الشروط الواجب توافرها فى الحق المدعى به


الشروط الواجب توافرها فى الحق المدعى به

363 – شروط ثلاثة : لا يكون للحكم حجية الأمر المقضى إلا إذا توافر أيضاً فى الحق المدعى به شروط ثلاثة :

( أولاً ) اتحاد الخصوم ( identite de personnes ) .

( ثانياً ) اتحاد المحل ( identite d’objet ) .

( ثالثاً ) اتحاد السبب ( identite de cause ) .

وهذا هو ما نصت عليه المادة 405 من التقنين المدنى فيما قدمناه إذ تقول ” ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير فتهم ، وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ( [1] ) ” .

  676  

الطلب الأول

اتحاد الخصوم

364 – الحكم حجة على الخصوم أنفسهم : لا يكون للحكم حجية إلا بالنسبة إلى الخصوم أنفسهم ، فالحكم كالعقد لا يسرى أثره إلا فى حق من كان طرفاً فيه ، ولا يمتد هذا الأثر إلى الغير . فإذا حصل المستأجر على حكم ضد المؤجر بتسليمه العين المؤجرة ، فإن هذا الحكم لا يكون حجة إلا على من كان خصماً فى الدعوى ، أى من المؤجر والمستأجر . أما غير هذين ، كالمشترى للعين المؤجرة ، فلا يكون الحكم حجة عليه ، وله بالرغم من هذا الحكم أن يرفع دعوى على المستأجر يطالبه فيها بالعين إذا لم يكن لعقد الإيجار تاريخ ثابت سابق على البيع . أما المؤجر ، وهو أحد الخصوم فى الحكم ، فلا يستطيع أن يرفع الدعوى من جديد على المستأجر ليطرح نفس النزاع الذى سبق أن فصل فيه الحكم ( [2] ) .

ويرجع اشتراط اتحاد الخصوم فى حجية الأمر المقضى إلى مبدأ حياد القاضى الذى أسلفنا الإشارة إليه ، لا إلى الخشية من تعارض الأحكام . فقد كان يكفى لمنع تعارض الأحكام أن نشترط اتحاد المحل واتحاد السبب ، فيكون الحكم فى مسألة معينة حجة فى نفس المسألة متى اتحد المحل والسبب ، فيكون الحكم فى مسألة معينة حجة فى نفس المسألة متى اتحد المحل والسبب ، ويمتنع بذلك صدور حكم متعارض مع الحكم الأول . ولكننا اشترطنا أيضاً اتحاد الخصوم ، حتى إذا ما اختلف الخصوم لا يكون الحكم حجة ولو مع اتحاد المحل والسبب . ذلك بأن الخصوم فى الحكم الأول هم الذين تقدموا بإثبات ادعاءاتهم ودفوعهم بالطرق التى ارتأوها والتى كانت فى أيديهم ، والقاضى محايد فى كل ذلك ، يترك الخصوم إلى أنفسهم يقوم كل بما يستطيع القيام به لإثبات ما يدعيه . فلا يجوز أن يكون الحكم الذى يصدره فى هذا الجو المحايد حجة على خصوم آخرين لم يدخلوا فى الدعوى الأولى ، ولم يتمكنوا من تقدير ما بأيديهم من وسائل  677  لإثبات ما يدعون . والحقيقة القضائية ليست حقيقة مطلقة ، بل هى حقيقة نسبية كما سبق القول .

365 – وعلى الخصوم بنفس صفاتهم : والمراد باتحاد الخصوم هو اتحادهم قانوناً لا طبيعة . فإذا كان لأحد الخصوم نائب مثله فى الدعوى – وكيل أو وصى أو قيم أو سنديك أو غير ذلك ( [3] ) – فالحك حجة على الأصيل لا على النائب . ولا تمنع هذه الحجية النائب من أن يعود إلى رفع الدعوى من جديد بصفته أصيلاً لا نائباً . فإذا طالب ب بحق ادعاه لابنه بصفته ولياً عليه ، فرفضت دعواه ، فإن هذا الحكم لا يمنع الأب من أن يعود إلى المطالبة بهذا الحق لنفسه هو بصفته أصيلاً ( [4] ) . والحكم على سنديك بهذه الصفة ليس حجة عليه بصفته الشخصية ( [5] ) . والحكم على مستحق فى الوقف ليس حجة على الوقف ذاته ، ولا مقاصة بين حق للوقف ودين على أحد  678  المستحقين ( [6] ) . والحكم على خصم بصفته صاحب الحق المدعى به لا يكون حجة عليه إذا رفع الدعوى من جديد باعتباره متنازلاً له عن هذا الحق من صاحبه ( [7] ) .

  679  

366 – وهو حجة على خلف الخصوم : وليس الحكم حجة على الخصوم وحدهم ، بل هو حجة أيضاً على خلف الخصم ، سواء كان الخلف عاماً أو خاصاً .

فهو حجة على الخلف العام . وتكون له حجية الأمر المقضى بالنسبة إلى ورثة كل من الخصمين ، والموصى لهم بجزء من مجموع التركة . فهؤلاء يكونون محكوماً لهم أو محكوماً عليهم تبعاً لما إذا كان السلف هو الخصم الذى كسب الدعوى أو الخصم الذى خسرها . ولكنهم لا يكنون خلفاً عاماً إلا باعتبار أنهم يتلقون هذا الحق من مورثهم . فلو أن المورث باع عيناً واحتفظ بحيازتها وبحق الانتفاع فيها ، ثم رفع عليه المشترى دعوى يطلب الحكم فيها بصحة البيع ، فحكم له بذلك ، فإن هذا الحكم لا يكون حجة على الورثة الذين يتمسكون بأن البيع حقيقته وصية تزيد على الثلث ، مستندين فى ذلك إلى المادة 917 من التقنين المدنى . ذلك بأن الورثة ، وهم يطعنون فى البيع ، يستعملون حقاً خاصاً بهم لاحقاً تلقوه عن مورثهم ، فلا يكون الحكم الصادر فى مواجهة مورثهم حجة عليهم ( [8] ) .

وهو حجة على الخلف الخاص . ويشترط فى ذلك أن يكون الحكم متعلقاً بالعين التى انتقلت إلى الخلف الخاص ، وأن تكون الدعوى التى صدر فيها الحكم قد رفعت وسجلت صحيفتها قبل انتقال العين إلى الخلف الخاص ( [9] ) . مثل ذلك  680  أن يصدر حكم على مالك ارض بوجود حق ارتفاق على هذه الأرض ، وبعد رفع الدعوى وتسجيل صحيفتها ، يبيع المالك الأرض ، فيكون الحكم فى هذه الحالة حجة على المشترى لأنه الخلف الخاص للبائع ( [10] ) . أما إذا كان تسجيل البيع سابقاً على تسجيل صحيفة الدعوى التى صدر فيها الحكم ، فلا يكون المشترى خلفاً خاصاً ، ولا يكون الحكم حجة عليه ( [11] ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الحم الصادر فى نزاع على ملكية عقار لا يكون نافذاً على من اشتروا وسجلوا عقدهم قبل رفع الدعوى التى صدر فيها هذا الحكم ، لأن من اشتروا قد أصبحوا بعد البيع ذوى حق خاص ، ولم يبق للبائع صفة فى المخاصمة بالنيابة عنهم بشأن هذا الحق ، وعلى ذلك فلا يكون للحكم الصادر فى دعوى تثبيت الملكية ضد البائع حجية الأمر المقضى بالنسبة إلى المشترى ( [12] ) . وعلى العكس من ذلك ، إذا  681  وقع شخص دعوى استحقاق على المشترى دون إدخال البائع خصماً فى الدعوى وحكم للمدعى بالاستحقاق ، فإن هذا الحكم لا يكون حجة على البائع ( [13] ) .

367 – كما هو حجة على الدائنين : ويكون الحكم حجة أيضاً على  682  دائني الخصم . فإذا صدر حكم علي شخص باستحقاق العين التي وضع يده عليها ، فإن هذا الحكم يكون حجة علي دائني هذا الشخص ، ومن ثم لا تعتبر العين مملوكة لمدينهم ، ولا يستطيعون التنفيذ عليها . ويستوي في ذلك أن تكون حقوق الدائنين تالية لرفع دعوي الاستحقاق أو سابقة عليها ( [14] ) . كذلك إذا صدر الحكم في دعوي الاستحقاق لصالح المدين وقضي برفض دعوي المستحق ، فإن هذا الحكم يكون حجة للدائنين .وإذا كان المدين يمثل دائنه في الأحكام التي تصدر عليه أو له ، فإن الدائن علي العكس من ذلك لا يمثل المدين( [15] ) ويترتب علي ذلك أنه إذا رفع الدائن دعوي باسم مدينه ، مستعملا حق المدين وفقا للمادة 235 من التقنين المدني ، فإن الحكم الذي يصدر في هذه الدعوي لا يكون حجة علي المدين ما لم يكن قد أدخل في الدعوي ، وبذلك قضت المادة 235 سالفة الذكر إذ نصت علي أنه ” لا يشترط إعذار المدين لاستعمال حقه ، ولكن يجب إدخاله خصما في الدعوي ” . ولا يكون الحكم كذلك حجة علي الدائنين الآخرين إلا إذا أدخلهم المدعي عليه في الدعوي ( [16] ) .

علي أن تمثيل المدين لدائنه ، في الأحكام التي تصدر عليه ، لا يستقيم في جميع الأحوال . فهناك أحوال ثلاثة يكون الدائن فيها من الغير بالنسبة إلي الحكم الذي يصدر ضد المدين ، ولا يسري هذا الحكم في حقه :

( الحالة الأولي ) إذا تواطأ المدين مع خصمه في الدعوي التي صدر فيها الحكم ضده ، أو تعمد خسارة الدعوي إضراراً بدائنه ، أو أهمل إهمالا جسيما في الدفاع عن حقه . ففي هذه الحالة يحق للدائن أن يطلب اعتباره من الغير ، فلا يسري الحكم في حقه . وهذا ما يفعله الدائن أيضا في الدعوي البولصية عندما يطعن في التصرف الصادر من مدينة إضراراً بحقه . وهو إذا كان يلجأ في اعتبار التصرف غير سار في حقه إلي الدعوي البولصية ، فإنه يلجأ في اعتبار الحكم غير سار في حقه إلي اعتراض الخارج عن الخصومة ( tierce – opposition )  683  وتنص الفقرة الأولي من المادة 450 من تقنين المرافعات علي أنه ” يجوز لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوي حجة عليه ، ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها ، أن يعترض علي هذا الحكم بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهمال الجسيم ” ( [17] ) . وسنري فيما يلي أن الغير الذي لا يسري الحكم في حقه ، كالدائن المتضامين والمدين المتضامين ، يستطيع أيضاً أن يلجأ إلي اعتراض الخارج عن الخصومة ( [18] ) . ولكن هناك فرقا جوهريا بين الدائن والغير . فالحكم الصادر ضد المدين يسري في حق الدائن ، إلي أن يتمكن هذا من إلغائه عن طريق اعتراض الخارج عن الخصومة ، وهو الطريق الوحيد المفتوح أمامه لتحقيق هذا الغرض أما الغير – والحكم لا يسري في حقه – يستطيع أن يتجاهل هذا الحكم دون أن يلجأ إلي اعتراض الخارج عن الخصومة ، ويستطيع أن يرفع دعوي مبتدأة دون أن يحتج عليه بالحكم فهو غير سار في حقه كما قدمنا ( [19] ) .

ويلاحظ أن الدائن ، عندما يطعن في الحكم الصادر ضد المدين باعتراض الخارج عن الخصومة ، إنما يستعمل حقا خاصا به جعله القانون لحمايته ، لا حقا مستمداً من المدين ( [20] ) . وهذا هو أيضا ما يفعل في الدعوي البولصية ، فهو يستعمل حقا خاصا به ، لا حقا مستمداً من المدين ، عندما يطعن في التصرف الصادر من هذا المدين .

( الحالة الثانية ) إذ صدر حكم فيما بين المدين وأحد دائنيه بأن للدائن حق  684  امتياز أو حق أولوية من أي نوع كان . فإن هذا الحكم لا يكون حجة علي بقية الدائنين . ذلك أن التفاصيل ما بين الدائنين أمر يخص هؤلاء الدائنين وحدهم ، ولا يمثلهم فيه المدين . فالدائن الذي لا يدخل خصما في الدعوي لا يكون الحكم بتأخره عن دائن آخر حجة عليه ( [21] ) . بل إن الحكم بصحة الدين الصادر في مواجهة المدين لا يمنع دائنا آخر لنفس المدين من أن يطغي في هذا الدين بالصورية ( [22] ) . والدائن ، وهو يتمسك بصحة الدين أو بحق الأولوية ، إنما يستعمل هنا أيضا حقا خاصا به ، لاحقا مستمداً من المدين ( [23] ) .

( الحالة الثالثة ) الدائن المرتهن لا يمثله المدين ، بالنسبة إلي العين المرهونة ، إذا كان حق الرهن قد أصبح نافذا في حق الغير قبل رفع الدعوي ، فإذا رفعت علي المدين دعوي باستحقاق العين المرهونة ، وكسب المدعي دعواه ، فإن الحكم الصادر باستحقاق العين المرهونة ، وكسب المدعي دعواه ، فإن الحكم الصادر باستحقاق العين لا يكون حجة علي الدائن المرتهن الذي قيد رهنه قبل تسجيل صحيفة دعوي الاستحقاق ، ما لم يكن هذا الدائن قد أدخل خصما في هذه الدعوي . ونري من ذلك أن الدائن المرتهن يعامل ، بالنسبة إلي العين المرهونة ، معاملة الخلف الخاص ( [24] ) .

  685  368 – ولكنه ليس حجة علي الغير : أما غير الخلف العام والخلف الخاص والدائن العادي ، فلا يكون الحكم حجة عليه ( Res inter alios ) ( [25] ) .فالغيرية في الحكم لا تختلف في جوهرها عن الغيرية في العقد ( [26] ) .

ومن الأمثلة علي الغير ، الذي لا يسري في حقه الحكم الصادر ضد المدين ، المالك في الشيوع ، والمدين المتضامن ، والدائن المتضامن ، والكفيل ، والوارث بالنسبة إلي سائر الورثة .

فلو صدر حكم ضد أحد الملاك في الشيوع ، فإن لا يكون حجة علي بقية الملاك في الشيوع الآخرين ما داموا لم يختصموا في الدعوي ( [27] ) .

أما المدينون المتضامنون أو الدائنون المتضامنون ، والكفلاء ولو كانوا متضامنين ( 4 ) ، فإن الحكم الصادر لمصلحة أحد منهم يفيد الباقي ، ولكن الحكم الصادر ضد أحد لا يكون حجة علي الباقين . وقد طبقت المادة 296  686  من التقنين المدني هذا المبدأ علي المدينين المتضامنين ، فنصت علي ما يأتي : ” 1 – إذا صدر حكم علي أحد المدينين المتضامنين ، فلا يحتج بهذا الحكم علي الباقين . 2 – أما إذا صدر الحكم الصالح أحدهم ، فيستفيد منه الباقون ، إلا إذا كان الحكم مبنيا علي سبب خاص بالمدين الذي صدر الحكم لصالحه ” . والأصل في ذلك أن التضامن فيه معني النيابة فيما ينفع لا فيما يضر ( [28] ) .وكالتضامن عدم قابلية الالتزام للتجزئة .

أما الورثة فلا يمثل بعضهم بعضا ، ولا يسري الحكم الصادر في مواجهة أحدهم في حق الباقي ، إلا إذا ثبت أن الوارث قد كان خصما في الدعوي باعتباره ممثلا للتركة . وقد قضت محكمة النقض بأن القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الوارث ينتصب خصما عن باقي الورثة في الدعاوي التي ترفع من التركة أو عليها قد تكون صحيحة ممكنا الأخ بها لو أن الوارث الواحد كان قد خاصم أو خوصم في الدعوي طالباً الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوبا في مواجهته الحكم علي التركة نفسها بكل ما عليها ، أما إذا كانت دعوي الوارث لم يكن مقصوده الأول منها سوي تبرئة ذمته من نصيبه في الدين ، ذلك النصيب المحدد المطلوب منه في الدعوي ، فإن الواحد أنه يعمل لنفسه فقط في حدود هذا النصيب المطلوب منه ولمصلحته الشخصية فقط في تلك الحدود ، لا لمصلحة عموم التركة كنائب شرعي عنها وقائم في الخصومة مقامها ومقام باقي الورثة ( [29] ) .  687  وقد قدمنا أن الغير لا يجبر علي الطعن في الحكم الصادر ضد المدين باعتراض الخارج عن الخصومة ، لأن ها الحكم ليس حجة عليه ولا يسري في حقه ، فهو في غير حاجة إلي مهاجمته . ولكنه مع ذلك يستطيع أن يستبق الحوادث وأن يهاجم هذا لحكم ، فيطعن فيه باعتراض الخارج عن الخصومة ، ويؤكد عن طريق القضاء أنه من الغير بالنسبة إليه فلا يجوز أن يسري في حقه . ولا يشترط لنجاح هذا الطعن إثبات التواطؤ أو الغش أو الإهمال الجسيم كما يشترط لك في نجاح طعن الدائن . وقد قضت الفقرة الثانية من المادة 450 من تقنين المرافعات بذلك إذ نصت علي ما يأتي : ” وكذلك يجوز للدائنين والمدينين المتضامنين وللدائنين والمدينين بالتزام غير قابل للتجزئة الاعتراض علي الحكم الصادر علي دائن أو مدين آخر منهم ” ( [30] ) .  688  بالنسبة إلي أشخاص لم يدخلوا . مثل الحالة الأولي أن يكون الشخص الذي دخل في الدعوي ليس خصما حقيقيا فيها( [31] ) . مثل الحالة الثانية أن يكون الحكم  689  شيئا لحالة مدنية ( etate civil ) ، كالحكم الصادر بتوقيع الحجر فأنه يكون حجية علي الناس كافة ، من دخل الدعوي ومن لم يدخل ، وسيأتي تفصيل ذلك .

المطلب الثاني

اتحاد المحل

369 – العبرة بما طلبه الخصم لا بما لم يطلبه أو بما احتفظ به : ولا يكون للحكم حجية الأمر المقضي إلا بالنسبة إلي المحل ذاته الذي سبق طلبه في الدعوي التي صدر فيها الحكم . فإذا رفعت دعوي جديدة بهذا المحل ذاته ، أمكن دفعها بحجية الأمر المقضي . ويترتب علي ذلك أن الحكم بتعويض عن ضرر يمنع من تجديد المطالبة بالتعويض عن نفس الضرر ، ولكنه لا يمنع من الحكم بتعويض آخر عن ضرر استجد من نفس العمل الضار( [32] ) . وإذا صدر حكم يقضي بصحة عقد إيجار ، فلا يجوز بعد ذلك للمؤجر أو للمستأجر أن يرفع الدعوي من جديد يناقش في حجة هذا العقد . أما إذا صدر للمؤجر باستحقاق الأجرة عن مدة معينة ، فإن هذا الحكم لا يجوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي استحقاق الأجرة عن مدة أخري ، إذ محل الدعوي هنا يختلف عن المحل في الدعوي الأولي ( [33] ) . وإذا قضي في حساب الدين عن مدة مضت ، فلا يجوز الرجوع إلي حساب الدين مرة أخري وإعادة تقدير ريع الأرض المرهونة والموازنة بين هذا الريع والفائدة عن المدة التي قضي في حسابها ( [34] ) .

  690  ووحدة المحل تبقي قائمة ، أيا كانت التغيرات التي تصيب هذا المحل بعد ذلك من نقص أو زيادة أو تعديل ( [35] ) .

والقاعدة في معرفة ما إذا كان محل الدعويين متحداً أن يتحقق القاضي من أن قضاءه في الدعوي الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا تكون هناك فائدة منه ، أو أن يكون مناقضا للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره أو بإنكار حق أقره فيكون هناك حكمان متناقضان ( [36] ) .

والعبرة بطلبات الخصوم التي فصل فيها الحكم . فإذا لم يطلب الخصم الحكم  691  علي المدين وكفيله المتضامن بالتضامن ، فإن الحكم الصادر باعتبار الكفيل غير متضامن لا يمنع من العودة إلي المطالبة بالتضامن ، فإن هذا طلب جديد لم يكن موضوعا للخصومة الأولي ( [37] ) .

كذلك إذا حفظ المدعي لنفسه الحق في بعض الطلبات ، فالحكم فيما قدمه من الطلبات لا يمنعه من رفع دعوي جديدة للمطالبة بما احتفظ به من قبل . وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه إذا طلب المدعي الحكم برد العين المغصوبة ، وحفظ لنفسه الحق في طلب الريع بدعوي علي حدتها ، وحكم المحكمة له بالعين ولم تذكر شيئا من الريع ، وختمت الحكم بقولها ” ورفضت باقي الطلبات ” ، فلا يعتبر هذا الرفض ساريا علي طلب ” حفظ الحق ” وما منا من طلب الريع في المستقبل ، لأن هذا الحق محفوظ للمدعي دون أن تحكم له المحكمة بحفظه ، وتكون عبارة ” رفضت باقي الطلبات ” عبارة زائدة مكتوبة حسب العادة الجارية ولا تأثيرها( [38] ) . وإذا حفظ الحكم الصادر في دعوي التملك لأحد الخصوم الحق في رفع الريع أو بالتعويض ، فذلك لا يعتبر فصلا في المسئولية عن الريع أو التعويض ( [39] ) .

  692  370 – الحكم في شيء حكم فيما يتفرع عنه : والحكم في شيء يعتبر حكما فيه وفيما يتفرغ عنه . فلا يجوز رفع الدعوي من جديد للمطالبة بما يتفرع عن شيء حكم برفضه .

ويترتب علي ذلك أنه إذا صدر حكم برفض الإدعاء بملكيه عين أو برفض الإدعاء بالدين ، فلا يجوز بعد ذلك رفع الدعوي من جديد للمطالبة بريع العين أو بفوائد الدين . وإذا صدر حكم ببطلان سند الدين ، فلا تجوز المطالبة بعد ذلك بقسط جديد غير القسط الذي صدر فيه الحكم السابق . وقد قضت محكمة النقض بأن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت كلية شاملة ، وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق الجزئي المطلوب في الدعوي أو بانتقائه ، فإن هذا القضاء يجوز حجية الأمر المقضي في تلك المسألة الكلية الشاملة بين الخصوم أنفسهم ، ويمنع الخصوم أنفسهم من التنازع بطريق الدعوي أو بطريق الدفع في شأن حق جزئي آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه علي ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو علي انتفائها ( [40] ) .

371 – الحكم في الكل والحكم في الجزء : كذلك إذا كان الكل متكونا من أجزاء تعتبر ، بطبيعتها أو بطريق العادة ، غير متجزئة ، فالحكم في الكل حكم في الجزء ، والحكم في الجزء حكم في الكل .

فإذا حكم برفض دعوي الملك في أرض زراعية بما يتبعها من أبنية وآلات ومواسير ونحو ذلك ، فلا تجوز المطالبة بعد ذلك بملكية شيء من هذه الأشياء التابعة . والحكم بالدين حكم بكل قسط من أقساطه ( [41] ) . والحكم بصحة بيع  693  حجة في بيع كل عنصر من عناصره ( [42] ) .

والحكم في جزء من التركة حجة في جميع أجزائها ( [43] ) . وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه إذا كان المحكوم به جزءاً من كل ، وكان النزاع في ملك هذا الجزء مبنيا علي اعتبار أنه بعض من هذا الكل وعلي اعتبار أن هذا الكل مملوك للمدعي ، وكان الفصل في ملكية هذا الجزء يقتضي البحث في هذا الكل ، وفصلت المحكمة في منطوق حكمها في هذا الجزء فقط باعتبار أنه جزء من كل متنازع عليه بحثت فيه في أسباب حكمها فأن الحكم يتصل بالكل ويكسب بالنسبة إليه حجية الأمر المقضي ، بشرط أن يكون الخصوم قد تنازعوا في ذلك تنازعا جديا وتبادلوا بحثه بحثا دقيقا حقيقيا مقصوداً من جميع نواحيه حتي يكون الحكم الصادر حجة عليهم فيما جعلوا تبادل بحثهم دائراً عليه . فالحكم الصادر في النزاع في ملكية جزء من منزل ، إذ تناول بحث النزاع الخاص بملكية المنزل جميعه بالشرط المتقدم ، يجوز حجية الأمر المضي بالنسبة إلي ملكية المنزل جميعه ( [44] ) .

ومع ذلك فإن الحكم في الكل لا يتضمن حتما الحكم في الجزء . فإذا صدر حكم برفض إدعاء الملكية في أرض ، لم يمنع ذلك من إدعاء الملكية في جزء شائع  694  في الأرض ( [45] ) ، ما لم يكن الحكم السابق قد بت في أن المدعي لا يملك الأرض ولا أي جزء منها ( [46] ) . والحكم برفض إدعاء الملكية لا يمنع من إدعاء حق ارتفاق أو حق انتفاع ( [47] ) .

كذلك الحكم في الجزء لا يتضمن حتما الحكم في الكل . فالحكم برفض إدعاء حق ارتفاق أو حق انتفاع لا يمنع من ادعاء الملكية كاملة . والحكم برفض الفوائد لا يمنع من المطالبة برأس المال ( [48] ) .

372 – الحكم في صفة عارضة : وإذا قضي الحكم في طلب ، وكان قضاؤه هذا يستلزم الفصل في صفة عارضة ( qualite simplement accidentelle ) للخصم ، فلا يكون الحكم حجة في دعوي أخري تثار فيها هذه الصفة من جديد . مثل ذك أن تقضي المحكمة التجارية باختصاصها بنظر نزاع بين شخصين ، علي أساس أن المدعي عليه تاجر . فصفة التاجر التي خلعها الحكم علي المدعي عليه – وهي صفة عارضة – لا تحوز حجية الأمر المقضي في دعوي أخري يطلب فيها نفس المدعي شهر إفلاس نفس المدعي عليه . وللمحكمة في الدعوي الثانية أن ترفض شهر الإفلاس ، علي أساس أن المدعي عليه ليس بتاجر ( [49] ) .

  695  373 – الحكم في الحالة المدنية : والحكم الذي يقر لأحد الخصوم حالة مدنية ( etat civil ) يخضع هو أيضا لحجية الأمر المقضي وما تصطبغ به هذه الحجية من النسبية ( caractere relative ) فلا يكون لهذا الحكم حجية إلا فيما بين الخصوم ، ولا تتعدي حجيته إلي الغير .

وقد كان القضاء الفرنسي إلي عهد قريب يذهب إلي أن هذا الحكم تكون له حجية مطلقة ( erga omnes ) ، فيسري في حق الناس كافة ، خصوما كانوا أو غير خصوم . فإذا خلع الحكم علي شخص صفة الأب أو الأبن أو الزوج أو المحجور أو الوصي أو غير ذلك من الصفات التي تتعلق بالحالة المدنية ، كان الحكم حجة علي جميع الناس في هذه الصفة . ذلك بأن الحالة المدنية لا تقبل التجزئة ( indivisible )ولا يجوز أن تبقي قلقة مضطربة يحتج بها علي بعض دون بعض ( [50] ) . ولكن القضاء الفرنسي عدل أخيرا عن هذا الرأي في حكم له مشهور ( [51] ) . وقرر أن الحكم في الحالة المدنية حجيته هو أيضا نسبية فيما بين الخصوم ، ولا تتعدي هذه الحجية إلي الغير ( [52] ) .

عل أن هناك نوعا من الأحكام تأبي طبيعته إلا أن تكون له حجية مطلقة . وهذه هي الأحكام التي تنشيء الحالة المدنية ( jugements constiutifs detat ) ولا تقتصر علي الكشف عنها . فالحكم بالطلاق ، والحكم بإبطال الزواج ، والحكم بالحجر ، والحكم بتعيين وصي أو قيم ، كل هذه أحكام تنشيء حالة مدنية جديدة ، وهي بطبيعتها تسري في حق الناس كافة ، ولذلك يهييء لها القانون عادة أوضاعا معينة تكفل لها العلانية ( [53] ) .

  696  وقد ذهب القضاء في مصر أيضا إلي أن الأحكام التي تنشيء الحالة المدنية تكون حجة علي الناس كافة ( [54] ) .

المطلب الثالث

اتحاد السبب

374 – تحديد معني السبب : ويجب أخيرا ، حتي يكون للحكم حجية الأمر المقضي ، أن يتحد السبب . والسبب هو المصدر القانوني للحق المدعي به أو المنفعة القانونية المدعاة . وهو لا يعدو أن يكون الواقعة المراد إثباتها ، واقعة مادية ، أو تصرفا قانونيا ، وقد سبق بيان ذلك .

  فالمستأجر حين يطالب المؤجر بتسليم العين المؤجرة يكون السبب في دعواه هو عقد الإيجار فإذا رفضت دعواه علي هذا الأساس ، لم يجز له أن يعود إلي رفعها من جديد مستنداً إلي عقد الإيجار مرة أخري ، أي إلي نفس السبب الذي استند إليه في الدعوي السابقة ، وإلا دفعت دعواه بحجية الأمر المقضي . أما إذا رفع دعوي جديدة بتسليم العين ، ولكن استند في طلبه إلي سبب جديد ، كعقد بيع مثلا ، فإن الدعوي الجديدة لا يجوز دفعها بحجية الأمر المقضي لاختلاف السبب ، فقد كان في الدعوي الأولي إيجاراً وهو الدعوي الثانية بيع . كذلك إذا طالب شخص بتسليم عين بسبب الميراث ورفضت دعواه ، فإن هذا لا يمنعه من العودة إلي المطالبة بها بسبب الوصية وإذا رفضت الدعوي بملكية عين بسبب الشراء فلا مانع من المطالبة بها ثانية بسبب التقادم المكسب . بل لا يوجد ما يمنع من المطالبة بملكية العين ذاتها بسبب عقد بيع آخر غير عقد البيع الذي رفضت الدعوي الأولي علي أساسه ، فإن المماثلة بين السببين لا تمنع من ازدواجهما ، وحجية الأمر المقضي تقتضي أن يكون السبب التالي هو عين السبب الأول فلا يكفي أن مماثلا له ( [55] ) .

  698  وإذا كان تعدد السبب يمنع من التمسك بحجية الأمر المقضي ، فمن باب أولي يكون تعدد كل من السبب والمحل مانعا من التمسك بهذه الحجيو . ويترتب علي ذلك أن الحكم الصادر في دعوي من دعاوي وضع اليد ( ireions possessoires ) لا يكون حجة في دعوي الملكية ( action petitoire ) ، ففي الدعوي الأولي المحل  699  هو الحيازة والسبب هو وضع اليد مدة محدودة ، وفي الدعوي الثانية المحل هو الملكية والسبب هو وضع اليد مدة أطول أو سبب آخر غير وضع اليد ( [56] ) .

  700  375 – وجوب الإبقاء علي شرط اتحاد السبب مع عدم التوسع فيه : واتحاد السبب كشرط في حجية الأمر المقضي من شأنه أن يضيق من هذه الحجية ، وأن يجعل العود إلي التقاضي ممكنا في ذات الموضوع وبيت نفس الخصوم بدعوي أن السبب مختلف . هذا إلي ما ينطوي عليه تحديد معني السبب ، في كثير من الحالات ، من دقة وخفاء سنري أمثله منها فيما يلي . وقد نزع بعض الفقهاء إلي القول بإمكان حذف هذا الشرط من شروط حجية الأمر المقضي ، دون أن يختل الأساس الذي تقوم عليه هذه الحجية ( [57] ) . وقال آخرون بإدماج المحل والسبب في شرط واحد ، فيكون هذا الشرط هو وحدة المسائل المتنازع فيها ( questions litigieuses )( [58] ) . والصحيح في نظرنا أن هناك اعتبارين متعارضين لا بد من التوفيق بينهما . فمن ناحية ، تقضي نسبة الحقائق القضائية أن نعتد بسبب الحق المدعي به ، فالحكم الذي يرفض الملكية بسبب الميراث لا يمكن أن يعتبر عنوان الحقيقة في رفض الملكية بسبب الوصية . ومن ناحية أخري ، يقضي الاعتبارات الجوهرية التي تقوم عليها حجية الأمر المقضي – وهو عدم تأييد المنازعات – ألا نتوسع كثيراً في فكرة السبب ، وأن نجمع ما بين الأسباب المتقاربة التي يستدعي بعضها بعضا فلا يفكر الخصم في أحدها دون أن يفكر في الآخر ، فندمجها جميعا في سبب واحد ، ولا نجعل من تنوعها  701  ما يخل بوحدة السبب . وسنسير علي هذه الخطة ، ونتبين أهميتها بوجه خاص عند الكلام في وحدة عيوب الرضاء كسبب المطالبة ببطلان العقد ، وعند الكلام في وحدة أنواع المسئولية كسبب للمطالبة بالتعويض .

فلا بد إذن من الإبقاء علي شرط اتحاد السبب ، مع عدم التوسع فيه . فإذا تعدد السبب ، لم يجز التمسك بحجية الأمر المقضي ، حتي لو اتحد المحل . لكن إذا اتحد السبب – مع اتحاد المحل والخصوم – جاز التمسك بحجية الأمر المقضي ، حتي لو تعددت أدلة الإثبات علي هذا السبب الواحد ، أو تعددت الدعاوي التي تنشأ من هذا السبب الواحد ( [59] ) .

  702  فيجب إذن مواجهة الحالات الآتية : ( 1 ) وحدة المحل مع تعدد السبب وهنا لا يجوز التمسك بحجية الأمر المقضي . ( 2 ) وحدة السبب مع تعد الأدلة ، وهذا لا يمنع من قيام حجية الأمر المقضي . ( 3 ) وحدة السبب مع تعدد الدعاوي ، وهذا أيضا لا يمنع من قيام حجية الأمر المقضي .

376 – وحدة المحل مع تعدد السبب : قد يتحد المحل في الدعويين ويتعدد السبب . وعند ذلك لا يكون للحكم الصادر في الدعوي الأولي حجية الأمر المقضي في الدعوي الثانية كما قدمنا ، إذ أنه بالرغم من توافر شرط اتحاد المحل قد اختل شرط اتحاد السبب . وأكثر ما يتحد المحل ويتعدد السبب في العمل يقع في أحوال أربع : ( 1 ) يكون المحل المتحد هو بطلان العقد وتتعدد أسباب البطلان . ( 2 ) يكون المحل المتحد هو انقضاء الالتزام وتتعدد أسباب الانقضاء . ( 3 ) يكون المحل المتحد هو حق الملكية وتتعد أسباب كسبها . ( 4 ) يكون المحل المتحد هو قيام التزام وتتعدد مصادره .

فقد يطالب شخص ببطلان عقد ، ويجعل سبب البطلان عيبا في الشكل أو عيبا في الرضاء أو نقصا في الأهلية أو خللا في المحل أو خللا في السبب . فهذه جملة من الأسباب الرئيسية للبطلان ، إذا تمسك بسبب منها ورفضت دعواه ، لم يمنعه ذلك من رفع دعوي جديدة يتمسك فيها بسبب آخر . فإذا تمسك بعيب في الشكل وقضي بصحة الشكل ، جاز أن يتمسك بعيب في الرضاء وإذا تمسك بخلل في المحل ، لم يمنعه الحكم برفض دعواه من رفع دعوي جديدة يتمسك فيها بخلل في السبب . علي أنه لا تجوز المبالغة ، كما قدمنا ، في تنويع السبب الرئيسي الواحد من أسباب البطلان ، وإلا فقدت حجية الأمر المقضي قيمتها ولم تمنع من تأييد الخصومات . فالعيب في الشكل لا يتعدد سببه ، مهما تعددت صور هذا العيب ( [60] ) . والعيب في الرضاء لا يتعدد ، أيا كان هذا العيب  703  غلطا وتدليسا أو إكراها ( [61] ) . ونقص الأهلية لا يتعدد ، أيا كان السبب الذي يرجع إليه نقص الأهلية قصراً أو سفها أو غفلة أو عتها . وهكذا قل عن سائر الأسباب الرئيسية للبطلان . فإذا طعن شخص ببطلان عقد للتدليس ورفضت دعواه ، لم يجز له أن يعود في دعوي جديدة يطعن في العقد بالإكراه . والضابط لوحدة السبب في البطلان هو ، فيما نري أن يكون هناك سبب رئيسي واحد ، إذا انقسم إلي أسباب فرعية فإن كل سبب منها يستدعي السبب الآخر ، بحيث ترتسم كل هذه الأسباب الفرعية في مخيلة الخصم مندمجة في هذا السبب الرئيسي ، فلا يفكر في واحد منها دون أن يفكر في الباقي ، فتتحقق وحدة السبب في هذا السبب الرئيسي . وهو يستغرق كل الأسباب الفرعية التي تندمج فيه ، فلا يتعدد السبب بتعددها ، ويكون الحكم في أي سبب منها حكما في الباقي ومن ثم إذا طعن الخصم في العقد بالغلط دون غيره من عيوب الرضاء ،  704  فالحكم برفض دعواه للغلط حكم برفض الدعوي للتدليس وللإكراه ، ذلك بأنه عند ما طعن في العقد بالغلط لابد أن يكون قد استعرض بطريق التداعي التدليس والإكراه فاستبعدهما واقتصر علي الغلط . إذ الطعن في العقد بالغلط ينفي الطعن فيه بالتدليس ، فالتدليس غلط وقع فيه الخصم بسبب طرق احتيالية استعملت ضده ، وما دام لا يطعن في العقد إلا بالغلط فهو ينفي ضمنا أن هناك طرقا احتيالية أوقعته في هذا الغلط . كذلك الطعن في العقد بالغلط ينفي الطعن فيه بالإكراه ، لأن دعوي الغلط تفترض وقوع الخصم في وهم من غير علم بالواقع ، فهي لا تتفق مع دعوي الغلط تفترض خضوع الخصم للتعاقد عن علم بالواقع . ونري من ذلك كيف أن الغلط والتدليس والإكراه عيوب فرعية ، يستدعي كل عيب منها العيب الآخر ، وترتسم جميعا في مخيلة الخصم مندمجة في سبب رئيسي واحد . فإذا اقتصر الخصم علي عيب منها ، فإنه بذلك يكون قد استبعد العيبين الآخرين . علي أنه قد يحدث أن يطعن الخصم في العقد بالغلط ، جاهلا وقت الطعن أنه إنما وقع في هذا الغلط بسبب طرق احتيالية نصبها له خصمه . فإذا كشف ، بعد صدور الحكم برفض دعواه للغلط ، عن هذه الطرق الاحتيالة ، جاز له أن يرفع دعوي جديدة بالتدليس ، علي أن يثبت أنه لم يكشف عن هذا التدليس إلا بعد صدور الحكم في دعوي الغلط . كذلك يجوز أن يكون قد أكره علي جانب من العقد وغلط في جانب آخر ، فرفع دعوي الإكراه قبل أن يكشف عن غلطه . فإذا صدر حكم في دعوي الإكراه ، فإن هذا لا يمنعه من أن يرفع دعوي الغلط ، علي أن يثبت أنه لم يكشف عن هذا الغلط إلا بعد صدور الحكم في دعوي الإكراه( [62] ) .

  705  وقد يطالب شخص بانقضاء التزام ، ويجعل سبب الانقضاء الوفاء أو المقاصة الإبراء أو التقادم أو غير ذلك من أسباب انقضاء الالتزام . فإذا تمسك بالوفاء جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالمقاصة ، أو تمسك بالإبراء جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالتقادم ، وهكذا فلا يوجد ترتيب خاص للتمسك بأسباب الانقضاء أو بأسباب البطلان ، إلا ما يقتضيه حسن الدفاع من الناحية الواقعية لا من الناحية القانونية . فيجوز التمسك بسبب من أسباب البطلان قبل التمسك بسبب من أسباب الانقضاء . كما يجوز التمسك بسبب من أسباب الانقضاء قبل التمسك بسبب من أسباب البطلان . كما يجوز أخيراً التمسك بأي سبب من أسباب البطلان أو الانقضاء قبل التمسك بسبب آخر منها . ويترتب علي ذلك أنه يجوز التمسك بالغلط ثم بالمقاصة ، أو التمسك بالمقاصة ثم بالغلط ، أو التمسك بالتدليس ثم بعدم مشروعية السبب ، أو التمسك بالتجديد ثم باتحاد الذمة . ولا يوجد مانع قانوني من التمسك مثلا بالوفاء ثم بالإبراء ، إلا أن مركز من يتمسك بالوفاء أولا ثم يتمسك بالإبراء بعد ذلك يكون ضعيفا من الناحية الواقعية لما بين الدعويين من تعارض ( [63] ) .

وقد يطالب شخص بملكية عين ، ويجعل سبب الملكية هو العقد أو الوصية أو الشفعة أو التقادم أو غير ذلك من أسباب كسب الملكية . فإذا تمسك بالعقد ،  706  جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالوصية . وإذا تمسك بالتقادم ، جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالشفعة ( [64] ) .

وقد يطالب شخص آخر بالتزام قام في ذمته ، ويجعل مصدر هذا الالتزام العقد أو العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب أو غير ذلك من مصادر الالتزام . فإذا تمسك بالعقد ، جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالعمل غير المشروع . وإذا تمسك بالإثراء بلا سبب ، جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالعقد . وإذا تمسك بالعمل غير المشروع ، جاز له أن يتمسك بعد ذلك بالإثراء بلا سبب . ونري ، جريا علي الخطة التي نسير عليها ، أن العمل غير المشروع ، بل المسئولية في مجموعها ، سبب رئيسي واحد لا يتعدد بتعدد أنواع المسئولية . فرفض دعوي المسئولية عن عمل معين يمنع من رفع دعوي جديدة بالمسئولية عن نفس العمل ، ولو كيفت المسئولية في الدعوي الأولي بأنها مسئولية عقدية وفي الدعوي الثانية بأنها مسئولية تقصيرية ، ومن باب أولي لو كيفت في الدعوي الأولي بأنها مسئولية تقصيرية قائمة علي خطأ ثابت وفي الدعوي الثانية بأنها مسئولية تقصيرية قائمة علي خطأ مفروض . ففي كل هذه الأحوال ، السبب الرئيسي الذي يجب الوقوف عنده هو العمل الذي نشأت عنه المسئولية ، عقدية كانت أو تقصيرية ، وهذا العمل هو لم يتغير في جميع الصور المتقدمة ( [65] ) .

  707  377 – وحدة السبب مع تعدد الأدلة : وقد يتحد السبب وتتعدد عليه الأدلة . فيكون السبب في هذه الحالة واحداً ، مهما تعددت أدلته ، واقعية  708  كانت هذه الأدلة أو قانونية . وعند ذلك يكون للحكم الصادر في الدعوي الأولي حجية الأمر المقضي في دعوي أخري ، عاد فيها الخصم إلي نفس السبب ، ولكن ليقيم عليه دليلا آخر ، فلا يقبل منه ذلك ( [66] ) .

وقد رأينا فيما قدمناه عن دعوي المسئولية تطبيقا لهذه القاعدة . فالسبب في هذه الدعوي هو – كما قدمنا – العمل الذي نشأت عنه المسئولية ، وهو واحد لا يتعدد ، وإنما تتعدد أدلته ( moyens ) فتارة تستند المسئولية إلي العقد ،  709  وطوراً إلي الخطأ الثابت ، وثالثة إلي الخطأ المفروض ، وليست هذه كلها إلا أدلة متعددة لسبب واحد هو قيام المسئولية . ففي دعوي المسئولية إذن السبب هو قيام المسئولية ، والمحل هو التعويض .

ومن ادعي التخلص من دين بالوفاء ، وأراد أن يقدم علي ذلك بينة حكم بعدم جواز سماعها ، وقضي عليه بالدين ، لا يجوز له بعد ذلك أن يرفع دعوي جديدة متمسكا بالسبب نفسه وهو الوفاء ، وإن قدم عليه هذه المرة دليلا مكتوبا كمخالصة بالدين . ذلك أن السب هنا – وهو الوفاء – لم يتغير ، وأن تغير الدليل عليه من بينة إلي ورقة مكتوبة . علي أنه إذا رفع الدائن دعوي بالدين ، ولم يدفع المدين بالوفاء فقضي بالدين ، ولم يتناول الحكم إلا البحث في وجوده ولم يعرض للوفاء به ، فإن هذا الحكم لا يجوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي الوفاء . ومن ثم يجوز للمدين ، إذا عثر بعد ذلك علي مخالصة بالدين ، أن يرفع دعوي جديدة يطالب فيها الدائن برد ما دفع اليه دون حق ( [67] ) . أما إذا دفع المدين بالوفاء ، وعرض الحكم لهذا الدفع وقضي برفضه ، فإن هذا الحكم يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي الوفاء أيضا ، ولا يجوز للمدين إذا عثر بعد ذلك علي مخالصة بالدين رفع دعوي جديدة باسترداد ما دفع دون حق ( [68] ) .

  710  وإذا ادعي شخص ملكية عين بسبب الشراء مستنداً إلي ورقة مكتوبة لإثبات عقد البيع له ، فرفضت دعواه ، لم يجز أن يرفع دعوي جديدة ليثبت صحة البيع بورقة أخري أو بالبينة ولو كانت قيمة العين تجيزها ، وذلك بأن سبب الملكية – وهو عقد البيع – لم يختلف ، بل الاختلاف هو في أدلة الإثبات ، وهذا لا يجيز تجديد المنازعة ( [69] ) .

  711  378 – وحدة السبب مع تعدد الدعاوي : وقد ينشأ عن السبب المواحد دعويان لصاحب الشأن الحق في اختيار إحداهما ، فإذا اختار واحدة ورفض طلبه فيها كان للحكم بالرفض حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي الدعوي  712  الأخري ، فتكون هذه غير مقبولة إذا رفعت ( [70] ) .

مثل ذلك الاستغلال . فقد قضت المادة 129 من التقنين المدني بأن المتعاقد المغبون الذي استغله المتعاقد للقاضي له أن يطلب إبطال العقد أو إنقاص التزاماته ، فإذا اختار إبطال العقد ، وحكم برفض دعواه ، فإن هذا الحكم يجوز حجية الأمر المقضي في دعوي جديدة يرفعها المتعاقد ويطلب فيها إنقاص التزاماته . ذلك بأن الحكم بالرفض قد استنفد السبب المشترك للدعويين معا ، وهو الاستغلال ( [71] ) . والعكس صحيح ، فإذا رفضت دعوي إنقاص التزاماته ، لم يجز سماع دعوي الإبطال .

ومثل ذلك أيضا ما نصت عليه المادة 438 من التقنين المدني من أنه ” إذا نقصت قيمة المبيع قبل التسليم لتلف أصابه ، جاز للمشتري إما أن يطلب فسخ البيع إذا كان النقص جسيما بحيث لو طرأ قبل العقد لما تم البيع ، وإما أن يبقي البيع مع إنقاص الثمن ” . فهنا أيضا إذا خسر المشتري دعواه في إنقاص الثمن ، كان الحكم حجة تمنع من قبول دعوي الفسخ . أما إذا خسر دعوي الفسخ لعدم وصول النقص في المبيع إلي الحد المطلوب من المسألة ، فإن هذا لا يمنع من رفع دعوي إنقاص الثمن ( [72] ) .

كذلك إذا خسر مدعي الاستحقاق دعواه في استحقاق نصيب شائع ، كان الحكم حجه تمنعه من أن يرفع دعوي القسمة في نفس العين الشائعة ، إذ أن سبب الاستحقاق هو نفس سبب القسمة – وهو ملكية النصيب الشائع – فإذا استنفد هذا السبب في دعوي الاستحقاق ، فقد استنفده أيضا في دعوي ( [73] ) .

  713  ويلاحظ في الأمثلة المتقدمة أن المحل في الدعويين مختلف ففي الاستغلال ، محل الدعوي الأولي هو إبطال العقد ، بينما المحل في الدعوي الأخري هو إنقاص الثمن . وفي التلف الجزئي للمبيع ، محل الدعوي الأولي هو فسخ العقد ، ومحل الدعوي الأخري هو إنقاص الثمن . وفي ملكية النصيب الشائع ، محل الدعوي الأولي هو استحقاق هذا النصيب ، ومحل الدعوي الأخري هو قسمة العين الشائعة . ومع ان المحل مختلف ، فإن الحكم في الدعوي الأولي حجة في الدعوي الأخري كما رأينا . ويمكن تعليل ذلك بأن الحكم الذي رفض الدعوي الأولي تضمن رفض الدعوي الأخري ، إذ استنفذ السبب المشترك للدعويين كما سبق القول ، فيكون للحكم حجية ، لا باعتباره قد فصل صراحة في الدعوي الأولي ، بل باعتباره قد فصل ضمنا في الدعوي الأخري .

379 – خاتمة – فكرتان رئيسيتان في حجية الأمر المقضي : وبعد فإن هناك فكرتين رئيسيتين تنتظمان كل ما قدمناه من شروط في حجية الأمر المقضي ( [74] ) .

الفكرة الأولي هي ضرورة حسم النزاع ووضع حد تنتهي عنده الخصومات . فما دام قد صدر في النزاع حكم قضائي قطعي ، فإنه يجوز حجية الأمر المقضي في منطوقة لا في أسبابه ، وذلك حتي نقف بالتقاضي عند حد معقول ، فلا يتكرر النزاع مرة بعد أخري دون أن يحسم وهذه الفكرة الرئيسية الأولي هي التي تنتظم الشروط الواجب توافرها في الحكم .

والفكرة الثانية هي الحيلولة دون التناقض في الأحكام مع مراعاة النسبية في الحقيقة القضائية . فما دام الحكم قد صدر ما بين نفس الخصوم ، وفي ذات  714  المحل ، ولعين السبب ، فالتقاضي مرة أخري يؤدي إلي حكم ، إن اتفق مع الحكم الأول فلا حاجة لنا به ، وإن خالفه وقعنا فيما نخشاه من التناقض . وهذه الفكرة الرئيسية الثانية هي التي تنتظم الشروط الواجب توافرها في الحق المدعي به .


( [1] ) وقد قضت محكمة النقض بأن القواعد الخاصة بحجية الأمر المقضى هى من القواعد الضيقة التفسير التى يجب الاحتراس من توسيع مدى شمولها ، منعاً للأضرار التى قد تتربت على هذا التوسيع  . وإذن فكلما اختل أى شرط من شروط تلك القاعدة ، كالسبب أو الموضوع أو الأخصام ، بأن اختلف أيها فى الدعوى الثنية عما كان عليه فى الدعوى الأولى ، وجب التقرير بألا حجية للحكم الأول تمنع الدعوى الثانية ( نقض مدنى 11 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 246 ص 674 – يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 19 ص 37 ) – انظر أيضاً : استئناف مختلط 2 يناير سنة 1890 م 2 ص 212 – 15 يناير سنة 1890 م 2 ص 358 – 25 نوفمبر سنة 1891 م 4 ص 21 – 23 مايو سنة 1894 م 6 ص 306 – 24 أبريل سنة 1895 م 7 ص 244 – 30 أبريل سنة 1896 م 8 ص 267 – 2 يونيه سنة 1898 م 10 ص 306 – 18 مايو سنة 1899 م 11 ص 257 – 30 يناير سنة 1908 م 20 ص 76 – 23 مارس سنة 1910 م 22 ص 206 – 27 أبريل سنة 1915 م 27 ص 295  .

ومن ثم فدعوى البنوة المرفوعة أمام المحكمة الشرعية ودعوى شهادة الزور المرفوعة أمام محكمة الجنح بطلب عقاب الشهود الذين شهدوا فى دعوى البنوة هما دعويان مختلفان طلباً وسبباً وخصوماً ، والبحث فى أقوال الشهود أمام محكمة الجنح لا يعتبر تجديداً للنزاع فى البنوة التى ثبتت نهائياً بالحكم الشرعى ، لأن وحدة المسألة المبحوث فيها فى الدعويين وفى استنكار أو اعتبار شهادة الشهود لا تغير شيئاً من اختلاف الدعويين فى موضوعهما ، لا سيما أن الفقه الإسلامى إنما يوجب الضمان فقط على شهادة الزور ولكن لا يفسخ الحكم القائم على شهادتهم ( دائرة النقض الجنائية 29 نوفمبر سنة 1928 المجموعة الرسمية 30 رقم 5 )  .

( [2] ) الموجز للمؤلف فقرة 711 ص 737  .

( [3] ) وقد يكون هذا الممثل هو الوارث الظاهر  . فالحكم الصادر فى مواجهة الوارث الظاهر ، له أو عليه ، يكون حجة للوارث الحقيقى أو حجة عليه ، وذلك وفقاً لنظرية الوارث الظاهر ( أوبرى ورو 12 فقرة 769 ص 415 )  .

( [4] ) الموجز للمؤلف فقرة 711 ص 728 – ولكن الحكم يكون حجة على الابن ، فلا يستطيع بعد بلوغه سن الرشد أن يعود إلى رفع الدعوى من جديد  . ويشترط لذلك أن يكون الأب قد سار فى الدعوى فى حدود نيابته ولم يجاوز سلطته الشرعية  . وقد قضت محكمة النقض بأن الأحكام الانتهائية الصادرة فى مواجهة ممثل الخصم لا تسرى على نفس الخصم إلا فى حدود نيابة الممثل والسلطة المخولة له  . وإذن فالقيم إذا عقد اتفاقاً عن محجوره واشترط فيه التقاضى فى كل نزاع بشأنه أمام محكمة جزئية بعينها تفصل فيه نهائياً ، فإنه يكون متجاوزاً فى ذلك حدود سلطته بتنازله عن حق محجوره فى نظر النزاع أمام المحكمة المختصة بالفصل فيه ، جزئية كانت أو كلية حسب القانون ، وفى نظره أمام جميع درجات التقاضى ، ذلك التنازل الذى لا يملكه القيم إلا بإذن من المجلس الحسبى لما فيه من الأضرار بالمحجور عليه ، قياساً على الصلح الذى أوجب القانون صراحة الإذن به وما ذلك إلا لما فيه من التنازل عن بعض الحقوق  . وإذن فالحكم الذى يبنى على هذا الاتفاق لا يلتزم به المحجور عليه ، بل يعتبر أنه صدر على شخص القيم مجرداً عن صفته ، وإعلانه إلى القيم الجديد لا يترتب عليه أى أثر على الإطلاق ، فهو لا يمنعه من أن يخاصم باسم محجوره بدعوى أخرى ( نقض مدنى 16 مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 61 ص 209 )  .

( [5] ) استئناف مختلط 10 نوفمبر سنة 1897 م 10 ص 6 – 8 يونيه سنة 1904 م 16 ص 317 – ولكن الحكم على السنديك بهذه الصفحة حجة على جميع الدائنين ،إلا إذا وجد لأحد منهم صالح خاص ( استئناف مختلط 15 يونيه سنة 1921 م 23 ص 394 )  .

( [6] ) استئناف مختلط 28 فبراير سنة 1907 م 19 ص 196 – وقد قضت محكمة النقض بأن العبرة فى اتحاد الخصوم فيما يتعلق بحجية الأمر المقضى إنما هى بالخصوم من حيث صفاتهم لا من حيث أشخاصهم ، وإذن فالحكم الصادر فى وجه خصم بصفته الشخصية لا تكون له حجية قبل هذا الخصم باعتباره ناظراً على وقف ، فإن صفة النظارة للخصم قد تتعارض مع صفته الشخصية ( نقض مدنى 7 مارس سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 39 ص 114 )  . وقضت أيضاً بأن الحكم الصادر قبل ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز حجية الأمر المقضى بالنسبة إليه ( نقض مدنى 10 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 103 ص 796 )  .

( [7] ) أوبرى ورو 12 فقرة 769 ص 428 – ص 429 – وقضت محكمة النقض بأن الحكم الذى يصدر فى دعوى الاستحقاق الفرعية فى إجراءات التنفيذ على العقار يكون حجة على المدين المنزوعة ملكيته المختصم فيها ، لأنه خصم حقيقى فيها ولا تنعقد الخصومة بدونه ، إذ أوجبت المادة 595 مرافعات ( 705 جديد ) إقامة الدعوى عليه ( نقض مدنى 28 أكتوبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 330 ص 649 )  . وقضت أيضاً بأن الحم الصادر فى دعوى الاسترداد غيابياً بالنسبة إلى بعض الخصوم يصبح نهائياً بالنسبة إلى هذا البعض إذا لم يستأنفوه فى خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره ، ومتى أصبح نهائياً فلا يجوز إهدار حجيته بمقولة إنه صدر بالتواطؤ بين من صدر له وأحد الخصوم ( نقض مندى 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 19 ص 98 ) – وقضت أيضاً بأنه إذا رفع دائن دعواه على مدينه المؤجر وعلى المستأجر منه طالباً إلغاء عقد الإيجار المبرم بينهما لصوريته ، ورفع المستأجر دعوى فرعية طلب فيها الحكم بصحة العقد وإلزام الدائن والحارس المعين بناء على طلب بتعويض ، فقضى بصورية العقد وبرفض الدعوى الفرعية ، ثم رفع المستأجر دعوى على المؤجر طلب فهيا الحكم عليه بمبلغ عينه ، هو ما عجله له من أجرة الأرض وما تكلفه من المصاريف وما قدره لنفسه من التعويض ، فدفع المؤجر بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، فهذا الحكم لا يكون مخلاً بحجية الأمر المقضى ، إذ الخصمان فى الدعوى التى صدر فيها لم يكن أحدهما خصماً للآخر فى الدعوى السابق الفصل فيها ( نقض مدنى 13 مارس سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 171 ص 381 مع تعليق الأستاذ محمد حامد فهمى بهامش ص 381 – ص 382 ) – وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكم على شركة بالتضامن حجة على جميع الشركاء بأشخاصهم ، ويحوز تنفيذه على كل منهم بمفرده دون حاجة إلى حكم آخر عليه ( 4 أبريل سنة 1906 م 18 ص 180 )  . وقضت أيضاً بأنه إذا كان تظهير الكمبيالة لا يعدل إلا توكيلاً ، فالحكم على حامل الكمبيالة ( الوكيل ) حجة على المظهر ( الموكل )  . ( استئناف مختلط 13 مايو سنة 1931 م 43 ص 394 ) – وقضت محكمة الإسكندرية الكلية بأن اختلاف الحاضرين فى دعوى استرداد يخل بشرط اتحاد الخصوم إخلالاً جوهرياً ، حتى لو كان المدين المحجوز عليه والمسترد فيهما واحداً ، وذلك لأن الحاجة فى دعوى الاسترداد هو الخصم المهاجم وهو صاحب المصلحة الحقيقية ( 7 ديسمبر سنة 1936 المحاماة 17 ص 895 )  .

( [8] ) وعندما كان الوقف الأهلى قائماً ، كانت ورثة المستحق فى الوقف الذين يلونه فى الاستحقاق لا يتلقون حقهم فى الاستحقاق عن مورثهم ، بل عن الواقف رأساً  . وقد نصت محكمة مصر الأهلية بأن الأحكام الصادرة فى مواجهة مستحق فى الوقف لا تسرى على ورثته ، لأن الصفة فى الدعوى غير متعدية ( 29 مايو سنة 1898 الحقوق 13 ص 319 ) – وقضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر فى وجه إنسان لا يكون حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر أو متعلق عنه إذا اسند هذا الخلف فى إثبات ملكيته إلى سب آخر غير التلقى ، مستغنياً بهذا السبب الأخير عن التلقى ( نقض مدنى 24 مايو سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 184 ص 403 )  .

( [9] ) استئناف مختلط 13 مارس سنة 1902 م 14 ص 190 – 14 مارس سنة 1912 م 24 ص 198 – 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 13 – 9 يونيه سنة 1913 م 25 ص 433 – 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 98 – 7 أبريل سنة 1932 م 44 ص 268  .

( [10] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكم الصادر فى مواجهة البائع حجة على المشترى إذا كان البيع تالياً لصدور الحكم ، ولو كان هذا الحكم غير نهائى ( 5 مايو سنة 1898 م 10 ص 265 ) – ولو كان هذا الحكم صادراً من محكمة أهلية بين وطنيين وكان الخلف الخاص أجنبياً ( 3 يونيه سنة 1891 م 3 ص 350 – 23 مايو سنة 1894 م 6 ص 306 – 28 نوفمبر سنة 1895 م 8 ص 0 – 11 نوفمبر سنة 1896 م 9 ص 8 ) – ولو لم يسجل المحكوم له الحم الصادر لصالحه ( استئناف مختل 7 مارس سنة 1907 م 19 ص 148 – 29 يونيه سنة 1910 م 22 ص 390 – 7 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 6 – 23 يناير سنة 1913 م 25 ص 143 – 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 249 )  .

والحكم الصادر لدائن التركة على الوارث حجة على المشترى من الوارث ( استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1927 م 39 ص 380 ) – والحكم على المستأجر الممنوع من الإيجار من الباطن بالإخلاء حجة على المستأجر من الباطن ولو لم يدخل فى الدعوى ( استئناف مختلط 17 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 60 – 15 ديسمبر سنة 1909 م 22 ص 45 ) – والحكم بالشفعة على مشتر حجة على المشترى من هذا المشترى ( استئناف مختلط 17 مايو سنة 1900 م 12 ص 254 )  .

( [11] ) استئناف مختلط أول يونيه سنة 1910 م 22 ص 351 – 12 يناير سنة 1915 م 27 ص 114 – 10 يناير سنة 1916 م 28 ص 148 – أما إذا كان تسجيل البيع أثناء رفع الدعوى وبعد تسجيل صحيفتها فالحكم حجة ( استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 30 – 7 مارس سنة 1912 م 24 ص 174 – 13 فبراير سنة 1923 م 35 ص 214 – 22 مايو سنة 1930 م 42 ص 514 )  .

( [12] ) نقض مدنى 19 نوفمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 4 ص 13 – انظر أيضاً : نقض مدنى 2 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 2 ص 10  – 2 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 87 ص 294 – 5 أبريل سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 98 ص 592  . وقضت محكمة النقض أيضاً بأن الدعوى المقامة من الدائن المرتهن حيازياً على المدين الراهن بمطالبته بالدين وحبس العين المرهونة لا يكون للحم الصادر فيها بطلبات المدعى حجية قبل من اشترى الأرض بعقد مسجل قبل الرهن  . فإذا باع هذه المشترى الأرض المذكورة إلى آخر بعقد غير مسجل ، وأقام المشترى الثانى دعوى على البائع له وعلى المرتهن طالباً الحكم له بصحة العقد العرفى الصادر له ونفاذه وشطب التسجيلات الموقعة على الأرض ومحوها ، بانياً دعواه على أن عقد الرهن صدر من غير مالك بعد عقد الشراء المسجل الصادر لبائعه ، فحكم فى هذه الدعوى ؟؟؟؟؟؟ ، فهذا الحكم لا يعتبر مخالفاً للحكم السابق صدوره بإلزام المدين الدين وحبس العين ( نقض مدنى 17 مارس سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 395 ص 733 )  . وقضت أيضاً بأن الشريك فى ملك شائع الذى يتصرف فى حصته الشائعة بعد رفع دعوى القسمة لا يعتبر ممثلاً للمشترى منه متى سجل هذا الأخير عقد شرائه وانتقلت إليه بذلك ملكية الحصة المبيعة قبل انتهاء إجراءات القسمة  . وإذن فمتى كان أحد الشركاء فى ملك شائع رفع دعوى بفرز وتجنيب نصيبه فى هذا الملك ، وأثناء سير الدعوى اشترى المطعون عليهما الأولان الحصة الشائعة لأحد الشركاء ، وأرادا التدخل فى دعوى القسمة فرفضت المحكمة تدخلهما بناء على اعتراض أحد الشركاء ، وسارت إجراءات القسمة فى غير مواجهتهما ، فلا يكون الحكم الصادر فى دعوى القسمة المشار إليها بتخصيص كل من طالبى القسمة بنصيب مفرز حجة عليها ( نقض مدنى 22 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 ص 370 )  .

أنظر أيضاً : محكمة الاستئناف الأهلية 17 مارس سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 96 – 30 ديسمبر سنة 1914 الشرائع 2 ص 151 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1900 م 13 ص 29 – 12 يناير سنة 1915 م 27 ص 114 – 10 فبراير سنة 1916 م 28 ص 148 – وقارن : استئناف أهلى 10 أبريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 رقم 113  .

والحكم الصادر بانقضاء الدين يكون حجة على المتنازل له عن هذا الدين إذا كان إعلان هذا التنازل إلى المدين لاحقاً لصحيفة الدعوى بانقضاء الدين ( أوبرى ورو 12 فقرة 769 ص 408 )  .

وانظر فى هذا الموضوع الأستاذ عبد السلام ذهنى فى الأدلة جزء 2 ص 246 – ص 276  .

( [13] ) نقض مدنى 12 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 97 ص 635 – استئناف أهلى 10 مايو سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 رقم 133 – مصر الأهلية 23 يناير سنة 1934 المحاماة 15 رقم 17 / 2 ص 37 – استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 74  .

( [14] ) استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1891 م 4 ص 25 ( ولو كان الحكم ، وقت قيام المحاكم المختلطة ، صادراً من محكمة وطنية بين وطنيين وكان الدائن أجنبيا )  .        

( [15] ) علي أن الدائن يمثل الدائنين الآخرين عند مباشرته لإجراءات نزع الملكية في كل ما يفيد هؤلاء ( استئناف مختلط 22 مايو سنة 1930 م 42 ص 514 )  .        

( [16] ) استئناف مختلط 5 يونية سنة 1930 م 43 ص 2 – وهذا ما لم تدفع الدعوي بعدم قبولها لعدم إدخال المدين خصما فيها  .  

( [17] ) وتنص المادة 453 من تقنين المرافعات علي أنه ” يبقي الخارج عن الخصومة الحق في الاعتراض علي الحكم ما لم يسقط حقه بمضي المدة ”  . وتنص المادة 455 علي أنه ” يترتب علي الاعتراض علي الحكم إعادة طرح الخصومة علي المحكمة من جديد ، ولا يستفيد من الحكم الصادر فيه غير رفعه ، ما لم ينص القانون علي خلاف ذلك ”  .  

( [18] ) ولا يشترط إثبات التواطؤ أو الغش أو الإهمال الجسيم كما سنري  . 

( [19] ) انظر في هذه المسألة جان ماري أوسل ( Aussel ) في رسالته عن الغير في القانون المدني الفرنسي مونييلييه سنة 1952 ص 234 – ص 241 – دي باج جزء 3 ص 1012 ص 1014 – الأستاذ عبد السلام ذهني في الأدلة 2 ص 415 – 424 – الأستاذ عبد المنعم الشرقاوي في الرافعات فقرة 432 ص 599 – الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات ص 651  .    

( [20] ) استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1902 نم 14 ص 346 – 23 نوفمبر سنة 1904 م 17 ص 13  .   

( [21] ) استئناف مختلط 8 يونية سنة 1904 م 16 ص 317  .

( [22] ) استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1917 م 30 ص 45 – 26 يونية سنة 1928 م 40 ص 466 – 14 يناير سنة 1937 م 49 ص 71  . وقارب : نقض مدني 5 فبراير سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 141 ص 412  . 

( [23] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 409 وهامش رقم 37  .  

( [24] ) وهذا ما يذهب إليه الفقه الفرنسي ( ديرانتون 13 فقرة 507 – ماركاديه م 1351 فقرة 12 – أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 411 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1557 ص 1024 – عكيس ذلك : لارومبيير 5 م 1351 فقرة 117 )  . أما القضاء الفرنسي فيعتبر الدائن المرتهن كالدائن العادي من حيث سريان الحكم الصادر ضد المدين في حقه ( نقض فرنسي 25 أكتوبر سنة 1893 داللوز 94 – 1 – 34 – محكمة باريس الاستئنافية 19 نوفمبر سنة 1923 داللوز 1924 – 2 – 154 )  .

وكان القضاء المختلط في مصر يذهب ، في أكثر أحكامه ، إلي ان الدائن المرتهن لا يسري في حقه ، بالنسبة إلي العين المرهونة ، الحكم الصادر ضد المدين ، شأنه في ذلك شأن الخلف الخاص : استئناف مختلط 27 أبريل سنة 1893 م 5 ص 230 – 3 نوفمبر سنة 1916 م 29 ص 83 – 30 يناير سنة 191 م 13 ص 143 – 20 أبريل سنة 1920 م 32 ص 282 – 4 يناير سنة 1945 م 57 ص 35 – 4 فبرايل سنة 1947 م 59 ص 90 انظر عكس ذلك : استئناف مختلط 6 نوفمبر سنة 1901 م 14 ص 3 – 9 يناير سنة 1913 م 25 ص 124 – 9 يونية سنة 1915 م 27 ص 396 – وعلي كل حال يجوز للدائن المرتهن أن يطعن باعتراض الخارج عن الخصومة في الحكم الصادر ضد المدين ، عن طريق التواطؤ أو الغش أو الإهمال الجسيم ، حتي يجعل هذا الحكم لا يسري في حقه  . وهذا ما يملكه حتي الدائن العادي ، فأولي أن يملكه الدائن المرتهن ( استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 79 – 4 يونية سنة 1929 م 41 ص 428 )  .

( [25] ) وذلك لا يمنع من أن يواجه الغير بالحكم كدليل من أدلة الإثبات يقدره القاضي ، وللغير أن ينقصه بدليل عكسي ( أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 430 )  .

( [26] )قارن جان ماري أوسل ( Aussel ) في رسالته عن الغير في القانون المدني الفرنسي فقرة 222 ص 237 – ص 238  .   

( [27] )استئناف أهلي 18 أبريل سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 102 / 1 – قارن استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 73         .

( [28] ) استئناف مختلط أول مارس سنة 1949 م 61 ص 888 ولكن إذا كان كل المدينين المتضامنين قد دخلوا في الدعوي ، فحكم لبعضهم ، فلا يفيد هذا الحكم من لم يحكم له منهم ( بني سويف 29 مايو سنة 1929 المحاماة 9 ص 100 )  .    

( [29] )نقض مدني 11 ابريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 246 ص 674 – وقضت محكمة النقض بأن الوارث الآخر ، أو بعبارة أدق عن طريق المورث الذي يتلقي الحق عنه ، إلا أنه مع ذلك لا يعتبر محكوما عليه مباشرة بل يكون من الغير الذي له حق الطعن بالتعدي فلا يجوز الحكم قبله حجية ما  . فالحكم الذي يعتبر حكما شرعيا متعديا إلي أحد الورثة ، وأنه يجوز قبله حجية الأمر المقضي أسوة بأخويه المحكوم عليهما في نفس الحكم ، يكون مخطئا ( نقض مدني 19 مايو سنة 1949 مجموعة عمر 5 رقم 421 ص 770 )ن وقضت محكمة النقض أيضا بأنه إذا رفع أحد الدائنين دعواه علي مدينه وعلي من تصرف له المدين من أولاده بطلب إبطال هذا التصرف ، فإن الخصوم في هذه الدعوي يعتبرون مختلفين عن الخصوم في دعوي المنازعة في صحة التصرف التي تقوم فيما بعد بين بعض ورثة المدين وبين من صدر إليهم التصرف  . فإذا كان قد حكم في الدعوي الأولي ببطلان التصرف ، ثم حكم في الدعوي الثانية بصحته ونفاذه ، فلا يعد الحكم الثاني مخلا بحجية الحكم الأول ، ولذلك يكون القضاء بإهدار الحكم الثاني بمقوله مخالفته لحجية الأمر المقضي مخطئا في تطبيق القانون ( نقض مدني 9 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 71 ص 158 )  . أما المالك تحت شرط فاسخ فيمثل من يكون مالكا إذا تحقق الشرط ، وذلك في الأحكام التي تصدر لصالحه لا في الأحكام التي تصدر ضده ( أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 55 و ص 422 )  .      

( [30] ) ويبدو أن قصر الاعتراض علي حالتي التضامن وعدم القابلية للتجزئة إما أن يكون راجعا الي أن نصوص تقنين المرافعات الجديد في هذا الموضوع لم تنسق مع نصوص التقنين المدني الجديد ، وهذه تقضي بأن المدين المتضامن لا يسري في حقه الحكم الصادر علي مدين متضامن معه ، فلم يكن المدين المتضامن ومن ألحق به في حاجة ، كالدائن إلي حق الاعتراض ليعتبر من الغير ، وإما أن يكون راجعا إلي ان الغير في هاتين الحالتين أقرب إلي الشبهة في أن يسري الحكم فيه حقه ، ففتح له باب الاعتراض حتي يدراً عن نسه بطريق جديد نظمه القانون ما عسي أن يمسه من آثار حكم لا يسري في حقه  . وغني عن البيان أن باب اعتراض الخارج عن الخصومة لا يقفل أمام الغير الأبواب الأخري التي يفتحها له القانون لدفع الاحتجاج عليه بحكم لا يسري في حقه  . وقد صرحت بذلك المذكرة الإيضاحية لمشروع تقنين المرافعات إذ تقول : ” لم ير المشروع حاجة إلي النص علي أن من يكون له طريق الاعتراض ولا يسلكه لا يحرم بذلك من حقه في الالتجاء إلي الوسائل الأخري التي يسمح له القانون بها لدفع الاحتجاج عليه بالحكم ، لم يرد المشروع حاجة إلي هذا النص لأنه لا يعدو أن يكون تقريراًُ لقاعدة مقررة يكاد ينعقد لإجماع عليها ”  . ( قارن الأستاذ عبد الشرقاوي في المرافعات فقرة 433 ص 601 – وانظر الأستاذ أحمد أبو الوفا في المرافعات فقرة 539 ص 653 )  . هذا واعتراض الخارج عن الخصومة ، كما كان في تقنين المرافعات المختلط وكما هو في لائحة المحاكم الشرعية وفي تقنين المرافعات الفرنسي ، أوسع نطاقا من اعتراض الخارج عن الخصومة في تقنين المرافعات الجديد ، إذ هو لا يقتصر علي طائفة محدودة من الغير  .

( [31] )وقد قضت محكمة مصر الأهلية بأنه إذا حصل نزاع بين بع الملاك في الشيوع بالنسبة إلي ملكية بعض الحصص ، ورفع أحد المتنازعين أمر هذا النزاع إلي القضاء ، وأعلن بدعواه من ينازعه من ملكية حصته ومن إلا ينازعه من الملاك علي الشيوع ، كان ذلك الحكم حجة بينه وبين من ينازعه فقط دون الباقين ، بحيث إذا نشأن نزاع جديد عن ملكية تلك الحصة بين رافع القضية الأولي وبين الشائعين الذين كانوا سلموا له بملكيته لحقه في تلك القضية ، فليس لهؤلاء أن يحتجوا عليه بالحكم السابق( 14 ديسمبر سنة 1926 المحاماة 7 ص 356 ) – وقضت محكمة النقض بأنه لا يجوز احكم حجية المقضي إلا بالنسبة الي الخصوم الحقيقيين في الدعوي الذين كان النزاع قائما بينهم وفصلت فيه المحكمة لمصلحة أيهم  . ومن ثم لا يصح اعتبار الحكم حائزا لحجية الأمر المقضي بالنسبة إلي خصم أدخل في الدعوي ولم توجه إليه طلبات  . ولا يقال إنه كان في إمكانه أن يبدي في الدعوي ما يشاء ، فإن كان قد أهمل فهو الملوم – هذا القول لا وزن له قانونا ، فإن كل شخص حر في اختيار الوقت والظروف التي يقاضي فيها خصمة ، وليس لأحد أن يجبره عي أن يفعل ذلك من وقت أو ظرف معين أو أن يسائله علي أساس أنه لم يفعل ( نقض مدني 22 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 222 ص 593 )  .

وقضت محكمة النقض من جهة أخري بأنه إذا كان يبين من الحكم الصادر للطاعن في دعوي صحة التعاقد أنه أقام تلك الدعوي علي البائع له وباقي إخوته من الورثة الذين كانت الأطيان المبيعة له مكلفة باسم مورثهم ، واستند في دعواه إلي عقد البيع الصادر له وإلي أن البائع له اختص بالأطيان المبيعة بموجب قسمة حصلت بينه وبين إخوته ، فلم ينازعه سوي واحد من هؤلاء الإخوة ، ولم يكن ثمة ما يمنع أيا منهم من منازعته لو كان له وجه ، فإحجامهم عن منازعته لا ينفي أنهم كانوا خصوما حقيقيين ( نقض مدني 5 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 64 ص 449 )  .

( [32] ) استئناف مختلط 23 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 63  .        

( [33] ) محكمة اللبان 10 يونية سنة 1926 المحاماة 7 ص 46 – ولكن لا يجوز أن يدفع استحقاق الأجرة عن المدة الأخري بنفس الدفع الذي رفض في استحقاق الأجرة عن المدة الأولي ، كأن يدفع مثلا في الدعويين بعدم صحة عقد الإيجار ، وقد قضت محكمة النقض بأنه لا يمنع من وحدة الموضوع في الدعويين الصادر فيهما الحكمان اللذان جاء علي خلاف اختلاف المدة المطالب بريعها ، ما دام الموضوع في الدعويين هو مقابل الانتفاع ويد المنتفعين مستمرة علي الأرض ، ولا يمنع من وحدة الخصوم إدخال ضمان في الدعوي الثانية لم يكونوا خصوما في الدعوي الأولي ( نقض مدني 25 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 1999 ص 553 )  . 

( [34] ) استئناف مصر 4 مايو سنة 1925 المحاماة 5 ص 746  .      

( [35] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 436 وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة با ،ه لا يلزم بأن يحتفظ الشيء بذاتيته علي وجه مطلق ( 20 مايو سنة 1943 م 55 ص 195 ) ولا تعتبر العين الموقوفة قد تغيرت بإجراء الاستبدال فيها ( استئناف مختلط 29 مارس سنة 1900 م 12 ص 187 )  .

( [36] ) استئناف مختلط 14 مارس سنة 1918 م 30 ص 284 – 19 أبريل سنة 1938 م 50 ص 245 – سمالوط 8 نوفمبر سنة 1925 المحاماة 6 ص 279 – وتطبيقا لهذا المبدأ قضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يكون للحكم الصادر بعدم قبول دعوي تثبيت الملكية المبنية علي عقد غير مسجل لرفعها قبل الأوان تأثير في دعوي المطالبة بالريع ، سواء أكانت هذه الدعوي الأخيرة مرفوعة تبعا لدعوي الملكية أم مستقلة عنها  . ويتعين الحكم للمشتري بالريع متي كان البائع غير منازع في صحة عقد البيع نزاعا جديا ( 4 فبراير سنة 1933 المجموعة الرسمية 34 رقم 6 ص 140 ) – وقضت أيضا بأنه إذا كان حكم القاضي بالدين لم يتناول إلا البحث في وجود الدين ، ولم يعترض للبحث في سداده أو عدم سداده ، فالحكم الصادر بالدين لا يمكن أن يكسب حجة الأمر المقضي بالنسبة إلي سداد الدين لأنه لم يفصل فيه ( 30 أبريل سنة 1933 المجموعة الرسمية 35 رقم 1 ص 198 ) – وقضت محكمة أسيوط الكلية بأن الحكم الصادر في دعوي الريع ليس حجة في الملكية ( 28 ديسمبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 360 ص 548 ) – وقضت محكمة سوهاج الكلية بأنه إذا كان الموضوع في الدعوي الأولي جزءاً مفززاً في عقار ، وكان في الثانية نصيبا شائعا فيه ، فلا يمكن القول بوحدة الموضوع ( 31 مارس سنة 1940 المحاماة 20 رقم 504 ص 1196 )  . والحكم برفض تثبيت الملكية شائعة لعدم قيام الشيوع لا يمنع من المطالبة بعد ذلك بتثبيت الملكية مفرزة ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1936 مجموعة عمر 2 رقم 18 ص 45 )  . وقضت محكمة النقض بأنه إذا قام النزاع علي كون قطعة أرض داخلة ماديا وواقعيا ضمن حدود أرض كان متنازعا عليها ومقضيا فيها بين الطرفين في دعوي سابقة أو غير داخله ضمنها ، فقضت محكمة الاستئناف بعدم دخولها محصلة فهمها من عناصر الواقع ، فإن حكمها هذا لا مساس فيه بحجية الحكم الصادر في الدعوي السابقة ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 245 ص 673 – 15 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 10 ص 54 )  .

( [37] ) محكمة الاستئناف الأهلية 11 نوفمبر سنة 1915 المجموعة الرسمية 17 ص 58 – والحكم بإلزام الكفيل بهذه الصفة أن يدفع الدين لا يمنعه من التمسك وقت التنفيذ بحق التجريد وبحق التقسيم ( أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 435 ) – والحكم بصحة التوقيع لا يمنع من رفع دعوي بصورية العقد ( نقض مدني 22 أبريل سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 305 ص 610 ) – والحكم برفض تدخل الدائن لا يمنعه من رفع الدعوي بصحه دينه ( استئناف مختلط 7 مايو سنة 1913 م 25 ص 369 ) – والحكم برفض دعوي الإبطال لا يمنع من رفع دعوي الفسخ ( استئناف مختلط 11 يونيه سنة 1914 م 26 ص 423 )  . والحكم برفض إلغاء قرار إداري لا يمنع من المطالبة بالتعويض أو تسوية الحالة ( محكمة القضاء الإداري 23 يونيه سنة 1949 المحاماة 33 رقم 49 ص 64 )  .

وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن العبرة في حجية الأمر المقضي ليست بطلبات الخصوم في ذاتها ، ولكن بما فصلت فيه المحكمة من هذه الطلبات  . فإذا كانت المحكمة فصلت فقط في طلب تأجيل دفع الإيجار ، إيجارات الأراضي الزراعية والذي نص صريحا أنه في حالة التنفيذ بحكم أو سند أو عقد رسمي لا يجوز التنفيذ بأكثر من المبلغ المصرح به في القانون ، فإن الحكم لا يجوز حجية الأمر المقضي ( 12 يناير سنة 1937 المحاماة 17 رقم 313 ص 648 )  .      

( [38] ) محكمة الاستئناف الأهلية 3 يونية سنة 1893 الحقوق 12 ص 265  .    

( [39] ) نقض مدني 10 نوفمبر سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 69 ص 139  . 

( [40] ) نقض مدني 11 أبريل سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 246 ص 674 – محكمة الاستئناف الأهلية 2 مايو سنة 1901 المجموعة الرسمية 2 ص 293 – محكمة استئناف مصر 15 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 207 ص 275 – أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 435 – ص 436  .

( [41] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 436 – 438 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكم بصحة الدين في قسطين منه حجة بصحته في القسط الثالث ( استئناف مختلط 15 فبراير سنة 1981 م 6 ص 138 )  .

( [42] ) استئناف مختلط 2 فبراير سنة 1933 م 45 ص 156 – استئناف مصر 26 أبريل سنة 1936 المحاماة 17 رقم 95 ص 210  . 

( [43] ) استئناف مختلط 14 يناير سنة 1947 م 59 ص 77  .

( [44] ) استئناف مصر 30 ديسمبر سنة 1933 المحاماة 14 رقم 320 / 2 ص 613 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد صدر بتأجيل الفصل في التعويض الذي يطلبه البائع من المشتري وبأحقية المشتري في استلام القمح المودع بمخازن البنك علي ذمته من البائع ، علي أساس أن عقد البيع قائم ونافذ بين الطرفين ، وأن المشتري عرض الثمن علي البنك مقابل تسليمه القمح فرفض بناء علي تعليمات البائع ، ثم صار هذا الحكم نهائيا بعدم استئنافه فإنه يجب علي المحكمة ، وهي تفصل في طلب التعويض ، أن تعتبر ذلك الحكم محدداً نهائيا للعلاقات القانونية بين الطرفين ، لا فيما يتعلق بعقد البيع ذاته فقط ، بل أيضا في كل ما كان مؤسسا علي هذا العقد  . فإذا هي خالفت مقتضاه ، قائله أن المشتري تأخر عن دفع ثمن القمح وعن تسلم الغلال ، وأن العقد يعتبر بذلك مفسوخا من نفسه ، فإنها تكون قد خالفت القانون بعدم مراعاتها الأساس الذي بني عليه الحكم الأول باعتباره قد فصل في مسألة كلية لم تكن دعوي التعويض إلا جزءاً متفرعا عنها ، مما كان يستوجب منها أن تقييد به في قضائها بين الخصوم أنفسهم في دعوي التعويض التي فصلت فيها بعد صدوره ( نقض مدني 25 يونيه سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 179 ص 486 )  .       

( [45] ) استئناف مختلط 30 مارس سنة 1899 م 11 ص 173 – أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 433  .      

( [46] ) الموجز للمؤلف فقرة 712 ص 741  .        

( [47] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 433 – ص 435  .    

( [48] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 433 – ص 435 – وإذا أغفل المدعي طلبا تحكم فيه المحكمة من تلقاء نفسها ، كطلب الحكم بمصروفات الدعوي علي الخصم ، ولم تقض به المحكمة في حكمها ، فإن هذا الحكم يمنع من المطالبة به في دعوي جديدة ( أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 121 )  .   

( [49] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 439 – بودري وبارد 4 فقرة 2678 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1559 ص 1029 – ص 1030 – ويذهب الفقه الفرنسي أيضا إلي أنه إذا قضي الحكم – في دعوي الدائن علي الوارث – بصفة عارضة للوارث ، كأن قرر له صفة الوراثة المطلقة ( heritier pur simple ) لا صفة الوراثة بشرط التجريد ( sous benefice dinventaire ) إلي هذه الصفة ، في دعوي أخري يرفعها دائن آخر علي نفس الوارث ( أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 423 – 424 )  .   

( [50] ) وكان الفقه الفرنسي يجاري القضاء في مذهبه ، ويعتمد في ذلك علي نظرية لفقيه قديم ( DArgentre ) تتخلص في أن الخصم يعتبر ممثلا في الدعوي لجميع الناس ( contradicteur legitime ) : تولييه 10 فقرة 216 وما بعدها – بونييه فقرة 889  .   

( [51] ) نقض فرنسي 23 أبريل سنة 1925 داللوز 1925 – 1 – 201 مع تعليق سافاتييه – سيريه 1927 – 1 – 97 مع تعليق أودينيه  . 

( [52] ) وجاري الفقه الفرنسي المعاصر القضاء الفرنسي في مذهبه الجديد : بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 464 – كولان وكابيتان وموانديير 1 فقرة 567 – ديمتيرسكو ص 456 وما بعدها  .        

( [53] ) كذلك تستثني حالة ما إذا كان القانون لا يسمح إلا لشخص معين في أثاره النزاع ، كما في دعوي إنكار البنوة ( desaveu ) فهي لا يسمح بها إلا للزوج ، فيكون الحكم من ناحية الواقع حجة علي الجميع ( بيدان وبرو 9 فقرة 1350 ص 453 – ص 454 )  . والأحكام الصادرة في المنازعات المتعلقة بالاسم ( en matierre de nam ) هي أيضا بطبيعتها حجة علي الجميع ( جان ماري أوسل : الغير في القانون المدني الفرنسي فقرة 233 ص 245 – ص 246 ) انظر في هذه المسألة : أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 424 – ص 428 وهامش رقم 113 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1558 ص 1027 – ص 1028 – بيدان وبرو 9 فقرة 1348 – فقرة 1350 – جان ماري أوسل فقرة 228 – فقرة 243 – دي باج 3 ص 1008 – ص 1012  . 

( [54] )استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 78 – 24 يونيه سنة 1936 م 48 ص 328 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضا بأن الحكم بتعيين وصى يكون حجة على الناس كافة – ( استئناف مختلط 25 مايو سنة 1904 م 16 ص 268 ) ، وكذلك الإعلام الشرعى بالوراثة ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1900 م 12 ص 295 )  . وإذا كانت الحالة المدنية من شأنها أن تتغير ، فإن الحكم القاضى بها تزول حجيته متى زالت أسبابه  . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الحكم المطعون فيه ، إذ قضى برفع الحجر عن المطعون عليه الأول ، قد قرر ” أنه ليس بأوراق القضية ما ينم عن وجود غفلة أو سفه تمكن نسبتهما للمحجور عليه ، وإن وجدت أسبابهما وقت توقيع الحجر فقد زالت الأسباب  .  .  . ” ، فإنه ليس فى هذا الذى قرره الحكم ما يخالف حجية الأمر المقضى للحكم النهائى الصادر بتوقيع الحجر ، لاختلاف السبب والموضوع فى الدعويين ، ولأن الحالات التى تستوجب الحجر هى بطبيعتها قابلة للتغيير والزوال ، وإلا لما أجاز الشارع طلب رفع الحجر  . ( نقض مدنى 25 ديسمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النفض رقم 41 ص 260 – أنظر المجلس الحسبى العالى 4 فبراير سنة 1923 المحاماة 3 رقم 210 ص 278 ) – أما الحكم فى الجنسية كمسألة عارضة فلا يجوز حجية الأمر المقضى : استئناف مختلط 4 يونيه سنة 1902 م 14 ص 340 – 17 ديسمبر سنة 1902 م 15 ص 65 – 21 يناير سنة 1908 م 20 ص 62 – 27 مايو سنة 1908 م 20 ص 259 – 11 يونيه سنة 1913 م 25 ص 443 – 20 فبراير سنة 1923 م 35 ص 238 – 26 مايو سنة 1928 م 40 ص 380 – قارن : 15 مارس سنة 1906 م 18 ص 150 – 8 مارس سنة 1927 م 39 ص 311 – 24 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 116     .

( [55] ) ومن قضاء محكمة النقض في وجوب اتحاد السبب لقيام حجية الأمر المقضي : قضت بأنه إذا أبطلت محكمة الاستئناف تنازلا عن مبلغ ما صادراً من والد إلي ولده بكتابة منه في 31 يولية سنة 1923 باعتبار هذا التنازل حاصلا في مرض موت الوالد ، مع أنها بحكم سابق في دعوي أخري كانت مرددة بين الطرفين قررت أن مرض هذا الوالد إنما بدأ في 10 أغسطس سنة 1923 بما قد يفهم منه أن ذلك التنازل قد حصل من المورث في وقت صحته ، ثم تبين أن هذا الاعتراض قد عرض علي المحكمة ، فتناولته في حكمها ، وبينت ما حاصلة أن موضوع الدعوي الأولي كان خاصا بتصرفات وقعت من المورث في أكتوبر ونوفمبر سنة 1923 طعن الورثة ببطلانها لحصولها في مرض موته ، فلم يكن يهم المحكمة إذ ذاك سوي معرفة ما إذا كان الشهران المذكوران هما من فترة المرض أم لا ، ولم يكن يعنيها أن تقرر مبدأ مرض المورث لأنها لم تكن محتاجه إلي تقريره ، ثم استنتجت من الظروف والمستندات التي أشير إليها في الحكم الأول أن مرض موت الوالد قد ابتداء فعلا قبل أول أغسطس سنة 1923 ، وأن ورقة 30 يوليه قد حررها المورث فعلا في هذا المرض ، فهذا الذي قررته محكمة الموضوع هو تحصيل للواقع مما تختص به هي وحدها بلا مراقبة لمحكمة النقض ( نقض مدني 6 يونية سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 278 ص 840 ) وقضت أيضا بأنه إذا رفعت دعوي من الدائن بإبطال البيع الصادر من مدينه ، فقضي ببطلان البيع ، ثم صدر بعد ذلك إقرار من البائع بأن هذا البيع لم يكن صوريا وأن ثمه كان دينا في ذمته للمشتري وتعهد بدفع دين الدائن الذي قضي له بإبطال التصرف حتي يزول هذا الحكم ، ثم رفعت دعوي من بعض أولاد البائع ببطلان ذلك الإقرار ، فقضي ببطلانه لصدوره أجازة لعقد سبق الحكم ببطلانه بطلانا مطلقا لا تلحقه الأجازة ، ثم رفع المشتري دعوي بمطالبة ورثة البائع بالدين الذي يدعيه في ذمة مورثهم ، فسبب هذه الدعوي ، وهو قيام الدين الذي يدعيه المشتري في ذمة البائع ، يكون مغايراً السبب في الدعويين السابقتين ، وهو انعقاد البيع في الدعوي الأولي وأجازته في الثانية ، وفي هذه الحالة يجب رفض الدفع بعدم جواز سماع الدعوي المذكورة بمقولة سبق الفصل فيها ( نقض مدني 3 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 19 ص 37 ) – وقضت أيضا بأنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن رفع دعوي الحراسة الأولي باعتبارها إجراء موقوتا بالبت في الإشكال الذي رفعه المطعون عليه الأول في تنفيذ العقد الرسمي الذي اشتري الطاعن بموجبه الأطيان موضوع النزاع من المطعون عليه الثاني ، وكانت المحكمة قد قضت برفضها دون أن تبحث توافر شروطها تأسيسا علي أنها صارت غير ذات موضوع بعد الفصل في الإشكال ، وكانت الدعوي الثانية التي رفعها الطاعن بطلب وضع الأطيان تحت الحراسة قد استند فيها إلي منازعة المطعون عليه الأول في ملكيتها ووقتها بالفصل في هذه الملكية فصلا نهائيا ، وكان يبين من ذلك أن السبب الذي بني عليه طلب الحراسة في كل من الدعويين مختلف عن الآخر ، فضلا عن أن المحكمة لم تتعرض في الدعوي الأولي لبحث مسوغات الحراسة لتقول فيها كلمتها ، لما كان ذلك يكون الحكم المطعون فيه ، إذ قضي بعدم جواز نظر دعوي الحراسة الثانية لسبق الفصل فيها ، قد أخطأ تأويل الحكم الصادر في الدعوي الأولي خطأ ترتب عليه خطأه في تطبيق المادة 405 من القانون المدني ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 38 ص 251 ) – وقضت أيضا بأنه لما كان الحكم إذ رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوي لسبق الفصل فيها استند إلي أن المدعيين قد طلبا في الدعوي السابقة الإخلاء لهدم المنزل وإقامة طابقين جديدين مكان الطابقين المزمع هدمهما ، وقد رفضت المحكمة الدعوي لأن إعادة البناء كما كان وعلي نفس المساحة وبذات الارتفاع لا يتحقق معه قصد المحكمة الدعوي لأن إعادة البناء كما كان وعلي نفس المساحة وبذات الارتفاع لا يتحقق معه قصد الشارع من أجازة الإخلاء للهدم وإعادة البناء ، وطلبا في هذه الدعوي الإخلاء للهدم وإعادة البناء بحيث يحتوي أكثر من دورين ، فقد اختلف السبب في الدعويين لتحقق غرض الشارع في هذه الدعوي بحصول التوسعة بالفعل ، وكان هذا الذي جاء بأسباب الحكم مسوغا لاختلاف السبب في الدعويين ، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون علي غير أساس ( نقض مدني 26 مارس سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 115 ص 78 )  .

ومن قضاء محكمة الاستئناف المختلطة ، قضت بأنه حتي تكون للحكم حجية الأمر المقضي يجب اتحاد السبب( 20 ديسمبر سنة 1894 م 7 ص 58 )  . ويتغير السبب إذا استند الخصم إلي عقد بيع آخر غير البيع الذي صدر في شأنه الحكم الأول( 20 مايو سنة 1897 م 9 ص 352 – ومع ذلك انظر : 12 أبريل سنة 1906 م 18 ص 197 ) ، ذلك ألا شيء يجبر الخصم علي أن يتمسك بجميع أسانيده مرة واحده ، فيستطيع إذن أن يتمسك بسند لم يسبق له أن استند إليه ولو كان هذا السند موجود وقت صدور الحكم الأول ( 25 مايو سنة 1892 م 4 ص 282 )  . ويتغير السبب لو استند الخصم إلي دفع غير المستحق بعد أن كان قد استند إلي العقد ( 3 فبراير سنة 1916 م 28 ص 138 ) ، أو رفع الدعوي غير المباشرة بعد إخفاقه في دعوي الحوالة ( 21 يونية سنة 1923 م 35 ص 518 ) وإذا حكم في دعوي القسمة للشريك المتقاسم بالملكية في نصيبه ، كان الحكم حجة في دعوي استحقاق يرفعها بعد ذلك أحد الشركاء علي هذا الشريك ( 20 مايو سنة 1943 م 55 ص 165 ) ورفض طلب التعويض عن المقاضاة الكيدية في دعوي قضي فيها باستحقاق الأعيان المتنازع عليها لا يكون حجة في دعوي تعويض أخري عن الضرر الناشيء من حبس هذه الأعيان ( 22 أبريل سنة 1947 م 59 ص 181 )  . ويجوز للدائن ، بعد إقفال قائمة التوزيع ، إذا كشف غشا ارتكبه دائن آخر أدرج في هذه القائمة ، أن يرفع دعوي استرداد غير المستحق علي هذا الدائن دون أن يواجه بحجية الأمر المقضي ( 12 مايو سنة 1949 م 61 ص 122 ) – انظر أيضا : استئناف مختلط 11 مايو سنة 1905 م 17 ص 268 – 17 يناير سنة 1906 م 18 ص 73 – 30 مايو سنة 1906 م 18 ص 301 – 6 مايو سنة 1913 م 25 ص 357 – 12 نوفمبر سنة 1914 م 27 ص 19 – 25 يناير سنة 1917 م 29 ص 175 – 24 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 90 – 7 أبريل سنة 1932 م 44 ص 268 – 17 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 68 – 2 فبراير سنة 1933 م 45 ص 156 – 8 أبريل سنة 1936 م 48 ص 220 – 19 أبريل سنة 1938 م 50 ص 245  .

( [56] ) وقد قضت محكمة النقض بألا حجية في دعوي الملكية للحكم الصادر في دعوي وضع اليد ( نقض مدني 22 مارس سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 222 ص 593 ) – انظر أيضا : استئناف مختلط 12 مارس سنة 1902 م 14 ص 183 – 10 مايو سنة 1902 م 14 ص 185 – 30 مايو سنة 1903 م 15 ص 328 – 22 مارس سنة 1932 م 44 ص 239 – وانظر أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 445 وهامش رقم 100  .

كذلك الحكم في الحيازة في دعوي من دعاوي وضع اليد لا يكون حجة في دعوي إيجار بتسليم العين المؤجرة  . وقد قضت محكمة النقض بأنه متي كان الحكم ، إذ قضي برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوي لسبق الفصل فيها ، قرر أن الدعوي الأولي هي دعوي استرداد حيازة أساسها وضع اليد وما يستوجب القانون من حماية لواضع اليد علي العقار متر توافرت في وضع يده الشروط المقررة لذلك قانونا ، في حين أن الدعوي الثانية تتضمن في موضعها طلب الحكم بتسليم العين المؤجرة باعتبار هذا التسليم حقا من حقوق المستأجر والتزاما من التزامات المؤجر ، وأن السبب الذي يستند إليه المستأجر في رفعها هو عقد الإيجار الذي يطالب بتنفيذه وليس مجرد وضع يده كما هو الحال في الدعوي الأولي ، وأن هذا الخلاف في الموضوع والسبب يمنع من التمسك بحجية الحكم السابق  . إذ قرر الحكم ذلك فإنه يكون قد بين وجوه الخلاف بين الدعويين بيانا وافيا لا قصور فيه ( نقض مدني 2 أبريل سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 117 ص 824 )  .

هذا وإذا خسر المدعي عليه الدعوي ، وكان لديه دفع يستطيع أن يدفعها به ، فالحكم ضده في الدعوي لا يمنعه من رفع دعوي جديدة يثير فيها الدفع الذي أغفله  . فإذا رفع المدعي دعوي استحقاق علي الحائز ، وأثبت سببا للملكية ، ولم يدفع الحائز بأنه كسب الملكية بالتقادم ، فالحكم بملكية المدعي لا يمنع الحائز من رفع دعوي جديدة بملكيته التي تستند إلي التقادم ( أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 85 )  .       

( [57] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1560 ص 1031  .    

( [58] ) جلاسوف وتيسييه 2 فقرة 1013 ص 101 – قارن بيدان وبرو 9 فقرة 1353 ص 458  .    

( [59] ) ومن الأمثلة علي تعدد الدعاوي التي تنشأ من سبب واحد ما قضت به محكمة النقض من أنه إذا بدأ النزاع بين الراهن والمرتهن ، بأن رفع الراهن دعوي طلب فيها بطلان العقد المدني الذي وصف بأنه بيه وحقيقته رهن وبراءة ذمته من الدين لاستهلاكه مقابل ما حصله المرتهن من الريع ، ورفع الدائن دعوي فرعية بإلزام مدينة بالدين كاملا وحبس العين المرهونة ، وانتهي هذا النزع بحكم قضي بإلزام الرهن بأن يدفع للمرتهن مبلغاً معينا باعتباره الباقي له من الدين لغاية سنة 1933 بعد خصم قيمة الريع الذي استولي عليه من فوائد الدين وأصله  . ثم تجدد النزاع ثانية بدعوي رفعها المدين طلب فيها براءة ذمته من المبلغ المحكوم به عليه ، وقضت المحكمة بتعديل هذا المبلغ واعتبار رصيد الدين لغاية 1940 مبلغا معينا ثم أراد المدين أن يبريء ذمته من لمدين ، فعرض علي الدائن المبلغ المحكوم به نهائيا وملحقاته  . فرفع الدائن بدوره دعوي أخري ضد المدين بمبلغ عينه طالبه به علي أنه مقابل ريع الأرض المرهونة من سنة 1923( تاريخ العقد ) إلي سنة 1942 ، مدعيا أنه لم يحصل شيئا من الريع لبقاء الأرض في يد المدين طوال هذه المدة فإن هذه الدعوي لا تكون مقبولة بالنسبة إلي المطالبة بالريع لغاية سنة 1940 لسبق الفصل فيها  . إذ السبب فيها ، كما في جميع الدعاوي السابقة ، هو عقد المديونية الذي أنشأ الرابطة القانونية بين الراهن والمرتهن ، فإن الدائن إذ يطالب بالريع إنما يعتمد في طلبه علي الحق الذي استمده من العقد بصفته مرتهنا حيازيا ، والمدين حينما يطلب براءة ذمته إنما يتخذ من انقضاء الدين لسبب من أسباب الانقضاء أساسا لطلبه ، وهذا الأساس يرد إلي عقد الرهن  . وغير صحيح القول بأن سبب دعوي المرتهن الأخيرة هو وضع يد المدين علي العين المرهونة ، فإن استحقاق الدائن لهذا الريع لا سبب له قانونا إلا العقد المذكور الذي يخوله حق الاستيلاء علي ريع العين المرهونة سواء ظلت في حيازته أو انتقلت إلي حيازة الغير بطريق الإجارة أو غيرها  . والموضوع أيضا واحد في جميع هذه الدعاوي ، وهو بقاء الدين أو انقضاؤه وغير صحيح كذلك القول بأن موضوع القضايا السابقة كان مقصوراً علي بطلان العقد وموضوع الدعوي الأخيرة هو المطالبة بريع العين ، فإن بطلان العقد لم يكن إلا تواطئه للطلب الأساسي وهو براءة ذمة الراهن لاستهلاك الدين في الريع علي أساس أن المعاملة قرض مكفول برهن وأن ما حصله المرتهن من غلة العين المرهونة وفي الدين وفوائده ، والمحكمة في صدد بحث هذا الطلب في القضايا السابقة سمعت دفاع المرتهن في مقدار الغلة وفي إدعائه عدم الحصول عليها ، ثم قررت ما حصله منها والفائدة التي يستحقها وقامت بعملية الاستهلاك ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر رقم 206 ص 565 )  .  

( [60] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 89  .    

( [61] ) وقد انقسم الفقهاء في فرنسا في هذه المسألة  . ففريق يذهب إلي أن عيوب الرضاء – الغلط والتدليس والإكراه – عيوب مستقلة كي عيب منها عن الآخر ، ولا تندمج في سبب واحد ، بل يتعدد السبب بتعدد العيب ، وكذلك شأن عيوب الشكل وعيوب نقص الأهلية وعيوب المحل وعيوب السبب ، ( ديمولومب 30 فقرة 334 – لوران 20 فقرة 75 – هيك 8 فقرة 329 – فقرة 330 – بودري وبارد 4 فقرة 2681 – وانظر في هذا المعني في الفقه المصري الأستاذ أحمد نشأت في الإثبات جزء 2 فقرة 673 – الأستاذ سليمان مرقس في أصول الإثبات فقرة 182 ص 327 – ص 328 – وقد كنا ممن يقول بهذا الرأي – الموجز فقرة 713 ص 744 – ولكن الخطة التي سرنا عليها في هذا البحث هي ، كما قدمنا ، إدماج الأسباب الفرعية في السبب الرئيسي ، حتي لا يتعدد السب الواحد ، فتتأبد المنازعات )  . وفريق آخر يذهب ، علي العكس من ذلك ، إلي إدماج جميع أسباب البطلان – عيوب الشكل والرضا والأهلية والمحل والسبب – في سبب واحد ، فيحوز الحكم في أي عيب منها حجية المر المقضي بالنسبة إلي العيوب الأخري ( بونييه فقرة 876 – جريوليه ص 109 ) ، وظاهر أن هذا الرأي المتطرف يقوم عل الخلط ما بين المحل والسبب ، فالبطلان هو المحل لا السبب ، أما سبب البطلان فليس واحدا بل يتعدد ، ومنه ما يرجع إلي الشكل ومنه ما يرجع إلي الرضاء ومنها ما يرجع إلي الأهلية  . وفريق ثالث يقسم أسباب البطلان إلي أسباب رئيسية ، ويدمج في كل سبب رئيسي ما يتفرغ عنه من أسباب ، ويقف في تعدد السبب عند السبب الرئيسي لا السبب الفرعي ( تولييه 10 فقرة 165 – فقرة 166 – ماركادية 5 م 1351 – لاروميبير 7 م 1351 فقرة 81 – فقرة 83 – أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 89 وهامش رقم 90 ) وهذا هو الرأي الذي سرنا عليه ، ويبدو أنه هو الرأي الذي ساد في الفقه الفرنسي المعاصر ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1560 ص 1032 – ص 1033 – بيدان ورو 9 فقرة 1354 – 461 – ص 462 )  .    

( [62] ) قارب بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1560 ص 1031 – ص 1032 – نقض فرنسي 23 ديسمبر سنة 1947 سيريه 1948 – 1 – 62 – 15 نوفمبر سنة 1948 مجلة النقض ص 977  .

وغني عن البيان ان من يطعن في العقد بالبطلان يستطيع أن يعود إلي المطالبة بفسخ العقد ( بودري وبارد 4 فقرة 2683 ) أو إلي الطعن في العقد بالدعوي البولصية ، والطعن في العقد بالدعوي البولصية لا يمنع من العودة إلي الطعن في العقد بدعوي الصورةي ( بلانيولوريبير وجابولد 7 فقرة 1560 ) ، فهذه كلها أسباب مختلفة  . ورفض الطعن في البيع بوقوعه في مرض الموت لا يمنع من الطعن فيه باعتباره هبة في غير ورقة رسمية( محكمة الإسكندرية الأهلية 30 ديسمبر سنة 1906 المجموعة الرسمية 8 رقم 57 / 1 ص 122 – منيا القمح في 2 مايو سنة 1906 الحقوق 22 ص 86 )  . والحكم بصحة عقد باعتباره صادراً من المورث بعد إنكار التوقيع عليه من بعض الورثة لا يمنع الورثة المذكورين من الطعن في العقد بعد ذلك لاعتباره صادراً في مرض الموت ( استئناف مصر 15 مايو سنة 1923 المجموعة الرسمية 24 رقم 104 ص 176 – عكس ذلك : بني سويف الكلية 14 ديسمبر سنة 1921 المحاماة 2 رقم 74 ص 237  . وهو حكم منتقد : الموجز للمؤلف فقرة 712 ص 744 هامش رقم 1 )  .

( [63] ) الموجز للمؤلف فقرة 713 ص 744 – ص 745 – ومع ذلك فقد قضت محكمة مصر الأهلية بأنه إذا دفع المدعي عليه دعوي المدعي الذي يطالبه بدين بمقتضي سند بأنه قام بسداد الدين وأن فدعه يبرئه ، وإذا حكمت المحكمة المدنية برفض هذا الدفع ، فلا مانع يمنع المدعي عليه من الإدعاء مدنيا أمام المحكمة الجنائية مطالبا بتعويض عن تزوير سند الدين ، لأن الموضوع مختلف عن موضوع القضية المدنية  . فالموضوع الأول هو براءة الذمة ، والموضوع الثاني هو التعويض عن فعل الجنحة  . ثم أن السبب أيضا مختلف اختلافا جوهريا ، لأن الدفع الذي رفض أولا أمام المحكمة المدنية كان قائما علي براءة الذمة من الالتزام ، ولكن السبب القانوني الذي يرتكن عليه المدعي المدني هو المسئولية الناشئة عن الجنحة ، وهذا أمر مختلف عن الأول ( 10 مارس 1932 المحاماة 13 ص 560 )  .

( [64] ) استئناف مختلط 20 مايو سنة 1897 م 9 ص 352 – 21 ديسمبر سنة 1948 م 61 ص 63 – الزقازيق الكلية 25 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 رقم 161 ص 258 – أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 107  .

وقضت محكمة الزقازيق بأنه إذا رفعت دعوي بالمطالبة بملكية عقار ارتكانا علي سبب قانوني وهو الميراث ، وفصل في تلك الدعوي ، فليس هناك ما يمنع المدعي الذي صدر الحكم ضده في هذه الدعوي من أن يرفع دعوي أخري مرتكنا علي عقد البيع الصادر إليه من بعض الورثة عن جزء من العقار نفسه ، حتي لو ثبت أن ذلك البيع قد انعقد في تاريخ سابق علي الدعوي الأولي وذلك لاختلاف السبب في الدعويين ( 25 ديسمبر سنة 1928 المحاماة 9 ص 258 )  .

هذا وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأن من رفضت دعواه في الشفعة بصفته شريكا له أن يرفعها بصفته جاراً ، ولا يقبل الدفع بحجية الأمر المقضي لأن السبب في الدعوي ليس واحداً في الحالتين ( 17 مارس 1904 المجموعة الرسمية 6 رقم 14 / 1 ص 28 ) ولسنا نري في تعدد أسباب الأخذ بالشفعة إلا أسبابا فرعية ترجع إلي سبب رئيسي واحد ، والقضاء في سبب منها قضاء في سائر الأسباب  . 

( [65] ) وهذا هو ما جري عليه قضاء محكمة النقض في دائرتها المدنية  . فقد قضت بأن الراجح في باب قوة الشيء المحكوم به هو اعتبار كل ما تولد به للمضرور حق في التعويض عن شخصه أو عن ماله قبل من أحدث الضرر أو تسبب فيه – كلي ذلك هو السبب المباشر المولد للدعوي بالتعويض مهما تنوعت أو تعددت علل التعويض أو أسبابه ، لأن ذلك جميعا من وسائل الدفاع أو طرقه ( moyens ) فهما كانت طبيعة المسئولية التي بحثها القاضي في حكمه الصادر برفض دعوي التعويض ، ومهما كان النص القانوني الذي استند إليه المدعي في طلباته أو النص الذي اعتمد عليه القاضي في حكمه ، فإن هذا الحكم يمنع المضرور من إقامة دعوي تعويض أخري علي من حكم قبله برفض دعواه ، لأنه يعتبر دالا بالاقتضاء علي انتفاء مسئولية المدعي عليه قبل المدعي عما أدعاه عليه أيا كانت المسئولية التي أسس عليها طلبه ، عقدية أو غير عقدية أو تقصيرية ، علي معني أن كل ذلك كان من طرق الدفاع ووسائله في دعوي التعويض ، وإن لم يتناوله البحث بالفعل فيها ، ولم يكن ليبرر الحكم للمدعي علي خصمه بتعويض ما ( نقض مدني 5 يناير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 154 ص 452 )  . وقضت محكمة النقض أيضا في دائرتها المدنية بأن المراد في وحدة الدعويين في صدد قوة الشيء المحكوم فيه هو علي ماهية الموضوع في كل دعوي والسبب المباشر الذي تولدت عنه كل منهما ، فإذا كان موضوع الدعوي الأولي بين الخصوم هو المطالبة بتعويض وسببها حفر مسقي ، وموضوع الدعوي الثانية المطالبة بتعويض أيضا وسببها هي الأخري حفر المسقي ، وموضوع الدعوي الثانية المطالبة بتعويض أيضا وسببها هي الأخري حفر المسقي نفسها ، فلا يؤثر في وحدتهما اختلاف عله السبب المطلوب التعويض من أجلة ولا قيمة التعويض المطالب به( نقض مدني 15 أبريل سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 46 ص 115 ) – أما الدائرة الجنائية لمحكمة النقض فتجري علي غير ذلك ، ذاهبة إلي أنه إذا رفضت الدعوي علي أساس نوع معين من المسئولية لم يحز الحكم حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي الأنواع الأخري ، فالسبب في دعوي المسئولية هو نوع الخطأ الذي قامت عليه – فيتميز الخطأ العقدي عن الخطأ التقصيري كما يتميز الخطأ الثابت عن الخطأ المفروض – لا قيام المسئولية في ذاتها  . ومما قضت به في هذا المعني أنه ما دامت الدعوي قد رفعت علي أساس المسئولية التقصيرية ، والمدعي لم يطلب أن يقضي له فيه بالتعويض علي أساس المسئولية التعاقدية – أن صح أن يطلب ذلك أمام المحكمة الجنائية – فليس للمحكمة أن تتبرع من عندها فتبني الدعوي علي سبب غير الذي رفعها صاحبها به ، فإنها إذ تفعل تكون قد حكمت بما لم يطلبه منها الخصوم ، وهذا غير جائز في القانون ( نقض جنائي 8 مارس سنة 1943 المحاماة 25 رقم 45 ص 132 ) – وقضت كذلك بأنه ما دامت الدعوي المدنية قد رفعت أمام المحكمة الجنائية ، فإن هذه المحكمة إذا انتهت إلي أن أحد المتهمين هو وحده الذي قارف الجريمة المطلوب التعويض عنها ، وأن المتهمين الآخرين أحدهما لم يقع منه سوي تقصير في الواجبات التي يفرضها عليه العقد المبرم بينه ( وهو مستخدم ببنك التسليف ) وبين المدعي بالحقوق المدنية ( وهو بنك التسليف ) والآخر لم يثبت وقوع أي تقصير منه – إذا انتهت المحكمة إلي ذلك – يكون متعينا عليها ألا تقضي بالتعويض إلا علي من تثبت عليه الجريمة ، وأن تقضي برفض الدعوي بالنسبة للمتهمين الآخرين ، لأن حكمها عل المتهم الذي خالف شروط العقد لا يكون إلا علي أساس المسئولية التعاقدية وهو غير السبب المرفوعة به الدعوي أمامها ، وهذا لا يجوز في القانون ، ولأن حكمها بالتعويض علي المتهم الآخر ليس له ما يبرره ما دام لم يثبت وقوع أي خطأ منه  . أما القول بأن المحكمة كان عليها في هذه الحالة أن تحكم بعدم الاختصاص في الدعوي المدنية بالنسبة لهذين المتهمين ، أحدهما أو كليهما ، لا برفضها ، فمردود بأنه ما دامت الدعوي قد رفضت علي أساس انعدام المسئولية التقصيرية ، فإن ذلك لا يمنع المدعي بالحقوق المدنية ، وليس من شأنه أن يمنعه ، من رفعها أمام المحاكم المدنية بناء علي سبب آخر هو المسئولية التعاقدية ( نقض جنائي 30 مايو سنة 1943 المحاماة 26 رقم 37 ص 81 ) وانظر أيضا في هذا المعني : نقض جنائي أول فبراير سنة 1943 المحاماة 24 رقم 161 ص 480 – أول مارس سنة 1943 المحاماة 25 رقم 26 ص 49 – 17 ديسمبر سنة 1945 المحاماة 27 رقم 394 ص 1006 – 18 مارس سنة 1946 المحاماة 27 ملحق جنائي 99 – 58 استئناف مختلط 8 نوفمبر سنة 1899 م 12 ص 19 – أما القضاء في فرنسا فقد جريء علي نحو ما تجري عليه الدائرة الجنائية لمحكمة النقض عندنا ، فهو يذهب إلي أن السبب دعوي المسئولية هو نوع الخطأ الذي تقوم عليه المسئولية ، فلا يجوز للمدعي أن يترك الخطأ التقصيري إلي الخطأ العقدي ، أو يترك الخطأ الثابت إلي الخطأ المفروض ، وإلا كان ذلك طلبا جديداً لا يجوز له أن يتقدم به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، ولا يجوز هذا أيضا للقاضي ، وإلا كان ذلك قضاء في شيء لم تطلبه الخصوم ، وإذا رفضت دعوي المسئولية علي أسا نوع معين من الخطأ فإن الحكم لا يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة إلي الأنواع الأخري ( انظر في القضاء الفرنسي وفي نقده مازو 3 فقرة 2097 – فقرة 2101 ) وانظر في هذا المسألة الوسيط جزء أول فقرة 622 – الأستاذ سليمان مرقص : مجلة القانون والاقتصاد 15 ص 219 – ص 238 – و 17 العدد الثاني – أصول الإثبات فقرة 182 ص 330 – ص 331 – هذا وقد قضت الفقرة الأخيرة من المادة 411 من تقنين المرافعات بما يأتي : ” وكذلك يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي علي حالة تغيير سببه والإضافة إليه ”  . وهذا الحكم يسمح لمن رفع دعوي المسئولية العقدية في محكمة أول درجة أن يستند إلي المسئولية التقصيرية في محكمة الاستئناف أو بالعكس وذكل يجوز لمن استند إلي نوع من المسئولية التقصيرية في محكمة أول درجة أن يستند إلي نوع آخر من هذه المسئولية في محكمة الاستئناف  .

( [66] ) وهذه الأدلة أو الوسائل أو الحجج ( moyens arguments ) تدعي بالأسباب البعيدة ( causae remotae ) – أما السبب ( cause ) فيدعي بالسبب القريب ( causa proxima ) ( أنظر أوبري ورو 12 فقفرة 769 هامش رقم 87 و 88 )  .    

( [67] ) قارن الموجز للمؤلف فقرة 713 ص 745 – ص 746 – وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه من المقرر أن استرداد ما أخذ دون حق لا يمنعه سبق صدور حكم في خصومة لم يعرض فيها علي المحكمة حصول تسديد مبلغ وتقديم سندات مثبتة للسداد ( 29 يونية سنة 1933 المحاماة 14 رقم 133 / 2 ص 249 ) وقضت أيضا بأنه إذا كان الحكم القاضي بالين لم يتناول إلا البحث في وجود الدين ، ولم يتعرض للبحث في سداده ، فالحكم الصادر بالدين لا يمكن أن يكسب حجية الأمر المقضي بالنسبة لأداء الدين لأنه لم يفصل فيه ، وعلي ذلك يصح رفع دعوي ببراءة الذمة عن الدين المحكوم به  . أما إذا كان الحكم قد بحث في الأداء ، فإنه يكسب حجية الأمر المقضي لأنه فصل فيه ، ولا يصح حينئذ رفع الدعوي من جديد ببراءة الذمة مما حكم به ( 3 أبريل سنة 1933 المحاماة 14 رقم 42 / 2 / ص 82 ) – انظر أيضا : استئناف أهلي 27 نوفمبر سنة 1894 القضاء 2 ص 26 – بني سويف الجزئية 15 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 14 رقم 228 / 2 ص 442 – استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 74 – 23 فبراير سنة 1911 م 23 ص 198 – 14 نوفمبر سنة 1912 م 25 ص 21 – 13 فبراير سنة 1913 م 25 ص 178  .

( [68] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا ادعي مدين أنه سدد الدين المطلوب الحكم به عليه ، ثم حكم بإلزامه بهذا الدين ، وتناول هذا ما كان يدعيه من التخالص من الدين بالوفاء قائلا انه غير ثابت لعدم تقديم أية مخالصة ، فليس لهذا المدين بعد ذلك أن يدعي براءة ذمته بدعوي جديدة بناء علي مخالصة يجدها بعد ذلك( نقض مدني 30 نوفمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 7 ص 16 ) – وقضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه لا يجوز لمن قضي عليه نهائيا بدين ، ثم دفعه بناء علي هذا الحكم ، أن يطالب بعد ذلك برد ما دفعه ارتكانا علي مخالصة سابقة لتاريخ الحكم نظرت أثناء الدعوي ولم تأخذ بها المحكمة ، لأن قوي الشيء المحكوم فيه تحول دون ذلك ( 14 فبراير سنة 1921 المحاماة 1 رقم 113 ص 527 ) انظر أيضا : بني سويف استئنافي 26 يناير سنة 1921 المجموعة الرسمية 23 رقم 65 ص 102 – مصر الأهلية 31 مايو سنة 1937 المحاماة 18 رقم 131 ص 260 – نجع حمادي 14 يونية سنة 1938 المجموعة الرسمية 40 رقم 2 ص 41 – وقارن بني سويف استئنافي 29 سبتمبر سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 23 ص 40  .

وانظر في هذه المسألة الأستاذ عبد السلام ذهني في الأدلة 2 ص 214 – ص 221  .

( [69] ) محكمة الجيزة 11 مايو سنة 1898 الحقوق 13 ص 312 – أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 450 – الموجز للمؤلف فقرة 713 ص 745 – ص 746  .

هذا وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا قضي للمدعي بتثبيت حقه في القرار علي الأرض المتنازع عليها ، وكان المدعي عليه مختصما في هذه الدعوي بصفته متلقيا حق الملكية في هذه الأرض من شخص آخر باعها لها ، ثم أنشأ المدعي عليه مباني علي تلك الأرض ، فرفع المحكوم له بحق القرار عليها دعوي طلب فيها الحكم بغزالة هذه المباني ، فقضي له بذلك ، وكان المدعي عليه مختصما في الدعوي الثانية بصفته مشتريا لحق الرقبة من وزارة الأوقاف ، فإن السبب القانوني في الدعويين واحد ، وهو حق القرار علي الأرض  . أما اختصام المدعي عليه في الدعوي الأولي بصفة واختصامه في الدعوي الثانية بصفة أخري فلا يعد سببا في كل دعوي من الدعويين اللتين اختصم فيهما باعتباره مدعي عليه ، وإنما هو تدليل لما يدعيه من حقوق علي الأرض المتنازع عليها لا تأثير له في وحدة السبب في الدعويين ، وغاية ما في الأمر أنه كان في الدعوي الأولي يستند إلي تلقي حقه من شخص وفي الدعوي الثانية إلي تلقيه من شخص آخر ( نقض مدني 7 مايو سنة 1938 مجموعة عمر 1 رقم 354 ص 1101 )  .

وقضت أيضا بأنه إذا كان موضوع الدعوي هو طلب الشفعة في جميع الأطيان المبيعة ، وكان من أسبابها الشيوع الكلي في عموم الأطيان الموروثة التي منها الأطيان المبيعة أو الشيوع الجزئي في تلك الأطيان ذاتها ، واستعبدت المحكمة هذين السببين من الدعوي لحصول القسمة بين الورثة ، وصار هذا الحكم نهائيا ، ثم تمسك الشفيع – عند النظر في سبب الجوار – باستحقاقه للشفعة في جزء من الأرض المبيعة ، قولا منه بأن هذا الجزء استصلحه المورث من قطعة هو شريك فيها من الشيوع لم تتناولها القسمة وأدخل في قطعة أخري هي القطعة المبيعة فصار منها مه بقائه شائعا ، هذا منه تجديدا للنزاع الذي سبق الفصل فيه ، وهو غير جائز له ، إذ ليس هذا القول سببا جديداً ، وإنما هو دليل جديد علي الشيوع الذي سبق القضاء بنفيه ( نقض مدني 13 فبراير سنة 1942 مجموعة عمر 5 رقم 155 ص 351 )  .

وقضت أيضا بأنه إذا كان المدعي عليه قد طلب أصليا رفض طلب الريع الذي طالبت به أخته ، واحتياطيا إحالة الدعوي إلي التحقيق ليثبت أن المدعية استولت منه علي هذا الريع إذا كانت تقيم معه وهي مريضة وصرف عليها طوال مدة مرضها مبالغ تزيد علي مالها ، فقضت الحكمة بإلزامه بقيمة الريع استنادا إلي أنه كان ينكر علي المدعية وراثتها لوالده ، مما يدل علي أنه لم يعطها شيئا من الريع ، فعاد فرفع الدعوي علي الأخت يطالبها فيها بمصروفات العلاج المشار إليها ، فقضت المحكمة بعدم جواز نظر هذه الدعوي لسبق الفصل فيها ، فإنها لا تكون قد أخطأت ، لأن الموضوع في الدعويين بينه وبين أخته واحد وهو التخلص من الريع ، لا يغير من وحدته كون التخلص حصل بالوفاء به نقداً أو بالصرف في العلاج ( نقض مدني 29 أكتوبر سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 153 ص 429 – والحكم محل للنظر ، فقد تمسك المدعي عليه في الدعوي الأولي ، كطلب احتياطي ، بالمقاصة بين الريع ومصروفات العلاج  . ويبدو أن المحكمة لم تبحث هذا الطلب الاحتياطي ، واقتصرت علي استخلاص قرينة علي عدم الوفاء بالريع من إنكار المدعي عليه الوراثة أخته  . فلا شيء يمنع في هذه الحالة ، وبعد الحكم بالريع ، من تجديد النزاع في شأن مصروفات العلاج التي لم يفصل الحكم الأول  . ولعل المحكمة قد تأثرت بإنكار المدعي عليه لوراثه أخته ، وهو إنكار ينطوي علي تعنت في الدفاع )  .

وفي تعدد الدليل ، قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن تغير جهة الوراثة هو تغيير في الدليل لا في السبب ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1938 م 50 ص 245 )  .

وفي وحده السبب وتعدده قضت هذه المحكمة بأنه إذا صدر حكم بصحة عقد ، فلا يجوز بعد ذلك الطعن في دعوي جديدة بصورية هذا العقد وإبراز ورقة الضد ( 10 يونية سنة 1891 م 3 ص 387 )  . ولكن إذا رفعت دعوي بصحة عقد ، ودفع فيها بنقص الأهلية للقصر ، فالحكم في هذا الدفع لا يكون حجة في دعوي أخري بصحة عقد آخر ( استئناف مختلط 2 مارس سنة 1892 م 6 ص 126 ) وقضت محكمة إسنا بأن للمستأجر الذي حكم عليه نهائيا بدفع الأجرة ، فدفعها أدعانا للحكم ، أن يطالب المؤجر برد ما تسلمه إذا نزع العقار من يد المستأجر بعد ذلك بناء علي حكم صدر لمصلحة شخص ثالث في دعوي أخري رفعت بعد الدعوي الأولي وكان المؤجر طرفا فيها ، وليس لهذا الأخير أن يدفع مطالبة المستأجر بالرد بحجية الأمر المقضي ( 27 نوفمبر سنة 1920 المجموعة الرسمية 33 رقم 80 )  .

( [70] ) انظر من الأمثلة علي ذلك : نقض مدني 28 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 206 ص 565 ، وقد سبقت الإشارة إلي هذا الحكم  .  

( [71] ) أوبري ورو 12 فقرة 769 هامش رقم 101  .  

( [72] ) انظر أيضا المادتين 433 و 434 من التقنين المدني ( حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو فسخ العقد إذا وجد عجز في المبيع  . 

( [73] ) انظر في أمثلة أخري أوبري ورو 12 فقرة 769 ص 446 – ص 447 – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بقيام الحجية الأمر المقضي ، حتي لو رفعت الدعوي الأولي في صورة معارضة في تنبيه نزع الملكية مبنية علي ملكية المعارض للأعيان المتنازع فيها ، ورفعت الدعوي الثانية في صورة دعوي استحقاق لهذه الأعيان ( 23 فبراير سنة 1911 م 13 ص 198 )  .

 ( [74] ) الموجز للمؤلف ص 714  .      

المصدر: محامي في الأردن

المصدر-  توكيل محامي

   

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s