القرائن القانونية


القرائن القانونية

321 – النصوص القانونية : تنص المادة 404 من التقنين المدنى على ما يأتى :

 ” القرينة القانونية تعفى من تقررت لمصلحته عن أية طريقة أخرى من طرق الإثبات . على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكس ، ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك( [1] ) .

  598  

ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق . على أن الأحكام تكاد تكون واحدة فى القانونين القديم والجديد ، إلا أن التقنين الجديد حسم الأمر فى خصوص القرينة القاطعة أو المطلقة ، فقرر ، كما نرى ، أن القرينة لا تكون قاطعة إلا بنص القانون ، أى إلا إذا نص القانون على أنها لا تقبل النقض .

ويقابل النص فى التقنينات العربية الأخرى : فى قانون البينات السورى المادة 89 ، وفى التقنين المدنى العراقى المادة 502 ، وفى تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى المادتين 303 و 306 ، وفى التقنين الليبى المادة 392( [2] ) .

ويقابل فى التقنين المدنى الفرنسى المادتين 1350 و 1352( [3] ) .

  599  

ونتكلم فى مسالتين :

( 1 ) ركن القرينة القانونية والمهمة التى تقوم بها هذه القرينة .

( 2 ) حجية القرينة القانونية فى الإثبات .

المبحث الأول

ركن القرينة القانونية والمهمة التى تقوم بها هذه القرينة

322 – ركن القرينة القانونية هو نص القانون – القرينة القانونية والقرينة القضائية : قدمنا ، عند الكلام فى القرائن القضائية ، أن للقرينة القضائية عنصرين :

( 1 ) واقعة ثابتة يختارها القاضى وتسمى علامة أو أمارة ( indice ) .

( 2 ) وعملية استنباط يقوم بها القاضى ليصل من هذه الواقعة الثابتة إلى الواقعة المراد إثباتها . وقلنا إن هذين العنصرين هما من عمل القاضى : الواقعة الثابتة هو الذى يختارها ، وعملية الاستنباط هو الذى يجريها . وللقاضى سلطة واسعة فى كل ذلك .

  600  

أما القرينة القانونية فعلى العكس من ذلك لا عمل فيها للقاضى ، بل أن العمل كله للقانون . فركن القرينة القانونية هو نص القانون وحده . فهو الذى يختار العنصر الأول ، أى الواقعة الثابتة . وهو الذى يجرى عملية الاستنباط فيقول : ما دامت هذه الواقعة قد ثبت ، فإن واقعة أخرى معينة تثبت بثبوتها . مثل ذلك ما تنص عليه المادة 91 من التقنين المدنى من أن وصول التعبير عن الإرادة إلى التعبير عن الإرادة . ويستنبط منها القانون واقعة أخرى ، هى العلم بهذا التعبير ، يعتبرها القانون هى أيضاً ثابتة . وقس على ذلك القرائن القانونية التى أقامها التقنين المدنى فى المادتين 238 و 239 وغيرهما من النصوص .

فعنصر القرينة القانونية إذن هو نص القانون ، ولا شيء غير ذلك . ولا يمكن أن تقوم قرينة قانونية بغير نص من القانون . وإذا وجد النص ، فقامت القرينة القانونية ، فإنه لا يمكن أن يقاس عليها قرينة قانونية أخرى بغير نص ، اعتماداً على المماثلة أو الأولوية . بل لابد من نص خاص أو مجموع من النصوص لكل قرينة قانونية ( [4] ) .

ولا سلطة للقاضى فى القرينة القانونية كما قدمنا . ويغلب أن تكون القرينة  601  القانونية فى الأصل قرينة قضائية ، انتزعها القانون لحسابه ، فنص عليها ، وحدد مداها ، ونظم حجيتها ، ولم يدع للقاضى فيها عملا ( [5] ) . فالحقيقة القضائية هنا هى من عمل القانون وحده ، يفرضها على القاضى وعلى الخصوم . وذلك على خلاف الحقيقة القضائية المستمدة من القرينة القضائية ، فهى من عمل القاضى ( [6] ) .

ومن هنا تتبين خطورة القرائن القانونية . فهى ، وإن كانت تقام على فكرة ما هو راجع الوقوع ( idée de probabilite ) ، يقيمها القانون مقدماً ، ويعممها ، دون أن تكون أمامه الحالة بالذات التى تطبق فيها كما هو الأمر فى القرائن القضائية . ومن ثم تتخلف حالات –تتفاوت قلة وكثرة – لا تستقيم فيها القرينة القانونية( [7] ) .

  602  

323 – مهمة القرينة القانونية هى الإعفاء من الإثبات : وتختلف القرينة القضائية عن القرينة القانونية فى أن الأولى تعتبر دليلا إيجابياً فى الإثبات ، وإن كانت دليلا غير مباشر . هى أولا دليل إيجابى : لأن الخصم يتوسل بها إلى إثبات دعواه ، وعليه هو أن يستجمع عناصرها ويلم شتاتها ويتقدم إلى القاضى باستنباط الواقعة المراد استخلاصها منها ، والقاضى بعد حر فى مسايرة الخصم ، فقد يسلم بثبوت الواقعة التى هى أساس القرينة وقد لا يسلم ، وقد يقر استنباط الخصم وقد لا يقر ، ولكنه على كل حال ليس ملزماً أن يستجمع هو بنفسه القرائن وأن يستخلص منها دلالتها ، بل على الخصم يقع عبء تقديم القرينة ، وإن كان للقاضى أن يأخذ من تلقاء نفسه بقرينة فى الدعوى لم يتقدم بها الخصم . والقرينة القضائية ثانياً دليل غير مباشر : لأن الواقعة الثابتة ليست هى نفس الواقعة المراد إثباتها ، بل واقعة أخرى قريبة منها ومتعلقة بها ، بحيث إن ثبوت الواقعة الأولى على هذا النحو المباشر يعتبر إثباتاً للواقعة الثانية على نحو غير مباشر .

أما القرينة القانونية فهى ليست دليلا للإثبات ، بل هى إعفاء منه ( Disqense de Preuve ) . فالخصم الذى تقوم لمصلحته قرينة قانونية يسقط عن كاهله عبء الإثبات ، إذا القانون هو الذى تكفل باعتبار الواقعة المراد إثباتها  603  ثابتة بقيام القرينة ، وأعفى الخصم من تقديم الدليل عليها . وتستوى فى ذلك القرينة القانونية القاطعة والقرينة القانونية البسيطة ، فسنرى أن القرينة القانونية البسيطة هى أيضاً إعفاء من الإثبات ، وأن جواز إقامة الدليل على عكسها ليس إلا نزولا على أصل من أصول الإثبات يقضى بجواز نقض الدليل بالدليل .

والقرينة القانونية تعفى من الإثبات فى الدائرة التى رسمها لها القانون ، ولو فى تصرف قانونى تزيد قيمته على عشرة جنيهات ، أى فى دائرة لا تقبل فيها القرينة القضائية .

324 – ولكن يجب على الخصم إثبات الواقعة التى تقوم عليها القرينة القانونية : على أن القرينة القانونية إذا كانت إعفاء من إثبات الواقعة المراد إثباتها ، فهى ليست إعفاء من إثبات الواقعة التى تقوم عليها القرينة ، والتى يعتبر القانون أن إثباتها هو إثبات للواقعة الأولى .

مثل ذلك أن التقنين المدنى ، فى المادة 587 ، يقضى بأن الوفاء بقسط من الأجرة قرينة على الوفاء بالأقساط السابقة على هذا القسط . فالقانون هنا أقام قرينة قانونية على واقعة الوفاء بقسط سابق من الأجرة ، وأقامها على واقعة الوفاء بقسط لاحق . فواقعة الوفاء بقسط سابق هى الواقعة المراد إثباتها ، وقد اعتبرها القانون ثابتة وأعفى المستأجر من إثباتها . وواقعة الوفاء بقسط لاحق هى الواقعة التى تقوم عليها القرينة ، ولم يعف القانون المستأجر من إثباتها ، بل يجب على هذا أن يثبتها وفقاً للقواعد العامة ( [8] ) . فإن كان القسط اللاحق لا يزيد على عشرة جنيهات كان للمستأجر أن يثبت الوفاء به جميع الطرق ، وإن زاد على هذا المبلغ لم يجز إثبات الوفاء به إلا بالكتابة .

  604  

325 – فالقرينة القانونية هى نقل الإثبات من محل إلى آخر : ونرى من ذلك أن القرينة القانونية ليست فى الواقع إلا نقلا للإثبات من محله الأصلى إلى محل آخر ( Deplacement de Preuve ) . فالواقعة المراد إثباتها –وهى المحل الأصلى – يزحزح القانون عنها الإثبات ، ويحوله إلى واقعة أخرى قريبة منها . فإذا ثبتت هذه الواقعة الأخرى ، اعتبرت الواقعة الأولى ثابتة بحكم القانون .

326 – الحكمة فى القرائن القانونية : وترجع الحكمة فى النص على القرائن القانونية إلى أمور ، منها ما يتعلق بالمصلحة العامة ، ومنها ما يتعلق بمصالح الأفراد .

أما ما يتعلق بالمصلحة العامة ، فقد يكون ذلك :

( 1 ) لتحقيق هذه المصلحة ، كما هو الأمر فى حجية الأمر المقضى . فقد وضع الشارع قرينة قانونية تقضى بأن الحكم صحيح فيما قضى به ، فلا تجوز العودة إلى مناقشته إلا بطريق من طرق الطعن المقررة . ولو لم يفعل الشارع ذلك لأصبحت الأحكام القضائية مقلقلة مزعزعة ، ولما اطمأن المحكوم له إلى حقه الثابت بالحكم ، فوجب وضع هذه القرينة القانونية تحقيقاً لمصلحة عامة . هى احترام الأحكام ووضع حد للخصومة والنزاع .

( 2 ) لتضييق السبل على من يحاول الاحتيال على القانون . ذلك أن القانون قد يضع أحكاماً يعتبرها من النظام العام ، ويحتاط حتى لا تخالفها الناس فى تعاملها ولو بطريق غير مباشر ، فيضع قرائن قانونية تبطل ضروباً من التعامل تراد بها مخالفة هذه الأحكام . مثل ذلك القاعدة التى تقضى بأن الوصية لا يجوز أن تزيد على ثلث التركة ، قد تحتال الناس على مخالفتها بتسمية الوصية بيعاً أو هبة أو أى تصرف قانونى آخر . فوضع الشارع قرينة قانونية ، فى المادة 916 من التقنين المدنى ، تقضى بأن ” كل عمل قانونى يصدر من شخص فى مرض الموت ، ويكون مقصوداً به التبرع ، يعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت ، وتسرى عليه أحكام الوصية أيا كانت التسمية التى تعطى لهذا التصرف ” . فجعل صدور التبرع  605  فى مرض الموت قرينة على أن التبرع وصية ( [9] ) .

وأما ما يتعلق بمصالح الأفراد ، فقد يكون ذلك :

( 1 ) لتعذر الإثبات فى بعض الأحوال تعذراً قد يصل على درجة الاستحالة ، فيعمد الشارع إلى وضع قرينة تعفى من هذا العبء . مثل ذلك مسئولية المتبوع عن تابعه ، فهى –كما يقال – مبنية على خطأ مفترض : علاقة التبعية وكون خطأ التابع قد وقع فى حال تأدية وظيفته أو بسبها قد جعلهما الشارع قرينة قانونية على الخطأ الصادر من المتبوع فى الرقابة على أعمال تابعه ، لتعذر إثبات هذا الخطأ فى أكثر الأحوال . ومثل ذلك أيضاً القاعدة التى تقضى بأن الولد للفراش ، فابن المرأة المتزوجة هو ابن زوجها ، والزوجية قرينة قانونية على بنوة الابن لأبيه ، لتعذر إثبات البنوة من الأب ( [10] ) .

( 2 ) للأخذ بالمألوف المتعارف بين الناس . فإذا جعل الشارع المخالصة بالأجرة عن قسط لاحق قرينة على الوفاء بالقسط السابق ، فذلك لأن المألوف بين الناس فى التعامل هو أن المؤجر لا يعطى المستأجر مخالصة عن قسط لاحق إلا بعد أن يكون قد استوفى جميع الأقساط السابقة ( [11] ) .


( [1] )  تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 542 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق  . وأقرته لجنة المراجعة فأصبح المادة 417 من المشروع النهائى  . ووافق عليه مجلس النواب ، فلجنة مجلس الشيوخ تحت رقم 404 ، فمجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 416 و ص 419 )  .

( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 416 – ص 417 )  .

( [2] )  التقنينات المدنية العربية الأخرى : قانون البينات السورى م 89 : مطابقة لنص التقنين المصرى  .

التقنين المدنى العراقى م 502 : مطابقة لنص التقنين المصرى  .

تقنين أصول المحاكمات المدنية اللبنانى م 303 : يراد بالقرينة القانونية القرينة التى يعلقها القانون على بعض الأعمال والوقائع : ( أولا ) الأعمال التى يصرح القانون ببطلانها بتقدير أنها أجريت خلافاً لأحكامه وبالنظر إلى صفتها فقط  . ( ثانيا ) الأعمال التى يصرح القانون فى شأنها بأن حق الملكية وإبراء الذمة ناتج عن بعض ظروف معينة  . ( ثالثا ) القوة التى يمنحها القانون للقضية المحكمة – م 306 : إن القرينة القانونية تغنى من تقوم فى مصلحته عن كل بينة  . لا تقبل أية بينة ضد القرينة القانونية عندما يستند القانون إلى هذه القرينة فى إبطال بعض الأعمال أو منع التقاضى ، إلا إذا كان القانون قد احتفظ بقبول البينة على العكس أو إذا نتجت هذه البينة عن إقرار أن يمين قضائيين فى جميع الأحوال التى لا تختص بالنظام العام  .

( والتقنين اللبنانى يكاد يطابق فى نصوصه فى هذه المسألة التقنين الفرنسى كما سنرى  . ويقرب على كل حال من أحكام التقنين المصرى  . ويلاحظ أن التقنين اللبنانى أورد فى المواد التالية م 307 – 309 – القاعدة التى تقضى بأن الحيازة فى المنقول سند الملكية على أساس أن الحيازة هنا قرينة قانونية قاطعة )  .

التقنين المدنى للمملكة الليبية المتحدة م 392 : مطابقة لنص التقنين المصرى  .

( [3] )  التقنين المدنى الفرنسى م 1350 : القرينة القانونية هى التى يجعلها نص القانون تتعلق بتصرفات أو وقائع معينة  . من ذلك : ( 1 ) التصرفات التى يقرر القانون أنها باطلة ، مفترضا أنها أبرمت للاحتيال على أحكامه ، وذلك نظراً لصفتها وحدها  . ( 2 ) الأحوال التى يقرر فيها القانون أن كسب الملكية أو براءة الذمة تنتج عن بعض ظروف معينة  . ( 3 ) الحجية التى يرتبها القانون على الأمر المقضى  . ( 4 ) القوة التى يجعلها القانون لإقرار الخصم أو ليمينه – م 1352 : القرينة القانونية تغنى من تقررت لمصلحته عن أى دليل  . ولا يجوز إثبات ما ينقض القرينة القانونية إذا كان القانون يبطل على أساسها بعض التصرفات أو يجعل الدعوى غير مقبولة  . هذا ما لم يحفظ القانون الحق فى إقامة الدليل العكس ، وذلك مع عدم الإخلال بما سيتقرر فى خصوص اليمين والإقرار القضائيين  .

Art, 1350 : La Presomption legale est celle qui est attachee par une loi speciale a certains actes ou a certains faits; tells sont : 1 – Les actes que la loi declare nulls, comme presumes faits en fraude de ses disqositions, d’apres leur seule qualite  . 2 – Les cas dans lesquels la loi declare la propriete ou la liberation resulter de certaines circonstances determinees  . 3 – L’autorite que la loi attribute a la chose jugee 4 – La force que la loi attaché a l’aveu de la partie ou a son serment  .

Art  . 1352 : Lapresomption legale disperse de toute prevue celui au profit duquel elle existe  . Nulle prevue n’est admise contre la presumption de la acter ou denie l’action en justice, a moins qu’elle n’ait reserve la prevue contraire, et sauf ce qui sera dit sur le serment et l’aveu judiciaries  .

( [4] )  بوتييه فقرة 837 – ديمولومب 30 فقرة 252 – بودرى وبارد 4 فقرة 2653 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1548 ص 1011 وهامش رقم 3 – على أن القضاء ، فى فرنسا وفى مصر ، لا يتقيد بحرفية هذه القاعدة  . فقد يستعير قرينة قانونية ، وضعت فى مكان معين ، لمكان آخر ، وقد فعل ذلك عندما افترض قيام حسن النية دائما مع أن المشرع لم يفترض حسن النية إلا فى مواضع معينة  . ويفترض القضاء ، فى بعض الأحيان ، وجود بعض العناصر التى تقوم عليها القرينة القانونية  . فعل القضاء الفرنسى ذلك فى قرينة تسليم السند إلى المدين ، فافترض أن هذا التسليم اختيارى  . وفعل كل من القضاء الفرنسى ذلك فى قرينة تسليم السند إلى المدين ، فافترض أن هذا التسليم اختيارى  . فعل القضاء الفرنسى والمصرى ذلك فى قرينة المسئولية عن فعل الحيوان والأشياء ، فافترض أن الضرر قد حدث بفعل الحيوان أو الشيء ( أنظر بيدان وبرو 9 فقرة 1292 )  . ويقول جنى فى هذا الصدد أن القرائن القانونية فى أصلها قد نبتت فى تربة العرف والقضاء ، وتحولت لتكون قرائن قانونية  . فلا عجب إذا هى بقيت تستمد غذاءها من تربتها الأصلية ، وهى تربة قوية خصبة ( جنى فى العلم والصياغة فى القانون الخاص 3 فقرة 235 )  .

هذا ويعثر الباحث فى نصوص الفقه الإسلامى على طائفة من القرائن الشرعية تعديل القرائن القانونية ، وهى منتثرة فى كتب الفقه  . وقد جمع منها الأستاذ أحمد إبراهيم فى كتابه ” طرق القضاء فى الشريعة الإسلامية ص 427 ) – ص 430 جملة صالحة ، منها :

1 – ثبوت نسبة الولد من أبيه وهو الزوج شرعاً ، فالولد للفراش ، وقيام الزوجية قرينة على أن الولد من الزوج  . وهذه القرينة تقبل إثبات العكس ، ولكن بطريق خاص هو طريق اللعان  .

2 – الحكم بموت المفقود إذا مات أقرانه ، واتخاذ ذلك قرينة على موته  .

3 – التصرف فى مرض الموت قرينة على أن التصرف وصية  .

4 – تصرفات المفلس الضارة بالدائنين مردودة لقيام القرينة على سوء قصده  .

5 – وجود سند الدين تحت يد المدين قرينة ظاهرة على إيفاء المدين  . وقد نص على ذلك ابن فرحون فى باب القرائن ، وحكى خلافاً فى المسألة  .

( [5] )  وقد قدمنا أن القرينة القانونية لم تكن فى الأصل إلا قرينة قضائية ، عممها القانون بعد أن نظمها ( بارتان على أوبرى ورو 12 فقرة 750 هامش رقم 1 مكرر ) ، بل هناك من القرائن القانونية ما نزل عن مرتبته وعاد إلى ما كان عليه قرينة قضائية  .

( [6] )  ويرتب بارتان على ذلك نتيجة هامة فى قواعد الإسناد وتنازع القوانين  . فالقرينة القانونية تتصل بموضوع الحق اتصالا وثيقاً ، ومن ثم تخضع لقانون الموضوع  . أما القرينة القضائية فهى من عمل القاضى كما قدمنا ، ولذلك تخضع لقانون القاضى ( بارتان على أوبرى ورو 12 فقرة 750 هامش رقم 1 مكرر )  . كذلك إذا أنشأ القانون قرينة قانونية جديدة ، فلا يكون لها أثر رجعى ، إذ هى تتصل بموضوع الحق اتصالا وثيقاًن فهى ككل القواعد الموضوعية لا يجوز أن يكون لها أثر رجعى إلا بنص خاص يقضى بذلك ( جنى : العلم والصياغة فى القانون الخاص 3 ص 332 – ص 334 )  .

( [7] )  بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1548 ص 1010  .

ويعقد حتى مقارنة شيقة بين القرينة القانونية والحيلة فى القانون ( Fiction )  . فالقرينة القانونية قاعدة من قواعد الإثبات تقبل فى العادة إثبات العكس  . ويجعلها القانون فى بعض الأحوال لا تقبل إثبات العكس ، بل يقلبها فى أحوال أخرى من قاعدة إثبات إلى قاعدة موضوعية فتصبح هى أيضاً غير قابلة لإثبات العكس  . ولكنها فى كل هذه الأحوال تبقى قائمة على فكرة الراجح الغالب الوقوع ( idée de probabilite )  . أما الحيلة فتختلف عن القرينة فى أنها لا أساس لها من الواقع ، بل هى من خلق المشرع ، فرضها فرضاً حتمياً ، فاستعصت طبيعتها بداهة على قبول إثبات العكس  . فهى أقوى من القرينة القانونية ، ولكنها أشد خطراً  . ومن ثم لا يلجأ إليها المشرع إلا حيث تضيق القرينة القانونية  . ويأتى جنى بأمثلة على ما قدمه : حجية الأمر المقضى قامت على قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس ، بل هى فى الواقع قد تحولت إلى قاعدة موضوعية ، ولكنها بقيت قائمة على فكرة الراجح الغالب الوقوع  . كذلك مسئولية رب العمل عن سلامة العمال ، وهى قائمة على تحمل التبعة ، خرجت عن أن تكون قرينة إلى أن تكون قاعدة موضوعية ، ولكنها هى أيضاً بقيت قائمة على فكرة الراجح الغالب الوقوع  . أما القاعدة التى تقضى بأنه لا يفترض الجهل بالقانون ( nul n’st cense ignorer la loi ) ، فهى قاعدة لا تقوم على الراجح الغالب الوقوع ، بل تقوم على الحيلة ( Fiction ) ، إذ يفرض المشرع فرضاً حتمياً أن الشخص عالم بأحكام القانون ، لا يقبل فى ذلك عذراً ، حتى تستقيم أمور نظمها بقاعدة تقوم على الحيلة ، وتضيق به القرينة  . ( جنى فى العلم والصياغة فى القانون الخاص 3 فقرة 243 ص 389 – ص 390 )  .

( [8] )  وفى هذا المعنى تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : ” ولا يعدو موقف من يتمسك بقرينة عن مجرد الاستناد إلى واقعة قانونية ، يفترض القانون قيامها ، ويقبل بذلك من تحمل عبء إقامة الدليل عليها  . بيد أن هذه الإقالة لا تتناول إلا تلك الواقعة ممثلة فى القرينة القانونية ذاتها ، بمعنى أن من واجب من يتمسك بقرينة من القرائن أن يقيم الدليل على اجتماع الشروط التى يتطلبها القانون لقيامها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 417 )  . أنظر أيضاً بودرى وبارد 4 فقرة 659  .

( [9] )  وسنرى فيما يلى أن الأمر هنا إنما يتعلق بقاعدة موضوعية ، لا بقرينة قانونية  .

( [10] )  وهنا أيضاً نساير بعض الآراء الذائعة فى الفقه ، وإلا فإن مسئولية المتبوع عن التابع إنما هى مسئولية عن الغير ، وليست تقوم على خطأ مفترض  . وهى والقاعدة التى تقضى بأن الولد للفراش من القواعد الموضوعية ، لا من قواعد الإثبات  . وسنرى ذلك فيما يلى  .

( [11] )  الموجز للمؤلف فقرة 700 – قارن جنى ( Geny ) فى العلم والصياغة فى القانون الخاص جزء 3 فقرة 233  .

المصدر: محامي في الأردن

انظر طريقة توكيل محامي

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s