نظرية عامة فى الإثبات
أولا ـ تعريف الاثبات وأهميته ومكانه فى القانون
1 ـ تعريف الاثبات وأهميته :
10ـ تعريف الاثبات : الإثبات ـ بمعناه القانونى ـ هو إقامة الدليل
$14 أمام القضاء ، بالطرق التى حددها القانون ، على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها([1]) .
11ـ ما يستخلص من هذا التعريف ـ أهمية الاثبات : ويستخلص من هذا التعريف الأمور الأربعة الآتية :
(1) الإثبات بمعناه القانونى هو غير الإثبات بمعناه العام . فالإثبات بالمعنى العام يتخصص بأن يكون أمام القضاء ولا بأن يكون بطرق محددة . بل هو طليق من هذه القيود. فالباحث فى التاريخ يستجمع أدلته على صحة الوقائع التاريخية التى يقررها من المستندات التى تحت يده او من أية طريقة أخرى يراها كافية للإثبات. وهذا هو شأن الباحث فى أى علم . وقد غلب على العلم فى تطوراته الأخيرة أن تكون أدلته تجريبية ، يتلمسها الباحث فى المعامل وعن طريق الاستقصاء وبالاستخلاص الصحيح من الإحصاءات الدقيقة . فالإثبات التاريخى ، والإثبات العلمى ، والإثبات بوجه عام ، لا ترد عليه قيود الإثبات القضائى .
ويختلف الإثبات القضائى عن الإثبات غير القضائى من وجوده . فالإثبات القضائى مقيد فى طرقه وفى قيمة كل طريقة منها . أما الإثبات غير القضائى فلا قيد عليه كما قدمنا. والإثبات القضائى متى استقام ملزم للقضاى ، فيتعين عليه ان يقضى بما يؤدى إليه هذا الإثبـات مـن النتـائج القانونيـة ، وإلا كـان فـى إمتنـاعه نكـول عـن أداء العدالـة
(deni de justice) . أما الإثبات غير القضائى فلا يتعين فيه على الباحث أن يأخذ بنتائج محددة ، بل هو حر فى البحث . ثم إن ما ثبت عن طريق القضاء يصبح حقيقة قضائية يجب التزامها ولا يجوز الانحراف عنها ، وهذا ما يسمى بحجية الأمر المقضى (autorite de la chose jugee). أما ما ثبت بطريق علمى أو بأى طريق آخر فإنه لا يعتبر حقيقة ثباتة لا تتغير
، فكثيراً $15 ما يستبين أن الحقائق العلمية ليست إلا فروضاً غير دقيقة ، ثم ينكشف بعد ذلك خطؤها ، ويقوم مقامها حقائق أخرى هى أيضا قابلة للتغيير([2]) .
(2) ولما كان الإثبات بمعناه القانوتى هو إقامة الدليل أما القضاء بالطرق التى حددها القانون ، وكان الإثبات القضائى مقيداً إلى هذا الحد ، فإن الحقيقة القضائية تصبح غير متفقة حتما مع الحقيقة الواقعية ، بل كثيراً ما تنفرج مسافة الخلف ما بين الحقيقتين ، وتجافى إحادهما الأخرى . وفى هذا ما يجعل الحقيقة القضائية فى بعض الحالات منعزلة عن الواقع ، بل بعيدة عن الحق ، أقرب إلى أن تكون مصطلحاً فنياً منها حقيقة واقعية([3]) . وسنعود إلى هذا المعنى فى موضع آخر .
(3) ولما كان الإثبات القضائى إنما ينصب على وجود واقعة قانونية ترتبت آثارها ، فمحل الإثبات إذن ليس هو الحق المدعى به ولا أى أثر قانونى آخر يتمسك به المدعى فى دعواه ، وإنما هو المصدر القانونى الذى ينشئ هذا الحق أو هذا الأثر . والواقعة القانونية التى هى محل الإثبات يقصد بها هنا معناها العام ، أى كل واقعة أو تصرف قانونى يرتب القانون عليه أثراً معيناً . فالعمل غير المشروع واقعة مادية يرتب القانون عليها التزاماً بالتعويض . والعقد تصرف قانونى يرتب القانون عليه الالتزام الذى اتفق عليه المتعاقدان . وكل من العمل غير المشروع والعقد واقعة قانونية يرتب القانون عليها أثراً ، وهى ـ أى هذه الواقعة القانونية ـ دون الأثر الذى يترتب عليها ، التى تكون محلا للإثبات . ونسعود إلى هذه المسألة ببيان أوفى([4]) .
$ 16 (4) وما دام الإثبات القضائى هو إقامة الدليل أمام القضاء على الواقعة التى يرتب القانون عليها أثراً ، فمعنى ذلك أن هذه الواقعة إذا أنكرها الخصم لا تكون حقيقة قضائية إلا عن طريق هذا الإثبات القضائى . فالحق الذى ينكر على صاحبه ، ولا يقام عليه دليله القضائى ، ليست له قيمة عملية ، فهو والعدم سواء من الناحية القضائية . قد يكون للحق وجود قانونى حتى لو لم يقم عليه الدليل القضائى ، وقد ينتج هذا الوجود بعض الاثار القانونية ، ولكن هذا من الندرة بحيث لا يقام له وزن ولا يحسب له حساب .
ومن ثم تتبين أهمية الإثبات القضائى من الناحية العملية . (( فالحق ـ كما تقول المذكرة الإيضاحية لمشروع التقنين المدنى الجديد([5]) ـ يتجرد من قيمته مالم يقم الدليل على الحادث المبدئ له ، قانونيا كان هذا الحادث أو مادياً ، والواقع أن الدليل هو قوام حياة الحق ومعقد النفع منه )) . (( ونظرية الإثبات من أهم النظريات القانونية واكثرها تطبيقاً فى الحياة العملية . بل هى النظرية التى لا تنقطع المحاكم عن تطبيقها كل يوم فيما يعرض لها من أقضية )) ([6]) .
ب ـ مكان الاثبات فى القانون
12ـ انقسام الشرائع إلى طوائف ثلاث : يتنازع قواعد الإثبات مكانان ، مكان فى التقنين المدنى وآخر فى تقنين المرافعات . ذلك أن لهذه القواعد ناحيتين ، ناحية موضوعية هى التى تحدد طرق الإثبات المختلفة وقيمة كل طريقة منها ومن الذى يقع عليه عبء الإثبـات ومـاذا يقـوم بإثباته ، وناحية شكلية هى التى تحدد ما يتبع من الإجراءات فى تقديم طـرق الإثبـات فللشهـادة $17 وللأوراق المكتوبة والطعن فيها وللخبرة ولتحليف اليمين ولغير ذلك من طرق الإثبات إجراءات معينة رسمها القانون([7]) .
وقد انقسمت الشرائع فى مكان الإثبات إلى طوائف ثلاث . بعضها يجمع قواعد الإثبات فى ناحيتيها الموضوعية والشكلية ويضعها جميعاً فى تقنين المرافعات ، كما فعل القانون الألمانى والقانون السويسرى([8]) . وبعضها يضع القواعد الموضوعية فى التقنين المدنى والقواعد الشكلية فى تقنين المرافعات ، كما فعل القانون المصرى والقانون الفرنسى وأكثر الشرائع اللاتينية([9]) . وطائفة ثالثة تفرد قواعد الإثبات جميعاً الموضوعية منها والشكلية بقانون خاص ، كما فعل
$18 القانون الإنجليزى فيما أسماء بقانون الإثبات (law of evidence) وكما فعل القانون السورى فيما أسماه بقانون البينات([10]) .
13 ـ بروز القواعد الموضوعية فى الإثبات ووجوب بقائها فى التقنين المدنى : وتقضى سلامة النظر فى هذه المسألة بتخطى الشرائع التى تضع قواعد الإثبات بناحيتيها الموضوعية والشكلية فى تقين المرافعات . قد توضع هذه القواعد كلها فى التقنين المدنى تغليباً للناحية الموضوعية على الناحية الشكلية فيلتئم شملها([11]) . وقد توزع بين التقنين المدنى وتقنين المرافعات كما تقضى بذلك طبيعة كل طائفة من هذه القواعد . وقد تنفرد بمكان خاص تنعزل به عن سائر التقنينات حتى لا تطغى ناحية من الناحيتين على الأخرى . ولكن أن يستقل بها جميعاً تقنين المرافعات فهذا ما لا وجه للنظر فيه ([12]) . ولا يجوز تغليب الناحية $19 الشكلية على الناحية الموضوعية فالناحية الموضوعية من قواعد الإثبات هى دون شك الناحية البارزة : تعيين طرق الإثبات وتحديد قيمها وتحميل عبء الإثبات لأحد الخصمين ، هذا هو اللب فى قواعد الإثبات ، وهذه كلها مسائل موضوعية . ثم إن الناحية الشكلية من قواعد الإثبات قد لا تعرض إطلاقا ، ويقع ذلك عند إعداد طرق الإثبات فيما يعد منها مقدماً (prevue preconstituee) . وقع ذلك أيضا إذا لم يترافع الخصمان فيما تنزعا فيه إلى القضاء بل سويا النزاع بنهما بطريق ودى لا حاجة فيه إلى الإجراءات التى رسمها القانون لتقديم الأدلة([13]) .
ومتى خلص أن دليل الحق تغلب فيه النزعة الموضوعية غلبة طاهرة ، كان المكان الطبيعى للقواعد التى تحكم هذا الدليل هو التقنين المدنى . فالدليل على الواقعة التى تنشئ الحق أقرب إلى أن يكون وضعاً شكلياً لهذه الواقعة . ولا يوجد فرق كبير من الناحية العملية بين عقد شكلى وعقد رضائى لا يجوز إثباته إلا بالكتابة . فالكتابة ضرورية فى الحالتين ، وإن كانت الكتابة فى العقد الشكلى تتميز بأنها ترسم على نحو خاص وبأنها واجبة لذاتها فلا يقوم
$20 مقامها الإقرار أو اليمين كما يصح ذلك فى الكتابة المطلوبة للإثبات وبأن الطرفين لا يجوز لهما الاتفاق على تعديل الشكل كما يجوز ذلك فى طرق الإثبات على النحو الذى سنبينه فيما يلى([14]) . ولكن يبقى بعد ذلك أن الكتابة للإثبات ضرورية من الناحية العملية ضرورة الكتابة للشكل . ويخلص من هذا أن القواعد التى تحكم الكتابة للإثبات يجب أن يكون مكانها بجانب القواعد التى تحكم الكتابة للشكل ، وأن قواعد الإثبات كقواعد الشكل يجب أن يكون مكان كل طائفة منهما هو التقنين المدنى([15]) .
14 ـ مكان قواعد الاثبات الموضوعية فى التقنين المدنى ك على أن مكان قواعد الإثبات ، الموضوعية منها على الأقل ، فى التتقنين المدنى لا يتفق فيه النظر . فالتقنين المدنى الفرنسى وضعها بين القواعد التى تحكم نظرية العقد ، ولا شك فى أن مكان غير مناسب إذ أن قواعد الإثبات تسرى على العقد $21 وعلى غيره من مصادر الالتزام الأخرى([16]) . والتقنين المدنى المصرى ـ القديم والجديد ـ وضع هذه القواعد فى النظرية العامة للالتزام([17]) ، وهذا مكان أليق . وقد يقال إن نظرية الإثبات ليست مقصورة على الالتزام ، بل هى نظرية عامة شاملة تتناول مصادر الالتزام ومصادر الحق العينى ومصادر روابط الأسرة ، ولا تقف عند المصادر فحسب إذ هى تحكم أيضا أسباب انقضاء روابط الأسرة ، ولا تقف عند المصادر فحسب إذ هى تحكم أيضا أسباب انقضاء الحقوق وكل سبب آخر ينشئ أثراً قانونياً ، بل هى تجاوز منطقة القانون المدنى إلى غيرها من مناطق القوانين الأخرى ([18]) . ولكن التقنين المدنى المصرى غلب الناحية العملية وآثرها على الناحية العلمية . فالإثبات كما رأينا ينصب على اى سبب ينشئ أثراً قانونيا ، وهذه الأسباب يمكن حصرها فى الواقعة القانونية والتصرف القانونى . فيكون المكان المنطقى للإثبات على هذا الوجه هوفى القسم العام منالتقنين المدنى حتى تنبسط قواعده على جميع نواحى هذا القانون وقد سبقت الإشارة إلى ذلك . ولكن الناس قد ألفت أن تبحث عن قواعد الإثبات فى النظرية العامة للالتزام . ثم إن هناك قواعد خاصة لإثبات الحقوق العينية وضعها التقنين المدنى الجديد فى مكانها من نظرية الحيازة . فأصبحت قواعد $22 الإثبات الواردة فى نظرية الالتزام هى القواعد العامة للإثبات تسرى على الحقوق الشخصية والحقوق العينية على السواء . وتختص الحقوق العينية ، بالإضافة إلى ذلك ، بقواعد أخرى هى الواردة فى نظرية الحيازة . وفى هذا توزيع لقواعد الإثبات ، إذا لم يكن دقيقاً من الناحية العلمية ، ، فانه يستقيم من الناحية العملية ، وقد جرت به العادة ، وألفته الناس ، فلم يجد التقنين المدنى الجديد محلا للعدول عنه([19]) .
جـ ـ مقابلة سريعة بين النصوص التقنين المدنى الجديد ونصوص التقنين المدنى القديم فى قواعد الإثبات
15 ـ ترتيب التقنين القديم : لا يكاد التقنين المدنى الجديد يكون قد استحدث شيئاً هاماً فى قواعد الإثبات عن تلك التى كان التقنين القديم يقررها . وقد قدمنا أن مكان هذه القواعد فى التقنين الجديد بقى هو عين مكانها فى التقنين القديم .
$23 وكانت نصوص التقنين القديم غير مرتبة . فقد بدأت بنص فى شأن عبء الإثبات . ثم بينت المواطن التى يجب الإثبات فيها بالكتابة وتلك التى يجوز الإثبات فيها بالبينة وبالقرائن . وعرضت بعد ذلك لإثبات التخلص من الدين بتسليم السند وبوجوده تحت يد المدين وبالشروع فى الوفاء . ثم عادت لجواز إثبات أصل الدين بدفع الفوائد . ثم عرضت لليمين المتممة ثم لليمين الحاسمة . ثم رجعت إلى تعريف المحررات الرسمية والمحررات العرفية مع بيان حجية كل منهما وبيان حجية التاريخ ومتى يكون تاريخاً ثابتاً . ثم عرضت للتأشير على سند الدين بما يفيد براءة المدين ومدى حجية هذا التأشير . وعادت بعد ذلك إلى تحديد قيمة صور الأوراق الرسمية . وانتقلت فجأة إلى حجية الأمر المقضى . ثم عرضت للإقرار . وانتهت بنص يطلق الإثبات فى المواد التجارية .
16 ـ ترتيب التقنين الجديد : أما التقنين الجديد([20]) فقد رتب قواعد الإثبات ترتيباً منطقياً فى الباب السادس من الكتاب الأول . فقدم لهذه القواعد بنص فى تحميل عبء الإثبات . وفى فصول خمسة عرض للإثبات بالكتابة ، فالإثبات بالكتابة عرف الورقة الرسمية وبين حجيتها وحجية صورها ، ثم عرف الورقة العرفية وبين حجيتها وحجية التاريخ وثبوته ، ثم انتقل لقيمة بعض الأوراق العرفية فى الإثبات فعرض للرسائل والبرقيات ودفاتر التجار والدفاتر والأوراق المنزلية والتأشير على السند بما يفيد براءة المدين . وفى الإثبات بالبينة بين متى يجوز ذلك ومتى لا يجوز . وفى الإثبات بالقرائن عرف القرينة القانونية $24 وبين حجيتها ، وانتقل إلى حجية الأمر المقضى كقرينة قانونية ، وإلى حجية الحكم الجنائى بالنسبة إلى القضاء المدنى ، ثم عرض للقرائن القضائية . وفى الإثبات بالإقرار عرف الإقرار ، وحدد حجيته ، وبين متى يتجزأ . وفى الإثبات باليمين عرض لليمين الحاسمة ، ثم لليمين المتممة .
17 ـ لم يستحدث التقنين الجديد شيئاً جوهرياً فى قواعد الإثبات : وفى غير هذا الترتيب المنطقى المتسق لم يستحدث التقنين الجديد شيئاً جوهرياً فى قواعد الإثبات . بل اقتصر التنقيح على بعض المسائل التفصيلية ، مع تهذيب فى العبارة والأسلوب ، وتوضيح لما كان مقتضياً أو مبهماً ، وحتى فيما زاده التقنين الجديد من الأحكام ، كتحديد الورقة الرسمية والورقة العرفية ودفاتر التجار والأوراق المنزلية وجواز منع توجيه اليمين الحاسمة وجواز إثبات الحنث فيها ، لم يستحدث قواعد جديدة ، ولكنه اقتصر على تقنين القضاء المصرى فى هذه المسائل([21]) . وسنعود إلى كل مسألة فى موضعها .
18 ـ سريان قواعد الاثبات من حيث الزمان : ومهما يكن من أمر ، فهناك بعض أحكام تفصيلية استحدثها التقنين الجديد كما قدمنا . فنذكر فى هذه المناسبة المبدأ العام فى سريان قواعد الإثبات من حيث الزمان . لنرى متى تسرى القواعد الجديدة بوجه عام ، تاركين تفصيل سريان كل قاعدة إلى موضعها من هذا الكتاب .
أما القواعد الموضوعية للإثبات ، وهى تلك التى تعين طرق الإثبات وتبين متى يجوز قبولها وتحدد قيمة كل منها ، فالقانون الذى يطبق هو القانون الذى كان سارياً وقت نشوء الحق المراد إثباته . فلو كان هذا القانون يجيز الإثبات بالبينة مثلا ، جاز هذا الإثبات حتى لو كان القانون الجديد وقت رفع الدعوى لا يجيز الإثبات إلا بالكتابة . والعكس صحيح على خلاف فى الرأى ([22]) . وتطبيقاً لهذا $25 المبدأ نصت المادة التاسعة من التقنين المدنى الجديد على أن (( تسـرى فـى شــأن الأدلة $26 التى تعد مقدما النصوص المعمول بها فى الوقت الذى أعد فيه الدليل أو فى الوقت الذى كان ينبغى في إعداده ))([23]) .
أما الإجراءات التى تتبع فى سلوك طريق الإثبات ، فهذه يسرى عليها القانون القائم وقت نظر الدعوى ولو كان جديداً ، لأن قوانين الإجراءات الجديدة تسرى على الماضى([24]) .
([1]) الموجز للمؤلف ص 614 ـ ص 645
([2]) أنظر فى مقارنة دقيقة بين الإثبات القضائى والإثبات التعليمى أو التاريخى بارتان على أوبرى ورو جزء 12 فقرة 749 حاشية رقم 2 مكرر ، وأنظر أيضاً : بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1407 ـ ص 828 ـ ص 829 ـ بيدان وبرو 9 فقرة 1138 ص 306 ـ الأستاذ عبد الباصط جميعى نظام الإثبات فى القانون المدنى المصرى ص 39 ـ ص 42 .
([3]) وقد مر الاثبات القضائى فى تاريخ الانسانية بمراحل يضيق المقام هنا عن الخوض فيها. فقد كانت الانسانيةفى طفولتها تلجأ فى الإثبات القضائى غلى ضروب من السحر والشعوذة . ثم لجأت إلى الدين ، من حلف واستدعاء لله وللقديسين على المبطل من الخصمين . وكان القتال ، بل الانتحار ، من الأدلة القضائية عند بعض الأمم فى فجر التاريخ (انظر فى هذا راؤول دى جراسيرى (Raoul de la Grasserie) فى الاثبات فى المواد المدنية والجنائية فى القانون الفرنسى والتشريعات الأجنبية ص 18 ـ الأستاذ أحمد نشأت فى الاثبات جزء أول ص 9 ـ ص 12) .
([4]) وقد تغلب العادة فيجرى القلم بذكر إثبات الحق ، والمقصود دائماً هو إثبات الواقعة القانونية التى أنشات الحق.
([5]) مجموعة الأعمال الحضيرية 3 ص 349 .
([6]) الموجز فقرة 614 ص 645 . وأنظر : بلانيول وريبير وجابولد 7 ص 1406 ص 825 وقد جاء فيه : (( الدليل وحده هو الذى يحيى الحق ويجعله مفيدا )) (La praeuve seule vivifie le droit et le rend utile) . وقد أثرت فى هذا المعنى أقوال مشهورة ، منها (( ما لادليل عليه هو والعدم سواء )) أو (( يستوى حق معدوم وحق لا دليل عليه )) (Idem est non esse aut non probari) ـ ويقول أهرنج ك (( الدليل هو قوة الحق )) (La prevue est la rancon des duoits) ـ أنظر أيضا : بيدان وبرو 9 ص 1139 ص 207 ـ الأستاذ سليمان مرقس فى أصول الاثبات ص 1 ص 2 .
([7]) بودرى وبارد 3 فقرة 2059 .
([8]) ويذهب الأساتذة كولان وكابيتان ودى لامورانديير ( جزء 2 ص 718 وجزء 1 ص 105 وما بعدها ) إلى هذا الرأى . كذلك يبدو ان الدكتور محمد صادق فهمى ( الإثبات فى القانون المقارن ص 85 ـ ص 86 ) يميل إلى وضع قواعد الإثبات فى تقنين المرافعات . أنظر أيضاً بيدان ويرو 9 فقرة 1140 ، ص 208 .
([9]) الموجز ص 646 ـ وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لمشروع التقنين المدنى الجديد فى هذا الصدد ما ياتى : (( والواقع أنه يتضح من استظهار تبويب التقنينات المختلفة ومقارنة كل منها بالآخر ، أن الإثبات والشهر لا ينزلان منها مكاناً واحدا . فبعض هذه التنقينات يفرد لهما مكانا فى تقنين المرافعات ( مذهب التشريعات الجرمانية ) ، وبعض منها يضمن أحكامها تشريعاً مستقلا ( مذهب التشريعات الانجليزية والأمريكية ) ، وبعض آخر يفرق هذه الأحكام بين التقنين المدنى وتقنين المرافعات ( مذهب التشريعات اللاتينية ) . ويقوم مذهب الفريق الأخير من التقنينات على التفريق بين طائفة القواعد المتعلقة بالتنظيم الموضوعى ، وبين طائفة القواعد المتعلقة بالشكل والإجراءات ، ويلحق الأولى بالتقنين المدنى ، ويقرر الثانية مكاناً فى تقنين المرافعات ز وتشتمل الطائفة الأولى على الأحكام المتعلقة بمحل الاثبات ، وبيان من يقع عليه عبؤه ، وتفصيل طرقه ، وأحوال أعمال كل من هذه الطرق . وغنى عن البيان أنه يقصد من هذه الأحكام بوجه عام إلى اتقاء المنازعات وتأمين ما ينبغى للتعامل من استقرار ، ولعل هذا الغرض الوقائى بذاته هو أبرز ما ينهض لتوجيه وضعها فى نصوص التقنين المدنى باعتباره الأصل الجامع للمبادئ العامة فى القانون . أما ما يتعلق من الأحكام باعمال طرق الإثبات فهو يتصل بناحية الشكل والإجراءات ولا سيما ما يقوم من هذه الطرق على التحقيق أو الخبرة . وبديهى أن مثل هذه الأحكام أخص نطاقاً من الأحكام الموضوعية ، وهى تتسم على وجه الافراد بطابع قضائى يجعل خطابها ينصرف بوجه خاص إلى من يعهد إليهم بتطبيق القانون والفصل فى المنازعات. فأخلق بها ، والحال هذه ، أن تحل مع سائ ما يتلعق بخصوصيات الشكل والإجراءات صعيداً واحداً فى تقنين المرافعات )) . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 347 ـ ص 348 ) .
( م 2 الوسيط ج 2 )
([10]) وكذلك فعل القانون الأمريكى فى قانون الإثبات (Law of evidence) . أنظر فى مكان الإثبات فى كل من النظام اللاتينى والنظام الجرمانى والنظام الأنجلوسكسونى ، وذلك من ناحية التطور التاريخى ، رسالة الدكتور محمد صادق فهمى فى الإثبات فى القانون المقارن ص 20 ـ ص 55 .
([11]) وقد توضع القواعد الموضوعية للإثبات مع قواعد الشهر فى مكان واحد فى التقنين المدنى . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية لمشروع التقنين المدنى الجديد فى هذا المعنى ما يأتى : (( ليس شك فى أن التقنين المدنى هو أنسب مكان لكل ما يتعلق بالأحكام الموضوعية فى الإثبات ، بل وقد يكون فى هذا الوضع ما يدعو إلى التفكير فى الجمع بين هذه الأحكام وبين الأحكام الخاصة بشهر التصرفات فى كتاب قائم بذاته يكون عنوانه : فى الإثبات والشهر )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 347 ) .
([12]) وهذا ما سلم به واضعو تقنين المرافعات الجديد ، إذ قالوا فى المذكرة التفسيرية لمشروع التقنين المذكور إن قوانين المرافعات تجمع فى بعض البلاد الأوروبية بين قواعد الإثبات الموضوعية وبين إجراءات الإثبات وأوضاعه لشدة الاتصال بين القواعد وبين الإجراءات فى هذا الشأن . ومع ذلك رؤى أن يقتصر المشروع على الأحاطة بالإجراءات فى الأوضاع وأن تترك القواعد الموضوعية للقانون المدنى . وقد استتبع هذا رفع النصوص الموضوعية الموجودة فى قانون المرافعات الحالى مثل آثار عرض اليمين وحلفها والنكول عنها وعدم التعرض لبيان الأوراق التى تكون حجة حتى يطعن فيها بالتزوير والتى يكفى الإنكار للحيلولة دون الاحتجاج بها ، وترك ذلك كله للقانون المدنى .
ويأخذ الأستاذ نشأت على واضعى تقنين المرافعات الجديد أنهم بالرغم مما قدموه قد عرضوا إلى بعض القواعد الموضوعية : (( مثلا نصت المادة 156 على أنه يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى منتجة فيما جائزا قبولها . ونصت المادة 260 على أن المحكمة أن تقدر ما يترتب على الكشط والمحو والتحشير وغير ذلك من العيوب المادية فى الورقة من إسقاط قيمتها فى الاثبات أو إنقاصها ، والمادتان 262 و 284 أعطتا القاضى الحق فى أن يحكم بصحة الورقة التى أنكر توقيعها أو طعن فيها بالتزوير إذا اقتنع بذلك من وقائع الدعوى ومستنداتها أو أن يأمر بالتحقيق . وأجازت المادة 290 للمحكمة أن تحكم برد أية ورقة وببطلانها إذا ظهر لها بجلاء أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير )) ( الأستاذ نشأت فى الاثبات فقرة 23 ص 25 ) . وهذه الأمثلة التى ساقها الأستاذ نشأت إنما تدل على تعذر فصل القاعدة الموضوعية عن قواعد الإجراءات فى بعض الحالات الخاصة . فما كان باليسير على واضعى تقنين المرافعات الجديد أن يغفلوا ما أوردوه من هذه القواعد الموضوعية ، فهى متصلة اتصالا وثيقاً بما تلتها من قواعد الإجراءات ، هذا إذا استثنينا المادة 156 التى تنص على أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ، منتجة فيها ، جائزا قبولها ، فان المكان الطبيعى لهذا النص هو التقنين المدن .
كذلك يوجد طريقان للإثبات ـ هما المعاينة والخبرة ـ تغلب فيهما الناحية الإجرائية ، فكان مكانهما اللائق من الناحية العملية هو تقنين المرافعات ( قانون الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرى 29 ) .
([13]) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1406 ص 826 ـ بلانيول وريبير بولانجيه 2 فقرة 2157 .
([14]) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1408 ص 830 .
([15]) أنظر فى هذا المعنى الستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 24 ـ فقرة 27 ـ ومما يؤكد هذا المعنى ، فى القانون الدولى الخاص ، أن القانون الذى يسرى على القواعد الموضوعية فى الإثبات هو عين القانون الذى يسرى على شكل العقود ، ذلك أن الإثبات ، من ناحية قواعد الإسناد ، هو فى منزلة الشكل ، فيسرى قانون البلد الذى تم فيه العقد أو قانون الموضوع أو قانون موطن المتعاقدين أو قانوهما الوطنى المشترك . وقد نصت المادة 20 من التقنين المدنى الجديد على أن (( العقود ما بين الأحياء تخضع فى شكلها لقانون البلد الذى تمت فيه ، ويجوز أيضاً أن تخضع للقانون الذى يسرى على أحكامها الموضوعية ، كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطنى المشترك )) ( انظر فى هذه المسألة بيدان وبرو 9 فقرة 1156 ـ بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1431 ص 860 ـ 862 ) أما الإجراءات الشكلية للإثبات فيسرى عليها قانون القاضى (lex fori) ، وقد نصت المادة 22 من التقنين المدنى على أنه (( يسرى على قواعد فيه الإجراءات ))
على أنه ، بالرغم من ذلك ، يجب أن يلاحظ أن الحق قد يقوم دون أن يقوم دليله ، بأن يستوجب القانون مثلا أن يكون الدليل كتابة لا توجد أو كتابة لها شكل خاص فتكون باطلة لعدم استيفائها الشكل المطلوب . وعند ذلك يبقى الحق قائما وإن سقط الدليل . وقد يهيأ لصاحب الحق أن يثبت وجوده من طريق آخر . ومن ثم كان للقول بقيام الحق مع سقوط دليله هذا الوجه من ناحية العمل ( انظر فى ذلك بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1408 ص 829 ص 830 ـ بيدان وبرو 9 فقرة 1139 ص 207 ) .
([16]) جوسران 2 فقرة 158 ـ بيدان وبرو 9 فقرة 1140 ص 207 ـ ص 208 ـ والسبب فى أن التقنين المدنى الفرنسى وضع الإثبات فى هذا المكان هو أن واضعى هذا التقنين اقتفوا أثر بوتييه (pothier) ، حتى دون أن يتدبروا أن بوتييه عنى بعبارة (( طرق الوفاء )) (paiements) فى صيغة الجمع إثبات جميع الأسباب التى ينقضى بها الالتزام دون أن يقتصر على الوفاء ( بودرى وبارد 3 فقرة 2053 ـ ما كارديه 5 ص 2ـ لارومبير 5 م 1315 فقرة 7 ت ديمولومب 29 فقرة 181 ـ لوران 19 فقرة 81 ) وكان دوما (domat) فى كتابه (( القوانين المدنية ـ الكتاب الثالث ـ الباب السادس )) مثلا أفضل للاحتذاء من بوتييه ، فإن هذا الفقيه الأخير إنما وضع الإثبات فى المكان الذى وضعه فيه لأنه لم يضع كتاباً فى القانون المدنى جملة واحدة ( بلانيول وريبير وبولانجيه فقرة 2155) .
([17]) الباب السادس من الكتاب الأول فى الالتزامات بوجه عام ، وهذا فى التقنين الجديد .
([18]) وقد جاء فى الموجز فى هذا المعنى ما يأتى : (( فليست نظرية الإثبات إذن مقصورة على الالتزامات التعاقدية كما قد يوهم ذلك موضعها من القانون المدنى الفرنسى . وليست مقصورة على الالتزامات بوجه عام ، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ، كما قد يدل على ذلك مكانها فى القانون المدنى المصرى . بل هى نظرية عامة شاملة ، تتناول العقود ، وتتناول غير العقود من مصادر الالتزامات الأخرى ، وتتناول مصادر الحقوق العينية ، ومصادر روابط الأسرة ن بل هى تجاوز القانون المدنى إلى غيره من القوانين )) ( الموجز فقرة 615 ص 645 ـ ص 646 ) .
([19]) قارن الأستاذ أحمد نشأت فى الإثبات 1 فقرة 30 ـ فقرة 35 . وهذه العادة وما ألفته الناس هما السبب فى أن التقنين المدنى الجديد قد عادل عن إفراد كتاب خاص للإثبات والشهر . وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا اصد ما يأتى : (( على أن مسألة استحسان إفراد كتاب خاص للإثبات والشهر لا تزال جديرة بالنظر والتفكير ، ولا سيما إذا اللاتينية ، وأخصها التقنين الفرنسى والتقنين الإيطالى والتقنين البلجيكى والمشروع الفرنسى الإيطالى ، وعقد للإثبات باباً سادساً فى الكتاب الثانى الخاص بالتعهدات والعقود . ولم ير المشروع أن يشذ عن هذا النهج بعد أن استقر فى تقاليد البلاد . أما الشهر فقد نظم فى أكثر الدول بمقتضى تشريعات خاصة صدرت بعد العمل بالتقنينات المدنية ، ثم أدمجت فى هذه التقنينات فيما بعد عقب الأحكام الخاصة بالحقوق العينية . وقد اختار المشروع هذا الوضع . على أن توزيع أحكام الإثبات وقواعد الشهر على هذا النحو لم يقصد منه إلى قصر نطاق الأولى على الالتزام ووقف الثانية على الحقوق العينية فحسب . فمن المسلم ـ بوجه عام ـ أن تلك الأحكام عامة التطبيق ، تسرى على جميع الوقائع القانوية المبدئة للحقوق ، مالية كانت هذه الحقوق أو عينية أو معنوية ، ومن المسلم كذلك أن هذه القواعد لا تقتصر على الحقوق العينية العقارية ، بل ينبغى أن تتناول كل ما يهم الغير الوقوق عليه من الأوضاع القانونية ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 348 ) .
([20]) ونوجه النظر منذ الآن إلى أن الذى وضع المشروع الابتدئى فى الإثبات هو الأستاذ استنويت (stenuit) الذى كان قاضياً بالمحاكم المختلطة ( انظر الوسيط جزء أول ص 17 هامش رقم 2 ) وقد وضع هذا المشروع الابتدائى فى اثنتين وخمسين مادة ، وأرفق بهذه النصوص مذكرة إيضاحية تتمشى معها بطبيعة الحال . وقد تناولت لجنة تنقيح القانون المدنى هذه النصوص بالمراجعة والتنقيح حتى حولتها إلى جزء من المشروع التمهيدى للقانون المدنى هذه النصوص بالمراجعة والتنقيح حتى حولتها إلى جزء من المشروع التمهيدى للقانون . ولكن المذكرة الإيضاحية التى وضعها الأستاذ استنويت أدرجت كما هى فى مجموعة الأعمال التحضيرية ، دون مراعاة لما أدخل على النصوص الأولى من تنقيح وتعديل . فأصبحت هذه المذكرة ، فى بعض المواضع ، لا تتمش مع النصوص النهائية . وسننبه إلى كل مسألة فى موضعها .
([21]) أنظر الوسيط جزء أول ص 71 .
([22]) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن القانون الذى كان معمولا به وقت إبرام التصرف هو الذى يسرى على هذا التصرف من حيث شروط صحته ومن حيث شلكه ومن حيث طرق إثباته ( 25 يونية سنة 1913 م 25 ص 471 ) . ويحدد حجية الورقة المكتوبة القانون القائم وقت صدورها ( استئناف مصر 24 فبراير سنة 1930 المحاماة 10 رقم 346 ص 696 ) وقد كانت المادة 19 من المشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد تنص على أن (( تسرى فى شأن القرائن القانونية النصوص المعمول بها فى الوقت الذى تم فيه العمل أو الحادث الذى تترتب عليه القرينة القانونية )) ولكن هذه المادة حذفت فى لجنة المراجعة لوضوح حكمها ولعدم الحاجة إليها ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 227 ) أما طرق الإثبات التى هى ليست من عمل الطرفين بل يترك أمرها إلى القاضى ، كالاقرار واليمين ، فيسرى عليها القانون الجديد . فلو أن قانوناً جديداً منع اليمين فى حالة معينة ، فمان توجيه اليمين يكون غير جائز فى هذه الحالة حى عن واقعة حدثت قبل نفاذ القانون الجديد ( بيدان وبرو 9 فقرة 1157 ص 229 ) .
وإذا خفض قانون جديد نصاب البيئة إلى خمسة جنيهات مثلا ، فالتصرفات المبرمة قبل نفاذ هذا القانون الجديد وتزيد على خمسة جنيهات ولا تزيد على العشرة يكفى فى إثباتها البيئة والقرائن , لأن القانون القائم وقت إبرام التصرف كان يجيز ذلك ( ديرانتون 1 فقرة 66 ـ ديمولومب 1 فقرة 54 ـ لوران 1 فقرة 176 . ) أما إذا رفع قانون جديد نصاب البيئة إلى عشرين جنيها مثلا ، فالأصل أن التصرفات المبرمة قبل نفاذ هذا القانون الجديد ، وتزيد على عشرة جنيهات ، لايجوز إثباتها بالبيئة ، وإن كانت لا تزيد على عشرين جنيهاً ، إعمالا للقانون القائم وقت إبرام هذه التصرفات دون نظر لأحكام القانون الجديد ، حتى لا يتأثر مركز الخصمين بهذه الأحكام . وبهذا الرأى يقول كثير من الفقهاء ( ديرانتون 1 فقرة 66 ـ ديمولومب 1 فقرة 54 ـ لوران 1 فقرة 176 ) . ولكن بعض الفقهاء يذهبون غلى جواز الإثبات بالبيئة فى هذه الحالة لأن فتح القانون الجديد لهذا الطريق للاثبات إ،ما كان المقصود منه الكشف عن الحقيقة بطرق أصلح ، ولا يجوز للمدين فى هذا الفرض أن يدعى أنه كسب حقاً فى أن يتخلص من التزامه بسبب عقم طرق الإثبات التى كانت قائمة وقت نشوء هذا الالتزام ( أوبرى ورو 1 طبعة خامسة ص 128 وهامش رقم 66 ـ بودرى وهوك فوركارد 1 فقرة 176 ـ بيدان وبرو 9 فقرة 1157 ص 229 ـ ص 230 . على أن القائلين بهذا الرأى الأخير يقصرونه على الحالة التى نحن بصددها ، ولا يعممونه حتى يتناول الأوراق المكتوبة والقرائن القانونية ، فهذه وتلك يحكمها القانون الذى يكون قائما وقت صدورها أو وقت تمام الحادث الذى ترتبت عليه ( أنظر فى هذا الموضوع جوريس كلاسير المدنى (Juris-classeur Civil) قسم 134 مادة 1316 فقرة 14 ـ فقرة 17 ) .
أما الوقائع التى لا تتوافر أدلتها وقت نشوئها ـ وهى الوقائع المادية ـ فهذه يسرى عليها القانون الجديد حتى لو كان قد نشأت فى ظل القانون القديم . وكذلك جواز قبول الواقعة فى الإثبات يعتبر من النظام العام فيسرى عليه القانون الجديد ، وقد نصت على هذا الحكم الفقرة الثانية من المشروع التمهيدى للتقنين المدنى ، ولكن هذا النص حذفته لجنة المراجعة تجنبا للتفصيلات ولأن مكانه المناسب هو قانون المرافعات ( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 225 ) . انظر فى هذا الموضوع الدكتور عبد المنعم فرج الصدة فى الإثبات فى المواد المدنية فقرة 53 ـ فقرة 56 ص 61 ـ ص65 ) .
([23]) وكان النص فى المشروع يجرى على الوجه الآتى : (( تسرى فى شأن الأدلة التى تعد مقدما للنصوص المعمول بها فى الوقت الذى يعد فيه الدليل أو فى الوقت الذى يستطاع أو ينبغى فيه إعداده )) . ولكن لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة (( مجموعة الأعمال التحضيرية 1 ص 227 ) .
([24]) وقد كانت الفقرة الأولى من المادة 17 من المشروع التمهيدى للتقنين المدنى تنص على ما يأتى : (( تسرى النصوص المتعلقة بإجراءات الاثبات من وقت العمل بها على جميع الدعاوى القائمة )) . ولكن هذا النص حذف فى لجنة المراجعة لأن مكانه المناسب هو تقنين المرافعات ( انظر المادة الأول من تقنين المرافعات الجديد ).
نقلا عن محامي أردني