علاقة السببية بين الخطأ والضرر
454 – عب الإثبات : لا يكفي أن يكون هناك خطأ وضرر ، بل يجب أيضاً أن يكون الخطأ هو السبب في الضرر ، أي أن تكون هناك علاقة سببية ما بين الخطأ والضرر . فقد يكون هناك خطأ من المدين ، كما قد يكون هناك ضرر أصاب الدائن ، دون أن يكون ذلك الخطأ هو السبب في هذا الضرر . مثل ذلك أن يقود عامل النقل المركبة التي ينقل فيها بضائع الدائن بسرعة أكبر مما يجب ، ولكن البضائع كانت قابلة للكسر ولم يصفها صاحبها بحيث يأمن عليها من التلف حتى لو كان عامل النقل يسير بسرعة معتدلة ، فتتكسر البضائع ، فيكون الضرر الذي أصاب الدائن في هذه الحالة غير ناشيء من خطأ المدين بل من خطأ الدائن نفسه .
والمفروض أن علاقة السببية ما بين الخطأ والضرر قائمة ، فلا يكلف الدائن إثباتها . بل إن المدين هو الذي يكلف بنفي هذه العلاقة إذا ادعى إنها غير موجودة فعبء الإثبات يقع عليه لا على الدائن . والمدين لا يستطيع نفي علاقة السببية إلا بإثبات السبب الأجنبي ، وذلك بأن يثبت أن الضرر يرجع إلى قوة قاهرة أو حادث فجائي ، أو يرجع إلى خطأ الدائن ، أو يرجع إلى فعل الغير . والنص صريح في هذا المعنى . فقد قضت المادة 215 بأنه ” إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ( [1] ) .
455 – إحالة : يبين مما تقدم أن السببية ركن مستقل عن الخطأ ، وينعدم ركن السببية مع بقاء ركن الخطأ قائماً ، إذا كان الضرر لا يرجع إلى الخطأ ، بل يرجع كما قدمنا إلى سبب أجنبي . كذلك ينعدم ركن السببية حتى لو كان الخطأ هو السبب ولكنه لم يكن السبب المنتج ، أو كان السبب المنتج ، ولكنهن لم يكن السبب المباشر .
والكلام في السبب الأجنبي ، وفي السبب المنتج والسبب المباشر ، تشترك فيه المسئوليتان العقدية والتقصيرية . لذلك نرجئ بحث هذه المسائل حتى نعرض للمسئولية التقصيرية ، فنستوفى هناك بحثها تفصيلاً .
( [1] ) أنظر أيضاً المادة 1147 من القانون المدني الفرنسي .
نقلا عن محامي أردني