التضامن بين المدينين
( Solidarite entre debiteurs – Solidarite passive )
164 – أهمية الموضوع لكثرة وقوعه فى العمل : التضامن بين المدينين يقع كثيراً فى الحياة العملية . وهو ، وإن كان يعتبر من الناحية النظرية وضعاً استثنائياً إذ الأصل كما قدمنا إذا تعدد المدينون ألا يكونوا متضامنين ، إلا أن الاستثناء من الناحية العملية قد طغى على الأصل ، وقلّ أن نجد دائناً له مدينون متعددون فى التزام واحد ولا يشترط تضامنهم ، بل إن كثيراً ما تتولى نصوص القانون نفسه مهمة إنشاء هذا التضامن .
والواقع من الأمر أن التضامن بين المدينين يعتبر أقوى ضرب من ضروب الكفالة الشخصية . فالدائن إذا أخذ كفيلاً بحقه ، وكان الكفيل غير متضامن 260 مع المدين ، كانت هذه هى المرتبة الدنيا من الكفالة الشخصية ، لأن الدائن لا يستطيع الرجوع على الكفيل إذا طلب الكفيل التجريد إلا بعد الرجوع على المدين . فإذا اشترط الدائن تضامن الكفيل مع المدين ، وصل إلى مرتبة أعلى من الكفالة الشخصية ، لأنه يستطيع أن يرجع ابتداء على الكفيل ، ولكن لا يزال التزام الكفيل تابعاً لالتزام المدين الأصلى ، وهذا يجر إلى نتائج تنزيل بالكفيل فى درجة المديونية عن الأصيل . فإذا جعل الدائن الاثنين مدينين أصليين واشترط تضامنها ، وصل بذلك إلى المرتبة العليا من الكفالة الشخصية ، إذ يستطيع أن يرجع ابتداء على أيهما شاء مع تعادلهما فى مرتبة المديونية ، فيصبح للدائن مدينان بدلاً من مدين واحد ، كل منهما ملتزم نحوه بالدين جميعه .
فبقد ما رأينا لتضامن الدائنين من مضار نرى مزايا لتضامن المدينين ، وندرة التضامن بين الدائنين فى العمل لا يعدلها إلا كثة وقوع التضامن بين المدينين . على أن كل من هذين النوعين من التضامن يقوم على أسس واحدة : وحدة الالتزام مع تعدد الروابط ، وكفالة متبادلة مصحوبة بمصلحة مشتركة ، تسوغ قيام وكالة هى أيضاً متبادلة ولكن فيما ينفع لا فيما يضر ( [1] ) . ومن ثم سنتوخى فى بحث التضامن بين المدينين نفس الخطة التى اتبعناها فى بحث التضامن بين الدائنين ، فنتكلم : ( 1 ) فى مدر التضامن بين المدينين ( 2 ) ثم فى الآثار التى تتربت على هذا التضامن . ولكننا هنا سنكون أكثر إسهاباً وتفصيلاً ، لأهمية الموضوع وكثرة وقوعه فى العمل كما قدمنا .
المبحث الأول
مصدر التضامن بين المدينين
165 – التضامن بين المدينين مصدره الاتفاق أو نص فى القانون : رأينا أن مصدر التضامن بين الدائنين هو الاتفاق ، ولا توجد حالة من هذا 261 النوع من التضامن يكون مصدرها القانون . أما التضامن بين المدينين ، فمصدره إما الاتفاق وإما نص فى القانون . وهناك كثير من حالات التضامن السلبى القانون هو الذى تولى بنفسه إنشاء التضامن فيها بين المدينين المتعدين فى التزام واحد ، دون أن يكون لإرادة طرفى الالتزام دخل فى ذلك .
ولذلك تكون المادة 279 من التقنين المدنى – وهى التى تقضى بأن ” التضامن بين الدائنين أو المدينين لا يفترض ، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون ( [2] ) ” – أكثر انطباقاً على التضامن السلبى منها على التضامن الإيجابى ، ففى التضامن السلبى نجد أن المصدر حقاً هو الاتفاق أو نص القانون ، أما التضامن الإيجابى فلا مصدر له إلا الاتفاق ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
المطلب الأول
الاتفاق كمصدر للتضامن بين المدينين
166 – الاتفاق على تضامن المدينين لا يفترض : أكثر ما يقوم تضامن المدينين على اتفاق بينهم وبين الدائن ، عندما يكونون جميعاً ملتزمين 262 بدين واحد ، فيشترط عليهم الدائن تضامنهم جميعاً فى هذا الدين . ويصح أن يكون ذلك فى العقد ذاته الذى أنشأ الدين ، أو بعد ذلك . فإذا باع شخص داره إلى ثلاثة ، جاز له أن يشترط فى عقد البيع ذاته تضامن المشترين الثلاثة فى الوفاء بالثمن ، كما يجوز له أن يتفق معهم على هذا التضامن فى عقد منفصل تال لعقد البيع ( [3] ) .
وسواء كان الاتفاق على التضامن واقعاً فى العقد الذى أنشأ الدين أو كان تالياً له ، فإنه لا يجوز افتراض وجود التضامن دون الاتفاق على ذلك اتفاقاً واضحاً لا شك فيه ( [4] ) ، كما هى الحال فى التضامن بين الدائنين فيما قدمنا . فلو أن البائع فى المثل المتقدم باع الدار فى الشيوع للثلاثة على السواء صفقة واحدة ، دون أن يعين حصة كل واحد منهم فى الدار أو فى الثمن ، لم يجز أن يستخلص من ذلك أن الثلاثة متضامنون فى الوفاء بالثمن ، لأن التضامن لا يفترض ، ولوجب القول عند عدم تعيين حصة كل منهم أن الثالثة متساوون فى الحصص ، فلكل منهم ثلث الدار فى الشيوع ، وعلى كل منهم ثلث الثمن بعد انقسام الدين عليهم . فإذا أراد البائع أن يكونوا متضامنين ، وجب عليه أن يشترط التضامن بينهم فى وضوح لا خفاء فيه ، فإن التضامن أمر خطير ، فإذا لم يشترطه الدائن فى جلاء تام ، فسر العقد لمصلحة المدينين وكان الأصل هو عدم تضامنهم ( [5] ) .
263
ولا يفهم هنا فى التضامن بين المدينين ، كما لا يفهم هناك فى التضامن بين الدائنين على الوجه الذى سبق بيانه ، أن التضامن لا بد أن يرد فيه شرط صريح ، بل يصح أن يكون الشرط ضمنياً ( [6] ) ، ولكن يجب أن يكون هذا الشرط الضمنى موجوداً فعلاً فلا يجوز افتراضه ( [7] ) .
والشرط إذا كان صريحاً ليس من الضرورى أن يرد بلفظ ” التضامن ” ، بل يكفى أن تستعمل عبارة تفيد هذا المعنى ، كأن يشترط الدائن على المدينين أن يكون كل واحد منهم مسئولاً أمامه عن كل الدين ، أو أن له الرجوع على أى منهم بكل الدين ، أو أن جميع المدينين متكافلون فى الدين جمعيه على وجه التساوى ، أو نحو ذلك من العبارات التى لا تدع شكاً فى أنه قصد الاتفاق معهم على التضامن ( [8] ) .
وقد يكون شرط التضامن ضمنياً كما قدمنا . والشرط الضمنى غير الشرط المفترض ، فالتضامن لا يجوز أن يقوم على شرط مفترض ، ولكن يجوز أن يقوم على شرط ضمنى . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا استخلصت محكمة الموضوع من اتفاق أربعة شركاء فى إجارة على أن يكون الإيجار من الباطن بمعرفتهم جميعاً وتحصيل الأجرة بواسطة فلان وكيل اثنين منهم هما أخوان وبإشراف الشريكين الآخرين ، وأن ترسل المبالغ المحصلة للمؤجر الأصلى خصماً من الأجرة ، وأن تحفظ جميع المستندات تحت يد واحد مهم ( أحد الأخوين ) ، وأن يكون لباقى الشركاء أن يأخذوا بياناً بما يهمهم على أن يقدم الحساب فى نهاية كل سنة ، إذا هى استخلصت من عبارات هذا الاتفاق على ضوء ما ذكرته من الاعتبارات والظروف القائمة فى الدعوى أن فلاناً المذكور لم يكن وكيلاً عن الشريكين الآخرين ، وأن الأخوين يجب لذلك اعتبارهما مسئولين قبلهما عن المبالغ التى حصله هذا الوكيل ولو لم يكونا قد قبضاها منه ، 264 فإنها إنما تكون قد فصلت فى مسألة موضوعية لا شأن لمحكمة النقض بها . ثم إذا هى استخلصت من عبارات الاتفاق ومن ظروف الدعوى أيضاً أن الأخوين إنما قصدا تضمين باقى الشركاء بأن يتحمل كل منهما المسئولية المترتبة على ما يقع من هذا الوكيل ، فإن هذا الاستخلاص يكون سائغاً والحكم عليهما بالتضامن يكون فى محله ( [9] ) . وقضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه إذا تعهد شخصان بدين واحد لدائن واحد وكان تعهد كل منهما بعقد على وحدة ، كانا ملزمين بذلك الدين بالتضامن ( [10] ) . على أنه لا يكفى لاستخلاص الشرط الضمنى للتضامن أن تكون الظروف مرجحة له ، بل يجب أن تكون مؤكده له لا تدع سيلاً للشك فيه كما قدمنا . فقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الثابت من جميع ظروف الدعوى ووقائعها أن زيداً قد أدار الأطيان التى اشتراها بكر بإذن شفوى صدر منه فى حضرة أحد أبنائه ( عمرو ) مقابل أجر معين ، وأنه لما توفى بكر عند منصف السنة الزراعية استمر زيد بتكليف من عمرو وحده فى إدارتها لنهاية السنة ، ولم يقل عمرو إنه كان وكيلاً عن أختيه الوارثتين الأخريين حين كلف زيداً بالاستمرار فى إدارة الأطيان ، ولم تدع هاتان الأختان أنهما وكلتا أخاهما عنهما ، فلا يجوز اعتبار زيد وعمرو مسئولين بالتضامن عن نتيجة حساب إدارة الأطيان ، بل يسأل زيد وحده عن هذا الحساب قبل كل من الورثة ( [11] ) .
265
ويترتب على عدم جواز افتراض التضامن ما يأتى : ( 1 ) على من يدعى قيام التضامن أن يثبت وجوده . ( 2 ) عند الشك فى قيام التضامن ، يعتبر التضامن غير قائم . ( 3 ) الحكم الذى يقضى بتضامن المدينين ، دون أن يبين مصدر هذا التضامن ، وهل هو اتفاق أو نص فى القانون ، وإذا كان اتفاقاً هل هو اتفاق صريح أو اتفاق ضمنى ، وإذا كان اتفاقاً ضمنياً كيف استخلص قاضى الموضوع من عبارات التعاقد وظروفه وجوده الذى لا شك فيه ، يكون حكماً قاصراً يتعين نقضه ( [12] ) .
167 – إثبات الاتفاق مصدر التضامن : وشرط التضامن ، صريحاً كان أو ضمنياً ، يجب إثباته ، وعلى الدائن الذى يدعى تضامن مدينيه عبء هذا الإثبات ( [13] ) .
266
ويثبت شرط التضامن طبقاً للقواعد العامة فى الإثبات . فإن كان الالتزام المدعى التضامن فيه بين المدينين يزيد على عشرة جنيهات ، لم يجز إثباته إلا بالكتابة أو بما يقوم مقامها . فإن وجد مبدأ ثبوت بالكتابة مثلاً ، جازت تكملته بالبينة أو بالقرائن . وإذا كان الالتزام لا يزيد على عشرة جنيهات ، جاز الإثبات فى هذه الحالة بالبينة أو بالقرائن .
ونرى من ذلك أن التضامن يجوز إثباته فى بعض الأحوال بالقرائن . ولا يتعارض هذا مع القاعدة التى قدمناها من أن التضامن لا يفترض . فافتراض التضامن معناه أن وجود التضامن مجرد افتراض ، أما إثبات التضامن بالقرائن فمعناه أن شرط التضامن موجود فعلاً وأن وجوده ثابت بالقرائن ( [14] ) .
168 – التضامن بين المدينين فى المسائل التجارية : والتضامن بين المدينين لا يفترض فى المسائل التجارية كما هو لا يفترض فى المسائل المدنية ، وهذا على خلاف ما جرى عليه الفقه والقضاء فى فرنسا من أن التضامن يفترض فى المسائل التجارية دون المسائل المدنية .
هناك من الفقهاء الفرنسيين من يذهب إلى أن التضامن فى القانون الفرنسى لا يفترض فى المسائل التجارية ، فهى والمسائل المدنية سواء فى ذلك ، وأبرز من قال بهذا الرأى لوران ( [15] ) . ولكن الكثرة الغالبة من فقهاء فرنسا ( [16] ) ، والقضاء الفرنسى معهم ( [17] ) ، يذهبون جميعاً إلى أن التضامن يفترض فى المسائل 267 التجارية على خلاف المسائل المدنية . فإذا اشترى تاجران صفقة تجارية واحدة دون أن يشترط عليها البائع أن يكونا متضامنين ، فإنهما مع ذلك يكونان متضامنين فى أداء الثمن للبائع ، إلا إذا استبعدا التضامن بشرط خاص . فالأصل إذن فى فرنسا قيام التضامن فى المسائل التجارية ما لم ينص المتعاقدان عى استبعاده ، ويبررون ذلك بأن التقاليد منذ عهد القانون الفرنسى القديم قد استقرت على افتراض التضامن فى المسائل التجارية ، نزولاً على مقتضيات الائتمان التجارى وما يستتبع ذلك من توفير أساب الثقة بالتجار ، فيحصلون من وراء هذه الثقة على الضمان الكافى ( [18] ) .
268
ولا يزال هناك خلاف بين الفقهاء الفرنسيين ( [19] ) هل التضامن فى العقود التجارية مصدره العرف التجارى القديم فيقوم التضامن لمجرد أن العقد تجارى ( [20] ) ، أو أن هذا التضامن إنما هو تفسير لنية المتعاقدين ، فإذا اتضح من الظروف وجوب استبعاد هذه النية لم يكن هناك محل لقيام التضامن ، كما إذا أمنت شركتان للتأمين شيئاً واحداً وتعهدت كل منهما أن تؤمن نصفه فلا محل لافتراض أن نيتهما انصرفت إلى قيام التضامن بينهما ( [21] ) .
ولا يقتصر الأمر فى فرنسا على افتراض التضامن فى العقود التجارية ، بل هناك من الفقهاء من يتوسع فيه فيمده إلى كل التزام تجارى ، أياً كان مصدره ، عقد أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب ، فإن هذا التوسع هو الذى تقتضيه حاجات الائتمان التجارى ( [22] ) . على أن التضامن عن العمل غير المشروع مقرر فى فرنسا كقاعدة تقليدية لا فى المسائل التجارية فحسب ، بل أيضاً فى المسائل المدنية . وقد ساير القضاء الفرنسى هذه النزعة فى التوسع ( [23] ) ، وظهر ذلك بنوع خاص فى توسعه فى تقرير التضامن بين أعضاء مجالس إدارة الشركات ( [24] ) .
أما فى مصر فقد كان الرأى الغالب فى الفقه والقضاء فى عهد التقنين المدنى 269 السابق هو أن التضامن لا يفترض حتى فى المسائل التجارية ( [25] ) . ولا نرى أن التقنين المدنى الجديد قد استحدث جديداً فى هذا الصدد ، فلا تزال القاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض دون تمييز بين المسائل المدنية والمسائل التجارية موجودة فى التقنين الجديد كما كانت موجودة فى التقنين القديم ، ولا يزال التقنين التجارى قائماً كما هو ينص فى حالات خاصة على التضامن ، مما يستخلص منه بمفهوم المخالفة التجارى بالنص على حالات معينة يقوم فيها التضامن إذا كان من شأن التضامن أن يقوم فى جميع المسائل التجارية من غير استثناء ( [26] ) .
ومن ثم لا يفترض فى مصر قيام التضامن بين التجار ، لا فى العقود التجارية ولا فى الالتزامات التجارية ما بين التجار التى يكون مصدرها الإثراء بلا سبب . 270 وإنما يقوم التضامن بين التجار فى الحالات التى ورد فيها نص فى القانون ، وقد ودت نصوص مختلفة بهذا المعنى فى التقنين التجارى سنذكر أهمها فيما يلى . كذلك يقوم التضامن فى الالتزامات المدنية والتجارية على السواء التى يكون مصدرها عملاً غير مشروع ، وتقضى بذلك المادة 169 مدنى كما سيأتى ، ويسرى هذا الحكم بوجه خاص على المسئولية التقصيرية لأعضاء مجالس إدارة الشركات ( [27] ) .
وفيما عدا الحالات التى ورد فيها نص فى القانون يقضى بالتضامن ، لا يقوم التضامن بين التجار فى مصر ، كما قدمنا ، دون شرط يقضى به . على أن هذا الشرط الذى يقضى بالتضامن يمكن استخلاصه فى المسائل التجارية بأيسر مما يستخلص فى المسائل المدنية ، وذلك لسببين : ( أولاً ) إذا أراد الدائن إثبات شرط التضامن فى المسائل التجارية ، فإن جميع طرق الإثبات تكون مفتوحة أمامه ، فيستطيع أن يثبته بالبينة ، بل بالقرائن وحدها ، ولو زادت قيمة الالتزام على عشرة جنيهات ، وذلك وفقاً للقواعد العامة للإثبات فى المواد التجارية . ( ثانياً ) وعندما يريد الدائن أن يثبت شرط التضامن عن طريق القرائن ، فمن أهم هذه القرائن أن يكون الالتزام قائماً بين التجار فى مسألة تجارية ، فإن هذا وحده يمكن اعتباره قرينة هامة ، إذا عززتها قرائن أخرى أمكن قاضى الموضوع أن يستخلص قيام التضامن فى المسائل التجارية فى كثير من اليسر .
271
المطلب الثانى
نص القانون كمصدر للتضامن بين الدائنين
169 – نصوص متناثرة فى التقنينات والتشريعات المختلفة : وليس الاتفاق وحده هو مصدر التضامن السلبى ، بل كثيراً ما يقوم التضامن بين المدينين بموجب نص فى القانون كما قدمنا . وإذا قام التضامن على نص فى القانون لم يجز أن يقاس عليه غيره ، فإن أحوال التضامن القانونى مذكورة على سبيل الحصر ( [28] ) .
والنصوص التى تقيم التضامن السلبى كثيرة متناثرة فى نواحى التقنينات والتشريعات المختلفة . وأهم هذه النصوص نجدها فى التقنين المدنى والتقنين التجارى والتقنين الجنائى وتقنين المرافعات . ونورد طائفة منها على سبيل التمثيل .
ففى التقنين المدنى نجد المادة 169 الخاصة بالتضامن فى المسئولية عن العمل غير المشروع ، والمادة 192 الخاصة بتضامن الفضوليين إذا تعددوا ، والمادة 651 الخاصة بتضامن المهندس والمقاول فى مسئوليتهما عن تهدم البناء ، والمادة 707 الخاصة بتضامن الوكلاء إذا تعددوا ، والمادة 708 الخاصة بتضامن الوكيل مع نائبه ، والمادة 712 الخاصة بتضامن الموكلين إذا تعددوا ، والمادة 795 الخاصة بتضامن الكفلاء فى الكفالة القضائية وفى الكفالة القانونية .
وفى التقنين التجارى نجد المواد 22 و23 و29 و30 وهى خاصة بتضامن الشركاء فى شركة التضامن وفى شركة التوصية ، والمادة 57 وهى خاصة بتضامن مديرى الشركة المساهمة ، والمواد 117 ، و119 و137 وهى خاصة بتضامن الساحب الكمبيالة والمحيل والكفيل ، والمادة 254 وهى خاصة بتضامن وكلاء التفليسة عند التعدد . وفى التقنين البحرى نجد المادة 23 وهى خاصة بتضامن الكفيل مع من رسا عليه مزاد السفينة .
272
وفى تقنين المرافعات نجد المادة 357 وهى خاصة بالتضامن فى مصروفات الدعوى .
وفى التقنين الجنائى نجد المادة 44 وهى خاصة بالتضامن فى الغرامات النسبية .
ونكتفى بهذا القدر من النصوص . ويمكن تقسيم الالتزامات التضامنية التى تشتمل عليها إلى التزامات مدنية والتزامات تجارية ، ثم ترتيب الالتزامات المدنية بحسب مصدرها فمنها ما هو مصدره العقد ، ومنها ما هو مصدره العمل غير المشروع ، ومنها ما هو صدره الإثراء بلا سبب ، ومنها ما هو مصدره القانون ( [29] ) . ونقول كلمة عن كل منها بهذا الترتيب ، ونقتصر فى هذه الكلمة على إبراز فكرة التضامن ، أما النص من ناحية موضوعه فيشرح فى مكانه .
170 – التزامات مدنية مصدرها العقد : هذه هى الالتزامات الناشئة من عقد المقاولة ومن عقد الوكالة .
ففى عقد المقاولة تنص المادة 651 / 1 و2 على ما يأتى : ” ( 1 ) يضمن المهندس المعمارى والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلى أو جزئى فيما شيدوه من مبانى أو ؟؟؟؟؟ من منشآت ثابتة أخرى ، وذلك ولو كان القدم ناشئاً عن عيب فى الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ، ما لم يكن المتعاقدان فى هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات . ( 2 ) ويشمل الضمان المنصوص عليه فى الفقرة السابقة ما يوجد فى المبانى والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته ” . وظاهر أن مسئولية كل من المهندس المعمارى والمقاول نحو رب العمل عن سلامة البناء إنما هى مسئولية تعاقدية نشأت من عقد المقاولة ذاته . ولما كان التضامن فى الالتزامات التعاقدية – ومنها المسئولية التعاقدية ذاتها – لا يفترض كما سبق 273 القول ، فكان لابد من شرط فى عقد المقاولة أو نص فى القانون ليقيم التضامن بين المهندس المعمارى والمقاول فى هذه المسئولية ، فوجد النص المتقدم الذكر وهو يغنى عن الشرط . ومن ثم يكون المهندس المعمارى والمقاول متضامنين فى المسئولية نحو رب العمل عن سلامة البناء حتى لو لم يوجد شرط يقضى بالتضامن فى عقد المقاول ، فنص القانون هو الذى يقيم هذا التضامن .
وفى عقد الوكالة تنص المادة 707 / 1 مدنى على أنه ” إذا تعدد الوكلاء كانوا مسئولين بالتضامن متى كانت الوكالة غير قابلة للانقسام ، أو كان الضرر الذى أصاب الموكل نتيجة خطأ مشترك . على أن الوكلاء ، ولو كانوا متضامنين ، لا يسألون عما فعله أحدهم مجاوزاً حدود الوكالة أو متعسفاً فى تنفيذها ” . وهنا التزامات الوكيل ومسئوليته عن تنفيذ هذه الالتزامات منشؤها جميعاً عقد الوكالة ، فإذا تعدد الوكلاء بقيت التزامات كل منهم ناشئة من هذا العقد . فلا يقوم التضامن بينهم إذن ، من غير شرط ، إلا بنص فى القانون ، وهو النص المتقدم الذكر . وقد اشترط النص وحدة العمل الذى تنشأ عنه المسئولية ، بأن يكون تنفيذ الوكالة غير قابل للانقسام فيكون الوكلاء وقد اشتركوا فى التنفيذ قد قاموا بعمل واحد لا يقبل التجزئة ، أو بأن يكون التنفيذ متكوناً من أعمال متفرقة ولكن الوكلاء قد اشتركوا فى عمل واحد من هذه الأعمال فارتكبوا خطأ مشتركاً . وغنى عن البيان أنه لو انفرد أحد الوكلاء بمجاوزة حدود الوكالة أو انفرد بالتعسف فى تنفيذها ، استقل وحده بالمسئولية ، لأن الوكلاء الآخرين لم يشتركوا معه فى العمل الذى أوجب مسئوليته فلا يكونون متضامنين معه ، بل لا يكونون مسئولين أصلا . ثم تنص المادة 708 / 1 مدنى على أنه ” إذا أناب الوكيل عنه غيره فى تنفيذ الوكالة دون أن يكون مرخصاً له فى ذلك ، كان مسئولاً عن عمل النائب كما لو كان هذا العمل قد صدر منه هو ، ويكون الوكيل ونائبه فى هذه الحالة متضامنين فى المسئولية ” . وإذا كانت مسئولية الوكيل قد نشأت من عقد الوكالة ، فإن مسئولية النائب نحو الموكل لم تنشأ من هذا العقد لأن الوكالة لا ترخص فى تعيين نائب فلا يربط النائب بالموكل عقد ما ، وتكون مسئوليته نحو الموكل مسئولية تقصيرية . وكان مقتضى أن تكون مسئولية الوكيل تعاقدية ومسئولية النائب تقصيرية ألا يقوم بينهما تضامن ( solidarite ) بل يقوم 274 تضامم ( obligation in solidum ) على ما سنرى ، ولكن النص صريح فى إنشاء التضامن بين الوكيل ونائبه بما يستتبع التضامن نتائج أصلية ونتائج ثانوية ( [30] ) . وتنص أخيراً المادة 712 مدنى على أنه ” إذا وكل أشخاص متعددون وكيلاً واحداً فى عمل مشترك ، كأن جميع الموكلين متضامنين قبل الوكيل فى تنفيذ الوكالة ، ما لم يتفق على غير ذلك ” . وهنا نرى أن الالتزام بتنفيذ الوكالة والقيام بهذا العمل المشترك مصدره عقد الوكالة ، فالتضامن دون شرط فى العقد لا يقوم إلا بنص فى القانون ، وهو النص المتقدم الذكر ( [31] ) .
171 – التزامات مدنية مصدرها العمل غير المشروع : تنص المادة 169 مدنى على أنه ” إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين فى التزامهم بتعويض الضرر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى ، إلا إذا عين القاضى نصيب كل منهم فى التعويض ” . وهذا نص من النصوص الجوهرية فى التضامن ، له أهمية بالغة ومدى واسع فى التطبيق ، فهو يقضى بالتضامن فى المسئولية عن أى عمل غير مشروع . وواضح أن العمل غير المشروع قد أسبح فى العصر الحاضر مصدراً هاماً من مصادر الالتزام ، وهو يكاد يدانى العقد فى 275 أهميته . فوضع النص مبدأ عاماً هو التضامن فى المسئولية التقصيرية ، بخلاف المسئولية التعاقدية وجميع الالتزامات الناشئة عن العقد فقد رأينا أن التضامن فيما لا يفترض ، بلا يجب لقيامه شرط أو نص فى القانون ( [32] ) . بل إن افتراض التضامن فى المسئولية التقصيرية بموجب النص المتقدم الذكر أقوى من افتراضه فى خصوص العقد إذا قام التضامن فيه على نص فى القانون ، ذلك أن افتراضه فى العقد بموجب نص لا يمنع من جواز الاتفاق على استبعاده ، إذ لا يعتبر 276 التضامن هنا من النظام العام . فيجوز إذن أن يشترط فى عقد المقاولة إلا يكون المهندس المعمارى والمقاول متضامنين فى المسئولية ، وفى عقد الوكالة إلا يكون الوكلاء المتعددون أو الوكيل ونائبه أو الموكلون المتعددون متضامنين فى المسئولية . أما التضامن فى المسئولية التقصيرية فهو من النظام العام ، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفه ( [33] ) .
وقد سبق أن عاجلنا التضامن فى المسئولية التقصيرية ( [34] ) ، فنجتزى هنا بالإشارة إلى أنه حتى يقوم التضامن بين المسئولين المتعددين عن عمل غير مشروع يجب أن تتوافر شروط ثلاثة : ( 1 ) أن يكون كل واحد منهم قد ارتكتب خطأ ( 2 ) وأن يكون الضرر الذى أحدثه كل منهم بخطأه هو ذات الضرر الذى أحدثه الآخرون ، أى أن يكون الضرر الذى وقع منهم هو ضرر واحد ( [35] ) . ولا يلزم بعد ذلك أن يكون هناك تواطؤ ما بين المسئولين ، أو أن ترتكب الأخطاء فى وقت واحد ( [36] ) . ولا ضرورة لأن تكون الأخطاء عملاً واحداً أو جريمة واحدة ( [37] ) ، فقد يكون أحدهما عماداً والآخر غير عمد ، وقد تختلف جسامة الأخطاء فيقترن خطأ جسيم 277 بخطأ يسير ، وقد تختلف طبيعة الأخطاء فيكون أحد الخطأين جنائياً ويكون الثانى مدنيا ، أو يكون أحدهما عملاً ويكون الآخر امتناعاً عن عمل ( [38] ) . وقد تكون الأخطاء كلها ثابتة أو مفترضة ، أو يكون بعضها ثابتاً وبعضها مفترضاً .
ومتى تعدد المسئولون عن عمل غير مشروع على هذا لنحو ، كانوا جميعاً متضامنين فى المسئولية ، فيستطيع المضرور أن يطالبهم جميعاً بالتعويض ، كما يستطيع أن يختار منهم من يشاء ويطالبه بالتعويض كاملاً . ويرجع من دفع التعويض على الباقى ، كل بقدر نصيبه حسب جسامة الخطأ الصادر منه ( [39] ) . فإن تعادلت الأخطاء فى الجسامة ، أو لم يمن تعيين مقدار الجسامة فى كل خطأ ، كان نصيب كل منهم فى التعويض مساوياً لنصيب الآخر ، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوى ( [40] ) .
ويلحق بالتضامن فى المسئولية عن العمل غير المشروع تضامن المحكوم عليهم فى الغرامات النسبية التى حكم عليهم بها ، وإن كانت الغرامة تختلف عن التعويض فى أنها عقوبة ، ولكنها عقوبة مالية ، وفى هذه الصفة المالية وفى أنها جزاء على عمل غير مشروع تتلاقى مع التعويض . وقد نصت المادة 44 من تقنين العقوبات على أنه ” إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد بجريمة واحدة ، فاعلين كانوا أو شركاء ، فالغرامات يحكم بها عى كل منهم على انفراده ، خلافاً للغرامات النسبية فإنه يكونون متضامنين فى الإلزام بها ، ما لم ينص الحكم على خلاف 278 ذلك ” . والأصل فى العقوبات أن تكون شخصية لا تضامن فيها ، والغرامة عقوبة وكان ينبغى أن تكون شخصية ، ولكن المشرع هنا خرج على هذا المبدأ العام فقارب بين الغرامة والتعويض ، وأجاز التضامن فى الغرامة فى حالة معينة هى أن تكون هذه الغرامة نسبية . والغرامة النسبية غرامة لا يعين المشرع مقدراً محدداً لها ، بل يجعلها تناسب ما حصل عليه الجنائى من الجريمة التى ارتكبها ، وأكثر ما تكون عقوبة تكميلية . نصت المادة 108 / 1 عقوبات على أن ” من رشا موظفاً والموظف الذى يرتشى ومن يتوسط بين الراشى والمرتشى يعاقبون بالسجن ، ويحكم على كل منهم بغرامة تساوى قيمة ما أعطى أو وعد به ” . ونصت المادة 112 عقوبات على أن ” كل مت تجارى من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب نقود أو أمتعة على اختلاس أو إخفاء شئ من الأموال الأميرية أو الخصوصية التى فى عهدته ، أو من الأوراق الجارية مجرى النقود ، أو غيرها من الأوراق والسندات والعقود ، أو اختلس شيئاً من الأمتعة المسلمة إليه بسبب وظيفته ، يحكم عليه فضلاً عن رد ما اختلسه بدفع غرامة مساوية لقيمة ذلك ، ويعاقب بالسجن ” . ومع ذلك قد تكون الغرامة النسبية عقوبة أصلية ، فقد نصت المادة 204 عقوبات ، فى حالة من يأخذ مسكوكات مزورة أو مغشوشة بصفة أنها جيدة ويتعامل بها ، على ما يأتى : ” ومع ذلك من استعمل تلك المسكوكات بعد أن تحققت له عيوبها يجازى بدفع غرامة لا تتجاوز ستة أمثال المسكوكات المتعامل بها ” . فإذا تعدد المحكوم عليهم فى إحدى الجرائم المتقدمة الذكر ، كانوا جميعاً متضامنين فى الغرامة المحكوم بها ، إلا إذا نص فى حكم الإدانة على تقسيم الغرامة فيما بينهم دون تضامن . والنص على التقسيم جوازى للقاضى ، فإن لم ينص عليه كان التضامن قائماً بين المحكوم عليهم بحكم القانون . إلا أنه يلاحظ فى جريمة الرشوة أنه يتعين على القاضى أن يحكم على كل من المرتشى والراشى والوسيط بغرامة تساوى قيمة الرشوة ، فهنا التضامن إجبارى من جهة ، ومن جهة أخرى لا تنقسم الغرامة الواحدة على المحكوم عليهم بل كل منهم يدفع الغرامة كاملة ولا يرجع بشئ منها على أحد من شركائه .
279
172 – التزامات مدنية مصدرها الإثراء بلا سبب : وتنص الفقرة الثالثة من المادة 192 مدنى على ما يأتى : ” وإذا تعدد الفضوليون فى القيام بعمل واحد ، كانوا متضامنين فى المسئولية ” . وهذا التضامن نظير للتضامن الذى قررته المادة 707 / 1 إذا تعدد الوكلاء فيما مر ، والفضولى أقرب ما يكون إلى الوكيل . وعلى الفضولى التزامات أربعة : المضى فى العمل الذى بدأ به ، وإخطار رب العمل بتدخله بجرد أن يستطيع ذلك ، وبذل عناية الشخص المعتاد فى القيام بالعمل ، وتقديم حساب لرب العمل مع رد ما استولى عليه بسبب الفضالة . وأغلب هذه الالتزامات مصدرها القانون ، بناها على عمل مادى صدر من الفضولى ( [41] ) . ولكن يوجد بين هذه الالتزامات التزام – هو رد الفضولى لما استولى عليه بسبب الفضالة – يمكن القول بأن مصدره هو الإثراء بلا سبب . ففى هذا الالتزام لو تعدد الفضولى يقوم التضامن بين الفضوليين المتعددين بموجب النص المتقدم الذكر . وفى الالتزامات الأخرى التى مصدرها القانون يقوم التضامن بين الفضوليين المتعديين بموجب النص نفسه ( [42] ) ، وهذه أمثلة على الالتزامات الدنية التى مصدرها القانون تضاف إلى أمثلة أخرى سنوردها فيما يلى .
وتنص المادة 795 مدنى على أنه ” فى الكفالة القضائية أو القانونية يكون الكفلاء دائماً متضامنين ” . والكفالة القانونية هى ما ينص القانون على وجوب تقديمها ، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 467 من تقنين المرافعات من أن ” النفاذ المعجل واجب بقوة القانون للأحكام الصادرة فى المواد التجارية ، سواء أكانت قابلة للمعارضة أم للاستئناف أم طعن فيها بهاتين الطريقتين وذلك بشرط تقديم كفالة ” . والكافلة القضائية هى ما يجعل القانون للقاضى جواز أن يحكم بها ، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 470 من تقنين المرافعات من أنه ” يجوز الأمر بالنفاذ المعجل ، بكفالة أو بدونها ، سواء أكان الحكم قابلاً للمعارضة أم للاستئناف 280 أم طعن فيه بهاتين الطريقتين ، فى الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا كان الحكم مبيناً على سند عرفى لم يجحده المحكوم عليه ( 2 ) إذا كان الحكم صادراً فى دعاوى الحيازة ( 3 ) إذا كان الحكم صادراً لمصلحة طالب التنفيذ فى منازعة متعلقة به ” . فالمادة 795 مدنى سالفة الذكر ، فى كل من الكفالة القانونية والكفالة القضائية ، نصت على تضامن الكفيل مع المكفول ( أى طالب التنفيذ ) وعلى تضامن الكفلاء فيما بينهم إذا تعددوا . وظاهر أن مصدر الالتزام بتقديم الكفيل ، قانونيناً كان أو قضائياً ، هو القانون . أما مصدر التزام الكفيل نفسه فهو عقد كفالة بينه وبين المكفول له أى الخصم المحكوم عليه لصالح الخصم طالب التنفيذ . وأما ما تضامن فيه الكفيل مع المكفول ومع الكفلاء الآخرين إذا تعددوا فهو التزام برد ما استولى عليه المكفول عن طريق الحكم المشمول بالنفاذ المعجل فيما إذا ألغى الحكم ، ومصدر هذا الالتزام هو الإثراء بلا سبب .
173 – التزامات مدنية مصدرها القانون : نضيف إلى التزامات الفضولى التى مصدرها القانون فيما قدمناه التزام المحكوم عليهم بمصروفات الدعوى . فقد نصت المادة 357 من تقنين المرافعات على أن ” يحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ، ويدخل فى هذه المصاريف مقابل أتعاب المحاماة . وإذا تعدد المحكوم عليهم ، جاز الحكم بقسمة المصاريف مقابل أتعاب المحاماة . وإذا تعدد المحكوم عليهم ، جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالسوية أو بنسبة مصلحة كل منهم فى الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة ، ولا يلزمون بالتضامن فى المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين فى أصل التزامهم المقضى به ” . فهنا التزم المحكوم عليهم بمصروفات الدعوى بموجب نص فى القانون هو النص الذى ذكرناه ، وقد أوجب هذا النص ذاته تضامن المحكوم عليهم بالمصروفات إذا تعددوا فى حالة واحدة هى أن يكونوا متضامنين فى أصل التزامهم المقضى به ، فمتى كانوا متضامنين فى هذا الالتزام كانوا أيضاً متضامنين فى مصروفات الدعوى التى قضى فيها عليهم بوفاء التزامهم ( [43] ) . وفى غير هذه 281 الحالة تنقسم المصروفات عليهم دون تضامن ، كل بنسبة مصلحته فى الدعوى حسب تقدير المحكمة أو بالتساوى فيما بينهم ( [44] ) .
174 – التزامات تجارية وبحرية : وهناك التزامات نص فيها لتقنين التجارى والتقنين البحرى على قيام التضامن بين المدينين .
ففى الشركات نصت المادة 22 منا التقنين التجارى على أن ” الشركاء فى شركة التضامن متضامنون لجميع تعهداتها ، ولو لم يحصل وضع الإمضاء عليها إلا من أحدهم ، إنما يشترط أن يكون هذا الإمضاء بعنوان الشركة ” . فهنا نص القانون على أن الشركاء فى شركة التضامن مسئولون بالتضامن فى أموالهم الشخصية عن جميع التزامات الشركة ( [45] ) . ونصت المادة 23 تجارى على أن ” شركة التوصية هى الشركة التى تقعد بين شريك واحد أو أكثر مسئولين 282 ومتضامنين وبين شريك واحد أو أكثر يكونون أحصاب أموال فيها وخارجين عن الإدارة ويسمون موصين ” . ونت المادة 29 تجارى على أنه ” إذا أذن أحد الشركاء الموصين بدخول اسمه فى عنوان الشركة ، خلافاً لما هو منصوص عليه فى المادة 26 ، فيكون ملزوماً على وجه التضامن بجميع ديون وتعهدات الشركة ” . ففى شركة التوصية إذن يوجد شركاء مسئولون بالتضامن عن جميع ديون الشركة ، ويدخل فى هؤلاء الشركاء الموصون إذا أذنوا بدخول أسمائهم فى عنوان الشركة . وتضيف المادة 30 تجارى حالة أخرى يكون فيها الشركاء الموصون مسئولين بالتضامن عن ديون الشركة فتقول : ” وكذلك إذا عمل أى واحد من الشركاء الموصين عملاً متعلقاً بإدارة الشركة يكون ملزوماً على وجه التضامن بديون الشركة وتعهداتها التى تنتج من العمل الذى أجراه . ويجوز أن يلزم الشريك المذكور على وجه التضامن بجميع تعهدات الشركة أو بعضها على حسب عدد وجسامة أعماله ، وعلى حسب ائتمان الغير له بسبب تلك الأعمال ” . ونصت المادة 57 تجارى على أن ” يلزم إعلان المشارطة الابتدائية لشركة المساهمة ونظامها والأمر المرخص بإيجادها ، ويكون إعلان ذلك بتعليقه فى المحكمة الابتدائية مدة الوقت المعين آنفاً ونشره فى إحدى الجرائد . وإن لم يحصل ذلك ألزم مديرو الشركة بديونها على وجه التضامن ، ووجب عليهم التعويضات أيضاً ” . فهذه حالة نص فيها القانون على تضامن مديرى الشركة المساهمة فى المسئولية عن ديونها إذا وقع منهم تقصير فى واجبهم من إعلان الشركة ونظامها والأمر المرخص بإيجادها . هذا ويلاحظ أن الشركة المدنية لا تضامن بين الشركاء فيها فيما يلزم كلا منهم من ديون الشركة ، ما لم يتفق على خلاف ذلك ( م524 / 1 مدنى ) .
وفى الكمبيالات تنص المادة 117 من التقنين التجارى ( [46] ) على ما يأتى : ساحب ” الكمبيالة والمحيلون المتناقلون لها يكونون مسئولين على وجه التضامن عن القبول والدفع فى ميعاد الاستحقاق ” . فهذا نص فى القانون يقيم التضامن بين ساحب الكمبيالة والمحيلين المتعاقبين لها فى مسئوليتهم عن قبول المسحوب عليه للكمبيالة 283 وعن دفعه إياها فى ميعاد الاستحقاق . فإذا لم يقبل المسحوب عليه الكمبيالة ، وأعلن بروتستو عدم القبول رسمياً ، ” وجب – كما تقول المادة 119 تجارى – على المحليين المتناقلين والساحب على وجه التعاقب أن يقدموا كفيلاً ضامناً لدفع قيمة الكمبيالة فى الميعاد المستحق الدفع ، أو يدفعوا قيمتها مع مصاريف البروتستو ومصاريف الرجوع ، ولا يكون الكفيل متضامناً إلا مع من كفله سواء كان الساحب أو المحيل ” . ثم إن المادة 137 تجارى تنص أيضاً على أن ” ساحب الكمبيالة وقابلها ومحيلها ملزمون لحاملها بالوفاء على وجه التضامن ( [47] ) ” .
وفى الإفلاس نصت المادة 254 تجارى على أن وكلاء الدائنين ( أى السنديك إذا تعدد ) متضامنون فيما يتعلق بإجراءات إدارتهم ” .
وفى بيع السفينة نصت المادة 23 / 1 من التقنين البحرى على أنه ” يجب على الراسى عليه مزاد السفينة من أية حمولة كانت أن يدفع فى ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت مرسى المزاد ثلث الثمن الذى رسا به المزاد عليه أو يسلمه إلى صندوق المحكمة ، ويؤدى كفيلاً معتمداً بالثلثين يكون له محل بالقطر المصرى ويضع إمضاءه مع المكفول على السن ، ويكونان ملزمين على وجه التضامن بدفع الثلثين المذكورين فى ميعاد أحد عشر يوماً من يوم مرسى المزاد ( [48] ) ” .
284
المطلب الثالث
وحدة المحل وتعدد الروابط – الالتزام التضامنى ( Obligation in solidum )
175 – وحدة المحل وتعدد الروابط : والتضامن بين المدينين ، كالتضامن بين الدائنين ، يجعل الالتزام متعدد الروابط ولكنه موحد المحل ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [49] ) .
فتعدد المدينين من شأنه أن يجعل الروابط متعددة ، فالدائن يرتبط بكل مدين بموجب رابطة مستقلة عن الروابط التى تربطه بالمدينين الآخرين . ومظاهر التعدد فى روابط المدينين بالدائن فى التضامن السلبى هى نفس مظاهرها فى روابط الدائنين بالمدين فى التضامن الإيجابى ، على ما مر . ويترتب على ذلك :
( 1 ) يجوز أن تكون إحدى هذه الروابط موصوفة والأخرى بسيطة ، كما يجوز أن يلحق إحدى الروابط وصف ويلحق رابطة أخرى وصف آخر . ومن ثم يصح أن يكون أحد المدينين المتضامنين مديناً تحت شرط ، والآخر التزامه منجز أو مضاف إلى أجل . فلا يطالب الدائن المدين تحت شرط إلا عند تحقق الشرط ، ولا المدين المؤجل دينه إلا عند حلول الأجل ، ويطالب فوراً من كان دينه منجزاً . وإلى هذا تشير الفقرة الأولى من المادة 285 مدنى إذ تقول : ” يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين ، ويراعى فى ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين ” . ويجوز أيضاً ، على هذا النحو ، أن يكون مكان الأداء لأحد المدينين غير مكان الأداء للمدينين الآخرين ( [50] ) .
285
( 2 ) ويجوز أن يشوب إحدى الروابط عيب فى الإرادة أو نقص فى الأهلية وتكون الروابط الأخرى غير مشوبة بشئ من ذلك ، كما يجوز أن تكون إحدى الروابط باطلة والروابط لأخرى صحيحة ، أو يكون بعضها باطلاً وبعضها قابلاً للإبطال وبعضها صحيحاً . فكل رابطة من الروابط المتعددة تستقل بعيوبها . ثم إن بعض الروابط قد يكون قابلاً للفسخ ، وبعض آخر لا يقبل الفسخ .
( 3 ) ويجوز أخيراً أن تنقضى إحدى الروابط دون أن تنقضى الروابط الأخرى . وسنرى ذلك فى أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء ، فتنقضى إحدى الروابط بالمقاصة مثلاً مع بقاء الروابط الأخرى قائمة .
ولكن لما كان المدينون جميعاً متضامنين فى دين واحد ، فإنه بالرغم من تعدد روابطهم مع الدائن يكون الالتزام موحد المحل ، فالروابط متعددة والمحل واحد . ووحدة المحل هذه هى التى تحتفظ للالتزام بوحدته رغماً من تعدد المدينين ، وإلا لانقسم الدين على هؤلاء المدينين ولكان التزاماً متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) من ناحية المدين كما سبق القول . وتعدد الروابط ووحدة المحل فى التضامن السلبى هما ، كما فى التضامن الإيجابى ، المحور الذى تدور عليه جميع أحكام التضامن كما سنرى .
176 – الالتزام التضامنى ( [51] ) ( obligation in solidum ) : وإذا كان الالتزام التضامنى obligation solidaire متعدد الروابط ولكنه موحد المحل ، فإنه أيضاً موحد المصدر . فإذا كان التضامن مصدره الاتفاق ، فإن الالتزام التضامنى الذى يجمع ما بين المدينين المتضامنين هو التزام محله واحد وهو الدين ، ومصدره واحد وهو العقد . وإذا كان التضامن مصدره نص فى القانون ، كما فى التزام الوكلاء المتعددين أو الالتزام عن عمل غير مشروع ، فإن مصدر الالتزام التضامنى هو عقد وكالة واحد أو عمل غير مشروع صدر من أشخاص 286 متعددين فأحدث ضرراً واحداً ( [52] ) .
ولكن قد يتعدد مصدر الالتزام مع بقاء محله واحداً . مثل ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 792 مدنى من أنه ” إذا كان الكفلاء قد التزموا بعقود متوالية ، فإن كل واحد منهم يكون مسئولاً عن الدين كله ، إلا إذا كان قد احتفظ لنفسه بحق التقسيم ” . فهنا وجد كفلاء متعددون ، وكل منهم قد التزم فى عقد مستقل بكفالة دين واحد ، فالروابط التى تربط الكفلاء المتعددين بالدائن روابط متعددة إذ كل كفيل منهم تربطه بالدائن رابطة مستقلة ، ومصدر التزام كل كفيل هو أيضاً متعدد إذ التزم الكفلاء بعقود متوالية ، ولكن الدين الذى التزم كل بأدائه هو دين واحد : الروابط إذن متعددة ، والمصدر متعدد ، والمحل واحد . فلا يكون هؤلاء الكفلاء ملتزمين بطريق التضامن ، لأن التضامن يقتضى أن يكون المصدر واحداً لا متعدداً كما قدمنا . ولكن لما كان كل منهم ملزماً بنفس الدين ، فقد تضامت ذممهم جميعاً فى هذا الدين الواحد دون أن تتضامن ، فالالتزام يكون التزاماً تضاممياً ( obligation in solidum ) لا التزاماً تضامنياً ( obligation solidaire ) ( [53] ) .
287
والذى يميز الالتزام التضاممى عن الالتزام التضامنى أن المدينين المتضامين فى الالتزام الأول لا تجمعهم وحدة المصلحة المشتركة كما تجمع المدينين المتضامنين فى الالتزام الثانى . ذلك أن التضامن يقتضى كما قدمنا وحدة المصدر ، ووحدة المصدر هذه هى التى تفترض وجود المصلحة المشتركة بين المدينين المتضامنين . أما فى الالتزام التضاممى فالمصدر متعدد ، فلا محل إذن لافتراض وجود مصلحة مشتركة بين المدينين المتضامنين . وفى المثل المتقدم التزم كل كفيل بعقد مستقل ، فلم تكن هناك مصلحة مشتركة ما بين هؤلاء الكفلاء المتعددين ، وإنما يجمعهم كلهم دين واحد ، فكل منهم ملتزم بأدائه .
ولهذا التمييز أهمية كبيرة فى تعيين الآثار التى تترتب على التضامم فى الالتزام وتلك التى تترتب على التضامن فيه . أما الآثار التى تترتب على التضامم فتقتصر على ما تقتضيه طبيعة الموقف ، إذ كل من المدينين مدين بنفس الدين وبكل الدين . فيترتب على ذلك بداهة أن الدائن يستطيع أ ، يطالب أى مدين منهم بكل الدين ، وإذا هو استوفاه من أحدهم برئت ذمة الآخرين . كذلك يستطيع أى مدين منهم أن يوفى الدائن كل الدين ، فتبرأ بذلك ذمة الآخرين . أما فيما 288 يتعلق برجوع المدينين المتضامنين بعضهم على بعض ، فهذا يتوقف على ما بينهم من علاقة . فالكفلاء الذين كفلوا مديناً واحداً بعقود متوالية ، إذا وفى أحدهم الدين كله للدائن برئت ذمة الكفلاء الآخرين من هذا الدين نحو الدائن ، ولكن يجوز للكفيل الذى دفع الدين أن يرجع بكل الدين على المدين الأصلى . أما إذا وفى المدين الدين لدائنه فإنه لا يرجع على أحد من الكفلاء ، لأنه إنما دفع دين نفسه .
والآثار التى تترتب على التضامن فى الالتزام ، حيث يفترض وجود المصلحة المشتركة ما بين المدينين المتضامنين ، أبعد مدى من ذلك . فسنرى أن أى مدين متضامن تمكن مطالبته بكل الدين ، وإذا وفاه برئت ذمة الآخرين ، ويكون له فى الغالب حق الرجوع عليهم كل بقدر نصيبه . ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أن هناك مصلحة مشتركة ما بين المدينين المتضامنين كما قدمنا ، وهذه المصلحة هى التى تبرر مبدأ أساسياً فى التضامن يقضى بأن كل مدين متضامن يمثل الآخرين فيما ينفعهم لا فيما يضرهم ، ولولا وجود هذه المصلحة المشتركة لما كان هناك محل لتمثيل المدينين الآخرين لا فيما يضر ولا فيما ينفع .
ومن أجل ذلك لا يقوم هذا التمثيل فى الالتزام التضاممى حتى فيما ينفع ، إذ لا توجد مصلحة مشتركة ما بين المدينين المتضامين . فإذا أعذر أحد الكفلاء المتوالين الدائن ، لم يكن الدائن معذراً بالنسبة إلى الكفلاء الآخرين . وإذا صدر حكم لمصلحة أحد هؤلاء الكفلاء لم يستفد منه الباقون . وقل مثل ذلك فى سائر الآثار التى تدعى بالآثار الثانوية ( Effets secondaires ) للتضامن ، والتى سيأتى بيانها تفصيلا فيما يلى ( [54] ) :
177 – أمثلة للالتزام التضاممى فى القانون المصرى : وقد أوردنا مثالا واحداً للالتزام التضاممى ، هو التزام الكفلاء المتعددين بعقود متوالية ، ونعزز هذا المثال بأمثلة أخرى :
289
( 1 ) إذا كان الدائن بالنفقة الواجبة قانوناً يستطيع أن يطالب بها مدينين متعددين ، بأن تكون النفقة واجبة قانوناً على كل منهم ، استطاع مستحق النفقة أن يرجع بها على أيهم ، ويكون الجميع مدينين متضامين ، لأنه جميعاً مسئولون عن دين واحد . فالمحل واحد ، ولكن الروابط متعددة ، وكذلك المصدر متعددة إذ كل من هؤلاء المدينين تربطه بالدائن رابطة من القرابة تختلف عن رابطة القرابة التى تربط الدائن بالآخرين وهذه الرابطة هى مصدر التزامه بدينه النفقة .
( 2 ) قد يكون اثنان مسئولين عن دين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، بأن يكون أحدهما مسئولا بموجب عقد ويكون الآخر مسئولا بمقتضى القانون . مثل ذلك ما نصت عليه المادة 30 من التقنين البحرى من أن ” كل مالك لسفينة مسئول مدنياً عن أعمال القبودان وبوفاء ما التزم به القبودان المذكور فيما يختص بالسفينة وتسفيرها ” . فقد قرر هذا النص مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة وعن التزاماته التعاقدية فيما يختص بالسفينة وتسفيرها ” . فقد قرر هذا النص مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة وعن التزاماته التعاقدية فيما يختص بالسفينة وتسفيرها . أما مسئولية مالك السفينة عن أعمال القبودان غير المشروعة فهذه مسئولية المتبوع عن التابع فى نطاق المسئولية التقصيرية ،ولذلك يكون الاثنان متضامنين فى هذه المسئولية عن العمل غير المشروع وفقاً لأحكام المادة 169 مدنى ، ويكون هذا مثلا للتضامن فى الالتزام لا للتضامم فيه . ولكن مسئولية مالك السفينة عما يبرمه القبودان من عقود خاصة بالسفينة وتسفيرها ، فهذه مسئولية تضاممية لا تضامنية ، لأن التضامن فى المسئولية العقدية لابد فيه من نص القانون ، والنص هنا مقصور على جعل مالك السفينة مسئولا عن وفاء ما التزم به القبودان ولم يصرح بقيام التضامن بينهما ، أى أنه اقتصر على جعل كل من المالك والقبودان مسئولا عن نفس الدين وهذا هو التضامم .
( 3 ) كذلك يقوم الالتزام التضاممى فى المسئولية العقدية عن الغير . وتتحقق هذه المسئولية إذا استخدم المدين بعقد شخصاً غيره فى تنفيذ التزامه العقدى ، فيكون مسئولا عقدية عن خطأ هذا الشخص فى تنفيذ العقد ( [55] ) .
290
فالمؤجر مسئول عن تنفيذ التزاماته العقدية الناشئة عن عقد الإيجار نحو المستأجر ، وقد يعهد إلى بواب بتنفيذ بعض من هذه الالتزامات ، فإذا قصر البواب فى تنفيذها ، بأن أهمل مثلاً فتسبب عن إهماله أن سُرق المستأجر ، أو أضاع المراسلات الموجهة إلى هذا المستأجر ، كان هذا خطأ يستوجب مسئولية البواب . ولما كان المؤجر مسئولاً هو أيضًا عن هذا الخطأ مسئولية عقدية ، فالالتزام واجب أيضًا على المؤجر بمقتضى مسئوليته عن البواب . فهذا التزام واحد ، له مدينان ، ولا يمكن القول بأنهما متضامنان ، فالتضامن مع المؤجر فى مسئوليته ، العقدية لابد فيه من نص . ولكن مميزات الالتزام التضاممى قد توافرت هنا : محل واحد وروابط متعددة ومصادر متعددة ، فدين التعويض محله واحد بالنسبة إلى كل من المؤجر والبواب ، وهناك رابطتان مختلفتان ، إحداهما تربط المستأجر بالمؤجر ، والأخرى تربط المستأجر بالبواب . ومصدر التزام البواب خطأه التقصيرى ، أما مصدر التزام المؤجر فمسئوليته العقدية عن الغير ( [56] ) .
( 4 ) فى المثلين المتقدمين رأينا أن شخصين يلتزمان بدين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، فمالك السفينة مسئول عن تنفيذ العقد الذى 291 أبرمه القبودان ، وهنا التابع ـ أى القبودان ـ هو الذى أبرم العقد ، فيصبح المتبوع مسئولاً عن تنفيذه ، والمؤجر مسئول عن خطأ البواب فى تنفيذ عقد الإيجار ، وهنا ـ على خلاف الحالة الأولى ـ المتبوع هو الذى أبرم العقد والتابع هو الذى ينفذه ، ويمكن أن نتصور حالة ثالثة يكون فيها الشخصان مستقلين أحدهما عن الآخر ، فلا تابع ولا متبوع ، ويكونان مسئولين عن دين واحد بموجب مصدرين مختلفين ، وليكن هذان المصدران خطأين أحدهما عقدى والآخر تقصيرى ، ” فإذا تعاقد عامل فنى مع صاحب مصنع ـ كما كتبنا فى الجزء الأول من الوسيط ـ أن يعمل فى مصنعه مدة معينة ، وأخل بتعهده فخرج قبل انقضاء المدة ليعمل فى مصنع آخر منافس بتحريض من صاحبه ، كان العامل الفنى وصاحب المصنع المنافس مسئولين معًا نحو صاحب المصنع الأول ، كل منهما عن تعويض كامل ، وتفسير ذلك لا يرجع إلى تعدد المسئولين عن أخطاء تقصيرية ، بل يرجع إلى أن العامل الفنى مسئول عن تعويض كامل لأنه أخل بالتزامه العقدى ، وصاحب المصنع المنافس مسئول أيضًا عن تعويض كامل لأنه ارتكب خطأ جعله مسئولاً ، فيكون كل منهما مسئولاً عن تعويض ضرر واحد تعويضًا كاملاً . وهذه ليست مسئولية بالتضامن ( Solidarite ) بل هى مسئولية مجتمعية ( تضاممية in Solidum ) ( [57] ) . وكذلك يكون الحكم إذا كان كل من الخطأ العقدى والخطأ التقصيرى غير عمد ، كما إذا ارتكب أمين النقل وهو ينقل بضاعة خطأ بأن سار بسرعة كبيرة ، فاصطدم بسيارة أخرى ارتكب سائقها هو أيضًا خطأ بأن كان يسير من جهة الشمال ، فخطأ أمين النقل هنا خطأ عقدى غير عمد وخطأ الغير ( سائق السيارة الأخرى ) خطأ تقصيرى غير عمد ، ومع ذلك يكون أمين النقل والغير مسئولين معًا مسئولية مجتمعة ( تضاممية ) . ويلاحظ فى المثلين المتقدمين أن مرتكب الخطأ العقدى لا يكون مسئولاً إلا عن الضرر 292 المتوقع ، أما مرتكب الخطأ التقصيرى فيكون مسئولاً أيضًا عن الضرر غير المتوقع مادام ضررًا مباشرًا ، فالمسئولية المجتمعة ( التضاممية ) إنما تقوم بينهما فيما يشتركان فى التعويض عنه وهو الضرر المتوقع ، وينفرد مرتكب الخطأ التقصيرى بالمسئولية عن الضرر غير المتوقع . والفرق بين المسئولية بالتضامن ( Solidarite ) والمسئولية المجتمعية ( تضاممية in Solidum ) أن التضامن يختص بأحكام لا تشاركه فيها المسئولية المجتمعة ( التضاممية ) ، فالمسئولون بالتضامن يمثل بعضهم بعضًا فيما ينفع لا فيما يضر . فإذا تصالح الدائن مع أحد المسئولين بالتضامن ، وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة اذمة منه بأية وسيلة أخرى استفاد منه الباقون ، أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ذمتهم التزامًا أو يزيد فيما هم ملتزمون به فإنه لا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه ( م 294 مدنى ) . وإذا أقر أحد المسئولين المتضامنين بالدين فلا يسرى هذا الإقرار فى حق الباقين ، وإذا نكل أحد المسئولين المتضامنين فحلف فإن المسئولين الآخرين يستفيدون من ذلك ( م 295 مدنى ) ، وإذا صدر حكم على أحد المسئولين المتضامنين فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ، أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم فيستفيد منه الباقون إلا إذا كان الحكم مبنيًا على سبب خاص بالمسئول الذى صدر الحكم لصالحه ( م 296 مدنى ) ، وإذا أعذر الدائن أحد المسئولين ، أما إذا أعذر أحد المسئولين المتضامنين الدائن فإن باقى المسئولين يستفيدون من هذا الأعذار ( م293 فقرة 2 مدنى ) . . هذه الأحكام هى خاصة بالمسئولية التضامنية دون المسئولية المجتمعة ( التضاممية ) ، ومن ثم تقوم هذه الفروق بين المسئوليتين ” ( [58] ) .
294
المبحث الثاني
الآثار التي تترتب علة تضامن المدينين
178 – العلاقة بين الدائن والمدينين وعلاقة المدينين بعضهم ببعض : هنا أيضا نبحث ، كما بحثنا في تضامن الدائنين ، أمرين : ( 1 ) العلاقة بين الدائن والمدينين ( 2 ) وعلاقة المدينين بعضهم ببعض .
المطلب الأول
العلاقة بين الدائن والمدينين
179 – المبادئ الأساسية : المبادئ الأساسية التي تقوم عليها العلاقة ما بين الدائن والمدينين في التضامن السلبي هي نفس المبادئ التي تقوم عليها العلاقة ما بين المدين والدائنين في التضامن الإيجابي :
( أولا ) فللدائن مطالبة أي مدين متضامن بكل الدين . ولأي مدين متضامن الوفاء بكل الدين للدائن . ووفاء أحد المدينين بكل الدين يبرئ ذمة المدينين الآخرين نحو الدائن ( م 284 – 285 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إ لي فكرة وحدة المحل ، فالدائن يستطيع أن يطالب بالكل ، كما يستطيع أي مدين أن يفي بالكل ، لأن الكل في هذه الحالة شئ واحد .
( ثانياً ) أما أسباب الانقضاء الأخرى غير الوفاء ، من تجديد ومقاصة واتحاد ذمة وإبراء وتقادم ، فإنها إذا تحققت بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين اقتصر أثيرها عليه دون أن تتعدى سائر المدينين ، ولا يحتج أي من هؤلاء بها إلا بقدر حصة المدين الذي قام به سبب الانقضاء ( م 286 – 292 / 1 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إلى فكرة تعدد الروابط ، فكل مدين تربطه بالدائن رابطة تتميز عن روابط المدينين الآخرين ، فإذا انقضت هذه الرابطة بسبب غير الوفاء لم بترتب على ذلك انقضاء الروابط الأخرى .
295
( ثالثاً ) ولا يجوز لأي مدين متضامن أن يأتي عملا من شأنه أن يضر بباقي المدينين ، ولكن إذا أتى عملا من شأنه أن ينفعهم أفادوا منه ( م 292 / 2 – 296 مدني ) . ويرجع هذا المبدأ إلي فكرة النيابة التبادلية ، فكل مدين يمثل الآخرين فيما ينفع لا فيما يضر . وهذا ما جرت العادة بتسميته الآثار الثانوية ( secondaireseffets ) للتضامن ( [59] ) .
فنتكلم إذن هنا ، كما تكلمنا في التضامن الإيجابي ، في مسائل ثلاث : ( 1 ) انقضاء الدين بالوفاء ( 2 ) انقضاء الدين بأسباب أخرى غير الوفاء ( 3 ) الآثار الثانوية للتضامن بين المدينين .
1 – انقضاء الدين بالوفاء
180 – النصوص القانونية : تنص المادة 284 من التقنين المدني على ما يأتي :
” إذا كان التضامن بين المدينين ، فإن وفاء أحدهم بالدين مبرئ لذمة الباقين ” .
وتنص المادة 285 على ما يأتي :
” 1 – يجوز للدائن مطالبة المدين مجتمعين أو منفردين ، ويراعي في ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين ” .
” 2 – ولا يجوز للمدين الذي يطالب الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع 296 الخاصة بغيره من المدينين ، ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به وبالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً ( [60] ) ” .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المواد 108 / 162 – 164 و 109 / 165 و 112 / 168 ( [61] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري 297 المادتين 284 – 285 ، وفي التقنين المدني الليبي المادتين 271 – 322 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 23 و 25 – 29 ( [62] ) .
298
181 – لأي مدين متضامن أن يوفي الدائن كل الدين : وهذا ما تنص عليه المادة 284 مدني ، وكما رأينا ، إذ تقول : إذا كان التضامن بين المدينين ، فإن وفاء أحدهم بالدين مبرئ لذكة الباقين ” . فأي مدين إذن يستطيع أن يفي الدين كله للدائن ، ولا يستطيع الدائن أن يرفض الأستيفاء ، كما لا يستطيع أن يفرض على المدين ألا يوفيه إلا حصته في الدين إذا أصر المدين على الوفاء بالدين كله ( [63] ) . وهذا ما لم يتفقا على أن يدفع المدين للدائن حصته في الدين فقط ، فعند ذلك يكون للدائن أن يرجع على أي مدين آخر بالدين من استنزال حصة المدين المدفوعة ( [64] ) . وكما لا يجبر المدين على أ ، يوفي حصته فقط كذلك لا يستطيع 299 هو أن يجبر الدائن على استيفاء هذه الحصة إذا أصر الدائن على أن يستوفى الدين كله .
وإذا وفي المدين الدين كله للدائن ، برئت ذمه سائر المدينين المتضامنين . ويكون للمدين الذي وفي الدين الرجوع عليهم كل بقدر حصته على الوجه الذي سنبينه فيما يلي . وإذا رفض الدائن أن يستوفى الدين كله من أي مدين متضامن ، كان لهذا المدين أن يعرض الدين عرضاً حقيقاً وقفاً للإجراءات المقررة ، ومتى تم هذا العرض برئت ذمة كل المدينين المتضامنين .
182 – وللدائن أن يستوفى الدين كله من أي مدين متضامن : وهذا ما يقرره صدر الفقرة الأولى من المادة 285 مدني ، كما رأينا ، إذ يقول ” يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين أو منفردين ” . فللدائن أن يختار أن مدين متضامن – أكثرهم ملاءة أو أيسرهم وفاء أو من يشاء منهم فكلهم متضامنون في الدين – ويطالبه بالدين جميعه لا فحصب منه فحسب ( [65] ) . وهذا يرجع كما قدمنا إلى وحدة المحل في الالتزام التضامني ، وهذا هو أيضاً أهم أثر للتضامن السلبي ، فإن هذا النوع من التضامن مقرر في الأصل لمصلحة الدائن ، بل هو يفوق في الضمان الكفالة ولو كان الكفيل متضامنا كما سبق القول ( [66] ) .
ويبقى للدائن حقه في الرجوع بكل الدين على أي مدين يختاره حتى لو كان له تأمين عيني كرهن أو حق امتياز ، فله بالرغم من وجود هذا التأمين أن يرجع علة المدين الذي اختاره قبل أن يرجع علة العين المرهونة أو المثقلة بحق الامتياز وهذا حتى لو كانت هذه العين مملوكة لغير هذا المدين ( [67] ) . ذلك أن القانون لم 300 يحتم على الدائن أن يرجع أولا على العين المحملة بالضمان العيني ( [68] ) ، فقد يحد الدائن أن الدعوة الشخصية آلت يطالب بها المدين المتضامن بالدين كله أيسر حمال وأقل كلفة وأبسط في الإجراءات من الدعوى العينية التي يرجع بها بمقتضى التأمين العيني ( [69] ) .
وليس للمدين إذا طالبه الدائن بالدين كله ، أن يقتصر على دفع حثته في الدين ( [70] ) ، فإنه بالنسبة إلى الدائن قد انشغلت ذمته بكل الدين ولا يستطيع أن يجزئ الوفاء . وقد رأينا نظيرا لهذا الحكم في حالة ما إذا كان المدين هو الذي يتقدم من تلقاء نفسه ، ومن غير مطالبة من الدائن ، بدفع حصته في الدين ، فإن الدائن لا يجبر على قبول الوفاء الجزئي ( [71] ) .
183 – مراعاة ما يلحق رابطة كل مدين من وصف ولما كان الالتزام التضامني ، إلى جانب أنه وحد المحل ، متعدد الروابط ، فإن هذه الروابط المتعددة قد يكون بعضها موصوفا والبعض غير موصوف ، وقد يكون الرصف الذي يلحق رابطة منها غير الوصف الذي الرابطة الأخرى ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك . فيجوز أن يكون أحد المدينين المتضامنين مدينا تحت شرط واقف ، ويكون مدين آخر دينه مضاف إلى أجل ويكون مدين ثالث دينه منجز . ففي هذه الحالة لا يستطيع الدائن أن يرجع على المدين الأول 301 إلا إذا تحقق الشرط ، ولا على المدين الثاني إلا عند حلول الأجل ، ويجوز له الرجوع فورا على المدين الثالث . وإلى هذا تشير المادة 284 مدني إذ تقول : ” ويراعي في ذلك ما يلحق رابطة كل مدين من وصف يعدل من أثر الدين ” . وقد تقدم مثل ذلك في التضامن الإيجابي .
وقد يطرأ الوصف على الرابطة بعد تمام التعاقد ، فيمنح الدائن أن يتمسكوا بهذا الأجل ، كما لا يتمسك المدين في التضامن الإيجابي بالأجل الذي يمنحه له أحد الدائنين المتضامنين في حق الدائنين الآخرين ( [72] ) . وإذا كان الدائن ، عند ما يبرئ أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، يستبقه حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ( م 290 مدني ) ، فأولى أن يستبقى حقه في الرجوع فورا على الباقين إذا هو أجل الدين لأحدهم .
184 – إدخال المدينين المتضامنين الآخر بن في الدعوى ودخولهم فيها : إذا طالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بكل الدين على الوجه الذي أسلفناه ، كان لهذا المدين أن يدخل في الدعوى باقي المدينين المتضامنين أو بعضهم ، حتى إذا حكم عليه بكل الدين حكم له على كل من لآخرين بقدر حصته ( [73] ) . ولا يجوز للدائن أن يعارض في ذلك فيقد نصت المادة 143 من تقنين المرافعات على أن ” للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ، ويتبع في اختصام الغير الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور ” ( [74] ) . ويتعين 302 على المحكمة إجابة إلى طلبه وتأجيل الدعوى لإدخال باقي المدينين ، إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن ، أو إذا كانت الثمانية الأيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، وفيما عدا ذلك يكون التأجيل لإدخال باقي المدينين المتضامنين جوزياً للمحكمة ( م 146 مرافعات ) . ويقضي في الدعوى الأصلية المرفوعة من الدائن على المدين وفي طلب هذا المدين للرجوع على باقي المدينين بحكم واحد كلما أمكن ذلك ، وإلا فصلت المحكمة في الرجوع على باقي المحكمة في الرجوع على باقي المدينين بعد الحكم في الدعوى الأصلية إذا اقتضى الفصل في الرجوع إجراءات طويلة للتثبت من الحكم في الدعوى الأصلية إذا اقتضى الفصل في الرجوع إجراءات طويلة للتثبت من حصة كل مدين في الدين ” ( م 147 مرافعات ) .
بل أن للمحكمة من تلقاء نفسها ، دون طلب من المدين ، أن تأمر بإدخال باقي المدينين المتضامنين في الدعوي ، فقد نصت المادة 144 من تقنين المرافعات على أن ” للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال : ( ا ) . . . ( ب ) من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة . . . وتعين المحكمة ميعادا بحضور من تأمر بادخاله ومن يقوم الخصوم بإعلانه ” . وهذا حكم مستحدث في تقنين المرافعات الجديد .
وكما يجوز إدخال باقي المدينين المتضامنين في الدعوى ، يجوز كذلك أن يتدخلوا هم من تلقاء أنفسهم ، ليرعوا حقوقهم وليمنعوا ما قد يقع من تواطؤ بين الدائن والمدين المرفوعة عليه الدعوى . وقد نصت المادة 153 من تقنين المرافعات على أنه ” يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطل مرتبط بالدعوى ” وتنص المادة 155 من نفس التقنين علة أن ” تحكم المحكمة على وجه السرعة في نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل . ولا يترتب على الطلبات العارضة أو التدخل إرجاء الحكم في الدعوى الأصلية متى كانت صالحة للحكم فيه . وتحكم المحكمة في موضوع الطلبات العارضة أو في طلبات التدخل مع الدعوى الأصلية كلما 303 أمكن ذلك ، وإلا سبقت الطلب العارض أو طلب التدخل للحكم فيه بعد تحقيقه ( [75] ) ” .
185 – مطالبة مدين بعد آخر : وإذا اختار الدائن مدينا متضامنا ويطالبه بكل الدين ، ثم رأى بعد ذلك أن يوجه مطالبته لمدين متضامن آخر ظهر له فيما بعد أكثر جدوي أو أيسر أو بداله أي سبب آخر لهذه المطالبة الجديدة ،ئء فإن المطالبة الأولى للمدين الأول لا تمنع من مطالبة المدين الآخر . فللدائن إذن أن يدخل المدين الآخر خصما في الدعوي الأولى ويطلب الحكم على الاثنين بالدين متضامنين فيه ، وله أن يترك دعواه الأولى ويرفع دعوى جديدة على المدين الآخر يطالبه فيها وحده بكل الدين ( [76] ) .
وإذا فرض أن الدائن استمر في مطالبة المدين الأول ولم يستطع من وراء هذه المطالبة أن يحصل منه إلا على جزئ من الدين ، فإنه يستطيع أن يطالب أي مدين آخر بالباقي من الذي نبعد استنزال الجزء الذي استوفاه من المدين الأول . وهذا هو الحكم حتى لو كان المدين الآخر الذي يرجع عليه الدائن مفلسا ، فإن الدائن لا يدخل في التفليسة إلا بالباقي من المدين بعد استنزال ما استوفاه من المدين الأول ، ثم إن ما يبقي له بعد الرجوع على التفليسة يرجع به على أي من المدينين الآخرين أو على سائرهم ، حتى لو حصل الصلح مع المفلس . كذلك يدخل في التفليسة المدين المتضامن الذي وفي الدين بقدر ما وفاه علن المفلس . وهذه الأحكام تنص عليها صراحة المادة 349 من التقنين التجاري إذ تقول : ” إذا استوفى المداين الحامل لسند متضامن فيه المفلس وغيره بعضا من دينه قبل الحكم باشهار الإفلاس ، فلا يدخل في روكية التفليسة إلا بالباقي بعد استنزال ما أيتوفاه ويبقى حقه في المطالبة بالباقي محفوظا له على الشريك أو الكفيل ، ويدخل الشريك أو الكفيل المذكور في روكية المفلس بقدر ما دفعه وما دفعة عنه 304 . وللمداين مطالبة الشركاء في الدين بتمام دينة ولو حصل الصلح مع المفلس ( [77] ) ” .
186 – مطالبة المدينين المتضامنين مجتمعين : وإذا كان للدائن أن يطالب أي مدين متضامن منفرداً بكل الدين ، فما لا شك فيه أن له أيضاً أن يطالبهم جميعاً بكل الدين فيوجه إليهم المطالبة مجتمعين . وتقول المادة 285 مدني ، كما رأينا في هذا الصدد ” يجوز للدائن مطالبة المدينين المتضامنين بالدين مجتمعين . . ” . ويستطيع أيضاً أن يوجه المطالبة إلى فريق منهم دون فريق ( [78] ) . وقد رأينا أن أي مدين متضامن وجه إليه الدائن المطالبة وحده يستطيع أن يدخل الباقي في الدعوى وأن الباقي يستطيعون أن يدلوا في الدعوى من تلقاء أنفسهم ، هذا إذا لم يستعمل الدائن حقه في مطالبتهم مجتمعين على النحو الذي بيناه .
ومتى اجتمع المدينون المتضامنون أو بعضهم في الدعوي ، فإن الحكم يصدر عليهم بالدين متضامنين فيه ( [79] ) ، فيستطيع الدائن بموجب هذا الحكم أن ينفذ 305 على أي منهم بكل الدين ، ويبقى لمن نف عليه بكل الدين حق الرجوع على الآخرين .
وإذا رفع الدائن الدعوى عليهم جميعاً ، جاز له رفعها في أية محكمة تكون مختصة بنظر الدعوى بالنسبة إلى واحد منهم أياً كان ، إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 55 من تقنين المرافعات على أنه ” إذا تعدد المدعى عليهم ، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم ” . أما إذا رفع الدعوي على كل منهم في المحكمة التي بها موطنه فتفرقت الدعاوي ، جاز لكل مدين أن يطلب إحالة دعواه إلى المحكمة التي رفعت أمامها أول دعوى ، فتتجمع على هذا النحو جميع الدعاوي أمام المحكمة واحدة ، ثم يضم بعضها إلى بعض حتى لا تتضارب الأحكام ( [80] ) . وإذا رفع الدائن دعاوي مستقلة على المدينين المتضامنين أمام محكمة واحدة ، جاز للخصوم ، وجاز للخصوم ، وجاز للمحكمة من تلقاء نفسها ، أن تأمر بضم هذه الدعاوي بعضها إلى بعض ليصدر فيها حكم واحد ( [81] ) .
178 – هل ينقسم الدين بين ورثة المدين المتضامن : رأينا في التضامن الإيجابي أن الفقرة الثنية من المادة 280 مدني تنص على ما يأتي : ” ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورث أحد الدائنين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام ” ( [82] ) . وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 284 ( [83] ) تنص الفقرة الثانية منها ، في صدد التضامن السلبي ، على ما يأتي : ” ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين دين ورثه أحد المدينين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام ” ( [84] ) ، فكان هناك 306 تقابل بين النصين . ولكن إذا كان هذا التقابل يصح في القانون الفرنسي ، حيث ينتقل الدين إلى ورثة المدين وينقسم عليهم كل بقدر حصته في الميراث ( [85] ) ، فإنه لا يصح ف مصر حيث تقضي مبادئ الشريعة الإسلامية في الميراث ” ( [86] ) .
فإذا مات أحد المدينين المتضامنين ، بقيت تركته مشغولة بالدين جميعه ، ويزور للدائن أن يرجع عليها به كاملا ( [87] ) ، ثم ترجع التركة على باقي المدينين المتضامنين كل قدر حصته في الدين كما كان يفعل المورث لو بقة حياً . ومن ثم يكون الدين في التضامن السلبي ، بفضل القاعدة الشرعية التي تقضي بألا تركة إلا بعد سداد الدين ، غير منقسم علة ورثة المدين ، دون حادة إلى أن يكون الدين نفسه غير قابل للانقسام ( [88] ) .
307
188 – أوجه الدفع التي يحتج بها المدين المتضامن : وتنص الفقرة الثانية من المادة 285 مدني ، كما رأينا ، على ما يأتي : ” ولا يجوز للمدين الذي للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين ، ولكن يجوز له أن يحتد بأوجه الدفع الخاصة به وبالأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً ” . وقد رأينا نصاً مقابلا لهذا النص في التضامن الايجابي ( [89] ) .
فإذا طالب الدائن أحد المدينين المتضامنين بالوفاء ، كان لهذا المدين أن يحتد بأوجه الدفع الخاص به وبأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر .
أما أوجه الدفع الخاصة بالمدين المطالب بالوفاء فكثيرة متنوعة ، ذكرنا ما يقابلها في التضامن الإيجابي . فقد تكون الرابطة التي تربط هذا المدين بالدائن مشوبة بعيب في الرضاء لغلط أو تدليس أو لإكراه ، أو بنقص في أهلية المدين . أو تكون هذه الرابطة قابلة للفسخ ، فيطالب المدين بفسخها . أو تكون قد انقضت بسبب غير الوفاء ، كالمقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ، وهذه جميعها يحتد بها المدين الذي قام السبب من جهته ويدفع بها مطالبة الدائن كما سنرى .
وأما أوجه الدفع المشتركة بين الدائنين جميعاً فكأن يكون العقد الذي أنشأ الالتزام التضامني باطلا في الأصل ، لانعدام رضاء المدينين جميعاً أو لعدم توافر شروط المحل أو السبب أو لعيب في الشكل . أو يكون العقد قابلا للإبطال لصالح جميع المدينين ، بأن يكون قد وقع علهم جميعاً إكراه أو تدليس أو وقعوا جميعاً في غلط . أو يكون العقد قابلا للفسخ ، بأن يكون الدائن مثلا لم يف بما تعهد به كأن كان بائعاً لم يسلم المبيع للمشترين المتضامنين في الثمن ، فيكون لكل من هؤلاء المدينين المتضامنين حق المطالبة بفسخ البيع . أو يكون أحد المدينين قد وفي الدين كله فبرئت ذمة الجميع ، ويكون لكل منهم أن يحتج بهذا الوفاء على الدائن .
308
ولا يحتج المدين المطالب بالوفاء بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين المتضامنين ( [90] ) ، كما إذا وقع تدليس أو إكراه على غيره أو وقع غيره في غلط فلا يحتج هو بذلك ( [91] ) . وكما إذا كان غيره ناقص الأهلية ،فلا يحتج هو بنقص أهليه هذا المدين . وكما إذا كان التزام غيره معلقاً على شرك أو مضافاً إلى أجل ، فلا يتمسك هو بهذا الدفع . وكما إذا قام سبب للفسخ بغيره ، فلا يطالب هو بالفسخ . وكما إذا قام سبب غير الوفاء لانقضاء التزام غيره ، فلا يحتج هو بهذا السبب إلا بقدر حصة هذا المدين على الوجه الذي سنفصله فيما يلي ( [92] ) .
2 – انقضاء الدي بأسباب أخري غير الوفاء
189 – المبدأ العام : في التضامن السلبي ، كما في التضامن الإيجابي ، إذا برئت ذمة أحد المدينين المتضامنين قبل الدائن بسبب غير الوفاء ، ولم تبرأ ذمة 309 الباقين إلا بقدر حصة المدين الذي برئت ذمته ( [93] ) . وقد وضع التقنين المدني هذا المبدأ العام في صدد التضامن الإيجابي ، واقتصر عليه فيما يتعلق بهذا النوع من التضامن دون أن يطبقه تفصيلا على الأسباب المختلفة لا نقضاء الالتزام . أما في التضامن السلبي فقد عمد ، دون أن يصرح بالمبدأ ، إلى تطبيقه تكبيهاً تفصيلياً على هذه الأسباب ، لما لهذا التطبيق التفصيلي من أهمية عملية .
وقد قدمنا أن الأصل في ذلك أن روابط الدائن بالمدينين المتضامنين روابط متعددة ، وقد تنقضي رابطة منها بسبب غير الوفاء ولا تنقضي الروابط الأخرى إلا بقدر حصة من انقضت رابطته ، فلا يستطيع باقي المدينين أن يحتجوا على الدائن إلا بقدر هذه الحصة ، ويبقون ملزمين بدفع باقي الدين .
ونستعرض مع التقنين المدني الجديد أسباب انقضاء الالتزام المختلفة غير الوفاء مع النصوص الشريعة الخاصة بكل سبب . وأسباب الانقضاء التي عرض لها التقنين الجديد هي التجديد والمقاصة واتحاد الذمة والإبراء والتقادم ( [94] ) .
310
190 – التجديد : تنص المادة 286 من التقنين المدني على ما يأتي : ” يترتب على تجديد الدين بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين أن تبرأ ذمة باقي المدينين ، إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم ( [95] ) ” .
311
ونفرض هنا أن الدائن اتفق مع أحد المدينين المتضامنين على تجديد الدين . وهذا التجديد إما أن يكون بتغيير الدين ، إذا اتفق الطرفان على أن يستبدلا بالالتزام الأصلي التزاماً جديداً يختلف عنه في محله أو في مصدره . وإما أن يكون بتغيير المدين ، إذا اتفق الدائن مع أجنبي على أن يكون هذا الأجنبي مديناً مكان المدين الأصلي وعلى أن تبرأ ذمة المدين الأصلي دون حادة إلى رضاءه ، أو إذا حصل المدين على رضاء الدائن بشخص أجنبي قبل أن يكون هو المدين الجديد . وإما أن يكون بتغيير الدائن ، إذا اتفق الدائن والمدين وأجنبي على أن يكون هو الدائن الجديد .
وسواء كان التجديد بتغيير الدين أو بتغيير المدين أو بتغيير الدائن ، فإنه يترتب عليه أن ينقضي الالتزام الأصلي بتوابعه وأن ينشأ مكانه التزام جديد ( م 356 / 1 مدني ) . وتنص الفقري الثانية من المادة 356 مدني على ما يأتي : ” ولا ينتقل إلى الالتزام الجديد التأمينات التي كانت تكفل الالتزام الأصلي ، إلا بنص في القانون ، أو إلا إذا تبين من الاتفاق أو من الظروف أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى ذلك ” . ثم تنص المادة 358 مدني على أنه ” لا ينتقل إلى الالتزام الجديد الكفالة عينية كانت أو شخصية ولا التضامن ، إلا إذا رضي بدلك الكفلاء والمدينون المتضامنون ” .
ونري من هذه النصوص أن التجديد يقضي الدين القديم على وجه قاطع ويقيم مكانه ديناً جديداً يختلف في صفاته وفي توابعه وفي تأميناته عن الدين القديم . ومن أهم تأمينات الدين القديم هو هذا التضامن الذي كان قائماً بين المدينين جميعاً ، فينقضي بانقضاء الدين القديم . بل لا ينقضي التضامن وحده ، وإنما ينقضي الالتزام التضامني ذاته بالتجديد ، فتبرأ ذمة المدينين المتضامنين جميعاً : لا ذمة المدين الذي أجرى التجديد مع الدائن فحسب ، بل أيضاً تبرأ ذمة باقي المدينين المتضامنين .
وهذه نتيجة بعيدة المدى ، يبررها أن التجديد حاسم في قضاء الدين القديم بكل مشخصاته ومقوماته ، وفي إحلال دين جديد محله لا يشترك مع الدين القديم في شيء من هذه المشخصات والمقومات . ويستخلص من ذلك أن الدائن الذي جدد الدين مع أحد المدينين المتضامنين يفترض فيه أن نيته قد انصرفت إلى 312 قضاء الدين القديم وما يستتبع ذلك من براءة ذمة جميع المدينين المتضامنين ، واقتصر على الدين الجديد يحل محل الدين القديم . فإذا كان يريد استبقاء الدين القفي ذمة باقي المدينين المتضامنين ، أمكنه قبل أن يجري التجديد أن يتفق مع هؤلاء المدينين على بقاء الدين القديم في ذمتهم . وعند ذلك لا ينقضي الدين القديم إلا بالنسبة إلى المدين الذي جدد الدين معه ، ويبقي هذا الدين في ذمة باقي المدينين . وله حصة المدين الذي أجرى معه التجديد ، فيتفق التجديد عندئذ في الحكم مع سائر أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء على ما سنرى . بل يتفق حكمه هنا في التذمن السلبي مع حكمه هناك في التضامن الإيجابي ، وقد رأينا في التضامن الإيجابي أنه إذا جدد الدين بين أحد الدائنين المتضامنين والمدين فلا يجوز للمدين أن يحتد بهذا التجديد على باقي الدائنين المتضامنين إلا بقدر حصة الدائن الذي أجرى التجديد معه ( [96] ) .
وإذا أراد الدائن أينقل التضامن إلى الدين الجديد ، فعليه أن يحصل على موافقة باقي المدينين المتضامنين على أن يلتزموا متضامنين بهذا الدين . فإذا لم يوافقوا على ذلك وكان الدائن قد اشترط لتمام التجديد موافقتهم ، فإن التجديد لا ينعقد ، ويظل الالتزام التضمني القديم قائماً ( [97] ) .
أما إذا كان الدائن لم يتفق مع باقي المدينين ، لا على أن يبقوا ملتزمين بالدين القديم ، ولا على أن يتضامنوا في الالتزام بالدين الجديد ، بل أجرى التجديد دون قيد ولا شرط ، فقد افترض المشرع افتراضاً معقولا أن نية الدائن قد انصرفت إلى إبراء ذمة المدينين المتضامنين من الالتزام التضامني القديم . على أن هذا الافتراض قابل للدحض ، فيجوز للدائن وقت إجراء التجديد أن يفصح عن نيته بأنه لا يقصد من هذا التجديد أن يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين ، بل قصد 313 أن يبرئ ذمة المدين الذي أجرى معه التجديد هو وحده من الدين القديم . فيكون الدائن بذلك قد احتفظ بحقه قبلهم – أي قبل باقي المدينين المتضامنين – كما هو صريح نص العبارة الأخيرة من المادة 286 مدني . ويستوي الحكم في هذه الحالة منع الحكم في حالة ما إذا كان الدائن قد اتفق مع باقي المدينين المتضامنين على بقاء الدين القديم في ذمتهم ، وهي الحال التي ذكرناها فيم تقدم .فسواء اتفق الدائن مع باقي المدينين المتضامنين على بقاء الدين القديم في ذمتهم ، أو اقتصر على مجرد الاحتفاظ بالدين القديم في ذمتهم دون اتفاق معهم ، فالحكم واحد في الحالتين : ينقضي الدين القديم بالنسبة إلى المدين الذي أجرى التجديد وحده ، ويبقى هذا الدين في ذمة الباقين ، ويكون للدائن أن يرجع على أي من هؤلاء بالدين بعد استنزال حصة المدين الذي أجرىمعه التجديد . ويتفق عندئذ حكم التحديد م حكم سائر أسباب انقضاء الالتزام بغير الوفاء ، كما يتفق حكم التجديد في التضامن السلبي مع حكم التجديد في التضامن الإيجابي ( [98] ) .
191 – المقاصة : تنص المادى 287 من التقنين المدين على ما يأتي : ” لا يجوز للمدين المتضامن أن يتمسك بالمقاصة التي تقع بين الدائن ومدين متضامن آخر . إلا بقدر حصة هذا المدين ” ( [99] ) .
314
والمفروض هنا أن مقاصة قانونية وقعة بين الدائن وأحد المدينين المتضامنين في الالتزام التضامني . ونفرض لتصور ذلك أن هذا الالتزام مقداره 315 ثلثمائة ، وأن المدينين المتضامنين ثلاثة حصصهم في الدين متساوية ، وظهر أن للأول منهم على الدائن ثلثمائة – سواء كان هذا الدين لا حقاً للالتزام التضمني أو سابقاً عليه – فوقعت المقاصة بينه وبين الدائن .
فإذا رجع الدائن على المدين الأول الذي وقعت معه المقاصة ، تمسك هذا بانقضاء الدين قصاصاً . فيعتبر الدين منقضياً ، لا بالنسبة إلى هذا المدين وحده ، بل بالنسبة إليه وإلى المدين المدينين الآخرين ما دام الدائن قد طالب المدين الأول . ويكون لهذا المدين أن يرجع على شريكيه في الدين كل منهما بمائة ، لأنه يكون في حكم من وفي الدين ، وقد وفاه فعلا بطريق المقاصة ، فله حق الرجوع .
أما إذا اختار الدائن أن يطالب بالدين أحد المدينين الآخرين ، فليس للمدين المطالب أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت مع المدين الأول إلا بقدر حصة هذا المدين ( [100] ) ، أي بمدار مائة من ثلثمائة ، وعليه أن يوفي الدائن 316 مائتين ، ثم يرجع على المدين الثالث بمائة هي حصته في الدين ، ولا يرجع على المدين الأول بشيء لأنه لم يدفع شيئاً لحسابه ( [101] ) . فيكون المدين الثاني في نهاية الأمر قد تحمل حصته في الدين وهي مائة ، وكذلك المدين الثالث قد تحمل مائة ، حصته في الدين ، برجوع المدين الثاني عليه كما قدمنا . وبقية المدين الأول الذي وقعت معه المقاصة ، فهذا قد استنزل الدائن حصته في الدين وهي مائة عندما رجع على المدين الثاني . فينتهي أمر الدائن مع المدين الأول إلى الوضع الآتي : عليه لهذا المدين ثلثمائة ، وله مائه هي التي استنزلها من الالتزام التضمني ، فتقع المقاصة بمقدار المائة ، ويبقي للمدين الأول على الدائن مائتان . فيستوفي المدين الأول المائتين من الدائن ، بعد أن نزل له عن مائه هي حصته في الدين الذي تضامن فيه مع شريكيه ( [102] ) .
317
192 – اتحاد الذمة : تنص المادة 288 من التقنين المدني على ما يأتي : ” إذا اتحدت الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين ، فإن الدين لا ينقضي بالنسبة إلى باقي المدينين إلا بقدر حصة المدين الذي اتحدت ذمته مع الدائن ” ( [103] ) .
وقد تتحد الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين ، ونستعرض في ذلك صورتين :
( الصورة الأولى ) أن يموت الدائن فيرثه هذا المدين . ونفرض أن الدين ثلثمائة ، وأن المدنين المتضامنين الثلاثة حصصهم متساوية كما في المثال السابق ، وأن المدين الذي ورث الدائن هو الوارث الوحيد . فتكون الذمتان قد اتحدتا في شخص المدين ، وانقضى الدين باتحاد الذمة . فإذا اعتبر المدين نفسه مديناً فد وفي الالتزام التضامني عن نفسه وعن المدينين الآخرين عن طريق اتحاد الذمة ، كان له أن يرجع على شريكيه كل بمقدار حصته ، فيرجع بمائة على كل 318 منهما . وإذا اعتبر المدين نفسه قد ورث الدائن فأصبح دائناً مكانه في الالتزام التضامني – وهذا هو أفضل الاعتبارين بالنسبة إليه – كان له أن يطالب أنا من المدينين المتضامنين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصته هو فيه ، فيستوفي من أن منهما مائتين ، ويرجع المدين الذي وفي المائتين على شريكه بحصته في الدين وهي مائة . وهذا ما يقضي به نص المادة 288 سالفة الذكر .
( الصورة الثانية ) أن يموت المدين فيرثه الدائن . ولو كان الوارث ينتقل إليه دين مورثه ، لا تحدث الذمتان ، ولكنهما تتحدان هنا في شخص الدائن وبقدر حصة المدين في الدين . ويبقى للدائن بعد ذلك أن يطالب أيا من المدينين المتضامنين الباقيين بمائتين ويكون بذلك قد استنزل حصة المدين الذي ورثة وهي مائة . ونصل إلى نفس النتيجة علمياً لو طبقنا أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث لا ينتقل إلى الوارث دين مورثه . ذلك أن الدائن في هذه الحالة ، ولو لم ينقض الدين باتحاد الذمة وبقيت التركة مسئولة عنه ؛ لا يستطيع أن يطالب أيا من المدينين المتضامنين الآخرين بأكثر من مائتين ، إذ لو طالبه بكل الدين وهو ثلثمائة لجاز للمدين أن يطلب استنزال مائة هي حصة التركة التي ورثها الدائن ( [104] ) .
319
193 – الابراء : تنص المادة 289 من التقنين المدني على ما يأتي : ” 1 – إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين ، فلا تبرأ ذمة الباقين إلا إذا صرح الدائن بذلك ” .
” 2 – فإذا لم يصدر منه هذا التصريح ، لم يكن له أن يطالب باقي المدينين المتضامنين إلا بما يبقى من الدين بعد خصم حصة المدين الذي أبرأه ، إلا أن يكون قد احتفظ بحقه في الرجوع عليهم بكل الدين . وفي هذه الحالة يكون بهم حق الرجوع على المدين الذي صدر الإبراء لصالحة بحصته في الدين ” .
وتنص المادة 290 على ما يأتي :
” إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، بقى حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ، ما لم يتفق على غير ذلك ” .
وتنص المادة 291 على ما يأتي :
” 1 – في جميع الأحوال التي يبرئ فيها الدائن أحد المدينين المتضامنين سواء أكان الإبراء من الدين أم من التضامن ، يكون لباقي المدينين أن يرجعوا عند الاقتضاء على هذا المدين بنصيبه في حصة المعسر منهم وفقاً للمادة 298 ” .
” 2 – على أنه إذا أخلى الدائن المدين الذي أبرأه من كل مسئولية عن الدين ، فإن الدائن هو الذي يتحمل نصيب هذا المدين في حصة المعسر ” ( [105] ) .
320 321 وهذه للنصوص تواجه حالتين :
( الحالة الأولى ) أن يبرئ الدائن أحد المدينين المتضامنين من الدين . فإذا اقتصر الدائن على هذا الإبراء ، ولم يصرح بغير ذلك ، افترض أنه أراد إبراء ذمة هذا المدين وحده ، فلا يستطيع أن يطالبه بشيء بعد هذا الإبراء ، ولكنه يستطيع أن يطالب كلا من المدينين الآخرين بالدين بعد أن يستنزل حصة المدين الذي أبرأه ( [106] ) . ففي المثال السابق – الدين ثلثمائة والمدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية – إذا أبرأ الدائن أحد المدينين ، كان له أن يطالب أيا من المدينين الآخرين بمائتين ، ومن وفى منهما المائتين يرجع على الآخر بمائة هي حصته من الدين ( [107] ) . فإذا كان هذا الآخر معسراً ، كان للمدين الذي وفى المائتين أن يرجع على المدين الذي أبرأ الدائن بنصيبه في حصة المعسر وهو خمسون ، ما لم يتضح أن الدائن عند ما أبرأ هذا المدين أراد أن يخليه من كل مسئولية عن الدين ، ففي هذه الحالة يتحمل الدائن نفسه صيب هذا المدين في حصة المعسر ، ولا يستطيع مطالبة المدين غير المعسر بالمائتين كلها بل يطالبه بمائة وخمسين .
322
ولكن يجوز للدائن عند إبرائه المدين أن يصح بما انصرفت إليه نيته بالنسبة إلى المدينين الآخرين . فقد يصرح أنه أراد بابرائه لأحد المدينين أن يبرئ الباقين ، وعند ذلك ينقضي الدين بالإبراء بالنسبة إليهم جميعا ، ولا يستطيع الدائن بعد ذلك أن يطالب أحداً منهم بشيء ، ولا رجوع لأحد منهم على الآخرين . وقد يصرح ، على النقيض من ذلك ، أنه لم يرد بابرائه للمدين أن يبرئ الباقين ، وعند ذلك ينقضي الدين بالإبراء بالنسبة إليهم جميعا ، ولا يستطيع الدائن بعد ذلك أن يطالب أحداً منهم بشيء ، ولا رجوع لأحد منهم على الآخرين . وقد يصرح ، على النقيض من ذلك ، أنه لم ير
بابرائه للمدين أن يبرئ المدينين الآخرين حتى من حصة المدين الذي أبرأه ، وأنه يحتفظ لنفسه بحق الرجوع عليهم بكل الدين . وفي هذه الحالة لا يطالب الدائن المدين الذي أبرأه بشيء ، لكنه يستطيع أن يطالب أيا من المدينين الآخرين بكل الدئن ، أي بثلثمائة ، ولمن دفع منهما أن يرجع على الآخر بمائه وهي حصته من الدائن ، ويرجع كذلك على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بمائه وهي حصته من الدين هو أيضا . فكأن إبراء الدائن للمدين مع احتفاظه بحقه في مطالبة الآخرين بكل الدين لا يعفي المدين من دفع حصته ، ولكن لا للدائن ، بل للمدين الذي وفي كل الدين . وقد يجد المدين الذي وفي كل الذين شريكه الآخر معسراً فيرجع في هذه الحالة على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بنصيبه في حصة المعسر ، وهي خمسون ، فيكون مجموع ما يرجع به عليه مائه وخمسين . وهذا ما لم يتضح أن الدائن عندما أبرأ المدين الأول أراد أن يخليه من كل مسئولية عن الدين ، فعند ذلك يتحمل الدائن نفسه نصيب هذا المدين في حصة المعسر ، كما يتحمل أيضا حصة هذا المدين في الدين ما دام قد أخلاه من كل مسئولية عنه ، ولا يستطيع أن يطالب المدين غير المعسر إلا بمائه وخمسين هي حصته من الدين أضيف إليها نصيبه ف حصة المعسر ( [108] ) .
( الحالة الثانية ) أن يبرئ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن فقط ( [109] ) . فعندئذ لا يستطيع أن يطالبه إلا بحصته في الدين ، وهي المائة ( [110] ) . ولكنه يستطيع أن يطالب كلا من المدينين الآخرين بكل الدين ، أي بثلثمائة ، ومتى وفي أحدهما الدين كله رجع علة المدين الآخر بمائه وهي حصته في الدين ، ثم رجع على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بمائه وهي حصته في الدين كذلك فإذا كان المدين الآخر معسراً ، رجع المدين الذي وفى الدين كله على المدين الأول الذي أبرأه الدائن بنصيبه في حصة المعسر تضاف إليه حصته هو في الدين ، فيرجع عليه بمائة وخمسين ( [111] ) . وقد يتفق الدائن عند إبرائه للمدين الأول من التضامن ، مع هذا المدين أو مع غيره من المدينين أو معهم جميعاً ، على أن يرجع على أي من المدينين الآخرين بالدين بعد استنزال حصة المدين الذي أبرأه من التضامن ، فيرجع عندئذ على أي منهما بمائتين ، ويرجع المدين الذي وفي المائتين على المدين الآخر بحصته في الدين وهي مائة . فاذا كان هذا المدين الآخر معسراً ، رجع المدين الذي وفى المائتين على المدين الذي أبرأه الدائن من 324 التضامن بنصيبه في حصة المعسر ( [112] ) . كل هذا ما لم يتضح أن الدائن عندما أبرأ المدين من التضامن أراد أين يخيله من كل مسئولية عن الدين فيما عدا حصته منه ، فعندئذ ذلك يتحمل الدائن نفسه نصيب هذا المدين في حصة المعسر ، ولا يرجع على المدين الموسر إلا بمائه وخمسين ( [113] ) .
ويلاحظ أن الإبرائء تصرف قانوني كالتجديد ، ومن ثم يتسع فيهما ، كما رأينا ، أن تتجه الإرادة لإلى نيات مختلفة . فيقف المشروع عند إحدى هذه النيات يفترض وجودها ، إلا إذا قام الدليل على وجود نيه أخرى . وهذا بخلاف أسباب الانقضاء الأخرى – المقاصة واتحاد الذمة واستحالة التنفيذ والتقادم – فهذه كلها وقائع مادية لا تتسع إلا لحكم واحد لا يتغير ، كما رأينا في المقاصة واتحاد الذمة واستحالة التنفيذ ، وكما سنرى في التقادم ( [114] ) .
325
194 – التقادم : تنص الفقرة الأولى من المادة 292 من التقنين المدني على ما يأتي :
” إذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يستفيد من ذلك باقي المدينين إلا بقدر حصة هذا المدين ( [115] ) ” .
326
ويمكن أن نتصور انقضا الدين بالتقادم بالنسبة لإلى أحد المدينين المتضامنين دون الآخرين في فروض مختلفة . من ذلك أن يكون الدائن قد قطع التقادم بالنسبة إلى المدينين المتضامنين ما عدا واحداً منهم أغفل أن يقطع التقادم بالنسبة إليه ، وسنرى أن قطع التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين لا يعتبر قطعا للتقادم بالنسبة إلى إلي الآخرين . فيستمر التقادم في سريانه بالنسبة إلى هذا المدين ، وقد يكتمل دون أن يكتمل التقادم الذي انقطع بالنسبة إلى المدينين الآخرين . ومن ذلك أيضا أن يكون أحد المدينين المتضامنين دينه مؤجل ، والثاني دينه معلق على شرط ، والثالث منجز ، فلا يسرى التقادم بالنسبة إلى الأولين إلا 327 بعد حلول الأجل وإلا بعد تحقق الشرط ، ويسرى التقادم فورا بالنسبة إلى الثالث فيكتمل في وقت لم يكتمل فيه بالنسبة إلى الأولين .
فإذا وقع ذلك ، وانقضي الدين بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون أن ينقضي بالنسبة إلى الآخرين ، فإن الدائن لا يستطيع أن يطالب من انقضى دينه بالتقادم بالنسبة إلى الآخرين ، فإن الدائن لا يستطيع أن يطالب من انقضى دينه بالتقادم بشيء بعد انقضاء دينه . ولكن يستطيع مطالبة أيام من المدينين الآخرين الذين لمينقضي دينهم بالدين بعد أن يستنزل منه حصة المدين الذي انقضى دينها بالتقادم . ففي المثل السابق – الدين ثلثمائة والمدينون المتضامنون ثلاثة حصصهم متساوية – إذا انقضى دين الأول بالتقادم ، فان الدائن يرجع على أي من المدينين الآخرين بمائتين ، ومن دفع منهما المائتين يرجع على الآخر بمائة وهي حصته في الدين ( [116] ) .
فإذا كان من دفع المائتين عند رجوعه على الآخر بالمائة وجده معسراً ، فإنه يرجع على المدين الذي انقضي دينه بالتقادم بنصيبه في حصة المدين المعسر ، أي يرجع عليه بخمسين ، ويتحمل هو في النهاية مائة وخمسين هي حصته في الدين أضيف إليها نصيبه هو في حصة المدين المعسر . ولا يعترض على هذا 328 الحكم بأن المدين الذي انقضي دينه بالتقادم لا يجوز الرجوع عليه بشيء بعد أن انقضى دينه ، ذلك لأن المدين الذي دفع المائتين لا يرجع عليه بالدين القديم الذي انقضي دينه بالتقادم ، إذا هو أمن مطالبة الدائن له ، فإنه لا يأمن رجوع مدين آخر يطالبه بنصيبه في حصة مدين معسر ، ولا يستطيع أن يتخلص من هذه المطالبة بالرغم من تقادم دينه الأصلي .
3 – الآثار الثانوية للتضامن بين المدينين
195 – المبدأ العام : قدمنا أن للتضامن آثاراً ثانوية ( ( secondaireseffetsترجع إلى قيام نيابة تبادلية بين المدينين المتضامنين ،بموجبها يكون كل مدين متضامن ممثلا للآخرين ونائبا عنهم فيما يضرهم ( [117] ) .
329 وقد يطبق التقنين المدني هذا المبدأ العام تطبيقات تشريعية مختلفة :
( 1 ) فإذا انقطعت مده التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، لم يضر ذلك بباقي المدينين ولم يجز للدائن أن يتمسك بقطع التقادم أو بوقفه قبلهم .
( 2 ) وإذا ارتكب أحد المدينين المتضامنين خطأ في تنفيذ التزامه يستوجب مسئوليته ، لم يضر ذلك بباقي المدينين .
330
( 3 ) وإذا أعذر الدائن أحد المدنيين المتضامنين أو طالبة مطالبة قضائية أثراً بالنسبة إليهم . لكن إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، نفع هذا باقيهم وأفادوا من هذا الأعذار .
( 4 ) وإذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الذين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى أو أى نفع للمدين ، أفاد الباقون من ذلك . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ضمة المدين التزاماً جديداً أو يزيد فيما هو ملتزم به أو يسوئ مركزه على أية صورة من الصور ، فإن هذا الصلح لا يضر الباقين ولا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه .
( 5 ) وإذا أقر أحد المدينين المتضامنين بالدين ، لم يضر هذا الإقرار بباقى المدينين واقتصرت حجيته على المقر دون أن تسرى فى حق الباقين . أما إذا أقر الدائن لأحد المدينين المتضامنين ، أفاد الباقون من إقراره .
( 6 ) وإذا وجه الدائن اليمين إلى أحد المدينين المتضامنين دون غيره فحلف ، أفاد باقى المدينين من ذلك . أما إذا نكل ، لم يضار بنكوله الباقون . كذلك إذا وجه أحد المدينين المتضامنين اليمين إلى الدائن فحلف ، لم يضار بذلك باقى المدينين . أما إذا نكل ، أفاد من نكوله الباقون .
( 7 ) وإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، لم يسر هذا الحكم فى حق الباقين ولم يحتج به عليهم . أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم ، أفاد الباقون منه ، إلا إذا كان الحكم مبنياً على سبب خاص بالمدين الذى صدر الحكم لصالحه ( [118] ) .
هذه هى التطبيقات التشريعية للمبدأ العام السالف الذكر ، نستعرضها على التعاقب تفصيلا فيما يلى . وقد سبقت الإشارة إلى أن هذه الآثار الثانوية للتضامن السلبى لا تحدث فيما أسميناه بالالتزام التضامنى ( ( Obligation in solidum ، ففى هذا الالتزام لا تكون هناك نيابة تبادلية بين المدينين المتعددين ، إذ لا توجد 331 رابطة مشتركة بينهم أكثر من أن كلا منهم مدين بنفس الدين . فإذا أعذر أحدهم الدائن لم يفد الباقون من ذلك ، وإذا أعذر الدائن أحدهم لم يسر الإعذار فى حق الباقين . وإذا أقر الدائن لأحدهم لم يفد الباقون من الإقرار ، وإذا أقر أحدهم للدائن لم يسر الإقرار فى حق الباقين . وقل مثل ذلك فى سائر الآثار الثانوية .
196 – انقطاع التقادم أو وقفه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين :
تنص الفقرة الثانية من المادة 292 من التقنين المدنى على ما يأتى :
331
” وإذا انقطعت مدة التقادم أو وقف سريانه بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين ، فلا يجوز للدائن أن يتمسك بذلك قبل باقى المدينين ( [119] ) ” .
332
قد يقطع الدائن التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتقاضين ن بأن يطالبه بالدين مطالبة قضائية أو يرسلاليه تنبيهاً ( Commandement ) او يوقع عليه 333 حجراً أو يحصل منه على إقرار بالدين أو يقوم بأى عمل آخر من الأعمال التى تقطع التقادم ( م 383 – 384 مدنى ) . ولما كان هذا المدين لا يمثل باقى المدينين ولا ينوب عنهم فى الأعمال التى تضر بهم ، وكان قطع التقادم ضاراً بهم إذ إن من مصلحتهم أن يستمر التقادم فى سريانه ولا ينقطع ، فان التقادم فى هذه الحالة لا ينقطع إلا بالنسبة إلى المدين الذى قطع الدائن التقادم معه وحده ، ويستمر التقادم سارياً بالنسبة إلى الباقى حتى يكتمل . ومن ثم جاز أن يكتمل التقادم فى حق بعض المدينين المتضامنين دون أن يكتمل فى حق بعض آخر ، كما رأينا فيما تقدم . ومن أجل ذلك أيضاً إذا أراد الدائن أن يقطع التقادم فى حق جميع المدينين المتضامنين ، وجب عليه أن يتخذ إجراء قطع التقادم بالنسبة إلى كل منهم 334 حتى ينقطع التقادم فى حق الجميع ( [120] ) . وقد قمنا مثل ذلك فى التضامن الإيجابى ولكن بنتيجة عكسية ، فإذا قطع أحد الدائنين المتضامنين التقادم فى حق المدين ، أفاد هذا العمل باقى الدائنين . وانقطع التقادم لمصلحة الجميع ( [121] ) .
وقد يقف التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين دون الباقى ويتحقق ذلك مثلا بأن تكون زوجة دائنة لزوجها ومعه مدينون آخرون متضامنون فى نفس الدين ، أو بأن يكون قاصر دائنا لوصيه ومع الوصى مدينون آخرون متضامنون . ففى هذه الحالة يقف التقادم بين الزوجة وزوجها لقيام المانع الأدبى ( م 382 / 1 مدنى ) ، وبين القاصر ووصيه لقيام علاقة الأصيل بالنائب ( م 382 / 1 مدنى ) . ولما كان وقف التقادم ضاراً بالمدينين المتضامنين الآخرين ، فان المدين الذى وقف التقادم فى حقه لا يكون ممثلا للباقين فيما يضرهم ، ومن ثم لا يقف التقادم فى حق المدينين المتضامنين الآخرين وإن وقف فى حق الزوج وفى حق الوصى . هذا إلى أن أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفى الالتزام ، فيقتصر أثرها عليهما . فلابد إذن من أن يقوم سبب وقف التقادم فى حق كل مدين متضامن على حدة ، حتى يقف فى حق الجميع . ومن هنا جاز أيضاً أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى بعض المدينين المتضامنين ، دون أن يكتمل بالنسبة إلى بعض آخر ، بأن يكون موقوفاً بالنسبة إلى هذا البعض وحده . إما فى التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا قام بأحد الدائنين المتضامنين سبب لوقف التقادم ، فأن التقادم يقف بالنسبة إليه وحده دون سائر الدائنين المتضامنين ، وإن كان وقف التقادم يفيدهم وكان ينبغى وفقاً للمبدأ العام أن يتعدى أثره إليهم ، ولكن لما كانت أسباب وقف التقادم متصلة بشخص طرفى الالتزام ، فان الأثر يقتصر على من قام بشخصه سبب الوقف ( [122] ) .
335
هذا وقد يقع أن يتمسك بعض المدينين المتضامنين بالتقادم دون بعض آخر ، فى غير صورتى انقطاع التقادم ووقفه . إذ يجوز أن يكتمل التقادم بالنسبة إلى جميع المدينين المتضامنين ، ويستطيع كل منهم أن يدفع بسقوط الدين بالتقادم ، ولكن لما كان لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل يجب أن يدفع به المدين ( م 387 مدنى ) ، فقد يترك بعض المدينين المتضامين هذا الدفع فلا يسقط الدين بالتقادم بالنسبة إليهم . وفى هذه الحالة يكون ترك الدفع بالتقادم من بعض المدينين ضاراً بالباقى ، فلا يسرى فى حقهم ، ويجوز أن يدفعوا هم بالتقادم بالرغم من ترك الآخرين لهذا الدفع . وقد كان فى التقنين المدنى السابق نص صريح فى هذا المعنى ، وهو يقضى بأنه ” إذا ترك أحد المدينين المتضامنين أو المدين الأصلى حقه فى التمسك بمضى المدة الموجبة لتخلصه من الدين ، فلا يضر ذلك بباقى المدينين المتضامنين وبالكفيل الذين تخلصوا من التزامهم بمضى المدة ” ( 207 / 227 مدنى قديم ) . ولكن لما كان هذا الحكم ليس إلا تطبيقا للمبدأ العام السالف الذكر ، فإنه واجب التطبيق دون نص فى عهد التقنين المدنى الجديد ( [123] ) .
336
197 – خطأ أحد المدينين المتضامنين فى تنفيذ التزام : تنص الفقرة الأولى من المادة 293 مدنى على ما يأتى :
” لا يكون المدين المتضامن مسئولا فى تنفيذ الالتزام إلا عن فعله ( [124] ) . وهذا تطبيق آخر لاستبعاد مبدأ النيابة التبادلية فيما يضر . فالمفروض أن أحد المدينين المتضامنين قد ارتكب خطأ فى تنفيذ التزامه جعله مسئولا عن التعويض أمام الدائن ، فهذا الخطأ يكون هو وحده المسئول عنه ، ولا يتعدى أثره إلى باقى المدينين . بل يكون كل من هؤلاء مسئولا عن تنفيذ الالتزام تنفيذاً عينياً ، دون أن يكون مسئولا عن التعويض الناشئ عن خطأ المدين المتضامن الذى وقع فى هذا الخطأ . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد ما يأتى : ” تتمثل فى المادة 417 ( م 293 مدنى ) أوضح 337 تطبيق من تطبيقات قاعدة استبعاد النيابة التبادلية حيث يسئ إعمالها إلى مركز المدينين المتضامنين ، والإبقاء عليها حيث يفضى ذلك إلى توفير نفع لهم ، فكل مدين من المدينين المتضامنين لا يسأل فى تنفيذ الالتزام إلا عن فعله ، فإذا وقع من أحدهم خطأ جسيم ، ووقع من الثانى خطأ يسير ، وامتنع على الثالث أن يفى بالتزامه من جراء سبب أجبنى ، كانت تبعة الأول أشد وقراً من تبعة الثانى ، وبرئت ذمة الثالث وحده . وقد طبقت المادة 1205 من التقنين المدنى الفرنسى هذا الحكم ، فقضت بأنه إذا هلك الشىء الواجب أداؤه بخطأ واحد أو أكثر من المدينين المتضامنين ، أو بعد إعذار المسئول أو المسئولين منهم ، فلا يسقط عن سائر المدينين المتضامنين التزامهم بالوفاء بثمن هذا الشىء ( [125] ) . ومع ذلك فلا يلزم هؤلاء بالتعويض . وللدائن فقط أن يقتضى التعويض من المدينين الذين ترتب الهلاك على خطأهم أو الذين أعذروا من قبل ( [126] ) ” .
ولتصوير ما ورد فى المذكرة الإيضاحية نفرض أن ثلاثة باعوا متضامنين شيئا لمشتر واحد ، فهؤلاء الثلاثة مدينون بالتضامن بتسليم الشىء إلى المشترى . فإذا كان اثنان منهم منوطا بهما حفظ الشىء إلى وقت تسليمه ، وقصر واحد منهما فى حفظه تقصيراً جسيما حتى هلك . وقصر الآخر فى الحفظ تقصيرا يسيرا ، أما الثالث فلم يكن منوطا به حفظ الشىء كما قدمنا ، فان الثلاثة يكونون متضامنين فى رد الثمن إلى المشترى ، وفقا لأحكام المادة 437 مدنى والتى تقضى بأنه إذا هلك البيع قبل التسليم لسبب لا يد للبائع فيه ، انفسخ البيع واسترد المشترى الثمن ثم أن المدينين اللذين ارتكاب تقصيرا فى حفظ الشىء يكونان متضامنين فى تعويض المشترى ، فوق رد الثمن ، عن التقصير اليسير الذى ارتكبه الثانى منهما . ويكون الأول ، وهو الذى ارتكب الخطأ الجسيم ، مسئولا وحده عن تعويض إضافى 338 بسبب تقصيره الجسيم . ثم إن المشترى إذا رجع على المدين الثالث بكل الثمن ، ورجع على المدين الثانى بكل التعويض الناشئ عن التقصير اليسير ، ورجع على المدين الأول بالتعويض الإضافى الناشئ عن التقصير الجسيم ، فإن المدين الثالث ، ولم يصدر منه أى تقصير ، يرجع بالثمن الذى رده للبائع على المدينين الأول والثانى كل بقدر حصته ، ثم يرجع المدين الثانى على المدين الأول بحصته فى التعويض عن التقصير اليسير ، ولا يرجع المدين الأول بشىء على أحد فى التعويض الإضافى الذى استحق عليه بسبب تقصيره الجسيم ، فهذا فعله هو فيستقل بنتائجه ، ولا يشترك معه أحد فى المسئولية الناجمة عنه ( [127] ) .
وهذا هو أيضا الحكم ، كما رأينا ، فى التضامن الإيجابى . فإذا ارتكب أحد الدائنين المتضامنين خطأ ، كان وحده المسئول عنه دون سائر الدائنين .
198 – الإعذار والمطالبة والقضائية : تنص الفقرة الثانية من المادة 293 مدنى على ما يأتى :
” وإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين أو قاضاه ، فلا يكون لذلك أثر بالنسبة إلى باقى المدينين . أما إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، فإن باقى المدينين يستفيدون من هذا الإعذار ( [128] ) ” .
339
وهنا أيضا يضطرد تطبيق المبدأ العام . فإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين ، كان لهذا الإعذار نتائج قانونية بسطناها فى الجزء الثانى من الوسيط منها أن يستحق التعويض على المدين المعذر الذى تخلف عن تنفيذ التزامه ، ومنها أن يتحمل هذا المدين المعذر تبعة هلاك الشىء الواجب التسليم للدائن . ولما كانت هذه النتائج القانونية ضارة بالمدينين المتضامنين الآخرين ، فإن أعذار المدين المتضامن لا يسرى أثره فى حقهم . فإذا أعذر الدائن أحد المدينين المتضامنين ، كان هو وحده الذى يحمل تبعة هلاك الشىء ، وكان هو وحده المسئول عن التعويض أما المدينون الآخرون فلا يسألون عن التعويض ، ولا يحملون تبعة الهلاك وإذا أراد الدائن أن يحملهم جميعا هذه النتائج ، وجب عليه أن يعذرهم 340 كلهم ، ولا يقتصر على إعذار واحد منهم فقط . وهذا هو نفس الحكم فى التضامن الإيجابى كما رأينا ، فإذا أعذار المدين أحد الدائنين المتضامنين ، لم يسر أثر هذا الإعذار فى حق الدائنين الآخرين ( [129] ) .
ولكن إذا أعذر أحد المدينين المتضامنين الدائن ، فان هذا الإعذار تترتب عليه نتائج قانونية ، أهمها أن الشىء ، إذا كانت تبعة هلاكه على المدين ، فبعد أن يعذر المدين الدائن ، تنتقل تبعة هلاكه إلى الدائن ، فإذا فرض أن أشخاصا ثلاثة باعوا عينا معينة بالذات لمشتر واحد ، وتضامنوا جميعا فى الالتزام بتسليمها إلى المشترى ، فتبعة هلال العين قبل التسليم يتحملها البائعون الثلاثة ( م 437 مدنى ) . فإذا أعذر أحد البائعين المتضامنين المشترى يدعوه لتسلم العين وتأخر المشترى فى تسلمها ، ثم هلكت العين بسبب أجنبى ، فإن المشترى هو الذى يحمل تبعة الهلاك ، فلا يسترد الثمن إذا كان قد دفعه ويلتزم بدفعه إذا كان لم يدفعه ، وذلك لا بالنسبة إلى البائع الذى صدر منه الإعذار وحده ، بل أيضا بالنسبة إلى البائعين الآخرين اللذين لم يصدر منهما الإعذار . وتعليل هذا الحكم هو أن إعذار المدين المتضامن للدائن تفيد نتائجه المدينين الآخرين – بعكس إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامنين – ومن ثم يفيد المدينون الآخرون من هذا الإعذار ، ويتعدى أثره إليهم . وهذا هو أيضا الحكم ، كما رأينا ، فى التضامن الإيجابى فأعذار أحد الدائنين المتضامنين للمدين يفيد سائر الدائنين ( [130] ) .
وقد يقوم الدائن بمطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة قضائية بالدين . ولهذا المطالبة القضائية آثار قانونية مختلفة ، نذكر منها أنها تقطع التقادم ، وأنها تجعل الفوائد تسرى . ولما كانت هذه النتائج ضارة بالمدينين الآخرين ، وكان المدين الذى طولب مطالبة قضائية لا يمثل الآخرين فيما يضرهم ، لذلك لا تتعدى آثار هذه المطالبة إلى باقى المدينين المتضامنين . فيكون المدين الذى طولب قضائياً هو وحده الذى ينقطع فى حقه التقادم ، وهو وحده الذى تسرى 341 فى حقه الفوائد القانونية ( [131] ) . وإذا أراد الدائن أن يجعل هذه النتائج تسرى فى حق الآخرين ، وجب عليه أن يطالب كلا منهم على حدة مطالبة قضائية بالدين ، أو أن يجمعهم كلهم فى مطالبة قضائية واحدة ( [132] ) .
199 – الصلح مع أحد المدينين المتضامنين : تنص المادة 294 مدنى على ما يأتى :
إذا تصالح الدائن مع أحد المدينين المتضامنين وتضمن الصلح الإبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأية وسيلة أخرى ، واستفاد منه الباقون . أما إذا كان من شأن هذا الصلح أن يرتب فى ذمتهم التزاماً أو يزيد فيما هم ملتزمون به ، فإنه لا ينفذ فى حقهم إلا إذا قبلوه ” ( [133] ) .
342
والمفروض هنا أن الالتزام التضامنى متنازع فيه بين الدائن وجميع المدينين المتضامنين ، فعمد الدائن إلى الصلح مع أحد المدينين . فهذا الصلح قد يتخذ اتجاهاً فى مصلحة المدينين المتضامنين ، وقد يتخذ اتجاهاً ليس فى مصلحتهم .
فان اتخذ اتجاهاً فى مصلحة المدينين المتضامنين ، بأن نزل الدائن فيه عن جزء من الدين ، أو نزل عن فوائده أو عن بعضها ، أو نزل عن شروط كانت تحيط الدين أو عن بعضها ، أو تضمن فى أية صورة من الصور تخفيفاً من أعباء الدين ، فإن هذا الصلح من شأنه أن يفيد سائر المدينين . ولما كان المدين الذى وقع معه الصلح يمثل الباقين فيما ينفعهم ، فإن أثر هذا الصلح يتعدى إليهم ويفيدون منه ، ويجوز لهم الاحتجاج به على الدائن ولو لم يكونوا أطرافاً فيه ( [134] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى فيما قدمناه ، فإذا تصالح أحد الدائنين المتضامنين مع المدين بما يفيد الباقى ، استطاع هؤلاء أن يحتجوا بهذا الصلح ( [135] ) .
أما إذا كان الصلح فقد اتخذ اتجاهاً ضد مصلحة المدينين المتضامنين ، بأن سلم المدين الذى وقع معه الصلح بأكثر طلبات الدائن ، أو زاد فى الالتزام الأصلى ، أو أضاف إليه التزاماً جديداً ، وبوجه عام إذا سوأ مركزه عما كان قبل النزاع ، فإنه لا يعتبر ممثلا لباقى المدينين فيما يضرهم من ذلك ، ولا يسرى أثر هذا الصلح فى حقهم إلا إذا قبلوه وأصبحوا هم كذلك أطرافاً فيه . وهذا 343 هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فأن الصلح الذى يعتقده أحد الدائنين المتضامنين مع المدين ويكون ضاراً بصالح باقى الدائنين لا يسرى فى حقهم ( [136] ) .
ويتضح من ذلك أن المدينين المتضامنين الآخرين هم الذين يكونون الحكم فيما إذا كان الصلح فى مصلحتهم أو فى غير مصلحتهم ، إذ يجوز لهم أن يقبلوه أو يرفضوه ، وهم يقبلونه إذا قدروا أنه فى مصلحتهم ، ويرفضونه إذا قدروا غير ذلك ( [137] ) .
200 – إقرار أحد المدينين المتضامنين أو إقرار الدائن : تنص الفقرة الأولى من المادة 295 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” إذا أقر أحد المدينين المتضامنين بالدين ، فلا يسرى هذا الإقرار فى حق الباقين ” . ( [138] ) .
344
والمفروض هنا أن الدائن ليس لديه طريق للإثبات يكون مقبولا فى حق المدينين المتضامنين ، كالكتابة ، أو البيئة والقرائن فيما تجوز فيه . أما الإقرار فقد رأينا فيما قدمناه عند الكلام فى الإثبات أنه حجة قاصرة على المقر ، فلا يتعدى أثره إلى غيره . هذا إلى أن المدين المتضامن عندما يقر بالدين يأتى بعمل يضر ببقية المدينين ، وهو لا يمثلهم فيما لا يضر ، ومن ثم لا يسرى إقراره فى حقهم . ولابد للدائن من إثبات حقه فى مواجهة المدينين الآخرين بغير إقرار المدين الأول ، فإما أن يحصل على إقرار من كل مدين على حدة يكون حجة عليه ، وإما أن يثبت الدين بطريق يسرى فى حق الجميع كما سبق القول . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد أرينا أن إقرار أحد الدائنين المتضامنين لا يسرى فى حق الباقين ( [139] ) .
وعلى العكس من ذلك إذا أقر الدائن لأحد المدينين المتضامنين ، فإن هذا الإقرار يفيد الباقى ، ويكون المدين المتضامن وهو يتلقى إقرار الدائن ممثلا لباقى المدينين فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا بالإقرار ولو كان غير صادر فى مواجهتهم ( [140] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أن المدين إذا أقر لأحد الدائنين المتضامنين جاز للدائنين الآخرين أن يتمسكوا بهذا الإقرار ( [141] ) .
201 – حلف اليمين أو النكول عنها : تنص الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 295 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” 2 – وإذا نكل أحد المدينين المتضامنين عن اليمين أو وجه إلى الدائن يميناً حلفها ، فلا يضار بذلك باقى المدينين ” .
345
” 3 – وإذا اقتصر الدائن على توجيه اليمين إلى أحد المدينين المتضامنين فحلف ، فإن المدينين الآخرين يستفيدون من ذلك ” ( [142] ) .
والمفروض هنا أن الدائن اقتصر على مدين متضامن واحد ، وهنا يمكن أن نتصور حالتين : فإما أن يوجه الدائن اليمين إلى المدين المتضامن ، وإما أن يوجه المدين المتضامن اليمين إلى الدائن .
346
ففى الحالة الأولى التى يوجه فيها الدائن اليمين إلى المدين المتضامن ، إما أن يحلف المدين وإما أن ينكل . فان حلف ، فإن هذا الحلف من شأنه أن يفيد باقى المدينين ، فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا به ، ولو لم يكونوا هم الذين حلفوا ( [143] ) .
وهذا ما تقضى به الفقرة الثالثة من المادة 295 . وإن نكل المدين الذى وجهت إليه اليمين . فإن هذا يكون بمثابة الإقرار ، وقد رأينا أن الإقرار حجة قاصرة على المقر فلا يسرى فى حق المدينين الآخرين ، هذا إلى أن النكول عمل ضار بباقى المدينين فلا يكون المدين الذى نكل ممثلا لهم فيه ولا يسرى عليهم نكوله ، وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 295 . وهذا هو أيضاً حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا وجه المدين اليمين إلى أحد الدائنين المتضامنين فنكل لم يضر نكوله بباقى الدائنين . ( [144] ) .
وفى الحالة الثانية التى يوجه فيها المدين المتضامن اليمين إلى الدائن ، إما أن يحلف الدائن وإما ، ينكل . فان حلف ، فإذن هذا الحلف عمل يضر بسائر المدينين الذين لم يخاطروا بتوجيه اليمين إلى الدائن ، فيكون المدين الذى وجه اليمين غير ممثل لهم فى هذا التوجيه ، ولا يتعدى إليهم أثر حلف الدائن لليمين ولا يضارون بذلك ، وهذا ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 295 . وإن نكل الدائن عن اليمين التى وجهها إليه المندين المتضامن ، فإن نكوله يكون بمثابة إقرار منه . وهذا الإقرار – إذا لم يكن فى شئ خاص بالمدين الذى وجه اليمين دون غيره – نافع لسائر المدينين المتضامنين ، فيستطيع هؤلاء أن يتمسكوا بهذا النكول ، ولو لم يكونوا هم الذين وجهوا اليمين . ولم يرد نص صريح فى هذه الصورة ، ولكن الحكم الذى أوردناه ليس إلا تطبيقاً للمبدأ العام ، فيؤخذ به دون نص . وقد رأينا فى التضامن الإيجابى أنه إذا وجه أحد الدائنين المتضامنين اليمين إلى المدين فحلف ، فإن هذا الحلف وهو يضر بالدائنين الآخرين لا يسرى 347 فى حقهم أما إذا نكل فإن النكول يفيدهم فيستطيعون أن يتمسكوا به ( [145] ) .
202 – صدور حكم على أحد الدائنين المتضامنين أو صالحه : تنص المادة 296 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” 1 – إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين ، فلا يحتج بهذا الحكم على الباقين ” .
2 – أما إذا صدر الحكم لصالح أحدهم ، فيستفيد منه الباقون ، إلا إذا كان الحكم مبنيا على سبب خاص بالمدين الذى صدر الحكم لصالحه ” . ( [146] ) .
وأخيرا يورد ، هنا ، التقنين المدنى تطبيقا للمبدأ العام السالف الذكر فى حالة صدور حكم على أحد المدينين المتضامنين أو صالحه .
فإذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين وحده ، دون أن يكون باقى 348 المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى ، فإن هذا أمر ضار بهم ، فلا يسرى الحكم فى حقهم ولا يحتج عليهم به ( [147] ) . ويجب على الدائن إما أن يدخل باقى المدينين المتضامنين فى الدعوى ليصدر الحكم فى مواجهتهم ، أو أن يرفع عليهم دعوى أو دعاوى أخرى ليكون الحكم سارياً فى حق من رفع عليه الدعوى ( [148] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم على أحد الدائنين المتضامنين لم يكن هذا الحكم ساريا فى حق الدائنين الآخرين ( [149] ) ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى ، وصدر حكم ضدهم ، فأن الطعن فى هذا الحكم من أحد المدينين المتضامنين يفيد الباقى ( [150] ) . 349 وإذا صدر فى الطعن حكم ضد المدين الذى رفع الطعن ، لم يضار الباقون به ، وكان لكل منهم حق الطعن فى الحكم الأول إذا كان طريق الطعن لا يزال مفتوحاً أمامه ( [151] ) .
وإذا صدر حكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، دون أن يكون باقى المدينين المتضامنين داخلين فى الدعوى ، فإن هذا أمر نافع لهم ، فيفيدون منه ويستطيعون أن يحتجوا بهذا الحكم ( [152] ) . وهذا ما لم يكن الحكم الذى صدر لمصلحة المدين 350 المتضامن مبنيا على سبب خاص به كأن يكون الدين بالنسبة إليه قد شابه سبب من أسباب البطلان ، فعند ذلك يصدر الحكم بإبطال الدين بالنسبة إليه وحده ، دون أن يتعدى أثر الحكم إلى المدينين المتضامنين الآخرين . ومثل ذلك أيضا أن يكون دين المدين المتضامن معلقا على شرط ولم يتحقق الشرط ، فالحكم الصادر بزوال الدين لتخلف الشرط لا يتعدى أثره إلى المدينين الآخرين الذين كانت ديونهم منجزة ( [153] ) . وهذا هو أيضا حكم التضامن الإيجابى ، فقد رأينا أنه إذا صدر حكم لصالح أحد الدائنين المتضامنين أفاد منه الباقون ( [154] ) . ويلاحظ أنه إذا جمع الدائن كل المدينين المتضامنين فى الدعوى ، وصدر حكم لصالحهم ، فإن الطعن فى هذا الحكم من الدائن بالنسبة إلى أحد منهم لا يضر الباقين ( [155] ) ، وإذا حصل الدائن فى الطعن على حكم لصالحه يغلى الحكم الأول ، فإن هذا الحكم لا يسرى فى حق الباقين الذين لم يدخلوا فى هذا الطعن ( [156] ) .
( [1] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص49 – ص50 .
( [2] ) سبق أن أوردنا تاريخ هذا النص عند الكلام فى التضامن بين الدائنين ، وذكرنا ما يقابله فى التقنين المدنى السابق وما يقابله فى التقنينات المدنية العربية الأخرى ، ( انظر آنفاً فقرة 125 فى الهامش ) . ولم يبق إلا أن نذكر هنا نصوص التقنين المدنى العراقى وتقنين الموجبات والعقود اللبنانى الخاصة بالتضامن السلبى :
التقنين المدنى العراقى م320 : التضامن بين المدينين لا يفترض ، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص فى القانون . ( وهذا النص مطابق لنص المادة 279 من التقنين المدنى المصرى فيما يخص التضامن السلبى ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى م24 : إن التضامن بين المديونين لا يؤخذ بالاستنتاج ، بل يجب أن يستفاد صراحة من عقد إنشاء الموجب أو من القانون أو من ماهية القضية . على أن التضامن يكون حتماً فى الموجبات المعقودة بين التجار فى شئون تجارية ، إذا لم يتحصل العكس من عقد إنشاء الموجب أو القانون .
( والتقنين اللبنانى يتفق فى أحكامه مع التقنين المصرى ، ويزيد أن نص على التضامن فى المسائل التجارية ، فالتقنين اللبنانى أكثر توسعاً فى التضامن السلبى من سائر التقنينات المدنية العربية ) . .
( [3] ) ويصح أن يكون مصدر التضامن هو الوصية – وهى إرادة منفردة لا اتفاق – فيوصى المورث بمبلغ من النقود لشخص ، ويجعل الورثة متضامنين فى أدائه للموصى له . وهذا ظاهر فى القانون الفرنسى ( بودرى وبارد 2 فقرة 1172 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 ) . أما فى مصر فالتركة ، طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، مسئولة عن الوصية ، إذ الوصية مقدمة على الميراث ، فسواء اشترط الموصى تضامن الورثة فى أداء الوصية أو لم يشترى فإن الموصى له يأخذ الوصية كاملة من التركة قبل الورثة ما دامت لا تخرج من الثلث .
( [4] ) مصر الوطنية 21 أبريل سنة 1891 الحقوق 6 ص76 – استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1931 م44 ص66 – 15 يونيه سنة 1932 م44 ص367 – 6 ديسمبر سنة 1933 م46 ص67 .
( [5] ) استئناف مختلط 13 ديسمبر سنة 1900 م13 ص41 – 22 فبراير سنة 1911 م23 ص186 – 6 أبريل سنة 916 م28 ص237 – بودرى وبارد 2 فقرة 1194 مكررة ( 2 ) – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 ص421 – ص422 .
( [6] ) استئناف وطنى 7 أغسطس سنة 1893 الحقوق 7 ص203 .
( [7] ) استئناف مختلط 20 يناير سنة 1932 م44 ص130 .
( [8] ) استئناف مختلط 11 يناير سنة 1906 م18 ص97 – 3 مارس سنة 1910 م22 ص179 – 5 فبراير سنة 1918 م30 ص202 – 6 مارس سنة 1930 م42 ص335 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 809 ص595 وهامش رقم 2 .
( [9] ) نقض مدنى 29 أكتوبر سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 182 ص488 .
( [10] ) استئناف وطنى 3 ديسمبر سنة 1896 الحقوق 12 ص11 . وقضى أيضاً بأن تعهد كل مدين بنفس الدين فى التزام مستقل يستخلص منه التضامن ( المحلة 21 فبراير سنة 1933 المحاماة 13 رقم 658 ص1313 ) .
( [11] ) نقض مدنى 31 مارس سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 106 ص315 . وقضى أيضاً بأنه إذا استدان شخصان مبلغاً بعقد واحد ، ورهن كل منهما عقاراً من ممتلكاته لسداد هذا الدين ، وخلا العقد من بيان حصة كل منهما وكيفية الدفع ، فلا تضامن بينهما ، بل يكون على كل أداء نصف الدين إلا إذا اعترف أحدهما بأن نصيبه أكثر من النصف ( بنى سويف 20 يناير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 ص239 ) . ولا يكون هناك تضامن بين الطرفين دون اتفاق فى الالتزام نحو السمسار فى صفقة عقدها الطرفان بوساطته ( استئناف مختلط 16 مارس سنة 1938 م50 ص168 – مصر الوطنية 29 أكتوبر سنة 1907 الحقوق 23 ص36 ) .
وانظر فى قيام التضامن : استئناف مختلط 13 مارس سنة 1902 م14 ص185 – 22 أبريل سنة 1914 م26 ص342 – 5 فبراير سنة 1930 م42 ص255 – 27 مايو سنة 1936 م48 ص290 .
وانظر فى عدم قيام التضامن : استئناف مختلط 16 يناير سنة 1889 م1 ص181 – 29 ديسمبر سنة 1898 م11 ص74 – 14 فبراير سنة 1900 م12 ص130 – 22 مارس سنة 1900 م12 ص173 – 4 فبراير سنة 1914 م26 ص200 – 5 يونيه سنة 1919 جازيت 10 – 9 – 1 – 11 يونيه سنة 1921 جازيت 12 – 24 – 40 – 13 يونيه سنة 1923 م35 ص506 – 11 مارس سنة 1924 م36 ص257 – 10 يونيه سنة 1924 م36 ص426 – 31 يناير سنة 1934 م46 ص146 – 27 فبراير سنة 1935 م47 ص169 – مصر الوطنية 16 مايو سنة 1911 الحقوق 27 ص45 .
وقد سبق أن ذكرنا أن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى تقول فى هذا الصدد : ” ومن الأصول المقررة أن التضامن بنوعيه لا يفترض ، وليس يقص بذلك إلى وجوب اشتراطه بصريح العبارة ، فقد تنصرف إليه الإرادة ضمناً ، ولكن ينبغى أن تكون دلالة الاقتضاء فى مثل هذه الحالة واضحة لا خفاء فيها . فإذا اكتنف الشك فى هذه الدلالة ، وجب أن يؤول لنفى التضامن لا لإثباته ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص51 وانظر آنفاً فقرة 127 ) .
ويصح أن يستخلص من الظروف ووقائع الدعوى أن الطرفين إنما أرادا من ذكر التضامن أن يكون الملتزم كفيلاً لمدين أصلى لا مديناً متضامناً معه ، كما يصح أن يستخلص أنه كفيل متضامن لا مدين متضامن ( بودرى وبارد 2 فقرة 1177 – فقرة 1178 ) .
( [12] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1065 – نقض فرنسى أول ديسمبر سنة 1908 داللوز 1909 – 1 – 420 – أول فبراير سنة 1921 داللوز 1924 – 1 – 133 – أول يونيه سنة 1938 سيريه 1938 – 1 – 253 .
( [13] ) وقد يقع عبء إثبات التضامن على أحد المدينين المتضامنين إذا دفع الدين كله للدائن وأراد الرجوع على المدينين الآخرين كل بنصيبه ، فأنكر عليه أحدهم حق الرجوع ونفى وجود التضامن .
( [14] ) هيك 7 فقرة 309 – بودرى وبارد 2 فقرة 1179 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1066 .
( [16] ) بارتان على أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً هامش 9 مكرر بودرى وبارد 2 فقرة 1175 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 847 – كولان وكابيتان 2 ص200 – ليون كان ورينو 3 فقرة 38 – نالير فقرة 1054 – أسكارا فقرة 5 – ريبير فى القانون التجارى فقرة 328 .
( [17] ) كان القضاء الفرنسى فى مبدأ الأمر يقيم التضامن فى المسائل التجارية على أساس افتراض قيام شركة تجارية بين المدينين المتضامنين ، فكان يقضى بقيام التضامن بين تجار اشتروا شيئاً مشتركاً ، أو بين موكل ووكيله عن أعمال تجارية قام بها الوكيل مع الغير ، أو بين شركاء فى شركة محاصة تعاملوا مع الغير ، أو لوجود شركة واقعية بين شركتين أو وجود مال مشترك فى الظاهر بين هاتين الشركتين ( انظر الأحكام المشار إليها فى هذا الصدد فى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص439 الهوامش رقم 3 إلى رقم8 ) . وكان يقيم التضامن فى الالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس الخطأ المشترك . أما فى الالتزامات الناشئة عن الإثراء بلا سبب فكان لا يقضى بالتضامن فيها ، بل كان لا يقضى بافتراض تضامن الكفيل مع المدين الأصلى فى المسائل التجارية إذ كان يعطى للكفيل حق التجريد – ولكن محكمة النقض الفرنسية أزالت كل هذه القيود ، وأصبحت تقضى فى عبارة عامة بقيام التضامن فى المسائل التجارية ، لأن هذا ما تقتضيه مصلحة الدائن والمدين معاً تقوية للائتمان التجارى ، وذلك ما لم يستبعد التضامن باتفاق صريح أو ضمنى يستظهره قاضى الموضوع ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص439 – ص441 ) .
( [18] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1175 ص292 – ويتابع بودرى وبارد ( ص292 – ص294 ) إيراد أقوال فقهاء القانون الفرنسى القديم التى تثبت أن العرف التجارى كان يقضى بقيام التضامن بين التجار فى المسائل التجارية ، ويدردان كذلك الأعمال التحضيرية للتقنين المدنى الفرنسى التى تؤيد هذا المعنى .
وتنص المادة 24 من تقنين الموجبات والعقود اللبنانى صراحة على قيام التضامن فى المسائل التجاري ، فتقول : ” على أن التضامن يكون حتماً فى الموجبات المعقودة بين التجار فى شئون تجارية إذا لم يتحصل العكس من عقد إنشاء الموجب أو من القانون ” .
أما التقنين المدنى الألمانى فيذهب إلى مدى أبعد من ذلك ، فهو يفترض قيام التضامن حتى فى الالتزامات المدنية التى يكون مصدرها العقد ( م427 من هذا التقنين ) ، فعمم بهذا النص الحكم الذى كان وارداً فى المادة 280 من التقنين التجارى الألمانى القديم . على أن التقنين المدنى الألمانى يضيق من جهة أخرى من الآثار التى تتربت على التضامن ، ولا يتوسع فيها توسع التقنينات اللاتينية ( بودرى وبارد 2 فقرة 1176 ) .
( [19] ) انظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص441 .
( [20] ) هامل ( Hamel ) فى تعليقه على حكم محكمة النقض الفرنسية فى 20 أكتوبر سنة 1920 سيريه 1922 – 1 – 203 – دراكيدس ( Drakides ) ص55 وما بعدها .
( [21] ) ريبير فى القانون التجارى فقرة 328 وفى القانون البحرى فقرة 2412 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1853 .
( [22] ) هامل ( Hamel ) فى المرجع السابق الإشارة إليه فى سيريه 1922 – 1 – 201 – قارون دى باج 3 فقرة 328 .
( [23] ) انظر أمثلة لتوسع القضاء الفرنسى فى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص442 – أما التضامن بين الدائنين فإنه لا يفترض ، لا فى مصر ولا فى فرنسا ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( انظر آنفاً فقرة 127 ) .
( [24] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1075 ص443 – ص444 . على أن محكمة النقض الفرنسية قضت حديثاً بأن الشركاء فى خطأ مشترك ، وإن كان يجوز الحكم على كل منهم بتعويض كل الضرر الناجم عن هذا الخطأ ، إلا أنهم لا يكونون متضامنين ( نقض فرنسى 10 مايو سنة 1948 J . S . 1950ص92 ) .
( [25] ) وقد كتبنا فى الموجز فى هذا الصدد ما يأتى : ” والقاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض صحيحة فى المسائل التجارية صحتها فى المسائل الدنية ، وإن كان كثير من الفقهاء فى فرنسا يذهبون إلى أن التضامن يفترض فى المسائل التجارية بحكم العرف والعادات ، وجارتهم فى ذلك أخيراً محكمة النقض الفرنسية . أما فى مصر فنزعة القضاء تتجه إلى عدم افتراض التضامن حتى فى المسائل التجارية ” ( الموجز للمؤلف فقرة 504 ص511 ) . انظر أيضاً فى هذا المعنى الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 703 . وانظر : استئناف مختلط 28 يناير سنة 1903 م15 ص106 – 11 يناير سنة 1922 م34 ص109 – وقضت محكمة المنشية الوطنية بأن التضامن لا يفترض ، ولا بد من نص صريح فى القانون أو الاتفاق ، ولم يرد فى القانون التجارى ما يخالف ذلك ، ولذا اختلف فيما إذا كانت المسائل التجارية تخرج على هذا الحكم ، فذهب رأى على أنها والمسائل المدنية سواء ، وذهب آخرون إلى خلاف ذلك . على أن الرأى القائل بعدم سريان المادة 108 مدنى على المسائل التجارية لا يفيد أكثر من التسامح فى استنباط الدليل على قيام رابطة التضامن أو تقرير قرينة مبدئية لمصلحة الدائن ، وهو دليل يحتمل الجدل وقرينة يصح نقضها بظروف الحال كافة ( 9 أبريل سنة 1931 الجريدة القضائية 114 ص17 ) .
ومع ذلك قارن ألبير فاهل والدكتور كامل أمين ملش فى القانون التجارى المصرى فقرة 120 ص68 وفقرة 662 ص352 – استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1914 م27 ص18 – 14 مارس سنة 1923 م35 ص293 .
( [26] ) ويذهب الأستاذ إسماعيل غانم إلى عكس ذا الرأى فيقول بافتراض التضامن فى المسائل التجارية ، ويعلل اقتصار التقنين التجارى على حالات معينة نص فيها على قيام التضامن بأنها حالات عنى بها المشرع عناية خاصة لأهميتها ( أحكام الالتزام فقرة 195 ص276 ) . وانظر من هذا الرأى العكسى الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 201 – وقارن الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص227 .
( [27] ) ذلك أن وكالة مجلس إدارة الشركة المساهمة هى وكالة قانونية لا اتفاقية ، ومن ثم تكون مسئولية أعضاء مجلس الإدارة أمام الشركة والمساهمين والغير مسئولية تقصيرية ، فيكون جميع أعضاء مجلس الإدارة متضامنين فى هذه المسئولية ( م169 مدنى ) . على أن المسئولية تكون فردية إذا قام أحد الأعضاء بمفرده بعمل ضار بالشركة أو بالغير ، دون أن يشترك معه الآخرون فى هذا الخطأ ، ودون أن يقصروا فى واجبهم من الرقابة ( انظر رسالة الدكتور مصطفى كمال وصفى فى المسئولية المدنية لأعضاء مجالس الإدارة فى شركات المساهمة – القاهرة سنة 1951 ص36 – ص40 ) .
( [28] ) الموجز للمؤلف فقرة 505 ص511 .
( [29] ) هذا ويلاحظ أن الالتزامات المدنية التى يقيم فيها القانون التضامن بنص فى التقنين المدنى لا يقتصر التضامن فيها على ما كان مدنياً منها ، بل يشمل أيضاً – ومن باب أولى – ما كان منها تجارياً وأياً كان مصدره : العقد أو العمل غير المشروع أو الإثراء بلا سبب أو القانون .
( [30] ) وتقضى الفقرة الثالثة من المادة 708 مدنى بوجود دعوى مباشرة للموكل قبل نائب الوكيل ، وهذا أدعى لتقرير التضامم دون التضامن ، فإن الموكل يستطيع أن يطالب كلاً من الوكيل ونائبه بدعوى مباشرة بنفس الدين ، وهذا هو التضامم كما سنرى .
ثم إن الفقرة الثانية من المادة 708 مدنى تقضى ،إذا رخص الوكيل فى إقامة نائب عنه ، بألا يكون مسئولاً إلى عن خطأه فى اختيار نائبه أو عن خطأه فيما أصدر له من تعليمات . فهل يكون ، إذا تحققت مسئوليته على هذا النحو ، متضامناً مع نائبه؟ لم يصرح النص بالتضامن هنا كما صرح به فى الفقرة الثانية ، وليست المسئولية فى هذا الفرض ناشئة عن خطأ مشترك يوجب التضامن ، ومن ثم نرى أن المسئولية هنا تكون بالتضامم لا بالتضامن .
( [31] ) استئناف مختلط 22 مارس سنة 1893 م5 ص181 – 4 أبريل سنة 1894 م6 ص218 – 17 يونيه سنة 1914 م26 ص442 – 7 مايو سنة 1925 م37 ص414 – 29 أبريل سنة 1926 م38 ص380 – 30 يناير سنة 1930 م42 ص245 .
ويترتب على ذلك أنه إذا وكل عدة أشخاص أحد المحامين فى قضية مشتركة ، كانوا جميعاً متضامنين فى التزامهم بدفع الأتعاب للمحامى ( بودرى وبارد 2 فقرة 1187 – فقرة 1190 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1067 ص423 ) – هذا والموكلون متضامنون نحو الوكيل ، حتى لو كانت الوكالة بغير أجر ( بودرى وبارد 2 فقرة 1186 ) .
( [32] ) أما فى فرنسا فلا يوجد نص عام يقابل نص المادة 169 مدنى مصرى ، ولكن يوجد نص فى التقنين الجنائى الفرنسى ( م55 ) يقضى بالتضامن فى الغرامة والرد والتعويض والمصروفات المحكوم بها على عدة أشخاص أدينوا فى جناية أو جنحة مشتركة . ولا بد من أن يكون المحكوم عليهم قد اشتركوا جميعاً فى الجناية أو الجنحة التى حكم من أجلها ، ويقوم التضامن بينهم بحكم القانون دون حاجة لذكره فى الحكم بالإدانة ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص427 – 429 ) . يضاف إلى ذلك أن هناك قاعدة تقليدية قديمة فى القضاء الفرنسى تقضى بقيام التضامن بين الأشخاص الذين يشتركون فى ارتكاب عمل غير مشروع ، سواء كان هذا العمل جريمة جنائية أو مجرد خطأ مدنى . وتهبط جذور هذه القاعدة التقليدية إلى أغوار بعيدة من الماضى السحيق ، إذ يرجع عهدا إلى القانون الرومانى فى مبادئه التقليدية إلى أغوار بعدية من الماضى السحيق ، غذ يرجع عهدها إلى القانون الرومانى فى مبادئه الخاصة بالغش والإكراه . فقد كانت هذه المبادئ تقضى بأنه إذا اشترك عدة أشخاص فى ارتكاب إحدى هاتين الجريمتين ، كان كل منهم مسئولاً عن تعويض كل الشرر الناجم عن هذا العمل ، إذ لا يخفف من مسئولية الشخص عن خطأه أن غيره أخطأ معه . ولكن إذا قام أحد الشركاء بتعويض الضرر برئت ذمة الآخرين من الالتزام بالتعويض ، إذا لم يعد هناك ضرر يستوجب أن يعوض عنه . وانتقلت هذه القاعدة من القانون الرومانى إلى القانون الفرنسى القديم ، وبقيت قاعدة من قواعده الثابتة ( بوتييه فى الالتزامات فقرة 268 ) . وبالرغم من أن المادة 55 من التقنين الجنائى الفرنسى لم تقم التضامن إلا فى حالة الحكم على شركاء فى جناية أو جنحة ، فخرج من نطاقها الاشتراك فى خطأ مدنى بل والاشتراك فى جناية أو جنحة إذا لم يصدر حكم جنائى بالإدانة ، فإن القضاء الفرنسى بقى مع ذلك يعمم القاعدة التى انتقلت إليه من القانون الفرنسى القديم ، فيقضى بالتضامن فى جميع الأحوال التى يشترك فيها عدة أشخاص فى ارتكاب خطأ ، سواء كان هذا الخطأ جنائياً أو كان خطأ مدنياً تقصيرياً . ويقصر القاعدة التى تقضى بأن التضامن لا يفترض على نطاق الالتزامات التعاقدية ، ويتلمس النص القانونى الذى يعوزه لإقامة التضامن فى المادة 55 من التقنين الجنائى عن طريق القياس . وتنقل القضاء الفرنسى فى تأصيل قاعدته – وهى تقضى بمسئولية أى من الشركاء فى العمل غير المشروع عن تعويض كل الضرر – من فكرة الالتزام غير القابل للانقسام إلى فكرة التضام ، ثم من فكرة التضامن إلى فكرة التضامم ( انظر بلانيولوريبير وجابولد 7 فقرة 1069 – فقرة 1070 ) – وانظر فى انقسام الفقه الفرنسى فى هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1301 – فقرة 1302 .
( [33] ) ديموومب 26 فقرة 247 – فقرة 248 – لوران 17 فقرة 292 – بودرى وبارد 2 فقرة 1180 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص430 .
( [34] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 620 : وقد ذكرنا بنوع خاص أن التضامن فى المسئولية التقصيرية كان مقرراً أيضاً بنص فى التقنين المدنى السابق ، وأنه يقوم دون حاجة إلى ذكره فى الحكم ( الوسيط جزء أول ص 929 هامش رقم 3 ) ، وأن المسئولية تضامنية فى القانون المصرى بخلاف القانون الفرنسى فهى مسئولية تضاممية ( الوسيط جزء أول ص 920 هامش رقم 1 ) .
( [35] ) فإذا سرق أحد اللصوص عجلة السيارة ، ثم جاء لص آخر فسرق بعض الآلات ، لم يكن اللصان متضامنين ، لأن كل منهما أحدث بخطأه ضرراً غير الضرر الذى أحدثه الآخر ( الوسيط جزء أول ص926 ) .
( [36] ) فإذا حاول لص سرقة منزل فنقب فيه نقباً ثم ذهب ليستحضر ما يستعين به على السرقة ، فأتى لص آخر على غير اتفاق مع اللص الأول ودخل من النقب وسرق المنزل ، فإن اللصين يكونان مسئولين بالتضامن ( الوسيط جزء أول ص926 ) .
( [37] ) فقد يكون أحد الخطأين سرقة والخطأ الآخر إخفاء لأشياء مسروقة ، أو يكون الخطأ الأول جناية قتل والخطأ الآخر جنحة ضرب ( انظر فى قضاء محكمة النقض فى هذه المسائل الوسيط جزء أول ص926 هامش رقم 3 ) .
( [38] ) مثل ذلك أن يهمل الخادم فيترك باب المنزل مفتوحاً ، ليدخل اللص ويسرق المنزل ففى هذه الحالة يكون اللص والخادم تضمنين لعى اختلاف ما بين الخطأين ، فأدهما عمد والآخر غير عمد ، وأحدهما جنائى والآخر مدنى ، وأحدهما عمل والآخر امتناع عن عمل ( الوسيط جزء أول ص927 ) .
( [39] ) وقد يكون أحد المسئولين هو الذى يتحمل التعويض كله فى النهاية ، كما إذا اختل أساس منزل الجار من جراء هدم جاره لمنزله وإعادة بنائه ، فللجار المضرور فى هذه الحالة الرجوع على جاره والمقاول متضامنين بسبب العمل غير المشروع ، ثم يرجع الجار على المقاول إذا كان بينهما اتفاق على أن يتحمل المقاول المسئولية وحده ( استئناف مختلط 31 أكتوبر سنة 1929 م42 ص9 ) .
( [40] ) استئناف مختلط 22 أبريل سنة 1942 م54 ص172 – على أن محكمة الاستئناف المختلط قد قضت فى بعض أحكامها بأن المتبوع مسئول مع التابع مسئولية تضاممية لا مسئولية تضامنية ( استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1938 م51 ص75 ) .
( [41] ) انظر الوسيط جزء أول فقرة 877 .
( [42] ) ويلاحظ أن القانون لم ينص على تضامن أرباب العمل إذا تعددوا كما نص على تضامن الموكلين عند التعدد فى المادة 712 مدنى . والسبب فى ذلك أن الموكلين قد جمعهم عقد واحد ، فالتضامن بينهم مستساغ ، أما أرباب العمل فلم تجمعهم رابطة إلا عمل الفضولى نفسه فقل أن توجد بينهم رابطة تسوغ قيام التضامن ( الوسيط جزء أول فقرة 897 ص1269 ) .
( [43] ) وقد قضت محكمة النقض بأن المادة 233 من تقنين المرافعات القديم ( م248 جديد ) إذ نصت على أن تقدير أجر الخبير يكون نافذاً على الخصم الذى طلب تعيين أهل الخبرة ، ومن بعد صدور الحكم فى الدعوى يكون نافذاً أيضاً على من حكم عليه بالمصروفات ، فإنها لا تلزم المحكوم له فى الدعوى بأتعاب الخبير بالتضامن مع المحكوم عليه بالمصروفات ( نقض مدنى 24 فبراير سنة 1944 مجموعة عمر 4 رقم 101 ص65 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الخصم الذى طلب تعيين الخبير والخصم المحكوم عليه بأتعاب الخبير يكونان متضامنين ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1930 م42 ص159 ) .
وفى فرنسا يقوم التضامن فى المصروفات الجنائية طبقاً للمادة 55 من التقنين الجنائى الفرنسى ، أما فى المواد المدنية فلا يقوم التضامن فى المصروفات إلا إذا حكم بها جميعاً على كل من المحكوم عليهم كجزء من التعويض ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1073 ) .
( [44] ) ويوجد مثل آخر للتضامن فى التزام قانونى ، فقد نصت المادة 59 من قانون رقم 14 سنة 1939 ( الخاص بضريبة إيرادات رؤوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل ) على أنه ” يجب عند التنازل عن كل أو بعض المنشآت تبليغ مصلحة الضرائب عن هذا التنازل فى مدى ستين يوماً من تاريخ حصوله ، ويكون كل من المتنازل والمتنازل له مسئولاً بالتضامن عما يستق من ضرائب على المنشأة المتنازل عنها إلى تاريخ التنازل ” ( انظر الأستاذ عبد الحى حجازى 1 ص228 ) .
( [45] ) وهناك من يذهب إلى أن دائن الشركة يرجع بجميع حقه على الشركة أو على أى من الشركاء فى ماله الخاص ، فالشركة والشركاء متضامنون جميعاً فى ديون الشركة . وهناك من يذهب إلى أن الدائن لا يرجع على أى من الشركاء فى ماله الخاص قبل أن يحصل على حكم بالدين على الشركة ذاتها ، وهذا الحكم يمكن تنفيذه على أموال الشركة وعلى أموال كل من الشركاء . وهناك أخيراً من يذهب إلى أن الدائن لا يستطيع الرجوع على أحد من الشركاء قبل الرجوع على الشركة ذاتها أو فى القليل قبل إعذارها ، إذ الشركاء متضامنون فيما بينهم ولكنهم غير متضامنين مع الشركة بل يعتبرون فى حكم الكفلاء لها .
( [46] ) وانظر أيضاً المادة 189 تجارى بالنسبة إلى السندات تحت الإذن أو التى لحاملها .
( [47] ) انظر أيضاً لمادة 139 تجارى وتجعل الضامن ضماناً احتياطياً ( avale ) مسئولاً على وجه التضامن .
( [48] ) هذا وقد وردت نصوص أخرى تقيم التضامن بين المدينين المتعددين فى مسائل متفرقة ، كالنصوص التى وردت فى خصوص الخسارة البحرية ، وفى بيع المحل التجارى ، وفى قانون العمل الفردى ، وفى قانون إصابات العمل .
وورثة المدين لا يكونون متضامنين فى القانون الفرنسى ، بل ينقسم الدين عليهم ، أما فى القانون الألمانى فهم متضامنون ( بودرى وبارد 2 فقرة 1200 ) . وفى مصر ، وقفاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، تكون التركة مسئولة عن جميع الديون ، بل لا تركة إلا بعد سداد الدين ، ومن ثم يبقى كل جزء من التركة سئولاً عن كل الدين . إلا أنه إذا خضعت التركة لإجراءات التصفية المنصوص عليها فى المواد 876 – 913 مدنى ، تولت المحكمة توزيع الديون المؤجلة على الورثة مع ترتيب تأمينات كافية ورد ذكرها فى المادة 895 من التقنين المدنى .
( [49] ) انظر آنفاً فقرة 128 – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى هذا الصدد : ” ويناط تفسير القواعد الخاصة بالتضامن السلبى والإيجابى على حد سواء بفكرتين استنبطها الفقه ، هما فكرة وحدة الدين وفكرة تعدد الروابط . فلكل مدين متضامن أن يوفى الدين بأسره ويكون وفاؤه هذا مبرئاً لذمة الباقين . وعلى هذا النحو لا يكون من حق الدائن أن يطالب بالوفاء بكل الدين فحسب ، بل ويكون من واجبه كذلك أن يقبل أداءه ، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك فى التضامن الإيجابى ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص66 ) .
( [50] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1076 ص445 .
( [51] ) سميناه فى الجزء الأول من الوسيط ” المسئولية المجتمعية ” ، ونؤثر الآن أن نسميه ” الالتزام التضاممى ” ( obligation in solidum ) لنقابل به ” الالتزام التضامنى ” ( obligation solidaire ) .
( [52] ) وقد رأينا فيما يتعلق بالعمل غير المشروع أنه قد يتعدد الخطأ ، ولكن ما دام الضرر يجب أن يكون واحداً ، والضرر هو أحد أركان المسئولية التقصيرية ، فوحدة الضرر قد تتغلب على تعدد الخطأ ، فيتوحد المصر وكون المسئولية تضامنية إذا وجد نص فى القانون يقضى بالتضامن ، كما فعل التقنين المدنى المصرى ( م169 ) . وقد يتغلب تعدد الخطأ على وحدة الضرر فيتعدد المصر وتكون المسئولية تضاممية ما دام لا يوجد نص فى القانون يقضى بالتضام ، كما هى الحال فى القانون الفرنسى .
( [53] ) بدأ الفقه فى فرنسا بالتمييز بين التضامن الكامل ( solidarite parfaite ) والتضامن الناقص ( solidarite imparfaite ) ، وانقسم الفقهاء فى تحديد فيصل التفرقة بين هذين النوعين من التضامن بين رأيين : ( 1 ) رأى قال به مورلون ( Mourlon ) ، غذ ذهب إلى أن التضامن يكون كاملاً إذا وجدت بين المدينين المتضامنين مصلحة مشتركة بحيث يمكن أن يمثل كل منهم الآخرين . أما إذا كان المدينون المتضامنون لا توجد بينهم مصلحة مشتركة ولا يعرف بعضهم بعضاً ولا يمكن القول بأن كلا منهم يمثل الآخرين ، فالتضامن فى هذه الحالة يكون ناقصاً ( مورلون 2 فقرة 1260 ) . ( 2 ) ورأى قال به أوبرى ورو ، غذ ذهبا إلى أن هناك نصوصناً تقيم التضامن مباشرة بين المدينين وهذا هو التضامن الكامل ، وهناك نصوص تقتصر على أن تجعل للدائن الحق فى أن يطالب مدينين متعددين بدين واحد وهذا هو التضامن الناقص ( أوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً ص31 – ص35 وتعليق بارتان فى هامش رقم 6 ) . ولكن ما لبث الفقه الفرنسى أن هجر هذا التمييز بين تضامن كامل وتضامن ناقص ، إذ لا يوجد إلا نوع واحد من التضامن هو التضامن الكامل . أما ما يسمى بالتضامن الناقص فليس نوعاً آخر من التضامن ، بل هو نظام قانونى مستقل كل الاستقلال عن نظام التضامن ( solidarite ) ، وتمكن تسميته بنظام التضامم ( in solidum ) ، ونظام التضامن يقوم على الاتفاق أو نص القانون . أما نظام التضامم فيقوم على طبيعة الأشياء ، حيث يجعل القانون مدينين متعددين مسئولين عن دين واحد نحو دائن واحد ، فيكون هؤلاء المدينون متضامنين فى هذا الدين دون أن يكون هناك تضامن بينهم . وليس الالتزام التضاممى هو فى الأصل التزام تضامنى نزل درجة بعد أن استبعدت منه فكرة النيابة التبادلية ، بل إن للالتزام التضامنى منطقة خاصة به وللالتزام التضاممى منطقة أخرى لا تتلاقى مع المنطقة الأولى . والنظامان مستقلان أحدهما عن الآخر ، وليس الثانى مشتقاً من الأول . وغذا كانت المصحلة المشتركة بين المدينين المتعددين منعدمة فى نظام التضامم ، فذلك راجع إلى أنه لا توجد رابطة تربط ما بين هؤلاء المدينين ، وكل ما يجمع بينهم أن كلا منهم مسئول عن نفس الدين نحو نفس الدائن ( انظر بودرى وبارد 2 فقرة 1396 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1089 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 847 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1884 – جوسران 2 فقرة 771 ) . ويثور دى باج على فكرة الالتزام التضاممى ثورة عنيفة ( انظر دى باج 3 فقرة 330 ) ، بينما يدافع عنها دريدا ( Derrida ) دفاعاً قوياً ( انظر انسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 131 – فقرة 157 ) .
( [54] ) استئناف وطنى 19 أكتوبر سنة 1897 القضاء 5 ص 13 .
( [55] ) أنظر فى المسئولية العقدية عن الغير الوسيط الجزء الأول فقرة 431 – فقرة 433 .
( [56] ) وقد بينا عند الكلام فى المسئولية العقدية عن الغير فى الجزء الأول من الوسيط أن هذه المسئولية قد تتحقق إذا استخدم المدين أشخاصًا غيره فى تنفيذ التزامه العقدى ، فيكون مسئولاً مسئولية عقدية عن خطأ هؤلاء الأشخاص الذى أضر بالدائن فى الالتزام العقدى ، فيوجد إذن المسئول وهو المدين فى الالتزام العقدى ، والمضرور وهو الدائن فى الالتزام ، والغير وهم الذين استخدمهم المدين فى تنفيذ التزامه ، وتقوم المسئولية العقدية عن الغير حيث يوجد عقد صحيح بين المسئول والمضرور وحيث يكون الغير مكلفًا بتنفيذ هذا العقد ، فالمؤجر مسئول عن البواب قبل المستأجر : المسئول هنا هو المؤجر ، والمضرور هو المستأجر ، وقد قام بينهما عقد صحيح هو عقد الإيجار ، والغير المكلف بتنفيذ هذا العقد من قبل المسئول هو البواب ، ويتبين من ذلك أن هناك حدين لنطاق المسئولية العقدية عن الغير : الحد الأول أن يكون هناك بين المسئول والمضرور عقد صحيح ، والحد الثانى أن يكون الغير معهودًا إليه فى تنفيذ هذا العقد ، ويجب أن يكون الغير قد أحدث الضرر فى فى حال تنفيذ العقد أو بسبب تنفيذه . فيكون الغير ومسولاًعن تعويض هذا الضرر مسئولية تقصيرية إذ لا عقد يربطه بالمضرور ، أما المرتبط بالعقد فمسئول نحو المضرور مسئولية عقدية عن الغير ، ويكون الاثنان مسئولين عن دين واحد هو التعويض دون أن يكونا متضامنين فى هذا الدين ( انظر الوسيط الجزء الأول فقرة 431 وفقرة 433 ) .
( [57] ) أما فى فرسنا فيقوم بين العامل وصاحب المنافس تضامن ( Solidarite ) لاتضامم فحسب ، بموجب المادة الثالثة من قانون 5 فبراير سنة 1932 ، بل كان القضاء الفرنسى يقضى بالتضامن حتى قبل صدور هذا القانون ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1068 ص 426 وفقرة 1072 ) .
( [58] ) الوسيط الجزء الأول فقرة 620 ص 928 ـ ص 929 ـ وإذا أخل المتعاقدان فى عقد واحد بمسئوليتهما العقدية ، فهما شريكان فى هذه المسئولية ، ولكنها ليست مسئولية تقصيرية حتى يقوم التضامن بينهما . ولما كان مصدر المسئولية هو العقد ، فلابد من شرط التضامن ، وإلا انقسم الالتزام بينهما . ويذهب بلانيول وريبير وجابولد إلى اعتبار المسئولية هنا ، فى القليل ، مسئولية تضاممية ، إن لم يكن اعتبارها مسئولية تضامنية ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1071 ) ، ولكن الالتزام التضاممى يشترط فيه – على ما نرى – أن يكون المصدر متعددًا ، وهنا المصدر عقد واحد .
( [59] ) وقد كان التقنين المدني السابق يقيم التضامن السلبي علة فكرتي الكفالة والوكالة ( م 108 / 162 ) . أنظر في هذا المعنية استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1909 م ص 183 . ويفسر بيدان ولا جارد جميع المبادئ الثلاثة بفكرة النيابة التبادلية ( يبدال ولا جارد 8 فقرة 817 وما بعدها ) ، ولكن هذه الفكرة وحدها لا تكفي ، فهي تضيق مصلا عن تفسير القادة التي تقضي بأنه لا يجوز للممدين أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بغيره من المدينين ، وكان من حقه أن يحتج بها بمقتضي النيابة التبادلية ( derrida أنسيكلوبيدى داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 61 )
م 284 : ورد هذا النص في المادة 408 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي ” 1 – إذا كان التضامن بين المدينين ، كان كل منهم ملزما بالدين جمعيه ، وكان وفاء أحدهم بالدين مبرئاً لذمة الباقين . 2 – ومع ذلك لا يحول التضامن دون انقسام الدين بين ورثة أحد المدينين المتضامنين ، إلا إذا كان الدين غير قابل للانقسام ” . وفي لجنة المراجعة حذف الحكم الخاص بالتزام أي من المدينين المتضامنين بكل الدين لأنه ورد في المادة التالية ، وكذلك حذفت الفقرة الثانية لأنها لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية في الميراث ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 296 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 284 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 63 ـ ص 64 ) .
م 285 : ورد هذا النص في المادة 409 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 297 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 285 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 65 – ص 67 ) .
( [61] ) التقنين المدني السابق م 108 / 162 – 164 : لا يلزم كل واحد من المتعهدين بوفاء جميع المتعهد به إلا إذا اشترط تضامنهم لبعضهم في العقد أو أوجبه القانون . وفي هذه الحالة وفي هذه الحالة يعتبر المتعهدون كفلاء لبعضهم بعضا ووكلاء عن بعضهم بعضا في وفاء المتعهد به ، وتتبع القواعد المتعلقة بأحكام الكفالة والتوكيل .
م 109 / 165 : يجوز للدائن يجمع أن يجمع مدينيه المتضامنين في مطالبتهم بدينه أو يطالبهم به منفردين ، ما لم يكن بعض المدينين المذكورين مؤجلا لأجل معلوم أو معلقاً على شرط .
م 112 / 268 : لكل من المدينين المذكورين الحق في التمسك بأوجه الدفع الخاصة بشخصه وبالأوجه العامة لجميعهم .
( وأحكام التقنينين القديم والجديد واحدة في هذه المسائل بالرغم من اختلاف الأسلوب . وقد قدمنا أن التقنين المدني السابق صح بالأساس الذي تبنى علية أحكام التضامن السلبي ، فذكر أن المدينين يعتبرون كفلاء بعضهم لبعض ووكلاء بعضهم عن بعض في وفاء الدين وأن تتبع أحكام الكفالة والوكالة . والأولي عدم ذكر هذه الأسس الفقهية في التشريع ، لا سيما أنه ليس صحيحاً أن جميع أحكام الكفالة والوكالة تنطبق في التضامن السلبي ) .
( [62] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 284 – 285 ( مطابقتان للمادتين 284 – 285 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني الليبي م 271 – 272 ( مطابقتان للمادتين 284 – 285 من التقنين المدني المصري )
التقنين المدني العراقي م 321 : 1 – إذا كان المدينون متضامنين ، فللدائن أن يطالب بالدين كله من شاء منهم ، وأن يطالبهم به مجتمعين ، ومطالبته لأحدهم لاتمنعه من مطالبة الآخرين . 2 – ولا يجوز للمدين الذي يطالبه الدائن بالوفاء أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة بمدين آخر إلا بقدر نصيب هذا المدين إذا كان قد انقضى بوجه من الوجوه ، ولكن يجوز له أن يحتج بأوجه الدفع الخاصة به هو وبأوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعاً .
م 322 : إذا قضى أحد المدينين المتضامنين الدين بتمامه عيناً أو بمقابل أو بطريق الحوالة ، برئت ذمته ويبرأ منه المدينون الآخرون .
( وهذه نصوص تتفق مع أحكامها مع أحكام التقنين المدني المصري وإن اختلفت في العبارة والأسلوب : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 204 وما بعدها ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 23 : يكون الموجب متضامنا بين المديونين حين يكون عدة مديونين ملزمين بدين واحد وكل منهم يجب اعتباره في علاقاته بالدائن كمديون بمجموع هذا الدين ، فيقال إذ ذاك ” تضامن المديونين ” . على أن التضامن لا يحول دون قسمة الدين بين ورثة المديون المتضامن .
م 25 : إذا وجد موجب التضامن بين المديونين ، فإن جميع هؤلاء ملزمون بالشيء ذاته ولكن بمقتضى روابط متميزة ومستقلة بعضها عن بعض ، ولا سيما فيما يختص : 1 – بصحة هذه الروابط . 2 – باستحقاقها . 3 – بسقوطها .
م 26 : يحق لكل من المدينين المتضامنين أن يدلى بأسباب الدفاع المختصة به والمشتركة بين جميع المديونين .
م 27 : إن أسباب الدفاع المختصة بكل من المديونين هي التي يمكن أن يدلى بها واحد أو عدة منهم ، وأخصها : 1 – الأسباب الممكنة من الأبطال ( الإكراه والخداع والغلط وعدم الأهلية ) سواء أكانت مختصة بأحد المديونين أم ببعضهم 2 – الشكل ( الأجل أو الشرط ) الذي لا يشمل ما التزمه الجميع . 2 – أسباب سقوط الموجب التي لم تحدث للجميع .
م 28 : أسباب الدفاع المشتركة هي التي يمكن أن يدلى بها جميع المديونين بالموجب المتضامن وهي على الخصوص : 1 – أسباب البطلان ( كموضوع غير مباح وكفقدان الصيغ المطلوبة شرعاً الخ ) التي تشمل ما التزمه الجميع . 2 – الشكل أو الأجل أو الشرط الشامل بما التزم به الجميع . 3 – أسباب الإسقاط التي أفضت إلى سقوط الدين عن الجميع .
م 29 : إن الإيفاء أو أداء العوض أو إيداع الشئ المستحق أو المقاصة التي جرب بين أحد المديونين والدائن كلها تبرئ ذمة سائر الموجب عليهم .
( وهذه نصوص تتفق في أحكامها بوجه عام مع أحكام التقنين المدني المصري فيما عدا حكم المقاصة ، فلا يحتج بالمقاصة في التقنين المصري إلا بمقدار نصيب من وقعت المقاصة معه . والتقنين اللبناني يزخر ، كما نري ، بالأساليب والتفصيلات الفقهية ) .
( [63] ) لا رومبيير 3 م 1024 فقرة 4 ـ ديمولومب 26 فقرة 381 ـ بودري وبارد 2 فقرة 1209 .
( [64] ) بودري وبارد 2 فقرة 1211 . ويلاحظ أن المادة 290 مدني تقضى بأنه إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، بقة حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ، ما لم يتفق على غير ذلك . والفرق بين صورة الإبراء هذه وصورة استيفاء الدائن لحصة أحد المدينين أن المفروض في الصورة الثانية أن الدائن قد استوفه فعلا هذه الحصة ، فلم بعد له إلا باقي الدين يرجع به على أي مدين متضامن آخر . أما في الإبراء ومن ثم إذا طالب مديناً آخر كان له أن يطالبه بكل الدين لأنه لم يستوف من هذا الدين شيئاً ، وهذا ما لم يكن قد اتفق مع المدين المبرأ على استنزال حصته من الدين عند الرجوع علة أحد من المدينين الآخرين كما يقول النص . وهناك فرق لآخر من ناحية الصناعة القانونية : فاستيفاء الحصة لابد فيه من إرادتين متوافقتين ، أما الإبراء فتكفي فيه إرادة الدائن وإن كان يرتد برد المدين ( م 371 مدني ) .
وكل مبلغ يدفعه أحد المدينين المتضامنين للدائن ، سواء كان هذا المبلغ مساوياً لحصة هذا المدين أو أقل أو أكثر ، يستطيع المدينون الآخرون التمسك به لاستنزاله من الدين عند رجوع الدائن عليهم ( استئناف مختلط 19 مارس سنة 1913 م 43 ص 302 ) ، وهذا ما لم يكن المدين قد اتفق مع الدائن على أنه إنما يدفع له حصته في الدين أ جزءاً منها كما سبق القول ( انظر تفصيل ذلك فيما يلي فقرة 204 في الهامش ) .
( [65] ) مصر الوطنية 91 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 393 ـ استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1897 م 9 ص 394 ـ 23 يناير سنة 1907 م 19 ص 98 ـ 17 يونيه سنة 1914 م 26 ص 442 – 17 يناير سنة 1917 م 29 ص 156 .
( [67] ) ولا يخل هذا الحكم بجواز الاتفاق على أن يرجع الدائن على المدينين المتضامنين بترتيب معين ، أو على أن يرجع الدائن أولا بتأمين العيني ( لا رومبيير 3 م 1203 فقرة 3 ـ هيك 7 فقرة 316 ـ ديمولومب 62 فقرة 315 ـ بودي وبارد 2 فقرة 1207 ) .
( [68] ) وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً يحتم ذلك ، ولكنه حذف .
( [69] ) بودري وبارد 2 فقرة 1208 . بل لا يجوز للمدين الذي يطالبه الدائن بكل الدين أن يؤخر الوفاء ، بدعوى أن هناك نزاعاً لا يزال منظوراً أما القضاء بينه وبين المدنيين الآخرين بشأن حصة كل منهم في الدين ، وأنه يخشى لو دفع الدين كله أن يتحمل إعسار أحد من هؤلاء المدينين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1208 ) .
( [70] ) وحق اقتصار المدين على دفع حصته في الدين إنما أعطى للكفيل إذا تعدد الكفلاء دون تضامن بينهم ، ويسمى بحق التقسم ( benefice de division ) . ولكن هذا الحق ، إذا جاز للكفيل غير المتضامن ، لا يجوز للكفيل المتضامن ، ومن باب أولى لا يجوز للمدين المتضامن .
( [71] ) أنظر الفقرة السابقة – ولكن إذا كان المدينان المتضامنان لا يملك كل منهما أكثر من خمسة أفدنة ، وإن كان مجموع ما يملكان أكثر من خمسة أفدنة ، لم يجز للدائن أن ينفذ على أي منهما بدعوى انهما يملكان معاً نصاب الحجز ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1932 م 44 ص 153 ) .
( [72] ) أنظر آنفاً فقرة 135 وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 58 – وانظر أيضاً المادة 19 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [73] ) استئناف مختلط 21 مارس سنة 1901 م 13 ص 208 – 3 مايو سنة 1916 م 28 ص 295 .
( [74] ) ديرانتون 11 فقرة 215 – لارومبيير 3 م 1203 فقرة 4 – ديمولومب 26 فقرة 316 – هيك 7 فقرة 316 – بودري وبارد 2 فقرة 1204 – بيدان ولا جارد 8 فقرة 818 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 197 ص 279 – وانظر عكس هذا الرأي فلا يجوز للمدين طلب التأجيل لادخال باقي المدينين في الدعوى لوران 17 فقرة 297 – دي باج 3 فقرة 343 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 706 .
ولكن لا يجوز أن يطالب المدين الدائن بإدخال بقية المدينين في الدعوى ، لأنه مسئول نحو الدائن عن كل الدين ، فإذا أراد أن يدخل باقي المدينين في الدعوى ، فعليه هو لا على الدائن أن يدخلهم ( بيدان لاجارد 8 فقرة 818 ص 606 ) .
( [75] ) أنظر في هذا المعنى لارومبيير 3 م 1203 فقرة 4 – ديمولومب 26 فقرة 317 – بودرى وبارد 2 فقرة 1205 .
( [76] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1210 – بيدان وجابولد 8 فقرة 1081 .
( [77] ) أما إذا كان كل من المدينين المتضامنين مفلسين ، فإن الدائن يدخل في كل تفليسة بمقدار كل الدين . وتنص المادة 348 من التقنين التجاري في هذا الصدد على ما يأتي : ” إذا كانت بيد أحد المداينين سندات دين ممضاة أو محولة أو مكفولة من المفلس واخرين ملتزمين معه على وجه التضامن ومفلسين أيضاً ، جاز له أن يدخل في التوزيعات التي تحصل في جميع روكيات تفليساتهم ، ويكون دخوله فيها بقدر أصل المبلغ المحرر به السند وما يتبعه إلى تمام الوفاء . ولا حق لتفلسيسات الملتزمين بدين واحد في مطالبة بعضها بعضاً بالحصص المدفوعة منها ، إلا في حالة ما إذا كان مجموع تلك الحصص المدفوعة من روكيات هذه التفليسيات يزيد على قدر أصل الدين وما هو تابع له ، ففي هذه الحالة تقرر الزيادة لمن كان من المدينين المفلسين مكفولا من الآخرين على حسب ترتيب التزامهم بالدين ” . والفقرة الأولى من هذا النص تقابلها المادة 542 من التقنين التجاري الفرنسي . أنظر في هذا النص وما يثيره من مسائر مختلف عليها وهي تدخل في نطاق القانون التجاري بودري وبارد 2 فقرة 1211 .
( [78] ) ديمولومب 26 فقرة 321 – بودري وبارد 2 فقرة 1212 .
( [79] ) وقد قضت محكمة اسئتناف مصر بأنه إذا لم يطلب التضامن في صحيفة الدعوى الابتدائية ولا أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة ، فلا يقبل إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ( استئناف مصر 5 يناير سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 ص 169 ) . ولكن إذا لم يقدم طلب التضامن للقضاء للفصل فيه ضمن الدعوى الأصلية ، فلا مانع من رفع دعوى جديدة به ( أسيوط الكلية 21 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 543 ص 1064 ) .
هذا وهناك فرق بين مطالبة المدينين مجتمعين في التزام متعدد الأطراف ( obligation conjointe ) ومطالبتهم مجتمعين في التزام تضامني ( obligation solidaire ) . ففي الحالة الأولى بحكم على كل من المدينين بحصته في الدين فحسب ، أما في الحالة الثانية فيحكم على كل من المدينين بكل الدين متضامنا فيه مع الآخرين .
( [80] ) بودري وبارد 2 فقرة 1212 ص 324 .
( [81] ) لارومبيير 3 م 1204 فقرة 2 – بودري وبارد 2 فقرة 1212 ص 324 .
( [82] ) أنظر آنفاً فقرة 134 .
( [83] ) وهي المادة 408 من هذا المشروع .
( [84] ) أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش .
( [85] ) بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1079 .
( [86] ) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 63 و أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش . وانظر أيضاً فقرة 119 في الهامش حيث نقلنا كيف يصور الأستاذ إسماعيل غانم انتقال الدين إلى ورثة المدين .
( [87] ) كما يجوزز أن يرجع على كل وارث بحصته في دين مورثه بقدر ما أفاد من تركته ( استئناف مصر 13 يناير سنة 1923 المجموعة الرسمية 43 رقم 192 ) . ولكن لا تضامن بين الورثة كما قدمنا ، فإذا اتخذ الدائن إجراءات نزع الملكية ضد أحد الورثة بقدر حصته في الميراث ، كان عليه أن يتخذ نفس هذه الإجراءات ضد سائر الورثة كل بقدر حصته ( استئناف مختلط 3 يونيه سنة 1943 م 55 ص 180 ) .
( [88] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي الذي احتوى النص الملغى ما يأتي : ” ويترتب على موت المدين المتضامن انقسام الدين بين ورثته ، ما لم يكن غير قابل للانقسام ، فلو فرض أن مدينين ثلاثة التزموا على وجه التضامن بدين مقداره 300 جنيه ، وتوفى أحدهم عن وارثين متكافئي الفرض ، فليس للدائن أن يطالب كلا منهما إلا بمبلغ 150 جنيه ” . ثم ما لبثت المذكرة الإيضاحية أن استدركت فقالت : ” وهذا الحكم لا يتبع في الشريعة الإسلامية إذ هي لا تبيح انتقال الدين من طريق الميراث ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 66 ) . وهذا ما دعا لجنة المراجعة إلى حذف النص الذي كان يقضي بانقسام الدين على ورثة المدين كما سبق القول .
( [89] ) أنظر آنفاً فقرة 136 .
( [90] ) استئناف وطني 18 ابريل سنة 1916 المجموعة الرسمية 17 ص 198 – استئناف أسيوط 14 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 274 ص 550 .
( [91] ) فإذا طالب الدائن أولاً من شاب رضاءه عيب فأبطل هذا التزامه ، ثم رجع الدائن على مدين متضامن آخر لم يشب رضاءه عيب ، فإنه يطالبه بكل الدين دون أن يستنزل حصة من شاب رضاءه العيب ( رومبيير 3 م 1208 فقرة 10 – لوران 17 فلقرة 300 – بودري وبارد 2 فقرة 1244 ) .
( [92] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : ” للدائن في التضامن السلبي أن يطالب كلا من المدينين المتضامنين بالدين بأسره ، كما هو الشأن في التضامن الايجابي . وله أن يطالب هؤلاء المدينين بالوفاء أما مالقضاء ، مجتمعين أو منفردين . ولا جيوز لمن يطالب بالوفاء منهم ، على هذا الوجه ، أن يحتج إلا بأوجه الدفع الخاصة بخشصه – كالغلط أو الإكراه اللذين شابا رضاءه – والأوجه المشتركة بين المدينين جميعاً – كما إذا كان الإلتزام باطلا لعدم مشروعية السبب أو كما إذا كن قد انقضى بالوفاء . أما الدفوع الخاصة بغيره من المدينين – كالغلط أو الغش أو الإكراه الذي شاب رضاء هؤلاء دون أن يؤثر في رضائه – فيمتنع عليه الاحتجاج بها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 65 – ص 66 ) . وقد فصل تقنين الموجبات والعقود اللبناني في المواد 25 إلى 28 أوجه الدفع المشتركة بين المدينين جميعاً وأوجه الدفع الخاصة بأحدهم ( أنظر آنفاً فقرة 180 في الهامش ) .
أنظر أيضاً ترتيباً منطقياً لأوجه الدفع المتعلقة بطبيعة الالتزام ، والأوجه المشتركة بين جميع المدينين ، والأوجه الخاصة بأحدهم دون غيره ، في بيدان ولا جارد 8 فقرة 820 – فقرة 825 .
( [93] ) وذلك فيما عدا التجديد ، فسنرى أنه يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين إلا إذا احتفظ الدائن بحقه قبلهم .
( [94] ) وهناك ، غير هذه الأسباب ، الوفاء بمقابل واستحالة التنفيذ .
ففي الوفاء بمقابل ، إذا استوفى الدائن من أحد المدينين المتضامنين مقابلا للدين ، انقضى الدين أصلاً كما ينقضي بالوفاء ، وبرئت ذمة المدينين الآخرين ، فيستطيع كل مدين منهم أن يحتج بهذا السبب متمسكاً بانقضاء كل الدين ولا يقتصر على استنزال حصة من وفى المقابل . وهذا الحكم يختلف عن الحكم الذي أوردناه في الوفاء بمقابل لأحد الدائنين المتضامنين في التضامن الايجابي ( أنظر آنفاً فقرة 138 في الهامش ) . والسبب في هذا الاختلاف أن في التضامن السلبي لا يوجد إلا دائن واحد ، وقد قبل أن يستوفى مقابلا للدين ، فانقضى الدين بهذا القبول . أما في التضامن الايجابي فيوجد دائنون متعددون ، ولم يقبل الوفاء بمقابل إلا أحد هؤلاء الدائنين ، فلا يتقيد الدائنون الآخرون بقبوله فيما يجاوز حصته ( أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 229 ) .
واستحالة التنفيذ لسبب أجنبي لا يد لأحد المدينين المتضامنين فيه يقضى الالتزام التضامني نفسه ( م 373 مدني ) ، فتبرأ ذمة جميع المدينين ، ويكون حكم استحالة التنفيذ هو حكم الوفاء بالدين وحكم الوفاء بمقابل . أما إذا استحال التنفيذ بخطأ أحد المدينين المتضامنين أو بعد إعذاره – كان يكون البائعون متضامنين في الالتزام بتسليم المبيع ثم هلك المبيع بخطأ أحدهم – فالمدين الذي صدر منه الخطأ يكون وحده مسئولا عن رد الثمن والتعويض ، أما بقاي المدينين فيكونون مسئولين عن رد الثمن وحده ، لأن البائع في القانون المصري يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ( أنظر م 437 مدني ) . وتقضي المادة 1205 من التقنين المدني الفرنسي بأن باقي المدينين يكونون مسئولين عن رد الثمن دون التعويض ، ولكن الفقه الفرنسي ينتقد هذا الحكم ( أنظر بودري وبارد 2 فقرة 1224 ) ، لأن البائع في القانون الفرنسي لا يتحمل تبعه هلاك المبيع بسبب أجنبي قبل التسليم ، وهلاك الشيء بخطأ أحد المدينين المتضامنين يجب اعتباره هلاكاً بسبب أجنبي بالنسبة إلى الباقين ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 204 ص 291 هامش رقم 1 وانظر ما يلي فقرة 197 ) .
وقد يحول الدائن حقه قبل أحد المدينين المتضامنين إلى محال له دون أن يستبقى حقه قبل المدينين الآخرين . والظاهر أنه عند تمام الحوالة في هذه الحالة يحل المحال له مكان الدائن الأصلي ، لأن الحق ينتقل إليه مع ضماناته والتضامن من أهمها ، فيصبح المدينون المتضامنون جميعاً مدينين للمحال له ، ولاي منهم أن يتمسك بالحوالة قبل الدائن الأصلي ( أنظر في هذا المعنى دريدا Derrida انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ solidarite فقرة 80 ) . أما إذا حول الدائن حقه قبل أحد المدينين المتضامنين واشترط استبقاء حقه قبل المدينين الآخرين ، فقد سبقت الإشارة إلى أن الدائن الأصلي في هذه الحالة يستبقى علاقته بهؤلاء المدينين ، ويصبح هو والمحال له دائنين لهم بالتضامم ( أنظر آنفاً فقرة 127 في الهامش ) .
( [95] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 410 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 298 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 286 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 67 – ص 69 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 190 / 154 ونصها ما يأتي : ” لا يصح في أي حال من الأحوال السالفة نقل التأمينات الشخصية كالكفالة والتضامن إلا برضاء الكفلاء والمتضامنين ” . والتقنين السابق باشتراطه قبول المدينين المتضامنين بالتجديد يتفق مع الحكم مع التقنين الجديد .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 286 ( وهي مطابقة ) – التقنين المدني الليبي م 273 ( وهي مطابقة ) – التقنين المدني العراقي م 323 ( وهي مطابقة ) – تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 31 ونصها ما يأتي : ” إن تجديد الموجب بين الدائن وأ ؛د الموجب عليهم يبرئ ذمة الآخرين إلا إذا رضى هؤلاء بالتزام الموجب الجديد . أما إذا اشترط الدائن قبول المديونين وامتنع هؤلاء ، فالموجب السابق لا يسقط ” ( والتقين اللبناني يتفق في الحكم مع التقنين المصري ) .
( [96] ) – أنظر آنفاً فقرة 138 . والفرق بين التضامن الإيجابي والتضامن السلبي في حكم التجديد يرجع إلى أن التجديد لا يتم في أية حالة من حالاته الثلاث إلا برضاء الدائن ، ولما كان الدائن متعدداً في التضامن الإيجابي فلا يجوز أن يسري التجديد الذي قبله أحد الدائنين في حق الباقين الذين لم يقبلوه إلا بقدر حصة الدائن الذي قبل .
( [97] ) أنظر في هذا المعنى المادة 31 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني .
( [98] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” يترتب على اتفاق الدائن مع أحد المدينين المتضامنين على تجديد الدين أو استبداله انقضاء الالتزام القديم وبراءة ذمة باقي المدينين منه ، ما لم يرفض هؤلاء الارتباط بالتعهد الجديد . فإذا لم يرفضوا ذلك وكان الدائن قد اشترط رضاءهم ، فلا ينعقد التجديد ويظل الالتزام القديم قائماً : أنظر في هذا المعنى المادتين 181 / 171 من التقنين التونسي والمراكشي والمادة 31 من التقنين اللبناني والمادة 137 من المشروع الفرنسي الإيطالي . ويختلف الحكم بعض الاختلاف فيما يتعلق بالتضامن الإيجابي ، فالتجديد الذي ينعقد بين دائن من الدائنين المتضامنين والمدين لا يبرئ هذا المدين قبل باقي الدائنين ، ولكنه يستتبع انقضاء الدين القديم بالنسبة لذاك الدائن وحده ، أما الدائنون الذين لم يكونوا طرفاً في التجديد فيظل الدين القديم قائماً بالنسبة لهم ، ويكون لكل منهم أن يطالب بهذا الدين بعد استنزال حصة الدائن الذي ارتضى هذا التجديد : أنظر المادة 155 من المشروع الفرنسي الإيطالي ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 68 ) .
( [99] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 411 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 299 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 287 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 69 – ص 71 ) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادتين 113 / 169 و 201 / 265 ، وهذا نص كل منهما : م 113 / 169 : ” لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين لبعضهم في الدين أن يحتج بالمقاصة الحاصلة لغيره من المدينين مع الدائن . وإذا اتحدت الذمة بأن اتصف الدائن أو أحد المدينين الضامنين لبعضهم بصفتي دائن ومدين في آن واحد بدين واحد ، جاز لكل من المدينين التمسك بهذا الاتحاد بقدر الحصة التي تخص شريكهم في الدين ” . ويفهم من هذا النص ضمناً ، وبمفهوم المخالفة ، أن المقاصة – خلافاً لاتحاد الذمة – لا يحتج بها المدينون الآخرون حتى بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه . غير أن المادة 201 / 265 تنص على ما يأتي : ” ولا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن يتمسك بالمقاصة المستحقة لباقي المدينين المذكورين إلا بقدر حصتهم في الدين ” . وهذا الحكم القاضي بأن للمدينين الآخرين أن يحتجوا بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه يتعارض مع الحكم السابق الذي تقضى به المادة 113 / 169 سالفة الذكر . وقد ذهبنا في عهد التقنين المدني السابق ، أمام هذا التناقض ، إلى إعمال المادة 201 / 265 دون المادة 113 / 169 ، وتخويل المدينين المتضامنين الباقين الحق في أن يتمسك كل منهم بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت معه هذه المقاصة . وكتبنا في الموجز في هذا الصدد ما يأت : ” أما المقاصة فقد تقع بين أحد المدينين المتضامنين والدائن . فإذا كان ( أ ) و ( ب ) مدينين متضامنين بمبلغ ثلثمائة جنيه ، ثم أصبح ( أ ) دائناً بمبلغ ثلثمائة جنيه بالمقاصة . ولكن هب أن الدائن لمي رجع على ( أ ) ورجع على ( ب ) ، فهل يستطيع ( ب ) أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن والمدين ( أ ) ؟ تجيب المادتان 113 / 169 بما يأتي ” لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين لبعضهم في الدين أن يحتج بالمقاصة الحاصلة لغيره من المدينين مع الدائن ” . ويفهم من ذلك أن ( ب ) في الفرض المتقدم لا يستطيع أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن والمدين ( أ ) ، لا بالنسبة لكل الدين ولا بالنسبة لحصة ( أ ) من هذا الدين . . . هذا هو المفهوم من النص ، ويؤيد هذا الفهم أنه متفق مع الحكم الذي نص عليه القانون المدني الفرنسي في هذه الحالة ( م 1294 ) . ويؤيده أيضاً أن العبارة الأخيرة في المادتين 113 / 169 تجيز في حالة إتحاد الذمة ، مغايرة لحالة المقاصة ، أن يتمسك المدين المتضامن باتحاد الذمة بقدر الحصة التي تخص شريكه في الدين كما سنرى . إلا أن التفريق بين المقاصة واتحاد الذمة لا مسوغ له ، وما دام للمدين المتضامن أن يتمسك باتحاد الذمة بقدر الحصة التي تخص شريكه في الدين ، وجب أيضاً أن يكون للمدين المتضامن حق التمسك بالمقاصة بقدر حصة المدين الذي وقعت معه هذه المقاصة ، فيجوز في الفرض المتقدم أن يتمسك ( ب ) بالمقاصة بقدر حصة ( أ ) في الدين ، ولا يرجع عليه الدائن إلا بنصف الدين . وهذا هو الحكم الصحيح الذي يجب أن نقف عنده ، والذي أراده المشرع المصري ، فنص عليه في المادتين 201 / 265 : ” ولا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن يتمسك بالمقاصة المستحقة لباقي المدينين المذكورين إلا بقدر حصتهم في الدين ” .فرجع بذلك عن الحكم الذي نص عليه في المادتين 113 / 169 . ونحن نرى أمام هذا التناقض أن المادتين 201 / 265 تنسخان المادتين 113 / 169 ” ( الموجز للمؤلف ص 516 – ص 517 ) .
وتقابل المادة 287 من التقنين المدني المصري في التقنينات المدينة العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 287 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 274 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 324 ( مطابقة ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 37 ونصها ما يأتي : ” إذا وجد التضامن بين المديونين ، أمكن كلاً منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً : 1 – . . . . . 2 – بإجراء المقاصة على دين له في ذمة الدائن مقابل مجموع الدين ” . ومن ذلك نرى أن التقنين اللبناني – خلافاً للتقنينات العربية الأخرى – يجعل الحق لكل مدين متضامن أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت بين الدائن ومدين متضامن آخر ، لا فحسب بقدر حصة هذا المدين المتضامن ، بل أيضاً بالدين كله ، فتبرأ ذمة جميع المدينين المتضامنين بهذه المقاصة ، ويكون للمقاصة حكم وفاء الدين . وقد خالف التقنين اللبناني في حكمه هذا ، لا التقنينات العربية فحسب ، بل خالف أيضاً التقنين المدني الفرنسي الذي يسترشد به عادة ، فإن هذا التقنين ( م 1294 ) لا يجيز لباقي المدينين أن يتمسكوا بالمقاصة أصلاً ، حتى ولو بقدر حصة المدين الذي وقعت المقاصة معه .
( [100] ) والفرق بين انقضاء الدين بالوفاء حيث يجوز لباقي المدينين أن يتمسكوا بذلك في كل الدين ، وبين انقضائه بسبب آخر غير الوفاء حيث لا يجوز لباقي المدينين أن يتمسكوا بسبب الانقضاء إلا بقدر حصة المدين الذي قام به هذا السبب ، أن الدائن بالوفاء يكون قد حصل على كل حقه ، فليس له أن يطالب بشيء بعد ذلك . أما في غير الوفاء من أسباب الانقضاء ، فإن الدائن لا يكون قد حصل فعلاً على حقه ، فلا يكون للانقضاء أثره إلا في الرابطة التي تربطه بالمدين الذي قام به سبب الانقضاء دون غيرها من الروابط التي تربطه بالمدينين المتضامنين الآخرين وهي روابط مستقلة عن الرابطة الأولى . وقد قدمنا هذه الاعتبارات في صدد التضامن بين الدائنين ( أنظر آنفاً فقرة 137 في الهامش ) .
( [101] ) أما في القانون الفرنسي فقد قضت المادة 1294 من التقنين المدني الفرنسي بأنه لا يجوز للمدين المتضامن أن يتمسك بالمقاصة التي وقعت مع مدين متضامن آخر ، حتى ولو بقدر حصة هذا المدين . والفقهاء الفرنسيون الذين يؤيدون هذا الحكم يعللونه بكراهية المشرع لأن يتدخل المدين في شؤون مدين آخر تدخلاً تصل إلى حد تمكينه من الدفع بمقاصة وقعت بين هذا المدين الآخر والدائن ( ديمولومب 26 فقرة 401 – لوران 17 فقرة 339 – بودري وبارد 2 فقرة 1250 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1078 ص 448 – كولان وكابيتان 2 فقرة 700 ص 474 – بلانيول وريبير وبولانيجه 2 فقرة 1870 ص 606 – وأنظر تعليلاً آخر لأوبرى ورو 4 فقرة 298 مكررة ثالثاً هامش 18 ) . ولكن الفقه الفرنسي لا يؤيد كله هذا الحكم ، بل يذهب بعض الفقهاء إلى وجوب استنزال حصة المدين الذي وقعت معه المقاصة عند رجوع الدائن على المدينين الآخرين ( ديرانتون 12 فقرة 429 – فقرة 430 – تولييه 6 فقرة 733 و 7 فقرة 377 – ماركاديه 5 فقرة 839 – لارومبير 3 م 1208 فقرة 5 ) .
( [102] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” تبرأ ذمة من يوفق من المدينين المتضامنين إلى الاحتجاج بالمقاصة على الدائن . ويكون له أن يرجع على باقي المدينين كل بقدر حصته . ولكن إذا عمد الدائن إلى مطالبة هؤلاء المدينين ، فله أن يقتضي كلاً منهم جملة الدين بعد استنزال حصة المدين الذي وقع القصاص معه : أنظر ما بين المادتين 201 / 265 و 113 / 169 من التقنين الحالي ( السابق ) من تناقض ملحوظ ” ( مجمعة الأعمال التحضيرية 3 ص 70 ) .
( [103] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 412 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 300 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 288 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 71 وص 73 ) .
ويقابل النص في التقنين المدني السابق المادة 113 / 169 والمادة 203 / 267 . وتنص المادة 113 / 169 على ما يأتي : ” . . . وإذا اتحدت الذمة بأن اتصف الدائن أو أحد المدينين الضامنين لبعضهم بصفتي دائن ومدين في آن واحد بدين واحد ، جاز لكل من المدينين التمسك بهذا الاتحاد بقدر الحصة التي تخص شريكهم في الدين ” . وتنص المادة 203 / 267 على ما يأتي : ” اتحاد الذمة يبرئ الكفلاء في الدين ، ولا يخلى المدينين المتضامنين إلا بقدر ما يخص من اتحدت فيه الذمة من المدينين ” . والحكم واحد ، كما نرى ، في التقنين القديم والجديد .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 288 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 275 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 325 ( مطابقة ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 35 ونصها ما يأتي : ” إن اجتماع صفتي الدائن والمديون في شخص الدائن أو في شخص أحد المديونين لا يسقط الموجب إلا فيما يختص بحصة هذا المديون ” . وهذا الحكم مطابق لحكم التقنين المدني المصري .
( [104] ) وإذا كانت التركة معسرة إعساراً جزئياً ، فلم يستطع الدائن الوارث أن يحصل منها إلا على خمسين ، فإنه يرجع بالباقي من الدين وهو مائتان وخمسون على أي من المدينين الآخرين ( الأستاذ إسماعيل غانم أحكام الالتزام ص 284 هامش رقم 1 ) .
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد اتحاد الذمة : ” يوجه هذا النص حكم اتحاد الذمة بين الدائن وأحد مدينيه المتضامنين . ويتحقق ذلك إما من طريق خلافة الثاني للأول ، وإما من طريق خلافة الأول للثاني . وفي كلتا الحالتين لا ينقضي الدين إلا بقدر حصة هذا المدين فيه . بيد أن للمدين في الحالة الأولى ، عندما تقوم به صفة الخلافة عن الدائن ، أن يرجع على باقي المدينين بصفتين : فله أن يرجع على كل منهم بقدر حصته بوصفه دائناً له إذ المفروض أنه أصبح خلفاً لهذا الدائن . أما في الحالة الثانية ، حيث تقوم بالدائن صفة الخلافة عن المدين ، فيستبقى الدائن حقه في الرجوع على كل من المدينين المتضامنين بجملة الدين بعد استنزال حصة هذا المدين . ويراعى أن هذه الحالة لا تتحقق في ظل أحكام الشريعة الإسلامية ، حيث يظل للدائن بعد موت مورثه المدين حق الرجوع بالدين كاملاً على التركة وعلى كل من المدينين الآخرين ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 72 ) .
م 289 : ورد هذا النص في المادة 413 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة تحت رقم 301 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ ، تحت رقم 289 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 74 – ص 75 ) .
م 290 : ورد هذا النص في المادة 414 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 302 في المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 290 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 76 ) .
م 291 : ورد هذا النص في المادة 415 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي تضمن العبارة الآتية في الفقرة الثانية من النص : ” على أنه إذا ثبت أن الدائن أراد أن يخلى المدين الذي أبرأه من أية مسئولية عن الدين . . . ” ، فعدلت هذه العبارة في لجنة المراجعة على الوجه الذي استقر في التقنين المدني الجديد ” توخياً لإيراد الحكم في صورته الموضوعية دون أن تختص مسألة الإثبات بالذكر ” . وأصبحت المادة رقمها 303 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 291 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 77 وص 81 ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق النصوص الآتية :
م 114 / 170 : إذا أبرأ الدائن ذمة أحد مدينيه المتضامنين ، ساغ لغيره من المدينين التمسك بذلك بقدر حصة من حصل أبراء ذمته فقط ، ما لم يكن الإبراء عاماً للجميع ثابتاً إذ لا يحكم فيه بالظن .
م 182 / 245 : وإبراء ذمة أحد المدينين المتضامنين يعتبر قاصراً على حصته فقط ، وينقضي الدين بقدرها فقط .
م 183 / 246 : لا يجوز لباقي الشركاء المتضامنين في الدين أن يطالبوا شريكهم الحاصل له الإبراء إلا بقدر حصة الشركاء المعسرين إذا اقتضت الحال ذلك .
وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدني الجديد . ولم يورد التقنين المدني السابق حالة الإبراء من التضامن ، وأوردها التقنين المدني الجديد في المادة 290 كما رأينا . ولكن التقنين الجديد لم يورد في هذا الشأن إلا ما هو متفق مع القواعد العامة ، فحكم الإبراء من التضامن في التقنين القديم متفق مع حكمه في التقنين الجديد : الموجز للمؤلف ص 518 ) .
وتقابل النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري م 289 – 291 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي م 276 – 278 ( مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي م 326 – 328 ( وهي مطابقة ، فيما عدا أن المادة 326 عراقي – وهي المقابلة للمادة 289 مصري – لا تورد في فقرتها الثانية العبارة الأخيرة الواردة في التقنين المصري : ” إلا أن يكون قد احتفظ بحقه في الرجوع عليهم بكل الدين ، وفي هذه الحالة يكون لهم حق الرجوع على المدين الذي صدر الإبراء لصالحه بحصته في الدين ” . وهذه العبارة ليست إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بها في العراق دون نص ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني النصوص الآتية : م 32 – إن إسقاط الدين على أحد المديونين المتضامنين يستفيد منه سائر الموجب عليهم ، إلا إذا كان الدائن قد صرح بأنه لا يريد إسقاط الدين إلا عن ذاك المديون وعلى قدر حصته منه ، فعندئذ لا يستفيد المديونون الآخرون إلا بنسبة حصة المديون المبرأة ذمته ( وفي هذا يختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري ، ففي التقنين المصري ، كما رأيناً ، إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين فلا تبرأ ذمة الباقين إلا إذا صرح الدائن بذلك . أما في التقنين اللبناني فإبراء ذمة أحد المدينين المتضامنين يبرئ ذمة الباقين ، ما لم يصرح الدائن أنه لم يرد إلا إبراء المدين بقدر حصته ) – م 33 : إن الدائن الذي يرضى بتجزئة الدين لمصلحة أحد المديونين يبقى له حق الادعاء على الآخرين بمجموع الدين ، إذا لم يشترط العكس ( هذا النص موافق في الحكم للمادة 290 مصري ) – م 37 : إذا وجد التضامن بين المديونين أمكن كلاً منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً . . . بأن ينال من الدائن إسقاط مجموع الدين ( ولا يختلف الحكم في القانون المصري عن هذا الحكم ) – م 42 : يزول التضامن حين يسقطه الدائن – م 43 : يكون إسقاط التضامن إما عاماً وشاملاً لجميع المديونين ، وإما شخصياً مختصاً بواحد أو بعدة منهم . فإذا شمل الإسقاط جميع المديونين ، يقسم الموجب فيما بينهم كما يقسم الموجب المتقارن . وإذا كان الإسقاط شخصياً مختصاً بواحد أو بعدة من المديونين ، فإن الدائن لا يمكنه أن يطالب الذين أسقط التضامن عنهم إلا بنصيبهم ، وإنما يحق له أن يقاضى سائر المديونين على وجه التضامن بمبلغ الدين كله . وإذا وقع لأحد المديونين الذين لم يشملهم إسقاط التضامن إن أصبح غير ملئ ، فإن سائر المديونين ، وفي جملتهم الذين استفادوا من هاذ الإسقاط ، يتحملون إيفاء ما يجب عليه من الدين ( والمادتان 42 و 43 من التقنين اللبناني توافقان في الحكم المادتين 290 و 291 من التقنين المصري ) .
( [106] ) استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 393 – استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1939 م 51 ص 271 .
( [107] ) نقض مدني 10 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 69 ص 195 – على أنه إذا أفلس أحد المدينين المتضامنين ، وتصالح معه الدائن على جزء من المدين وأبرأه من الباقي ، فللدائن أن يرجع على أي المدينين المتضامنين الآخرين بكل الدين دون أن يستنزل حصة المدين المفلس في الجزء الذي أبرأه منه الدائن . وهذا ما تنص عليه المادة 349 من التقنين التجاري إذ تقول : ” وللمدين مطالبة الشركاء في الدين بتمام دينه ولو حصل الصلح مع الفلس ( أنظر الأستاذ محسن شفيق في الإفلاس فقرة 651 – وأنظر المادة 545 من التقنين التجاري الفرنسي وكولان وكابيتان 2 فقرة 700 ص 474 ) .
( [108] ) وتقدير ما انصرفت إليه نية الدائن في الإبراء مسألة واقع لا معقب على قاضي الموضوع فيها من محكمة النقض . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا اختلف أحد المدينين المتضامنين مع الدائن في مدى الإبراء الصادر منه وفيما إذا أن يتناول الدين برمته فيستفيد منه كلا المدينين أو هو مقصور على المدين الآخر ، وعرضت المحكمة لهذا النزاع وكانت على بينة من كل ما يستند إليه المدين ، ثم خلصت من بحثها وموازنتها بين حجج الطرفين إلى أن هذا الإبراء خاص بأحد المدينين دون الآخر ، وكان ما ذهبت إليه من ذلك سائغاً في تفسير الإقرار وعقد شطب بالاختصاص الصادرين من الدائن ولا يتجافى مع ما هو وارد فيهما ، فلا معقب عليها في ذلك ( نقض مدني 10 يونيه سنة 1943 مجموعة عمر 4 رقم 69 ص 195 ) .
ولما كان الإبراء إسقاطاً فهو لا يفترض ، بل يجب أن يستخلص في وضوح وفي غير إبهام ، وإذا تضمنته ورقة مكتوبة وجب أن تكون ممضاة من الدائن أو من نائب عنه مفوض له في الإبراء ( استئناف مختلط 11 يناير سنة 1906 ص 97 ) .
( [109] ) وقد يكون في محاسبة الدائن لأحد المدينين المتضامنين عن حصته في الدين نزول ضمني عن التضامن بالنسبة إليه ( محكمة مصر الكلية الوطنية 19 يناير سنة 1929 المجموعة الرسمية 31 رقم 115 ص 299 – 3 أكتوبر سنة 1935 المحاماة 17 رقم 156 ص 326 – تعليق الأستاذ سليمان مرقس في مجلة القانوني والاقتصاد 7 ص 659 ) . على أن هذا النزول الضمني لا يستخلص حتماً ، وقد قضت محكمة مصر الكلية الوطنية بأنه إذا طالب أحد المدينين المتضامنين بحصته في الدين وتخالص معه عنها على هذا الوجه ، فليس في ذلك تنازل عن التضامن لمجرد أن المدين قد دفع حصته في الدين ، إذ أنه يبقى مع ذلك التزامه بصفته وكيلاً عن باقي المدينين من مالهم ( 30 مارس سنة 1936 المحاماة 16 رقم 446 ص 968 ) .
( [110] ) قارن في تعيين حصة المدين المبرأ من التضامن بالنسبة إلى الدائن الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 236 – ص 237 .
( [111] ) أنظر في اضطراب نصوص التقنين المدني الفرنسي في هذه المسألة وتضارب آراء الفقهاء الفرنسيين في تفسير المادة 1210 من هذا التقنين بودرى وبارد 2 فقرة 1279 – فقرة 1282 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1078 ص 447 وفقرة 1095 .
( [112] ) وإذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، وعندما أراد الرجوع على باقي المدينين وجدهم جميعاً معسرين ، فإنه يستطيع الرجوع على المدين الذي أبرأه من التضامن بكل الدين ، فإن هذا المدين بعد إبرائه من التضامن يلتزم بدفع حصته من الدين ، ثم يلتزم بدفع الباقي على أساس أنه يتحمل حصص المعسرين ( ديمولومب 26 فقرة 440 – كولميه دي سانتير 5 فقرة 150 مكررة ثالثاً – بودري وبارد 2 فقرة 1263 ) .
( [113] ) أنظر في اختلاف الآراء في الفقه الفرنسي في هذه المسألة لعدم وضوح نص المادة 1215 من التقنين المدني الفرنسي بودرى وبارد 2 فقرة 1262 – فقرة 1265 .
وأنظر في المادتين 1211 و 1212 من التقنين المدني الفرنسي وهما يضعان قرائن قانونية على وقوع الإبراء من الدائن بودرى وبارد 2 فقرة 1283 – فقرة 1288 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1097 – ولا محل لتطبيق هذه القرائن القانونية في مصر ، فإن القرينة لا بد فيها من نص ولم يورد التقنين المدني المصري هذه النصوص فالقرينة على الإبراء في القانون المصري لا تكون إلا قضائية ( قارن المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 78 – ص 79 ) .
( [114] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد الإبراء ما يأتي : ” إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين ، استتبع ذلك براءة ذمة من الدين ، أما الباقون فلا تبرأ ذمتهم إلا إذا أعلن الدائن ذلك . فإن لم يفعل ، بقى كل منهم ملزماً بأداء الدين بأسره بعد استنزال حصة من أبرئ . بيد أن للدائن أن يرجع رغم ذلك على كل من المدينين المتضامنين بكل الدين إذا احتفظ لنفسه بهذا الحق ، ويكون لمن يقوم بالوفاء عن هؤلاء المدينين في هذه الحالة حق الرجوع على من أبرئ بحصته في الدين . ويستخلص مما تقدم أن ثمة قرينتين : ( الأولى ) قرينة انصراف إرادة الدائن إلى عدم إبراء سائر المدينين ، ما لم يعلن خلاف ذلك . ( والثانية ) قرينة انصراف إرادة الدائن إلى إبراء ذمتهم من حصة المدين الذي صدر الإبراء لصالحه ، ما لم يحتفظ لنفسه بحق الرجوع بجملة الدين . أما إذا اقتصر الدائن على إبراء أحد المدينين المتضامنين من التضامن ، فلا ينهض هذا الإبراء قرينة على أن نيته قد انصرفت إلى إبراء ذمة الباقين من حصة من أبرئ . وعلى ذلك يكون للدائن أن يرجع على كل من هؤلاء المدينين بجملة الدين ، ما لم يصرح أنه أبرأ ذمتهم من حصة من صدر الإبراء لصالح÷ . ولا يجوز له في أي حال أن يرجع على من أبرئ من التضامن إلا بقدر حصته في الدين… ويستخلص مما تقدم أ ، الدائن إذا أبرأ أحد المدينين المتضامنين من الدين أو من التضامن ، فله أ ، يرجع على كل من الباقين بكل الدين ، بعد استنزال حصة من أبرئ أو دون استنزال هذه الحصة ، ولا يكون لمن يقوم بالوفاء من المدينين بجملة الدين بعد استنزال حصة المدين الذي أبرأه الدائن أن يرجع بشيء على هذا المدين ولكن يثبت له حق الرجوع عليه بصحته لو أنه قام بالوفاء بجملة الدين دون أن يستنزل تلك الحصة . فلو فرض مثلاً أن مدينين أربعة التزموا على وجه التضامن بالوفاء بدين قدره 1200 جنيه ، وأن دائنهم أبرأ أحدهم من الدين أو من التضامن ، فلهذا الدائن أن يرجع على كل من الثالثة الباقين بمبلغ 900 جنيه أو بمبلغ 1200 جنيه على حسب الأحوال . فإذا اقتصر أحد هؤلاء الثالثة على الوفاء بمبلغ 900 جنيه ، فليس له الرجوع بشيء على من أبرئ . أما إذا أدى مبلغ 1200 جنيه ، فله أن يرجع عليه بمبلغ 300 جنيه . وله أن يرجع ، في كلتا الحالتين ، على كل من المدينين الآخرين بمبلغ 300 جنيه . ولو فرض أن أحد هذين المدينين معسر لا مال له ، فلا يكون لمن قام بالوفاء إلا أن يرجع على المدين الموسر ، وفي هذه الحالة يتحمل من أبرئ من المدينين ، سواء ألزم بأداء مبلغ 300 جنيه أم برئت ذمته براءة تامة ، نصيبه في تبعة هذا الإعسار ، فيؤدي فضلاً عن حصته في الدين ( مبلغ 300 جنيه ) مبلغ 100 جنيه عند الاقتضاء وهو نصيبه في حصة المعسر . على أن هذا الحكم لا يعدو أن يكون مجرد تفسير لنية المتعاقدين ، فهو يقوم على قرينة يجوز نقض دلالتها بإثبات العكس . فإذا أثبت من أبرئ من المدينين أن إرادة الدائن قد انصرفت إلى إبرائه من كل مسئوليته عن الدين ، تحمل الدائن نصيب هذا المدين في تبعة إعسار من يعسر من المدينين المتضامنين : وهو مبلغ 100 جنيه في الفرض الذي تقدمت الإشارة إليه ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 78 – ص 80 ) .
( [115] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الأولى من المادة 416 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” إذا انقضى الدين بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين بسبب التقادم ، لا يستفيد من ذلك باقي المدينين . على أنه إذا أجبر أحد المدينين على وفاء الدين ، كان له حق الروع على الباقين ، حتى من انقضى التزامه بالتقادم ” . وفي لجنة المراجعة عدل النص تعديلاً جعل حكمه متفقاً مع الأحكام الأخرى الخاصة بأسباب انقضاء الالتزام ، وأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 304 / 1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 292 / 1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 82 وص 84 – ص 85 ) .
ولم يرد هذا النص مقابل في التقنين المدني السابق ، ولكنه لما لم يكن إلا تقريراً للمبدأ العام الذي أخذ به هذا التقنين ، فقد كان يمكن العمل به في عهده ، وكانت المادة 207 / 271 من التقنين المدني السابق تنص على ما يأتي : ” إذا ترك أحد المدينين المتضامنين أو المدين الأصلي حقه في التمسك بمضي المدة الموجب لتخلصه من المدين ، فلا يضر ذلك بباقي المدينين المتضامنين وبالكفيل الذي تخلصوا من التزاماتهم بمضي المدة ” . وهذا الحكم ، كما سنرى ، يمكن الأخذ به في عهد التقنين المدني الجديد ، فهو موافق للمبدأ العام المقرر في هذا التقنين .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 292 / 1 ( وهي مطابقة ) – وفي التقنين المدني الليبي المادة 279 / 1 ( وهي مطابقة ) – وفي التقنين المدني العراقي المادة 329 / 1 ونصها كالآتي : ” إذا كانت دعوى الدين بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين لا يجوز سماعها بسبب التقادم ، استفاد من ذلك باقي المدينين بقدر حصة المدين الذي لا يجوز سماع الدعوى ضده ” ( وحكم هذا النص موافق لحكم التقنين المصري ) – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 347 ونصها كالآتي : ” يحق لكل مديون متضامن وللكفيل الإدلاء بمرور الزمن تجاه الدائن ، كما يحق لدائن آخر للمديون أن يدلى به على الطريقة غير المباشرة ” ( ولم يبين النص في وضوح الحكم فيما إذا تمسك أحد المدينين المتضامنين بالتقادم الذي تم لمصلحة مدين آخر . ولكن يظهر من نص المادة 361 – وتنص على ” أن حكم مرور الزمن لا يقتصر على إسقاط حق الدائن في إقامة الدعوى ، بل يسقط أيضاً الموجب نفسه ، فلا يمكن بعد ذلك الاستفادة منه بوجه من الوجوه ، لا بإقامة دعوى ولا بتقديم دفع ” – أن التقادم يبرئ ذمة باقي المدينين المتضامنين ، وإن كان الأمر غير واضح وضوحاً كافياً . فإن صح هذا التفسير ، فإن التقنين اللبناني يختلف حكمه في هذه المسألة عن حكم التقنين المصري ) .
( [116] ) أما في القانون الفرنسي فمن الفقهاء من يذهب إلى هذا الرأي ( كولميه دي سانتير 5 فقرة 142 مكررة خامساً – لوران 17 فقرة 335 ) ، ومنهم من يذهب إلى أن المدين المتضامن يحتج بالتقادم الذي اكتمل بالنسبة إلى مدين غيره ، لا بقدر حصة هذا المدين فحسب ، بل بكل الدين ، فتبرأ ذمة المدينين جميعاً إذا اكتمل التقادم بالنسبة إلى أحدهم ولو لم يتكامل بالنسبة إلى الآخرين ( ديمولومب 26 فقرة 413 – فقرة 414 – بودري وبارد 2 فقرة 1252 – فقرة 1253 ) .
ويجب التمسك بالتقادم ، إما من المدين الذي انقضى دينه به ، وإما من مدين آخر إذا بدأ الدائن بالرجوع عليه قبل الأول ( الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 239 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 202 ص 287 ) . وإذا انقضى الدين بالتقادم بالنسبة إلى الجميع ، ثم لم يتمسك أحدهم به أو نزل عنه ، فسنرى ( أنظر ما يلي فقرة 196 ) أن ذلك لا يضر بالآخرين ( أنظر أيضاً المادة 207 / 271 من التقنين المدني السابق – وأنظر الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 239 ) . كذلك إذا اكتمل التقادم لأحد المدينين ، ورجع الدائن على مدين غيره فلم يتمسك هذا بالتقادم ليستنزل حصة المدين الذي تقادم دينه ، بل دفع الدين كله ، فليس له أن يرجع على المدين الذي تقادم دينه بحصته في الدين ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 287 هامش رقم 2 ) .
( [117] ) أما في فرنسا فالنيابة التبادلية ما بين المدينين المتضامنين كانت معروفة منذ عهد القانون الفرنسي القديم ، قال بها ديمولان وبوتييه من بعده ، ثم تبعهما في ذلك فقهاء القانون الفرنسي الحديث . والنيابة التبادلية ، كما هي مفهومة في فرنسا في العصر الحاضر ، وكما كانت مفهومة في مصر في عهد التقنين المدني السابق تبعاً للفقه الفرنسي ، تقضي بأن كل مدين يمثل سائر المدينين المتضامنين فيما يحفظ الالتزام ، وفيما يستبقيه ، لا فيما يزيد من عبثه ( ad conservandam vel perpetuandum, non ad augendam ) . ومن ثم يكون إعذار أحد المدينين المتضامنين إعذاراً للباقين ، وتكون مطالبته القضائية مطالبة للباقين ، ويكون قطع التقادم بالنسبة إليه قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الباقين ، ويكون الحكم عليه حكماً على الباقين ، وفي هذا كله مثل المدين المتضامن سائر المدينين فيما يضر وإن كان لا يزيد من عبء الالتزام . على أن من يراجع نصوص التقنين المدني الفرنسي في التضامن ، وتضارب آراء الفقهاء في تفسيرها ، يدرك أن هذه النصوص لم تنتظمها وحدة دقيقة من منطق منسجم . أنظر في هذا المعنى بودرى وبارد 2 فقرة 1213 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1083 ص 454 – ص 455 . وقد التزم التقنين المدني المصري الجديد في نصوصه التي أوردها في هاذ الموضوع الهام ، كما سنرى ، هذه الوحدة الدقيقة ، ولم يحد عنها في أي نص ، إذ جعل النيابة التبادلية تقوم في جميع الأحوال فيما ينفع سائر المدينين المتضامنين لا فيما يضرهم ، فتمحضت هذه النيابة لمصلحة المدينين .
ويذهب دي باج إلى أن فكرة النيابة التبادلية في القانوني الفرنسي تهدف إلى غرض عملي محض ، هو تقوية التضامن وجعله ينتج أبعد الآثار لمصلحة الدائن ، فيستطيع هذا بإجراء يتخذه قبل مدين واحد أن يحدث الآثار التي تنتج فيما لو اتخذ هذا الإجراء قبل جميع المدينين ( دي باج 3 فقرة 358 ) ص 327 ) . وإذا أخذنا بهذا الرأي ، تبين أن فكرة النيابة التبادلية في فرنسا إنما هي لتقوية ضمان الدائن ، أما في مصر فقد أصبحت في عهد التقنين المدني الجديد متمحضة لمصلحة المدينين ( أنظر الأستاذ غانم إسماعيل في أحكام الالتزام فقرة 203 ص 290 ) .
ويستعرض بودرى وبارد التقنينات الأجنبية المختلفة ، فيما يتعلق بآثار التضامن ، ليقارن فيما بينها . فبعضها يسير على غرار التقنين الفرنسي ، كما هي الحال في التقنين البرتغالي وفي التقنين الشيلي وفي التقنين المصري السابق . وبعضها يوسع في آثار التضامن ويزيد فيها على التقنين الفرنسي ، كما فعل التقنين الأسباني إذ جعل سائر المدينين المتضامنين مسئولين عن خطأ أحدهم ، وكما فعل التقنين الأرجنتيني إذ جعل اتحاد الذمة يقضي الدين كله بالنسبة إلى جميع المدينين ، وكما فعل التقنين الإيطالي السابق إذ جعل كل مدين يحتج بقدر حصته في الدين بالمقاصة التي وقعت لأحد منهم . وبعضها يضيق من آثار التضامن ، وقد فعل ذلك بنوع خاص التقنين الألماني ففي هذا التقنين لا أثر للتضامن إلا فيما يتعلق بالوفاء والوفاء بمقابل والمقاصة ، أما الإعذار والخطأ واستحالة التنفيذ والتقادم وقطعه ووقفه واتحاد الذمة والحكم فلا أثر للتضامن فيها . فالتقنين الألماني يستبعد فكرة النيابة التبادلية ويضيق كثيراً من الآثار الأخرى للتضامن ، ولكنه من جهة أخرى يوسع من حالاته : فالتضامن يفترض في العقد ، والورثة متضامنون في تنفيذ التزامات المورث . ويتضح من ذلك ألا محل في التقنين الألماني للتمييز بين التضامن الكامل والتضامن الناقص ، ما دامت فكرة النيابة التبادلية ، وهي التي تميز بين النوعين ، قد استبعدت والتقنين السويسري يقرر أن المدين المتضامن لا يستطيع بعمله أن يسوئ مركز المدينين الآخرين ، فمطالبة أحد المدينين بالفوائد لا يجعلها تسري في حق الآخرين ، ولكن قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدنين يقطعه بالنسبة إلى الباقين لتوقي مضاعفة مصروفات قطع التقادم . ويوسع التقنين السويسري هو أيضاً من حالات التضامن ، فالوكلاء وحافظوا الوديعة متضامنون إذا تعددوا ، ولكنه لا يفترض التضامن في العقد بوجه عام ( أنظر في كل ذلك بودرى وبارد 2 فقرة 1307 فقرة 1311 – وأنظر في المقارنة بين التقنين الفرنسي والتقنين الألماني بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1088 ) .
( [118] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 83 .
( [119] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في الفقرة الثانية للمادة 416 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 304 / 2 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النوا بن فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 292 / 2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 82 و ص 84 ص 85 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 110 / 116 ، ونصها ما يأتى : ” مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين ” .
وقد كتبنا فى الموجز فى عهد التقنين المدنى السابق فى هذا الصدد ما يأتى : ” والفكرة الأخرى الجوهرية فى علاقة المدينين المتضامنين بعضهم بالبعض الآخر هى النيابة التبادلية . فكل مدين نائب عن بقية المدينين فيما لا يزيد من عبء الالتزام . والى هذا تشير المادتان 111 / 167 : لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزام به باقى المدينين فإذا كان الدين غير قابل للتحويل ، وقبل تحويله أحد المدينين المتضامنين ، فلا يسرى هذا القبول على المدينين الآخرين ، إذ لا نيابة فيما يزيد عبء الالتزام . كذلك إذا قبل أحد المدينين المتضامنين أن يدفع فوائد لم يكن ملزما بدفعها ، أو أن يزيد فى الفوائد التى التزم بدفعها ، فإن هذه الزيادة فى عبء الدين لا تسرى فى حق المدينين الآخرين . أما فى حدود الالتزام ، فكل مدين نائب عن المدينين الآخرين ، وتترتب على هذه النيابة التبادلية النتائج الآتية : ( 1 ) إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامنين يعتبر إعذارا للباقين ، وتتولد آثار اعذار بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين ، بما فى ذلك التعويض عن التأخر وضمان الهلاك . ( 2 ) مطالبة الدائن لأحد المدينين المتضامنين مطالبة قضائية تعتبر مطالبة للباقى ، وتتولد آثار المطالبة القضائية بالنسبة لجميع المدينين المتضامنين ، بما فى ذلك قطع سريان التقادم واستحقاق الفوائد . والى هاتين النتيجتين تشير المادتان 110 / 116 : مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين .
يسريان على باقى المدينين ( 3 ) الحكم على أحد المدينين المتضامنين حكم على الباقى ، ألا إذا ثبت أن المدين المحكوم عليه متواطئ مع الدائن أو أنه أهمل فى الدفاع عن حقه أو ثبت أن أحد المدينين غير المحكوم عليهم عنده دفوع خاصة به . ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، استفاد منه الباقى ، وقد رأينا تطبيق هذا المبدأ فى تضامن الدائنين . فالقاعدة إذن أن المدين المتضامن أو الدائن المتضامن يمثل شركاءه المتضامنين معه فى الدعوى التى يدخل طرفا فيها ، فإذا حكم له أو عليه تعدى أثر هذا الحكم إلى شركائه بفضل هذه النيابة التبادلية . إلا أن هؤلاء الشركاء يستطيعون أن يدفعوا عنهم أثر حكم لم يصدر لصالحهم ، إذا أثبتوا أن شريكهم الذى دخل طرفا فى الدعوى قد تواطأ مع من صدر الحكم لمصلحته ، أو أنه أهمل فى الدفاع عن حقه ، ويستطيع أحد الشركاء كذلك أن يدفع عنه أثرا الحكم إذا ثبت أن عنده دفوعا خاصة به من شأنها أن تحول الحكم لمصلحته . ومعنى أن الحكم على أحد المدينين المتضامنين أوله حكم على الباقى أو لهم أن هذا الحكم يكون حجة عليهم أولهم ، وليس معناه أن المدين المتضامن الذى لم يكن طرفا فى الدعوى ينفذ عليه أو ينفذ بمقتضى هذا الحكم . وإذا صدر الحكم لصالح الدائن فى مواجهة جميع المدينين المتضامنين فإن المعارضة أو الاستئناف أو النقض الذى يرفعه أحد هؤلاء المدينين يفيد الباقين حتى لو لم يطعنوا فى الحكم بأنفسهم ” ( الموجز للمؤلف فقرة 510 ) – أنظر أيضا المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 83 .
ويتبين مما قدمناه أن التقنين المدنى السابق كان يتضمن مبدأ يقضى بالنيابة التبادلية ما بين المدينين المتضامنين والدائنين المتضامين لا فيما ينفع فحسب ، بل أيضا فيما يضر ، إلا إذا كان فى ذلك زيادة فى عبء الدين كأن تزيد فوائده أو أن يصبح قابلا للتحويل ( استئناف أهلى 17 مارس سنة 1915 الشرائع 2 ص 218 – استئناف مصر 31 مارس سنة 1943 المجموعة الرسمية 43 رقم 221 ) . أما ما ينتج من الآثار من الإعذار والمطالبة القضائية ، كاستحقاق التعويض وتحمل تبعة الهلاك وسريان الفوائد وقطع التقادم ، فهذا كله لا يعتبر زيادة فى عبء الدين ، إذ هو من النتائج الطبيعية الدين ذاته ، وهو وإن كان ضاراً بالمدينين المتضامنين الآخرين إلا أنه يسرى فى حقهم بمقتضى هذه النيابة التبادلية فيما ينفع وفيما يضر إلا ما يزيد فى عبء الدين . وقد جارى التقنين المدنى السابق فى كل هذه الفقه الفرنسى ، كما بينا فيما تقدم .
ويتضح من ذلك أن الآثار الثانوية للتضامن – وهى التى نحن بصددها – يختلف فيها التقنين السابق عن التقنين الجديد . ففى التقنين السابق ، قطع التقادم ووقفه فى حق أحد المدينين المتضامين يكون قطعاً للتقادم ووقفاً له فى حق الآخرين ، وإعذار أحد المدينين المتضامنين أو مطالبته مطالبة قضائية يسرى فى حق المدينين الآخرين ، وكذلك يحتج بالحكم الصادر فى مواجهة أحد المدينين المتضامنين وبالإجراءات الصحيحة المتخذة قبله على الباقين ( استئناف مصر 15 يونيه سنة 1931 المحاماة 12 رقم 258 ص 524 – الجيزة 4 يناير سنة 1939 .
المجموعة الرسمية 41 رقم 176 – استئناف مختلط 26 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 33 – أبريل سنة 1911 م 23 ص 249 – 10 نوفمبر سنة 1919 جازيت 10 رقم 85 ص 88 –27 أبريل سنة 1922 جازيت 12 رقم 193 ص 335 – 17 نوفمبر سنة 1932 م 45 ص 29 – 16 مارس سنة 1937 م 49 ص 146 – 4 مايو سنة 1938 م 50 ص 278 . ولكن انظر عكس ذلك : استئناف مصر 20 ديسمبر سنة 1939 المحاماة 20 رقم 491 ص 1162 – استئناف أسيوط 10 ديسمبر سنة 1942 المجموعة الرسمية 43 رقم 113 ) .
وفيما استحدثه التقنين الجديد من أحكام فى هذا الشأن لا يسرى هذا التقنين بأثر رجعى ، فتبقى أحكام التقنين السابق سارية على الالتزامات التضامنية التى نشأت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، ولو صدر الإعذار أو وقعت المطالبة القضائية أو قطع التقادم أو صدر الحكم بعد هذا التاريخ ، إذ العبرة بتاريخ نشوء الالتزام التضامنى ، فهو ينشأ خاضعاً للنظام القانونى الذى كان ساريا وقت نشوئه .
ويقابل نص المادة 292 / 2 من التقنين المدنى المصرى الجديد فى التقنينات المدنية العربية الأخرى .
وفى التقنين المدنى السورى المادة 292 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 279 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى العراقى المادة 329 / 2 ( وهى مطابقة ) .
وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 36 / 2 و 3 ، وتجريان على الوجه الآتى :
إن الأسباب التى توقف حكم مرور الزمن يمكن إبقاؤها شخصية ومختصة بأحد الدائنين . ولكن الأسباب التى تقطع مرور الزمن بالنظر إلى أحد المديونين المتضامنين تقطعه أيضا بالنظر إلى الآخرين – ويختلف التقنين اللبنانى ، كما نرى ، فى طقع التقادم عن التقنين المصرى . ففى التقنين اللبنانى – كما كان الأمر فى التقنين المصرى السابق وكما هو الأمر الآن فى التقنين الفرنسى – قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين يقطعه بالنسبة إلى الباقين .
( [120] ) أما فى فرنسا فقطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين يكون قطعاً للتقادم بالنسبة إلى الباقين ( المادة 1206 من التقنين المدنى الفرنسى وانظر بودرى وبارد 2 فقرة 1214 – فقرة 1221 ) . ولكن وقف التقادم بالنسبة إلى أحدهم لا يكون وقفا له بالنسبة إلى الباقين ( أنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1222 – فقرة 1223 ) .
( [121] ) أنظر آنفافا فقرة 144 .
( [122] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [123] ) وإذا كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامين لا يكون قطعاً له بالنسبة إلى الآخرين ، فمن باب أولى لا يكون قطع التقادم بالنسبة إلى الكفيل ولو كان متضامناً مع المدين الأصلى قطعا للتقادم بالنسبة إلى المدين الأصلى . وهذا الحكم صحيح حتى فى عهد التقنين المدنى السابق حيث كان قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامنين قطعاً له بالنسبة إلى الباقى ، وذلك لأن التزام الكفيل – ولو كان متضمناً – التزام تبعى ، فلا يستلزم قطع التقادم بالنسبة إليه قطعه بالنسبة إلى المدين الأصلى . وقد قضت محكمة النقض بأن حكم المادة 110 من القانون المدنى ( السابق ) يسرى فيما بين المدينين المتضامين بعضهم وبعض وفيما بين الكفلاء المتضامنين بعضهم وبعض ، لافيما بين المدين وكفيله المتضامن معه ( نقض مدنى 17 يناير سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 24 ص 50 ) . وقضت أيضا فى هذا المعنى بأن ما ورد فى المادة 110 من القانون المدنى ( السابق ) من أن ” مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى بالدين يسريان على باقى المدينين ” هو استثناء من الأصل الذى من مقتضاه أن انقطاع التقادم المترتب على المطالبة الرسمية بالدين لا يتعدى أثره من وجه إليه الطلب ، فلا يجوز أن يسوى فى حكمه عن طريق القياس بين الكفيل المتضامن ، لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يصيره مديناً أصلياً ، بل يبقى التزامه تبعياُ ، وينبنى على كون التزام الكفيل تابعا لالتزام المدين أن ينقضى حتما بانقضائه ولو كان التقادم قد انقطع بالنسبة إلى الكفيل ، ولا فرق فى هذا بين الكفيل المتضامن والكفيل غير المتضامن . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الدعوى رفعت على الضامن المتضامن وعلى أن رفع الدعوى على الضامن المتضامن يقطع التقادم بالنسبة إليه والى المدينين على السواء ، كان هذا خطأ فى تطبيق القانون ( نقض مدنى 24 أبريل سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 163 ص 919 ) . أنظر عكس ذلك : بنى سويف 30 يونيه سنة 1929 المحاماة 9 رقم 605 ص 1115 .
( [124] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى صدر المادة 417 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة ، وذكر فى هذه اللجنة أن المقصود بكلمة ” فعله ” هو كل فعل يعزى إلى أحد المدينين ويسأل عنه هو نفسه دون الآخرين ، متى كان من شأنه زيادة الدين ، تمشيا مع فكرة اقتصار نيابة المدينين على بعضهم فيما ينفع لا فيما يضر . واصبحت المادة رقمها 305 فى المشروع النهائى . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 293 الفقرة الأولى ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 و ص 87 – 88 ) .
ولا مقابل لهذا النص فى التقنين المدنى السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به تطبيقا للمبدأ القاضى بألا نيابة فيما يزيد من عبء الالتزام .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
فى التقنين المدنى السورى المادة 293 / 1 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 280 / 1 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 38 ، وتجرى على الوجه الآتى : إن كلا من المديونين المتضامين مسئول عن عمله فقط فى تنفيذ الموجب ، والإنذار الموجه على أحدهم لا يسرى مفعوله على الآخرين – وهذا النص مطابق فى الحكم لنص التقنين المصرى .
( [125] ) ويلاحظ أن حكم التقنين المدنى الفرنسى فى هذه المسألة منتقد ، لأن البائع لا يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم – كما يتحمل البائع هذه التبعة فى مصر – فكان الواجب ألا يكون البائع الذى لم يصدر من جانبه خطأ مسئولا حتى عن رد الثمن . أما فى مصر ، فهو مسئول عن رد الثمن ، بمقتضى تحمله لتبعة هلاك المبيع . فنص المادة 1205 من التقنين المدنى الفرنسى هو إذن أكثر انطباقاً على حالة القانون فى مصر منه على حالة القانون فى فرنسا ( أنظر آنفا فقرة 189 فى الهامش ) .
( [126] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 .
( [127] ) وإذا كان المدين الثالث يرد الثمن إلى المشترى ، فإن ذلك لا يرجع إلى أنه ملزم نحو الدائن بدفع قيمة الشىء دون التعويض – كما ذهب الأستاذ عبد الحى حجازى ( 1 ص 240 – ص 241 ) وإنما يرجع كما قدمنا إلى أنه بائع يتحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ، أى يرجع إلى قاعدة قانونية أخرى لا علاقة لها بقواعد التضامن ( قارن الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام ص 291 هامش رقم 1 – وأنظر آنفاً فقرة 189 فى الهامش فيما يتعلق باستحالة التنفيذ ) – ولكن إذا قدر التعويض فى صورة شرط جزائى ، كان المدينون المتضامنون كلهم مسئولين عن هذا الشرط الجزائى ، فقد التزموا به جميعاً متضامنين عن طريق التعاقد ، فهو والمحل الأصلى للالتزام فى ذلك سواء ( أنظر فى هذا المعنى بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1084 ص 457 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 833 ص 618 )
( [128] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 417 من المشروع التمهيدى فى عجزها على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 305 فى المشروع النهائى ، بعد أن جعل النص فقرتين . ثم وافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 293 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 86 و ص 87 – ص 88 )
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 110 / 166 ، وهذا نصها : ” مطالبة أحد المدينين المتضامنين مطالبة رسمية وإقامة الدعوى عليه بالدين يسريان على باقى المدينين ” . وقد قدمنا أن التقنين المدنى السابق يختلف عن التقنين المدنى الجديد فى آثار الأعذار والمطالبة القضائية فى حق أحد المدينين المتضامنين ، فإنها فى التقنين السابق تتعدى إلى سائر المدينين وقد سبق تفصيل القول فى ذلك ( أنظر آنفا فقرة 196 فى الهامش ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 293 / 2 وهى مطابقة – وفى التقنين المدنى الليبى 280 / 2 وهى مطابقة – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 330 ( فى عجزها ) وهى مطابقة – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادتين 30 و 38 . وتنص المادة 30 من هذا التقنين على ” أن تأخر الدائن ( إعذاره ) بالنظر إلى أحد الموجب عليهم يستفيد من نتائجه الآخرون ” . وتنص المادة 38 منه على ” أن كلا من المديونين المتضامنين مسئول عن عمله فقط فى تنفيذ الموجب . والإنذار ( الأعذار ) الموجه على أحدهم لا يسرى مفعوله على الآخرين ” . ويلاحظ أن التقنين اللبنانى يتفق مع التقنين المصرى فيما يتعلق بالأعذار ، ففى التقنين إعذار الدائن لأحد المدينين المتضامين لا أثر له بالنسبة إلى الباقى ، أما أعذار أحد المدينين المتضامين للدائن فإنه يفيد الباقى . ولكن التقنين اللبنانى لم يذكر حكم المطالبة القضائية الموجهة من الدائن إلى أحد المدينين المتضامنين ، وهل تقتصر آثارها على هذا المدين فلا تتعدى إلى باقى المدينين . ولما كان التقنين اللبنانى لا يطبق تطبيقا مضطرداً مبدأ النيابة التبادلية فيما ينفع لا فيما يضر ، فحكم هذه المسألة فيه يقتضى اجتهادا وإمعانا فى النظر ، لا سيما أن من آثار المطالبة القضائية قطع التقادم ، وقد صرح التقنين اللبنانى كما رأينا ( م 36 / 3 ) بأن قطع التقادم بالنسبة إلى أحد المدينين المتضامين يقطع التقادم بالنسبة إلى الباقين ، وهذا الحكم يتعارض مع المبدأ القاضى بأن المدين المتضامن لا يمثل باقى المدينين فيما يضر .
( [129] ) أنظر آنفا فقرة 145 .
( [130] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [131] ) أما فى القانون الفرنسى ، فمطالبة الدائن لأحد المدينين المتضامين تجعل الفوائد تسرى فى حق الآخرين ( م 1207 من التقنين المدنى الفرنسى وأنظر بودرى وبارد 2 فقرة 1227 – فقرة 1230 ) . ويعلل الفقهاء الفرنسيون المعاصرون هذا الحكم بأن المدين الذى طالبه الدائن لو أنه وفى الدين فى الحال ، لرجع على باقى المدينين بالفوائد ، ويستوى لدى هؤلاء المدينين أن يدفعوا الفوائد للدائن أو أن يدفعوها للمدين الذى وفى الدين . ويقول بلانيول وريبير وجابولد أن التعليل الحاذق لم يفكر فيه واضعو التقنين المدنى الفرنسى ، وكل ما قصدوا إليه عندما قرروا هذا الحكم هو أن يزيدوا للدائن من مزايا التضامن ، فيستطيع بمطالبة مدين واحد من المدينين المتضامنين أن يصل إلى نفس النتائج التى كان يصل إليه بمطالبتهم جميعاً ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1085 ص 458 ) .
( [132] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 87 .
( [133] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 418 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 306 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 294
( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 89 – ص 90 ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 1 11 / 167 ونصها ما يأتى : لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزم به باقى المدينين – وهذا النص يمكن أن يستخلص منه أن الصلح الذى يزيد فى الالتزام التضامنى لا يسرى فى حق الباقين ، وهو ما يتفق مع حكم المادة 294 من التقنين المدنى الجديد .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى :
وفى التقنين المدنى السورى المادة 294 ( وهى مطابقة ) .
وفى التقنين المدنى الليبى المادة 281 ( وهى مطابقة ) .
وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 34 ، وتجرى على الوجه الآتى : إن الصلح الذى يعدق بين الدائن وأحد الموجب عليهم يستفيد منه الآخرون إذا كان يتضمن إسقاط الدين أو صيغة أخرى للإبراء ، وهو لا يلزمهم ولا يحرج موقفهم إذا كانوا لم يرضوا به – وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المدنى المصرى .
( [134] ) استئناف مختلط 28 مايو سنة 1885 المجموعة الرسمية للمحاكم المختلطة 10 ص 38 – على أنه لا يجوز أن يتمسك المدينون المتضامنون الآخرون بالجزء الذى يفيدهم فى الصلح وينبذوا الجزء الذى يضرهم ، فما دام الصلح فى مجموعه يفيدهم وتمسكوا به وجب أن يتحملوه كله إذ هو لا يقبل التجزئة ( الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 207 ص 294 ) .
( [135] ) أنظر آنفاً فقرة 144 .
( [136] ) انظر آنفا فقرة 145 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 89 .
( [137] ) وفى القانون الفرنسى انقسمت الآراء ، فمن الفقهاء من يذهب مذهب التقنين المصرى ( لارومبيير 3 م 1208 فقرة 11 ديمولومب 26 فقرة 417 ) ، ومنهم من يذهب إلى أن الصلح لا يجوز أن يتمسك به المدينون الآخرون ، ضاراً كان أو نافعاً ( أنظر المادة 2051 مدنى فرنسى – بودرى وبارد 2 فقرة 1254 مكررة بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1087 ) .
( [138] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 419 / 1 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 307 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 295 / 1 مجموعة الأعمال التحضيرية 30 ص 91 – ص 92 ) .
ويقابل هذا النص المادة 1 11 / 167 من التقنين المدنى السابق وقد سبق ذكرها ، وهى تقضى بأنه لا يجوز لأحد المدينين المتضامنين أن ينفرد بفعل ما يوجب الزيادة على ما التزم به باقى المدينين . ولما كان الإقرار حجة قاصرة على المقر ، فإن أثره لا يتعدى المدين المقر إلى غيره من المدينين ، حتى فى عهد التقنين المدنى السابق .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 295 / 1 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 282 / 1 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 332 / 1 ( وهى مطابقة ) – ولا مقابل فى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى ، ولكن الحكم الوارد فى التقنين المصرى ليس إلا تطبيقا للقواعد العامة فى الإقرار ، فيمكن الأخذ به فى لبنان دون نص .
( [139] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [140] ) وهذا ما لم يكن إقرار الدائن متعلقاً بشىء خاص بالمدين دون غيره ، فلا يتعدى أثر الإقرار فى هذه الحالة إلى غير هذا المدين .
( [141] ) أنظر آنفا فقرة 144 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 91 .
( [142] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 419 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، فيما عدا الفقرة الثالثة فقد كان نصها فى المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” أما إذا حلف المدين المتضامن اليمين ، فإن المدينين الآخرين يستفيدون من ذلك إذا انصبت اليمين على المديونية لا على التضامن ” . وفى لجنة المراجعة عدلت هذه الفقرة على الوجه الذى استقرت عليه فى التقنين المدنى الجديد ليكون معناها أدق ، وأصبحت المادة رقمها 307 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 295 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 91 – ص 92 ) .
ويقول الأستاذ إسماعيل غانم فى صدد التعديل الذى أجرته لجنة المراجعة ما يأتى : ” يلاحظ أن المادة 419 / 3 من المشروع التمهيدى ، وهى تقابل المادة 295 من التقنين ، كانت تنص على أن المدينين الآخرين يستفيدون من حلف المدين المتضامن اليمين إذا انصبت اليمين على المديونية لا على التضامن : أنظر أيضا 365 / 1 مدنى فرنسى . وقد عدل هذا النص فى لجنة المراجعة فحذفت العبارة الأخيرة ، وقد وصف تعديل المادة على هذا الوجه بأنه تعديل لفظى يجعل معناها أدق : الأعمال التحضيرية 3 ص 92 . والحقيقة أنه لا يتصور استفادة المدينين من يمين يحلفها أحدهم ينكر بها وجود التضامن ، إذ أن أساس الاستفادة من اليمين هو مبدأ النيابة التبادلية وهو لا يوجد إلا بوجود التضامن ” ( أحكام الالتزام ص 295 هامش رقم 1 )
وليس للنص مقابل فى التقنين المدنى السابق . وكان مبدأ النيابة التبادلية ، كما كان مفهوما فى عهد هذا التقنين ، يقضى بأن نكول أحد المدينين المتضامنين لا يضر الباقى ، أما حلفه اليمين فيفيدهم . ويقوم الشك فيما إذا حلف الدائن يميناً وجهها إليه أحد المدينين المتضامنين ، هل يضار بذلك باقى المدينين؟
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 295 / 2 و 3 ( مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 282 / 2 و 3 ( مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العراقى المادة 232 / 2 و 3 ( مطابقة لنص المشروع التمهيدى ولا تختلف فى الحكم ) وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 37 ، وتجرى على الوجه الآتى : إذا وجد التضامن بين المديونين أمكن كلا منهم أن يبرئ ذمة الآخرين جميعاً : . . . ( 4 ) بأن يحلف اليمين عند الاقتضاء على عدم وجوب دين ما – وهذا الحكم يتفق مع حكم التقنين المصرى فى صورة ما إذا وجه الدائن إلى أحد المدينين المتضامنين اليمين فحلها ، ولم يرد نص فى التقنين اللبنانى عن الصورة الأخرى .
( [143] ) والمفروض أن الدائن قد ” أقتصر ” – كما يقول النص – فى توجيه اليمين على أحد المدينين المتضامنين . أما إذا وجه اليمين إليهم جميعاً ، فحلف بعضهم ونكل بعض آخر ، فمن نكل منهم يضار بنكوله ولا يستفيد من أن الآخرين قد حلفوا ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1082 ص 452 – الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 208 ) .
( [144] ) انظر آنفا فقرة 145 .
( [145] ) انظر آنفا فقرة 145 – وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموع الأعمال التحضيرية 3 ص 91 .
( [146] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 420 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم المادة 308 فى المشروع النهائى . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 296 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 93 – ص 94 ) .
وليس للنص مقابل فى التقنين المدنى السابق . ولكننا رأينا أن الحكم على أحد المدينين المتضامنين ، فى عهد هذا التقنين ، يكون حكما على الباقى ، إلا إذا ثبت أن المدين المحكوم عليه متواطئ مع الدائن أو إذ أهمل فى الدفاع عن حقه أو ثبت أن أحد المدينين غير المحكوم عليهم عنده دفوع خاصة به . ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحد المدينين المتضامنين ، أفاد منه الباقى ( أنظر آنفا فقرة 196 فى الهامش ) .
ويقابل النص فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 296 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 283 ( وهى مطابقة ) – وفى التقنين المدنى العرفى المادة 333 ( وهى مطابقة ) – وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المادة 36 / 1 ، وتجرى على الوجه الآتى : ليس للحكم الصادر على أحد المديونين المتضامنين قوة القضية المحكمة بالنظر إلى المديونين الآخرين ، أما الحكم الصادر لمصلحة أحد المديونين فيستفيد منه الآخرون إى إذا كان مبنيا على سبب يتعلق بشخص المديون الذى حصل على الحكم وهذا النص يتفق فى الحكم مع نص التقنين المصرى .
( [147] ) ومع ذلك يجوز لهم أن يطعنوا فى الحكم بطريق اعتراض الشخص الخارج عن الخصومة ( م 450 / 2 مرافعات ) ، وذلك بدلا من أن ينتظروا رجوع المدين المحكوم عليه عند تنفيذه للحكم ووفائه للدين كله ، إذ هو فى هذه الحالة يرجع عليهم كل بقدر حصته فى الدين ، وهم ، إذا كانوا يستطعون دفع هذا الرجوع عندئذ ، قد يفضلون المبادأة ، فيبادرون إلى الطعن فى الحكم ذاته بطريق الاعتراض كما قدمنا ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم فى أحكام الالتزام فقرة 209 ص 295 ) .
( [148] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الأهلية بأنه يجوز لمن سهى عليه أن يطلب الحكم بالتضامن أن يرفع دعوى من جديد باعتبار المحكوم عليه فى الدعوى الأولى متضامنين فى الوفاء ( 10 نوفمبر سنة 1915 الشرائع 3 ص 179 ) .
( [149] ) انظر آنفاً فقرة 145 .
( [150] ) وقد قضى بأنه إذا رفع أحد المدينين المتضامنين معارضة أو استئنافاً ، استفاد الآخرون : استئناف مختلط 30 مايو سنة 1900 م 12 ص 286 – 38 يناير سنة 1903 م 15 ص 11 1 – أول ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 58 – 31 يناير سنة 1912 م 24 ص 118 – 3 مايو سنة 1917 م 29 ص 403 – 14 مارس سنة 1918 م 30 ص 287 – 15 يونيه سنة 1921 م 33 ص 396 – 14 نوفمبر سنة 1922 م 35 ص 23 – 13 مارس سنة 1923 م 35 ص 281 – 21 نوفمبر سنة 1929 م 42 ص 51 – 30 فبراير سنة 1932 م 44 ص 204 – 20 مارس سنة 1934 م 46 ص 216 – 11 يناير سنة 1938 م 50 ص 96 – إلا إذا كان المطلوب من أحدهم يخالف المطلوب من الآخرين : استئناف مختلط 22 يناير سنة 1931 م 43 ص 177 – 20 مارس سنة 1936 م 48 ص 69 – 11 مارس 1936 م 47 ص 181 . ويقتصر من يستفيد منهم على أوجه الدفع المشتركة بينهم وبين من رفع الطعن ، فلا يعرضون لأوجه الدفع الخاصة بهم ما دامواهم لم يرفعوا طعناً فى الميعاد : استئناف مختلط 11 نوفمبر سنة 1897 م 10 ص 7 . وإذا رفع أحد المدينين المتضامين معارضة فى شروط البيع ( dire ) ، استفاد المدينون الآخرون : استئناف مختلط 17 يونيه سنة 1903 م 15 ص 352 ، وهذا ما لم يكن قد صدر حكم نهائى حاز قوة الأمر المقضى بالنسبة إلى أحدهم فلا يستفيد من طعن رفعه غيره : استئناف مختلط 23 يونيه سنة 1910 م 22 ص 380 – وإذا رأت محكمة الدرجة الأولى أن هناك تضامناً فى المسئولية بين شخصين ، واستأنف أحدهما حكمها ، وقضى استئنافيا بعدم وجود التضامن بينهما ، استفاد المدين الآخر من هذا الحكم ولو لم يستأنف : بنى سويف 20 يناير سنة 1909 المجموعة الرسمية 10 ص 239 .
( [151] ) ذلك لأنه إذا صدر حكم ضد المدينين المتضامنين جميعاً ، لم يترتب على إعلانه لأحدهم سريان مواعيد الطعن بالنسبة إلى الباقين ، بل يبقى كل من هؤلاء لا تسرى مواعيد الطعن قبله حتى يعلن بالحكم . وإذا أعلن أحدهم بالحكم وانقضت مواعيد الطعن بالنسبة إليه ، وبقى الطعن مفتوحاً بالنسبة إلى مدين آخر ، وطعن هذا فى الحكم ، فللمدين الذى انقضى ميعاد الطعن بالنسبة إليه أن ينضم للمدين الذى رفع الطعن فى الميعاد ويطلب الاستفادة من طعنه . وقد قضت محكمة النقض بأن رفع الاستئناف من أحد المدينين المتضامنين يستفيد منه الباقون ، ولهم أن ينضموا إليه فى استئنافه ولو بعد الميعاد ( نقض مدنى 21 ديسمبر سنة 1939 مجموعة عمر 3 رقم 18 ص 36 – 16 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 90 ص 197 ) . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 384 من تقنين المرافعات على ما يأتى : ” على إنه إذا كان الحكم صادرا فى موضوع غير قابل للتجزئة أو فى التزام بالتضامن أو فى دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ، جاز لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أو قبل الحكم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع فى الميعاد من أحد زملائه منضما إليه فى طلباته . وإذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم فى الميعاد ، وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم ” فإذا لم ينضم المدين الذى فوت ميعاد الطعن إلى زميله الذى رفع الطعن فى الميعاد ليطلب الاستفادة من هذا الطعن ، بقى الحكم الصادر ضده نهائيا بالنسبة إليه . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه إذا حكم على أشخاص بالتضامن ، ثم رفع بعضهم استئنافا عن الحكم ولم يستأنف البعض ، ولم يحضر أمام محكمة الاستئناف ليطلب الاستفادة من الاستئناف المروع من الآخرين : كان لمحكمة الاستئناف قد فوت عله نفسه فرصة ابداء طلب الاستفادة من الاستئناف المرفوع من الآخرين ( نقض مدنى 3 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 12 ص 23 ) .
( [152] ) استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1927 م 39 ص 393 – ولكن لا يستطيعون التنفيذ به . وإذا طعن الدائن فى هذا الحكم ، فصدر فى الطعن حكم بإلغائه ، زال أثر الحكم الأول بالنسبة إلى سائر المدينين ولم يجز لهم الاحتجاج به بعد ذلك .
( [153] ) استئناف أهلى 19 أكتوبر سنة 1897 القضاء 5 ص 13 استئناف مختلط 13 مارس سنة 1913 م 25 ص 231 .
( [154] ) أنظر آنفا فقرة 144 .
( [155] ) وإعلان هذا الحكم من أحد المدينين المتضامنين يجعل ميعاد الطعن يسرى لصالحه وصالح باقى المدينين المتضامنين : استئناف مختلط 22 إبريل سنة 1926 م 38 ص 306 أول مارس سنة 1927 م 39 ص 286 – 31 مارس سنة 1934 م 46 ص 219 – على أنه إذا أعلن أحد المدينين المتضامين الحكم الصادر لصالح الجميع ، ورفع الدائن الاستئناف بعد الميعاد ، وجب على المدين الذى لم يعن الحكم أن يدخل فى هذا الاستئناف طالباً الاستفادة منه والحكم بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد ، لا فحسب بالنسبة إلى زميله الذى أعلن الحكم ، بل أيضا بالنسبة إليه . فإذا لم يدخل فى الاستئناف على هذا النحو ، ولم ينقض ميعاد الاستئناف بالنسبة إليه لعدم إعلانه الحكم ، لم يكن له أن يدفع بعدم قبول الاستئناف الذى يرفعه عليه الدائن . وقد قضت محكمة النقض فى هذا المعنى بأنه إذا كان اثنان من المحكوم لهم قد تمسكا بأنهما أعلنا الحكم الابتدائى للمستأنف وأنه لم يرفع الاستئناف إلا بعد الميعاد ، فتنازل المستأنف عن اختصامهما وقصر طلباته على ما ادعاه قبل ثالث المحكوم لهم الذى لم يعلن الحكم الابتدائى للمستأنف ولم يحضر ولم يطلب الاستفادة من أن زميليه المحكوم لصالحهما معه قد أعلنا الحكم ، ولم يبين كيف كان له أن يستفيد من إعلان غيره ، فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعتبر الاستئناف غير مقبول شكلا فى حقه ( نقض مدنى 20 يونيه سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 287 ص 873 ) .
( [156] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى : ” ويراعى أن الحكم الصادر لصالح أحد المدينين المتضامنين يزول أثره بالنسبة لباقى المدينين إذا قضت بالغائه هيئة قضائية مختصة ، ولكن إذا اختصم الدائن جميع المدينين فى الدعوى وصدر حكم لصالحهم ، ثم قضى بإلغاء هذا الحكم بالنسبة لأحدهم فيها بعد ، فلا يضار الباقون بذلك . أما إذا صدر الحكم عليهم ، فلا يترتب على إعلانه لأحدهم سريان مواعيد المعارضة والاستئناف والنقض بالنسبة للباقين ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 94 وانظر أيضا ص 93 – 94 ) .
أما فى القانون الفرنسى ، فقد احتدم الخلاف : فمن الفقهاء من يذهب إلى أن الحكم الصادر ضد أحد المدينين المتضامنين يحتج به على الباقى ، ومن باب أولى إذا صدر الحكم لصالح أحدهم جاز للباقى أن يتمسكوا بهذا الحكم ( لارومبيير 3 م 1208 فقرة 19 – ديمولومب 26 فقرة 374 – هيك 7 فقرة 328 – بودرى وبارد 2 فقرة 1231 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ) . ومنهم من يذهب إلى أن الحكم لا يسرى فى حق الآخرين ، سواء كان صادراً ضد المدين المتضامن أو لصالحه ( كولميه دى سانتيز 5 فقرة 328 مكررة 24 – لوران 20 فقرة 120 ) . ومنهم من يذهب إلى أن الحكم الصادر لمصلحة المدين يتمسك به الآخرون ، والحكم الصادر ضده لا يحتج به عليهم ، كما هو الحكم فى التقنين المصرى بصريح النص ( ديرانتون 13 فقرة 519 – فقرة 520 – ماركاديه 5 فقرة 13 ) – وإذا صدر حكم ضد المدينين المتضامنين جميعاً ، فالطعن المروع من أحدهم يفيد الباقين ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ص 459 – ص 461 ) . وإذا صدر حكم لصالح المدينين المتضامنين وأعلن أحدهم الحكم للدائن وانقضت مواعيد الطعن بالنسبة إليه ، ثم طعن الدائن فى الحكم بالنسبة إلى الباقين فى الميعاد القانونى ، فان هذا الطعن لا يضر بالمدين الذى انقضى ميعاد الطعن بالنسبة إليه ، ويجب على الدائن فى طعنه ضد الباقين أن يستنزل حصة هذا المدين ( بودرى وبارد 2 فقرة 1236 مكررة – وانظر أيضا فى الموضوع بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1086 ) .
المصدر: محامي في الأردن
انظر المزيد حول توكيل محامي