الضرر


الضرر

 ( Le prejudice )

568 – تحديد الموضوع – الإثبات : الضرر هو الركن الثاني للمسئولية التقصيرية . فليس يكفي لتحقق المسئولية أن يقع خطأ ، بل يجب أن يحدث الخطأ ضرراً ( [1] ) ونتكلم هنا في قيام الضرر في يذاته . أما الكلام في التعويض عن الضرر فمحله الفرع الخاص بآثار المسئولية .

والمضرور هو الذي يثبت وقوع الضرر به . ووقوع الضرر واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ، ومنها البينة والقرائن ( [2] ) .

569 – الضرر المادي والضرر الأدبي : وقد يكون الضرر مادياً يصيب المضرور في جسمه أو في ماله ، وهو الأكثر الغالب . وقد يكون أدبياً يصيب المضرور في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو أي معنى آخر من المعاني التي يحرص الناس عليها . ونتكلم في كل من هذين النوعين .

المطلب الأول

الضرر المادي

570 – شرطان : الضرر المادي هو إخلال بمصلحة للمضرور ذات قيمة مالية . ويجب أن يكون هذا الإخلال محققاً ، ولا يكفي أن يكون محتملاً يقع أو لا يقع .

فللضرر المادي إذن شرطان : ( 1 ) أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للمضرور . ( 2 ) أن يكون محققاً ونبحث كلاً من هذين الشرطين .

 $ 1 – الإخلال بمصلحة مالية للمضرور

571 – الضرر إخلال بحق أو بمصلحة : قد تكون المصلحة المالية للمضرور حقاً أو مجرد مصلحة مالية . ونستعرض كلاً من الفرضين .

572 – الضرر إخلال بحق للمضرور : لكل شخص الحق في السلامة : سلامة حياته وسلامة جسمه . فالتعدي على الحياة ضرر ، بل هو أبلغ الضرر وإتلاف عضو أو إحداث جرح أو إصابة الجسم أو العقل بأي أذى آخر من شأنه أن يخل بقدرة الشخص على الكسب أو يكبد نفقة في العلاج هو أيضاً ضرر مادي ( [3] ) .

والتعدي على الملك هو إخلال بحق ويعتبر ضرراً . فإذا أحرق شخص منزلاً لآخر ، أو قلع زراعته ، أو خرب أرضه ، أو أتلف له مالاً كأثاث أو عروض أو غير ذلك ، كان هذا ضرراً مادياً أصاب المضرور في حق ثابت له . وكل إخلال بحق مالي ثابت ، عينياً كان هذا الحق أو شخصياً ، هو ضرر مادي . والأمثلة على ذلك كثيرة تجتزئ بما قدمناه منها .

وقد يصيب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر . فالقتل ضرر أصاب المقتول في حياته ، وعن طريق هذا الضرر أصيب بضرر أولاد المقتول بحرمانهم من العائل ، وهذا عدا الضرر الأول الذي أصاب المقتول نفسه ( [4] ) . والحق الذي يعتبر الإخلال به ضرراً أصاب الأولاد تبعاً هو حقهم في النفقة قبل أبيهم ( [5] ) . وقد يكون المضرور تبعاً دائناً للمصاب لا بنفقة ولكن بحق آخر ، فالإخلال بهذا الحق يعتبر ضرراً بالتبعية . مثل ذلك دائن يطالب المدين بعمل يستوجب تدخله الشخصي ، وقد قتل المدين ، فللدائن مطالبة القاتل بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء فقد مدينه وفوات الفرصة عليه في تنفيذ العمل . أما إذا كان الدائن يستطيع أن يحصل على حقه من غير تدخل المدين ، فلا يكون ثمة ضرر . ذلك أن التركة إذا كانت موسرة استطاع الدائن أن يتقاضى منها حقه ، وإذا كانت معسرة فقد ثبت أن المدين كان معسراً قبل موته ولم يحدث للدائن ضرر بالموت .

573 – الضرر إخلال بمصلحة مالية للمضرور : وقد يكون الضرر إخلالاً لا بحق للمضرور ولكن بمجرد مصلحة مالية ليه . مثل ذلك أن يصاب عامل فيستحق معاشاً عند رب العمل ، فيكون المسئول عن إصابة العامل قد أصاب رب العمل في مصلحة مالية له إذ جعله مسئولاً عن معاش العامل ، والإخلال بالمصلحة المالية على هذا النحو يعد ضرراً . ومثل آخر للمصلحة المالية التي يصاب فيها المضرور أن يفقد عائله دون أن يكون له حق ثابت في النفقة ، وهذا بخلاف من له حق ثابت في النفقة فإن الضرر يصيبه في حق لا في مصلحة . ويقع ذلك إذا كان شخص يعول أحداً من أقاربه أو ممن يلوذ به دون أن يلزمه القانون بالنفقة عليه – فمن يعال إذا فقد العائل يكون قد أصيب في مصلحة مالية – لا في حق – إذا هو أثبت أن العائل كان يعوله فعلاً وعلى نحو مستمر دائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك في المستقبل كانت محققة ، فيقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بتعويض على هذا الأساس . كذلك الضرر الذي يصيب الخطيبة من فقد خطيبها يقاس بمقدار ما كلفتها الخطبة من نفقات وبمقدار ما ضاع عليها من فرصة في إتمام الزاج ، وهذا أمر يترك تقديره للقاضي ( [6] ) .

ويراعى أن المصلحة المالية التي يعد الإخلال بها ضرراً هي المصلحة المشروعة . أما المصلحة غير المشروعة فلا يعتد بها ، ولا يعتبر الإخلال بها ضرراً يستوجب التعويض . فالخليلة لا يجوز أن تطالب بتعويض عن ضرر أصابها بفقد خليلها ، لأن العلاقة فيما بينهما كانت غير مشروعة . أما الولد الطبيعي والأبوان الطبيعيان فيجوز لهم ذلك ، لأن العلاقة فيما بينهم ، وإن كانت قد نشأت عن علاقة غير مشروعة ، هي في ذاتها مشروعة ( [7] ) .

 $ 2 – تحقق الضرر

574 – الضرر الحال والضرر المستقبل : ويجب أن يكون الضرر محقق الوقوع ، بأن يكون قد وقع فعلاً ، أو سيقع حتماً ( [8] ) .

مثل الضرر الذي وقع فعلاً – وهو الضرر الحال – هو أن يموت المضرور أو يصاب بتلف في جسمه أو في ماله أو في مصلحة مالية له على النحو الذي قدمناه .

ومثل الضرر الذي سيقع حتماً – وهو الضرر المستقبل – هو أن يصاب عامل فيعجز عن العمل ، فيعوض ليس فحسب عن الضرر الذي وقع فعلاً من جراء عجزه عن العمل في الحال ، بل وعن الضرر الذي سيقع حتماً من جراء عجزه عن العمل في المستقبل . فإذا كان هذا الضرر يمكن تقديره فوراً قدره القاضي وحكم به كاملاً . أما إذا كان لا يمكن تقديره ، فقد يرجع ذلك إلى أن الضرر يتوقف تقديره على أمر لا يزال مجهولاً ، كما إذا أصيب العامل في ساقه وتوقف تقدير الضرر على ما إذا كانت الساق ستبتر أو ستبقى . فللقاضي في هذه الحالة أن يقدر التعويض على كلا الفرضين ويحكم بما قدر ، ويتقاضى العامل التعويض الذي يستحقه وفقاً لأي من الفرضين يتحقق في المستقبل . وقد يرجع عدم إمكان التقدير في الحال إلى أن العامل سيبقى عاجزاً عن العمل عجزاً كلياً أو جزئياً طول حياته ، ولا يعلم أحد في أي وقت يموت ، فيجوز للقاضى في هذه الحالة أن يجعل التعويض إيراداً مرتباً مدى الحياة – وقد يرجع عدم إمكان تقدير الضرر إلى أسباب أخرى ، فيجوز للقاضي بعد أن يقدر الضرر وفقاً لما تبينه من الظروف أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب في خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير ( [9] ) . وقد أشار إلى هذه الفروض القانون المدني الجديد . فقضى في المادة 170 بأن ” يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المضرور طبقاً لأحكام المادتين 221 و 222 مراعياً في ذلك الظروف الملابسة ، فإن لم يتيسر له وقت الحكم أن يعين مدى التعويض تعييناً نهائياً فله أن يحتفظ للمضرور بالحق في أن يطالب خلال مدة معينة بإعادة النظر في التقدير ( [10] ) ” . وقضى في الفقرة الأولى من المادة 171 بأن ” يعين القاضي طريقة التعويض تبعاً للظروف . ويصح أن يكون التعويض مقسطاً كما يصح أن يكون إيراداً مرتباً . ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بأن يقدم تأميناً ( [11] ) ” . وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام في التعويض .

على أن الضرر المستقبل قد لا يكون متوقعاً وقت الحكم بالتعويض فلا يدخل في حساب القاضي عند تقديره ، ثم تتكشف الظروف بعد ذلك عما تفاقم منه ، كأن يكف بصر العامل الذي أصيب في عينه أو أن تؤدي إصابته إلى وفاته . فهنا يجوز للمضرور أو لورثته أن يطالبوا في دعوى جديدة بالتعويض عما استجد من الضرر مما لم يكن قد دخل في حساب القاضي عند تقدير التعويض الأول . ولا يمنع من ذلك قوة الشيء المقضي ، فإن الضرر الجديد لم يسبق أن حكم بتعويض عنه أو قضى فيه . ولا يعتبر نزول النقد ظرفاً من شأنه أن يزيد في الضرر ، فإذا حكم لشخص بإيراد مرتب تعويضاً عن الضرر الذي وقع به ، وقدر الإيراد بمبلغ من النقود ، ثم انخفضت قيمة النقد بعد ذلك فلا يستطيع المضرور أن يطالب بإعادة النظر في تقدير الإيراد ، ما لم يكن المبلغ المحكوم به قد روعى فيه أن يكون كافياً لنفقة المضرور ، فيجوز عند ذلك زيادة الإيراد أو إنقاصه تبعاً لانخفاض قيمة النقد أو ارتفاعها ( [12] ) أما إذاك أن القاضي قدر قيمة الضرر وحكم بالتعويض وفقاً لهذا التقدير ، ثم تكشفت الظروف بعد ذلك عن تناقص الضرر تناقصاً لم يكن متوقعاً ، كأن قضى لعامل بتعويض عن إصابة أدت إلى كف بصره ، ثم تبين بعد ذلك أن العامل قد أسرد شيئاً من قوة الإبصار ، فلا يجوز في هذه الحالة أن يعاد النظر في تقدير التعويض لإنقاصه لأن هذا التقدير قد حاز قوة الشيء المقضي ( [13] )

575 – الضرر المحتمل : ويجب التمييز بين الضرر المستقبل ( prej . futur ) وهو ضرر محقق يجب التعويض عنه على ما بينا – والضرر المحتمل ( prej eventuel ) وهو ضرر غير محقق ، قد يقع وقد لا يقع ، فلا يكون التعويض عنه واجباً إلا إذا وقع فعلاً . مثل ذلك أن يحدث شخص بخطئه خللاً في منزل جاره ، فالضرر المحقق هنا هو ما وقع من هذا الخلل ، ويلتزم المسئول بإصلاحه ، ولكنه لا يلتزم بإعادة بناء المنزل إذا لم يكن من المحقق أن الخلل سيؤدي إلى انهدامه .ويتربص صاحب المنزل حتى إذا أنهدم منزله فعلاً بسبب هذا الخلل ، رجع على المسئول بالتعويض عن ذلك ( [14] ) .

576 – التعويض عن تفويت الفرصة : كذلك يجب التمييز بين الضرر المحتمل – وهذا لا يعوض عنه على النحو الذي مر – وتوفيت الفرصة ( pere d’une chance ) ويعوض عنه . ذلك أن الفرصة إذا كانت أمراً محتملاً ، فإن توفيتها أمر محقق . وعلى هذا الأساس يجب التعويض ، فإذا أهمل محضر في إعلان صحيفة الاستئناف إلى أن فات ميعاده ، أو قصرت جهة عقدت مسابقة في إخطار أحد المستابقين عن ميعاد المسابقة ففاته التقدم إليها ، فإنه إذا كان لا يمكن القول إن المستأنف كان يكسب الاستئناف حتماً لو أنه رفع في الميعاد ، أو أن المستابق كان يفوز حتماً في المسابقة لو أنه تقدم إليها ، فلا يمكن القول من جهة أخرى إن الأول كان يخسر الاستئناف حتماً ، وأن الثاني كان لا يفوز حتماً في المسابقة . وكل ما يمكن قوله إن كلا منهما قد فوتت عليه فرصة الكسب أو الفوز . وهذا هو القدر المحقق من الضرر الذي وقع وعلى القاضي أن يقدر هذا الضرر ، بأن ينظر إلى أي حد كان الاحتمال كبيراً في كسب الاستئناف أو في الفوز في المسابقة ، ويقضي بتعويض يعدل هذا الاحتمال . والأمر لا شك يتسع فيه مجال الاجتهاد ويختلف فيه التقدير ، وعلى القاضي أن يأخذ بالأحوط وأن يتوقى المبالغة في تقدير الاحتمال في نجاح الفرصة ( [15] ) .

ومما جرى به القضاء المصري التعويض عن توفيت فرصة النجاح في الامتحان ( [16] ) ، والتعويض عن توفيت الفرصة في كسب دعوى الشفعة ( [17] ) ، والتعويض عن تفويت الموظف الفرصة في الترقية إلى درجة أعلى ( [18] ) .

المطلب الثاني

الضرر الأدبي ( [19] )

577 – تحديد الضرر الأدبي : الضرر الأدبي ( dommage moral ) هو الضرر الذي لا يصيب الشخص في ماله . وقد رأينا أن الضرر الذي يصيب الشخص في حق أو في مصلحة مالية هو ضرر مادي . وعلى النقيض من ذلك الضرر الأدبي ، فهو لا يمس المال ولكن يصيب مصلحة غير مالية . ويمكن إرجاع الضرر الأدبي إلى أحوال معينة :

1 – ضرر أدبي يصيب الجسم . فالجروح والتلف الذي يصيب الجسم والألم الذي ينجم عن ذلك وما قد يعقب من تشويه في الوجه أو في الأعضاء في الجسم بوجه عام ، كل هذا يكون ضرراً مادياً وأدبياً إذا نتج عنه إنفاق المال في العلاج أو نقص في القدرة على الكسب المادي ، ويكون ضرراً أدبياً فحسب إذا لم ينتج عنه ذلك .

2 – ضرر أدبي يصيب الشرف والاعتبار والعرض . فالقذف والسب وهتك العرض وإيذاء السمعة بالتقولات والتخرصات والاعتداء على الكرامة ، كل هذه أعمال تحدث ضرراً أدبياً إذ هي تضر بسمعة المصاب وتؤذي شرفه واعتباره بين الناس ( [20] ) .

3 – ضرر أدبي يصيب العاطفة والشعور والحنان . فانتزاع الطفل من حضن أمه وخطفه ، والاعتداء على الأولاد أو الأم أو الأب أو الزوج أو الزوجة ، كل هذه أعمال تصيب المضرورة في عاطفته وشعوره ، وتدخل إلى قلبه الغم والأسى والحزن . ويلحق بهذه الأعمال كل عمل يصيب الشخص في معتقداته الدينية وشعوره الأدبي ( [21] ) .

4 – ضرر أدبي يصيب الشخص من مجرد الاعتداء على حق ثابت له . فإذا دخل شخص أرضاً مملوكة لآخر بالرغم من معارضة المالك ، جاز لهذا أن يطالب بتعويض عما أصابه من الضرر الأدبي من جراء الاعتداء على حقه . حتى لو لم يصبه ضرر مادي من هذا الاعتداء .

ويجب في جميع هذه الأحوال أن يكون الضرر الأدبي . كالضرر المادي ، ضرراً محققاً غير احتمالي .

578 – الضرر الأدبي قابل للتعويض : والضرر الأدبي على النحو الذي قدمناه قابل للتعويض بالمال . وقد كان القانون الروماني يقر أحوالاً كثيرة يعوض فيها عن الضرر الأدبي في كل من المسئوليتين التقصيرية والعقدية .

وتلاه القانون الفرنسي القديم ، فأجاز التعويض عن الضرر الأدبي ، وقصر ذلك على المسئولية التقصيرية دون المسئولية العقدية ، توهما أن هذا هو حكم القانون الروماني . وقد قدمنا أن هذا القانون لا يفرق بين المسئوليتين في وجوب التعويض عن الضرر الأدبي .

ونصوص القانون الفرنسي الحديث في عمومها وإطلاقها تسمح بالتعويض عن الضرر الأدبي بقدر ما تسمح بالتعويض عن الضرر المادي . وقد أقر القضاء الفرنسي هذا المبدأ منذ عهد طويل ، ووطده في أحكام كثيرة ( [22] ) أما الفقه الفرنسي فقد انقسم بادئ الأمر إلى فريقين . الفريق الأول رأي أن التعويض عن الضرر الأدبي متعذر إذ أن هذا الضرر بطبيعته غير قابل للتعويض ، وحتى إذا كان قابلاً له فإن التعويض فيه يستعصى على التقدير ( [23] ) . والفريق الآخر ميز بين ضرر أدبي يجوز تعويضه وضرر أدبي لا يجوز فيه التعويض ، واختلفوا في وضع حد هذا التمييز . فمنهم من يقصر التعويض على الضرر الأدبي الذي يجر إلى ضرر مادي ، ولا يعوض إلا هذا الضرر المادي وحده ( [24] ) . فهؤلاء إذن لا يجيزون تعويض الضرر الأدبي في ذاته .و منهم من يقصر التعويض على الضرر الأدبي الذي يترتب على جريمة جنائية ( [25] ) . وليس هناك أساس معقول لهذا التمييز . ومنهم من يجيز التعويض في الضرر الأدبي الذي يصيب الشرف والاعتبار لأنه في العادة يجر إلى ضرر مادي ، ولا يجيزه في الضرر الأدبي الذي يصيب العاطفة والشعور لأنه يتمحض ضرراً أدبياً لا يمتزج به ضرر مادي ( [26] ) . ولكن جمهور الفقهاء في العهد الأخير يقولون بجواز التعويض عن الضرر الأدبي ( [27] ) . أما القول بأن طبيعة هذا الضرر لا تقبل التعويض وأن تقدير التعويض فيه مستعص فمبنى على لبس في فهم معنى التعويض . إذ لا يقصد بتعويض الضرر محوه وإزالته من الوجود . وإلا فالضرر الأدبي لا يمحى ولايزول بتعويض مادي . ولكن يقصد بالتعويض أن يستحدث المضرور لنفسه بديلاً عما أصابه من الضرر الأدبي . فالخسارة لا تزول ، ولكن يقوم إلى جانبها كسب يعوض عنها . وعلى هذا المعنى يمكن تعويض الضرر الأدبي . فمن أصيب في شرفه واعتباره جاز أن يعوض عن ذلك بما يرد اعتباره بين الناس ، وغن مجرد الحكم على المسئول بتعويض ضئيل ونشر هذا الحكم لكفيل برد اعتبار المضرور ( [28] ) . ومن أصيب في عاطفته وشعوره إذا حصل على تعويض مالي فتح له المال أبواب المواساة تكفكف من شجنه . والألم الذي يصيب الجسم يسكن من أوجاعه مال يناله المضرور يرفه به عن نفسه أما تقدير مبلغ التعويض فليس بأشد مشقة من تقدير التعويض في بعض أنواع الضرر المادي . وما على القاضي إلا أن يقدر مبلغاً يكفي عوضاً عن الضرر الأدبي ، دون غلو في التقارير ولا إسراف .

وفي مصر استقر الفقه ( [29] ) والقضاء ( [30] ) على جواز التعويض عن الضرر الأدبي . ثم أتى القانون المدني الجديد فأكد هذا الحكم ، إذ نص في المادة 222 على ما يأتي :

 ” 1 – يشتمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق ، أو طالب الدائن به أمام القضاء ” .

 ” 2 – ومع ذلك لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب ( [31] ) ” .

وعلى هذا المبدأ استقرت التقنينات الحديثة ( [32] ) .

579 – من له حق التعويض عن الضرر الأدبي : كل من أصيب بضرر أدبي له الحق في المطالبة بالتعويض عنه . وقد حددنا فيما تقدم ما هو المقصود بالضرر الأدبي .

فإذا كان الضرر الأدبي هو موت شخص ، وجب التمييز بين الضرر الذي أصاب الميت نفسه ، ويراد أن ينتقل حق التعويض عنه بموته إلى ورثته ، والضرر الذي أصاب أقارب الميت وذويه في عواطفهم وشعورهم الشخصي من جراء موته ( [33] ) .

أما الضرر الذي أصاب الميت نفسه ، فلا ينتقل حق التعويض عنه إلى ورثته ذلك أن التعويض عن الضرر الأدبي لا ينتقل بالميراث – كما سنرى – إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طالب الدائن به أمام القضاء . وفي حالتنا لا يتصور شيء من ذلك ، إذ الضرر الأدبي هو موت الشخص نفسه ، فلا يمكن أن يكون التعويض عن هذا الموت قد تحدد بمقتضى اتفاق مع الميت أو طالب به هذا أمام القضاء .

بقى الضرر الذي يصيب ذوي الميت بطريق مباشر . وهنا عرض النص إلى تحديد من هؤلاء يجوز الحكم له بالتعويض . . فذكر أنه لا يجوز الحكم بتعويض إلا للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية . ويتبين من ذلك أن الحق في المطالبة بالتعويض يقتصر على الزوج الحي وأقارب الميت إلى الدرجة الثانية وهم أبوه وأمه وجده وجدته لأيه أو لأمه وأولاده وأولاد أولاده وأخوته وأخواته . ولا يعطى القاضي تعويضاً لهؤلاء جميعاً إذا وجدوا ، بل يعطى التعويض لمن منهم أصابه ألم حقيقي بموت المصاب . والمقصود هنا التعويض عن الضرر الأدبي لا عن الضرر المادي ، فهذا الضرر الأخير العبرة فيه بمن له حق النفقة على الميت ومن كان الميت يعوله فعاد كما قدمنا . فإذا كانت الأقارب لا تدخل فيمن تقدم ذكرهم ، لم يجز الحكم لهم بتعويض عن الضرر الأدبي مهما كانت دعواهم فيما أصابهم من ألم بموت المصاب . فلا يحكم بتعويض عن الضرر الأدبي لأولاد الأخوة والأخوات ، ولا للأعمام والأخوال والعمات والخالات ، ولا لأولادهم من باب أولى ، ولا للخطيب والخطيبة ، ولا للأصدقاء مهما كان الميت قريباً إلى نفوسهم ( [34] ) . وظاهر أن خطة القانون الجديد في الضرر الأدبي غير خطته في الإكراه والدفاع الشرعي وحالة الضرورة ، حيث حصر الأقارب هنا ولم يحصرهم هناك . ويبرر ذلك الميل إلى حصر نطاق الإدعاء بوقوع ضرر أدبي ، والحد من المغالاة في ذلك منعاً للاستغلال .

أما إذا كان المصاب لم يمت ، فتعويض ذويه عن الضرر الأدبي الذي لحقهم بإصابته يجب الأخذ فيه بحذر أكبر ، وإن كان النص لم يعرض إلا لحالة الموت وترك ما دون ذلك لتقدير القاضي . ومن الصعب أن نتصور تعويضاً يعطى عن الضرر الأدبي في هذه الحالة لغير الأم والأب .

580 – متى يمكن انتقال الحق في التعويض عن الضرر الأدبي : الأصل في التعويض عن الضرر الأدبي أنه شخصي مقصور على المضرور نفسه فلا ينتقل إلى غيره بالميراث أو بالعقد أو بغير ذلك من أسباب الانتقال إلا إذا أصبحت مطالبة المضرور به محققة . وقد عرضت المادة 222 التي تقدم ذكرها لتحديد ذلك ، فذكرت أن انتقال حق التعويض لا يتم إلا بإحدى طريقتين : ( الأولى ) أن يكون التعويض قد اتفق على مبدئه وعلى مقداره ما بين المضرور والمسئول ، فتحدد التعويض على هذا الوجه بمقتضى اتفاق بين الاثنين . ( والثانية ) أن يكون قد استعصى الاتفاق فلجأ المضرور إلى القضاء وطالب المسئول بالتعويض ، أي أنه رفع الدعوى فعلاً أمام المحاكم .

أما قبل الاتفاق أو المطالبة القضائية فلا ينتقل الحق في التعويض إلى أحد . فإذا مات المضرور قبل ذلك فلا ينتقل التعويض إلى ورثته ، بل يزول الحق بموته ( [35] ) .

وكان القضاء المصري في عهد القانون القديم يجري على مقتضى هذا الحكم ( [36] ) . بل إنه تشدد في آخر ذلك العهد وأصبح لا يكتفي ، إذا لم يوجد اتفاق ، بالمطالبة القضائية لانتقال حق التعويض ، بل يشترط صدور حكم نهائي يقرر مبدأ التعويض ويعين مقداره ( [37] ) .


 ( [1] ) استئناف مختلط في 28 يناير سنة 1885 المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة 10 ص 43 – وفي 22 يناير سنة 1891 م 3 ص 164 – وفي 20 مايو سنة 1897 م 9 ص 349 – وفي 2 يناير سنة 1901 م 13 ص 93 – وفي 25 نوفمبر سنة 1909 م 22 ص 24 – وفي 18 أبريل سنة 1912 م 24 ص 292 – وفي 11 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 58 – وفي 3 أبريل سنة 1913 م 25 ص 297 – وفي 4 مارس سنة 1915 م 27 ص 199 – وفي 26 مايو سنة 1926 م 38 ص 443 – وفي 2 فبراير سنة 1928 م 40 ص 176 – أنظر أيضاً : استئناف وطني في 10 يونية سنة 1896 القضاء 3 ص 406 .

 ( [2] ) ووقوع الضرر مسألة موضوعية لا رقابة فيها لمحكمة النقض . ولكن الشروط الواجب توافرها في الضرر ، وجواز التعويض عن الضرر الأدبي ، وانتقال هذا التعويض إلى الورثة كل هذه مسائل قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض ( الدكتور سليمان مرقص في الفعل الضار ص 30 ) .

 ( [3] ) محكمة الاستئناف الوطنية في 15 يونية سنة 1914 الشرائع 1 رقم 412 ص 251 .

 ( [4] ) استئناف مختلط في 29 مارس سنة 1944 م 56 ص 97 – وفي 28 يونية سنة 1944 م 56 ص 210 .

 ( [5] ) ويكفي أن يكون من فقد العائل له حق في النفقة ولو لم يكن يعال بالفعل ، ذلك أن فقد العائل قد أضاع عليه حقاً ثابتاً هو حقه في النفقة . أما إذا كان ليس له حق في النفقة ولكن كان يعال فعلاً ، فسنرى أن الضرر الذي ينزل به في هذه الحالة يكون إخلالاً بمصلحة مالية لا إخلالاً بحق ثابت – أما الزوج فلا يطالب بتعويض عن ضرر مادي بسبب موت زوجته لأن الزوج لا تجب له النفقة على زوجته ( استئناف مختلط في 19 أبريل سنة 1944 م 56 ص 106 ) . ولكن الزوجة تطالب بتعويض عن الضرر المادي لأن لها النفقة على زوجها ، فإذا ما تزوجت ثانية بعد موت زوجها الأول كان هذا محل اعتبار في تقدير التعويض ( استئناف مختلط في 7 أبريل سنة 1942 م 54 ص 161 ) . ولا يتقاضى الوالد تعويضاً عن ضرر مادي أصابه من موت ولده الصغير إلا إذا كان الوالد يستفيد من عمل ولده ( استئناف مختلط في 30 نوفمبر سنة 1938 م 5 ص 32 – وفي 23 يونية سنة 1943 م 55 ص 195 ) – ولا يدخل في تقدير التعويض ما أنفقه الوالد في تعليم ابنه المصاب فإن التعليم واجب عليه ( استئناف مختلط في أول مايو سنة 1930 م 42 ص 473 ) – وانظر عكس ذلك استئناف مختلط في 5 يونية سنة 1946 م 58 ص 224 ) .

 والقضاء مضطرد في جواز الحكم بتعيوض عن الضرر المادي الذي يصيب من فقد العائل ( استئناف مختلط في 28 أبريل سنة 1897 م ) ص 296 – وفي أول يونية سنة 1898 م 10 ص 292 – وفي 19 مارس سنة 1902 م 14 ص 192 – وفي 31 مايو سنة 1905 م 17 ص 302 – وفي 11 فبراير سنة 1914 م 26 ص 218 – وفي 7 مايو سنة 1925 م 37 ص 415 وفي 17 فبراير سنة 1927 جازيت 18 رقم 232 ص 293 ) . وهذا الحق ليس ميراثاً يتلقاه بل هو حق شخصي له ، فلا يعطى بنسبة النصيب في الإرث بل بمقدار الضرر الذي وقع ( استئناف مختلط في 24 مايو سنة 1906 م 17 ص 296 – وفي 29 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 58 ) . ولا ينتقل حق التعويض إلى ورثة من فقد العائل حتى لو مات هذا بعد رفع الدعوى ( استئناف مختلط في 24 مايو سنة 1906 م 17 ص 295 ) . أما إذا ثبت أن أقارب المصاب مستقلون عنه وأنه ليس يعولهم فلا حق لهم في التعويض : استئناف مختلط في 11 أبريل سنة 1895 م 7 ص 222 ( بنت متزوجة ) – وفي 28 أبريل سنة 1897 م ) ص 296 ( شقيقة تزاول مهنة تستطيع أن تتعيش منها ) – وفي 11 فبراير سنة 1914 م 26 ص 218 ( بنت متزوجة وتعيش مستقلة مع زوجها وأولاد بلغوا سن الرشد موظفون في الحكومة ويعيشون مع والدهم ولكنه لا تتفق عليهم بل هم الذين يساعدونه ) .

 ( [6] ) أما المتعاملون مع المصاب ، كالحائك والقصاب والحجام ، فإن مجرد تعاملهم معه لا يكفي لتوليد مصلحة محققة يكون الإخلال بها ضرراً ، بل يجب أن يكون هناك عقد بينهم وبين المصاب ، فيكون الضرر هو الإخلال بحق نشأ من هذا العقد لا بمصلحة مالية فحسب ( مازو 1 فقرة 277 – 6 ) .

 ( [7] ) أنظر مازو 1 فقرة 277 – 7 إلى فقرة 291 .

 ( [8] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يجب بمقتضى القانون لصحة طلب المدعى المدني الحكم له من المحكمة الجنائية بتعويضات مدنية أن يكون الضرر المدعى ثابتاً على وجه اليقين والتأكيد ، واقعاً ولو في المستقبل . ومجرد الإدعاء باحتمال وقوع الضرر لا يكفي بالبداهة ( نقض جنائي في 16 يونية سنة 1947 المحاماة 28 رقم 241 ص 746 ) . وأنظر أيضاً طنطا الاستئنافية في 4 مايو سنة 1913 الشرائع 1 رقم 76 ص 50 – وأنظر في القضاء المختلط : استئناف مختلط في 12 مايو سنة 1887 بوريللي م 179 رقم ) – وفي 10 يناير سنة 1895 م 7 ص 78 – وفي 22 نوفمبر سنة 1900 م 13 ص 20 – وفي 13 يناير سنة 1909 م 21 ص 110 – وفي 28 أبريل سنة 1909 م 21 ص 353 – وفي 11 فبراير سنة 1915 جازيت 5 رقم 68 ص 155 – وفي 4 مارس سنة 1915 م 27 ص 199 – وفي 29 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 58 – وفي 28 يناير سنة 1926 م 38 ص 207 .

 ( [9] ) وقد جرى القضاء في عهد القانون القديم على هذا المبدأ ، فكان يسمح للمضرور أن يطلب تعويضاً مؤقتاً ثم يستكمله بعد ذلك في دعوى تالية . وقضت محكمة النقض في هذا المعنى بما يأتي : إذا دخل شخص مدعياً بحق مدني أمام محكمة الجنح طالباً أن يقضي له بمبلغ بصفة تعويض مؤقت عن الضرر الذي أصابه بفعل شخص آخر ، مع حفظ له في المطالبة بالتعويض الكامل من المسئول عنه بقضية على حدة ، وقضى له بالتعويض الموقت ، فذلك لا يمنعه من المطالبة بتكملة التعويض بعد أن يتبين له مدى الأضرار التي لحقته من الفعل الذي يطلب التعويض بسببه . وقالت المحكمة في أسباب الحكم ما يأتي : ” . . . .أن المطعون ضده إذا كان قد تدخل في دعوى الجنحة وطلب فيها خمسة جنيهات تعويضاً عن الحادثة التي يطلب التعويض بسببها الآن ، فلقد حدد قدر التعويض وصفته وأثبتت محكمة الجنح له أنه إنما يطلب تعويضاً مؤقتاً ( أي شيئاً بسيطاً مما يستحق له من التعويض ) محتفظاً بحقه في طلب التعويض الكامل من المسئولين عنه بعد أن يبين الزمن مدى الأضرار التي نشأت له من الحادثة . . . كل هذا قد بينه الحكم المطعون فيه بصدوره على هذا الوضع ، وأكد أن المطعون ضده لم يستنفد في دعوى الجنحة ما كان له من حق فموضوع هذه الدعوى هو إذن غير موضوع الدعوى الولى ، بل هو تكملة له كما قال الحكم المطعون فيه ( نقض مدني في 7 يونية سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 190 ص 475 ) . أنظر أيضاً في هذا المعنى : نقض مدني في 2 أبريل سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 150 ص 422 – نقض جنائي في 4 ديسمبر سنة 1944 المحاماة 27 رقم 49 ص 98 – المنصورة الكلية الوطنية في 12 سبتمبر سنة 1943 المحاماة 24 رقم 130 ص 395 – استئناف مختلط في 19 أبريل سنة 1899 م 11 ص 188 – وفي 29 نوفمبر 1932 م 45 ص 40 .

 وقد جرت العادة عندما كان القضاء المختلط قائماً ، إذا كانت دعوى المسئولية من اختصاصه والدعوى الجنائية من اختصاص المحاكم الوطنية ، أن يدخل المضرور مدعياً مدنياً في الدعوى الجنائية بمبلغ ضئيل على سبيل التعويض الموقت ، ثم يرفع دعوى المسئولية أمام المحاكم المختلطة مطالباً بتعويض كامل ( استئناف مختلط في 17 ديسمبر سنة 1947 م 60 ص 33 ) .

 ( [10] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص ما يأتي : ” وقد لا يتيسر للقاضي أحياناً أن يحدد وقت الحكم مدى التعويض تحديداً كافياً كما هو الشأن مثلاً في جرح لا تستبين عقباه إلا بعد انقضاء فترة من الزمن . فللقاضي في هذه الحالة أن يقدر تعويضاً موقوتاً بالتثبت من قدر الضرر المعلوم وقت الحكم على أن يعيد النظر في قضائه بعد فترة معقولة يتولى تحديدها . فإذا انقضى الأجل المحدد أعاد النظر فيما حكم به ، وقضى للمضرور بتعويض إضافي إذا اقتضى الحال ذلك ، وعلى هذا سار القضاء المصري ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 393 ) . وقيل في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ في صدد الاعتراض على النص بمبدأ قوة الشيء المقضي ما يأتي : ” إذا رأى القاضي أن الموقف غير جلي ، واحتفظ في حكمه للمضرور بالرجوع بتعويض تكميلي خلال مدة بعينها ، فلا يتنافى ذلك مع قاعدة حجية الأحكام ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 394 ) .

 ( [11] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية في صدد هذا النص ما يأتي : ” والأصل في التعويض أن يكون مبلغاً من المال ، ومع ذلك يجوز أن تختلف صوره ، فيكون مثلاً إيراداً مرتباً يمنح لعامل تقعده حادثة من حوادث العمل عن القيام بأوده . ويجوز للقاضي في هذه الحالة أن يلزم المدين بأن يقدم تأميناً ، أو أن يودع مبلغاً كافياً لضمان الوفاء بالإيراد المحكوم به . وينبغي التمييز بين التعويض من طريق ترتيب الإيراد وبين تقدير تعويض موقوت مع احتمال زيادته فيما يعد بتقدير تعويض إضافي ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 397 ) .

 ( [12] ) مازو 1 فقرة 221 .

 ( [13] ) مازو 1 فقرة 230 .

 ( [14] ) أنظر عدم جواز التعويض عن ضرر محتمل إلا إذا وقع فعلاً : استئناف مختلط في 2 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 12 –و في 25 أبريل سنة 1935 م 47 ص 276 .

 ( [15] ) مازو 1 فقرة 219 .

 ( [16] ) وقد قضت محكمة مصر الكلية الوطنية بأن يحكم للطالب الذي يحرم دون حق من الامتحان ، بعدم إعطائه الفرص التي أباحها القانون ، بتعويض مناسب ( مصر الكلية الوطنية في 23 نوفمبر سنة 1930 الجريدة القضائية 53 ص 49 ) .

 ( [17] ) ففي قضية ترتب على إهمال محضر في إعلان عريضة دعوى الشفعة أن سقط الحق فيها ، وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية أن ليس لها إلا أن تتحقق من الوقائع التي تثبت تولد الشفعة ، فلا يجوز لها أن تفصل بنفسها في حقوق الأخصام في دعوى الشفعة كما كان يفصل فيها لو قدم موضوع الدعوى إلى المحكمة ، وإنما عليها أن تحكم بتعويض إذا ترجح لديها احتمال نجاح الشفيعة في دعواها ( استئناف وطني في 7 أبريل سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 134 ص 366 ) .

 ( [18] ) وقد أصدرت محكمة النقض في هذه المسألة أحكاماً متعاقبة صريحة في هذا المعنى . فقضت بأنه إذا أدخل الحكم ضمن التعويض المحكوم به ما فات على الموظف من فرصة الترقي بسبب إحالته إلى المعاش قبل الأوان فلا خطأ في ذلك ، فإن القول بأن الترقى من الإطلاقات التي تملكها الجهات الرئيسية للموظف وليس حقاً مكتسباً محله بالبداهة أن يكون الموظف باقياً يعمل في الخدمة . أما إذا كانت الوزارة هي التي أحالت الموظف إلى المعاش بدعوى بلوغه السن بناء على قرار باطل ، فلا مناص من إدخال تفويت الترقية على الموظف ضمن عناصر الضرر التي نشأت عن الإخلال بحقه في البقاء في الخدمة . ذلك أن القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام هذا الأمل له أسباب معقولة ( نقض مدني في أول أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 44 ص 107 ) . وقضت في حكم ثان بأنه إذا كان الحكم قد وقف في جبر الضرر الناشئ عن خطأ عند حد القضاء للموظف على الحكومة بالفرق بين معاشه وصافي راتبه ، ولم يعوضه عما فاته من فرصة الترقي إلى رتبة اللواء التي خلت ، مستنداً في ذلك إلى أن الترقية ليست حقاً للموظف ولو تحققت فيه شرائط الأقدمية والجدارة ، بل هي حق للحكومة تتصرف فيه كما تشاء بلا رقيب ولا حسيب ، فإنه يكون قد أخطأ ، إذ أن حرمانه من الفرصة التي سنحت له للحصول على الترقية هي عنصر من عناصر الضرر يتعين النظر فيه . ولقد كان يصح ما قاله الحكم لو أن ذلك الضابط كان قد بقى في الخدمة ولم ترقه الوزارة فعلاً ، حيث يصح القول بأن الترقى هو من الإطلاقات التي تملكها الوزارة وتستقل بها بلا معقب . أما والوزارة قد أحالته على المعاش قبل بلوغه السن بناء على قرار باطل اتخذته في تقدير سنه ، مخالفة في ذلك قراراً آخر صحيحاً ملزماً لا تملك نقضه ، فإن هذا القول لا يسوغ جعل تصرفها الخاطئ فوق رقابة قضاء التضمين ( نقض مدني في 12 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 120 ص 275 ) . وقضت في حكم ثالث بأن القانون لا يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان لطالبه من رجحان كسب فوته عليه العمل الضار غير المشروع . فإذا كان الحكم لم يعتد بهذا العنصر فيما قضى به من تعويض لموظف أحيل إلى المعاش دون مسوغ ، ولم يورد لذلك أسباباً من شأنها أن تفيد أن ترقية طالب التعويض كانت غير محتملة لو أنه استمر في الخدمة حتى بلوغه سن التقاعد ، فإنه يكون متعيناً نقضه في هذا الخصوص ونقض مدني في 3 فبراير سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 378 ص 709 ) .

 أنظر أيضاً في هذه المسألة : نقض مدني في 3 فبراير سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 90 ص 262 – وفي 2 يونية سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 126 ص 390 .

 ( [19] ) بعض المراجع : ريبير في القاعدة الأدبية فقرة 181 – دورفيل ( Dorville ) رسالة من باريس سنة 1901 – أشار ( شؤاشقي ) رسالة من جنيف سنة 1908 – جاند ( Gand ) رسالة من باريس سنة 1924 – ديوا ( Dubois ) رسالة من ليون سنة 1935 – جيفور ( Givord ) رسالة من جرينوبل سنة 1938 – دلماس ( Delmas ) رسالة من تولوز سنة 1939 . لالو فقرة 149 وما بعدها – سافاتييه 2 فقرة 525 وما بعدها – ديموج 4 فقرة 402 وما بعدها – مازو 1 فقرة 292 وما بعدها – الموجز للمؤلف فقرة 330 – مصطفى مرعى بك فقرة 124 – الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت بك فقرة 467 – فقرة 468 – الدكتور سليمان مرقص في الفعل الصلح فقرة 25 .

 ( [20] ) ومما يؤذي السمعة أن يذاع عن شخص أنه مصاب بمرض خطير ، وقد قضت محكمة مصر الكلية الوطنية بأن الأمراض في ذاتها من العورات التي يجب سترها حتى لو كانت صحيحة ، فإذاعاتها فيم حافل عامة وعلى جمهرة المستمعين يسيء إلى المرضى إذا ذكرت أسماؤهم ، وبالأخص بالنسبة للفتيات لأنه يضع العراقيل في طريق خيانتهن ويعكر صفو آمالهن ، وهذا خطأ يستوجب التعويض ( 14 مارس سنة 1949 المحاماة 29 رقم 117 ص 202 ) .

 ( [21] ) والإخلال بإقامة الشعائر الدينية يعتبر ضرراً أدبياً . وقد قضت محكمة استئناف مصر الوطنية بأنه إذا تعهد مقاول لوزارة الأوقاف بإصلاح دورة مياه مسجد تابع لها وتأخر في ذلك ، ثم لم يقم إلا ببعضه ، يعتبر الضرر متوفراً لأن الوزارة مسئولة عن إقامة الشعائر ، والتأمين الذين أخذته من المتعهد يصبح حقاً مكتسباً لها كما شرط في التعهد ( 30 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 258 ص 575 ) .

 ( [22] ) وقد استقر القضاء الفرنسي على هذا المبدأ منذ حكم قديم أصدرته محكمة النقض الفرنسية في 15 يونية سنة 1833 ( سيريه 1833 – 1 – 458 ) . وأنظر أيضاً : نقض فرنسي في 25 أكتوبر سنة 1921 دالوز 1922 – 1 – 163 – وفي 29 ديسمبر سنة 1936 جازيت دي باليه 1937 – 1 – 399 – وفي 23 يونية سنة 1938 جازيت دي باليه 1938 – 2 – 586 – محكمة ديجون الاستئنافية في 25 يولية سنة 1946 جازيت دي باليه 1946 – 2 – 206 .

 ( [23] ) بودرى وبارد 4 فقرة 2871 – ماسان ( massin ) رسالة من باريس سنة 1893 – تورنييه ( Tournier ) رسالة من مونبلييه سنة 1896 – سافيني في القانون الروماني 1 ص 330 وما بعدها .

 ( [24] ) مينيال ( Meynial ) في المجلة الانتقادية سنة 1884 – إسمان في المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1903 .

 ( [25] ) أوبرى ورو الطبعة الخامسة جزء 6 فقرة 445 ص 345 – ص 348 .

 ( [26] ) مانجان ( mangin ) 1 فقرة 123 – لا بورد ( Laborde ) في المجلة الانقتادية سنة 1894 ص 26 .

 ( [27] ) كولان وكابيتان 2 فقرة 1298 – بلانيول وربير 2 فقرة 1012 وما بعدها – بالنيول وريبير وإسمان 1 فقرة 546 – جوسران 2 فقرة 441 وما بعدها – سوردا 1 فقرة 33 – ديموج 4 فقرة 402 – لالو فقرة 149 وما بعدها – جاردينا وريتشي فقرة 95 وما بعدها – مازو 1 فقرة 304 وما بعدها .

 ( [28] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن نشر منطوق الحكم في الصحف يكون تعويضاً كافياً عن الضرر الأدبي الناجم عن ” بروتستو ” كيدي ( 23 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 82 ) . وكذلك الحكم بالمصروفات ( استئناف مختلط في 12 يونية سنة 1902 م 14 ص 351 ) – أو تصحيح الواقعة المكذوبة ( استئناف مختلط في أول مارس سنة 1906 م 17 ص 144 ) . ويخفف التعويض إهمال المضرور في نشر تكذيب للخبر المنسوب إليه وكان هذا من حقه ( استئناف مختلط في 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 253 ) .

 ( [29] ) الموجز للمؤلف فقرة 330 – مصطفى مرعي بك فقرة 124 – الدكتور أحمد حشمت أبو سنيت بك فقرة 467 – الدكتور سليمان مرقص في الفعل الضار فقرة 25 .

 ( [30] ) كان القضاء الوطني بادئ الأمر متردداً في تعويض الضرر الأدبي ، فقضت محكمة قنا الاستئنافية بأن الشرف لا يقوم بمال ( 11 ديسمبر سنة 1900 الحقوق 16 ص 11 ) ، وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه لا يستحق تعويضاً أدبياً إلا من اختل نظام معيشته بسبب موت المضرور ( 4 يناير سنة 1896 الحقوق 11 ص 247 ) ، ولكنه ما لبث أن استقر على جواز التعويض عن الضرر الأدبي : نقض جنائي في 7 يناير سنة 1905 الاستقلال 4 ص 165 – وفي 25 مارس سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 75 ص 156 – وفي 4 مايو سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 130 ص 256 – وفي 7 نوفمبر سنة 1932 الجريدة القضائية عدد 151 ص 6 – استئناف وني في 4 يولية سنة 1893 الحقوق 8 ص 171 ( مبلغ زهيد كتعويض رمزي : أنظر في هذا المعنى أيضاً مصر الكلية الوطنية في 14 مارس سنة 1949 المحاماة 29 رقم 117 ص 202 ) – وفي 8 ديسمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 ص 89 ( تستحق الزوجة تعويضاً عن الضرر الأدبي ل هجر زوجها لها وهذا غير النفقة ) . وفي 17 مارس سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 111 ص 303 – وفي 13 يناير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 35 ص 73 – وفي 22 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 رقم 132 ص 122 – وفي 31 مايو سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 رقم 17 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 310 ص 615 – وفي 26 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 315 ص 621 مجلس حسبي عال في 2 نوفمبر سنة 1924 المجموعة الرسمية 25 رقم 100 ص 187 .و ميل القضاء الوطني ألا يجعل التعويض الأدبي سبيلاً للإثراء أو للاستغلال .

 وكذلك استقر القضاء المختلط على جواز التعويض عن الضرر الأدبي ، على ألا يكون هناك مغالاة في تقدير التعويض وألا يكون التعويض وسيلة للاستغلال : استئناف مختلط في 20 أبريل سنة 1892 م 4 ص 225 – وفي ) أبريل سنة 1903 م 15 ص 238 – وفي 20 فبراير سنة 1908 م 20 ص 99 – وفي 28 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 66 – وفي 12 يونية سنة 1918 م 30 ص 469 – وفي 16 مارس سنة 1922 م 34 ص 248 – وفي 23 ديسمبر سنة 1926 جازيت 18 رقم 249 ص 318 – وفي 23 يناير سنة 1936 م 48 ص 89 – وفي 5 مايو سنة 1937 م 49 ص 212 – وفي 17 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 21 – وفي 15 مايو سنة 1940 م 52 ص 281 . ولا يجوز أن يكون التعويض عن الضرر الأدبي بمثابة عقوبة ( استئناف مختلط في 30 نوفمبر سنة 1938 م 51 ص 32 ) .

 ( [31] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 300 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً إذا توافرت الشروط المنصوص عليها في المادة 238 ” . وفي لجنة المراجعة نقل حكم المادة 238 إلى هذا المكان وأصبح النص في المشروع النهائي على الوجه الآتي : ” 1 – يشمل التعويض الضرر الأدبي أيضاً ، ولكن لا يجوز في هذه الحالة أن ينتقل إلى الغير إلا إذا تحدد بمقتضى اتفاق أو طولب به أمام القضاء . 2 – ويجوز بوجه خاص أن يحكم القاضي للأقارب والأزواج والأصهار بالتعويض عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب ” وأصبح رقم المادة 229 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص – وفي لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ استبدلت اللجنة عبارة ” أو طالب الدائن به أمام القضاء ” بعبارة ” أو طولب به ” الواردة في الفقرة الأولى . ورؤى تقييد الأقارب اللذين يحكم لهم بالتعويض عن الضرر الأدبي وقصره على الأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية ، وكان النص المعروض لا يمنع القاضي من أن يحكم بالتعويض لغير الأقارب والأصهار والأزواج وفي هذا توسع لا تحمد عقابه ، فضلاً عن مخالفته الكبيرة لما استقرت عليه الأحكام وأصبح رقم المادة 222 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 566 – ص 568 ) .

 ( [32] ) أنظر المادة 47 من قانون الالتزامات السويسري والمادة 1327 من القانون النمساوي والمادة 85 من المشروع الفرنسي الإيطالي والمادة 134 من القانون اللبناني والمادة 166 من القانون البولوني .

 ( [33] ) أنظر في هذا التمييز : استئناف مختلط في 31 ديسمبر سنة 1941 م 60 ص 34 .

 ( [34] ) وكان القضاء المصري في عهد القانون المدني القديم يجعل حلقة الأقارب أضيق . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن من عدا الأب والأم ، كالأخوة والأخوات ، لا يجوز أن يحكم لهم بتعويض عن الضرر الأدبي ( 25 فبراير سنة 1942 م 54 ص 117 ) ، وحتى الأب الذي يهجر ابنه ولا يفكر فيه إلا عند موته للمطالبة بتعويض عن الضرر الأدبي ، لا يحق له هذا الطلب ( استئناف مختلط في أول يونية سنة 1935 م 47 ص 349 ) . أنظر أيضاً في هذه المسألة : استئناف مختلط في 20 أبريل سنة 1892 م 4 ص 225 – وفي 28 فبراير سنة 1900 م 12 ص 141 – وفي 21 يناير سنة 1903 م 15 ص 95 – وفي 17 مايو سنة 1905 م 17 ص 280 – وفي 31 مايو سنة 1905 م 17 ص 302 – وفي 21 مارس سنة 1906 م 18 ص 160 ( الابن الصغير دون الزوج أو الأب ) – وفي 20 فبراير سنة 1908 م 20 ص 99 – وفي 5 فبراير سنة 1914 م 26 ص 209 ( لا تعويض للاخوة لأم ) – وفي 29 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 58 – محكمة مصر الكلية المختلطة في 27 يناير سنة 1919 جازيت 9 رقم 74 ص 111 ( الأصول والفروع دون الحواشي ) .

 وكان المشروع النهائي تتسع فيه حلقة الأقارب والأصهار ، فضيقت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ الحلقة على النحو الذي رأيناه ، واستندت في ذلك إلى ما استقر عليه القضاء المصري في عهد القانون المدني القديم ( أنظر آنفاً فقرة 578 ومجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 568 ) .

 ( [35] ) وقد تشدد القانون المدني الجديد في التعويض عن الضرر الأدبي من ناحيتين : ناحية من له الحق في المطالبة به وناحية تقييد انتقاله إلى الغير .

 ( [36] ) كان القضاء المصري يشترط لانتقال حق التعويض عن الضرر الأدبي إلى الورثة أن يكون المورث قد رفع الدعوى ( استئناف مختلط في 17 يونية سنة 1914 جازيت 4 رقم 204 ص 486 – وفي أول ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 37 – وفي 13 مارس سنة 1918 م 30 ص 279 ) . واكتفى حكم في انتقال التعويض إلى الورثة بأن يكون المجني عليه قدم شكواه بأن ألقى أقواله أمام المحقق ( بني سويف في 2 مارس سنة 1922 المحاماة 2 رقم 115 / 1 ص 362 ) .

 ( [37] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الورثة لا ينتقل إليهم حق مورثهم في التعويض عن الضرر الأدبي إلا إذا تحدد هذا التعويض قبل موت المورث إما باتفاق مقدم أو بحكم نهائي ، فإذا مات المورث في أثناء نظر القضية أمام محكمة الاستئناف لم ينتقل حق التعويض إلى الورثة ( استئناف مختلط في 27 نوفمبر سنة 1940 م 53 ص 20 – وأنظر أيضاً استئناف مختلط في 15 يونية سنة 1938 م 50 ص 367 ) .

 وإذا اعتبرنا أن القضاء المصري قد استقر في عهده الأخير على النحو الذي قدمناه ، فإن القانون الجديد يكون قد استحدث حكماً يقضي بجواز انتقال الحق في التعويض إلى الورثة بمجرد رفع الدعوى في حياة المورث دون حاجة إلى صدور حكم نهائي . فإذا وقع الضرر الأدبي قبل نفاذ القانون الجديد ( 15 أكتوبر سنة 1949 ) ، ورفعت الدعوى بعد نفاذه ، ثم مات المورث قبل صدور حكم نهائي ، فإن حق التعويض ينتقل إلى الورثة بفضل الأثر الفوري للقانون ( effet immediat ) . وكذلك الحكم إذا رفعت الدعوى قبل نفاذ القانون الجديد ومات المورث بعد نفاذه وقبل صدور حكم نهائي . أما إذا رفعت الدعوى قبل نفاذ القانون الجديد ومات المورث قبل نفاذ هذا القانون أيضاً وقبل صدور حكم نهائي ، فإن حق التعويض لا ينتقل إلى الورثة ، لأن القانون القديم وفقاً لما فسره به القضاء ، هو الذي يسري في هذه الحالة

نقلا عن محامي أردني

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s