الفسخ بحكم الاتفاق
480 – النصوص القانونية : نصت المادة 158 من القانون المدني الجديد على ما يأتي :
” يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، وهذا الاتفاق لا يعفي من الأعذار ، إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه ( [1] ) ” . ولا يقابل هذا النص في القانون القديم إلا نص ورد في عقد البيع ، هو المادتان 334 / 416 ، جرتا على النحو الآتي :
” إذا اشترط فسخ البيع عند عدم دفع الثمن ، فليس للمحكمة في هذه الحالة أن تعطي ميعاداً للمشتري ، بل ينفسخ البيع إذا لم يدفع المشتري الثمن بعد التنبيه عليه بذلك تنبيهاً رسمياً ، إلا إذا اشترط في العقد أن البيع يكون مفسوخاً بدون احتياج إلى التنبيه الرسمي “
ولم يستحدث القانون الجديد في هذا الصدد شيئاً إلا أنه عمم القاعدة التي وردت في عقد البيع ، وهذا ما كان القضاء المصري يجري عليه من قبل دون حاجة إلى نص .
481 – متى يكون الاتفاق على الفسخ – التدرج في هذا الاتفاق : قد يتفق المتعاقدان على فسخ العقد عند إخلال أحد المتعاقدين بالتزامه . فإذا تم هذا الاتفاق بعد أن يخل المتعاقد بالتزامه فعلا – ويقع ذلك غالباً في ثنايا إجراءات التقاضي بأن يرفع الدائن دعوى الفسخ فيعلنه المدين بقبول الفسخ قبل صدور حكم في الدعوى – كان هذا بمثابة تقايل ذى اثر رجعي ( [2] ) . ويحل الاتفاق في هذه الحالة محل الحكم وله أثره ، ما لم يكن هناك تواطؤ بين المتعاقدين للإضرار بحقوق الغير ( [3] ) . ولكن الغالب في العمل أن المتعاقدين يتفقان على الفسخ مقدماً وقت صدور العقد .
وقد اظهر العمل أن المتعاقدين يتدرجان في اشتراط الفسخ وقت صدور العقد . فأدنى مراتب هذا الشرط هو الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً إذا لم يقم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزاماته ، وقد يزيدان في قوة هذا الشرط بأن يتفقا على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه . بل قد يتدرجان في القوة إلى حد الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم . ثم قد يصلان إلى الذروة فيتفقان على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم . ثم قد يصلان إلى الذروة فيتفقان على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إنذار أو دون حاجة إلى إنذار .
ونبحث الآن في حكم كل شرط من هذه الشروط ، مستهدين في ذلك بما جرى عليه القضاء في عهد القانون القديم ، إذ لم يغير القانون الجديد من ذلك شيئاً كما قدمنا .
482 – الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً : حكم هذا الشرط يتوقف على نية المتعاقدين . فقد يكونان أرادا به تحتيم الفسخ إذا اخل المدين بالتزامه ، فيتحتم على القاضي في هذه الحالة أن يحكم بالفسخ . ولكن هذا لا يغني عن رفع الدعوى بالفسخ ولا عن الإعذار ( [4] ) .
إلا أنه من الصعب استخلاص نية كهذه من مجرد ورود شرط على هذا النحو . والغالب أن المتعاقدين لا يريدان بمثل هذا الشرط إلا أن يقررا في ألفاظ صريحة القاعدة العامة المتعلقة بالفسخ لعدم التنفيذ . وعلى ذلك لا يغني الشرط عن الإعذار ، ولا عن الالتجاء للقضاء للحصول على حكم بالفسخ ، ولا يسلب القاضي سلطته التقديرية ، فلا يتحتم عليه الحكم بالفسخ ، وله أن يعطي للمدين مهلة لتنفيذ التزامه إذا وجد من الظروف ما يبرر ذلك . بل هو لا يسلب المدين حقه من توقى الفسخ بدفع الثمن إلى أن يصدر الحكم النهائي بالفسخ . وهذا هو ما قررته محكمة النقض في أحكامها الأخيرة . فقد قضت بان شرط الفسخ لا يعتبر صريحاً في معنى المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) إلا إذا كان يفيد انفساخ عقد البيع من تلقاء نفسه . أما إذا تعهد المشتري بأداء باقي ثمن المبيع في ميعاد عينه ، فإن لم يؤده في هذا الميعاد كان للبائع الحق في فسخ البعي ولو كان قد سجل ، فهذا ليس إلا ترديداً للشرط الفاسخ الضمني المنصوص عليه في المادة 332 من القانون المدني ( القديم ) ( [5] ) .
ويفسر هذا الشرط في اغلب الأحوال على أنه يسلب القاضي سلطته التقديرية ، فلا يستطيع إعطاء مهلة للمدين لتنفيذ التزامه ، ولا يملك إلا الحكم بلا فسخ . فيصبح الحكم بالفسخ محتماً كالحكم بالإبطال . ولكن الشرط لا يغني عن إعذار المدين ، ولا عن رفع الدعوى بالفسخ . ويكون الحكم منشئاً للفسخ لا مقرراً له ، كما هو الأمر في القاعدة العامة للفسخ .
ولا تعارض في هذه الحالة بين إعذار الدائن المدين وتكليفه بالتنفيذ ، وبين المطالبة بفسخ العقد بعد ذلك . فإن الإعذار لا يعتبر تنازلا عن المطالبة بفسخ العقد ، بل هو شرط واجب لرفع دعوى الفسخ . وهذا هو ما قررته محكمة النقض ، إذ قضت ” بأن المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) تقتضي أنه إذا اشترط فسخ البيع من تلقاء نفسه عند عدم دفع الثمن ، كان على القاضي إيقاع الفسخ على المشتري إذا لم يدفع الثمن بعد إعذاره بإنذار ، ما لم يعف البائع بمقتضى العقد من هذا الإعذار . ومفهوم هذا بلا شبهة أن البائع يجب عليه إذا اختار الفسخ أن يعذر المشتري بإنذاره أي يكلفه الوفاء ، فإذا لم يدفع كان البائع في حل من إعمال خيراه في الفسخ . وإذن فباطل زعم المشتري أن الإنذار الموجه إليه من البائع بوفاء التزاماته في مدى أسبوع وإلا عد العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه يجب اعتباره تنازلا من البائع عن خيار الفسخ ، فإن ذلك الإنذار واجب قانوناً لاستعمال الشرط الفاسخ الصريح ( [6] ) ” .
484 – الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم : وهذا الشرط معناه أن فسخ العقد يقع من تلقاء نفسه إذا اخل المدين بالتزامه . فلا حاجة لرفع دعوى بالفسخ ولا لحكم ينشيء فسخ العقد . وإنما ترفع الدعوى إذا نازع المدين في أعمال الشرط وادعى أنه قام بتنفيذ التزامه . فيقتصر القاضي في هذه الحالة على التحقق من أن المدين لم ينفذ التزامه . فإذا تحقق من ذلك حكم بالفسخ ، ولكن حكمه يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً له .
ولا يعفى الشرط من إعذار المدين . فإذا أراد الدائن إعمال الشرط ، وجب عليه تكليف المدين بالوفاءز فإذا لم يقم المدين بتنفذ التزامه بعد هذا الإعذار ، انفسخ العقد من تلقاء نفسه على النحو الذي بيناه فيما تقدم .
على أنه لا شيء يمنع الدائن من مطالبة المدين بتنفيذ العقد بدلا من فسخه ، فإن الفسخ لا يقع من تلقاء نفسه إلا إذا أراد الدائن ذلك ، ويبقى هذا بالخيار بين الفسخ والتنفيذ .
وتطبيقاً لما تقدم قضت محكمة مصر الكلية الوطنية بأن ” الاتفاق في عقد الإيجار علىان يفسخه تأخر المستأجر في دفع الأجرة ليس تعليقا للعقد على شرط فاسخ بكل معناه ، فإن النتيجة اللازمة لهذا التعليق هي أن يقع الفسخ بقوة القانون بمجرد التأخر في سداد الأجرة بغير خيار للدائن ، وقد يرغب الاستمرار في تنفذ العقد عيناً رغم التأخر في السداد ، وبذلك يكون فسخ العقد خاضعاً لمطل المستأجر ورغبته . إنما هو اتفاق مقصود به تحسين مركز المؤجر وتقوية ضمانه قبل المستأجر . فالفسخ هو حق له ، يجوز أن يتمسك به أو يتنازل عنه . وبذلك لا يقع الفسخ إلا إذا اختاره بالتنبيه على المستأجر بذلك ، إلا إذا اتفق على إعفائه من هذا التنبيه بنص صريح في العقد . وهذه الفكرة هي رجوع عن قاعدة الفسخ القضائي ، وهي قاعدة القانون الفرنسي المعروفة ، إلى قاعدة التشريع الألماني الذي يعلق فسخ العقد لا على قضاء القاضي ، بل على خيار الدائن وإعلان هذا الخيار للمدين ( [7] ) ” .
485 – الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم أو إنذار : وهذا هو أقصى ما يصل إليه اشتراط الفسخ من قوة . وفي هذه الحالة يكون العقد مفسوخاً بمجرد حلول ميعاد التنفيذ وعدم قيام المدين به دون حاجة إلى إعذار المدين ، ولا إلى حكم بالفسخ إلا ليقرر أعمال الشرط على النحو الذي بيناه فيما تقدم ، ويكون الحكم إذن مقرراً للفسخ لا منشئاً له ( [8] ) . وهذا هو الحكم أيضاً فيما إذا اتفق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى إنذار . والاتفاق على الإعفاء من شرط الإعذار يجب أن يكون صريحاً ، كما يقضي نص المادة 158 ، فلا يجوز أن يستخلص ضمناً من عبارات العقد لما ينطوي عليه من خطورة بالنسبة إلى المدين .
ويلاحظ هنا أيضاً أن الشرط لا يمنع الدائن من طلب تنفيذ العقد دون فسخه ، وإلا كان تحت رحمة المدين ، إذا شاء هذا جعل العقد مفسوخاً بامتناعه عن تنفيذ التزامه . ويترتب على ذلك أن العقد لا يعتبر مفسوخاً إلا إذا اظهر الدائن رغبته في ذلك ، ولا يقبل من المدين التمسك بالفسخ إذا كان الدائن لم يتمسك به ( [9] ) .
ومن ثم نرى أن هذا الشرط هو وسط بين الفسخ القضائي والانفساخ بحكم القانون . فهو أعلى من الفسخ القضائي – وكذلك أعلى من اشتراط أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه – في أن الحكم بالفسخ فيه ، إذا قامت حاجة لصدوره ، يكون مقرراً للفسخ لا منشئاً له . وهو أدنى من الانفساخ بحكم القانون في أن العقد لا ينفسخ فيه إلا إذا اظهر الدائن رغبته في ذلك .
وهذه المبادئ قررتها محكمة لانقض . فقد قضت بأنه ” إذا كان العقد مشروطاً فيه أنه إذا خالف المستأجر أي شرط من شروطه ، فللمؤجر اعتبار العقد مفسوخاً بمجرد حصول هذه المخالفة بدون احتياج إلى تنبيه رسمي أو تكليف بالوفاء ، وله الحق في تسلم العين المؤجرة بحكم يصدر من قاضي الأمور المستعجلة ، فهذا شرط فاسخ صريح يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ . ولا يبقى له في اعتبار الفسخ حاصلا فعلا إلا أن يتحقق من حصول المخالفة التي يترتب عليها . ولا يؤثر في مدلول هذا الشرط واثره القانونين أن يكون التمسك به من حق المؤجر وحده ، لأنه في الواقع موضوع لمصلحته هو دون المستأجر . والقول بأن نية المؤجر قد انصرفت عن الفسخ باقتصاره على طلب الأجرة في دعوى سابقة هو قول مردود ، لأن التنازل الضمني عن الحق لا يثبت بطريق الاستنتاج إلا من أفعال لا يشك في أنه قصد بها التنازل عنه . وليس في المطالب بالأجرة ما يدل على ذلك ، إذ لا تعارض بين التمسك بحق الفسخ والمطالبة بالأجرة التي يترتب الفسخ على التأخر في دفعها ( [10] ) ” .
486 – ما يترتب على الفسخ الاتفاقي من اثر : ذكرنا فيما تقدم أن نص المادة 160 هو نص عام يبين ما يترتب على الفسخ من اثر ، سواء كان الفسخ بحكم القاضي أو باتفاق المتعاقدين أو بمقتضى القانون .
فإذا فسخ العقد بحكم الاتفاق ، في أية صورة من الصور التي تقدم ذكرها ، سواء كان الفسخ بحكم منشيء أو بحكم مقرر أو بغير حكم أصلاً ، أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا استحال ذلك جاز الحكم بتعويض ( م 160 ) .
وينحل العقد باثر رجعي ، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير ، وذلك فيما عدا العقود الزمنية ، كل هذا على التفصيل الذي تقدم بيانه عند الكلام في اثر الفسخ بحكم القاضي .
( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 219 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقاً لولا بعض خلاف لفظي . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم المادة 162 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، ثم لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ بتعديل لفظي جعله مطابقاً للنص الوارد في القانون الجديد ، تحت رقم المادة 158 ، ثم مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 322 – ص 323 ) .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” أما الفسخ الاتفاقي فيفترض اتفاق المتعاقدين على وقوع الفسخ بحكم القانون دون حاجة إلى حكم قضائي عند التخلف عن الوفاء . ويفضي مثل هذا الاتفاق إلى حرمان العاقد من ضمانتين : ( ا ) فالعقد يفسخ حتما دون أن يكون لهذا العاقد ، بل ولا للقاضي ، خيار بين الفسخ والتنفيذ . ( ب ) ويقع الفسخ بحكم الاتفاق دون حاجة للتقاضي . على أن ذلك لا يقيل المدين من ضرورة الترافع إلى القضاء عند منازعة المدين في واقعة تنفيذ العقد . بيد أن مهمة القاضي تقتصر ، في هذه الحالة ، على التثبت من هذه الواقعة ، فإذا تحققت لديه صحتها أبقى على العقد ، وإلا قضى بالفسخ . على أن حرمان المدين من هاتين الضمانتين لا يسقط عنه ضمانة أخرى ، تتمثل في ضرورة الإعذار ، ما لم يتفق المتعاقدان صراحة على عدم لزوم هذا الإجراء أيضاً ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 328 ) .
( [2] ) استئناف مختلط في 13 نوفمبر سنة 1913 م 26 ص 23 .
( [3] ) استئناف مختلط في 18 يناير سنة 1919 م 31 ص 126 – وهذه هي الدعوى البوليصية . أما إذا كسب الغير حقا عينيا قبل تسجيل دعوى الفسخ وكان حسن لانية ، فإن حقه يبقى نافذا قبل الدائن بالرغم من الفسخ حتى لو لم يكن هناك تواطؤ ، وقد تقدم بيان ذلك .
( [4] ) محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية في 16 مايو سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 29 – محكمة مصرالكلية الوطنية في 9 فبراير سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 58 – استئناف مختلط في 23 ابريل سنة 1924 م 36 ص 333 – وفي 27 يناير سنة 1931 جازيت 22 رقم 265 ص 931 – وقارن استئناف مختلط في 5 يناير سنة 1926 م 38 ص 159 .
( [5] ) نقض مدني في 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 25 ص 58 – وقضت محكمة النقض أيضاً بان الشرط الفاسخ لا يقتضي الفسخ حتما بمجرد حصول الإخلال بالالتزام إلا إذا كانت صيغته صريحة دالة على وجوب الفسخ حتما عند تحققه . ولما كانت عبارة الشرط الواردة في نهاية عقد الصلح ، ونصها ” إذا اخلت المشتريه بشروط هذه الصلح أو أحدها فيكون البيع لاغياً ” لا تفيد المعنى الذي يضهب إليه الطاعنان ، بل ما هي إلا ترديد للشرط الفاسخ الضمني المقرر بحكم لاقانون في العقود الملزمةلجانبين ( نقض مدني في 12 يناير سنة 1950 طعن رقم 82 سنة 18 قضائية لم ينشر – أنظر أيضاً محكمة الاستئناف الوطنية في 23 يناير سنة 1900 المجموعة 1 ص 83 – وفي 12 فبراير سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 126 / 1 – استئناف مختلط في 17 مايو سنة 1900 م 12 ص 262 ) .
( [6] ) نقض مدني في 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 – أنظر أيضاً محكمة استئناف مصر الوطنية في 12 فبراير سنة 1928 المجموعة الرسمية 29 رقم 126 / 1 – وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم – و استئناف مختلط في 28 يناير سنة 1891 م 3 ص 165 – وفي 6 يونية سنة 1901 م 13 ص 362 – وفي 20 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 11 .
( [7] ) محكمة مصر الكلية الوطنية في 30 يولية سنة 1932 المحاماة 13 رقم 95 ص 216 – أنظر أيضاً محكمة أسيوط الكلية في 15 فبراير سنة 1928 المحاماة 9 رقم 420 ص 669 – استئناف مختلط في 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 100 – وفي 20 نوفمبر سنة 1930 جازيت 22 رقم 241 ص 209 – وفي 20 مارس سنة 1935 م 47 ص 211 – وفي 18 مايو سنة 1937 م 49 ص 226 .
وقضت محكمة مصر الكلية الوطنية أيضاً بأن ” الحالة الوحيدة التي يجوز للطرفين فيها الاتفاق على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بإخلاء المستأجر عند تأخره في أداء الأجرة هي التي ينص فيها على أن هذا التأخر يفسخ العقد بغير حاجة لاستصدار حكم بذلك ، فبهذا النص يقع الفسخ بمجرد التأخر في سداد الأجرة ” ( المحاماة 13 رقم 300 ص 587 ) .
( [8] ) ولكن للمحكمة الرقابة التامة للتحقق من انطباق شرط الفسخ ووجوب أعماله . وقد استعملت محكمة الاستئناف المختلطة حق الرقابة هذا في قضية اشترط فيها الدائن أنه إذا امتنع المصرف من صرف ” الشيك ” المحول إليه ، كان العقد مفسوخاً حتما من تلقاء نفسه دون إنذار ، فامتنع المصرف من صرف ” الشيك ” لبعض إجراءات شكلية ، وقد ثبت أن مقابل الوفاء موجود في المصرف وأن المدين عرض على الدائن أن يدفع له قيمة ” الشيك ” أو أن يعطيه ” شيك آخر ” ، فرفض الدائن وابى إلا اعتبار العقد مفسوخاً . وقد قضت المحكمة بأن الدائن متعنت في تقديره ، ,أن العقد لم يفسخ بل لا يزال قائماً ( 23 ديسمبر سنة 1920 م 33 ص 94 ) – وفي قضية أخرى اتفق الطرفان على مد الأجل بطريقة من شأنها أن تجعل الالتزام يتجدد ، فقضت المحكمة بأن هذا التجديد يبطل اثر شرط الفسخ الذي كان موجوداً في العقد الأول ، ولا يجوز لدائن التمسك به بعد أن تم التجديد ( استئناف مختلط في 20 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 11 ) – وفي قضية ثالثة قضت المحكمة بأنه إذا اشترط سقوط الأجل دون حاجة إلى حكم أو إنذار عند تأخر المدين في دفع قسط ، وقبل الدائن مع ذلك قبض أقساط تأخر فيها المدين عن الميعاد ، ثم تمسك فجأة بحقه في الفسخ عندما تأخر المدين عن ميعاد قسط ، فإن تساهله السابق يحمل على أنه غير متمسك بالشرط ، ولا يجوز له اعتبار العقد مفسوخاً ( استئناف مختلط في 28 مايو سنة 1942 م 54 ص 211 ) .
( [9] ) قارن في هذا الصدد ما قضت به محكمة استئناف مصر الوطنية من أنه ” إذا نص في عقد بيع أنه إذا تأخر المشتري عن دفع مبلغ كذا يعتبرعقد البيع لاغياً بدون حاجة إلى إنذار أو حكم قضائي ويصبح المبلغ المدفوع حقاً مكتسباً للبائع لا يرد بحال من الأحوال ، كان للمشتري الاستفادة من هذا النص واعتبار البيع لاغيا مثل ما للبائع سواء بسواء ( 27 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 4 رقم 270 ص 329 ) . ولكن يلاحظ في هذه القضية أن المشتري قد دفع عربوناً للبائع ، فيحق له الرجوع في البيع ويصبح العربون حقاً مكتسباً للبائع .
( [10] ) نقض مدني في 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر رقم 192 ص 540 – أنظر أيضاً استئناف مصر الوطنية في 12 يناير سنة 1946 المحاماة 30 رقم 156 ص 163 – استئناف مختلط في 12 ابريل سنة 1877 المجموعة الرسمية للقضاء المختلط 2 ص 260 – وفي 13 مايو سنة 1886 بوريللي م 177 – وفي 6 يونية سنة 1901 م 13 ص 362 – وفي 20 نوفمبر سنة 1902 م 15 ص 10 – وفي 25 فبراير سنة 1904 م 16 ص 146 – وفي 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 250 – وفي 27 نوفمبر سنة 1919 جازيت 10 رقم 17 ص 20 – وفي 3 ديسمبر سنة 1925 م 38 ص 81 – وفي 20 مارس سنة 1935 م 47 ص 211 – وفي 29 يناير سنة 1936 م 48 ص 92 .
وقضت محكمة النقض أيضاً في هذا المعنى بأنه ” متى كان الطرفان قد اتفقا في عقد البيع على أن يقع الفسخ في حالة تأخر المشتري عن دفع باقي الثمن في الميعاد المتفق عليه بدون حاجة إلى تنبيه رسمي أو غير رسمي ، فإن العقد ينفسخ بمجرد التأخير عملا بالمادة 334 مدني ( قديم ) . ولا يلزم إذن أن يصدر بالفسخ حكم مستقل بناء على دعوى من البائع ، بل يجوز لمحكمة أن تقرر أنه حصل بالفعل بناء على دفع البائع أثناء نظر الدعوى المرفوعة من المشتري . ومتى وقع الفسخ بمقتضى شرط العقد فإن إيداع الثمن ليس من شأنه أن يعيد العقد بعد انفساخه ” ( نقض مدني في 13 مايو سنة 1934 مجموعة عمر 4 رقم 60 ص 157 ) .
هذا وليس من الضروري أن يوضع الشرط الذي نحن بصدده في الصيغة المتقدم ذكرها . بل إن أية صيغة تدل على هذا المعنى كافية ، ومن ذلك ما قضت به محكمة لانقض من أنه ” إذا كان العقد المحرر بين مدين ودائنه ( بنك التسليف ) ينص على أن المدين تعهد بأن يسدد إلى البنك مطلوبه على أقساط وبأن يقدم له عقاراً بصفة رهن تأميناً للسداد ، وعلى أن البنك تعهد من جانبه برفع الحجزين السابق توقيعهما منه على منقولات المدين وعقاراته متى تبين بعد حصول الرهن وقيده واستخراج الشهادات العقارية عدم وجود أي حق عيني مقدم عليه ، ثم فسرت المحكمة ذلك بأن قبول البنك تقسيط الدين متوقف على قيام المدين بتقديم التأمين العقاري بحيث إذا لم يقدم هذا التأمين بشروطه المنصوص عليها في العقد كان لابنك في حل من قبول التقسيط ، وتعرفت نية المدين في عقد تقديمه التأمين من خطاب صادر منه ، وبناء على ذلك قضت بعدم ارتباط البنك بالتقسيط وبأحقيته في الاستمرار في التنفيذ بدينه على المنقولات والعقارات دون أن يكون ملزماً بتكليف المدين رسمياً بالوفاء ، فإن هذا الحكم لا يكون قد خالف القانون في شيء ” ( نقض مدني في 21 ديسمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 17 ص 36 ) . وقضت أيضاً ” بان القانون لم يشترط الفاظا معينة للشرط الفاسخ الصريح في معنى المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) . وعلى ذلك فإذا ما اثبت الحكم أن طرفي عقد البيع قد اتفقا في العقد على أن يودع العقد لدى أمين حتى يوفى المشتري الثمن في الميعاد المتفق عليه . ونصا على أنه عند إخلال المشتري بشروط العقد يصرح الطرفان للمودع لديه باعدام هذا العقد ، ثم قرر الحكم أن المستفاد من ذلك أن نية المتعاقدين اتجهت عند تحرير هذا العقد إلى الشرط الفاسخ الصريح ، أي اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الإخلال بشروطه ، فإنه لا يكون قد مسخ مدلول نص العقد لأن عبارته تحتمل ما استخلصه الحكم منها ” ( نقض مدني في 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 ) .