الطرق المعفية من الإثبات
الإقرار واليمين والقرائن القانونية
343 – قوة مطلقة – حجية قاصرة وحجية متعدية : قدمنا ( [1] ) أن الإقرار واليمين والقرائن القانونية تصلح للإعفاء من إثبات أية واقعة مادية أو أى تصرف قانونى مهما بلغت قيمته . فهى من هذه الناحية كالكتابة قوتها مطلقة .
وقدمنا أيضاً ( [2] ) أن الإعفاء من الإثبات فى الإقرار وفى اليمين مقصور على الخصمين ، فحجية الإقرار واليمين غير متعدية إلى الغير ، ومن ثم تكون حجية قاصرة . أما حجية القرائن القانونية فغير مقصورة على الخصمين ، فهى حجية متعدية .
ونعالج هذه الطرق الثلاثة –الإقرار واليمين والقرائن القانونية – متعاقبات فى فصول ثلاثة .
471
الفصل الأول
الإقرار
244 – تعريف الإقرار بوجه عام : الإقرار هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر ، سواء قصد ترتيب هذا الحق فى ذمته أو لم يقصد ( [3] ) .
فلا يكون إقراراً إنشاء الشخص الحق فى ذمته بتصرف قانونى أو بواقعة قانونية ، كالمشترى يلتزم بدفع الثمن وكمن يرتكب عملا غير مشروع يلتزم بالتعويض ، ذلك أن إنشاء الحق غير الاعتراف به . ولما كان إنشاء الحق بتصرف قانونى يحتاج فى إثباته إلى ورقة مكتوبة إذا كانت قيمة هذا الحق تزيد على عشرة جنيهات ، فهذه الورقة تكون دليل إثبات لا إقراراً ، لأنها أعدت من مبدأ الأمر لتثبت التصرف القانونى ، وتكون فى الغالب معاصرة لنشوئه أو بعد ذلك بوقت قليل . أما إذا كتب المدين إقراراً على نفسه بذات الحق ، فإنه لا ينشئ بذلك حقاً فى ذمته ، ولكنه يقر بوجود هذا الحق بعد أن نشأ( [4] ) . ويكتب المقر إقراره عادة بعد نشوء الحق الذى يقر به بوقت غير قصير ، مدفوعاً إلى ذلك باعتبارات متنوعة . فقد يكتب الإقرار بعد نزاع ينتهى فى تسويته إلى هذا الإقرار ، وقد يكتبه بعد تصفية حساب قديم ، وقد يكتبه حتى يمكن صاحب الحق من ورثته أن يتقاضى حقه قبل قسمة التركة ، وقد يكتبه حتى يمكن صاحب الحق من ورثته أن يتقاضى حقه قبل قسمة التركة ، وقد يكتبه عندما يحس أنه منيته قد دنت ليترك لصاحب الحق إقراراً بحقه فيبرئ ذمته سواء كتب الإقرار فى مرض الموت أو قبل ذلك . أما إذا كان السند المثبت للحق قد ضاع أو قدم عليه العهد ، فكتب المدين سنداً مؤيداً للسند الأصلى ، فهذا ليس إقراراً بل هو السند المؤيد الذى بسطنا أحكامه فيما تقدم . فالورقة المكتوبة إذن قد تكون سنداً أصلياً ، أو سنداً مؤيداً للسند الأصلى ، أو إقراراً مكتوباً بالدين .
472
ولا يكون إقراراً ما يسلم به الخصوم اضطراراً على سبيل الاحتياط من طلبات خصمه . فإذا قرر فى مذكرة قدمها استعداده لدفع مبلغ من النقود أقل من المبلغ المدعى به بعد أن أنكر وجود الحق فى ذمته أصلا ، ولكنه يعرض هذا المبلغ على خصمه حسما للنزاع واحتياطاً لما عسى أن تتجه إليه المحكمة من إجابة الخصم إلى بعض طلباته ، فإن هذا لا يكون إقراراً ، لأنه ليس اعترافاً خالصاً بوجود هذا المبلغ فى ذمته ، بل هو تسليم جدلى ببعض المدعى به لحسم النزاع . فهو أقرب إلى أن يكون مشروع صلح يعرضه على الخصم ، حتى إذا قبله هذا انحسم النزاع بينهما( [5] ) .
ولا يكون إقراراً شهادة الشاهد على المدين بوجود الدين فى ذمته ، فإن الشاهد يقر بوجود الحق لا فى ذمته هو بل فى ذمة شخص آخر ( [6] ) .
ولا يكون إقراراً إبداء الخصم رأيه فى الحكم القانونى الذى ينطبق على النزاع ، كأن يقرر أن قانوناً أجنبياً معيناً هو الواجب التطبيق . فهو هنا لا يقر بحق ، ولكنه يدلى برأيه فى حكم قانونى ، وللمحكمة أن تأخذ برأيه أو لا تأخذ ( [7] ) .
وقد يقع الإقرار على الحق فى ذاته ، فيعترف المدين أن فى ذمته لآخر مبلغاً معيناً من المال . أو يقع على المصدر الذى أنشأ هذا الحق ، كأن يعترف بوجود عقد قرض ألزمه بهذا المبلغ من المال . بل قد يقع الإقرار على ادعاء ( Allegation ) أياً كان ، فيعترف المشترى مثلا بما يدعيه على دائن البائع من أنه يعرف إعسار البائع فى الدعوى البولصية التى يرفعها الدائن على كل من البائع والمشترى . 473 ولذلك يكون من الأدق تعريف الإقرار بأنه اعتراف شخص بإدعاء يوجهه إليه شخص آخر( [8] ) .
ولكن لا يكون هناك إقرار إذا كانت الواقعة المسلم بها ليست محل إدعاء من جانب الخصم ولا محل إنكار من جانب المقر . فإذا بلغ رب العمل عن وقوع حادث لأحد عماله وفقاً لأحكام قانون إصابات العمل ، فلا يعد هذا إقراراً من جانب رب العمل بمسئوليته عن هذا الحادث( [9] ) .
وإذا كان يغلب فى الإقرار أن يقصد المقر أن يؤخذ بإقراره وأن تترتب فى ذمته نتائجه القانونية ، إلا أن وجود هذا القصد عنده لا يشترط لقيام الإقرار . فقد يصدر الإقرار من شخص لمجرد تقرير الواقع دون أن يقصد ، وحتى دون أن يعرف ، النتائج القانونية التى تترتب على هذا الإقرار . بل عن نية الإقرار ذاتها لا تشترط ، فقد يقر الشخص بوقائع لم يكن معترفاً بها وهو فى صدد الدفاع عن حقه ، أو وهو فى صدد استجواب المحكمة أو الخصم له ، دون أن يشعر أنه قد أدلى بأى إقرار . والمهم أن يكون الإقرار قد صدر عن اختيار لا عن إجبار( [10] ) .
474
245 – صور الإقرار وشكله : وليس للإقرار شكل خاص ، بل عن له صوراً متعددة . فهو قد يكون صريحاً أو ضمنياً . والصريح قد يكون مكتوباً أو شفوياً . وفى جميع الأحوال يكون الإقرار قضائياً أو غير قضائى .
والغالب أن يكون الإقرار صريحاً . فيكون تقريراً ( declaration ) يصدر من المقر بوقائع يعترف بصحتها . وقد يكون هذا التقرير مكتوباً ، ولا يشترط شكل خاص فى هذه الكتابة . فيجوز أن يكون الإقرار وارداً فى كتاب أو فى برقية أو فى أية رسالة أخرى يوجهها المقر إلى الطرف الآخر . ويجوز أن يكون فى ورقة مستقلة تعطى للمقر له يتخذها سنداً . ويجوز أن يكون وارداً فى صحيفة الدعوى ، أو فى مذكرة يقدمها الخصم المقر للمحكمة ، أو فى طلبات مكتوبة يوجهها الخصم المقر للخصم الآخر . كذلك قد يكون الإقرار شفوياً . فإن كان خارج القضاء ، أمكن الاستشهاد على صدوره بشهود فيما يمكن سماع الشهادة فيه . وإن كان إقراراً قضائيا ، صح أن يكون فى أثناء تحقيق أو استجواب أو فى الجلسة ذاتها ، وفى هذه الأحوال يدون الإقرار فى محضر التحقيق أو محضر الاستجواب أو محضر الجلسة ، فيسهل بذلك التثبت من صدوره ومن مضمونه .
ويندر أن يكون الإقرار ضمنياً أو مستخلصاً من مجرد السكوت . فلا يستخلص من تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب ولا من امتناعه عن الإجابة عند استجوابه من المحكمة أو من الخصم ، فهذا لا يكون إلا بمثابة مبدأ ثبوت بالكتابة يستكمل بالبينة والقرائن( [11] ) . وقد نصت المادة 166 من تقنين المرافعات ، كما رأينا ، على أن ” للمحكمة أن تستجوب من يكون حاضراً من الخصوم ، ولكل منهم أن يطلب استجواب خصمه الحاضر ” . ونصت المادة 167 من هذا التقنين على أن ” للمحكمة كذلك أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه ، سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب خصمه ، وعلى من تقرر استجوابه أن يحضر بنفسه الجلسة التى حددها القرار ” . ثم نصت المادة 173 على أنه ” إذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول ، أو امتنع عن الإجابة بغير مبرر قانونى ، جاز للمحكمة أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن فى الأحوال 475 التى ما كان يجوز فيها ” ( [12] ) . أما نكول الخصم عن حلف اليمين أو ردها ، ونكول من ردت عليه اليمين عن حلفها ، فإن ذلك يكون بمثابة الإقرار . وفى الحقوق التى تتقادم بسنة واحدة ، كحقوق التجار والصناع والعمال والخدم ، يقوم التقادم على افتراض الوفاء ، ومن ثم يجب على المدين أن يتمسك بالتقادم وأن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلا ( م 348 مدنى ) . فالامتناع عن التمسك بالتقادم يكون بمثابة إقرار ضمنى بعدم الوفاء ( [13] ) . كذلك دفع دعوى الدائن بأن الدين قد انقضى لسبب غير الوفاء ، كالمقاصة أو الإبراء ، يكون بمثابة إقرار ضمنى بأن الدين لم يوف ، ومن ثم إذا تبين أن الدفع بالمقاصة أو الإبراء غير صحيح لم يجز للمدين أن يلجأ بعد ذلك إلى الدفع بالوفاء( [14] ) .
ثم إن الإقرار ، فى جميع الصور المتقدمة ، قد يكون خارج القضاء ويسمى إقراراً غير قضائى ( Aveu Extrajudiciaire ) ، أو يكون أمام القضاء ويسمى إقراراً قضائياً ( Aveu judiciaire ) .
476
246 – الإقرار غير القضائى : لم يعرض التقنين المدنى الجديد ولا التقنين المدنى السابق للإقرار غير القضائى . ومعنى ذلك أن الأمر فيه متروك للقواعد العامة . أما التقنين المدنى الفرنسى فقد ذكر فى المادة 1354 أن الإقرار الذى يحتج به على الخصم إما أن يكون خارج القضاء أو أمام القضاء . ثم نص فى المادة 1355 على أن ” الادعاء بصدور إقرار شفوى محض خارج القضاء لا يجدى فى جميع الأحوال التى لا يجوز فيها إثبات الدعوى بالبينة ” ( [15] ) . ثم عرض فى المادة 1356 للإقرار أمام القضاء وبين أحكامه ، فذكر أنه حجة كاملة على المقر ، وأنه لا تصح تجزئته ، ولا الرجوع فيه إلا لغلط فى الواقع ( [16] ) . ويستخلص الفقه الفرنسى من أن المادة 1356 من التقنين المدنى الفرنسى بينت أحكام الإقرار القضائى وسكتت عن أحكام الإقرار غير القضائى أن أحكام النوع الأول من الإقرار لا تسرى على النوع الثانى . فالإقرار غير القضائى ليس حجة قاطعة ، ولا هو غير قابل للتجزئة ، ولا غير قابل للرجوع فيه حتى دون إثبات غلط وقع فيه المقر . بل هو موكول إلى القاضى ، يقدر ، وفقاً لظروف الدعوى وملابساتها ، قوته فى الإثبات . فله أن يجعل حجة قاطعة أو أن يجرده من هذه الحجية ، وله أن يرفض تجزئته أو أن يجزئه . وله ألا يقبل الرجوع فيه أو أن يجيز فيه الرجوع ، ولا يخضع فى شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض( [17] ) .
477
وفى القانون المصرى أيضاً يخضع الإقرار غير القضائى للقواعد العامة كما قدمنا . ومن ثم يحسن التمييز بين إثبات قيامه وبين حجيته فى الإثبات .
فالإقرار غير القضائى يقوم بصدوره من المقر شفوياً أو فى ورقة مكتوبة . أن كان شفوياً ، وأنكره من نسب إليه ، وجب على من يحتج به أن يثبت أولا صدوره من خصمه . ويخضع فى ذلك للقواعد العامة فى الإثبات . وقد نصت المادة 222 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى على أن ” الإقرار غير القضائى ، أى الإقرار فى غير مجلس القاضى ، يجب إثباته وفقاً للقواعد العامة المختصة بالإثبات ” . فإن كانت قيمة الدعوى لا تزيد على عشرة جنيهات ، جاز له إثبات صدور الإقرار من خصمه بالبينة والقرائن . وإن زادت قيمة الدعوى على هذا المقدار ، لم يجز إثبات صدور الإقرار إلا بالكتابة وفقاً للقواعد المقررة فى هذا الشأن ( [18] ) . على أنه يصح أن المقر يعترف أمام القضاء بالإقرار الشفوى الصادر منه خارج القضاء ، فيصبح الإقرار غير القضائى ثابتاً بإقرار قضائى . ولكنه يبقى مع ذلك إقراراً غير قضائى ، لأن الإقرار هنا ليس إقراراً بالدعوى ذاتها ، بل هو ليس إلا إقراراً غير قضائى ، لأن الإقرار الصادر خارج القضاء ، فيكون أثره محصوراً فى هذا النطاق( [19] ) . ومن ثم يكون أمام القاضى لإثبات الدعوى إقرار غير قضائى ثبت وجوده ، فيقدر قوته فى الإثبات على النحو الذى يقدر به قوة أى إقرار آخر غير قضائى . أما إذا كان الإقرار غير القضائى فى ورقة مكتوبة ، كان هذا الإقرار هو الطريق لإثبات الدعوى ذاتها بعد أن ثبت قيامه بهذه الورقة( [20] ) .
478
فإذا ما ثبت قيام الإقرار غير القضائى على النحو الذى قدمناه ، كانت له حجية فى الإثبات تتبع إلى حد كبير الصورة التى قامت به ( [21] ) . فإن قامت به صورة إقرار مكتوب ، فله قوة الكتابة التى تضمنته ، رسمية كانت أو عرفية ، على التفصيل الذى قدمناه فى الكتابة( [22] ) . ومن ثم يكون الإقرار غير القضائى الوارد فى ورقة رسمية له حجية الورقة الرسمية . فهو ، من حيث صدوره من المقر ، له حجية كاملة إلى حد الطعن بالتزوير . ومن حيث صحة الإقرار فى ذاته ، له حجية على المقر ولكن للمقر إثبات عكس ما جاء فى إقراره وأنه لم يكن إلا إقراراً صورياً أو إقراراً متواضعاً عليه بينه وبين خصمه أو نحو ذلك ، على ألا يثبت ذلك إلا بالكتابة لأنه يثبت عكس ما جاء فى ورقة مكتوبة . ومن حيث أثره القانونى ، يخضع الإقرار غير القضائى للقواعد العامة إذا لم يرد فى شأنه نص خاص . فهو حجة على المقر ما لم يثبت عدم صحته على النحو الذى قدمناه ، وهو قابل للتجزئة ، وهو كذلك قابل للرجوع فيه فى الحدود التى تسمح بها القواعد العامة . والمهم فى شأنه أنه لما إقراراً صادراً خارج القضاء فإنه للقاضى سلطة واسعة فى تقدير قوته فى الإثبات ، ذلك أن صاحبه يكون عادة 479 أقل حيطة فى أمره ، وأقصر تمعناً فى عواقبه ، مما لو كان إقراراً صادراً أمام القضاء( [23] ) . فتجزئته تكون أصعب من تجزئة الإقرار القضائى ، ولا تتقيد بالنص الذى ورد فى هذه المسألة فى شأن الإقرار القضائى ، وذلك حتى يعامل المقر إقراراً غير قضائى فى يسر ، فقد يقر بالدين وبانقضائه عن طريق المقاصة ثم لا يتجزأ إقراره إذا رأى القاضى عدم التجزئة( [24] ) . والرجوع فيه لغط أو تدليس أو إكراه أن نقض فى الأهلية جائز كما هو جائز فى الإقرار القضائى ، 480 بل يصح الرجوع فيه لغلط فى القانون( [25] ) .
وإذا كان الإقرار غير القضائى مكتوباً فى ورقة عرفية ، كانت له حجية هذه الورقة . فهو ، من حيث صدوره من المقر ، له حجية كاملة ولكن إلى حد الإنكار لا إلى حد الطعن بالتزوير . ونم حيث صحة الإقرار فى ذاته من حيث أثره القانونى ، لا فرق فى ذلك بين الورقة العرفية والورقة الرسمية ، وما قلناه هناك يقال هنا .
وإن قامت بالإقرار غير القضائى صورة إقرار شفوى ، فأمر إثباته كما قدمنا موكول إلى القواعد العامة . ولكن متى اعتبر القاضى أنه قد ثبت وجب أن تكون حجيته فى الإثبات هى نفس حجية الإقرار المكتوب ، ففى الحالتين قد ثبت أن هناك إقراراً غير قضائى قائماً ، فوجب ألا تتغير حجيته فى حالة عما هى فى الحالة الأخرى . ومن ثم يكون لهذا الإقرار حجية كاملة من حيث صحته فى ذاته إلى أن يثبت من نسب إليه الإقرار عدم صحته ، وله الإثبات بجميع الطرق إذا كان الإقرار ذاته قد ثبت بالبينة والقرائن . ويكون لهذا الإقرار أخيراً أثره القانونى وفقاً للقواعد العامة ، فيخضع فى تجزئته وفى جواز الرجوع فيه للقواعد ذاتها التى يخضع لها الإقرار المكتوب( [26] ) .
481
247 – الإقرار القضائى : وننتقل الآن إلى الإقرار القضائى ، وهو الذى أفرده التقنين المدنى بالذكر ، وعناه وحده بلفظ ” الإقرار ” ، وخصمه بقواعد تميزه عن الإقرار غير القضائى( [27] ) .
ونبحث الإقرار القضائى –ونطلق عليه لفظ ” الإقرار ” دون نعت كما فعل التقنين المدنى – ونتناول فى البحث : ( أولا ) أركانه ، و( ثانياً ) حجيته فى الإثبات .
الفرع الأول
أركان الإقرار
248 – النصوص القانونية : تنص المادة 408 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” الإقرار هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه ، وذلك أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة( [28] ) ” .
482
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى قانون البينات السورى المادتين 93 و 94 ، وفى التقنين المدنى العراقى 461 ، وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 210 ، وفى التقنين المدنى الليبى م 396 ( [29] ) .
ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادة 1354 والفقرة الأولى من المادة 1356( [30] ) .
ويتبين من نص التقنين المدنى المصرى أن للإقرار أركاناً أربعة :
( 1 ) اعتراف الخصم .
( 2 ) بواقعة قانونية مدعى عليه بها .
( 3 ) أمام القضاء .
( 4 ) أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة ( [31] ) .
483
249 – الركن الأول – اعتراف الخصم : الإقرار اعتراف يصدر من المقر . والاعتراف تقرير ( Declaration ) لواقعة معينة على اعتبار أنها حصلت . ولاشك فى أن التقرير على هذا النحو هو عمل مادى ، كالشهادة والكتابة والتوثيق والحلف . فالإقرار إذن فى أصله عمل مادى ، أى واقعة قانونية ( Fait Juridique ) ، وليس بتصرف قانونى ( [32] ) .
ولكن الإقرار من جهة أخرى ، ينطوى على نزول من جانب المقر عن حقه فى مطالبة خصمه بإثبات ما يدعيه ، كما سنبين فيما يلى . والنزول ( Renonciation ) تصرف قانونى من جانب واحد ( Acte Juridique Unilateral ) . فيكون التكييف الصحيح للإقرار إذن هو أنه واقعة مادية تنطوى على تصرف قانون ( [33] ) . فهو واقعة مختلطة ( Fait Mixte ) ، مثله فى ذلك مثل الوفاء ( Paiement ) والاستيلاء ( Occupation ) ، فكلاهما واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى : الوفاء ينطوى على إرادتين متطابقتين فى إنهاء الدين ، والاستيلاء ينطوى على إرادة تملك المال محل الاستيلاء ( [34] ) .
484
ولما كان الإقرار واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى ، أى وقاعة مختلطة كما قدمنا ، كان لكل من هاتين الناحيتين فيه – الواقعة المادية والتصرف القانونى – نتائجه القانونية .
فالإقرار من حيث إنه واقعة مادية لا حاجة فى تمامه إلى قبول من الخصم الذى صدر الإقرار لصالحه . وسواء صدر الإقرار أثناء استجواب أو فى الجلسة أو ضمن مذكرات القضية وأوراقها ، فإن مجرد صدوره من صاحبه يجعله قائماً لا يتوقف فى قيامه على قبول من الخصم الآخر . وإذا كان هذا الخصم الآخر يطلب عادة إثبات الإقرار فى المحضر ، فهو يفعل ذلك لا لإظهار قبوله إياه ، بل لتسجيله كما صدر حتى يتيسر الرجوع إليه دون أن يقع اختلاف فى مضمونه ( [35] ) . ويترتب على ذلك أن الإقرار إذا صدر لا يجوز للمقر الرجوع فيه بحجة أن الخصم المقر له لم يظهر بعد قبوله إياه ، إذ الإقرار تام نافذ بمجرد صدوره دون حاجة إلى قبول ( [36] ) .
والإقرار من حيث إنه ينطوى على تصرف قانونى من جانب واحد لا يحتاج أيضاً إلى قبول . ثم إنه يجب لصحته نفس الشروط الواجب توافرها لصحة هذا التصرف القانونى . فالمقر ، كما قدمنا ، إنما ينزل عن حقه فى مطالبة خمسه بإثبات الواقعة التى يدعيها ، وهذا النزول يجعل هذه الواقعة فى غير حاجة إلى الإثبات ، فتصبح مصدراً لالتزام المقر . ومن ثم يشترط لصحة هذا النزول – أى لصحة 485 الإقرار – ما يشترط لصحة التزام المقر بالواقعة التى أقر بها . فيجب إذن أن يكون المقر أهلاً للالتزام بهذه الواقعة ، وأن تكون إرادته غير مشوبة بعيب من عيوب الإرادة : غلط أو تدليس أو إكراه . فإذا كان المقر يقر بواقعة قرض مثلاً ، وجب أن يكون قد بلغ سن الرشد وألا يكون محجوراً ، حتى يكون أهلاً للالتزام بالقرض الذى أقر به ( [37] ) . ويجب ألا يكون قد وقع فى غلط جوهرى لا فى الواقع ولا فى القانون ( [38] ) . كما لا يجوز أن يكون قد اندفع 486 إلى إقراره بتدليس أو إكراه ( [39] ) . وهو الذى يحمل عبء إثبات ذلك إذا ادعاه ( [40] ) . فإن أثبت أنه لم يكن أهلاً أو أن إقراره قد شابه غلط جوهرى أو تدليس أو إكراه ، كان الإقرار باطلاً ، وكان له الرجوع فيه ( [41] ) .
كذلك ما دام الإقرار ينطوى على تصرف قانونى ، وما دام هذا التصرف هو النزول عن حق ، فإن الإقرار يكون فى حكم عمل من أعمال التصرف ( acte de disposition ) ، ويجب للتوكيل فيه أن تصدر وكالة خاصة ، فلا تكفى 487 الوكالة العامة ( [42] ) . وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 702 على هذا الحكم صراحة إذ تقول : ” لابد من وكالة خاصة فى كل عمل ليس من أعمال الإدارة ، وبوجه خاص فى البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء ( [43] ) ” . ومن ثم لا يصح الإقرار من وكيل عام . ولا يصح الإقرار الصادر من محام ( [44] ) ، ما لم يكن التوكيل الصادر إلى هذا المحامى منصوصاً فيه على تفويضه فى الإقرار ( [45] ) . ولا يشترط تعيين محل الإقرار على وجه التخصيص ( م 702 فقرة 2 مدنى ) . أما الولى والوصى والقيم فيصح إقرارهم عن الأصيل فى الحدود التى يجوز لهم فيها القيام بأعمال 488 التصرف ، فيشترط إذن فى كثير من الأحوال لصحة هذا الإقرار الحصول على إذن من المحكمة الحسبية ( [46] ) . أما الإقرار بواقعة قانونية فحجته مقصورة عليم ، إلا إذا كانت الواقعة عملاً من أعمال الإدارة المخولة لهم بحكم القانون ( [47] ) .
انظر طريقة توكيل محامي
489
وأخيراً ما دام الإقرار ينطوى على تصرف قانونى ، فإنه يرد عليه ما يرد على التصرفات القانونية من احتمال الصورية والتواطؤ ( [48] ) . فقد يكون الإقرار صورياً تواطأ عليه المقر والمقر له أضراراً بحقوق الغير كالدائنين والخلف ، ويجوز لهؤلاء إثبات الصورية بجميع الطرق ولو بالبينة والقرائن ، فإذا أثبتوها لم ينفذ الإقرار فى حقهم ( [49] ) . والإقرار الصادر فى مرض الموت يعتبر فى حكم الوصية ، فلا ينفذ إلا من ثلث التركة ( [50] ) . على أن الإقرار يصح ولو كان خالياً من ذكر سببه السابق عليه ، لأنه ليس منشئاً للحق بل هو مظهر له ، ومن ثم كان حكمه هو ظهور ما أقر به المقر لا ثبوته ابتداء ( [51] ) .
490
250 – الركن الثانى – واقعة قانونية مدعى بها : ويجب أن ينصب الإقرار على واقعة قانونية مدعى بها على المقر . ولا يلزم أن تكون هذه الواقعة تصرفاً قانونياً ، بل يصح أن تكون واقعة مادية . ولا يلزم كذلك أن تكون الواقعة مصدراً لحق من الحقوق ، بل أية واقعة يمكن الادعاء بها يجوز فيها الإقرار . وقد رأينا أنه يمكن الادعاء بأية واقعة يترتب عليها أثر قانونى ، كما إذا ادعى الدائن علم المشترى بأعسار المدين البائع فى الدعوى البولصية ، فهذه واقعة يمكن أيضاً أن ينصب عليها الإقرار .
وما دام الإقرار ينطوى على تصرف قانونى كما قدمنا ، وهو ضرب من التصرف فى الشئ المقر به من جانب المقر ، لذلك يجب أن يكون محل الإقرار معيناً تعييناً كافياُ مانعاً من الجهالة الفاحشة . وقد ورد فى التقنين المدنى العراقى 491 نص صريح فى هذا المعنى ، إذ تقضى الفقرة الأولى من المادة 463 من هذا التقنين بأنه ” يشترط ألا يكون المقر به مجهولً جهالة فاحشة ، أما الجهالة اليسيرة فلا تكون مانعاً من صحة الإقرار ” ( [52] ) .
ويجب بداهة أن يكون محل الإقرار لا يكذبه ظاهر الحال ، وإلا كان إقراراً صورياً لا قيمة له . وقد ورد فى التقنين المدنى العراقى أيضاً نص على هذا الحكم ، إذ تقضى المادة 465 من هذا التقنين بأنه ” يشترط ألا يكذب ظاهر الحال الإقرار ، فلو أقر شخص ببنوة آخر أكبر منه فى السن لا يصح إقراره ” ( [53] ) .
ويجب أخيراً أن يكون محل الإقرار مما يجوز التعامل فيه . فالإقرار بشئ مخالف للقانون أو للنظام العام أو للآداب غير صحيح . ويترتب على ذلك أنه لا يصح الإقرار بفوائد تزيد على الحد المسموح به قانوناً ، ولا الإقرار بإيجار منزل للعهارة ، ولا الإقرار باتفاق على ارتكاب جريمة . وهذا لا يمنع من قبول هذا الإقرارات فى المسئولية الجنائية ( [54] ) .
492
ويصح الإقرار فى التصرف أيا كانت قيمته ، ولو زادت على نصاب البينة ، فالإقرار كما قدمنا حجيته مطلقة ( [55] ) .
251 – الركن الثالث – أمام القضاء : وهذا الركن هو الذى يميز الإقرار القضائى عن الإقرار غير القضائى ، ويكمله الركن الرابع وهو أن يكون صادراً أثناء السير فى الدعوى .
493
فالإقرار الذى لا يصدر أمام القضاء لا يعد إقراراً قضائياً . ويعتبر قضاءا كل جهة نظمها القانون من جهات القضاء ، فلا يقتصر ذلك على القضاء المدنى وحده . ويعتد بالإقرار الصادر أمام القضاء التجارى ، والقضاء الإدارى ، والقضاء الشرعى ، والقضاء الملى . كذلك يعتد بالإقرار الصادر فى دعوى مسئولية مدنية مرفوعة أمام القضاء الجنائى ، وبالإقرار الصادر أمام قاضى التحضير ، وأمام القاضى المنتدب لوضع التقرير فى محكمة القضاء الإدارى والقاضى المنتدب للتحقيق أو للاستجواب . بل إن الإقرار يصدر عادة أثناء الاستجواب ، فوجب أن يكون صحيحاً إذا صدر أمام القاضى المنتدب لهذا الغرض .
ويجب أن يصدر الإقرار أمام محكمة مختصة اختصاصاً موضوعياً على الأقل ( [56] ) .
ويجوز أن يصدر الإقرار أما المحكين ( arbitres ) ( [57] ) .
ولكن الإقرار الصادر أمام النيابة العامة أو النيابة الحسبية أو الخبير أو المحقق الإدارى لا يعتبر إقراراً قضائياً ، لأن هذه الجهات ليست بجهات قضاء ( [58] ) .
252 – الركن الرابع – أثناء سير الدعوى : ولا يكفى أن يصدر الإقرار أمام القضاء ، بل يجب أن يصدر أيضاً فى خلال إجراءات الدعوى التى يكون الإقرار فيها دليل الإثبات . فيصح أن يكون فى صحيفة الدعوى ذاتها ، أو فى المذكرات التى تليها ، أو فى المذكرات التى يرد بها على الدعوى . ويصح أن يكون أمام القاضى المنتدب للتحقيق . وأكثر ما يكون ، كما قدمنا ، فى خلال استجواب تقرره المحكمة . ويجوز أن يصدر أمام المحكمة نفسها فى جلسة من جلسات 494 المرافعة ، كما تجوز أن يصدر عند إبداء الطلبات الختامية وقبل إقفال باب المرافعة . بل يجوز أن يلى أقفال باب المرافعة فى مذكرات تقدم من الخصوم يرد فيها بعضهم على بعض ، فيصدر من أحد الخصوم إقرار فى مذكرته, وهكذا يجوز أن يصدر الإقرار إلى وقت النطق بالحكم ( [59] ) .
ولكن الإقرار الذى يصدر فى إحدى الدعاوى ، فيكون فيها إقراراً قضائياً ، لا يكون فى دعوى أخرى ، ولو بين الخمسين وفى نفس الواقعة ، له قوة الإقرار القضائى ، ذلك أن الإقرار القضائى مقصور قوته على الدعوى التى صدر فيها ، فإذا تمسك به الخصم المقر له أو الغير فى دعوى أخرى تالية ، كان الإقرار بالنسبة إلى هذه الدعوى التالية إقراراً غير قضائى . فلو أن خصماً أقر لخصمه أنه اشترى من الغير الأرض التى ينازعه فيها ، وكان هذا فى دعوى من دعاوى الحيازة ، فإن إقراره هذا يعد إقراراً قضائياً فى دعوى الحيازة التى صدر فيها الإقرار . ولو أراد الخصم الذى صد ر الإقرار له أن يتمسك بهذا الإقرار فى دعوى الملكية ، وهى غير دعوى الحيازة ، كان له أن يفعل ذلك ولكن على أنه إقرارا غير قضائى ( [60] ) . ويستقيم هذا الحكم مع تأصيل الإقرار من أنه نزول من المقر عن حقه فى مطالبة خصمه بالإثبات ، فقد نزل المقر فى دعوى الحيازة عن مطالبة خصمه بإثبات شرائه للأرض من الغير ، وإذا كان قد نزل عن هذه المطالبة فى دعوى الحيازة فلا يستخلص من هذا نزوله عن المطالبة بهذا الإثبات فى دعوى الملكية . فهو قد نزل عن المطالبة بالإثبات فى دعوى معينة دون غيرها 495 من الدعاوى ، فأثر النزول يجب أن يكون مقصوراً على هذه الدعوى ( [61] ) .
كذلك الإقرار أمام محكمة غير مختصة من ناحية الولاية أو من ناحية الاختصاص الموضوعى لا يعد إقراراً قضائياً ، بخلاف الإقرار أمام محكمة غير مختصة من ناحية المكان ، ذلك أن أحكام الاختصاص من ناحية الولاية ومن ناحية الموضوع تعد من النظام العام أما أحكام الاختصاص من ناحية المكان فليست كذلك ( [62] ) . فالإقرار أمام محكمة شرعية فى قضية المختص بها هى المحكمة الوطنية لا يكون أمام 496 هذه المحكمة الأخير إقراراً قضائياً ، بل هو إقرار غير قضائى . والإقرار أمام المحكمة الجزئية فى قضية المختص فيها هى المحكمة الكلية يكون إقراراً غير قضائى بالنسبة إلى هذه المحكمة الأخيرة .
والإقرار خارج إجراءات الدعوى ولو فى الوقت الذى تنظر فيه الدعوى لا يكون إقراراً قضائياً . فلو أن خصماً أرسل كتاباً لخصمه ، أثناء نظر الدعوى القائمة بينهما ، يتضمن إقراراً ، وتمسك الخصم المقر له بهذا الكتاب أمام المحكمة ، فإن الإقرار فى هذه الحالة يعد إقراراً غير قضائى . كذلك يعد إقراراً غير قضائى ما يذكر فى تظلم مرفوع إلى الجهة الإدارية ولو كان هذا التظلم متعلقاً بدعوى كانت مرفوعة وقت تقديم التظلم أمام محكمة مدنية ( [63] ) .
( [3] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 431 – ص 432 .
( [4] ) أنظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1563 – دى باج 3 ص 1025 – ص 1028 – وأنظر : استئناف مختلط 14 يناير سنة 1930 م 42 ص 186 .
( [6] ) أوبرى ورو 12 ص 107 – ص 108 .
( [7] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لكى ينتج الإقرار أثره القانونى يجب أن يكون متعلقاً بواقعة لا بالتطبيق القانونى ، لأن تفسير القانون وتطبيقه على واقعة الدعوى هو من شأن المحكمة وحدها لا من شأن الخصوم ، وإذن فإن إقرار المطعون عليهما بانطباق المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 على الوصية موضوع النزاع لا يقيد المحكمة بشيء ( نقض مدنى 22 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 5 ص 62 ) – وأنظر أيضاً أوبرى ورو 12 ص 108 وهامش رقم 4 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1561 ص 1034 – بودرى وبارد 4 فقرة 2701 ص 376 – بيدان وبرو 9 فقرة 1309 .
( [8] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1561 ص 1034 .
( [9] ) نقض فرنسى 23 يولية سنة 1902 داللوز 1903 – 1 – 274 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1561 ص 1034 – ولا يعد إقراراً بالمسئولية ما يقوم به رب العمل من إسعاف العامل بدافع الشفقة والإحسان ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1561 ص 1034 هامش رقم 3 ) .
( [10] ) نقض مدنى 19 مايو سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 48 ص 107 – نقض فرنسى 15 أبريل سنة 1899 داللوز 99 – 1 – 521 – 12 يونيه سنة 1899 سيريه 1900 – 1 – 136 – بارتان على أوبرى ورو 12 ص 107 – دى باج 3 ص 1028 – ص 1032 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1561 ص 1034 – ص 1035 – بيدان وبور 9 فقرة 1304 – قارن ( عكس ذلك ) : ديمولومب 30 فقرة 450 – هيك 8 فقرة 346 – لوران 20 فقرة 159 – بودرى وبارد 4 فقرة 2701 – المؤجز للمؤلف فقرة 654 – الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 489 – المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 432 – ص 433 – نقض مدنى 30 مارس سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 117 ص 203 . والمسألة على كل حال محل للنظر . وسنرى أن الإقرار القضائى ينطوى على نزول من جانب المقر عن حقه فى مطالبة خصمه بالإثبات ، والنزول يتضمن القصد ، لذلك كان الأولى اشتراط القصد فى الإقرار القضائى على الأقل .
( [11] ) استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1918 م 30 ص 243 .
( [12] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه ، إلا أن المحكمة ليست ملزمة بإجابة هذا الطلب ، بل الأمر متروك لسلطتها المطلقة فى التقدير ، فإذا رفض الحكم إجابة هذا الطلب لعدم تعلق الوقائع المطلوب الاستجواب عنها بالدعوى ، كان تسبيبه كافياً ولا تجوز إثارته الجدل بشأنه ( نقض مدنى 3 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 250 ص 668 ) – وأنظر المادة 168 من تقنين المرافعات الجديد ، وهى تقضى بأنه إذا رأت المحكمة أن الدعوى ليست فى حاجة إلى استجواب رفضت طلب الاستجواب . وأنظر : نقض مدنى 11 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 29 ص 183 . وكان تقنين المرافعات السابق يجيز اعتبار تخلف الخصم عن الحضور أو امتناعه عن الإجابة بمثابة إقرار ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( أنظر فى هذا المعنى أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 434 ) . – أنظر : بيدان وبرو 9 فقرة 1305 .
( [13] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1563 – وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأن من يواجه بواقعتين ، فينكر إحداهما إنكاراً صريحاً ويسكت عن الثانية ، يعتبر سكوته إقراراً بالواقعة التى سكت عن إنكارها ( نقض فرنسى 14 مايو سنة 1902 داللوز 1902 – 1 – 224 – بودرى وبارد 4 ص 276 هامش رقم 1 ) .
( [14] ) أنظر فى أن تنفيذ العقد يعتبر بمثابة إقرار ضمنى بوجوده : دى باج 3 ص 1059 – ص 1061 ) – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى صدد الإقرار الضمنى ما يأتى : ” وليس شك فى أن الأصل فى الإقرار أن يكون صريحاً ، وأن الاقتضاء فيه استثناء من حكم هذا الأصل ، فلا يجوز قبول الإقرار الضمنى ، والحالة هذه ، ما لم يقم دليل يقينى على وجوده ومرماه . وهذا هو المعنى الذى استظهره تقنين المرافعات البلجيكى فى المادة 330 إذ فرع على توافر هذه العناصر جواز اعتبار الوقائع ثابتة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 433 ) .
( [15] ) وهذا هو النص فى أصله الفرنسى :
L’allegation d’un aveu extrajudicaire purement verbal est inutile toutes les fois qu’il s’agit deune demande don’t la prevue testimonials ne serait point admissible .
( [16] ) وستتحدد دائرة الإقرار غير القضائى ضمناً عندما نحدد منطقة الإقرار القضائى فيما يلى ، فما يخرج عن هذه المنطقة يكون إقراراً غير قضائى . وبحسبنا الآن أن نذكر أن الإقرار غير القضائى يصدر خارج القضاء أو أمامه ولكن فى غير إجراءات الدعوى التى رفعت بالواقعة المقر بها . وقد نصت المادة 95 من قانون البينات السورى على أن ” الإقرار غير القضائى هو الذى يقع فى غير مجلس الحكم أو يقع فى مجلس الحكم فى غير الدعوى التى أقيمت بالواقعة المقر بها ” .
( [17] ) أوبرى ورو 12 ص 132 – ص 133 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1568 ص 1403 – وأنظر فى أن الإقرار غير القضائى ليس كما يعتبره الفقه التقليدى صورى غير كاملة من الإقرار القضائى ، بل هو الأصل الذى نسج على منواله الإقرار القضائى : بارتان فى تعليقاته على أوبرى ورو 12 ص 132 هامش رقم 40 مكرر 4 . وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2282 .
( [18] ) بور سعيد 5 سبتمبر 1932 المحاماة 13 رقم 226 ص 453 .
( [19] ) ومن ثم يكون هناك إقراران : إقرار قضائى ثبت به الإقرار غير القضائى وتراعى فيه أحكام الإقرارات القضائية ، وإقرار غير قضائى هو الذى ثبت بالإقرار القضائى وتراعى فيه أحكام الإقرارات غير القضائية . وهذا بخلاف ما إذا كان هناك إقرار غير قضائى ، ثم يجدده المقر أمام القضاء ، ولا يكتفى بمجرد الإقرار بصدوره منه خارج القضاء . فكلا الإقرارين هنا –القضائى وغير القضائى – ينصب على واقعة واحدة ، ويؤخذ بالإقرار القضائى فى هذه الحالة كطريق لإثبات الدعوى ذاتها لا لمجرد إثبات الإقرار غير القضائى . ( أوبرى ورو 12 ص 113 – بيدان وبرو 9 فقرة 1306 ص 403 ، قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1568 ص 1043 ) . أنظر : طنطا الكلية أول مايو سنة 1935 المحاماة 16 رقم 439 ص 948 .
( [20] ) استئناف مختلط 10 مايو سنة 1906 م 18 ص 249 – قارن : استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 37 .
والظاهر فى الفقه الإسلامى أن العبرة فى الإقرار المكتوب بالأشهاد عليه ، فإن لم يستشهد المقر على كتابه بشهود فالكتاب لا يصلح إقراراً . جاء فى الفتاوى الهندية : ” رجل كتب على نفسه صكاً عند قوم ، ثم قال اختموا عليه ولم يقل اشهدوا عليه ، لم يكن ذلك إقراراً ، ولا يحل لهم أن يشهدوا عليه بذلك المال ، وكذا لو قال الشهود أنشهد عليك بهذا فقال اختموا عليه . ولو قالوا أتختم هذا الصك ، فقال اشهدوا عليه ، كان إقراراً وحل لهم أن يشهدوا عليه ، كذا فى فتاوى قاضيخان . ولو قال للصكاك أكتب لفلان خط إقرار بألف درهم على ، يكون إقراراً ويحل للصكاك أن يشهد بالمال . وكذا لو قال للصكاك أكتب له خط بيع هذا الدار بكذا ، وكتب الصكاك أو لم يكتب ، فهو إقرار بالبيع . . . رجل قرأ على رجل صكاً بمال ، وقال له الآخر أشهد عليك بهذا المال الذى فى الصك ، فقال نعم ، كان ذلك إقراراً وحل له أن يشهد عليه ، كذا فى فتاوى قاضيخان . ومنها كتاب حسابه ، وهو ما يكتبه التجار فى صحائفهم ودفاتر حسابهم ، كذا فى المحيط . لو كتب فى صحيفة حسابه أن لفلان على ألف درهم ، وشهد شاهدان حضرا ذلك أو أقر هو عند الحاكم به ، لم يلزمه إلا أن يقول اشهدوا على به ، كذا فى المبسوط ” . ( الفتاوى الهندية 4 ص 167 ) .
( [21] ) قارن بودرى وبارد 4 فقرة 2725 – الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات فقرة 119 .
( [22] ) الموجز للمؤلف ص 661 – استئناف مصر 24 يناير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 209 ص 377 – ملوى 3 سبتمبر سنة 1932 المحاماة 14 رقم 231 / 2 ص 446 .
( [23] ) وقد نصت المادة 102 من قانون البينات السورى على أن ” الإقرار غير القضائى واقعة يعود تقديرها القاضى ، ويجب إثباتها وفاقاً للقواعد العامة المختصة بالإثبات ” – وقضت محكمة النقض بأن الإقرار الوارد فى صحيفة دعوى غير دعوى النزاع ، وإن كان لا يعد إقراراً قضائيا ملزماً حتما ، هو إقرار مكتوب صدر فى مجلس القضاء . ومثل هذا الإقرار يترك تقديره لمحكمة الموضوع . فلها مع تقدير الظروف التى صدر فيها والأغراض التى حصل من أجلها أن تعتبره دليلا مكتوباً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة ، كما لها ألا تأخذ به أصلا . فإذا هى اعتبرته دليلا كتابياً ، كان ذلك فى حدود سلطتها التقديرية التى لا معقب عليها من محكمة النقض ( نقض مدنى 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 14 ص 30 – 8 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 300 ص 600 ) . أنظر أيضاً : الزقازيق استئنافى 19 مايو سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 10 / 2 – ملوى 15 أكتوبر سنة 1916 المجموعة الرسمية 18 رقم 37 – منوف 25 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 496 ص 904 – المنيا الكلية 20 يناير سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 رقم 2 ص 29 – قنا استئنافى 17 نوفمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 1 ص 197 – ديرانتون 13 فقرة 540 – ديمولومب 30 فقرة 544 بيدان وبرو 9 فقرة 1306 وفقرة 1313 .
( [24] ) فهناك أحكام كثيرة لا تجزئ الإقرار غير القضائى : استئناف مختلط 31 أكتوبر سنة 1888 م 1 ص 372 – 3 أبريل سنة 1890 م 27 ص 337 – وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الإقرارات التى تصدر من الشخص فى تحقيق البوليس لا تعتبر إقراراً واحداً لا يتجزأ ، بل هى جملة من الإقرارات مستقلة بعضها عن بعض ، ويجوز الأخذ ببعضها دون البعض الآخر ، فإذا أخذ بإقرار منها فلا يجوز تجزئته ( 21 فبراير سنة 1945 م 57 ص 76 ) . على أن الإقرار غير القضائى قابل للتجزئة إذا رأى القاضى ذلك ، وقد قضت محكمة النقض بأن الأقوال الصادرة من أحد الخصوم أمام الخبير المنتدب فى دعوى غير الدعوى المنظورة هى من قبيل الإقرار غير القضائى ، فتجوز تجزئتها والأخذ ببعضها دون بعض ( نقض مدنى 15 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 301 ص 601 ) ( أنظر أيضاً فى معنى جواز التجزئة : استئناف مختلط 30 مايو سنة 1894 م 6 ص 309 – منوف 18 فبراير سنة 1915 المجموعة الرسمية 16 رقم 79 / 2 – تولييه 10 فقرة 340 – ديمولومب 30 فقرة 554 . عكس ذلك بودرى وبارد 4 فقرة 2725 .
( [25] ) وسنرى أن الإقرار القضائى نفسه يتأثر بالغلط فى القانون – ويجوز ، تبعاً للظروف وحسب تقدير القاضى ، الرجوع فى الإقرار غير القضائى حتى لو لم يوجد غلط أو تدليس أو إكراه ( لارومبيير 7 م 1356 فقرة 31 – ديمولومب 30 فقرة 555 – عكس ذلك بودرى وبارد 4 فقرة 2725 ) . ولا رقابة لمحكمة النقض على تقدير قاضى الموضع فى كل ذلك ( أنظر فى هذا المعنى بيدان وبرو 9 فقرة 1318 – فقرة 1319 – وأنظر عكس ذلك بودرى وبارد 4 فقرة 2725 ) .
( [26] ) يميز التقنين المدنى الليبى ، فى الإقرار خارج مجلس القضاء ، بين الإقرار الذى يفضى به المقر مباشرة لخصمه أو نائب عنه ، وهذا يجعل له حجية الإقرار القضائى لأن الخصم فى العادة لا يقر لخصمه مباشرة بحق عليه إلا إذا كان هذا الحق فى ذمته ، وبين الإقرار الذى يفضى به المقر لشخص ثالث ، والإقرار الموجود فى وصية للمقر . فالإقرار لشخص ثالث –دون الخصم مباشرة – لا تلابسه الحيطة التى تلابس الإقرار للخصم . والإقرار فى وصية تدخله مظنة أن يكون الإقرار جزءاً من هذه الوصية أضفى عليه الموصى صورة الإقرار . ومن ثم ترك التقنين الليبى للقاضى سلطة البت فى تقدير حجية الإقرار فى هاتين الحالتين . وهذا هو نص المادة 398 من التقنين المدنى الليبى الذى وردت فيه هذه الأحكام : ” الإقرار الذى يفضى به للخصم أو لمن يمثله خارج مجلس القضاء يعد إقراراً قضائياً فى نفس الدرجة والمفعول . وإذا أفضى بالإقرار لشخص ثالث ، أو وجد الإقرار فى وصية ، فتترك حرية البت فيه لتقدير القاضى . ولا يجوز إثبات الإقرار المدلى به خارج مجلس القضاء عن طريق شهود إذا كان منصبا على موضوع لا يسمح القانون إثباته بشهود ” .
( [27] ) ويحسن التمييز بين مسائل ثلاث : ( أ ) العبارة المنسوب صدورها إلى الخصم ، وهل صدرت منه فعلا : وهذه مسألة موضوعية . ( ب ) وبفرض ثبوت صدورها ، هل يمكن تفسيرها على أنها إقرار : وهذه أيضاً مسألة موضوعية . ( جـ ) وبفرض أنها إقرار ، فهل هذا الإقرار قضائى أو غير قضائى : وهذه مسألة قانون ( أنظر أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون المدنى Preuve فقرة 934 ) .
( [28] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 546 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” الإقرار هو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بواقعة قانونية مدعى بها عليه . ويكون صدوره أمام القضاء أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة ” . وفى لجنة المراجعة حول النص تحويراً لفظيا طفيفا وحذفت عبارة ” أو من ينوب عن نيابة خاصة ” لأن محلها باب الوكالة ( م 702 فقرة 1 مدنى ) ، فأصبح النص هو ما استقر عليه فى التقنين الجديد ، وأصبح رقم المادة 421 فى المشروع النهائى . ووافق على النص مجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 408 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 431 – ص 434 ) .
( [29] ) نصوص التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون البينات السورى م 93 : الإقرار هو إخبار الخصم أمام المحكمة بحق عليه الآخر . م 94 : الإقرار القضائى هو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بواقعة قانونية مدعى بها عليه ، وذلك أمام القضاء ، أثناء السير فى الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة . ( والحكم واحد فى القانون السورى والتقنين المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى م 461 : الإقرار هو إخبار الخصم أمام المحكمة بحق عليه لآخر . ( والحكم واحد فى التقنينيين العراقى والمصرى ) .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 210 : الإقرار هو اعتراف فريق بأمر ادعى به عليه . والإقرار يكون قضائياً وغير قضائى . ( ولا يوجد فى التقنين اللبنانى تعريف خاص بالإقرار القضائى ، ولكن يفهم من مجموع نصوصه أن حدود الإقرار القضائى هى نفس الحدود المقررة فى التقنين المصرى ) .
التقنين المدنى للمملكة الليبية المتحدة م 396 : مطابقة لنص التقنين المصرى .
( [30] ) التقنين المدنى الفرنسى م 1354 : الإقرار الذى يحتج به على الخصم يكون إما إقراراً غير قضائى وإما إقراراً قضائياً – م 1356 فقرة أولى : الإقرار القضائى هو اعتراف الخصم أمام القضاء بنفسه أو بمن فوضه فى ذلك تفويضاً خاصاً .
Art . 1354 : L’aveu qui est oppose a une partie, est ou extrajudiciare ou judiciaire .
Art . 1356 el . 1 . : L’aveu judiciaire est la declaration que fait en justice la partie ou son fonde de pouvoir special .
( [31] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 432 – ص 423 – وكون الأقوال المنسوبة إلى الخصم تعتبر إقراراً منه لتوافر هذه الأربكان الأربعة ، أو لا تعتبر لعدم توافرها ، مسألة من مسائل القانون ، وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار القضائى هو اعتراف خصم بالحق المدعى به فى مجلس القضاء قاصداً بذلك إعفاءه من إقامة الدليل عليه ، وكون الأقوال المنسوبة إلى الخصم تعتبر إقراراً منه أو لا تعتبر مسألة قانونية تدخل تحت رقابة محكمة النقض ( نقض مدنى 30 مارس سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 117 ص 203 ) – أما ثبوت وقوع هذه الأركان مادياً فهى مسألة موضوعية متروك تقديرها لمحكمة الموضوع ، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فيها ( نقض مدنى 19 مايو سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 48 ص 107 – 23 مايو سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 10 ص 234 ) .
( [32] ) قارب بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2288 ص 721 هامش رقم 1 .
( [33] ) قارب أوبرى ورو 12 ص 113 – ص 114 – دى باج 3 ص 1028 – ص 1032 – وقارن الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات فقرة 104 – فقرة 105 – وفى الفقه الإسلامى الإقرار إخبار الإنسان عن ثبوت حق لغيره على نفسه ، وهو إخبار لا إنشاء ، ولذلك لا يحتمل التعليق بالشرط ولا اشتراط الخيار ، ولا يتوقف على القبول وما فيه تمليك مال من وجه يرتد بالرد وإلا فلا كأبطال شفعة وطلاق وعتاق ( الأستاذ أحمد إبراهيم فى طرق القضاء فى الشريعة الإسلامية ص 118 – ص 130 ) .
( [34] ) وسنرى أن كلا من توجيه اليمين الحاسمة وردها تصرف قانونى . أما الحلف نفسه فواقعة مادية . والنكول عن اليمين ، كالإقرار ، واقعة مادية تنطوى على تصرف قانونى .
( [36] ) أوبرى ورو 12 ص 117 هامش رقم 19 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1566 – استئناف مختلط 2 أبريل سنة 1902 م 14 ص 214 – ومن ثم يجوز الإقرار للصبى غير المميز وللمجنون ( نقض مدنى 23 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 269 ص 798 – وانظر م 463 فقرة 2 مدنى عراقى ) .
قارب المادة 466 من التقنين المدنى العراقى ونصها : ” 1 – لا يتوقف الإقرار على قبول المقر له ، ولكن يرتد برده . 2 – وإذا رد المقر له مقداراً من المقر به ، فلا يبقى حكم الإقرار فى المقدار المردود ، ويصح الإقرار فى المقدار الباقى ” . والمادة 468 من نفس التقنين : ” 1 – يلزم المرء بإقراره إلا إذا كذب بحكم . 2 – ولا يصح الرجوع عن الإقرار ” . وانظر أيضاً المادتين 98 و 99 من قانون البينات السورى ، وقد نقلتا عن المادتين 466 و 468 من التقنين المدنى العراقى . وانظر فى تكذيب الحاكم للإقرار المادة 1587 من المجل وشرح سليم باز ص 875 – ص 876 .
( [37] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الأهلية التى تشترط لصحة الأقارير هى أهلية المقر للتصرف فيما أقر به ، أما المقر له فلا يشترط فيه أهلية ما بل يجوز الإقرار للصبى غير المميز والمجنون ( نقض مدنى 23 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 269 ص 798 وقد بقت الإشارة إلى هذا الحكم ) .
( [38] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه وإن كان القانون المصرى ( القديم – وكذا الحديث ) لم يأت بنص صريح كالذى جاء فى الفقرة الأخيرة من المادة 1356 مدنى فرنسى التى تقرر أنه لا يجوز الرجع فى الإقرار إلا إذا ثبت أنه ناشئ عن خطأ فى الأمر الواقع ، إلا أن القواعد القانونية العامة توجب العمل بهذا المبدأ ، فهى لا تسمح لأى إنسان بأن يثرى على حساب غيره بدون وجه حق ، وتسمح فضلاً عن ذلك بتصحيح الأخطاء المادية فى الحساب الناشئة عن السهو والنسيان ( 3 فبراير سنة 1935 المحاماة 15 رقم 323 / 2 ص 384 ) . وقضت محكمة دمياط بأنه إذا بنى الإقرار على غلط فى الواقع كأن يقر بدين على مورثه ثم عثر بعد ذلك على مخالصة بين أوراق المورث ، ففى هذه الحالة يجوز للمقر العدول لأن اعترافه بأمر لم يكن موجوداً فى الواقع ( 23 أكتوبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 447 ص 901 ) .
هذا ويلاحظ أن التقنين المدنى الفرنسى ( م 1356 ) لا يجعل الإقرار معيباً إلا إذا كان الغلط فى الواقع ، أما الغلط فى القانون فلا يعتد به ( انظر أيضاً المادة 225 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى ) . ولكن المقصود بالغلط فى القانون الذى لا يعتد به هو الغلط فى النتائج القانونية التى تترتب على الإقرار ( أوبرى ورو 12 ص 119 – بلانيول وريبير وجابولد 7 ص 910 – كولان وكابيتان ومورانديير 2 فقرة 812 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2289 – وانظر أيضاً المادة 224 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى وتقضى بأنه لا يجوز للمقر الرجوع عن إقراره بحجة أنه لم يفقه نتائجه القانونية ) . وعلى هذا المعنى يمكن القول أيضاً بأن الغلط فى القانون لا يؤثر فى الإقرار فى القانون المصرى ، فإقرار الوارث بوصية صدرت لوارث آخر لا يعيبه أن يكون الوارث المقر قد صدر منه الإقرار وهو يعتقد خطأ أن الوصية لوارث لا تزال غير جائزة ، فإذا تمسك المقر بهذا الغلط فى القانون لا يجاب إلى طلبه فى الرجوع عن إقراره ( قارن الموجز للمؤلف ص 685 هامش رقم 2 – والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 440 – وقارن أيضاً الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 498 – الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الإثبات فقرة 114 ) . أما الغلط فى القانون الذى يعتد به فى الإقرار فى القانون المصرى – وكذلك فى القانون الفرنسى إذا أخذنا بالتفسير الذى سبقت الإشارة إليه – فهو الغلط الذى يقع ، لا فى النتائج القانونية للإقرار ، بل فى العناصر القانونية التى يقوم عليها ، وذلك كالغلط فى حكم من أحكام القانون انبنى عليه صدور الإقرار . فإذا أقر وارث بملكية الموصى له للعين الموصى بها وهى تزيد على ثلث التركة ، وكان يعتقد وقت صدور الإقرار أن الوصية تجوز حتى لو جاوز الموصى به ثلث التركة ، فإن له الرجوع فى إقراره إذا أثبت هذا الغلط فى القانون الذى وقع فيه .
( [39] ) وقد جاء فى الموجز للمؤلف فى هذا الصدد ما يأتى : ” لكن يجوز الطعن فى الإقرار لغلط أو تدلي أو إكراه ، وهذه هى عيوب الرضاء ، فإذا كان المقر قد صدر منه الإقرار على أساس غلط وقع فيه ، كما إذا أقر وارث بدين فى ذمة مورثه وهو يجهل أن هناك مخالصة بالدين ، فله أن يطعن فى هذا الإقرار بالغلط إذا ما علم بعد ذلك بأمر هذه المخالصة . وإذا كان الإقرار قد صدر على أثر تدليس ، ولو من غير الخصم المقر له ، أو كان نتيجة إكراه ، فللمقر أن يطعن فيه كذلك ” ( الموجز ص 685 ) . هذا والتدليس والإكراه يمكن تصورهما فى الإقرار إذا وقعا خارج المحكمة ( قارن دى باج 3 ص 1028 – 1032 ) .
( [40] ) استئناف مختلط 23 يناير سنة 1907 م 19 ص 96 – 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 140 – 24 مارس سنة 1931 م 43 ص 309 – 17 مارس سنة 1938 م 50 ص 174 .
( [41] ) وفى الفقه الإسلامى يبطل الإقرار بعد وجوده بتكذيب المقر له للمقر فى حقوق العباد ، وبرجوع المقر عن الإقرار فى حقوق الله تعالى . جاء فى البدائع : ” الإقرار بعد وجوده يبطل بشيئين . أحدهما تكذيب المقر له فى أحد نوعى الإقرار ، وهو الإقرار بحقوق العباد ، لأن إقرار المقر دليل لزوم المقر به ، وتكذيب المقر له دليل عدم اللزوم ، واللزوم لم يعرف ثبوته ، فلا يثبت مع الشك . والثانى رجوع المقر عن إقراره فيما يحتمل الرجوع فى أحد نوعى الإقرار بحقوق الله تبارك وتعالى خالصاً كحد الزنا ، لأنه يحتمل أن يكون صادقاً فى الإنكار ، فيكون كاذباً فى الإقرار ضرورة ، فيورث شبة فى وجوب الحد ” ( البدائع 7 ص 232 – ص 233 ) . ولا يسمع من المقعر أنه كاذب فى إقراره . ولكن للمقر أن يرجع فى إقراره للإكراه لا للغلط : جاء فى الأشباه والنظائر لابن نجيم ( ص 137 و 140 ) ” إقرار المكره باطل ” . . . ثم قال غلطت إنها خمسمائة ، لم يصدق وهو ضامن لما أقر به ” .
( [42] ) ما لم يكن الإقرار منصباً على عمل شخصى للوكيل يدخل فى حدود وكالته العامة ( أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون المدنى Preuve فقرة 959 ) .
( [43] ) وقد رأينا عند استعراض تاريخ نص المادة 408 أن المشروع التمهيدى لهذا النص ( م 546 ) كان يقضى بأن ” الإقرار هو اعتراف الخصم أو من ينوب عنه نيابة خاصة بواقعة قانونية . . . . ” ، وأن لجنة المراجعة حذفت عبارة ” أو من ينوب عنه نيابة خاصة ” لأن محلها باب الوكالة ( م 702 فقرة 1 مدنى ) .
( [44] ) فإذا صدر منه إقرار مبتدر ( spontane ) ، فإن هذا لا يكون حجة على الموكل : استئناف مختلط 28 يناير سنة 1947 م 59 ص 67 .
( [45] ) فإذا فوض المحامى فى الإقرار ، وصدر منه إقرار من مذكرة قدمها للمحكمة ولم يسحبها الخصم ، أوخذ بهذا الإقرار ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1947 م 59 ص 50 ) . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” ويجب أن يصدر الإقرار من الخصم أو ممن يفوض فى ذلك بتوكيل خاص . فلا يجوز للوكيل أن يقر عن الموكل ، إلا أن يكون قد خول ولاية خاصة ، لأن الإقرار فى حقيقته عل تصرف لا عمل إدارة ، فهو يخرج بذلك عن نطاق الوكالة العامة . ولهذه العلة يشترط توقيع الموكلين أنفسهم على المذكرات التى تقدم من محاميهم إذا كانت تتضمن إقراراً ، إلا أن يكون المحامون مفوضين فى الإقرار بتوكيل خاص ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 433 ) .
وقضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم المطعون فيه إذ نفى صدور إقرار من البائعتين قد استند إلى أن الإقرار الصادر من وكيليهما والمثبت بمحضر انتقال القاضى المنتدب للمعاينة لا يصلح للاحتجاج به على الموكلتين لأنه لم يصدر بتوكيل خاص أو ضمن توكيل عام يبيح الإقرار بالملكية ، فإن هذا القول لا مخالفة فيه للقانون ( نقض مدنى 14 فبراير سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 81 ص 474 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه لابد من توكيل خاص فى الإقرار : استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1896 م 8 ص 267 – 4 يونيه سنة 1896 م 8 ص 324 – 9 يونيه سنة 1898 م 10 ص 322 .
( [46] ) وقد نصت المادة 20 من قانون المحاكم الحسبية على تصرفات معينة لا يجوز للوصى مباشرتها إلا بإذن من المحكمة ، فالإقرار بأى تصرف منها باسم القاصر لابد فيه من إذن المحكمة الحسبية . وهذا هو نص المادة 20 المشار إليها : ” لا يجوز للوصى مباشرة التصرفات الآتية إلا بإذن من المحكمة : ( أولاً ) التصرف فى أموال القاصر بالبيع أو الشراء أو المقايضة أو الشركة أو الإقراض أو الرهن أو أى نوع آخر من أنواع التصرفات الناقلة للملكية أو المرتبة لحق عينى .( ثانياً ) تحويل الديون التى تكون للقاصر وقبول الحوالة عليه . ( ثالثاً ) استثمار الأموال وتصفيتها واقتراض المال القاصر . ( رابعاً ) إيجار عقار القاصر لمدة أكثر من ثلاث سنوات فى الأراضى الزراعية ولمدة أكثر من سنة فى المبانى . ( خامساً ) إيجار عقار القاصر لمدة تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الرشد لأكثر من سنة . ( سادساً ) قبول التبرعات المقترنة بشرط أو رفضها . ( سابعاً ) الإنفاق من مال القاصر على من تجب عليه نفقتهم إلا إذا كانت النفقة مقضياً بها من جهة مختصة . ( ثامناً ) الصلح والتحكيم . ( تاسعاً ) الوفاء بالالتزامات التى تكون على التركة أو على القاصر ما لم يكن قد صر دبها حكم واجب التنفيذ . ( عاشراً ) رفع الدعاوى إلا ما يكون فى تأخير رفعها ضرر بالقاصر أو ضياع حق له . ( حادى عشر ) التنازل عن الدعاوى وقبول الأحكام القابلة للطعون العادية والتنازل عن هذه الطعون بعد رفعها ورفع الطعون غير العادية فى الأحكام . ( ثانى عشر ) التنازل عن التأمينات أو إضافتها . ( ثالث عشر ) إيجار الوصى أموال القاصر لنفسه أو لأحد أقاربه أو أصهاره أن لمن يكون الوصى نائباً عنه . ( رابع عشر ) ما يصرف فى تزويج القاصر .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن إقرار الوصى لا يسرى فى حق القاصر عن وقائع سابقة على الوصاية ( 30 أبريل سنة 1896 م 8 ص 267 ) . وقضى المجلس الحسبى العالى بأن الوصى لا يملك الإقرار بالدين ، فلا يجوز له أن يسدد ديوناً على القاصر لم تكن ثابتة ( 27 يونية سنة 1916 المحاماة 1 رقم 40 ص 249 ) . وقضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يجوز للواقف أن يقر بدين على الوقف بعد إنشائه ( 3 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 372 ص 756 ) . هذا وتنص المادة 462 من التقنين المدنى العراقى على أنه ” يشترط أن يكون المقر عاقلاً بالغاً غير محجور عليه ، فلا يصح إقرار الصغير والمجنون والمعتوه والسفيه . ولا يصح على هؤلاء إقرار أوليائهم وأوصيائهم والقوام عليهم ، ولكن الصغير المأذون يكون لإقراره حكم إقرار البالغ فى الأمور المأذون فيها ” . وتنص الفقرة الثانية من المادة 463 من هذا التقنين على أنه ” لا يشترط أن يكون المقر له عاقلاً ، فلو أقر أحد بمال للصغير غير المميز صح إقراره ” – انظر أيضاً المادة 96 من قانون البينات السورى ، وهى منقولة عن المادة 462 من التقنين المدنى العراقى . وقد نصت المادة 223 من تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى على أن ” يكون الإقرار باطلاً إذا لم يكن المقر حائزاً للأهلية أو الصلاحية الكافية ” .
( [47] ) انظر فى هذا المعنى أوبرى ورو 12 ص 115 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1565 ص 1040 – والإقرار الصادر من ممثلى الشخص المعنوى ( شركة أو جمعية أو نحو ذلك ) يعتبر إقراراً صادراً من الشخص المعنوى نفسه ( بلانيول وريبير وبولانجيه : فقرة 2285 ) .
( [48] ) استئناف مختلط 14 يناير سنة 1930 م 42 ص 186 – وقد جاء فى الموجز للمؤلف فى هذا الصدد ما يأتى : ” وكما يجوز الطعن فى الإقرار بعيب من عيوب الرضا ، يجوز الطعن فيها أيضاً بالتواطؤ فيما بين المقر والمقر له ، غير أن الطعن فى الحالة الأولى يكون من المقر نفسه ، وفى الحالة الثانية يكون من الغير الذى أضر به هذا التواطؤ . فقد يتواطأ شخص مع آخر على أن يقر له بحق إضراراً بدائنه ، فيجوز للدائن أن يطعن فى الإقرار بالدعوى البولصية أو بالصورية على حسب الأحوال ” ( الموجز ص 685 والأحكام المشار إليها فى الهامش ) .
( [50] ) انظر فى إقرار المريض مرض الموت فى الفقه الإسلامى : ” طرق القضاء فى الشريعة الإسلامية ” للأستاذ أحمد إبراهيم ص 185 – ص 225 – البدائع 7 ص 224 – ص 228 – الفتاوى الهندية 4 4176 – ص 185 . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن إقرار الإنسان فى مرض موته يدين لأحد ورثته يكون موقوفاً على إجازة باقيهم ، فإن أجازوه كان معتبراً ، وإلا فلا ( 29 أكتوبر سنة 1925 المحاماة 6 رقم 534 ص 856 – على أنه بعد إباحة الوصية للوارث فى ثلث التركة يكون الإقرار لوارثه نافذاً فى هذا القدر ولو من غير إجازة باقى الورثة ) . أما إذا صدر الإقرار فى حال الصحة فإنه يكون نافذاً دون تقييد بثلث التركة ، وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الإقرار بالدين يكن صحيحاً ولو ستر تبرعاً متى كان منجزاً وصادراً فى حال الصحة ، سواء كان لوارث أو لغير وارث ( 19 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 395 ص 631 ) .
( [51] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الإقرار يعتبر دليلاً تقديم الاستحقاق عليه فى زمن سابق ، فيكون صحيحاً ولو كان خالياً من ذكر سببه السابق عليه . فإذا أقر المشترى على نفسه بأن الأرض التى اشتراها والمكلفة باسمه هى ملك لوالده ، واعتبرت محكمة الاستئناف أن عقود شراء تلك الأطيان جدية ، كما اعتبرت فى الوقت ذاته أن الإقرار اللاحق لها صحيح وحجة على المقر ولو لم يذكر سببه ، فلا محل للطعن فى حكمها بالتناقض ، لأنه يبين من هذا أن الحكم لم تعتبر الإقرار المذكور سبباً من الأسباب الناقلة للملك ، بل اعتبرته – كما ينبغى أن يعتبر قانوناً – دليلاً تقدم الاستحقاق عليه فى زمن سابق ، وهذا حق ، لأن الإقرار ليس سبباً لمدلوله ، ولذا كان حكمه ظهور ما أقر به المقر لا ثبوته ابتداء ( نقض مدنى 6 فبراير سنة 1936 المجموعة الرسمية 37 رقم 7 ص 158 ) . وتميز محكمة النقض بين سبب الإقرار بالدين وعلة الاستدانة ، فقد يقر المدين بالدين ويذكر أن السبب هو استيلاؤه على ريع أموال الدائن ، ثم يذكر أن علة هذه الاستدانة هى إنفاق المال فى وجه معين ، فسواء صدقت العلة أو لم تصدق ، فالإقرار صحيح ما دام سببه صحيحاً ( نقض مدنى 19 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 113 ص 693 ) .
وفى الفقه الإسلامى الإقرار كاشف لا منشئ . جاء فى الفتاوى الهندية : ” الإقرار أخبار عن ثبوت الحق للغير على نفسه ، كذا فى الكافى . وأما ركنه فقوله لفلان على كذا أو ما يشبه ، لأنه يقوم به ظهور الحق وانكشافه ، حتى لا يصح شرط الخيار فيه ، بأن أقر بدين أو بعين على أنه بالخيار ثلاثة أيام ، فالخيار باطل وإن صدقه المقر له والمال اللازم ، كذا فى محيط السرخى ” ( الفتاوى الهندية 4 ص 156 ) . وفى الدر المختار الإقرار إخبار من وجه وإنشاء من وجه ، وقد جاء فيه ما يأتى : ” فالوجه الأول وهو الأخبار : صح إقراراه بمال مملوك للغير ، ومتى أقر بملك الغير يلزمه تسليمه إلى المقر له إذا ملكه برهة من الزمن لنفاذه على نفسه ، ولو كان إنشاء لما صح لعدم وجود الملك . . . ولا يصح إقراره بطلاق وعتاق مكرها ، ولو كان إنشاء لصح لعدم التخلف . وصح إقرار العبد المأذون بعين فى يده والمسلم بخمر وبنصف دار مشاعاً والمرأة بالزوجية من غير شهود ، ولو كان إنشاء لما صح . . . . والوجه الثانى وهو الإنشاء : لو رد المقر له إقراره ثم قبل لا يصح ، ولو كان إخباراً لصح . . . . والملك الثابت بالإقرار لا يظهر فى حق الزوائد المستهلكة فلا يملكها المقر له ، ولو إخباراً لملكها ” . ( تكملة ابن عابدين 2 ص 78 – ص 82 ) .
وجاء فى ” طرق القضاء ” : ” أما الإقرار فإن الحق يثبت به بدون حكم ، وإنما يأمره القاضى بدفع ما لزمه بإقراره ، وليس لزوم الحق بالقضاء ، فجعل الإقرار من طرق القضاء إنما هو بحسب الظاهر ، وإلا فالحق يثبت به لا بالقضاء – والبينة طريق للقضاء بالإجماع ، والمدعى لا يثبت بها حتى يتصل بها القضاء . واليمين ليست طريقاً للقضاء ، لأن المنكر إذا حلف وعجز المدعى عن البينة يترك المدعى فى يده لعدم قدرة المدعى على إثباته لا قضاء له بيمينه . . . والنكول طريق القضاء عند أصحابها ، والفرق بينه وبين الإقرار أن الإقرار موجب للحق بنفسه ، وأما النكول فلا يوجب الحق إلا إذا اتصل به القضاء ( طرق القضاء فى الشريعة الإسلامية للأستاذ أحمد إبراهيم ص 7 – ص 8 ) .
( [52] ) وتنص المادة 464 من التقنين المدنى العراقى على ما يأتى : ” 1 – كما يصح الإقرار بالمعلوم يصح الإقرار بالمجهول ، إلا فى العقود التى لا تصح مع الجهالة ، 2 – فلو أقر أحد بأمانة أو سرقة أو غصب صح إقراره ، ويطلب منه تعيين الأمانة المجهولة أو المال المسروق أو المغصوب . أما إذا أقر ببيع أو استئجار شئ غير معلوم ، فلا يصح إقراره ” .
( [53] ) انظر أيضاً المادة 97 من قانون البينات السورى ، وهى منقولة عن المادة 465 من التقنين المدنى العراقى . وانظر المادة 1577 من المجلة وشرح سليم باز ص 863 – ص 864 .
( [54] ) الموجز للمؤلف ص 685 – وقد قضت محكمة طنطا الكلية بأن الشريعة الإسلامية اشترطت لصحة الإقرار فيما يتعلق المقر به ألا يكون محالاً شرعياً أى لا يعده الشرع باطلاً ، فإن كان باطلاً شرعاً لم يعامل المقر بمقتضاه ، والإقرار به يكون باطلاً غير معتبر شرعاً ، حتى إذا أخد المقر له من المقر به كان للمقر أن يسترد منه ثانية لأنه أخذه منه بغير وجه شرعى . ومثال الإقرار بالمحال الشرعى أن يقر إنسان بقدر من السهام لوارث أكثر مما هو مقدر له شرعاً ، ومثل هذا الإقرار باطل فى نظر الشرع ، وإقرار المورث لأحد الورثة بدين إياراً له على بقية الورثة ولو كتبت به وثيقة لأنه إقرارا بشئ محال شرعاً ، ومن قبيله إقرار الرجل لزوجته بمهرها بعد أن تبرئه منه أو بعد أن تهبه له أو إقراره لها بنفقة مدة ماضية هى فيها ناشز من غير سبق قضاء أو رضاء مع اعترافها بذلك . فهذه الإقرارات جميعها باطلة شرعاً لأنها إقرارات بأشياء يحكم الشرع ببطلانها بطلاناً كلياً ( 3 يوليه سنة 1935 المحاماة 17 رقم 207 ص 443 ) .
هذا وقد قدمنا أن الإقرار لا يرد إلا على مسألة من مسائل الواقع ، فلا يرد على مسألة من مسائل القانون . فالإقرار الصادر من أحد المتعاقدين بوصف عقد بأنه بيع وفاء لا رهن لا يعتبر حجة على المقر لأنه ليس إقراراً بذمة ، وإنما هو إقرارا بوصف عقد من الوجهة القانونية ، وهذا الوصف لم يغير شيئاً من حقيقته ، ولا يقيد المحكمة ما دام أنه غير مطابق للأركان التى اشترط القانون وجوب توافرها ( استئناف مصر 30 أبريل سنة 1934 المحاماة 15 رقم 150 / 2 ص 314 – وانظر أيضاً : استئناف مصر 28 يونيه سنة 1933 المحاماة 14 رقم 132 / 2 ص 248 ) .
ويورد دى باج المسائل التى لا يصح فيها الإقرار على النحو الآتى : ( 1 ) لا يصح الإقرار فيما يحرم القانون الإقرار به لاعتبارات ترجع إلى الخشية من الاحتيال والتواطؤ ، وذلك كما فى فصلى الأموال ( separation de viens ) والطلاق ونحو ذلك . ( 2 ) لا يصح الإقرار بعكس ما تقضى به قرينة قانونية قاطعة تعتبر من النظام العام . ( 3 ) لا يصح الإقرار فيما يجب الإنكار صحته من الطعن بالتزوير . ( 4 ) لا يصح الإقرار لإثبات وجود عقد شكلى . ( 5 ) لا يصح الإقرار فى مسائل الحالة المدنية ( etat ) والنسب . ( دى باج 3 فقرة 1015 ص 1038 – ص 1031 ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : ” ويقبل الإقرار ، كقاعدة عامة ، فى جميع المواد ولو كانت قيمة المدعى به تجاوز عشرة جنيهات ، ما لم يقض القانون بغير ذلك : كما لو كان الإثبات متعلقاً بالبيانات التى يحلق بها وصف الرسمية فى محرر رسمى ، أو بالتصرفات التى يشترط لانعقادها شكل خاص ، أو بالمسائل المتصلة بالنظام العام ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 432 ) .
( [55] ) هيك 8 فقرة 349 – بودرى وبارد 4 فقرة 2702 .
( [56] ) استئناف مختلط أول أبريل سنة 1948 م 60 ص 99 .
( [57] ) نقض فرنسى 20 مارس سنة 1860 سيريه 61 – 1 – 61 – أوبرى ورو 12 ص 113 – بودرى وبارد 4 فقرة 2704 ص 380 – بيدان وبرو 9 فقرة 1306 .
( [58] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه لكى يكون الإقرار قانونياً ودليلاً قاطعاً يجب أن يصدر فى أثناء سير الدعوى وأمام المحكمة التى تنظر النزاع ، فلا يكفى صدروه أثناء التحقيقات الجنائية التى تجريها النيابة ما دام المقر لم يصر على إقراره ويردده أمام المحكمة ، خصوصاً إذا سحبه بصريح العبارة مدعياً أنه صدر منه بسب الاضطراب الذى كان وقاعاً فيه وقت اتهامه جنائياً – والاعتراف الذى يصدر فى المسائل الجنائية لا يعتبر فيها إثباتاً تاماً ما لم تعززه ظروف أخرى ، فلا يمكن أن تكون له أمام المحكمة المدنية أهمية أكثر من اعتباره مجرد قرينة تتعلق بالوقائع ( استئناف مصر 26 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 255 ص 337 ) .
( [59] ) أما الأقوال التى يبديها الخصم تأييداً لطلباته ، والعبارات التى تصدر منه تعزيزاً لدفاعه فإنها لا تعتبر إقراراً قضائياً ( بنى سويف 14 أكتوبر سنة 1899 الحقوق 15 ص 27 ) . وقد قضت محكمة مصر الكلية بأن مجرد المناقشات التى تأتى على لسان الخصم فى المرافعة لتأييد الوسائل التى يبنى عليها دفاعه لا تعتبر إقراراً قضائياً ( قضاء مستعجل 21 أكتوبر سنة 1934 المحاماة 15 رقم 166 / 2 ص 365 ) .
( [60] ) أوبرى ورو 12 ص 112 – بودرى وبارد 4 فقرة 2705 – انظر عكس ذلك وأن الإقرار القضائى فى دعوى يعد إقراراً قضائياً أيضاً فى دعوى أخرى ماركاديه م 1356 فقرة 2 وبونييه 1 فقرة 350 ، وانظر فى مناقشة هذا الرأى وتفنيده أوبرى ورو 12 ص 111 هامش رقم 7 : والإقرار القضائى الصادر فى الدعوى المستعجلة لا يصلح إلا إقراراً غير قضائى فى دعوى الموضوع ( نقض فرنسى 11 مارس سنة 1950 البلتان المدنية 1950 – 1 – 52 فقرة 71 – أنسيكلوبيدى داللوز فى القانون المدنى Preuve فقرة 928 ) .
( [61] ) قارن بارتان فى تعليقه على أوبرى ورو 12 ص 111 هامش رقم 7 – انظر الموجز للمؤلف ص 684 هامش رقم 3 والأحكام المشار إليها فى هذا الهامش – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن إقرار خصم فى قضية وضع اليد لا يعتبر إقراراً قضائياً فى قضية الملك ( 7 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 279 ص 538 ) – وقضت محكمة قنا الكلية بأنه إذا أقر شخص بأمر فى دعوى تعزيزاً لحجته فلا يصح التمسك بإقراره فى دعوى أخرى متعلقة بذلك الأمر ، ولا يمكن اعتبار إقراره أكثر من قرينة غير قاطعة تقبل إثبات ما ينقضها ( 17 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 13 رقم 88 ص 200 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا احتج فى الدعوى بإقرار صدر فى دعوى أخرى من أحد الخصمين فى خصوص الحق المدعى به فلم تأخذ المحكمة به ، فلا يصح أن ينعى عليها أنها لم تعتبره إقراراً قضائياً ما دام هو – فضلاً عن صدوره فى دعوى أخرى – قد صدر من طرف واحد ولم يصادف قبولاً ( كذا ) من الطرف الآخر ( نقض مدنى 5 نوفمبر سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 81 ص 221 ) . وقد رأينا أن القول – خلافاً لما ذهبت إليه محكمة النقض – ليس ضرورياً لقيام الإقرار . وقد قضت محكمة المنيا الكلية بأن مجرد إعلان المذكرة من خصم لآخر يكسب هذا الآخر حقاً ، والقول بأن هذا الخصم لا يتمسك بالاعتراف الوارد بها مردود بأنه لا يشترط قبول الخصم للاعتراف حتى تكون له قوة قانونية إذ له قوة فى الإثبات بمجرد حصوله ( المنيا الكلية 20 يناير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 371 ص 747 ) – أما إذا كان الإقرار الصادر فى إحدى الدعاوى هو فى حقيقته قبول لإيجاب ، فإن هذا القبول يسرى فى أية دوى أخرى . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه متى كان يبين من الصور الرسمية لمحضر جلسة دعوى الطرد المقامة من الطاعن قبل المطعون عليه أن ما صدر من هذا الأخير لم يكن إقراراً عن وقاعة متنازع فيها ، بل كان قبولاً منه لإيجاب من الطاعن انعقد به الاتفاق فعلاً بين الطرفين على تحديد إيجار الفدان بمبلغ معين فنزل الطاعن عن دعوى الطرد ، وكانت المحكمة إذ لم تعمل أثر هذا الاتفاق فى دعوى المطالبة بالأجرة أقامت قضاءها على أنه إقرار صادر فى دعوى أخرى ولا يصح التمسك به فى الدعوى الحالية ، فإنها تكون قد خالفت القانون ( نقض مدنى 21 نوفمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 22 ص 170 ) .
( [62] ) وقد أصبحت قواعد الاختصاص الموضوعى فى تقنين المرافعات المختلط ولم تكن من النظام العام فى تقنين المرافعات الأهلى السابق ( انظر الموجز للمؤلف ص 684 ) .
المصدر: محامي في الأردن