مقومات الشرط


مقومات الشرط

5 – النصوص القانونية : تنص المادة 265 من التقنين المدني على ما يأتي :

 ” يكون الالتزام معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع ” .

وتنص المادة 266 على ما يأتي :

 ” 1- لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . أما إذا كان فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم ” .

 ” 2- ومع ذلك لا يقوم الالتزام الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للالتزام ” .

وتنص المادة 267 على ما يأتي :

 ” لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم ” ( [1] ) .

 10

وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادة 013 / 157 ( [2] ) .

وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 265 – 267 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 252 – 254 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 285 – 287 وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 81 – 87 ( [3] ) .

ويستخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن للشرط مقومات ثلاثة : ( 1 ) فهو  12  أمر مستقبل ( 2 ) غير محقق الوقوع ( 3 ) وغير مخالف للنظام العام ولا للآداب . وهناك مقوم رابع ، هو أن الشرط أمر عارض إضافي يمكن تصور الالتزام بدونه . وهذه ظاهرة عامة في أوصاف الالتزام ، ولكنا أثرنا أن نذكرها في الشرط لأهميتها بالنسبة إليه ، إذ هي التي تميز بين الحق المشروط والحق الاحتمالي .

ونستعرض الآن هذه المقومات الأربعة .

1-                   أمر مستقبل

6 – يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا : يجب أن يكون الشرط أمراً مستقبلا ( evenement future ) . فإذا وعد شخص آخر بجائزة إذا عثر على مال له مفقود ، أو وعد أب ولده بجائزة إذا نجح في الامتحان ، أو وعد الأب ابنه بان يهب له منزلا إذا تزوج لهيئ له أمر سكناه ، فكل من العثور على المال المفقود والنجاح في الامتحان والزواج أمر مستقبل ، ومن ثم كان كل من الالتزام بالجائزة أو الهبة التزاماً معلقاً على شرط ، إذ يتوقف وجوده على تحقق هذا الشرط .

وإذا أوصى زوج لزوجته بدار تسكنها على أن تتفرغ لتربية أولادها منه فلا تتزوج بعده وإلا فسخت الوصية ، أو باع شخص أحد متجريه واشترط على المشترى أن يكون البيع مفسوخاً إذا نافسه في المتجر الآخر الذي استبقاه ، فكل من الزواج في المثل الأول ومن المنافسة في المثل الثاني أمر مستقبل ، ومن ثم كانت الالتزامات المترتبة على كل من الوصية والبيع معلقة على شرط ، إذ يتوقف زوالها على تحقق هذا الشرط .

7- لا يجوز أن يكون الشرط أمراً ماضيا أو حاضرا : فلا بد إذن أن يكون الشرط أمراً مستقبلا . أما إذا كان أمراً ماضياً أو حاضراً فهو ليس بشرط ، حتى لو كان طرفا الالتزام يجهلان وقت التعامل ما إذا كان الأمر الماضي قد وقع أو لم يقع ، أو ما إذا كان الأمر الحاضر واقعاً أو غير واقع . فلو أن الواعد بالجائزة ، في المثل المتقدم ، وقت أن وعد بها كان الموعود له قد عثر على المال المفقود ولا يعلم الواعد ذلك ، فالتزام الواعد بالجائزة التزام منجز غير معلق على شرط ، وهو واجب الوفاء في الحال . ولو أن الأب الذي وعد ابنه بجائزة إذا نجح في الامتحان كان وقت أن وعد بها لا يعلم أن نتيجة الامتحان قد ظهرت بالفعل وأن ابنه قد رسب ، فالتزام الأب بإعطاء ابنه الجائزة التزام لم يوجد ولن يوجد ، فهو التزام غير موجود أصلاً منذ البداية وليس التزاماً معلقاً على شرط . ولو أن الأب وقت أن وعد ابنه بان يهب له منزلا إذا تزوج كان لا يعلم أن ابنه قد تزوج فعلا ، فالتزام الأب بالهبة يكون التزاماً منجزاً غير معلق على شرط ، وهو واجب الوفاء في الحال ( [4] ) .

واعتقاد الملتزم ، في الأمثلة المتقدمة ، أن التزامه معلق على شرط بينما هو التزام منجز ، بل اعتقاد الطرفين معاً ، المدين والدائن ، أن الشرط لم يتبين مآله بعد وأن الالتزام معلق على شرط ، لا يؤثر في أن الالتزام منجز لو كان  14  هذا الأمر قد تحقق فعلا قبل وجود الالتزام ، أو في أن الالتزام غير موجود أصلاً لو كان هذا الأمر لم يتحقق ( [5] ) .

8 – قد يكون الأمر المستقبل أمراً إيجابيا أو أمراً سلبيا – والأمر المستقبل الذي ينطوي عليه الشرط قد يكون أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً . فالاب الذي التزم بان يهب ابنه داراً إذا تزوج قد علق التزامه على شرط هو زواج ابنه ، وهذا أمر ايجابي . والزوج الذي يوصى لامرأته بدار على شرط إلا تتزوج بعده قد علق الوصية على شرط هو عدم زواج امرأته ، وهذا أمر سلبي .

ولا فرق في الحكم بين ما إذا كان الشرط أمراً إيجابياً أو أمراً سلبياً ، ولا يكاد يكون للتفرقة أهمية عملية إلا من ناحية تقدير الوقت الذي يعتبر فيه الشرط قد تحقق أو تخلف . ففي الشرط الايجابي تحدد عادة مدة قصيرة إذا لم يتحقق الشرط فيها اعتبر متخلفاً ، وفي الشرط السلبي تكون المدة عادة طويلة فالزوجة الموصى لها بالدار بشرط إلا تتزوج بعد موت زوجها عليها إلا تتزوج طول حياتها .

على أن الأمر الواحد – كما يقول بودري وبارد ( [6] ) – قد تكون له ناحية ايجابية وناحية سلبية وهو هو لم يتغير ، فيستطاع وضعه في صورة شرط ايجابي أو في صورة شرط سلبي . فإذا التزم شخص لآخر ، وعلق التزامه على شرط هو أن يعيش الملتزم له خارج مدينة القاهرة حتى يبعده عن ملاهيها ، فقد وضع الشرط في صورة أمر ايجابي . ويستطيع أن يضع نفس الشرط في صورة أمر سلبي إذا اشترط على الملتزم له إلا يعيش في مدينة القاهرة .

 15

2-                   غير محقق الوقوع

9 – يجب أن يكون الشرط غير محقق الوقوع : تقول الفقرة الأولى من المادة 286 من التقنين المدني العراقي : ” يشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود ، لا محققاً ولا مستحيلا ” . وهذا تعبير استعير من الفقه الإسلامي لهذا المقوم من مقومات الشرط . فالشرط يجب أن يكون أمراً غير محق الوقوع ، وهذا الشك في وقوع الأمر هو لب الشرط والصميم فيه .

فإذا كان الأمر محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً . وكذلك لا يكون شرطاً أمر مستحيل الوقوع . وإنما يكون الشرط أمراً محتمل الوقوع ، لا محققاً ولا مستحيلا ( [7] ) .

10 – لا يكون شرطا الأمر محقق الوقوع : فإذا كان الأمر مستقبلا ولكنه محقق الوقوع ، فإنه لا يكون شرطاً ، بل يكون أجلاً كما سبق القول . فإذا أضاف الملتزم التزامه إلى موسم الحصاد ، كان الالتزام مقترناً بأجل لا معلقاً على شرط ، لأن موسم الحصاد في المألوف من شؤون الدنيا لابد آت ، فالأمر هنا محقق الوقوع ، فيكون أجلاً لا شرطاً .

 16

ويكون الأمر محقق الوقوع أجلاً حتى لو لم يكن موعد وقوعه محققاًَ ، كالموت . فإذا التزم المشتري بان يدفع للبائع ثمناً هو إيراد مرتب طول حياته ، فقد جعل المشتري لالتزامه أجلاً فاسخاً هو موت البائع ، والموت أمر محقق وإن كان لا يعرف متى يقع . والتزام شركة التأمين على الحياة بان تدفع مبلغ التأمين إلى ورثة المؤمن عليه عند موته هو التزام مضاف إلى أجل واقف لا معلق على شرط واقف ( [8] ) .

على أن الموت قد يكون شرطاً إذا اقترن بملابسات تجعله غير محقق الوقوع في نطاق هذه الملابسات . فإذا وهب شخص داراً لاثنين على التعاقب بشرط إلا تنتقل الدار إلى الثاني إلا إذا عاش بعد موت الأول ، فإن الهبة الأولى تكون معلقة على شرط فاسخ هو أن يموت الموهوب له الأول قبل موت الموهوب له الثاني ، وتكون الهبة الثانية معلقة على شرط واقف هو أن يعيش الموهوب له الثاني بعد موت الموهوب له الأول . فالموت في هاتين الهبتين شرط لأجل ، إذ اقترن بملابسات جعلته في كل منهما غير محقق الوقوع . هو محقق الوقوع في ذاته ، ولكن أن يموت أحد الموهوب لهما قبل الآخر هذا هو الأمر غير محقق الوقوع ، فيصبح الموت في نطاق هذه الملابسات شرطاً لا أجلاً .

11- لا يكون شرطا الأمر مستحيل الوقوع : كذلك لا يكون شرطاً الأمر مستحيل الوقوع . فإذا علق الملتزم وجود التزامه على أمر مستحيل استحالة مطلقة ، فإن الالتزام لا يوجد أصلاً . ويجب أن تكون الاستحالة مطلقة ، أي أن يستحيل تحقق الشرط بالوسائل المعروفة للإنسان . فإذا وعد شخص آخر بإعطائه جائزة إذا وصل إلى القمر كانت هذه الاستحالة مطلقة ، لأن وسائل الطيران المعروفة حتى اليوم تعجز عجزاً مطلقاً عن الوصول إلى القمر ، وإن كان العلماء يتحدثون عن إمكان ذلك في المستقبل( المصدر محامي شركات )..

أما إذا كانت الاستحالة نسبية فإنها لا تعيب الالتزام ، بل يكون في هذه الحالة قائماً يتوقف وجوده أو زواله على تحقق الشرط . وتعتبر الاستحالة نسبية إذا غلب على الظن أن تقدم المعارف البشرية تجعل الشرط غير مستحيل الوقوع ،  17  وإن كان لم يقع حتى اليوم . فيجوز لشخص أو لهيئة أو تعد بمنح جائزة ، إذا استطاع الموعود له أن يجد علاجاً لبعض الأمراض المستعصية التي يوجد لها علاج حتى اليوم .

وكما تكون الاستحالة طبيعية كما رأينا في الأمثلة المتقدمة ، قد تكون أيضاً قانونية ( [9] ) . فالالتزام المعلق على شرط أن يبيع المشترط عليه تركة مستقبلة ، أو على شرط أن يتزوج محرماً ، أو على شرط أن يطلق زوجته إذا كان الطلاق غير جائز في شريعته ، لا يكون التزاماً قائماً ، لأنه علق على شرط مستحيل استحالة مطلقة . والاستحالة هنا استحالة قانونية لا استحالة طبيعية ، إذ بيع التركة المستقبلة باطل ، وباطل كذلك الزواج من المحرم ، والطلاق محرم في شريعة المشترط عليه ( [10] ) .

12 – الشرط الإرادي : وهناك شرط ممكن الوقوع ، ولكن وقوعه يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، الدائن أو المدين . ذلك أن الشرط – من حيث تعلقه بإرادة طرفي الالتزام – قد يكون شرطاً لا علاقة له بهذه الإرادة أصلاً ، فهو شرط متروك للصداقة ( condition casuelle ) ، مثل ذلك تعليق الالتزام على  18  شرط وصول الطائرة سليمة إلى مطار الوصول . وقد يكون شرطاً متعلقاً بإرادة أحد طرفي الالتزام ( condition potestative ) ، كالزواج فهو متعلق بإرادة من يشترط عليه الزواج . وقد يكون شرطاً مختلطاً ( condition mixte ) يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام وبعامل خارجي معها كمجرد الصدفة أو إرادة الغير ، وذلك كالزوج من شخص معين فهذا شرط متعلق بإرادة من اشترط عليه الزواج وبارادة من اشترط الزواج منه ( [11] ) .

وكل من الشرط المتروك للصدفة والشرط المختلط شرط صحيح ، لأنه أمر لا هو محقق الوقوع ولا هو مستحيل الوقوع ، إذ أن وقوعه لا يتعلق بمحض إرادة تحكمية ، وهو حتى إذا تعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام فإنه في الوقت ذاته يتعلق بأمر خارج عن هذه الإرادة يجعل وقوعه محتملا ، لا محققاً ولا مستحيلا ً .

أما الشرط الإرادي فهو إما أن يكون شرطاً إرادياً بسيطاً ( condition simplement potestative أو شرطاً إرادياً محضاً ( condition purement potestative ) . فالشرط الإرادي البسيط يتعلق بإرادة أحد طرفي الالتزام ، ولكن هذه الإرادة ليست مطلقة ، بل هي مقيدة بظروفها وملابساتها . فالزواج شرط إرادي يتعلق بإرادة الدائن أو المدين ولكن إرادة المشترط عليه الزوج ليست مطلقة ، إذا الزواج أمر تحوط به الظروف والملابسات الاجتماعية والاقتصادية .

ويقال مثل ذلك عن شرط النجاح في الامتحان ، بل أن هذا الشرط يكاد يكون شرطاً مختلطاً فهو يتعلق بالإرادة وبظروف أخرى قد لا يكون للشخص سلطان عليها . ومن ثم يكون الشرط الإرادي البسيط شرطاً صحيحاً ، سواء تعلق بإرادة الدائن أو بإرادة المدين .

بقى الشرط الإرادي المحض ، وهذا إما أن يتعلق بمحض إرادة الدائن أو بمحض إرادة المدين . فإن تعلق بمحض إرادة الدائن كان شرطاً صحيحاً ، وكان الالتزام قائماً معلقاً على إرادة الدائن ، إن شاء تقاضى المدين الشيء الذي ألزمه به ، وإن شاء أحله من التزامه . أما أن تعلق الشرط بمحض إرادة المدين ، فإن كان  19  شرطاً فاسخاً ، كأن يلتزم المدين حالا ويجعل فسخ هذه الالتزام معلقاً على إدارته المحضة ، كان الشرط صحيحاً وكان الالتزام قائماً ، لأن الالتزام لم يعلق وجوده على محضر إرادة المدين ، فهو إذن قد وجد ، وإنما استبقى المدين زمامه في يده ، إن شاء أبقاه وإن شاء فسخه ( [12] ) . وإن كان الشرط المتعلق بمحض إرادة المدين شرطاً واقفاً ، كأن يلتزم المدين إذا أراد ، أو يلتزم إذا رأى ذلك معقولا أو مناسباً ( [13] ) ،  20  فهذا شرط يجعل عقدة الالتزام منحلة منذ البداية ، إذ أن الالتزام قد علق وجوده على محض إرادة المدين ، إن شاء حقق الشرط ومن هنا يكون الشرط محقق الوقوع بمشيئة المدين ، وإن شاء جعله يتخلف ومن هنا يكون الشرط مستحيل الوقوع بمشيئة المدين أيضاً ( [14] ) . ومن ثم يكون هذا الشرط باطلا ،  21  ويسقط كل التزام معلق على شرط واقف هو محض إرادة المدين . وهذا ما تقرره المادة 267 مدني ، إذا تقول كما رأينا : ” لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط واقف يجعل وجود الالتزام متوقفا على محض إرادة الملتزم ( [15] ) .

3 – غير مخالف النظام العام أو الآداب

13 – الشرط المخالف للنظام العام : وقد يكون الشرط مخالفاً للنظام العام ، فيكون في هذه الحالة باطلا ولا يقوم الالتزام الذي علق وجوده عليه .

وأمثلة الشروط المخالفة للنظام العام كثيرة متنوعة . فإذا علق الملتزم التزامه على إلا يتزوج الدائن إطلاقاً ، كان الشرط مخالفاً للنظام العام إذا لم يكن هناك غرض مشروع يرمي إليه المشترط من وراء هذا الشرط . فإذا رمى مثلا إلى منع زوجته بعد موته من الزواج غيرة منه وأثرة ، فالشرط باطل لمخالفته للنظام العام .  22  أما إذا رمى إلى جعل زوجته بعد موته تتفرغ لتربية أولادها منه لا يشغلها زوج آخر ، فالشرط صحيح والالتزام قائم .

كذلك الشرط القاضي بألا يحترف المشترط عليه مهنة معينة يكون باطلا لمخالفته للنظام العام ، ما لم يكن هناك غرض مشروع يرمى إليه المشترط ، كأن تكون المهنة المحرمة مهنة وضعية ترزى بالكرامة ، أو أن يكون المشترط قد أراد أن يحمى نفسه حماية مشروعة من منافسة المشترط عليه .

وإذا اشترطت الزوجة غير المسلمة أن تكون أولادها من زوجها المسلم على دينها هي لا على دين زوجها وإلا كان لها حق الطلاق من زوجها ، فإن هذا الشرط باطل لمخالفته النظام العام .

وإذا اشترطت الزوجة المسلمة على زوجها إلا يطلقها ، فإن الشرط باطل لمخالفته للنظام العام ، وللزوج بالرغم من هذا الشرط أني طلق زوجته لسبب مشروع وفي غير تعنت . ولكن يجوز للزوجة أن تشترط مبلغاً من المال تعويضاً لها عما يصيبها من الضرر إذا طلقها زوجها ، وفي هذه الحالة ينظر إن كان الطلاق لغير سبب مشروع فالشرط صحيح ويجب دفع التعويض . وإلا فالشرط بالطل والتعويض غير مستحق .

وشرط عدم تعدد الزوجات الذي قد تشترطه الزوجة على زوجها المسلم ، وإلا صارت مطلقة منه أو أعطاها تعويضاً ، شرط صحيح في نظرنا وليس مخالفاً للنظام العام . ولكن لا يجوز أن تشترط الزوجة على زوجها المسلم إلا يتزوج غيرها وإلا كان الزواج الآخر باطلا أو كانت الزوجة الأخرى هي الطالقة ( [16] ) .

ويمكن التمييز بين شرط مخالف للنظام العام وشرط مستحيل استحالة قانونية ، وإن كان كل من الشرطين باطلا . فاشتراط عدم الزواج قد يكون شرطاً مخالفاً للنظام العام ولكنه شرط غير مستحيل ، أما اشتراط الزواج من محرم فشرط مستحيل استحالة قانونية وهو في الوقت ذاته مخالف للنظام العام لأن الاستحالة القانونية كثيراً ما ترجع إلى مخالفة النظام العام .

 23

14- الشرط المخالف للآداب : وقد يكون الشرط مخالفاً للآداب ، فيكون باطلا أيضاً ، ويسقط الالتزام الذي علق عليه قيامه . فإذا التزم شخص نحو آخر بمبلغ من النقود بشرط أن يقوم بارتكاب عمل غير مشروع ، فإن الشرط يكون مخالفاً للآداب ويكون باطلا كما قدمنا . وكذلك الحكم إذا اشترط على شخص إلا يرتكب جريمة ، أو أن يمحو آثار جريمة ارتكبت كأن يعيد مخطوفاً أو يرد مسروقاً ، أو اشترط عليه أن يقوم بعمل واجب عليه قانوناً على أن يتناول أجراً على القيام به كأن تدخل الزوجة في طاعة زوجها أو أن يمتنع الزوج عن معاشرة غير زوجته أو أن يكف شخص عن التشهير بشخص آخر ونحو ذلك ، فكل هذه شروط تعتبر مخالفة للآداب لأنها جزاء مادي على القيام بالواجب ، والواجب يتعين القيام به دون جزاء ( [17] ) .

4- أمر عارض

15 – الشرط أمر عارض : ويدخل في مقومات الشرط ، بحكم أنه وصف يلحق الحق بعد تكوينه ، أنه أمر عارض يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق .

ويترتب على أن الشرط يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق أن كلا  24  من الحق المضمون برهن والحق غير معين القيمة والحق التبعي لا يعتبر حقاً معلقاً على شرط ، لأن الوصف هنا لا يلحق عنصراً جوهرياً من عناصر الحق ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

أما أن الشرط أمر عارض فمعناه أنه وصف يدخل على الحق بعد تمام هذا الحق وتكامل عناصره ، فيكون الشرط أمراً عارضاً لا يساهم في تكوين الحق ذاته ، بل يضاف إليه بعد تكوينه ، ويمكن تصور قيام الحق بدونه . فالشرط إذن ، باعتباره أمراً عارضاً ، قد يوجد وقد لا يوجد . وهو إذا وجد فالحق يصبح موصوفاً ، وإذا لم يوجد فالحق يقوم بالرغم من ذلك ، لأنه استكمل عناصره ، ويكون حقاً غير موصوف أي حقاً بسيطاً منجزاً ( [18] ) .

16 – التمييز بين الحق المشروط والحق الاحتمالي : ومن هنا يجيء التمييز بين الحق المشروط ( droit conditionnel ) والحق الاحتمالي ( droit eventual ) . فالوصف في الحق المشروط أمر عارض يلحق الحق بعد تكامل عناصره كما قدمنا ( [19] ) . أما الوصف في الحق الاحتمالي فأمر غير عارض ، ذلك أن الحق الاحتمالي هو حق ينقصه عنصر من عناصره الجوهرية ، والوصف في الحق الاحتمالي هو بالذات نقصان هذا العنصر الجوهري .

ومن الأمثلة على الحق الاحتمالي ما يأتي : ( 1 ) حق الشفيع قبل أن يعلن  25  إدارته في الأخذ بالشفعة ، إذ الشفيع قبل إعلان هذه الإرادة ليس له حق كامل ، بل مجرد حق احتمالي . ولا يصبح هذا الحق الاحتمالي حقاً كاملا إلا إذا أعلن الشفيع إدارته في الأخذ بالشفعة ، فالحق الاحتمالي هنا قد نقصه عنصر من العناصر الجوهرية هو إعلان هذه الإرادة . ولا يعتبر هذا الإعلان شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق كما قدمنا . ( 2 ) حق الموصى له قبل أن يموت الموصى ، وهنا أيضاً لا يكون للموصلى له إلا حق احتمالي قد نقصه عنصر من العناصر الجوهرية للحق الكامل هو موت الموصى . ولا يعتبر هذا الموت شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق . ( 3 ) الحق المترتب على حساب جار قبل أن يدفع صاحب الحساب أو يقبض شيئاً ، فالحق هنا حق احتمالي ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية للحق الكامل هو الدفع أو القبض ، ليتكون رصيد دائن أو مدين للحساب الجاري ، فيصبح الحق كاملا لا مجرد حق احتمالي . ولا يعتبر الدفع أو القبض شرطاً ، بل هو عنصر من عناصر الحق .

ونرى من ذلك أن هناك فرقين أساسيين بين الحق المشروط والحق الاحتمالي :

 ( أولاً ) يمكن تصور قيام الحق المشروط دون الشرط ، إذ الشرط أمر عارض كما قدمنا . أما الحق الاحتمالي فحق ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية حتى يكون حقاً كاملا كما سبق القول ، ومن ثم لا يمكن تصور هذا الحق الكامل دون هذا العنصر الجوهري .

 ( ثانياً ) إذا تحقق الشرط في الحق المشروط ، كان لتحققه أثر رجعي على الوجه الذي سنفصله فيما يلي . أما إذا استكمل الحق الاحتمالي العنصر الجوهري الذي ينقصه فأصبح حقاً كاملا ، فإنه يصبح حقاً كاملا دون أثر رجعي . ومن ثم يوجد الحق الكامل من وقت استكمال العنصر الجوهري ، لا من وقت وجود الحق الاحتمالي ( [20] ) .

 26

المبحث الثاني

نوعا الشرط

الشرط الواقف والشرط الفاسخ

1- الشرط الواقف

 ( condition suspensive )

17 – ما هو الشرط الواقف : رأينا أن المادة 265 / 1 مدني تنص على أن ” يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر  27  مستقبل غير محقق الوقوع ” . فإذا كان وجود الالتزام متوقفاً على الشرط ، بحيث إذا تحقق الشرط وجد الالتزام وإذا تخلف لم يوجد ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة شرطاً واقفاً ( condition suspensive ) . فالشرط الواقف هو إذن الشرط الذي يتوقف على تحققه وجود الالتزام ، فإن تخلف لم يخرج الإلتزام إلى الوجود . مثل ذلك أن يعلق الواهب هبته لابنه على شرط أن يتزوج ، فالزواج هنا شرط واقف ، إذا تحقق وتزوج الإبن فقد وجد التزام الأب بالهبة ، وإذا تخلف للشرط ولم يتزوج الإبن فإن التزام الأب بإعطاء هبة لا بنه لا يوجد .

18 – الشرط الواقف المستحيل والشرط الواقف المخالف للنظام العام أو الآداب : وتنص الفقرة الأولى من المادة 266 مدني كما رأينا ، على أنه ” لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . . . . ” . وقد استعرضنا أمثلة للشرط المستحيل وللشرط المخالف للنظام العام أو الآداب ، فإذا كان الشرط في هذه الأحوال واقفاً غير فاسخ فالشرط باطل كما قدمنا . والالتزام الذي علق وجوده على الشرط يعتبر هو أيضاً غير قائم ، لأن وجوده معلق على شرط مستحيل أو غير مشروع ، فلن يتحقق هذا الشرط أو لا ينبغي أن يتحقق ، ومن ثم لا يوجد الالتزام .

 28

19 – الشرط الواقف الإرادي المحض – إحالة : وقد رأينا أن الشرط إذا تعلق بمحض إرادة المدين ، وكان شرطاً واقفاً غير مترتب على عقد ملزم للجانبين ، فإن الالتزام لا يوجد للأسباب التي قدمناها ( [21] ) .

2- الشرط الفاسخ

 ( Condition resolutoire )

20 – ما هو الشرط الفاسخ : رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 265 مدني تقضي بأن يكون الالتزام معلقا على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتبا على أمر مستقبل غير محقق الوقوع . ورأينا أن وجود الالتزام إذا كان مترتباً على الشرط ، فهذا الشرط واقف ، أما إذا كان زوال الالتزام هو المتوقف على الشرط ، فهذا الشرط فاسخ . مثل الشرط الفاسخ نزول الدائن عن جزء من حقه بشرط أن يدفع المدين الأقساط الباقية كل قسط في ميعاده ، فالشرط هنا شرط فاسخ ، وإذا تخلف بأن يتأخر المدين في دفع الأقساط الباقية ، اعتبر نزول الدائن عن جزء من الدين كأن لم يكن ( [22] ) . والالتزام المعلق على شرط فاسخ يوجد في الحال وينفذ ، ولكن زواله هو الذي يعلق على الشرط ، فإذا تحقق الشرط زال الالتزام واعتبر كأن لم يكن ، أما إذا تخلف الشرط فقد أصبح الالتزام باتاً ( [23] ) . ونرى من ذلك أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ هو  29  في حقيقته التزام زواله معلق على شرط واقف ، فإن الشرط في الواقع من الأمر  30  واقف في جميع الأحوال : يقف وجود الالتزام أو يقف زواله ، ففي الحالة الأولى يسمى شرطاً واقفاً ، وفي الحالة الثانية يسمى شرطاً فاضحاً ( [24] ) .

وقد تدق في بعض الأحوال معرفة ما إذا كان الشرط واقفاً أو فاسخاً ، كما فيا لبيع المعلق على شرط موافقة الغير على البضاعة المبيعة ، فهل الشرط هنا واقف ولا يتم البيع إلا إذا وافق الغير على البضاعة ، أو هو شرط فاسخ وينفذ البيع في الحال على أن يفسخ إذا لم يوافق الغير على البضاعة ؟ يرجع الأمر في ذلك إلى تبين إرادة الطرفين ، ويستخلص قاضي الموضوع هذه الإرادة من الظروف والملابسات ، فإن تبين أن نية الطرفين قد انصرفت إلى أن يكون الشرط واقفاً أو إلى أن يكون فاسخاً التزم هذه النية وحكم على مقتضاها ( [25] ) .

ويلاحظ أن كل شرط فاسخ يتضمن وجود شرط واقف ، سوا كان ذلك في الالتزام أو في الحق العيني . فمن التزم بهبة على أن تفسخ إذا رزق ولداً ، كان مديناً بالهبة تحت شرط فاسخ ، فينفذ التزامه فوراً ويعطي الموهوب له الهبة ، وكذلك الموهوب له يصبح مديناً تحت شرط واقف هو نفس الشرط الفاسخ بالنسبة إلى الواهب . فإذا رزق الواهب ولداً فتحقق الشرط ، فإن تحققه كشرط فاسخ يزيل التزام الواهب بالهبة فيستردها من الموهوب له ، وتحققه كشرط واقف يوجد التزام الموهوب له برد الهبة إلى الواهب فيردها إليه . وكذلك الحكم في الحق العيني كحق الملكية إذا علق على شرط فاسخ ، فإن الشيء الواحد يصبح له مالكان ، أحدهما مالك تحت شرط فاسخ والآخر مالك تحت شرط واقف ، والشرط الفاسخ بالنسبة إلى الأول هو نفس الشرط الواقف بالنسبة إلى الثاني ، فإذا ما تحقق هذا الشرط فقد انفسخت ملكية الأول وقامت ملكية  31  الثاني ، أما إذا تخلف الشرط فقد سقطت ملكية الثاني وأصبحت ملكية الأول ملكية باتة ( [26] ) .

21 – الشرط الفاسخ المستحيل والشرط المخالف للنظام العام أو الآداب : رأينا أن المادة 266 مدني تنص على أنه : ” 1- لا يكون الالتزام قائما إذا علق على شرط غير ممكن أو على شرط مخالف للآداب أو النظام العام ، هذا إذا كان الشرط وافقا . أما إذا كان فاسخا فهو نفسه الذي يعتبر غير قائم .

 2- ومع ذلك لا يقوم الالتزام الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو النظام العام ، إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للالتزام ” .

ويتبين من هذا النص أن الشرط الفاسخ إذا كان مستحيلا أو مخالفاً للنظام العام أو للآداب ، كان باطلا كما قدمنا . ولما كان الالتزام المعلق على شرط فاسخ التزاماً نافذاً فوراً وزواله هو المعلق على الشرط الفاسخ ، ولما كان هذا الشرط الفاسخ معتبراً كأنه لم يكن لبطلانه ، فهو إذن لن يتحقق . ويترتب على ذلك أن الالتزام المعلق على شرط فاسخ مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب يكون التزاماً باتاً غير معلق على شرط ما ( [27] ) ، وليس التزاماً مهدداً بالزوال كما هو شأن الالتزام المعلق على شرط فاسخ صحيح .

على أن الشرط الفاسخ المخالف للنظام العام أو الآداب قدي كون هو السبب الدافع إلى الالتزام ( [28] ) ، فإذا التزم شخص بترتيب إيراد مدى الحياة لامرأة  32  على أن تعاشره معاشرة غير شرعية ، وعلى أن ينفسخ التزامه إذا هي انقطعت عن معاشرته ، كان الشرط الفاسخ هنا باطلا لمخالفته للآداب ، واعتبر غير قائم . وكانت القاعدة العامة تقتضي أن يبقى الالتزام بترتيب الإيراد قائماً ، بعد سقوط الشرط . ولكن لما كان هذا الشرط في الفرض الذي نحن بصدده هو السبب الذي دفع المدين إلى أن يلتزم بترتيب الإيراد ، فإن سقوط الشرط يسقط الالتزام معه ، كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة 266 مدني على ما رأينا . فيسقط ، في وقت معاً ، شرط المعاشرة غير المشروعة والالتزام بترتيب الإيراد ( [29] ) .

 33

22 – الشرط الفاسخ الإرادي المحض – إحالة : وقد قدمنا أن الشرط الإرادي المحض من جانب المدين يجعل الالتزام غير موجود إذا كان شرطاً واقفاً . ورأينا كذلك أن هذا الشرط الإرادي المحض من جانب المدين يجعل الالتزام غير موجود إذا كان شرطاً واقفاً . ورأينا كذلك أن هذا الشرط الإرادي المحض من جانب المدين إذا كان شرطاً فاسخاً فإنه لا يسقط الالتزام ، بل يبقى الالتزام قائماً معلقاً على هذا الشرط الإرادي ، ومن ثم ينفذ فوراً ، ويكون للمدين الخيار بعد ذلك في الإبقاء عليه إن شاء أو في إسقاطه فيزول .

المبحث الثالث

مصدر الشرط

وأي الحقوق يلحقها وصف الشرط

1 – مصدر الشرط

23 – مصدر الشرط هو الإرادة أو التصرف القانونين : بعد أن عرفنا ما هو الشرط وما هي مقوماته وأنواعه ، بقى أن نبحث ما هي المصادر التي ينشأ عنها .

وقد رأينا في الأمثلة المتقدمة أن الشرط مصدره الإرادة ، فالملتزم هو الذي يتفق مع الملتزم له أن يكون الالتزام معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ . بل إن الشرط يكون مصدره إرادة الملتزم وحدها إذا كان الالتزام نفسه هو وليد هذه الإرادة ، فالملتزم بإرادته المنفردة كما يملك أن يلتزم التزاماً منجزاً خالياً من أي شرط ، يملك كذلك أن يعلق التزامه على شرط ، واقفاً كان الشرط أو فاسخاً .

وقد تكون الإرادة مصدر الشرط إرادة صريحة أو إرادة ضمنية ( [30] ) .  34  والشرط المتولد من إرادة ضمنية هنا هو غير الشرط الفاسخ الضمني المفترض في العقود الملزمة للجانبين ، كما سبق القول ( [31] ) .

ولما كان الشرط مصدره في العادة هو الإرادة ، فقد دفع ذلك كثيراً من الفقهاء إلى القول بأن الشرط إنما هو وصف في الإرادة لا في الالتزام ، فيجب إلحاقه بنظرية التصرف القانوني لا بنظرية الالتزام في ذاته ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .

24 – هل يكون الشرط مصدره القانون : على أن هناك أوضاعاً قانونية يذهب بعض الفقهاء إلى إنها معلقة على شرط مصدره القانون . ويسوقون من الأمثلة على ذلك الوصية ، فهي كما يقولون تصرف قانونين معلق بحكم القانون ذاته على شرط واقف هو أن يعيش الموصى له بعد موت الموصى . ويقولون كذلك أن حق الورثة في الميراث معلق على شرط واقف هو أن يموت المورث قبلهم . كذلك حق الشفيع في المشفوع فيه يقولون إنه أيضاً معلق على شرط واقف هو إعلان الشفيع إدارته في الأخذ بالشفعة .

على أن الشرط الذي يفرضه القانون في الأمثلة المتقدمة وأمثالها ليس شرطاً بمعناه الصحيح . فقد قدمنا أن الشرط أمر عارض ، لا يلحق الحق إلا بعد تكامل عناصره ، فيضاف إليه ، ويمكن تصور الحق بدونه . أما في الأمثلة التي قدمناها ، فالشرط عنصر من عناصر الحق ذاته ، ولا يتصور قيام الحق بدونه . وإنما هو  35  وضع معين يقرره القانون ، ويرتب عليه نتائج معينة ، وليس له أثر رجعي ( [32] ) .

فالشرط إذن ليس له مصدر إلا الإرادة ( [33] ) . ولكنه وصف يلحق الحق نفسه لا الإرادة التي هي مصدره ، ومن ثم يكون جزءاً من نظرية الالتزام في ذاته لا من نظرية التصرف القانوني ( [34] ) .

 36

2- الحقوق التي يلحقها وصف الشرط

25 – يلحق الشرط الحقوق الشخصية والحقوق العينية على السواء : والشرط وصف يلحق محل الحقوق ، سواء كانت هذه الحقوق شخصية أو عينية . فيلحق الشرط الالتزام أي الحق الشخصي . ويلحق كذلك الحق العيني ، فيكون هذا الحق معلقاً على شرط واقف أو على شرط فاسخ ، ويكون للشرط في هذه الحالة كل خصائص الشرط الذي يلحق الحق الشخصي .

26 – الحقوق التي لا يلحقها وصف الشرط : على أن الحقوق التي يلحقها وصف الشرط هي الحقوق المالية . أما الحقوق المتعلقة بالأحوال الشخصية فهي غالباً لا تقبل التعليق على الشرط . والحجر والإذن بالتجارة للصبي المميز والنسب ، كل هذه تنشيء حقوقاً وحالات قانونية لا يرد عليها الشرط وصفاً ( [35] ) .

الفرع الثاني

ما يترتب على الشرط من الآثار

27 – التمييز بين مرحلتين : حتى نتبين بوضوح ما يترتب على الشرط من الآثار يجب أن نميز بين مرحلتين : ( 1 ) مرحلة التعليق ، وهي المرحلة التي يكون فيها الشرط قائماً لا يعلم هل يتحقق أو يتخلف ، ولذلك يكون الالتزام فيها معلقاً ، ومن ثم سمينا هذه المرحلة بمرحلة التعليق . ( 2 ) مرحلة ما بعد التعليق ، وهي المرحلة التي يتبين فيها مآل الشرط هل تحقق أو تخلف ، ولتحققه آثار تختلف عن آثار تخلفه في كل من الشرط الواقف والشرط الفاسخ .

 37

المبحث الأول


 ( [1] )   تاريخ النصوص :

م 265 : ورد هذا النص في المادة 385 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 277 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 265 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 6 – ص 8 ) .

م 266 : ورد هذا النص 386 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 278 في المشروع النهائي .

ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 266 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 8 – ص 10 ) .

م 267 : ورد هذا النص في المادة 387 من المشروع التمهيدي على الوجه الذي استقر به في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وأصبح المادة 279 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم المادة 267 ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 11 – ص 13 ) .

 ( [2] )   التقنين المدني السابق م 103 / 157 : يجوز أن يكون التعهد معلقاً على أمر مستقبل أو غير محقق يترتب على وقوعه أو عدمه وجود ذلك التعهد أو تأييده اومنع وجوده أو زواه .

 ( ويلاحظ الخطأ المادي الوارد في هذا النص من أن التعهد المشروط هو الذي يكون معلقاً على أمر مستقبل أو غير محقق زوالصحيح أنه يكون معلقاً على أمر مستقبل غير محقق . وقد تجنب التقنين المدني الجديد هذا الخطأ المادة ، فلم يعطف الاستقبال على عدم تحقق الوقوع ” بأو ” ، بل جمع بين الوصفين للإفصاح عن وجود تلازمهما : المذكرة الإيضاحية في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 – الموجز للمؤلف فقرة 465 – والتون 2 ص 340 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1907 م 19 ص 232 ) .

 ( [3] )   التقنينات المدنية العربية الأخرى :

التقنين المدني السوري م 265 – 267 ( مطابقة للمواد 65 – 267 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني الليبي م 252 – 254 – مطابقة للمواد 265 – 267 من التقنين المدني المصري ) .

التقنين المدني العراقي م 285 : العقد المنجز ما كان بصيغة مطلقة غير معلقة على شرط ولا مضافة إلى وقت مستقبل ، ويقع حكمه في الحال .

م 286 – 1 : العقد المعلق هو ما كان معلقاً على شرط واقف أو فاسخ . 2 : ويشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود ، لا محققاً ولا مستحيلاً .

م 287 – 1 : إذا علق العقد على شرط مخالف للنظام العام أو الآداب ، كان باطلا إذا كان هذا الشرط ولففاً ، فإن كان فاسخاً كان الشرط نفسخ لغواً غير معتبر . 2 : ومع ذلك يبطل العقد الذي علق على شرط فاسخ مخالف للآداب أو للنظام العام إذا كان هذا الشرط هو السبب الدافع للتعاقد .

 ( ولا فرق في الأحكام ما بين التقنينين المصري والعراقي ، غير إن أسلوب التقنين العراقي مقتبس من تعبيرات الفقه الإسلامي ، ولم يرد في التقنين العراقي نص في الشرط الإرادي المحض ) .

تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 81 : الشرط عارض مستقبل غير مؤكد يتعلق عليه تولد الموجب أو سقوطه ، ويكون له مفعول رجعي إلا إذا تحصل العكس من مشيئة الفريقين أو من ماهية الموجب . وفي الحالة الأولى المشار إليها في الفقرة السابقة يقال له شرط التعليق ، وفي الحالة الثانية يسمى شرط الإلغاء . إن العارض الماضي أو الحاضر ، وإن جهله الفريقان ، لا يعد شرطاً بالمعنى المقصود في هذه المادة .

م 82 : إن اشتراط الشيء المستحيل أو المخالف للآداب أو للقانون باطل ومبطل للاتفاق المعلق عليه . وإن صيرورة الشرط ممكنا فيما بعد من الوجه المادي أو الوجه القانونين لا تجعل الاتفاق صحيحاً . بيد أن الأمر يكون خلاف ذلك ، أي أن الشرط المستحيل أو غير المباح يعد كأنه لم يكتب ، إذا كان الفريقان لم يجعلا له شأناً جازماً ولم يكن له في التعاقد شأن السبب الدافع الحامل على إنشاء الموجب .

م 83 : باطل كل شرط من شأنه أن يقيد أو يمنع استعمال الحقوق المختصة بكل إنسان كاستعمال حقوقه في الزواج أو حقوقه المدنية . غير أن هذا الحكم لا يسري على الحالة التي يحبس فيها أحد الفريقين نفسه عن ممارسة صناعة أو مهنة ما في زمن معين أو مكان محدود . إما شرط بقاء الترمل فيكون صحيحاً إذا وجد ما يصوبه من الأسباب المشروعة ، وحق تقديرها يعود إلى القاضي .

م 84 : يكون الموجب باطلا إذا جعل وجوده موقوفاً على إرادة الموجب عليه وحدها ( وهو الشرط الإرادي المحض ) . غير أنه يحق للفريقين أو لأحدهما أن يحفظ لنفسه حق التصريح في مهلة معينة بأنه يريد البقاء على العقد أو فسخه . وهذا التحفظ لا يجوز اشتراطه في الاعتراف بالدين ولا في الهبة ولا في إسقاط الدين ولا في بيع السلم .

م 85 : إذا لم تعين المهلة في الحالة المنصوص عليها في المادة السابقة ، فكل فريق يمكنه أن يوجب على الفريق الآخر التصريح بقراره في مهلة كافية . وإذا انقضت المهلة ولم يصرح ذلك الفريق برغبته في فسخ العقد ، أصبح العقد نهائياً من تاريخ انعقاده . وإذا صرح جلياً للفريق الآخر برغبته في فسخ العقد ، عد الاتفاق كأنه لم يكن .

م 86 : إذا توفى قبل انقضاء المهلة الفريق الذي احتفظ بنفسه بحق الفسخ ولم يكن قد أفصح عن مشيئته ، كان لورثته الحق في إبقاء العقد أو فسخه في في المدة التي كانت باقية لمورثهم . وإذا اختلف الورثة فالذين يريدون البقاء على العقد لا يمكنهم إجبار الآخرين على قبوله ، ولكن لهم أن يتخذوا العقد كله لحسابهم الخاص .

م 87 : إذا جن الفريق الذي احتفظ لنفسه بحق الفسخ أو فقد الأهلية الشرعية بسبب آخر ، فالمحكمة ، بناء على طلب الفريق الآخر أو غيره من ذوى العلاقة ، تعين وصياً خاصاً لهذا الغرض ، فيقرر بترخيص من المحكمة ما إذا كان هناك محل لقبول العقد أو لفسخه حسبما تقتضيه مصلحة فاقد الأهلية . أما في حالة الإفلاس فيتولى الوصاية حتما وكيل التفليسة أو غيره من ممثلي جماعة الدائنين .

 ( والأحكام المقررة في التقنين اللبناني تتفق في جملتها مع الأحكام المقررة في التقنين المصري ، غير أن التقنين اللبناني جاء أكثر افاضة في التفصيلات على ما رأينا ، ولا سيما فيما يعرف في الفقه الإسلامي بخيار الشرط ، فقد نظمه تنظيماً تشريعياً مستفيضاً ) .

 ( [4] )   قارب بودري وبارد 2 فقرة 750 ص 4 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : ” فإذا علق الالتزام على أمر تم وقوعه من قبل ، ترتب الالتزام منجزا لا معلقا ، ولو كان المتعاقدان على جهل بذلك : أنظر المادة 1181 فرنسي والمادة 81 لبناني ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 ) .

وقد كان التقنين المدني السابق ( م 241 / 307 ) يجعل الهلاك على المشتري إذا كان المبيع مما يوزن أو يعد أو يكال أو يقاس ، ووزن أو عد أو كيل أو قيس ولو قبل تسليمه إلى المشتري . وقد كان هذا الحكم شاذاً ، إذ كان يخرج على القاعدة العامة التي تقضي بأن هلاك المبيع قبل التسليم على البائع لا على المشتري . وقد أزال التقنين الجديد هذا الشذوذ ، فجعل الهلاك على البائع في الحالة التي نحن بصددها . ومن ثم كانت هناك ، في التقنين المدني السابق ، أهمية عملية لاعتبار الالتزام منجزاً إذا علق على أمر غير مستقبل في الفرض الآتي ( وننقله عن الموجز ص 473 ) : شخص يبيع لآخر مائة قنطار من القطن تؤخذ من مخزنه ، ويعلق التزامه على صدور قانون بجواز زراعة القطن في نصف الزمام ، ويكون هذا القانون قد صدر فعلا وقت البيع وهو يجهل ذلك . في مثل هذا الفرض يكون التزام البائع – وقد علق على شرط قد تم من قبل – التزاماً منجزا ًن فلو احترق القطن بعد وزونه وقبل تسليمه للمشتري يكون الهلاك على المشتري ( 241 / 307 من التقنين المدني السابق ) . أما إذا كان القانون لم يصدر إلى يوم احتراق القطن ، فإن الهلاك يكون على البائع ، لأن التزامه يكون معلقاً على شرط هو صدور القانون وقد صار الوفاء بالالتزام مستحيلا قبل تحقق الشرط ، فلا يكون لتحقق الشرط بعد ذلك تأثير ( م 106 / 160 من التقنين المدني السابق ) – قارب كولان وكابيتان ، فقرة 647 .

 ( [5] )   لكن إذا علم الطرفان أن الشرط قد تحقق أو هو متحقق ، ومع ذلك علقا الالتزام عليه باعتبار أنه قد يقع مرة أخرى في المستقبل ، وكانا واهمين في هذا الظن إذ أن الأمر لن يقع بعد ذلك ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة أمراً مستحيلا ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 90 هامش رقم 6 ) .

 ( [6] )   2 فقرة 776 – وانظر أيضاً ديمولومب 25 فقرة 283 – فقرة 284 .

 ( [7] )   فإذا كان التعهد معلقاً نفاذه على حادث في استطاعة كل من المتعاقدين أن يوجده أو يمنعه ، لم يكن هذا الحادث شرطاً ( محكمة الاستئناف الأهلية 4 مايو سنة 1905 المحاكم 16 ص 3499 – 20 يناير سنة 1915 الحقوق 30 ص 170 ) .

والاتفاق على أن يكون استحقاق الكمبيالة هو اليوم التالي لمغادرة سفينة الميناء هو اتفاق معلق على شرط لا مضاف إلى أجل ، لأن مغادرة السفينة الميناء أمر لا يمكن البت في وقوعه بتاً مطلقاً ( محكمة الاستئناف المختلطة ) يناير سنة 1928 سيريه 1929 – 4 – 6 ) .

والاتفاق على أن يكون سريان وثيقة التأمين هو اليوم التالي لدفع القسط الأول اتفاق معلق على شرط . ويترتب على ذلك أن مبلغ التأمين يكون مستحقاً إذا وقع الحادث المؤمن عليه قبل دفع القسط الأول ، إذا ثبت أن التأخر في دفع هذا القسط كان جماً عن خطأ من شركة التأمين نفسها . ذلك لأن تخلف الشرط كان بخطأ المدين فيعتبر الشرط متحققاً ويكون مبلغ التأمين مستحقاً ( أنظر ما يلي فقرة 43 – وقارن بيدان ولاجارد 8 ص 523 هامش رقم 2 ) .

 ( [8] )   الموجز للمؤلف فقرة 469 .

 ( [9] )   فمن التزم بإعطاء جحائزة لسابح إذا عبر المحيط سباحة يكون قد علق التزامه على شرط مستحيل استحالة مادية ، ومن التزم بإعطاء سمسرة لشخص إذا باع له عيناً موقوفة يكون قد علق التزامه على شرط مستحيل استحالة قانونية ( الموجز للمؤلف فقرة 470 ص 475 ) . كذلك إذا اشترط شخص على آخر أن يأخذ عقاراً بالشفعة ولم يكن المشترط عليه من الشفعاء ، فإن الشرط يكون مستحيلا استحالة قانونية .

وإذا كان عبور المحيط سباحة يعد مستحيلا استحالة مطلقة ، فإن عبور المانش سباحة لا يعد مستحيلا إذ عبره كثيرون ، فإذا اشترطه شخص على آخر ممن لا يجيدون السباحة كانت الاستحالة نسبية بالنسبة إلى المشترط إليه ، وكان الشرط صحيحاً . ومثل عبور المانش تسلق جبل شاهق .

 ( [10] )          وإذا كان الشرط وقت اشتراطه ممكناً ، ثم أصبح بعد ذلك تستحيلا ، فإنه يكون شرطاً صحيحاً قد تخلف ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 93 – لوران 17 فقرة 42 – هيك 7 فقرة 247 – بودري وبارد 2 فقرة 757 ) .

كذلك إذا كان الشرط مستحيلا وقت اشتراطه ولكنه يصبح ممكناً في ظروف من المألوف توقعها ، فإن المفروض أن المشترط نظر إلى احتمال تحقق هذه الظروف ، فيكون الشرط في هذه الحالة صحيحاً ( بودري وبارد 2 فقرة 758 ) .

 ( [11] )          أوبري ورو 4 فقرة 302 ص 89 .

 ( [12] )          استئناف مختلط 11 ابريل سنة 1934 م 46 ص 240 – كفر الشيخ 16 مارس سنة 1920 المجموعة الرسمية 22 ص 79 – كولان وكابيتان 2 فقرة 560 – قارن انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition فقرة 16 .

 ( [13] )          أما إذا التزم شخص على أن يكون الالتزام في حدود معقولة ، فإن هذا الشرط لا يكون ارادياً لأن تعيين الحدود المعقولة للالتزام يترك لتقدير القاضي ( ديرانتون 11 فقرة 23 – لارومبيير 2 م 1174 فقرة 3 – ديمولومب 25 فقرة 318 – والتون 2 ص 344 ) . فإذا التزم صاحب المتجر لمستخدمه أن ينفحه آخر العام مبلغاً على أن يترك تقدير هذا المبلغ لصاحب المتجر يعينه وفقاً للمألوف وفي حدود معقولة ، لم يكن التزام صاحب المتجر معلقاً على شرط إرادي ، وعند الخلاف يتولى القاضي تعيين الحدود المعقولة لتقدير هذه النفحة ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 96 – ص 97 ) .

بل يجوز أن يعلق المدين في عقد ملزم للجانبين ، وجود التزامه على محضر إدارته ، ما دام الالتزام المقابل متوقفاً على وجود الالتزام الأول ، لأن المدين في هذه الحالة إذا شاء إلا يلتزم حرم من الالتزام المقابل ، فليس له إذن كامل الحرية في أن يلتزم أو إلا يلتزم . وعلى هذا يخرج بيع المذاق ، فالمشتري لا يلتزم بالثمن إلا إذا شاء بمحض إدارته ، ولكنه إذا شاء إلا يلتزم حرم من المبيع ( أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 97 ) . ويذهب بودري وبارد في العقد الملزم للجانبين مذهباً آخر ، فيقولان إنه إذا التزم أحد المتعاقدين من جانبه التزاماً معلقاً على محضر إدارته كان التزامه باطلا ، أما الالتزام المقابل فيبقى صحيحاً ، فينعقد العقد في هذه الحالة ملزماً لجانب واحد لا ملزماً للجانبين . فإذا التزم البائع أن يبيع ، والتزم المشتري أن يشتري إذا أراد ، فإن التزام البائع ينعقد صحيحاً ، ويبطل التزام المشتري لتعلقه على محضر إدارته ، فينعقد العقد ملزماً لجانب واحد ويكون في حقيقته وعداً بالبيع . على أن المشتري لا يستطيع في هذه الحالة أن يتقاضى مع البائع التزامه إلا إذا قام هو من جانبه بالتزامه الذي علقه على محض إدارته ، فيعود العقد إذا أريد تنفيذه عقداً ملزماً للجانبين ( بودري وبارد 2 فقرة 782 ) . ونلاحظ على هذا التحليل أن هناك فرقاً بين عقد ملزم للجانبين أحد الالتزامين فيه معلق على محض إرادة المدين كمبيع المذاق ، وبين عقد ملزم لجانب واحد كالوعد بالبيع . فبيع المذاق ينشيء التزاماً بدفع الثمن في جانب المشتري ، وإذا كان هذا الالتزام معلقاً على محضر إدارته إلا أنه التزام صحيح إذا شاء إلا يحرم من البيع ، فإذا أراد المشتري استبقاء الصفقة انعقدت من وقت البيع . وهذا بخلاف الوعد بالبيع ، فهو لا يرتب أي التزام في جانب المشتري وإنما ينشيء له حقاً منجزاً ، وإذا أعلن المشتري إدارته في إتمام الصفقة انعقدت ولكن من وقت إعلان الإرادة لا من وقت الوعد بالبيع ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام ص 254 هامش رقم 1 ) .

وإذا التزم شخص على أن يكون الوفاء عندما يريد ، فإن الالتزام يكون صحيحاً لأنه ترتب في ذمته دون أن يتعلق ذلك بمحض إدارته ، أما ميعاد الوفاء فيكون أي يوم يختاره المدين قبل موته ، فإذا مات حل الدين ووجب الوفاء ( والتون 2 ص 344 ) . ومن باب أولى يكون الالتزام صحيحاً إذا اشترط المدين أن يكون الوفاء عند الميسرة . ويلاحظ إننا ، في الفرضين المتقدمين ، بصدد أجل غير مين لا بصدد شرط ( أنظر المادة 272 مدني ) . ويعين القاضي ، في الفرض الثاني ، ميعاداً مناسباً لحلول الأجل ، مراعياً في ذلك موارد المدين الحالية والمستقلة ومقتضياً منه عناية الرجل الحريص علىالوفاء بالتزامه ، ويحل الأجل حتما بموت المدين ( محكمة الإسكندرية الأهلية 5 يناير سنة 1932 المحاماة 11 ص 1063 – منوف 16 ديسمبر سنة 1928 المحاماة ) ص 902 – شبين الكوم 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 905 – الموجز للمؤلف ص 474 هامش رقم 1 – الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 ) . وقد يريد المتعاقدان أن تكون الميسرة شرطاً لا أجلا ، فعند ذلك لا يستحق الدين إلا إذا أيسر المدين ، فلو لم يوسر حتى مات معسراً ، فقد تخلف الشرط ولم يستحق الدين ( الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 167 ) . وسنعود إلى هذه المسألة بتفصيل أو في فيما يلي ( أنظر فقرة 54 ) .

 ( [14] )          أنظر في الشرط الإرادي المحض : مصر الأهلية 18 يونية سنة 1890 الحقوق 5 ص 131 – المنيا 26 يولية سنة 1921 المحاماة 3 ص 47 – اجا 21 مايو سنة 1925 المحاماة 6 ص 537 – جرجا 25 ديسمبر سنة 1296 المحاماة 8 ص 586 – الإسكندرية مستعيجل 22 سبتمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 585 – شبين الكوم 8 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 ص 905 – استئناف مختلط 23 ابريل سنة 1919 م 31 ص 261 – 27 نوفمبر سنة 1934 م 37 ص 43 .

وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يعتبر شرطاً إرادياً محضاً متعلقاً بإرادة المدين ، ومن ثم يكون باطلا ، الاتفاق على إلا يأخذ الوار – حخقه من التركة إلا بعد توقيع عقد القسمة ما بين جميع الورثة ، فإنه يكفي أن يمتنع أحد الورثة من توقيع عقد القسمة حتى يمتنع على الوارث أن يأخذ حقه في التركة ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1900 م 12 ص 126 ) . وقضت أيضاً بأن اشتراط الوكيل بالعمولة أنه يشتري لحساب غيره وانه يعلن اسم هذا الغير متى شاء ، يعتبر شرطاً إرادياً محضاً ، ومن ثم يكون باطلا ، فإذا لم يعلن الوكيل بالعمولة اسم الغير كان هو الملتزم شخصياً ( استئناف مختلط 30 أكتوبر سنة 1961 م 29 ص 22 ) .

ويرد بيدان ولاجارد ( 8 فقرة 792 ) من الأمثلة على الشرط الإرادي المحض أن يعد المفرض بالقرض إذا شاء ، أو إذا قرر أن هذا ممكن ، أو إذا وجد ذلك منقولا ، أو إذا رأى أن الصفقة مجزية . ويلاحظ بلانيول وريبير وبولانجيه ( 2 فقرة 1353 ) إن الشرط الإرادي المحض ليس في حقيقته شرطاً ، ولكنه عنصر من عناصر الالتزام ذاته ، وهو عنصر إرادة الملتزم في أن يلتزم .

 ( [15] )          أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 12 – ص 13 – الموجز للمؤلف فقرة 469 والأحكام المشار إليها في ص 475 هامش رقم 1 .

ويمكن القول ، بعد ما قدمناه ، إن الشرط الإرادي المحض إذا تعلق بإرادة الدائن ، أو تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً فاسخاً ، أو تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً واقفاً مترتباً على عقد ملزم للجانبين ، فإنه يكون شرطاً صحيحاً . ولا يبطل الشرط الإرادي المحض إلا إذا تعلق بإرادة المدين وكان شرطاً واقفاً غير مترتب على عقد ملزم للجانبين . وتقدير ما إذا كان الشرط هو هذا أو ذاك مسألة واقع لا معقب فيها على قاضي الموضوع ، أما حكم الشرط بعد تعيين نوعه فمسالة قانون تخضع لرقابة محكمة النقض .

وهناك من ينتق التمييز ما بين الشرط الإرادي البسيط والشرط الإرادي المحض ، معتبراً أن الكثرة الغالبة مما يسمى بالشروط الإرادية البسيطة هي في حقيقتها شروط مختلفة ( أنظر ايجو ( Eygout ) في الأثر الرجعي لتحقق الشرط رسالة من باريس سنة 1922 ) . ولكن هذا التمييز قد استقر في الفقه وفي القضاء بحيث أصبح من المتعذر إغفاله ( بلانيول وريبير وجابولد 7 فقةر 1028 ص 377 هامش رقم 1 ) .

 ( [16] )          أنظر في أمثلة أخرى الموجز للمؤلف فقرة 470 وص 475 – 476 وص 476 هامش رقم 1 .

 ( [17] )          لوران 17 فقرة 49 – هيك 7 فقرة 248 – بودري وبارد 2 فقرة 766 – هذا وإذا التزم شخص نحو آخر أن يدفع مبلغاً من المال إذا ارتكب الملتزم عملا غير مشروع أو عملا منافياً للآداب ، فإن الشرط يكون في هذه الحالة صحيحاً ، فهناك فرق بين أن يدفع شخص إلى القيام بالواجب عن طريق اعطائه مالا وبين أن يزجر شخص عن عدم القيام بالواجب عن طريق تغريمه المال ، فالشرط في الحالة الأولى باطل لمنافاته للآداب ، وهو في حالة الثانية صحيح لأنه لا ينافي الآداب في شيء بل هو يقوم الأخلاق ويصلح النفوس ( كولميه دي سانتير 5 فقرة 92 مكررة – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 94 – ديمولومب 25 فقرة 306 – فقرة 307 – بيدان ولاجارد 8 فقرة 783 – فقرة 784 – انسيكلوبيدي داللوز 1 لفظ Condition فقرة 19 – أنظر عكس ذلك : لارومبيير 2 م 1172 و 1173 فقرة ) – لوران 17 فقرة 49 – هيك 7 فقرة 248 – بودري وبارد 2 فقرة 764 ) . بل نحن نرى أنه إذا قصد بإعطاء المال التشجيع على أداء الواجب ، فإن الشرط قد يكون صحيحاً ، كما إذا وعد شخص حارساً عنده بزيادة أجره إذا هو أحسن الحراسة .

 ( [18] )          بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 – الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 178 وص 188 ، ومع ذلك فإن هناك رأياً يذهب إلى أن كل ما يجعل وجود الالتزام أمراً مستقبلا غير محقق فهو شرط ، ولو كان عنصراً جوهرياً في الالتزام ذاته . وإنما يراد بأن الشرط أمر عارض أن الالتزام لا يكون حتما معلقاً على شرط ، بل أن الأصل في الالتزام هو أن يكون غير مشروط ( أنظر في هذا المعنى للوتر Leloutre رسالة من كان سنة 1904 ص 16 وما بعد ، ومقالا له في المجلة الانتقادية سنة 1912 ص 232 – أيجو Eygout في الأثر الرجعي لتحقق الشرط رسالة من باريس سنة 1922 ص 16 ) . وسنرى أن هناك رأياً يذهب ، على النقيض من ذلك ، إلى أن الحق المشروط ليس إلا نوعاً من أنواع الحق الاحتمالي .

 ( [19] )          انسيكلوبيدي داللوز جان دي جارو دي لاميشيني Jean de Garreau de la Mechenie لفظ Condition فقرة 2 – ديمولومب 25 ص 360 وما بعدها – بودري وبارد 2 فقرة 837 وما بعدها – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1350 – كولان وكابيتان 2 فقرة 648 – جوسران 2 فقرة 738 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 .

 ( [20] )          بيدان ولاجارد 8 ص 534 هامش رقم 1 .

هذا وقد ذهب جان موريس فردييه ( Jean-Maurice Verdier ) في رسالته القيمة في الحقوق الاحتمالية ( les droits eventuels ) ( باريس سنة 1955 ) إلى أن الحق المشروط ليس إلا نوعاً من أنواع الحقوق الاحتمالية ، وألا فرق في الطبيعة بين الحق المشروط والحق الاحتمالي ، فكلاهما يتميز بأنه تعاقب حقين يتواليان في الزمان . فالحق المشروط هو ، قبل تحقق الشرط ، حق حال في أن يكون للدائن الحق المعلق على شرط . ثم إذا تحقق الشرط ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان معلقاً على شرط ، وقد أصبح حقاً حالا منجزاً بعد تحقق الشرط . وكذلك الحق الاحتمالي هو أيضاً تعاقب حقين يتواليان في الزمان ، فيبدأ حقاً حالا في أن يكون للدائن الحق الاحتمالي ، ثم إذا تحقق الحادث الاحتمالي الذي يتوقف عليه وجود الحق ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان احتمالياً ، وقد أصبح الآن حقاً حالا منجزاً بعد تحقق الشرط . وكذلك الحق الاحتمالي هو أيضاً تعاقب حقين يتواليان في الزمان ، فيبدا حقاً حالا في أن يكون للدائن الحق الاحتمالي ، ثم إذا تحقق الحادث الاحتمالي الذي يتوقف عليه وجود الحق ينقضي هذا الحق الحال ، ويحل محله حق آخر هو نفس الحق الذي كان احتمالياً ، وقد أصبح الآن حقاً حالا منجزاً . ومن ثم يكون في البداية ، في كل من الحق المشروط والحق الاحتمالي ، حق حال وحق مستقبل : فالحق الحال هو وحده الموجود فعلا ، أما الحق المستقبل فلا وجد له في مبدأ الأمر ، ولا يوجد إلا بتحقق الشرط أو تحقق الحادث الاحتمالي ، وبمجرد وجوده ينقضي الحق الأول .

وننقل نص ما يقول فردييه في هذا المعنى ( أنظر ص 246 ) : Mais ce qui, dans les deux cas , est essential et en fait la veritable identite sur le plan statique , c’est l’existence de ce droit atuel distinct du droit future qu’il prepare p l’expression ” droit eventual ” ou ” droit conditionnel ” concerne non ce droit present mais la situation juridique future qui prendra naissance a la survenance de l’evenement .

وليس الأثر الرجعي هو الذي يميز الحق المشروط عن الحق الاحتمالي ، فكثير من الحقوق الاحتمالية له أثر رجعي ، كالوارث يستند حقه عقد قبل الميراث إلى موت المور ثن ورهن الأموال المستقبلة يأخذ مرتبته من وقت الرهن لا من وقت تملك الأموال المرهونة ، ومثله الرهن لضمان دين مستقبل . وكثير من الحقوق المشروطة ليس له أثر رجعي ، كالحق في قبض الثمار وفي أعمال الإدارة وغير ذلك مما سيأتي بيانه تفصيلا ( أنظر ص 247 من الرسالة المشار إليها ) .

بقى ما يقال من أن الشرط أمر عارض وهو وصف في الحق المشروط لا يلحقه إلا بعد تكامل عناصره ، بينما الحق الاحتمالي ينقصه عنصر من العناصر الجوهرية حتى يكون حقا كاملا . فهذا الفرق ينكره أيضاً فردييه ، فمن الصعب في بعض الأحوال ، علىما يقول ، التمييز بين العناصر الجوهرية والأمور العارضة ، فالحق الذي لا ينفذ إلا بالتصديق عليه ( homologation ) يصعب القول هل التصديق عنصر جوهري فيه فلا يكون له أثر رجعي ، أو هو أمر عراض فيكون له هذا الأثر . وإذا قارنا بين حق الموعود له بالبيع والمشتري بشرط التجرية لم نجد فرقاً محسوساً بين الحق الأول وهو حق احتمالي والحق الثاني وهو حق مشروط ، فكلاهما يتوقف على رغبة المشتري في الشراء ( أنظر ص 253 و ص 270 – ص 273 من الرسالة المشار إليها ) .

على أن فردييه يسلم بأن هناك فرقاً واحداً بين الشرط والحادث الاحتمالي ، فالشرط يقف نشوء الحق دون أن يقف نشوء العقد الذي هو مصدر هذا الحق ، أما الحادث الاحتمالي فيقف نشوء الحق ونشوء العقد معاً ( أنظر ص 283 – وانظر ما ترتبه على هذا الفرق من النتائج ص 285 – ص 288 ) .

 ( [21] )          أنظر آنفاً فقرة 12 .

 ( [22] )          استئناف مختلط 30 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 94 . ومثل أيضاً الشرط المدون في عقد البيع بان البيع لا يكون باتا إلا بعد دفع قسطين من الثمن ويجوز بعد ذلك للمشتري التصرف في المبيع ، فهذا الشرط شرط فاسخ يتمكن به البائع من فسخ البيع حتى بالنسبة إلى من تصرف له المشتري قبل دفع القسطين من الثمن ويجوز بعد ذلك للمشتري التصرف في المبيع ، فهذا الشرط شرط فاسخ يتمكن به البائع من فسخ البيع حتى بالنسبة إلى من تصرف له المشتري قبل دفع القسطين ، ولا يعتبر شرطا واقفاً ( استئناف مختلط 7 مارس سنة 1933 م 45 ص 194 ) .

 ( [23] )          وهناك ما يسمى بالشرط الفاسخ الضمني ، وهو مفروض في العقد الملزم للجانبين ، فإذا لم يقم أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب فسخ العقد ، وقد سبق تفصيل ذلك عند الكلام في فسخ العقد ( الوسيط جزء أول فقرة 462 وما بعدها ) . وطبيعة الشرط الفاسخ الصريح الذي نحن بصدده تختلف كلا الاختف عن طبيعة ما يسمى بالشرط الفاسخ الضمني ، إذا الشرط الفاسخ الضمني ليس في حقيقته شرطاً . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم الابتدائي قد بنى الفسخ الذي قضى به على الشرط الضمني ، ثم جاء الحكم الاستئنافي مقاماً من ناحية على قيام شرط فاسخ صريح ومن ناحية أخرى على أسباب الحكم الابتدائي ، فإنه يكون متناقضاً لاختلاف حكم كل واحد من الشرطين عن حكم الآخر .

 ( نقض مدني 27 ديسمبر سنة 1945 مجموعة عمر 5 رقم 16 ص 35 ) . وقضت أيضاً بأن شرط الفسخ الصريح وشرطه الضمني يختلفان طبيعة وحكماً ، فالشرط الفاسخ الضمني ( le pacte commissoire tacite ) لا يستوجب الفسخ حتما إذ هو خاضع لتقدير القاضي ، وللقاضي إني مهل المدين حتى بعد رفع دعوى الفسخ عليه ، بل المدين نفسه له أن يتفادى الفسخ بعرض دينه كاملا قبل أن يصدره ضده حكم نهائي بالفسخ . أما الشرط الفاسخ الصريح فهو فيما تقضي به المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) موجب للفسخ حتما ، فلا يملك معه القاضي إمهال المشتري المتخلف عن أداء الثمن ، ولا يستطيع المشتري أن يتفادى الفسخ بأداء الثمن أو عرضه بعد إقامة دعوى الفسخ عليه متى كان قد سبقها التنبيه الرسمي إلى الوفاء ، بل قد يكون الفسخ الصريح موجباً للفسخ بلا حاجة إلى تنبيه إذا كانت صيغته صريحة في الدلالة على وقوع الفسخ عند تحققه بلا حاجة الاى تنبيه ولا إنذار . وعلى ذلك فإذا كانت محكمة الدرجة الأولى قد أقامت قضاءها بفسخ العقد على أن المشتري إذ قصر في الوفاء بجزء من الثمن كان البائغ محقاً في طلب الفسخ بناء على الشرط الفاسخ الضمني المفترض في جميع العقود التبادلية ، ثم جاءت محكمة الاستئناف فقالت أن الفسخ كان متفقاً عليه جزاء للتخلف عن أداء الثمن وإذ قد ثبت لها تخلف المشتري فهي تقرر حق البائع في الفسخ نزولا على حكم الشرط الفاسخ الصريح عملا بنص المادة 334 مدني ( قديم ) ، ثم لم تلبث أن قالت في آخر حكمها إنها تؤيد الحكم المستأنف لأسبابه وتأخذ منه أسباباً لحكمها ، فحكمها هذا يكون قد أقيم على أمرين واقعيين متغايرين لا يمكن أن يقوم حكم عليهما مجتمعين لاختلاف شرط الفسخ الصريح والفسخ الضمني طبيعة وحكماً ، وهذا تعارض في أسباب الحكم يعيبه ويستوجب نقضه ( نقض مدني 2 مايو سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 68 ص 155 ) وقضت أيضاً بأن القانون لم يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح في معنى المادة 334 من القانون المدني ( القديم ) . وعلى ذلك فإذا ما اثبت الحكم أن طرفي عقد البيع قد اتفقا في العقد على أن يودع العقد لدى أمين حتى يوفى المشتري الثمن في الميعاد المتفق عليه ، ونصا على أنه عند إخلال المشتري بشروط العقد يصرح الطرفان للمودع لديه باعدام هذا العقد ، ثم قرر الحكم أن المستفاد من ذلك أن نية المتعاقدين اتجهت عند تحرير هذا العقد إلى الشرط الفاسخ الصريح أي اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الاخلل بشروطه ، فإنه لا يكون قد مسخ مدلول نص العقد لأن عبارته تحتمل ما ستخلصه الحكم منها ( نقض مدني 23 ديسمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 356 ص 688 ) . أنظر أيضاً : نقض مدني 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 192 ص 540 – 4 ديسمبر سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 237 ص 498 .

وقضت أخيراً محكمة النقض بأنه في حالة الشرط الفسخ الصريح قد ينزل صاحب المصلحة عن التمسك بوقوع الفسخ من تلقاء نفسه وذلك بانذاره للمدين ، فلا يقع الفسخ من تلقاء نفسه بل يلزم لوقوعه إني صدر به حكم وللمدين أن يتقيه بتنفيذ التزامه ( نقض مدني 31 مايو سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 145 ص 922 ) .

 ( [24] )          ويقول اهرنج ( Ihering ) أن الشروط الواقف وحده هو الذي عرفه القانون الروماني أولاً ، ثم أتى الشرط الفاسخ بعد الشرط الواقف وعلى غرراه ، فهو شرط واقف يعلق على تحققه زوال الالتزام ( اهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 164 ) .

 ( [25] )          ديرانتون 15 فقرة 44 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 88 .

وهذا وقد قضت محكمة النقض بأن الشرط القاضي بأن من يرسو عليه المزاد في أطيان موقوفة تباع بقصد الاستبدال لا يستحق الربيع إلا إذا وافقت المحكمة الشرعية على الاستبدال يعد مشترياً بشرط واقف لا بشرط فاسخ ، لأن اجازة الاستبدال من المحكمة إنما هي شرط واقف لا فاسخ ( نقض مدني ) مايو سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 59 ص 204 ) .

 ( [26] )          لارومبيير 3 م 1183 فقرة 16 – ديمولومب 25 فقرة 281 – هيك 7 فقرة 244 ص 326 – بودري وبارد 2 فقرة 775 – بيدان ولا جاود 8 فقرة 735 ص 537 وفقرة 754 – قارن ديرانتون 11 فقرة 91 – أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 89 وهامش رقم 4 – بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1025 ص 373 .

 ( [27] )          استئناف أهلي 9 يناير سنة 1893 الحقوق 7 ص 385 .

 ( [28] )          يتبين من نص الفقرة الأولى من المادة 266 مدني أن الشرط الفاسخ إذا كان مستحيلا فإنه يعتبر غير قائم ، ويبقى الالتزام باتاً غير معلق على شرط . ولم تستثن الفقرة الثانية من المادة 266 إلا الشرط الفاسخ المخالف للنظام العام أو الآداب إذا كان هو السبب الدافع إلى الالتزام ، فيسقط الشرط والالتزام معاً . يبقى إذن الشرط المستحيل إذا كان هو السبب الدافع إلى الالتزام ، والظاهر أن الاستثناء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 266 لا يشمله ، ومن ثم يبقى خاضعاً للفقرة الولى من المادة 266 . وينبني على ذلك أن الشرط المستحيل يسقط ويبقى الالتزام باتاً غير معلق على شرط ، حتى لو كان الشرط المستحيل هو الدفاع إلى التعاقد .

وقد أشتمل التقنين المدني الفرنسي على نصين في هذا الموضوع ، فقضت المادة 1172 من هذا التقنين ببطلان العقد المقترن بشرط مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب ، وقضت المادة 900 من نفس التقنين بصحة التبرعات المقترنة بشرط مستحيل أو مخالف للنظام العام أو الآداب مع سقوط الشرط وحده . فخفف القضاء الفرنسي من شدة النص الأول إذ قضى بأن الشرط إذا لم يكن هو الدافع إلى التعاقد فإنه وحده هو الذي يسقط ويبقى العقد ، وشدد من تراخى النص الثاني إذ قضى بسقوط التبرع ذاته إذا كان الشرط هو السبب الدافع إليه . فخلص من مجموع ما ذهب إليه القضاء الفرنسي المبدأ الآتي : متى كان الشرط المستحيل أو المخالف للنظام العام أو الآداب هو الآداب إلى التعاقد – في كل من المعاوضات والتبرعات – فإن الشرط والعقد يسقطان معاً ، إما إذا كان الشرط ليس هو الدافع على التعاقد فإنه وحده هو الذي يسقط ويبقى العقد .

وهذا المبدأ المستخلص من القضاء الفرنسي هو الذي قنته المادة 111 من المشروع الفرنسي الإيطالي فيما يتعلق بالشرط الفاسخ مع قصر الاستثناء الخاص بالسبب الدافع على الشرط المخالف للنظام العام أو الآداب دون الشرط المستحيل ( أنظر في هذا المعنى كولان وكابيتان 2 فقرة 651 وص 443 – ص 444 و 443 هامش رقم 2 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1356 – جوسران 2 فقرة 739 ) . وقد نقل التقنين المصري الجديد هذا المبدأ عن المادة 111 من المشروع الفرنسي الإيطالي ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 9 ) .

 ( [29] )          وفي فرنسا تثار المسألة بنوع خاص في شرط الدفع بالذهب أو بعملة أجنبية ( أنظر مقال فواران ( Voirin ) في المجلة الانتقادية سنة 1926 ص 337 – كابيتان في داللوز الأسبوعي سنة 1927 ) .

ويلاحظ الأستاذ إسماعيل غانم ( أحكام الالتزام ص 256 – ص 257 ) أن الشرط الفاسخ لا يمكن إلا أن يكون هو السبب الدافع إلى التعاقد ما دام قد علق على تحققه فسخ العقد ذاته ، فلا تتحقق إذن الصورة التي يكون فيها الشرط الفاسخ ليس هو السبب الدافع إلى التعاقد . على أنه كثيراً ما يختلط في العمل الشرط الفاسخ بشروط العقد العادية ، كما إذا باع شخص سلعة بشرط أن يتقاضى الثمن ذهباً ، فمن الممكن أن يكون الشرط هنا شرطاً فاسخاً وأن يكون هو السبب الدافع إلى التعاقد ، فيجري في هذه الحالة حكم النص .

المصدر-  توكيل محامي

 ( [30] )          ومن الأمثلة على الإرادة الضمنية ما يأتي : ( ا ) الاكتتاب في أسهم شركة تحت التأسيس مفروض فيه أن كل مكتتب إنما اكتتب في اسهمه بشرط أن تتم تغطية الاسهم ، إذ الشركة لا يتم تأسيسها إلا بهذه التغطية ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 733 ص 534 ) . ( ب ) إذا أصدرت بلدية سندات وطرحتها في السوق للاكتتاب ، وصرحت بان الغرض من هذا القرض هو انجاز مشروع معين ، فإن الاكتتاب يعتبر في هذه الحالة عملية جمعية ( acte collectif ) ، وكل اكتتاب يكون مشروطا بتغطية جميع السندات ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 733 – بيك في الشركات 3 فقرة 1626 ) . ( ج ) عندما يرسل تاجر أوراقاً مالية ( شيكات أو كمبيالات ) لمصرفه لأضافتها إلى حسابه الجاري ، فإن الإضافة تكون مشروطة بقبض قيمة الأوراق المالية ( بيدان ولا جارد 8 فقرة 733 ص 535 ) . ( د ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يعتبر شرطاً ضمنياً موافقة جميع الدائنين على صلح ودى مع المدين ، إذ أن الصلح الودي لا يتم إلا بموافقة جميع الدائنين ( 27 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 142 ) .

 ( [31] )          أنظر آنفاً فقرة 12 .

 ( [32] )          أنظر في هذا المعنى أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 88 – بودري وبارد 2 فقرة 745 – فقرة 746 – ويميز إهرنج بين الوصية والحق المعلق على شرط ( أنظر روح القانون الروماني 4 ص 168 – 170 ) .

 ( [33] )          أنظر في هذا المعنى الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 178 و ص 179 هامش رقم 1 الأستاذ إسماعيل غانم في أحكام الالتزام فقرة 176 ص 249 . وجاء في الموجز للمؤلف : ” هذا ويلاحظ أن تعليق الالتزام على الشرط يجب أن يكون وليد إرادة الطرفين ، أما إذا كان القانون هو الذي علق الحكم على استيفاء شرط ، كما إذا جعل الوصية متوقفة على وفاة الموصى وكما إذا اشترط الحاجة لاستحقاق النفقة ، فلا يكون الالتزام في مثل هذه الحالة شرطياً ” .

على أن هناك حالات تقوم فيها شبهة قوية في أن مصدر الشرط هو القانون . من ذلك ما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني من أنه ” إذا زرع مصري أرضا غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها ، تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبنى ولو بغير ترخيص من الدولة . ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخمس العشرة السنة التالية للتملك ” . فهل يمكن القول أن الملكية هنا معلقة على شرط فاسخ – مصدره القانون – هو عدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتابعة خلال الخسم العشرة السنة التالية للتملك ؟ ( أنظر في هذا المعنى في عهد التقنين المدني السابق : استئناف مختلط 26 يناير سنة 1937 م 49 ص 81 ) . ومن ذلك أيضاً ما قضت به المادة 501 ( حرف جـ ) من جواز فسخ الهبة إذا رزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا إلى وقت الفسخ ( أنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 960 وما بعدها من التقنين المدني الفرنسي ) .

ويذهب بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1349 وبيدان ولاجارد ( 8 فقرة 733 ) إلى أن الشرط في مثل هذه الحالات مصدره القانون فعلا . ولكن قارن بلانيول وريبير وجابولد 7 فقرة 1024 ص 371 – ص 372 . وفي رأينا أن ” الشرط ” في هذه الحالات ليس إلا وضعاً خاصاً قرره القانون ، ورتب عليه نتائجه . وسواء تحقق هذا الوضع أو تخلف ، فليس له – كما للشرط بالمعنى الصحيح – أثر رجعي .

 ( [34] )          وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا المشروع في هذا الصدد ما يأتي : ” ويراعى أن التعليق يرد على الالتزام ذاته دون العقد أو التصرف القانوني بوجه عام . . ولهذا كان نهج المذهب اللاتيني أدنى إلى التوفيق في هذا الصدد من منحى المذهب الجرماني . ذلك أن الأول يفرد لأحكام الشرط مكاناً في نطاق النظرية العامة للالتزام ، في حين أن الثاني يلحق هذه الأحكام بنظرية التصرف القانوني ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 3 ص 7 ) .

 ( [35] )          أوبرى ورو 4 فقرة 302 ص 91 هامش رقم 10 – أنظر أيضاً إهرنج في روح القانون الروماني 4 ص 165 .

المصدر: محامي في الأردن

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s