الفقه الإسلامي بالإثراء بلا سبب
وأوسع ما يعترف به الفقه الإسلامي في ذلك هو دفع غير المستحق . والظاهر من نصوص الشريعة الإسلامية أنها تجعلها مصدراً للالتزام . فلو أن شخصاً ظن أن عليه ديناً ، فبان خلافه ، رجع بما أدى ( [1] ) .
744 – لا يعترف الفقه الإسلامي بالإثراء بلا سبب مصدراً للالتزام إلا في حدود هي أضيق بكثير من المدى الذي وصل إليه القانون الروماني والقوانين اللاتينية والحرمانية التي اشنقت منه .
ولا يعترف الفقه الإسلامي بعمل الفضولي مصدراً للالتزام ، ويعتبر الفضولي متبرعاً لا يرجع بشيء على رب العمل ( [2] ) .
أما الإثراء بلا سبب كقاعدة عامة فلا يعترف به الفقه الإسلامي . على أنه توجد حالات معينة يكون فيها الإثراء بلا سبب في هذا الفقه ملزماً للمثري على حساب الغير . ويكون ذلك عادة إذا كان الشخص الذي افتقر لم يكن له يد من ذلك ، كما لو بنى صاحب العلو السفل بدون إذن صاحبه أو إذن الحاكم ، فلا يكون متبرعاً ويرجع بقيمة البناء على صاحب السفل لأنه مضطر إلى البناء إذا رفع الأمر إلى الحاكم فالحاكم لا يجبر صاحب السفل على بناء سفله لعدم تعديله ( [3] ) .
ومن ثم نرى أن الإثراء بلا سبب ليس بمصدر للالتزام في الفقه الإسلامي إلا في حالات قليلة .
القانون الإنجليزي ( [4] ) .
745 – وإذا كن باب الإثراء بلا سبب ضيقاً في الفقه الإسلامي ، فهو يزيد اتساعاً في القانون الإنجليزي وفي هذا يتقارب الفقه الإسلامي والقانون الإنجليزي ، ويبعدان معاً عن القانون الروماني .
وأوسع ما يعترف به القانون الإنجليزي هو دفع غير المستحق ، شأنه في ذلك شأن الفقه الإسلامي فمن دفع مبلغاً من النقود إلى غير دائن ، معتقداً بحسن نية أنه يدفع للدائن ، يسترد في القانون الإنجليزي ما دفعه بشرط أن يكون الغلط في الواقع لا في القانون ( [5] ) .
وليس للفضولي في القانون الإنجليزي الحق في استرداد ما أنفقه من مصروفات إلا في حالات محددة ، منها حالة إنقاذ سفينة من الغرق وحالة الدائن المرتهن فيما يتحمله من النفقة لحفظ العين المرهونة ( [6] ) .
أما مبدأ الإثراء بلا سبب ذاته فلا يعترف به القانون الإنجليزي إلا في حالات خاصة ( [7] ) . القانون الفرنسي الحديث :
746 – المرحلة الأولي ( إنكار المبدأ العام ) :لم يحتو قانون نابليون نصاً يشتمل على قاعدة عامة للإثراء بلا سبب بل اقتصر هذا القانون على حالات متفرقة تناثرت هنا وهناك أبرزها الفضالة ، ودفع غير المستحق ، والمصروفات الضرورية والنافعة ، والبناء والغراس في ارض الغير .
ولما كان عهد الشراح على المتون ( L Ecole de iExegese ) هو الذي تلقى التقنين الفرنسي في أول مراحله ، وكان هؤلاء الشراح يلتزمون النصوص التشريعية ولا ينحرفون عنها ، فقد ترتب على انعدام نص يقرر القاعدة العامة أن مبدأ الإثراء بلا سبب أنكر وجوده إنكاراً تاماً في هذه المرحلة الأولي . واقتصر الفقه والقضاء في فرنسا على تطبيق هذه النصوص المتفرقة في حالاتها الخاصة ، دون أن يصلا فيما بينهما .
747 – المرحلة الثانية ( الفضالة الناقصة ) :ثم دخل القانون الفرنسي في مرحلة ثانية اعترف فيها القضاء بقاعدة الإثراء بلا سبب ، ولكن على أنها فرع من الفضالة الواردة في النصوص التشريعية ، ضرب من الفضالة الناقصة على النحو الذي قال به يوتييه فيما قدمناه . وبدأت محكمة النقض الفرنسية تقضى بقياس الإثراء بلا سبب على الفضالة ، وتعتبر أن الإثراء بلا سبب فضالة اختل ركن من أركانها ، وبخاصة ركن القصد في تولي شؤون الغير ( [8] ) .
748 – المرحلة الثالثة ( الاعتراف بالمبدأ العام منطوياً على قيدين ) :
ودخل القانون الفرنسي بعد ذلك في مرحلته الثالثة متأثراً بعاملين . العامل الأول زوال سلطان مدرسة الشرح على المتون ، وقد تحرر الفقه والقضاء من ربقة النصوص التشريعية ، وأمكن أن تصاغ المبادئ العامة دون حاجة لأن تستند إلى نصوص . والعامل الثاني أن نظرية الفضالة الناقصة ما لبثت أن ضاقت عن تطبيقات متنوعة لمبدأ الإثراء بلا سبب ، ولم يكن من الممكن إدخال هذه التطبيقات في حظيرة الفضالة ولو باعتبارها فضالة ناقصة . فكان لا بد من إذن من الاعتراف بقاعدة الإثراء بلا سبب مبدأ قائماً بذاته ، مستقلاً عن الفضالة كاملة كانت أو ناقصة .
وقاد هذه المرحلة الفقيهان المعروفان أوبرى ورو في كتابهما المشهور ، فاعتبرا أن قاعدة الإثراء بلا سبب تقوم بذاتها مبدأ مستقلاً عن الفضالة كمصدر للالتزام مبني على قواعد العدالة . وما ورد من نصوص تشريعية في القانون الفرنسي ليس إلا تطبيقات متنوعة لهذا المبدأ لم تذكر على سبيل الحصر ( [9] ) .
ما لبثت محكمة النقض الفرنسية في سنة 1982سارت وراء الفقهين العظيمين وقضت بقولهما ( [10] ) .
ويلاحظ في هذه المرحلة الثالثة أن قاعدة الإثراء بلا سبب ، إذا كانت قد استقرت قاعدة مستقلة عن الفضالة ، فإنها قد غلت بقيدين . أولهما أن دعوى الإثراء إنما هي دعوى احتياطية ( action subsidiaire ) لا يجوز الالتجاء إليها إلا إذا أعوزت السبل القانونية الأخرى بهذا قال الفقيهان أوبري ورو ، وتبعهما في ذلك الفقه والقضاء في فرنسا والقيد الثاني أن الإثراء يشترط فيه أن يكون قائماً وقت رفع الدعوى . ورد ذلك صراحة فيما قاله أوبري ورو ، وسبقها إليه بوتييه فيما نقلناه عنه ، وتبعهم في ذلك الفقه والقضاء الفرنسيان حتى اليوم .
ولا يزال القانون الفرنسي يعالج الدخول في مرحلة رابعة يتخلص فيها من هذين القيدين ، ويحرر القاعدة من جميع القيود التي تعطل من إطلاقها وشمولها .
القانون المصري :
749 – التقنين المصري القديم :لم يرد التقنين المدني القديم نص يقرر القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب . ولكن ورد نص غامض ، حائز بين الإثراء بلا سبب والفضالة هو نص المادتين 144 / 205وقد جرى بما يأتي ” من فعل بالقصد شيئاً تترتب عليه منفعة لشخص آخر ، فيستحق على ذلك الشخص مقدار المصاريف التي صرفها والخسارات التي خسرها ، بشرط ألا تتجاوز تلك المصاريف والخسارات قيمة ما آل إلى ذلك الشخص من المنفعة ” . وورد إلى جانب هذا النص نصوص أخرى متفرقة في دفع غير المستحق وفي المصروفات الضرورية والنافعة وفي البناء والغراس في أرض الغير وفي غير ذلك تطبيقات خاصة لقاعدة الإثراء بلا سبب .
ويبدو أن المشروع المصري في التقنين القديم تأثر بما كان العمل يجري عليه في القانون الفرنسي وقت صدور التقنين المصري . فقد صدر التقنين المختلط في سنة 1875والتقنين الأهلي في سنة 1883 . وهذا هو الوقت الذي كان القانون الفرنسي يجتاز فيه مرحلته الثانية ، وكان يخلط في هذه المرحلة بين الفضالة والإثراء بلا سبب كما رأينا والنص المصري يحمل اثر هذا الخلط واضحاً . فهو في صدره يتحدث عن أركان الفضالة ، وفي عجزه يبين أحكام الإثراء بلا سبب ، فيخلط بين الإثنين خلطاً كان سبباً في اضطراب الفقه والقضاء في مصر مدة غير قصيرة .
ويجتاز القضاء المصري مرحلة أولي لا يميز فيها بين الفضالة والإثراء بلا سبب ، فيتكلم عن واحدة وهو تقصد الأخرى ( [11] ) .
ثم يدخل مرحلة ثانية يميز فيها بين القاعدتين ، ويبرز قاعدة الإثراء بلا سبب مستقلة عن القاعدة الفضالة ، لها قوام ذاتي وكيان مستقل ، وهو يقتفي في ذلك أثر القانون الفرنسي في مرحلته الثالثة على الوجه الذي أسلفناه . وتبدأ هذه المرحلة بحكم تصدره محكمة الاستئناف المختلطة في سنة 1899 ( [12] ) أي بعد دخول القانون الفرنسي في مرحلته الثالثة بوقت قصير ( [13] ) . ولكن القضاء المصري ، في هذه المرحلة الثانية ، يبقي حائزاً أمام النص الغامض المضطرب بين الفضالة والإثراء بلا سبب ( م 144 / 205 ) . وتفسر محكمة الاستئناف المختلطة النص على أنه يتمحض لتقرير قاعدة الإثراء بلا سبب ، وتكل أحكام الفضالة إلى قواعد العدالة والقانون الطبيعي ( [14] ) .
وفي المرحلة الثالثة ، وتبدأ بحكم تصدره محكمة الإسكندرية الكلية المختلطة في سنة 1917 ، لا تقتصر هذه المحكمة على التمييز بين الفضالة والإثراء بلا سبب ، بل هي ترد كل قاعدة إلى سندها القانون الصحيح ، فتقصر نص المادتين144 / 205على الفضالة ، وتستمد مبدأ الإثراء بلا سبب من قواعد العدالة والقانون الطبيعي ، فتصحح بذلك وضعاً بدأ مقلوباً ( [15] ) .
ويبقي الفقه والقضاء في مصر ، طوال هذه المرحلة الثالثة في ظل التقنين القديم ، يميزان بين القاعدتين ويردان كل قاعدة إلى أصلها ولكنهما يبقيان كذلك ، متأثرين دائماً بالقانون الفرنسي ، يقيدان من قاعدة الإثراء بلا سبب ، فيقولان مع الفقه والقضاء في فرنسا أن دعوى الإثراء دعوى احتياطية وإن الإثراء يجب أن يبقي قائماً وقت رفع الدعوى ( [16] ) . وإن كان جانب من الفقه نفي عن دعوى الإثراء الصفة الاحتياطية كما سنرى .
وكان لا بد من أن يصدر التقنين المدني الجديد حتى يدخل القانون المصري في مرحلته الرابعة التي يحرر فيها قاعدة الإثراء بلا سبب من هذين القيدين الآخيرين المختلفين عن أعقاب الماضي . وهذه المرحلة الرابعة التي وصل إليها التقنين المدني الجديد لا يزال القانون الفرنسي ، على ما رأينا ، يرده الإحجام عنها .
750 – التقنين المصري الجديد :خطا التقنين المصري الجديد كما ذكرنا إلى المرحلة الرابعة ، فابرز قاعدة الإثراء بلا سبب متميزة بالخصائص الآتية :
1 – جعلها قاعدة مستقلة قائمة بذاتها ، كمصدر من مصادر الالتزام .
2 – صحح الوضع الذي كان مقلوباً ، فيجعل الفضالة ودفع غير المستحق تطبيقين لمبدأ الإثراء بلا سبب . فهذا المبدأ هو الأصل . وهذان التطبيقان هما اللذان يتفرعان عنه . وقد رأينا أن مبدأ الإثراء بلا سبب كان قبلاً يتفرع عن الفضالة ، ويسمى بالفضالة الناقصة .
3 – حرر مبدأ الإثراء بلا سبب مما كان باقياً من قيود التقليدية ، فنفي عنه الصفة الاحتياطية ونص على أن الإثراء لا يشترط فيه أن يكون قائماً وقت رفع الدعوى .
وبذلك استكمل مبدأ الإثراء بلا سبب في ظل التقنين الجديد نموه ، وانفسحت أمامه سبل التطور . وسنرى تفصيل كل ذلك فيما يلي .
وليس التقنين الجديد بدعاً فيما استحدث ، فقد سبقه إلى السير في هذا الطريق كثير من التقنينات الحديثة ( [17] ) .
ونستعرض في فصلين متعاقبين ( أولاً ) القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب .
( ثانياً ) أبرز تطبيقين لهذه القاعدة :دفع غير المستحق والفضالة ( [18] ) .
الفصل الأول
القاعدة العامة :الإثراء بلا سبب ( [19] )
751 – النصوص :قدمنا أن القانون المصري القديم لم يشتمل على نص بورد قاعدة عامة للإثراء بلا سبب ، بل اقتصر على إيرادات نص مضطرب في الفضالة ، ونصوص أكثر عدداً في دفع غير مستحق ، وإشارات متفرقة إلى مبدأ الإثراء بلا سبب في مختلف نواحي القانون ( [20] ) .
أما القانون الجديد فقد بدأ بنصوص تقرر القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب ، ثم تناول بعد ذلك صورتين خاصتين لهذا المبدأ هما دفع غير المستحق والفضالة ( [21] ) .
والنص الجوهري الذي يقرر القاعدة العامة في القانون الجديد هو المادة 179 ، وقد جرت بما يأتي : ” كل شخص ، ولو غير مميز ، يثري دون سبب مشروع على حساب شخص آخر ، يلتزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ، ويبقي هذا الالتزام قائماً ولو زال الإثراء فيما بعد ( [22] ) ” .
التأصيل القانوني لقاعدة الإثراء بلا سبب :
752 – مذاهب مختلفة –استنادها إلى الفضالة ( الفضالة الناقصة ) :
كانت المحاولة الأولي لتأصيل قاعدة الإثراء بلا سبب تأصيلاً قانونياً هي ربطها بنظرية كانت الفضالة ، لا على أن الثانية فرع عن الأولي كما هو الواقع ، بل على أن الأولي هي التي تشتق من الثانية . فهي ضرب من الفضالة :فضالة ناقصة ، أو هي امتداد لقواعد الفضالة حيث تختل أركانها . فالفضولي يجب أن يقصد تدبير شؤون رب العمل دون أن يفرض عليه هذا التدخل . فإذا انعدم هذا القصد ، أو تولي الفضولي شؤون غيره رغم إرادته ، اختل ركن من أركان الفضالة وترتب على اختلال هذا الركن تعديل بعض الأحكام ، فالمفترض في هذه الحالة لا يسترد كالفضولي كل المصروفات الضرورية والنافعة بل يسترد أقل قيمتي إثراء الغير وافتقاره . والقانون بهذا الرأي هم المتخلفون من أصحاب مدرسة الشرح على المتون ، فقد ظلوا في حيرة كيف يقيمون قاعدة الإثراء بلا سبب على غير نص تشريعي ، ثم تلمسوا في الفضالة وهي قائمة على نصوص تشريعية سنداً تشريعياً ينسبون إليه القاعدة ، بعض أركان الفضالة وبعض أحكامها وأسموها الفضالة الناقصة . والقول بأن الإثراء على حساب الغير فضالة ناقصة من شأنه أن يشوه كلا من النظريتين . فهناك فرق بين جوهري بينهما إذا جاز معه أن تعتبر الفضالة في بعض نواحيها تطبيقاً لبعض أحكام الإثراء بلا سبب ، فهو فرق يمتع معه أن يكون مبدأ الإثراء بلا سبب هو الذي يدخل في حدود الفضالة . ذلك أن هذا المبدأ نزعته موضوعية لا ذاتية ، فلا عبرة فيه بالنية ، ويكفي أن يفتقر شخص فيثري شخص آخر على حسابه دون سبب قانوني حتى يرجع المفتقر على المثري بدعوى الإثراء . أما الفضالة فنزعتها ذاتية إلى حد كبير ، إذ أن أساسها هو قصد الفضولي أن يدبر شؤون رب العمل حيث تدعو الضرورة إلى ذلك . فما لم يوجد هذا القصد فلا فضالة . ومن ثم وجد الفرق في الحكم : يرجع الفضولي بكل ما صرف جزاء ما قصد إليه ، ويرجع المفتقر بأقل القيمتين إذ هو لم يقصد خدمة المثري . فالنظريتان مختلفتان إذن في هذا الأمر الجوهري . وإذا أريد أن تكون إحداهما تطبيقاً للأخرى ، فالأولي أن تكون نظرية الفضالة – في الأصل الذي يبنى عليه رجوع الفضولي لا في مدى هذا الرجوع – هي التطبيق لنظرية الإثراء بلا سبب .
753 – استنادها إلى العمل غير المشروع :
ومنذ دالت دولة الشراح على المتون ، ولم تعد قاعدة الإثراء بلا سبب في نظر الفقه تحتاج إلى نص تشريعي تستند إليه ، تحررت القاعدة من ربقة النصوص التشريعية ، ولكنها بقيت ترسف في أغلال التبعية . فلا بد أن يسندها الفقه إلى قاعدة قانونية أخرى معروفة تعيش في ظلها . فأسندت إلى قاعدة العمل غير المشروع . إما عن طريق المقابلة وإما عن طريق الجمع ما بين القاعدتين تحت لواء المسئولية التقصيرية .
فالذين يقابلون ما بين قاعدة العمل غير المشروع قاعدة الإثراء بلا سبب يقولون إن القاعدة في العمل غير المشروع هي أن كل من أضر الغير بخطأه يلتزم بالتعويض . كذلك القاعدة في الإثراء بلا سبب هي أن كل من أثرى على حساب الغير دون سبب يلتزم بالتعويض .
والذين يجمعون ما بين القاعدتين تحت فكرة العمل غير المشروع –وعلى رأسهم بلانيول – يعبرون عن المعنى المتقدم بأسلوب آخر ويقولون إن الإثراء على حساب الغير هو عمل غير مشروع . ذلك أن من أثري على حساب غيره لا يجوز له أن يستبقي هذا الإثراء وإلا ارتكب خطأ يكون مسئولاً عنه مسئولية تقصيرية .
وعيب هذا الرأي واضح . فإن مصدر التزام المثري دون سبب هو واقعة الإثراء . وهذه الواقعة لا يشترط فيها أن تقترن بخطأ من المثري ، ولا هي في ذاتها تعد خطأ من المثري ، حتى يمكن وصفها بأنها عمل غير مشروع وغير المشروع إنما هو النتيجة التي أدت إليها الواقعة ، لا الواقعة ذاتها .
754 – استنادها إلى قاعدة تحمل التبعة :
وقد ذهب إلى ذلك الأستاذان ريبير ( ripert ) وتيسير ( teisseire ) ( [23] ) . فعندهما أن نظرية الإثراء بلا سبب ما هي إلا وجه الآخر لنظرية تحمل التبعة . فهذه النظرية تقرر أن من كان نشاطه مصدراً لغرم تحمل تبعته . ونظرية الإثراء بلا سبب تقرر أن من كان نشاطه مصدراً لغنم جنى فائدته . فالمفتقر قد كان نشاطه – عملاً كان أو مالاً –مصدراً لنقل قيمة مادية إلى مال المثري ، فوجب أن يسترد هذه القيمة لأنها من خلقة إذ هي نتيجة نشاطه . والغنم المستحدث ( le profit cree ) ليس إلا الوجه الآخر للغرم المستحدث le risque cree ) ) ، وهذا الرأي تعوزه الدقة . إذا صح لترتب عليه أن كل شخص يثري من وراء نشاط الغير يرجع عليه الغير بكل ما أثرى ، وليس بأدنى القيمتين فحسب . ولأصح شرط الافتقار غير ضروري . وسنرى أن الافتقار والرجوع بأدني القيمتين هما من الأحكام الأساسية في قاعدة الإثراء بلا سبب ( [24] )
755 – قاعدة الإثراء بلا سبب لا تستتر إلى قاعدة أخرى ، بل هي قاعدة مستقلة تقوم بذاتها :
والواقع من الأمر أن قاعدة الإثراء بلا سبب هي قاعدة أصلية لا تتفرع عن غيرها . فهي مصدر مستقل من مصادر الالتزام ، وليست ملحقة بالفضالة ( بل الفضالة هي التي تلحق بها ) ، ولا بالعمل غير المشروع ، ولا يتحمل التبعة . وهي تتصل اتصالاً مباشراً بقواعد العدالة ، المصدر الأول لكل القواعد القانونية . أليس العدل يقضي بأن على حساب غيره دون حق يجب أن يعوض من افتقر؟ فلماذا تذهب في البحث عن سند للقاعدة إلى ما وراء هذا القانون الروماني ذاته ، وهو الذي أخذنا عنه القاعدة ، يجعل أساسها العدالة ( [25] ) ؟أليس العمل غير المشروع ، ونبحث عنه في الإثراء بلا سبب ، وكل من القاعدتين مرده العدالة ؟
وإذا سرنا في تحليل قاعدة الإثراء بلا سبب خطوة أبعد أمكن تأصيلها على الوجه الآتي :
الأصل أن مال الشخص لا ينتقل إلى شخص آخر إلا في حالتين اثنتين : إذا اتفق الشخصان على ذلك ، أو كان القانون هو الذي قضى بانتقال المال . فإذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت إعادته إلى صاحبه ، وهذه هي قاعدة الإثراء بلا سبب ( [26] )
وقد اقتضت هذه القاعدة العادلة ، على وضوحها ، وقتاً طويلاً حتى تكسب قواماً مستقلاً ويكون لها كيان ذاتي ، لأنها قاعدة بنيت رأساً على العدالة والداهية ، فلم تصقلها الصنعة القانونية . والقانون لا يهضم من قواعد العدالة إلا ما تدخلت فيه الصياغة ، فحولته من قواعد خلقية أو اجتماعية أو اقتصادية إلى قواعد قانونية تلتزمها الناس في التعامل . ولذلك وجب أن نسير في طريق الصياغة إلى مدي أبعد ، وان نكشف من هذه الناحية عن طبيعة هذا المصدر من مصادر الالتزام وعن مغايرته للمصادر الأخرى .
الواقعة التي ترتب الالتزام في ذمة المثري هي واقعة الإثراء على حساب الغير دون سبب وهي واقعة قانوني ( fait juridique ) لا عمل قانوني ( acte juridique ) Kومن ثم اختلف الإثراء عن العقد . وهي واقعة مشروعة لأن الإثراء لا يستلزم أن يقترن به خطأ من المثري كما قدمنا فقد يثري وهو حسن النية بل قد يثري دون علمه ، ومن ثم اختلف الإثراء عن العمل غير المشروع .
والإثراء واقعة تقوم على انتقال قيمة مالية من ذمة إلى أخرى دون أن يكون لهذا الانتقال سبب قانوني يرتكز عليه كمصدر له . وفي هذا أيضاً نرى أن الإثراء واقعة تختلف عن واقعة العقد وعن واقعة العمل غير المشروع .
فالإثراء بلا سبب يختلف إذن عن العقد وعن العمل المشروع من حيث طبيعته ومن حيث ما اشتمل عليه . ومن ثم فهو مصدر للالتزام مستقل قائم بذاته ، لا يستند إلى مصدر آخر ولا يتفرع عنه . وإنما يقوم رأساً على قواعد العدالة والمنطق القانوني ، كما يقوم العقد وكما يقوم العمل غير المشروع .
والتحليل على هذا الوجه يحدد أركان قاعدة الإثراء بلا سبب ويرسم أحكامها أما الأركان فهي أن يكون هناك إثراء في جانب ، يترتب عليه افتقار في جانب آخر ، دون أن يقوم سبب قانوني لهذا الإثراء .
وأما الأحكام فتتلخص في أن المثري يرد إلى المفتقر ما أثرى به الأول في حدود ما افتقر به الثاني .
ويبقي أن نعرض إلى تفاصيل هذه الأركان والأحكام
( [1] ) الأشباه والنظائر جزء أول ص 194 . وفي شرحه غمز عيون البصائر من دفع شيئاً ليس واجباً عليه فله استرداده إلا إذا دفعه على وجه الهبة . أنظر أيضاً في هذا المعنى م 202 وم 207 من كتاب مرشد الحيران .
( [2] ) يؤيد هذا ما ورد في مجمع الضمانات من النصوص الآتية : عمر دار امرأته لها بلا إذنها قال النسفي العمارة كلها لها ولا شيء عليها من النفقة فإنه متبرع ، وعلى هذا التفصيل عمارة كرم امرأته وسائر أملاكها ( ص 453 ) – المديون إذا اتفق على ولد رب الدين أو امرأته بغيره أمره لا يبرأ من الدين ولا يرجع بما أنفق على من أنفق عليه ( ص 449 ) – لو قضى دين غيره بغير أمره جاز ، فلو انتقض ذلك بوجه من الوجوه يعوض إلى ملك القاضي لأنه تطوع بقضاء الدين ، ولو قضى بأمره يعود إلى ملك من عليه الدين ، وعليه للقاضي مثلها ( ص 448 – ص 449 ) .
( [3] ) وفي جامع الفصولين زرع بينهما فغاب أحدهما وأنفق الآخر يكون متبرعاً بخلاف ذي العلو مع أن كلاً لا يصل إلى حقه إلا بالإنفاق . والفرق أن الأول مضطر لأن شريكه لو كان حاضراً يجبره القاضي على الإنفاق ولو غائباً يأمر القاضي الحاضر به ليرجع على الآخر ، فلما زال الاضطرار كان متبرعاً ، أما ذو العلو فمضطر في بناء السفل إذ القاضي لا يجبر صاحبه لو حاضراً فلا يأمر غيره لو غائباً ، والمضطر ليس بمتبرع ( شرح المجلة للأستاذ سليم باز ص 705 ) .
( [4] ) نظرية العقد للمؤلف فقرة 61 ص 61 – ص 62 .
( [5] ) أنظر كينر ( Kenner ) في شبه العقد ص 85 وما بعدها وص 139 وما بعدها .
( [6] ) أنظر جنكس ( jenks ) م 720 .
( [7] ) نذكر منها ما يأتي : 1 – إذا دفعت شركة التأمين مبلغ الخسارة المؤمن عليها فلها أن ترجع على المؤمن بالتعويض الذي أخذه من الغير عن هذه الخسارة 2 – إذا استولى أحد الشركاء في الشيوع على أكثر من نصيبه في غلة العين الشائعة التزم برد هذه الزيادة ؟ إذا لم يقم أحد المتعاقدين بما عليه من التزام فللآخر أن يفسخ العقد وأن يسترد النقود التي دفعها للطرف الأول أو أن يطلب تعويضاً عما قام به هو من الأعمال تنفيذاً للعقد . يراجع في ؟؟؟؟وما بعدها .
( [8] ) محكمة النقض الفرنسية في 18 يونية سنة 1872 داللوز 72 72 – 1 – 471 . وقد تلى هذا الحكم حكمان آخران طبقاً هما أيضاً دعوى الفضالة في حالات الإثراء بلا سبب : محكمة النقض الفرنسية في 15 يولية سنة 1873 داللوز 73 – 1 – 457 ، وفي 19 ديسمبر سنة 1877 داللوز 78 – 1 – 204 . وآخر حكم طبقت فيه محكمة النقض الفرنسية نظرية الفضالة الناقصة صدر في 16 يولية سنة 1890 داللوز 91 – 1 – 49 مع تعليق للأول . وأنظر في الفقه الفرنسي ديمولومب 31 فقرة 49 – لوران 20 فقرة 337 – لارو 5 ص 601 .
( [9] ) أنظر أوبري ورو ( Aubry et rau ) الطبعة الرابعة الجزء السادس ص 246 – ص 247 . وقد أحاط الفقيهان المبدأ ، بعد أن أكدا استقلاله ، بقيدين وردا فيما تنقله هنا من عبارات الفقيهين ذاتها :
” …… . il n’est permis de s’enrichir aux depens d’autrui dans tous les cas ou le patrimoine d’une personne se trouvant sans cause legitime enrichi au detriment de celui d’une autre personne, cello – ci ne jouirait, pour obtenir co qui lui apparient ou ce qui lui est du, d’aucune action naissant d’un contrat, d’un quasi – contrat, d’un delit, d’un quasi – delit,…… on doit … . s’attacher non au moment ou l’obligation de restitution a pris naissance, mais a celui de l’introduction de l’action de in rem verso………’
( [10] ) محكمة النقض الفرنسية في 15 يونية سنة 1892 داللوز 92 – 1 – 596 وانتهت هذه المحكمة في حكيم مشهورين لها ( في 12 مايو سنة 1914 سيريه 1918 – 1 – 11 وفي 2 مارس سنة 1915 داللوز 1920 – 1 – 102 ) بأن استعارت بعض الألفاظ التي استعملها الفقيهان أو يرى ورو . فقالت في حكمها الصادر في 12 مايو سنة 1914 ( سيريه 1918 – 1 – 211 ما يأتي :
” Attendu que l’action de in rem verso, fondee sur le principe d’equite qui defend de s’enrichir au detriment d’autrui, doit etre admis dans tous les cas ou le patrimoine d’une personne, se trouvant, sans cause legitime enrichi aux depens de celui d’une autre personne, celle – ci ne jouirait, pour obtenir ce qui lui est du, d’aucune action naissant d’un contrat, d’un quasi – contrat, d’un delit, ou d’un quasi – delit . ‘
ثم تعاقبت بعد ذلك أحكام محكمة النقض الفرنسية في هذا المعنى .
( [11] ) أنظر محكمة الاستئناف المختلطة في 4 ديسمبر سنة 1884 بوريللي م 205 رقم 1 – حكماً ثانياً في 17 مايو سنة 1888 المجموعة الرسمية المختلطة 13 ص 224 ( راجع ملاحظات على هذا الحكم في رسالة الدكتور ( Maravent ) المنشورة في مجلة مصر العصرية سنة 1949 عدد يناير – فبراير ص 30 ) – حكماً ثالثاً في 21 ديسمبر سنة 1892 م 5 ص 85 ( أنظر أيضاً في هذا الحكم رسالة الدكتور Maravent ص 31 – ص 32 ) – أنظر أيضاً محكمة الاستئناف الأهلية في 5 ديسمبر سنة 1901 الحقوق 18 ص 109 – وحكماً ثانياً في 20 مارس سنة 1919 المجموعة الرسمية 30 ص 281 .
( [12] ) محكمة الاستئناف المختلطة في 16 مارس 1899 م 11 ص 162 . وسبق هذا الحكم حكم آخر من المحكمة ذاتها في 13 فبراير سنة 1895 ( م 7 ص 122 ) رسم خصائص دعوى الإثراء بلا سبب في دقة وردها إلى سندها القانوني الصحيح ، أي إلى قواعد العدالة ، ولكن المحكمة سرعان ما عدلت عن هذا الموقف في حكمها الصادر في 16 مارس سنة 1899 وهو الحكم المشار إليه ، وسنرى بيان ذلك .
( [13] ) وقد رأينا أن القانون الفرنسي دخل في مرحلته الثالثة منذ سنة 1892 .
( [14] ) وقد صدر بعد هذا الحكم أحكام كثيرة من محكمة الاستئناف المختلطة تطبق صراحة مبدأ الإثراء بلا سبب : محكمة الاستئناف المختلطة في 17 مايو سنة 1900 م 12 ص 253 – حكماً ثانياً في 19 فبراير سنة 1903 م 15 ص 157 – حكماً ثالثاً في 4 أبريل سنة 1907 م 19 ص 201 – حكماً رابعاً في 23 أبريل سنة 1908 م 20 ص 192 – حكماً خامساً في 28 يناير سنة 1909 م 21 ص 139 – حكماً سادساً في 21 يناير سنة 1915 م 27 ص 133 – حكماً سابعاً في 22 يونية سنة 1916 م 28 ص 441 – حكماً ثامناً في 15 ديسمبر سنة 1926 جازيت 17 ص 53 – حكماً تاسعاً في 24 أبريل سنة 1928 م 40 ص 315 .
( [15] ) أنظر محكمة الإسكندرية الكلية المختلطة في 6 يناير سنة 1917 جازيت 7 ص 90 . وقد اضطرت هذه المحكمة بعد أن ردت الفضالة إلى المادة 205 من القانون المدني المختلط أن تعدل من أحكام هذا النص في تحديد آثار الفضالة ، حتى تجعل الفضولي يسترد المصروفات الضرورية والنافعة دون أن يقتصر على أدنى القيمتين كما ورد في النص .
( [16] ) محكمة الاستئناف الأهلية في 30 أبريل سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 140 – محكمة الاستئناف المختلطة في 13 يناير سنة 1931 م 43 ص 148 – حكم ثان في 28 مايو سنة 1931 م 43 ص 417 – حكم ثالث في أول ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 37 – حكم رابع في 14 يونية سنة 1933 جازيت 24 ص 393 . وأنظر في الفقه : والتون ص 190 – ص 191 – ذهني فقرة 705 وما بعدها – الموجز للمؤلف فقرة 394 ومع ذلك أنظر فقرة 391 – حشمت أبو ستيت فقرة 533 ( ويقرر في شيء من التردد أن الإثراء يجب أن يكون موجوداً وقت رفع الدعوى : فقرة 541 ) .
( [17] ) من ذلك التقنين الألماني ( م 812 ) والتقنين السويسري ( م 62 من قانون الالتزامات ) والتقنين البولوني ( م 123 ) والتقنين اللبناني ( م 140 ) والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 73 ) .
( [18] ) يوجد عدا ذلك في التقنين الجديد نصوص تشريعية وردت في حالات خاصة ، ويجب في هذه الحالات تطبيق النصوص كما وردت دون تطبيق القواعد العامة لدعوى الإثراء ، فإن هذه النصوص إنما هي دعوى الإثراء ذاتها محورة تحويراً يناسب كل حالة . من ذلك البناء والغراس في أرض الغير ( م 924 – 925 ) ، والبناء والغراس من الشفيع في العقار المشفوع ( م 946 ) والمصروفات الضرورية والنافعة ( م 980 ) . كما توجد نصوص هي تطبيقات محضة لمبدأ الإثراء بلا سبب فيطبق هذه المبدأ كما هو في الحالات اليت وردت فيها هذه النصوص ( من ذلك م 142 وم 160 وم 186 وم 196 وم 333 وم 688 فقرة 3 وم 897 ) .
( [19] ) المراجع : دي هانس الجزء الثاني – هالتون الجزء الأول – والتون الجزء الثاني – الدكتور عبد السلام ذهني بك في الالتزامات – الدكتور محمد وهيبة في الالتزامات – الدكتور محمد صالح في أصول – الموجز في الالتزامات للمؤلف – الدكتور أحمد حشمت أبو ستيت في نظرية الالتزام – بلانيول وإسمان الجزء السابع – ديموج الجزء الثالث – أوبري ورو الجزء التاسع . الرسائل : الدكتور محمود أبو عافية في التصرف القانوني المجرد – ستويسكو ( stolcesco ) باريس سنو 1904 – بوشيه ليكلير ( Bouhe – leclerc ) باريس سنة 1912 – سافاتبيه ( savatier ) بوانييه سنة 1916 – لويس لوكاس ( Louis Lucas ) ديجون سنة 1918 – موري ( Maury ) تولوز سنة 1920 – جيرونا ( Gerons ) باريس سنة 1925 ( في القانون الألماني ) – الموزتيتو ( Almosnino ) باريس سنة 1931 – موزوبي ( Mosoiu ) بارييس سنة 1932 – يبحثه ( Beguet ) الجزائر سنة 1945 – مارافان ( Maravent ) الرسالة المنشورة في مجلة مصر المصرية سنة 1949 عدد يناير وفبراير – فرانسوا جوريه ( Fr . Gore ) باريس سنة 1949 . المقالات : لوبير ( Loubers ) المجلة الانتقادية سنة 1912 – ريبير وتيسير ( Ripert et Tesseire ) المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1904 – رينار ( Rensrd ) المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1920 – رواست ( Rouast ) المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1922 – بيكار ( picard ) المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1922 . التعلقات :لآبيه ( Labbe ) سيريه 1890 – 1 – 1893 . 97 – 1 – 281 – بلانيول ( planiol ) داللوز 1891 – 1 – 49 – و 1892 – 1 – 161 – ساري ( sarrut ) داللوز 18921892 – 1 – 161 – فال ( wahl ) سيرية 1907 – 1 – 465 – ناكيه ( Naquet ) سيريه 1910 – 1 – 1918 . 425 – 1 – 313 – بوركار ( Bourcart ) سيريه 1911 – 1 – 313 – رواست ( Rouast ) داللوز 1923 – 2 – 17 .
( [20] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” أوجز التقنين الحالي ( القديم ) إيجازاً مخلاً في إيراد الأحكام الخاصة بنظرية الإثراء بلا سبب ، مع مالها من أهمية بالغة . فلم يورد بشأن القاعدة العامة في الفضالة إلا نصاً واحداً تعوزه الدقة ويسوده الغموض . وإذا كان رد غير المستحق قد شغل من نصوصه حيزاً أرحب ، فمن الملحوظ أن القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب لم تجد لها ، على النقيض من ذلك ، مكاناً في هذه النصوص ، اللهم إلا إشارات متناثرة في مختلف أجزاء التقنين ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 439 ) .
( [21] ) جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد أيضاً ما يأتي : ” وقد بدأ المشروع ( القانون الجديد ) بتقرير القاعدة العامة في الإثراء بلا سبب ، ثم تناول بعد ذلك صورتيه الغالبتين ، وهما رد غير المستحق والفضالة . وقد عزل المشروع أحكام الالتزام الطبيعي عن القواعد الخاصة برد غير المستحق رغم ما بينهما من تقارب ، وجعل الأولى مكانها بين النصوص المتعلقة بآثار الالتزام نزولا على ما يقتضيه المنطق ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 439 ) .
( [22] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 284 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” 1 – كل شخص ، لو كان غير مميز ، يثري دون سبب على حساب شخص آخر ، يلتزم بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ، على ألا يجاوز في ذلك القدر الذي أثري به . ويبق هذا الالتزام حتى لو زال الإثراء فيما بعد .
2 – فإذا تبرع المثري بما أثري به كان من صدر له التبرع مسئولا أيضاً عن التعويض ، ولكن بقدر ما أثري ” .
لجنة المراجعة : تليت المادة 248 من المشروع ، واقترح إدخال تعديلات لفظية وحذف الفقرة الثانية لعدم ضرورتها ، فأصبح النص النهائي ما يأتي : ” كل شخص ولو غير مميز يثري دون سبب على حساب آخر يلتزم في حدود ما أثري به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة . ويبقى هذا الالتزام قائماً حتى لو زال الإثراء فيما بعد ” . وأصبح رقم المادة 184 في المشروع النهائي . مجلس النواب : وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 184 .
لجنة مجلس الشيوخ : تليت المادة 184 ، فاقترحت إضافة كلمة ” مشروع ” إلى عبارة ” بدون سبب ” فوافقت اللجنة على ذلك . وأصبح رقم المادة 179 . مجلس الشيوخ :وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 440 – ص 443 ) .
( [23] ) أنظر المجلة الفصلية للقانون المدني سنة 1904 ص 727 .
( [24] ) وقد رجع الأستاذ ريبير ( Ripert ) عن هذا الرأي في كتابة ” القاعدة الأدبية ” ، وأسند مبدأ الإثراء بلا سبب رأساً إلى قواعد الأخلاق .
( [25] ) أنظر في هذا المعني محكمة الاستئناف المختلطة في 26 مايو سنة 1910 م 22 ص 338 – وحكماً ثانياً في 22 يونية سنة 1916 م 28 ص 441 – وحكماً ثالثاً في 15 ديسمبر سنة 1926 جازيت 17 رقم 42 ص 53 – وحكماً رابعاً في 24 أبريل سنة 1928 م 40 ص 315 .
( [26] ) يقرب من هذا الدكتور أبو عافية في رسالته ” التصرف القانون المجرد ” القاهرة سنة 1947 ص 190 – ص 192 .
نقلا عن محامي أردني