طرق الاثبات
1ـ ما هى طرق الاثبات (سلطة الخصوم وسلطة محكمة النقض فى شأنها)
58 ـ طرق الاثبات التى رسمها القانون واجراءاتها وقوو كل طريق منها : رسم القانون طرق افثبات المختلفة . وهو ستة : (1) الكتابة ecrit (2) الشهادة أو البينة temoignage (3) القرائن presomptions (4) الاقرار aveu (5) اليمين serment (6) المعاينة constatation .
ونبادر إلى استبعاد المعاينة من بين موضوعات القانون المدنى ، إذ هى لا تنطوى إلا على إجراءات اصطلح على جعلها كلها من مباحث قانون المرافعات ، سواء فى ذلك ما تعلق منها بانتقال المحكمة للمعاينة visite des lieux (م 185 ـ 188 مرافعات ) أو ما تعلق بالمعاينة الفنية التى يقوم بها الخبراء (expertise) ([1]) (م 225ـ $90 252 مرافعات ) . فتكون طرق الاثبات التى تعالج فى القانون المدنى هى الخمسة الأولى . وتعيين هذه الطرق وتحديد قيمة كل طريق منها من مسائل القانون المدنى ، أما الإجراءات التى رسمها القانون للسير فى كل طريق فمن مسائل قانون المرافعات ولا شأن لنا بها هنا .
والكتابة من أقوى طرق الإثبات ، ولها قوة مطلقة إذ يجوز أن تكون طريقاً لاثبات الوقائع القانونية والتصرفات القانونية دون تمييز كما سنرى ولم تكن لها هذه القوة قديماً ، بل كان المقام الأول للشهادة فى وقت لم تكن فيه الكتابة منتشرة بل كانت الغلبة للأمية ، فكان الاعتماد على الرواية دون القلم . هكذا كان الأمر فى الفقه الإسلامى وفى سائر الشرائع . ثم أخذت الكتابة تنتشر ، وساعد على ذلك اختراع الطباعة ، فعلت الكتابة على الشهادة وصار لها المقام الأول . ومن مزايا الكتابة أن يمكن إعدادها مقدماً للإثبات منذ نشوء الحق دون التربص إلى وقت المخاصمة فيه ، ولذلك سميت بالدليل المعد prevue preconstituee . وقد أوجبها القانون بوجه عام طريقاً للإثبات فى الأحوال التى يمكن فيها إعدادها مقدماً ، وهى الأحوال التى يكون فيها مصدر الحق تصرفاص قانونياً ، فان التصرف القانونى يسهل اعداد كتابة لإثباته من وقت صدوره . أما الواقعة القانونية ، وهى عمل مادى ، فقد لا يتيسر إعداد كتابة لإثباتها ، لذلك يجوز بوجه عام إثباتها بجميع طرق الإثبات لا بالكتابة وحدها . ومن مزايا الكتابة أيضاً أنها لا يتطرق إليها من عوامل الضعف ما يتطرق إلى الشهادة ، فالشهود يجوز عليهم الكذب ، وعوزهم الدقة على كل حال ، وتتعرض ذاكرتهم للنسيان . على أن الكتابة ، إذا خلت مما يلحق الشهادة من كذب$91 .أو اضطراب أو نسيان ، لا تخلو هى أيضاً من احتمال التزوير . وقد رسم قانون المرافعات إجراءات معينة للطعن فى الكتابة بالانكار أو بالتزوير (م253 ـ 291 مرافعات ) .
أما الشهادة أو البينة فقد كانت من أقوى الأدلة فى الماضى كما قدمنا ، ثم تزلت للأسباب التى بيناها إلى مكان أدنى . فهى طريق للإثبات ذو قوة محدودة ، إذ لا يجوز إثبات التصرفات القانونية بها إلا فى حالات استثنائية ، ولا يثبت بها إلا الوقائع القانونية لأنها أعمال مادية فجاز إثباتها بالبينة لموقع الضرورة ([2]) . وقد حاطها المشرع بضمانات عدة ، فرسم إجراءات دقيقة لسماع الشهود ( م189 ـ 224 مرافعات ) ، وفرض عقوبة على شهادة الزور ، وترك للقاضى التقدير الأعلى فى الأخذ بها إذا أقنعه أو فى اطراحها إذا هو لم يقتنع .
أما القرائن فهى طريق للإثبات غير مباشر ، لأن الخصم لا يثبت فيها الواقعة ذاتها محل النزاع بل واقعة أخرى متصلة بها يرى القانون أو القاضى أن فى إثباتها إثباتاً للواقعة الأولى ـ وهو الواقعة محل النزاع ـ إثباتاً غير مباشر . والقرائن قسمان : قرئان قانونية يقررها القانون بنص فيه ، وقرائن قضائية يستنبطها القاضى من وقائع الدعوى وظروفها وله حرية واسعة فى تقديرها . والقرائن القانونية إما أن تكون قرئان بسيطة تقبل إثبات العكس ، أو قرائن قاطعة لا يجوز إثبات عكسها ([3]) . أما القرائن القضائية فكلها قابلة لإثبات العكس . وإذا كانت $92 القرائن تنطوى فى كثير من الأحوال على وقائع مادية ملموسة لا يتطرق إليها الكذب أو الاضطراتب كما يتطرق إلى الشهادة ، إلا أنها تقوم على أساليب دقيقة من الاستنباط لا يؤمن فيها العثار . ومن ثم جعلت القرائن ، من حيث قوتها فى الاثبات ، بمنزلة الشهادة ذات قوة محدودة ، ولايجوز قبولها إلا حيث تقبل الشهادة . ولم يرسم قانون المرافعات للقرائن إجراءات معينة ، فجميع الأحكام الخاصة بها أحكام موضوعية وهى متناثرة فى جميع نواحى القانون .
أما الاقرار فانه إذا صدر من الخصم على نفسه بحق لخصمه ، لا يكون فى الواقع من الآمر طريقاً لاثبات هذا الحق ، بل إعفاء من إثباته ، ونزولا من الخصم المقر عن حقف فى مطالبة خصمه باثبات ما يدعيه . ولما كان الاقرار نزوى عن حق المطالبة بالاثبات ، فهو من جهة يقبل فى الوقائع المادةي والتصرفات القانونية على السواء ، وهو من جهة أخرى يكون حجة قاصرة على المقر دون غيره ، فهو وحده الذى نزل عن حق المطالبة بالاثبات ، وقد يكذب فى إقراره فيقر بشئ فى حق نفسه تخلصاً مما هو أشد أو إلحاقاً للضرر بغيره . وقد رسم قانون المرافعات إجراءات خاصة تمهد للإقرار ، هى إجراءات استجواب الخصوم .
$93 (interrogatoire) واستحضارهم شخصياً أمام القاضى (comparution persnnelle) ( م 166 ـ 174 مرافعات ) .
174 مرافعات) .
بقيت اليمن . ويمكن القول منها إنها طريق للإثبات من وجوه أربعة : إذا إذا حلفها من وجهت إليه فقد ثبت حقه بيمينه ، وإذا نكل دون أن يردها فقد ثبت حق خصمه بنكو له ، وإذا ردها إلى الخصم فحلف فقد ثبت حق الخصم بيمينه ، وإذا ردها إلى الخصم فلم يحلف فقد ثبت حقه بنكول خصمه . على أن الواقع من الأمر أن اليمين كالإقرار ليست طريقاً للإثبات ، لأن توجيه اليمين إلى الخصم أو ردها عليه إنما هو احتكام إلى ذمته ، فان حلف كان هذا تحملا للحق ، وإن نكل كان هذا بمثابة الإقرار . ومن ثم يقبل توجيه اليمين فى الوقائع المادية والتصرفات القانونية على السواء ، شأن اليمين فى ذلك شأن الإقرار . وقد رسم قانون المرافعات الإجراءات اللازمة فى تحليف اليمين (م 175 ـ 184 مرافعات ) .
ونرى مما تقدم أن القانون قد عين طرق الإثبات المختلفة ، وحدد لكل طريق قوته ، بمقتضى قواعد وضعها لذلك ([4]) . فهل تعتبر هذه القواعد من النظام العام لا سلطان للخصوم عليها ، أم هى قواعد قابلة للتعديل بالاتفاق فيما بين الخصوم ؟ هذا ما ننتقل الآن إليه .
$94 59 ـ الاتفاقات الخاصة بطريق الاثبات ([5]) : يذهب الفقه الفرنسى إلى القول ببطلان هذه الاتفاقات . وحجته فى ذلك أن طرق الاثبات تتعلق بحسن تنظيم القضاء والتعرف على خير السبل التى يهتدى بها القضاة إلى الحقائق ، ومن ثم تكون القواعد التى تعين هذه الطرق وتحدد قوة كل منها قواعد تتعلق بالنظام العام ، ولا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفتها ([6]) . بل يذهب فريق من الفقهاء فى فرنسا إلى بطلان الاتفاقات المعلقة بقواعد الاثبات كافة ، ليس فحسب القواعد المتعلقة بطرق الاثبات ، بل أيضاً القواعد المتعلقة بتحديد الواقعة المراد إثباتها وبتعيين من من الخصوم يحمل عبء الاثبات ([7]) ، وهى القواعد التى سبق أن قررنا أنها لا تتعلق بالنظام العام . ولكن القضاء الفرنسى يذهب إلى القول بصحة الاتفاقات الخاصة بطرق الاثبات كغيرها التى تتعلق بعبء الاثثبات وبالواقعة المراد إثباتها . ولا يستثنى من ذلك إلا الاتفاقات الخاصة بقواعد لا يختلف أحد فى أنها متعلقة بالنظام العام ، كالقواعد الخاصة باثبات الميلاد والوفاة والزواج وإثبات النسب والقوعد الخاصة بوجوب مناقشة الأدلة التى يقدمها الخصوم وبقوة الأوراق الرسمية ونحو ذلك ([8]) . وينهض لتوجيه الرأى الذى يذهب إليه القضاء الفرنسى اعتباران : أولهما أن الأصل فى موقف القاضى من الدعوى الحياد كما تقدم القول ، والخصمان هما اللذان يقفان موقفاً إيجابياً ، فلهما أن يسيرا على القواعد التى رسمها القانون للإثبات ، ولكن لا عليهما أن يخالفا هذه القواعد باتفاق بينهما إلى قواعد أخرى يريانها أقرب إلى أداء العدالة $95 ومحيص الحقائق ([9]) . والاعتبار الثانى أن إثبات الحق لا يزيد فى الخطر عن الحق ذاته ، وما دام صاحب الحق يستطيع النزول عنه ، فيكف لا يستطيع الاتفاق مع خصمه على طريق معين لاثبات هذا الحق !
ومن ثم فقد حكم القضاء الفرنسى بصحة الاتفاق الخاص بإثبات براءة ذمة الوكيل بطرق أيسر من تلك التى رسمها القانون فى القواعد العامة للإثبات وفى القواعد الخاصة بعقد الوكالة ([10]) . وحكم أيضاً بجواز الاتفاق على الاثبات بطريق أيسر مما قرره القانون : كالبينة بديلا من الكتابة ([11]) ، أو بطريق أصعب ([12]) ، أو بطريق لم يرسمه القانون ([13]) ، وهذا ما لم يكن هناك اعتبار واضح من النظام العام ([14]) .
أما فى مصر فيمكن القول بأن الفقه يذهب إلى أن أكثر قواعد الاثبات لا تعتبر من النظام العام . وكان القضاء ، فى ظل القانون القديم ، يميز بين الاتفاق على الاثبات بالكتابة حيث يبيح القانون الاثبات بالبينة ، وهذا اتفاق جائز مستساغ ، وبين الاتفاق على الاثبات بالبينة حيث يحتم القانون الاثبات بالكتابة ، وهذا كان القضاء يجيزه إذا تم بعد وقوع الخصومة ولا يجيزه إذا أبرم مقدماً قبل $96 وقوع الخصومة . وسنعود إلى هذه المسألة ببيان أوفى ([15]) .
والذى يعنيان هنا أن نبينه هو أنه يمكن القول إجمالا إن قواعد الاثبات ليست من النظام العام لما سبق ذكره من الاعتبارات التى سقناه فى توجيه القضاء الفرنسى . يوجد حقاً من هذه القواعد ما توحى طبيعته أنه من النظام العام ، كأن تكون الورقة الرسمية حجة على الناس كافة إلى أن يطعن فيها بالتزوير ، وكأن تكتون الورقة العرفية حجة على الغير فى تاريخها الثابت ، وكحجية القرائن القانونية القاطعة فى كثير من الأحوال . ولكن أكثر القواعد لا تعتبر من النظام العام ، فيصح الاتفاق على ما يخالفها . ومن ثم يجوز الاتفاق على نقل عبء الاثبات كما قدمنا . ويجوز الاتفاق أيضاً على ألا تكون للرسائل الموقع عليها ولا للرقيات ولا للدفاتر والأوراق المنزلية قوة الورقة العرفية من حيث الاثبات ( م396 و398 مدنى ) .ويجوز بوجه عام الاتفاق على عدم إعمال القرائن القانونية البسيطة وهى التى تقبل إثبات العكس . ويجوز أخيراً الاتفاق على أن يكون الاثبات بالكتابة حيث يجيز القانون الاثبات بالبينة، أو أن يكون الاثبات بالبينة حيث يحتم القانون الاثبات بالكتابة ([16]) ، وهذه هى المسألة التى سنتناولها ببيان واف عند الكلام فى قوة البينة والقرائن فى الاثبات .
$97 60 ـ سلطة محكمة النقض فيما يتعلق بطرق الاثبات : تعيين طرق الإثبات ، وبيان متى يجوز استعمال كل منها ، وتحديد قوة كل طريق من هذه الكرق ، هذه جميعها مسائل قانون تخضع لرقابة محكمة النقض . ولكن متى قبل القاضى طريق افثبات الذى رسمه القانون فى الوضع الذى أجازه فيه وجعل أنه قوته المحددة قانوناً ، فان تقدير مبلغ اقتناع القاضى بالدليل يعتبر من المسائل الموضوعية التى لا تعقيب لمحكمة النقض عليها ([17]) . وأخص ما يظهر ذلك فى قوة الإقناع التى تسمد من شهادة الشهود ، وفى القرائن القضائية التى يستنبطها القاضى من وقائع الدعوى وظروفها ، ما دام قاضى الموضوع قد بين فى حكمه الاعتبارات المعقولة التى أسس عليها الحكم ، ولم يعتمد واقعة بغير سند ، ولم يستخلص من الوقائع نتيجة غير مقبولة عقلا . فان بنى حكمه على واقعة لا سند لها ، أو استخلص نتيجة غير مقبولة عقلا ، كان حكمه معيباً وتعين تقضه ([18]) .
$98 ب ـ تقسيم طرق الاثبات ( تقسيمات خمسة )
61 ـ طرق مباشرة وطرق غير مباشرة : يمكن أن تنقسم طرق الإثبات إلى طرق مباشرة (preuves directes) وطرق غير مباشرة (preuves indirectes) .
فالطرق المباشرة هى التى تنصب دلالتها مباشرة على الواقعة المراد إثباتها . وهذه هى الكتابة والبينة . فالكتابة تسجل الواقعة المراد إثباتها بالذات ، سواء $99 كانت تصرفاً قانونياً كما هو الغالب أو كانت واقعة قانونية ، فتكون طريقاً مباشراً لإثبات هذه الواقعة . والشهود إذا انصبت شهادتهم على صحة الواقعة المراد إثباتها بالذات ، تصرفاً قانونياً كانت أو واقعة قانونية ، يثبتون هذه الواقعة بطريق مباشر . ويلاحظ أن المعاينة والخبرة طريقان مباشران للإثبات ، بل هما الطريقان اللذان يتصلان اتصالا مادياً مباشراً بالواقعة المراد إثباتها ، ولكنهما من مباحث قانون المرافعات كما قدمنا .
والطرق غير المباشرة هى التى لا تنصب دلالتها مباشرة على الواقعة المراد إثباتها ، ولكن تستخلص من طريق الاستنباط . وهذه هى القرائن وافقرار واليمين . أما القرائن فقد قدمنا أن الإثبات فيها لا ينصب على الواقعة المراد إثباتها بالذات ، بل على واقعة أخرى متصلة بها اتصالا وثيقاً ، بحيث يعتبر إثبات الواقعة الثانية ( الواقعة البديلة ) إثباتاً للواقعة الأولى (الواقعة الأصيلة) استنباطاً .ومن ثم تنطوى القرائن على استبدال (deplacement) محل آخر فى الإثبات بالمحل الأصلى . فهى إذن تثبت المحل الأصلى ـ أى الواقعة المراد إثباتها ـ بطريق غير مباشر . وكل من الإقرار واليمين لا يعتبر طريقاً مباشراً للإثبات ، فهو وإن تناول $100 . الواقعة المراد إثباتها بالذات ، إلا أن صحة هذه الواقعة لا تستخلص منه مباشرة بل عن طريق الاستنباط . فالإقرار لا يثبت صحة الواقعة المراد إثباتها مباشرة ، بل هو يعفى الخصم من إثباتها ، فتصبح ثابتة بطريق غير مباشر . وكذلك اليمين ، إذ هى احتكام إلى ذمة الخصم ، فان حلف لم يكن هذا معناه أن الواقعة التى حلف عليها هى صحيحة حتما ، بل تعتبر صحيحة نزولا على مقتضى الاحتكام ، وإن نكل كان نكوله بمثابة إقرار يعفى خصمه من الاثبات ، ففى حالة الحلف يكون خصمه قد أعفاه من الاثبات ، وفى حالة النكول يكون هو الذى أعفى خصمه ، وفى الحالتين تكون الواقعة المراد إثباتها قد ثبتت بطريق غير مباشر . ولما كان الإعفاء من الإثبات ، سواء فى الاقرار أو فى اليمين ، مقصوراً على الخصمين ، قان حجية الإقرار واليمين حجية قاصرة عليهما غير متعدية إلى الغير . أما حجية القرائن فهى حجية متعدية ([19]) .
62 ـ طرق مهيأة وطرق غير مهيأة : ويمكن أيضاً تقسيم طرق الإثبات إلى طرق مهيأة (preuves preconstituees) وطرق غير مهيأة (preuves casuelles) .
فالطرق المهيأة هى التى أعدها صاحب الشأن مقدماً لإثبات حقه فى حالة المنازعة فيه . والطرق المهيأة هى عادة الكتابة ، يعدها صاحب الشأن مقدماً لإثبات تصرف قانونى كعقد بيع ، أو لإثبات واقعة قانونية كميلاد أو موت أو ميراث . لذلك تسمى الكتابة فى هذه الحالة سنداً (acte) لأنها أعدت لتكون دليلا يستند إليه عند قيام النزاع .
والطرق غير المهيأة هى التى لا تهيأ مقدماً ، بل تتهيأ وقت قيام النزاع فى الحق المراد إثباته . وكل طرق الإثبات فيما عدا الكتابة تكون عادة طرقاً غير مهيأة . فالشهود لا تعد فى العادة إلا عند قيام النزاع . والقرائن لا تستخلص من وقائع القضية وظروفها إلا أما القاضى وهو ينظر الدعوى . وكذلك الإقرار واليمين ، لا يجديان إلا إذا كانا فى مجلس القضاء وقت نظر النزاع . أما الإقرار غير القضائى $101 فان ثبت بالكتابة كانت الكتابة فى هذه الحالة دليلا مهيأ ، وإن ثبت بالبينة فالعبرة بها وهى عادة دليل غير مهيأ ([20]) ، وغنى عن البيان أن المعاينة والخبرة دليلا لا يتهيئان إلا بعد قيام النزاع ونظر الدعوى أمام القضاء .
على أن الدليل المهيأ قد يصبح دليلا مهيأ إذا أعده صاحب الشأن مقدماً ، وذلك كالبينة فقد يعد صاحب الحق مقدماً شهوداً على حقه وقت نشوئه ليهيء الدليل على هذا الحق إذا توزع فيه . وكذلك الدليل المهيأ قد يصبح دليلا غير مهيأ إذا لم يعد فى الأصل ليكون دليلا للاثبات ، وذلك كدفاتر التجار فهى قد أعدت أصلا لضبط معاملات التجار ولكن قد تستخدم عرضاً كدليل للإثبات . ومن ثم لا تسمى الكتابة سنداً (acte) إلا إذا كانت دليلا مهيأ .
63 ـ طرق ذات حجية ملزمة وطرق ذات حجية غير ملزمة : ويمكن كذلك تقسيم طرق الاثبات إلى طرق حجيتها ملزمة وطرق حجيتها غير ملزمة .
فالطرق ذات الحجية الملزمة هى الطرق التى حدد القانون مبلغ حجيتها ولم يتركها لمحض تقدير القاضى . وهذه هى الكتابة والاقرار واليمين والقرائن القانونية . وبعض هذه الأدلة حجيتها قاطعة لا تقبل إثبات العكس ، وهى اليمين والقرائن القانونية القاطعة . وبعضها حجيتها غير قاطعة فتقب لإثبات العكس ، وهذه هى الكتابة إذ تقبل الانكار والطعن بالتزوير ، والاقرار إذ يجوز للمقر أن يثبت أن إقراره غير صحيح ، والقرائن القانونية البسيطة ، إذ يجوز دحضها باثبات ما يخالفها .
والطرق ذات الحجية غير الملزمة هى البينة والقرائن القضائية . وقد قدمنا أن حجية هذين الطريقين غير ملزمة للقاضى ، فهو حر فى تكوين مبلغ اقتناعه بشهادة وفى استنباط القرائن القضائية من وقائع الدعوى وظروفها ، ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فى ذلك ([21]) .
$102 64 ـ طرق أصلية وطرق تكميلية وطرق احتياطية : وتنقسم أيضاً طرق الاثبات إلى طرق أصلية وطرق تكميلية وطرق احتياطية .
فالطرق الأصيلة هى الدلة التى تقوم بذاتها دون أن تكون مكملة لأدلة موجودة . وهى قد تكون كافية وحدها ، كالكتابة وكالبينة والقرائن القضائية فى الوقائع القانونية وفى الصرفات القانونية التى لا تزيد قيمتها على عشرة جنيهات . وقد تكون غير كافية ولابد من استكمالها بطرق تكميلية ، كمبدأ الثبوت بالكتابة فهو طريق أصلى ولكنه غير كاف ولابد من استكماله بالبينة أو بالقرائن القضائية أو بهما معاً ([22]) .
والطرق التكميلية هى الأدلة التى لا تقوم بذاتها ، بل تكون مكملة لأدلة موجودة . وذلك كالبينة والقرائن القضائية واليمين المتممة ، فهذه يستكمل لها مبدأ الثبوت بالكتابة فى التصرفات القانونية التى تزيد قيمتها على عشرة جنيهات . ويلاحظ أن البينة والقرائن القضائية قد تكون طرقاً أصلية ، وذلك فى الوقائع القانونية وفى التصرفات القانونية التى لا تزيد قيمتها على عشرة جنيهات كما سلف القول ، وقد تكون طرقاً تكميلية ، وذلك فى التصرفات القانونية التى تزيد قيمتها على عشرة جنيهات عند وجود مبدأ ثبوت بالكتابة كما قدمنا . ويلاحظ أيضاً أن البينة والقرائن القضائية قد تكون أدلة بدلية لا تكميلية ، فتحل محل الكتابة لا تكملها ، وذلك فى حالة وجود مانع يحول دون الحصول على دليل كتابى أو يحول دون تقديمه بعد الحصول عليه . ويلاحظ أخيراً أن اليمين المتممة يستكمل بها لا مبدأ الثبوت بالكتابة فحسب ، بل أيضاً أى تدليل أصلى آخر يراه القاضى فى حاجة إلى استكمال كالبينة والقرائن القضائية فى الوقائع القانونية وفى التصرفات القانونية إذا لم تزد قميتها على عشرة جنيهات .
والطرق الاحتياطية هى الطرق التى يلجأ إليها الخصم عندما يعوزه أى طريق
$103 آخر . وهذه هى الإقرار واليمين الحاسمة . فاذا عدم الخصم الدليل على دعواه ، لم يقى أمامه إلا أن يلجأ إلى استجواب خصمه عساه يحصل على إقرار منه ، أو أن يوجه إليه اليمين الحاسمة وبذلك يحتكم إلى ضميره . والطرق الاحتياطية قد تسعف فى بعض الأحيان وهذا هو القليل النادر ، ولكنها فى الكثرة الغالبة من الأحوال تقضى على من لجأ إليها . ولذلك لا يلجأ إليها الخصم إلا فى الضرورة الصوى ، عندما تلجئه الحاجة الملحة إليها . وهى فى الواقع ليست طرقاً للإثبات ، بل طرقاً للاعفاء من الإثبات كما قدمنا ([23]) .
65 ـ طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة محدودة وطرق معفية من الاثبات : وتنقسم أخيراً طرق الإثبات إلى طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة محدودة وطرق معفية من الاثبات :
أما الطرق ذات القوة المطلقة فى الاثبات فهى الطرق التى تصلح لاثبات جميع الوقائع ، سواء كانت وقائع مادية أو تصرفات قانونية ، وأيا كانت قيمة الحق المراد إثباته . ولا يوجد من الطرق التى نعالجها ما هو ذو قوة مطلقة فى الاثبات على هذا النحو إلا الكتابة ، فهى تصلح لاثبات جميع الوقائـع المادية وجميع التصرفـات القانونية مهما بلغت قيمـة الحق ([24]) .
والطرق ذات القوة المحدودة فى الاثبات هى الطرق التى تصلح لاثبات بعض الوقائع القانونية دون بعض ، فهى إذن محدودة القوة . وهذه هى البينة والقرائن القضائية ، إذ هى لا تصلح لإثبات التصرفات القانونية إذا زادت قميتها على عشرة جنيهات إلا فى حالات استثنائية معينة . وكذلك اليمين المتممة طريق للإثبات ذات قوة محدودة فهى لا تصلح إلا لإتمام دليل ناقص .
$104 والطرق المعفية من الاثبات هى الاقرار واليمين الحاسمة والقرائن القانونية ، وقد تقدم بيان ذلك . ولما كانت هذه الطرق تعفى من الاثبات ، فهى تصلح للاعفاء من إثبات أية واقعة مادية أو أى تصرف قانونى مهما بلغت قيمته ، فهى من هذه الناحية ذات قوة مطلقة([25]) .
([1]) وتعيين الخبير من الرخص المخولة للقاضى ، فله أن يقدر ما إذا كان لازماً أو نغير لازم ، وله بعد أن يتم هذا التعيين أن يأخذ بتقرير الخبير أو ألا يأخذ به ( نقض مدنى 19 نوفمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 2 ص 6ـ19نوفمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 5 ص 14 ـ 10 مارس سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 42 ص 84 ـ 10 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 69 ص 139 ـ 12 مارس سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 335 ص 1047 ـ 29 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 139 ص 410 ـ 9 مارس سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 108 ص 820 ـ 18 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 138 ص 302 ـ 28 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 178 ص 503 ( الأخذ بالجزء غير الباطل من تقرير الخبير ) ـ أو لمارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 216 ص 581 ـ 31 مايو سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 263 ص 713 ـ 23 يناير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 146 ص 327 ـ 16 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 353 ص 684 ) . ولكن يجب تعيين خبير إذا أوجب القانون ذلك ( كما فعل تقنين المرافعات إذ قضت الفقرة الثانية من المادة 31 ، فى تقدير الدعوى المتعلقة بالعقار ، بأنه إذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة قدرت قيمته بحسب المستندات التى تقدم أو بواسطة خبير ) ، أو كان تعيين =
= الخبير هو الوسيلة الوحيدة للخصم فى إثبات مدعاه فعند ذلك لايجوز رفض تعيين الخبير بغير سبب مقبول ( نقض مدنى 5 يناير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 312 ص 1020). انظر أيضاص المادة 836 مدنى ونقضى بأن تندب المحكمة ، إن رأت وجهاً لذلك ، خبيراً لقسمة المال الشائع ، وفى الكثرة الغالبة من الأحوال يكون هناك وجبه لتعيين الخبير .
وتقارن الأساتذة بلانيول وريبير وبولانجيه بين الخبير والشاهد . فهما يتوافقان من حيث أن القاضى يعتمد على أقوال كل منهما فى تكوين اعتقاده . وهما يتفارقان من حيث إن الشاهد يخبر عن الماضى أما الخبير فيقرر عن الحاضر . والأول يقتصر على رواية خبر ، أما الثانى فيبدى رأياً فنياً يعين القاضى على البت فى الدعوى . فالخبير أقرب إلى أن يكون قاضياً من أن يكون شاهداً ( بلانيول وريبير وبولانيجه 2 ص 2254 ) .
([2]) ومع ذلك فقد يوجب القانون الإثبات بالكتابة فى بعض الوقائع المادية كما فعل فى إثبات البنوة (م 323 فقرة 2 و م 341 فقرة 3 مدنى فرنسى ) ، وقد يجيز الإثبات بالبينة فى مناسبة تصرف قانونى كالغلط والتدليس وافكراه إذا شاب عيب منها التصرف القانونى لأن هذه العيوب فى الواقع إلا وقائع مادية (بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2166 ) .
([3]) يرى أوبرى ورو أن الوقعة التى يعتبرها القانون ثابتة بفضل قرينة قانونية قاطعة لا تكون محلا للإثبات ، ومن ثم لا تكون القرائن القانونية القاطعة طريقاً للإثبات بالمعنى الصحيح . أما القرائن القانونية البسيطة ، وهى التى يجوز إثبات عكسها ، فلا تكون هى أيضاً طريقاً للإثبات ، بل هى طريق لنقل عبء الإثبات إلى الخصم الآخر ( أوبرى ورو 12 فقرة 749 ص 73 ) .
وقد قدمنا أن القرينة القانونية القاطعة توجب على الخصم إثبات واقعة متصلة بالواقعة محل النزاع ، فهناك إذن=
= واقعتان : واقعة أصيلة وهى الواقعة محل النزاع ، وواقعة بديلة وهى الواقعة الواجب على الخصم إثباتها ويكون فى هذا الإثبات إثبات للواقعة الأصيلة . ففيما يتعلق بالواقعة البديلة ، لا يكون فى القرينة القانونية القاطعة إعفاء من الإثبات ، بل هناك إثبات مباشر . أما فيما يتعلق بالواقعة الأصيلة ، فإن فى القرينة القانونية القاطعة إعفاء من الإثبات المباشر ، وتثبت الواقعة الأصيلة ثبوتا غير مباشر عن طريق إثبات الواقعة البديلة . ولا فرق ما بين القرينة القانونية القاطعة والقرينة القانونية البسيطة ، فى هذا الصدد ، إلا فى أن الإعفاء من الإثبات المباشر للواقعة الأصيلة فى القرينة البسيطة هو إعفاء مؤقت لا إعفاء نهائى كما فى القرينة اقاطعة . إذ أن القرينة البسيطة ينقلها عبء الإثبات إلى الخصم الآخر ، تفسح المجال لإعادة هذا العبء إلى الخصم الأول بعد أن كان قد أعفى من الإثبات ، وذلك إذا ما اضطلع الخصم الآخر بعبئه . أما بالنسبة إلى الواقعة البديلة فالقرينة القاطعة والقرينة البسيطة سواء : فى الاثنتين يعين إثبات الواقعة البديلة إثباتاً مباشراص .
ولما كانت العبرة فى الإثبات إنما تكون الإثبات الذى ينصب مباشرة على الواقعة الأصيلة ، فقد اعتبرنا هذا المعنى فى القرائن القانونية ، وآثرنا فى الترتيب الذى توخيناه أن نجعل هذه القرائن ، لا طريقاً للإثبات ، بل طريقاً للإعفاء من الإثبات ، إذ هى جمعيا تعفى من إثبات الواقعة الأصيلة إثباتاً مباشراص ، على وجه نهائى فى القرائن القاطعة وعلى وجه مؤقت فى القرائن البسيطة .
([4]) وللخصم أن يختار من طرق الإثبات ما يجيزه القانون . وهو إذا اختار طريقاً منها ، ولم يونافق فيه أو عدل عنه ، فله أن يلجأ إلى طريق آخر ، وذلك إلا فى اليمين فسنرى أن الالتجاء إلى هذا الطريق يعتبر نزوى عما عاه من الطرق . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز للخصم الذى رخص له فى إثبات حق متنازع فيه بطريق معين من طرق الإثبات أن يلجأ إلى طرق أخرى لإثبات حقه ، سواء أكان قد عجز عن الإثبات بالطريق الذى سبق الترخيص به أم كان قد عدل عن هذا الطريق بعدم المضى فيه . ومن ثم إذا كان كان المدعى فى دعوى الاستحقاق قد فقد حقه فى السير فى إجراءات التحقيق ، فلا يترتب على ذلك أنه يفقد حقه فى إثبات دعواه بطريق آخر ( استئناف مختلط 6 فبراير سنة 1919 م 31 ص 156 ) . وقضت أيضاً بأنه إبذا أقر اقاضى اتخذ طريق من طرق الإثبات ، فإن ذلك لا يمنع الخصم ، وكذلك لا يمنع القاضى ، من الالتجاء إلى طرق أخرى لإثبات أو نفى ما يدعيه الخصوم . وينبنى على ذلك أنه إذا لم يباشر الخبير المحاسب عمله بسبب عمله بسبب عدم إيداع الخصم الأمانة المقدرة ، فإن ذلك لا يمنع الخصم المقصر فى إيداع الأمانة من أن يستبدل بهذا الطريق طرقاً أخرى للإثبات . ويتعين على القاضى أن يبحث هذه الطرق ، غاضاً النظر عن الإجراء الذى سبق اتخاذه ولم يتم (استئناف مختلط 9 ديسمبر سنة 1931 م44 ص56 ) .
([5]) نظر فى هذه المسألة سسيوريانو (Sescioreano) فى الإتفاقات الخاصة بإثبات براءة ذمة المدين ، رسالة من باريس سنة ذ920 ـ ليبال (Le Balle) فى الاتفاقات الخاصة بطرق الإثبات فى القانون المدنى ، رسالة من باريس سنة 1923 ـ وسنعود إلى معالجة المسألة من ناحية جواز الاتفاق على الإثبات بالبينة حيث تجب الكتابة أو الاتفاق على الإثبات بالكتابة حيث تجوز البينة عند الكلام فى البينة والقرائن .
([6]) أنظر رسالة سسيوريانو (Sescioreano) المتقدم ذكرها ص 39 .
([7]) أنظر رسالة ليبال ) (Le Balle) المتقدم ذكرها ص 134 ـ بيدان وبرو 9 فرة 1153 ـ فقرة 1154 .
([8]) بيدان وبرو 9 فقرة 1153 .
([9]) أما إذا لم يكن هناك اتفاق خاص ، وخالف القاضى من تلقاء نفسه القواعد التى رسمها القانون فى الإثبات وسكت الخصم ولم يعترض ، فلا يعتبر ذلك اتفاقاً بينه وبين خصمه على مخالفة قواعد الإثبات ، بل نزولا بارادة منفردة عن حق الاعتراض ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 ص 856 هامش رقم 3 ) . وهذا بخلاف ما إذا تطوع أحد الخصمين لحمل عبء إثبات واقعة لم يكن عليه إثباتها وسكت الخصم الآخر ، فقد قدمنا أن هذا يكون بمثابة اتفاق ضمنى على تعديل قواعد عبء الإثبات .
([10]) نقض فرنسى 9 يناير سنة 1865 داللوز 65ـ1ـ160ـ سريه 65ـ1ـ63 حكم آخر فى 17 يولية سنة 1866 داللوز 67ـ1ـ67ـ سيريه 66ـ1ـ401 .
([11]) نقضى فرنسى أول يونيه سنة 1893 سيريه 93 ـ 1 ـ 283 ـ حكم ثان فى 22 فبراير سنة 1896 سيريه 97 ـ 1 327 ـ حكم ثالث فى 27 ديسمبر سنة 1921 سيريه 1922 ـ1 ـ 20 .
([12]) نقض فرنسى 8 أغسطس سنة 1904 سريه 1904 ـ 1 ـ 1 481 .
([13]) نقض فرنسى 20 مارس سنة 1876 سيريه 77 ـ 1 ـ 338 ـ حكم آخر فى 23 نوفمبر سنة 1891 سيريه 95 ـ 1 ـ 402 .
([14]) نقض فرنسى 13 نوفمبر سنة 1891 سيريه 95 ـ1 ـ 407 ـ بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 ـ فقرة 1429 ص 856 ـ ص *59 ـ بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2195 ـ بيدان وبرو 9 فقرة 1155 .
([15]) وقد قضى كذلك بأنه إذا اشترط المتعاقدان إبعاد اليمين بغير الحال ، فان الشرط ليس فيه ما يخالف النظام العام ، فهو جائز وقد يتردد بعض الناس فى الحلف بسبب العقيد الدينية أو تأنيب الضمير إذا ما ظهر له الحق بعد الحلف ( بنى مزار 27 فبراير سنة 1939 المحاماة 19 رقم 359 ص 882 ) . وقضى بأن الاتفاق فى سند المديونية على عدم أحقية المدين فى توجيه اليمين الحاسمة إلى دائنه عن اسداد اتفاق جائز قانوناً لعدم مخالفته للنظام العام والآداب ( أسيوط الكلية 14 أبريل سنة 1941 المحاماة 21 رقم 437 ص 1042 ) . وأنظر فى أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام ، إلا أن يكون الاتفاق على تعديلها قد جاء فى عقد إذعان حيث يكفل القانون حماية الطرف المذعن الدكتور عبد المنعم فرج الصدة ص 20 ـ ص 22 .
([16]) وقد كان التقنين المدنى القديم لا يجيز إثبات عقد الإيجار إلا بالكتابة ، وفى رأينا أنه كان يجوز الاتفاق على جواز الإثبات بالبينة . وتوجب المادة 658 من التقنين المدنى الجديد أن يحصل الاتفاق على الزيادة فى أجر المقاول بالكتابة إذا كان عقد المقاولة قد أبرم بأجر إجمالى على أساس تصميم متفق عليه ، وفى رأينا أن يجوز الاتفاق فى عقد المقاولة على أن يكون إثبات الاتفاق على زيادة أجر المقاول بالبينة دون الكتابة .
([17]) على أن هناك أدلة إذا تقدم بها الخصم ، ولم ينقضها خصمهباثبات العكس ، تصبح دون محيص مقنعة للقاضى ، وذلك كالأدلة الكتبابية وكشهادات الميلاد والوفاة وكالقرائن القانونية القاطعة وكالإقرار وكاليمين . أما ما عدا ذلك فالقاضى حر فى الأخذ به أو فى إطراحه وفقاً لما يقدر من ظروف الدعوى ووقائعها ( كولان وكابيتان ومورانديير 2 ص 720 ـ بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2194 ـ بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1426 ) .
([18]) وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن محكمة الموضوع هى صاحبة الحق فى تقيدر الدليل الجائز لها الأخذ به دون رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك ، ما دام الديل الذى تأخذ به مقبولاً قانوناً ، وما لم يكن للدليل حجية معينة حددها القانون ، وبشرط أن تبين فى حمها الاعتبارت المقبولة التى بنت عليها قضاءها ، فلا تعتمد واقعة بغير سند لها ، ولا تستخلص من الوقائع نتيجة غير مقبولة عقلا . فإذا بنى القاضى حكمه على واقعة استخلصها من مصرد لا وجود له ، أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته ، أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة منه ، كان هذا الحكم معيباص متعيناً نقضه : نقض مدنى 2 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 ـ 16 يونية سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 59 ص 132 ـ 3 نوفمب رسنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 67 ص 138 ـ 17 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 72 ص142 ـ 24 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 75 ص 145 تفسير الأحكام التى يستند إليها كتفسير سائر المستندات ) ـ أول ديسمبر سنة 1932 مجموع عمر 1 رقم 767 ص 146 ( كالحكم السابق) ـ 19 يناير سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 94 ص 170 ـ 27 أبريل سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 120 ص 206 ـ 7 ديسمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 151 ص 284 ( تفسير سند غامض على أنه ثمن قطن باعه المدعى بصفته وكيلا عن المدعى عليه وسلمه للموكل لا على أنه قرض وادب الأداء ) ـ 28 ديسمبر
( م 7 ـ الوسيط 2 ) سنة 1933 مجموعة عمر 1 رقم 157 ص 292 ـ أول مارس سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 168 ص 328 ـ 30 مايو سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 275 ص 815 ـ 5 يناير سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 312 ص 1020 ـ 21 مايو سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 365 ص 1118 ـ 9 يونية سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 128 ص 398 (تفسير الأحكام التى يستند إليها كتفسير سائر السندات ) ـ ـ 10 نوفمبر سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 143 ص 427 ـ 18 مايو سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 183 ص 560 ـ 22 فبراير سنة 1940 مجموعة عمر 33 رقم 3 ص 74 ـ 2 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 89 ص 266 (تفسير الأحكام التى يستند إليها كتفسير سائر السندات) ـ 27 مارس سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 111 ص 339 (جواز الاستناد إلى حكم شرعى غير نهائى) ـ ـ 16 أكتوبر سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 123 ص (جواز الأخذ ببعبض الشهادة تدون بعض ) ـ 29 يناير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 137 ص 409 ـ 24 ديسمبر سنة 1942 مجموعة عمر 4 رقم 9 ص 16 ( جواز الاستناد إلى أسباب حكم صادر فى خصومة أخرى ـ 18 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 27 ص 57 ـ 14 ديسمبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 169 ص 478 ( تقدير المحكمة الاستئنافية لشهادة الشهود على خلاف تقدير المحكمة الابتدائية جائز) ـ 8 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 219 ص 584 ( جواز أن يجعل للمركز الدينى لأحد الشهود وزنه ) ـ 10 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 22 ص 41 ـ 7 فبرير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 40 ص 101 ( جواز الأخذ ببعض الشهادة دون بعض ) ـ 28 مارس سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 56 ص 143 (جواز الأخذ بشهادة لم تأخذ بها محكمة جنائية) 10 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 98 ص 209 ( لا حاجة للرد على ما نظرته المحكمة من الدلة ) ـ 17 أكتوبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 100 ص 218 ( القاضى حر فى عدم الاطمئنان إلى شهادة الشاهد دون إبداء الأسباب ) ـ 28 نوفمبر مجموعة عمر 5 رقم 124 ص 279 ـ 24 أبريل سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 188 ص 406 ( عدم التقيد بالنتيجة التى يسفر عنها تنفيذ حكم التمهيدى) ـ 6 نوفمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 229 ص 477 ( جواز الاستناد إلى دفع رسوم الخفر وعوايد الملك قرينة مؤيدة لما شهد به الشهود على وضع اليد ) ـ 4 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 =
= رقم 25 ص 154 ( جواز اطراح بعض شهادة الشاهد ) ـ 11 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 28 ص 176 ( جواز اطراح بعض الأدلة اكتفاء بما اقتنعت به المحكمة من الأدلة التى اطمأنت إليها ) ـ 25 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 38 ص 233 ـ 5 مارس سنة 1953 مجموعة أحكا النقض 4 رقم 88 ص 575 ( جواز اطراح بعض شهادة الشاهد ) ـ 5 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 92 ص 596 ( جواز عدم إجابة الطالب إلى طلب التحقيق لإثبات علم المطعون عليه بملكية الطاعن للمبيع ما دامت المحكمة قد اقتنعت من الأوراق المقدمة بما ينفى هذا العلم ) ـ 19 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 104 ص 687 (كالحكم السابق) ـ 4 يونية سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 120 ص 842 (كالحكم السابق) ـ 4 يونية سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 175 ص 1108 (كالحكم السابق) . انظر أيضاً محكمة الاستئناف الأهلية 26 فبراير سنة 1922 المجموعة الرسمية سنة 25 رقم 77 .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز للمحكمة ، إذا رأت وجهاً لذلك ، أن تتخذ من الإجراءات والوقائع الثابتة فى قضية أخرى عناصر فى تكوين اعتقادها وذلك على سبيل الاستئناس ، من نحو يمين أديت ، أو إقرار صدر ، أو تحقيق أجرى ، أو مستندات قدمت ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1931 م 43 ص 136 ـ 26 يناير سنة 1932 م 44 ص 136 ـ 23 يناير سنة 1935 م 47 ص 129 ـ 27 يناير سنة 1937 م 49 ص 85) .
([19]) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1424 ـ بودرى وبارد 3 فقرة 2067 ص 429 ـ الدكتور سليمان مرقس فى أصول الإثبات ص 35 .
([20]) أوبرى ورو 12 فقرة 749 ص 95 ـ ص 96 والهوامش .
([21]) الدكتور سليمان مرقس فى الإثبات ص 35 . وغنى عن البيان أن المعاينة والخبرة دليلان حجيتهما غير ملزمة .
([22]) والمعاينة والخبرة دليلان أصليان ، قد يكتفى بهما القاضى ، يستكملهما بأدلة أخرى . أما القرائن القانونية ، فالقاطعة منهما أدلة أصلية كافية ، أو هى طرق تعفى من الإثبات إعفاء نهائياً ، ومن ثم فهى طرق تقوم بذاتها وتكفى وحدها . والقرائن القانونية غير القاطعة أدلة أصلية ولكنها غير كافية ، فهى تعفى من الإثبات إعفاء مؤقتاً إذ تقتصر على نقل عبء الإثبات إلى الخصم الآخر .
([23]) دي باج 3 ص 696 ـ ص 698 ـ أوبرى ورو 12 فقرة 749 ص 95 ـ ص 96 والهوامش .
([24]) وغنى عن البيان أن المعاينة والخبرة ـ وهما من مباحث قانون المرافعات كما قدمنا ـ قوتهما مطلقة فى الإثبات ، إذ يصلحان لإثبات جميع الوقائع المادية وجميع التصرفات القانونية ، أياً كانت القيمة .
([25]) دي باج 3 ص 696 ـ ص 698 .
نقلا عن محامي أردني