قوة الإثبات المحدودة للبينة والقرائن
188 – القاعدة العامة والاستثناءات : رأينا فيما تقدم أن للبينية والقرائن قوة مطلقة في إثبات الوقائع المادية والتصرفات القانونية التجارية . وتبقي ، بعد ذلك ، التصرفات القانونية المدنية . وهذه ليس للبينة والقرائن فيها إلا قوة إثبات محدودة وقد وضع القانون في ذلك قاعدة عامة ، ثم أورد عليها استثناءات معينة .
355 أما القاعدة فهي ذات شقين : ( أولا ) لا يجوز إثبات التصرفات القانونية المدنية ، إذا زادت قيمته علي عشرة جنيهات ، إلا بالكتابة . ( ثانياً ) وحتي إذا كان التصرف القانوني المدني لا تزيد قيمته علي شعرة جنيهات ، فإنه إذا كان ثابتا بالكتابة ، لم يجز إثبات ما يخالف هذه الكتابة أو ما يجاوزها إلا بالكتابة . ونري من ذلك أن هذه القاعدة العامة تضيق من نطاق الإثبات بالبينة والقرائن ، وتجعل قوة هذين الطريقين في الإثبات محدودة فلا يجوز أن تثبت بهما التصرفات المدنية التي تزيد قيمتها علي عشرة جنيهات ، بل وتلك التي لا تزيد قيمتها علي هذا المقدار إذا كانت مكتوبة ويراد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها ، وغني عن البيان أن هذا الميدان الذي استبعد فيه الإثبات بالبينة وبالقرائن ذو نطاق واسع ، فهو يستغرق الكثرة الغالبة من التصرفات المدنية التي تكون عادة محلا للتقاضي . ومن ثم كانت البينة والقرائن ذات قوة في الإثبات جد محدودة في ميدان التصرفات القانونية المدنية .
علي أن هذين الطريقين تعود لهما المطلقة في الإثبات في الاستثناء الذي أورده القانون علي القاعدة العامة التي أسلفناها . وهو استثناء له أيضا شقان : ( أولا ) يجوز مع ذلك الإثبات بالبينة وبالقرائن فيما زاد علي عشرة جنيهات أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها إذا كان هناك مبدأ ثبوت بالكتابة . ( ثانياً ) ويجوز أيضا الإثبات بالبينة وبالقرائن فيما زاد علي عشرة جنيهات أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها إذا وجد مانع من الحصول علي الكتابة أو من تقديمها بعد الحصول عليها . ونري من ذلك أن البينة والقرائن ، وقد كانت قوتهما محدودة في القاعدة العامة ، انطلقنا في الاستثناء ، وأصبح من الجائز إثبات جميع التصرفات المدنية بهما عند وجود مبدأ ثبوت بالكتابة أو عند قيام المانع ( [1] ) .
ونبحث الآن القاعدة العامة ثم الاستثناءات .
356 المبحث الأول
القاعدة العامة
189 – الأصل التاريخي لهذه القاعدة : نبتت هذه القاعدة في القانون الفرنسي القديم ، وقد كان هذا القانون كغيره من القوانين القديمة ( [2] ) ، يجعل البينة هي الأصل في الإثبات ، فيجوز إثبات أي التزام بها أيا كانت قيمته ( [3] ) .
وبقيت هذه الحال سائدة إلي أن انتشرت الكتابة ، وبدأ الناس يألفون تدوين عقودهم ومعاملاتهم . فصدر قانون في فبراير سنة 1566 ، سمي ” أمر مولان ” ( Ordonnance Moulins ) ، تقضي المادة 56 منه بوجوب تدوين المعاملات 357 التي تزيد قيمتها علي مائة جنيه فرنسي في ورقة رسمية أمام موثق العقود ، وذلك نظراً للشكوي التي ترددت من عيوب الإثبات بالشهادة . وهذه الورقة هي وحدها التي تكون دليلا للإثبات ، دون أن تقبل البينة فيما يجاوز هذا الدليل الكتابي ، أو فيما يدعي أنه اتفق عليه قبل كتابة الدليل أو في أثناء كتابته أو بعد الكتابة ( avant icelui lors et depuis ) ولا يخل هذا الحكم بجواز إثبات التعامل في ورقة عرفية . وبعد مائة عام من صدور هذا الأمر صدر أمر آخر يؤكده في سنة 1667 ، وهو قانون لويس الرابع عشر في الإصلاح القضائي ، ويقضي بوجوب تدوين المعاملات التي تزيد قيمتها علي مائة جنيه ، ولو كانت ودائع اختيارية ، في أوراق رسمية أو عرفية . ولا يقبل الإثبات بالبينة لما يخالف ما اشتملت عليه هذه الأوراق أو يجاوزه ، ولا لما يدعي أنه اتفق عليه قبل الكتابة أو في أثنائها أو بعدها ، ولو لم تجاوز القيمة مائة جنيه ، دون أن يخل ذلك بما قد جري العمل عليه أمام القضاة والقناصل في المسائل التجارية ( [4] ) .
وبقي هذا النص معمولا به في القانون الفرنسي القديم . ثم نقله التقنين المدني الفرنسي نقلا يكاد يكون حرفيا ، فنصت المادة 1341 من هذا التقنين علي أنه ” يجب إعداد ورقة رسمية أو عرفية لإثبات الأشياء التي تزيد قيمتها علي مائة وخمسين فرنكا ، ولو كانت ودائع اختيارية ولا تقبل البينة فيما يخالف أو يجاوز مشتملات هذه الأوراق ، أو فيما يدعي أنه وقع قبل كتابتها أو في أثناء الكتابة أو بعدها ، 358 ولو كانت القيمة تقل عن مائة وخمسين فرنكا . وهذا كله دون إخلال بأحكام قوانين التجارة ( [5] ) ” .
وقد جعل قانون نابليون نصاب البينة مائة وخمسين فرنكا ، وكانت في القانون الفرنسي القديم مائة جنيه وقيمتها كانت تبلغ نحوا من ألفين من الفرنكات . وقد نزل نصاب البينة إلي هذا المقدار نظراً لزيادة انتشار الكتابة كما قال جوبير ( jaubert ) في تقريره عن هذا النص( [6] ) .ثم نقصت قيمة الفرنك فصدر قانون أول أبريل سنة 1928 يرفع نصاب البينة إلي خمسمائة فرنك . ثم هبطت قيمة الفرنك بعد ذلك هبوطا جسيما ، فصدر قانون 21 فبراير سنة 1948 يرفع النصاب مرة أخري إلي خمسة آلاف من الفرنكات وفي مصر قرر نصاب البينة منذ التقنين المدني السابق بعشرة جنيهات . ولم يتغير هذا النصاب في التقنين الجديد ، وإن كانت قيمة العملة قد نزلت نزولا كبيراً ، للمعادلة ما بين هذا النزول الكبير وزيادة انتشار الكتابة .
ونري مما تقدم أن ” أمر مولان ” كان هو نقطة التحول عن البينة إلي الكتابة . وقد ذكر الأمر لهذا التحول سببين : ( أولهما ) ما تنطوي عليه الشهادة من خصر ، ليس فحسب من حيث فساد ذمة الشهود ، بل أيضا من حيث ضعف ذاكرتهم واحتمال تطرق السهو النسيان إليها . ( والثاني ) ما يستتبع السماح بالبينة في الإثبات من كثرة القضايا التي ترفعها الناس اعتمادا علي سهولة اصطياد الشهود وشرائهم عند الضرورة ، وما يترتب علي ذلك من ازدحام المحاكم بالقضايا وتراكم هذه القضايا وتعقدها وطول إجراءاتها . ويضيف ” بارتان ” سببا ثالثاً هو ما ينطوي 359 عليه التصرف القانوني من دقة تضييق بها الشهادة . فالشهود قد يستطيعون رواية مادية ، أما أن يرددوا عبارات تم بها التصرف القانوني ترديداً صادقا أمنيا بهذا ما ينوء به كاهل الكثرة الغالبة من الشهود ( [7] ) .
190 – هل تعتبر هذه القاعدة العامة بشقيها من النظام العام : بقي ، قبل الدخول في تفصيلات هذه القاعدة العامة ، أن نبين هل هي تعتبر 360 من النظام العام . فإنها إذا اعتبرت كذلك ، لم يجز الاتفاق علي أن يكون الإثبات بالكتابة فيما لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، ولا أن يكون الإثبات بالبينة فيما تزيد قيمته علي عشرة جنيهات أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها . ثم يكون للمحكمة أن تقضي بهذه الأحكام من تلقاء نفسها ، ولا تعتد بنزول الخصوم عنها ، ويجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض . ونبحث هذه المسألة الهامة في القانون الفرنسي ، ثم في القانون المصري .
القانون الفرنسي : الفقه والقضاء في فرنسا مختلفان فيما إذا كانت هذه القاعدة تعتبر من النظام العام . فالفقه الفرنسي يذهب إلي وجوب اعتبارها من النظام العام ( [8] ) . كما يبدو من الأسباب التي ذكرت في أمر مولان ( Moulins ) وهو أول سند تشريعي لهذه القاعدة . والفقه ، وهو يأخذ في شبه إجماع ( [9] ) . بهذا الرأي ، يستند إلي الحجتين الآتيتين : ( أولا ) أن القانون في تنظيمه طرق الإثبات إنما يبغي الوصول إلي خير الحلول لحسم النزاع ما بين الأفراد ، ومن ثم فهو يمس تنظيم القضاء نفسه ، وتنظيم القضاء يعتبر من النظام العام ( [10] ) . ( ثانياً ) أن 361 الاعتبار الأساسي الذي استند إليه المشرع في تحريم البينة إلا في حدود ضيقة هو أن السماح بها يفسح المجال للإكثار من رفع القضايا وازدحام المحاكم بها اعتماداً علي تصيد الشهود وشرائهم عند الاقتضاء ، وهذا الاعتبار تعتبر من النظام العام أنه بالنظام العام ( [11] ) . ويرتب الفقه الفرنسي علي أن القاعدة تعتبر من النظام العام أنه لا يجوز الاتفاق علي الإثبات بالبينة أو بالقرائن فيما تزيد قيمته علي النصاب ، أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها ولو لم تزيد قيمته علي النصاب . كذلك لا يجوز الاتفاق علي الإثبات بالكتابة فيما لا تزيد قيمته علي النصاب ( [12] ) . ويستوي في ذلك أن يكون الاتفاق ما بين الخصوم علي ما يخالف القاعدة واقعا قبل رفع النزاع إلي المحكمة أو بعد رفعة ، ففي الحالتين يكون الاتفاق باطلا لمخالفته للنظام العام ( [13] ) . وللقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه ، دون طلب من الخصوم بل بالرغم 362 من تنازلهم أو من اتفاقهم علي العكس ، بوجوب تطبيق الأحكام التي تقضي بها هذه القاعدة . وللخصوم أن يتمسكوا بهذا الأحكام ، ولو لأول مرة ، أمام محكمة النقض .
أما القضاء الفرنسي فيذهب ، في شبه إجماع كذلك ، إلي أن القاعدة وإن كانت تتعلق بالمصلحة العامة إلا أنها ليست من النظام العام ( [14] ) . وذلك للاعتبارين الآتيين : ( أولا ) أن الإثبات إنما يتناول حقوقا فردية للخصوم ، وللخصم أن ينزل عن حقه ، فيملك من باب أولي أن يتفق مع خصمه علي طريق إثباته ( [15] ) .( ثانياً ) أن موقف القاضي في الإثبات هو موقف الحياد التام ، والخصوم وحدهم هم الذين يقومون بالنشاط الإيجابي في الإثبات . فهلم إذا شاءوا أن يعينوا بالاتفاق فيما بينهم الطرق التي يثبتون بها حقوقهم دون تدخل من القاضي . ولا 363 بتدخل المشرع ، فيرسم طرق الإثبات ، إلا إذا لم يتفق الخصوم ، صراحة أو ضمنا ، علي شيء من ذلك ( [16] ) .
ويرتب القضاء الفرنسي علي أن القاعدة لا تعتبر من النظام العام عكس النتائج التي يرتبها الفقه الفرنسي علي أن القاعدة تعتبر من النظام العام . فيجوز الاتفاق علي الإثبات بالبينة أو بالقرائن فيما تزيد قيمته علي النصاب ، أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها ولو لم تزد قيمته علي النصاب ( [17] ) . ويجوز الاتفاق كذلك علي الإثبات بالكتابة فيما لا تزيد قيمته علي النصاب( [18] ) .ويستوي في هذا الجواز أن يكون الاتفاق واقعا قبل رفع النزاع إلي المحكمة أو بعدها ( [19] ) . وليس للقاضي أن يحكم من تلقاء نفسه بوجوب تطبيق الأحكام التي تقضي بها هذه القاعدة إذا نزل الخصوم عن التمسك بها صراحة أو ضمنا ، أو حتي إذا اقتصر الخصم علي عدم الاعتراض علي خصمه وهو يخالفها في إثبات ما يدعيه ( [20] ) . وليس للخصوم أن يتمسكوا بهذا الأحكام لأول مرة أمام محكمة النقض ( [21] ) .
364 القانون المصري : أما في مصر ، وفي عهد التقنين المدني السابق ، فقد كان الفقه والقضاء متفقين علي أن القواعد المتعلقة بطرق الإثبات ، إذا كانت تجيز البينة ، لا تعتبر من النظام العام ، فيجوز للطرفين أن يتفقا علي أن الإثبات لا يكون إلا بالكتابة حتي لو لم تزد قيمة الالتزام علي عشرة جنيهات ( [22] ) . 365 إذا كانت قواعد الإثبات تتطلب الكتابة : فقد كان هناك رأي يعتبر هذه القواعد من النظام العام ، فلا يجوز الاتفاق مقدما علي الإثبات بالبينة ، بل لا يجوز نزول أحد الطرفين عن حقه في الإثبات بالبينة حتي لو قبلها الخصمان( [23] ) . وكان هناك رأي ثان يميز بين الحالتين ، فلا يجيز الاتفاق مقدما علي جواز الإثبات بالبينة ، ولكنه يجيز تراضي الخصمين أثناء رفع الدعوي علي قبول البينة في الإثبات إذ يكون قد تبين لهما مدي النزاع وأهميته ( [24] ) . وكان 366 هناك رأي ثالث لا يعتبر هذه القواعد من النظام العام ، دون تمييز بين حالة وحالة ، فيجيز تراضي الخصمين علي قبول البينة أثناء رفع الدعوي ، بل ويجيز الاتفاق مقدما علي الإثبات بالبينة ، فعنده أن جميع القواعد المتعلقة بطرق الإثبات ، سواء كانت تحتم الكتابة في الإثبات أو تجيز الإثبات بالبينة ، ليست 367 من النظام العام ( [25] ) .
أما التقنين المدني الجديد فقد حسم ، فيما نري ، هذا الخلاف . فقد قضت الفقرة الأولي من المادة 400 من هذا التقنين بعدم جواز الإثبات بالبينة إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته علي عشرة جنيهات أو كان غير محدد القيمة ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك . فأجاز التقنين الجديد صراحة الاتفاق علي جواز الإثبات بالبينة في تصرف قانوني تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ( [26] ) ، 368 فبالأولي يجوز الاتفاق علي وجوب الإثبات بالكتابة في تصرف قانوني لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات( [27] ) . كما يجوز الاتفاق علي الإثبات بالبينة فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها . وم دام الاتفاق مقدما علي كل ذلك جائزاً ، فمن الجائز أيضا ، من باب أولي ، أن يتم الاتفاق علي كل ذلك بعد رفع النزاع . وقد يفهم مثل هذا الاتفاق دلالة من عدم اعتراض الخصم علي طريق الإثبات الذي لجأ إليه خصمه ، ومن مساهمته في هذا الطريق بمناقشته للشهود في التحقيق أو بطلبه استدعاء شهود للنفي أو بأي عمل آخر . ولا يجوز للقاضي من تلقاء نفسه رفض الإثبات بالبينة حيث يوجد القانون الإثبات بالكتابة ، من غير طلب من الخصوم . كما لا يجوز أن تثار المخالفة للقواعد المتعلقة بطرق الإثبات لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذا لم تكن أثيرت قبل ذلك أمام محكمة الموضوع . ويجوز ، أخيرا ، الاتفاق علي الإثبات بالبينة دون القرائن ، أو علي الإثبات بالقرائن جون البينة ، وذلك فيما تزيد قيمته علي عشرة جنيهات أو فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها ( [28] ) .
وننتقل الآن إلي القاعدة العامة في كل من شقيها .
369 المطلب الأول
لا تقبل البينة أو القرائن في تصرفات قانونية تزيد قيمتها علي عشرة جنيهات
191 – النصوص القانونية : تنص المادة 400 من التقنين المدني الجديد علي ما يأتي :
” 1 – في غير المواد التجارية ، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، أو كان غير محدد القيمة ، فلا تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك ” .
” 2 – ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف . ويجوز الإثبات بالبينة إذا كانت زيادة الالتزام علي عشرة جنيهات لم تأت إلا من ضم الفوائد والملقحات إلي الأصل ” .
” 3 – وإذا اشتملت الدعوي علي طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة ، جاز الإثبات بالبينة في كل طلب لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد علي هذه القيمة ، ولو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات من طبيعة واحدة . وكذلك الحكم في كل وفاء 370 لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ( [29] ) ” .
وتنص المادة 401 علي ما يأتي :
” لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات : “
” أ – . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ” .
” ب – إذا كان المطلوب هو الباقي أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ” .
” جـ – إذا طالب أحد الخصوم في الدعوي بما تزيد قيمته علي عشرة جنيها ، ثم عدل عن طلبه إلي ما لا يزيد علي هذه القيمة ( [30] ) .
371 وتقابل هذه النصوص المادتين 215 – 216 / 280 – 281 من التقنين المدني السابق ( [31] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخري : في قانون البينات السوري المواد 52 إلي 55 ، وفي التقنين المدني العراقي المواد 486 إلي 489 ، وفي تقنين أصول المحاكمات المدني اللبناني المواد 241 إلي 246 ، وفي التقنين الليبي المادتين 387 – 388 ( [32] ) . وتقابل في التقنين المدني الفرنسي 372 المواد 1341 – 1346 ( [33] ) .
ويخلص من نصوص التقنين المدني المصري أن التصرف القانوني لا يجوز إثباته بالبينة أو بالقرائن إلا إذا كانت قيمة الالتزام الناشيء عن هذا التصرف 373 لا يزيد علي عشرة جنيهات مصرية . فإن كانت القيمة تزيد علي عشرة جنيهات ، فلا يجوز الإثبات إلا بالكتابة ، إلا إذا وجد اتفاق أو نص في القانون يجيز الإثبات بالبينة أو بالقرائن . أما الاتفاق ، فقد قدمنا أن القاعدة ليست من النظام العام ، فيجوز الاتفاق علي أن يكون الإثبات بالبينة أو بالقرائن فيما يزيد علي عشرة جنيهات ، كما يجوز الاتفاق علي أن يكون الإثبات بالكتابة فيما لا يجاوز عشرة جنيهات . وأما النص ، فهناك نصوص قانوني تجيز الإثبات بالبينة وبالقرائن فيما يزيد علي عشرة جنيهات ، كما إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة أو وجد مانع من الحصول علي الكتابة أو من تقديمها بعد الحصول عليها وسنري تفصيل ذلك . كما توجد نصوص توجب الإثبات بالكتابة فيما لا يجاوز عشرة جنيهات ، من ذلك عقد الصلح ( م 552 مدني ) وعقد الكفالة ( م 773 ) وعقد إنشاء ملكية الأسرة ( م 851 مدني ) واتفاق التحكيم ( م 821 مرافعات ) والشركات التجارية ( م 40 و 46 تجاري ) وشروط استخدام قبودان السفينة وضباطها وملاحيها ( م 65 بحري ) وعقد إيجار السفينة ( م 90 بحري ) وعقد التأمين البحري ( م 174 بحري ) ( [34] ) . فإذا لم يوجد اتفاق أو نص ، فالقاعدة هي 374 ما قدمنا ( [35] ) . ويقتضي الأمر إذن أن نبحث مسألتين : ( أ ) كيف نحدد التصرفات القانونية المدنية التي تسري عليها هذه القاعدة . ( ب ) كيف نحدد قيمة الالتزامات شئة عن هذه التصرفات لنري هل تزيد علي عشرة جنيهات أو لا تزيد عليها .
1 – تحديد التصرف القانوني
192 – الاتفاقات والعقود : تسري القاعدة المتقدم ذكرها علي جميع التصرفات القانونية المدنية . فهي إذن لا تسري علي الوقائع المادية ولا علي التصرفات القانونية التجارية كما تقدم القول( [36] ) .
ويدخل في التصرفات القانونية المدنية جميع الاتفاقات والعقود ، أيا كان الأثر الذي يترتب عليها .
فتدخل العقود والاتفاقات التي تنشيء الالتزام أو تنقل الحق العيني ، كالبيع والقرض والإيجار والمقاولة والوكالة والعارية والوديعة( [37] ) والوعد بالبيع 375 أو بالشراء وغير ذلك من العقود والاتفاقات الملزمة للجانبين أو الملزمة لجانب واحد .
كما تدخل العقود والاتفاقات التي تقضي الالتزام أو تنقله ، كالوفاء والتجديد ( [38] ) وحوالة الحق وحوالة الدين ( [39] ) .
كما تدخل العقود والاتفاقات التي تحدث أي أثر قانوني آخر ، كالاتفاق علي تأجيل الدين ، أو إضافة شرط له ، أو إلغاء شرط فيه ، أو النزول عن جزء منه ، أو الاتفاق علي فوائد للدين أو إنقاصها أو زيادتها أو إلغائها ، أو الاتفاق علي إعطاء تأمين بالدين كرهن أو كفالة ، أو الحلول الاتفاقي .
وقد قدمنا أن القانون يتطلب ، في بعض الأحوال ، فوق الكتابة ، شكلا خاصا كالرسمية ، ويكون هذا الشكل ضروريا ، لا فثبات العقد فحسب ، بل أيضا لانعقاده ، وذلك كالهبة والرهن الرسمي . وقد يكون مجرد الكتابة ، ولو عرفية ، ضرورية لانعقاد العقد لا لإثباته فحسب ، وذلك كعقد الشركة ( م 507 ) وقد تكون الكتابة لازمة لإثبات العقد أيا كانت قيمته ، وليست لازمة لانعقاده ، وذلك كالصلح والتحكيم . ومن ذلك نري أن العقد قد يشترط لانعقاده كتابة رسمية ، أو كتابة عرفية ، وقد تكون الكتابة لازمة لإثبات العقد لا لانعقاده ، تارة في جميع الأحوال ، وطوراً فيما يجاوز عشرة جنيهات ( [40] ) .
376 193 – التصرفات القانونية الصادرة عن إرادة منفردة : ولا يقتصر سريان القاعدة علي العقود والاتفاقات التي تتم بإرادتين متوافقتين . ملزمة للجانبين أو ملزمة لجانب واحد ، بل تسري القاعدة أيضا علي كل تصرف قانوني ولو كان صادراً عن إرادة منفردة . ويرجع ذلك إلي أن كل تصرف قانوني – إرادة كان أو أكثر – يمكن إعداد الدليل عليه مقدما ، فهو قابل للدليل المهيأ ( Preuve preconstituee ) ، ومن ثم اشترط القانون في إثباته الكتابة إذا زادت قيمته علي عشرة جنيهات ( [41] ) .
377 فتسري القاعدة إذن علي الإيجاب الملزم ، والقبول ، والوعد بجائزة ، والإجازة ( confirmation ) ، والإقرار ( ratification ) والاعتراف بدين طبيعي ، والإقرار بالدين ، والإبراء في التقنين المدني الجديد ، وقبول المنتفع في الاشتراط لمصلحة الغير ، وقبول الغير في التعهد عن الغير ، وفسخ العقد ، وإلغائه إذا كان غير محدد المدة كما في الإيجار والوكالة والعارية والوديعة ، واستعمال حق الخيار في الالتزامات التخييرية ، والرجوع في الهبة ، والنزول عن حق عيني كحق الانتفاع وحق الارتفاق وحق الرهن ، والنزول عن الشفعة ، واعتماد الحساب ، والتنبيه بالإخلاء .
عل أن هناك تصرفات قانونية بإرادة منفردة يتطلب القانون فيها شكلا خاصا لانعقادها ، لا لإثباتها فحسب ، وذلك كالإعذار ( م 219 مدني ) ، وعرض الدين علي الدائن ( م 334 – 340 مدني ) ( [42] ) ، وتطهير العقار ( م 1065 – 1066 مدني ) ، والأخذ بالشفعة ( م 942 ) ( [43] ) .
2 – تحديد قيمة الالتزام
194 – نصاب البينة عشرة جنيهات : حتي يجوز إثبات التصرف القانونية بالبينة أو بالقرائن ، يجب ألا تزيد قيمة الالتزام علي عشرة جنيهات مصرية . وهذه القيمة هي ذاتها التي كان التقنين المدني السابق قد حددها ، لم يزدها التقنين الجديد بالرغم من أن قيمة العملة قد نقصت كثيرا عن ذي قبل وكان التفكير قد اتجه ، في لجنه المراجعة ، إلي رفع هذا النصاب إلي عشرين جنيها . ولكن عدل عن ذلك واستبقي النصاب كما هو ، عشرة جنيهات . ومعني ذلك أن النصاب قد نزل ، في الحقيقة ، بانخفاض قيمة العملة ، إلي أقل من الربع ، ويبر ذلك انتشار التعليم في البلاد . وقد رأينا أن استبقاء نصاب البينة في هذا المستوي المنخفض حمل المشرع علي أن يبيح الاتفاق علي الإثبات بالبينة حيث تكون الكتابة لازمة ، وسنري كذلك ، ولنفس السبب ، أن تقدير قيمة الالتزام في التقنين الجديد ينظر فيه إلي أصل الالتزام دون ضم الفوائد والملحقات ، وأن الدعوي إذا اشتملت علي طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة فلا تضم هذه الطلبات بعضها إلي بعض بل تبقي البينة جائزة في كل طلب لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات .
وقد التزمت التقنينات المدنية العربية الأخري نصابا مماثلا . فالنصاب في التقنين المدني العراقي عشرة دنانير ، وفي التقنين المدني للمملكة المتحدة الليبية عشرة جنيهات ، وفي قانون البينات السور مائة ليرة ، وهذه قيم تتقارب كثيراً مع قيمة النصاب في التقنين المدني المصري . أما في تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني فالنصاب أقل كثيراً ، إذ هو خمس وخمسون ليرة .
وكان النصاب في القانون الفرنسي القديم مائة جنيه . ثم نقص في تقنين نابليون إلي مائة وخمسين فرنكا بسبب انتشار الكتابة . ولما نزلت قيمة العملة ، رفع النصاب إلي خمسمائة فرنك بقانون صدر في أول أبريل سنة 1928 ، ثم إلي خمسة آلاف من الفرنكات بقانون صدر في 21 من فبراير سنة 1948 ، 379 وقد تقدم ذكر ذلك ( [44] ) .
وقد يكون محل الالتزام مبلغا من النقود ، فيسهل عندئذ تحديد قيمته وإذا كان النقد أجنبيا حول إلي نقد مصري بسعره وقت صدور التصرف القانوني لا وقت المطالبة .
وإذا كان محل الالتزام شيئا غير النقود ، قدر القاضي قيمته وقت صدور التصرف لا وقت المطالبة ، دون أن يتقيد في ذلك بتقدير المدعي ، وله عند الحاجة أن يستعين بخبير . فإذا طالب المدعي بأمتعة أو أثاث مثلا أودعها عند المدعي عليه ، وقدرها بعشرة جنيهات أو أقل ، ومن ثم طلب إثبات الوديعة بالبينة ، وعارض المدعي عليه متمسكا بأن الأثاث المدعي به هو ملكه وأنه لو صحت فإن قيمة الأثاث تبلغ أكثر من عشرة جنيهات فلا يجوز إثبات الوديعة بالبينة ، فللقاضي في هذه الحالة أن يعين خبيراً لتقدير قيمة الأثاث وقت إبرام عقد الوديعة لا وقت رفع الدعوي ( [45] ) . ومتي عينت القيمة وقت إبرام العقد ، 380 فلا عبرة بما يطرأ عليها بعد ذلك من نقص أو زيادة ( [46] ) .
أما إذا كان الالتزام غير محدد القيمة كدعوي تقديم حساب لا يعرف بعد رصيده ( [47] ) ، فإنه لا يجوز الإثبات هنا بالبينة أو بالقرائن ، ويعتبر الالتزام غير محدد القيمة كالالتزام الذي تزيد قيمته علي عشرة جنيهات فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة .
195 – العبرة بقيمة الالتزام وقت صدور التصرف لا وقت المطالبة : وقد رأينا فيما تقدم أن العبرة بقيمة الالتزام وقت صدور التصرف لا وقت المطالبة . وهذا هو الحكم الذي يتفق مع طبائع الأشياء . ذلك أن الدليل الكتابي المطلوب فيما تزيد قيمته علي عشرة جنيهات هو دليل مهيأ يجب 381 إعداده مقدما عند صدور التصرف . فلا يستطيع الدائن إلا أن يقف عند هذا الوقت لمعرفة ما إذا كان واجبا عليه إعداد هذا الدليل ( [48] ) .
وهذا ما تنص عليه صراحة الفقرة الثانية من المادة 400 ، فقد رأينا أنها تقضي بأن ” يقدر الالتزام وقت صدور التصرف ” ( [49] ) . ومن ثم فالعبرة ليست بما يطلبه المدعي وقت رفع الدعوي أو بعد رفعها ، بل بقيمة الالتزام وقت صدور التصرف .
ويترتب علي ذلك نتيجتان أساسيتان : ( الأولي ) أن المدعي إذا طالب بمبلغ أكبر من عشرة جنيهات علي أساس تصرف قانوني قيمته وقت صدوره لا تزيد علي عشرة جنيهات ، جاز الإثبات بالبينة وبالقرائن . ( والثانية ) أن المدعي إذا طالب بمبلغ لا يزيد علي عشرة جنيهات علي أساس تصرف قانوني تزيد قيمته وقت صدوره علي عشرة جنيهات ، لم يجز الإثبات بالبينة أو بالقرائن بل وجب تقديم دليل كتابي .
196 – النتيجة الأولي – المطالبة بأكثر من عشرة جنيهات علي أساس تصرف قيمته لا تزيد علي عشرة جنيهات : رأينا أن الإثبات هنا يجوز أن يكون بالبينة وبالقرائن ، لأن العبرة بالقيمة وقت صدور التصرف لا وقت المطالبة . ويتفرع علي ذلك المسائل الآتية :
( 1 ) تقضي الفقرة الثانية من المادة 400 من التقنين المدني بأنه : ” يجوز الإثبات بالبينة ( وبالقرائن ) إذا كانت زيادة الالتزام علي عشرة جنيهات لم تأت إلا من ضم الفوائد والملحقات إلي الأصل ” . فهنا لا تزيد قيمة الالتزام وقت صدور 382 التصرف علي عشرة جنيهات . ومن ثم يكون من حق الدائن الإثبات بالبينة وبالقرائن ، ولو طالب المدين بأزيد من عشرة جنيهات إذا كانت هذه الزيادة إنما أتت من ضم مصروفات الدين وفوائده إلي أصله . إذ العبرة بقيمة الالتزام في أصله وقت صدور التصرف ، وهذه القيمة لا تزيد علي عشرة جنيهات ، ولا يحسب ما يضاف إلي هذا الأصل من ملحقات وفوائد ( [50] ) .ولو قلنا بغير ذلك لكان في هذا القول بعض الحرج علي الدائن . ويكفي أن نفرض أن الدائن أقرض المدين تسعة جنيهات بفائدة 7% لمدة سنة واحدة . فمن حق هذا الدائن أن يعتمد في إثبات حقه علي البينة والقرائن ، وليس عليه أن يحصل علي دليل كتابي ، فأن أصل الدين تسعة جنيهات ، بل إن أصل الدين وفوائده لمدة السنة لا تزيد كلها علي عشرة جنيهات . فإذا استمهل المدين الدائن في سداد الدين سنة أخري وقبل الدائن ، كان مجموع الدين وفوائده في نهاية السنتين أكثر من عشرة جنيهات . فإذا نحن لم نقتصر علي أصل الدين في حساب نصاب البينة ، بل ضممنا إلي الأصل الفوائد ، لما جاز الإثبات بالبينة في هذه الحالة .
ويذهب التقنين المدني الفرنسي ( م 1342 ) في هذه المسألة مذهبا آخر . فهو إمعانا منه في كراهية الإثبات بالبينة ، يقضي بضم الملحقات والفوائد إلي الأصل في حساب نصاب البينة . ففي المثل المتقدم ما دام القرض وفوائده لمدة السنة – ومجموع ذلك كان معلما للدائن منذ صدور عقد القرض – لا يزيد علي نصاب البينة ، فلا عليه أن يغفل كتابة سند بالدين إذ له أن يعتمد في إثبات حقه علي البين’ . أما إذا رضي بتأجيل الدين سنة أخري ، فأصبح مجموع الأصل والفوائد يزيد في نهاية السنتين علي نصاب البينة ، فقد كان عليه وقت أن رضي بالتأجيل أن يشترط لذلك كتابة سند بالدين وفوائده لأنه لم يعد يستطيع الإثبات بالبينة بعد التأجيل . وأما الفوائد التي لا تستحق إلا بعد رفع الدعوي فهذه لا تضم 383 إلي الأصل في حساب النصاب ، لأنها لم تكن معروفة ولا تمكن معرفتها وقت صدور التصرف ( [51] ) .
والحكم الذي أورده التقنين المدني المصري الجديد في عدم ضم الفوائد والملحقات إلي الأصل ، وخالف به حكم التقنين المدني الفرنسي ، منقول عن المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهو أيسر في حساب النصاب وأقرب إلي المنطق ويوازن في الوقت ذاته مستوي النصاب المنخفض كما تقدم القول ( [52] ) .
384 ( 2 ) لو أن شركة محاصة – وتخضع في الإثبات للقواعد العامة – كان رأس مالها لا يزيد علي عشرة جنيهات ، وكان ربح أحد الشركاء من هذه الشركة أكثر من عشرة جنيهات ، وطالب الشريك بهذا الربح وكان عليه أن يثبت وجود الشركة ، جاز له أن يثبت وجودها بالبينة وبالقرائن ، ولو أن المبلغ الذي يطالب به أكثر من عشرة جنيهات . ذلك أنه يؤسس مطالبته علي عقد شركة لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، والعبرة بالقيمة وقت صدور التصرف ، لا بالمبلغ المطالب به وقت رفع الدعوي ( [53] ) .
385 ( 3 ) لو أن عقداً لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات أخل به المدين ، فرجع الدائن بتعويض يزيد علي عشرة جنيهات بسبب هذا الإخلال ، جاز له أن يثبت وجود العقد بالبينة وبالقرائن ، ولو أنه يطالب بمبلغ يزيد علي عشرة جنيهات ، لأنه يؤسس طلبه علي عقد لا تزيد قيمته علي نصاب البينة ( [54] ) .
386 النتيجة الثانية – المطالبة بما لا يزيد علي عشرة جنيهات علي أساس تصرف يزيد علي عشرة جنيهات : العبرة هنا أيضا ، كما قدمنا ، بقيمة التصرف القانوني لا بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم لا يجوز في هذه الحالة الإثبات بالبينة وبالقرائن ، بل يجب تقديم دليل كتابي ، لأن قيمة التصرف تزيد علي عشرة جنيهات . ويتفرع علي ذلك المسائل الآتية :
( 1 ) تقضي المادة 401 بند ( ب ) من التقنين المدني الجديد بأنه لا يجوز الإثبات بالبينة ( ولا بالقرائن ) ، ولو تم تزد القيمة المطالب بها علي عشرة جنيهات ، ” إذا كان المطلوب هو الباقي أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ” . فلو اقترض شخص عشرين جنيها ، وكان الوفاء بالقرض مقسطا علي أربعة أقساط متساوية مقدار كل قسط منها خمسة جنيهات ، وطالب الدائن المدين بأحد هذه الأقساط وكان عليه أن يثبت عقد القرض ، فلا يجوز أن يثبته بالبينة أو بالقرائن ، ولو أنه لا يطالب إلا بخمسة جنيهات ، لأنه يؤسس طلبه علي تصرف قانوني قيمته وقت صدوره تزيد علي عشرة جنيهات ، فكان عليه أن يعد دليلا كتابيا لإثباته . وهذا أيضا صحيح ولو كان القسط المطالب به هو القسط الأخير ، فالاعتبارات التي بني عليها الحكم في الحالة الأولي متحققة في هذه الحالة ، فيكون الحكم واحداً في الحالتين ( [55] ) .
( 2 ) تقضي المادة 401 بند ( جـ ) من التقنين المدني الجديد بأنه لا يجوز الإثبات بالبينة ( ولا بالقرائن ) ” إذا طالب أحد الخصوم في الدعوي بما تزيد 387 قيمته علي عشرة جنيهات ، ثم عدل عن طلبه إلي ما لا يزيد علي هذه القيمة ” . فهنا قد أسس المدعي دعواه علي تصرف قانوني تزيد قيمته علي عشرة جنيهات وطالب بهذه القيمة ، فلا يجوز له الإثبات بالبينة أو بالقرائن حتي لو أنقص بعد ذلك ما يطالب به إلي ما لا يزيد علي نصاب البينة . إذ العبرة ليست بما يطالب به ، بل بقيمة التصرف القانوني الذي يؤسس عيه دعواه( [56] ) . وغني عن البيان 388 أن المدعي إذا كان قد أخطأ عند رفع الدعوي في تقدير قيمة التصرف القانوني بأكثر من عشرة جنيهات ، وأدرك خطأه بعد ذلك فصحح دعواه وجعل قيمة ما يطالب به لا يزيد علي عشرة جنيهات وهو قيمة التصرف القانوني بعد التصحيح ، فإن الإثبات بالبينة وبالقرائن جائز في هذه الحالة ( [57] ) .
( 3 ) لو أن النزاع انحصر في مبلغ لا يزيد علي عشرة جنيهات ، ولكنه يقوم علي تصرف قانوني تزيد قيمته علي هذا المبلغ ، فالإثبات بالبينة أو بالقرائن غير جائز ، إذ العبرة ليست بالمبلغ المتنازع عليه بل بقيمة التصرف القانوني المتخذ بتسليم حصان قال أن اشتراه منه بمبلغ ثلثمائه فرنك ( لنقل ثلاثين جنيها ) وسلم البائع بصدور البيع منه ، ولكنه قال إن الثمن الذي اتفق عليه كان أربعمائة فرنك ( لنقل أربعين جنيها ) فهنا لا يجوز للمشتري إثبات أن الثمن كان ثلاثين جنيها بالبينة أو بالقرائن ، ولو أن النزاع بينه وبين المشتري قد انحصر في مبلغ عشرة جنيهات هو الفرق بين الثمن الذي يدعيه والثمن الذي يدعيه البائع ( [58] ) .
198 – اشتمال الدعوي علي طلبات متعددة : رأينا أن الفقرة الثالثة من المادة 400 من التقنين المدني تنص علي أنه ” إذا اشتملت الدعوي علي طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة ، جاز الإثبات بالبينة في كل طلب لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد علي هذه القيمة ، ولو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات من طبيعة واحدة وكذلك الحكم في كل وفاء لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ” .
389 وليس في هذا الحكم من جديد ، فالمفروض ان هناك بين شخصين ديونا متعددة نشأت عن مصادر متعددة ، ولو كانت طبيعة هذه المصادر واحدة كأن كانت كلها عقود قرض ولكن كل عقد منها متميز عن العقد الآخر . ففي هذه الحالة يستقل كل دين بطريقة إثباته ، ما دام متميزاً عن الديون الأخري في قيمته وفي مصدره . فإذا كانت قيمته لا تزيد علي عشرة جنيهات جاز الإثبات بالبينة وبالقرائن ، وإلا فلا يجوز إلا الدليل الكتابي ولا يحول دون سريان هذا الحكم أن يكون الدائن قد جمع هذه الديون وطالب بها كلها في دعوي واحدة ، فزادت قيمة المجموع علي عشرة جنيهات . فلا يزال كل دين منها متميزا عن الديون الأخري كما قدمنا ، وكان الدائن يستطيع أن يرفع بكل دين دعوي مستقلة ، فيجوز له فيها الإثبات بالبينة وبالقرائن فيما لا يزيد علي عشرة جنيهات . فلا يتغير الحكم إذا هو جمع الديون في دعوي واحدة اختصاراً في الإجراءات . كذلك لا يحول دون سريان الحكم أن يكون كل دين من هذه الديون مصدره تصرف قانوني من طبيعة واحدة ، ما دام كل تصرف منها متميزاً عن التصرف الآخر ، وذلك كبيع أو إيجاز فيما إذا طالب الدائن المدين بأثمان مبيعات أو بأجور أعيان مؤجرة . ففي هذه الحالة أيضا يبقي كل دين متميزاً عن الديون الأخري ، فيجوز إثباته بالبينة وبالقرائن إذا لم تزد قيمته علي عشرة جنيهات ( [59] ) .
كذلك إذا كان الدين عشرين جنيها مثلا ، ووفي المدين جزءاً منه لا يزيد علي عشرة جنيهات ، سواء كان ما وفاه هو بعض الدين أو هو الجزء الباقي من الدين ، فإن المدين يستطيع إثبات هذا الوفاء الجزئي بالبينة وبالقرائن . ذلك أن الوفاء هو ذاته تصرف قانوني متميز عن مصدر الدين الموفي به ، فتسري في إثباته القواعد التي تسري في إثبات مصدر الدين فإن كانت القيمة الموفي بها ، 390 ولو كان هذا الوفاء جزئيا ، لا تزيد علي عشرة جنيهات ، جاز الإثبات بالبينة وبالقرائن . وكل وفاء جزئي آخر تصرف قانوني مستقل عن السابق وعن اللاحق . فإذا أريد إثبات جملة من الوفاءات الجزئية ، كل منها لا تزيد قيمته علي بالبينة وبالقرائن ، كما جاز ذلك في إثبات الطلبات المتعددة الناشئة عن مصادر متعددة ولو كان منشؤها تصرفات من طبيعة واحدة بين الخصوم أنفسهم كما سبق القول . ومن ثم يتميز إثبات الدين عن إثبات وفائه . فالدين لا تجوز تجزئته لإثبات كل جزء منه لا يزيد علي عشرة جنيهات بالبينة وبالقرائن ، مادام الدين في مجموعه يزيد علي هذه القيمة . أما الوفاء فالعبرة فيه ، لا بأصل الدين ، لا بل بالقدر الموفي به ، فتجوز تجزئة الدين في الوفاء به إلي أجزاء كل منها لا يزيد علي عشرة جنيهات ، وإثبات كل وفاء جزئي بالبينة وبالقرائن ( [60] ) . 391 هذا هو ما قرره التقنين المدني الجديد بنص صريح ، فأجاز كما رأينا إثبات طلبات المتعددة الناشئة عن مصادر متعددة بالبينة في كل طلب لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ولو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد علي هذه القيمة . وقد كان هذا هو الحكم أيضا في عهد التقنين المدني السابق ، وهو علي كل حال لا يعدو أن يكون تطبيقا للقواعد العامة ( [61] ) .
ولكن مع وضوح هذا الحكم لم يأخذ التقنين المدني الفرنسي به ، بل ذهب مذهبا آخر ، إمعانا منه في كراهية الإثبات بالبينة وتضييقا للخناق علي من يحاول التهرب من الإثبات الكتابي . فقضي في المادة 1345 بأنه إذا اشتملت الدعوي 392 علي طلبات متعددة ، لم يقم علي أي منها دليل كتابي ( [62] ) ، وكان مجموع هذه الطلبات يزيد علي خمسة آلاف فرنك ، فلا يجوز الإثبات بالبينة ، حتي لو قرر المدعي أن هذه الطلبات تولدت من مصادر متنوعة ونشأت في أوقات مختلفة ، إلا أن تكون حقوقا انتقلت إليه بطريق الميراث أو الهبة أو غير ذلك من أشخاص متعددين . ويبرر الفقهاء في فرنسا هذا النص بأنه أريد به أن يسد الطريق علي الدائن الذي يطالب مدينه بمبلغ يزيد علي خمسة آلاف فرنك ، ولكي يستطيع الإثبات بالبينة وبالقرائن يجزيء مطالبته إلي مبالغ متعددة ، كل مبلغ منها لا يزيد علي خمسة آلاف فرنك ، ويزعم أنها ديون قد تولدت من مصادر متنوعة ونشأت في أوقات مختلفة ، ويتقدم لإثبات ذلك بشهادة الشهود أو بدلالة القرائن . فيمنعه القانون من ذلك ، ويلزمه في هذه الحالة بتقديم دليل كتابي ، مفترضا أن الدين واحد ، وهو يزيد علي نصاب البينة . ولا ضير بعد ذلك علي الدائن ، حتي لو لم يكن الدين واحداً . ويكفيه في الاحتياط أن يطلب من مدينة دليلا كتابيا كلما تجمعت ديون في ذمة هذا المدين يزيد مجموعها علي نصاب البينة ( [63] ) . ولما كان التقنين الفرنسي حذراً إلي هذا الحد ، فقد قاده حذره أن ينتقل من هذه الخطوة إلي خطوة أخري أبعد منها ، فأوجب في المادة 1346 علي الدائن أن يجمع كل طلباته التي لم يقم عليها دليل كتابي كامل ، أيا كان مصدرها ، فيرفع بها دعوي واحدة ، فإذا هو أغفل دينا منها كان مستحقا وقت رفع الدعوي ، لم تقبل منه ، بعد ذلك ، الدعوي بهذا الدين ( [64] ) .
393 ولم ير التقنين المصري الجديد ، ومن قبله التقنين المدني المصري القديم ، ما يدعو إلي كل هذا الحذر الذي استتبع كل هذا التعقيد . فسكت التقنين القديم ولم يورد نصا مماثلا للنص الذي رأيناه في التقنين المدني الفرنسي . ونص التقنين الجديد صراحة علي الرجوع إلي القواعد العامة في هذه المسألة حتي لا يقع أي لبس فيها ( [65] ) . وإذا حاول الدائن أن يتهرب من الدليل الكتابي بتجزئة الدين 394 الواحد ، وهو ما أراد التقنين الفرنسي أن يتوفاه ، فإن الباب مفتوح أمام المدين لإثبات هذا التحايل بجميع الطرق ( [66] ) .
المطلب الثاني
لا تقبل البينة أو القرائن فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها
199 – النصوص القانونية : تنص المادة 401 ( بند 1 ) من التقنين المدني علي ما يأتي :
” لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات : ( أ ) فيما يخالف أو يجاوز ما أشتمل عليه دليل كتابي ( [67] ) .
395 ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان مطبقا دون نص ( [68] ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخري : في قانون البينات السوري المادة 55 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 489 ، وفي تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني المادة 153 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 388 ( [69] ) . ويقابل في التقنين المدني الفرنسي المادة 1341 ( [70] ) .
396 200 – تاريخ القاعدة وشروطها : وتحريم إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها إلا بالكتابة قاعدة قديمة تمتد جذورها إلي القانون الروماني . ثم تغلبت البينة في العصور الوسطي علي ما قدمنا . ثم عادي كفة الكتابة إلي الرجحان ، فرفعها أمر مولان ( Moulins ) في سنة 1566 إلي الصدارة بين طرق الإثبات علي النحو الذي قدمناه . ولكن هذا الأمر لم يحرم إلا إثبات ما يجاوز الكتابة بغير الكتابة ، وفيما يزيد علي مائة جنيه وهو نصاب البينة إذ ذاك . ثم أتي أمر سنة 1667 فوسع الحكم ، وحرم إثبات ما يجاوز الكتابة أو ما يخالفها بغير الكتابة حتي فيما لا يزيد علي نصاب البينة . وبذلك رجحت كفة الكتابة رجحانا كبيراً ، فهي مطلوبة فيما يزيد علي نصاب البينة ، وحتي في حدود هذا النصاب إذا تعارضت مع البينة وجب الأخذ بها ونبذ البينة . فانقلب الوضع بذلك ، وبعد أن كانت البينة فوق الكتابة ( فemonins passent letters ) أصبحت الكتابة فوق البينة ( letters passent temoins ) ، وقد سبقت الإشارة إلي ذلك ( [71] ) .
وقد قدمنا أن القاعدة التي نحن بصددها ليست إلا الشق الثاني من قاعدة أعم ، 397 وهي القاعدة التي بوجوب الإثبات بالكتابة فيما يزيد علي نصاب البينة وفيما يخالف الكتابة أو يجاوزها . ويمكن حصر شروط تطبيق هذا الشق الثاني من القاعدة في أربعة : ( 1 ) أن تكون هناك كتابة أعدت للإثبات ( 2 ) أن يراد إثبات ما يخالف هذه الكتابة أو يجاوزها ( 3 ) أن يكون الإثبات مقصوراً علي العلاقة بين المتعاقدين فلا يتعدي إلي الغير ( 4 ) ألا يكون هناك احتيال علي القانون ( fraude a la loi ) .
201 – الشرط الأول – وجود كتابة أعدت للإثبات : يجب أن تكون هناك كتابة قد أعدت للإثبات . والكتابة المعدة للإثبات هي الكتابة التي وقع عليها المدين ، رسمية كانت أو عرفية .
أما الأوراق التي لم تعد للإثبات ، كالدفاتر التجارية والأوراق المنزلية ، فيجوز إثبات ما يخالفها أو ما يجاوزها بالبينة أو بالقرائن . ولكن إذا كانت هذه الأوراق موقعا عليها وأريد بها الإثبات ، كما هو الغالب في المراسلات ، فإنها تعتبر في حكم الكتابة المعدة للإثبات ، ولا يجوز إثبات ما يخالفها أو ما يجاوزها إلا بالكتابة ( [72] ) .
398 كذلك يجوز إثبات ما يخالف مبدأ الثبوت بالكتابة أو ما يجاوزه بالبينة أو بالقرائن ، لأن مبدأ الثبوت بالكتابة لا يكون عادة موقعا عليه وإلا كان دليلا كتابيا كاملا ، والمطلوب في القاعدة التي نحن بصددها ألا يهدم الدليل الكتابي الكامل بالبينة أو بالقرائن( [73] ) .
ثم يجب أخيرا أن يكون الثابت بالكتابة التزاما غير تجاري . ذلك أن الالتزامات التجارية يجوز إثباتها ، كما رأينا ، بالبينة وبالقرائن ، أيا كانت قيمتها ، ولو زادت علي عشرة جنيهات . فكذلك يجوز إثبات ما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها في المسائل التجارية بالبينة وبالقرائن ، أيا كانت قيمة الالتزام ( [74] ) . وقد تقدم ذكر ذلك .
فمتي كانت هناك كتابة معدة للإثبات ، وكانت دليلا كتابيا كاملا ، في غير التزام تجاري ، فقد توافر الشرط الأول ، أيا كانت قيمة الالتزام الثابت بهذا الدليل الكتابي الكامل ، ولو كانت هذه القيمة لا تزيد علي عشرة جنيهات . ومن ثم لا يجوز إثبات ما يخالف ورقة مكتوبة لا تزيد قيمتها علي عشرة جنيهات ، ولا إثبات ما يجاوزها ، بالبينة أو بالقرائن ، ولو أن هذا الدليل كان جائزاً 399 ابتداء لإثبات وجود التصرف لو لم توجد ورقة مكتوبة ( [75] ) . بل إن القاعدة التي نحن بصددها لا تظهر فائدتها إلا إذا كانت قيمة الالتزام لا تزيد علي عشرة جنيهات ، فتمتنع البينة والقرائن حيث كانت تجوز لولا هذه القاعدة . أما إذا كانت قيمة الالتزام تزيد علي عشرة جنيهات فالقاعدة لا تقول جديداً ، لأن الإثبات بالبينة أو بالقرائن في هذه الحالة ممنوع من الأصل ، سواء في ذلك لا توجد كتابة أصلا أو توجد ويراد إثبات ما يخالفها أو يجاوزها ( [76] ) .
وإذا أريد إثبات ما يخالف الكتابة أو يجاوزها ، فلا بد من أن يكون الإثبات بالكتابة كما قررنا . ولكن يجوز أن يحل محل الكتابة مبدأ ثبوت بالكتابة معزز بالبينة أو بالقرائن ، فإن هذا النوع من الإثبات يرد استثناء من قاعدة الدليل الكتابي بشقيها كما سنري .
202 – الشرط الثاني : إثبات ما يخالف الكتابة أو ما يجاوزها : ونتكلم : ( أولا ) فيما يخالف الكتابة ( ثانياً ) فيما يجاوز الكتابة ( ثالثاً ) فيما لا يعتبر مخالفا للكتابة أو مجاوزاً لها .
أولا – ما يخالف الكتابة لا يجوز إثباته إلا بالكتابة : إذا أريد إثبات ما يخالف ورقة رسمية ، فيما يقرر الموظف العام أنه وقع تحت بصره أو سمعه ، فقد رأينا أنه لا بد في ذلك من الطعن بالتزوير . أما إذا أريد إثبات ما يخالف الورقة الرسمية في غير ذلك ، أو إثبات ما يخالف مشتملات الورقة العرفية أيا كانت فهذا جائز ، عل أن يكون الدليل علي ما يخالف الكتابة هو أيضا دليل كتابي ، ولو كان ذلك مبدأ ثبوت بالكتابة معززاً بالبينة أو بالقرائن كما قدمنا . ومثل إثبات ما يخالف الكتابة أن يتقدم الخصم لإثبات أنا ما ورد في الورقة من أن الثمن المدفوع هو مبلغ كذا بيان غير صحيح ، والصحيح أن المبلغ المذكور في الورقة هو مبلغ أكبر 400 – لمنع الشفعة مثلا – أو هو مبلغ أقل لتخفيض رسوم التسجيل مثلا ، فإذا كان الخصم هو أحد طرفي العقد لم يجز له إثبات ذلك إلا بالكتابة . ومثل ذلك أيضا أن يريد البائع إثبات أن البيع المكتوب بيع صوري ، فلا يستطيع ذلك إلا بالكتابة ، وهي هنا ورقة الضد ( contre – letter ) ومثل ذلك أخيراً أن يوجد سند مكتوب يثبت أن في ذمة المدين التزاما قيمته مائة جنيه مثلا ، فلا يستطيع المدين أن يثبت بالبينة أو بالقرائن أن حقيقة الالتزام خمسون جنيها لا مائة ، وكذلك الأمر لو أن الثابت في السند التزام قيمته عشرة جنيهات وأراد المدين أن يثبت بالبينة أو بالقرائن أن حقيقة الالتزام خمسة لا عشرة فلا يستطيع ( [77] ) .
ثانياً – ما يجاوز الكتابة لا يجوز إثباته إلا بالكتابة : ولا يجوز للخصم أن يثبت ما يجاوز الكتابة إلا بالكتابة . مثل ذلك أن يتقدم المدين لإثبات أن الالتزام المكتوب ، وهو منجز ، علق بعد ذلك علي شرط أو اقترن بأجل . أما إذا كان الالتزام قد كتب معلقا علي شرط أو مقترنا بأجل وأراد الدائن أن يثبت أنه التزام منجز ، فهذا يكون إثباتا لما يخالف الكتابة ، ولا يكون هو أيضا إلا بالكتابة كما رأينا . ومثل ذلك أيضا أن يكون القرض المكتوب لم يذكر فيه أنه قرض بالفائدة ، وأراد الدائن أن يثبت أن هناك فائدة متفقا عليها ، فلا يجوز إثبات ذلك إلا بالكتابة ، حتي لو كانت الفائدة وأصل الدين معها لا يزيد علي عشرة جنيهات ، لأن هذا إثبات لما يجاوز الكتابة . أما إذا ذكر في القرض المكتوب سعر للفائدة ، وأراد الدائن أن يثبت أن السعر المتفق عليه هو أكبر مما ذكر ، أو أراد المدين أن يثبت أن هذا السعر أقل ، فهذا إثبات لما يخالف الكتابة ، ولا يكون هو أيضا إلا بالكتابة كما قدمنا . كذلك لا يجوز إثبات تجديد التزام ( novation ) ثابت في ورقة مكتوبة إلا بالكتابة ، ولو كانت قيمة الالتزام الجديد ، أو كانت قيمة كل من الالتزامين الجديد والقديم ، لا تزيد علي عشرة جنيهات ، لأن هذا إثبات لما يجاوز الالتزام المكتوب . وبوجه عام لا يجوز إثبات اتفاق إضافي فوق ما هو ثابت بالكتابة إلا بالكتابة ، سواء ادعي 401 ان هذا الاتفاق الإضافي قد تم قبل الكتابة أو تم في أثنائها أو تم بعدها ، علي حد تعبيرا التقنين المدني الفرنسي ( م 1341 ) ( [78] ) .
ثالثاً – ما لا يعتبر مخالفا للكتابة أو مجاوزاً لها لا يتحتم إثباته بالكتابة : أما إذا أريد إثبات شيء متعلق بما هو ثابت بالكتابة ، ولكنه لا يخالفها ولا يجاوزها ، فإن إثبات ذلك يكون وفقا للقواعد العامة ، ولا تتحتم الكتابة . فيجوز إثبات الوقائع المادية ، وكذلك إثبات التصرفات القانونية إذا لم تزد قيمتها علي عشرة جنيهات ، بالبينة وبالقرائن . مثل ذلك إثبات انقضاء الالتزام الثابت بالكتابة ، فهذه واقعة لا تخالف الكتابة ولا تجاوزها ، بل هي تؤكدها ،إذ انقضاء الالتزام ينطوي دلالة عل وجوده . فإذا كان انقضاء الالتزام قد تم بتنفيذ أعمال مادية ، كبناء منزل أو نقل بضاعة أو القيام بخدمة معينة ، فإن هذه الأعمال تثبت بالبينة وبالقرائن ولو كانت قيمة الالتزام تزيد علي عشرة جنيهات . أما إذا كان انقضاء الالتزام قد تم بتصرف قانوني ، كوفاء مبلغ من النقود ، فإن هذا الوفاء يثبت بالبينة أو بالقرائن إذا لم يزد المبلغ الموفي به علي عشرة جنيهات حتي لو كان مجموع الدين أكثر من ذلك أو كان الدين ثابتا بالكتابة ( [79] ) . 402 وكالوفاء الإبراء ، فهو تصرف قانوني يقضي الدين ، ويثبت بالبينة وبالقرائن إذا لم تزد قيمته علي عشرة جنيهات . كذلك في المقاصة ، يجوز للمدين إثبات الحق الذي له في ذمة دائنه ، ليوقع المقاصة بمقداره ، بالبينة وبالقرائن ، إذا كانت قيمة هذا الحق لا تزيد علي عشرة جنيهات ، حتي لو كان الدين الذي تقع فيه المقاصة ثابتا بسند مكتوب أما تجديد الدين المكتوب فقد رأينا أنه يعتبر مجاوزاً لما هو ثابت بالكتابة ، فلا يجوز إثباته إلا الكتابة ( [80] ) .
403 كذلك يجوز إثبات وقائع مادية يكون من شأنها تفسير العبارات الغامضة ، أو التوفيق فيا بينها إذا كانت متعارضة ( [81] ) ، أو تحديد ما ورد مطلقا في الورقة المكتوبة ، وذلك بالبينة وبالقرائن ، فليس في هذا إثبات لما يخالف الكتابة أو يجاوزها ( [82] ) . وكذلك الأمر في إثبات الظروف والملابسات المادية التي أحاطت بكتابة العقد ( [83] ) .
ويجوز أيضا إثبات عيب من عيوب الإرادة كالغلط والتدليس والإكراه ، في سند مكتوب ، بالبينة وبالقرائن ، فليس في ذلك إثبات لما يخالف الكتابة ، لأن الكتابة ليست دليلا علي صحة التصرف حتي يعتبر الطعن في صحته مخالفا لها . وقد قدمنا أن عيوب الإرادة إنما هي وقائع مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ( [84] ) .
404 ويجوز أخيرا إثبات التاريخ الذي كتبت فيه الورقة ، فيما بين الطرفين ، بالبينة وبالقرائن ، إذا لم يكن مكتوبا ، حتي لو كانت قيمة الالتزام تزيد علي عشرة جنيهات أو كان التزاما مكتوبا ، فليس في هذا إثبات لما يخالف الكتابة أو يجاوزها ، بل هو إثبات لواقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق . أما إذا كان تاريخ الورقة مكتوبا هو أيضا ، فلا يجوز إثبات عدم صحته إلا بالكتابة . وأما بالنسبة إلي الغير فلابد من التاريخ الثابت عل الوجه الذي تقدم ذكره( [85] ) .
203 – الشرط الثالث – الإثبات مقصور علي العلاقة فيما بين المتعاقدين : وكل ما قدمناه من وجوب الإثبات بالكتابة فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها إنما يكون في العلاقة ما بين المتعاقدين ، إذ هما اللذان كانا يستطيعان الحصول علي الكتابة منذ البداية . وكالمتعاقدين الخلف العام .
أما الغير فيجوز له الإثبات بالبينة وبالقرائن فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها ، كما أن له إثبات وجود التصرف نفسه بالبينة وبالقرائن ولو زادت قيمته علي عشرة جنيهات كما سبق القول ، ففي الحالتين يعتبر التصرف بالنسبة إليه وهو من الغير واقعة مادية يجوز إثباتها أو إثبات ما يخالفها أو يجاوزها بجميع الطرق .
فإذا باع شخص عقاراً من آخر ، وكتب في عقد البيع أن الثمن ألف جنيه مثلا ، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة ، فإن له أن يثبت أن حقيقة الثمن ثمانمائة لا ألف – أي يثبت ما يخالف الكتابة – بالبينة وبالقرائن ، لأن من الغير في عقد البيع الذي يعتبر بالنسبة إليه واقعة مادية .
405 وفي العقد الصوري الثابت بالكتابة ، تثبت الصورية فيما بين المتعاقدين بالكتابة حتي لو كانت قيمة العقد لا تزيد علي عشرة جنيهات . أما الغير – وهو هنا الدائن والخلف الخاص – فله أن يثبت الصورية بالبينة وبالقرائن ، حتي لو كان العقد الصوري مكتوبا وحتي لو كانت قيمته تزيد علي عشرة جنيهات ( [86] ) .
406 وسنعود إلي هذه المسألة تفصيلا عند الكلام في دعوي الصورية .
407 الشرط الرابع – ألا يكون هناك احتيال علي القانون ( [87] ) : وحتي فيما بين المتعاقدين ، يشترط في تطبيق القاعدة التي تقضي بوجوب الإثبات بالكتابة فيما يخالف الكتابة أو يجاوزها ألا يكون هناك احتيال علي القانون 408 ( fraude a la loi ) والسبب في ذلك أنه متي وجد احتيال علي القانون ، فيجب تيسير كشفه وإباحة إثباته بجميع الطرق ، حتي يلقي جزاءه الحق . ويستوي في هذا أن يكون من يريد إثبات الاحتيال من الغير أو يكون أحد المتعاقدين ممن اشترك في الاحتيال بنفسه ويريد الآن الكشف عنه . ففي الحالتين يقضي النظام العام بضرورة فضح هذا الاحتيال ، ومن ثم أبيح ، حتي للمتعاقد نفسه بعد أن اشترك فيه ، أن يثبته بجميع الطرق ولو بالبينة أو بالقرائن ( [88] ) .
ولما كان الاحتيال علي القانون ليس إلا تواطؤاً ما بين المتعاقدين علي مخالفة قاعدة قانونية تعتبر من النظام العام وإخفاء هذه المخالفة تحت ستار تصرف مشروع ، فقد وضح من ذلك أن من الطبيعي أن يتخذ هذا الاحتيال مظهر الصورية . فيكون هناك تصرف غير مشروع هو التصرف الحقيقي الذي وقع الاتفاق عليه ، يستره تصرف مشروع هو التصرف الظاهر الذي يقع الطعن فيه . والجديد هنا أن الطاعن في التصرف الظاهر – أي التصرف الصوري – ليس هو الغير ، وإلا كان من حقه أن يثبت الصورية بجميع الطرق دون حاجة إلي التذرع بالاحتيال علي القانون . ولكن الطاعن هو المتعاقد نفسه ، ويريد أن يثبت صورية العقد المكتوب بالبينة وبالقرائن ، وكان الأصل ألا يستطيع 409 إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة ، لولا أنه يتذرع بأن هناك احتيالا علي القانون ( [89] ) .
ولم يرد في التقنين المدني نص علي هذا الحكم ( [90] ) . غير أن القضاء أجمع علي الأخذ به في اضطراد مستقر ، وطبقه في حالات كثيرة .
من ذلك أن يكون سبب الدين قماراً ، ويكتب المتعاقدات أنه قرض فيجوز للمدين في هذه الحالة أن يثبت ما يخالف المكتوب بالبينة وبالقرائن ، ليدل علي أن السبب الحقيقي للدين هو القمار لا القرض ( [91] ) .
410 ومن ذلك أن يخفي العقد ربا فاحشا ، ويكتب المتعاقدان سببا غير ذلك ، فيجوز للمدين أن يثبت الربا الفاحش – وهو يخالف المكتوب – بالبينة وبالقرائن ( [92] ) .
وقضت محكمة النقض بأن الوارث الذي يطعن في تصرف صادر من مورثه في صورة بيع منجز بأن حقيقته وصية ، وأنه قصد به الاحتيال علي قواعد الإرث المقررة شرعاً إضراراً بحقه فيه ، يجوز له إثبات هذا الاحتيال بأي طريق من الطرق القانونية ، فلا علي المحكمة فيما تقضي به من إحالة الدعوي إلي التحقيق لتمكين الطاعنين في التصرف من إثبات حقيقة الواقع فيه بشهادة الشهود ( [93] ) .
كذلك يجوز إثبات ما يخالف الكتابة بالبينة وبالقرائن إذا كان السبب الحقيقي الذي تخفيه الكتابة هو صدور العقد أثناء الحجر علي المدين ( [94] ) ، أو قيام علاقة غير شرعية بين المدين والدائن ( [95] ) ، أو تخفيض ثمن المبيع هربا من بعض رسوم التسجيل ( [96] ) . أو التحايل علي إخفاء الرهن في صورة البيع هربا من قانون 411 الخمسة الأفدنة ( [97] ) ، أو هربا من ضرورة اتخاذ إجراءات التنفيذ ( [98] ) ، أو تمييز بعض الورثة علي بعض آخر ( [99] ) ، أو غير ذلك من الأسباب غير المشروعة المخالفة للنظام العام ( [100] ) .
علي أنه يجب أن يعزز الإدعاء بوجود تحايل علي القانون قيام قرائن قوية تجعل وقوعه محتملا ، حتي يمكن الترخيص بعد ذلك في إثبات هذا التحايل بالبينة وبالقرائن علي وجه حاسم ( [101] ) .
وننتهي من معالجة هذه المسألة بملاحظتين :
الملاحظة الأولي أنه لا يكفي للترخيص في إثبات ما يخالف الكتابة بالبينة وبالقرائن أن يدعي المتعاقد صورية العقد أيا كان سبب هذه الصورية ، بل يجب أن يكون هذا السبب غير مشروع لمخالفته للنظام العام . أما إذا كان السبب مشروعا فلا يجوز للمتعاقد أن يثبت صورية العقد المكتوب إلا بالكتابة ( [102] ) ، وقد تقدمت الإشارة إلي ذلك .
412 والملاحظة الثانية أن الحكم الذي نحن بصدده – الإثبات بالبينة وبالقرائن لوجود تحايل علي القانون – وإن كانت تطبيقاته في الكثرة الغالبة منها ترد كما رأينا في نطاق إثبات ما يخالف الكتابة ، وقد عالجناه في هذا المكان لهذا السبب ، إلا أن ذلك لا يمنع من ورود تطبيقات له في نطاق إثبات وجود التصرف القانوني نفسه ، فيكون استثناء واردا علي الشق الأول من قاعدة وجوب الدليل الكتابي . ويقع ذلك عند إثبات الوفاء ، فمن وفي بدين غير مشروع ، وأراد استرداد ما وفي به ، جاز له أن يثبت الوفاء – وهو تصرف قانوني – بالبينة وبالقرائن ، ولو زادت قيمته علي عشرة جنيهات ، لوجود تحايل علي القانون ( [103] ) .
( [1] ) والقاعدة بشقيها والاستثناء بشقيه تعتبر جميعا من مسائل القانون ، فيخضع تطبيقها لرقابة محكمة النقض ( أوبري ورو 12 فقرة 766 ص 385 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1546 ص 558 – دي باج 3 فقرة 932 ) علي أنه لا تجوز إثارة هذه المسائل لأول مرة أمام محكمة النقض ، لأنها ليست من مسائل النظام العام كما سنري .
( [2] ) فالفقه الإسلامي لا يعتد باكتابة اعتداده بالشهادة . فالشهادة عنده هي البينة التي لها المقام الأول في الإثبات . أما الكتابة فيحذر منها كل الحذر ، لأن الخطوط – كما يقول الفقهاء – قابلة للمشابهة والمحاكاة .
والواقع من الأمر أن الكتابة لم تكن في العصور الأولي التي ترعرع فيها الفقه الإسلامي منتشرة بين الناس ، ولم يكن فن الخط قد تقدم تقدمه في العصور التي تلت ، فكان من الصعب الاعتماد علي الكتابة في الإثبات ( انظر في هذا المعني موران Morand : دراسات في الفقه الإسلامي الجزائري ص 313 – ص 318 ) .
وقد آتي القرآن الكريم في أية المداينة بأرقي مباديء الإثبات في العصر الحديث . قال الله تعالي : ” يأيها الذين أمنوا إذا تداينتم بدين إلي أجل مسمي فاكتبوه ، وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ، فليكتب ، وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا ” فالأولوية في الإثبات إذن للكتابة . ولكن لما كانت حضارة العصر تقصر دون ذلك ، وتقف عن مجاراة هذا التقدم ، لم يستطع الفقهاء إلا أن يسايروا حضارة عصرهم ، فإذا بالفقه الإسلامي يرتفع بالشهادة إلي مقام تنزل عنه الكتابة نزولا بينا . ومن العجيب أن عصر التقليد في الفقه الإسلامي لم يدرك العوامل التي كانت وراء تقديم الشهادة علي الكتابة ، فظل يردد ما قاله الفقهاء الأولون في تقديم الشهادة ، وذلك بالرغم من أنهم كانوا يستطيعون أن يقلبوا الوضع فيقدموا الكتابة ، بؤازرهم في ذلك انتشار الكتابة ، وتظاهرهم آيات القرآن الكريم .
( [3] ) وقد رأينا أن المثل كان قد درج في القانون الفرنسي القديم علي أن ” الشهادة فوق الكتابة ” أو كما يقول لوازيل Loisel :
( Temoins passent letters Institutes Coutumieres liv V tit V regl . 5 )
( [4] ) ونثبت هنا الأصل الفرنسي لهذا النص الهام ، فهو المصدر التاريخي المباشر لقاعدة من أهم قواعد الإثبات وهو في الوقت ذاته يقرب كثيراً من نص المادة 1341 من التقنين المدني الفرنسي :
Art 1341 : Il doit etre passé acte devant notaire ou sous signatures privees de toutes choses excedant la some ou la valeur de cent cinquante france, meme pour depots volontyaires, et il n’est recu aucune prevue par temoins contre et outré le contenu aux actes, ni sur ce qui serait allegue avoir et edit avant, lors ou depuis les actes, encore qu’il s’agisse d’une somme ou valeur moindre de cent cinquante francs . Le tout sans prejudice de ce qui est prescrit dans le lois relatives au commerce .
( [5] ) وهذا هو الأصل الفرنسي لنص المادة 1341 ، لمقارنته بمصدره التاريخي المتقدم الذكر :
Seront passes actes par devant notaries ou sous signature privèe, de touted choses excèdant la somme ou valeur de cent livers, meme pour dèpots volontaires, et ne sera recu aucune preuve par tèmoins contre et anvant, lors, ou depuis les actes, encor pu’il s’agisse d’une somme ou valeur moindre de cent livers, sans toutefois rien innover pour ce regard, en ce quis’observe en la justice des juges et consuls marchands .
( Art . 2 . Titre XX, Ordonnance de 1667 ) .
انظر في هذه المسألة أوبري ورو 12 فقرة 761 هامش رقم 1 .
( [6] ) فينيه ( Fenet ) 13 ص 396 – لوكريه ( Locre ) 12 ص 527 .
( [7] ) بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 762 هامش رقم 3 مكرر يضاف إلي هذه الأسباب الثلاثة أن التصرف القانوني هو الذي تستطاع تهيئة الدليل الكتابي له عند وقوعه ، فهو وحده الواقعة القانونية التي تقبل عادة الدليل المهيأ ( prevue preconstituee ) هذا إلي أن الإرادة في القديم كانت الشكلية تحوطها فتجعلها بمنجاة من الغلط والسهو والتدليس والإكراه وغير ذلك من الشوائب فلما زالت الشكلية في انعقاد التصرف القانوني ، حلت الكتابة محلها في إثباته . وما الكتابة إلا ضرب من ضروب الشكلية ، أكثر مرونة وأقل تعقيداً وأيسر كلفة .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” ويرجع ما أصاب قيمة حجية البينة من تطور إلي عدم التيقن من سلامتها . وقديما كان الإثبات بالبينة جائزاً في الشرائع اللاتينية دون قيد ، بسبب شكلية التصرفات القانونية بوجه خاص . وكانت القاعدة السائدة إذ ذاك تقديم البينة علي الكتابة . وقد أبقي تقنينا المرافعات الألماني والنمساوي علي هذه القاعدة . ولكن سلطانها تزعزع في فرنسا من جراء التطور الذي بدأ بصدور أوامر مولان في سنة 1566 . وقد عرض واضعو المشروع الفرنسي الإيطالي لمسألة الإثبات بالبينة ، وجعلوا منها محلا لنقاشهم ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع الفرنسي الإيطالي ) ، وانتهوا من ذلك إلي أن العدول عن نظام تقييد الإثبات ، وعن إيثار الدليل الكتابي بالصدارة ، إن هو إلا نكوص عن المضي في سبيل التقدم . وليس يقتصر الأمر في توجيه تقييد الإثبات بالبينة علي خطر إغراء الشهود والإدلاء بالشهادة زوراً ، بل هو يجاوز ذلك بوجه خاص إلي ما يقع من أخطاء الشهود بسبب ما قد يعوزهم من دقة الملاحظة ، أو قوة الذاكرة ، فضلا عن ندرة احتمال وجودهم إذا كان العقد قد تقادم علي الوقائع . والواقع أن تحريف الشهادة أو تلفيقها لا يعتبر أهم خطر يعرض بشأن الإثبات بالبينة . وإنما يتمثل هذا الخطر في انتفاء ضمانات فعلية لا حيلة للقانون فيها . فقد أسفرت أحدث الدراسات النفسية ، كما أسفرت تجارب القضاء ، عن تناقض أقوال من يسمعون من الشهود في يوم وقوع الحادث ، مع القطاع بتوافر حسن النية فيهم . فأي ضمان يكفل صحة الشهادة ودقتها إذا سمع الشهود بعد ذلك بعشر سنوات أو أكثر ، وأني لذي الشأن ببقاء الشهود علي قيد الحياة وإلمامه بمصائرها إذا قدر إجراء التحقيق بعد زمن طويل؟ والحق إن ما يعد ذوو الشأن من المحررات عند إنشاء التصرف القانوني كفيل بتحامي هذه الأخطار جميعا . فإذا قرن ذلك بشيوع انعقاد التصرفات بالكتابة ، وتأصل الاطمئنان إليها في تقاليد العمل والتشريع ، ظهر وجه الإبقاء علي قاعدة تقييد الإثبات بالبينة وإيثار الكتابة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 394 – ص 395 ) .
( [8] ) تولييه 9 فقرة 36 – فقرة 41 – ماركادية م 1348 فقرة 8 – لارومبيير 5 م 1347 فقرة 1 – فقرة 2 – ديمولومب 30 فقرة 213 – لوران 19 فقرة 397 – أوبري ورو 12 فقرة 761 ص 299 وهامش رقم 5 – بودري وبارد 4 فقرة 2517 – بيدان وبرو 9 فقرة 1154 وقارن فقرة 1287 – كولان وكابيتان ومورانديير 2 فقرة 773 – جوسران 2 فقرة 203 – ليبال ( Le Balle ) في الاتفاقات الخاصة بطرق الإثبات في القانون المدني رسالة من باريس سنة 1923 – سيسيوريانو ( Sescioreano ) في الاتفاقات الخاصة بإثبات براءة ذمة المدين رسالة من باريس سنة 1920 – قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 .
( [9] ) ذلك أن هناك من الفقهاء الفرنسيين من يذهب مع القضاء الفرنسي إلي أن هذه القاعدة لا تعتبر من النظام العام : ديرانتون 13 فقرة 308 وفقرة 329 – بونييه 1 فقرة 177 – هيك 8 فقرة 290 – بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 762 هامش 3 مكرر – هيمار 2 فقرة 1808 .
( [10] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 – ويقول بيدان وبرو في هذا المعني أن القضاء بعد أن كان في القديم ذا صبغة تعاقدية فيما بين الخصوم ، أصبح الآن من شئون الدولة ومنذ رأي المشرع من المناسب أن يتدخل ليحد من تحكم القاضي وليمنعه من أن يكل نفسه إلي محض اقتناعه ، فقد قدر أن حسن تنظيم القضاء يجب حتما أن يعلو علي المصالح الخاصة للخصوم ، مهما كانت هذه المصالح مشروعة ، وإلا كان من الأيسر أن تترك للقاضي حريتة كاملة في الإثبات ( بيدان وبرو 9 فقرة 1154 ) .
( [11] ) وجاء في الموجز لمؤلف ، في هذا الصدد ما يأتي : ” عندما يتطلب القانون دليلا كتابيا ، يبرر الفقهاء ذلك عادة باعتبارات ثلاثة : ( أولها ) حرص القانون علي التقليل من المنازعات والخصومات ، لأن الدائن إذا علم أن الدليل الكتابي واجب حرص علي الوصول إليه ، فلا يصير للمدين مجال كبير لإنكار الدين ومنازعة الدائن . وكذلك الأمر من جهة الدائن الذي لم يصل إلي الدليل الكتابي المطلوب ، فإن أمله في كسب الدعوي يكون ضعيفا فيبعد عن التفكير في الالتجاء إلي التقاضي . ( ثانيا ) عدم الطمأنينة إلي شهادة الشهود ، فإن الذاكرة البشرية يتطرق إليها من عوامل الضعف ما لا يعتري الورق المكتوب ، ولا يمكن الاحتراز من السهو والنسيان ( ثالثا ) عدم الثقة بالشهادة في جميع الأحوال ، فاحتمال شراء الشهود أو التأثير فيهم ليقرروا غير الواقع احتمال يتحقق كل يوم . والاعتباران الأولان من شأنهما أن يجعلا القاعدة التي تتطلب الدليل الكتابي من النظام العام ، بعكس الاعتبار الثالث ( الموجز ص 700 هامش قم 7 ) .
( [12] ) وهناك من يذهب إلي التمييز بين الاتفاق علي الإثبات بالبيت حيث يجب ألإثبات بالكتابة – وهذا لا يجوز لأن الأصل في إثبات التصرفات المدنية هي الكتابة فلا يجوز الاتفاق علي الإثبات بغيرها – وبين الاتفاق علي الإثبات بالكتابة حيث يجوز الإثبات بالبينة ، وهذا يجوز لأن الإثبات بالبينة في التصرفات المدنية استثناء فالاتفاق علي الرجوع إلي الأصل جائز ( Juris – classeur 151 م 1341 – 1344 فقرة 9 – فقرة 17 ) .
( [13] ) ويميز بعض بين الاتفاق مقدما علي طريق للإثبات غير الذي عينه القانون كتابة أو بينة – وهذا لا يجوز ، لأن النزاع لم يتحدد فلا يجوز تقييد الخصم مقدما فيل معرفة حدود النزاع ، بطريق للإثبات لم يعينه القانون – وبين الاتفاق علي طريق الإثبات الذي سلكه خصمه – وهذا جائز لأن النزاع قد تحدد والخصم قد قبل هذا الطريق للإثبات وهو عالم بمدي النزاع وأهميته فلا غرر في ذلك ( Juris – classeur 151 م 1341 – 1344 فقرة 9 – فقرة 17 ) .
بل هناك من يميز بين سكوت الخصم وعدم اعتراضه علي طريق الإثبات الذي سلكه خصمه وهذا السكوت لا يعتد به ويحتم القاضي أن يكون طريق الإثبات هو الطريق الذي عينه القانون – وبين رضاء الخصم بطريق الإثبات الذي سلكه خصمه رضاء صريحا – وهذا الرضاء الصريح يعتد به فيقر القاضي طريق الإثبات الذي ارتضاه الخصم . ولا مبرر للتفريق ما بين الرضاء الصريح والرضاء الضمني ، فإذا جاز الرضاء الصريح وجب أن يجوز الرضاء الضمني ، وإذا لم يجز الرضاء الضمني وجب ألا يجوز الرضاء الصريح ( انظر في هذه المسألة أوبري ورو 12 فقرة 761 هامش رقم 5 ) .
( [14] ) ويقول القضاء الفرنسي في هذا المعني :
L art . 1341 est bien d interet general mais non d ordre public
( نقض فرنسي 24 أغسطس سنة 1880 داللوز 80 – 1 – 477 – 21 أبريل سنة 1886 داللوز 86 – 1 – 393 – 17 ديسمبر سنة 1900 داللوز 1903 – 1 – 76 – أول أغسطس سنة 1906 داللوز 1909 – 1 – 398 ) وهكذا من يحسب أن القاعدة قد استلهمت في المكان الأول اعتبار تقليل المنازعات ، بعدم الالتجاء إلي الشهادة بقدر الإمكان ، يعتبرها من النظام العام . ومن يحسبها قد استلهمت كأساس لها عدم الثقة في أمانة الشهود ، لإمكان التأثير فيهم ، لا يعتبرها من النظام العام ( Juris – classeur 151 م 1341 – 1344 فقرة 9 – فقرة 17 – أنظر أيضا الموجز للمؤلف ص 700 هامش رقم 7 ) .
( [15] ) ويقال في هذا المعني إن الاتفاق علي طريق للإثبات يمكن أن يكون عند تحليله بمثابة نزول عن الحق ، إما نزولا غير مقيد أو نزولا معلقا علي شرط . فالاتفاق علي إثبات حق هو اتفاق علي الحق ذاته . فإذا كا صاحب الحق يمكنه أن يتصرف في حقه ، فإنه يستطيع كذلك أن ينظم بالاتفاق طرقا لمنحه أو منعه ، ومن ثم يستطيع أن يخضعه لطريق معينة للإثبات ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 ) .
( [16] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1428 .
( [17] ) محكمة قارن الاستئنافية 25 فبراير سنة 1841 سيريه 41 – 2 – 427 – قارن : نقض فرنسي 6 يناير سنة 1936 داللوز الأسبوعي 1936 – 116 – 24 مارس سنة 1942 داللوز 1942 – 64 – 3 أغسطس سنة 1949 جازيت دي باليه 1949 – 2 – 106 بل ويجوز الاتفاق علي إعطاء القاضي حرية كاملة في الحكم بمقتضي اقتناعه الشخصي ( نقض فرنسي 13 ديسمبر سنة 1911 داللوز 1912 – 1 – 158 ) .
( [18] ) بل يجوز الاتفاق علي أن يقصر الإثبات علي طريق محدد في طبيعته وفي شكله ( نقض فرنسي 8 أغسطس 1901 سيريه 1904 – 1 – 48 مع تعليق شوفجران ( Chauvehrin ) – 10 مارس سنة 1867 سيريه 77 – 1 – 338 – 23 نوفمبر سنة 1891 سيريه 95 – 1 – 402 – 30 يوليه 1884 داللوز 85 – 1 – 439 – 6 أغسطس 1901 داللوز 1901 – 1 – 472 ) .
( [19] ) Juris – classeur 151 م 1341 – 1344 فقرة 9 – فقرة 17 .
( [20] ) نقض فرنسي أول أغسطس 1906 داللوز 1909 – 1 – 398 – 6 يناير سنة 1936 جازيت دي باليه 1936 – 1 – 576 ( يعتبر الخصم متنازلا عن حقه في التمسك بالإثبات بالكتابة إذا اشترك في التحقيق الذي أمرت به المحكمة أو طلب إجراء تحقيق مضاد لنفي التحقيق الأول ) – نقض فرنسي 5 مايو سنة 1941 سيريه 1941 – 1 – 174 ( وكذلك إذا حضر أمام الخبير ) – محكمة كولمار 4 نوفمبر سنة 1932 جازيت دي باليه 1933 – 1 – 232 – ( بل إذا هو لم يعارض في إجراء التحقيق ) .
( [21] ) نقض فرنسي 26 يونية سنة 1882 داللوز – 183 – 78 – 8 يونية سنة 1896 داللوز 1897 – 1 – 464 – 15 ديسمبر سنة 1903 سيريه 1907 – 1 – 369 – 22 فبراير 1911 داللوز 1913 – 1 – 360 – 26 مارس سنة 1935 سيريه 1936 – 1 – 181 – 6 يناير سنة 1936 داللوز الأسبوعي 1936 – 115 – 12 مايو سنة 1936 داللوز الأسبوعي 1936 – 410 – 24 مارس سنة 1942 داللوز 1942 – 64 – 19 يونية سنة 1947 جازيت دي باليه 1947 – 2 – 84 ، محكمة النقض البلجيكية 30 يناير سنة 1947 باسيكريزي 1947 – 1 – 29 .
انظر في أحكام القضاء الفرنسي في هذه المسائل بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1520 – بديان وبرو 9 فقرة 1155 .
( [22] ) والتون 1 ص 319 – الأستاذ أحمد نشأت في الإثبات 1 فقرة 93 – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه يجوز الاتفاق علي الإثبات بالكتابة فيما لا يزيد علي عشرة جنيهات ، كما إذا اتفق علي ألا يعتبر السداد إلا بإيصال أو استلام سند الدين مؤشراً عليه بالسداد ( استئناف مصر 16 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 133 ص 180 – انظر أيضا : استئناف أهلي 16 فبراير سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 رقم 7 ص 13 – 25 فبراير سنة 1906 الاستقلال 5 ص 170 – 18 يناير سنة 1909 الحقوق 24 ص 267 – الأقصر 14 أبريل سنة 1920 المحاماة 1 رقم 34 ص 207 ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه متي نص في عقد ولو في مسائل التجارة علي أن براءة الذمة لا تثبت إلا بتسليم السند أو بمخالصة بالكتابة ، فالإثبات لا يمكن حصوله بالبينة ( استئناف أهلي 16 فبراير سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 رقم 7 ) . وقضت محكمة جرجا بأن اشتراط المدين علي نفسه في سند دين قيمته أربعمائة قرش الإدعاء ببراءة ذمته إلا باستلام السند نفسه أو مخالصة ممضاة من الدائن ، وألا عبرة بالإثبات بالبينة ، هو شرط يجب اعتباره صحيحا ، فإن الشارع وضع حداً للشهادة الشفوية تخوفا منها واحترازاً ، وإنما أجازها القانون في الأحوال التي أجازها لفائدة المتعاقدين الذين لهم التنازل عنها ( جرجا 13 أكتوبر سنة 1902 المجموعة الرسمية 6 رقم 10 ) . وقضت محكمة الأقصر بأن الشرط الذي يذكر في سند دين بخمسمائة قرش علي أن الدفع لا يثبت إلا بالكتابة ، وأن الإثبات بالبينة لا يقبل ، هو شرط صحيح لأنه لا يخالف النظام العام ( الأقصر 16 ديسمبر سنة 1903 المجموعة الرسمية 6 رقم 11 ) . وقضت محكمة عابدين بأنه إذا نص في السند علي أنه لا تبرأ ذمة المدين من المبلغ المبين به إلا باستلامه مؤشراً عليه بالسداد ، وأنه لا تجوز الشهادة في ذلك ، كان طلب المدين الإحالة علي التحقيق لإثبات براءة ذمته من جزء من المبلغ غير مقبول ( عابدين 14 يونيه سنة 1938 المحاماة 20 رقم 515 ص 1240 ) وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الاتفاق في سند الدين علي أن الوفاء يجب إثباته بالكتابة ، ولا يجوز إثباته بالبينة حتي فيما يجوز قانونا إثباته بالبينة ، هو اتفاق صحيح ويجب إعماله ( استئناف مختلط 19 يناير سنة 1916 م 28 ص 115 – انظر أيضا : استئناف مختلط 23 يناير سنة 1895 م 7 ص 96 – 5 أبريل سنة 1916 م 28 ص 234 – 31 مايو سنة 1922 م 34 ص 440 ) .
( [23] ) الأستاذ أحمد نشأت في الإثبات 1 فقرة 92 – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن الإثبات بالكتابة فيما زاد علي ألف قرش هو أمر من النظام العام ، وبأن للمحكمة أن تحكم بعدم جواز الإثبات بالبينة في هذه الأحوال حتي لو قبل الخصوم الإثبات ، كما أن لها ان تحكم بذلك في أية حالة كانت عليها الدعوي ( استئناف مصر 19 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 535 ص 1053 ) . وقضت محكمة بني سويف الكلية بأنه لا يجوز للخصوم الاتفاق علي ما يخالف القاعدة المقررة في المادة 215 مدني ( م 400 جديد ) التي تقضي بعدم جواز الإثبات بالبينة فيما يزيد علي عشرة جنيهات ، إذ أن الشارع في تقريره هذه القاعدة لم يتوخ إلا مصلحة النظام العام ( بني سويف الكلية 30 ديسمبر سنة 1922 المجموعة الرسمية 24 رقم 88 ) .
( [24] ) والتون 1 ص 318 – ص 319 – وهذا هو الرأي الذي كان القضاء يسير عليه في الكثرة الغالبة من أحكامه . والأحكام التي نذكرها فيما يلي تشير إلي جواز تراضي الخصمين أثناء الدعوي علي قبول البينة في الإثبات ، ولم يعرض أي من هذه الأحكام إلي جواز الاتفاق مقدما علي جواز الإثبات بالبينة :
قضت محكمة النقض بأن الإثبات بالبينة في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك ليس من النظام العام . فإذا طالب شخص بمبلغ يزيد علي الحد الجائز فيه الإثبات بالبينة والقرائن ، مستنداً في ذلك إلي عقد رهن قال إنه سرق منه في حادثة جنائية ، وطلب الإثبات بالبينة ، ولم يدفع المدعي عليه بعدم جواز ذلك ، كما أنه لم يبد اعتراضا منذ تنفيذ الحكم الصادر بإحالة الدعوي إلي التحقيق ، فهذا يعتبر قبولا من للإثبات بالبينة يمتنع معه علي المحكمة الاستئنافية أن تتعرض من تلقاء نفسها لهذا الأمر ( نقض مدني 7 أبريل سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 107 ص 316 ) وقضت محكمة النقض في دائرتها الجنائية بأن السكوت عن التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة قبل البدء في سماع الشهادة مسقط له ، إذ الأصل أن الذي يدعي عليه بحق كما يملك الاعتراف به لصاحبه ، بطريق خاص قانعا منه بغيره ، لأن مراعاة قواعد الإثبات لا تتعلق بالنظام العام ( نقض جنائي 8 نوفمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 1 ص 10 ) وقضت أيضا بأن الدفع بأن المحكمة أخطأت إذا أخذت بشهادة الشهود في إثبات ما تزيد قيمته علي ألف قرش ليس من النظام العام ، فلا يجوز التمسك به لأول مرة لدي محكمة النقض ( نقض جنائي 2 ديسمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 294 ص 678 ) وقضت أيضا بأن سكوت المتهم بالتبديد عن التمسك قبل البدء في سماع شهادة الشهود بعدم جواز إثبات تسلمه المال المدعي تبديده بالبينة مسقط لحقه في الدفع بذلك . إذ الأصل أن المدعي عليه بحق ما دام له أن يعترف بالحق المدعي به فيعفي المدعي من أن يقدم أي دليل عليه ، فأنه يكون له أن يتنازل ولو ضمنا عن حقه في مطالبة المدعي من أن يقدم أي دليل عليه ، فأنه يكون له أن يتنازل ولو ضمنا عن حقه في مطالبة المدعي بالإثبات بالطريق المعين في القانون اكتفاء بغيره ، ومراعاة قواعد الإثبات في المواد المدنية لا شأن لها بالنظام العام . وإذن فإذا كان المتهم لم يوجه أي اعتراض علي سماع شهادة الشهود قبل البدء في إدلائهم بالشهادة ، حتي ولا بعد الانتهاء من سماعهم ، فإن ذلك منه يعد تنازلا عن حقه في مطالبة المجني عليه بالإثبات بالكتابة إذا كان الحق المطالب به مما يجب إثباته بالكتابة ، ويمنعه من أن يتمسك بهذا الدفع أمام المحكمة الاستئنافية فيما بعد ( نقض جنائي 5 يناير سنة 1942 المحاماة 22 رقم 215 ص 638 ) . وقضت أيضا بأن القيود التي جاء بها القانون المدني في مواد الإثبات لم توضع للمصلحة العامة وإنما وضعت لمصلحة الأفراد ، فالدفع بعدم جواز إثبات الحق المدعي به بالبينة يجب علي من يريد التمسك به أن يتقدم به إلي محكمة الموضوع . فإذا هو لم يثر شيئا من ذلك ، بل ناقش أقوال الشهود الذين سمعوا في مواجهته ، فإنه يعتبر متنازلا عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون ، ولا يكون له من بعد أن يتمسك بهذا الدفع أمام محكمة النقض ( نقض جنائي 26 أكتوبر سنة 1942 المحاماة 23 رقم 160 ص 375 ) . وقضت أيضا بأن قواعد الإثبات في المواد المدنية ليست متعلقة بالنظام العام ، فيجب علي من يدعي عدم جواز إثبات الحق المدعي عليه به بالبينة أن يدفع بذلك لدي محكمة الموضوع قبل سماع الشهود . فإذا هو لم يتقدم بهذا الدفع إلا بعد سماع الشهود ، فلا يكون له أن يرجع عما سبق أن قبله ضمنا من جواز الإثبات بالبينة ( نقض جنائي 3 نوفمبر سنة 1943 المحاماة 22 رقم 150 ص 456 ) . انظر أيضا في هذا المعني : نقض جنائي 27 أبريل سنة 1942 المحاماة 23 رقم 81 ص 197 – 19 أبريل سنة 1943 المحاماة 25 رقم 101 ص 534 – 5 فبراير سنة 1945 المحاماة 27 رقم 128 ص 312 – 18 ديسمبر سنة 1950 المحاماة 32 رقم 465 ص 1423 – 22 يناير سنة 1951 المحاماة 33 رقم 81 ص 177 – 4 فبراير سنة 1952 المحاماة 34 رقم 481 ص 1154 ) .
ويجوز للخصوم ، بعد أن تراضوا علي أن يشهدوا شخصا معينا ، أن يشهدوا شاهدا غيره ( نقض مدني 4 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 335 ص 657 ) . ولا يعتبر الاتفاق علي إثبات الحالة بمعرفة خبير معين مانعا من رفع دعوي إثبات الحالة بخبير يعينه قاضي الأمور المستعجلة ( مصر الكلية مستعجل 10 أغسطس سنة 1932 المحاماة 13 رقم 372 ص 755 ) .
( [25] ) وكان هذا هو رأينا في عهد التقنين المدني السابق . وكتبنا في الموجز في هذا المعني ما يأتي : ” ويمكن القول بشيء من التعميم أن عدم اعتبار قواعد الإثبات من النظام العام هو الرأي الذي يذهب إليه القضاء في فرنسا ، ويقول به الفقه في مصر ، ويجنح إليه القضاء المصري في بعض تطبيقاته . . . ولا يخالفه إلا الفقه الفرنسي دون أن تصل هذه المخالفة إلي حد الإجماع . ونحن نؤيد هذا الرأي ، لأن قواعد الإثبات إذا كانت في الأصل موضوعة لضمان حسن سير العدالة والتقاضي ، إلا أن هذا لا يمنع الخصوم إذا رأوا ، فيما يتعلق بمصالحهم الشخصية ، إلا بأس عليهم من اتباع قاعدة دون أخري ، أن يتفقوا علي ذلك . فهم أحرار في تقدير ما يرونه صالحا ، ما دام الحق المتنازع عليه لا يمس النظام العام . وهم قادرون علي التنازل عن هذا الحق ، فيستطيعون ، من باب أولي ، رسم طريق خاص لإثباته . لاسيما ان القاعدة الأساسية في النظام القضائي هي حياد القاضي ،وتركه الخصوم يديرون دفة الدعوي كما يريدون في الحدود المشروعة ومن رأينا أنه يجوز الاتفاق علي الإثبات بالكتابة حيث يجوز الإثبات بالبينة ، ويجوز الاتفاق علي الإثبات بالبينة حيث يجب الإثبات بالكتابة سواء كان هذا الاتفاق وقت رفع الدعوي ، أو من طريق تنازل أحد الخصوم عن حقه في الاستمساك بالإثبات بالكتابة ، أو كان الاتفاق مقدما قبل قيام النزاع . ولا نستثني إلا فرضا واحدا : حيث يكون الحق المتنازع عليه معتبراً من النظام العام ، كما إذا وقع نزاع علي الزوجية أو البنوة أو نحو ذلك ، وكان القانون يتطلب طريقا معينا للإثبات ، فلا يجوز للخصوم أن يتفقوا علي طريق آخر ، لأن الحق المدني الذي يراد إثباته من النظام العام ، فيمتنع علي الخصوم أن يحيدوا عن طريق الذي رسمه المشرع لإثبات هذا الحق ، مراعاة للاعتبارات التي لوحظت في جعل الحق من النظام العام . فالعبرة إذن ليست بقاعدة الإثبات نفسها ، بل بالحق الذي يراد إثباته ” ( الموجز فقرة 670 ص 700 – ص 701 ) .
( [26] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذه المسألة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 397 – ص 399 ) وأخص ما ورد في هذه المذكرة صريحا في المعني الذي نقول به ، من أن التقنين الجديد يجيز الاتفاق علي الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة ، هو ما يأتي : ” وقد كان المشرع بين أن يرفع قيمة نصاب البينة وبين أن يجيز الاتفاق علي مخالفة وجوب الإثبات بالكتابة ، ولاسيما بعد أن قضت محكمة النقض بجواز هذه الاتفاق ( نقض مدني 7 أبريل سنة 1938 المجموعة الرسمية 39 ص 481 رقم 188 – ومجموعة أحكام النقض 2 ص 316 رقم 107 ) . وقد رؤي التمشي مع مذهب هذا القضاء . علي أن أمر الخيار في هذا الشأن لا يزال موكولا للاستحسان ، فليس ثمة ما يحول دون العدول عن هذا المذهب والنص علي رفع نصاب الشهادة ، مع حظر الاتفاق علي خلاف القواعد المتعلقة بالإثبات ” وظاهر أن التقنين الجديد اختار الرأي الأول ، فلم يرفع نصاب الشهادة وأباح الاتفاق علي خلاف القواعد المتعلقة بالإثبات .
( [27] ) وتقع هذه التعديلات الاتفاقية في طرق الإثبات أكثر ما تقع في العقود مع الملتزمين بالمرافق العامة ، من ماء ونور ونقل وتأمين وغير ذلك . ويلاحظ عند ذلك ذلك أنها تقع في الغالب في عقود إذعان ، فيكون تفسيرها لمصلحة المذعن ، ويجوز أن تكون تعسفية فيبطلها القاضي أو ينتقص منها .
( [28] ) ويقول بهذا الرأي الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 20 – ص 22 – انظر أيضا من هذا الرأي الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 674 – ويذهب الأستاذ سليمان مرقس إلي أن المقصود بإمكان الاتفاق علي جواز الإثبات بالبينة وفقا لنص الفقرة الأولي من المادة 400 هو أن يكون هذا الاتفاق بعد قيام النزاع ، حيث يكون الخصم في موقف يسمح له بتقدير ما يتعرض له بقبول الإثبات بالبينة ، أما الاتفاق سلفا علي التحلل من وجوب الإثبات بالكتابة فإن فيه نوعا من المضاربة ، هذا إلي أنه من الصعب تصوره ، وإلي ان التقنين الجديد أشار إلي حكم لمحكمة النقض لم يعرض إلا للاتفاق بعد قيام النزاع ( أصول الإثبات ص 370 ص 373 انظر أيضا الأستاذ عبد الباسط جميعي في نظام الإثبات ص 158 – ص 160 ) ونأخذ علي هذا الرأي أنه يواجه في التقنين الجديد نصا مطلقا لا يميز بين اتفاق تم بعد قيام النزاع واتفاق تم قبل ذلك ، فكلاهما جائز بصريح النص . أما الغرر الذي يحتج به في حالة الاتفاق قبل قيام النزاع فلم يبلغ من الشأن ما يعيب الاتفاق إلي حد أن يجعله باطلا ، وما أيسر علي الخصم أن يتجنبه إذا خشيه بأن ينبذ أي اتفاق من هذا القبيل . وليس من الصعب تصور اتفاق علي جواز الإثبات بالبينة قبل قيام النزاع ، ويكفي لتصوره أن نفرض سند الدين مكتوبا وقد نص فيه علي جواز إثبات وفاء الدين بالبينة . وإذا كانت المذكرة الإيضاحية قد استشهدت بحكم ورد في حالة الاتفاق بعد قيام النزاع ، فذلك لأن واضع هذه المذكرة لم يكن أمامه حكم ورد في الحالة الأخري ، فلم يسعه إلا الاستشهاد بذلك الحكم . علي أن محكمة النقض ، كما أريناها ، تطلق القول في أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام ، ولا تقصر قولها هذا علي حالة دون حالة .
ويري الأستاذ أحمد نشأت أن المادة 400 من التقنين الجديد جاءت مطلقة ، فسوت بين الاتفاق السابق علي رفع الدعوي والاتفاق اللاحق ، وكلاهما جائز . ولكنه يري أنه ” كان يحسن بالشارع في القانون المدني الجديد أن يفرق بين حالة الرضا صراحة أو دلالة أثناء سير الدعوي وبين حالة الاتفاق مقدما عند التعاقد أو قبل رفع أي دعوي حيث يخشي أن يقصد المتعاقدان المضاربة بالشهود ” ( الإثبات 1 ص 99 – ص 100 ) واحتمال المضاربة بالشهود أضعف من أن يقوم مبرراً للخروج علي أصل ثابت في القانون ، هو أن صاحب الحق إذا استطاع التصرف فيه ، فأولي به أن يستطيع تنظيم طريق لإثباته .
( [29] ) تاريخ النص : ورد نص المادة 400 من التقنين المدني الجديد في المادة 538 من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : ” 1 – إذا كان الالتزام التعاقدي ، في غير المواد التجارية ، تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، أو كان غير محدد القيمة ، فلا تجوز البينة في إثبات وجود الالتزام أو التخلص منه ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك . 2 – ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت تمام العقد . ويجوز الإثبات بالبينة إذا كانت زيادة الالتزام علي عشرة جنيهات لم تأت إلا من ضمن الفوائد والملحقات إلي الأصل . 3 – وإذا اشتملت الدعوي علي طلبات متعددة ، لم يقم علي أيها دليل كتابي ، جاز الإثبات بالبينة في طلب لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، حتي لو كانت هذه الطلبات في مجموعها تزيد علي هذه القيمة ، وحتي لو كان منشؤها علاقات بين نفس الخصوم أو عقوداً من طبيعة واحدة . وكذلك الحكم في كل وفاء تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ” وفي لجنة المراجعة غيرت عبارة ” الالتزام التعاقدي ” بعبارة ” التصرف القانوني ” في الفقرة الأولي ليكون الحكم أكثر دقة ، فلا يتناول العقود فحسب ، بل ينسحب علي سائر التصرفات القانونية ، ولا يخرج من نطاقه إلا الوقائع المادية والتصرفات التجارية . وأضيفت عبارة ” ناشئة عن مصادر متعددة ” بعد عبارة ” طلبات متعددة فقرة الفقرة الثالثة لتزيد الحكم الوارد فيها وضحا ، كما أدخلت بعض تعديلات لفظية أخري ومنها حذف عبارة ” لم يقم علي أيها دليل كتابي ” لعدم الحاجة إليها ، فأصبح نص المادة مطابقا تقريبا لما استقر عليه النص في التقنين الجديد ، وأصبح رقمها 413 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب علي النص بعد استبدال كلمة ” انقضائه ” بعبارة ” التخلص منه ” الواردة في الفقرة الأولي . ووافقت لجنة مجلس الشيوخ علي المادة دون تعديل ، وأصبح رقمها 400 ووافق عليها مجلس الشيوخ ( مجموع الأعمال التحضيرية 3 ص 393 و ص 400 – ص 401 ) .
( [30] ) تاريخ النص : ورد نص المادة 401 من التقنين المدني الجديد في المادة 539 من المشروع التمهيدي علي وجه مطابق تقريبا . ,أضافت لجنة المراجعة عبارة ” ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيها ” في صدور المادة ، فأصبحت مطابقة لما استقر عليه النص ، وأصبح رقم المادة 414 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، ثم لجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 401 ، ثم مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 402 و ص 404 ) .
( [31] ) وكانت المادة 215 / 280 من التقنين المدني السابق تنص علي ما يأتي : ” في جميع المواد ، ما عدا التجارية ، إذا كان المدعي به عبارة عن نقود أو أوراق تزيد قيمتها عن ألف قرش ديواني أو غير مقدرة ، فالأخصام الذين لم يكن لهم مانع منعهم من الاستحصال علي كتابة مثبتة للمدين أو للبراءة لا يقبل منهم الإثبات بالبينة ولا بقرائن الأحوال .
وكانت المادة 216 / 281 تنص علي ما يأتي : ” إنما لهم استجواب الخصم علي حسب القواعد المقررة في قانون المرافعات للاستحصال علي إقراره أو تكليفه باليمين ” .
ولا فرق في الأحكام ما بين نصوص التقنين الجديد ونصوص التقنين القديم ، غير أن النصوص الأولي أدق صياغة وأكثر تفصيلا ، لاسيما في تحديد أن المراد هو التصرف القانوني دون الواقعة المادية ، وفي عدم قصر محل التصرف علي النقود والأوراق ، وفي كيفية تقدير قيمة التصرف القانوني في الصور المختلفة التي يغلب وقوعها في العمل علي وجه يخالف في بعض هذه الصور التقنين المدني الفرنسي كما سنري .
( [32] ) نصوص التقنينات المدنية العربية الأخري : قانون البينات السوري م 52 : يجوز الإثبات بالشهادة في الالتزامات غير التعاقدية . م 53 : في الالتزامات التعاقدية يراعي في جواز الإثبات بالشهادة وعدم جوازه الأحكام الآتية . م 54 : 1 – إذا كان الالتزام التعاقدي في غير المواد التجارية تزيد قيمته علي مائة ليرة أو كان غير محدد القيمة ، فلا تجوز الشهادة في إثبات وجود الالتزام أو البراءة منه ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك . أما في الالتزامات التجارية إطلاقا وفي الالتزامات المدنية التي لا تزيد قيمتها علي مائة ليرة فيجوز الإثبات بالشهادة . والباقي من النص يطابق تقريبا الفقرتين 2 و 3 من المادة 400 من التقنين المدني المصري م 55 : تطابق تقريبا نص المادة 401 من التقنين المدني المصري . ونري من ذلك ألا خلاف في الأحكام ما بين القانون السوري والتقنين المصري ، حتي في نصاب البينة ، فهو مائة ليرة في القانون السوري ، ويعادل تقريبا عشرة جنيهات مصرية .
تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني م 241 : إن العقود أو غيرها من الأعمال القانونية التي يقصد بها إنشاء موجبات وحقوق أو انتقالها أو إسقاطها لا يجوز إثباتها بالبينة الشخصية إذا كانت قيمتها تتجاوز خمسا وخمسين ليرة لبنانية سورية ، بل يجب أن ينشأ لها سند لدي الكاتب العدل أو سند ذو توقيع خاص م 242 : تقبل البينة الشخصية : ( 1 ) في المواد التجارية . ( 2 ) إذا كان ما يراد إثباته ليس عملا قانونيا بل مجرد فعل مادي كالجرم أو شبه الجرم أو شبه العقد . وليس العمل القانوني الذي يعقد بين شخصين أو عدة أشخاص إلا فعلا ماديا بالنظر إلي الأشخاص الآخرين الذين لا علاقة لهم به ، فيجوز لهؤلاء أن يثبتوه علي هذا الوجه . ( 3 ) . . . م 243 : في الدعاوي التي تزيد قيمتها عن خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية . تبقي البينة الشخصية غير مقبولة فيها وإن تكن قيمة المطلوب تقل عن هذا المبلغ . وعليه فإن طلب مبلغ يقل عن خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية لا يجوز إثباته بالبينة الشخصية إذا كان هذا المبلغ بقية أو جزءاً من دين تزيد قيمته علي خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية ولم يثبت بسند خطي م 244 : يجب أن تقدر قيمة الدعوي بالنظر إلي الزمان والمكان اللذين تم فيهما العمل القانوني م 245 : إذا كانت القيمة المتنازع عليها تزيد عل خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية ، فلا يجوز للمدعي أن يجزيء طلبه ، ولا أن يتنازل عن قسم من دينه ، ليجعل قيمته أقل من خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية ، إذ أن العبرة لقيمة الحق المتنازع عليه لا لقيمة الطلب – م 246 : إذا كان للمدعي علي المدعي عليه عدة حقوق متميزة أصلا وسببا ، وكانت قيمة كل منها تنقص عن خمس وخمسين ليرة لبنانية سورية مع أن قيمة المجموع تزيد علي هذا المبلغ ، فإن البينة الشخصية تقبل من المدعي ولو أقام دعوي واحدة للمطالبة بحقوقه المتعددة . ( وأحكام التقنين اللبناني تتفق مع أحكام التقنين المصري ، بالرغم مما بينهما من اختلاف في الصياغة والأسلوب والألفاظ . غير أن نصاب البينة في التقنين اللبناني هو خمس وخمسون ليرة لبنانية سورية ، وقيمتها أقل من عشرة جنيهات مصرية ) .
التقنين المدني العراقي : المواد 486 إلي 496 تطابق تقريبا نصوص قانون البينات السوري ، وتقرب كثيراً من نصوص التقنين المدني المصري . ولا تختلف أحكام هذه المواد عن أحكام التقنين المصري ، حتي في نصاب البينة ، فهو عشرة دنانير في التقنين العراقي ، وهي قيمة تساوي تقريبا عشرة جنيهات مصرية .
التقنين المدني للمملكة المتحدة الليبية م 387 : مطابقة للمادة 400 من التقنين المدني المصري – م 388 : مطابقة للمادة 401 من التقنين المدني المصري . فالأحكام في التقنينين إذن واحدة ونصاب البينة هو عشرة جنيهات ليبية وتساوي تقريبا عشرة جنيهات مصرية .
( [33] ) التقنين المدني الفرنسي : م 1341 سبق إيرادها – م 1342 : تسري القاعدة المتقدمة ( ضرورة الإثبات بالكتابة ) في حالة ما إذا اشتملت الدعوي ، فوق المطالبة بالأصل ، علي المطالبة بالفوائد ، وكان الأصل مضموما إليه الفوائد يزيد علي خمس آلاف فرنك ( يخالف هذا الحكم الفقرة 2 من المادة 400 من التقنين المدني المصري ) – م 134 : إذا طالب شخص بما يزيد علي خمس آلاف فرنك ، فلا يجوز له الإثبات بالبينة حتي لو أنقص طلبه الأصلي ( يوافق هذا الحكم حرف ( جـ ) من المادة 401 من التقنين المدني المصري ) – م 1344 : لا يجوز الإثبات بالبينة في طلب ولو قل عن خمسة آلاف فرنك ، إذا ظهر أن هذا الطلب هو الباقي أو هو جزء من حق أكبر لم يثبت بالكتابة ( يوافق هذا الحكم حرف ( ب ) من المادة 401 من التقنين المدني المصري ) – م 1345 : إذا اشتملت الدعوي علي طلبات متعددة ، لم يقم علي أيها دليل كتابي ، وكان مجموع هذه الطلبات يزيد علي خمسة آلاف فرنك ، فلا يجوز الإثبات بالبينة ، حتي لو قرر المدعي أن هذه الطلبات تولدت من مصادر متنوعة ونشأت في أوقات مختلفة ، إلا أن تكون حقوقا انتقلت إليه بطريق الميراث أو الهبة أو غير ذلك من أشخاص متعددين( يخالف هذا الحكم حكم الفقرة 3 من المادة 400 من التقنين المدني المصري ) – م 1346 : جميع الطلبات التي ليس عليها دليل كتابي كامل ، أيا كان مصدرها ، يجب ضمها في دعوي واحدة . ولا يقبل بعد ذلك أي طلب لا يكون عليه دليل كتابي( يخالف هذا الحكم أحكام القانون المصري ) .
( [34] ) وكان التقنين المدني السابق ( م 363 / 446 ) يوجب أن يكون إثبات عقد الإيجار بالكتابة ولو لم تجاوز قيمته عشرة جنيهات . هذا أما الهبة والرهن الرسمي والوقف وبيع السفينة فتصرفات شكلية ، الكتابة فيها لانعقاد التصرف لا لمجرد إثباته .
( [35] ) وغني عن البيان ان التصرف القانوني ، إذا كانت الكتابة واجبة في إثباته ، يثبت أيضا في هذه الحالة بالإقرار وباليمين ( استئناف مختلط 6 يونية 1889 م 1 ص 168 – 13 فبراير سنة 1890 م 2 ص 231 – 7 يناير سنة 1891 م 3 ص 106 – 2 يناير سنة 1896 م 8 ص 67 – 6 فبراير سنة 1896 م 8 ص 215 – أول أبريل سنة 1897 م 9 ص 255 – 19 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 111 – 29 ديسمبر سنة 1923 م 36 ص 109 – 27 مايو سنة 1924 م 36 ص 387 – 8 مايو سنة 1930 م 42 ص 485 – 13 ديسمبر سنة 1939 م 52 ص 47 .
( [36] ) أما التصرف المدني ، ولو كان بين تاجرين ، فيدخل في القاعدة ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1930 م 42 ص 493 – 14 مارس سنة 1934 م 46 ص 212 ) .
( [37] ) أما الوديعة الاضطرارية فتثبت بجميع الطرق لوجود المانع من الكتابة ، وسيأتي بيان ذلك . وفي خصوص الوديعة الاختيارية ، يلاحظ أن المادة 1341 من التقنين المدني الفرنسي ذكرتها صراحة . والسبب في ذلك أن أمر مولان ( Moulin ) الذي سبقت الإشارة إليه كان عاما يشمل الوديعة وغيرها من التصرفات ، ولكن لما كان المودع عنده شخصا متفضلا يتبرع عادة بحفظ الوديعة ، فيتحرج المودع أن يطالبه بوثيقة مكتوبة لإثبات الوديعة ، فقد قيل في ذلك الوقت إن الوديعة لا يلزم في إثباتها الكتابة ، فجاء أمر سنة 1667 يذكرها صراحة علي أنها داخلة في القاعدة وأن الكتابة لإثباتها واجبة ، حتي يزيل هذا اللبس . وانتقل هذا النص الصريح إلي المادة 1341 ( بوتييه في الالتزامات فقرة 787 – بودري وبارد 4 فقرة 2523 ) .
( [38] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الاستبدال ( التجديد ) حقيقة قانونية إن صح القول فيها بأنها لا تفترض كما نص علي ذلك في المادة 1273 من القانون الفرنسي ، فهي من الحقائق المركبة التي كما يمكن إثباتها بالكتابة الصريحة يصح إثباتها بطريق الاستنتاج كمبدأ الإثبات بالكتابة تعززه القرائن وظروف الأحوال المؤيدة له ( نقض مدني 27 مايو سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 10 ص 12 ) .
( [39] ) وكذلك الإبراء في التقنين المدني السابق ، إذ كان يتم بالاتفاق ، لا بالإرادة المنفردة كما هو الأمر في التقنين المدني الجديد .
( [40] ) وقد قدمنا أنه إذا كان التعبير عن الإرادة في العقد يستخلص من وضع مادي ، وجب التمييز بين التعبير عن الإرادة في ذاته ، ويكفي فيه هذا الوضع المادي ، وبين إثبات هذا التعبير ، ولا يجوز إلا بالكتابة فيما يجاوز النصاب . ومن ذلك القسمة ، والهبة اليدوية والوكالة الضمنية ( بيدان وبرو 9 فقرة 1259 ص 340 – ص 341 وأحكام القضاء الفرنسي التي أشير إليها في هذا المرجع – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1517 ) .
( [41] ) لا رومبيير 6 م 1341 فقرة 6 – ديمولومب 30 فقرة 14 – لوران 19 فقرة 406 – هيك 8 فقرة 28 – أوبري ورو 12 فقرة 762 هامش رقم 1 – بودري وبارد 4 فقرة 2522 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1517 – بيدان وبرو 9 فقرة 1259 ص 340 – وقد ورد عكس ذلك خطأ في الموجز ص 698 .
هذا وقد قدمنا ، في تاريخ نص المادة 400 ، أن المشروع التمهيدي كان يتضمن عبارة ” الالتزام التعاقدي ” ، فغيرت هذه العبارة في لجنة المراجعة بعبارة ” التصرف القانوني ” حتي يتناول الحكم ، لا العقود فحسب بل ينسحب أيضا علي سائر التصرفات القانونية ، ولا يخرج من نطاقه إلا الوقائع المادية والتصرفات التجارية . وكان المشروع الأولي للإثبات ( م 23 ) يذكر عبارة ” التصرف القانوني ” ، التي عدل عنها إلي عبارة ” الالتزام التعاقدي ” في المشروع التمهيدي ، ثم صححت العبارة في المشروع النهائي كما تقدم القول ( انظر في هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 352 هامش رقم 2 ) .
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” ويشترط لتطبيق الحكم الوارد في المادة 538 من المشروع توافر شرطين ” يتعلق أولهما بطبيعة التصرف الذي يجري إثباته ، ويتصل الثاني بقيمة هذا التصرف . ويراعي بالنسبة للشرط الأول ، وهو الخاص بطبيعة التصرف ، أن التقنين الفرنسي ( م 1341 ) قد استعمل في معرض بيان هذه الطبيعة عبارة ” كل شيء ” وأن التقنين المصري ( السابق ) قد جعل من اصطلاح ” جميع المواد ” بديلا من هذه العبارة ، في حين اقتصر المشروع الفرنسي الإيطالي علي ذلك ” العقود ” .وقد آثر المشروع الإفصاح عن مراده ، فصرف النص إلي ” جميع الالتزامات التعاقدية ” ( ثم عدلت بعد ذلك في لجنة المراجعة فصارت ” التصرف القانوني ” ) .علي أن الفقه والقضاء في مصر متفقان علي أن عبارة النص لا تتناول العقود فحسب ، بل ينسحب حكمها علي سائر التصرفات القانونية ، فلا يخرج من نطاقها إلا الوقائع القانونية . وغني عن البيان أن التصرف القانوني ينصرف إلي كل تعبير عن الإرادة يقصد منه إلي ترتيب أثر قانوني . وهو بهذه المثابة لا يقتصر علي العقود فحسب ، بل يشمل الإرادة المنفردة كالإيجاب والقبول والتنازل عن حق الوفاء والإجازة وبديهي أن صاحب القح لا يعني بتهيئة الدليل وقت انعقاد التصرف القانوني ما لم يكن قد قصد منه إلي ترتيب آثار قانونية لصالحه . أما الوقائع القانونية ، وهي التي يستقل القانون بترتيب آثارها ويلتزم محدثها دون أن يسعي إلي ذلك ، فمن المستحيل في الأصل أن يهيأ دليل كتابي بشأنها ولذلك أبيح إثبات هذه الوقائع بالبينة ، سواء أكانت منشئة لأشباه عقود أو جنح . وتستخلص من ذلك نتيجتان : أ – ( أولاهما ) أن الوقائع المادية لا ينبغي أن تذكر بين الاستثناءات التي ترد علي الحكم المتقدم ذكره ، لأن هذا الحكم لا يسري بشأنها . وقد حاد التقنين الفرنسي والتقنين الإيطالي ( م 1384 ) عن جادة المنطق بإزاء الالتزامات الناشئة عن أشباه العقود والجنح وأشباه الجنح ، بوصفها أمثلة لهذه الاستثناءات . ب – ( والثانية ) يدخل في الاستثناء التصرفات القانونية غير المعينة القيمة ( انظر المادة 215 / 280 من التقنين المصري ) والتصرفات القانونية التي أوجب القانون بالنص إثباتها بالكتابة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 396 – 397 ) .
( [42] ) محكمة أسيوط الكلية ( دائرة استئنافية ) 17 ديسمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 8 – محكمة ملوي 6 فبراير سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 119 .
( [43] ) ويميز القضاء الفرنسي بين التصرف القانوني في ذاته وبين مشتملاته . فمتي ثبت التصرف القانوني بالدليل الواجب قانونا ، أمكن إثبات مشتملاتة بالبينة وبالقرائن . ويقول بيدان وبرو ( 9 فقرة 1264 ) أن الأمر واضح إذا ثبت التصرف بإقرار المدين أو إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة فإن يمكن حينئذ تكملة الدليل – بإثبات المشتملات – بالبينة وبالقرائن أما إذا ثبت التصرف بالدليل الكتابي الكامل ، فكيف يمكن إثبات المشتملات المادية ( contrnu materiel ) للورقة المكتوبة ، وهذه لا يجوز إثبات ما يخالفها أو يجاوزها إلا بالكتابة ، والمشتملات المعنوية ( contenu intellectual ) أي تفسير المشتملات المادية وتحديد مداها ، فهذه يمكن إجراؤها بالبينة وبالقرائن ( بيدان وبرو 9 فقرة 1264 ص 347 ) .
( [44] ) ورفع النصاب أيضا ،بقانون 23 فبراير سنة 1949 إلي عشرة آلاف من الفرنكات فيما يتعلق بالمدفوعات التي تقوم بها الدولة والأشخاص المعنوية العامة . هذا وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، استعراضا للقيم المتفاوتة للنصاب في التشريعات المختلفة ، ما يأتي : ” أما الشرط الثاني فهو يتعلق بالقيمة التي تعتبر نصابا للشهادة . وقد حدد التقنين الفرنسي والتقنين البلجيكي هذه القيمة بمائة وخمسين فرنكا ، وحددها التقنين الإيطالي بخمسمائة ليرة . ثم زيدت إلي خمسمائة فرنك بمقتضي القانون الصادر في سنة 1928 في فرنسا ، وإلي ألفين من الفرنكات بمقتضي القانون الصادر في سنة 1938 في لبجيكا ، وإلي ألفي ليرة بمقتضي المرسوم الصادر في 20 سبتمبر سنة 1922 في إيطاليا . وجعلها المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 293 ) ألفي ليرة أو فرنك . والواقع أن هبوط قيمة النقد أفضي في الدول التي حددت نصاب الشهادة بمبلغ مائة وخمسين فرنكا إلي الحيلولة دون تطبيق الأحكام المتعلقة بالإثبات بالبينة عملا . ولم يبلغ ما طرأ علي قيمة النقد المصري من التغيير مبلغ ما أصاب النقد في أوروبا ، ولهذا لم ير المشرع وجهما لرفع نصاب الإثبات بالبينة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 397 ) وقد رأينا أن لجنة المراجعة ، بالرغم مما جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، قد فكرت في رفع نصاب البينة إلي عشرين جنيها ، ولكنها عدلت عن ذلك للاعتبارات التي قدمناها .
( [45] ) كذلك إذا تمسك أحد المتعاقدين بفسخ العقد مطالبا بتعويض لا يجاوز النصاب وطلب الإثبات بالبينة ، جاز للمتعاقد الآخر أن يعارض في تقدير التعويض ، وأن يتمسك بأنه حتي لو ثبت وجود العقد ، فإن التعويض يجاوز النصاب فلا يجوز إثباته إلا بالكتابة . أما إذا طالب المدعي بقيمة شرط جزائي يقول إنه لا يجاوز النصاب ، فلا يجوز للمدعي عليه أن يعارض في صحة هذه القيمة وإلا كان مسلما بوجود العقد . فلا مناص إذن من التسليم مؤقتا بقول المدعي وإحالة الدعوي علي التحقيق لإثبات قيمة الشرط الجزائي ، فإن تبين من التحقيق أن القيمة تزيد علي النصاب لم تقبل البينة في إثباته ( أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 626 وهامش رقم 33 ) .
والعبرة بقيمة ما يبقي في ذمة المتعهد وقت التزامه . فإذا تم البيع بثمن قدرة عشرون جنيها دفع نصفه فوراً ، فالعبرة بالنصف الذي يبقي في ذمة المشتري وقت العقد لا بكل الثمن ، لأن هذا النصف فقط هو الذي كان يخشي إنكاره وكان ينبغي الاحتياط لإعداد الدليل عليه ( بودري وبارد 4 فقرة 2532 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 355 ) .
وفي إثبات عقد الرهن تكون العبرة بقيمة الشيء المرهون لا بقيمه القرض ( جنح مصر المختلطة 2 أغسطس سنة 1938 المحاماة 20 رقم 148 ص 397 – الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة ص 204 هامش رقم 1 – عكس ذلك : محكمة الإسكندرية الوطنية 26 يونية سنة 1929 المحاماة 10 رقم 96 ص 186 ) .
وفي إثبات عقد الكفالة تكون العبرة بالمبلغ المكفول . وقد قضت محكمة تمييز العراق بأن الكفالة تتبع في أمر إثباتها أصل المبلغ المكفول به ، فإن كان مما تجوز الشهادة فيه قبلت ، وإلا فلا ( القرار المرقم 1010 / ص / 1948 مجلة القضاء 6 عدد 1 و 2 ص 105 – الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 399 ) .
( [46] ) الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 355 – ص 356 .
( [47] ) ومثل ذلك أيضا إيداع مستندات غير محددة القيمة ، كشهادة طبية أو دبلومات علمية ( الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 354 وهامش رقم 3 – قارن استئناف أهلي 27 يناير سنة 1914 الشرائع 1 رقم 185 ص 332 ) . ومثل ذلك أخيراً حق الشخص في البناء علي أرض ، فهو غير محدد القيمة ، ولو كانت الأرض لا تزيد قيمتها علي عشرة جنيهات ( قارن بودري وبارد 4 فقرة 2526 ص 221 هامش رقم 4 ) .
( [48] ) انظر في الدفاع عن هذا المبدأ في القانون الفرنسي أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 319 هامش رقم 24 .
( [49] ) وكانت المادة 215 / 280 من التقنين المدني السابق تنص علي أنه ” إذا كان المدعي به ” وهذه العبارة توهم أن العبرة بالقيمة وقت المطالبة . ولكن النص كان يفسر ، مع ذلك ، بأن العبرة بالقيمة وقت صدور التصرف . وقد تجنب النص الفرنسي لهذه المادة اللبس الذي وقع فيه النص العربي ، فقد كان يجري علي الوجه الآتي :
Quand il s agira de sommes ou valeurs superieures a 1000 P .T…
( [50] ) قارن الموجز للمؤلف ص 699 ولم يكن في التقنين المدني السابق نص يماثل الفقرة الثانية من المادة 400 من التقنين المدني الجديد ، فكان الفقه يميل إلي الأخذ بحكم القانون الفرنسي ، وسنري أن هذا الحكم يقضي بضم الملحقات والفوائد لحساب نصاب البينة فإذا اعتبرنا أن التقنين الجديد قد استحدث الحكم القاضي بعدم الضم ، فإن هذا الحكم الجديد لا يسري إلا علي التصرفات التي نشأت منذ 15 من أكتوبر سنة 1949 تاريخ سريان التقنين الجديد .
( [51] ) ديرانتون 8 فقرة 319 – لارومبيير 5 م 1342 فقرة 1 – أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 321 وهامش رقم 27 – بودري وبارد 4 فقرة 2543 .
وفي القانون المدني الفرنسي ، إذا كان هناك شرط جزائي عن التأخير ، ضم إلي الأصل في حساب النصاب لأنه كان معروفا منذ صدور التصرف . أما التعويض عن التأخير الذي يقدره القاضي فلا يضم إلي الأصل ، لأنه لا يكون معروفا وقت صدور التصرف ( أوبري ور 12 فقرة 762 ص 322 هامش رقم 30 – بودري وبارد 4 فقرة 2544 ) .
( [52] ) قارن الأستاذ أحمد نشأت 1 فقرة 59 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” وتعرض الفقرة الثانية لتقدير قيمة الالتزام عند الإثبات . ويراعي أن التقنين الفرنسي ( الماود 1342 – 1345 ) والتقنين الإيطالي ( المواد 1342 – 1346 ) والمشروع الفرنسي الإيطالي تناولت جميعا بيان الأحكام التي تتبع في تقدير قيمة الالتزام الذي يراد إقامة الدليل بشأنه . بيد أن التقنين الفرنسي والتقنين الإيطالية والتقنين الهولندي تقرر جميعا إضافة الفوائد إلي أصل الدين عند تقدير قيمة النزاع ، بينما ينص المشروع الفرنسي الإيطالي علي جواز الإثبات بالبينة حيث لا تجاوز هذه القيمة نصاب الشهادة إلا من جراء إضافة الفوائد إلي أصل الدين . وغني عن البيان أن النص الوارد في هذا المشروع يعتبر أدني إلي العقل والمنطق ، لأن تقدير وجوب الحصول علي دليل كتابي مهيأ ينبغي أن يناط بقيمة التصرف عند انعقاده . ولذلك نصت الفقرة الثانية من المادة 538 من المشروع علي قاعدة وجوب الرجوع إلي قيمة الالتزام وقت تمام التعاقد ، فجعلت بذلك أصل الدين دون الملحقات مناطا للتقدير . ويلاحظ أن هذه الفقرة تتمشي مع نصوص المادة 30 / 28 من تقنين المرافعات المصري الخاصة بتقدير قيم الدعاوي لتعيين الاختصاص النوعي ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 399 ) . هذا ويلاحظ أن المادة 30 من تقنين المرافعات الجديد تقضي بأنه ” في الأحوال التي يبين فيها القانون اختصاص المحكمة علي أساس قيمة موضوع الدعوي ، تقدر هذه القيمة باعتبارها يوم رفع الدعوي ، ويدخل في التقدير ما يكون مستحقا يومئذ من الفوائد والتضمينات والمصاريف وغيرها من الملحقات المقدرة القيمة ” . وضم الملحقات إلي الأصل في تقدير قيمة الدعوي يوم رفعها أمر معقول ما دامت الملحقات مقدرة القيمة ، ففي يوم رفع الدعوي يقدر المدعي قيمة ما يدعيه . أما في الإثبات ، فالدائن يقدر قيمة ما يدعيه يوم صدور التصرف القانوني لا يوم رفع الدعوي ، فينبغي الوقوف عند التاريخ الأول دون الثاني في معرفة ما إذا كان الدليل الكتابي لازما أو غير لازم .
هذا ولا يعيب القاعدة التي رسمها التقنين المدني الفرنسي من ضم الملحقات إلي الأصل في حساب النصاب أنها عسيرة التطبيق ، فتطبيقها غير عسير ، كما رأينا ، ما دامت الملحقات التي تضم إلي الأصل معلومة المقدار وقت صدور التصرف . ولكن الأيسر عدم الضم ، فتتقي صعوبات من نحو حساب الشرط الجزائي وعدم حساب التعويض القضائي في النصاب . ثم إن قاعدة عدم الضم ، كما بينا ، تعالج بعض الشيء انخفاض المستوي في نصاب البينة ( انظر في هذه المسألة الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 359 هامش رقم 1 – وقارن الأستاذ أحمد نشأت في لإثبات فقرة 59 ص 59 ) .
( [53] ) أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 319 – ص 320 أما إذا كانت الشركة غير متنازع في وجودها ، فالعبرة بالمبلغ المطلوب . وقد قضت محكمة بني سويف الجزئية بأنه إذا طالب الشريك شريكه بمبلغ لا يزيد علي ألف قرش باق من حساب شركة ، جاز له إثباته بالبينة ، ولو كان رأس مالها يزيد علي ذلك ، متي كانت الشركة غير متنازع في وجودها ، لأن الإثبات بالبينة في هذه الحالة تنحصر فائدته في مبلغ لا يزيد علي الألف قرش ( 17 أبريل سنة 1900 المجموعة الرسمية 1 ص 296 ) .
ويقع أن يشترك عدد من الأشخاص في شراء ” أوراق النصيب ” ، والثمن لا يجاوز النصاب عادة ، ولكن الربح المأمول من الورقة يزيد كثيراً علي النصاب . فهل العبرة في إثبات الشركة بثمن الورقة فيجوز الإثبات بالبينة وبالقرائن ، أو بالربح المأمول فلا يجوز الإثبات إلا بالكتابة؟ يذهب الستاذ بلانيول ( 2 فقرة 1127 ) إلي أن العبرة بثمن الورقة . وانظر في هذا المعني : نقض فرنسي جنائي 2 أغسطس سنة 1937 سيريه 1941 – 1 – 161 – مونبيلييه 25 أبريل سنة 1937 داللوز الأسبوعي 1937 – 414 – محكمة سيدان الابتدائية 10 يولية سنة 1934 سيريه 1945 – 2 – 24 بيدان وبرو 9 فقرة 1262 – والصحيح في رأينا أن ثمن الورقة ليس هو محل الشركة ، بل محل الشركة هو الربح المأمول ، فالعبرة به في الإثبات ، ولا يجوز إذن إثبات الشركة في ورقة النصيب إلا بالكتابة . وقد قضت محكمة استئناف مصر بجواز إثبات الشركة بالبينة وجعلت العبرة بثمن الورقة – في قضية الشركة في ورقة النصيب التي ربحت عمارة المواسة المشهورة – ولكن محكمة النقض نقضت هذا الحكم ، وقضت بأن العبرة تكون بالربح المأمول لا بثمن الورقة ، فإثبات الشركة في الورقة يكون بالكتابة وجاء في أسباب حكمها ما يأتي : ” إذا كان المتعاقدون قد رموا باتفاقهم إلي غرض معين وتحقق لهم لهذا الغرض بالفعل ، ثم تنازعوا بعد ذلك علي الاتفاق ذاته من حيث وجوده ، فإن العبرة في تقدير قيمة النزاع في صدد تطبيق قواعد الإثبات تكون بقيمة ذلك الغرض ولو كانت قيمة ما ساهم فيه المتعاقدون جميعهم مما يجوز الإثبات فيه بالبينة . ولما كان الغرض من أوراق النصيب التي تصدرها الجمعيات الخيرية هو استفادة هذه الجمعيات بجزء من المبالغ التي تجمع لتنفقها في الوجه النافعة ، ثم فوز مشتري تلك الأوراق بالجوائز المسماة فيها ، كان كل من يشتري ورقة مساهما في الأعمال الخيرية وفي الجوائز التي تربحها الأوراق المسحوبة بنسبة ما دفعه من ثمن . وبهذا تعتبر الجائزة مساهمة من صاحب الورقة ببعض ما دفعه ومن المشترين ببعض ما دفعوه ، وهم جميعا راضون من باديء الأمر بأن يجعلوا هذه المساهمة عرضة للتضحية مقابل الأمل في الربح . وهذا يترتب عليه أن الورقة الرابحة بمجرد إعلان نتيجة السحب تنقلب صكا بالجائزة التي ربحتها ، ويكون من حق حاملها أن يطالب بالجائزة نقوداً كانت أو عينا معينه . وإذن فالجائزة في الواقع هي موضوع التعاقد والغرض الملحوظ فيه عند مشتري الورقة وعند الهيئة التي أصدرت ورق النصيب علي السواء . أما الورقة الرابحة فهي سند الجائزة ومظهرها الوحيد ، فلا تكون الجائزة مستحقة إلا بها . والقيمة المدفوعة ثمنا لها لا يكون لها عندئذ وجود ، إذ هي قد صارت مستهلكة في الجوائز وفي الأغراض التي من أجلها أصدرت أوراق النصيب . ولما كانت أوراق النصيب غير اسمية ، فإن الورقة الرابحة تكون سنداً لحامله بالجائزة وإذ كانت العبرة في ملكية السندات التي من هذا النوع هي الحيازة ، فإن صاحب الحق في المطالبة بالجائزة هو من تكون بيده الورقة الرابحة . فإذا ما ادعي غيره استحقاق الجائزة كلها أو بعضها فإنه ، في غير حالتي السرقة والضياع ، يتعين اعتبار القيمة المطلوبة ، لا بالنسبة للمحكمة المختصة فقط ، بل بالنسبة إلي قواعد الإثبات أيضا ، بحيث إذا كانت قيمة المدعي به تزيد علي ألف قرش كان الإثبات بالكتابة عملا بالمادة 215 مدني ( م 400 جديد ) ( نقض مدني 14 نوفمبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 303 ص 954 ) . انظر في هذه القضية الأستاذ أحمد نشأت في الإثبات 1 فقرة 61 – والأستاذ سليمان مرقس في أصولل الإثبات ص 359 هامش رقم 1 . وانظر عكس هذا الرأي الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة ص 206 هامش رقم 1 .
( [54] ) ديمولومب 30 فقرة 35 – لوران 19 فقرة 452 – أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 320 – بودري وبارد 4 فقرة 2531 وإذا وقع دائن المستخدم حجزاً علي ما يستحقه المستخدم من الأجر تحت يد رب العمل ، جاز إثبات المستخدم اليومي بالبينة ما دام لا يجاوز نصابها ، وما دام عقد الاستخدام ذاته غير متنازع فيه ، حتي لو كان المبلغ المحجوز عليه يزيد علي نصاب البينة ( بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 320 ) .
( [55] ) وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الفرنسي في المادة 1344 – وكان الفقه الفرنسي يجيز الإثبات بالبينة إذا كان الجزء من الحق هو الباقي من هذا الحق ، وكان لا يجاوز نصاب البينة ، لأن الدائن لم يعتمد علي البينة في أكثر من هذا النصاب ( بودري وبارد 4 فقرة 2532 – انظر أيضا الموجز للمؤلف ص 699 ) – ولو كان مبلغ القرض عشرين جنيها ، ومات المقترض عن أربعة من الورثة ، فانقسم الدين عليهم ( في القانون الفرنسي ) وصار نصيب كل منهم فيه لا يزيد علي نصاب البينة ، فإن الإثبات في هذه الحالة لا يجوز أن يكون بالبينة أو بالقرائن ( ديمولومب 30 فقرة 46 – لوران 19 فقرة 445 – هيك 8 فقرة 284 – أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 317 هامش رقم 17 – بودري وبارد 4 فقرة 2533 ) . ولو أن قرضا مقداره عشرون جنيها ، سدد المقترض منه عشرة ، ثم تعهد تعهداً جديداً بدفع العشرة الباقية ، فإن هذا التعقد الجديد – ولا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات – يجوز إثباته بالبينة وبالقرائن ( أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 317 هامش رقم 19 ) .
هذا وتقضي المادة 43 من تقنين المرافعات الجديدة بأنه ” إذا كان المطلوب جزاء من حق ، قدرت الدعوي بقيمة هذا الجزء ، إلا إذا كان الحق كله متنازعا فيه ولم يكن الجزء المطلوب باقيا منه فيكون التقدير باعتبار قيمة الحق بأكمله ” . وغني عن البيان أن طريقة تقدير قيمة الدعوي بالنسبة إلي الاختصاص النوعي تختلف عن طريقة تقديرها بالنسبة إلي الإثبات ، إذ أن الغاية من كل من التقديرين مختلفة . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” أما الحالتان الأخريان اللتان تكفل النص ببيانهما فيقتضيان شيئا من التفصيل : فالتقنين الفرنسي ( م 1342 – 1345 ) والمشروع الفرنسي الإيطالي ( م 294 – 297 ) عينا طريقة تقدير الالتزام ، حتي تتيسر مراعاة النصاب الذي لا يجوز قبول الإثبات بالبينة في حدوده . ولم ينص التقنين المدني المصري علي هذه الطريقة ، ولكن تقنين المرافعات ( م 30 / 28 ) عين طريقة تقدير الدعاوي بالنسبة للاختصاص . وليس يجوز الاعتماد علي تلك الطريقة في هذا الصدد لأن الغاية من التقدير مختلفة ، ولا أدل علي ذلك من مقارنة أحكام التقدير الخاصة بالإثبات بنظيرها فيما يتعلق بالاختصاص : ( أ ) فأحكام الإثبات تختلف عن أحكام الاختصاص فيما يتعلق بالاجتزاء . فإذا اجتزأ المدعي من دعواه بالمطالبة بعشرة جنيهات امتنع الإثبات بالبينة ، وثبت الاختصاص للقاضي الجزئي . علي أن هذا الاختصاص لا يجعل الإثبات بالبينة جائزاً أمام القاضي الجزئي ، لأن مناط التقدير في الإثبات هو قيمة الالتزام بأكمله وقت نشوئه ( ب ) ثم إن أحكام الإثبات تختلف عن أحكام الاختصاص فيما يتعلق بالبقية الباقية . فالأصل ، سواء فيما يتعلق بالاختصاص أو فيما يتعلق بالإثبات أن تقدير الطلب يناط بقيمة الالتزام بأسره دون تجزئة أو تبعيض . ولكن الاختصاص يثبت للقاضي الجزئي إذا كان المطالب به هو البقية الباقية من دين متي كانت هذه البقية داخلة في حدود اختصاص ، رغم أن الدين بتمامه يجاوز هذه الحدود – أما الإثبات بالبينة فلا يجوز علي نقيض ذلك ، ولو كانت البقية الباقية من الدين أقل من عشرة جنيهات ، متي كان أصل الدين بأسره يجاوز هذا القدر ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 403 – ص 404 ) .
( [56] ) ولو أن جملة الفوائد المستحقة عن مبلغ مقترض تزيد علي عشرة جنيهات ، ولم يطالب المقترض إلا بجزء من هذه الفوائد لا يزيد علي عشرة جنيهات ، لم يجز له في القانون الفرنسي الإثبات بالبينة أو بالقرائن ، لأنه يستند في طلبه إلي تصرف تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، وذلك حتي لو لم يطالب بأصل المبلغ المقترض ، ما دام مجموع الفوائد يزيد علي نصاب الشهادة ( أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 318 هامش رقم 22 ) أما في القانون المصري فالعبرة بأصل المبلغ المقترض دون أن تضم إليه الفوائد كما قدمنا .
( [57] ) وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدني الفرنسي في المادة 1343 ( ديمولومب 30 فقرة 45 – لوران 19 فقرة 451 – أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 317 – ص 318 وهامش رقم 20 – بودري وبارد 4 فقرة 2536 – فقرة 2539 – بيدان وبرو 9 به ، نزل عن دعواه أصلا ، ورفع دعوي جديدة علي أساس نفس التصرف ، وقدره بمبلغ لا يزيد علي عشرة جنيهات ، جاز له الإثبات بالبينة وبالقرائن ( أوبري ورو 12 فقرة 762 هامش رقم 21 ) .
( [58] ) أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 318 وهامش رقم 23 .
( [59] ) فإذا اشتري شخص من متجر ساعة بثمانية جنيهات وسلسلة بثلاثة ، فإن كانت الصفقة واحدة وجب الإثبات بالكتابة ، وإن كانتا صفقتين متفرقتين جازت البينة في كل منهما . أما إذا كان الطلب مكونا من عدة أجزاء ، كل جزء منها أقل من عشرة جنيهات ، ولكن المجموع يزيد علي هذه القيمة ، لم تجز البينة ( محكمة المنصورة 18 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 621 ص 757 – استئناف مختلط 30 يناير سنة 1890 م 2 ص 340 – 13 يونية سنة 1894 م 6 ص 319 ) .
( [60] ) وقد كان القضاء المصري في عقد التقنين المدني السابق وهو لا يشتمل علي نص صريح في جواز إثبات الوفاء الجزئي بالبينة إذا كان لا يزيد علي عشرة جنيهات ، غير مستقر في هذه المسألة . فقضت محكمة مص الكلية الوطنية بأنه يجوز لناظر الوقف أن يثبت بالبينة أنه دفع شهريا ما يستحقه المستحق ما دام هذا الدفع لا يزيد علي عشرة جنيهات ، ولو كان المبلغ المدعي به مبلغا متجمداً عن عدة شهور ويزيد علي عشرة جنيهات ( 23 يولية سنة 1904 الاستقلال 3 ص 327 ) . ولكن قضي بعد ذلك بأنه إذا كان الدين الذي تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ثابتا بالكتابة ، فلا يسوغ للمدين أن يثبت بالبينة براءة ذمته من جزء منه لا يزيد علي عشرة جنيهات إلا إذا بني ذلك علي حالة استثنائية تعفيه من الكتابة كضياع سند البراءة بحادث قهري ( منيا القمح 23 ديسمبر سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 22 ) وقضي أيضا بأنه يجب فيما يتعلق بإثبات الديون وإثبات التخلص منها أن يكون أساس جواز الإثبات بالبينة مبلغ الدين الأصلي لا ما يدعي أنه باق منه أو ما يدعي حصول تسديده ، وإلا لو أبيح جواز الإثبات بالبينة في ذلك لأمكن كل مدين ودائن ليس بيده كتابة أن يتخلص من أحكام المادة 215 مدني بواسطة تجزئته للدين ( أشمون الجزئية 14 يونية سنة 1923 المجموعة الرسمية 26 رقم 69 – استئناف أهلي 4 أبريل سنة 1905 الاستقلال 4 ص 528 ) – لذلك أحسن التقنين الجديد صنعا بالنص صراحة علي جواز إثبات الوفاء الجزئي فيما لا يزيد علي عشرة جنيهات بالبينة ( قارن الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 198 ) ، فإن القضاء المصري في عهد التقنين السابق كان يميل كما نري إلي الأخذ بعكس هذه القاعدة ، بل إن الحكم الذي أصدرته محكمة مصر بالسماح لناظر الوقف أن يثبت بالبينة الوفاء بالاستحقاق الشهري للمستحق إذا لم يزد علي عشرة جنيهات ، وهو الحكم المشار إليها فيما تقدم ، قد لا يستطاع القول بأنه يخالف الأحكام الأخري التي تقدم ذكرها ، إذ يمكن أن يقال انه هو أيضا أخذ بقيمة الدين الأصلي ، والدين الأصلي هنا هو الاستحقاق الشهري الذي لا يزيد علي عشرة جنيهات ، وإن كانت الاستحقاقات قد تجمدت فزاد مجموعها علي هذه القيمة .
ويترتب علي جواز إثبات الوفاء الجزئي بالبينة إذا كان لا يزيد علي عشرة جنيهات أنه إذا كانت جملة الفوائد المستحقة عن مبلغ مقترض لا يزيد علي عشرة جنيهات ، وقام المقترض بسدادها ، فأنه يجوز له أن يثبت هذا الوفاء بالبينة وبالقرائن . ولكن إذا كان الدائن هو الذي يريد أن يثبت هذا الوفاء ، أو أي وفاء جزئي آخر للدين لا يزيد علي عشرة جنيهات ، حتي يتخذ من ذلك ذريعة لقطع التقادم أو لإجازة عقد الدين القابل للإبطال وذلك بالنسبة إلي أصل الدين الذي يزيد علي عشرة جنيهات ، لم يجز للدائن في هذه الحالة إثبات الوفاء الجزئية بالبينة أو بالقرائن ولو أن الوفاء ينصب علي مبلغ لا يزيد علي عشرة جنيهات ذلك أن هذا الوفاء لا تقدر قيمته بالمبلغ الموفي به ، بل بقيمة عقد القرض الذي يراد قطع التقادم أو إجازته ، وعقد القرض تزيد قيمته كما قدمنا علي عشرة جنيهات . وقد قضت محكمة استئناف مصر في هذا المعني بأنه إذا أراد الدائن قطع التقادم بإثبات دفع المدين لمبلغ في خلال مدة التقادم ، فإن العبرة في تعيين طريقة الإثبات تكون بقيمة ذلك الدين بصرف النظر عن قيمة المبلغ المدفوع ، لأن أثر قيمة المبلغ المدفوع يتعداه إلي الإقرار بقيمة الدين كله ( استئناف مصر 19 يناير سنة 1938 المجموعة الرسمية 39 رقم 3 ص 67 – المحاماة 18 رقم 307 ص 628 – انظر أيضا : إيتاي البارود 12 يونية سنة 1938 المحاماة 19 رقم 194 ص 437 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 198 ص 367 ) . وانظر أيضا في هذه المسألة في الفقه الفرنسي : ديمولومب 30 فقرة 19 – لوران 19 فقرة 457 – هيك 8 فقرة 283 – أوبري ور 12 فقرة 762 هامش رقم 13 – بودري وبارد 4 فقرة 254 – بيدان وبرو 9 فقرة 1264 ص 344 .
( [61] ) وقد جاز في الموجز للمؤلف ، شرحا للتقنين المدني السابق ، ما يأتي : ” وإذا تعددت الالتزامات التعاقدية ما بين شخصين ، وكان كل منها مستقلا عن الآخر ولا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، جاز إثبات العقود فيها جميعا بالبينة أو بالقرائن ، حتي لو زاد مجموعها علي عشرة جنيهات ” . ثم جاء في الهامش رقم 7 من نفس الصفحة : ” ومع ذلك انظر المادة 1345 من القانون الفرنسي ، ولا يوجد نص مقابل لها في القانون المصري ” . ( الموجز ص 699 ) – قارن في هذه المسألة الأستاذ أحمد نشأت 1 فقرة 71 .
( [62] ) أما إذا قام علي دين منها دليل كتابي ، ولو مبدأ ثبوت بالكتابة ، أو قام مانع من الحصول علي الكتابة أو تقديمها ، فإنه لا يحسب في مجموع الديون ( أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 342 – ص 325 وهامش رقم 36 ورقم 37 ) .
( [63] ) انظر في هذا المعني أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 324 هامش رقم 34 .
( [64] ) ويقرر الفقهاء في فرنسا أن المادة 1346 لا تقوم علي أساس عدم الثقة بشهادة الشهود ، بل تقوم علي أساس آخر هو منع تعدد القضايا الصغيرة التي يجوز الإثبات فيها بالبينة ، وازدحام المحاكم بها وما يستتبع ذلك من تعقيد في الإجراءات وإطالة فيها بسبب الإحالة علي التحقيق ، فاقتضي المشرع من المدعي أن يجمع كل قضاياه التي من هذا القبيل في قضية واحدة للحد من كثرة مثل هذه القضايا الصغيرة ( أوبري ورو 12 فقرة 762 ص 325 وهامش رقم 39 – بودري وبارد 4 فقرة 2548 وفقرة 2553 ) .
هذا وتسري المادة 1346 فرنسي سواء كانت الطلبات التي لم يقم علي أيها دليل كتابي كامل يزيد مجموعها علي نصاب البينة أو لا يزيد ، وسواء كان الدين معفي من الدليل الكتابي الكامل لوجود مبدأ ثبوت بالكتابة أو لوجود مانع من الحصول علي الدليل الكتابي أو من تقديمه ، أو كان الدين غير معفي لسبب من هذه الأسباب . ولكنها لا تسري علي الديون التي لم تنشأ إلا بعد رفع الدعوي . وجزاء المادة 1346 ليس رفض الإثبات بالبينة ، بل هو عدم قبول الدعوي أصلا ، وللقاضي أن يحكم بعدم قبول الدعوي 762 ص 325 – ص 329 وهوامش رقم 40 إلي رقم 48 – بودري وبارد 4 فقرة 2552 – فقرة 2562 – بيدان وبرو 9 فقرة 1263 ص 345 – ص 346 ) .
وقد جاء في المادة 81 من قانون أصول المحاكمات الحقوقية العراقي أن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يجاوز عشرة دنانير ” تكون جارية ومرعية إذا كانت المبالغ المدعي بها في الأصل مكونة من عدة أقلام يبلغ مجموعها القدر المذكور ” . وظاهر ان هذا النص منقول – منذ عهد التشريعات العثمانية – من نص المادة 1345 من التقنين الفرنسي . ولما كان التقنين المدني العراقي الجديد قد نص صراحة في الفقرة الثانية من المادة 1381 علي إلغاء المادة 81 من قانون أصول المحاكات الحقوقية من بين المواد التي ألغاها في هذا القانون ، فإنه يجب الرجوع في هذه المسألة إلي الفقرة الثالثة من المادة 488 من التقنين المدني العراقي ، وهي تقرر نفس الحكم الذي يقرره نص التقنين المصري . فيجوز إذن الإثبات بالبينة ، وفي التقنين المدني العراقي ، في كل طلب لا تزيد قيمته علي عشرة دنانير ، حتي لو اشتملت الدعوي علي طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة وزادت هذه الطلبات في مجموعها علي هذه القيمة ( انظر في هذا الموضوع الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات الجزء الثاني في الشهادة ص 415 – ص 422 ) .
( [65] ) وكان المشروع الأولي الذي سبق المشروع التمهيدي يورد نصا مماثلا لنص المادة 1345 من التقنين المدني الفرنسي . غير أنه عدل في المشروع التمهيدي عن هذا النص ، واستبدال به نص يقرر تطبيق القواعد العامة كما رأينا ، وذلك توسعة في الإثبات بالبينة في مقابل ترك نصاب البينة في مستواه المنخفض ، وقد تقدمت الإشارة إلي ذلك ( انظر الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 363 – وانظر أثر اشتمال المشروع الأولي علي النص المماثل لنص المادة 1345 في أصل المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي جزء 2 ص 704 ، حيث جاء ما يأتي : ” بيد أن الإفلات من قواعد الإثبات بالبينة يصبح جد يسير عند ما يرد النزاع علي التزامات ترتبت بين الخصوم أنفسهم في وقت واحد ، أو التزامات ناشئة عن سبب واحد . وقد عمدت التقنينات التي تقدمت الإشارة إليها أحوال تعدد الالتزامات بين الخصوم أنفسهم ، أو نشوئها عن سبب واحد عند انتفاء الدليل الكتابي ، أفلا يكون من الأنسب إقرار هذا كفالة لاحترام القاعدة نفسها ” .
( [66] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” أما الفقرة الثالثة من هذه المادة فأحكامها تخالف أحكام المواد 1345 من التقنين الفرنسي والتقنين الإيطالي و 1237 من التقنين الكندي و 297 من المشروع الفرنسي الإيطالي و 30 / 28 فقرة 3 من تقنين المرافعات المصري . وليس شك في أن حكم هذه الفقرة يتفق مع قاعدة تقدير الالتزام باعتبار قيمته وقت تمام انعقاده ، كلما اتحد الخصوم وكان النزاع متعلقا بالتزامات من طبيعة واحدة تمت في أوقات مختلفة لا في وقت واحد ، علي حد تعبير التقنين الفرنسي . فكل التزام من هذه الالتزامات يجوز إثباته بالبينة متي كانت قيمته لا تجاوز عشرة جنيهات . وقد أخذ المشروع ، تمشيا مع جواز تفريق الطلبات المتعددة ، بجواز تفريق إثبات وفاء الدين دفعا متعددة ، فأجاز إثبات كل وفاء لا تجاوز قيمته عشرة جنيهات بالبينة ولو كان أصل الدين يجاوز هذه القيمة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 399 – ص 400 ) .
( [67] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 359 ( بند 1 ) من المشروع التمهيدي علي الوجه الآتي : ” لا يجوز الإثبات بالبينة ( أ ) فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي حتي لو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات ” . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظيا ، فأصبح مطابقا لما استقر عليه في النهاية ، وأصبح رقم المادة 414 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب . فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 401 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 402 و ص 404 ) .
( [68] ) وقد جاء في الموجز للمؤلف في هذا الصدد ما يأتي : ” ولم يرد في القانون المصري نص يقابل هذا النص ( أي نص المادة 1341 فرنسي ) ، ولكن القضاء والفقه في مصر يأخذان بالقاعدة دون نص ، إذ هي تتفق مع الحكمة التي اقتضت جعل الكتابة مقدمة علي البينة ، فإذا كان الالتزام ثابتا بالكتابة ، فقد أراد المتعاقدان بذلك أن يستبعدا البينة حتي فيما لا يزيد علي عشرة جنيهات ، وإلا انتقض عليهما ما قصدا إليه من غرض ، وأمكن هدم الكتابة بالبينة ، أي هدم الدليل الأقوي بالدليل الأضعف ، وهذا لا يجوز ” ( الموجز ص 702 – ص 703 ) ومهما يكن من أمر فقد أحسن التقنين المدني الجديد صنعا بإباده نصا صريحا في هذا الحكم . وقد كان القضاء يطبقه في اطراد : استئناف أهلي 2 أبريل سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 رقم 89 – 20 يناير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 رقم 119 – 25 مارس سنة 1923 المجموعة الرسمية 25 رقم 85 – استئناف مصر 7 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 286 ص 690 – استئناف مختلط 2 يناير سنة 1908 م 20 ص 46 – 15 أبريل سنة 1909 م 21 ص 307 – 15 أبريل سنة 1909 م 21 ص 383 – 27 مايو سنة 1909 م 21 ص 364 – 3 أبريل سنة 1912 م 24 ص 252 – 12 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 63 – 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 379 – 24 ديسمبر سنة 1914 م 27 ص 79 – 4 يونية سنة 1918 م 30 ص 468 – 10 مارس سنة 1931 م 43 ص 279 ( يجوز الإثبات بالبينة إذا خولفت قاعدة من النظام العام ) – 23 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 51 – 22 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 36 .
( [69] ) نصوص التقنينات المدنية العربية الأخري : قانون البينان السوري م 55 : مطابق تقريبا لنص التقنين المصري – التقنين المدني العراقي م 489 : مطابق تقريبا لنص التقنين المصري – تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبناني م 153 : لا تقبل بينة الشهود ولا القرائن علي ما يتجاوز أو يناقض مضمون السند ذي التوقيع الخاص ، ولا علي ما يزعم حصوله قبل هذا السند أو بعده أو في أثناء إنشائه . ( وهذا نص يتفق في حكمه مع نص التقنين المصري ، وفي عبارته مع نص التقنين الفرنسي ) – التقنين المدني للمملكة الليبية المتحدة م 388 : مطابق لنص التقنين المصري . ويتبين من استعراض هذه النصوص أنها جميعا تتفق في الحكم مع نص التقنين المصري .
( [70] ) التقنين المدني الفرنسي م 1341 : . . . لا تقبل البينة فيما يخالف الكتابة أو فيما تجاوزها . ولا فيما يدعي صدوره من قول قبل الكتابة أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها ، حتي لو كانت القيمة أقل من خمس آلاف فرنك ، كل هذا دون إخلال بما تقرره القوانين المتعلقة بالتجارة .
et il n est recu aucune prevue par temoins contre et outré le contenu aux actes ni sur ce qui serait allegue avoir et edit avant lors ou depuis les actes encore qu il s agisse d une somme ou valeur moindre de cinq mille francs . Le tout sans prejudice de ce qui est prescrit dans les lois relatives au commerce .
ويقول الفقيهان أوبري ورو : إن النص الفرنسي ينهي عن أمرين متميزين لا يختلط أحدهما بالآخر . فهو من جهة ينهي عن قبول البينة في إثبات ما يدعي من عدم الصحة ( inexactitudes ) أو الإغفال ( omissions ) فيما تضمنته الكتابة ، سواء كان ذلك عن غير قصد ، أو عن قصد من أحد الطرفين ، أو عن تواطؤ بينهما – وهذا هو ما يخالف الكتابة أو يجاوزها . وهو من جهة أخري ينهي عن قبول البينة في إثبات التعديلات الشفوية التي يدعي أحد الطرفين أنها تم الاتفاق عليها قبل الكتابة أو في أثنائها أو بعد الفراغ منها . ويقيم الفقيهان هذه الأحكام علي اعتبارين : أولهما أن الكتابة لا تؤدي الغرض المقصود منها إذا أجيز هدمها عن طريق البينة . والثاني أن التعديلات الشفوية التي سبقت الكتابة أو عاصرتها أو تلتها ، ما دامت لم تدمج في الكتابة ذاتها ، فذلك لأنها بقيت مشروعا وقف عند مرحلة التفاوض ، ولم يصل إلي مرحلة الاتفاق النهائي ( أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 322 هامش رقم 2 ) .
( [71] ) انظر في هذا المعني بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1527 وفقرة 1528 ص 982 – وانظر تفصيلا لهذه المسألة في بيدان وبرو 9 فقرة 1266 .
( [72] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1528 ص 982 لو المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 402 ويقول الأستاذ حسين المؤمن في كتابه في نظرية الإثبات في هذا الصدد ما يأتي : ” ولذلك فلا يكفي أن تكون هناك دفاتر تجارية أو أوراق منزلية أو مذكرات أو أوراق خاصة أو غيرها من المحررات التي لا تحمل توقيعا للمدين ولا تدل علي ارتباط قانوني ، إذ أن أوراقا كهذه بدون توقيع لا تعتبر دليلا للإثبات . وهي وإن كانت تعتبر حجة ضد صاحبها ، إلا أن له إثبات ما يخالفها بالشهادة والقرينة . . . كذلك سندات الطابور المنظمة بطريقتي المجدد والتفتيش ( اليوقلمة ) يجوز استماع الشهادة ضدها . وهذا ما استقر عليه قضاء محكمة التمييز : محكمة التمييز رقم 24 / س / 1937 وتاريخ 25 / 11 / 1937 ( القضاء س 3 ع 3 ص 309 ) ورقم 293 / ب / 1945 وتاريخ 16 / 3 / 1946 ( المجموعة الرسمية س 1 ع 2 ص 36 رقم 43 ) ورقم 24 / س / 1946 وتاريخ 12 / 3 / 1946 ( المجموعة الرسمية س 1 ع 1 ص 72 رقم 65 ) ورقم 358 / ب / 1945 وتاريخ 27 / 3 / 1946 ( المجموعة الرسمية س 1 ع 3 ص 32 رقم 50 ) ( جزء 2 في الشهادة ص 445 ) قارن الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 202 ص 375 هامش رقم 23 وهو يعتبر التأشير علي السند بما يفيد براءة ذمة المدين دليلا كتابيا كاملا لا يجوز إثبات ما يخالفه إلا بالكتابة . وقد قدمنا أن هذا التأشير قرينة علي الوفاء يجوز دحضها بالدليل العكسي بجميع الطرق لأن الدليل الكتابي هنا ليس دليلا كتابيا كاملا .
( [73] ) الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 446 .
( [74] ) وإذا كانت المادة 401 ، وهي تمنع الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات ، لم تستثن صراحة المواد التجارية كما فعلت المادة 400 وهي تمنع البينة في إثبات وجود التصرف القانوني الذي تزيد قيمته علي عشرة جنيهات ، فذلك لأن المادة 401 جاءت عقب المادة 400 لتكملة أحكامها . فهي عندما تقول : لا يجوز الإثبات بالبينة ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات ، إنما تتمم ما أوردته المادة 400 من أن التصرف القانوني في غير المواد التجارية لا يجوز إثباته بالبينة إذا زادت قيمته علي عشرة جنيهات . فتقول المادة 401 عقب ذلك أن هذا التصرف القانوني ذاته – أي في غير المواد التجارية – إذا كان مكتوبا لا يجوز إثبات ما يخالفه أو يجاوزه ولو لم تزد القيمة علي عشرة جنيهات ( قارن الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 216 ) .
وتستخلص الأساتذة بلانيول وريبير وجابولد من جواز إثبات عكس المكتوب في التصرفات التجارية بالبينة أن الكتابة في مسائل التجارة إنما تنقل عبء الإثبات عن عاتق صاحبها إلي خصمه ، والقاضي حر بعد ذلك في تكوين اعتقاده طبقا لما بين يديه من مستندات وما يري سماعه من بينة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1529 ص 984 ) – انظر أيضا الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 646 – ص 662 – وقارن الأستاذ عبد السلام ذهني في الأدلة جزء أول ص 430 .
( [75] ) قارن استئناف مختلط 12 يونية سنة 1889 م 1 ص 253 – 10 ديسمبر سنة 1891 م 4 ص 48 .
( [76] ) الموجز للمؤلف فقرة 673 ص 703 – 704 – وانظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 402 .
( [77] ) الموجز للمؤلف فقرة 674 ص 704 .
( [78] ) انظر ما قدمنا عن أوبري ورو من أن التعديلات الشفوية التي سبقت الكتابة أو عاصرتها أو تلتها ، ما دامت لم تدمج في الكتابة ذاتها ، فذلك لأنها بقيت مشروعا وقف عند مرحلة التفاوض ، ولم يصل إلي مرحلة الاتفاق النهائي ( أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 322 هامش رقم 2 ) وانظر أيضا بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1528 ص 982 – ص 983 .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ما يأتي : ” ويقصد بالدليل الكتابي المحررات الرسمية والعرفية والرسائل . فهذه المحررات –وحدها هي التي لا يقبل الإثبات بالبينة لنقض الثابت فيها أو الإضافة إليها . وقد يكون قوام الإضافة الإدعاء بصدور تعديلات شفوية قبل انعقاد الالتزام ، أو بعده ، أو في وقت معاصر له . ومهما يكن من أمر هذه الإضافة ، فلا يجوز إثباتها بالبينة أيا كانت صورتها . فمن ذلك الإدعاء بإضافة وصف من الأوصاف المعدلة لحكم الالتزام ، كشرط أو أجل ، أو اشتراط خاص بأداء فوائد أو بالتجديد ( الاستبدال ) . ولا يجوز كذلك نقض الثابت بالكتابة من طريق البينة ، فلا يجوز الإدعاء مثلا بعدم مطابقة شرط من شروط المحرر للحقيقة وإقامة الدليل علي ذلك بالبينة ، كما ول أريد إثبات أن حقيقة المبلغ المقترض ليست مائة جنيه علي ما هو ثابت بالكتابة بل أكثر ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 402 – ص 403 ) .
( [79] ) أوبري ورو 12 فقرة 763 هامش رقم 8 – قارن الموجز للمؤلف ص 704 ص 705 وقد قدمنا ، في وفاء دين قيمته تزيد علي عشرة جنيهات ، أنه يجوز إثبات أي وفاء جزئي لا تزيد قيمته علي عشرة جنيهات بالبينة وبالقرائن .
وقد جاء في كتاب نظرية الإثبات للأستاذ حسين المؤمن ما يأتي : ” أما في العراق فالإجماع حاصل . . . علي أنه لا يجوز إثبات الوفاء مهما كان مقداره بشهادة الشهود ما دام أصل الالتزام موثقا بسند . . . بل إن محكمة التمييز قد تطرفت في هذا الباب إلي حد بعيد ، فقد اشترطت الدليل الكتابي علي إدعاء الوكيل بتسليمه لموكله المبالغ التي قبضها من مديني الموكل حسب التفويض المعطي للوكيل في صك الوكالة ، بداعي ان التفويض بالقبض قد جري بالكتابة فلا يثبت دفع المبلغ إلي الموكل إلا بالكتابة أيضا : القرار المرقم 55 / 1929 والمؤرخ 2 / 4 / 1929 ( القضاء سنة 1934 س 1 القسم الرسمي ص 166 – حسين جميل بند 170 ص 122 ) ومما جاء فيه : إن قول المحكمة أن المدعي أمين مصدق بيمينه في براءة ذمته ، ولا حاجة إلي سند تحريري ، غير وارد ، إذ ان التفويض بقبض المبلغ قد جري بسند فيجب أن يكون الإيصال بسند أيضا وهاذ تخريج غريب لهذه النظرية لا نقر محكمة التمييز عليه ، ذلك ان التفويض المعطي للوكيل في صك الوكالة لا يتضمن معني القبض ، وإنما هو ترخيص به . هذا من جهة ومن جهة أخري أن الدليل الكتابي علي استلام الوكيل المبالغ المقبوضة لم يكن بين الوكيل والموكل ، وإنما بين الوكيل ومدين الموكل . . . يضاف إلي ذلك أن هذا الذهاب تجاوز علي قاعدة الأمين مصدق بيمينه في براءة ذمته المقررة في المادة 1174 من المجلة ” ( الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 454 – ص 455 ) وظاهر أن تفويض الوكيل بقبض الدين يجعله ملتزما بتقديم حسبا للموكل عما قبضه ، وفي تسليم الوكيل للوكل ما قبضه من الدين تنفيذ لهذا التفويض ، أي تنفيذ لعقد الوكالة . وإثبات تنفيذ الوكالة مستقل عن إثبات وجودها فإذا كان وجود الوكالة ثابتا بالكتابة ، فإن ذلك لا يستلزم حتما أن يثبت تنفيذها بالكتابة . ويلاحظ أن التقنين المدني العراقي الجديد قد حسم الخلاف فيما يتعلق بالوفاء ، فجعله مستقلا عن أصل الالتزام من حيث الإثبات .
( [80] ) الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 221 – وقد قضت محكمة الإسكندرية الكلية الوطنية بأنه يجوز إثبات جميع الوقائع اللاحقة لعقد مكتوب بجميع طرق الإثبات القانونية إذا كانت قيمتها عشرة جنيهات أو أقل ، مثل الإبراء أو الوفاء أو التخالص أو الاستبدال أو الصلح ( 26 يناير سنة 1937 المحاماة 18 رقم 463 ص 1058 ) قارن في الصلح الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 449 ( وهو يذهب إلي أن الصلح لا يجوز إثباته بالبينة إذا كان العقد محل الصلح ثابتا بالكتابة ، ويشير إلي قرار لمحكمة تمييز الإستانة جاء فيه أن دعوي الصلح المقامة ضد سند يجب إثباتها بالبينة الخطية : 20 / 10 / 1308 سليم باز المرافعات ص 289 ) . ويلاحظ أن الصلح في التقنين المدني المصري الجديد يجب إثباته بالكتابة ( م 552 مدني ) ، وكذلك الأمر في التقنين المدني العراقي الجديدة ( م 711 ) .
( [81] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1528 ص 984 – نقض فرنسي 23 نوفمبر سنة 1938 جازيت دي باليه 1939 – 1 – 85 .
( [82] ) فيجوز إثبات ما يحصر أجزاء العقار المبيع أو المؤجر بالبينة وبالقرائن ، إذا كان هذا العقار قد ذكر في عقد البيع أو الإيجار المكتوب بطريقة مجملة دون تفصيل لأجزائه ( أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 335 – ص 336 – قارن بودري وبارد 4 فقرة 2570 ) – وقارن استئناف مختلط 30 يناير سنة 1902 م 14 ص 106 – أما إذا رفع المشتري دعوي استحقاق علي بائع العقار ، بسبب وجود عقد إيجار صادر من البائع بالنسبة إلي العقار المبيع دون أن يرد ذكره في عقد البيع المكتوب ، فلا يجوز للبائع أن يثبت علم المشتري بهذا الإيجار ، ورضاءه به في مقابل خصم جزء من الثمن ، بالبينة أو بالقرائن ( أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 336 ) .
( [83] ) فيجوز إثبات أن الذي حرر عقد التأمين هو عامل شركة التأمين ، بالبينة وبالقرائن ( بارتان علي أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 334 وهامش رقم 5 مكرر ) أما الغلط المادي والغلط في الحساب ، فإن كان ظاهراً أمكن القاضي تصحيحه من تلقاء نفسه . لكن إذا ادعي الخصم أن هناك غلطا ماديا أو غلطا في الحساب ، ولم يكن هذا الغلط ظاهراً بحيث يمكن القاضي تصحيحه من تلقاء نفسه ، فلا يجوز إثباته بالبينة أو بالقرائن ( نقض مدني 9 ديسمبر سنة 1934 المحاماة 15 رقم 275 ص 580 بودري وبارد 4 فقرة 2571 – قارن الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات فقرة 186 ص 218 – ص 219 ) .
( [84] ) دي باج 3 فقرة 870 مكرر – الأستاذ عبد السلام ذهني في الأدلة 1 ص 392 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 380 .
( [85] ) الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 380 – ص 381 – الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 219 – ص 220 – الأستاذ حسين المؤمن في نظرية الإثبات جزء 2 في الشهادة ص 457 – قارن الأستاذ عبد السلام ذهني في الأدلة 1 ص 198 – ص 199 و ص 394 – ص 395 – أنظر أوبري ورو 12 فقرة 763 ص 336 – ص 337 وهامش رقم 12 وهامش رقم 13 .
ويذهب بعض الفقهاء إلي أن تاريخ التصرف القانوني يعتبر من محدداته ، فهو جزء منه ، فلا يجوز إثباته ، إذا لم يكن مكتوبا بالبينة أو بالقرائن في تصرف لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ( لوران 19 فقرة 477 – فقرة 478 – بودري وبارد 4 فقرة 2572 – دي باج 3 فقرة 868 ) .
( [86] ) ونجيزيء هنا بذكر بعض أحكام القضاء المصري في هذه المسألة ، مرجئين تفصيل ما نجمله منها إلي الكلام في دعوي الصورية في المكان الخاص بآثار الالتزام : لا تثبت الصورية فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلي الخلف العام إلا بالكتابة : استئناف مصر 14 ديسمبر سنة 1922 المحاماة 5 رقم 358 ص 415 – 25 مارس سنة 1923 المحاماة 4 رقم 90 ص 134 – 29 مارس سنة 1923 المحاماة 3 رقم 344 ص 411 – 30 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 181 ص 251 – 30 نوفمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 310 ص 477 – 29 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 462 ص 761 – 25 أبريل سنة 1940 المحاماة 21 رقم 254 ص 564 – نقض جنائي 4 يناير سنة 1924 المحاماة 7 رقم 142 ص 200 – استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1927 م 39 ص 80 – 28 مايو سنة 1930 م 42 ص 528 – 6 مايو سنة 1931 م 43 ص 375 – 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 90 – 9 نوفمبر سنة 1944 م 57 ص 7 – 7 فبراير سنة 1946 م 58 ص 40 – وقد قضت محكمة النقض بأن عقد القرض يجوز إثبات صورية سببه بالأوراق الصادرة من المتمسك به ، فإذا ذكر في سندات الدين أن قيمتها دفعت نقداً ، ثم اتضح من فحوي الرسائل الصادرة من الدائنة إلي مدينها في أوقات مختلفة – بعضها سابق علي تاريخ السندات وبعضها معاصر له أولا حق به – أنها كانت تستجديه وتشكر له إحسانه عليها ، جاز اعتبار هذه الرسائل دليلا كتابيا كافيا في نفي وجود قرض حقيقي ( نقض مدني 3 نوفمبر سنة 1932 المجموعة الرسمية 34 رقم 1 ص 12 ) – وقضت أيضا بأنه إذا كان المستأجر يطعن في عقد الإيجار بالصورية ، والمؤجر يدفع بعدم جواز الإثبات ، فلا يجوز للمحكمة – مادام الإيجار ثابتا بالكتابة ولا يوجد لدي المستأجر دليل كتابي علي دعواه – أن تقضي بصورة العقد بناء علي مجرد القرائن ، وإلا كان قضاؤها باطلا( نقض مدني 18 يونية سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 177 ص 485 ) – وقضت أيضا بأن الحكم الذي يقرر أنه لا يجوز لوارث الراهن أن يثبت بكل طرق الإثبات ، في مواجهة المرتهن ، صورية عقد الرهن ، بحجة أن الصورية لا تثبت بين العاقدين إلا بالكتابة ، لا يكون مخطئا في تطبيق القانون ( نقض مدني 24 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 399 ص 740 ) – وقضت أيضا بأنه متي كان الواقع هو أن المطعون عليهم رفعوا الدعوي يطلبن الحكم بتثبيت ملكيتهم إلي حصتهم الشرعية في تركة مورثهم ، فتمسك الطاعن بأنه اشتري من والده المورث جزءاً من الأطيان . فطعن بعض الورثة في عقد البيع بالصورية استناداً إلي أن الطاعن كان قد استصدر من والده لمناسبة مصاهرته أسرة طلبت إليه أن يقدم الدليل علي كفايته المالية ، وطلبوا إحالة الدعوي علي التحقيق لإثبات ذلك بأي طريق من طرق الإثبات بما فيها البينة ، فنازع الطاعن في جواز الإثبات بهذا الطريق ، وكان الحكم إذ قضي بإحالة الدعوي علي التحقيق لإثبات مانعاه المطعون عليهم علي العقد بأي طريق من طرق الإثبات قد أقام قضاءه علي أنهم يعتبرون من الأغيار أيا كان الطعن الذي يأخذونه علي التصرف الصادر من مورثهم للطاعن ، فإن الحكم ، إذ أطلق للمطعون عليهم حق إثبات مطاعنهم علي هذا التصرف في حين أن علة الصورية إنما كانت إعطاء الطاعن مظاهر الثراء لتيسر زواجه بإحدي العقيلات ، يكون قد خالف قواعد الإثبات ( نقض مدني 21 ديسمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 38 ص 195 ) .
ومع ذلك يجوز إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين بالبينة وبالقرائن إذا كان هناك غش أو تحايل علي القانون : استئناف أهلي أول مارس سنة 1900 المجموعة الرسمية 2 ص 47 – 9 يونية سنة 1904 الاستقلال 3 ص 262 – نقض مدني 20 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النص 3 رقم 114 ص 665 . وانظر أيضا الأحكام التي سنوردها عند الكلام في التحايل علي القانون ( fraude a la loi ) ، والتحايل علي القانون هو نفس الحالة التي نحن بصددها .
ويجوز للغير إثبات الصورية بجميع الطرق ، ومنها البينة والقرائن : استئناف مصر أول يناير سنة 1907 المجموعة الرسمية 8 ص 213 – 10 أبريل سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 ص 102 – 20 يناير سنة 1914 المجموعة الرسمية 15 ص 240 – 29 مارس سنة 1923 المحاماة 3 ص 411 – 12 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 289 ص 325 – 17 مارس سنة 1926 المحاماة 8 رقم 461 ص 759 – أول مايو سنة 1928 المحاماة 9 رقم 123 ص 216 – 24 يناير سنة 1929 المحاماة 9 رقم 209 ص 377 – 18 مارس سنة 1929 المحاماة 9 رقم 391 ص 627 – 21 مايو سنة 1935 المحاماة 16 رقم 127 ص 300 – 4 ديسمبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 220 ص 504 – نقض جنائي 3 نوفمبر سنة 1938 المحاماة 19 رقم 275 ص 669 – نقض مدني 29 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 39 ص 133 – استئناف مختلط أول أبريل سنة 1920 م 32 ص 248 – 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 220 – 8 يونية سنة 1932 م 44 ص 360 – 26 مايو سنة 1936 م 48 ص 281 – 2 مارس سنة 1937 م 49 ص 119 – 6 يناير سنة 1942 م 54 ص 32 – هذا ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن الخلف الخاص لا يعتبر من الغير ، فلا يجوز له إثبات الصورية إلا بالكتابة ، فإذا كان بائع العقار قد صدر منه عقد بيع ثان لمشتر آخر ، فإنه لا يصح والمشتري الثاني خلف للبائع أن تستدل المحكمة له بشهادة الشهود والقرائن علي صورية عقد البيع الصادر من سلفه إلي المشتري الأول قبل البيع الصادر منه اليه هو ( نقض مدني 27 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 179 ص 387 – وتعليق الأستاذ محمد حامد فهمي بهامش ص 338 – 389 ) ولكنها رجعت بعد ذلك عن هذا الخطأ ، وقضت بأن المشتري يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة لمشتر آخر من نفس البائع له يزاحمه في الملكية ، فإذا أقام الحكم قضاءه بصورية عقد المشتري الآخر علي القرائن وحدها ، فإنه لا يكون قد خالف قواعد الإثبات ( نقض مدني 26 أكتوبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 4 ص 26 ) – انظر أيضا : استئناف مختلط 15 أبريل سنة 1909 م 21 ص 307 – 12 ديسمبر سنة 1912 م 25 ص 63 – 15 مايو سنة 1913 م 25 ص 379 – 4 يونية سنة 1918 م 30 ص 468 .
واعتبرت محكمة الاستئناف المختلطة الشفيع من الغير ، خطأ ، في عقد بيع صوري طلب الأخذ فيه بالشفعة . فقضت بأنه لا يجوز الاحتجاج علي الشفيع بورقة ضد مؤداها أن البيع لم يقع إلا لضمان دين للمشتري علي البائع وأنه يفسخ بمجرد وفاء هذا الدين ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1902 م 14 ص 232 ) وسنعود إلي هذه المسألة عند الكلام في دعوي الصورية .
( [87] ) كان المشروع التمهيدي ( م 541 ) يتضمن نصا لو بقي لأصبح الآن البند ( جـ ) في المادة 403 ، ونصه كالآتي : ” يجوز أيضا الإثبات بالبين فيما كان يجب إثباته بالكتابة . . ( جـ ) إذا طعن في العقد بأن له سببا غير مشروع ” . وقد ورد في شأنه في المذكرة الإيضاحية ما يأتي : ” أما الاستثناء الثالث فقد نص عليه المشروع الفرنسي الإيطالي ، وهو يفترض توافر ضرب من ضروب الغش ، ومن المعلوم أن الغش يجوز إثباته علي وجه الدوام بالبينة . وإزاء ذلك قد يكون إفراد هذا الاستثناء بحكم خاص محلا للنظر ” . وفي لجنة المراجعة نقل هذا البند إلي المادة 192 في السبب غير المشروع وكان يقصد به إباحة الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا كان هناك احتيال علي القانون ( fraude a la loi ) ، فيقابل العبارة الأخيرة من المادة 1353 من التقنين الفرنسي التي لم تبح الإثبات بالقرائن إلا في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بالبينة ، ما لم يكن العقد مطعونا فيه بسبب الغش أو التدليس ، وقد مرت الإشارة إلي هذا النص وإلي ما وجه إليه من انتقاد . وقد استبقي المشروع الفرنسي الإيطالي مقابلا للنص الفرنسي في المادة 305 منه ، ونص أيضا في المادة 299 علي استثناء الطعن بعدم مشروعية من وجوب الإثبات بالكتابة . والذي يعنينا هنا هو تقرير الحكم في ذاته ، فيجوز دائما الإثبات بالبينة وبالقرائن إذا كان هناك احتيال علي القانون . وقد وضع المشروع الفرنسي الإيطالي هذا الحكم في مكان الاستثناء من قاعدة وجوب الدليل الكتابي بشقيها ، وهو الاستثناء الثالث ويأتي بعد الاستثناء الخاص بمبدأ الثبوت بالكتابة والاستثناء الخاص بالمانع من الحصول علي الكتابة أو من تقديمها .وساير المشروع الفرنسي الإيطالي في ذلك المشروع التمهيدي للتقنين المصري الجديد ، ثم عدل المشروع النهائي عن هذه المسايرة . وفي رأينا أن جعل هذا الحكم استثناء من قاعدة وجوب الدليل الكتابي بشقيها محل للنظر . لأن الحكم إنما يرد في الكثرة الغالبة من الأحوال استثناء من الشق الثاني وحده . وذلك ان المحل الغالب لتطبيقه هو أن يواجه الخصم خصمه بدليل علي تصرف قانوني صادر منه ، فيطعن هذا في التصرف بأن فيه احتيالا علي القانون ويريد إثبات هذا الاحتيال بجميع الطرق . فإن كان الدليل الذي ووجه به دليلا غير مكتوب ، فهو في حل من أن يعارضه بدليل غير مكتوب دون حاجة إلي التذرع بهذا الحكم . أما إذا كان الدليل الذي ووجه به دليلا مكتوبا ، ففي هذه الحالة وحدها – حيث تقضي القاعدة بعدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة – يحتاج الخصم إلي هذا الحكم ليتمكن من إثبات الاحتيال علي القانون بالبينة وبالقرائن معارضا بذلك دليلا مكتوبا . ومن أجل ذلك آثرنا ، من الناحية العملية ، أن نعالج هذه المسألة في صدد القاعدة التي تقضي بعدم جواز إثبات ما يخالف الكتابة إلا بالكتابة ، علي أن نعالجها بإيجاز من ناحية الإثبات فحسب ، وإلا فهي قاعدة شاملة تتناول جميع نواحي القانون ( قارن الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 446 – ص 451 – الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات ص 217 ) .
( [88] ) وهناك رأي يذهب إلي أن الاحتيال علي القانون كالتدليس واقعة مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2166 وهامش رقم 2 – ديكوتيني في القرائن في القانون الخاص فقرة 109 ص 272 و ص 273 – الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة في الإثبات فقرة 217 ص 281 – ص 282 – ولكن قارن كولان وكابيتان وموانديير 2 فقرة 778 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات ص 447 هامش رقم 1 ) ويبدو أن هناك فرقا بين أعمال التدليس والاحتيال علي القانون . فأعمال التدليس الواقعة علي أحد المتعاقدين وقائع مادية يجوز إثباتها بجميع الطرق أما الاحتيال علي القانون فتواطؤ ما بين المتعاقدين ، وتوافق ما بين إرادتيهما ، علي مخالفة قاعدة قانونية من النظام العام ثم إخفاء هذه المخالفة تحت ستار تصرف مشروع فهو إذن عنصر من عناصر التصرف القانوني – يتعلق بالمحل أو بالسبب – كان الواجب في الأصل أن يثبت بنفس الطريقة التي يثبت بها التصرف القانوني ، لولا أن فيه خروجا علي النظام العام ، فوجب تيسير كشفه كما قدمنا .
( [89] ) ومن المفيد في هذه المناسبة أن نشير إلي أنه يجوز إثبات التصرف القانوني ، ولو زاد علي النصاب ، بجميع الطرق في حالتين : ( أولا ) عندما يكون التصرف القانوني معتبراً واقعة مادية . ويكون ذلك : 1 – إذا كان من يريد إثبات التصرف هو من الغير ، كالشفيع يريد إثبات البيع الذي يأخذ فيه بالشفعة فيجوز له إثباته بجميع الطرق . 2 – إذا كان العقد صوريا ويريد الغير إثبات هذه الصورية ، فيجوز له إثباتها بجميع الطرق . ويلاحظ أننا لا نحتاج هنا إلي القول ، في تبرير إباحة جميع الطرق في الإثبات ، أن الغير كان لا يستطيع الحصول علي الكتابة – إذ أن المانع من الحصول علي الكتابة يجب أن يكون مانعا قد قام في حالة بالذات كما سنري – بل يكفي أن نقول ان التصرف القانوني يعتبر واقعة مادية بالنسبة إلي من يريد إثباته بجميع الطرق ، أي بالنسبة إلي الشفيع في الصورة الأولي وبالنسبة إلي الغير في الصورية في الصورة الثانية ، وقد تقدمت الإشارة إلي ذلك . ( ثانيا ) عندما يكون التصرف القانوني قد داخله احتيال بجميع الطرق ، مع أن العقد بالنسبة إليه يعتبر تصرفا قانونيا لا واقعة مادية ، ولكنه يتذرع بأن هناك احتيالا علي القانون ( fraude a la loi ) وهذه هي الحالة التي نحن الآن بصددها . وسنعود إلي هذه المسألة في موضع آخر .
( [90] ) انظر الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 243 ص 448 – ويشير الأستاذ مع ذلك إلي نص المادة 739 من التقنين المدني ، وهي تقرر بطلان كل اتفاق خاص بمقامرة أو رهان ، ولمن خسر أن يسترد ما دفعه ، ولو أن يثبت ما أداه بجميع الطرق .
( [91] ) استئناف مختلط 25 فبراير سنة 1897 م 9 ص 194 – 13 فبراير سنة 1902 م 14 ص 134 – 22 يناير سنة 1919 م 31 ص 136 .
وقد قضت محكمة النقض ، بوجه عام ، أن الصورية التدليسيه لا يقتضي لتحقيقها وجود ثبوت بالكتابة ، وإنما هي تثبت بالقرائن في حق كل من مسه هذا التدليس ، سواء أكان طرفا في العقد أم لم يكن ( نقض مدني 18 نوفمبر سنة 1937 المحاماة 18 رقم 238 ص 453 – وانظر أيضا الموجز للمؤلف فقرة 676 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1528 ص 984 – ومحكمة النقض الفرنسية 6 مارس سنة 1950 جازيت دي باليه 1950 – 1 – 307 ) .
( [92] ) نقض مدني 25 مايو سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 142 ص 390 – والقضاء مضطرد في هذا المعني . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا ثبت أن عقدين حررا في صورتي عقد بيع ، وكان الغرض من تحريرهما هو إخفاء قرض بربا فاحش ، فلا محل للقول بأنه لا يجوز الطعن في العقدين ولا إثبات ما يخالفهما بالبينة ، لأن جعل عملية تشتمل علي ربا فاحش في صورة عقد بيع فيه مخالفة للنظام العام ، ويجوز إثباتها بالبينة حتي فيما بين المتعاقدين ( 12 مارس سنة 1930 المجموعة الرسمية 31 ص 324 ) . وقضت أيضا بأن دعاوي الربا الفاحش ليست من الدعاوي التي يلزمها الدليل الكتابي علي قيامها . بل تكفي فيها القرائن كما أنها ليست مقيدة بنصاب معين لقبول التحقيق فيها أو عدم قبوله ( 31 مارس سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 ص 70 ) . وقضت محكمة طنطا أنه لما كان الربا الفاحش مخالفا للنظام العام ، جاز أن يثبت بكافة الطرق ان مبالغ متفقا عليها في عقد إيجار هي في الحقيقة ربا فاحش ، ولو كان هذا الإثبات مؤديا إلي ما يخالف مضمون العقد أو متناولا مبلغا تزيد قيمته علي الألف قرش ( 26 فبراير سنة 1903 الحقوق 18 ص 231 ) .
( [93] ) نقض مدني 11 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 124 ص 494 – انظر أيضا حكما آخر في هذا المعني لمحكمة النقض في دائرتها المدنية في 24 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 46 ص 297 .
( [94] ) محكمة استئناف الإسكندرية 28 يناير سنة 1947 المحاماة 28 رقم 427 ص 1047 .
( [95] ) محكمة استئناف مصر 23 يناير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 24 ص 69 .
( [96] ) الأستاذ أحمد نشأت في الإثبات 1 فقرة 414 مكرر ص 390 .
( [97] ) استئناف مختلط 21 مارس سنة 1931 م 43 ص 314 .
( [98] ) الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 242 ص 451 .
( [99] ) استئناف أهلي 14 ديسمبر سنة 1922 المحاماة 5 رقم 358 ص 415 .
( [100] ) استئناف مختلط 20 ديسمبر سنة 1923 م 36 ص 103 ( الاتفاق علي أن شخصا لا يزايد علي الآخر ) – استئناف مختلط 10 مارس سنة 1931 م 43 ص 279 ( اشتراط مقابل مبالغ فيه من المدين المنزوعة ملكيته في نظير التدخل في المزايدة ) – الزقازيق الكلية 22 مايو سنة 1928 المحاماة 9 رقم 234 ص 412 ( الحصول علي اعتراف بالزوجية ) – جرجا الجزئية 14 يونية سنة 1927 المحاماة 8 رقم 49 ص 87 ( إخفاء معاملة تجارية تحت صورة وديعة مكان اتخاذ الإجراءات الجنائية ) .
( [101] ) استئناف أهلي 12 مايو سنة 1904 الاستقلال 3 ص 162 – 2 أبريل سنة 1913 المجموعة الرسمية 14 ص 172 – 24 مارس سنة 1914 الشرائع 1 ص 147 – 20 أكتوبر سنة 1914 الشرائع 2 ص 46 – 27 يناير سنة 1915 الشرائع 2 ص 179 – 29 مارس سنة 1917 المجموعة الرسمية 18 ص 119 – استئناف مختلط 7 مارس سنة 1901 م 13 ص 196 – 25 أبريل سنة 1906 م 18 ص 214 .
( [102] ) وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يجوز إثباته الصورية بالقرائن إلا إذا كان العقد يخفي سببا غير مشروع ، أما الإدعاء بأن عقد البيع حرر لتكملة النصاب المقرر للعمدية أو للمشيخة فليس من هذا القبيل ، والوصرية المدعي بها يجب إثباتها بالكتابة ( 21 مايو سنة 1931 المجموعة الرسمية 32 رقم 9 ص 170 ) – وانظر أيضا حكم محكمة النقض ( دائرة مدنية ) في 21 ديسمبر سنة 1950 ( مجموعة أحكام النقض 2 رقم 38 ص 195 ) وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه ويقضي بعدم جواز إثبات الصورية بالبينة أو بالقرائن إذا كان سببها هو إعطاء الشخص مظاهر الثراء ليتيسر زواجه بأحدي العقيلات .
( [103] ) مثل ذلك ما قضت به المادة 739 من التقنين المدني من جواز استرداد من خسر في المقامرة ما أداه للكاسب ، وله أن يثبت ما أدي بجميع الطرق . ومثل ذلك أيضا ما قضت به دائرة النقض من أنه يجوز بوجه عام إثبات ما داخله الغش بالبينة مهما كانت قيمة الالتزام ، فيجوز الإثبات بالبينة فيما يشبه النصب وفيما قام علي الغش ، كحالة ما إذا حصل شخص علي نقود يزيد مقدارها عما تجوز البينة فيه من امرأة في سبيل إحضار زوجها الغائب غيبة مريبة ( 8 مارس سنة 1929 المحاماة 9 ص 820 )
المصدر: محامي في الأردن