوج أدبيا منعاً قوياً من مطالبة أم زوجته بكتابة إذا أودعها مالا ما أثناء إقامته وزوجته عندها ( [100] ) . وعلاقة الخطبة وحدها قد تكفى فى بعض الأحوال لقيام المانع الأدبى . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن العرف جرى بين المصريين ، وخصوصا المسلمين منهم ، على أنه بعد الاتفاق على الخطبة ودفع المهر وقبل إتمام الزفاف ، يشترى الجهاز ، فإذا سلم للخاطب ، ولم يتم الزواج ، وطولب به جاز إثبات الدعوى بالبينة ، إذ يوجد فى هذه الظروف مانع أدبى يحول دون الحصول على سند كتابى من الخاطب ( [101] ) .
والعلاقة بين الولد وأبويه كثيراً ما تحول دون الحصول على الدليل الكتابى ، 462 وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن صلة الأبوة هى من الموانع الأدبية ( [102] ) . وكذلك علاقة الأخوة ، وقد قضت محكمة النقض بأنه مما لا نزاع فيه أن المانع كما يكون مادياً يجوز أن يكون أدبيا ، والتقدير فى ذلك على كل حال لمحكمة الموضوع ، فإذا رأت فى قضية ما ، لعلاقة الأخوة بين الطرفين ، ولاعتبارات شتى أوردتها فى حكمها ، توفر هذا المانع الأدبى المسوغ للإثبات بالبينة ، فلا معقب على ما رأته فى هذا الشأن ( [103] ) . كذلك صلة القرابة بين المتهم وخالته تعتبر مانعا ادبيا من الحصول على الكتابة ( [104] ) . ودرجة القرابة التى تربط المتهم بعمته وقد سلمته سنداً مثبتاً لدين لها على أبنها ، تعتبر مانعاً أدبياً ، لأن الإيداع يدل فى ذاته على أن للمتهم عند عمته منزلة خاصة ، فتكليفا يأخذ إيصال عليه بهذا الإيداع تكليف يتنافر مع هذا الائتمان ( [105] ) . وسواء كانت القرابة قريبة أو بعيدة ، فمحكمة الموضوع هى التى تقدر ، فى كل حالة بالذات ، متى تعتبر هذه القرابة مانعاً أدبياً . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن حال الصلات العائلية فى ذاتها من حيث تعيين درجة القرابة بالدقة ليست هى التى يترتب عليها بطريقة مطرده المانع الأدبى الذي يحول دون الحصول على كتابة مثبتة للدين أو للتخالص منه ، بل قد يوجد ذلك المانع ولو كانت القرابة بعيدة فى الظاهر ، تبعاً لطبيعة الصلات العادية بين الخصوم من محبة وإخلاص ( [106] ) . وقضت محكمة النقض بأن اعتبار صلة القرابة بين أطراف الخصومة من الموانع الأدبية التى تحول دون الحصول على دليل كتابى هو من الأمور الواقعية التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها من محكمة النقض ( [107] ) .
463 وقد تقوم صلات أخرى – غير صلات الزوجية والقربى – تكون مانعاً أدبيا من الحصول على الكتابة . من ذلك صلة الجوار ( [108] ) ، وصلة الوكالة غير المأجورة ( [109] ) . بل إن مجرد العادة ( [110] ) ، أو مركز الشخص الاجتماعى ( [111] ) ، قد يكون مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على سند مكتوب .
هذا وقد اختارت بعض التقنينات العربية أن تحدد متى تعتبر صلة القرابة والزوجية مانعاً أدبياً ، فحولت بذلك هذه الصلة من مانع خاص ذاتى إلى مانع عام موضوعى . من ذلك أن نص قانون البينات السورى ( م 57 ) على أنه ” تعتبر مانعاً أدبياً القرابة ما بين الزوجين ، أو ما بين الأصول والفروع أو ما بين الحواشى إلى الدرجة الثالثة ، أو ما بين أحد الزوجين وأبوى الزوج الآخر ” . 464 ونص أيضاً تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى ( م 242 ) على أنه ” يكتفى بمجرد الاستحالة المعنوية ، وهى تنشأ خصوصاً عن العرف المتبع فى بعض المهن ، أو علاقات القربى ما بين الأصول والفروع أو عن الروابط الزوجية ” . ونص أخيراً التقنين المدنى العراقى ( م 491 ) على جواز الإثبات بالشهادة فيما كان يجب إثباته بالكتابة ” إذا كان العقد مبرماً ما بين الزوجين ، أو ما بين الأصول والفروع ، أو ما بين الحواشى إلى الدرجة الرابعة ، أو ما بين أحد الزوجين وأبوى الزوج الآخر ” ( [112] ) .
238 – علاقة الخدمة : والعلاقة ما بين المخدوم والخادم قد لا تسمح ، تبعاً للظروف ، بالحصول على الدليل الكتابى . فخدمة المنازل لا يستطيعون عادة تقديم دليل كتابى على مقدار أجورهم وشروط خدمتهم ( [113] ) ، ولا على ما قدموه لحساب المخدوم من مبالغ صرفوها فى الشؤون المنزلية ( [114] ) . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن صلة الخادم بسيده وطول خدمته عنده يعتبر من المواقع الأدبية ( [115] ) .
وكذلك العلاقة ما بين رب العمل والعامل قد لا تسمح هى أيضاً ، تبعاً للظروف ، بأن يكون هناك دليل كتابى . مثل ذلك العلاقة ما بين صاحب المصنع وعامله ( [116] ) ، والعلاقة ما بين رب العمل وكاتبه ( [117] ) ، والعلاقة ما بين والد التلميذ والمعلم ( [118] ) ، والعلاقة ما بين خادم الفندق ومخدومه ( [119] ) .
465
239 – عرف بعض المهن : وتقضى الظروف فى بعض المهن ألا يكون هناك دليل كتابى على التعامل . ويتحقق ذلك بنوع خاص فى مهنة الطب ، فإن الطبيب فى أكثر الظروف لا يحصل على دليل كتابى من المريض بما اتفقا عليه من أجر للعلاج . بل قد لا يتفقان أصلا على الأجر ، ويطلب الطبيب أجره بعد ذلك وفقاً للعرف الجارى ، دون أن يطلب منه تقديم دليل كتابى فيما يزيد على عشرة جنيهات ( [120] ) .
وحائك الملابس لا يأخذ عادة ورقة مكتوبة من عميله ، فيجوز له إثبات حقه فى ذمة العميل بالبينة والقرائن ، حتى لو زادت القيمة على عشرة جنيهات . وله أن يستعين فى ذلك بدفاترة التجارية وفقاً لقواعد الإثبات الخاصة بهذه الدفاتر( [121] ) .
وقد اشرنا فيما قدمناه كيف يلتقى المانع المادى والمانع الأدبى فيما يقضى به العرف فى كثير من الأحوال من جواز الإثبات بالبينة وبالقرائن .
2 – قيام المانع من تقديم الكتابة لفقدها بسبب أجنبى
240 – نطاق تطبيق القاعدة : رأينا ، فيما قدمناه ، قيام مانع مادى أو أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى ، فجاز الإثبات بالبينة والقرائن نزولا عند حكم الضرورة . أما هنا ، فقد حصل الدائن على الدليل الكتابى الذى يقضى به القانون ، ولكنه بعد حصوله على هذا الدليل فقده لسبب أجنبى لابد له فيه . فمكان الضرورة فى هذه الحالة أكثر وضوحاً ، لأن الدليل الكتابى قد وجد فعلا ولكنه ضاع بغير تقصير من الدائن . لذلك يجوز عندئذ أن تحل 466 البينة والقرائن محل الدليل الكتابى لإثبات :
( 1 ) ما تزيد قيمته على عشرة جنيهات .
( 2 ) ما يخالف الكتابة أو يجاوزها .
( 3 ) أى عقد يشترط القانون أن يكون إثباته بالكتابة ولو لم تجاوز قيمته عشرة جنيهات كالصلح والكفالة .
( 4 ) أى عقد شكلى ، كالهبة والرهن الرسمى على التفصيل الذى سنورده فيما يلى . وفى هذا تختلف هذه القاعدة عن القاعدة السابقة ، فقد رأينا أن قيام المانع لا يجيز إثبات العقد الشكلى بالبينة والقرائن( [122] ) .
241 – أمور ثلاثة يجب إثباتها : ومن يدعى أنه حصل على سند مكتوب ثم فقده بسبب أجنبى ، عليه أن يثبت أموراً ثلاثة :
( 1 ) أنه كان قد حصل فعلا على سند مكتوب . ويجوز أن يثبت ذلك بجميع الطرق ، لأنه إنما يثبت واقعة مادية ( [123] ) .
467
( 2 ) وأن هذا السند قد فقد . وهذه أيضاً واقعة مادية يجوز إثباتها بالبينة بالقرائن( [124] ) .
( 3 ) وأن فقد السند كان بسبب أجنبى لا يد له فيه ، كسرقة أو حريق أو نحو ذلك من الحوادث التى لم يكن يتوقعها ( [125] ) . وهذه أيضاً واقعة مادية يجوز له إثباتها بالبينة والقرائن( [126] ) . ويلاحظ هنا أمران ( أولهما ) أن السبب الأجنبى لا يتشدد فيه التشدد الذى رأيناه فى المسئولية ، فيكفى أن يثبت صاحب السند أنه لم يقصر فى المحافظة عليه حتى يعتبر أنه فقد السند بسبب أجنبى( [127] ) . و( الثانى ) أن إثبات السبب الأجنبى قد يتضمن فى الوقت ذاته إثبات فقد السند . فإذا أثبت 418 شخص مثلا أن حريقاً لا يد له فيه التهم منزله ، ولم يستطع انتشال أوراقه ومستنداته فاحترقت جميعها ، كان فى هذا إثبات للسبب الأجنبى وإثبات عقد السند المكتوب ما دام قد أثبت أن أوراقه قد احترقت جميعها ( [128] ) .
فإذا استطاع الخصم إثبات هذه الأمور الثلاثة –وكلها يمكن إثباتها بجميع الطرق لأنها وقائع مادية كما رأينا – كان له بعد ذلك أن يثبت الحق الذى يدعيه بالبينة والقرائن ، حتى لو زادت قيمته على عشرة جنيهات ، وحتى لو خالف بهذا الإثبات أو جاوز ما هو ثابت بالكتابة( [129] ) .
242 – التوسع فى القاعدة والتضييق منها : وقاعدة فقد السند بسبب أجنبى يوسع فيها ، فيجوز إثبات تصرف قانونى شكلى ، هبة أو رهن رسمى مثلا ، بالبينة والقرائن إذا ثبت أن هذا التصرف كان فى سند ثم فقد السند بسبب أجنبى . ولكن يجب هنا ، عند إثبات سبق وجود السند ، أن يثبت صاحب الشأن أيضاً أن هذا السند كان مستوفياً للشكل الذى يتطلبه القانون( [130] ) . وتختلف هذه القاعدة ، 469 كما قدمنا ، عن قاعدة قيام المانع وقاعدة مبدأ الثبوت بالكتابة فى هذا الصدد . فقد رأينا أن العقد الشكلى لا يجوز إثباته بالبينة والقرائن ، حتى عند قيام مانع حال دون الحصول على الكتابة ، وحتى مع وجود مبدأ ثبوت بالكتابة . أما هنا –عند فقد السند بسبب أجنبى – فيجوز إثبات العقد الشكلى بالبينة والقرائن ، لأن السند مفرغاً فى الشكل الذى يتطلبه القانون قد وجد فعلا ، فاستكمل التصرف أركانه وقام صحيحاً ، ثم فقد السند بعد ذلك بسبب أجنبى ليس من شأنه أن يؤثر فى قيام التصرف . ومتى كانت الدعوى أن التصرف القانون قد وجد فعلا مستوفياً لشكله القانونى ، فلا يوجد ما يمنع حينئذ من إثبات سبق هذا الوجود بالبينة والقرائن( [131] ) .
ويضيق فى القاعدة من ناحية أخرى . فقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه يجوز الاتفاق على عكسها ، مثلها فى ذلك مثل سائر قواعد الإثبات ، وأنه إذا اشترط رب العمل أن العامل لا يجوز له أن ينضم إلى صندوق المعاش إلا إذا أثبت أنه قضى مدة معينى فى خدمة رب العمل ، وأن هذا الإثبات لا يجوز أن يكون إلا من واقع العامل ( Livret de L’ouvrier ) ، أو بمستخرج من سجلات رب العمل ( Extrait des livres du patron ) ، فلا يسمح للعامل أن يثبت أنه قضى المدة المعينة فى الخدمة بطريق آخر غير هذين الطريقين ، حتى لو كان رب العمل لم يحتفظ بسجلاته وكان العامل قد فقد دفتره( [132] ) .
470
( [1] ) وكل نوع من هذين النوعين من الاستثناءات مستقل عن الآخر . فقد يوجدان معا ، ويختار عندئذ التمسك بأيهما . مثل ذلك أن يكون الخصم قد اجتمع عنده دليل كتابي كامل ، ثم فقده بسبب أجنبي ، وفي الوقت ذاته عثر علي مبدأ ثبوت بالكتابة . فله إما أن يتمسك بمبدأ الثبوت بالكتابة ويعززه بالبينة أو بالقرائن ، وإما أن يتقدم لإثبات دعواه بالبينة أو بالقرائن دون أن يقدم مبدأ الثبوت بالكتابة وذلك بعد أن يثبت فقده الدليل الكتابي الكامل بسبب أجنبي . وقد يوجد أحد الاستثنائين دون الآخر ، فيتمسك به الخصم ويتحقق ذلك في المثل المتقدم إذا ضاع الدليل الكتابي الكامل بإهمال من الخصم ، فليس أمامه في هذه الحالة إلا أن يتمسك بمبدأ الثبوت بالكتابة بالبينة أو بالقرائن ( أوبري ورو 12 فقرة 763 مكرر 3 ص 342 – بارتان علي أوبري ورو 12 فقر 764 هامش رقم 1 مكرر 3 – بودري وبارد 4 فقرة 2616 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1543 ص 1004 ) .
هذا ويلاحظ أن البينة والقرائن في حالة فقد الدليل الكتابي الكامل تكون دليلا بدليا ، وليست دليلا أصليا كما هي في حالة إثبات التصرف الذي لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات . وهي في حالة مبدأ الثبوت بالكتابة دليل تكميلي ، وليست دليلا أصليا ولا دليلا بدليا . وقد تقدمت الإشارة إلي ذلك ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1530 ص 985 ) .
( [2] ) انظر في هذا الموضوع : هنري مازو ( H . Mazeaud ) في الفكرة القانونية من مبدأ الثبوت بالكتابة المنصوص عليه في المادة 1347 من التقنين المدني الفرنسي ، رسالة من ليون سنة 1921 – مانويل ( Manuel ) في مبدأ الثبوت بالكتابة ، رسالة من جرينوبل سنة 1937 – روجيه برو ( Roger parrot ) في مبدأ الثبوت بالكتابة في موسوعة داللوز في القانون المدني 1 ص 697 ( Encyclopedie Dakkoz Droit Civil ) .
( [3] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 540 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : ” 1 – يجوز الإثبات بالبينة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة . 2 – وكل كتابة تصدر من الخصم ، ويكون من شأنها أن تجعل وجود العقد المدعي به قريب الاحتمال ، تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ” وفي لجنة المراجعة أضيفت عبارة : ” فيما كان يجب إثباته بالكتابة ” في الفقرة الأولي ليكون المعني أدق ، وأصبح رقم المادة 415 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب بعد استبدال كلمة ” التصرف ” بكلمة ” العقد ” في الفقرة الثانية منها . ووافقت عليها لجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 402 ثم مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 405 و ص 408 – ص 409 ) .
( [4] ) وكانت المادة 217 / 282 من التقنين المدني السابق تجري علي الوجه الآتي : ” ومع ذلك فالإثبات بالبينة أو بقرائن الأحوال يجوز قبول إذا كان الدين أو التخلص منه صار قريب الاحتمال بورقة صادرة من الخصم المطلوب الإثبات عليه ” . ونري من ذلك ألا فرق في الحكم ما بين التقنين المدني الجديد والتقنين المدني القديم في هذا الموضوع ، رغم الاختلاف في العبارة .
( [5] )نصوص التقنينات المدنية العربية الأخري : قانون البينات السوري م 56 : 1 – يجوز الإثبات بالشهادة في الالتزامات القانونية حتي لو كان المطلوب تزيد قيمته علي مائة ليرة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة . 2 – ومبدأ الثبوت بالكتابة هو كل كتابة تصدر عن الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود العقد المدعي به قريب الاحتمال( ويلاحظ أن الفقرة الأولي من هذا النص قاصرة ، حيث تقول : حتي لو كان المطلوب تزيد قيمته علي مائة ليرة . وكان الأولي أن يقال بدلا من ذلك : فيما كان يجب إثباته بالكتابة ، حتي يرد الاستثناء علي قاعدة وجوب الدليل الكتابي بشقيها ، فيشمل ما إذا كان المطلوب تزيد قيمته علي مائة ليرة وما إذا كان المراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها . كذلك كان الأفضل استعمال عبارة ” التصرف القانوني ” بدلا من عبارة ” الالتزامات التعاقدية ” ، إذ العبارة الأولي أعم من العبارة الثانية وفيما عدا ذلك يتفق نص التقنين السوري مع نص التقنين المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 490 : تطابق نص المادة 56 من قانون البينات السوري ، ويرد عليها نفس الاعتراضات .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني م 242 : تقبل البينة الشخصية : . . . .3 ) إذا وجدت بداءة بينة خطية ، أي مخطوطة ولو خالية من التوقيع ، صادرة عن المدعي عليه أو عمن يمثله ، يجعل الواقعة المزعومة قابلة للتصديق . ( وهذا النص يتفق في حكمه مع نص التقنين المصري ) .
التقنين المدني للمملكة الليبية المتحدة م 389 : تطابق المادة 402 من التقنين المدني المصري .
( [6] ) التقنين المدني الفرنسي م 1347 : 1 – ويستثني من القواعد المتقدم ذكرها ( أي من وجوب الدليل الكتابي في إثبات تصرف تزيد قيمته علي 5000 فرنك وفي إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها ) الأحوال التي يوجد فيها مبدأ ثبوت بالكتابة . 2 – ويقصد بمبدأ الثبوت بالكتابة كل ورقة مكتوبة صادرة من الخصم الموجه إليه الطلب أو من شخص يمثله هذا الخصم ، ويكون من شأنها ان تجعل الورقة المدعي بها قريبة الاحتمال . ( هذا ومبدأ الثبوت بالكتابة عرف في القانون الفرنسي القديم عقب صدور أمر مولان عن طريق القضاء ، واستقر في نصوص الأمر الصادر في سنة 1667 ، وانتقل إلي بوتييه ، ومنه إلي التقنين المدني الفرنسي علي الوجه الذي نراه : بودري وبادر 4 فقرة 2580 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1531 – بيدان وبرو 9 فقرة 1272 ) .
Art . 1347 : Les regles ci – dessus recoivent exception lorsqu il existe un commencement de prevue par ecrit . On appelle ainsi tout acte par ecrit qui est emane de celui contre lequel la demande est formee ou de celui qu il represente et qui rend vraisemblable le fait allegue .
( [7] ) ذلك أن البينة والقرائن تستند في هذه الحالة إلي ورقة مكتوبة ، فيمكن أن يضفي عليها من الثقة ما يعوزها لو لم تستند إلي الورقة المكتوبة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1531 ) . وقد قدمنا أن البينة والقرائن تعتبر في هذه الحالة دليلا تكميليا لا دليلا أصليا ، ولكنها دليل ضروري وبغيره يكون الإثبات ناقصا ( استئناف مختلط 9 مايو سنة 1944 م 56 ص 143 ) . وسنري أنه يجوز أن يكون الدليل التكميلي لمبدأ الثبوت بالكتابة هي اليمين المتممة ، لا البينة ولا القرائن .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا المعني ما يأتي : ” وينبغي التنويه بما لتعيين السمة الخاصة التي يمتاز بها هذا الاستثناء من بالغ الأهمية ، ذلك أنه يجعل الإثبات بالبينة جائزا إذا جاوزت القيمة مبلغ عشرة جنيهات من ناحية ، ويجعله جائزاً كذلك لنقص الثابت كتابة وإقامة الدليل علي الإضافة إليه من ناحية أخري . فمتي وجد مبدأ ثبوت بالكتابة بشأن الالتزام المدعي به جاز الإثبات بالبينة ، فهي بهذا الوصف تكمل ما يعتور الدليل المستخلص من هذا المبدأ من نقص وقصور . وينهض لتوجيه هذا الحكم ما هو ملحوظ من أن مبدأ الثبوت بالكتابة يجعل الواقعة المدعي بها قريبة الاحتمال . ويعتبر هذا الوجه ضماناً كافيا للحد من الأخطار التي تكتنف الإثبات بالبينة . ثم إن البينة لا تكون في هذه الحالة إلا دليلا مكملا أو متمما ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 406 ) – هذا ويفسر عادة مبدأ الثبوت بالكتابة في كثير من التوسع حتي تنكسر حدة التنظيم القانوني للإثبات . فتقبل البينة والقرائن في مواضع تقضي العدالة بقبولها فيها ، وما كانت لتقبل لولا فكرة مبدأ الثبوت بالكتابة . فهذه الفكرة إذن تتدارك كثيراً مما تفوته الصرامة التي تنطوي عليها دقة تنظيم الإثبات ، وهي صمام الأمان الذي يكفل لقواعد الإثبات أن تسري في رفق ويسر ( بيدان وبرو 9 فقرة 1272 ) .
( [8] ) ومع ذلك تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذه المسألة ما يأتي : ” أما فيما يتعلق بنطاق تطبيق هذا النص فليس شك في أنه لا يسري حيث تكون الكتابة شرطا من شروط صحة الالتزام يترتب البطلان علي تخلفه ولو كانت القيمة أقل من عشرة جنيهات ، كما هو الشأن في المحررات الرسمية . ذلك أن الكتابة أو الأوضاع الشكلية لا تكون في هذه الحالة مجرد دليل فحسب ، بل تعتبر ركنا أو شرطا من شروط الصحة الموضوعية . علي أن الخلاف قد أثير في الفقه بصدد الالتزامات التي يشترط فيها القانون الكتابة دون أن ينص علي البطلان ، ولاسيما بالنسبة للإيجار ( وكان التقني المدني السابق يشترط في إثباته الكتابة ) . والرأي أن الالتزام يترتب صحيحا في هذه الحالة ، ولكن لا يمكن إثباته إلا بالإقرار أو اليمين ، لأن البينة قد استبعدت صراحة بالنص ، فليس يجوز العود إليها من طريق غير مباشر بالالتجاء إلي مبدأ الثبوت بالكتابة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 406 ) . هذا وكانت المادة 363 / 446 من التقنين المدني السابق تنص علي أن ” عقد الإيجار الحاصل بغير كتابة لا يجوز إثباته إلا بإقرار المدعي عليه أو امتناعه عن اليمين إذا لم يبدأ في تنفيذ العقد المذكور ” . وكان القضاء في ظل التقنين السابق ( قبل أن يخضع التقنين الجديد عقد الإيجار لقواعد الإثبات العامة ) يقضي بأنه لا يجوز إثبات عقد الإيجار بمبدأ ثبوت بالكتابة ولو عززته البينة والقرائن . وقد دافع الفقيهان أوبري ورو باسهاب عن جواز إثبات عقد الإيجار في القانون الفرنسي بمبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن ( أوبري ورو 12 فقرة 763 مكرر 3 هامش رقم 5 – وانظر أيضا في هذا المعني بودري وبارد 4 فقرة 2617 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1543 ص 1005 ) .
ويبدو أن محكمة النقض في مصر تظاهر هذا الرأي فيما يتعلق بعقد شركة التضامن . فقد قضت بأن عقد شركة التضامن ليس من العقود الشكلية حتي يبطل إذا لم تحرر به كتابة ، بل حكمه حكم سائر التعهدات التي يشترط فيها الإثبات بالكتابة ، إذ أن المادة 46 من قانون التجارة لم تنص علي وجوب الكتابة إلا طبيان نوع الدليل الذي يقبل في إثبات شركة التضامن ، كما نصت المادة 215 مدني علي وجوب الإثبات بالكتابة إذا زادت قيمة المتعهد علي ألف قرش . ولما كان مبدأ الثبوت بالكتابة يقوم في التعهدات المدنية مقام الإثبات بالكتابة إذا أيدته الشهود والقرائن ، فمن باب أولي في مسألة تجارية ، لأن القاعدة في المواد التجارية أنه يجوز الإثبات بغير الكتابة طبقا للمادة 115 المذكورة ( نقض مدني 28 أبريل سنة 1944 المحاماة 26 رقم 297 ص 869 ) . والأولوية التي تشير إليها محكمة النقض للمسائل التجارية في الإثبات بغير الكتابة ليس من شأنها أن تمنع قيام مبدأ الثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن مقام الدليل الكتابي الكامل في التصرفات التجارية والتصرفات المدنية علي السواء .
( [9] ) وتقول الأساتذة بلانيول وريبير وجابولد أن القضاء الفرنسي يتوسع في تفسير الركن الأول من مبدأ الثبوت بالكتابة المتعلق بمادته ( substance ) ، ويضيق من تفسير الركن الثاني المتعلق بمصدره ( origine ) ، ويستبقي لقاضي الموضوع سلطانه في تقدير الركن الثالث المتعلق بدلالته ( pertinence ) . ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1531 ص 986 ) .
( [10] ) بل قد بلغ الأمر حد الاستغناء عن إبراز الورقة المكتوبة ذاتها ، إذا ثبت وجودها وكذلك مشتملاتها عن طريق الإقرار أو اليمين ، لا عن طرق البينة أو القرائن ( بودري وبارد 4 فقرة 2585 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 989 – دي باج 3 فقرة 893 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 223 ص 407 ويجب أن يذكر الإقرار ما هي الورقة المكتوبة وما الذي تشتمل عليه من بيانات ( نقض مدني 27 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 179 ص 387 . ويتبين من ذلك أن الورقة لم تعد هي ذاتها مبدأ الثبوت بالكتابة ، بل هي ليست إلا مجرد دليل عليه ، وهي دليل يمكن الاستغناء عنه بالإقرار وباليمين ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 989 – بيدان وبرو 9 فقرة 1274 ص 357 ) .
( [11] ) فإذا كان الشروع في التنفيذ المادي قد ثبت ، ولو بالبينة أو بالقرائن ، أنه وقع قبل 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 ، جاز أن يكون سببا لإثبات الالتزام الذي تزيد قيمته علي عشرة جنيهات بالبينة أو بالقرائن وفقا لأحكام التقنين المدني السابق أما منذ 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 فلم يعد هذا الشروع المادي صالحا إلا أن يكون مجرد قرينة قضائية ، لا يجوز قبولها إذا زادت قيمة الالتزام علي عشرة جنيهات أو كان المراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها .
( [12] ) وعند ذلك فقط – أي في حالة الشروع في الوفاء إذا انطوي علي تصرف قانوني لا في حالة الشروع في الوفاء المادي – يصدق ما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد علي الوجه الآتي : ” ومن أمثله الأوراق التي تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة المحررات المثبتة لبدء التنفيذ أو للوفاء بالفوائد أو الإيرادات ، وقد أفرد لها التقنين المصري ( السابق ) المادتين 221 – 322 / 286 – 287 ولما كان الملحوظ في أحكام هاتين المادتين أنها ليست سوي تطبيق للقاعدة العامة ، لذلك لم تر ضرورة للنص عليها ، إذ في تعريف مبدأ الثبوت بالكتابة ما يعني عنها ، ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 407 ) .
وقد كان التقنين المدني السابق يشتمل علي نص آخر ، لم يستبقه التقنين المدني الجديد ، هو المادة 222 / 287 ، وكان هذا النص يقضي بأن ” دفع الفوائد يكون سببا لجواز إثبات أصل الدين بغير الكتابة ” . ولما كان دفع الفوائد ليس إلا شروعا في الوفاء بالدين عن طريق تصرف قانوني لا عن طريق عمل مادي ، فإن مبدأ الثبوت بالكتابة يعني عن استبقاء المادة 222 / 287 ، كما بينا فيما قدمناه . ( انظر في هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 230 الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة ص 207 ) .
( [13] ) وهذا ما جعل التقنين المدني الإيطالي السابق الصادر في سنة 1865 يورد هذا النص في المادة 1354 منه . وقد نقل عنه التقنين المدني المصري السابق نص المادة 221 / 286 ، واستبقي المشروع الفرنسي الإيطالي نص التقنين الإيطالي في المادة 305 منه . وكان من الخير استبقاء نص المادة 221 / 286 فإنه يسد فراغا ، ولا يمكن أن يستغني عنه في جميع صوره بمبدأ الثبوت بالكتابة كما رأينا ( انظر في هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 229 ) .
( [14] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإيصال المعطي من البائع لمن استرد منه عقد البيع الذي كان قد أودعه إياه يجوز للمشتري أن يعتمد عليه في إثبات حصول البيع له ، متي كان قد حصل عليه برضا المودع لديه ( نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 78 ص 279 ) . وقضت دائرة النقض الجنائية بأنه إذا أخذ أحد ضباط القرعة قيمة البدل العسكري من والد أحد المقترعين وبددها ، وزور شهادة معافاة باسم المقترع المذكور ، فإن هذه الشهادة المزورة تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة إلي تسلم المبلغ ( 7 يناير سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 3 ص 4 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأن الإيصال المحرر من أحد شخصين بقبض مبلغ من الآخر علي ذمة المزايدة يعد مبدأ ثبوت بالكتابة ( 21 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 209 ص 276 ) . وقضت محكمة جرجا بأنه إذا قدم المدين ورقة تفيد بأنه بعد تاريخ استحقاق الدين داين هو الدائن بدين آخر ، اعتبرت هذه الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة علي المخالصة من الدين الأول ( 27 فبراير سنة 1926 المحاماة 8 رقم 382 ص 585 ) .
( [15] ) وقد تقدم بيان أن الصورة الفوتوغرافية للعقد المسجل تعتبر علي الأقل مبدأ ثبوت بالكتابة . وكذلك الشهادة التي تستخرج من دفتر التصديقات علي الإمضاءات والأختام الموقع بها علي المحررات العرفية هي صورة رسمية لما يدون في هذا الدفتر من ملخص للمحرر ، وليست صورة للورقة العرفية ، ولذلك فإنه يجوز الاستناد إليها كمبدأ ثبوت بالكتابة في إثبات هذا العقد ( نقض مدني 5 ديسمبر سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 78 ص 279 ) . ولكن محكمة النقض قضت ، لإثبات صورية العقد ، بأنه إذا كان الحكم لم يعتمد في صورية عقد البيع علي شهادة من واقع دفتر التصديق علي التوقيعات ، بل اطلعت المحكمة علي كتابة مدونة في الدفتر المذكور بها إمضاء للمقر وقع به أمام الكاتب المختص ، فإنه يكون قد اعتمد علي سند كتابي صالح للاحتجاج به علي الموقع وعلي خلفائه لا علي صورة لمحرر عرفي مجرد من أية قيمة في الإثبات ( نقض مدني أول ديسمبر سنة 1949 مجوعة أحكام النقض 1 رقم 13 ص 48 ) . ويبدو أن المحكمة اعتبرت الشهادة التي تستخرج من دفتر التصديقات مبدأ ثبوت بالكتابة ، أما الكتابة المدونة في دفتر التصديقات فاعتبرتها دليلا كتابيا كاملا .
( [16] ) استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1908 م 20 ص 167 .
( [17] ) وقد قضت دائرة النقض الجنائية بأن أقول المتهم في أثناء التحقيق يمكن أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة إذا احتوت علي تناقض أو تباين يدل علي سوء نية ، ولم تكن هذه الأقوال ظاهرة بحيث تكون اعترافا صريحا ( 15 نوفمبر سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 28 – استئناف مصر 7 أبريل سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 1 ص 22 – الإسكندرية 17 فبراير سنة 1908 المجموعة الرسمية 9 رقم 105 ) – وقضت محكمة استئناف مصر أيضا بأن المحضر الذي يحرره قمص بدار البطريركية بأن زوجة المورث اشترت من مال زوجها المنزل موضوع النزاع رغم إنكارها بصمتها علي هذا المحضر يعد مبدأ ثبوت بالكتابة ( 22 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 532 ص 987 ) .
( [18] ) استئناف مصر 8 نوفمبر سنة 1925 المحاماة 7 رقم 10 ص 17 .
( [19] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : ” فالشرط الأول وهو وجود كتابة أو محرر عام الدلالة – فلفظ الكتابة يصرف إلي أوسع معانيه – فهو يشمل كل ما يحرر دون اشتراط شكل ما أو وجود توقيع . ولذلك استعمل لنص عبارة ” فكل كتابة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 407 ) .
( [20] ) بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 764 ص 347 و ص 348 وهامش رقم 6 مكرر 3 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 988 – ومن باب أولي إذا قدمت في الدعوي قصاصات ورق مجموعة بعضها إلي بعض بطريق اللصق ، فاستدلت المحكمة منها علي أنها أجزاء الأصل واحد ، واعتبرتها ، لا ورقة ضد كاملة ، بل مبدأ ثبوت بالكتابة ، فذلك ليس فيه خطأ في تطبيق القانون ( نقض مدني 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 17 ص 87 ) .
( [21] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 987 .
( [22] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 987 .
( [23] ) أما في فرنسا فالسند العرفي قد يكون باطلا أيضا لعدم تعدد النسخ في العقود الملزمة للجانبين ، أو لعدم ذرك عبارة الاعتماد في العقود الملزمة لجانب واحد ، والسند العرفي الباطل لسبب من هذين يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( محكمة النقض الفرنسية 25 يناير سنة 1946 سيرية 1946 – 1 – 29 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 988 ) .
( [24] ) استئناف أسيوط 17 أبريل سنة 1929 المحاماة 10 رقم 78 ص 156 .
( [25] ) استئناف مصر 8 يونية سنة 1937 المحاماة 18 رقم 120 ص 228 .
( [26] ) نقض فرنسي 19 يناير سنة 1904 داللوز 1904 – 1 – 295 .
( [27] ) وكان تقنين المرافعات السابق ( م 161 – 162 / 181 – 182 ) يجري علي الوجه الآتي : ” إذا قررت المحكمة استجواب شخص عن وقائع متعلقة بالدعوي وجائزة القبول ، وامتنع عن الإجابة أو لم يحضر في اليوم المحدد لذلك ، فإن للمحكمة النظر فيما يحتمله ذلك ويسوغ لها أن تحكم بأن هذا الامتناع مما يؤذن بإثبات الوقائع المبينة عليها الأسئلة بالبينة ، ولو كانت الحالة مما لا تجيز القوانين الإثبات فيها بذلط ” . ويبدو أن سلطة القاضي ، في تقنين المرافعات السابق ، كانت أوسع منها في التقنين الجديد ، فقد كان القاضي يستطيع ، بما له من حق النظر فيما يحتمله امتناع الخصم عن الحضور أو عن الإجابة ، أن يعتبر هذا الامتناع إقراراً كاملا ، كما أن له أن يعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو قرينة قضائية بسيطة تنقل عبء الإثبات إلي الخصم الممتنع عن الحضور أو عن الإجابة .أما في تقنين المرافعات الجديد ، فأوسع سلطة للقاضي هي أن يعتبر الامتناع عن الحضور أو عن الإجابة مبدأ ثبوت بالكتابة .
وقد قضت محكمة النقض ، في عهد تقنين المرافعات السابق ، بأنه إذا كانت المحكمة قد استجوبت طرفي الخصوم فيما تقدم به المدين من القرائن للتدليل علي كذب الإيصال الصادر منه ، فإن محضر هذا الاستجواب لا يمكن اعتباره لذاته مبدأ ثبوت بالكتابة ، لأنه يجب لاعتباره كذلك أن يكون قد تضمن قولا صادراً عمن يراد الإثبات ضده يجعل الحق المراد إثباته بالبينة قريب الاحتمال . فإذا كان الثابت في المحضر أن كلا من الطرفين قد أصر إصراراً تاما علي وجهة نظره : الدائن ينكر إنكاراً مطلقا كل ما يدعيه المدين والمدين مصر علي دعواه ، فإنه لا يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة ( نقض مدني 3 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 99 ص 256 ) . أما إذا تضمن محضر الاستجواب ما يجعل الواقعة المدعاة قريبة الاحتمال ، صح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( استئناف مصر 7 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 رقم 40 ص 61 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1890 م 2 ص 394 ) . ولا يترتب علي امتناع المدعي المدني عن المجاوبة علي الأسئلة الموجهة إليه من النيابة أثناء التحقيق جواز قبول الإثبات بالبينة في غير الأحوال التي أجاز فيها القانون الإثبات بهذه الطريقة ، فإن امتناعه في هذه الحالة لا يمكن أن يقاس بامتناع أحد الخصوم في دعوي مدنية عن المجاوبة عل الأسئلة التي وجهت إليه أثناء استجوابه عن وقائع معينة ( استئناف أهلي أول مارس سنة 1900 المجموعة الرسمية 2 ص 47 ) . هذا وقد جاء في قرار لمحكمة تمييز لبنان ” ان تناقض المدعي عليه في أقواله يعد مبدأ ثبوت بالكتابة ، مما يجوز معه الإثبات بالشهادة والقرينة ” ( محكمة التمييز اللبنانية رقم 900 تاريخ 25 / 4 / 1940 مجلة المحامي سنة 1941 قسم 4 ص 7 – انظر الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 616 ) .
( [28] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 989 .
( [29] ) بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 756 ص 221 – ص 223 وهامش رقم 101 مكرر 3 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1486 ص 930 .
( [30] ) الموجز للمؤلف فقرة 682 – وقد قضي بأن الإمضاء الموقع بها علي سند ما يجب أن تشمل اسم الملتزم ، ولا تغني عنها علامة يضعها المدين ، كما لا يصح اعتبار هذه العلامة مبدأ ثبوت بالكتابة إذ لا قيمة لها قانونا ، ويسري هذا الحكم أيضا علي الختم المطموس الذي لا يقرأ ( دمياط 24 مايو سنة 1934 المحاماة 15 رقم 29 ص 62 – محكمة النقض الفرنسية 15 مايو سنة 1934 داللوز 1934 – 1 – 1 – 113 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 988 ) ومع ذلك فقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ” وقد تكون هذه الكتابة سنداً أو مذكرة شخصية أو مجرد علامة ترمز للاسم أو توقيعا أو غير ذلك ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 407 ) – والورقة التي تشير إلي ورقة أخري هي التي تجعل الواقعة المراد إثباتها قريبة الاحتمال تعتبر هي والورقة الأخري معا مبدأ ثبوت بالكتابة ، ما دامت الورقة الأخري موجودة ، كما سبق القول . أما إذا لم يوجد أثر لهذه الورقة الأخري ، فالورقة الأولي وحدها لا تكفي لتكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( حكم محكمة باريس الاستئنافية 13 ديسمبر سنة 1930 جازيت دي تيبينو 29 أبريل سنة 1931 ويشير إليه بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 988 – ص 989 ) .
ومع ذلك فقد قضت محكمة طنطا بأن بقاء أصل عقد البيع الموقع عليه من المتعاقدين تحت يد البائع قرينة يصح التمسك بها ليثبت البائع بالبينة أن العقد صوري ولو لم تؤخذ علي المشتري ورقة ضد ( 21 فبراير سنة 1922 المحاماة 3 رقم 117 ص 167 ) وكان من الممكن أن يقال إن بقاء أصل عقد البيع تحت يد البائع قرينة علي أن العقد لا يزال مشروعا لم يتم ألا علي أنه عقد صوري ، لولا أن هذا لا يعتبر إثباتا بالقرائن لما يخالف عقد بيع مكتوب .
( [31] ) بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 764 ص 348 – ديرانتون 13 فقرة 331= بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1532 ص 986 و ص 988 – نقض فرنسي 13 يونيه سنة 1883 داللوز 84 – 1 – 38 – 10 مارس 1896 داللوز 96 – 1 – 201 ولكن الورقة التي أسيء توقيعها علي بياض تصلح أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات إساءة هذا التوقيع ( بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 764 ص 384 هامش رقم 3 مكرر 3 ) .
( [32] ) أوبري ورو 12 فقرة 765 ص 364 وهامش رقم 8 والمراجع والأحكام المشار إليها في هذا الهامش .
( [33] ) استئناف مختلط 23 يناير سنة 1895 م 7 ص 96 – 3 ديسمبر سنة 1896 م 9 ص 49 – 26 يناير سنة 1937 م 49 ص 79 .
( [34] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا وقع شخص بإمضائه التزاما عقده الغير لحسابه ، دون أن يبين ما إذا كان قد أراد بإمضائه الالتزام أن يقره أو أن يكون مجرد شاهد في الورقة . فإن هذا السند لا يكون دليلا كاملا علي التزامه ، ولا يصلح إلا مبدأ ثبوت بالكتابة يرخص في تقديم البينة لإثبات أنه إنما وقع بإمضائه كطرف في الالتزام كمجرد شاهد ( استئناف مختلط 14 يونيه سنة 1900 م 12 ص 347 ) .
( [35] ) ويتساءل أوبري ورو عما إذا كان يكفي التوقيع الذي بدأه الخصم فأدركه الموت قبل أن يتمه ، ويجيب أن محكمة باريس الاستئنافية ( 27 مارس سنة 1841 سيريه 42 – 2 – 10 ) قد قضت بأنه يكفي ( أوبري ورو 12 فقرة 764 هامش رقم 15 ) .
( [36] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأن الورقة الصادرة من الخصم المطلوب الإثبات ضده يجوز قبولها كمبدأ ثبوت بالكتابة ولو لم تكن ممضاة منه ( 3 مارس سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 60 ) وقضت محكمة استئناف مصر بأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يشترط فيه أن تكون الورقة مكتوبة وموقعا عليها من الخصم ، لأنها في هذه الحالة تكون دليلا تاما ، وإنما يكفي أن تكون الورقة مكتوبة بخط الخصم وإن كان موقعا عليها من غيره ، كما يجوز أن يكون كتبها غيره وهو وقع عليها ( 10 أبريل سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 رقم 98 ) . بل أن الإقرار يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة باعتباره صادراً من الخصم ، وقد قضت محكمة النقض بأنه يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة الإقرار المركب إذا أريدت تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر ، لأن عدم تجزئة الإقرار محله ألا يكون في الدعوي دليل آخر غيره . أما إذا وجدت بينة ، فتمكن تجزئة الإقرار ، علي أن يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة تكلمه البينة ( نقض مدني 21 يونيه سنة 1943 المحاماة 26 رقم 76 ص 210 ، وحكم آخر في نفس التاريخ المحاماة 26 رقم 83 ص 220 ) . وقضت محكمة منوف بأن إقرار البائع المدون في مذكرات مقدمة منه في دعاوي سابقة بشأن البيع الصادر منه المشتري يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ( 18 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 رقم 79 / 1 ) .
أما المنشور المطبوع غير الممضي فلا يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة لأنه يتعذر التحقق من مصدره ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 992 – ص 993 ) .
( [37] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 993 .
( [38] ) نقض فرنسي 6 ديسمبر سنة 1933 داللوز 1935 – 1 – 61 .
( [39] )وقد قضت محكمة النقض بأن محاضر الحجوز الإدارية التي توقع بناء علي طلب المؤجر علي زراعة المستأجر تعتبر قانونا أنها صادرة من المؤجر ، وهي بذلك تصلح للاحتجاج بها عليه كمبدأ ثبوت بالكتابة في شأن بيع الأشياء المحجوزة بالقدر وبالثمن الوارد بها ، فإذا استكملتها محكمة الموضوع بما تذكره في حكمها من القرائن ، واستنتجت منها وجوب خصم قيمة الحاصلات حسبما جاء بمحاضر الحجز ، فهذا الاستخلاص مما يدخل في حاصل فهم الواقع في الدعوي ، ولا رقابة فيه لمحكمة النقض علي محكمة الموضوع ( نقض مدني 19 مارس سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 339 ص 1076 ) . وقضت محكمة النقض الفرنسية بأن ما يكتبه المستخدم في البنك بإملاء مدير البنك ، وما يكتبه الكاتب بإملاء موثق العقود ، يعتبر صادراً من مدير البنك ومن الموثق ( نقض فرنسي 11 يونية سنة 1872 سيريه 72 – 1 – 261 – أوبري ورو 12 فقرة 764 هامش رقم 33 ) .
( [40] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قدم شخص ضمن مستنداته مستنداً صادراً له من آخر يقر فيه أنه كانت بيده ورقه ضد صادرة له من هذا الشخص خاصة ببيع قدر من الأرض وأنه وقد أصبح هذا البيع نهائيا فإن ورقة الضد التي ضاعت منه تعتبر لاغية ولا يعمل بها إذا ظهرت ، فأجازت المحكمة لهذا الأخر أن يثبت ما احتوته هذه الورقة بقرائن الأحوال ، بإنها لا تكون خالفت القانون ، إذ أن تمسك ذلك الشخص بالمستند الذي قدمه يفيد تسليمه بسبق وجود ورقة الضد وبضياعها وبأن موضوعها خاص بالبيع الذي هو محل الدعوي( نقض مدني 5 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 47 ص 162 ) . وقضت أيضا بأنه إذا كان الطاعن قد قدم إلي المحكمة ضمن مستنداته خطابا مرسلا له من المطعون عليه ، فإنها لا تكون قد أخطأت إذا استخلصت من هذا الخطاب دليلا فبل الطاعن ( مبدأ ثبوت بالكتابة ) ، ذلك أن تقديم الطاعن مستندا له في الدعوي يفيد تمسكه بما ورد فيه ، فيصح الاحتجاج عليه بمضمونه ( نقض مدني 16 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 134 ص 904 ) .
( [41] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 993 .
( [42] ) نقض فرنسي 17 يوليه سنة 1934 داللوز الأسبوعي 1934 – 475 .
( [43] ) نقص فرنسى 27 ديسمبر سنة 1938 جازيت دى باليه 1939 – 1 – 347 .
( [44] ) بل إن البيانات التى يذكرها عامل مصلحة البريد فى حوالة بريدية تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ( نقص فرنسى أول مارس سنة 1926 سيريه 1926 – 1 – 105 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 994 ) . وقضت محكمة النقض بأن تمسك الصادر له الورقة المطعون فيها بالتزوير بهذه الورقة وثبوت تزويره لتاريخها ، أى أن أصل تاريخها الصحيح هو ما يقرره مدعى التزوير ، ذلك يعتبر حتما مبدأ ثبوت بالكتابة ( نقص مدنى 16 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 260 ص 751 ) – انظر أيضا : استئناف مصر 10 أبريل سنة 1924 المجموعة الرسمية 26 ص 173 – 8 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 ص 185 – 7 أبريل سنة 1931 المحاماة 12 ص 61 – استئناف أسيوط 17 أبريل سنة 1929 المحاماة 10 ص 156 .
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” على أن الفقه والقضاء فى فرنسا وبلجيكا ومصر استقرا على أن إقرارات الخصوم التى يدلون بها وتدون تحت إشراف موظف مختص أو قاض يأمر بإثباتها يكون حكمها حكم المحررات الصادرة منهم ولو لم تكن مدون بخطهم أو موقعاً عليها منهم . ويتعين بداهة فى هذه الحالة أن يكون الموظف العام مختصاً يتلقى مثل هذه الإقرارات ، وأن يكون للقاضى ولاية الأمر بإثباتها . وغنى عن البيان أن ما يصدر من الخصوم من إقرارات على هذا الوجه يكون بمنزلة مبدأ ثبوت بالكتابة ، إذا كان من شأنه أن يجعل الالتزام المدعى به قريب الاحتمال . وقد حفلت أحكام القضاء بكثير من التطبيقات فى هذا الصدد . فمن ذلك مثلا الإقرارات التى يدلى بها فى محضر جرد أو حصر تركة أو مناقصة أو قسمة ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1879 مج ر م 4 ص 91 ) ، والبيانات التى تدون فى ورقة من أوراق المحضرين ( استئناف مختلط 5 يناير سنة 1879 مج رم 4 ص 388 ) ، والإقرارات التى تصدر فى استجواب عن وقائع ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1890 ب 2 ص 394 – 21 فبراير سنة 1918 ب 30 ص 243 ) ، والإقرارات أو الشهادة التى يدلى بها ذوو الشأن أمام قاضى التحقيق أو القاضى المدنى أو الجنائى ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1908 ب 20 ص 167 ) ، وما يثبت من أقوال أو إقرارات فى حكم من الأحكام ( استئناف مختلط 26 أبريل سنة 1877 مج ر م 2 ص 309 ) . وقد أشارت المادة 445 فقرة 3 من التقنين المراكشى إلى هذه التطبيقات فى بعض إيراد الأحكام الخاصة بمبدأ الثبوت بالكتابة ، فنصت على أن الإقرارات التى يتلقها أحد الموظفين العموميين المختصين أو القضاة فى حدود ولايته تعتبر صادرة من الخصم ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 408 ) .
( [45] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 944 – أما صور الأوراق الرسمية وصور الأوراق العرفية ، فقد بيننا فيما تقدم متى تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة . أنظر أيضا فى هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الأثبات ص 409 – ص 411 .
( [46] ) محكمة باريس الاستئنافية 26 يناير سنة 1952 جازيت دى باليه 12 – 14 مارس سنة 1952 – وهذا ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة ، ولذلك لم ينص عليه صراحة التقنين المدنى الجديد . أما التقنين المدنى الفرنسى ( م 1347 ) فقد ذكر : ” كل ورقة مكتوبة صادرة من الخصم الموجه إليه الطلب أو من شخص يمثله هذا الخصم ” .
” tout acte par ecrit qui est emane de – celui contre liquel la demande est formee, ou de celui quil represente “
وقد أخذ على هذا النص : ( أ ) أنه يقتصر ، فى عبارته الأولى ، على المدعى ( الخصم الموجه إليه الطلب ) ، والواجب إطلاق العبارة حتى تشمل المدعى عليه فى الدفع أذ يصبح عند ذلك مدعيا وكان الأولى أن يقال : ” الخصم الذى يحتج عليه به ” ، ليشمل المدعى فى الدعوى والمدعى عليه فى الدفع . ( ب ) أنه يقتصر ، فى عبارته الثانية ، على ذكر من يكون الخصم ممثلا له ( celui quil represente ) كالمورث ، ولم يذكر من يكون ممثلا للخصم كالوكيل ( أوبرى ورو 12 فقرة 764 هامش 7 وهامش 8 ) .
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى للتقنين المدنى المصرى فى هذا الصدد ما يأتى : ” والشرط الثانى هو صدور المحرر من الخصم الذي يحتج عليه به ، لا من أحد الأغيار . بيد أن المحرر يعتبر صادرا من مثل هذا الخصم ولو كان صادرا من غيره ، متى كان هذا الغير مستخلفا تسرى التزاماته على من يحلفونه خلافة عامة ( كالورثة ) وفقاً للقواعد العامة ، أو نائبا قانونياً أو اتفاقيا يعمل فى حدود نيابته لأن كتابة الموكل تكون حجة على الوكيل وبالعكس . ولذلك استعمل النص عبارة ” الخصم أو نائبه ” وفقا لما جرى عليه القضاءا لمصرى ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1908 ب 20 ص 167 ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 407 ) – ويلاحظ أن المشروع التمهيدى لم يرد فيه إلا لفظ ” الخصم ” دون ” نائبة ” ، وإنما وردت عبارة ” الخصم أو نائبه ” فى المشروع الأولى للإثبات الذي سبقت الإشارة إليه .
( [47] ) أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 355 .
( [48] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا رفعت دعوى بموجب سند أقر فيه المدعى عليه بقبضه مبلغا على سبيل الأمانة ، ورفع المدعى عليه الدعوى بصورية هذا السند قائلا أن قيمته هى مجموع مبالغ دفعتها له المدعية عن استحقاقه فى وقف هى ناظرة عليه ، وأن زوج المدعية ووكيلها طلب إليه أن يحرر ذلك السند لمصلحة زوجته فى دعوى مرفوعة عليها من بعض أخواتها ، وأنه فى نظير هذا يرد له إيصالات المبالغ المذكورة ، واستند المدعى عليه فى دفعه هذا إلى تلك الإيصالات المعترف بها من المدعية والمؤشر عليها من زوجها وكيلها بما يفيد سبق وجودها لديها واستردادها منها ، واعتبرت المحكمة هذه الإيصالات مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز تكملة الدليل على الصورية بالبينة والقرائن فيما بين العاقدين ، فهذا صحيح لا مخالفة فيه للقانون ، لأن هذه الإيصالات وإن كانت صادرة من المدعى عليه ، إلا أنها معترف بها من المدعية ومؤشر عليها من وكيلها بما جعل ثبوت المدعى به قريب الاحتمال فى نظر المحكمة ( نقض مدنى 28 مارس سنة 1935 مجموعة عمر رقم 241 ص 660 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المخالصة الصادرة من صراف مالك الأرض والمذكرة بتحديد الأرض الصادرة من مهندس المالك ، هذان يعتبران مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات بيع الأرض ( استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1918 م 21 ص 28 ) وقضت كذلك بأن ناظر الزراعة لا يعتبر وكيلا عن المالك ، فالورقة الصادرة منه لا تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ضد المالك ( استئناف مختلط 22 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 529 ص 1041 ) انظر أيضا : استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1908 م 20 ص 167 – 7 فبراير سنة 1946 م 58 ص 40 . وقضت محكمة النقض الفرنسية بأن علاقة التبعية القائمة بين رب العمل والمستخدم تجعل الورقة الصادرة من الثانى مبدأ ثبوت بالكتابة بالنسبة إلى الأولى ( نقض فرنسى 13 يونيه سنة 1936 داللوز الأسبوعى 1936 – 393 ) . والورقة الصادرة من الفضولى تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ضد رب العمل إذا أقر هذا أعمال الفضالة صراحة أو دلالة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 991 – ص 992 ) – والخطاب الصادر من المهندس المعمارى لصاحب الأرض إلى مهندس الجار ، فى شأن تعدى الجار على هذه الأرض ، بعد مبدأ ثبوت بالكتابة ضد صاحب الأرض ( نقض فرنسى 19 ديسمبر سنة 1904 سيريه 1907 – 1 – 21 ) كذلك دفاتر المصرف أو موثق العقود تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ضد موكليهما ( أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 356 ) .
وقضت أخيرا محكمة النقض فى مصر بأنه يجب ، لكى يعتبر المحرر الصادر ممن ينوب عن الخصم المطلوب الإثبات عليه ، كوكيل أو ولى أو وصى ، مبدأ ثبوت بالكتابة ، أن يكون قد صدر منه فى حدود نيابته ، فإذ كان الحكم قد اقتصر فى اعتباره الإقرار السالف الذكر مبدأ ثبوت بالكتابة مع كونه صادرا من جد القصر والوكيل عن الوصية ، دون أن يبين ما إذا كان هذا الإقرار قد صدر فى حدود وكالة الجد عن الوصية من ناحية – وفى حدود سلطتها كوصية على القصر من ناحية أخرى ، فإنه يكون قاصر البيان قصورا يستوجب نقضه ( نقض مدنى أول ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 17 ص 62 ) .
( [49] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 991 .
( [50] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد استند فى قضائه برفض الدعوى المقامة من الطاعن ضد مجلس محلى الجيزة بالمطالبة بمبلغ تعويضا عما لقحه من خسارة بسبب امتناع المجلس عن تنفيذ ما التزم به له مقابل استيلائه على جزء من ملكه وملك الوقف للانتفاع به فى عمل شارعين أو مقابل ما ضاع عليه من الكسب بسبب تصرف المجلس معه – إذا كان استند فى قضائه بذلك إلى أن الطاعن كان ، بعد أن قرر المجلس – تنفيذا لما ارتأته الوزارة – أن يكون التنازل بلا شرط ، قد سكت زمنا ولم يطالب بأى تعويض ، بل هو بعد ذلك تنازل للمجلس عن أرض شارع آخر بدون تعويض رغبة منه فى تصقيع أرض الوقف ، ثم إنه قبض ثمن النخيل الذى وافقت الوزارة على دفعه له بكتابها الذى قالت فيه إن التنازل عن أرض الشارعين لا يكون معلقا على شرط ، فإن كل هذا الذى استند إليه الحكم لا يخرج عن كونه قرائن أحوال لا تصلح قانونا لإثبات التنازل المذكور عن أرض الشارعين التى تزيد قيمتها على عشرة جنيهات ( نقض مدنى 8 يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 146 ص 398 9 . ولم تعتبر محكمة النقض الكتابة الصادرة من مجلس محلى الجيزة بتنازل المدعى عن أرض الشارعين مبدأ ثبوت بالكتابة ضد المدعى ، لأنها كتابة صادرة من الخصم الآخر .
( [51] ) استئناف مختلط 10 نوفمبر سنة 1920 م 23 ص 11 .
( [52] ) أوبرى ورو 12 فقرة 764 هامش 34 وص 357 .
( [53] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت أن المشترية لم توقع الورقة المتضمنة إقرارها أن عقد شرائها صورى ، بل كان الذى وقعها هو والدها الذى لم يكن نائبا عنها ، فإنه لا يصح أن تتخذ المحكمة من تلك الورقة دليلا كاملا على صورية ذلك العقد فى حالة ما يكون إثبات الصورية غير جائز إلا بالدليل الكتابى ( نقض مدنى 27 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 179 ص 387 ) . ولم تصرح المحكمة بعدم جواز اتخاذ الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة ، بل اقتصرت على ذكر أنه لا يصح اتخاذها دليلا كاملا .
( [54] ) نقض فرنسى 22 مايو سنة 1935 سيريه 1935 – 1 – 307 .
( [55] ) أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 350 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1533 ص 990 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا صدر حكم ابتدائى بناء على طلب أحد الدائنين بصورية عقد أبرمه مدينه ، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغائه وعدم قبول دعوى المدعى ، فهذا الحكم لا يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة فى دعوى صورية العقد التى يرفعها المدين فيما بعد على من أصدر له التصرف ( نقض مدنى 24 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 399 ص 740 ) .
( [56] ) أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 364 وهامش رقم 58 – بودرى وبارد 4 فقرة 2614 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1534 ص 994 – ص 995 .
( [57] ) قارن دى باج 3 فقرة 895 – ويتبين من ذلك أن الورقة المثبتة لوجود اتفاق لا تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة على تنفيذ هذا الاتفاق . ومن ثم لا تصلح الورقة المثبتة للدين مبدأ ثبوت بالكتابة لمصلحة الدائن لإثبات قطع التقادم عن طريق دفع الأقساط المستحقة والفوائد ( أوبرى ورو 12 فقرة 761 وهامش رقم 47 ) .
( [58] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1534 ص 995 – على أن القاضى لا يكون مخطئا إذا هو لم يحل الدعوى إلى التحقيق لاستكمال الدليل بالبنية ما دام الخصم لم يطلب منه ذلك . وقد قضت محكمة النقض بأن حكم محكمة الموضوع يكون على صواب إذا اعتبر أن الإيصالات ليست دليلا كاملا على التعاقد وأنها لا تعدو أن تكون مبدأ ثبوت بالكتابة ، وإذ قضى برفض دعوى الطاعن بناء على أنه لم يطلب إحالة الدعوى على التحقيق استكمالا للإثبات ( نقض مدنى 16 يناير سنة 1947 المحاماة 28 رقم 20 ص 26 ) .
( [59] ) تولييه 9 فقرة 133 – ديرانتون 13 فقرة 344 – بونييه 1 فقرة 170 – لارومبيير 5 م 1347 فقرة 27 – أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 364 – ص 365 – بودرى وبارد 4 ص 292 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1534 ص 994 – ص 995 – نقض فرنسى 20 يونيه سنة 1900 داللوز 1900 – 1 – 451 – 24 أبريل سنة 1901 سيريه 1904 – 1 – 229 – 21 ديسمبر سنة 1903 داللوز 1904 – 1 – 94 – 14 مارس سنة 1906 سيريه 1906 – 1 – 317 – دى هلتس 3 الإثبات ( preuve ) فقرة 67 – الأستاذ عبد السلام ذهنى 1 ص 467 – ص 468 – الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 454 – الموجز للمؤلف ص 711 وص 713 هامش رقم 1 – الأستاذان حامد فهمى ومحمد حمد فهمى فى النقض فى المواد المدنية والتجارية ص 213 – ص 215 – وقد جاء فيه ما يأتى : ” وإذا قلنا إن قاضى الدعوى حر فى تقدير الورقة التى يراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة من ناحية كونها تجعل الأمر المطلوب إثباته قريب الاحتمال والتصديق ، فإننا نوج عليه أن يورد فى أسباب حكمه الواقعة المراد إثباتها ونص جزء الورقة التى يراد الاعتماد عليه فى القول بأنها صارت قريبة الاحتمال والتصديق ، ثم يبين كيف أفادت هذا المعنى أو لم تفده ، فإن أتى فى ذلك بما يكون معقولا مقبولا حمل التكييف على الصحة ، وإلا صار ما ادعى إفادته من الورقة كأنه منتزع من غير دليل قائم ” .
نقض مدنى 7 ديسمبر سنة 1933 مجموعة عمر 1 ص 284 – 13 فبراير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 99 ص 317 – 22 مايو سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 206 ص 445 – 18 مارس سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 288 ص 566 – 9 يونيه سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 433 ص 797 – 30 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 96 ص 385 – 24 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 46 ص 297 – استئناف مصر 8 يونيه سنة 1937 المحاماة 18 رقم 120 ص 228 .
أنظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 407 .
( [60] ) حتى لو كان القانون هوا لذى نص على جواز اعتبار ورقة معينة مبدأ ثبوت بالكتابة ، ففى هذه الحالة أيضا يكون لقاضى الموضوع سلطة تقديرية ، لا معقب عليها من محكمة النقض ، فى اعتبار الورقة أو فى عدم اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ( أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 365 ) .
( [61] ) قارن أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 360 وهامش رقم 45 .
( [62] ) انظر فى القانون الفرنسى أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 360 .
( [63] ) الموجز للمؤلف ص 712 .
( [64] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الشهادة الرسمية المستخرجة من قلم العقود بالمحكمة المختلطة الدالة دلالة صريحة على أن هناك عقد بيع صدر من زيد لعمرو وأن البيع هو بثمن قدره كذا وأن زيدا الصادر منه البيع هو الذى قدم العقد بنفسه لإثبات تاريخه فأثبتت بتاريخ كذا تحت رقم كذا وأن زيدا هذا هو هو بنفسه الذى تسلمه من قلم التاريخ بتاريخ كذا – هذه الشهادة مفادها أن بقلم العقود إيصالا موقعا عليه من زيد يفيد تسلمه لذلك العقد وأن هذا العقد صادر منه بالبيع لعمرو بمبلغ كذا . ولا شك فى أن ذلك الإيصال المستفاد حتما من عبارة الشهادة الرسمية التى هى فى ذاتها حجة لم يطعن فيها بأى مطعن ، هو ورقة صادرة من زيد دالة على ما كان منه من البيع لعمرو بالثمن المذكور . وهذا الإيصال وإن كان لا يفيد قطعا أن الثمن الوارد بعقد البيع الذى تسلمه زيد قد دفعه عمرو له فعلا أو أنه كان ثمناً مؤجلا ، إلا أن جريان العادة الغالبة بأن المشترى يدفع الثمن ، ذلك يقرب الاحتمال بان هذا الثمن دفع فعلا . وإذن فهذا الإيصال المدلول عليه حتما بتلك الشهادة الرسمية هو مبدأ ثبوت بالكتابة يقرب احتمال صحة تسلم زيد لمبلغ الثمن ، ويجيز بحسب القانون تكميل الاستدلال بالبينة والقرائن ( نقض مدنى 28 مارس سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 240 ص 653 – قارن استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 217 ) .
وقضت محكمة النقض أيضا بأنه لا محل للنعى على المحكمة أنها خالفت القانون فى تكييف العقد ، وأثبتت الصورية بين المتعاقدين بالقرائن ، إذ هى فى تكييفه قد اعتمدت على عقد التنازل عن حق المنفعة والتعهد بعدم التصرف فى العين طول حياة البائعة ، مما مفاده أنها اعتمدت على مبدأ ثبوت بالكتابة استكملته بالقرائن التى ساقتها والتى من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها ( نقض مدنى 3 فبراير سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 5 ص 17 ) . وقضت أيضا بأنه إذا قدرت نفقة زوجة على زوجها بمبلغ معين ( عشرين جنيهاً ) بمقتضى محضر صلح حرر بينهما ، ثم استظهرت المحكمة من وقائع الدعوى المرفوعة من الزوجة فى شأن هذه النفقة أن الزوجة قبلت أن تقبض من زوجها مبلغ ستة جنيهات شهريا ، وأنها كانت تقبض هذا المبلغ كل شهر حوالى خمس سنوات بمقتضى شيكات محولة لأمرها وإذنها ، وأنها لم تعترض بأى اعتراض خلال هذه المدة ، وإنما كان اعتراضها بعد وفاة الزوج ، وبناء على ذلك قضت المحكمة برفض طلب ما تجمد من النفقة ، فإنها لا تكون اعتمدت على القرائن فحسب بل أيضا على الشيكات التى وقعتها الزوجة حين قبضت قيمتها ، مما مفاده أن المحكمة اعتمدت على مبدأ ثبوت بالكتابة استكملته بتلك القرائن ( نقض مدنى 21 نوفمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 6 ص 21 ) . وقضت أيضا بأنه متى كان الحكم التمهيدى لم يفصل إلا فى جواز إثبات الشركة التى كان الطاعن يدعى وجودها استنادا إلى أن الإنذارات المتبادلة بينه وبين المطعون عليه تدل على وجود علاقة بينهما اعتبرتها المحكمة مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز سماع البينة المتممة له ، ولم تقطع فى ماهية هذه العلاقة ، وكان الحكم القطعى قد فصل فى أمرها بعد مناقشته شهادة الشهود وتقديرها ، إذ نفى ما يدعيه الطاعن عن وجود الشركة المزعومة بينه وبين المطعون عليه ، فإن الطعن فى هذا الحكم الأخير استنادا إلى وجود تناقض بين أسبابه ومنطوقه فضلا عن مخالفته لقضاء الحكم التمهيدى – هذا الطعن يكون غير صحيح ( نقض مدنى 8 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 64 ص 336 ) – وقضت كذلك بأنه لا تثريب على المحكمة إن هى اتخذت من الخطابات الصادرة من مورثة الخصوم إلى مستأجر أطيان الروكية التى كانت تقوم بإدارتها ، لا سيما الخطاب الذى تطالب فيه المستأجر المذكور بمبلغ سبق أن طلبته به فى خطاب سابق لحاجتها الشديدة إليه فى العمارة – لا تثريب على المحكمة إن هى اتخذت منها مبدأ ثبوت بالكتابة يقرب احتمال أن المال الذى انفق فى شراء الأرض وبناء العمارة التى يدعى الطاعن أنها كانت مملوكة للمورثة إنما كان من مال الروكية ولحسابها . ومتى كانت المحكمة قد استكملت مبدأ الثبوت هذا بقرائن عديدة ساقتها ومن شأنها أن تؤدى إلى ما استخلصته منها ، فإن حكمها يكون مطابقا للقانون ( نقض مدنى 15 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 66 ص 346 ) .
وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا أقر وكيل الخصوم فى مذكرة تقدمت أثناء نظر الدعوى بوجود علاقة خطبة بين موكله وبين كريمة خصمه وأنه دفع لها مهراً ، فإن هذا الإقرار الذى تضمنته المذكرة التى تعتبر قانوناً كأنها صادرة منه ، وإن لم يثبت دعوى الخصم بملكيته للجهاز موضوع النزاع ، إلا أن يتم عن صحة الإدعاء ويجعله قريب الاحتمال ، فتكون المذكرة بمثابة مبدأ ثبوت بالكتابة يسمح بتكملة الإثبات بالبينة وقرائن الأحوال ( استئناف مصر 8 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 115 ) – وقضت أيضا بأنه إذا رفع أخ ضد أخيه دعوى بمطالبته بمصروفات دعوى كانت مرفوعة منه لصالحهما معاً وبناء على عقد اتفاق محرر بينهما ، فأبرز المدعى عليه جملة خطابات صادرة من أخيه المدعى يفيد بعضها قيامه بدفع بعض هذه المصروفات والبعض الآخر بمطالبته بكمالة رسوم استئناف وخلافه ، اعتبرت هذه الأوراق مبدأ ثبوت بالكتابة للتخلص من الدين ( استئناف مصر 25 مايو سنة 1937 المحاماة 18 رقم 119 ص 227 ) .
وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الإيصال الذى يصدر من البائع يبين فيه اتفاق الطرفين على موقع العقار وعلى الثمن ، دون أن يذكر حدود العقار ومساحته ، يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة على حصول البيع ، ويجوز إثبات الحدود والمساحة بالبينة والقرائن ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1903 م 15 ص 89 ) . وقضت أيضا بأن الكتاب المرسل من المؤجر إلى المستأجر يجعل له فيه حق شراء العين المؤجرة ، بشرط الاتفاق على شروط البيع فى ميعاد معين ، يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة على وقوع البيع شفويا فى هذا الميعاد بثمن يدفع عند توقيع العقد ( استئناف مختلط 24 مايو سنة 1927 م 39 ص 509 ) . وقضت أيضا بأن الورقة التى تثبت بيعا يختلف كل الاختلاف عن البيع المدعى به لا تصلح مبدأ ثبوت بالكتابة على هذا البيع ، لا سيما أنه لا يمكن إثبات ما يخالف البيع المكتوب بالبينة أو بالقرائن ( استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1930 م 43 ص 18 ) .
أنظر أيضا : الموجز للمؤلف ص 712 هامش رقم 1 فى الأحكام المشار إليها – بودرى وبارد 4 ص 288 – أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 362 – ص 363 .
( [65] ) الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة 1 ص 473 .
( [66] ) نقض مدنى 16 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 260 ص 751 – كذلك قيام تعارض بين ورقة عرفية وورقة رسمية يصلح أن يكون مبدأ ثبوت بالكتابة ( استئناف مختلط 4 فبراير سنة 1891 م 3 ص 173 ) .
( [67] ) الموجز للمؤلف ص 713 .
( [68] ) نقض فرنسى 18 يناير سنة 1904 داللوز 1904 – 1 – 1295 – أوبرى ورو 12 فقرة 764 ص 364 – الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة 1 ص 472 – الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 456 .
وقد قضت محكمة النقض فى مصر بأنه متى كان الحكم الابتدائى قد قضى بإلزام الطاعن بمبلغ مقابل ثمن أطيان كلف ببيعها من مورث المطعون عليهم ، وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه لدى محكمة الاستئناف بأنه أوفى ثمن هذه الأطيان للمورث المذكور ، مستندا إلى محضرى صلح موقع عليهما من المورث باعتبارهما ورقتين صادرتين من خصمه فى تاريخ لاحق لتاريخ بيع الأطيان لم ينص فيهما على مديونيته بأى التزام ، لا بصفته الشخصية ولا بصفته وكيلاً عنه ، وأنهما يصلحان لأن يكونا مبدأ ثبوت بالكتابة يجعلان دفاعه بعدم مديونيته فى ثمن الأطيان قريب الاحتمال وطلب إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات هذا الدفاع ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل الرد على هذا الطلب يكون قد عاره قصور مبطل له بما يستوجب نقضه فى هذا الخصوص ( نقض مدنى 9 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 121 ص 848 ) – وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا لم تذكر الورثة فى محضر جرد أموال مورثهم دينا من الديون ، فإن هذا يصح اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة للتخلص من هذا الدين ( استئناف مصر 8 يونيه سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 9 ص 195 ) .
( [69] ) محكمة كان الاستئنافية ( فرنسا ) 30 أبريل سنة 1860 داللوز 61 – 2 – 36 – داللوز براتيك 9 لفظ إثبات ( Preuve ) فقرة 1210 – وقد قضت محكمة النقض بمصر بأنه ليس لمن يدعى صورية الشركة التى بين شخص وآخرين أن يتخذ هذه الصورية مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز له أن يثبت بالبينة والقرائن الشركة التى يدعى قيامها بينه هو وبين هذا الشخص ، لأن تلك الصورية ليس من شأنها – حتى لو صحت – أن تجعل الشركة التى يدعيها قريبة الاحتمال ( نقض مدنى 5 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر رقم 231 ص 614 ) .
( [70] ) جرجا 27 فبراير سنة 1926 المحاماة 8 رقم 382 ص 585 . وقد رأينا أن محكمة النقض قد قضت بأن الرسائل الصادرة من الدائنة إلى مدينها تستجديه فيها وتشكر له إحسانه عليها دليل كتابى كاف فى نفى وجود قرض حقيقى ( نقض مدنى 3 نوفمبر سنة 1932 المجموعة الرسمية 34 رقم 1 ص 12 ) .
ويقرب من هذا ، قبل التقنين المدنى الجديد ، الإيصال بالقسط الأخير من الإيجار ، فقد كان يمكن اعتباره مبدأ ثبوت بالكتابة على دفع الاقساط السابقة ، لأن المؤجر لا يعطى عادة مخالصة من القسط الأخير إلا بعد أن يكون قد استوفى الأقساط السابقة ، فواقعة دفع القسط الأخير التى يثبتها الإيصال تجعل واقعة دفع الأقساط السابقة قريبة الاحتمال ( نقض مدنى 25 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 254 ص 721 ) . ولكن التقنين الجديد ( م 587 ) جعل الوفاء بالقسط الأخير قرينة قانونية على الوفاء بالأقساط السابقة ، وهى قرينة تقبل إثبات العكس .
( [71] ) 7 يناير سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 3 ص 4 .
( [72] ) أراد المتهم أن يخفى اختلاسه لمبلغ عشرين جنيهاً سلمه إليه أحد المقترعين قيمة البدل العسكرى ، فزور شهادة معافاة من الخدمة العسكرية لهذا المقترع . وقد قضت المحكمة بأنه يجوز إثبات دفع المبلغ للمتهم بالبينة ، لأن شهادة المعافاة المزورة تصلح أن تكون مبدأ ثبوت الكتابة ضده .
وقضت محكمة النقض بأنه متى كان الواقع هو أن الطاعن أقام الدعوى على المطعون عليهم ، وطلب الحكم بإلزامهم بمبلغ معين بموجب سند ذكر فيه أن هذا المبلغ سلم لهم على سبيل القرض ، فدفع المطعون عليهم الدعوى بأن المبلغ المطالب به ليس قرضاً ، وإنما هو ثمن حصة فى ( ماكينة ) اشتروها من الطاعن بموجب عقد بيع محرر فى تاريخ تحرير السند ، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد البيع مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز للمطعون عليهم تكملة إثبات دفاعهم بالبينة قد قرر أن هذا العقد هو ورقة صادرة من الطاعن ومحررة مع السند موضوع الدعوى فى مجلس واحد ، علاوة على اتحادهما فى خط الكاتب لهما والشهود الموقعين عليهما والمداد المحررين به ، كما أنه يستبعد أن يشترى المطعون عليهم حصة الطاعن فى الماكينة وأن يدفعوا إليه الثمن ويقترضوا فى نفس مجلس العقد المبلغ المحرر به السند ، إذ قرر الحكم ذلك فإنه لا يخالف القانون ( نقض مدنى 5 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 87 ص 570 ) – وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه إذا ذكر فى عقد بيع عقار أن البائع يملكه بناء على عقد آخر تاريخه كذا صادر من زيد من الناس ، وكان على العقار حقوق ارتفاق أو قيود للملك مبينة فى هذا العقد ، عد هذا الذكر مبدأ ثبوت بالكتابة لإثبات علم المشترى بوجود حقوق الارتفاق المذكورة فى عقد شراء بائعه ، وحينئذ يسوغ للمحكمة قبول الإثبات بالقرائن ، ويمكنها بما لها من السلطة المطلقة فى هذه الحالة أن توجه اليمين المتممة للمشترى بأنه لم يطلع على عقد شراء بائعه المذكور فى عقده ولا علم له بحقوق الإرتفاق والقيود الموجودة فى العقد الأول ( استئناف أهل 8 ديسمبر سنة 1909 الحقوق 24 ص 237 – قارن : استئناف أهلى 8 مارس سنة 1910 المجموعة الرسمية 12 ص 6 ) – وقضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا رفع امرأة دعوى ضد شخص تطالب بمبالغ بدعوى انه اقترضها منها ، وظهر من مجموعة المراسلات المتبادلة بينهما وبينه فى وقت معاصر لتاريخ تحرير السندات أو لاحق أن هناك ما يحمل على الظن بوجود علاقات غير شريفة بينهما حررت من أجلها السندات ، وبأن الدائنة كانت تعيش هى وابنتها فى كنف المدين الذى كان يعطيهما من وقت لآخر ما تجود به نفسه ، حتى أنهما كانا يستجديان جنيهاً واحدا فى بعض الأحوال ، مما يدل على أنها كانت فى حالة فقر لا تسمح لها بأن تفرضه نحو ثلثمائة جنيه ، كان هذا قاطعا فى نفى وجود علاقة قرض حقيقى ، وتكون السندات خالية من السبب القانونى وباطلة ( استئناف مصر 23 يناير سنة 1932 المحاماة رقم 24 ص 69 ) .
وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كفل شخص مفلسا فى الصلح الذى عقده مع دائنيهن ثم فتح له حسابا جاريا كما تفتح الحسابات الجارية ما بين بيتين من بيوت التجارة مستقلين تمام الاستقلال كل منهما عن الآخر ، فإن فتح هذه الحساب يصلح مبدأ ثبوت بالكتابة ، يجوز استكماله بالبينة والقرائن ، على أنه – خلافاً لما جاء فى شروط الصلح من أن المفلس قد نزل لكفيله عما له من الحقوق – قد تم اتفاق بينهما على ترك المفلس على رأس عمله يباشر تجارته ( استئناف مختلط 22 أبريل سنة 1931 م 43 ص 363 ) .
( [73] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 541 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” ويجوز أيضاً الإثبات بالبينة : ( أ ) إذا وجد مانع مادى أو أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى ( ب ) إذا فقد الدائن سنده الكتابى لسبب أجنبى لايد له فيه ( جـ ) إذا طعن فى العقد بأن له سبباً غير مشروع ” . وفى لجنة المراجعة أضيفت عبارة ” وفيما كان يجب إثباته بالكتابة ” فى صدر المادة لتجعل المعنى أدق ، ونقل البند ( جـ ) : ” إذا طعن فى العقد بأن له سبباً غير مشروع ” إلى مكان آخر ( السبب غير المشروع ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ) . وأصبح النص هو المادة 416 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 403 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 410 وص 414 – ص 415 ) .
( [74] ) كانت المادة 215 / 280 من التقنين المدنى السابق تجرى على الوجه الآتى : ” فى جميع المواد ما عدا التجارية إذا كان المدعى به عبارة عن نقود أو أوراق تزيد قيمتها عن ألف قرش ديوانى أو غير مقدره ، فالأخصام الذين لم يكن لهم مانع من الاستحصال على كتابة مثبتة للدين أو للبراءة لا يقبل منهم الإثبات بالبينة ولا بقرائن الأحوال ” . وكانت المادة 218 / 283 تنص على ما يأتى : ” وكذلك يجوز الإثبات بما ذكر إذا وجد دليل قطعى على ضياع السند بسبب قهرى ” . ونرى من ذلك أن الحكم واحد فى المسألتين فى التقنينين الجديد والقديم .
( [75] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون البينات السورى م 57 : يجوز الإثبات بالشهادة فى الالتزامات التعاقدية حتى لو كان المطلوب تزيد قيمته على مائة ليرة : ( أ ) إذا وجد مانع مادى أو أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى – يعتبر مانعاً ماديا ألا يوجد من يستطيع كتابة السند أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفا فى العقد . يعتبر مانعاً أدبيا القرابة بين الزوجين أو ما بين الأصول والفروع أو ما بين الحواشى إلى الدرجة الثالثة أو ما بين أحد الزوجين وأبوى الزوج الآخر . ( ب ) إذا فقد الدائن سنده المكتوب لسبب لا يد له فيه . ( جـ ) إذا طعن فى العقد بأنه ممنوع بالقانون أو مخالف للنظام العام أو الآداب .
( وهذه الأحكام تتفق مع أحكام التقنين المصرى ، غير أن قانون البينات السورى حدد بعض أحوال المانع المادى والمانع الأدبى ، وأضاف النص على جواز الإثبات بالبينة وبالقرائن فى حالة الاحتيال على القانون ، وقد تقدم بيان حكمها ) .
التقنين المدنى العراقى م 491 : يجوز أيضا الإثبات بالشهادة فيما كان يجب إثباته بالكتابة :
( أ ) إذا وجد مانع مادى يحول دون الحصول على دليل كتابى . ويعتبر مانعاً مادياً ألا يوجد من لا يستطيع كتابة السند . ( ب ) إذا كان العقد مبرماً ما بين الزوجين أو ما بين الأصول والفروع أو ما بين الحواشى إلى الدرجة الرابعة أو ما بين أحد الزوجين وأبوى الزوج الآخر . ( جـ ) إذا فقد الدائن مستنده الكتابى لسبب أجنبى لايد له فيه . ( والأحكام تكاد تكون واحدة فى التقنين العراقى والتقنين المصرى ، غير أن التقنين العراقى حدد أحد الموانع المادية ، وحصر الموانع الأدبية فى الزوجية والقرابة ) .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 242 : تقبل البينة الشخصية . . . ( 4 ) إذا استحال على الدائن الحصول على بينه خطية . ويكتفى بمجرد الاستحالة المعنوية ، وهى تنشأ خصوصاً عن العرف المتبع فى بعض المهن ، أو علاقات القربى بين الأصول والفروع أو عن الروابط الزوجية ( 5 ) إذا أثبت الدائن فقدان السند بطارئ ما . ( والأحكام واحدة فى التقنينين المصرى واللبنانى ، إلا أن التقنين اللبنانى حدد أهم أحوال المانع الأدبى )
التقنين المدنى للمملكة الليبية المتحدة م 391 : مطابق لنص التقنين المدنى المصرى .
( [76] ) التقنين المدنى الفرنسى م 1348 : ويستثنى من القاعدتين ( ضرورة الدليل الكتابى ) أيضا جميع الحالات التى لم يكن الدائن يستطيع فيها الحصول على دليل كتابى للالتزام المعقود له . وهذا الاستثناء الثانى يسرى : ( 1 ) على الالتزامات التى تنشأ من شبه عقد أو من جريمة أو من شبه جريمة . ( 2 ) على الودائع الاضطرارية التى تقع فى حالات الحريق والتهدم والاضطرابات والغرق ، وفى الودائع الاضطرارية للنزلاء فى الفنادق التى ينزلون فيها ، وهذا كله وفقا لصفة الشخص ولظروف الواقع . ( 3 ) فى الالتزامات المعقودة عند نزول أحداث غير منظورة لم يكن يستطاع معها كتابة ورقة . ( 4 ) فى حالة ما إذا فقد الدائن السند الذى كان يستخدمه دليلا كتابياً بسبب حادث فجائى لم يكن منظوراً وترتب على قوة قاهرة .
Art . 1348 : Elles recoivent encore exception toutes les fois quil napas ete possible au creancier de se procurer une preuve litterale de lobligation qui a e ete contractee envers lui . Cette seconde exception sapplique : l Aux obligation qui naissent des quasi – contrats et des delits ou quasidelits . 2 Aux depots necessaries faits en cas dincendie, ruine, tumulte ou naufrage, et a ceux faits par les voyageurs en logant dans une hotel lerie, le tout suivant la qualite des personnes et les circontances du fait . – 3 Aux obligation contractees en cas daccidents imprvus, ou lon ne pourrait pas avoir fait des actes par ecrit . – 4 Au cas ou le creancier a perdu le titre qui lui servait de preuve litterale, par suite dun cas fortuit . Imprevu et resultant dune force majeure .
( [77] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” والبينة فى هذه الأحوال لا تكمل الدليل الكتابى ، بل تحل محله بعد أن فقد واستحال تحصيله . والواقع أن وجوب الإثبات بالكتابة يفترض إمكان الحصول على الدليل الكتابى ، فإذا حالت ظروف خاصة دون ذلك تحم الاستثناء إذ لا قبل لأحد بالمستحيل . ويراعى من ناحية أخرى أن هذا النص يرمى إلى استبدال البينة بالدليل الكتابى ، فهو والحال هذه لا يطبق حيث تكون الكتابة شرطاً يترتب على تخلفه بطلان التصرف ، بل يطبق فى الأحوال الخاصة التى يتطلب فيها القانون الدليل الكتابى للإثبات ولو كانت القيمة أقل من عشرة جنيهات ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 411 ) .
( [78] ) استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1891 م 3 ص 280 – 12 يناير سنة 1899 م 11 ص 93 – 13 يناير سنة 1943 م 55 ص 26 .
( [79] ) نقض مدنى 25 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 196 ص 550 – 6 يناير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 364 ص 697 – استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 76 . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” وإذا كان القاضى هو المرجع فى تقدير الظروف المانعة ، إلا أن من واجبه أن يبين هذه الظروف عند تسبيب الاستحالة المادية . أما الاستحالة المعنوية التى تحول دون الحصول على كتابة فلا ترجع إلى ظروف مادية ، بل ترجع إلى ظروف نفسية ، وهى تعقد بعلاقات الخصوم وقت انعقاد التصرف . ومرجع الأمر فى تقدير هذه الاستحالة ، مع ما ينطوى فى هذا التقدير من دقة ، هو القاضى ، ولكن يتعين عليه أن يسبب تقديره ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 413 ) .
( [80] ) قارن أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 366 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1539 ص 988 – ومما يؤيد النظر الذى تذهب إليه ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : ” أما فيما يتعلق بخصائص الاستحالة ، فيراعى ان الاستثناء يرد على قاعدة حظر الإثبات بالبنية . وهذه القاعدة تطبق بشأن التصرفات القانونية دون الوقائع القانونية . ويستخلص من ذلك أن هذا الاستثناء لا يطبق إلا على التصرفات القانونية ، وهى التى تنفرد بوجوب استعمال الكتابة فى إثباتها . ويتفرع على هذا ما يأتى : ” ( 1 ) أن استحالة الحصول على دليل كتابى فى هذه الحالة ليست مطلقة ، بل هى نسبية عارضة . ( ب ) أن الاستحالة لا ترجع إلى طبيعة الواقع خلافاً لما نصت عليه المادة 1940 من التقنين الهولندى ، بل ترجع على وجه الأفراد إلى الظروف الخاصة التى انعقد فيها التصرف . ( جـ ) أن الاستثناء لا يتعلق بالوقائع القانونية التى يمتنع فيها على وجه الاطلاق الحصول على دليل كتابى . وقد أخطأ التقنين الفرنسى والتقنين الإيطالى ( م 1348 ) فى إيراد ” الالتزامات الناشئة عن أشياء العقود والجنح وأشياء الجنح ” فى معرض التمثيل للاستحالة النسبية التى تحول دون الحصول على دليل كتابى . لأن أشياء العقود والجنح وأشياء الجنح تدخل فى عداد الوقائع القانونية التى لا يسرى بشأنها تقييد الإثبات بالبنية ، بل البينة بالنسبة لها جائزة على وجه الدوام ، شأنها من هذا الوجه شأن وقائع التدليس والغش والصورية والربا . . . قد أحسن التقنين المصرى ( م 215 / 280 ) والمشروع الفرنسى الإيطالى بإغفال الأمثلة التى تضمنتها التقنينات المختلفة فى هذا الشان ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 411 – ص 412 ) – أنظر أيضا الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة فقرة 210 .
( [81] ) وتقول الأساتذة بلانيول وريبير وجابولد فى هذا المعنى : ” تذكر المادة 1348 من التقنين المدنى ، كأول تطبيق ، الالتزامات التى تنشأ من شبه العقد والجريمة وشبه الجريمة . ولكن لا يوجد هنا إلا وقائع لا تسرى فى شأنها القواعد الخاصة بتقييد الإثبات بالبنية ، إذ المطلوب إثباته إنما هو واقعة مادية . فالاستثناء إذن ليس إلا استثناء ظاهرياً محضاً . وهو خطأ حقيقى فى الصياغة ” ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1535 ص 996 ) – قارن اوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 367 – ص 370 .
( [82] ) أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 368 – ص 370 .
( [83] ) أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 367 .
( [84] ) أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 638 وهامش رقم 6 .
( [85] ) أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 372 – ص 373 وهامش رقم 18 وهامش رقـــم 19 .
( [86] ) انظر أوبرى ورو 22 فقرة 765 ص 273 – ص 375 .
( [87] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1538 ص 998 .
( [88] ) أما إيداع الأمتعة عند عامل النقل لنقلها من مكان إلى آخر فلا يعد وديعة اضطرارية ، ويجب لإثباتها الكتابة فيما يزيد على النصاب إلا إذا كان عقد النقل تجاريا فيثبت بجميع الطرق ( أوبرى ورو 12 فقرة 76 ص 371 – بلانيول وريبير وجابولد فقرة 1536 ) .
( [89] ) انظر الأستاذ حسين المؤمن جزء 2 ص 549 – ص 550 .
( [90] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1537 .
( [91] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1539 ص 1001 .
( [92] ) دائرة النقض الجنائى 6 يونيه سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 93 .
( [93] ) أسيوط الكلية 10 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 20 .
( [94] ) الموجز للمؤلف فقرة 694 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1540 ص 1002 – الأستاذ حسين المؤمن 2 ص 566 – ص 575 – وفى التبايع بالمواشى فى الأسواق والمواسم أنظر الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة 1 ص 408 – ص 409 .
انظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 413 .
( [95] ) أنظر الأستاذ سليمان مرقص فى أصول الإثبات فقرة 236 ص 438 .
( [96] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مسألة قيام المانع الأدبى من أخذ الكتابة عند لزومها هى مسألة لقاضى الموضوع الفصل فيها ( نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 303 ص 954 9 . وقضت أيضا بأنه متى كانت المحكمة ، إذ قررت أنه لا يجوز لأحد المتعاقدين إثبات صورية العقد الثابتة كتابة إلا بالكتابة ، قد استخلصت فى حدود سلطتها الموضوعية بالأدلة السائغة التى أوردتها انتقاء المانع الادبى ، فإن الذى قررته هو صحيح فى القانون ( نقض مدنى 24 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 48 ص 314 ) .
( [97] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1539 ص 998 هامش رقم 7 .
( [98] ) وتثبت وفقا لقواعدها الخاصة : الزوجية بعقد الزواج والقرابة بشهادة الميلاد ولكن الغالب أن هذه العلاقة يكون معترفاً بها ، فتثبت بالإقرار .
( [99] ) وقد قضت محكمة النقض بأن مسألة اعتبار الزوجية مانعة أو غير مانعة من الحصول على دليل كتابى بين الزوجين هى مسألة موضوعية ، لمحكمة الموضوع وحدها السلطة فى تقديرها ( نقض مدنى 19 مايو سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 48 ص 107 ) – وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بان رابطة الزوجية عائق أدبى ( استئناف أهلى 11 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 20 رقم 99 ) .
( [100] ) استئناف مصر 26 أكتوبر سنة 1946 المحاماة 22 رقم 127 ص 371 – ولكنها قضت فى دعوى أخرى بأن كون الخصم زوجة عم خصمها وكانت تعتبره كابنها الوحيد وتقيم معه فى دار عمه لا يكفى فى قيام المانع الأدبى ( استئناف مصر 15 يناير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 71 – ص 126 ) .
( [101] ) استئناف مصر 8 نوفمبر سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 115 – المحاماة رقم 10 ص 17 – انظر أيضا : استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1925 المحاماة 5 رقم 621 ص 757 – 17 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 33 ص 53 . ولكن محكمة استئناف مصر قضت كذلك بأن مجرد خطبة أحد المتقاضيين لأبنه الآخر ليست بالعلاقة التى تمنع من حصول كل منهما على الدليل قبل الآخر ( استئناف مصر 22 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 114 ص 306 ) .
( [102] ) استئناف مصر 7 يونية سنة 1923 المحاماة 4 رقم 94 ص 197 . انظر أيضاً : ملوى 29 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 7 رقم 32 .
( [103] ) نقض جنائى 3 يونية سنة 1935 المحاماة 16 رقم 61 ص 137 . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن علاقة البنوة والأخوة يجوز معها أن يثبت بالبينة أن بعض الخصوم إذن لبعض فى إجراء عقد بدل مع آخرين ( استئناف مصر 13 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 41 ص 93 ) .
( [104] ) نقض جنائى 22 ديسمبر سنة 1900 المجموعة الرسمية 2 ص 208 .
( [105] ) طنطا الابتدائية أول ديسمبر سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 6 ص 98 .
( [106] ) استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1926 المجموعة الرسمية 28 رقم 76 .
( [107] ) نقض مدنى 11 يناير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 47 ص 240
انظر أيضا : نقض مدنى 3 يناير سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 219 ص 536 – أول يونيه سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 144 ص 396 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اعتمدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائى الذى قرر بأن المبلغ المسلم للمدعى عليه هو أمانة أختلسها ، وأن سكوت المدعية على المدعى عليه وعدم إدراجها المبلغ بمحضر حصر التركة عند الحجر على المورث او وفاته هو لأسباب بررت بها هذا السكوت ، وأنها أسباب تجوز على مثل المدعية لبساطتها ولصلة قرابتها بالمدعى عليه الذى كان قيما على مورثها ، فقول المحكمة الابتدائية هذا الذى اعتمدته محكمة الاستئناف يفيد أنه كانت هناك أسباب شخصية وأدبية مانعة للمدعية من أخذ كتابة عليه باستلامه المبلغ ومن أدراجها إياه فى محضرى الجرد الذين حصل أحدهما بعد الحجر وثانيهما بعد الوفاة . ومسألة قيام المانع الأدبى من أخذ الكتابة عند لزومها هى مسألة لقاضى الموضوع القول الفصل فيها ( نقض مدنى 14 نوفمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 303 ص 954 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .
( [108] ) وقد قضت محكمة أسيوط الجزئية بأن العادات المبنية على كرم الطبع ، كإعارة الأوانى والحلى بين الجيران وإعارة المواشى وآلات الزراعة والدواب فى القرى ، موانع أدبية ( 16 فبراير سنة 1924 المحاماة 4 رقم 719 ص 941 ) .
( [109] ) وقد قضت دائرة النقض الجنائية بأنه إذا بدد الوكيل بلا أجر أشياء سلمها إليه الموكل ، وكانت قيمتها أزيد من عشر جنيهات ، جاز للموكل أن يثبت تسليمها إليه بالبينة ، لأن مجانية الوكالة قد تكون مانعاً أدبياً يحول دون الحصول على دليل كتابى ( نقض جنائى 23 ديسمبر سنة 1917 المجموعة الرسمية 19 رقم 15 ) .
( [110] ) وقد قضت محكمة المنصورة بأن الاعتياد على توريد أشياء منزلية يعتبر مانعاً أدبيا ( 18 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 621 ص 757 ) .
( [111] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن مركز الشخص الاجتماعى قد يكون مانعاً أدبيا لمحل صنع أثاث منزلى من الحصول على سند مكتوب ( استئناف مختلط 22 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 44 ) .
( [112] ) أنظر فى هذه المسألة الأستاذ حسين المؤمن فى الإثبات جزء 2 من الشهادة ص 555 وما بعدها .
( [113] ) نقض فرنسى 17 مارس سنة 1938 سيريه 1938 – 1 – 115 ، وإذا ثبت مقدار أجر الخادم ، فلهذا أن يطالب بمجموع أجوره منذ دخوله فى خدمة سيده ، وللسيد أن يثبت بجميع الطرق أنه وفى له هذه الأجور ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1539 ص 1000 ) .
( [114] ) محكمة باريس الاستئنافية 9 ديسمبر سنة 1924 داللوز 1925 – 62 .
( [115] ) استئناف مصر 15 فبراير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 27 ص 48 .
( [116] ) نقض فرنسى 17 مارس سنة 1938 داللوز 1938 – 1 – 115 .
( [117] ) محكمة كان الفرنسية 23 مارس سنة 1914 مجلة القانون المدنى الفصلية 1915 ص 514 .
( [118] ) نقض فرنسى 26 يونيه سنة 1929 داللوز الأسبوعى 1929 ص 460 .
( [119] ) نقض فرنسى 7 ديسمبر سنة 1931 جازيت دى باليه أول فبراير سنة 1932 .
( [120] ) استئناف مختلط 28 مارس سنة 1929 م 41 ص 326 – 28 أبريل سنة 1932 م 44 ص 299 – نقض فرنسى 13 أبريل سنة 1910 سيريه 1911 – 1 – 501 – 31 مايو سنة 1932 سيريه 1933 – 1 – 134 – بل إن الطبيب ليس فى حاجة إلى كتابه مذكرات منتظمة ( Carnet de Visites Regulierement Tenu ) بزياراته لمرضاه ( محكمة باريس الاستئنافية 5 مارس سنة 1903 سيريه 19004 – ص – 32 ) .
( [121] ) استئناف مختلط 3 يناير سنة 1925 م 37 ص 138 .
( [122] ) ويجب أن يثبت المدعى أن السند المكتوب ، الذى كان موجوداً ثم فقد بسبب أجنبى ، هو سند كتابى كامل ، لا مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة . فإذا كان مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ، فلا يسمح للمدعى أن يثبت سبق وجوده بالبينة أو بالقرائن . لكن إذا أقر الخصم بسبق وجوده كان للقاضى حرية التقدير لتعرف ما إذا كان السند المفقود تتوافر فيه أركان مبدأ الثبوت بالكتابة حتى يمكن تعزيزه بالبينة أو بالقرائن ( الموجز للمؤلف ص 724 ) .
( [123] ) وليس من الضرورى أن تكون الشهود قد رأت السند المكتوب وقرأته . ولكن لا يكفى من جهة أخرى أن تشهد الشهود بقيام التصرف القانونى ( أوبرى ورو 12 فقرة 765 هامش رقم 35 ) .
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” أما فيما يتعلق بالدليل على الفقد فيقع عبء إقامته على المدعى مبدئياً . فمن واجبه ، فضلا عن إثبات الحادث الجبرى أو القوة القاهرة ، أن يقيم الدليل على سبق وجود المحرر ومضمونه وعلى مراعاة شروط الصحة التى يتطلب القانون توافرها فيه إن كان هذا المحرر من قبيل المحررات الشكلية . فإذا تم ذلك للمدعى ، كان له أن يثبت ما يدعى بالبينة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 414 ) .
ويطلب من المدعى ، كما قدمنا ، أن يثبت بجميع الطرق سبق وجود سند مكتوب ، وأن هذا السند كان مستوفياً لجميع الشروط القانونية ، وأنه كان يحمل توقيع الخصم . فلو اعترف الخصم بسبق وجود السند ، ولكنه أنكر توقيعه عليه ، سمح للمدعى أن يثبت صحة التوقيع بجميع الطرق ( الموجز للمؤلف ص 724 ) – ويجب أن يكون السند المفقود دليلا كتابياً كاملا . فإذا كان مجرد مبدأ ثبوت بالكتابة ، فلا يجوز إثبات فقده بالبينة أو بالقرائن ، ولكن يجوز إثبات ذلك بالإقرار أو اليمين كما مر القول ( أنظر الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة فقرة 215 ) .
( [124] ) وإذا ادعى المدعى أن السند كان مودعاً عند شخص آخر ، وجب عليه إثبات الوديعة ، إذا كانت قيمة السند تزيد على عشرة جنيهات ، بدليل كتابى ( الموجز للمؤلف ص 724 ) – أنظر أيضاً : أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 382 – ص 384 .
( [125] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه وإن كان القانون لم يشر فى المادة 218 مدنى ( 403 جديد ) إلا إلى حالة ضياع السند بسبب قهرى كحصول حريق أو إتلاف ، إلا أنه مما يجب أن يعتبر فى حكم السبب القهرى حصول سرقة السند أو تبديده ( استئناف مصر 21 أبريل سنة 1934 المحاماة 15 رقم 263 / 2 ص 556 ) . وقد يكون السند المكتوب قد ضاع من ملف القضية المرفوعة بهذا السند ، دون أن يكون ذلك بتقصير من صاحبه ( محكمة باريس 26 أكتوبر سنة 1938 داللوز الأسبوعى 1939 ص 11 ) .
( [126] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كانت المحكمة قد اقتنعت من التحقيقات الحاصلة عن الحادث ، وعلى الأخص مما أدلى به المدعى عليه نفسه فيها ، أن السند كان موجوداً وسرق ، وأن ذمة المدعى عليه مازالت مشغولة بالدين ، فذلك من شأنها وحدها . ولا يصح أن ينعى عليها أنها لم تأخذ فيما انتهت إليه بدليل بعينه ، إذ الإثبات فى هذه الحالة يجوز بجميع الطرق ( نقض مدنى 18 يونيه سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 176 ص 485 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا رفضت المحكمة طلب الإحالة على التحقيق لإثبات وجود سند كتابى ضاع بسبب قهرى ، مقيمة قضاءها بذلك على عدم جدية هذا الادعاء لما أوردته من أسباب مبررة لوجهة نظرها ، فلا مخالفة فى ذلك لحكم المادة 218 من القانون المدنى ( 403 جديد ) ( نقض مدنى 24 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 399 ص 740 ) .
أنظر أيضاً : نجع حمادى 30 ديسمبر سنة 1905 المجموعة الرسمية 7 رقم 34 – ملوى 9 يونيه سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 رقم 116 .
( [127] ) وقد جاء فى الموجز للمؤلف ما يأتى : ” ويكفى فوجود القوة القاهرة ألا يكون الحادث الذى ضاع فيه السند منسوباً إلى إهمال المدعى ، ولو كان هذا الحادث قد وقع بإهمال الغير ، لا قضاء وقدراً . أما إذا ضاع السند بإهمال المدعى ، بأن كان قد مزقه خطأ أو أهمل فى حفظه حتى ضاع أو سرق أو نحو ذلك مما يعتبر خطأ منسوباً إليه ، فلا يكون فى هذه الحالة معذوراً ، ولا يسمح له أن يثبت دعواه بالبينة أو بالقرائن ( الموجز فقرة 697 ص 725 ) . أنظر أيضاً : استئناف مختلط 18 مارس سنة 1920 م 32 ص 207 – والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 413 – ص 414 .
( [128] ) استئناف مختلط 22 مارس سنة 1939 م 51 ص 214 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1541 ص 1003 وهامش رقم 1 .
( [129] ) استئناف مختلط 26 مارس سنة 1890 م 2 ص 199 – 20 مايو سنة 1891 م 3 ص 343 – 22 مارس سنة 1893 م 5 ص 171 – 24 مايو سنة 1893 م 5 ص 251 – 17 فبراير سنة 1920 م 32 ص 375 .
( [130] ) وبفرض أن السند قد استوفى الشكل الذى يتطلبه القانون إذا كان المدين هو الذى أتلفه ( أوبرى ورو 12 فقرة 765 ص 384 – ص 385 ) – هذا والسند فى حالة التصرف الشكلى لابد أن يكون سنداً رسمياً . فإذا فقد ، فإن الصور الرسمية قد تقوم مقامه ، أو تكون مبدأ ثبوت بالكتابة على النحو الذى قدمناه عند الكلام فى حجية الصور الرسمية للسند الرسمى ، وفى هذه الحالة لا نكون فى حاجة إلى القاعدة التى نحن بصددها ، فإن قبول البينة والقرائن جائز بدونها . أما إذا لم توجد صور رسمية أصلا ، أو وجدت ولكنها لا تصلح أن تكون على الأقل مبدأ ثبوت بالكتابة ، فعندئذ يكون للخصم فائدة من التمسك بقاعدة فقد السند المكتوب بسبب أجنبى ليتمكن من إثبات التصرف بالبينة والقرائن ( أنظر فى هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات فقرة 232 ص هامش رقم 2 – وفقرة 241 ) .
( [131] ) أنظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1541 ص 1004 – وأنظر أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 414 .
( [132] ) نقض فرنسى 30 يوليه سنة 1884 داللوز 85 – 1 – 439 – سيريه 85 – 1 – 374 . بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 7 فقرة 1542 – ويحتفظ بارتان فى التسليم بصحة هذا الحكم ( أوبرى ورو 12 فقرة 765 هامش رقم 33 مكرر ) .
وقد قضت محكمة النقض البلجيكية ، هى أيضاً ، بأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام ، وأنه يجوز الاتفاق على ما يخالف قاعدة فقد السند المكتوب بسبب أجنبى ، كما لا يجوز التمسك بهذه القاعدة وغيرها من قواعد الإثبات لأول مرة أمام محكمة النقض ( 28 ديسمبر سنة 1944 باسيكريزى 1145 – 1 – 76 – 30 يناير سنة 1947 باسيكريزى 1947 – 1 – 29 ) .
المصدر: محامي في الأردن
انظر طريقة توكيل محامي