الزمان والمكان اللذان يتم فيهما الوفاء
المبحث الأول
الزمان الذى يتم فيه الوفاء
459 – النصوص القانونية : تنص المادة 346 من التقنين المدنى على ما يأتى :
777
” 1 – يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ” .
” 2 – على أنه يجوز للقاضى فى حالات استثنائية ، إذا لم يمنعه نص فى القانون ، أن ينظر المدين إلى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه ، إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم ( [1] ) .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادة 168 / 231 ( [2] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 344 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 333 – وفى التقنين المدنى العراقى 778 المادتين 394–395 وفى تقنين الموجبات والعقود اللبنانى المواد 303 و 115 – 116 ( [3] ) .
460 – الأصل فى الالتزام أن يؤدى فوراً : الأصل أن الالتزام متى ترتب فى ذمة المدين على وجه بات نهائى ، فإنه يكون واجب الأداء فوراً . ففى عقد البيع يترتب فى ذمة المشترى التزام بدفع الثمن ، ويترتب فى ذمة البائع التزام بتسليم الشىء المبيع ، وكلا الالتزامين بترتبه فى ذمة المدين يكون واجب الأداء فى الحال ، ما لم يتفق المتعاقدان على غير ذلك .
ولا يعتبر الالتزام قد ترتب نهائياً فى ذمة المدين إذا كان معلقاً على شرط 779 واقف ، بل يجب انتظار تحقق الشرط . فإذا ما تحقق ، فقد أصبح الالتزام نافذاً فى الحال ، ووجب أداؤه فوراً . أما الالتزام المعلق على شرط فساخ ، فهو نافذ فى الحال ، ويجب أداؤه فوراً . وقد سبق بيان ذلك عند الكلام فى الشرط وفى الأجل .
461 – متى بتراخى الوفاء بالالتزام اتفقا أو نص فى القانون : وتقرر الفقرة الأولى من المادة 346 مدنى ، كما رأينا ، فورية أداء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .
أما الاتفاق فيقع كثيراً ، وبموجبه يكون الالتزام واجب الأداء بعد ترتبه فى ذمة المدين بمدة معينة ، وهذا ما يسمى بالأجل الواقف ( [4] ) ، وقد سبق بحثه تفصيلا عند الكلام فى الأجل .
وأما نص القانون فمثله ميعاد استحقاق الفوائد التأخيرية ، فقد نصت المادة 226 مدنى على أنه ” إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود ، وكان معلوم المقدار وقت الطلب ، وتأخر المدين فى الوفاء به ، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها 4% فى المسائل المدنية و 5% فى المسائل التجارية . وتسرى هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها ، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجارى تاريخاً آخر لسريانها ، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره ” . فميعاد استحقاق الفوائد التأخيرية قد عينه القانون هنا ، وهو وقت المطالبة القضائية بهذه الفوائد ، ومن هذا الوقت تترتب الفوائد فى ذمة المدين ويجب الوفاء بها فوراً يوماً بيوم .
ومثل آخر لنص فى القانون يعين وقت الوفاء بالالتزام النص الخاص بدفع أجرة الحكر . فقد نصت المادة 1003 مدنى على ما يأتى : ” 1 – على المحتكر 780 أن يؤدى الأجرة المتفق عليها إلى المحكر . 2 – وتكون الأجرة مستحقة الدفع فى نهاية كل سنة ، ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك .
وقد يكل القانون تحديد وقت الوفاء إلى العرف ، كما فعل فى تحديد مواعيد دفع الأجرة . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 586 مدنى على أنه ” يجب على المستأجر أن يقوم بوفاء الأجرة فى المواعيد المتفق عليها ، فإذا لم يكن هناك اتفاق وجب فاء الأجرة فى المواعيد التى يعينها عرف الجهة ” .
462 – تحديد القاضى وقت الوفاء – نظرة الميسرة ( [5] ) : وكما يتكفل الاتفاق أو القانون أو العرف بتحديد وقت الوفاء ، كذلك القاضى قد يقوم نفسه بتحديد ميعاد الوفاء إذا أعطى للمدين أجلا أو آجالا يفى فيها بالدين . وهذا ما يسمى نظرة الميسرة ( Delai de grace ) .
وقد وضعت الفقرة الثانية من المادة 346 مدنى المبدأ العام و الشروط الواجب توافرها لنظرة الميسرة ، وسنفصل ذلك فيما يلى . وطبقت المادة 982 مدنى نظرة الميسرة تطبيقاً خاصاً فيما يتعلق باسترداد المصروفات ، فنصت على أنه ” يجوز للقاضى بناء على طلب المالك أن يقرر ما يراه مناسباً للوفاء بالمصروفات المنصوص عليها فى المادتين السابقتين . وله أن يقضى بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة . وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام إذا هو عجل مبلغاً يوازى قيمة هذه الأقساط مخصوماً منها فوائده بالسعر القانونى لغاية مواعيد استحقاقها ” . وطبقت المادة 927 مدنى نفس الحكم فى التعويض 781 المستحق لمن أقام منشآت بمواد من عنده على ارض مملوكة للغير .
ونبحث نظرة الميسرة فى مسائل ثلاث :
- شروط منح القاضى لنظرة الميسرة .
- الآثار التى تترتب على نظرة الميسرة .
- سقوط الأجل فى نظرة الميسرة ( [6] ) .
463 – شروط منح القاضى لنظرة الميسرة : يتبين من نص الفقرة الثانية من المادة 436 مدنى أن هناك شروطاً أربعة ، إذا توافرت جاز للقاضى أن يمنح المدين نظرة الميسرة . ويتبين أيضاً أن الأمر فى نظرة الميسرة يرجع إلى تقدير قاضى الموضوع ، وأن القاضى قد يمنح المدين نظرة الميسرة سواء أثناء نظر الدعوى التى يرفعها الدائن على المدين يطالبه بالدين أو أثناء إجراءات التنفيذ التى يباشرها الدائن بموجب سند رسمى ، وأن جواز منح القاضى لنظرة الميسرة أمر من النظام العام لا يجوز الاتفاق على سلب القاضى إياه .
أما الشروط الأربعة الواجب توافرها حتى يجوز للقاضى منح المدين نظرة الميسرة فهى :
( 1 ) أن تكون حالة المدين تستدعى أن يمنحه القاضى نظرة الميسرة . فيجب أن يكون حسن النية فى تأخره فى الوفاء بالتزامه ، بأن يكون عاثر الحظ لا متعمداً عدم الوفاء ولا مقصراً فى ذلك . ولا يجوز أن يكون معسراً ، وإلا فلا جدوى من منحه هذه النظرة . بل يجب أن يكون عنده من المال ما يكفى للوفاء بالتزامه ، وليس فى مقدوره مؤقتاً أن يبيع هذا المال ليقوم بالوفاء ، كأن يكون المال عقاراً أو منقولا يتعذر بيعه فى الحال ، فيطلب المدين مهلة حتى يتسع له الوقت اللازم لذلك . أو يكون للمدين موارد يقتضيها فى مواعيد متعاقبة ، كأجر عمله أو ريع ملكه ، وهى كافية للوفاء لو قسط القاضى عليه الدين ( [7] ) .
782
( 2 ) ألا يصيب الدائن من جراء منح المدين نظرة الميسرة ضرر جسيم . فإذا كان فى نظرة الميسرة ما يصيب الدائن بضرر جسيم ، كأن يكون قد اعتمد على استيفاء الدين ليفى هو ديناً عليه لا يستطيع التأخر فى الوفاء به ، أو كانت نظرة الميسرة تفوت عليه صفقة يعود فواتها عليه بضرر جسيم ، فليس من العدل إغاثة المدين عن طريق الإضرار البليغ بالدائن ( [8] ) .
( 3 ) ألا يقوم مانع قانونى من نظرة الميسرة . ومن النصوص القانونية التى تحول دون منح نظرة الميسرة ما نصت عليه المادة 158 مدنى من أنه ” يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائى عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه ، وهذا الاتفاق لا يعفى من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه ” . ففى هذه الحالة لا يجوز للقاضى أن يمنح المدين أجلا للوفاء . ومثل ذلك أيضاً ما نصت عليه المادة 461 مدنى من أنه ” فى بيع العروض وغيرها من المنقولات ، إذا اتفق على ميعاد لدفع الثمن وتسلم المبيع ، يكون البيع مفسوخاً ، دون حاجة إلى إعذار ، إن لم يدفع الثمن عند حلول الميعاد ، إذا اختار البائع ذلك ، وهذا ما لم يوجد اتفاق على غيره ” . فهذا لانص يمنع القاضى من منح المشترى نظرة الميسرة إن تأخر فى دفع الثمن عند حلول الميعاد . ومثل ذلك أخيراً ما نص عليه التقنين التجارى من عدم جواز منح نظرة الميسرة للمدين بموجب كمبيالة ، فقد نصت المادة 156 من هذا التقنين على أنه ” لا يجوز للقضاة أن يعطوا مهلة بدفع قيمة الكمبيالة ” . ويسرى هذا الحكم أيضاً على السندات الإذنية والسندات لحاملها ( م 189 تجارى ) .
( 4 ) أن يكون الأجل الذى يمنحه القاضى للمدين فى نظرة الميسرة أجلا 783 معقولا . فلا يجوز أن يمنح القاضى المدين أجلا طويلا يعطل فيه على الدائن حقه ، بل يجب أن يقاس الأجل بقدر ما هو ضرورى ليتمكن المدين من الوفاء . وقد حدد التقنين المدنى الفرنسى – 1244 / 2 من هذا التقنين بعد تعديلها ( [9] ) – هذا الأجل بما لا يزيد على سنة واحدة . ولا يوجد فى التقنين المدنى المصرى نص يضع هذا الحد الأقصى للأجل ، ومن ثم فالأمر متروك لتقدير القاضى . ولكن السنة أجل يبلغ من الطول قدراً لا يظن معه أن القاضى فى مصر يمنح أجلا أطول ، إلا إذا اقتضت ذلك ظروف استثنائية خاصة . هذا ويجوز للقاضى أن يمنح المدين آجالا متعاقبة لا أجلا واحداً ، بأن يقسط الدين على أقساط يلاحظ فى مواعيدها وفى مقاديرها قدرة المدين على الوفاء .
فإذا ما توافرت هذه الشروط الأربعة ( [10] ) ، جاز للقاضى أن يمنح المدين هذا الأجل أو هذه الآجال المعقولة . والأمر فى النهاية يرجع إلى تقديره ، فهو الذى ينظر ، حتى بعد توافر هذه الشروط ، إن كان ثمة ما يستدعى منح المدين نظرة الميسرة . وتقديره فى ذلك تقدير نهائى ، لا معقب عليه من محكمة النقض ( [11] ) .
ولا ينال المدين من القاضى نظرة الميسرة إلا فى أثناء الدعوى التى يرفعها 784 الدائن يطالبه فيها بالدين ، أو فى أثناء مباشرة الدائن لإجراءات التنفيذ بموجب سند رسمى . ففى الحالة الأولى يستطيع المدين أن يطلب من القاضى أثناء الدعوى منحه نظرة الميسرة على النحو الذى قدمناه ، بل يجوز للقاضى من تلقاء نفسه ودون طلب من المدين أن يمنحه نظرة الميسرة ، فسنرى أن هذه القاعدة تعتبر من النظام العام ( [12] ) . وفى الحالة الثانية ، إذ لا يتيسر للمدين أن يطلب نظرة الميسرة فى دعوى مقامة عليه ، لا يبقى أمامه إلا أن يستشكل فى التنفيذ ويطلب من قاضى الإشكال منحة نظرة الميسرة بالشروط المتقدم ذكرها ( [13] ) . أما فى غير هاتين الحالتين ، أى فى حالة ما إذا كان الدائن يباشر التنفيذ بموجب حكم قابل للتنفيذ ، فإنه لا يجوز للمدين أن يستشكل ليطلب نظرة الميسرة ، إذ يكون الوقت قد فات وكان الواجب أن يطلب ذلك فى أثناء الدعوى وقبل صدور الحكم . فإذا ما صدر الحكم دون أن يمنح المدين نظرة الميسرة ، فليس ثمة سبيل إلى ذلك ، إذ الحكم يجب تنفيذه كما هو ، ولا يجوز لقاضى آخر أن يعدله إلا إذا كان ذلك عن طريق الطعن فيه بالأوجه المقررة قانوناً ( [14] ) .
والقاعدة التى تقضى بجواز منح المدين نظرة الميسرة تعتبر قاعدة من النظام العام ، فلا يجوز للطرفين أن يتفقا على ألا يكون للقاضى هذا الحق ( [15] ) . فإذا اتفقا على ذلك ، كان الاتفاق باطلا ، وجاز للقاضى بالرغم من هذا الاتفاق أن يمنح المدين نظرة الميسرة . ويجوز للمدين أن يتقدم بهذا الطلب فى أية حالة كانت عليها الدعوى ، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف . كما يجوز للقاضى من تلقاء نفسه أن يمنح المدين نظرة الميسرة وقد سبقت الإشارة إلى ذلك .
785
464 – الآثارة التى تتربت على نظرة الميسرة : يترتب على منح نظرة الميسرة ما يترتب على الأجل الواقف بوجه عام :
( 1 ) فيوقف التنفيذ حتى ينقضى الأجل الذى منحه القاضى للمدين . وإذا كان الدائن ينفذ بموجب سند رسمى ، ثم منح المدين نظرة الميسرة ، وجب وقف إجراءات التنفيذ ، وإذا استمر الدائن فيها كان ما باشره منها بعد نظرة الميسرة باطلا ولكن ما تم من إجراءات التنفيذ ، قبل منح المدين نظرة الميسرة باطلا ولكن ما تم من إجراءات التنفيذ ، قبل منح المدين نظرة الميسرة ، يبقى قائماً حافظاً لآثاره ( [16] ) . فإذا ما انقضى الأجل الذى منحه القاضى للمدين ، ولم يوف المدين الدين ( [17] ) ، فإن الدائن يتابع إجراءات التنفيذ من حيث تركها موقوفة ، ولا يحتاج إلى إعادة هذه الإجراءات من جديد فذلك يجشمه عناء لا محل له ويكلف المدين نفقات لا داعى لها ( [18] ) .
وإذا كان القاضى قد قسط الدين على المدين ، بأن منحة آجالا متعاقبة ، فإن تأخر المدين فى أى قسط من هذه الأقساط يجعل جميع الأقساط الباقية حالة ، ويستطيع الدائن أن ينفذ بها ( [19] ) .
( 2 ) ولكن يجوز للدائن أن يتابع الإجراءات التحفظية ، كقطع التقادم وقيد الرهن وتجديد قيده ونحو ذلك ، فإن الأجل الواقف لا يمنع من اتخاذ هذه الإجراءات كما رأينا ، فمن باب أولى لا يمنع منها الأجل الممنوح من القاضى ( [20] ) . وما اتخذ من إجراءات تحفظية ، كإعذار المدين ( [21] ) ، يبقى حافظاً لآثاره . 786 وهناك خلاف فيما إذا كان يجوز للدائن ، بعد منح المدين نظرة الميسرة ، أن يعذر المدين ( [22] ) وأن يحجز على ما لمدينه لدى الغير ( [23] ) .
( 3 ) لنظرة الميسرة أثر نسبى ، فهو مقصور على المدين الذى منح الأجل دون غيره من المدينين ولو كانوا متضامنين معه ، ما دام هؤلاء لم يمنحوا مثله نظرة الميسرة ( [24] ) . ولكن كفيل المدين ، إذا منح المدين نظرة الميسرة ، ينتفع بذلك ، وإلا لجاز للدائن أن يرجع على الكفيل ليتقاضى منه الدين ، ولرجع الكفيل على المدين بما وفاه للدائن ، فلا تكون هناك فائدة من منح المدين نظرة الميسرة ( [25] ) .
وأثر نظرة الميسرة مقصور كذلك على الدائن الذى حكم فى مواجهته بها ، فلا يتعدى إلى الدائنين الآخرين ولو كانوا متضامين مع الدائن الأول ، لأن الحكم على أحد الدائنين المتضامنين لا يضر بالباقى . والواجب على المدين أن يدخل كل الدائنين المتضامنين فى الدعوى ، ليحصل على حكم فى مواجهتهم جميعاً بمنحه نظرة الميسرة .
465 – سقوط الأجل فى نظرة الميسرة : والأجل فى نظرة الميسرة يسقط بما يسقط به الأجل الاتفاقى ( [26] ) . فيسقط ، كما يسقط الأجل الاتفاقى 787 وفقاً للمادة 273 مدنى ، فى الأحوال الآتية :
( 1 ) إذا شهر إفلاس المدين أو إعساره وفقاً لنصوص القانون .
( 2 ) إذا أضعف المدين بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص ، ولو كان هذا التأمين قد أعطى بعقد لاحق أو بمقتضى القانون ، هذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين . أما إذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه ، فغذا الأجل يسقط ما لم يقدم المدين للدائن ضماناً كافياً .
( 3 ) إذا لم يقدم المدين للدائن ما وعد بتقديمه من التأمينات .
على أن الأجل فى نظرة الميسرة ، خلافاً للأجل الاتفاقى ، يسقط بسبب جديد ، هو توافر شروط المقاصة ما بين الدين الذى منحت فيه نظرة الميسرة ودين ينشأ فى ذمة الدائن للمدين . ذلك أن المدين الذى حصل من القاضى على نظرة الميسرة ، إنما حصل على هذا الأجل لأنه لم يكن فى مكنته وفاء الدين فى الحال ، فنظرة القاضى إلى ميسرة . ثم جدَّ بعد ذلك أن حل دين فى ذمة الدائن للمدين من جنس الدين الأول ، سواء نشأ هذا الدين قبل منح المدين نظرة الميسرة أو نشأ بعد ذلك . ففى هذه الحالة يستطيع المدين أن يوفى الدين الذى عليه بالدين الذى له ، فلا مبرر إذن لانتظار انقضاء الأجل الذى منحه القاضى للمدين فى نظرة الميسرة مادام المدين قد أصبح قادراً على الوفاء بدينه . ومن ثم يكون توافر شروط المقاصة على النحو الذى قدمناه على الوفاء بدينه . ونم ثم يكون توافر شروط المقاصة على النحو الذى قدمناه مسقطاً للأجل فى نظرة الميسرة ( [27] ) . وقد نص التقنين المدنى على هذا الحكم صراحة ، فقضت الفقرة الثانية من المادة 362 مدنى بأنه ” لا يمنع المقاصة أن يتأخر ميعاد الوفاء لمهلة منحها القاضى أن تبرع بها الدائن ” .
788
المبحث الثانى
المكان الذى يتم فيه الوفاء
466 – النصوص القانونية : تنص المادة 347 من التقنين المدنى على ما يأتى :
” 1 – إذا كان محل الالتزام شيئا معيناً بالذات ، وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ” .
” 2 – أما فى الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء فى المكان الذى وجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ( [28] ) ” .
ويقابل هذا النص فى التقنين المدنى السابق المادتين 169 / 232 و 170 / 233 ( [29] ) .
ويقابل فى التقنينات المدنية العربية الأخرى : فى التقنين المدنى السورى المادة 345 – وفى التقنين المدنى الليبى المادة 334 – وفى التقنين المدنى العراقى المادتين 396–397 – وفى تقنين الموجبات و العقود اللبنانى المادة 302 ( [30] ) .
789
ويخلص من النص المتقدم الذكر أن الوفاء يكون فى المكان الذى اتفق عليه الطرفان ، فإن لم يكن هناك اتفاق ، ففى العين المعينة بالذات يكون الوفاء فى المكان الذى كانت موجودة فيه وقت نشوء الالتزام ، وفى غيرها يكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال .
467 – اتفاق الطرفين على مكان الوفاء : كثيراً ما يتفق الدائن والمدين على المكان الذى يكون فيه وفاء الدين ، وفى هذه الحالة يتقيد الطرفان بهذا الاتفاق . فلا يجوز للمدين أن يوفى بالدين إلا فى هذا المكان ، كما لا يجوز للدائن أن يطالب المدين بالوفاء غلا فيه . وقد يكون هذا الاتفاق وقت نشوء الدين كم هو الغالب ، وقد يكون اتفاقاً خاصاً لاحقاً لنشوء الدين .
وفى جميع الأحوال قد يكون الاتفاق صريحاً ، ولا يشترط فى الاتفاق الصريح ألفاظ خاصة . وقد يكون ضمنياً . ومثل الاتفاق الضمنى أن تكون هناك التزامات متقابلة ناشئة من عقد ملزم للجانبين ويتفق الطرفان على أن يتم الوفاء 790 فى وقت واحد ، فيستخلص من ذلك اتفاق ضمنى على ان يكون مكان الوفاء هو أيضا مكان واحد ( [31] ) . وق طبقت المادة 456 مدنى هذا الحكم فى عقد البيع إذ نصت على ما يأتى : ” ذ – يكون الثمن مستحق الوفاء فى المكان الذى سلم فيه المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك . 2 – فإذا لم يكن الثمن مستحقاً وقت تسليم المبيع ، وجب الوفاء به فى المكان الذى يوجد فيه موطن المشترى وقت استحقاق الثمن ” . ففى الفقرة الأولى افترض أن تسليم المبيع ودفع الثمن يجب أن يتما فى وقت واحد ، فخلص من ذلك أن دفع الثمن يكون فى المكان الذى يتم فيه تسليم المبيع . وفى الفقرة الثانية افترض أن الثمن غير مستحق وقت تسليم المبيع ، فرجعنا إلى القاعدة العامة فى مكان الوفاء بمبلغ من النقود ، وهو موطن المدين وقت استحقاق الدين . وإذا كان الوفاء بشيك أو بحوالة ، استخلص من هذا اتفاق ضمنى على أن يكون مكان الوفاء هو الجهة التى يقبض فيها الدائن قيمة الشيك أو حوالة البريد ( [32] ) ، وقد قدمنا أن الوفاء لا يتم هذه الحالة بمجرد تسلم الشيك أو الحوالة ، وإنما يتم بقبض القيمة .
وقد يتفق الطرفان على أن يكون مكان الوفاء هو موطن الدائن ، والأصل ألا يكون موطن الدائن هو مكان الوفاء إلا باتفاق صريح أو ضمنى . فإذا تم الاتفاق على ذلك ، فإن موطن الدائن وقت الاتفاق أو موطنه وقت الوفاء إذا تغير هذا الموطن يكون هو مكان الوفاء تبعاً للاتفاق الذى تم ( [33] ) . فإن لم يكن الاتفاق واضحاً فى ذلك ، فالمفروض أن الطرفين قد اتفقا على أن يكون مكان الوفاء هو موطن الدائن وقت الاتفاق ، لأنه هو الموطن الذى كان معروفاً عندهما وقت ذاك ( [34] ) .
791
468 – مكان الوفاء فى العين المعينة بالذات هو مكان وجودها وقت نشوء الالتزام : وقد رأينا أن الفقرة الأولى من المادة 347 مدنى تنص على أنه ” إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات ، وجب تسليمه فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت نشوء الالتزام ، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك ” . فإذا لم يوجد اتفاق على أن يكون مكان الوفاء فى غير مكان وجود العين وقت نشوء الالتزام ، ولم يوجد نص يقضى بغير ذلك كما رأينا فى النص الذى يقضى بأن يكون دفع الثمن فى مكان تسليم المبيع ( م 456 مدنى ) ، فإن مكان الوفاء هو المكان الذى توجد فيه العين وقت نشوء الالتزام ( [35] ) وهذا الحكم مبنى على أن هناك اتفاقاً ضمنيَّا ما بين الطرفين على هذا المكان . فينسخ هذا الاتفاق الضمنى اتفاق ضمنى معارض ، أو اتفاق صريح ، أو نص فى القانون .
ويغلب أن يكون الشىء لم ينتقل من مكانه من وقت نشوء الالتزام إلى وقت الوفاء ، فإذا انتقل فالعبرة كما قدمنا بالمكان الذى توجد فيه العين وقت نشوء الالتزام ، وهو المكان الذى كان معروفاً من الطرفين ( [36] ) . على أن المفروض فى كل ذلك أن الشىء محل الالتزام مستقر فى مكانه لا يمكن نقله فى يسر . فإذا كان الشىء بطبيعته سهل الانتقال من مكان إلى آخر ، كسيارة أو فرس ، فالغالب أن يكون الطرفان قد أراد ضمناً أن يكون مكان الوفاء ليس هو المكان العارض الذى يوجد فيه الشىء وقت نشوء الالتزام ، بل هو موطن المدين وهو المكان الذى يوجد فيه الشىء عادة . وهنا نرى أن الاتفاق الضمنى الذى قام عليه مكان وجود الشىء وقت نشوء الالتزام قد عارضه اتفاق ضمنى أكثر وضوحاً فنسخه ( [37] ) .
792
469 – مكان الوفاء فى غير العين المعينة بالذات هو موطن المدين أو مركز أعماله : فإذا لم يوجد اتفاق صريح أو ضمنى على مكان الوفاء ( [38] ) ، ولم يكن محل الوفاء عيناً معينة بالذات ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 347 مدنى ، كما رأينا ، على أن ” يكون الوفاء فى المكان الذى يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ( [39] ) ” .
ويسرى هذا الحكم على كل التزام ليس محله عيناً معينة بالذات ، وأكثر ما يسرى على الالتزام الذى يكون محله مبلغاً من النقود . ويسرى كذلك على كل التزام محله عين غير معينة بالذات ، كالتزام بتسليم مائة أردب من القمح أو خمسين قنطاراً من القطن . ويسرى أخيراً على كل التزام محله عمل أو امتناع عن عمل . ففى هذه الالتزامات جميعاً ، إذا لم يوجد اتفاق صريح أو ضمنى على مكان الوفاء ، فالمكان هو موطن المدين وقت الوفاء ، أو المكان الذى يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال . ومن ثم نرى أن الالتزام هنا يسعى له الدائن ( querable ) ، ولا يسعى به المدين ( Portable ) . وليس فى هذا إلا تطبيق للمبدأ العام الذى يقضى بأن الالتزام يفسر بما فيه مصلحة المدين ( [40] ) .
وإذا غير الدائن موطنه أو مركز أعماله فى الفترة ما بين نشوء الالتزام وبين الوفاء ، فالعبرة بالموطن أو بمركز الأعمال وقت الوفاء لا وقت نشوء الالتزام . ذلك أن القاعدة إنما تقوم ، لا على افتراض إرادة الطرفين فيقال إن هذه الإرادة قد انصرفت إلى الموطن أو مركز الأعمال وقت نشوء الالتزام ، وإنما تقوم على مصلحة المدين ، ومصلحته تقتضى أن يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله وقت الوفاء ( [41] ) .
793
على أن المدين يستطيع بعد نشوء الالتزام أن ينزل عن حقه فى ان يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله ، إذا تصرف تصرفاً من شأنه أن يستخلص منه هذا النزول ، فإذا كان الدين أقساطاً ، وأدى المدين أكثر الأقساط فى موطن الدائن ، وأن المدين قد اتفق اتفاقاً ضمنيَّا مع الدائن على ذلك . ولكن مجرد دفع قسط أو قليل من الأقساط فى موطن الدائن لا يستفاد منه حتما أن المدين قد نزل عن حقه فى أن يكون مكان الوفاء بسائر الأقساط هو موطنه لا موطن الدائن ( [42] ) . فلو أن المؤمن له دفع بعض أقساط التأمين فى موطن الشركة ( [43] ) ، فلا يستفاد من ذلك حتما أنه نزل عن حقه فى أن يكون الوفاء بسائر الأقساط فى موطنه هو ( [44] ) . وعلى العكس من ذلك ، إذا اشترطت شركة التأمين على أن يكون الوفاء بالأقساط فى موطنها ( [45] ) ، ثم استوفت بعض هذه الأقساط فى موطن المدين ، فلا يستفاد من ذلك حتما أنها نزلت عن حقها فى أن يكون الوفاء ببقية الأقساط فى موطنها ، لاسيما إذا ذكرت ذلك صراحة فى وثيقة التأمين ، وهذا ما لم يكن قد اضطرد استيفاؤها لأقساط التأمين فى موطن المدين واستقر تعاملها معه على ذلك ( [46] ) .
794
470 – نصوص خاصة بتعيين مكان الوفاء فى بعض العقود المسماة : وقد أشارت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى إلى أنه ” قد أنشأت بعض النصوص أحكاماً خاصة بشأن الوفاء فى بعض العقود المعينة كالبيع والإجارة ( [47] ) ” .
وقد رأينا فعلا أن الفقرة الأولى من المادة 456 مدنى فى البيع تنص على أن ” يكون الثمن مستحق الوفاء فى المكان الذى سلم فيه المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضى بغير ذلك ” . ونصت المادة 436 مدنى ، فى البيع أيضاً ، على أنه ” إذا وجب تصدير المبيع للمشترى ، فلا يتم التسليم غلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك ” .
ونصت المادة 566 مدنى ، فى الإيجار ، على أن ” يسرى على الالتزام بتسليم العين المؤجرة ما يسرى على الالتزام بتسليم العين المبيعة من الأحكام ، وعلى الأخص ما يتعلق منها بزمان التسليم ومكانه وتحديد مقدار العين المؤجرة وتحديد ملحقاتها ” .
ونصت الفقرة الثانية من المادة 642 مدنى ، فى العارية ، على أنه ” يجب رد الشىء فى المكان الذى يكون المستعير قد تسلمه فيه ، ما لم يوجد اتفاق يقضى بغير ذلك ” .
ونصت المادة 655 مدنى ، فى المقاولة ، على أنه ” متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل ، وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه فى أقرب وقت ممكن بحسب الجارى فى المعاملات . وإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسليم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمى ، اعتبر أن العمل قد سلم إليه ” .
ونصت المادة 690 مدنى ، فى عقد العمل ، على أن ” يلتزم رب العمل أن يدفع للعامل أجرته فى الزمان والمكان اللذين يحددهما العقد أو العرف ، مع مراعاة ما تقضى به القوانين الخاصة فى ذلك ” .
795
الباب الثانى
انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء
471 – أسباب انقضاء التزام بما يعادل الوفاء : قدمنا أن الالتزام قد ينقضى ، لا بالوفاء به عيناً ، بل بما يعادل الوفاء ، ويشمل هذا ما يأتى :
( 1 ) الوفاء بمقابل ( Dation en Paiement ) .
( 2 ) التجديد ( Novation ) .
( 3 ) المقاصة ( Compensation ) .
( 4 ) اتحاد الذمة ( Confusion ) .
ففى الوفاء بمقابل يعتاض الدائن عن استيفاء الدين عيناً بشىء يعادله وفى التجديد يستوفى الدائن الدين الأصلى بدين جديد . وفى المقاصة يستوفى الدائن الدين الذى له بدين مقابل فى ذمته للمدين . وفى اتحاد الذمة يستوفى الدائن الدين الذى له بنفس هذا الدين بعد أن يصبح مديناً به .
( [1] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 483 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى : ” يجب أن يتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، ما لم يوجد اتفاق أو نص بغير ذلك ، ومع مراعاة ما للقاضى من حق فى إمهال المدين ” . وفى لجنة المراجعة جعلت المادة من فقرتين ، وخصصت الفقرة الثانية لنظرة الميسرة ، فأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وأصبح رقمه 358 فى المشروع النهائى . ووافق عليه مجلس النواب . وفى لجنة مجلس الشيوخ اعترض على الفقرة الأولى بأنها تحتم الوفاء فوراً بمجرد ترتب الالتزام نهائياً فى ذمة المدين ، مع أنه من الجائز أن يترتب الدين فى ذمة المدين ولكن لا يحل أجله بسبب تعلقه بشرط أو أجل . فأجيب على هذا الاعتراض بأن العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى قد واجهته لأنه إذا وجد اتفاق معلق على شرط أو مقرون بأجل فلا يتحتم الوفاء إلا بعد حلول الأجل أو تحقق الشرط . ثم اعترض على الفقرة الثانية بأنها تعطى للقاضى رخصة منح أجل للمدين للوفاء بالتزامه إذا لم يلحق الدائن من هذا لأجل ضرر جسيم ، فالنص على قيد الضرر الجسيم يلغى الرخصة التى أعطيت للقاضى فى منح المدين حسن النية سىء الحظ أجلا للسداد ، ويحسن ترك الأمر للقاضى يقارن بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين فى هذه الحالة . فأجيب على الاعتراض بأن تأخير الوفاء إلى أى أجل قد يضر بالدائن ضرراً جسيماً ، كأن يكون معولا على استيفاء هذا الدين وإلا كان معرضاً للإفلاس ، وفى مثل هذه الحالة نكون قد أصبنا صاحب الحق بضرر جسيم رفقاً بالمدين المطالب بالالتزام . ووافقت اللجنة على بقاء المادة دون تعديل ، وأصبح رقمها 346 ، ثم وافق عليها مجلس الشيوخ دون تعديل ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 225 – ص 226 ) .
( [2] ) التقنين المدنى السابق : م 168 / 231 : يجب أن يكون الوفاء على الوجه المتفق عليه بين المتعاقدين ، وأن يحصل فى الوقت والمحل المعينين ، وألا يكون ببعض المستحق . إنما يجوز للقضاة فى أحوال استثنائية أن يأذنوا بالوفاء على أقساط بميعاد لائق ، إذا لم يترتب على ذلك ضرر جسيم لرب الدين . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المدنى الجديد ) .
( [3] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 344 ( مطابقة للمادة 346 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 333 ( مطابقة للمادة 346 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 394 : 1 – إذا أجل الدين أو قسط إلى أقساط معلومة ، فلا يجوز للدائن مطالبة المدين بالدين أو بالقسط قبل حلول أجله . 2 – فإذا لم يكن الدين مؤجلا ، أو حل أجله ، وجب دفعه فوراً . ومع ذلك يجوز للمحكمة عند الضرورة ، إذا لم يمنعها نص فى القانون ، أن تنظر المدين إلى أجل مناسب إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا ضرر جسيم .
م 395 : 1 – إذا كان الدين مؤجلا ، فللمدين أن يدفعه قبل حلول الأجل إذا كان الأجل متمحضاً لمصلحته ، ويجبر الدائن على القبول . 2 – فإذا قضى المدين الدين قبل حلول الأجل ، ثم استحق المقبوض ، عاد الدين كما كان .
( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المدنى المصرى : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 300 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 303 لا يجوز إجبار الدائن على قبول الإيفاء قبل الأجل إلا إذا كان موضوعاً لمصلحة المديون وحده – وإذا لم يكن هناك أجل معين أو مستفاد ضمناً من ماهية القضية ، فيمكن تنفيذ الموجب وطلب هذا التنفيذ بلا تأخير – ويجب التنفيذ فى يوم الاستحقاق مع مراعاة أحكام المادة 105 ( المادة 105 : إذا كان الاستحقاق واقعاً فى يوم عطلة قانونية ، أرجئ إلى اليوم التالى الذى لا عطلة فيه ) .
م 115 : للقاضى أن ينظر بعين الاعتبار إلى حالة المديون إذا كان حسن النية ، فيمنحه مع الاحتياط الشديد مهلا معتدلة لإيفاء الموجب ، ويأمر بتوقيت المداعاة مع إبقاء كل شىء على حاله ، ما لم يكن ثمة نص قانونى مخالف .
م 116 : خلافا للأجل القانونى لا يحول الأجل الممنوح دون إجراء المقاصة عند الاقتضاء . ( وهذه الأحكام متفقة مع أحكام التقنين المصرى ) .
( [4] ) والمفروض فيه أن لمصلحة الدين ، فيجوز له النزول عنه والوفاء بالالتزام فوراً ، إلا إذا تبين من الظروف أنه لمصلحة الطرفين معاً ، ففى هذه الحالة لا يجوز للمدين أن يوفى التزام ولا للدائن أن يطلب استيفاءه إلا عند حلول الأجل ( استئناف مختلط 14 أبريل سنة 1949 م 61 ص 95 ) . وقد تقدم بيان ذلك عند الكلام فى الأجل .
( [5] ) مراجع : لاباتى ( Labatut ) فى نظرة الميسرة رسالة من تولوز سنة 1927 – جودان دى لاجرانج ( gaudin de Lagrange ) فى أزمة العقد ومهمة القاضى رسالة من مونبلييه سنة 1935 – ميلوياك ( Miloac ) رسالة من باريس سنة 1936 – دفو ( Deveau ) فى نظرة الميسرة فى التقنين المدنى وفى التشريع المعاصر رسالة من باريس سنة 1937 – بانزييه ( Pansier ) فى نظرة الميسرة رسالة من مونبلييه سنة 1937 – سارا كاريه ( Sarah Carre ) رسالة من باريس سنة 1938 – رولان تكسييه ( Roland Texier ) فى نظرة الميسرة رسالة من باريس سنة 1938 – لورين ( Laurain ) فى نظرة الميسرة وتدبير الديون رسالة من بوردو سنة 1940 .
( [6] ) أنظر فى تاريخ نظرة الميسرة فى القانون الفرنسى القديم وكيف انتقلت إلى التقنين المدنى الفرنسى بودرى وبارد 2 فقرة 1482 – فقرة 1484 .
( [7] ) ويقول بودرى وبارد إن العناصر الرئيسية التى يقدر القاضى بمقتضاها حالة المدين ، ليتعرف هل تستدعى هذه الحالة نظرة الميسرة ، حى حسن نية المدين ، ورغبته فى الوفاء بدينه ، وأن الضيق الذى أحاط به أمر مؤقت ، وأن موارده كافية فى النهاية للوفاء بدينه ، وأنه يتخذ من التدابير ما ييسر له هذا الوفاء ، وأنه وفى فعلا ما أمكنه الوفاء به من الدين ، وأن الوفاء فوراً بكل الدين يلحق به ضرراً جسيما ، وأنه قدم للدائن الضمان الكافى للحصول على حقه ، ثم ما عسى أن يوجد بين المدين والدائن من وشائج القرابة أو الصهر أو المودة ، وما عسى أن يكون للمدين عند الدائن ما أياد سابقة ( بودرى وبارد 2 فقرة 1491 ص 588 – ص 589 ) .
( [8] ) استئناف وطنى 11 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 23 ص 30 – بودرى وبارد 2 فقرة 1491 ص 589 .
( [9] ) وقد عدل هذا النص بقانون 25 مارس 1936 ، ثم بقانون 20 أغسطس سنة 1936 . وهذا القانون الأخير هو الذى جعل الأجل الممنوح للمدين لا يجوز أن يزيد على سنة واحد ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1018 ص 358 – ص 359 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1522 – فقرة 1523 ) .
( [10] ) ولا يحول دون منح المدين نظرة الميسرة أن يكون الدين قد صدر به حكم مشمول بالنفاذ المعجل ، ويسرى هذا النفاذ العاجل بعد انقضاء الأجل الممنوح من القاضى ( استئناف أسيوط 17 أبريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 318 ص 523 ) .
( [11] ) نقض مدنى 23 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 وقم 94 ص 373 – 25 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 – وما دام الأمر متوركاً لتقدير القاضى ، فليس من الضرورى أن يسبب حكمه برفض منح المدين نظرة الميسرة ، بل ليس من الضرورى أن يرفض صراحة الطلب الذى يتقدم به المدين فى هذا الشأن ، فما دام لم يجبه إليه فإن ذلك يكون بمثابة رفض لهذا الطلب ( بودرى وبارد 2 فقرة 1491 مكررة أولا ص 591 ) .
وغنى عن البيان أن القاضى لا يستطيع أن يمنح المدين نظرة الميسرة إلا إذا توافرت الشروط الأربعة السابق ذكرها ، فإن لم تتوافر ومنح القاضى المدين نظرة الميسرة بالرغم من عدم توافرها ، فإن الحكم يكون قد ارتكب خطأ فى تطبيق القانون ويتعين نقضه .
( [12] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1486 .
( [13] ) أنظر فى مناقشة هذه المسألة بودرى وبارد 2 فقرة 1489 – فقرة 1490 .
( [14] ) أوبرى ورو 4 فقرة 319 ص 258 – بودرى وبارد 2 فقرة 1488 – وفى فرنسا جعل قانون 25 مارس سنة 1936 الاختصاص لقاضى الأمور المستعجلة فى منح نظرة الميسرة ، ومن ثم يجوز للمدين ، بعد صدور حكم عليه بوفاء الدين ، أن يلجأ إلى قاضى الأمور المستعجلة يطلب منحه نظرة الميسرة ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1019 ص 360 – ص 361 – بلانيول ورويبر وبولانجيه 2 فقرة 1525 ) .
( [15] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1484 – فقرة 1485 .
( [16] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1492 .
( [17] ) ويلاحظ إنه إذا كان الدين واجب التنفيذ فى موطن المدين ، فإن يصبح بعد نظرة الميسرة واجب التنفيذ فى موطن الدائن . ذلك أن المدين مدعو إلى تنفيذ التزامه فى اى وقت خلال الأجل الممنوح له من القاضى ، وليس الأجل إلا حدا أقصى لموعد التنفيذ ، فيجب عليه إذن أن يسعى بالتنفيذ إلى موطن الدائن ، لا أن ينتظر حتى يأتى الدائن إلى موطنه ( بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 ص 364 ) .
( [18] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1492 .
( [19] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1498 .
( [20] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1494 .
( [21] ) بلانيول رويبير وردوان 7 فقرة 1021 .
( م 50 – الوسيط ) .
( [22] ) أنظر فى عدم جواز إعذار المدين لأن الإعذار يسوئ مركزه إذ يحمله تبعة الهلاك ويجعله مسئولا عن التعويض : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 .
( [23] ) فيقول بعض الفقهاء بعدم جواز حجز ما للمدين لدى الغير ، لأن هذا الحجز ليس حجزا تحفظياً فحسب بل هو أيضاً فى نهايته حجز تنفيذى ، ولأن الحجز يعطل ما للمدين لدى الغير وقد يكون فى حاجة إليه لتدبير موقفه من حيث الوفاء بالتزامه ( لوران 17 فقرة 584 – بودرىوبارد 2 فقرة 1495 ) . ويذهب فقهاء آخرون إلى جواز الحجز ( تولييه 6 فقرة 673 بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1021 ) . وعلى كل حال لا يفك الحجز التحفظى الذى يكون موقعاً قبل منح المدين نظرة الميسرة ، فلا يفك حجز تحفظى موقع تحت يد ناظر وقف على حصة المستحق وهو المدين ( استئناف وطنى 28 أبريل سنة 1903 الحقوق 20 ص 231 ) .
( [24] ) وهذا على خلاف القاعدة التى تقضى بأن ما يفيد أحد المدينين المتضامنين يفيد الباقى ، ذلك لأن نظرة الميسرة إنما تمنح للمدين نظراً لظروفه الشخصية ، فلا يتعدى أثرها إلى غيره من المدينين ممن ليست لهم هذه الظروف .
( [25] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1496 .
( [26] ) أنظر فى الأسباب المتعددة التى يسقط بها الأجل فى نظرة الميسرة فى القانون الفرنسى : بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1022 .
( [27] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1493 – ويخلص من ذلك إنه حيث يثبت أن المدين الذى منح نظرة الميسرة قد أصبح قادراً على الوفاء بالدين ، حتى قبل انقضاء الأجل الذى منحه القاضى إياه ، إنه يجوز للدائن أن يطالبه بالدين .
( [28] ) تاريخ النص : ورد هذا النص فى المادة 484 من المشروع التمهيدى على وجه مطابق لما استقر عليه فى التقنين المدنى الجديد . ووافقت عليه لجنة المراجعى تحت رقم 359 من المشروع النهائى ثم وافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 347 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 288 – 229 ) .
( [29] ) التقنين المدنى السابق م 169 / 232 : محل الوفاء هو المكان الموجود فيه عين الشىء المقتضى تسليمه إذا لم يشترط المتعاقدان غير ذلك .
م 170 / 233 : إذا كان المتعهد به عبارة عن نقود أو أشياء معين نوعها ، فيعتبر الوفاء مشترطا حصوله فى محل المتعهد .
( [30] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدنى السورى : م 345 ( مطابقة للمادة 347 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى الليبى : م 334 ( مطابقة للمادة 347 من التقنين المدنى المصرى ) .
التقنين المدنى العراقى : م 396 : 1 – إذا كان الشىء الملتزم بتسليمه مما له حمل ومؤونة ، كالمكيلات والموزونات والعروض ونحوها ، وكان العقد مطلقاً لم يعين فيه مكان التسليم ، يسلم الشىء فى المكان الذى كان موجوداً فيه وقت العقد . 2 – وفى الالتزامات الأخرى يكون الوفاء فى موطن المدين وقت وجوب الوفاء ، أو فى المكان الذى يوجد فيه محل أعماله إذا كان الالتزام متعلقاً بهذه الأعمال ، ما لم يتفق على غير ذلك .
م 397 : إذا أرسل المدين الدين مع رسوله إلى الدائن ، فهلك فى يد الرسول قبل وصوله ، هلك من مال المدين ، وإن أمر الدائن المدين بأن يدفع الدين إلى رسول الدائن ، فدفعه إليه وهلك فى يده ، فهلاكه من مال الدائن ويبرأ المدين من الدين .
( والمادة 396 تتفق أحكامها مع أحكام التقنين المصرى . أما أحكام المادة 397 فتتفق مع القواعد العامة ، ويمكن تطبيقها فى مصر دون نص : أنظر الأستاذ حسن الذنون فى أحكام الالتزام فى القانون المدنى العراقى فقرة 298 – فقرة 299 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبنانى : م 203 : يجب إيفاء الدين بالمكان المعين فى العقد . وغذا لم يوضع شرط صريح أو ضمنى فى هذا الشأن ، وجب الإيفاء فى محل إقامة المديون . أما إذا كان موضوع الموجب عينا معينة ، فيجب التنفيذ حيث كان الشىء عند إنشاء العقد . ( والحكم متفق مع حكم التقنين المصرى ) .
( [31] ) أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [32] ) أنظر دى باج 3 فقرة 372 ص 455 .
( [33] ) نقض مدنى 9 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 31 ص 244 .
( [34] ) ديمولومب 27 فقرة 273 – بودرى وبارد 2 فقرة 1505 أنسيلكوبيدى داللوز 3 لفظ ( Paiement ) فقرة 137 – أنظر عكس ذلك دى باج 3 فقرة 473 – وقارن بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1578 .
وقد ينسخ هذا الاتفاق أن يرسل الدائن محصلا لاستيفاء الدين فى موطن المدين ، فيكون هذا الموطن هو مكان الوفاء ( استئناف مصر 31 يناير سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 223 ) .
( [35] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [36] ) ويرجع الدائن على المدين فى هذه الحالة بنفقات نقل الشىء من مكان وجوده وقت الوفاء إلى مكان وجوده وقت نشوء الالتزام ( ديمولومب 27 فقرة 273 – بودرى وبارد 2 فقرة 1506 ) .
( [37] ) ديمولومب 27 فقرة 278 – لوران 17 فقرة 590 – هيك 8 فقرة 42 – بودرى وبارد 2 فقرة 1504 ص 602 .
( [38] ) استئناف مختلط 2 ديسمبر سنة 1915 م 28 ص 43 .
( [39] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدى فى مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
( [40] ) على أن المدين يسعى بالدين إلى موطن الدائن فى حالة العرض الحقيقى والإيداع ، وقد سبق بيان ذلك .
( [41] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1508 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1186 وكما يستطيع المدين أن يتمسك بأن يكون مكان الوفاء هو موطنه أو مركز أعماله وقت الوفاء كذلك يستطيع الدائن أن يجبر المدين على قبول الوفاء فى هذا المكان دون أى مكان آخر ( بودرى وبارد 2 فقرة 1509 ) .
( [42] ) ديمولومب 27 فقرة 271 – هيك 8 فقرة 42 – بودرى وبارد 2 فقرة 1510 .
( [43] ) وقد جرت العادة أن يكون الوفاء بالقسط الأول فى موطن الشركة ، وكذلك يكون مكان الوفاء هو موطن الشركة فى جميع الأقساط التى حلت وأعذر فى شأنها المؤمن له ( بلانيول وريبير وبسون 11 فقرة 1308 ص 690 – بلانيول وريبير وردوان 7 فقرة 1187 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 1580 .
( [44] ) وكذلك إذا دفع المستأجر أقساط الأجرة من وقت إلى آخر فى موطن المؤجر لم يعد هذا حتما نزولا منه عن أن الوفاء بالأجرة يكون فى موطنه هو لا فى موطن المؤجر ( استئناف مختلط 5 يناير سنة 1905 م 17 ص 60 ) .
( [45] ) ولا يجوز ، طبقاً للقانون الصادر فى فرنسا فى 13 يوليه سنة 1930 ( م 16 ) ، أن يكون هذا الشرط ضمن الشروط المطبوعة ( بيدان ولاجارد 8 فقرة 524 – بلانيول وريبير وبسون 11 فقرة 1308 ص 690 ) .
( [46] ) بودرى وبارد 2 فقرة 1511 – وتفسير نية الشركة فى أنها أدخلت تعديلا ضمننيا فى مكان الوفاء ، فجعلته موطن المؤمن له لا موطنها هى ، مسألة واقع يبت فيها قاضى الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض ( بودرى وبارد 2 فقرة 1511 ص 607 هامش رقم 1 ) .
( [47] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 3 ص 229 .
المصدر: محامي في الأردن
انظر المزيد حول توكيل محامي