مقومات الأجل


مقومات الأجل

 ” 1- يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع ” .

46 – النصوص القانونية : تنص المادة 271 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 2- ويعتبر الأمر محقق الوقوع متى كان وقعه محتما ، ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه ” .

وتنص المادة 272 على ما يأتي :

 ” إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة ، عين القاضي ميعادا مناسبا لحلول الأجل ، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة ، ومقتضيا منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ” ( [1] ) .

 76

ولا مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني السابق ولكن الأحكام كان معمولا بها دون نص .

وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 271 – 272 ، وفي التقنين المدني الليبي المادتين 258 – 259 ، وفي التقنين المدني العراقي المادتين 291 و 297 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 100 ( [2] ) .

ويستخلص من هذه النصوص أن الأجل الذي يقترن به الالتزام هو أمر مستقبل محقق الوقوع يترتب على وقوعه نفاذ الالتزام أو انقضاؤه . فمقومات  77  الأجل إذن ثلاثة : ( 1 ) فهو أمر مستقبل كالشرط ( 2 ) وهو محقق الوقوع ، بخلاف الشرط فهو غير محقق الوقوع كما قدمنا ( 3 ) وهو أمر عارض يضاف إلى الالتزام بعد أن يستوفى عناصره الجوهرية ، وهو في ذلك كالشرط لأنه وصف مثله .

وغنى عن البيان أن المقوم الرابع للشرط – وهو أن يكون غير مخالف للنظام العام والآداب – لا يرد في الأجل ، لأن الأجل ميعاد لا يتصور فيه إلا أن يكون مشروعاً .

1 – أمر مستقبل

47 – يجب أن يكون الأجل أمراً مستقبلا : الأجل كالشرط يجب أن يكون أمراً مستقبلاً . وهو ، كما يدل عليه اسمه ، ميعاد يضرب لنفاذ الالتزام أو لانقضائه . ويكون عادة تاريخاً معيناً يختار في التقويم . فإذا تعهد المقترض للمقرض بوفاء القرض في تاريخ معين ، أو تعهد المشتري للبائع أن يدفع الثمن على أقساط في مواعيد معينة ، أو تعهد المقاول لرب العمل أن يتم العمل الموكول إليه في وقت معين ، فكل من التزام المقترض بوفاء القرض والتزام المشتري بدفع الثمن والتزام المقاول بتسليم العمل مقترن بأجل أو بآجال يترتب على حلوله نفاذ الالتزام .

وقد ينشأ الالتزام منجزاً ، ثم يضاف إليه أجل بعد ذلك ، فينقلب موصوفاً ، ولكن يبقى الالتزام هو نفسه لم يتجدد ( [3] ) .

48 – لا يجوز أن يكون الأجل أمراً ماضياً أو حاضراً : والأجل ، كالشرط أيضاً ، لا يجوز أن يكون أمراً ماضياً أو حاضراً ، وإلا فهو ليس بأجل ، حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل أن الأجل الذي يضربانه للمستقبل هو أجل قد حل . فلو أن شخصاً ضرب أجلاً لنفاذ التزامه  78  قدوم أول قافلة من الحجيج ، وكان يجهل أن القافلة قد قدمت فعلا قل أن يلتزم ، أو هي آخذه في القدوم وهو يلتزم ، فإن التزامه لا يكون مقترناً بأجل ، بل ينشأ منذ البداية التزاماً منجزاً واجب الأداء في الحال . ولو عين الملتزم أجلاً لتنفيذ التزامه موت شخص معين ، ويكون هذا الشخص قد مات قبل ذلك دون أن يعلم الملتزم ، فإن الالتزام ينشأ في هذه الحالة منجزاً حال الأداء ( [4] ) .

2- أمر محقق الوقوع

49 – يجب أن يكون الأجل محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 271 مدني أن الأجل يجب أن يكون أمراً مستقبلا محقق الوقوع . وهذا واضح ، فالأجل يكون عادة ، كما قدمنا ، ميعاداً في التقويم ، تاريخاً معيناً يقع في يوم معين من شهر معين من سنة معينة . وهذا الميعاد لا بد واقع في المألوف من الحياة ، وندع ما لا يدخل في حساب الناس كأن تقع كارثة تبيد الأرض ومن عليها فلا يأتي ذلك اليوم الموعود .

وكون الأجل أمراً محقق الوقوع هو الفرق الجوهري ما بين الأجل والشرط ، وهو الفرق الذي تتفرع عنه كل الفروق الأخرى . فقد رأينا أن الشرط أمر غير محقق الوقوع ، ومن ثم كان الحق المعلق على شرط حقاً ناقصاً غير مؤكد الوجود ، ومن ثم أيضاً كان للشرط أثر رجعي . أما الأجل فأمر محقق الوقوع ، فالحق المقترن بأجل حق موجود كامل ، وليس للأجل أثر رجعي ( [5] ) .

50 يصح أن يكون ميعاد حلول الأجل مجهولا : على أنه إذا كان ضرورياً أن يكون الأجل محقق الوقوع ، فليس من الضروري أن يكون ميعاد وقوعه معلوماً . فقد يكون هذا الميعاد مجهولا ، ومع ذلك يبقى الأجل محقق الوقوع ، فيكون أجلاً لا شرطاً . وهذا ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 271  79  مدني فهي تقول : ” ويعتبر الأجل محقق الوقوع متى كان وقوعه محتماً ولو لم يعرف الوقت الذي يقع فيه ” . ويسمى الأجل في هذه الحالة أجلاً غير معين ( terme incertain ) بالمقابلة للأجل المعين ( terme certain ) الذي يعرف ميعاد حلوله .

والمثل المألوف للأجل غير المعين هو الموت ، فهو أمر محقق الوقوع ، ولكن لا يدري أحد متى يأتي ، ومن ثم كان أجلاً غير معين . وعلى ذلك فالتزام شركة التأمين على الحياة أن تدفع مبلغ التأمين عند موت المؤمن على حياته التزام مقترن بأجل واقف غير معين هو الموت . وإذا التزم المقترض أن يرد مبلغ القرض عند موته ، فيؤخذ من تركته ، جاز ذلك ، وكان التزامه برد القرض مقترنا بأجل واقف غير معين هو الموت . ولا يعتبرهذا تعاملا في تركة مستقيلة فإن المقترض قد التزم في الحال وفي ماله الحاضر ، وإنما ضرب أجلاً لتنفيذ التزامه هو موته ، والموت كما قدمنا أجل غير معين ( [6] ) .

ويمكن تصور أمثلة أخرى غير الموت للأجل غير المعين . فهناك أمور محققة وقوعها في المألوف من شؤون الحياة ، ولكن لا يعلم موعد وقوعها . من ذلك رجوع الحجيج من بيت الله الحرام قافلين إلى بلادهم ، فهذا أمر معتاد وقوعه ، ولكن رجوع القوافل قافلة بعد أخرى أمر قد لا يعلم موعد وقوعه بالضبط . فلو التزم شخص إلى أجل هو موعد رجوع القافلة الأولى من الحجيج ، كان هذا التزاماً مقترناً بأجل غير معين . أما إذا التزم لأحد الحجاج وعلق التزامه على رجوع الدائن من الحج ، فهذا شرط لا أجل ، إذ أن رجوع حاج بالذات من الحجج أمر غير محقق الوقوع ، فقد يموت في الطريق .

كذلك إذا التزم أحد الموردين بتوريد الأغذية إلى مستشفى أو إلى مدرسة عند انتهاء بنائها ، فهذا أيضاً التزام مقترن بأجل غير معين ، إذا أن الانتهاء من البناء أمر محقق الوقوع في المعتاد من شؤون الحياة ، ولكن موعده غير معلوم على وجه التحقيق .

 80

والتزام الطالب أن يدفع المصروفات المدرسية عند افتتاح الدراسة قد يكون التزاماً مقترناً بأجل غير معين ، إذا كان موعد افتتاح الدراسة وقت الالتزام لم يحدد . وكذلك الحال في التزامه أن يدفع رسوم الامتحان عند حلول ميعاده ، إذا كان ميعاد الامتحان لم يحدد وقت الالتزام ( [7] ) .

والتزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة ( م 272 مدني ) ينطوي على ضرب من الأجل الواقف ، وهو أيضاً أجل غير معين ، وسنعود إلى هذه المسألة بالتفصيل فيما يلي .

 81

والفرق بين الشرط والأجل غير المعين واضح ، فالشرط أمر غير محقق الوقوع ، أما الأجل غير المعين فأمر محقق الوقوع في ذاته ولكن ميعاد وقوعه وحده هو غير المحقق ( [8] ) .

3 – أمر عارض

51 – الأجل عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري : والأجل ، كالشرط وككل وصف آخر من أوصاف الالتزام . عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري . وهو لا يقترن بالالتزام إلا بعد أن يستوفى الالتزام جميع عناصره الجوهرية ، ويأتي الأجل بعد ذلك عنصراً إضافيا يقوم الالتزام بغيره ، ويتصور بدونه ، ولا يحتاج إليه في قيامه بذاته .

فإذا التزم شخص إلى أجل ، فإن التزامه يكون قد استوفى جميع عناصره الجوهرية ، من رابطة ومحل وسبب ، قبل إني ضاف إليه الأجل . ثم يأتي الأجل  82  بعدذ لك يقترن به ، ويعدل من آثاره . فبعد أن كان الأصل في الالتزام أن يكون منجزاً واجب الأداء في الحال وأن يبقى أثره دائماً ، إذا بالأجل يعدل من ذلك ، إما بأن يجعل الالتزام متراخى النفاذ إلى وقت معين ، وإما بأن يجعل الالتزام محدود البقاء غير دائم الأثر .

52 – الأجل في العقود الزمنية : ويترتب على أن الأجل عنصر عارض في الالتزام على الوجه المتقدم ، لا عنصر جوهري ، نتيجة هامة كثيراً ما يغفل الفقه الإشارة إليها . فقد سبق أن عرضنا للعقود الزمنية contrats successifs وهي عقود تتميز عن غيرها بأن الزمن عنصر الجوهري فيها ، بحيث يكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد . ” ذلك أن هناك أشياء – كما جاء في الجزء الأول من الوسيط ( [9] ) – لا يمكن تصورها إلا مقترنة بالزمن . فالمنعة لا يمكن تقديرها إلا بمدة معينة . والعمل إذا نظر إليه في نتيجته ، أي إلى الشيء الذي ينتجه العمل ، كان حقيقية مكانية ، ولكن إذا نظر إليه في ذاته فلا يمكن تصوره إلا حقيقة زمانية ، مقترناً بمدة معينة . ومن ثم فعقد الإيجار عقد زمني لأنه يقع على المنفعة ، والزمن عنصر جوهري فيه لأنه هو الذي يحدد مقدار المنعفة المعقود عليها . وعقد العمل لمدة معينة ، عقد زمني ، لأن الخدمات التي يؤديها العامل لا تقاس إلا بالزمن ، فالزمن عنصر جوهري فيه إذ هو الذي يحدد مقدار المحل المعقود عليه . وهناك من الأشياء ما يتحدد في المكان فيكون حقيقة مكانية ، ولكن المتعاقدين يتفقان على تكرار أدائه مدة من الزمن لسد حاجة تتكرر . فهو في ذاته يقاس بالمكان ، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يقاس بالزمان . مثل ذلك عقد التوريد ، يلتزم به أحد المتعاقدين أن يورد للمتعاقد الآخر شيئاً معيناً يتكرر مدة من الزمن . فمحل ا لعقد هنا – وهو الشيء المعين الذي اتفق على توريده – يقاس في ذاته بالمكان ، ولكن المتعاقدين اتفقا على أن يتكرر مرات مدة من الزمن ، فجعلاه يقاس ، كالمنفعة والعمل ، بالزمان لا بالمكان . فالمعقود عليه في كل من عقد الإيجار وعقد التوريد هو الزمن ، أو هو شيء يقاس بالزمن . ولكن المعقود عليه في عقد الإيجار يقاس بالزمن طبيعة ، أما  83 المعقود عليه في عقد التوريد فيقاس بالزمن اتفاقاً . ومن ثم ينقسم العقد الزمني إلى عقد ذي تنفيذ مستمر ( contrat a exe cution continue ) كعقد الإيجار وعقد العمل لمدة معينة ، وعقد ذي تنفيذ دوري ( contrat a execution periodique ) كعقد التوريد وعقد الإيراد المؤبد أو الإيراد مدى الحياة ( [10] ) ” .

وقد درج الفقه على اعتبار هذه العقود الزمنية عقوداً مقترنة بآجال فاسخة . ولكننا إذا طبقنا القاعدة التي تقضي بأن الأجل إنما هو عنصر عارض في الالتزام لا عنصر جوهري ، تبين أن العقد الزمني لا يمكن أن يكون عقداً مقترناً بأجل ، لأن الأجل عنصر جوهري فيه كما قدمنا إذ هو محل التعاقد ذاته ، ولا يصح أن يكون الوصف هو أحد العناصر الجوهرية في العقد ( [11] ) ، وقد سبق ذكر ذلك عند الكلام في الشرط .

وآية ذلك أن العقد الزمني إذا انعدم فيه الأجل ، فإنه يكون باطلا لانعدام المحل . ولو كان الأجل وصفاً وكان باطلا ، لكان من الجائز أن يسقط الأجل ويبقى العقد ، كما هي الحال في الشرط . وقد ورد في التقنين المدني الفرنسي تطبيق لهذه القاعدة في عقد الإيراد المرتب مدى الحياة ، وهو عقد زمني المدة فيه هي حياة من رتب له الإيراد . فإذا تعهد شخص لآخر بأن يؤدي إلى شخص ثالث إيراداً مرتباً مدى الحياة ، ثم تبين أن صاحب الإيراد كان قد مات قبل العقد ، فإن الأجل هنا – وهو المحل – يكون قد انعدم ، ويكون العقد باطلا . وهذا ما تقضي به المادة 1974 من التقنين المدني الفرنسي ، فهي تنص على أن ” كل إيراد رتب مدى الحياة لمصلحة شخص يكون قد مات وقت العقد  84  لا يكون له أي أثر ( [12] ) ” . بل تضيف المادة 1975 من نفس التقنين ما يأتي : ” وكذلك يكون الحكم إذا رتب العقد إيراداً لمصلحة شخص أصيب بمرض مات بسببه في خلال عشرين يوماً من وقت العقد ( [13] ) ” .

ويترتب على ما تقدم أن الآجال الفاسخة – والأجل الفاسخ يكون عادة في عقد زمني – ليست بوجه عام آجالا بالمعنى الصحيح . ويكاد يخرج الأجل الفاسخ كله من بين أوصاف الالتزام ، فلا يبقى إلا الأجل الواقف . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في الأجل الفاسخ .

المبحث الثاني

نوعا الأجل

1- الأجل الواقف

 ( Terme suspensif )

53 – ما هو الأجل الواقف : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 271 مدني تنص على أن ” يكون الالتزام لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتبا على أمر مستقبل محقق الوقوع ” .

فإذا كان نفاذ الالتزام هو المترتب على الأجل ، كان الأجل واقفاً ، إذ هو يقف الالتزام عن أن ينفذ وعن أن يصبح مستحق الأداء إلى حين انقضاء الأجل ( [14] ) .

 85

والامثلة على الأجل الواقف كثيرة . فالمقترض يقترن التزامه برد القرض إلى المقرض بأجل واقف . وكل من المستأجر والمستعير والمودع عنده يقترن التزامه برد العين المؤجرة أو المعارة أو المودعة بأجل واقف ، غير أن الأجل في الوديعة لمصلحة الدائن وهو في العارية لمصلحة المدين وفي الإيجار لمصلحة الاثنين معاً . والمرتهن حيازة يقترن التزامه برد العين المرهونة إلى الراهن بأجل واقف هو الوفاء بالدين المضمون بالرهن ( [15] ) . وإذا تعهد المشتري بدفع الثمن على أقساط ، كان التزامه مقترناً بآجال واقفة متعاقبة . وكذلك إذا تعهد المقاول أن يسلم ما تعهد بعمله إلى رب العمل في وقت معين ، كان التزامه هذا مقترناً بأجل واقف . وقد سبقت الإشارة إلى كل ذلك .

54 – التزام المدين بالوفاء عند الميسرة أو عند المقدرة التزام مقترن بأجل واقف : رأينا المادة 272 مدني تنص على أنه : ” إذا تبين من الالتزام أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة ، عين القاضي ميعادا مناسبا لحلول الأجل ، مراعيا في ذلك موارد المدين الحالية والمستقبلة ، ومقتضيا منه عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ( [16] ) ” .

والمفروض في الحالة التي نحن بصددها أن المدين إنما ضرب أجلاً للوفاء بدينه ، ولم يجعل الدين معلقاً على شرط . ذلك أنه يحتمل أن يكون قد قصد تعليق الوفاء بالدين على شرط الميسرة أو المقدرة ، وعند ذلك يصبح الوفاء بدينه معلقاً على شرط واقف ، وهو أمر غير محقق الوقوع ، فإذا أيسر وتحققت  86  مقدرته على الوفاء ، تحقق الشرط ووجب أن يفي بالدين . أما إذا لم يوسر ولم تتحقق مقدرته على الوفاء طول حياته ، فقد تخلف الشرط وسقط عنه الالتزام بالوفاء ( [17] ) . كما يحتمل أن يكون المدين قد قصد أن يضرب أجلاً للوفاء بدينه ، هو ميسرته أو مقدرته على الوفاء . وفي هذه الحالة يكون المدين قد قصد أن يفي بدينه على كل حال ، أما عند الميسرة أو المقدرة ، وأما عند الموت إذا لم يواته اليسار حال حياته . فالأجل هنا أجل غير معين ، وهو أقرب حادثين غير معينين ، اليسار أو الموت .

وإذا قام شك فيما إذا قصد المدين ضرب أجل للوفاء أو أراد تعليق الوفاء على شرط ، فالمفروض أنه قصد الأجل لا الشرط ، لأن العقد يفسر عند الغموض بما يعطيه الأثر الأقوى ( [18] ) . فإذا ادعى المدين أنه أراد الشرط لا الأجل ، فعليه هو إثبات ذلك .

ومتى تبين أن المدين إنما أراد الأجل لا الشرط ، كان للدائن الحق في أن يطالب بتحديد موعد للوفاء . ولما كان الموعد هو ميسرة المدين أو مقدرته على الوفاء بدينه ، فإن لم يتفق الطرفان على موعد معين لذلك ، جاز للقاضي أن يتلمس من ظروف القضية وملابساتها موعداً يحدده ، هو الموعد الذي يقدر فيه أن المدين أصبح موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ( [19] ) . وقد أمدته المادة 272 مدني ببعض عناصر التقدير ، فذكرت من بين هذه العناصر : ( 1 ) موارد المدين الحالية ، أي ما عند المدين من مآل موجود فعلا وقت النظر في الدعوى .  87  ( 2 ) موارد المدين المستقبلة ، أي ما يتوقع القاضي أن يكون عند المدين من مآل في المستقبل ، فإن كان له إيراد يكسبه من عمل أو وظيفة أو مهنة ، قدر القاضي هذا الإيراد في المستقبل مسترشداً بالماضي . ( 3 ) أن يقتضى من المدين عناية الرجل الحريص على الوفاء بالتزامه ، وهذا عنصر معنوي بخلاف العنصرين المتقدمين فهما من العناصر المادية . وهو بالرغم من أنه معنوي عنصر موضوعي لا ذاتي ، فالقاضي لا يقتضى من المدين عنايته الذاتية ، بل يقتضيه عناية الرجل الحريص على الوفاء بما عليه من الديون . ويكون ذلك بان يقدم المدين وفاء الدين على كثير من مطالبه ، فإن لم يقدمه على حاجياته الضرورية ، فلا أقل من تقديمه على حاجياته الأخرى ( [20] ) . فإذا عجز القاضي في أي وقت من حياة المدين ، عن تحديد موعد الوفاء بتعيين اليوم الذي يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه ، تربص به حتى الموت ( [21] ) . فإذا مات المدين حل دينه حتما ، وقد مات معسراً فيشارك الدائن سائر الدائنين في استيفاء حقه من التركة مشاركة الغرماء ( [22] ) .

وتعيين ميعاد يصبح فيه المدين موسراً أو قادراً على الوفاء بدينه مسألة واقع  88  لا يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض ، ولكن حلول الدين عند أقرب الاجلين – الميسرة أو الموت – مسألة قانون تخضع لرقابة المحكمة العليا .

2- الأجل الفاسخ

 ( Terme extinctif )

55 – ما هو الأجل الفاسخ : رأينا أن الالتزام يكون لأجل إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع ( م 271 / 1 مدني ) . ورأينا أن نفاذ الالتزام إذا كان هو المترتب على الأجل ، فالأجل يكون واقفاً . ونقول الآن أنه إذا ترتب على حلول الأجل انقضاء الالتزام – لا نفاذه – فالأجل يكون فاسخاً .

ولما كان الأجل بنوعيه ليس له أثر رجعي ، وكانت كلمة ” الفسخ ” في عبارة ” الأجل الفاسخ ” قد تشعر بأن للأجل الفاسخ أثراً رجعياً كما في الشرط الفاسخ ، فقد تجنب الفرنسيون هذه الكلمة وأطلقوا على الأجل الفاسخ عبارة ” الأجل المنهي ” ( [23] ) ( terme extinctif ) . أما التقنين المدني المصري فقد استبقى عبارة ” الأجل الفاسخ ” ( أنظر المادة 274 / 2 مدني ) .

56 – هل يوجد أجل فاسخ ؟ : أما أن التقنين المدني المصري قد تصور وجود الأجل الفاسخ ، فهذا ما لا ريب فيه . فقد وردت الإشارة إليه في موضعين : ففي الفقرة الأولى من المادة 271 مدني ورد أن الالتزام يكون لأجل ” إذا كان نفاذه أو انقضاؤه مترتباً على أمر مستقبل محقق الوقوع ” ، وإذا ترتب انقضاء الالتزام على حلول الأجل فهذا الأجل يكون فاسخاً . ثم ذكر التقنين صراحة عبارة ” الأجل الفاسخ ” في الفقرة الثانية من المادة 274 ، إذ قال أنه ” يترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام ” ( [24] ) .

 89

وإذا استعرضنا الأمثلة التي تورد عادة على إنها أمثلة للأجل الفاسخ نجدها واردة في العقود الزمنية . فالمؤجر الذي يتعهد بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مدة الإيجار ، والعامل الذي يلتزم نحو رب العمل أن يعمل مدة معينة ، ومن يتعهد بتوريد الأغذية لمدرسة أو لمستشفى مدة معينة ، ومن يتعهد بدفع إيراد لآخر مدى حياته ، وصاحب حق الانتفاع الذي ينتفع بالعين ما دام حيا أو لمدة معينة ، كل هذه أمثلة لحقوق وردت في عقود زمنية . وقد قدمنا أن العقد الزمني لا يمكن أن يقال عنه إنه مقترن بأجل فاسخ ، لأن الأجل عنصر جوهري فيه ( [25] ) .

على إننا نرى أنه إذا كان صحيحاً أن العقد الزمني لا يجوز أن يقال عنه أنه مقترن بأجل فاسخ للأسباب التي قدمناها ، فغير صحيح أن الأجل الفاسخ لا يوجد ضرورة إلا في عقد زمني . فهناك عقود تقترن بآجال فاسخة ولا تكون عقوداً زمنية ، وفي هذه العقود ليس الزمن عنصراً جوهرياً بل عنصراً عارضاً ، ومن ثم أجلاً فاسخاً بالمعنى الصحيح . هذه العقود ليست كثيرة في العمل ، كما هو الشأن في العقود الزمنية ، ولكنها موجودة إلى حد يبرر استبقاء الأجل الفاسخ إلى جانب الأجل الواقف ، كما فعل التقنين المدني المصري .

نذكر الأمثلة التي تحضرنا لهذه العقود :

 ( 1 ) إذا فتح مصرف لعمليه اعتماداً بمبلغ معين لمدة سنة مثلا ، فمبلغ الاعتماد  90  هنا ، وهو محل العقد ، لا يقاس بالزمن أي بالسنة التي فتح فيها الاعتماد ، إذ هو لا يتغير بتغير هذا الزمن فلا يزيد إذا زاد ولا ينقص إذا نقص . وفي رأينا أن العقد هنا ليس عقداً زمنياً إذ الزمن ليس عنصراً جوهرياً فيه ، ومع ذلك يقترن التزام المصرف بفتح الاعتماد بأجل فاسخ هو مدة السنة ، فإذا انقضت هذه المدة انقضى التزام المصرف بفتح الاعتماد ( [26] ) .

ويخلص مما قدمناه أن المصرف يكون ملتزماً بوضع المبلغ تحت تصرف العميل ، وهذا الالتزام مقترن بأجل فاسخ هو سنة من وقت فتح الاعتماد . وليس الأجل هنا محلا معقوداً عليه ، بل عنصراً عارضاً ، يمكن تصور العقد بدون هز ويكون المصرف في هذه الحالة ملزماً بوضع المبلغ تحت تصرف العميل فوراً ، ويأخذه العميل في الحال فيكون قرضاً بسيطاً ، وإنما سمى القرض هنا بفتح الاعتماد لإضافة الأجل الفاسخ السالف الذكر .

 ( 2 ) إذا فتح مصرف لمقاول حساباً جارياً عن مقاولة معينة وحدد لإقفال الحساب ستة أشهر مثلا ، ففي هذه الحالة قد تعهد المصرف بالخصم والإضافة في الحساب الجاري عن المبالغ التي تضم وتخصم لحساب المقاولة المذكورة ، وقرن التزامه بأجل فاسخ هو مدة الستة الأشهر . وليست هذه المدة عنصراً جوهرياً في الالتزام ، بل العنصر الجوهري هو المقاولة المعينة التي فتح من أجلها الحساب  91  الجاري . فيكون العقد هنا عقداً غير زمني ، ومع ذلك يكون قد اقترن بأجل فاسخ ( [27] ) .

 ( 3 ) إذا تعهد طبيب بعلاج أفراد أسرة لمدة سنة على أن يأخذ الأجر عن كل مرة يعالج فيها مريضاً ، فإن التزامه بالعلاج قد اقترن بأجل فاسخ ، هو مدة السنة ، ولكن هذه المدة ليست عنصراً جوهرياً في العقد ما دام الطبيب يتقاضى أجره لا بحساب المدة بل بحساب مرات العلاج . فالزمن هنا ليس مقياساً للمعقود عليه ، وهو مع ذلك أجل فاسخ ( [28] ) .

 ( 4 ) إذا تعهدت شركة بصيانة سيارة أو مصعد أو نحو ذلك من الآلات التي تحتاج إلى الصيانة لمدة سنة مثلا ، على أن تتقاضى أجرها عن كل عملية من عمليات الصيانة ، فإن الالتزام هنا يكون مقترناً بأجل فاسخ ليس عنصراً جوهرياً فيه ( [29] ) .

 ( 5 ) إذا تعهدت شركة التأمين أن تؤمن ، لمدة معينة ، عدداً غير معين من الأخطار يمكن تعيينه شيئاً فشيئاً بإقرارات متتابعة من جهة المؤمن له ، فقد اختلف في تكييف هذا العقد ، ومن رأى بعض الفقهاء أن العقد ليس بالعقد الزمني ، ومع ذلك فقد اقترن بأجل فاسخ ( [30] ) .

ويمكن القول بوجه عام أنه يتفق – وإن كان ذلك لا يحدث كثيراً – أن يقترن العقد بأجل فاسخ لا يكون عنصراً جوهرياً فيه ، فلا يكون العقد في هذه الحالة عقداً زمنياً ، ويكون الأجل الذي اقترن به العقد أجلاً فاسخاً بالمعنى الصحيح . ونحن إذ نتكلم فيما يلي عن الأجل الفاسخ ينصرف قولنا إلى هذه العقود على وجه التخصيص . على أنه لا مانع من إطلاق تعبير ” الأجل الفاسخ ” على المدة في العقود الزمنية ، في شيء من التجوز ، فإن الأحكام لا تتغير سواء اعتبر الأجل الفاسخ في العقود الزمنية أصلاً أو اعتبر وصفاً .

 92

المبحث الثالث

مصادر الأجل

وأي الحقوق يلحقها وصف الأجل

1 – مصادر الأجل

57 – مصادر الأجل الاتفاق والقانون والقضاء . يغلب أن يكون مصدر الأجل هو الاتفاق . ويتميز الأجل عن الشرط في أن له مصدرين آخرين : القانون والقضاء .

وفي الفقه الفرنسي ينتظم الأجل الذي مصدره الاتفاق والأجل الذي مصدره القانون اسم واحد ، فيطلق عليهما معاً ” الأجل المستحق قانوناً ” terme de droit ليقابل الأجل الذي مصدره القضاء ويسمى ” الأجل المتفضل به ” terme de grace ( [31] ) ، أو ” نظرة الميسرة ” وهي التسمية التي درج عليها الفقه المصري .

58 – الاتفاق مصدر للأجل : يغلب ، كما قدمنا ، أن يكون مصدر الأجل هو اتفاق الطرفين . فيتفق البائع مع المشتري مثلا على تأجيل دفع الثمن إلى ميعاد معين ، أو على دفعه أقساطاً في مواعيد يتفق عليها ، أو يتفقان على تأخير تسليم المبيع إلى أجل ( [32] ) . ويتفق المؤجر مع المستأجر على أن تكون مدة الإيجار وقتاً معينا ينتهي بانقضائه العقد ، وهذا هو الأجل الفاسخ في العقد الزمني ، ولا يعتبر أجلاً بالمعنى الصحيح كما قدمنا .

 93

وقد تفرض الأكثرية الأجل الإتفاقي على الأقلية في بعض حالات استثنائية ، كما إذا اتفقت أغلبية دائني التفليسة على تأجيل بعض ديون المفلس .

وكما يكون الاتفاق مصدر الأجل صريحاً ، يصح أن يكون كذلك ضمنياً يستخلص من الظروف والملابسات . فإذا تعهد صانع بصنع أثاث معين دون أن يتفق على أجل لتسليم الأثاث ، فالمفروض أن التزام الصانع بالتسليم مقترن بأجل واقف هو المدة المعقولة لصنع هذا الأثاث . ويلجأ القاضي في تعيين هذه المدة ، عند النزاع ، إلى المألوف في هذه الصناعة . وإذا اتفق عامل النقل مع صاحب بضاعة على نقل بضاعته من مدينة إلى أخرى دون أن يتفق معه على أجل ، فإن الأجل هنا أيضاً مفروض ، ويعينه القاضي عند النزاع بالمدة المألوفة لنقل هذه البضاعة بالوسائل التي يملكها عامل النقل ( [33] ) .

59 – القانون مصدر للأجل : وقد يكون نص القانون هو مصدر الأجل . ويقع أن يحدد القانون الموت أجلاً أو حداً أقصى للأجل ، كما فعل ( م 741 / 1 مدني ) في الإيراد المرتب مدى الحياة فقد جعل له أجلاً هو الموت ، وكما فعل ( م 754 مدني وما بعدها ) في التأمين على الحياة فبالموت يحل دفع مبلغ التأمين عادة ، وكما فعل ( م 993 / 1 مدني ) في حق المنفعة فإنه ينقضي حتما بالموت إن لم ينقض قبل ذلك بانقضاء مدة معينة .

ويقع كذلك أن يحدد نص القانون الأجل بمدة معينة من الزمن ، أجلاً واحداً أو حداً أقصى للأجل . فقد قضت المادة 673 من تقنين المرافعات بالزام الراسي عليه المزاد في التنفيذ العقاري بأن يودع الثمن خزانة المحكمة خلال ثلاثة  94  الأشهر التالية لصيرورة البيع نهائياً . وقضت المادة 563 من التقنين المدني بأنه إذا عقد الإيجار دون اتفاق على مدة ، فيعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة ، وينتهي بانقضاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين إذا هو نبه على المتعاقد الآخر بالإخلاء في مواعيد معينة مبينة في النص ، والأجل هنا أجل فاسخ في عقد زمني . ونصت المادة 559 مدني على أنه ” لا يجوز لمن لا يملك إلا حق الإدارة أن يعقد إيجارا تزيد مدته على ثلاث سنوات إلا بترخيص من السلطة المختصة ” ، وهذا هنو حد أقصى للأجل الفاسخ في عقد زمني . ونصت الفقرة الثانية من المادة 526 مدني في صدد مدة عقد الشركة على أنه ” إذا انقضت المدة المعينة أو انتهى العمل ، ثم استمر الشركاء يقومون بعمل من نوع الأعمال التي تألفت لها الشركة ، امتد العقد سنة فسنة بالشروط ذاتها ” . وقد حددت الفقرة الثانية من المادة 678 مدني حداً أقصى لعقد العمل يلزم العامل فيه بالخدمة ، فنصت على أنه ” إذا كان عقد العمل لمدة حياة العامل أو رب العمل أو لأكثر ن خمس سنوات ، جاز للعامل بعد انقضاء خمس سنوات أن يفسخ العقد دون تعويض على أن ينظر رب العمل إلى ستة أشهر ” . وحدد القانون مدة قصوى لملكية الأسرة لمدة لا تزيد على خمس عشرة سنة . . . وإذا لم يكن للملكية المذكورة أجل معين ، كان لكل شريك أن يخرج نصيبه منها بعد ستة أشهر من يوم أن يعلن إلى الشركاء رغبته في إخراج نصيبه ” . وحدد كذلك الحد الأقصى للبقاء في الشيوع ، فنصت المادة 834 مدني على أن ” لكل شريك أن يطالب بقسمة المال الشائع ما لم يكن مجبرا على البقاء فى الشيوع بمقتضى نص أو اتفاق ، ولا يجوز بمقتضى الاتفاق أن تمنع القسمة إلى أجل يجاوز خمس سنين ، فإذا كان الأجل لا يجاوز هذه المدة نفذ الاتفاق فى حق الشريك وفى حق من يخلفه ” . وحدد كذلك حداً أقصى لمدة حق الحكر ، فنصت المادة 999 مدني على أنه ” لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة أعتبر الحكر معقوداًُ لمدة ستين سنة ” .

وقد تصدر تشريعات استثنائية تمهل المدينين في دفع ديونهم ، وتمنحهم  95  آجالا ، أو توقف الوفاء بالديون moratoires ( [34] ) ويكون ذلك عادة عقب نشوب حرب يكون من شأنها قلب الموازين الاقتصادية ، أو عقب أزمات اقتصادية يخشى معها خراب المدينين إذا هم اخذوا بدفع ديونهم في المواعيد المحددة ، كما وقع ذلك في التسويات العقارية التي صدرت بها تشريعات تنظمها مصر .

60- القضاء مصدر للأجل : وقد يكون القضاء هو مصدر الأجل ، ويسمى الأجل القضائي في الفقه المصري بنظرة الميسرة .

والأصل في نظرة الميسرة ( delai de grace ) أن المدين ، إذا كان يجب عليه الوفاء بدينه في الميعاد المتفق عليه ، إلا أنه إذا استدعت حالته الرأفة به ، ولم يلحق الدائن من التأجيل ضرر جسيم ، ولم يمنع من التأجيل نص في القانون ، يجوز للقاضي ، بهذه الشروط الثلاثة ، أن يمنح المدين أجلاً أو آجالا معقولة يفي فيها بدينه . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 346 مدني على هذا الحكم صراحة إذ تقول : ” على أنه يجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو أجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ” .

ونظرة الميسرة ، كنظرية الظروف الطارئة ، يراد بها التخفيف من عبء التزام المدين الجدير بالرأفة ، وهي تخفف العبء من حيث الإفساح في أجل الوفاء ، كما تخفف الظروف الطارئة العبء من حيث تحديد مقدار الدين ( [35] ) .

ونظرة الميسرة أجل واقف يمنحه القاضي كما رأينا ، ولكنه يختلف في أحكامه عن أحكام الأجل الواقف التي سنوردها ، وبخاصة من ناحية مسقطات الأجل ، اختلافاً كبيراً . ونساير التقنين المدني ، فلا نبحث نظرة الميسرة هنا ، بل عند الكلام في انقضاء الالتزام عن طريق الوفاء ، إذ يجب على المدين أن يفي الدين في ميعاده إلا إذا نظره القاضي إلى أجل ( [36] ) .

 96

2- الحقوق التي يحلقها وصف الأجل

61 – الحقوق الشخصية والحقوق العينية عدا حق الملكية : والأجل وصف يلحق بوجه عام الحقوق الشخصية والحقوق العينية على السواء ، أياً كان مصدر هذه الحقوق . فحق المنفعة أياً كان مصدره مقترن بأجل فاسخ حده الأقصى هو الموت كما قدمنا . كذلك حق الحكر لا يجوز أن تزيد مدته على ستين سنة .

غير أن هناك حقا عينيا واحداً – هو حق الملكية – لا يجوز أن يقترن بأجل واقف أو فاسخ . ذلك أن طبيعة حق الملكية تقتضي أن يكون هذا الحق أبديا ، بل هو يتأبد في انتقاله من مالك إلى مالك ، فلا يصح إني قترن بأجل فاسخ لأن هذا يتعارض مع أبديته ، ولا بأجل واقف إذ يقابل هذا الأجل أجل فاسخ في الجهة الأخرى ( [37] ) .

 97

62 – الحقوق التي يلحقها وصف الأجل : فالحقوق المالية ، عدا حق الملكية ، تقبل الاقتران بالأجل كما قدمنا . أما الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية فلا تقبل الاقتران بالأجل ، كما لا تقبل التعليق على الشرط . فالزواج إلى أجل أو مقترناً بأجل واقف لا يجوز ، وكذلك الطلاق والحجر والإذن بالتجارة والحقوق المتولدة من النسب ونحو ذلك من الحقوق .

الفرع الثاني

ما يترتب على الأجل من الآثار

63 – النصوص القانون : تنص المادة 274 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” 1- إذا كان الالتزام مقترنا بأجل واقف ، فانه لا يكون نافذا إلا في الوقت الذي ينقضي فيه الأجل ، على أنه يجوز للدائن حتى قبل انقضاء الأجل أن يتخذ من الإجراءات ما يحافظ به على حقوقه ، وله بوجه خاص أن يطالب بتأمين إذا يخشى إفلاس المدين أو إعساره واستند في ذلك إلى سبب معقول ” .

 ” 2- ويترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام ، دون أن يكون لهذا الزوال اثر رجعي ( [38] ) ” .

ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام التي يقضي بها كان معمولا بها دون حاجة إلى نص .

 98

ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 274 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 261 ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 293 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 108 و 111 و 117 و 118 ( [39] ) .

 99

64 – قبل حلول الأجل وعند حلول الأجل : ويتبين من النص المتقدم أنه هنا أيضاً ، كما في الشرط ، يجب أن نميز بين مرحلتين : ( 1 ) المرحلة السابقة على حلول الأجل ، أي وقت قيام الأجل . ( 2 ) ومرحلة حلول الأجل ، وهذه المرحلة لا تحتمل إلا صورة واحدة هي أن يحل الأجل فعلا . ويختلف الشرط عن الأجل في ذلك بأن مرحلة ما بعد التعليق تحتمل تحقق الشرط أو تخلفه ، لأن الشرط ، خلافاً للأجل ، أمر غير محقق الوقوع .

المبحث الأول

الآثار قبل حلول الأجل

1- الأجل الواقف

65 – الحق المقترن بأجل واقف حق موجود وهو كامل الوجود : والحق المقترن بأجل واقف هو حق موجود كالحق المعلق على شرط واقف ، بل هو أقوى وجوداً ، إذ الحق المعلق على شرط واقف حق ناقص كما رأينا ، أما الحق المقترن بأجل واقف فهو كامل الوجود .

ويترتب على وجود الحق المقترن بأجل واقف من النتائج ما سبق أن رتبناه على وجود الحق المعلق على شرط واقف ، ويزيد نتائج أخرى مستمدة من كمال وجوده .

فمن النتائج المستمدة من محض الوجود ما يأتي :

 ( 1 ) ينتقل هذا الحق من صاحبه إلى الغير بالتصرف والميراث وغير ذلك من أسباب انتقال الحقوق ، على التفصيل الذي قررناه بالنسبة إلى الحق المشروط .

 ( 2 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يجري الأعمال المادية اللازمة لصيانته من التلف . ولا يجوز لمن عليه الحق أن يقوم بأي عمل من شأنه أن يمنع استعمال الحق عند حلول أجله أو يزيده صعوبة ، وذلك كله على التفصيل الوارد في الحق المشروط .

 100

 ( 3 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يقوم بالأعمال التحفظية اللازمة للمحافظة على حقه ، كوضع الأختام وتحرير قوائم الجرد وقيد الرهون الرسمية وتجديد القيد والتدخل في القسمة ووضع الحراسة على الأعيان ورفع دعاوى تحقيق الخطوط ( [40] ) ورفع الدعوى غير المباشرة ودعوى الصورية ، دون الدعوى البولصية لأن الحق غير مستحق الأداء . وله بوجه خاص – كما تقول المادة 274 / 1 مدني – أن يطالب بتأمين إذا خشى – مستنداً في ذلك إلى سبب معقول ولا يكفي مجرد الخشية الذاتية إذا لم تكن مستندة إلى سبب يبررها – إفلاس المدين أو إعساره . فإذا لم يقدم المدين التأمين ، ترتب على ذلك سقوط الأجل ، قياسا على حكم المادة 274 مدني وسيأتي ذكرها ( [41] ) . وقد قدمنا كل ذلك في الحق المشروط ( [42] ) .

 101

 ( 4 ) يجوز لصاحب هذا الحق أن يدخل في التوزيع ، بل إذا كان التوزيع نتيجة إفلاس المدين أو إعساره ، فإن الأجل الواقف يسقط كما سنرى ، ويستوفى الدائن حقه باعتبار أنه حال مستحق الأداء .

ومن النتائج المستمدة من كمال الوجود – ويزيد فيها الحق المقترن بأجل على الحق المشروط – ما يأتي :

 ( 1 ) يسقط الأجل الواقف ، ويصبح الحق المؤجل مستحق الأداء ، إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره .

 ( 2 ) بل إن المدين إذا اضعف بفعله التأمينات التي أعطاها للدائن ، أو لم يقدم ما وعد به من تأمين ، فإن الأجل يسقط كذلك على تفصيل سنذكره فيما بعد .

 ( 3 ) بل إن ضعف التأمين أو الخشية من إفلاس المدين أو إعساره خشية تستند إلى سبب معقول ، ولو رجع ذلك إلى سبب خارج عن إرادة المدين ، يكفي لإسقاط الأجل ، إلا إذا قدم المدين تأمينا كافياً .

 ( 4 ) وإذا هلك الشيء محل الحق المؤجل بسبب أجنبي قبل حلول الأجل ، كان الهلاك على الدائن لا على المدين ، لأن الشيء قد أصبح حقاً مؤكداً له فيهلك عليه ، بخلاف ما رأيناه في الشرط . فإذا هلكت العين المؤجرة في يد المستأجر قبل حلول أجل ردها ، أو هلكت الوديعة في يد حافظ الوديعة قبل انقضاء أجل الوديعة ، كان الهلاك على الدائن ، أي المؤجر أو المودع . أما إذا كان العقد بيعاً فقد رأينا أن العين تهلك على البائع ، فإذا حدد أجل لتسليم العين المبيعة إلى المشتري ، وهلكت العين قبل التسليم ، فالهلاك على البائع لا على المشتري أي على المدين لا الدائن ( [43] ) ، وهذا هو حكم العقد إذا كان ناقلا للملكية .

66 – ولكنه حق غير نافذ : على أن الحق المقترن بأجل واقف ، إذا كان حقاً موجوداً كامل الوجود ، فإنه مع ذلك حق غير نافذ . وتقول المادة  102  274 / 1 مدني أن هذا الحق ” لا يكون نافذاً إلا في الوقت الذي ينقضي فيه الأجل ” .

ومن النتائج التي تترتب على عدم نفاذه إلى حين حلول الأجل ما يأتي :

1- لا يجوز للدائن أن يجبر المدين على أداء الدين المؤجل قبل حلول الأجل ، فإن هذا الدين لا يقبل التنفيذ الجبري ما دام الأجل قائماً ( [44] ) .

2 – وكذلك لا يقبل الدين المؤجل التنفيذ الاختياري ، فإذا أداه المدين قبل حلول الأجل اختياراً ، ولكن عن غلط معتقداً أن الأجل قد حل أو معتقداً أن الدين حال غير مؤجل ، جاز له أن يسترده من الدائن ما دام الأجل لم يحل وفقاً لأحكام استرداد غير المستحق . على أنه يجوز للدائن – بل ويلزم بذلك  103  إذا كان الأجل قد حل قبل الاسترداد – أن يقتصر على رد ما استفاده بسبب الوفاء المعجل بشرط إلا يزيد ذلك على ما لحق المدين من ضرر طبقاً لقواعد الإثراء بلا سبب . فإذا كان الدين الذي عجله المدين نقوداً ، التزم الدائن أن يرد الفائدة بالسعر القانوني أو الإتفاقي عن المدة التي كانت باقية لحلول الأجل . وقد كان هناك رأي في عهد التقنين المدني السابق يذهب إلى أن الدين المؤجل إذا عجل ، ولو عن غلط ، لا يسترد ، لأن المدين يكون قد دفع ما هو مستحق عليه ، إذ الدين المؤجل – خلافاً للدين المعلق على شرط – موجود كامل الوجود ( [45] ) . ولكن التقنين المدني الجديد حسم هذا الخلاف بنص صريح ،  104  هو المادة 183 وتنص على أنه ” 1- يصح كذلك استرداد غير المستحق ، إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا الالتزام لم يحل اجله وكان الموفي جاهلا قيام الأجل .

 2- على أنه يجوز للدائن أن يقتصر على رد ما استفادة بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر . فإذا كان الالتزام الذي لم يحل اجله نقودا ، التزام الدائن أن يرد للمدين فائدتها بسعرها القانوني أو الاتفاقي عن المدة الباقية لحلول الأجل ( [46] ) ” . ويبرر هذا الحكم أن المدين قد عجل الدين عن غلط وهو يجهل قيام الأجل ، والأجل يقابله منفعة ، فإذا كان قد دفع المستحق فيما يتعلق بالدين ذاته لأن الدين المؤجل موجود كما قدمنان إلا أنه دفعه قبل حلول الأجل ، فكان له أن يسترد المنفعة التي تقابل الأجل وهذه غير مستحقة ، وبهذا تقضي المادة 183 كما رأينا ( [47] ) .

وغنى عن البيان أن المدين إذا دفع الدين المؤجل قبل حلول الأجل وهو عالم بقيامه ، فأنه يعتبر متنازلا عن الأجل ، والتنازل من مسقطات الأجل كما سنرى ، وبذلك يصبح الدين حالا مستحق الأداء ، فلا يسترد شيئاً من الدائن في هذه الحالة .

3 – ولما كان الدين المؤجل غير نافذ وغير مستحق الأداء ، فإن المقاصة القانونية لا تقع بينه وبين دين آخر مستحق الأداء للمدين على الدائن ، لأن المقاصة القانونية لا تكون إلا في دينين مستحقي الأداء ، ولأن التنفيذ الجبري ممتنع في الدين المؤجل والمقاصة القانونية ضرب من التنفيذ الجبري ( [48] ) .

 105

4- ولما كان الدين المؤجل غير مستحق الأداء ، فإنه لا يجوز للدائن صاحب هذا الحق أن يوقع به حجزاً تحفظياً تحت يد مدين مدينه ، ولا يجوز أن يوقع به أي حجز تحفظي آخر ( [49] ) ، فإن الحجوز التحفظية ، طبقاً لصريح نص المادتين 543 و604 من تقنين المرافعات ، تقتضي أن يكون الدين المحجوز به محقق الوجود حال الأداء ، والدين المؤجل إذا كان محقق الوجود فهو غير حال الأداء ( [50] ) .

5- ولا يجوز للدائن إذا كان حقه مؤجلا أن يستعمل الدعوى البولصية ، لأن هذه الدعوى تقتضي أن يكون حق الدائن مستحق الأداء . ويلاحظ أن إعسار المدين ، وهو شرط في الدعوى البولصية ، لا يؤدي إلى إسقاط الأجل ، إذ الأجل لا يسقط إلا بشهر إعسار المدين كما سنرى . وإذا شهر إعسار المدين ، لم يعد الدائن في حاجة إلى رفع الدعوى البولصية ، إلا إذا كان ذلك بالنسبة إلى تصرف صدر من المدين قبل شهر الإعسار ، وعند ذلك يرفع الدائن الدعوى البولصية بموجب حق مستحق الأداء اسقط شهر الإعسار أجله .

6 – ولما كان الدين المؤجل لا يستحق الأداء إلا عند حلول الأجل ، فإن التقادم المسقط لا يسري في حقه ما دام الأجل قائماً ، ولا يسري إلا منذ حلول الأجل ( [51] ) .

 106

7 – كذلك لا يجوز للدائن إذا كان حقة مؤجلا أن يحبس حقاً للمدين عنده ، فإن الحبس لا يكون إلا لدين مستحق الأداء ، وقد سبق بيان ذلك ( [52] ) .

2- الأجل الفاسخ

67 – الحق المقترن بأجل فاسخ موجود ونافذ : وهنا نتجوز فنعتبر العقود الزمنية مقترنة بأجل فاسخ ، لأنها هي الكثرة الغالبة في هذا الميدان من الناحية العملية .

وتمكن المقارنة ما بين الحق المقترن بأجل فاسخ والحق المعلق على شرط فاسخ في أنهما يتفقان في الوجود والنفاذ ، ويختلفان في أن الحق المعلق على شرط فاسخ حق موجود على خطر الزوال كما قدمنا ، أما الحق المقترن بأجل فاسخ فحق مؤكد الزوال عند حلول الأجل ، فهو اضعف في هذه الناحية من الحق المعلق على شرط فاسخ ، ولكنه أقوى منه في ناحية أخرى إذ أنه عندما يزول لا يزول بأثر رجعي كالحق المعلق على شرط فاسخ بل لا بد أن يوجد مدة من الزمن .

فصاحب الحق المقترن بأجل فاسخ يملكه حالا ، وله أن يديره ، وأن يتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات الجائزة ، وتنفذ جميع تصرفاته فوراً ولكن في حدود حقه وهو حق محدود بأجله فهو حق مؤقت ضرورة . فالمستأجر مثلا تستطيع أن يتصرف في حقه بالإيجار من الباطن وبالتنازل عن الإيجار لغيره ، ويكون ذلك بطبيعة الحال في حدود الإيجار الأصلي .

والدائن بأجل فاسخ له حق حال واجب الأداء ، ويستطيع أن يتقاضاه من المدين طوعاً أو كرهاً ، أي بطريق التنفيذ الاختياري أو بطريق التنفيذ القهري .  107  وله أن يوقع حجز ما للمدين لدى الغير والحجوز التحفظية الأخرى ، وأن يستعمل الدعوى البولصية ، وأن يحبس ما تحت يده للمدين حتى يستوفى حقه . ولما كان هذا الحق واجب الأداء ، فإن التقادم المسقط يسري ضده منذ نشوئه ( [53] ) .

68 – ولكن الحق المقترن بأجل فاسخ مؤكد الزوال : وهذا هو المعنى الجوهري للأجل الفاسخ ، فالحق المقترن به حق مؤقت بطبيعته ، وينتهي حتماً بانتهاء الأجل .

ويترتب على ذلك أن جميع تصرفات صاحب الحق المقترن بأجل فاسخ تكون مقيدة بحدود هذا الحق ، فهي مؤقتة مثله ، إذ لا يستطيع الشخص أن ينقل إلى غيره أكثر مما له .

المبحث الثاني

الآثار عند حلول الأجل

1 – كيف يحل الأجل

69 – أسباب ثلاثة لحلول الأجل : يحل الأجل بأحد أسباب ثلاثة : ( 1 ) بانقضائه ( 2 ) أو بسقوطه ( 3 ) أو بالنزول عنه ممن لهم مصلحة فيه ( [54] ) .

ولا يتصور في الأجل ، كما أمكن التصور في الشرط ، أنه قد يتخلف ، فالأجل كما عملنا أمر محقق الوقوع .

 108

70 – حلول الأجل بانقضائه : أول سبب لحلول الأجل – وفقاً كان الأجل أو فاسخاً – هو انقضاؤه ، وهذا هو السبب الطبيعي المألوف . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص في هذه المسألة ، هو المادة 394 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” 1 – يحل الأجل إذا تحقق الأمر المنتظر أو انقضى الميعاد المضروب . 2 – إذا جعل مبدأ سريان الأجل من وقت وقوع أمر معين ، فلا يحسب اليوم الذي يقع فيه هذا الأمر عند حساب الأجل . 3 – إذا كان الميعاد بالأيام ، فيحسب اليوم من منتصف الليلة إلى منتصف الليلة التالية . وإذا كان بالأسابيع أو بالشهور أو بالسنين ، فإنه ينقضي في اليوم الذي يتفق في تسميته أو في تاريخه مع اليوم الذي بدا فيه الميعاد ، فإن لم يوجد مثل هذا اليوم في الشهر الأخير فإن الأجل ينقضي في اليوم الأخير من هذا الشهر . وإذا كان الأجل نصف شهر ، فتكون مدته خمسة عشر يوماً مهما كان عدد أيام الشهر ” . وقد حذفت لجنة المراجعة هذه المادة ” لأنها تتضمن حكماً تفصيلياً لا ضرورة له ( [55] ) ” .

وغنى عن البيان أن النص المحذوف ليس إلا تطبيقاً تفصيلياً للقواعد العامة ، ومن ثم تسري أحكامه بالرغم من حذفه استناداً إلى هذه القواعد . فيحل الأجل بوقوع الأمر المنتظر الذي ضرب أجلاً ، كرجوع القافلة الأولى من الحجيج وقد قدمت في يوم معين ، فيحل الأجل برجوعها في هذا اليوم .

وإنما يحل الأجل عادة بانقضاء الميعاد المضروب ، لأن الأجل أكثر ما يكون تاريخاً في التقويم كما قدمنا . فإذا حدد تاريخ معين – يوم أول يناير سنة 1958 مثلا – فإن الأجل يحل في هذا ليوم بالذات ، ولكن يحدث أن يحدد الأجل بوقت معين ينقضي من وقت وقوع أمر معين ، كعشرة أيام من وقت بيع القطن ، فلا يحسب اليوم الذي بيع فيه القطن ، وتعد عشرة أيام من بعده ، وعند انتهاء اليوم العاشر يحل الأجل .

 109

وقد يجعل الأجل أياماً أو أسابيع أو شهوراً أو سنين . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في صدد هذه المسألة ما نكتفي بنقله هنا : ” ويراعى أن أخص ما يعرض في هذا الشأن تعيين مبدأ سريان الأجل وموعد انقضائه . فلا يدخل في حساب الأجل اليوم الذي يقع فيه الأمر الذي يضاف إليه بدء سريانه . فإذا جعل الأجل مثلا ثلاثة أيام بعد الوصول من رحلة ، فلا يدخل يوم الوصول في حساب هذا الأجل . ولتعيين موعد انقضاء الأجل يحسب اليوم من منتصف الليلة إلى منتصف الليلة التالية إذا كان الميعاد بالأيام . أما إذا كان الميعاد بالأسابيع أو بالشهور أو بالسنين ، فإنه ينقضي في اليوم الذي يتفق في اسمه ( الخميس مثلا ) أو في تاريخه ( كأول يناير مثلا ) مع اليوم الذي بدأ فيه الميعاد ، بعد حساب عدد الأسابيع أو الشهور أو السنين . فإذا جعل الأجل مثلا ثلاثة أسابيع تبدأ من الخميس الثاني من شهر مارس ، كان موعد انقضائه الخميس الأول من شهر ابريل . وإذا جعل ثلاثة أشهر تبدأ من 20 فبراير ، كان موعد انقضائه 20 مايو . وإذا جعل ثلاث سنوات تبدأ من 28 فبراير سنة 1939 ، كان موعد انقضائه 28 فبراير سنة 1942 . وإذا كان الأجل شهرين يبدأ من 30 ديسمبر سنة 1939 ، انقضى في 29 فبراير سنة 1940 ، لأن اليوم المقابل لليوم الذي بدأ فيه سريان الميعاد لا نظير له في الشهر الأخير ، وعلى هذا النحو ينقضي الميعاد في آخر يوم من فبراير أي في اليوم التاسع والعشرين لوقوع هذا الشهر في سنة كبيسة . وإذا كان الأجل نصف شهر ، اعتبرت مدته خمسة عشر يوماً مهما كان عدد أيام الشهر . فإذا جعل الأجل نصف شهر يبدأ من منتصف ليل أول فبراير ، اعتبر منقضياً في منتصف ليل 15 فبراير . وإذا جعل بدء سريان هذا الأجل منتصف ليل يوم 20 مارس ، انقضى في منتصف ليل 4 ابريل . ويراعى في جميع الأحوال أنه إذا كان آخر يوم من أيام الأجل يوم عطلة ، أو يوماً لا يتيسر فيه تنفيذ الالتزام من جراء أمر يقتضيه القانون ، فلا ينقضي الميعاد إلا في اليوم التالي ( [56] ) ” .

 110

71 – حلول الأجل بسقوط – نص قانونين : وقد يحل الأجل ، قبل انقضائه ، بالسقوط . وتنص المادة 273 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي :

 ” يسقط حق المدين في الأجل : “

 ” 1- إذا شهر إفلاسه أو إعساره وفقا لنصوص القانون ” .

 ” 2- إذا أضعف بفعله إلى حد كبير أعطي الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطي بعقد لاحق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين ، أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فان الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضمانا كافيا ” .

 ” 3- إذا لم يقدم للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات ( [57] ) ” .

 111

ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 102 / 156 ، وتكاد الأحكام تكون واحدة في التقنين ( [58] ) .

ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 273 ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 260 ، وفي التقنين المدني العراقي المادتين 295 – 296 ، وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 113 – 114 ( [59] ) .

 112

والمفروض هنا أن الأجل أجل واقف ، أما الأجل الفاسخ فله أسباب يسقط بها في أحوال معينة وردت فيها نصوص خاصة ( [60] ) .

ويتبين من النص المتقدم الذكر أن الأجل الواقف يسقط بأحد أسباب ثلاثة :

 ( 1 ) شهر إفلاس المدين أو إعساره ( 2 ) إضعاف التأمينات ( 3 ) عدم تقديم التأمينات التي وعد بها المدين . يضاف إلى هذه الأسباب أسباب أخرى في حالات خاصة ، كالموت وتطهير العقار المرهون . ونستعرض كل هذه الأسباب فيما يلي :

72 – سقوط الأجل لشهر إفلاس المدين أو إعساره : كان الأجل يسقط ، في عهد التقنين المدني السابق ، بشهر إفلاس المدين . وكذلك كان يسقط بإعسار المدين إعساراً فعلياً ( [61] ) ، لأن هذا التقنين لم يكن يعرف نظام الإعسار  113  القانونين ( [62] ) . لذلك كان سقوط الأجل أكثر ما يلاحظ في حالة شهر الإفلاس لأنها حالة نظمها القانون بإجراءات ظاهرة ، أما الإعسار الفعلي فكان أمراً خفياً لا يظهر للناس ، فقل أن يكون سبباً في سقوط الأجل ( [63] ) .

والآن بعد أن نظم التقنين المدني الجديد حالة الإعسار القانونين ووضع لها إجراءات ظاهرة ، أصبح من اليسير في هذا التقنين تطبيق الحكم القاضي بإسقاط الأجل في حالة الإعسار كما يطبق الحكم القاضي بإسقاط الأجل في حالة الإفلاس ( [64] ) .

 114

ويلاحظ أن المادة 255 مدني تقضي ، عندما يحل الدين بشهر الإعسار ، بخصم مقدار الفائدة الاتفاقية أو القانونية عن المدة التي سقطت بسقوط الأجل ، وتقضي كذلك بأنه ” يجوز للقاضي أن يحكم ، بناء على طلب المدين وفي مواجهة ذوي الشأن من دائنيه ، بإبقاء الأجل أو مدة بالنسبة إلى الديون المؤجلة ، كما يجوز له أن يمنح المدين أجلاً بالنسبة إلى الديون الحالة ، إذا رأى أن هذا الإجراء تبرره الظروف وانه خير وسيلة تكفل مصالح المدين والدائنين جميعاً ” . وقد تقدم بيان ذلك .

كذلك للمدين بعد إنهاء حالة الإعسار أن يطلب إعادة الديون التي كانت قد حلت بسبب شهر الإعسار ولم يتم الوفاء بها إلى أجلها السابق ، متى كان أدى جميع ما حل من أقساطها ، كما سبق القول عند الكلام في الإعسار ( [65] ) .

وغنى عن البيان أن مجرد الإعسار الفعلى ، في عهد التقنين المدني الجديد ، لا يكفي لإسقاط الأجل ، بل لا بد من أن يكون الإعسار إعساراً قانونيناً قد شهر بموجب الإجراءات التي قررها القانون في هذا الصدد .

73 – سقوط الأجل لاضعاف التأمينات : ويشترط في هذا السبب من أسباب سقوط الأجل أن يكون للدين المؤجل تأمين خاص ، فلا يكفي أن يضعف المدين الضمان العام للدائنين وهو يتناول أمواله في جملتها ( [66] ) ، بان يتصرف في بعض من ماله ( [67] ) ولو إلى حد الإعسار ، فإن علاج ذلك هو  115  أن يطلب الدائن شهر إعسار المدين ، فإذا شهر الإعسار سقط الأجل ، ولكنه يسقط بسبب شهر الإعسار لا بسبب إضعاف التأمينات . ولا يجوز للدائن في هذه الحالة ، قبل شهر الإعسار ، أن يستعمل الدعوى البولصية ما دام الأجل قائماً لم يسقط ، فقد قدمنا أن الدعوى البولصية تقتضي أن يكون الحق مستحق الأداء .

فلا بد إذن من إني كون هناك للدين المؤجل تأمين خاص ( [68] ) ، كرهن أو امتياز . ولا يهم مصدر هذا التأمين ، فقد يكون نفس العقد الذي نشا منه الدين المؤجل ، بان يكون رهناً رسمياً أو رهن حيازة أخذه الدائن ضماناً لحقه في العقد الذي أنشأ هذا الحق . وقد يكون مصدر الرهن عقداً لاحقاً لعقد الدين أو لمصدره أياً كان هذا المصدر ، بان اتفق الدائن مع مدينه بعد ثبوت الدين في ذمة المدين على رهن لضمان هذا الدين . وقد يكون مصدر التأمين الخاص القانون كحق امتياز يكون ضامناً للدين المؤجل ( [69] ) ، كما إذا كان البائع  116  قد أجل الثمن وله امتياز على المبيع فاضعف المشتري هذا التأمين الخاص ( [70] ) . ولا يتصور أن يكون هذا التأمين الخاص هو حق اختصاص مصدره القضاء ، فإن المفروض فيما نحن بصدده أن الدين مؤجل ، والدين المؤجل لا يمكن أن يضمنه حق اختصاص ، إذ حق الاختصاص لا يؤخذ إلا بموجب حكم واجب التنفيذ ، وهذا يفترض حتما أن الدين مستحق الأداء ( [71] ) .

ثم لا بد من أن يكون هذا التأمين الخاص قد ضعف على حد كبير ، ومعنى ذلك أن يكون قد ضعف إلى حد أن أصبح أقل من قيمة الدين ، كما ذكر ذلك صراحة في لجنة المراجعة عند عرض المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ( [72] ) . إما أن يضعف ضعفاً يسيراً ، ويبقى بالرغم من ذلك كافياً لضمان الدين كفاية ملحوظة ، فذلك لا يبرر سقوط الأجل ( [73] ) .

 117

فإذا توافر هذان الشرطان – وجود تأمين خاص وإضعاف هذا التأمين إلى حد كبير – يبقى بعد ذلك أن نميز بين فرضين .

 ( 1 ) فأما أن يكون هذا الإضعاف قد حدث بفعل المدين ، أي بخطأه ولا يشترط أن يتعمد المدين أضعاف التأمين الخاص ، بل يكفي أن يكون قد قصر في المحافظة عليه حتى ضعف ( [74] ) . وفي هذه الحالة يسقط الأجل ، إلا إذا اختار الدائن أن يطالب المدين بتكملة التأمين حتى يبلغ ما كان عليه قبل أضعاف المدين له . ولا يكتفي الدائن هنا بالطالبة بتامين كاف ، بل يطلب تكملة التأمين الأصلي ، فقد كان هذا التأمين من حقه والمدين هو الذي أضعفه بخطأه . وهذا الخيار مرهون بإرادة الدائن لا بإرادة المدين ، فإذا اختار الدائن تكملة التأمين  118  وأكمله المدين بقى الأجل على حاله ولم يسقط ، أما إذا يختر تكملة التأمين فإن الأجل يسقط ويحل الدين ( [75] ) . ومن ثم يكون التزام المدين في هذه الحالة التزاماً تخييراً ، الخيار فيه للدائن ، فإن الدائن يكون بالخيار إما أن يطالب المدين بالدين فوراً لسقوط الأجل وإما أن يطالب بتكملة التأمين ( [76] ) . ويلاحظ أن الدين الذي حل بسقوط الأجل في هذه الفرض لا ينتقص منه ما يقابل الأجل ، لأن سقوط الأجل هنا كان بسبب خطأ المدين ( [77] ) .

 ( 2 ) وأما أن يكون أضعاف التأمين الخاص يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه . فهو لم يحدث بخطأ منه ، بل حدث بفعل أجنبي أو بقوة  119  قاهرة أو حادث فجائي . فعند ذلك يسقط الأجل أيضاً كجزاء على ضعف التأمينات إلى هذا الحد الكبير الذي سبقت الإشارة إليه ، إلا أن المدين يستطيع أن يتوقى سقوط الأجل بأن يقدم للدائن تأميناً كافياً لدينه يعوض عليه ما ضعف من التأمينات الأولى ( [78] ) . والالتزام هنا تخييري أيضاً ، ولكن الخيار فيه للمدين لا للدائن على عكس الصورة السابقة ( [79] ) . والسبب واضح ، فإن ضعف التأمينات لم يكن بخطأ المدين فترك الأمر مرهوناً بإرادته ، فأما أن يسلم بسقوط الأجل وإما أن يختار تقديم تأمين كاف . والمطلوب من المدين هنا هو تقديم هذا التأمين الكافي ، وليس تكملة التأمين الأصلي كما في الحالة السابقة . فقد يكون التأمين الأصلي تزيد قيمته كثيراً على الدين ، فلا يطلب من المدين أن يبلغه الحد الذي كان عليه ، بل يكفي أن يبلغه حداً يجعله تأميناً كافياً ولو لم يصل إلى حد التأمين الأصلي . وقد كان المشروع التمهيدي يقتضي إني كمل المدين التأمين الأصلي ، ولكن لجنة المراجعة عدلت النص واكتفت بان يقدم المدين ” ضماناً كافياً ” ( [80] ) . ويلاحظ أن الدين الذي حل بسقوط الأجل ، في هذه الحالة ، ينتقص منه ما يقابل الأجل ، لأن سقوط الأجل لم يكن بخطأ المدين ( [81] ) .

 120

وقد طبق التقنين المدني الجديد هذه الأحكام تطبيقاً تشريعياً في حالة ما إذا كان التأمين الخاص رهناً رسمياً أو رهناً حيازياً . ففي حالة الرهن الرسمي نصت المادة 1048 مدني ( وتقابلها المادة 562 / 686 من التقنين المدني السابق وهي تشتمل على نفس الحكم ) على ما يأتي : ” 1- إذا تسبب الراهن بخطئه فى هلاك العقار المرهون أو تلفه ، كان الدائن المرتهن مخبرا بين أن يقتضي تأمينا كافيا أو أن يستوفى حقه فورا . 2- فإذا كان الهلاك أو التلف قد نشأ عن سبب أجنبى ولم يقبل الدائن بقاء الدين بلا تأمين ، كان المدين مخبرا بين أن يقدم تأمينا كافيا أو أن يوفى الدين فورا قبل حلول الأجل ( [82] ) . وفى الحالة الأخيرة إذا لم يكن للدين فوائد فلا يكون للدائن حق إلا فى استيفاء مبلغ يعادل قيمة الدين منقوصا منها الفوائد بالسعر القانونى عن لمدة ما بين تاريخ الوفاء وتاريخ حلول الدين . 3- وفى جميع الأحوال إذا وقعت أعمال من شأنها أن تعرض العقار المرهون للهلاك أو التلف أو تجعله غير كاف للضمان ، كان للدائن أن يطلب إلى القاضى وقف هذه الأعمال واتخاذ الوسائل التى تمنع وقوع الضرر ” . وفي حالة رهن الحياة قضت الفقرة الثانية من المادة 1022 مدني بان تسرى على رهن الحيازة أحكام المادة 1048 سالفة الذكر .

74 – سقوط الأجل لعدم تقديم المدين لتامين وعد به : وهنا يسقط الأجل بخطأ المدين ، إذ يكون قد التزام للدائن بتقديم تأمين خاص لدينه ، ثم أخل بهذا الالتزام ولم يقدم التأمين الموعود به ( [83] ) . فيسقط الأجل في هذه الحالة  121  دون أن ينتقص من الدين شيء في مقابلة سقوط الأجل ، لأن الأجل ، كما قدمنا ، قد سقط بخطأ المدين . ويستطيع الدائن ، بعد سقوط الأجل وحلول الدين واستصدار حكم واجب التنفيذ به ، أن يحصل بموجب هذا الحكم على حق اختصاص على عقارات المدين ، يحل محل التأمين الخاص الذي كان المدين قد وعده به دون أن يفى بوعده .

ويلاحظ أن الدائن ذا الحق المؤجل ، حتى لو لم يكن له تأمين خاص أصابه ضعف ، وحتى لو لم يكن موعوداً بتأمين خاص لم يقدم ، له أن يطالب المدين بتامين خاص إذا خشى إفلاسه أو إعساره واستند في ذلك إلى سبب معقول ( م 274 / 2 مدني ) . فإذا لم يقدم المدين التأمين الخاص الذي يوجبه القانون ، كان هذا سبباً في سقوط الأجل ، قياساً على حالة التأمين الموعود به والذي لم يقدم ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك ( [84] ) . فالالتزام بتقديم تأمين خاص قد يكون مصدره الاتفاق أو القانون ، ويكون مصدره القانون في الحالة التي نحن بصددها . وأياً كان مصدره ، فإن الإخلال به يكون سبباً في سقوط الأجل ( [85] ) .

 122

75 – سقوط الأجل لأسباب أخرى : قدمنا أن موت المدين ( [86] ) قد يكون سبباً لسقوط الأجل . وقد ورد نص صريح في كل من التقنين المدني العراقي ( م 296 ) وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 114 ) يقضي بأن الدين يحل بموت المدين إلا إذا كان مضموناً بتأمينات عينية . أما في التقنين المدني المصري فالأصل أن الدين لا يحل بموت المدين ، بل يبقى الدين مؤجلا في التركة . ومع ذلك إذا عين للتركة مصف ( أنظر المادة 876 مدني وما بعدها ) فإنه يجوز للمحكمة ، بناء على طلب جميع الورثة ، أن تحكم بحلول الدين المؤجل وبتعيين المبلغ الذي يستحقه الدائن ، مراعية في ذلك إعلان الدائن بسقوط الأجل – بشرط أن يكون قد انقضى منه ستة أشهر على الأقل – وأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، هذا إذا كان في الأجل مصلحة للدائن ( م 894 و م 544 مدني ) . أما إذا لم تجمع الورثة على طلب حلول الدين المؤجل ، فإن الدين يبقى مؤجلا علىحاله ، وتتولى المحكمة توزيع الديون المؤجلة وتوزيع أموال التركة على الورثة ، بحيث يختص كل وارث من جملة ديون التركة ومن جملة أموالها بما يكون في نتيجة معادلا لصافي حصته في الإرث ( [87] ) .

ويسقط الأجل أيضاً بموجب نصوص قانونية في حالات خاصة ، كما في التطهير ( أنظر المادة 1064 مدني وما بعدها ) .

وسنرى أنه إذا كان الأجل قضائياً – نظرة الميسرة – فأنه يسقط الأسباب أخرى فوق التي قدمناها ، فيسقط بالمقاصة القانونية ، ويسقط كذلك باقتدار المدين على الوفاء بدينه ، ويسقط أخيراً إذا نفذ أحد الدائنين الآخرين بحقه على أموال المدين . وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في نظرة الميسرة ( [88] ) .

 123

وهناك حالة هي عكس الحالة التي يسقط فيها الأجل ، إذ فيها يحل الأجل فعلا ولكن لا يعتبر مع ذلك أنه قد حل لأن حلوله إنما حدث بطريق الغش من الدائن ( [89] ) . ويقع ذلك في التأمين على الحياة إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته ، فإن الدائن في هذه الحالة يتعجل حلول الأجل بانتحاره عمداً ، فلا يعتبر الأجل قد حل ، وتبرأ ذمة المؤمن من التزامه بدفع مبلغ التأمين . وقد ورد في هذا الحكم نص صريح في التقنين المدني ، فنصت الفقرة الأولى من المادة 756 على أن ” تبرأ ذمة المؤمن من التزامه بدفع مبلغ التأمين إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته ” . كذلك إذا كان الدائن بمبلغ التأمين هو شخص غير المؤمن علىحياته ، فإنه لا يستحق مبلغ التأمين إذا تسبب عمداً في موت المؤمن على حياته ، لأنه يكون قد تعجل غشاً حلول الأجل ، فيعتبر الأجل غير حال بالرغم من حلوله فعلا . ويستوي في ذلك أن يكون التأمين على حياة شخص غير المؤمن له أو يكون لصالح شخص غير المؤمن له . وتنص المادة 757 مدني في هذا الصدد على ما يأتي : ” 1- إذا كان التأمين على حياة شخص غير المؤمن له ، برثت ذمة المؤمن من التزاماته متى تسبب المؤمن له عمداً فى وفاة ذلك الشخص ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه . 2- وإذا كان التأمين على الحياة لصالح غير المؤمن له ، فلا يستفيد هذا الشخص من التأمين إذا تسبب عمداً فى وفاة  124  الشخص المؤمن على حياته ، أو وقعت الوفاة بناء على تحريض منه . فإذا كان ما وقع من هذا الشخص مجرد شروع فى إحداث الوفاة ، كان للمؤمن له الحق فى أن يستبدل بالمستفيد شخصاً آخر ، ولو كان المستفيد قد قبل ما اشتراط لمصلحته من تأمين ” .

76 – حلول الأجل بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه : وقد يحل الأجل قبل انقضائه ، لا بسقوطه في الأحوال التي تقدم ذكرها ، بل بالنزول عنه ممن له مصلحة فيه ، المدين أو الدائن .

لذلك ينبغي ، لمعرفة ما إذا كان النزول عن الأجل صحيحاً ، أن نتبين من له مصلحة فيه من الطرفين ، هل هو المدين أو هو الدائن ، وأيهما كانت له المصلحة يجوز له النزول عن الأجل لأنه إنما ينزل عن مصلحة له ( [90] ) .

وقد كان المشرع التمهيدي يشتمل على نص في هذه المسألة هو نص المادة 397 ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” 1- يفترض في الأجل أنه ضرب لمصلحة المدين ، إلا إذا تبين من العقد أو من نص في القانون أو من الظروف أنه ضرب لمصلحة الدائن أو لمصلحة الطرفين معاً . 2 – إذا تمحض الأجل لمصلحة أحد الطرفين ، جاز لهذا الطرف أن يتنازل عنه بإرادته المنفردة ” ( [91] ) . وقد حذفت  125  هذه المادة في لجنة المراجعة ” لأن حكمها مستفاد من تطبيق المبادئ العامة ” ( [92] ) ، من أجل ذلك يكون هذا الحكم واجب التطبيق بالرغم من حذف النص . وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي شرح واف لهذا الحكم نقتصر على إيراده فيما يلي : ” قد يضرب الأجل لمصلحة المدين وحده ، كما هو الشأن في عارية الاستهلاك بغير فائدة وعارية الاستعمال ، أو لمصلحة الدائن وحده ، كما هي الحال في الوديعة ( [93] ) . أو لمصلحة الدائن والمدين معاً ، كما يقع ذلك في القرض بفائدة . ويفترض عند الشك أن الأجل مضروب لمصلحة المدين وحده ( [94] ) . ومع ذلك فقد يستفاد من العقد كما يقع ذلك في القرض  126  بفائدة ( [95] ) ، أو من نص القانون كما هو الشأن في حق الانتفاع والإيراد المرتب مدى الحياة ، أو من الظروف كما هي الحال في ودائع المصارف ، إن الأجل قد ضرب لمصلحة الدائن أو لمصلحة الدائن والمدين معاً . فإذا كان الأجل مضروباً لمصلحة الدائن والمدين معاً ، فلا يجوز لأحدهما أن ينفرد بالتنازل عنه ، بل يشترط لذلك تراضيهما . أما إذا كان الأجل على نقيض ذلك مضروباً لمصلحة أحد الطرفين ، فلمن شرط الأجل لمصلحته ، دائناً كان أو مديناً ، أن ينزل عنه بإرادته المنفردة . وتفريعاً على هذه القواعد لا تجوز الإقالة من الاجازة ( وهي لمصلحة الطرفين ) قبل انتهاء الأجل إلا بتراضى المؤجر والمستأجر ، ويجوز للمستعير في عارية الاستعمال ( وهي لمصلحة المستعير وحده ) أن يرد الشيء قبل الأجل المحدد ، ويجوز للمودع ( والوديعة لمصلحته وحده ) أن يطالب برد ما استودع قبل انقضاء الأجل الإيداع ” ( [96] ) .

 127

على أن التقنين المدني – استثناء من الأحكام المتقدم ذكرها – وضع قاعدة في القرض بفائدة أجاز فيها للمدين ، دون رضاء الدائن ، أن ينزل عن الأجل بشروط معينة ، مع أن الأجل مقرر لمصلحة كل من المدين والدائن ، فكان الواجب إلا يجوز للمدين وحده أن ينزل عنه بغير رضاء الدائن ، وذلك إمعاناً من المشرع في كراهية الربا . وقد وضع القانون لحق المدين في النزول عن الأجل دون رضاء الدائن شروطاً فيها بعض التعويض على الدائن : ( 1 ) أن يكون قد انقضى على القرض ستة أشهر على الأقل يتقاضى فيها الدائن الفوائد المستحقة . ( 2 ) أن يعلن المدين الدائن برغبته في إسقاط الأجل ورد ما اقترضه . ( 3 ) أن يتم الرد فعلا في أجل لا يجاوز ستة أشهر من تاريخ هذا الإعلان . ( 4 ) أن يؤدي الدائن للمدين فوائد ستة الأشهر التالية للإعلان ( [97] ) . وهذا ما تنص عليه المادة 544 مدني في هذا الصدد : ” إذا اتفق على الفوائد ، كان للمدين إذا انقضت سنة أشهر على القرض أن يعلن رغبته في إلغاء العقد ورد ما اقترضه ، على أن يتم الرد في أجل لا يجاوز ستة اشهر من تاريخ هذا الإعلان ، وفي هذه الحالة يلزم المدين بأداء الفوائد المستحقة عن ستة الأشهر التالية للإعلان ، ولا يجوز بوجه من الوجوه إلزامه بأن يؤدي فائدة أو مقابلا من أي نوع بسبب تعجيل الوفاء ، ولا يجوز الاتفاق على إسقاط حق المقترض في الرد أو الحد منه ” ( [98] ) .

2- ما يترتب من الأثر على حلول الأجل

77 – الأجل الواقف : إذا حل الأجل الواقف ، بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عنه على النحو الذي بيناه ، أصبح الحق نافذاً ، ووجب على المدين القيام بتنفيذه بعد أن يعذره الدائن ( [99] ) ، لأن حلول الأجل وحده لا يكفي  129  لأعذار المدين كما سبق القول ( [100] ) .

ويترتب على أن حق الدائن يصبح نافذاً بحلول الأجل عكس النتائج التي رتبناها على عدم نفاذ الحق قبل حلول الأجل . فيجوز للدائن أن يجبر المدين على أداء الدين ، ويقبل من المدين الوفاء الاختياري فلا يسترد ما دفعه لأنه دفع ديناً مستحق الأداء ، ويجوز للدائن أن يحجز بموجبه تحت يد مدين المدين كما يجوز له توقيع الحجوز التحفظية الأخرى ، وله أن يستعمل الدعوى البولصية ، ويسري في حق الدين الذي حل أجله التقادم المسقط ، وللدائن أن يحبس به ديناً في ذمته للمدين ( [101] ) .

 130

وليس لحلول الأجل الواقف أثر ارجعي كما هو الأمر في تحقق الشرط الواقف . فلا يعتبر الحق نافذاً من وقت الاتفاق ، بل من وقت حلول الأجل . وهذا مستفاد من أن الأجل أمر محقق الوقوع ، ويتفق في الوقت ذاته مع نية الطرفين ( [102] ) .

78 – الأجل الفاسخ : وهنا أيضاً نتجوز فنعتبر أن العقود الزمنية مقترنة بأجل فسخ . فإذا حل الأجل ، بانقضائه أو بسقوطه ( [103] ) أو بالنزول عنه ، فإن الحق ينقضي من تلقاء نفسه بحلول الأجل دون حاجة إلى حجم يصدر بذلك ( [104] ) . ويجوز للطرفين مد الأجل غير مرة ، ولكن المد يكون باتفاق جديد ( [105] ) .

ويترتب على أن الحق يزول بحلول الأجل أن جميع التصرفات التي أجراها صاحب الحق تزول بزواله ، فالإيجار من الباطن والتنازل عن الإيجار مثلا يزولان بزول الإيجار الأصلي . ويزول الحق بحلول الأجل حتى لو كان قد انتقل من الدائن إلى خلف عام أو إلى خلف خاص .

 131

ويكون انقضاء الحق بحلول الأجل دون أثر رجعي ، بخلاف ما قررناه في تحقق الشرط الفاسخ ، فيعتبر الحق قد انقضى من وقت حلول الأجل لا من وقت الاتفاق ، وبذلك يتميز الحق المقترن بأجل فاسخ عن الحق المعلق على شرط فاسخ ، فالحق الأول يعتد بوجوده قبل حلول الأجل ، أما الحق الآخر فيعتبر قد زال منذ البداية وكأنه لم يكن . وقد أشارت الفقرة الثانية من المادة 274 مدني صراحة إلى انعدام الأثر الرجعي لحلول الأجل الفاسخ ، فنصت على أنه ” يترتب على انقضاء الأجل الفاسخ زوال الالتزام ، دون أن يكون لهذا الزوال اثر رجعي ( [106] ) .

***

79 – مقارنة بين الشرط والأجل : بعد أن بسطنا أحكام كل من الشرط والأجل ، نعقد مقارنة موجزة بينهما . فهناك موافقات ، كما أن هناك مفارقات .

أما الموافقات الجوهرية فتتخلص في أمرين :

 ( ا ) أن كلا من الشرط والأجل أمر مستقبل .

 ( 2 ) وأن كلا منهما ينقسم إلى واقف وفاسخ ، هذا مع التجوز المعهود في الأجل الفاسخ فيما يتعلق بالعقود الزمنية .

وأما المفارقات الجوهرية فتتلخص في الأمور الآتية :

 ( 1 ) الشرط أمر غير محقق الوقوع ، أما الأجل فأمر محقق الوقوع .

 ( 2 ) الحق المعلق على شرط واقف حق موجود ولكنه ناقص ، أما الحق لمقترن بأجل واقف فحق موجود كامل الوجود .

 ( 3 ) الحق المعلق على شرط فاسخ حق موجود على خطر الزوال ، أما الحق المقترن بأجل فاسخ فحق مؤكد الزوال .

 ( 4 ) لتحقق الشرط ، كقاعدة عامة ، أثر رجعي ، أما حلول الأجل فليس له هذا الأثر .

 132

وترد كل هذه الفروق إلى فكرة واحدة ، هي أن الشرط أمر غير محقق الوقوع : ومن ثم فالحق المعلق على شرط واقف حق ناقص ، والحق المعلق على شرط فاسخ حق على خطر الزوال ، ولتحقق الشرط أثر رجعي تأولا لنية الطرفين أمام أمر غير محقق الوقوع . والأجل أمر محقق الوقوع . ومن ثم فالحق المقترن بأجل واقف حق كامل الوجود ، والحق المقترن با<ل فاسخ حق مؤكد الزوال ، وليس لحلول الأجل أثر رجعي إذ لا محل لتأول نية الطرفين على هذا الوجه أمام أمر محقق الوقوع .

 133

الباب الثاني

تعدد محل الالتزام

80 الالتزام متعدد المحل والالتزام التخييري والالتزام البدلي : قد يتعدد محل الالتزام ، فيكون هذا التعدد وصفاً ( modalite ) في الالتزام ( [107] ) . والالتزام الموصوف على هذا النحو أنواع ثلاثة : ( 1 ) التزام متعدد المحل ( obligation conjointe ) ( 2 ) والتزام تخييري ( obligation alternative ) ( 3 ) والتزام بدلى ( obligation facultative ) ( [108] )

 134

فالالتزام متعدد المحل هو التزام واحد ولكنه ذو محل متعدد ، كالمتقايض يلتزم بإعطاء المتقايض معه أرضا ومعدلا ( solute ) للمقايضة هو مبلغ من النقود في مقابل أن يعطيه المتقايض الآخر داراً . فهنا يلتزم المتقايض الأول بإعطاء المتقايض معه أرضا ومبلغاً من النقود ، فالتزامه واحد مصدره عقد المقايضة ، وهو في الوقت ذاته متعدد المحل لأن المدين ملتزم أن يعطي شيئين لا شيئاً واحداً : الأرض ومبلغ النقود . وليس هذا النوع من الوصف أثر كبير في الالتزام ، ولا توجد فروق هامة ما بين الالتزام متعدد المحل والالتزام ذى المحل الواحد . ففي الالتزامين يجب على المدين إن يؤدى للدائن محل الالتزام كاملا إذا كان واحداً ، أو جميع محال الالتزام إذا كان متعددة ، ولا تقبل التجزئة في الوفاء ( paiement partiel ) ، فلا تجوز تأدية جزء من المحل الواحد أو محل من المحال المتعددة دون رضاء الدائن . والهلاك الجزئي – بان يهلك جزء من المحل الواحد أو من المحال المتعددة حكمه واحد في الالتزامين ، وينقسم في كل منهما الثمن أو المقابل أياً كان على الجزء الهالك والجزء الباقي وفقاً لأحكام الهلاك الجزئي . ويجوز فسخ العقد في الحالتين إذا بقى جزء من المحل الواحد أو من المحال المتعددة دون وفاء ( [109] ) . على أن الالتزام ذا المحل الواحد يكون عقاراً أو منقولا تبعاً لطبيعة هذا المحل ، ففي المثل المتقدم يكون التزام المتقايض الآخر – وقد التزم بإعطاء دار – عقاراً . أما الالتزام ذو المحل المتعددة فيكون عقاراً أو منقولا تبعاً لطبيعة المحال المتعددة جميعاً ، وقد يكون بعضها عقاراً وبعضها منقولا كما في حالة المتقايض إذا التزم بإعطاء أرض ومبلغ من النقود ، فيكون الالتزام لا عقاراً محضاً ولا منقولا محضاً بل هو مختلط ( mixte ) بعضه عقار وبعضه منقول ( [110] ) .

 135

والالتزام التخييري هو التزام متعدد المحل ، ولكن واحداً فلقط من هذه  136  المحال المتعددة هو الواجب الأداء ، لا المحال جميعاً كما في الصورة السابقة . فإذا التزم شخص لآخر بإعطائه إما أرضاً أو سيارة ، كان الالتزام هنا تخييرياً ، وكان محل الالتزام هو الأرض أو السيارة بحسب اختيار المدين أو الدائن ، وليس المحل هو الأرض والسيارة معاً .

يبقى الالتزام البدلي ، وهو التزام غير متعدد المحل على النحو السابق ، بل له محل واحد ، ولكن يستطيع المدين إن يؤدي شيئاً آخر بدلا منه فيقضي بذلك التزامه . فإذا التزم شخص لآخر بإعطائه داراً ، واحتفظ لنفسه بالحق في أن يعطيه إذا شاء أرضاً بدلا من الدار ، كان الالتزام بدلياً . وهنا يكون محل الالتزام شيئاً واحداً هو الدار ، ولكن يجوز للمدين أن يستبدل بالدار الأرض للوفاء بالتزامه ، ولا يستطيع الدائن أن يرفض هذا الوفاء .

 137

ونرى مما تقدم أن هناك تدرجاً تصاعدياً في تعدد المحل ما بين الالتزام البدلي والالتزام التخييري والالتزام ذى المحل المتعدد . ففي الالتزام البدلي محل الالتزام ( objet in obligatione ) ، واحد ، ولكن يوجد شيء آخر يحل محله عند الوفاء ( objet in facultate solutionis ) . ويرقى الالتزام التخييري مرتبة في تعدد المحل ، فمحل الالتزام متعدد – شيئان أو أكثر لا شيء واحد – ولكن الواجب الأداء من هذه الأشياء المتعددة هو شيء واحد . ثم يرقى الالتزام ذى المحل المتعدد المرتبة العليا في تعدد المحل ، فمحل الالتزام متعدد – شيئان أو أكثر – والواجب الأداء هو كل هذه الأشياء المتعددة ( [111] ) .

ولما كان الالتزام ذو المحل المتعدد لا يكاد يفارق الالتزام ذا المحل الواحد ، وتكاد تكون أحكام كل منهما واحدة ، فإنه لا توجد أهمية خاصة لأفراده بالبحث ( [112] ) . والذي يجب أن يفرد بالبحث – لأن الوصف فيه ذو أثر بالغ – هو الالتزام التخييري ثم الالتزام البدلي ، ونبحثهما في فصلين متعاقبين .


 ( [1] )   تاريخ النصوص :

م 271 : ورد هذا النص في المادة 392 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 283 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 271 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 22 – ص 23 و ص 25 – ص 26 ) .

م 272 : ورد هذا النص في المادة 395 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 284 من المشروع النهائي . ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 272 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 26 و ص 28 ) .

 ( [2] )   التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 271 – 272 ( مطابقتان للمادتين 271 – 272 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 258 – 259 ( مطابقتان للمادتين 271 – 272 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 291 : يجوز أن يقترن العقد بأجل يترتب على حلوله تنجيز العقد أو انقضاؤه .

م 297 ( مطابقة للمادة 272 من التقنين المدني المصري ) .

 ( وأحكام التقنين المدني العراقي تتفق مع أحكام التقنين المدني المصري فيما عرضت له هذه النصوص من المسائل : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 150 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 100 : إن الموجبات يمكن تقييدها بأجل . والأجل عارض مستقبل مؤكد الحدوث من شأنها أن يقف استحقاق الموجب أو سقوطه ، ولا يكون له مفعول رجعي . وإذا كان الوقت الذي سيقع فيه ذاك العارض معروفا من قبل ، كان الموجب ذا أجل أكيد ، وإلا كان ذا أجل غير أكيد .

 ( وهذا النص يتفق في الحكم مع المادة 271 من التقنين المدني المصري . ولا مقابل في التقنين اللبناني للمادة 272 من التقنين المصري . ولكن يوجد في نصوص عقد القرض في التقنين اللبناني المادة 763 وتنص على ما يأتي : ” وإذا لم يعين أجل كان المقترض ملزماً بالرد عند أي طلب يأتيه من المقرض . وإذا اتفق الطرفان على أن المقترض لا يوفي إلا عند تمكنه من الإبقاء وحين تتسنى له الوسائل ، فللمقرض عندئذ أن يطلب من القاضي تعيين موعد للإيفاء ” . ويمكن تعميم حكم هذه المادة على الالتزامات الأخرى الناشئة من غير عقد القرض ، إذ النص ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيكون حكم التقنين اللبناني متفقاً مع حكم التقنين المصري في هذه المسألة ) .

 ( [3] )   الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 171 هامش رقم 1 .

 ( [4] )   الموجز للمؤلف فقرة 483 .

 ( [5] )   المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 .

 ( [6] )   بودري وبارد 2 فقرة 968 ص 147 هامش رقم 1 . ومما يقطع في أن المفترض لم يتعامل في تركته المستقبلة أنه إذا أفلس أو أعسر أو اضعف التأمينات ، فسقط الأجل ، حل الدين ، وزاحم المقرض باقي الدائنين في مآل المقترض الموجود وقت سقوط الأجل .

 ( [7] )   وقد يكون الأجل غير المعين موكولا تعيينه الىارادة الدائن ، كما إذا اتفق على حلول الدين بعد إخطار الدائن المدين بثلاثة أشهر أو بسنة مثلا . فالأجل هنا غير معين ، ولا يتعين إلا باخطار الدائن المدين وانقضاء المدة المحددة بعد الأخطار . ولكن التقادم يسري ضد هذا الدين من وقت وجوده لا من وقت حلول الأجل الموكول إلى إرادة الدائن ، وإلا كان غير قابل للتقادم ( أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 125 ) . وكذلك الحال في السندات الواجبة الدفع عند التقديم ( a vue ) ( قارن بيدان ولاجارد 8 فقرة 716 ) . وإذا كان نظام الشركة لم يحدد مواعيد لتغطية الأوراق غير المغطاة وترك ذلك لعناية مديري الشركة ، فأن ذلك ليس من شأنه أن يجعل الدين ديناً مستحق الوفاء عند التقديم ( a vue ) ، بل أن الالتزام هنا مضاف إلى أجل معين أو غير معين ، تبعاً لما إذا كان نظام الشركة قد عين مقدماً ميعاد التغطية أو لم يعين ، ولا يحل الأجل إلا عند الدعوة إلى التغطية ( استئناف مختلط 30 مارس سنة 1927 م 39 ص 352 ) . والالتزام برصيد الحساب الجاري هو الالتزام مقترن بأجل غير معين ، إذ أن الرصيد يحل أجله متى أبدى الدائن للرصيد رغبته في اقفال الحساب وقبض الرصيد ( استئناف مختلط 18 نوفمبر سنة 1908 م 21 ص 12 ) ، ويحل على كل حال بموت أحد الطرفين ( استئناف مختلط 18 يناير سنة 1917 م 29 ص 166 – 16 ابريل سنة 1924 م 36 ص 313 ) . وللمصرف في أي وقت أن يقطع حساب عميله ولا يكون ملزماً بالاستمرار في الحساب الجاري ، فإذا ترك لعميله المهلة المعقولة لسداد رصيد الحساب الجاري ، فلا يجوز للعميل أن ينعي عليه أنه قطع الحساب في وقت غير مناسب ( استئناف مختلط 6 مارس سنة 1902 م 14 ص 180 ) .

وقد يكون الأجل المضروب أجلاً ممتداً ، كأن يلتزم صانع أن يصنع أثاثاً في خلال مدة معينة ، فالأجل هنا ليس يوماً معيناً بالذات ، بل ميعاداً أقصاه يوم معين بالذات . فهو من هذه الناحية مجهول ميعاد الحلول ، وإن كان الحد الأقصى لهذا الميعاد معلوماً . ويكون تعيين ميعاد الحلول موكولا إلى أحد الطرفين – المدين في هذا المثل وقد يكون الدائن في أمثلة أخرى – ويقوم بتعيينه عند الوفاء بالالتزام . ومثل هذا الأجل تمكن تسميته بالأجل التعجيلي ، لأن الغرض منه تعجيل تنفيذ الالتزام وليس تأجيله ( أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 17 – ص 18 ) .

 ( [8] )   وقد أورد الأستاذان كولان وكابيتان مثلا لأجل غير معين يشتبه بالشرط : يهب رجل امرأة أو يوصى لها بإيراد مرتب إلى اليوم الذي تتزوج فيه ، وعندئذ ينقطع المرتب . فإذا اعتبرنا الزواج هنا أجلاً فاسخاً غير معين ، كان التصرف صحيحاً . أما إذا اعتبرناه شرطاً فاسخاً ، كان بمثابة قدي على حق الزواج وقد يكون غير مشروع . وفي هذه الحالة يكيف الوصف ، عند الشك ، بأنه أجل غير معين تصحيحاً للتصرف ( كولان وكابيتان 2 فقرة 667 ) .

وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الاتفاق الذي يؤخر حلول الدين إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المدين يعتبر اتفاقاً على أجل غير معين لا على شرط إرادي محض ، ويجوز في هذه الحالة للدائن أن يدعو المدين إلى القيام بالعمل الموكول لارادته أو أن يعين القاضي للمدين وقتاً معقولا للقيام بهذا العمل ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) . فإذا رهن مزارع قطنه عند أحد المصارف في نظير مبلغ معجل من المال ، على أن يبيع المصرف القطن في الميعاد الذي يعينه الدين ، لم يجز للمدين أن يسرف في تأجيل ميعاد البيع ، بل يجب عليه أن يعين للبيع ميعاداً معقولا ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) . فإذا رهن مزارع قطنه عند أحد المصارف في نظير مبلغ معجل من المال ، على إني بيع المصرف القطن في الميعاد الذي يعينه المدين ، لم يجز للمدين أن يسرف في تأجيل ميعاد البيع ، بل يجب عليه أن يعين للبيع ميعاداً معقولا ( استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 ) . وإذا وضع مهندس معماري تصميماً لبناء ، وعين وقت البدء في هذا البناء ميعاداً لدفع باقي أتعابه ، فإن هذا يعتبر أجلاً غير معين . ويحل هذا الأجل إذا بيعت الأرض التي كان مقدراً للبناء أن يشيد عليها ، إذ أن بيع الأرض يتضمن حتما العدول من هذا البناء ، ومن ثم يحل ميعاد دفع باقي الأتعاب ( استئناف مختلط 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 ) .

 ( [9] )   فقرة 65 .

 ( [10] )          أنظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 20 – ص 26 – أما إذا كان الزمن عنصراً غير جوهري في العقد ، فإنه يصلح أن يكون أجلاً ، لأن الأجل كما قدمنا عنصر عارض . كذلك إذا تعهد صانع بصنع أثاث يسلمه في مدة معينة ، فإنه يقرن التزامه هنا بأجل واقف ، يسميه الأستاذ عبد الحي حجازي بالأجل المعجل أو الأجل التعجيلي كما تقدم القول ، وهو عنصر عرضي في الالتزام وأن كان جبريا ( الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 17 – ص 18 ) .

 ( [11] )          الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 112 . وانظر فيما إذا كان التزام المستأجر بدفع الأجرة على أقساط يعتبر التزاما زمنيا أو هو التزام مقترن بأجل واقف أو آجال واقفة : الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 117 – 122 .

 ( [12] )          وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Tout contrat de rente viagere creee sur la tete d’une personne qui etait morte au jour du contrat , ne produit aucun effet .

 ( [13] )          وهذا هو النص في أصله الفرنسي : Il en est de meme du contrat par lequel la rente a ete creee sur la tete d’une personne atteinte de4 la maladie don’t elle est decedee dans les vingt jours de la date de contrat .

 ( [14] )          وقد نصت المادة 101 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : ” الموجب المؤجل التنفيذ أو ذو الأجل المؤجر هو الذي يكون تنفيذه موقوفاً إلى إني حل الأجل . وإذا لم يكن ثمة أجل منصوص عليه أو مستنتج من ماهية القضية فيمكن طلب التنفيذ حالا ” .

 ( [15] )          وهذا مع ملاحظة أن الرهن ينقضي ، فيزول الالتزام بالرد ، إذا نفذ الدائن المرتهن بحقه على العين المرهونة . ولكن يصح أن يقال ، من جهة أخرى ، أن الوفاء بالدين المضمون بالرهن هو أمر غير محقق الوقوع ، فيكون شرطاً لا أجلا ، ولكن ليس له أثر رجعي لاستعصاء طبيعة التعامل على هذا الأمر .

 ( [16] )          وهذا النص مأخوذ من المادة 193 من تقنين الالتزامات البولوني . أنظر أيضاً المادة 743 / 2 من التقنين المدني البرتغالي ، والمادة 654 من التقنين المدني الارجنتيني ، والمادة 904 من التقنين المدني النمساوي ، والمادة 117 / 2 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وانظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ، و المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 27 .

 ( [17] )          أنظر في هذا المعنى محكمة الإسكندرية الوطنية في 5 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 524 ص 1063 – شبين الكوم في 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 344 ص 905 .

 ( [18] )          ديمولومب 25 فقرة 577 – لوران 17 فقرة 175 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 124 – ص 125 – بودري وبارد 2 فقرة 969 .

ويخلص من ذلك أن المدين إذا أبرأه دائنه من الدين ، فتعهد على أثر هذا الإبراء أن يفي بالدين لدائنه إذا تمكن من ذلك في المستقبل ، فإن دلالة هذه الظروف تتوجه إلى أن يحمل تعهده هذا على أنه تعهد مدني – مبني على التزام طبيعي – وقد جعله المدين ، لا مقترناً بأجل ، بل معلقاً على شرط التمكن من وفاء الدين ( قارب بودري وبارد 2 فقرة 148 هامش رقم 3 ) .

 ( [19] )          استئناف مختلط 10 يونيه سنة1 928 م 40 ص 437 – منوف 16 ديسمبر سنة 1928 المحاماة ) رقم 459 ص 902 .

 ( [20] )          فإذا كان هناك ما يؤمن الدائن على استيفاء حقه ، اكتفى القاضي بذلك . وقد قضت محكمة طهطا بأن الشرط الذي ينص فيه ، في عقد غاروقة ، على أن المدين يقوم بسداد الدين عند اقتداره هو بمثابة اشتراط أجل لمصلحته ، فلا يمكن إجباره على الدفع قبل حلول الأجل ما لم يكن قد اضعف التأمينات ( طهطا في 15 أغسطس سنة 1904 المجموعة الرسمية 6 ص 147 : أي لا يحل أجل الدين ما دامت الغاروقة في يد الدائن ولم تضعف أو يضعفها المدين ) .

 ( [21] )          ومثل تعهد المدين بوفاء الدين عند الميسرة أو المقدرة تعهده بوفاء الدين عندما يشاء ، غير أن تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء يختلف عن التعهد الأول في أمرين ( أولاً ) في تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء لا يحل الدين إلا إذا شاء المدين دفعه حال حياته ، فإن لم يشأ لم يستطيع القاضي تحديد ميعاد للوفاء ، ولا يحل الدين إلا بموت المدين ( بودري وبارد 2 فقرة 970 ) . ( ثانياً ) قد يفسر تعهد المدين بالوفاء عندما يشاء أنه إنما أراد أن يلتزم التزاماً أدبياً لا التزاماً مدنياً ، ففي هذه الحالة لا يجبر على الوفاء حياً ولا يؤخذ الدين من تركته بعد موته ( ديمومب 25 فقرة 576 – بودري وبارد 2 فقرة 971 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 999 ) .

 ( [22] )          استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 14 – 15 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 29 – 20 يونيه سنة 1928 م 40 ص 437 – الصف 3 مارس سنة 1917 الشرائع 4 ص 367 – الموجز للمؤلف فقرة 484 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 670 ص 502 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 .

 ( [23] )          وسار على هذا التعبير الأستاذ عبد الحي حجازي في رسالته في عقد المدة وفي كتابه في النظرية العامة للالتزام . أنظر أيضاً الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 175 ص 248 .

 ( [24] )          وانظر أيضاً النصوص المقابلة في التقنينات المدنية العربية الأخرى آنفاً فقرة 46 في الهامش . أما التقنين المدني الفرنسي فلا يتكلم إلا عن الأجل الواقف ، والفقه الفرنسي فلا يتكلم إلا عن الأجل الواقف ، والفقه الفرنسي مضطرب في هذا الصدد . فمن الفقهاء من يعترف بالأجل الفاسخ وصفاً للعقد لا وصفاً للالتزام ( ديمولومب 25 فقرة 569 بودري وبارد 2 فقرة 937 ) ، ومنهم من لا يعتبر الأجل الفاسخ وصفاً للالتزام ، بل يعتبره سبباص من أسباب انقضاء الالتزام ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 998 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 707 ) .

 ( [25] )          أنظر آنفاً فقرة 52 – وينفي الأستاذ عبد الحي حجازي ، في شيء من التردد ، عن الأجل الفاسخ ( أو الأجل المنهي حكما يدعوه ) أنه وصف للالتزام ( أنظر رسالته في عقد المدة ص 230 ، وكتابه في النظرية العامة في الالتزام 1 ص 171 – وبنوع خاص ص 176 – ص 177 ) . وينفي الأستاذ إسماعيل غانم صراحة عن الأجل الفاسخ أنه وصف للالتزام إذ يقول : ” والأجل الفاسخ ليس وصفاً بالمعنى الدقيق ، فهو لا يعدل من آثار الالتزام ، بل هو في حقيقته الطريق الطبيعي لإنهاء الالتزام الزمني ، فهو يحدد مدة بقاء ذلك الالتزام ” ( أحكام الالتزام فقرة 168 ) .

 ( [26] )          أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 47 – ص 48 . وهو يسلم أن المدة في هذا العقد ليست وظيفتها أن تحدد كم المبلغ الموضوع تحت تصرف العميل ، فهو محدد في ذاته بدون فكرة الزمن ، لا يزيد كمه ولا ينقص حسب طول المدة أو قصرها . ولكنه يضيف ما يأتي : ” ومع ذلك فلزمن دور اصيل في هذا العقد ، إن العقد ينص علىالمدة التي يجب في خلالها أن يظل البنك ملتزماً بوضع مبلغ الاعتماد تحت تصرف المعتمد ، وبالتالي المدة التي يكون المعتمد في خلالها واثقاً من أن ثمة مبلغاً موضوعاً تحت تصرفه . إن وضع المبلغ تحت تصرف المعتمد طوال مدة العقد ، وإمكان هذا الأخير الاستفادة منه في كل لحظة في خلال مدة العقد لهو الذي يحقق الفائدة التي يرجوها المعتمد من هذا العقد ، وتلك فائدة تقاس بالزمن ، تزيد معه إذ تزيد ، وتنقص معه إذ ينقص . وهذا كاف لإدراج هذا العقد ضمن طائفة عقود المدة ” .

على أن المدة هنا ، وإن حققت فائدة للعميل ، إلا إنها فائدة عارضة ، وليست عنصراً جوهرياً في العقد لا يتصور العقد بدونها ، فهي أقرب إلى أن تكون كالمدة التي يشترطها الصانع في صنع الأثاث : مدة عارضة جبرية .

 ( [27] )          قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 48 .

 ( [28] )          قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 39 .

 ( [29] )          قارن الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 38 – ص 39 . .

 ( [30] )          النظر الأستاذ عبد الحي حجازي في عقد المدة ص 55 – ص 56 والمرجع التي أشار إليها . .

 ( [31] )          أوبرى ورو 4 فقرة 303 – بودري وبارد 2 فقرة 972 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 998 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 718 – كولان وكابيتان 2 فقرة 661 – جوسران 2 فقرة 722 .

 ( [32] )          وإذا عين لتنفيذ الالتزام حد أقصى للأجل ، فإن انقضاء هذا الحد الأقصى لا يمنع الدائن من مطالبة المدين بتنفيذ التزامه حتى بعد مجاوزة هذا الحد ( استئناف مختلط 11 مايو سنة 1901 م 13 ص 312 ) .

وقد يمنح الدائن المدين أجلاً على سبيل التسامح والتفضل ، فيبيح له أن يسدد الدين اقساطاً ، ولكن ذلك لا يمنعه من مطالبة المدين في أي وقت بكل الدين دون أن يحتج عليه المدين بالأجل الممنوح له على سبيل التسامح ( استئناف مختلط 21 ابريل سنة 1938 م 50 ص 253 ) .

 ( [33] )          بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1000 – ويصح إني كون مصدر الأجل إرادة المدين المنفردة ، وليس اتفاقاً بينه وبين الدائن . ويقع ذلك كثيراً إذا صدر من أحد العاقدين إيجاب وحدد لالتزامه بالبقاء على الإيجاب ميعاداً ، أو استخلص هذا الميعاد ضمناً من ظروف الحال أو طبيعة المعاملة ( أنظر المادة 93 مدني ) .

 ( [34] )          أنظر في فرنسا بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1033 .

 ( [35] )          الموجز للمؤلف فقرة 489 ص 499 .

 ( [36] )          وكان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص يعدد مصادر الأجل ، وهو المادة 393 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” 1 – الأجل إما أن يكون اتفاقياً يحدده المتعاقدان صراحة أو ضمناً ، وإما أن يكون بحكم القانون . 2 – ويجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك المادة 393 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” 1- الأجل إما أن يكون اتفاقياً يحدده المتعاقدان صراحة أو ضمناً ، وإما أن يكون بحكم القانون . 2 – ويجوز للقاضي في حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص في القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ، ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ” ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي 3 ص 23 في الهامش ) . وقد حذفت لجنة المراجعة هذا النص ، بعد أن نقلت الفقرة الثانية منه ( الخاصة بنظرة الميسرة ) إلى الفصل المعقود للوفاء كسبب من أسباب انقضاء الالتزام عند الكلام في ميعاد الوفاء ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 23 في الهامش ) .

ونصت المادة 106 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : ” الأجل المؤجل إما قانونين أو ممنوح . فالقانونين هو المثبت في عقد إنشاء الموجب أو في عقد لاحق له أو المستمد من القانون . والأجل الممنوح هو الذي يمنحه القاضي ” . ونصت المادة 107 من هذا التقنين على أن ” الأجل القانونين صريح أو ضمني : فهو صريح إذا كان مشترطاً صراحة ، وضمني إذا كان مستنتجاً من ماهية الموجب ” .

 ( [37] )          وقد نصت المادة 292 من التقنين المدني العراقي على أنه ” لا يصح في العقد اقتران الملكية بأجل ” ( أنظر عكس ذلك الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 154 ص 149 ) .

 ( [38] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 398 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعة تحت رقم 286 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 274 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 ) . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 ) .

 ( [39] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري : م 274 ( مطابقة للمادة 274 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني الليبي : م 261 ( مطابقة للمادة 274 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي : م 293 : 1 – العقد المضاف إلى أجل واقف ينفذ سبباً في الحال ، ولكن يتأخر وقوع حكمه إلى حلول الوقت المضاف إليه . 2 – والعقد المقترن بأجل فاسخ يكون نافذاً في الحال ، ولكن يترتب على انتهاء الأجل انقضاء العقد . ( والحكم واحد في التقنينين المصري والعراقي ، وعبارة التقنين العراقي مستمدة من لغة الفقه الإسلامي . قارن الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 154 ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني : م 108 : أن الأجل المؤجل لا يقتصر على جعل الموجب غير مستحق الايفاء ، بل يمنع عنه حكم مرور الزمن ما دام الأجل لم يحل . أما إذا كان الموجب قد نفذ ، فلا وجه لاسترداد ما لم يجب .

م 111 : إن الدائن إلى أجل يمكنه حتى قبل الاستحقاق إني توسل بكل الوسائل الاحتياطية لصيانة حقوقه وأن يطلب كفالة أو غيرها من وجوه التأمين أو أن يعمد إلى الحجز الاحتياطي حين يجد من الأسباب الصحيحة ما يحمله على الخوف من عدم ملاءة الديون أو من إفلاسه أو من هربه .

م 117 : إن الموجبات التي موضعها إجراء أمر متواصل أو سلسلة أمور متتابعة يكون مفعول الأجل فيها الأسقاط .

م 118 : للموجب ذى الأجل المسقط مفاعيل الموجب البسيط ما دام ذلك الأجل لم يحل . وعند حلوله تنقطع مفاعيل الموجب فيما يختص بالمستقبل فقط .

 ( ورغم إفاضة التقنين اللبناني في التفصيلات فإن الأحكام واحدة في التقنينين المصري واللبناني فيما عدا ما يأتي : ( 1 ) لا يجيز التقنين اللبناني رد الدين المؤجل إذا كان قد وفى قبل حلول الأجل ، ويجيز التقنين المصري ذلك على تفصيل سيأتي ( م 183 مصري ) – ( 2 ) يجيز التقنين اللبناني الحجز التحفظي بالدين المؤجل ، أما تقنين المرافعات المصري فيشترط في الحجوز التحفظية أن يكون الدين محقق الوجود حال الأداء ( م 543 و 604 مرافعات مصري ) – ويلاحظ أيضاً أن المادة 117 من التقنين اللبناني تعرض للالتزامات الناشئة من عقود زمنية ، ولكن لتقرر جواز أن يقترن بها أجل فاسخ يكون مفعوله عند انقضائه إسقاط الالتزام ) .

 ( [40] )          وغنى عن البيان أن الحكم الذي يحصل عليه الدائن بصحة السند المثبت لدين مؤجل لا يستطيع الحصول بموجبه على حق اختصاص ، لأن حق الاختصاص لا يؤخذ إلا بموجب حكم واجب التنفيذ في موضوع الدعوى أي بالدين نفسه ( م 1085 مدني ) . وفي فرنسا قانون قديم صدر في 3 سبتمبر سنة 1807 ويقضي بأنه إذا صدر حكم بصحة دين قبل حلول أجله ، فلا يجوز الحصول بموجب هذا الحكم على رهن عام ( وهو ما يقابل حق الاختصاص عندنا ) على أموال المدين إلا إذا لم يدفع المدين الدين عند حلول أجله ، وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره ( بودري وبارد 2 فقرة 998 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 ) . ويرى أكثر الفقهاء أن قانون 3 سبتمبر سنة 1807 اقتصر في نصه على حالة الحكم بصحة السند العرفي المثبت للدين ، فإذا كان الدين غير ثابت في سند ما ، أو كان ثابتاً في سند رسمي ، فإنه لا يجوز رفع دعوى بصحة الدين قبل حلول الأجل ، إذ لو جاز ذلك لا ستطاع للدائن أن يحصل على الرهن العام عند حلول الأجل ، وهذا يخالف العقد القائم ما بين الطرفين ، فإن المدين لم يرض أن يعطي للدائن رهناً خاصاً فكيف يجوز للدائن أن يحصل على رهن عام ! ( ديمولومب 25 فقرة 617 – لوران 17 فقرة 188 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 هامش رقم 3 – بودري وبارد 2 فقرة 999 – عكس ذلك لا رومبيير 3 م 1186 فقرة 24 ) .

 ( [41] )          ويعتبر التزام المدين بتقديم التأمين أو دفع الدين فوراً التزاما تخييريا مصدره نص القانون ، وحق الخيار فيه للمدين ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 37 – ص 38 ) .

 ( [42] )          أما قطع التقادم فلا فائدة منه ، لأن الدين المؤجل لا يسري في حقه التقادم إلا عند حلول الأجل ، فإذا حل الأجل وبدأ التقادم يسري كان للدائن بطبيعة الحال أن يقطعه ( بودري وبارد 2 فقرة 994 ) .

 ( [43] )          والتون 2 ص 365 – الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 495 .

 ( [44] )          ويترتب على ذلك : ( ا ) إذا رفع الدائن الدعوى يطالب بوفاء الدين قبل حلول الأجل ، رفضت دعواه ، حتى لو تعهد أنه لا ينفذ الحكم إلا عند حلول الأجل ( لوران 17 فقرة 184 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 132 – بودري وبارد 2 فقرة 990 – بلانيول وريبير وجابولد 8 فقرة 1005 ) . ( ب ) وإذا لم يحضر المدين ، جاز للقاضي من تلقاء نفسه أن يرفض الدعوى ، لأن الحكم بدفع دين لم يحل أجله لا يجوز ويكون واجباً نقضه ( ديمولومب 25 فقرة 608 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 وهامش رقم 11 – بودري وبارد 2 فقرة 990 – ولكن قارن دريدا Derrida في انسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ terme فقرة 22 ) . ( ج ) ورفض الدعوى واجب حتى لو حل أجل الدين أثناء نظرها ، لأن الحكم يستند إلى يوم رفع الدعوى وفي هذا اليوم لم يكن الدين مستحق الأداء ( لارومبيير 3 م 1186 فقرة 26 – بارتال على اوبري ورو 4 فقرة 303 هامش 10 مكرر – بودري وبارد 2 فقرة 990 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ) . ولكن هذه المسألة فيها نظر ، فقد يقال أن القاضي يحكم بالوفاء ما دام الدين قد استحق أثناء نظر الدعوى ، غير أنه يجعل المصروفات على الدائن إذ تعجل في رفع الدعوى قبل حلول الأجل ، وذلك اقتصاداً في مجهود التناضى ( أنظر تولييه 6 فقرة 664 ) . وفي الفضاء المختلط حكمان متعارضان في هذه المسألة ، فقد قضت محكمة القضاء المستعجل بالإسكندرية بأن دعوى إخلاء العين المؤجرة أمام القضاء المستعجل تكون غير مقبولة فيها قبل الأوان إذا هي رفعت قبل أن ينقضي عقد الإيجار ، حتى لو انقضى العقد أثناء نظر الدعوى ولم يبادر المستأجر إلى إخلاء العين0 الإسكندرية القضاء المستعجل 3 ديسمبر سنة 1919 جازيت 10 رقم 19 ص 13 ) . ولكن محكمة الاستئناف المختلطة قضت ، من جهة أخرى ، بأنه إذا رفعت دعوى الوفاء بالدين قبل حلول أجله ، ولكن حل الأجل أثناء نظر الدعوى دون أن يعرض المدين الوفاء ، فلا محل للحكم برفض الدعوى لرفعها قبل الأوان ( استئناف مختلط أول مارس سنة 1894 م 6 ص 143 ) .

 ( [45] )          أنظر في هذا المعنى الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 494 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 676 ص 506 ( وانظر في أن العبرة بتاريخ الوفاء المعجل ، فإن وقع قبل 15 أكتوبر سنة 1949 طبق التقنين السابق ، وإلا طبق التقنين الجديد : الوسيط جزء أول ص 1220 هامش رقم 3 ) . وانظر عكس ذلك : والتون 2 ص 362 – ص 364 ( ويذهب إلى أن الدين المؤجل إذا دفع عن بينه لا يسترد ، وإذا دفع عن غلط استرد ) .

وفي الفقه الفرنسي وقع خلاف في هذه المسألة ، فاغلبية الفقهاء يذهبون إلى عدم جواز استرداد ما دفع عن غلط قبل حلول الأجل ، لأن التقنين المدني الفرنسي يشتمل على نص في هذا المعنى هو المادة 1186 ، وتقضي بأن ما كان غير مستحق الوفاء إلا بعد أجل لا تجوز المطالبة به إلا عند حلول الأجل ، ولكن ما عجل الوفاء به لا يسترد ( تولييه 11 فقرة 59 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 126 – لارومبيير 3 م 1186 فقرة 34 – لوران 17 فقرة 185 – هيك 7 فقرة 284 – بودري وبارد 2 فقرة 988 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1009 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 707 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1497 – كولان وكابيتان 2 فقرة 663 ص 452 – جوسران 2 فقرة 727 ) . ولكن بعض الفقهاء يفسرون النص المتقدم بأن من يدفع قبل الأجل عن بينة – لا عن غلط – لا يجوز له أن يسترد ، أما إذا دفع عن غلط فقد دفع غير المستحق وجاز له الاسترداد ( ماركاديه 4 فقرة 572 – ديمولومب 25 فقرة 633 – فقرة 634 ) – هذا والفقهاء الذين يذهبون إلى عدم جواز الاسترداد حتى لو كان الدفع عن غلط يختلفون فيما بينهم : فبعضهم يجيز للمدين أن يسترد من الدائن ثمار ما فدعه قبل الأجل دون أن يسترد الأصل ( ديرانتون 11 فقرة 113 – مورلون فقرة 1222 – لوران 17 فقرة 186 ) ، وبعض آخر لا يجيز للمدين أن يسترد الأصل ولا الثمار ( تولييه 11 فقرة 59 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 هامش رقم 10 – لارومبيير 3 م 1186 فقرة 35 – هيك 7 فقرة 285 – بودري وبارد 2 فقرة 989 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1009 ص 348 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 705 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1498 ) .

 ( [46] )          وقد سبق شرح هذا النص في الجزء الأول من الوسيط عند الكلام في دفع غير المستحق ( الوسيط 1 فقرة 847 ) .

 ( [47] )          وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي تطبيقاً عملياً لهذا الحكم إذ تقول : ” فيحق مثلا لمقاول اعتقد خطأ أنه ملزم بتسليم بناء قبل الموعد المقرر بستة أشهر ، وتحمل بسبب ذلك نفقات إضافية ، أن يطالب الدائن ، إذا لم يشأ أن يرد البناء الذي تسلمه إلى أن يحل الأجل ، بأقل القيمتين : قيمة النفقات الإضافية وقيمة إيراد البناء في خلال الشهور الستة ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 452 ) .

 ( [48] )          ولكن إذا كان من يتمسك بالمقاصة لحق له مؤجل يستند في تمسكه إلى أن الأجل في صالحه وقد نزل عنه ، جاز له ذلك ( بودري وبارد 2 فقرة 991 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 ) .

 ( [49] )          وقد كان هذا هو أيضاً الحكم في عهد التقنين المدني السابق ( استئناف مختلط 17 ابريل سنة 1900 م 12 ص 203 – 2 ابريل سنة 1902 م 14 ص 222 – 11 فبراير سنة 1915 م 27 ص 161 – 18 نوفمبر سنة 1926 م 39 ص 23 – 29 يناير سنة 1930 م 42 ص 241 – الموجز للمؤلف فقرة 486 ص 459 ) .

 ( [50] )          ويذهب الفقه الفرنسي في هذه المسألة إلى نفس الحكم الذي قطعت به عندنا النصوص الصريحة المشار إليها في تقنين المرافعات ( ديمولومب 25 فقرة 610 – لارومبيير 2 م 1166 فقرة 21 – لوران 17 فقرة 187 – بودري وبارد 2 فقرة 595 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1005 ص 344 – جارسونية الطبعة الثانية 4 فقرة 1389 ص 336 ) . ولكن الرأي الراجح في الفقه الفرنسي أن نظرة الميسرة لا تمنع الدائن من توقيع حجز ما للمدين لدى اليغر ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1021 ص 364 ) .

 ( [51] )          وقد قدمنا أن الأجل إذا كان موكولا تعيينه إلى إرادة الدائن كما إذا اتفق على حلول الدين بعد إخطار الدائن المدين بثلاثة أشهر مثلا ، فإن التقادم يسري في حق هذا الدين من وقت وجوده لا من وقت حلول الأجل الموكول إلى إرادة الدائن ، وإلا كان غير قابل للتقادم ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 125 – وانظر آنفاً فقرة 50 في الهامش ) .

 ( [52] )          الوسيط 2 فقرة 642 ص 1143 .

 ( [53] )          ولا تثار بالنسبة إلى الحق المقترن بأجل فاسخ ما أثير بالنسبة إلى الحق المعلق على شرط فاسخ من مسائل التطهير والشفعة والتقادم المكسب والمقاصة القانونية ، فإن الحق المقترن بأجل فاسخ حق مصيره حتما إلى الزوال ، فلا يقوى على مثل هذه الأوضاع القانونية .

 ( [54] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : ” والأصل أن ينقضى الأجل بالحلو أو السقوط أو التنازل . على أن لانقضاء الأجل أسباباً أخرى تعرض في أحوال خاصة : كانقضاء الأجل بالموت في حالة تصفية التركة ، وسقوط الأجل القضائي بوقوع المقاصة أو بقيام دائن آخر بالتنفيذ على أموال المدين أو بتحقيق الاقتدار على الوفاء ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش ) .

 ( [55] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش – وقارب المادة 20 من تقنين المرافعات .

 ( [56] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 24 في الهامش – وقد خاض تقنين الموجبات والعقود اللبناني في كل هذه التفصيلات ، فأورد النصوص الآتية : م 102 – إن مهلة الأجل تبتدئ من تاريخ العقد إذا لم يعين الفريقان أو القانون تاريخاً آخر . أما في الموجبات الناشئة من جرم أو شبه جرم فتبتدئ مهلة الأجل من تاريخ الحكم الذي يعين للتعويض الواجب على المديون . م 103 – إن اليوم الذي يكون مبدأ مدة الأجل لا يحسب . وإن الأجل المحسوب بالأيام ينتهي بانتهاء آخر يوم من مدة الأجل . م 104 – وإذا كان محسوباً بالأسابيع أو بالأشهر أو بالأعوام ، فيكون الاستحقاق في اليوم المقابل بتسميته أو بترتيبه من الأسبوع أو الشهر أو العام لليوم الذي ابرم فيه العقد . م 105 – إذا كان الاستحقاق واقعاً في يوم عطلة قانونية ، أرجئ إلى اليوم التالي الذي لا عطلة فيه .

أنظر أيضاً المواد من 87 إلى 89 من تقنين الالتزامات السويسري – وانظر بودري وبارد 2 فقرة 1002 – فقرة 1005 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 712 .

على أن محكمة الاستئناف المختلطة قضت ، في عهد تقنين المرافعات السابق ، بأن المادة 20 من تقنين المرافعات التي تقضي بمد الميعاد إذا كان آخر يوم فيه يوم عطلة لا تطبق إلا في مواد الإجراءات التي وردت فيها ، فلا تطبق إذن على الأجل المتفق عليه في العقد ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1889 م 1 ص 46 ) .

 ( [57] )          تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 396 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد فيما عدا بعض اختلاف لفظي طفيفي . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً لفظياً ، واستبدلت عبارة ” ضماناً كافياً ” الواردة في البند 2 بعبارة ” مايكمل التأمين ” . وسال أحد الأعضاء عن مدى ما تؤديه عبارة ” أضعاف التأمين إلى كبير ” : فأجيب ” بأن مجرد الإضعاف لا يكفي لسقوط الأجل ، وإنما يكون بحيث تقل التأمينات عن قيمة الدين ” . ووافقت لجنة المراجعة على النص تحت رقم 285 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب .

وفي لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة ” ما لم يقدم المدين ضماناً كافياً ” الواردة في آخر البند ، بعبارة ” ما لم يتوقف المدين هذا السقوط بأن يقدم للدائن ضماناً كافياً ” ، لأن الإشارة إلى توقى السقوط تزيد فمن البديهي أن المدين بتقديمه الضمان الكافي يتوقى السقوط ، وأصبحت المادة رقمها 273 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 29 – ص 30 – وص 32 – ص 33 ) .

 ( [58] )          التقنين المدني السابق م 102 / 156 : إذا تعهد المدين بشيء لأجل معلوم وظهر إفلاسه أو فعل ما يوجب ضعف التأمينات التي كانت محلا لوفاء التعهد ، فيستحق ذلك الشيء فوراص قبل حلول الأجل .

 ( ونص التقنين المدني الجديد أوفى من الوجوه الآتية ( 1 ) أضعاف شهر الإعسار إلى شهر الإفلاس ، وكان الإعسار في عهد التقنين المدني السابق سبباً لإسقاط الأجل ، ولكن لم يكن خاضعاً لنظام الشهر القانوني الذي خضع له في التقنين الجديد ، فكان الأمر في هذا الشأن مضطربا . ( 2 ) أضاف التقنين المدني الجديد حالة ما إذا كان أضعاف التأمينات يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، ورتب على هذا الإضعاف أن يختار المدين بين سقوط الأجل وتقديم ضمان كاف . وكان هذا الحكم معمولا به في التقنين المدني السابق ، وورد فيه نص صريح في حالة الرهن ( م 562 / 686 وتقابل في التقنين المدني الجديد المادة 1048 ) . ( 3 ) أضعاف التقنين المدني الجديد حالة ما إذا لم يقدم المدين للدائن ما وعد في العقد بتقديمه من التأمينات ، وكان هذا الحكم معمولا به في التقنين المدني السابق دون نص ) .

 ( [59] )          التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 273 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 260 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ، فما عدا أن التقنين الليبي لم يذكر شهر الإعسار بين مسقطات الأجل لأنه لا يعرف نظام الإعسار ) .

التقنين المدني العراقي م 295 ( مطابقة للمادة 273 من التقنين المصري ، فيما عدا أن التقنين العراقي هو أيضاً لم يذكر شهر الإعسار من مسقطات الأجل ، ولكنه نص في ماكحن الإعسار على حلول الديون المؤجلة : أنظر الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 161 ص 157 ) .

م 296 : الدين المؤجل لا يحل بموت الدائن ، ويحل بموت المدين ، إلا إذا كان مضمونا بتأمينات عينية . ( وفي التقنين المدني المصري لا يحل الدين بموت المدين إلا في حالة تصفية التركة ، وقد استمد التقنين المدني العراقي هذا الحكم من الفقه الإسلامي ومن تقنين الموجبات والعقود اللبناني ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 113 : إن المديون الذي يستفيد من الأجل يسقط حقه في الاستفادة منه : ( 1 ) إذا أفلس أو أصبح غير ملئ . ( 2 ) إذا أتى فعلا ينقص التأمينات الخاصة المعطاة للدائن بمقتضى عقد عتند إنشاء الموجب أو عقد لاحق له أو بمقتضى القانون . أما إذا كان النقص في تلك التأمينات ناجماً عن سبب لم يكن الديون فيه مختاراً ، حق للدائن أن يطلب زيادة التأمين ، فإذا لم ينلها حق له أن يطلب تنفيذ الموجب حالا . ( 3 ) إذا لم يقدم المديون للدائن التأمينات التي وعد بها في العقد . ( وهذه الأحكام مطابقة لما ورد في التقنين المدني المصري ، إلا أن التقنين اللبناني لا يعرف نظام الإعسار فاقتصر على ذكر أن المدين أصبح غير ملئ . وغنى عن البيان أن المدين إذا اضعف التأمينات بفعله ، جاز للدائن ، في التقنين اللبناني بدلا من سقوط الأجل ، أن يطالب بتكملة التأمينات كما هو الأمر في التقنين المصري ) .

م 114 : إن وفاة المديون تجعل كل ما عليه من الموجبات ذات الأجل مستحقة الايفاء ، ما عدا الديون المضمونة بتأمينات عينية . ( وهذا النص يطابق في الحكم المادة 296 من التقنين المدني العراقي السالفة الذكر ) .

 ( [60] )          أنظر فيما يلي فقرة 78 في الهامش .

 ( [61] )          استئناف مختلط 24 يونيه سنة 1876 المجموعة الرسمية المختلفطة 1 ص 125 – الزقازيق 3 ديسبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 / 3 ص 256 – المنيا 20 يناير سنة 1930 المجموعة لارسمية 31 رقم 28 ص 61 – شبين الكوم 22 ابريل سنة 1931 المحاماة 11 رقم 549 / 2 و 3 ص 1075 – أنظر عكس ذلك وأن الإعسار بخلاف الإفلاس لا يسقط الأجل في التقنين المدني السابق : مصر الكلية 14 مايو سنة 131 المحاماة 12 رقم 179 ص 341 .

 ( [62] )          جاء في الموجز للمؤلف : ” ويلحق بالإفلاس بالنسبة للتاجر الإعسار بالنسبة لغير التاجر . وحتى يثبت الإعسار يجب أن يصدر به حكم قضائي ، ويكون الإعسار ثابتاً من وقت صدور الحكم أو على أبعد تقدير من وقت رفع الدعوى لإثبات الإعسار ” ( الموجز فقرة 488 – وانظر أيضاً الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ) – على أن بعض الأحكام كانت تذهب خطأ إلى أنه يكفي أن يضعف المدين بخطأه الضمان العام للدائنين دون أن يصل إلى حد الإعسار ودون أن يكون في ذلك أضعاف لتأمين خاص : استئناف مختلط 24 مايو سنة 1911 م 23 ص 337 .

 ( [63] )          أنظر في سقوط الأجل بالاعسار الفعل في القانون الفرنسي وهو أيضاً لا ينظم الإعسار القانوني بودري وبارد فقرة 1012 – فقرة 1013 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1014 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1508 – كولان وكابيتان 2 فقرة 664 – جوسران 2 فقرة 732 – فقرة 733 .

 ( [64] )          ويسقط الأجل حتى لو كان لدلائن ضمان عيني يكفل الدين ، كرهن رسمي . فلا تزال للدائن مصلحة في سقوط الأجل لاحتمال إلا يكون الضمان كافياً للوفاء بحقه فيتمكن من مزاحمة سائر الدائنين بالباقي من هذا الحق ( بودري وبارد 2 فقرة 1008 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1013 ) . ويسقط الأجل كذلك حتى لو كان أجلاً غير معين ، فلو أن شخصاً امن على حياته ثم افلست شركة التأمين ، فإن أجل دفع مبلغ التأمين يحل بإفلاس الشركة . ولكن المؤمن على حياته يبقى ملتزماً بدفع أقساط التأمين إلى آخر حياته ، ولما كان لا يستولى إلا على جزء من مبلغ التأمين بسبب إفلاس الشركة ، فسيجد أن مصلحته هي فسخ عقد التأمين حتى لا يعرض نفسه للخسارة ( بودري وبارد 2 فقرة 1009 ) .

 ( [65] )          أنظر المادة 263 مدني والمذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 31 – وانظر الوسيط 2 فقرة 721 .

 ( [66] )          استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1920 م 32 ص 351 – الزقازيق 2 ديسمبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – ومع ذلك أنظر : استئناف مختلط 24 مايو سنة 1911 م 23 ص 337 .

 ( [67] )          وتطبيقاً لهذا المبدأ لا يحل أجل الدين بالنسبة إلى سندات أصدرتها شركة للسكك الحديدية إذا باعت هذه الشركة بعض خطوطها ، فأضعفت بذلك التأمين العام لحملة هذه السندات . وكذلك لا يحل أجل الدين المترتب في ذمة شركة تجارية ، ولم يستند الدائن فيه إلا على ملاءة الشركاء ، إذا حلت هذه الشركة أو صفيت وبيعت عقارتها ، وهذا على خلاف في الرأي ، فهناك رأي في فرنسا يذهب إلى حلول الدين إذا صفيت الشركة ( أنظر في هذه المسألة في القانون الفرنسي بودري وبارد 2 فقرة 1015 ص 186 هامش رقم 1 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 353 هامش رقم 2 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1509 ص 503 هامش رقم 2 ) . أما في التقنين المدني المصري فيبدو أن الدين المؤجل لا يحل بتصفية الشركة ، فقد نصت الفقرة الولى من المادة 536 من هذا التقنين على أن ” تقسم أموال الشركة بين الشركاء جميعاً ، وذلك بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم ، وبعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم تحل أو الديون المتنازع فيها ، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة ” .

وإذا اقترض شخص مالا لأجل ، لتمويل مشروع معين ، ثم باع هذا المشروع وهو الضمان الوحيد للقرض ، فإن أجل القرض يحل ببيع المشروع ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 129 – ص 130 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 354 ) .

 ( [68] )          استئناف مختلط 6 ابريل سنة 1920 م 32 ص 251 – 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 – دسوق 11 يوليه سنة 1900 الحقوق 15 ص 225 – الزقازيق 2 ديسمبر سنة 1907 المجموعة الرسمية ) ص 118 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 / 2 ص 256 – المنشية 12 مارس سنة 1931 المحاماة 11 رقم 555 / 1 ص 1085 – شبين الكوم 22 ابريل سنة 1931 المحاماة 11 رقم 549 / 1 ص 1075 – مصر الكلية 14 مايو سنة 1931 المحاماة 12 رقم 179 / 1 ص 341 .

 ( [69] )          وذلك فيما عدا حقوق الامتياز العامة فهذه تشمل جميع أموال المدين ، فلا يستساغ أن يحرم المدين من التصرف في جميع أمواله ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 الأستاذ إسماعيل غانم أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 ) .

 ( [70] )          ونشترط المادة 1188 / 2 من التقنين المدني الفرنسي أن يكون التأمين الخاص مصدره العقد ، ومع ذلك يذهب بعض الفقهاء الفرنسيين إلى أن إضعاف التأمين خاص مصدره القانون كحق الامتياز يكفي لإسقاط الأجل ( ديرانتون 11 فقرة 125 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 11 – ديمولومب 25 فقرة 685 – أنظر عكس ذلك : لوران 17 فقرة 202 – هيك 7 فقرة 288 ) . ويذهب فقهاء آخرون إلى التمييز بين حق امتياز يكون أساسه عقداً كرهن الحيازة وحق امتياز البائع فيكون إضعافه سبباً لإسقاط الأجل ، وحق امتياز ليس اساه العقد فلا يكون في إضعافه إسقاط للأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 1006 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 354 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ص 519 – كولان وكابيتان 2 فقرة 664 – جوسران 2 فقرة 734 ) .

 ( [71] )          ومن ذلك نرى أن ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 ) من أن التأمين الخاص يصح أن يكون حق اختصاص ليس بصحيح . قارن الأستاذ إسماعيل في أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 .

 ( [72] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 32 – وانظر آنفاً فقرة 71 في الهامش – فيعد أضعافاً للتأمين أن يهدم المنزل المرهون ( استئناف مختلط 26 ديسمبر سنة 1933 م 46 ص 95 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ص 505 ) أو أن يباع المنزل المرهون ويعرض ثمنه للتوزيع ( استئناف مختلط 9 فبراير سنة 1898 م 10 ص 134 ) .

 ( [73] )          فلا يعد إضعافاً للتامين أن يرتب المدين على العين المرهونة لمضان الدين المؤجل رهناً آخر ، حتى لو قيد الرهن الثاني قبل قيد الرهن الأول باهمال الدائن ذى الدين المؤجل ، لأن إهماله لا فعل المدين هو الذي اضعف التأمينات ، ومن حق المدين أن يرهن العين المملوكة له مرة ثانية وثالثة إلخ ( بودري وبارد 2 فقرة 1022 ) . ولكن إذا تواطأ المدين مع الدائن المرتهن الثاني ليعجل هذا قيد رهنه قبل قيد الرهن الأول ، كان هذا إضعافاً للتأمينات بفعل المدين ، بل بغشه وتواطئه ، فيسقط الأجل .

ولا يعد إضعافاً للتامين أن يبيع المدين العقار المرهون رهناً رسمياً لضمان الدين المؤجل ، سواء باع العقار كله أو باع جزءاً منه . ومع ذلك فقد يترتب على تجزئة العقار – في حالة البيع الجزئي – أضعاف فعلى للتامين ، وهذه المسافة واقع يقدرها قاضي الموضوع ، فيترتب على هذا الإضعاف الفعلي إسقاط الأجل . وقد يترتب على البيع – الكلي أو الجزئي – أو يعمد الحائز للعقار إلى تطهير الرهن ، فلا يصلح الدائن المرتهن ذو الدين المؤجل على كل حقه ، فيكون التطهير سبباً في أضعاف التأمين ، ويكون أضعاف التأمين سبباً في إسقاط الأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 1023 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 – والتون 2 ص 370 – الموجز للمؤلف فقرة 488 ص 497 هامش رقم 2 ) .

ولا يعد إضعافاً للتامين أن يزرع المدين الأرض المرهونة قطناً مرة كل سنتين مخالفاً بذلك ما جرت به العادة من زرعها مرة كل ثلاث سنوات ، وبخاصة إذا كانت قيمة الأرض تغطى الدين إلى المدى بعيد ( استئناف مختلط 2 يونيه سنة 1897 م ) ص 377 ) .

 ( [74] )          ويعتبر المدين قد اضعف بخطأه التأمين الخاص إذا هو أدخل في طريقة استغلال العقار المرهون تعديلا من شأنه أن ينقص كثيراً من قيمة العقار ، أو هدم المنزل المرهون إلا إذا كان الهدم بغرض إعادة البناء ( بودري وبارد 2 فقرة 1024 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 ) . وإذا كان التأمين الخاص رهنا رسمياً على جزء شائع من عقار ، وفي أثناء القسمة رسا مزاد العقار كله على الشريك الآخر غير المدين الراهن ، فإن الرهن في هذه الحالة يزول ولكن لا يعتبر أنه قد زوال بفعل المدين إلا إذا كان المدين هو الذي طلب القسمة ، أو كان عنده سبب جدي ، لمعارضتها ولم يتقدم به ، أو كان قد تواطأ مع شريكه ليصل إلى هذه النتيجة . أما إذا كان لم يفعل شيئاً مع ذلك ، فإن زوال الرهن لا يكون بفعله ، بل يكون لسبب لا دخل لإرادته فيه ، وتطبق الأحكام التي تتفق مع هذه الحالة وسنذكرها فيما يلي ( بودري وبارد 2 فقرة 1026 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 356 ) .

 ( [75] )          وتذهب الأغلبية في الفقه الفرنسي إلى أن سقوط الأجل لا يكون إلا بموجب حكم قضائي له أثر منشيء ، لا مجرد أثر كاشف ، فهو الذي يسقط الأجل ، ولا يسقط الأجل بحكم القانون ( ديمولومب 25 فقرة 701 – لوران 17 فقرة 415 – ماركاديه 4 فقرة 827 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص ص 127 – بودري وبارد 2 فقرة 1030 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 356 – جوسران 2 فقرة 736 ) . على أن هناك رأياً يذهب إلى أن الأجل يسقط بحكم القانون ، وعند النزاع يصدر حكم قضائي ليقرر سقوطه ، وهذا الحكم له أثر كاشف لا أثر منشيء ( هيك 6 فقرة 289 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ص 519 ) . والظاهر من الرجوع إلى نص المادة 273 مدني أن القانون يقضي بسقوط الأجل ، فالأجل يسقط إذن بحكم القانون ، والحكم القضائي إنما يحسم النزاع في هذا الصدد ، فهو كاشف لا منشيء .

 ( [76] )          أنظر المادة 278 مدني وسيأتي تفصيلها . وانظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 . ويقول الأستاذ إسماعيل غانم : ” ولا نرى الأخذ بهذا التفسير ، فإن إلزام واحداً ينحصر في الأداء الذي التزم به من أول الأمر . أما إلزامه بتقديم تأمين فهو التزام آخر تابع للالتزام الأول . وليس هناك تعدد في محل الالتزام الأول ، وإنما هما التزامان أحدهما تابع الآخر ، ولا ينشأ إلا بالشروط التي نصت عليها المادة 273 / 2 ” ( أحكام الالتزام فقرة 172 ص 244 هامش رقم 3 ) . وفي رأينا أن القانون ، عندما يسقط الأجل بإضعاف التأمينات فيحل الدين ، ينشيء في الوقت ذاته إلى جانب محل الالتزام الأصلي محلا آخر يمكن للدائن أن يختاره ، وهو تكملة التأمين الأصلي .

 ( [77] )          بودري وبارد 2 فقرة 1033 – ومع ذلك إذا كان مبلغ الدين يتضمن رأس المال مضافاً إليه فوائده مدة الأجل ، وسقط الأجل بإضعاف المدين للتأمينات ، فإن الفوائد عن المدة التي سقطت من الأجل تخصم من مبلغ الدين ، حتى لا يجمع الدائن بين الانتفاع بالمدة التي سقطت من الأجل وبين الفوائد عن هذه المدة نفسها ( ديمولومب 25 فقرة 697 – لوران 17 فقرة 211 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 27 – بودري وبارد 2 فقرة 1034 ) .

 ( [78] )          استئناف مختلط 17 نوفمبر سنة 1898 م 11 ص 17 – ويمكن استخلاص هذا الحكم من المبادئ العامة دون حاجة إلى نص خاص ، وهذا ما يفعله الفقه الفرنسي ، دون أن يكون في التقنين المدني الفرنسي نص يقابل الجزء الأخير من الفقرة الثانية من المادة 273 مدني مصري وهو الذي ينص على حالة ضعف التأمينات بسبب لا دخل لإرادة المدين فيه ( ديمولومب 25 فقرة 690 – فقرة 693 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص هامش رقم 13 – بودري وبارد 2 فقرة 1025 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1015 ص 355 ) .

ويصدر حكم قضائي بسقوط الأجل في هذه الحالة كما في حالة أضعاف التأمينات بخطأ المدين ، ويكون هذا الحكم منشئاً أو كاشفاً على الخلال الذي سبق أن أوردناه .

 ( [79] )          قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1052 – وقارن أيضاً المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 47 .

 ( [80] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 32 – وانظر آنفاً فقرة 71 في الهامش .

 ( [81] )          أنظر أيضاً المادة 183 مدني وقد سبق ذكرها – هذا وإذا كان أضعاف التأمينات بفعل الدائن نفسه ، كما إذا كان دائناً مرتهناً رهن حيازة وأتلف العين المرهونة ، فغنى عن البيان أن الأجل لا يسقط لأن الدائن هو المسئول عن أضعاف التأمينات ، بل ويجوز للمدين أن يرجع عليه بتعويض إذا كان له محل .

 ( [82] )          ويلاحظ أن المشرع هنا لم يميز بين حالتي أضعاف المدين للتأمينات وضعف التأمينات لسبب أجنبي من حيث التأمين الذي يجب تقديمه ، ففي الحالتين يقددم المدين تأميناً كافياً . وقد رأينا في القاعدة العامة أن المدين في الحالة الأولى يطالب بتكملة التأمين الأصلي ولو كانت قيمة هذا التأمين أعلى بكثير من الدين ، وفي الحالة الثانية لا يطالب إلا بتقديم تأمين كاف .

 ( [83] )          وفي التقنين المدني السابق لم يكن يوجد نص في هذه الحالة ، ولكن الحكم كان مطابقاً دون نص لاتفاقه مع القواعد العامة ( استئناف مختلط 30 نوفمبر سنة 1911 م 24 ص 28 – مصر الكلية الوطنية 2 نوفمبر سنة 1909 المجموعة الرسمية 11 ص 22 – الموجز للمؤلف فقرة 488 ص 407 – الأستاذ أحمد حشمت أبو ستيت فقرة 674 ص 505 ) .

وفي التقنين المدني الفرنسي لا يوجد نص صريح في هذه الحالة ، ولكن الفقه والقضاء في فرنسا يذهبان مع ذلك إلى أن عدم تقديم التأمين الخاص الموعود به يسقط الأجل ، قياسا على حالة أضعاف التأمين الخاص . ذلك أن من لم يقدم تأميناً خاصا وعد به لا يكون فحسب قد اضعف التأمين ، بل هو قد اعدمه أصلاً ، فمن باب أولى يسقط الأجل ( ديرانتون 11 فقرة 123 – ماركاديه 4 فقرة 576 – أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 129 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 18 – ديمولومب 25 فقرة 677 – لوران 27 فقرة 204 – هيك 7 فقرة 288 – بودري وبارد 2 فقرة 1018 بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1016 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 710 ) . وإذا وعد المدين بتقديم تأمين معين – رهن مثلا – فلا يستطيع بإرادته وحده أن يحل محله تأميناً آخر ولو كان كافياً أو معادلا ككفالة . وإذا وعد بتقديم شخص معين كفيلا فلا يستطيع كذلك إني قدم شخصاً آخر ولو كان مليئاً مثله ( ديمولومب 25 فقرة 678 – لارومبيير 3 م 1188 فقرة 18 – بودري وبارد 2 فقرة 1019 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1016 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1511 – جولان وكابيتان 2 فقرة 664 ص 454 – جوسران 2 فقرة 735 ) .

 ( [84] )          أنظر آنفاً فقرة 65 .

 ( [85] )          أنظر في أسباب سقوط الأجل الثلاثة السالفة الذكر ، شهر الإفلاس أو الإعسار وإضعاف التأمينات أو ضعفها وعدم تقديم التأمين الموعود به ، المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 31 – ص 32 .

 ( [86] )          أما موت الدائن فلا يكون سبباً فلا يكون سبباً لحلول الدين ، بل يبقى المدين ملتزماً نحو ورثة دائنه ، وينتقل الدين إلى هؤلاء بالميراث مؤجلا كما كان في حياة الدائن المورث .

 ( [87] )          أنظر المادة 895 فقرة أولى مدني . وتضيف الفقرة الثانية من هذه المادة ما يأتي : ” وترتب المحكمة لكل دائن من دائني التركة تأمينا كافيا على عقار أو منقول ، على أن تحتفظ لمن كان له تأمين خاص بنفس هذا التأمين . فإن استحال تحقيق ذلك ، ولو بإضافة ضمان تكميلي ، يقدمه الورثة من مالهم الخاص أو بالاتفاق على أية تسوية أخرى ، رتبت المحكمة التأمين على أموال التركة جميعها ” .

 ( [88] )          هذا ويجوز للدائن أن ينزل عن حقه في التمسك بسقوط الأجل ، ويعتبر نزولا ضمنياً أن يكون سبب ضعف التأمينات متوقعاً قبل حصوله . فالدائن الذي يرتهن نصيباً شائعاً ، ويتوقع تبعاً للظروف والملابسات طلب القسمة من أحد الشركاء غير المدين وما ينطوي عليه هذا الطلب من احتمال زوال الرهن ، يكون قد نزل نزولا ضمنياً عن حقه في التمسك بسقوط الأجل إذا تحقق هذا الاحتمال ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1013 ص 350 وفقرة 1015 ص 356 – استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1927 م 42 ص 25 ) .

وانظر في أن سقوط الأجل بالنسبة إلى المدين الاصلى لا يترتب عليه سقوط بالنسبة إلى مدين متضامن ولا إلى كفيل شخصي ولو كان متضامناً ولا إلى كفيل عيني ، ولكن يسقط الأجل بالنسبة إلى حائز العقار المرهون : بودري وبارد 2 فقرة 1013 وفقرة 1017 وفقرة 1039 – فقرة 1040 – طلخا 10 ديسمبر سنة 1924 المحاماة 5 رقم 223 ص 256 .

 ( [89] )          ويقابل ذلك اعتبار الشرط قد تخلف إذا عمل الدائن على تحقيقه غشا . ولكن يلاحظ أن الأجل يعتبر أنه قد تخلف على سبيل التجوز ، فإن الأصل في الأجل أن يكون محقق الوقوع . فاعتباره متخلفا في حالة خاصة لا يبرره إلا غش الدائن .

 ( [90] )          استئناف مختلط 24 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 90 – 2 مايو سنة 1895 م 7 ص 245 – 23 يناير سنة 1930 م 42 ص 223 ( جواز التمسك بالمقاصة بين دين مؤجل سقط الأجل بالنزول عنه ودين حال ) .

أما الأجل الفاسخ فالأصل فيه أنه لمصلحة الدائن ، ولذلك يجوز له وحده أن ينزل عنه بإرادته المنفردة . على أن الأجل الفاسخ قد يكون لمصلحة الطرفين كما في الإيجار ( إذا سلمنا بالأجل الفاسخ في العقود الزمنية ) ، فلا يجوز النزول عنه أو عن بعضه إلا باتفاق الطرفين . وقد يكون العقد غير لازم – كالوكالة – فيجوز للموكل أن يعزل الوكيل قبل انتهاء الأجل ، كما يجوز للوكيل أن ينزل عن الوكالة قبل انتهاء الأجل كذلك ، على أن الوكالة إذا كانت باجر فإن الموكل يكون ملزما بتعويض الوكيل عن الضرر الذي لحقه من جراء عزله في وقت غير مناسب أو بغير عذر مقبول ، وإذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يقيدها دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 171 ص 240 – ص 241 ) .

 ( [91] )          ويقابل هذا النص المادة 101 / 155 من التقنين المدني السابق ، وكانت تجري على الوجه الآتي : ” إذا كان للتعهد أجل ، جاز للمتعهد الوفاء قيل حلوله إلا إذا كان العقد يمنع ذلك ” . وبالرغم من غموض هذا النص ، فإنه كان يفسر بالمعنى الواضح الذي أتى به التقنين المدني الجديد .

ويقابل النص في التقنين المدني العراقي المادة 294 وهي مطابقة لنص التقنين المدني المصري .

ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني النصوص الآتية : م 109 إن الأجل المؤجل موضوع لمصلحة المديون ، إلا إذا استنتج العكس من الأحوال أو من نص العقد أو ماهيته أو القانون .

م 110 – إذا كان الأجل موضوعاً لمصلحة الدائن أو لمصلحة الفريقين المشتركة ، فهو يمنع المديون من التنفيذ الاختياري للموجب .

م 112 – إن الفريق الذي يستفيد وحده من الأجل يمكنه أن يتنازل عنه بمجرد مشيئته .

م 303 / 1 – لا يجوز إجبار الدائن على قبول الايفاء قبل الأجل ، إلا إذا كان موضوعاً لمصلحة المديون وحده .

 ( وهذه الأحكام نتفق مع أحكام التقنين المدني المصري ) .

 ( [92] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 30 في الهامش .

 ( [93] )          ومع ذلك فإن المادة 722 مدني تنص على أنه ” يجب على المودع عنده أن يسلم الشيء إلى المودع بمجرد طلبه إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع عنده . وللمودع عنده أن يلزم المودع أن يتسلم الشيء في أي وقت إلا إذا ظهر من العقد أن الأجل عين لمصلحة المودع ” ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 171 ص 242 هامش رقم 2 – وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون في أحكام الالتزام في القانون المدني العراقي فقرة 152 ) .

 ( [94] )          حتى لو كان الدين تجارياً ، وإن كانت الديون التجارية يستخلص فيها بسهولة أن الأجل لمصلحة الطرفين معاً ( بودري وبارد 2 فقرة 982 – فقرة 983 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1003 – وانظر عكس ذلك وأن الأجل في الديون التجارية مفروض فيه أنه لمصلحة الطرفين معاً : تولييه 6 فقرة 679 – لارومبيير 3 م 1187 فقرة 4 ) . وقد نصت المادة 145 من التقنين التجاري على أنه ” لا يجبر حامل كمبيالة على استلام قيمتها قبل الاستحقاق ” . وانظر نفس القاعدة ، في السندات تحت الإذن والسندات لحاملها ، في المادة 189 من التقنين التجاري وهي تحيل على القواعد المطبقة في الكمبيالات . ففي الكمبيالات والسندات ، دون غيرها من المسائل التجارية ، يفرض القانون أن الأجل مشترط لمصلحة الطرفين .

وإذا أصدرت شركة أو شخص معنوي عام ( الدولة أو إحدى البلديات مثلا ) سندات وذكرت إنها تستهلك بطريق القرعة في مواعيد معينة ، لم يستطع من أصدر هذه السندات أن يستهلكها قبل المواعيد المحددة وبطريقة القرعة المعينة إلا إذا كان الأجل لمصلحته وحده لا لمصلحة الطرفين ، ومعرفة ما إذا كان الأجل في هذه الحالة لمصلحة المدين وحده أو لمصلحة الطرفين مسألة واقع يستخلصها قاضي الموضوع من الظروف دون رقابة عليه من محكمة النقض ( أنظر في هذه المسألة بودري وبارد 2 فقرة 984 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1002 ص 341 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 303 ص 513 هامش رقم 1 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1499 – جوسران 2 فقرة 725 ص 397 ) .

 ( [95] )          قارن بودري وبارد 2 فقرة 974 ص 151 هامش رقم 2 – وقد يكون القرض بفائدة بين شخصين تربطهما علاقة وثيقة وأراد المقرض تقديم خدمة للمقترض ، عند ذلك يستطيع قاضى الموضوع أن يستخلص أن الأجل ، وإن كان القرض بفائدة ، لمصلحة المدين وحده ، فيستطيع هذا أن ينزل عنه . كذلك ليس كل دين بفائدة يكون الأجل فيه حتما لمصلحة الطرفين ، فالمشتري بثمن مؤجل وبفائدة قد يكون الأجل لمصلحته وحده ، فله في هذه الحالة أن ينزل عن الأجل وأن يعجل الثمن فلا يدفع الفائدة عن المدة الباقية من الأجل ( بودري وبارد 2 فقرة 981 والهامش رقم 2 ) .

 ( [96] )          مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 30 هامش رقم 1 .

 ( [97] )          وفي فرنسا صدر تشريع استثنائي ( قانون 16 يوليه سنة 1935 وأكمل بمرسوم بقانون في 30 أكتوبر سنة 1935 ) لا يطبق إلا على الديون المدنية والتجارية السابقة على نفاذه ، ويقضي بجواز تعجيل دفع الدين قبل الأجل ولو كان ينتج فوائد ، دون حاجة إلى رضاء الدائن . واشترط هذا التشريع شروطاً تتعلق بوجوب إخطار الدائن بالدفع المعجل وانقضاء أربعة أسابيع على الأقل بعد الأخطار إلا إذا كان العقد الأصلي ينص على مدة أطول ، ويجوز أن يكون الوفاء المعجل جزئياً بشرط إلا يقل عن ربع الدين . وقد قصد التشريع أن يهيئ السبيل لمن استدان بفائدة مرتفعة – أثناء أزمة اقتصادية – أن يفي بالدين قبل حلول أجله ، ولو عن طريق اقتراض ما يفي به الدين بفائدة أقل ( أنظر بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1007 مكررة – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1051 – فقرة 1053 – كولان وكابيتان 2 فقرة 665 ) .

 ( [98] )          أنظر في هذا المعنى المادة 512 من التقنين المدني السوري ( وهي مطابقة ) والمادة 543 من التقنين المدني الليبي ( وهي مطابقة ) والمادة 762 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ونصها ما يأتي : لا يجوز إجبار المقترض على رد ما يجب عليه قبل حلول الأجل المعين بمقتضى العقد أو العرف ، وإنما يجوز له أن يرده قبل الأجل ما لم يكن هذا الرد مضراً بمصلحة المقترض .

هذا ويلاحظ أن الأجل إذا كان لمصلحة المدين ، وكان المدين معسراً إعساراً فعلياً ( وإلا فإن الإعسار القانوني يسقط الأجل ) ، لم يجز له أن ينزل عن الأجل ، وإذا وفي الدائن قبل حلول الأجل فإن هذا الوفاء لا يسري في حق باقي الدائنين . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 242 صراحة على هذا الحكم فقالت : ” وإذا وفى المدين المعسر أحد دائنيه قبل انقضاء الأجل الذي عين أصلاً الوفاء ، فلا يسري هذا الوفاء في حق باقي الدائنين ” .

 ( [99] )          استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1901 م 13 ص 362 – 20 نوفمبر سنة 1902 م 5 ص 11 – الاسكنردية الوطنية 16 مايو سنة 1925 المجموعة الرسمية 27 رقم 29 ص 46 – مصر الوطنية 6 فبراير سنة 1929 المجموعة الرسمية 30 رقم 58 ص 138 – وذلك ما لم يشترط حلول الأجل بمجرد انقضائه دون حاجة إلى إعذار ( استئناف مختلط 20 مارس سنة 1913 م 25 ص 25 ) .

ولا يكفي إعذار المدين لحلول الأجل إذا كان وقت الإعذار قد حول الدائن حقه إلى آخر ، فلم يعرف المدين على وجه التحقيق هو الدائن الذي يجب الوفاء له ( استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1923 م 35 ص 519 )

وإذا اشترط الدائن أنه عند حلول أجل قسط من المدين دون أن يدفع تحل باقي الأقساط دون حاجة إلى إعذار ، عمل بهذا الشرط وحلت باقي الأقساط بمجرد تأخر المدين عن دفع قسط في ميعاده ، ولا يمنع من ذلك أن تضاف عبارة ” على حسب اختيار الدائن ” ، فإن هذه العبارة لا تعني إلا أن الدائن له أن ينزل عن التمسك بهذا الشرط وله أن يتمسك به ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1921 م 33 ص 401 – 6 نوفمبر سنة 1923 جازيت 15 رقم 202 ص 124 – 29 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 93 – المحلة 4 ديسمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 5 ص 195 ) . ولكن ليس للدائن أن يتمسك بتأخر المدين في دفع قسط مدية قليلة ، إذا ثبت أن المدين دفع الأقساط السابقة في مواعيدها ، وأن الدائن كان يتساهل في استيفاء بعض هذه الأقساط متأخرة مدة قليلة ( استئناف مختلط 26 مارس سنة 1942 م 54 ص 151 ) . كذلك إذا بدا تساهل من الدائن ، فتعود المدين أن يؤخر دفع القسط دون أن يطالبه الدائن بدفع باقي الأقساط ، فليس للدائن أن يباغت المدين بمطالبته بدفع باقي الأقساط إذا جرى المدين على عادته في التأخر عن دفع قسط منها ( استئناف أهلي 17 ابريل سنة 1912 المجموعة الرسمية 13 ص 239 – كفر الشيخ 28 مايو سنة 1928 المجموعة الرسمية 20 ص 11 – استئناف مختلط 3 ابريل سنة 1930 م 42 ص 402 ) . بل يجب في هذه الحالة قبل أن يعتبر الدائن أن بقية الأقساط قد حلت أن يعذر المدين أنه معتزم العودة إلى التمسك بشرطه بكل دقة فلا يسمح للمدين بأي تأخر في مواعيد دفع الأقساط ( استئناف مختلط 28 مايو سنة 1942 م 54 ص 211 ) . وفي حالة نزول الدائن عن بعض الدين إذا دفع المدين الأقساط الباقية في مواعيدها ، المدين هو المكلف بإثبات أنه قام بالشرط حتى ينفذ تنازل الدائن ، وليس علىالدائن أن يعذر المدين ( استئناف مختلط 10 فبراير سنة 1948 م 60 ص 59 ) .

 ( [100] )         الوسيط جزء ثان فقرة 464 .

 ( [101] )          وإذا حل الأجل فليس الدائن ملزماً أن يطالب المدين بالدين فوراً ، بل يستطيع أن يتربص فيطالب المدين في أي وقت يختاره ، مع مراعاة أن التقادم يسري في حق الدين من وقت حلول الأجل ، فإذا تمت مدة التقادم لم يعد الدائن يستطيع المطالبة بالدين . وإذا كان للدين كفيل وحل أجل الدين ولم يطالب به الدائن فوراً ، فليس للكفيل أن يتضرر من ذلك ، لكن له أن ينذر الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر من هذا الإنذار ، وإلا برئت ذمة الكفيل ما لم يقدم المدين له ضماناً كافياً . وقد نصت المادة 785 مدني على هذه الأحكام صراحة فقالت : ” 1- لا تبرأ ذمة الكفيل لمجرد أن الدائن تأخر فى اتخاذ الإجراءات أو لمجرد أنه لم يتخذها .

 2- على أن ذمة الكفيل تبرأ إذا لم يقم الدائن باتخاذ الإجراءات ضد المدين خلال ستة أشهر نم إنذار الكفيل للدائن ؟ ، ما لم يقدم المدين للكفيل ضمانا كافيا ” . أنظر في الفقه الفرنسي : ديمولومب 25 فقرة 650 – لوران 17 فقرة 193 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 – بودري وبارد 2 فقرة 1000 – ويلاحظ أن المادة 2039 من التقنين المدني الفرنسي تقضي بأن للدائن أن يتفق مع المدين على مد أجل الدين دون أن تبرأ ذمة الكفيل بذلك ، ولكن يجوز للكفيل في هذه الحالة أن يقاضي المدين لإجباره على الوفاء .

 ( [102] )         الموجز للمؤلف فقرة 489 .

 ( [103] )         ويمكن تصور سقوط الأجل الفاسخ ، إذا تجوزنا وسلمنا بهذا الأجل في العقود الزمنية ، في بعض الحالات الخاصة ، نذكر منها على سبيل المثال : ( ا ) إذا مات المستأجر ، فإنه يجوز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا اثبتوا أنه بسبب موت مورثهم أصبحت أعباء العقد اثقل من أن تتحملها مواردهم أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم ( م 601 / 2 مدني ) . ( ب ) إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات ، جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد ( م 602 مدني ) . وانظر أيضاً في الإيجار المواد 603 و 604 و 607 و 608 و 609 . ( ج ) يجوز للمعير أن يطلب في أي وقت إنهاء العارية في الأحوال الآتية : 1 – إذا عرضت له حاجة عاجلة للشيء لم تكن متوقعة . 2 – إذا أساء المستعير استعمال الشيء أو قصر في الاحتياط الواجب للمحافظة عليه . 3- إذا أعسر المستعير بعد انعقاد العارية أو كان معسراً قبل ذلك دون علم من المعير ( م 644 مدني ) . 4 – تنتهي العارية بموت المستعير ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ( م 645 مدني ) .

 ( [104] )         ديمولومب 25 فقرة 569 – لوران 17 فقرة 179 – هيك 7 فقرة 282 – بودري وبارد 2 فقرة 973 .

 ( [105] )         هيك 7 فقرة 282 – بودري وبارد 2 فقرة 973 .

 ( [106] )         أنظر في كل ذلك المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 34 – ص 35 .

 ( [107] )         أما إذا كان المدين ملزماً بأداءات ( prestations ) متعددة ، كل منهما متميز عن الآخر ، كان هناك التزامات متعددة ، وليس محالا متعددة لالتزام واحد ، حتى لو كان لهذه الالتزامات المتعددة مصدر واحد ، وذلك كعقد البيع ينشيء في جانب البائع التزامات متعددة ، منها التزام بنقل الملكية ، ومنها التزام بالتسليم ، ومنها التزام بضمان الاستحقاق ، ومنها التزام بضمان العيوب الخفية ( أوبرى ورو 4 فقرة 303 ص 300 ص 68 ) .

 ( [108] )         وقد يتعدد المحل ومع ذلك يتكون من جميع المحال وحدة مقصودة ، كبيع مجموعة من الصور وغرفة للطعام أو للنوم أو للاستقبال ونحو لك ، فهنا يكون الالتزام ذا محل واحد لا يتجزأ . وكذلك قد يكون محل الالتزام واحداً ولكن تتفرق أجزاؤه ، كبيع كتاب من أجزاء متعددة ، ويكون الالتزام هنا من باب أولى ذا محل واحد لا يتجزأ . ويلاحظ إن عدم تجزئة المحل في الصورتين المتقدمتين ليس هو عدم التجزئة الذي سنبحثه في تعدد أطراف الالتزام ، فإن عدم تجزئة المحل لا يكون وصفاً في الالتزام يقتضى أحكاماً خاصة به إلا إذا تعددت أطراف الالتزام من مدين أو دائن ، أما عدم تجزئة المحال المتعددة مع بقاء كل من المدين والدائن واحداً لا يتعدد فليس إلا تعبيراً آخر للقول بأن الوفاء الجزئي لا يجوز ، وهذا أيضاً صحيح حتى لو كان محل الالتزام شيئاً واحداً ، تفرقت أجزاؤه أو لم تتفرق ( أنظر في هذا المعنى دي باج 3 فقرة 267 وفقرة 272 ) .

ويقول أوبرى ورو : إذا التزمت بإعطاء حصاني وبقرتي فالالتزام متعدد المحل ، ويكون الالتزام بسيطاً إذا التزمت بإعطاء المواشي التي املكها ، وكذلك يكون الالتزام بسيطاً إذا التزمت برد رأس المال مع فوائده ( أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 68 هامش رقم 1 ) .

 ( [109] )         أوبرى ورو 4 فقرة 300 ص 69 .

 ( [110] )         لارومبيير 3 م 1189 فقرة 5 – لوران 17 فقرة 224 – فقرة 225 – بودري وبارد 2 فقرة 1047 – جوسران 2 فقرة 744 .

المصدر-  توكيل محامي

والفقه الإسلامي يعني عناية خاصة بالالتزام ذى المحل المتعددة ، ويميز تمييزاً واضحاً بين التزام محله أشياء متعددة كلها واجبة الأداء وبين التزام محله أشياء متعددة أحدها وحده هو الواجب الأداء بحسب اختيار المدين ويسمى هذا بخيار التعيين ( البدائع جزء 5 ص 156 – ص 158 ) . وسنعود إلى خيار التعيين عند الكلام في الالتزام التخييري .

أما الالتزام الذي يكون محله أشياء متعددة كلها واجبة الأداء فيفصل الفقه الإسلامي أحكامه في كثير من الإسهاب ، ويحرص فيه بوجه خاص على عدم تفريق الصفقة ، ثم إذا هي تفرقة يحرص على عدم جهالة الثمن فيما تفرقت الصفقة فيه . ” فإذا أوجب ( البائع ) في العبدين فقبل ( المشتري ) في أحدهما ، بان قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم ، فقال المشترى قبلت في هذا العبد وأشار إلى واحد معين ، لا ينعقد ، لان القبول في أحدهما تفريق الصفقة على البائع ، والصفقة إذا وقعت مجتمعة من البائع لا يملك المشترى تفريقها وقبل التمام . لان من عادة التجار ضم الردئ إلى الجيد ترويجا للردئ بواسطة الجيد ، فلو ثبت للمشترى ولاية التفريق لقبل في الجيد دون الردئ ، فيتضرر به البائع والضرر منفى . ولان غرض الترويج لا يحصل الا بالقبول فيهما جميعا ، فلا يكون راضيا بالقبول في أحدهما . ولان القبول في أحدهما يكون اعراضا عن الجواب بمنزلة القيام عن المجلس . . . . . ثم إذا قبل المشترى بعض ما أوجبه البائع كان هذا شراء مبتدأ من البائع ، فان اتصل به الايجاب من البائع في المجلس فينظر : ان كان للبعض الذى قبله المشترى حصة معلومة من الثمن جاز ، والا فلا . بيانه إذا قال بعت منك هذين الكرين بعشرين ، بيع كل كر بعشرة لتماثل قفزان الكرين . وكذلك إذا قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم ، فقبل المشترى في أحدهما وبين ثمنه ، فقال البائع بعت ، يجوز . فاما إذا لم يبين ثمنه لا يجوز ، وان ابتدأ البائع الايجاب . بخلاف مسألة الكرين وسائر الاشياء المتماثلة ، لما ذكرنا ان الثمن في المثليات ينقسم على المبيع باعتبار الاجزاء ، فكان حصة كل واحد معلوما . وفيما لامثل له لا ينقسم الثمن على المبيع باعتبار الاجزاء ، لانعدام تماثل الاجزاء وإذا لم ينقسم بقيت حصة كل واحد منهما من الثمن مجهولة ، وجهالة الثمن تمنع صحة البيع . هذا إذا لم يبين البائع حصة كل واحد من العبدين ، بأن قال بعت منك هذين العبدين بألف درهم . فاما إذا بين بأن قال بعت منك هذين العبدين هذا بألف وهذا بخمسمائة ، فقبل المشترى في أحدهما دون الآخر ، جاز البيع لانعدام تفريق الصفقة من المشترى ، بل البائع هو الذى فرق الصفقة حيث سمى لكل واحد منهما ثمنا على حدة ، وعلم انه لا ضرر له فيه ، ولو كان فهو ضرر مرضى به وانه غير مدفوع ” ( البدائع جزء 5 ص 136 – ص 137 ) .

ويعني الفقه الإسلامي – من حيث تكوين العقد أيضاً – بفكرة أن الالتزام ذا المخل المتعدد ، وهو صفقة واحدة ، إذا داخله بطلان في بعض محاله المتعددة ، قد يختل باختلال وحدة الصفقة . فلو جمع البائع ” بين ما هو مال وبين ما ليس بمال في البيع ، بان جمع بين حر وعبد أو بين عصير وخمر أو بين ذكية ، وميتة وباعهما صفقة واحدة ، فان لم يبين حصة كل واحد منهما من الثمن ، لم ينعقد العقد أصلا بالاجماع . وان بين ، فكذلك عند أبى حنيفة . وعندهما ( أي عند أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة ) يجوز في العصير والعبد والذكية ، ويبطل في الحر والخمر والمية . . . وجه قولهما ان الفساد بقدر المفسد لان الحكم يثبت بقدر العلة ، والمفسد خص أحدهما فلا يتعمم الحكم مع خصوص العلة ، فلو جاء الفساد انما يجئ من قبل جهالة الثمن ، فإذا بين حصة كل واحد منهما من الثمن فقد زال هذا المعنى أيضا . . . ولابي حنيفة رضى الله عنه ان الصفقة واحدة وقد فسدت في احدهما فلا تصح في الآخر ، والدليل على ان الصفقة واحدة ان لفظ البيع والشراء لم يتكرر والبائع واحد والمشترى واحد ، وتفريق الثمن وهو التسمية لكل واحد منهما لا يمنع اتحاد الصفقة ، دل ان الصفقة واحدة ، وقد فسدت في أحدهما بيقين لخروج الحر والخمر والميتة عن محلية البيع بيقين : فلا يصح في الآخر لاستحالة كون الصفقة الواحدة صحيحة وفاسدة ، ولهذا لم يصح إذا لم يسم لكل واحد منهما ثمنا فكذا إذا سمى لان التسمية وتفريق الثمن لا يوجب تعدد الصفقة لاتحاد البيع والعاقدين . . . . ولانه لما جمع بينهما في الصفقة فقد جعل قبول العقد في أحدهما شرط القبول في الآخر ، بدليل انه لو قبل العقد في احدهما دون الآخر لا يصح ، الحر لا يحتمل قبول العقد فيه فلا يصح القبول في الآخر . . . . ولان في تصحيح العقد في أحدهما تفريق الصفقة على البائع قبل التمام ، لانه أوجب البيع فيهما قالقبول في أحدهما يكون تفريقا وهذا لا يجوز . . . ثم إذا جاز البيع في أحدهما عندهما ( أي عند الصاحبين ) فهل يثبب الخيار فيه ؟ ان علم بالحرام يثبت لان الصفقة تفرقت عليه ، وان لم يعلم لا لانه رضى بالتفريق ” ( البدائع جزء 5 ص 145 – ص 146 ) .

وتفرق الصفقة أيضاً هي التي يعني بها الفقه الإسلامي في تقرير أحكام العقد بعد انعقاده صحيحاً ، فإذا هلك بعض المبيع قبل القبض هلك على البائع ، ثم ينظر : ” ان كان النقصان نقصان قدر ، بان كان مكيلا أو موزونا أو معدودا ، ينفسخ العقد بقدر الهالك وتسقط حصته من الثمن ، لان كل قدر من المقدرات معقود عليه فيقابله شئ من الثمن ، وهلاك كل المعقود عليه يوجب انفساخ البيع في الكل وسقوط كل الثمن ، فهلاك بعضه يوجب انقساخ البيع وسقوط الثمن بقدره . والمشترى بالخيار في الباقي ، ان شاء أخذه بحصته من الثمن ، وان شاء ترك لان الصفقة قد تفرقت عليه ” ( البدائع جزء 5 ص 239 ) . وللبائع حبس المبيع حتى يستوفى الثمن ، فلو باع ” شيئين صفقة واحدة ، وسمى لكل واحد منهما ثمنا ، فنقد المشترى حصة أحدهما ، كان للبائع حبسهما حتى يقبض حق الاخر لما قلنا ، ولان قبض أحدهما دون الآخر تفريق الصفقة الواحدة في حق القبض ، والمشترى لا يملك تفريق الصفقة الواحدة في حق القبول بأن يقبل الايجاب في أحدهما دون الآخر ، فلا يملك التفريق في حق القبض ايضا ، لان للقبض شبها بالعقد . وكذلك لو أبرأه من حصة أحدهما ، فله حبس الكل لاستيفاء الباقي لما ذكرنا ” ( البدائع جزء 5 ص 250 ) .

وظاهر من هذه النصوص التي قدمناها أن أحكام الفقه الإسلامي في الالتزام ذى المحل المتعدد مقبولة بوجه عام ، ويمكن تخريجها على المبادئ العامة في القانون الحديث .

 ( [111] )         أنظر في ذلك دي باج 3 فقرة 268 .

 ( [112] )         ويميز تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، في ” الموجبات ذات المواضيع المتعددة ” ، ” بين الموجب المتلازم ” وهو الذي ندعوه بالالتزام ذى المحل المتعدد ، ” والموجب التخييري ” أي الالتزام التخييري ، ” الموجب الاختياري ” أي الالتزام البدلي . فتنص المادة 53 من هذا التقنين على ” أن الموجبات ذات المواضيع المتعددة تكون متلازمة أو تخييرية أو اختيارية ” . وتنص المادة 54 على أن ” الموجب المتلازم هو الذي يكون موضوعه مشتملا على جملة أشياء تجب معاً بحيث لا تبرأ ذمة المديون إلا بأدائها كلها ” . وتنص المادة 55 على ” أن الموجبات المتلازمة خاضعة للأحكام المختصة بالموجب البسيطة ” \

المصدر: محامي في الأردن.

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s