الإعسار


الإعسار

( La deconfiture )

تمهيد

الإعسار المدنى والإفلاس التجارى

الإعسار فى التقنين المدنى السابق وفى التقنين المدنى الجديد

687 – مقومات الإفلاس التجارى : عندما ما يتوقف التاج عن دفع مستحق عليه ، يجوز شهر إفلاسه . وشهر الإفلاس أعنف طريق ينفذ به الدائن على أمال مدينه ، ولذلك اختص به التجار ، لما للائتمان فى المعاملات التجارية من أهمية خاصة ، ولأن التاجر دائنوه فى العادة كثيرون ومتفرقون ، فمن المصلحة أن يتحدوا فى جماعة ( union ) وأن يجروا تصفية أموال مدينهم التاجر تصفية جماعية تحقق المساواة الفعلية ما بين الدائنين .

ومن ثم كان تنظيم الإفلاس التجارى يقوم على أسس ثلاثة :

  1199  

( الأساس الأول ) ألا ينفرد أحد الدائنين دون الباقى بالاستئثار بمال المدين ، إلا إذا كان له على هذه المال حق خاص – رهن أو امتياز أو حبس أو نحو ذلك – يميزه فيه عن سائر الدائنين . فيتحقق إذن تحققاً فعلياً فى الإفلاس أن جميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته ، لا فرق فى ذلك بين دائن ودائن .

( الأساس الثانى ) أن تغل يد المدين عن التصرف فى أمواله . فمنذ أن يشهر إفلاس التاجر لا يملك أن يتصرف فى ماله ، ويبقى كذلك إلى أن تنتهى التفليسة بالتصفية أو بالصلح . بل إن التاجر المفلس تقيد تصرفاته حتى قبل شهر الإفلاس ، ففى فترة الريبة ( Periode suspecte ) – من اليوم الذى تحدده المحكمة ميعاداً لتوقفه عن الدفع وعشرة أيام قبله – تكون بعض تصرفاته باطلة وبعضها قابلاً للإبطال ، على الوجه المعروف فى القانون التجارى .

( الأساس الثالث ) أن تصفى أمواله تصفية جماعية . والتصفيقة الجماعية هى المميز الجوهرى للإفلاس التجارى . ومعناها أولاً أن ترفع يد المدين عن أمواله ( desaisissement ) ، فتنتقل حيازة هذه الأموال وحراستها إلى سنديك ( syndic ) يمثل كل من الدائنين والمدين . ومعناها ثانياً ألا يباشر أى دائن إجراء فردياً للتنفيذ ( poursuite individuelle ) على أموال المدين ، بل تكون الإجراءات التى تتخذ للتصفية والتنفيذ إجراءات جماعية ( poursuite collective ) يتخذها السنديك باسم جميع الدائنين ، الذين يندمجون فى اتحاد ( masse, union ) تخلع عليه الشخصية المعنوية . ومن ثم تتحقق المساواة الفعلية التامة بين جميع الدائنين ، فتصفى أزال مدينهم وتباع لحسابهم جميعاً ، ثم يتقاسمون الثمن فيما بينهم قسمة الغرماء ، كل يأخذ نصيباً بقدر ما له من دين ، هذا ما لم تنته التفليسة بالصلح ( concordat ) بين الدائنين ومدينهم ، طبقاً للقواعد ووفقاً للإجراءات المرسومة فى القانون التجارى .

688 – مقارنة بين الإفلاس التجارى والوسائل المدينة التى تقدم ذكرها : الآن وقد ذكرنا مقومات الإفلاس التجارى ، نقارن بينه وبين الوسائل المدنية التى تكلف حقوق الدائنين ، من وسائل تمهد للتنفيذ على أموال المدين ووسائل ضمان . وهذه الوسائل المدنية هى التى ذكرناها من قبل : الدعوى غير  1200  المباشرة ، والدعوى البولصية ، والدعوى الصورية ، والحق فى الحبس ( [1] ) .

لا تشترك هذه الوسائل الأربع مع الإفلاس التجارى فى مقوماته الثلاثة ، إلا فى واحد منها فقط هو الأول : عدم انفراد أحد الدائنين دون الباقى بالاستثمار بمال الدين . أما المقومان الآخران – غل يد المدين عن التصرف والتصفية الجماعية – فيتميز بها الإفلاس التجارى عن هذه الوسائل الأربع ، ولا تشترك فيها معه .

فالدعوى غير المباشرة يوجه الدائن فيها همه إلى مال للمدين يستخلصه من الضياع من جراء سوء نية هذا المدين أو إهماله ، تمهيداً للتنفيذ على هذا المال . والدائن لا ينفرد دون باقى الدائنين بالاستئثار بالمال ، بل يشاركه فيه سائر الدائنين مشاركة الغرماء كما قدمنا . وفى هذا تتفق الدعوى غير المباشرة مع الإفلاس التجارى . وتختلف عنه أولاً فى أن المدين ، على النقيض من التاجر المفلس ، لا تغل يده عن التصرف فى هذا المال ، بل يستطيع أن يتصرف فيه حتى فى أثناء قيام الدعوى غير المباشرة ، وليس للدائن من سبيل إلا الطعن فى هذا التصرف بالدعوى البولصية ، وقد تقدم بيان ذلك . وتختلف عنه ثانياً فى أن التنفيذ على المال الذى استخلصه الدائن عن طريق الدعوى غير المباشرة يكون بإجراءات فردية ، فالدائن الذى رفع الدعوى غير المباشرة لا بد فى التنفيذ من أن يتخذ إجراءات فردية للحجز ، ولكل دائن آخر أن يتخذ مثل هذه ا ” لإجراءات أو أن يشترك فى الإجراءات التى سبق اتخاذها . فيجب على كل حال أن يتخذ الدائن الذى يريد التنفيذ على المال إجراءات فردية باسمه خاصة ، بل غن الدائن الذى يسبق الآخرين فى التنفيذ يستوفى حقه من هذا المال قبلهم ما داموا لم يدركوا التوزيع النهائى . وهذا بخلاف الإفلاس التجارى ، فالتصفية فيه كما قدمنا تصفية جماعية يتولاها السنديك باسم جميع الدائنين ، ولا يستطيع أحد منهم أن يتخذ إجراءات فردية يسبق بها الآخرين .

والدعوى البولصية يوجه الدائن فيها همه إلى مال للمدين سبق لهذا أن تصرف فيه إضراراً بحقوق الدائنين ، وذلك حتى يجعل هذا التصرف غير سار فى حق  11201  الدائنين ، تمهيداً للتنفيذ على المال الذى سبق التصرف فيه . الدائن فى التقنين المدنى الجديد ، لا ينفرد دون باقى الدائنين بالاستئثار بهذا المال ، بل يشاركه فيه سائر الدائنين مشاركة الغرماء . وفى هذا تتفق الدعوى البولصية مع الإفلاس التجارى ( [2] ) . وتختلف عنه أولاً فى أن المدين لم تغل يده عن التصرف فى المال منذ البداية ، بل هو قد تصرف فيه فعلاً وكان لابد من الطعن فى هذا التصرف بالدعوى البولصية بعد توافر شروط معينة ، أما التاجر المفلس فتغل يده عن التصرف فى ماله منذ شهر إفلاسه ولا حاجة لتوافر أى شرط آخر غير شهر الإفلاس . وتختلف عنه ثانياً فى أن التنفيذ على المال الذى تصرف فيه المدين فى الدعوى البولصية يكون التنفيذ عليه من جهة الدائنين بإجراءات فردية على النحو الذى تقدم فى الدعوى غير المباشرة ، لا بإجراءات جماعية يقوم بها ممثل لاتحاد الدائنين كما هو الأمر فى الإفلاس التجارى .

ودعوى الصورية يوجه الدائن فيها همه إلى مال للمدين يستبقيه ، بعد أن تصرف فيه المدين تصرفاً صورياً ، فيكشف الدائن عن صورية التصرف تمهيداً للتنفيذ على هذا المال . والدائن لا ينفرد دون باقى الدائنين بالاستئثار بهذا المال ، بل يشاركه فيه سائر الدائنين مشاركة الغرماء . وفى هذا تتفق دعوى الصورية مع الإفلاس التجارى . وتختلف عنه أولاً فى أن المدين لا تغل يده عن التصرف المال تصرفاً جدياً ، بعد أن تصرف فيه تصرفاً صورياً ، فيجوز له بعد أن كشف دعوى الصورية عن صورية تصرفه الأول ، بل وقبل أن يتمكن الدائنين من التنفيذ عليه ، ولا سبيل للدائنين فى هذه الحالة غلا الطعن فى هذا التصرف الجدى بالدعوى البولصية . وتختلف عنه ثانياً فى أن التنفيذ على المال الذى كشف الدائن عن صورية التصرف فيه يكون بإجراءات فردية على النحو الذى تقدم فى الدعوى غير المباشرة وفى الدعوى البولصية ، لا بإجراءات جماعية يقوم بها السنديك ممثلاً لاتحاد الدائنين كما هو الأمر فى الإفلاس التجارى .

والحق فى الحبس يوجه الدائن فيه همه إلى مال للمدين محبوس تحت يده ،  1202  فيستبقيه محبوساً حتى يستوفى حقه . والدائن لا ينفرد دون باقى الدائنين بالاستئثار بهذا المال ، فهو إذا نفذ عليه وبيع فى المزاد العلنى شاركه فى ثمنه سائر الدائنين مشاركة الغرماء ، وقد تقدم بيان ذلك . وفى هذا يتفق الحق فى الحبس مع الإفلاس التجارى . ويختلف عنه أولاً فى أن المدين على النقيض من التاجر المفلس ، لا تغل يده عن التصرف فى المال المحبوس ، بل يستطيع أن يتصرف فيه وينفذ تصرفه فى حق الدائنين ، بل وفى حق الدائن الحابس نفسه إذا سبق التصرف الحبس على النحو الذى بسطناه فيما تقدم . ويختلف عنه ثانياً فى أن التنفيذ على المال المحبوس يكون بإجراءات فردية كما فى الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية ودعوى الصورية ، لا بإجراءات جماعية ، كما فى الإفلاس التجارى .

689 – الإفلاس التجارى والإعسار المدنى : وإذا كانت الوسائل المدنية الأربع التى تقدم ذكرها تقصر عن الإفلاس التجارى فى مقومين من مقوماته الثلاثة ، ولا تشترك معه إلى فى المقوم الأول كما رأينا ، فإن الإعسار المدنى ( deconfiture ) كما نظمه التقنين المدنى الجديد يتقدم خطوة على هذه الوسائل الأربع ، ويشترك مع الإفلاس التجارى ( faillite ) فى مقومين من مقوماته الثلاثة ، ويقصر عنه فى المقوم الثالث وحده .

يتفق الإعسار المدنى مع الإفلاس التجارى فى أن أحد الدائنين لا ينفرد دون الباقى فى الاستئثار بمال المدين . ويتفق معه أيضاً – وفى هذا يتميز الإعسار المدنى عن الوسائل المدنية الأربعة التى سبق ذكرها – فى أن يد المدين تغل عن التصرف فى أمواله منذ شهر الإعسار ، كما تغل يد المدين التاجر عن التصرفات فى أمواله منذ شهر الإفلاس .

ولكن يختلف الإعسار المدنى عن الإفلاس التجارى فى المقوم الثالث – وهو المقوم الجوهرى كما قدمنا – فلا يوجد فى الإعسار المدنى تصفية جماعية يقوم بها السنديك ممثلاً لاتحاد الدائنين كما هو الأمر فى الإفلاس التجارى ، بل يبقى أمر التنفيذ على أموال المدين كما هو فى الوسائل المدنية الأربع موكولاً إلى إجراءات فردية يقوم بها كل دائن باسمه خاصة ( [3] ) .

  1203  

ومن ثم يوضع الإعسار المدنى إلى جانب الوسائل المدنية الأربع – الدعاوى الثلاث والحق فى الحبس – وسيلة من وسائل التنفيذ على أموال المدين . وهو لا يتميز عنها فى المقوم الجوهرى للإفلاس التجارى ، فهو مثلمها ليست فيه تصفيقة جماعية ولا محل فيه إلا لإجراءات فردية ، وإن كان يفوقها جميعاً فى أنه يغل يد المدين عن التصرف فى أمواله على النحو الذى سنبسطه فيما يلى :

690 – الإعسار فى التقنين المدنى السابق : لم ينظم التقنين المدنى السابق الإعسار ، وهذا بخلاف الإفلاس فقد نظمه التقنين التجارى تنظيماً دقيقاً مفصلاً . وقد يقال إن الإعسار ليس فى حاجة إلى التنظيم الذى لا بد منه فى الإفلاس ، لأن التجارة تقم على الائتمان فلا بد فيها من ضمانات قوية يطمئن إليها الدائنون ، وعلى رأس هذه الضمانات تنظيم إفلاس التاجر تنظيماً يحفظ على الدائنين حقوقهم ويكفل المساواة فيما بينهم ، وليست هذه الاعتبارات قائمة فى المعاملات المدنية بالقوة التى تقوم بها فى التعامل التجارى . ولكن المدين المعسر ، حتى فى المعاملات المدنية ، فى أشد الحاجة إلى تنظيم إعساره حماية له وللدائنين على السواء . وتزداد الحاجة إلى تنظيم الإعسار المدنى ، منذ يرتب القانون على هذا الإعسار نتائج هامة ( [4] ) .

وقد سار التقنين المدنى السابق فى عدم تنظيمه للإعسار على نهج التقنين المدنى الفرنسى ، وأطلق يد المدين المعسر فى التصرف ، ولم يقيد من هذا الإطلاق إلا بقدر ما تسمح به الدعوى البولصية ، ولم يواجه المدين المعسر إلا عن طريق الدعاوى الثلاث المعروفة ، وهى وحدها لا تكفى فى تنظيم الإعسار . واستفاضت  1204  الشكوى من هذه الحالة فى فرنسا ( [5] ) وفى مصر ( [6] ) .

961 – تنظيم الإعسار فى التشريعات الحديثة : أما موقف التشريعات الحديثة من تنظيم الإعسار فيختلف اختلافاً بيناً عن موقف التقنين المدنى الفرنسى . فبعض هذه التشريعات – كما فى ألمانيا وانجلترا وهولندا والسويد والنرويج والدنمارك – لا تميز بين الإفلاس التجارى والإعسار المدنى ، فتجعل المدين المعسر ، التاجر وغير التاجر ، خاضعاً لنظام واحد هو نظام الإفلاس التجارى . ومن ثم عرفت هذه التشريعات الإفلاس المدنى ( faillite civile ) ، بل عرفت الإفلاس دون وصف نظاماً موحداً ، فالإفلاس عندها يتناول كلا من الإفلاس التجارى ( faillite ) والإعسار المدنى ( deconfiture ) ( [7] ) . وعيب  1205  هذا النظام أنه يأخذ المدين المعسر بما يأخذ به التاجر المفلس من إجراءات لها ما يبررها فى التعامل التجارى ولكنها فى المعاملات المدنية تعتبر قاسية فى غير ضرورة .

وفى سويسرا نظم الإفلاس التجارى ، وترك الإعسار المدنى دون تنظيم موكولاً إلى إجراءات الحجز المعتادة . ولكن بعض طوائف المدينين المعسرين أخضعت لنظام الإفلاس التجارى على سبيل الإجبار ، وجعل للآخرين أن يختاروا هذا النظام فمن يشاء منهم ذلك يقيد اسمه فى سجل خاص ( [8] ) . وعيب هذا النظام أنه لا يزال يترك الإعسار المدنى دون تنظيم ، ويقتصر على نقل بعض المدينين المعسرين إلى نظام الإفلاس التجارى ولا يتلاءم هذا النظام فى بعض إجراءاته مع ملابسات الإعسار المدنى .

ولعل النظم الأسبانى هو خير هذه النظم جميعاً ، فهو ينظم الإعسار المدنى تنظيماً مستقلاً عن تنظيم الإفلاس التجارى ، ويسير فى كل نظام وفقاً لمقتضياته . فالتاجر المفلس غير المزارع المعسر . الأول يتقيد باعتبارات جوهرية فى الائتمان التجارى تدعو إلى تنظيم إفلاسه تنظيماً دقيقاً يكفل الطمأنينة لدائنيه ويقر المساواة فيما بينهم ، فتصفى أمواله تصفيقة جماعية يقوم بها سنديك باسم جميع الدائنين . أما المزارع المعسر فليس فى حاجة إلى كل ذلك ، بل إن إقحام نظام الإفلاس التجارى فى شأنه ، وما ينطوى عليه من رفع يده عن أمواله وتعيين سنديك يتسلمها ويصفيها تصفية جماعية ، من شأنه أن يربك أعماله فى غير ضرورة . وبحسب الإعسار المدنى أن ينظم تنظيماً يكون من شأنه غل يد المدين عن التصرف ،  1206  فهذا هو القدر الضرورى لحماية الدائنين ، دون أن ترفع يده عن ماله ودون أن تتخذ إجراءات جماعية كثيرة النفقة شديدة التعقيد ، إن تطلبتها مقتضيات الائتمان التجارى فليست ملابسات الائتمان المدنى فى حاجة إليها ( [9] ) . على أن النظام الإسبانى لا يفرق كثيراً بين تنظيم الإفلاس التجارى وتنظيم الإعسار المدنى من ناحية التصفية الجماعية ( [10] ) . وهذا ما توقاه التقنين المدنى المصرى الجديد ، فقد جعل تنظيم الإعسار المدنى يختلف اختلافاً واضحاً عن تنظيم الإفلاس التجارى ، واقتصر فى الإعسار المدنى على الإجراءات الفردية كما سنرى ( [11] ) .

  1207  

692 – تنظيم الإعسار فى التقنين المدنى الجديد – الإعسار الفعلى والإعسار القانونى : على أن المشروع التمهيدى للتقين المدنى الجديد كان يتضمن نصوصاً تنشئ نظاماً استثنائياً لتصفيقة جماعة فى الإعسار المدنى . ولما عرضت هذه النصوص للاستفتاء ،مال الرأى العام القانونى فى مصر إلى عدم الأخذ بهذا النظام الاستثنائى ، فحذفت النصوص المتعلقة به فى لجنة المراجعة ( [12] ) .

واستبقيت النصوص التى تنظم الإعسار المدنى دون تصفيقة جماعية تنظيماً يتلاءم مع مقتضيات المعاملات المدنية . ولما كانت هذه النصوص تنظم الإعسار  1208  عن طريق شهره بموجب حكم قضائى ، فإن التقنين المدنى الجديد يكون قد أنشأ حالة قانونية منظمة للإعسار ، وانقلبت هذه الحالة – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى ( [13] ) – ” من مجرد أمر واقع يكتنفه التجهيل ، إلى نظام قانونى واضح المعالم بين الحدود ” ( [14] ) فأصبح التقنين المدنى الجديد يميز بين  1209  نوعين من الإعسار : الإعسار الفعلى ( insolvabilite ) والإعسار القانونى ( deconfiture ) . ويختلف الإعسار الفعلى عن الإعسار القانونى من وجوه عدة .

فإعسار الفعلى حالة واقعية ( etat de fait ) تنشأ عن زيادة دوين المدين – سواء كانت مستحقة الأداء أو غير مستحقة ما دامت محققة الوجود – على حقوقه . أما الإعسار القانونى فحالة قانونية ( etat de droit ) تنشأ من زيادة ديون المدين المستحقة الأداء على حقوقه ، ولابد من شهرها بموجب حكم قضائى يجعل المدين فى حالة إعسار ( etat de deconfiture ) .

والآثار التى يرتبها القانون على الإعسار القانونى قد لا يرتبها على الإعسار الفعلى . فسنرى أن سقوط الأجل ( م 255 فقرة أولى و 273 مدنى ) ، ومنع المدين من التصرف فى ماله ( م 257 مدنى ) ، وتعريضه لعقوبة التبديد فى حالتين معينتين ( م 260 مدنى ) ، وجواز إعطائه نفقة من إيراداته المحجوزة ( م 259 مدنى ) ، وعدم جواز الاحتجاج بحقوق الاختصاص فيما بين الدائنين ( م 256 فقرة 2 مدنى ) ، إنما يترتب ذلك كله على الإعسار القانونى ، لا على مجرد الإعسار الفعلى . أما انتهاء الشركة بإعسار أحد الشركاء ( م 528 فقرة أولى مدنى ) ، وجواز إنهاء العارية إذا أعسر المستعير بعد انعقادها أو كان معسراً قبل ذلك دون علم من المعير ( م 644 حرف حـ مدنى ) ، وتقديم كفيل موسر ( أى غير معسر ) إذا التزام المدين بتقديم كفيل ( م 744 مدنى ) ، وسقوط حق الدائن فى الرجوع على الكفيل إذا أعسر المدين ولم يتخذ الدائن الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه ( قياساً على وجوب تقدمه فى تفليسة المدين إذا أفلس : م 786 مدنى ) ، كل ذلك يترتب على الإعسار الفعلى دون حاجة إلى أن يكون الإعسار قانونياً . كذلك فى الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية استبقى التقنين المدنى الجديد الإعسار على ما كان عليه فى التقنين المدنى السابق ، إعساراً فعلياً لا إعساراً قانونياً ، مسايراً فى ذلك تقاليد هاتين الدعويين . وينهض لتوجيه هذا الرأى أن التقنين المدنى الجديد حدد على وجه الدقة المقصود بالإعسار فى الدعوى البولصية ، فنص فى المادة 239 على أنه ” إذا ادعى الدائن  1210  إعسار المدين ، فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما فى ذمته من ديون ، وعلى المدين نفسه أن يثبت أن له مالاٍ يساوى قيمة الديون أو يزيد عليها ” . فالمشرع هنا اعتبر المدين معسراً بمجرد ألا يكفى ماله للوفاء بجميع ديونه ، المستحقة وغير المستحقة ، بينما هو فى الإعسار القانونى لا يعتبر المدين معسراً إلا إذا كان ماله لا يكفى للوفاء بديونه المستحقة وحدها دون ديونه غير المستحقة . فالإعسار القانونى ، كما نرى ، حالة أشد إمعاناً فى الاستغراق بالدين من الإعسار الفعلى ، والتقنين المدنى الجديد صريح فى أنه يكتفى فى الدعوى البولصية – وتبعاً لذلك فى الدعوى غير المباشرة – بالإعسار الفعلى دون الإعسار القانونى ( [15] ) .

وقد ينتهى الإعسار القانونى قبل أن ينتهى الإعسار الفعلى . ذلك أن الإعسار القانونى ينتهى بموجب حكم إذا وفى المدين المعسر ديونه الحالة ، وينتهى حتماً بقوة القانون إذا انقضت خمس سنوات على شهر الإعسار . فيتبين من ذلك أن الإعسار القانونى قد ينتهى ، ومع ذلك تبقى ديون المدين أكثر من حقوقه فيكون معسراً فعلاً ، وهكذا قد يتناوب المدين إعسار فعلى ينتقل منه إلى إعسار قانونى ليعود بعد ذلك إلى إعسار فعلى . وسيأتى بيان ذلك تفصيلاً فيما يلى .

وننتقل الآن ، بعد هذا التمهيد ، إلى بسط أحكام تنظيم الإعسار المدنى فى التقنين المدنى الجديد ، أى إلى الكلام فى حالة الإعسار القانونى . فنبحث : ( أولاً ) شهر حالة الإعسار ( ثانياً ) الآثار التى تتربت على حالة الإعسار ( ثالثاً ) انتهاء حالة الإعسار .

ونقصد فيما يلى ، إذا أطلقنا لفظ ” الإعسار ” ، الإعسار القانونى ، أى الإعسار كحالة قانونية منظمة ، فإذا أردنا الإعسار الفعلى صرحنا بذلك ( [16] ) .

  1211  

الفرع الأول

شهر حالة الإعسار

693 – دعوى شهر الإعسار : لابد لثبوت حالة الإعسار ، من دعوى ترفع بذلك ، وحكم يصدر بشهر الإعسار . فوجب إذن أن نبحث أمرين : ( 1 ) طرفى دعوى الإعسار ( 2 ) إجراءات هذه الدعوى .

المبحث الأول

طرفا دعوى الإعسار

694 – النصوص القانونية : تنص المادة 249 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 ” يجوز أن يشهر إعسار المدين إذا كانت أمواله لا تكفى لوفاء ديونه المستحقة الأداء ” .

وتنص المادة 250 على ما يأتى :

 ” يكون شهر الإعسار بحكم تصدره المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطن المدين ، بناء على طلب المدين نفسه أو طلب أحد دائنيه . وتنظر الدعوى على وجه السرعة ” .

وتنص المادة 251 على ما يأتى :

 ” على المحكمة فى كل حال قبل أن تشهر إعسار المدين أن تراعى فى تقديرها جميع الظروف التى أحاطت به ، سواء أكانت هذه الظروف عامة أم خاصة .  1212  فتنظر إلى موارده المستقبلة ، ومقدرته الشخصية ، ومسئوليته عن الأسباب التى أدت إلى إعساره ، ومصالح دائنيه المشروعة ، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر فى حالته المالية ” ( [17] ) .

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق ، ولم يكن هذا التقنين ينظم الإعسار المدنى كما سبق القول .

وليس فى التقنينات المدنية العربية الأخرى ما نظم الإعسار المدنى إلا التقنينان السورى والعراقى . أما التقنين اللبنانى فقد ترك الإعسار المدنى دون تنظيم كما فعل التقنين المدنى الفرنسى . وكذلك شأن التقنين الليبى ، فقد غفل تنظيم الإعسار .

وتقابل النصوص السالفة الذكر فى التقنين المدنى السورى المواد من 250  1213  إلى 252 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 270 و 271 فقرة أولى ( [18] ) .

ومن هذه النصوص يتبين أن المدعى عليه فى دعوى الإعسار هو المدين العسر دائماً ، أما المدعى فيكون فى الغالب أحد دائنيه وقد يكون هو المدين نفسه .

  1214  

695 – المدعى عليه هو المدين المعسر : من الطبيعى أن يكون المدعى عليه فى دعوى الإعسار هو المدين المعسر . وهنا يجب تحديد ما هو المقصود بلفظ ” المعسر ” فقد قدمنا أن الإعسار القانونى ليس ضرورة هو الإعسار الفعلى .

فالإعسار الفعلى هو كما قدمنا زيادة ديون المدين على حقوقه ( [19] ) ، سواء كانت ديونه مستحقة الأداء أو غير مستحقة الأداء ، ما دامت ديوناً محققة الوجود . فلا يدخل فى الحساب الديون المتنازع فيها إلى أن تخلو من النزاع ، ولا الديون المعلقة على شرط واقف إلى أن يتحقق الشرط . أما الديون المؤجلة ، والديون المعلقة على شرط فاسخ ، والديون غير المقدرة ، فإنها تحسب جميعاً ولكن يجب تقدير الديون غير المقدرة ، للإستيثاق مما إذا كان مال المدين يكفى للوفاء بها هى والديون المقدرة . وإذا تحقق الشرط الفاسخ ، فسقط الدين المعلق على هذا الشرط ، استنزل من مجموع الديون ، وقد ينقلب المدين باستنزال هذا الدين موسراً بعد أن كان معسراً .

هذا هو تحديد الإعسار الفعلى . أما الإعسار القانونى فقد توخى له التقنين المدنى تحديداً آخر جعله أقل وقوعاً من الإعسار الفعلى . ونبادر إلى القول – قبل تحديد الإعسار القانونى أن الإفلاس التجارى هو أيضاً شئ آخر غير الإعسار الفعلى وغير الإعسار القانونى . فالإفلاس التجارى يجوز شهره بمجرد أن يتوقف المدين التاجر عن الوفاء بدين عليه فى الميعاد المحدد . ولا ينظر فى الإفلاس التجارى إلى ما إذا كان المدين معسراً بالفعل أو غير معسر ، فقد يكون موسراً وتكون له أموال تربى على ديونه أضعافاً مضاعفة ، ولكن إذا كانت هذه الأموال لا يستطيع المدين أن يسدد منها الدين المطلوب ، بأن تكون هى الأخرى ديوناً فى ذمة مدينى المدين لم تدفع لعدم حلول أجلها أو لتوقف المدينين عن الدفع ، أو تكون عقارات أو منقولات يتعذر بيعها لوفاء الدين من ثمنها ، أو تقصر هذه الأموال عن الوفاء بالدين لأى سبب آخر ، فإنه يجوز شهر إفلاس المدين ، مهما بلغ من اليسار ، ما دام قد توقف عن دفع دين عليه مستحق الأداء . وهذا هو الذى توجبه مقتضيات التعامل التجارى ، فهو تعامل يقوم على الثقة والائتمان فلا بد  1215  من أن يفى التاجر بدينه فى الميعاد المحدد للوفاء ، فإن دائنه قد ائتمنه واطمأن إلى التعامل معه ، ويغلب أن يكون هذا الآخر مديناً اعتمد فى الوفاء بدينه على أن مدينه سيفيه حقه ، فمتى توقف مدينه عن الدفع توقف هو أيضاً عن الدفع لدائنه ، وقد يتوقف هذا الدائن هو أيضاً عن الدفع لدائنه ، وهكذا دواليك ، فيجر توقف مدين إلى توقف سلسلة من مدينين غيره اعتمد بعضهم على بعض . ومن ذلك نرى ما لتوقف المدين التاجر عن الوفاء بدينه من نتائج خطيرة ، ومن ثم كان جزاء هذا التوقف جواز شهر الإفلاس ( [20] ) .

وليس كذلك الإعسار القانونى . فإن مجرد توقف المدين عن الدفع ليس بالدليل على إعساره ، ولا يجر هذا التوقف عادة فى المعاملات المدنية كل النتائج الخطيرة التى رأيناها فى التعامل التجارى . ومن ثم لم ير المشرع فى التقنين المدنى الجديد أن يقف عند هذه القرينة لاعتبار المدين معسراً . ولم يقف حتى عند الإعسار الفعلى ، بأن يكون مال المدين لا يكفى للوفاء بجميع ديونه . بل هو لم يرض أن يجمع بين الأمرين : الإعسار الفعلى والتوقف عن الدفع . وقد كان هذا الطريق أحد طريقين لتحديد الإعسار القانونى فى المشروع التمهيدى للتقنين الجديد . فلم تختر لجنة المراجعة هذا الطريق ( [21] ) ، واختارت الطريق الآخر الذى استقر فى التقنين الجديد ، وهو أكثر رفقاً بالمدين . فلا يكفى ، حتى يجوز شهر إعسار المدين ، أن تكون أمواله غير كافية للوفاء بجميع ديونه ، ولا يكفى أن يتوقف عن دفع دين مستحق الأداء ، بل يجب أن يكون أشد إعساراً من كل ذلك ، فتكون أمواله غير كافية للوفاء بديونه المستحقة الأداء وحدها ( [22] ) . فلو أن أمواله كانت كافية للوفاء بالديون المستحقة الأداء ، لم يجز شهر إعساره ، حتى لو كانت  1216  هذه الأموال غير كافية للوفاء بجميع الديون الحالة والمؤجلة ( [23] ) ، وحتى لو توقف عن دفع دين حال .

ونرى من ذلك أن الإعسار القانونى أضيق من الإعسار الفعلى ، وأن المعسر إعساراً فعلياً لا يكون بالضرورة معسراً إعساراً قانونياً ، وإن كان المعسر إعساراً قانونياً لابد أن يكون معسراً فعلياً . فلو كانت أموال المدين تقدر بعشرة آلاف ، وكانت ديونه الحالة ثمانية آلاف ، وديونه المؤجلة أربعة آلاف ، فهذا المدين معسر إعساراً فعلياً لأن مجموع ديونه الحالة والمؤجلة يربى على مجموع أمواله ، وهو غير معسر إعساراً قانونياً لأن ديونه الحالة لا تزيد على ما عنده من مال . ولو كانت الديون الحالة اثنى عشر ألفاً بدلاً من ثمانية آلاف ، لكان المدين معسراً أيضاً إعساراً قانونياً ، لأن ديونه الحالة أصبحت تربى على أمواله .

على أن الإعسار القانونى ، على ضيقه ، أوسع من الإفلاس التجارى ، فقد رأينا أن مجرد توقف المدين التاجر عن دفع دينه الحال يجيز شهر إفلاسه ، ولو كان هذه المدين غير معسر ، لا إعساراً قانونياً ولا إعساراً فعلياً ( [24] ) .

696 – عبء إثبات الإعسار : ويقع عبء إثبات إعسار المدين على من يطلب شهر إعساره ، ويكون غالباً أحد دائنيه كما سيأتى . ويمكن إثبات الطرق الإعسار – أى عدم كفاية أموال المدين للوفاء بديونه المستحقة الأداء – بجميع الطرق لأن الإعسار واقعة مادية . ويجوز الانتفاع بالقرينة القانونية الواردة فى المادة 239 مدنى ، على أن تكون قرينة قضائية . فقد رأينا المادة 239 تنص على أنه ” إذا ادعى الدائن إعسار المدين ، فليس عليه إلا أن يثبت مقدرا ما فى ذمته من ديون ، وعلى المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوى قيمة الديون أو يزيد عليها ” . فإذا أثبت الدائن ديناً مستحق الأداء فى ذمة المدين ، كان للقاضى أن  1217  يستخلص من ذلك قرينة قضائية على أن هذا المدين معسر ، وهى قرينة تقبل إثبات العكس ككل القرائن القضائية ، فيجوز للمدين دخضها إذا هو أثبت أن عنده مالاً يكفى للوفاء بهذا الدين المستحق الأداء ( [25] ) .

697 – سلطة المحكمة التقديرية فى شهر الإعسار : وحتى بعد إثبات أن أموال المدين غير كافية للوفاء بديونه المستحقة الأداء على النحو الذى قدمناه ، فليس من الضرورى أن تقضى المحكمة بشهر إعساره ، بل إن لها سلطة تقديرية واسعة فى ذلك .

فعلى المحكمة – كما تقول المادة 251 مدنى – فى كل حال ، قبل أن تشهر إعسار المدين ، أن تراعى فى تقديرها جميع الظروف التى أحاطت به ، سواء أكانت هذه الظروف عامة أم خاصة . فتنظر إلى موارده المستقبلة ، ومقدرته الشخصية ، ومسئوليته عن الأسباب التى أدت إلى إعساره ، ومصالح دائنيه المشروعة ، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر فى حالته المالية .

فالظروف التى تراعيها المحكمة إذن فى تقديرها هى الظروف العامة التى أعسر فيها المدين ، وكذلك الظروف الخاصة بشخصه ، فالظروف العامة مثلها أزمة اقتصادية طاحنة سببت إعسار كثير من الناس ، أو حرب نشبت ، أو ثورة اندلعت ، أو فيضان استثنائى ، أو آفة زراعية انتشرت ، أو نحو ذلك من الظروف التى تعم جميع الناس ولا تخص المدين وحده .

  1218  

والظروف الخاصة بالمدين يجب أيضاً أن تراعيها المحكمة ( [26] ) فى تقديرها لشهر الإعسار أو الامتناع عن شهر . وهذه الظروف الخاصة إما أن ترجع إلى الماضى ، كمسئوليته عن الأسباب التى أدت إلى إعساره ، وهل كان حسن النية عاثر الحظ ، أو كان مبذراً متلافاً . وإما أن ترجع الظروف الخاصة إلى الحاضر ، مثل ذلك مصالح دائنيه المشروعة فقد تستوجب شهر إعساره ، ومثل ذلك أيضاً رعونة المدين أو عدم خبرته أو ضعف إدراكه . وإما أن ترجع الظروف الخاصة إلى المستقبل ، مثل ذلك موارد المدين المستقبلة ، فقد ينتظر لأعماله الرواج عد فوات أزمة عارضة ، ومثل ذلك أيضاً مقدرته الشخصية فقد يكون طبيباً ماهراً أو مهندساً حاذقاً فيمكن الاعتماد على عمله فى المستقبل وتفادى شهر إعساره فى الحال ( [27] ) .

وغنى عن البيان أن المحكمة ، وهى تقدر هذه الظروف العامة والخاصة ، فقد تلمس فيما ما يشفع للمدين ، وبقية شهر الإعسار ، فيقوم ذلك إلى حد كبير مقام الصلح الواقى ( concordat preventif ) فى المعاملات التجارية ( [28] ) .

698 – المدعى فى دعوى الإعسار – أحد – الدائنين : أما المدعى فى دعوى شهر الإعسار فيكون غالباً أحد دائنى المدين المعسر . وللدائن فى ذلك  1219  مصالح شتى . فقد يخشى ، بعد أن تيقن من إعسار المدين ، أن يستبد بالمدين اليأس فيبادر إلى تبديد ماله ، أو إخفائه ، أو التصرف فيه للإضرار بحقوق دائنيه ( [29] ) . فيسهل على الدائن ، بعد أن يشهر إعسار المدين ، أن يلغى جميع هذه التصرفات . بل أنه ليعرض المدين إلى عقوبة جنائية ، هى عقوبة التبديد ، إذا شهر إعساره وأقدم المدين على ذلك على إخفاء بعض أمواله ، أو اصطنع ديوناً صورية أو مبالغاً فيها بقصد الإضرار بدائنيه ، أو تعمد الإعسار فى دعوى الدين التى رفعها عليه دائنه ( م 260 مدنى ) ، كما سيأتى ( [30] ) .

وقد يكون الدائن ، بعد أن تيقن من إعسار مدينه ، يخشى أن يبادر دائنوه الآخرون إلى أخذ اختصاصات على عقاراته يتقدمون بها فى استيفاء حقوقهم ، لا سيما بعد أن أصبح حق الاختصاص فى التقنين المدنى الجديد لا يؤخذ إلا بناء على حكم واجب التنفيذ ( م 1085 مدنى ) ، فيسبقه إلى الحصول على هذا الحكم دائنون آخرون ، ويبقى هو أمداً طويلاً قبل أن يحصل على حكم واجب التنفيذ يستطيع بموجبه أن يأخذ حق اختصاص . وفى مثل هذه الظروف يؤثر الدائن أن يبادر إلى شهر إعسار مدينه ، وما دام هو لا يزال أمامه وقت طويل قبل أن يستطيع الحصول على حكم يأخذ حق اختصاص بموجبه ، فلا أقل من أن يمنع الدائنين الآخرين من أن يفعلوا ذلك فيتقدموا عليه دون مبرر .

وقد يكون الدائن حقه مؤجل ، ويتيقن من إعسار مدينه ، فيخشى أن ينتظر حلول الأجل فلا يجد عند المدين مالاً يستوفى منه حقه . فيبادر إلى شهر إعسار المدين ، متمسكاً بدين حال ، غير الدين المؤجل ، لا تكفى أموال المدين للوفاء به . فإذا ما شهر إعسار المدين ، سقط الأجل فى المدين المؤجل ، وبادر الدائن إلى التنفيذ بحقه ، والحصول على قسط منه ، بدلاً من أن يضيعه كله ( [31] ) .

  1220  

699 – المعدى فى دعوى شهر الإعسار هو المدين نفسه : تقول المادة 250 مدنى ، كما رأينا ، أن شهر الإعسار يكون بناء على طلب المدين نفسه أو طلب أحد دائنيه . وقد عرضنا للدوافع التى تحدو بالدائن على أن يطلب شهر إعسار مدينه ، فبقى أن نتبين الدوافع التى تحدو بالمدين نفسه على أن يطلب شهر إعساره .

قد يرى المدين أن الديون قد أثقلته ، وأن الظروف التى تحيط به تشفع له ، فيعمد إلى طلب شهر إعساره حتى يستطيع الحصول على منحه آجالاً للديون الحالة ، وحتى يمد الآجال بالنسبة إلى الديون المؤجلة ( م 255 فقرة 2 مدنى وسيأتى بيانها ) ، فيتمكن بذلك من تسوية حالته المالية فى هدوء وطمأنينة . ويشبه هذا فى الإفلاس التجارى الصلح مع الدائنين ( concordat ) .

وقد يكون المدين غارقاً فى ديونه ، تنهال عليه الحجوز من كل جانب ، وقد حجزت إيراداته فمنع مورد رزقه ، فيعمد إلى طلب شهر إعساره حتى يستطيع الحصول على نفقة ( م 259 مدنى وسيأتى بيانها ) يقتات منها إلى أن تتم تصفيقة أمواله ( [32] ) .

وأكثر ما يتحقق طلب المدين شهر إعسار نفسه يكون فى دعوى يرفعها عليه أحد دائنيه بالدين ، فيطلب أثناء نظر هذه الدعوى شهر إعسار نفسه ( [33] ) .

  1221  

700 – شهر الإعسار لا تطلبه النيابة العامة ولا تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها : وفى الإفلاس التجارى يجو للنيابة العامة طلب شهر إفلاس المدين التاجر ، ويجوز للمحكمة أن تشهر إفلاس التاجر من تلقاء نفسها . فقد نصت المدة 196 من التقنين التجارى على أن ” الحكم بإشهار الإفلاس يجوز أن يصدر بناء على طلب نفس المدين المفلس أو طلب مداينيه أو الوكيل عن الحضرة الخديوية أو تصدره المحكمة من تلقاء نفسها ” . وليس هنا محل الكلام عن الإفلاس التجارى ، وكيف تطلبه النيابة العامة ، أو تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها . والذى يعنينا أن نبينه فى هذا الصدد أن الإعسار المدنى لا يخضع لهذا النظام ، غذ لا يوجد نص فى تنظيم الإعسار يسمح به ، بل إن نص المادة 250 مدنى يقضى ، كما رأينا ، بأن يكون شهر الإعسار بناء على طلب المدين نفسه أو طلب أحد دائنيه . فلم يذكر النص النيابة العامة ، ولم يبح للمحكمة أن نقضى من تلقاء نفسها بشهر إعسار المدين غير التاجر ، وذلك لأن الاعتبارات التى تستوجب هذا الحكم فى المعاملات التجارية لا وجود لها فى المعاملات المدنية ( [34] ) .

المبحث الثانى

إجراءات دعوى الإعسار

701 – النصوص القانونية : تنص المادة 252 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 ” مدة المعارضة فى الأحكام الصادرة فى شأن الإعسار ثمانية أيام ، ومدة استئنافها خمسة عشر يوماً ، تبدأ من تاريخ إعلان تلك الأحكام ” .

  1222  

وتنص المادة 253 على ما يأتى :

 ” 1 – على كاتب المحكمة فى اليوم الذى تقيد فيه دعوى الإعسار أن يسجل صحيفتها فى سجل خاص يرتب بحسب أسماء المعسرين ، وعليه أن يؤشر فى هامش التسجيل المذكور بالحكم الصادر فى الدعوى وبكل حكم يصدر بتأييده أو بإلغائه ، وذلك كله يوم صدور الحكم ” .

 ” 2 – وعلى الكاتب أيضاً أن يرسل إلى قلم كتاب محكمة مصر صورة من هذه التسجيلات والتأشيرات لإثباتها فى سجل عام ، ينظم وفقاً لقرار يصدر من وزير العدل ” .

وتنص المادة 254 على ما يأتى :

 ” يجب على المدين إذا تغير موطنه أن يخطر بذلك كاتب المحكمة التى يتبعها موطنه السابق . وعلى هذا الكاتب بمجرد علمه بتغيير الموطن ، سواء أأخطره المدين أم علم بذلك من أى طريق آخر ، أن يرسل على نفقة المدين صورة من حكم شهر الإعسار ومن البيانات المؤشر بها فى هامش التسجيل إلى المحكمة التى يتبعها الموطن الجديد لتقوم بقيدها فى سجلاتها ( [35] ) ” .

  1223  

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل هذه النصوص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى السورى المادتين 253 – 254 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 271 فقرة 2 و 3 ( [36] ) .

702 – المحكمة المختصة بالحكم بشهر الإعسار : وقد قدمنا أن المادة 250 مدنى تقضى بأن المحكمة المختصة بالحكم بشهر الإعسار هى المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطن المدين المعسر ، فلا تختص المحاكم الجزئية إذن بنظر دعاوى الإعسار .

703 – نظر الدعوى على وجه السرعة – تقصير مواعيد المعارضة والاستئناف : وتقضى المادة 250 مدنى أيضاً أن تنظر دعوى الإعسار على وجه  1224  السرعة . فيبين فى صحيفة الدعوى موضوعها وطلبات المدعى فيها بالإيجاز ( م 71 مرافعات ) . وتقدم على غيرها من الدعاوى العادية ، ولا يقبل فيها طلب التأجيل إلا عند الضرورة ، ولأجل قريب ، وتقدم الدعوى مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير . وقد نصت المادة 188 من تقنين المرافعات ، فى هذه الصدد ، على أن ” الدعاوى المستعجلة ودعاوى شهر الإفلاس . . . وكل الدعاوى التى ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة . . . تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على التحضير . ويتعين على المدعى فيها أن يودع مستنداته قلم الكتاب عند قيد دعواه ، ويقدم المدعى عليه ما يكون لديه من مستندات فى جلسة المرافعة نفسها ، وفى جميع الأحوال تعطى المحكمة الخصوم المواعيد المناسبة للاطلاع على المستندات والرد عليها . وكلما اقتضت الحال تقديم مستندات أو طلبات عارضة أو إدخال خصوم ، حددت المحكمة المواعيد التى يجب أن يتم فيها ذلك ” .

والحكم الذى يصدر فى الدعوى بشهر الإعسار يكون قابلاً للمعارضة إذا صدر غيابياً ، ولكن مواعيد المعارضة تقصر إلى ثمانية أيام من تاريخ إعلان الحكم الغيابى للمدين ( م 252 مدنى ) . ويلاحظ أن المادة 386 من تقنين المرافعات تنص على أنه ” لا تجوز المعارضة فى الأحكام الصادرة فى المواد المستعجلة ولا فى المواد التى يوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة ” . وكان هذا النص يقتضى ألا تجوز المعارضة فى الحكم الذى يصدر بشهر الإعسار ، لأن الدعوى تنظر على وجه السرعة كما قدمنا . ولكن لم ينسق التقنين المدنى مع تقنين المرافعات فى هذه المسألة ، فتعارضا . ولا بد من القول ، إزاء هذا التعارض ، بأن الحكم الذى تضمنته المادة 252 مدنى من جواز المعارضة يعتبر استثناء من القاعدة العامة التى قررتها المادة 386 مرافعات من أن المعارضة لا تجوز فى المواد التى يوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة . وتعبر المادة 252 مدنى ، وهى تجعل ميعاد المعارضة ثمانية أيام ، استثناء أيضاً من المادة 388 مرافعات ، وهذا تنص على أن ” ميعاد المعارضة خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان الحكم الغيابى ، ما لم يقض القانون بغير ذلك ” ، وهنا قضى القانون بأن يكون الميعاد ثمانية أيام كما قدمنا .

ويكون الحكم الصادر فى دعوى شهر الإعسار ، سواء صدر بشهر الإعسار أو بالرفض ، قابلاً للاستئناف . فلو أن الدائن رفع الدعوى على المدين بطلب  1225  شهر إعساره ، وصدر الحكم ابتدائياً بشهر الإعسار ، جاز للمدين المحكوم عليه بشهر إعساره أن يستأنف الحك أمام محكمة الاستئناف التى تستأنف أمامها أحكام المحكمة الابتدائية التى أصدرت الحكم الابتدائى .

وكذل إذا صدر الكم الابتدائى برفض شهر الإعسار ، جاز للدائن استئنافه . وميعاد الاستئناف ، كما تقضى بذلك المادة 252 مدنى ، هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ إعلان الحكم . وهنا أيضاً لم ينسق التقنين المدنى مع تقنين المرافعات فقد نصت المادة 402 مرافعات على ما يأتى : ” ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، يكون ميعاد الاستئناف عشرين يوماً لأحكام محاكم المواد الجزئية وأربعين لأحكام المحاكم الابتدائية ، وينقص هذا الميعادان إلى النصف فى مواد الأوراق التجارية . ويكون الميعاد عشرة أيام فى المواد المستعجلة والمواد التى يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة أياً كانت المحكمة التى أصدرت الحكم ” . وكان مقتضى هذا النص أن يكون ميعاد الاستئناف فى دعوى شهر الإعسار ، وهى دعوى تنظر على وجه السرعة كما قدمنا ، عشرة أيام لا خمسة عشر يوماً . ولا بد من القول هنا أن الحكم الذى تضمنته المادة 252 مدنى من جعل ميعاد الاستئناف خمسة عشر يوماً هو استثناء من القاعدة العامة التى قررتها الفقرة الثانية من المادة 402 مرافعات من أن ميعاد الاستئناف فى المواد التى تنظر على وجه السرعة هو عشرة أيام فقط .

704 – الحكم الصادر بشهر الإعسار منشئ لا كاشف وهو حجة على الكافة : والحكم الصادر بشهر الإعسار هو حكم منشئ لحالة قانونية جديدة ، فقد نقل المدين إلى حالة إعسار يرتب عليها القانون نتائج هامة . ولا يقال إن الحكم إنما كشف عن حالة المدين المعسر ، فقد قدمنا أن الإعسار هو حالة قانونية يشترط فى قيامها أوضاع خاصة ، وهذه الأوضاع هى التى تنشئ الحالة القانونية ( [37] ) .

  1226  

ولما كان الحكم ينشئ حالة قانونية جديدة ، فهو حجة على الكافة . والمدين الذى شهر الحكم إعساره يعتبر معسراً ، لا بالنسبة إلى الدائن الذى رفع دعوى شهر الإعسار وحده ، بل أيضاً بالنسبة إلى سائر الدائنين ، وكذلك بالنسبة إلى الغير ممن قد يتصرف له المدين فلا ينفذ تصرفه . ذلك أن حالة الإعسار لا تتجزأ ، ولا يصح أن يعتبر المدين معسراً بالنسبة إلى بعض ، وموسراً بالنسبة إلى الآخرين ( [38] ) . ويترتب على أن الحكم بشهر الإعسار حجة على الكافة أمران : ( 1 ) يجوز لكل ذى مصلحة – كدائن لم يدخل فى الدعوى أو شخص تصرف له المدين المعسر – أن يطعن فى الحكم بشهر الإعسار عن طريق اعتراض الخارج عن الخصومة ، إذا أثبت 3 أن دعوى شهر الإعسار إنما رفعت غشاً بالتواطؤ بين طرفى الدعوى أو أن المدين قد أهمل إهمالاً جسيماً فى الدافع عن نفسه ونجم عن هذا الإهمال أن حكم بشهر إعساره ” م 450 فقرة 1 مرافعات ” . ( 2 ) مادام الحكم حجة على الكافة ، فقد كفل له القانون وسائل للعلانية حتى يتمكن ذوو الشأن ومن لهم مصلحة أن يعلموا به . وهذا ما ننتقل الآن إليه .

705 – العلانية التى نظمها القانون للحكم الصادر بشهر الإعسار : كفل القانون العلانية للحكم الصادر بشهر الإعسار عن طريقين : ( 1 ) طريق قلم كتاب المحكمة الابتدائية التى أصدرت الحكم بشهر الإعسار ، وهذه هى الجهة المحلية للإعلان عن الحكم . ( 2 ) طريق قلم كتاب محكمة مصر الابتدائية ، وهذه هى الجهة المركزية الرئيسية للإعلان عن الحكم .

أما عن الجنة المحلية ، فقد قضت المادة 253 مدنى ، كما رأينا ، بأن كاتب المحكمة الابتدائية التى رفعت أمامها دعوى شهر الإعسار ينظم سجلاً خاصاً مرتباً بحسب أسماء المعسرين حتى يتيسر البحث فيه ، وعليه ، بعد أن تقيد دعوى الإعسار ، أن يسجل صحيفة الدعوى فى هذا السجل الخاص ، تحت اسم المدين المطلوب شهر إعساره . ومتى صدر الحكم فى الدعوى ، أشر يوم صدوره ، فى هامش التسجيل المذكور ، بالحكم الصادر . وإذا طعن فى الحكم بالمعارضة أو الاستئناف أو النقض أو التماس إعادة النظر أو اعتراض الخارج عن الخصومة ،  1227  أشر ، فى هامش التسجيل أيضاً ، بالحكم الصادر فى الطعن المذكور بالتأييد أو بالإلغاء ، ويكون ذلك يوم صدور الحكم . وبذلك تجتمع فى هذا السجل الخاص ، تحت اسم كل مدين رفعت عليه دعوى شهر الإعسار ، صورة كاملة عن تاريخ رفع الدعوى وصحيفتها وعما صدر من الأحكام فيها . فيستطيع كل ذى شأن أن يعرف ، من واقع هذا السجل الخاص ، حالة المدين وعما إذا كانت دعوى الإعسار قد رفعت عليه وبماذا حكم فى هذه الدعوى ، فيتبين الحالة على حقيقتها . ولما كان هذا السجل الخاص موجوداً فى المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطن المدين ، وكان هناك احتمال فى أن يغير المدين موطنه ، فلابد من إرسال هذه البيانات إلى المحكمة التى بها موطن المدين الجديد لنقلها فى سجلها الخاص ، لأن من يريد بحث حالة المدين إما يبحثها فى قلم كتاب المحكمة التى يوجد بها موطنه الأخير وهو الموطن الظاهر أمامه . ومن ثم قضت المادة 254 مدنى بأن المدين الذى شهر إعساره ، إذا غير موطنه ، وجب عليه أن يخطر بذلك كاتب المحكمة التى يتبعها موطنه السابق وهى المحكمة التى قيد فى سجلها الخاص حكم شهر الإعسار . وسواء علم هذا الكتاب بالموطن الجديد من المدين نفسه أو من شخص آخر كدائن أو أى ذى مصلحة ، فإنه يجب عليه أن يرسل على نفقة المدين صورة من حكم شهر الإعسار ومن البيانات المؤشر بها فى هامش التسجيل إلى المحكمة التى يتبعها الموطن الجديد لتقوم بقيدها فى سجلها الخاص . وبذلك يستطاع البحث عن حالة المدين فى قلم كتاب المحكمة التى يتبعها موطنه الأخير ، حتى لو غير موطنه أكثر من مرة ( [39] ) .  1228  وننتقل الآن إلى الجهة المركزية . فقد رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 253 نصت على ما يأتي : ” ( وعلى الكاتب أيضاً أن يرسل إلى قلم كتاب محكمة مصر صورة من هذه التسجيلات والتأشيرات لإثباتها في سجل عام ينظم وفقاً لقرار يصدر من وزير العدل ” . والغرض من ذلك أن تكون هناك جهة مركزية ينظم فيها سجل عام تنقل فيه صورة من التسجيلات والتأشيرات التي قيدت في السجلات الخاصة لجميع المحاكم الابتدائية في البلاد . وبذلك تتوحد جهة مركزية يستطيع الباحث إذا رجع إليها أن يعلم بحالة المدين في أي موطن كان ( [40] ) .

الفرع الثاني

الآثار التي تترتب على حالة الإعسار

706 – نوعان من الآثار : يترتب على شهر اعسار المدين نوعان من الآثار : ( 1 ) آثار بالنسبة إلى المدين ( 2 ) وأثار بالنسبة إلى الدائنين .

  1229  

المبحث الأول

بالنسبة إلى المدين

707 – النصوص القانونية : تنص المادة 257 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” متى سجلت صحية دعوى الإعسار ، فلا يسري في حق الدائنين أي تصرف للمدين يكون من شأنه أن ينقص من حقوقه أو يزيد في التزاماته ، كما لا يسري في حقهم أي وفاء يقوم به المدين ” .

وتنص المادة 258 على ما يأتي :

 ” 1 – يجوز للمدين أن يتصرف في ماله ، ولو بغير رضاء الدائنين ، على أن يكون ذلك بثمن المثل ، وأن يقوم المشتري بإيداع الثمن خزانة المحكمة حتى يوزع وفقا لإجراءات التوزيع ” .

 ” 2 – فإذا كان الثمن الذي يبع به المال أقل من ثمن المثل ، كان التصرف غير سار في حق الدائنين ، إلا إذا أودع المشتري فوق الثمن الذي اشتري به ما نقص من ثمن المثل ” .

وتنص المادة 259 على ما يأتي :

 ” إذا أوقع الدائنون الحجز على إيرادات المدين ، كان لرئيس المحكمة المختصة بشهر الإعسار أن يقرر للمدين ، بناء على عريضة يقدمها ، نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة ، ويجوز التظلم من الأمر الذي يصدر على هذه العريضة ، في مدة ثلاثة أيام من تاريخ صدوره ، أن كان التظلم من المدين ، ومن تاريخ إعلان الأمر للدائنين إن كان التظلم منهم ” .

وتنص المادة 260 على ما يأتي :

 ” يعاقب المدين بعقوبة التبديد في الحالتين الآتيتين :

 ” ( أ ) إذا رفعت عليه دعوى بدين فتعمد الإعسار ، بقصد الإصرار بدائنيه ، وانتهت الدعوى بصدور حكم عليه بالدين وشهر إعساره ” .

  1230  

 ” ( ب ) إذا كان بعد الحكم بشهر إعساره ، أخفى بعض أمواله ليحول دون التنفيذ عليها ، أو اصطنع ديوناً صورية أو مبالغاً فيها ، وذلك كله بقصد الإضرار بدائنيه ” ( [41] ) .

  1231  

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المواد 257 – 260 ، وفى التقنين المدنى العراقى المواد 272 و 274 و 276 و 277 ( [42] ) .

وهذه النصوص تكفل حماية الدائنين من تصرفات المدين عن طريقين : ( 1 ) منع نفاذ هذه التصرفات فى حقهم ( 2 ) تعريض المدين لعقوبات جنائية إذا صدرت منه أعمال معينة . ثم هى فى الوقت ذاته ترعى جانب الرأفة بالمدين ، فتجيز أن تقدر له نفقة يتقاضاها من إيراداته المحجوزة .

  1232  

708 – عدم نفاذ تصرفات المدين فى حق دائنيه : هنا نجد مزية من أهم مزايا شهر إعسار المدين . فقد كان الدائنون قبل شهر إعسار مدينهم موكولين إلى الدعوى البولصية ، لا يستطيعون أن يجعلوا تصرفات المدين غير سارية فى حقهم إلا بعد أن يثبتوا أن المدين المعسر قد تصرف غشاً للإضرار بحقوقهم وأن المتصرف له كان أيضاً سيئ النية ، إذا كان التصرف معاوضة . أما بعد شهر إعسار المدين ، فكل تصرف يصدر منه من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى ، ويكون من شأنه أن ينقص من حقوقه كالبيع والهبة ، أو يزيد فى التزاماته كالقرض ، وأى وفاء يقوم به ولو لدين حال ( [43] ) ، يكون غير سار فى حق الدائنين ، وذلك دون حاجة إلى إثبات إعسار المدين فهو ثابت بشهر الإعسار ، ودون حاجة إلى إثبات سوء نية المدين أو سوء نية المتصرف له ولو كان التصرف معاوضة ( [44] ) . وهذه الوقاية تفضل العلاج الذى تقدمه الدعوى البولصية ( [45] ) . وغنى عن البيان أن أى تصرف يرى به المدين إلى تفضيل دائن على آخر ، بالوفاء  1233  له قبل حلول دينه أو بعد حلول الدين أو بإعطائه ضماناً لدينه ، يكون غير سار فى حق الدائنين الآخرين ( [46] ) .

وعدم نفاذ التصرف فى حق الدائنين لا يمنع من أن يبقى التصرف قائماً فيما بين المدين والمتصرف له, فلو نفذ الدائنون على العين المتصرف فيها ، كان للمتصرف له الرجوع بالضمان على المدين . ولو ترك الدائنون العين دون أن ينفذوا عليها ، بقيت فى ملك المتصرف له ، لأن التصرف لا يزال قائماً . وإذا انتهت حالة الإعسار بسبب من أسباب انتهائه ، بقى التصرف غير نافذ فى حق الدائنين ، ولكنه يبقى أيضاً قائماً ما بين المدين والمتصرف له ( [47] ) .

ولا يوجد فى قاعدة عدم نفاذ تصرفات المدين المعسر إلا استثناء واحد نصت عليه المادة 258 مدنى . فإن هذه المادة تقضى بجواز أن يبيع المدين ماله ، ولو بغير رضاء دائنيه ، بشرطين : ( 1 ) أن يكون البيع بثمن المثل ، فإن نقص عن ثمن المثل فإن التصرف لا يكون سارياً فى حق الدائنين إلا إذا أكمل المشترى الثمن إلى ما يعادل ثمن المثل ( [48] ) . ( 2 ) أن يودع المشترى الثمن كله ، بما فى ذلك تكملته إلى ثمن المثل ، فى خزانة المحكمة على ذمة الدائنين ، فيوزع بينهم وفقاً لإجراءات  1234  التوزيع ( [49] ) . وهذا الاستثناء لا ضرر فيه على الدائنين ، فقد بيع مال المدين بثمن مثله ووزع الثمن على الدائنين . وفيه خير للمدين ، فقد ترك يصفى ماله بنفسه ، ولم يبخس فيه كما كان يحتمل أن يبخس لو بيع المال فى المزاد العلنى ، ووفر على نفسه وعلى دائنيه نفقات البيع الجبرى ( [50] ) .

709 – حالتان يعاقب فيهما المدين المعسر بعقوبة التبديد : ومن مميزات شهر إعسار المدين أن المدين يصبح بعد شهر إعساره عرضة للعقوبة الجنائية إذا ارتكب أعمالاً معينة ( [51] ) . فقد نصت المادة 260 مدنى على حالتين يعاقب فيها المدين المعسر بعقوبة التبديد .

( الحالة الأولى ) إذا رفع دائن عليه دعوى بالدين قبل أن يشهر إعساره ، ثم حكم عليه البدين . فتعمد ، قبل الحكم بالدين أو بعده ، أن يعسر بقصد الإضرار بدائنيه ، بأن بدد ماله أو أخفاه أو اصطنع ديوناً صورية أو نحو ذلك من التصرفات التى تؤدى إلى إعساره ، وذلك تهبراً من تنفيذ الحكم الذى صدر أو سيصدر . فلهذه الجريمة إذن ركنان : ( 1 ) ركن مادى هو الحكم بالمديونية وحكم بشهر الإعسار مقترن بالحكم بالمديونية أو لا حق له . ( 2 ) وركن معنوى هو تعمد الإعسار إضراراً بالدائنين وتهرباً من تنفيذ الحكم بالمديونية . ومن القرائن على هذا التعمد أن يكون إعسار المدين قد حدث أثناء نظر دعوى المديونية أو عقب صدور الحكم بالمديونية . وإعسار المدين على هذا النحو شبيه  1235  بالإفلاس مع التدليس ، ويعاقب مثله عقوبة جنائية .

( الحالة الثانية ) إذا حكم على المدين المعسر بشهر الإعسار ، فعمد إلى الأضرار بدائنيه عن طريق أحد الأعمال الآتية : ( 1 ) إخفاء بعض أمواله ليحول دون التنفيذ عليها ، ويكون ذلك على الأخص فى المنقولات فإنه يسهل إخفاؤها . ولا يعتبر إخفاء المال مجرد التصرف فيه ، فقد رأينا أن التصرف لا يضر الدائنين إذ هو غير نافذ فى حقهم . ( 2 ) اصطناع ديون صورية حتى يزيد مقدار ديونه فيض دائنيه بإنقاص النصيب الذى يحصل عليه كل منهم عند التنفيذ . وتكون هذه الديون الصورية سابقة على الإعسار ، وإلا لم تكن نافذة فى حق الدائنين فلا تضر بهم ( [52] ) . ( 3 ) اصطناع ديون مبالغ فيها ، وهنا الديون تكون جدية لا صورية ولكن يبالغ فى مقدراها . مثل ذلك أن يعمد المدين إلى تغيير سندات بالدين عليه سابقة على الإعسار ، فيضاعف قيمتها حتى ينقص من نصيب الدائنين الاخرين ( [53] ) . وظاهر أن هذه الأعمال الثلاثة – إخفاء المال واصطناع الديون الصورية واصطناع الديون المبالغ فيها – هى الأعمال التى يخشى أن تصدر من المدين المعسر ، وهى أشد الأعمال إضراراً بدائنيه . ولذلك جعل المشرع الجزاء عليها عقوبة جنائية تتناسب مع طبيعتها ، فالمدين الذى يأتى عملاً من هذه الأعمال إنما يبدد الأموال التى تعلقت بها حقوق الدائنين . والجريمة هنا ، كالجريمة فى الحالة الأولى ، لها ركنان : ركن مادى هو صدور حكم بشهر الإعسار يتلوه عمل من هذه الأعمال الثلاثة التى سبق ذكرها ، وركن معنوى هو قصد الإضرار بالدائنين وهذا القصد يفترض وجوده وما صدر من عمل من المدين المعسر يقوم قرينة على ذلك . وهنا أيضاً يكون المدين المعسر كالتاجر المفلس بالتدليس ، ويعاقب مثله عقوبة جنائية ( [54] ) .

  1236  

710 – تقدير نفقة للمدين المعسر : وهنا تظهر إحدى فوائد شهر الإعسار للمدين المعسر نفسه . فهو ، إذا لم يكن قد شهر إعساره ، جاز لدائنيه أن يحجزوا على جميع أمواله ، فيما عدا الأموال التى لا يجوز الحجز عليها وقد سبق بيانها . أما إذا شهر إعسار المدين ، فبالإضافة إلى الأموال التى لا يجوز الحجز عليها وتبقى غير قابلة للحجز بعد شهر الإعسار ، يستطيع المدين ، إذا كان الدائنون قد أوقعوا الحجز على إيراداته فبقى دون مورد يعيش منه ، أن يقدم عريضة لرئيس المحكمة المختصة بشهر الإعسار – أى المحكمة التى بها موطنه – يطلب فيها أن يقرر له نفقة يتقاضها من إيراداته المحجوزة ( م 259 مدنى ) . فإذا قدر له رئيس المحكمة النفقة المطلوبة ، بأمر على العريضة التى قدمها ، جاز له أن يتظلم من هذا التقدير ، إذا رآه غير كاف ، إلى المحكمة فى مدة ثلاثة أيام من تاريخ صدوره ، وجاز أيضاً للدائنين أن يتظلموا من التقدير ، إذا رأوه مبالغاً فيه ، إلى المحكمة فى مدة ثلاثة أيام من تاريخ إعلانهم بأمر التقدير ( م 259 مدنى ) . ويجوز التظلم من كلا الطرفين إلى الآمر نفسه – رئيس المحكمة – أولاً ، ويحكم الرئيس فى التظلم على وجه السرعة بتأييد الأمر أو بإلغائه ، ويكون حكمه قابلاً لطرق الطعن المقررة للأحكام التى تصدر على وجه السرعة ( م 375 مرافعات ) ( [55] ) .

ويبقى المدين المعسر يتقاضى النفقة المقدرة إلى أن تنتهى تصفية أمواله ، ولا يبقى الدائنون منها إلا الموال التى لا يجوز الحجز عليها كما سبق القول . وغنى عن البيان أن تقرير النفقة لا يمنع من بيع المال الذى يتقاضى المدين النفقة من ريعه .

المبحث الثانى

بالنسبة إلى الدائنين

711 – النصوص القانونية : تنص المادة 255 من التقنين المدنى  1237  على ما يأتى :

 ” 1 – يترتب على الحكم بشهر الإعسار أن يحل كل ما فى ذمة المدين من ديون مؤجلة . ويخصم من هذه الديون مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التى سقطت بسقوط الأجل ” .

 ” 2 – ومع ذلك يجوز للقاضى أن يحكم ، بناء على طلب المدين وفى مواجهة ذوى الشأن من دائنيه ، بإبقاء الأجل أو مدة بالنسبة إلى الديون المؤجلة ، كما يجوز له أن يمنح المدين أجلاً بالنسبة إلى الديون الحالة ، إذا رأى أن هذا الإجراء تبرره الظروف ، وأنه خير وسيلة كفل مصالح المدين والدائنين جميعاً ” .

وتنص المادة 256 على ما يأتى :

 ” 1 – لا يجول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين لإجراءات فردية ضد المدين ” .

 ” 2 – على أنه لا يجوز أن يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأى اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل ” ( [56] ) .

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى  1238  المادتين 255 – 256 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 273 و 275 ( [57] ) .

وهذه النصوص تكفل حماية الدائنين بعضهم من بعض وتحقق لهم المساواة جميعاً ، مع إبقاء المدين قائماً على ما له دون أن ترفع عنه يده بخلاف التاجر المفلس . ويتحقق ذلك بالطرق الآتية : ( 1 ) تكون الإجراءات التى يتخذها الدائنون للتنفيذ على المدين المعسر إجراءات فردية ، لا إجراءات جماعية . ( 2 ) تسقط آجال الديون المؤجلة كمبدأ عام ، تحقيقاً للمساواة بين الدائنين ، ولكن قد تبقى هذه الآجال ، وقد تمد ، بل وقد تمنح آجال للديون الحالة . ( 3 ) لا تنفيذ حقوق الاختصاص التى قد يأخذها بعض الدائنين فى حق الدائنين الآخرين ، وذلك تحقيقاً للمساواة ، هنا أيضاً ، بين الدائنين .

ونستعرض كلا من هذه المسائل الثلاث .

712 – إجراءات فردية لا إجراءات جماعية : تقض الفقرة الثانية من المادة 256 بأنه ” لا يحول شهر الإعسار دون اتخاذ الدائنين لإجراءات فردية ضد المدين ” . وهنا يتجلى المقوم الأساسى للإعسار المدنى ، فهو ليس كالإفلاس التجارى يؤدى إلى إجراءات جماعية . فالمدين المعسر لا ترفع يده عن ماله ، بل يبقى قائماً على إدارته ، وهذا بخلاف التاجر المفلس فإن أمواله تنزع من يده وتنتق إلى حيازة السنديك . وفى الإعسار لا يعين سنديك ، ولا يجتمع الدائنون فى اتحاد ( union ) ، كما يجرى الأمر فى الإفلاس . فيبقى دائنو المدين المعسر كل منهم مستقل عن الآخر ، ولا تتخذ إجراءات جماعية للتنفيذ ، بل يقوم كل  1239  دائن على مصلحته بنفسه ، فيتخذ باسمه خاصة من لإجراءات الفردية ما يسمح به القانون . فلكل دائن أن يحجز على أموال المدين ، ما كان موجوداً منها قبل شهر الإعسار وما استجد بعده . ولكل دائن أن يبادر قبل غيره إلى استيفاء حقه من أموال المدين ، فإذا لم يتمكن الدائنون الآخرون من اللحاق به ومزاحمته عند التوزيع ، فقد يستوفى حقه كاملاً دونهم . فالمساواة إذن بين الدائنين إنما هى مساواة قانونية لا مساواة فعلية ، والقانون يعتبر الدائنين متساوين جميعاً ولكن لا يمنع من أن يتخذ أحدهم إجراءات فردية يسبق بها الآخرين .

على أن القانون كفل للدائنين المساواة الفعلية من وجهين : ( 1 ) إسقاط آجال الديون ( 2 ) عدم نفاذ حقوق الاختصاص .

713 – آجال الديون : إذا شهر إعسار المدين ، كان ذلك إشعاراً للدائنين بأن يبادروا إلى التنفيذ على أمواله ، حتى يدركوا منها ما يستطيعون أن يستوفوا به أكبر نصيب من حقوقهم . ومن ثم يكون الدائن ذو الحق المؤجل فى مركز بالغ الدقة ، فهو لا يستطيع المبادرة إلى التنفيذ لأن حقه لم يحل ، ولا يستطيع الانتظار إلى أن يحل الأجل خشية أن تستنفد الديون الحالة جميع أموال المدين . لذلك نصت الفقرة الأولى من المادة 255 على أنه ” يترتب على الحكم بشهر الإعسار أن يحل كل ما فى ذمة المدين من ديون مؤجلة ، ويخصم من هذه الديون مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التى سقطتن بسقوط الأجل ” . فمجرد صدور الحكم بشهر إعسار المدين يترتب عليه سقوط الأجل فى الديون المؤجلة ، وتصبح هذه الديون حالة تجوز المبادرة إلى التنفيذ بها ، وبذلك تتحقق المساواة ما بين الديون المؤجلة والديون الحالة . وحتى لا يغبن المدين وأصحاب الديون الحالة من حلول الديون المؤجلة قبل انقضاء الأجل ، نص القانون على أن يخصم من هذه الديون المؤجلة التى حلت بشهر الإعسار مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التى سقطت سقوط الأجل . فإذا كان الدين المؤجل يستحق الدفع بعد سنة من وقت صدور حكم شهر الإعسار ، وكان يشتمل على فائدة اتفاقية مقدارها 6% فإن الدين يصبح حالاً بعد أن يخصم منه مقدار هذه الفائدة الاتفاقية . فإن كان لم يشتمل على فائدة اتفاقية وكان واجب الدفع بعد سنة ، أصبح حالاً بعد أن يخصم منه مقدار الفائدة القانونية بسعر 4% أو 5% بحسب  1240  ما يكون ديناً مدنياً أو تجارياً . أما إذا كان الدين واجب الدفع بعد سنة ، وكان المتفق عليه أن يدفع فى هذه الميعاد مع فائدة مقدراها 6% مثلاً ، فإنه يصبح حالاً دون خصم ودون فائدة .

هذه هى القاعد . ولكن يصح أن تكون ظروف المدين بحيث تستوجب الرفق به . وعند ذلك يجوز للمدين ، بعد أن سقط أجل الدين بقوة القانون بمجرد صدور حكم الإعسار ، أن يطلب من القاضى ، فى مواجهة الدائن ذى الشأن أى صاحب الدين الذى سقط أجله ، إبقاء الأجل كما كان . ويجوز له فوق ذلك أن يطلب مد هذا الأجل ، بل يجوز له أن يطلب ، فى مواجهة الدائنين أصحاب الديون الحالة ، أن يمنح أجلاً يمكنه من تحين الفرصة المناسبة لتصفية أمواله على خير وجه لمصلحته هو ولمصلحة الدائنين معه . ويجبيه القاضى إلى ما طلب من كل ذلك إذا رأى أن الظروف تبرر إجابة هذا الطلب ، وأن من مصلحة المدين والدائنين جميعاً ألا يبادر الدائنون إلى التنفيذ على أموال المدين فى ظروف غير مناسبة فتنزل قيمتها ، وأن من الخير التربص لفرصة مواتية تباع فيها هذه الأموال بأ‘لى قيمة فيعود ذلك بالنفع على كل من الدائنين والمدين . ويحقق هذا فى الإعسار المدنى بعض ما يحقق الصلح مع الدائنين ( concordat ) فى الإفلاس التجارى ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

على أنه ليس بدعاً أن يمنح القاضى للمدين أجلاً حتى فى الديون الحالة ، وبالأولى أن يمد الأجل القائم أو يبقى على الأجل الموجود . فليس هذا إلا ضرباً من نظرة المدين إلى ميسرة ( delai de graace ) ، يفعله القاضى حتى لو لم يكن المدين قد شهر إعساره ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 346 مدنى على ما يأتى : ” على أنه يجوز للقاضى فى حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص فى القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استعدت حالته ذك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ” .

714 – عدم نفاذ حقوق الاختصاص : ونص القانون على وسيلة أخرى أبعد أثراً فى تحقيق المساواة الفعلية بين الدائنين . فقضت الفقرة الثانية من المادة 256 ، كما رأينا ، بأنه ” لا يجوز أن يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأى اختصاص يقع على  1241  عقارات المدين بعد هذا التسجيل ” . ذلك أن الدائنين يبادرون عادة ، بمجرد شهر إعسار مدينهم ، إلى أخذ حقوق اختصاص على عقاراته عن طريق الإجراءات الفردية التى لم ينقطع حقهم فيها كما قدمنا ، وذلك كى يكفلوا لأنفسهم التقدم على الدائنين الذين لم يتمكنوا من أخذ حقوق اختصاص . وقد أصبحت هذه الإجراءات أكثر إخلالاً بالمساواة بين الدائنين بعد أن اشترط التقنين المدنى الجديد ( م 1085 ) أن يكون بيد الدائن حم واجب التنفيذ حتى يستطيع أخذ حق اختصاص ، فلابد والحالة هذه من أن الدائنين الذين بيدهم أحكام واجبة التنفيذ يبادرون إلى أخذ حقوق اختصاص على عقارات مدينهم المعسر ، يبتغون بذلك أن يتقدموا على الدائنين الذين لم تتح لهم الظروف أن تكون بأيديهم أحكام واجبة التنفيذ . فحتى تتحقق المساواة بين الدائنين قضى القانون ، كما رأينا ، بألا يحتج على الدائنين الذين يكون لهم حقوق سابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار بأى اختصاص يقع على عقارات المدين بعد هذا التسجيل . فإذا بادر دائن بيده حكم واجب التنفيذ غلى أخذ حق اختصاص ، فإن حق الاختصاص هذا لا يكون نافذاً فى حق الدائنين ذوى التواريخ الثابتة السابقة على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار . أما إذا كان حق الاختصاص سابقاً على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فإنه ينفذ بطبيعة الحال فى حق جميع الدائنين .

ويتبين مما قدمناه أن الدائنين السابقين على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار لا يخشون أن يتقدم أحدهم على الآخرين بأخذ حق اختصاص . ولكن قد يكون لمن حصل منهم على حكم واجب التنفيذ مصلحة فى أن يبادر إلى أخذ حق اختصاص على عقارات المدين ، حتى إذا ما انتهت حالة الإعسار بسبب من أسباب انتهائها كما سيأتى : واستجد للمدين دائنون آخرون بعد انتهاء حالة الإعسار ، كان حق الاختصاص نافذاً فى حق هؤلاء الدائنين الذين استجدوا ، كما سنرى .

الفرع الثالث

انتهاء حالة الإعسار

715 – مسألتان : نتكلم فى مسألتين : ( 1 ) كيف تنتهى حالة الإعسار ( 2 ) وما الذى يترتب على انتهائها .

  1242  

المبحث الأول

كيف تنتهى حالة الإعسار

716 – النصوص القانونية : تنص المادة 261 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 ” 1 – تنتهى حالة الإعسار بحكم تصدره المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطن المدين ، بناء على طلب كل ذى شأن ، فى الحالتين الآتيتين : ( أ ) متى ثبت أن ديون المدين أصحبت لا تزيد على أمواله ( ب ) متى قام المدين بوفاء ديونه التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار إلى ما كانت عليه وفقاً للمادة 263 ” .

 ” 2 – ويؤشر كاتب المحكمة من تلقاء نفسه بالحكم الصادر بانتهاء حالة الإعسار يوم صدروه على هامش التسجيل المنصوص عليه فى المادة 253 ، وعليه أن يرسل صورة منه إلى قلم كتاب محكمة مصر للتأشير به كذلك ” .

وتنص المادة 262 على ما يأتى :

 ” تنتهى حالة الإعسار بقوة القانون متى انقضت خمس سنوات على تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار ( [58] ) ” .

  1243  

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل هذه النصوص فى القتنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 261 – 262 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 278 ( [59] ) .

ويخلص من هذه النصوص أن هناك طريقين لانتهاء حالة الإعسار : ( 1 ) فأما أن تنتهى هذه الحالة بحكم يصدر قاضياً بانتهائها ( 2 ) وإما أن تنتهى بقوة القانون بعد انقضاء مدة معينة .

  1244  

717 – انتهاء حالة الإعسار بموجب حكم قضائى : تنتهى حالة الإعسار بموجب حكم قضائى فى أحد فرضين : ( أولاً ) إذا ثبت أن المدين قد أيسر تماماً ، فأصبحت أمواله تفى بجميع ديونه ، ما كان حالاً منها وقت شهر إعساره وما حل بسقوط الأجل بسبب شهر الإعسار . وقد يتحقق ذلك لو أن المدين المعسر تلقى ميراثاً أو وصية ، فأصبحت أمواله تربى على ديونه أو تفى بها . وقد يتحقق ذلك أيضاً إذا قبل الدائنون أو بعضهم إبراء المدين من بعض ديونه بحيث يصبح الباقى فى ذمته من الديون لا يزيد على ما عنده من مال ( [60] ) . ( ثانياً ) إذا ثبت أن المدين قد وفى بجميع دينه التى كانت حالة وقت طلب إنهاء حالة الإعسار ، سواء كانت هذه الديون ديوناً حالة وقت شهر الإعسار أو حلت بعد ذلك بانقضاء أجلها . أما الديون التى اعتبرت حالة عن طريق إسقاط أجلها بسبب شهر الإعسار ، ولم يكن هذا الأجل قد انقضى وقت طلب إنهاء حالة الإعسار ، فإنها لا تدخل فى هذا الحساب ، وذلك لأن هذه الديون سيعود إليها الأجل الذى سقط ، كما سنرى ، فتصبح غير حالة وقت طلب إنهاء حالة الإعسار . وظاهر أن المدين إذا كان قد وفى بجميع الديون المشار إليها ، فإنه يصبح فى حالة كان لا يستطاع معها طلب شهر إعساره ، وهذا هو المبرر لإنهاء حالة الإعسار فى هذا الفرض . ولكن لا يكفى أن يكون عند المدين مال كاف للوفاء بهذه الديون ، بل يجب أن يكون المدين قد وفاها فعلاً كما رأينا ( [61] ) . وفى هذا يختلف الفرض الثانى عن الفرض الأول ، فقد تقدم فى الفرض الأول أنه يكفى أن تكون أموال المدين قد أصبحت تفى بجميع ديونه دون حاجة إلى وفاء هذه الديون بالفعل .

وإذا تحقق فرض من هذين الفرضين ، فإن حالة الإعسار لا تنتهى بقوة القانون ، بل لابد من صدور حكم بإنهاء هذه الحالة . وهذا الحكم ، كالحكم بشهر الإعسار ، منشئ لا كاشف ، ويقبل الطعن فيه بالطرق المقررة قانوناً  1245  وفى المواعيد العادية . ويصدر من المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطن المدين ، وتكون عادة هى المحكمة التى أصدرت الحكم بشهر إعساره ، ما لم يكن المدين قد غير موطنه . ويصدر بناء على طلب كل ذى شأن . وأول ذوى الشأن فى هذا الطلب هو المدين نفسه ، فمن مصلحته ، متى تحقق فرض من الفرضين المتقدمى الذكر ، أن يطلب من المحكمة إصدار حكم بإنهاء إعساره . وقد يكون لأحد الدائنين مصلحة فى طلب إنهاء الإعسار ، إذا كان دينه فى الأصل وشيك الحلول ، ثم حل هو وغيره من الديون المؤجلة بسبب شهر الإعسار . فإذا انتهت حالة الإعسار بتوفيه الديون الحالة ، رجعت الآجال إلى الديون المؤجلة . ولما كان أجل دينه وشيك الحلول كما قدمنا ، فإن يستوفى الدين قبل غيره من أصحاب الديون المؤجلة ، وقد يظفر به كاملاً ( [62] ) .

ومتى صدر الحكم بإنهاء حالة الإعسار من المحكمة المختصة ، أشر كاتب المحكمة من تلقاء نفسه ، يوم صدور الحكم ، بانتهاء حالة الإعسار على هامش التسجيل المقيد فى السجل الخاص بالمحكمة ذاتها . فإذا كان المدين قد غير موطنه ، ورفعت دعوى إنهاء الإعسار فى محكمة موطنه الجديد ، وجب التأشير بالحكم فى سجل كل من المحكمتين ، المحكمة التى أصدرت الحكم بإنهاء حالة الإعسار والمحكمة التى أصدرت الحكم بشهر الإعسار . وفى جميع الأحوال يجب أن ترسل صورة من الحكم بإنهاء حالة الإعسار إلى قلم كتاب محكمة مصر للتأشير به كذلك فى السجل العام الموجود بهذه المحكمة ( [63] ) .

  1246  

718 – انتهاء حالة الإعسار بقوة القانون : وقد أعطى القانون مهلة للدائنين لتصفية أموال مدينهم واستيفاء حقوقهم منها ، عن طريق الإجراءات الفردية . فأمامهم خمس سنوات من تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار ، وهى مدة كافية لتصفية أموال المدين . ولا يجوز أن يبقى المدين بعد انقضاء هذه المدة فى حالة الإعسار التى لحقته ، فإن هذه الحالة قد غلت يده عن التصرف فى أمواله ، فوجب التوفيق بين مصلحته ومصلحة دائنيه ، فروعيت مصلحة هؤلاء بإعطائهم مدة كافية لاستيفاء حقوقهم عن طريق الحجز على أموال مدينهم ، وروعيت مصلحة المدين بإنهاء حالة الإعسار بقوة القانون بمجرد انقضاء هذه المدة .

وغنى عن البيان أنه بمجرد انقضاء الخمس السنوات من تاريخ التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار تنتهى حالة الإعسار دون حاجة إلى استصدار حكم بذلك ، بل ودون حاجة إلى التأشير بذلك على هامش التسجيل ، إذ يسهل على كل ذى مصلحة يبحث حالة المدين أن يحسب انقضاء الخمس السنوات المذكورة بمجرد اطلاعه على تاريخ تسجيل التأشير بالحكم الصادر بشهر الإعسار .

ما يترتب على انتهاء حالة الإعسار

719 – النصوص القانونية : تنص المادة 263 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 ” يجوز للمدين بعد انتهاء حالة الإعسار أن يطلب إعادة الديون التى كانت قد حلت بسبب شهر الإعسار ولم يتم دفعها إلى أجلها السابق ، بشرط أن يكون قد وفى ديونه التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها ” .

  1247  

وتنص المادة 264 على ما يأتى :

 ” انتهاء حالة الإعسار بحكم أو بقوة القانون لا يمنع الدائنين من الطعن فى تصرفات المدين ولا من التمسك باستعمال حقوقه وفقاً للمواد من 235 إلى 243 ( [64] ) ” .

ولا مقابل لهذه النصوص فى التقنين المدنى السابق .

وتقابل فى التقنينات المدينة العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادتين 263 – 264 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 279 ( [65] ) .

  1248  

ويخلص من هذه النصوص أن حالة الإعسار متى زالت زالت معها الآثار التى كانت قد ترتبت عليها . ومن هذه الآثار التى تزول نذكر بنوع خاص سقوط أجل الدين ، فيعود الدين إلى أجله السابق . كذلك المدين الذى تزول حالة إعساره بحكم قضائى أو بقوة القانون قد ينتقل من حالة إعسار قانونية إلى إعسار فعلى ، فيبقى خاضعاً لأحكام الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية اللتين لا تتطلبان إلا الإعسار الفعلى على ما قدمنا .

فنستعرض إذن مسائل ثلاثا : ( 1 ) زوال الآثار التى ترتبت على شهر الإعسار بوجه عام . ( 2 ) رجوع الأجل بعد سقوطه . ( 3 ) خضوع المدين بعد زوال حالة إعساره لأحكام الدعوى غير المباشرة والدعوة البولصية .

720 – زوال الآثار التى ترتبت على شهر حالة الإعسار : رأينا أن هناك آثاراً ترتبت على شهر حالة الإعسار . فالمدين قد غلت يده عن التصرف فى ماله ، وأصبح معرضاً لعقوبة التبديد فى حالتين معينتين سبق ذكهما ، وقد يكون حصل على أمر بتقرير نفقة له من إيرادات أمواله المحجوزة . والدائنون لا يحتج بعضهم على بعض بحقوق الاختصاص التى تكون قد أخذت بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، وقد سقطت آجال ديونهم إن لم تكن قد استبقيت أو مدت أو منحت آجال للديون الحالة .

هذه الآثار كلها تبقى ببقاء حالة الإعسار ، فإذا ما زالت هذه الحالة بحكم قضائى أو بقوة القانون ، فإن الآثار التى ترتبت عليها تزول بزوالها . ومن ثم يعود للمدين حق التصرف فى أمواله ، فتنفذ تصرفاته فى حق دائنيه ، ولكن يبقى للدائنين أن يباشروا الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية كما سيأتى . ولا يصبح المدين معرضاً لعقوبة التبديد ، حتى لو أخفى ماله عن دائنيه أو اصطنع ديوناً مبالغاً فيها أو تعمد الإعسار ، ولا كون معرضاً فى كل ذلك إلا لأحكام دعوى الصورية والدعوى البولصية ، وذلك ما لم يشهر إعساره من  1249  جديد فيترتب على الحكم الجديد بشهر الإعسار آثاره المعروفة . كذلك تنقطع النفقة التى قد تكون قدرت له ، فإن النفقة لا تبقى إلا ببقاء حالة الإعسار القانونى . أما حقوق الاختصاص التى كان الدائنون قد أخذوها بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فإنها تصبح نافذة فى حق الدائنين الذين استجدوا بعد انتهاء حالة الإعسار ، ولكنها تبقى غير نافذة فى حق الدائنين السابقين على تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ( [66] ) .

وننتقل الآن إلى رجوع الأجل بعد سقوطه .

721 – رجوع الأجل بعد سقوط : متى زالت حالة الإعسار ، زال أثرها فى إسقاط أجل الدين ، وعاد الدين إلى أجله السابق . نستعرض ، لبيان ذلك تفصيلاً ، الفروض التى تزول فيها حالة الإعسار :

فإن زال الإعسار بحكم قضائى بسبب قيام المدين بوفاء ديونه التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها ، فإن الديون الباقية التى لم توف – والتى كانت آجالها قد سقطت بشهر الإعسار – تعود إلى آجالها السابقة ، فتصبح ديوناً مؤجلة غير حالة ، ولا تحل إلا بانقضاء آجالها انقضاء طبيعياً بانقضاء المدة لا عن طريق سقوط الأجل . وتقضى بهذا كل من المادتين 261 فقرة أولى و 263 .

وإن زال الإعسار بحكم قضائى بسبب كفاية أموال المدين للوفاء بديونه الحالة منها والمؤجلة ، كانت هذه الديون طائفتين : ( 1 ) طائفة حل أجلها حلولا  1250  طبيعياً ، أما لأنها كانت حالة وقت شهر الإعسار وأما لأنها حلت بعد ذلك بانقضاء مدة الأجل لا بسقوطه . فهذه الديون تكون حالة مستحقة الأداء وعلى المدين الذى زالت حالة إعساره الوفاء بها ، وإلا اتخذ الدائنون إجراءات التنفيذ الجبرى واستوفوا حقوقهم من أمواله ، وهى تكفى فرضاً للوفاء لا بالديون الحالة وحدها ، بل بها وبالديون المؤجلة . ( 2 ) وطائفة لم يحل أجلها ، وإنما كان الأجل قد سقط بشهر الإعسار . هذه الديون إذا كانت لم توف ، تعود إليها آجالها السابقة بموجب المادة 263 – لا المادة 261 فقرة أولى – فترجع ديوناً مؤجلة ، وعند انقضاء مدة الأجل تكون مستحقة الأداء ، وعلى المدين الوفاء بها . والمفروض أن عنده من المال ما يكفى لذلك ( [67] ) ، فإن لم ينفذ طوعاً اتخذت إجراءات التنفيذ الجبرى . ويشترط لجوع الآجال بعد سقوطها – كما تقضى صراحة المادة 263 – أن يكون المدين قد وفى ديونه التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها ، أى أن يكون قد وفى الطائفة الأولى من الديون .

وإن زال الإعسار بقوة القانون – بانقضاء خمس سنوات من تاريخ التأشير بحكم شهر الإعسار – ووفى المدين الديون التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها على النحو الذى قدمناه ، كان من حقه أن يطلب – بموجب المادة 263 لا المادة 261 فقرة أولى – إرجاع الآجال السابقة للديون التى تكون آجالها قد سقطت بسبب شهر الإعسار ولم يكن سبق الوفاء بها ( [68] ) .

722 – خضوع المدين بعد زوال حالة إعساره لأحكام الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية : قلنا أن المدين الذى زالت حالة إعساره بحكم قضائى أو بقوة القانون يعود له حق التصرف فى ماله . ولكن قد يقع أن هذا  1251  المدين الذى زالت حالة إعساره القانونى يبقى مع ذلك معسراً إعساراً فعلياً ( [69] ) . ففى هذه الحالة يصبح المدين خاضعاً لأحكام كل من الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية . ذلك أن انتهاء حالة الإعسار بحكم قضائى أو بقوة القانون – كما تقول المادة 264 – لا يمنع الدائنين من الطعن فى تصرفات المدين بالدعوى البولصية ، ولا من التمسك باستعمال حقوقه بالدعوى غير المباشرة ، وذلك كله وفقاً للمواد 235 – 243 مدنى ، وهى النصوص التى تبسط أحكام كل من الدعويين .

فيجوز للدائنين إلى أن يستعملوا حقوق مدينهم المعسر إعساراً فعلياً ، بعد زوال إعساره القانونى ، عن طريق الدعوى غير المباشرة ، فإن الذى يشترط فى هذه الدعوى هو الإعسار الفعلى دون الإعسار القانونى كما قدمنا .

ويجوز للدائنين كذلك أن يطعنوا فى تصرفات المدين المعسر إعساراً فعلياً ، بعد زوال إعساره القانونى ، بالدعوى البولصية ، فإن الذى يشترط فى هذه الدعوى أيضاً هو الإعسار الفعلى دون الإعسار القانونى كما سبق القول . وعلى الدائنين فى هذه الحالة أن يراعوا توافر شروط الدعوى البولصية ، إلا إذا عادوا إلى شهر إعسار المدين من جديد بعد توافر شروط الإعسار القانونى ، فعند ذلك لا تسرى تصرفات المدين فى حقهم دون حاجة إلى الطعن فى هذه التصرفات بالدعوى البولصية .

ويخلص لنا من ذلك أن المدين قد تتعاقب عليه حالتا الإعسار القانونى  1252  والإعسار الفعلى . فإن كان فى حلة إعسار قانونى ، فإنه يكون خاضعاً للنظام الخاص الذى بسطنا تفصيلاته فيما تقدم . أما إذا كان معسراً إعساراً فعلياً فإنه لا يكون خاضعاً لهذا النظام الخاص . بل يخضع للنظام العام الذى يخضع له جميع المدينين ، وهو النظام الذى تسوده أحكام الدعاوى الثلاث : الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية ودعوى الصورية .


( [1] ) والغالب أن هذه الوسائل الأربع ، كالإفلاس التجارى ، يواجه بها الدائنون مديناً معسراً فيحاولون بقدر الإمكان أن يستخلصوا منه أكبر قسط من حقوقهم عنده  .

( [2] ) وقد كانت هذه الدعوى ، حتى فى هذه الخصيصة الأولى ، لا تتفق مع الإفلاس فى عهد التقنين المدنى السابق ، إذا كان الدائن بمقضتى أحكام هذا التقنين يستأثر بالتنفيذ على هذا المال دون غيره من الدائنين  .

( [3] ) انظر فى الفروق ما بين الإفلاس والإعسار فى القانون الفرنسى أنسيكلوبيدى داللوز 2 لفظ Deconfiture فقرة 33 – فقرة 38  .

( [4] ) وقد كان التقنين المدنى السابق يرتب على الإعسار إسقاط الأجل ( م 102 / 156 ) ، وانتهاء عقد الشركة ( م 445 / 542 ) ، ووجوب استبدال كفيل موسر بكفيل معسر إذا تعهد المدين تعهداً مطلقاً بتقديم كفيل ( م 500 / 610 ) ، وجوزا مطالبة الكفيل المدين المعسر بالدين قبل حلول أجله ( م 503 / 614 )  . هذا إلى أن إعسار المدين كان مشترطاً فى الدعوى غير المباشرة ( م 141 / 202 ) ، وفى الدعوى البولصية ( 143 / 204 ) ، وإن لم تصرح النصوص بذلك  .

وانظر فى النتائج التى تترتب على الإعسار فى القانون المدنى الفرنسى بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 814 – دى باج 3 فقرة 169 – أنسيكلوبيدى داللوز 2 لفظ deconfiture فقرة 9 – فقرة 32  .

( [5] ) وقد حاول بعض المحاكم فى فرنسا أن تنظيم الإعسار عن طريق تعيين حارس قضائى على أموال المدين يديرها ويصفيها كما يفعل السنديك ، ثم عن طريق جعل الدعوى البولصية تنفيذ جميع الدائنين السابقين على التصرف المطعون فيه واللاحقين له ، ولكن محكمة النقض الفرنسية قضت على هذه المحاولات لأنها لا تتفق مع التشريع القائم الذى لم يكن له ابد من تطبيقه مهما بدا فيه من وجوه النقص ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 817 – الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 20 )  .

وسار المشروع الفرنسى فى طريق تنظيم الإعسار خطوات محدودة  . ففى مناسبة إفلاس شركة بناما المعروفة صدر قانون فى أول يوليه سنة 1893 يجعل الشركات المدنية ذات الشكل التجارى خاضعة لنظام الإفلاس التجارى  . ثم صدر قانون فى أول أغسطس سنة 1893 باعتبار شركات التوصية وشركات المساهمة التى تنشأ فى شكل تجارى شركات تجارية ، فتخضع للقوانين والعادات التجارية مهما كان موضوع الشركة ، ثم أضاف قانون 27 مارس سنة 1925 إلى هذه الشركات الشركات ذات المسئولية المحدودة  . وصدر قانون فى 9 سبتمبر سنة 1919 يقضى باعتبار استغلال المناجم من قبيل الأعمال التجارية لتطبيق نظام الإفلاس  . انظر فى هذه المسألة : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 819 – دى باج 3 فقرة 166 – فقرة 169 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1485 – كولان وكابيتان ومورانديير 2 فقرة 422 – الأستاذ محسن شفيق فى النظم المختلفة فى الإفلاس المدنى ص 137 – ص 229 – وكتابه فى الإفلاس فقرة 23  .

( [6] ) انظر الأستاذ محسن شفيق فى النظم المختلفة فى الإفلاس المدنى ص 272 – ص 278 – نظرية العقد للمؤلف فقرة 711 – الموجز للمؤلف فقرة 212 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فى نظرية الالتزام فقرة 620 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 149  .

( [7] ) انظر التشريع الألمانى الصادر فى سنة 1877 ، والتشريع الإنجليزى الصادر فى سنة 1883 ، والتشريع الهولندى الصادر فى سنة 1893  . وانظر فى الإفلاس كنظار موحد للتجار وغير التجار فى التشريعين الألمانى والإنجليزى رسالة الأستاذ محسن شفيق فى النظم المختلفة فى الإفلاس المدنى ص 53 – ص 133  .

( [8] ) أصدر المشرع السويسرى قانوناً اتحادياً ( ) للتنفيذ من أجل الديون والإفلاس فى سنة 1889  . فرسم طريقين للتنفيذ ، أحدهما طريق الإفلاس والآخر طريق الحجز  . فإذا كان المدين مقيداً فى السجل التجارى وجب اتباع طريق الإفلاس ، وغلا فطريق الحجز  . وقسم السجل التجارى إلى قسمين : قسم حرف أ وهو خاص بالقيود الإجبارية أى القيود المتعلقة بالتجار والمؤسسات التى تتخذ الشكل التجارى ولا يعفى من هذا القيد إلا صغار التجار ، وقسم حرف ب وهو خاص بالقيود الاختيارية إذ أجاز المشرع لغير التجار إجراء القيد فى السجل ( الأستاذ محسن شفيق فى النظم المختلفة فى الإفلاس المدنى ص 233 – ص 267 )  .

( [9] ) انظر فى انتقاد توحيد نظامى الإفلاس التجارى والإعسار المدنى وبيان عدم صلاحية ذلك فى مصر إلى الأستاذ محسين شفيق فى الإفلاس فقرة 24 ، وينتهى إلى ما يأتى : ” هذه هى الأسباب التى تدعونا إلى نبذ نظرية الإفلاس المدنى على الأخص فى بلاد زراعية كمصر ، حيث لا سبيل إلى تنشيط الائتمان الزراعى ، إلا بإنشاء بنوك التسليف والعمل على تيسير الحصول على القروض منها  . وغير أن هذا لا يعنى أننا نعضد القائلين بترك نظام الإعسار بغير تنظيم ، فيمن غير المرغوب فيه حقاً أن يظل المدين على الرغم من إعساره قادراً على التصرف فى أمواله والعبث بحقوق دائنيه ، أو أن يبقى حصول الدائنين على حقوقهم ثمرة التسابق والتزاحم بينهم  . غير أننا لا نرى أ سبيل الإصلاح يكون بتطبيق نظام الإفلاس برمته على غير التجار ، وإنما يجب التمحيص والتدقيق فى أحكام هذا النظام والاستعانة بما يلائم منها المعاملات المدنية ، بمعنى أنه يجب وضع نظامين للتنفيذ على أموال المدين الذى يعجز عن أداء ديونه ، أحدهما نظام الإفلاس ويقتصر تطبيقه على التجار ويكون محله القانون التجارى ، والآخر نظام الإعسار ويبع فى شأن غير التجار ويكون موضعه القانون المدنى  . وقد سارت بعض التشريعات على هذا الوضع ، وفى مقدمتها التشريع الإسبانى حيث يوجد نظام للإفلاس ( quiebra ) وآخر للإعسار ( concurso ) ، ولئن كان صحيحاً أن الشبة بين النظامين كبير فإنهما غير متماثلين  . واتبع المشرع المصرى فى القانون المدنى الجديد هذا النهج ، فوضع نظاماً شاملاً لحالة الإعسار ، واستعان فى شأنه ببعض أحكام الإفلاس فى حدود متزنة ومعقولة ” ( الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس ص 50 )  .

( [10] ) ويجوز فى هذا النظام أن يقرر الدائنون ، بأغلبية الثلثين ، وقف الإجراءات أو الحط من الديون  . فإذا لم تتوافر هذه الأغلبية كان المدين فى حالة إعسار ، فترفع يده عن ماله ، وتوقف إجراءات التنفيذ الفردية ( أنسيكلوبيدى داللوز 2 لفظ Deconfiture فقرة 8 )

( [11] ) انظر فى تنظيم الإعسار المدنى على أسس تختلف عن الأسس التى يقوم عليها تنظيم الإفلاس التجارى الأستاذ محسن شفيق فى النظم المختلفة فى الإفلاس التجارى ص 271 – ص 315  . وقد كانت هذه الصفحات بوجه خاص تحت نظر لجنة تنقيح التقنين المدنى عندما وضعت النصوص الخاصة بتنظيم الإعسار المدنى فى التقنين الجديد  . وانظر أيضاً بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 816 – فقرة 819  .

( [12] ) وكانت هذه النصوص فى المشروع التمهيدى هى المواد من 354 إلى 384 من هذا المشروع  . وتتلخص الأسس التى كان يقوم عليها النظام الاستثنائى للتصفية الجماعية – كما قرر المشروع التمهيدى – فيما يأتى :

أ ) يجوز للمحكمة ، عند الحكم بشهر الإعسار أو فى أى وقت بعد صدور هذا الحكم ، أن 3 تعين عند الاقتضاء بناء على طلب أحد الدائنين أو بناء على طلب المدين نفسه ، حارساً مصفياً يوفى الدائنين حقوقهم ، أما بيع أموال المدين وأما بتسوية ودية مع الدائنين  . وتندب المحكمة قاضياً للإشراف على أعمال التصفية  .

ب ) يترتب على تعيين الحارس المصفى أن يتخلى المدين عن إدارة أمواله ، وأن تصبح أمواله محجوزة حجزاً تحفظياً  . فلا يجوز اتخاذ أى إجراء إلا بواسطة الحرس المصفى أو فى مواجهته  .

ج ) يعد الحرس المصفى بياناً عن حالة المدين يعرضه على الدائنين فى اجتماع يدعوهم إليه  . ثم يأخذ فى هذا الاجتماع وفيما يليه من اجتماعات فى تحقيق الديون وفقاً للإجراءات التى تتبع فى تحقيق الديون فى حالة الإفلاس  .

د ) عند الانتهاء من فحص الديون ينظر الدائنون فيما يكون قد عرضه المدين من مقترحات لتسوية ديونه تسوية ودية  . ولا تتم التسوية الودية إلا إذا أقرتها الأغلبية المطلقة للدائنين وكانت هذه الأغلبية تملك ثلاثة أرباع الديون التى فحصت واعتمدت  . وتصدق المحكمة على التسوية  .

هـ ) إذا لم يتفق على تسوية ما ، اتخذ الحارس المصفى الإجراءات لبيع أموال المدين المعسر بالمزاد العلنى وفقاً للأوضاع المقررة فى تقنين المرافعات ، ما لم ترخص المحكمة للحارس المصفى فى أن يبيع كل أموال المدين أو بعضها بطري الممارسة وبشروط معينة  .

و ) يودع الحارس المصفى المبالغ الناتجة من بيع أموال المدين خزانة المحكمة ، ويتولى القاضى المنتدب توزيع هذه المبالغ وفقاً للقواعد المقررة فى تقنين المرافعات لقسمة المال قسمة غرماء وقسمة ترتيب  .

ز ) متى تمت التصفية الجماعية بغير طريق التسوية الودية ، يعود للدائنين حقهم فى اتخاذ إجراءات فردية لعى ما يستجد من مال للمدين  . ويجوز فى هذه الحالة تعيين حارس مصف من جديد إذا كان المستجد من المال قدراً كافياً يبرر ذلك  .

( انظر مشروع تنقيح القانون المدنى – المذكرة الإيضاحية جزء 2 ص 381 – 398 )  .

( [13] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 662  .

( [14] ) وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى دفاعاً مسهباً عن نظام الإعسار الذى قرره التقنين الجديد ، وبنيت أن هذا النظام يخدم مصالح الجميع ، مصالح المدين ومصالح الدائنين  . ومما جاء فى هذا الصدد : ” ومتى أشهر الإعسار كان مركز المدين فى تصفية ديونه أفضل بلا شك من مركزه وفقاً لأحكام التشريع الحالى ( السابق ) ، ذلك أن هذا الإشهار لا يستتبع حتماً حلول الديون المؤجلة ، فللقاضى أن يبقى على الأجل وأن يمد فيه ، بل وللقاضى ما هو أفضل : فله أن ينظر المدين إلى ميسرة بالنسبة إلى الديون المستحقة الأداء ، وبهذا تتاح له تصفيه ديونه ودياً فى أكثر الظروف ملاءمة  . كما أن المشروع  .  .  . أباح له كذلك أن يتصرف فى ماله ولو بغير رضاء هؤلاء الدائنين ، على أن يكون ذلك بثمن المثل ، وأن يودع الثمن خزينة المحكمة للوفاء بحقوقهم ، وقد بسط له المشروع فى أسباب الحماية ولا سيما ما كان منها إنسانى الصبغة  . فخوله حق الحصول على نفقة تقتطع من إيراده إذا كان هذا الإيراد محجوزاً  . أما الدائنون فيكلف لهم نظام الإعسار قسطاً من الحماية لا يدانيه ما كفل لهم منه بمقتضى الأحكام الراهنة  . فلي لهم أن يشفقوا فى ظل هذا النظام من تقدم أحدهم على الباقين بغير حق ، ذلك أن مجرد تسجيل صحيفة دعوى إشهار الإعسار يكون من أثره عدم نفاذ أى اختصاص يقع بع ذلك على عقارات المدين فى حق الدائنين السابقة ديونهم على هذا التسجيل  . ومتى أشهر إعسار المدين أصبح من أهون الأمور على الدائنين أن يأمنوا جانبه فيما يصدر عنه التصرفات الضارة أو المدخولة ، وأصبح إعمال أحكام الدعوى البولصية فريداً فى بساطته  . فكل تصرف قانونى يصدر من المدين المعسر ، ويكون من ورائه انتقاص حقوقه أو زيادة التزاماته ، وكل وفاء يقع منه ، لا ينفذ فى حق الدائنين ، دون حاجة إلى تحميلهم عبء إقامة الدليل على الغش ، وهو عبء فى أغلب الأحيان غير يسير  . ولتعزيز حماية الدائنين من تصرفات المدين الضارة أو المدخولة ، قرر المشروع توقيع عقوبة التبديد على المدين إذا ارتكب أعمالاً من أعمال الغش البقين إضراراً بدائنيه  . وعلى هذا النحو كفل المشروع بنظام الإعسار حماية وافية للدائنين من المدين ، وجعل من المساواة الواجبة بينهم حقيقة واقعة  . وقد ذهب البعض إلى أن نظام الإعسار ، وإن توافرت له المزايا التى تقدمت الإشارة إليها ، فليس يخلو من أعماله من عيب قد يرجح هذه المزايا جميعاً  . فإذا فرض فى رأيهم أن أغلب الملاك ينوءون بأعباء الدين ، فمن الخطر أن تتخذ إجراءات لإشهار إعسار هؤلاء الملاك ، لأن هذه الإجراءات تفضى من طريق العلانية القضائية إلى الكشف عن مراكز أو أحوال ينبغى أن يكتم أمرها عن الملأ لاعتبارات مادية وأدبية  . ولكن لو صح أن يستهان بما يعرض للذهن فى مثل هذه الظروف من وجوب رعاية ما يقتضى التعامل من شرف وخلق ، أفلا يبقى بعد ذلك أمر التساؤل عما إذا كانت هذه المراكز المضطربة تظل فى الواقع خافية غير معلومة؟ الحق أنه ليس أيسر من كشف الحقيقة والبصر بها فى هذا الشأن ، فأن لم يتح ذلك من طرق استفاضة الشهرة ، فثمة علانية إجراءات التوزيع القضائى وجلسات المزايدات ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 659 – ص 660 )  .

( [15] ) انظر عكس ذلك الأستاذ محسين شفيق فى الإفلاس فقرة 53 ص 77 – ص 78 – وفى رأينا أن التقنين المدنى الجديد إذا أطلق لفظ ” الإعسار ” فلا يتخصص اللفظ للإعسار القانونى ، بل ينصرف إلى محض الإعسار أى الإعسار الفعلى ( انظر المواد 235 فقرة 2 و 237 و 528 فقرة أولى و 644 حرف حـ )  . أما إذا قصد بلفظ ” الإعسار ” الإعسار القانونى ، قرن اللفظ بما يدل على هذا المعنى إشعاراً بأهمية ما يرتب من النتائج على ذلك ، فيقول مثلاُ : ” يسقط حق المدين فى الأجل : إذا شهر إفلاسه أو إعساره وفقاً لنصوص القانون  .  .  . ” ( م 273 – وانظر أيضاً المواد 255 فقرة أولى و 256 فقرة 2 و 257 و 259 و 260 )  .

( [16] ) وشبيه بتنظيم حالة الإعسار ( م 249 – 264 مدنى ) تنظيم تصفية التركة ( م 876 – 913 مدنى ) – ففى الحالتين لا يجوز التصرف فى أموال المدين المعسر ولا فى أعيان التركة ، ولا يحتج على الدائنين بأى اختصاص يقع بعد تسجيل حكم الإعسار أو بعد موت المدين ، ويعاقب المدين المعسر بعقوبة التبديد فى بعض الحالات كما يعاقب بعقوبة التبديد كل من استولى غشاً على شئ من مال التركة ولو كان وارثاً ، ويجوز تقدير نفقة يتقاضاها المدين المعسر من إيراداته المحجوزة أو يتقاضها من كان المورث يعولهم من ورثته  . ولكن إجراءات تصفيقة التركة إجراءات جماعية ، بخلاف إجراءات تصفية مال المعسر فهى كما رأينا إجراءات فردية  .

( [17] ) تاريخ النصوص :

م 249 : ورد هذا النص فى المادة 344 من المشروع التمهيدى ، عن طريق الخبرة ، على الوجهين الآتيين : ” يجوز أن يشهر إعسار كل مدين غير تاجر ، تزيد ديونه على أمواله ، متى توقف عن وفاء ديونه المستحقة الأداء ” أو يجوز أن يشهر إعسار كل مدين غير تاجر إذا كانت أمواله لا تكفى لوفاء ديونه المستحقة الأداء ”  . وفى لجنة المراجعة أشار أحد الأعضاء إلى أن نظام الإعسار لا يتفق مع الحالة الاقتصادية فى مصر ، إذ هو يسئ إلى مركز المدينين وهم أغلبية دون أن ينطوى على منفعة حقيقية لهم  . فأجيب على ذلك بأن وضع هذه النظام أريد به تقرير الأمر الواقع ، فالمدين الذى ينزع ملكه تتخذ قبله إجراءات علنية ، وليس فى شهر الإعسار ما يمس سمعة المدين بأكثر من ذلك  . ثم إن النظام الذى وضعه المشروع يعود على المدين بمزايا حقيقية ، وييسر له أمر الوفاء بديونه  . ونوه أحد الأعضاء بأن نظام الإعسار يكون أولا بالقبول لو تضمن مماثلة للمزايا التى يحص عليها المدين التاجر من طرق الصلح الواقى من الإفلاس ، كإبراء المدين من جزء من الديون إذا وافقت على ذلك أغلبية من الدائنين ، أو إبرائه من الديون أياً كان مقدارها متى ترك للدائنين كل ما يملك من مال  . فوافقت اللجنة على استبقاء نظام الإعسار فى المشروع مع إحالة الاقتراح الخاص بإبراء المدين إلى لجنة فرعية ( ولم يظهر لعمل هذه اللجنة أية نتيجة – والظاهر أن لجنة المراجعة اكتفت بما تضمنه المشروع من جواز مد آجال الديون ومن جواز منح آجال للديون الحالة )  . ثم فاضلت لجنة المراجعة بين النصين المعروضين ، فاختارت النص الآتى : ” يجوز أن يشهر إعسار المدين غير التاجر إذا كانت أمواله لا تكفى لوفاء يدونه المستحقة الأداء ” ، وأصبح رقم المادة 261 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب  . وفى لجنة مجلس الشيوخ أعيد الاعتراض على نظام الإعسار ، وقيل عن هذا النظام جديد ، وهو نظام خطر من الناحية الموضوعية وقد انتقده الكثيرون  . ورد على هذا الاعتراض بأن نظام الإعسار يكفل للمدين والدائن مزايا عدة لا تكفى فى توفيرها الأحكام الجزئية التى وردت فى سيان تحبيذ فكرة الحذف ، ولا تعادلها الاعتبارات المتصلة بعدد الدعاوى ، وهى بالنسبة إلى المدين المعسر كثيرة وإجراءات شهر الإعسار قد تفضى على النقيض إلى الإقلال منها  . ولم تر اللجنة الأخذ بالاعتراض ، وأرقت نظام الإعسار فى مجموعه ، أما من حيث النص المعروض فحذفت كلتى ” غير التاجر ” لأن قانون التجارة تكفل بالإجراءات التى تتخذ بالنسبة إلى التاجر ، ولإفساح المجال لبحث فكرة وضع نصوص فى القانون التجارى تجيز للمدين التاجر الاستفادة من أحكام الإعسار بما فيها من يسر  . ووافقت اللجنة على المادة معدلة على الوجه الآتى : ” يجوز أن يشهر إعسار المدين إذا كانت أمواله لا تكفى لوفاء ديونه المستحقة الأداء ” ، تحت رقم 249  . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 662 – ص 665 )  .

م 250 : ورد هذا النص فى المادة 335 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” يكون إشهار الإعسار بحكم تصدره المحكمة التى يتبعها موطن المدين ، بناء على طلب المدين نفسه أو بناء على طلب دائنين ”  . وفى لجنة المراجعة رؤى أن تنظر دعوى الإعسار على وجه السرعة ، فعدل النص على الوجه الذى استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، تحت رقم 262 فى المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 250 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 666 )  .

م 251 : ورد هذا النص فى المادة 336 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد  . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 263 فى المشروع النهائى  . ثم وافق عليه فى مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 251 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 667 – ص 668 )  .

( [18] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 250 – 252 ( مطابقة لنصوص التقنين المدنى المصرى )  .

التقنين المدنى العراقى م 270 : المدين المفلس الذى يكون دينه المستحق الأداء أزيد من ماله ، إذا خاف غرماؤه ضياع ماله أو خافوا أن يخفيه أو أن يجعله باسم غيره ، وكان خوفهم مبيناً على أسباب معقولة ، وراجعوا المحكمة فى حجره عن التصرف فى ماله أو فى إقراراه بدين الآخر ، حجرته المحكمة  .

م 271 فقرة أولى : يكون الحجر بحم تصدره محكمة البداءة بناء على طلب أحد الدائنين  .

( وتحديد الإعسار المدنى فى التقنين العراقى كتحديده فى التقنين المصرى : عدم كفاية أموال المدين للوفاء بديونه المستحقة الأداء  . وللمحكمة سلطة تقديرية تستخلص من عبارة ” وكان خوفهم مبنياً على أسباب معقولة ”  . وللدائن ، دون المدين ، فى التقنين العراقى ، طلب الحجر على المدين ، أما فى التقنين المصرى فيجوز أيضاً للمدين أن يطلب شهر إعسار نفسه  . ومع ذلك قارن الدكتور حسن على الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 101 ص 100 حيث يذهب إلى جواز أن يطلب المدين طل بالحجر على نفسه فى القانون المدنى العراقى )  .

( [19] ) أو كما يقال عادة زيادة الخصوم ( passif ) على الأصول ( actif )  .

( [20] ) وكذلك قد يكون المدين التاجر معسراً إعساراً فعلياً أو قانونياً ، ولكنه ما دام يدفع ديونه الحالة عند طلبها ولا يتوقف عن الدفع ، فلا يجوز شهر إفلاسه ( الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 144 ص 179 – ص 180 )  .

( [21] ) انظر آنفاً فقرة 694 فى الهامش فى تاريخ المادة 249 – وانظر مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 663 – 664  .

( [22] ) أو كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : ” لا يشترط مجرد نقص حقوق المدين عن ديونه ، بل يشترط أيضاً أن تكون الحقوق أقل من الديون المستحقة الأداء ، أى أقل من جزء معين من مجموعة الديون ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 662 )  .

( [23] ) ولا يقال إن الديون المؤجلة تحل بالإعسار ، فأن الدين لمؤجل لا يحل إلا بشهر الإعسار ، أى بالإعسار القانونى دون الإعسار الفعلى ، كما سنرى  .

( [24] ) ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يخضع المدين التاجر – فى غير معاملاته التجارية – لنظام الإعسار المدنى ( القانونى ) فى دين مدنى لدائن تاجر ( كثمن مفروشات يشتريها التاجر من تاجر آخر لاستعماله الخاص ) أو لدائن غير تاجر ( كأجرة المنزل الذى يسكنه التاجر )  . انظر فى هذا المعنى : الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 149 ص 194 – ص 197  .

( [25] ) الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 28 – وقد قضى بأن توقف المدين عن دفع أحد ديونه المستحقة قرينة على إعساره ، فيتعين على المدين ، إذا أراد تلافى الحكم بشهر إعساره ، أن يثبت أنه رغم توقفه عن الدفع فإن لديه ما يكفى لسداد ديونه المستحقة ( الإسكندرية الكلية الوطنية 6 أبريل سنة 1950 مجل التشريع والقضاء 2 رقم 12 ص 211 )  . وقضت محكمة النقض – فى عهد التقنين المدنى السابق حيث لم يكن يوجد نص يقابل المادة 249 – بأن الإعسار هو حالة قانونية تستفاد من أن أموال الشخص ليست كافية للوفاء بديونه المستحقة عليه  . وهو بهذا المعنى لا يقوم على نفى مطلق يتعذر إثباته ، بل يقوم على أمر واقع له علاماته التى تشهد عليه  . على أن المقرر فى الإثبات أنه إذا كانت الواقعة المدعاة سلبية وكانت منضبطة النفى ، كان على مدعيها إثبات خلافها متى أمكنه تحويلها إلى قضية موجبة  . فإذا لم يكن ذلك ممكناً ، أو كانت الواقعة غير منضبطة النفى ، فإن مدعيها يعتبر عاجزاً عن إثبات دعواه ( نقض مدنى 31 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 33 ص 80 )  .

هذا وإذا كان المدين هو الذى طلب شهر إعساره نفسه – كما سيأتى – فإقراره بالإعسار حجة عليه ، إلا إذا ثبت للقاضى أنه قصد بالإقرار التحايل  .

( [26] ) وهذا بخلاف الحكم ؟؟؟؟؟ نظرية الظروف الطارئة ، حيث تنص المادة 147 فقرة 2 على ضرورة أن تطرأ حوادث استثنائية عامة تجعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين  .

( [27] ) الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 150 ص 210 – وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ”  .  .  . للقاضى سلطة رحبة الحدود ، تتيح له تقدير جميع ظروف المدين ، وأخذه بالشدة أو اصطناع الرفق فى معاملته ، وفقاً لأحواله العامة والخاصة  . وقد يكون فى الأحوال العامة ما ينهض لمصلحة المدين ، كما لو عرضت له عسرة موقوتة فى خلال أزمة اقتصادية شاملة  . ويراعى من ناحية أخرى أن لأحوال المدين الخاصة النصيب الأوفى فى توجيه الحكم على مركزه ، فمن ذلك مثلاً كفايته الشخصية ( وهى التى يتوقف عليها إلى حد بعيد تقدير ما يرجى له من فرص التوفيق فى مستقبله ) ، وسنه ، وحرفته ، ومركزه الاجتماعى ، ومصالح دائنيه المشروعة ، مدى مسئوليته عن إعساره ، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر فى حالته المادية ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 662 – ص 663 )  .

( [28] ) الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 47  .

( [29] ) وتقول المادة 270 من التقنين المدنى العراقى : ” إذا خاف غرماؤه ضياع ماله ، أو خافوا أن يخفيه ، أو أن يجعله باسم غيره ”  .

( [30] ) ونرى أنه حتى لو لم يوجد للمدين إلا دائن واحد ، فإن هذا الدائن يستطيع أن يرفع دعوى شهر الإعسار ، وذلك حتى يغل يد المدين من التصرف فى أمواله ، مع تعريضه للعقوبة الجنائية  . وإذا جاز للدائن الواحد أن يشهر إفلاس مدينة ( انظر الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 168 ص 219 – ص 221 ) ، مع تعقد إجراءات الإفلاس وخطر نتائجه ، فأولى أن يجوز للدائن الواحد أن يشهر إعسار مدينه ، وله فى ذلك مصلحة واضحة  .

( [31] ) والدائن ذو الحق المؤجل لا يتمسك ، فى شهر إعسار المدين ، بحقه هو لأنه غير حال ، وإنما يتمسك بحق حال ، ولو لدائن آخر ، لا تكفى أموال المدين لوفائه  . وقد قضت محكمة شبين الكوم الكلية بأن دعوى شهر إعسار المدين لا تجوز إقامتها إلا عند حلول ميعاد الوفاء بالدين ، ولا يجوز رفعها قبل ذلك طبقاً للمادة 249 من القانون المدنى الجديد  . وتقول المحكمة بحق : ” وأما ما تعرضت له المدعية بمذكرتها من أن الأجل يسقط ويصبح الدين مستحق الأداء بالمادتين 255 و 273 ، فمرجعه فى التفسير إلى صدور حكم بالإعسار ، ونص المادة 273 صريح فى ذلك ” ( شبين الكوم الكلية 23 نوفمبر سنة 1953 المحاماة 31 رقم 390 ص 1375 )  .

( [32] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى للتقنين المدنى الجديد فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 673  .

( [33] ) ويجوز للمدين أن يطلب شهر إعسار نفسه بدعوى يرفعها ابتداء أمام المحكمة الابتدائية التى يتبعها موطنه ، ويكون دائنوه هم الخصوم فى هذه الدعوى  . وهذا بخلاف شهر المدين التاجر إفلاس نفسه ، فقد ورد فيه نص خاص ، إذ قضت المادة 197 من التقنين التجارى بأن ” الحكم بإشهار الإفلاس بناء على طلب المدين المفلس يكون بمجرد تقديمه تقريراً إلى قلم كتاب المحكمة الكائن محله فى دائرة اختصاصها بأنه وقف عن دفع ديونه ”  .

( [34] ) لا سيما – كما يقول الأستاذ محسن شفيق ( الإفلاس فقرة 30 ص 55 ) – أن تخويل المحكمة حق شهر الإفلاس من تلقاء نفسها خروج على القواعد العامة ، ومحل انتقاد بعض الفقهاء  .

( [35] ) تاريخ النصوص :

م 252 : ورد هذا النص فى المادة 337 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد  . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 264 فى المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 252 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 669 )  .

م 253 : ورد هذا النص فى المادة 338 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” على كاتب المحكمة أن يقيد الأحكام الصادرة بإشهار الإعسار ، يوماً فيوماً ، فى سجل عام يرتب بحسب أسماء المعسرين ، وطبقاً لما يقضى به نظام الفهارس  . وعليه أن يؤشر فى هامش القيد المذكور بكل حكم يصدر بتأييد أو إلغاء حكم سابق ”  . وفى لجنة المراجعة أضيفت فقرة ثانية إلى النص على الوجه الآتى : ” وعليه أيضاً أن يرسل إلى قلم كتاب محكمة مصر صورة الأحكام لقيدها فى سجل عام ينظم وفقاً لقرار يصدر من وزير العدل ” ، وأصبح رقم المادة 265 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب  . وفى لجنة مجلس الشيوخ رؤى وجوب أن يكون تسجيل صحيفة الدعوى وقيد الحكم فى محكمة واحدة ، ووجوب البدء بالكلام على تسجيل صحيفة الدعوى طبقاً للترتيب الطبيعى ، وهذا إجراء تستلزمه حماية مصالح الغير  . فعدل النص على الوجه الذى استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقم المادة 253  . ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 670 – ص 672 )  .

م 254 : ورد هذا النص فى المادة 339 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 266 فى المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 254 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 673 – ص 674 )  .

( [36] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى : م 253 – 254 ( مطابقتان للمادتين 253 و 254 من التقنين المدنى المصرى ، فيما عدا أن كاتب محكمة موطن المدين المعسر ، فى التقنين السورى ، يرسل إلى ديوان وزارة العدل – لا إلى محكمة العاصمة كما فى التقنين المصرى – صورة التسجيلات والتأشيرات لإثباتها فى سجل عام  . ولا مقابل فى التقنين السورى للمادة 252 من التقنين المصرى وهى المادة التى تقصر مواعيد المعارضة والاستئناف )  .

التقنين المدنى العراقى م 271 فقرة 2 : ويجوز لأى دائن بمقضتى هذا الحكم ( حكم الحجر على المدين المعسر ) أن يحصل من دائرة الإجراء على قرار بحجز جميع أموال المدين المحجور من عقارات ومنقولات وديون فى ذمة الغير ، عدا الأموال التى لا يجوز حجزها  . ويبقى الحجز على أموال المدين قائماً لمصلحة جميع الدائنين حتى ينتهى الحجر  .

فقرة 3 : ويقام المدين نفسه حارساً على أمواله المحجوز عليها ، إلا إذا قضت الضرورة بغير ذلك  .

( ويتبين من نصوص التقنين العراقى أنه لا يكفى الحكم بحجر المدين وشهر هذا الحكم ، بل يجب أيضاً أن يتبع ذلك حجز كل أموال المدين لمصلحة جميع الدائنين  . ويقام المدين ، بقدر الإمكان ، حارساً على أمواله ، حتى يكون مسئولاً عن تبديدها – انظر الدكتور حسن على الزنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 101 )  .

( [37] ) انظر عكس ذلك الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 29 – وانظر فى أن الحكم كاشف لا منشئ شلى الحالة الحاضرة للقانون المدنى الفرنسى حيث لم ينظم الإعسار ولم يجعل شهره موكولاً إلى حكم : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 813  .

( [38] ) انظر الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 29  .

( [39] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 673 – ص 674  .

وغنى عن البيان أنه لا يزال هناك احتمال ألا يخبر المدين كاتب المحكمة بتغيير موطنه وألا يعلم الكاتب عن طريق آخر بهذا التغيير ، فلا يستطاع الاهتداء على حال المدين فى موطنه الجديد  . ومن أجل ذلك كان المشروع التمهيدى ( م 348 منه ) ينص على عقوبة المدين الذى شهر إعساره بعقوبة التبديد ؟؟؟؟؟ حالة ما إذا غير بطريق الغش موطنه دون أن يوجه الإخطار اللازم إلى كاتب المحكمة ، وترتب على التغيير ضرر لدائنيه  . ولكن لجنة المراجعة رأت عدم التوسع فى العقوبات ، فحذفت هذه العقوبة  . وسنرى أن المادة 257 مدنى تقضى بأنه متى سجلت صحيفة دعوى الإعسار فلا يسرى فى حق الدائنين أى تصرف للمدين يكون من شأنه أن ينقص من حقوقه أو يزيد فى التزاماته ، كما لا يسرى فى حقهم أى وفاء يقوم به المدين  . وكان المشروع التمهيدى لهذه المادة ( م 344 من المشروع ) يضيف في اخر النص العبارة الاتية : ” كل ذلك دون اخلال بحقوق الغير الذين لم يكن في استطاعتهم أن يعلموا بحالة الإعسار ”  . وجاء في المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذه العبارة ما يأتي : ” و لا يرد على هذه القاعدة إلا استثناء واحد ، يعرض في النادر ، حيث يمتنع على الغير العلم بإعسار المدين من جراء عدم تسجيل حكم شهر الإعسار في قلم كتاب المحكمة ، بسبب تغيير المدين لمحله غشاً ”  . ولكن العبارة حذفت في لجنة المراجعة ، وبذلك لم يد لتغيير المدين لمحل موطنه غشاً جزاء خاص ، جنائي او مدني ، وترك الأمر الى القواعد العامة ، فيكون المدين الذي غير موطنه غشاً هو المسئول أمام من تصرف له ، مع اعتبار التصرف غير سار في حق الدائنين  . انظر مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 680 – ص 682  .

([40])  ولا يزال هذا السجل العام لم يتم تنظيمه حتى الآن ، ولم يصدر قرار من وزير العدل بذلك – هذا ولا توجد وسائل إعلان لحكم شهر الإعسار غير ما قدمناه ، ولم يوجب القانون اللصق أو الإعلان في الصحف ، وهي إجراءات إن جازت في المعاملات التجارية لما للاعلان عن الحكم من أهمية في هذه المعاملات ، فهي لا ضرورة لها في التعامل المدني  . على أن الإعلان عن حكم الإعسار – ولو عن طريق تنظيم سجلات لذلك في اقلام كتاب المحاكم – ضروري لتحديد مركز المدين من دائنيه ومركز الدائنين بعضهم من بعض ، لا سيما بالنسبة إلى الإجراءات الفردية التي قد يتخذها بعض الدائنين  .

( [41] ) تاريخ النصوص :

م 257 : ورد هذا النص فى المادتين 344 و 345 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” م 344 – متى سجلت صحيفة دعوى الإعسار ، فلا يسرى فى حق الدائنين أى تصرف للمدين يكون من شأنه أن ينقص من حقوقه أو يزيد فى التزاماته ، كما لا يسرى فى حقهم أى وفاء يقوم به المدين ، كل ذلك دون إخلال بحقوق الغير الذين لم يكن فى استطاعتهم أن يعلموا بحالة الإعسار ”  . م 345 : ” 1 – غير أنه يجوز للمدين ، بموافقة أغلبية من الدائنين تمثل ثلاثة أرباع الديون ، أن يبيع كل ماله أو بعضه ، على أن يخصص الثمن لوفاء ديونه  . 2 – فإذا لم يتفق الجميع على طريقه توزيع هذا الثمن ، تعين إيداعه خزينة المحكمة حتى يوزع وفقاً لإجراءات التوزيع ” – وفى لجنة المراجعة حذفت المادة 345 ، وحذف من المادة 344 العبارة الأخيرة وهى : ” كل ذلك جون إخلال بحقوق الغير الذين لم يكن فى استطاعتهم أن يعلموا بحالة الإعسار ” ، ما دام هناك جهة مركزية موحدة لشهر أحكام الإعسار  . فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين الجديد ، وأصبح رقمه 269 فى المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 257 ( مجموعة العمال التحضيرية 2 ص 680 وص 682 )  .

م 258 : ورد هذا النص فى المادة 346 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” ويجوز أيضاً للمدين أن يتصرف فى ماله ولو بغير رضاء الدائنين ، على أن يكون ذلك بثمن المثل وأن يقوم المشترى بإيداع الثمن خزينة المحكمة ليستوفى الدائنون منه حقوقهم ”  . وفى لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً وأضيفت إلى فقرة ثانية ، فأصبح مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين الجديد ، وصار رقمه 270 فى المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 258 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 683 – ص 684 )  .

م 259 : ورد هذا النص فى المادة 347 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق تقريباً لما استقر عليه فى التقنين الجديد  . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 271 فى المشروع النهائى  . ثم وافق عليه مجلس النواب بعد تحويرات لفظية جعلته مطابقاً كل المطابقة  . ثم وافق عليه مجلس الشيوخ تحت رقم 259 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 685 – ص 687 )  .

م 260 : ورد هذا النص فى المادة 348 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” يعاقب المدين الذى أشهر إعساره بعقوبة التبديد فى الحالات الآتية : ( أ ) إذا رفعت عليه دعوى بدين ، فتعمد الإعسار غشاً وانتهت الدعوى بصدور حكم عليه بالدين : ( ب ) إذا كان بطريق الغش ، وبعد الحكم بإشهار إعساره ، قد آثر دائناً على آخر ، أو أخفى بعض أمواله ليحول بين الدائنين والتنفيذ عليها ، أو ادعى لنفسه ديوناً صورية أو ديوناً مبالغاً فيها  . ( ج ) إذا غير بطريق الغش موطنه ، وترتب على هذا التغيير ضرر لدائنيه  . وفى لجنة المراجعة حذفت الفقرة ( ج ) ولعدم التوسع فى العقوبات ، وأصبحت المادة رقمها 272 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب  . وفى لجنة مجلس الشيوخ أدخلت تعديلات لفظية جعلت النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين الجديد ، وأصبحت المادة رقهما 260 ، ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 688 – ص 690 )  .

( [42] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 257 – 260 ( مطابقة لنصوص التقنين المدنى المصرى )  .

التقنين المدنى العراقى : م 272 – ينفق على المدين المحجور وعلى من لزمته نفقته فى مدة الحجر من ماله  . فإذا أوقع الدائنون الحجز على إيراداته ، كان لرئيس المحكمة المختصة بالحجر أن يقرر للمحجور ، بناء على عريضة يقدمها ، نفقة يتقاضها من إيراداته المحجوزة  .

م 274 – إذا أقر المدين المحجور بدين فلا يعتبر إقراره  . وإذا دفع من ماله ديناً فى ذمته لأحد غرمائه ، فسائر غرمائه استرداد المبلغ الذى دفعه  .

م 276 – يجوز للمدين المحجور ، بموافقة أغلبية من الدائنين تمثل ثلاثة أرباع الديون ، أن يبيع كل ماله أو بعضه ، على أن يخصص الثمن لوفاء ديونه  . فإذا لم يتفق الجميع على طريقة توزيع هذا الثمن ، تعين إيداعه صندوق المحكمة حتى يوزع وفقاً للإجراءات المقررة  .

م 277 – يجوز للمدين ، بإذن من المحكمة ، أن يتصرف فى ماله ولو بغير رضاء الدائنين ، على أن يكون ذلك بثمن المثل وأن يقوم المشترى بإيداع الثمن صندوق المحكمة ليستوفى الدائنون منه حقوقهم  .

( وأحكام هذه النصوص تتفق فى مجموعها مع أحكام نصوص التقنين المصرى ، مع فروق أهمها : ( 1 ) نص التقنين العراقى على عدم نفاذ إقرار الدين المعسر ، ولم يذكر التصرفات الأخرى  . ولكن المفهوم أن تصرفات المدين المعسر ، فى التقين العراقى ، لا تسرى فى حق الدائنين  . كذلك يمكن القول فى التقنين المصرى بعدم نفاذ إقرار المدين المعسر  . ( 2 ) نص التقنين العراقى على جواز أن يصفى المدين المعسر أمواله كلها أو بعضها بموافقة أغلبية من الدائنين  . وقد كان هذا النص موجوداً فى المشروع التمهيدى للتقنين المصرى ، ولكن حذفته لجنة المراجعة  . ( 3 ) اشترط التقنين العراقى إذن المحكمة لتصرف المدين المعسر فى المال بثمن المثل ، وهذا الشرط لم يرد فى التقنين المصرى  . ( 4 ) لم يرد فى التقنين العراقى ذكر لعقوبات جنائية توقع على المدين المعسر إذا صدرت منه أعمال معينة ، كما ورد ذلك فى التقنين المصرى  . ويقول الأستاذ حسن على الذنون ( أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى ص 102 ) أن فى نصوص قانون العقوبات البغدادى ما أغنى عن وضع نص مماثل للمادة 260 من التقنين المدنى المصرى ، إذ تنص المادة 273 من قانون العقوبات على أن ” كل من عهد إليه منقول ملك للغير بأية كيفية كانت ، أو سلمه لأى غرض كان ، فاستلمه لنفسه أو لفائدته أو لمنفعة أو لفائدة شخص آخر  .  .  . يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنين وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ”  . وتنص المادة 274 – وهى المادة المقصودة – على ما يأتى : ” وتنطبق هذه العقوبات أيضاً على مالك الأشياء المحجوز عليها إدارياً أو قضائياً الذى عهدت إلى هذه الأشياء بصفته حارساً عليها الخ ”  . ويلاحظ أن التقنين المصرى حدد أعمالاً أخرى يعاقب عليها ، غير تبديد الحارس للأموال التى فى حراسته ، وذلك كتعمد الإعسار واصطناع الديون ( انظر فى شرح نصوص التقنين المدنى العراقى الأستاذ حسن على الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 104 وفقرة 106 وفقرة 108 )  .

( [43] ) كذلك لا تقع المقاصة إذا لم تتحقق شروطها إلا بعد تسجيل صحيفة دعوى الإعسار ، فإن الدائنين منذ تسجيل هذه الصحيفة قد كسبوا حقاً فى أموال مدينهم ، وتنص الفقرة الأولى من المادة 367 مدنى على أنه ” لا يجوز أن تقع المقاصة إضراراً بحقوق كسبها الغير ” – والتاريخ العرفى لتصرف المدين حجة على الدائن ، إلى أن يثبت الدائن أن هذا التاريخ قد قدم ، وإنه فى الحقيقة لا حق لتسجيل صحيفة دعوى الإعسار فلا يسرى التصرف فى حقه  .

( [44] ) ولكن الامتناع عن زيادة الحقوق أو إنقاص الالتزامات يصح ، كما هى الحال فى الدعوى البولصية  .

( [45] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 681  .

( [46] ) ولا يستطيع المتصرف له أن يشكو من هذه الحالة ، فقد كان يستطيع أن يتبين حالة المدين قبل أن يصدر منه التصرف ، فيعلم من الاطلاع على السجل الخاص ، أو السجل العام فى محكمة مصر الابتدائية ، أن المدين فى حالة إعسار وأن تصرفاته لا تنفذ فى حق دائنيه  . يبقى احتمال أن يكون المدين قد غير موطنه دون أن يخطر كاتب المحكمة ، فلم يستطع الغير الذى تعامل معه أن يعلم بشهر إعساره من سجل المحكمة التى يتبعها موطنه الجديد ، ولم يكلف نفسه عناء البحث فى السجل العام فى محكمة مصر  . هنا كان المشروع التمهيدى ، كما قدمنا ، يحفظ حقوق الغير ، ولكن حذف هذا الحكم فى لجنة المراجعة ، فأصبح التصرف حتى فى هذه الحالة لا ينفذ فى حق الدائنين ، ولا يكون للغير إلا الرجوع على المدين المعسر بالضمان ، وهذا رجوع ليست له قيمة كبيرة لإعسار المدين ( انظر آنفاً فقرة 705 فى الهامش )  . وقد يقال فى تبرير هذا الحكم إن الغير قد أهمل ، فقد كانت عنده وسيلة لمعرفة إعسار المدين وهى الرجوع إلى السجل العام فى محكمة مصر الابتدائية  .

( [47] ) وقد يكون تصرف المدين المعسر قرضاً أو أى تصرف آخر يجعله مديناً للمتصرف له ، فلا يسرى هذا التصرف أيضاً فى حق الدائنين  . ويترتب على ذلك أن الدائنين السابقين على الإعسار يتقدمون على الدائنين التاليين للإعسار ، ويستوفى الأولون حقوقهم من أموال المدين قبل الآخرين  .

( [48] ) وعند الخلاف فى تقدير ثمن المثل يرجع إلى رأى الخبراء ( انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 683 )  .

( [49] ) ونظير هذا الاستثناء ما نصت عليه المادة 241 مدنى فى الدعوى البولصية من أنه ” إذا كان من تلقى حقاً من المدين المعسر لم يدفع ثمنه ، فإنه يتخلص من الدعوى متى كان هذا الثمن هو ثمن المثل ، وقام بإيداعه خزانة المحكمة ” ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 152 ص 214 )  .

( [50] ) وكان المشروع التمهيدى يتضمن استثناء آخر ورد فى المادة 345 من هذا المشروع ، يجيز للمدين بموافقة أغلبية من الدائنين تمثل ثلاثة أرباع الديون أن يبيع كل ماله أو بعضه ، على أن يخصص الثمن لوفاء ديونه  . وقد كان هذا ضرباً من التصفية يشبه التصفيقة فى الإفلاس التجارى  . ولكن هذا الاستثناء حذف فى لجنة المراجعة ( انظر آنفاً فقرة 707 فى الهامش )  .

( [51] ) وهذا شبيه بالإفلاس بتدليس أو بتقصير ، حيث يكون التاجر المفلس عرضه للعقوبة الجنائية  . ولكن الإعسار ، بخلال الإفلاس ، لا يترتب عليه سقوط بعض الحقوق السياسية عن المعسر كحقه فى الانتخاب أو الترشيح للمجالس النيابية  .

( [52] ) ونرى أن الدائن الصورى إذا كان متواطئاً مع المدين ، بأن كان عالماً يشهر إعساره وأنه إنما أراد الإضرار بدائنيه ، يعتبر شريكاً للمدين فى الجريمة ، ويعاقب مثله بعقوبة التبديد  .

( [53] ) ونرى أيضاً فى هذه الحالة أنه إذا كان الدائن الذى بالغ فى قيمة دينه متواطئاً مع المدين المعسر على النحو الذى قدمناه فى الصورية ، فإنه يعتبر شريكاً له ، ويعاقب مثله عقوبة التبديد  . وغنى عن البيان أن الدائنين هم المكلفون بإثبات كل من الصورية والمبالغة فى مقدار الديون ، ويستطيعون الإثبات بجميع الطرق لما يلابس العمل من غش  .

( [54] ) وقد قدمنا أن المشروع التمهيدى كان يتضمن حالة ثالثة يعاقب فيها المدين المعسر بعقوبة التبديد ، هى حالة ما إذا غير موطنه ولم يخطر كاتب المحكمة بالتغيير غشاً ، ولكن لجنة المراجعة حذفت هذه الحالة حتى لا تتوسع فى توقيع العقوبات الجنائية ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 688 – ص 689 – وانظر آنفاً فقرة 707 فى الهامش )  .

( [55] ) انظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 685 – ص 686  .

( [56] ) تاريخ النصوص :

م 255 : ورد هذا النص فى المادتين 340 و 341 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد  . وفى لجنة المراجعة أدمجت المادتان فى مادة واحدة ، وأصبح رقمها 267 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 255 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 675 – ص 677 )  .

م 256 : ورد هذا النص فى المادتين 342 و 343 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد  . وأدمجتا فى لجنة المراجعة فى مادة واحدة تحت رقم 268 من المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب  . وفى لجنة مجلس الشيوخ قال أحد الأعضاء إن استبقاء الإجراءات الفردية للدائنين بعد شهر الإعسار يفقد نظام الإعسار قيمته ، ولكن اللجنة آثرت استبقاء نظام الإعسار على هذا الوجه من الإجراءات الفردية ، وفضلت ذلك على الإجراءات الجماعية المتبعة فى الإفلاس التجارى  . ووافقت اللجنة على النص كما هو تحت رقم 256  . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما أقرته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 678 – ص 680 )  .

( [57] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 255 – 256 ( مطابقتان للمادتين 255 و 256 من التقنين المدنى المصرى )  .

التقنين المدنى العراقى م 273 ( موافقة للمادة 255 من التقنين المدنى المصرى )  .

م 275 – يجوز لكل دائن ، بعد الحكم بالحجز ، أن يتخذ باسمه خاصة ما يلزم من الإجراءات لاستخلاص حقه ، مع عدم الإخلال بما لسائر الدائنين من مصلحة تعلقت بالحجز على أموال المدين  . ( وحكم هذا النص موافق لحكم الفقرة الأولى من المادة 256 من التقنين المدنى المصرى  . ولم يعرض التقنين العراقى لعدم نفاذ حقوق الاختصاص لأنه لا يعرف هذه الحقوق – انظر الدكتور حسن على الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 105 وفقرة 107 )  .

( [58] ) تاريخ النصوص :

م 261 : ورد هذا النص فى المادتين 349 و 350 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدى كان يتضمن حالة ثالثة لانتهاء الإعسار بموجب حكم قضائى : ” متى قبل الدائنون أو بعضهم إبراء المدين من بعض ديونه بحيث لا يزيد الباقى فى ذمته من الديون على ما عنده من مال ” ، وفيما عدا أن المشروع التمهيدى لم يكن ينص على إرسال صورة من حكم إنهاء حالة الإعسار إلى قلم كتاب محكمة مصر  . وفى لجنة المراجعة أدمجت المادتان فى مادة واحدة ، وحذفت الحالة الثالثة المشار إليها لدخولها فى الحالة الأولى ، وأضيف النص على إرسال صورة الحكم إلى قلم كتاب محكمة مصر ، فأصبحت المادة مطابقة لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمها 273 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 261 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 691 – ص 693 )  .

م 262 : ورد هذا النص فى المادة 351 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين الجديد  . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 274 فى المشروع النهائى  . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 262 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 694 – ص 695 )  .

( [59] ) التقنينات المدينة العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 261 ( مطابقة للمادة 261 من التقنين المدنى المصرى ، فميا عدا أن نص التقنين السورى أغفل أن يذكر إرسال صورة الحكم بإنهاء الإعسار إلى ديوان وزارة العدل )  .

م 262 ( مطابقة للمادة 262 من التقنين المدنى المصرى )  .

التقنين المدنى العراقى : م 278 – ينتهى الحجر بحكم تصدره محكمة البداءة ، بناء على طلب كل ذى شأن ، فى الحالات الآتية : 1 – متى ثبت أن ديون المدين أصبحت لا تزيد على أمواله  . 2 – متى قبل الدائنون أو بعضهم إبراء المدين من بعض ديونه بحيث يصبح الباقى فى ذمته من الديون لا يزيد على ما عنده من مال  . 3 – متى قام الدين بوفاء يدونه التى حلت دون أن يكون للحجر أثر فى حلولها ، وفى هذه الحالة تعود آجال الديون التى حلت بالحجر إلى ما كانت عليه من قبل ، بشرط أن يكون المدين قد وفى جميع أقساطها التى حلت  . 4 – متى انقضت ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم الصادر بالحجر  . ( ويختلف هذا النص عن نص التقنين المصرى فى أمرين : 1 – بقيت فى التقنين العراقى حالة إبراء المدين من بعض الديون ، وكانت موجودة كما رأينا فى المشروع التمهيدى للتقنين المصرى ولكنها حذفت فى لجنة المراجعة لدخولها فى الحالة الأولى كما تقدم القول  . 2 – فى انتهاء الإعسار بانقضاء مدة معينة ، يختلف التقنين العراقى عن التقنين المصرى فى أن التقنين العراقى يستلزم حكماً بإنهاء الإعسار ويكتفى بانقضاء ثلاث سنوات ، أما التقنين المصرى فلا يستلزم حكماً فى هذه الحالة بل ينتهى فيه الإعسار بقوة القانون ولكنه يتطلب خمس سنوات لا ثلاثاً  . قارن الدكتور حسن على الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 108 ، وانظر فقرة 109 )  .

( [60] ) انظر فى هذه الحالة فى المشروع التمهيدى للتقنين المدنى ، وقد حذفت كحالة مستقلة لأنها لا تعدو أن تكون تطبيقاً للحالة الأولى كما نرى ( انظر آنفاً فقرة 716 فى الهامش )  .

المصدر-  توكيل محامي

( [61] ) وذلك فى مقابل أن الديون التى سقطت آجالها بسبب شهر الإعسار ستعود ديوناً مؤجلة كما كانت  .

( [62] ) أما إذا كان دينه قد حل فعلاً بانقضاء أجله ، وأريد إنهاء حالة الإعسار بتوفية الديون الحالة ، فإنه لا يتصور أن يكون الدائن الذى حل دينه هو الذى يطلب ذلك ، لأنه يكون قد استوفى دينه قبل أن يتقدم بهذا الطلب  .

هذا ويصح أن يطلب إنهاء الإعسار من تصرف له المدين المعسر ، فإن هذا التصرف ، وإن كان لا يسرى فى حق الدائنين ، يبقى قائماً فيما بين المدين ومن تصرف له كما قدمنا  . فيستطيع المتصرف له ، بإنهاء حالة الإعسار ، الرجوع على المدين وهو غير معسر  .

( [63] ) انظر فى طرق انتهاء حالة الإعسار القانونى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 698 ص 699 – وقد جاء فى المذكرة ، فى شأن الحكم الصادر بانتهاء حالة الإعسار ، ما يأتى : ” وتتبع فى الحكم بانتهاء حالة الإعسار  .  .  . نفس الإجراءات الخاصة بحكم شهر الإعسار  . فهو يصدر من المحكمة الابتدائية التى يقع فى دائرتها آخر محل ( موطن ) للمدين – ولا يتحتم صدوره من المحكمة التى أصدرت حكم شهر الإعسار  . بناء على طلب كل ذى شأن ( المدين أو الدائن أو خلف آل إليه مال من المدين )  . ويقبل الطعن فيه بالطرق نفسها ، ولكن فى المواعيد العادية ، لأن المدد القصيرة لا يلجأ إليها إلا حيث تقتضى ذلك ضرورة الاستعجال عند شهر الإعسار  . ويسجل هذا الحكم إدارياً فى اليوم الذى يصدر فيه فى هامش تجيل حكم شهر الإعسار ، وبهذا تتم العلانية الواجبة له بالنسبة لذوى الشأن كافة ( م 350 من المشروع ) ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 699 )  .

( [64] ) تاريخ النصوص :

م 263 : ورد هذا النص فى المادة 352 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” يجوز للمدين بعد انتهاء حالة الإعسار ، أو 3 بعد وفاء الديون التى حلت دون أن يكون لإشهار الإعسار ولم يتم دفعها ، إلى أجلها السابق ، بشرط أن يكون قد وفى جميع أقساطها التى حلت ”  . وفى لجنة المراجعة حذفت عبارة ” أو بعد وفاء الديون التى حلت دون أن يكون لإشهار الإعسار أثر فى حلولها ” ، لأنها وردت فى الحالة ( ب ) من المادة 349 ( م 261 من التقنين الجديد )  . وأصبحت المادة رقمها 275 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب  . وفى لجنة مجلس الشيوخ ” استبدلت عبارة : ” قد وفى ديونه التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها ” بعبارة : ” قد وفى جميع أقساطها التى حلت ” ، لأن العبارة الأولى أوضح وأدق فى بيان المقصود ، فضلا عما فى العبارة الثانية من إيهام قد يوحى بأن ما وقع عليه الوفاء هو أقساط الديون التى كانت قد حلت بسبب شهر الإعسار مع أن المقصود غير ذلك  . وأصبحت المادة رقمها 263  . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 696 – ص 697 )  .

م 264 : ورد هذا النص فى المادة 353 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” ليس للدائنين أن يطعنوا فيما يقوم به المدين بعد انتهاء حالة الإعسار من تصرف فى ماله أو من وفاء لديونه ، غلا إذا انطوى هذا التصرف أو الوفاء على الغش ، وبالقدر الذى يمسح به القانون ”  . وفى لجنة المراجعة عدلت المادة تعديلاً أكثر دلالة على المعنى المراد ، فأصبحت مطابقة لما استقرت عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقهما 276 فى المشروع النهائى  . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 264 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 698 – ص 700 )  .

( [65] ) التقنينات المدينة العربية الأخرى : التقنين المدنى السورى م 263 – 264 ( مطابقتان لنص المادتين 263 – 264 من التقنين المدنى المصرى )  .

التقنين المدنى العراقى : م 279 – يكون للمدين الحق ، بمقضى الحكم الصادر بانتهاء الحجر ، أن يحصل من دائرة الإجراء على قرار برفع الحجز الموقع على أمواله بسب بالحجر ، وهذا دون إخلال بما اتخذه من كل دائن من الإجراءات على أموال المدين باسمه خاصة ولمصلحته وحده  .

( ويلاحظ أن التقنين العراقى ينهى حالة الإعسار بطريقة تتفق مع توقيع الحجز بعد الحجر ، فالمدين يحصل من دائرة الإجراء على قرار برفع الحجز  . ويحتفظ لكل دائن بما يكون قد سبق له اتخاذه من إجراءات فردية  . ولم يعرض التقنين العراقى لعودة الأجل الساقط  . كذلك لم يعرض الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية ، ولكن ما عرض له التقنين المصرى من ذلك ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة – انظر الأستاذ حسن على الذنون فى أحكام الالتزام فى القانونى المدنى العراقى فقرة 110 )  .

( [66] ) وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا المعنى ما يأتى : ” ابتداء من تاريخ تسجي لصحيفة دعوى الإعسار لا ينفذ أى اختصاص يرتب على عقارات المدين فى حق دائنيه ذوى الديون الثابتة التاريخ قبل هذا التسجيل  . وقد أريد بهذا النص ضمان المساواة بين الدائنين السابقة حقوقهم على تلك الدعوى ، على نحو يقيلهم من عناء التزاحم والتدافع  . ويكون لحق الاختصاص ، فيما عدا ذلك ، جدواه بالنسبة للدائنين من أصحاب الحقوق السابقة على الدعوى ، فيما لو انتهت حالة الإعسار ( م 349 من المشروع )ن فلمن يحصل منهم على هذا الحق أن يحتج به على من تنشأ ديونهم بعد انتهاء حالة الإعسار ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 678 – ص 689 )  . وقارن ما جاء فى المذكرة الإيضاحية فى موضع آخر : ” ويلاحظ من ناحية أخرى أن رخصة الاختصاص بعقارات المدين تعود إليهم ، ويكون ما ترتب من الحقوق بمقتضاها نافذاً فى حق كل دائن ليس لدينه تاريخ ثابت عند رفع دعوى شهر الإعسار ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 699 )  .

وانظر الأستاذ عبد الحى حجازى 3 ص 226 – واقرن الأستاذ محسن شفيق فى الإفلاس فقرة 44  .

( [67] ) وهذا ما لم يكن قد أعسر مرة أخرى فى الفترة التى سبقت انقضاء الأجل ، فعند ذلك تجوز العودة إلى شهر إعساره من جديد  .

( [68] ) قارن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية ص 699 – ص 700 – وهى تشرح المشروع التمهيدى قبل تعديله فى لجنة المراجعة  .

( [69] ) ويتحقق ذلك إذا كان زوال حالة الإعسار القانونى قد تم بسبب وفاء الديون التى حلت دون أن يكون لشهر الإعسار أثر فى حلولها ، فقد لا يكون عند المدين مال يكفى للوفاء بالديون التى عادت إليها آجالها ، فيكون معسراً إعساراً فعلياً  . ويتحقق أيضاً إذا كان زوال حالة الإعسار القانونى قد تم بقوة القانون بانقضاء خمس سنوات ، فقد يبقى المدين بعد انقضاء هذه المدة معسراً إعساراً فعلياً بعد زوال حلة الإعسار القانونى  . بل إنه إذا كان زوال حالة الإعسار القانونى قد تم بسبب كفاية أموال المدين للوفاء بجميع ديونه الحالة والمؤجلة ، أى إذا زال الإعسار القانونى والإعسار الفعلى فى وقت واحد ، فإن المدين قد يعود إلى الإعسار الفعلى دون أن يشهر إعساره القانونى  .

المصدر: محامي في الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s