الثمن
203 – الشروط الواجب توافرها في الثمن : يجب أن يتوافر في الثمن الشروط الآتية :
أولاً – أن يكون نقوداً .
ثانياً – أن يكون مقدراً أو قابلاً للتقدير .
ثالثاً – أن يكون جدياً .
المطلب الأول
يجب أن يكون الثمن نقوداً
204 – تمييز البيع عن المقايضة بالثمن النقدي : يتميز البيع عن المقايضة بأن أحد المحلين المتبادلين في البيع يجب أن يكون نقوداً وهو الثمن ، فإذا كان الثمن غير نقود فالعقد مقايضة .
وقد كانت الفقرة الأولى من المادة 563 من المشروع التمهيدي تنص صراحة على هذا الشرط في البيع ، فكانت تقضي بأنه ” يجب أن يكون الثمن مقدر بالنقد ” . وقد حذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة ، لأنه المستفادة من تعريف البيع ( [1] ) . وقد عرف البيع فعلاً ، في المادة 418 مدني كما رأينا ، بأنه ” عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر فيم قابل ثمن نقدي ” .
ولا يغني عن النقود شيء آخر في الثمن ( [2] ) ، حتى لو كان هذا الشيء الآخر من المثليات ، وحتى لو كان له سعر نقدي معروف في البورصة أو في الأسواق ، فتعيين الثمن غلالاً أو أقطاناً مسعرة في البورصة لا يجعل العقد بيعاً ، لأن الغلال وإن سهلت معرفة ما يعادلها من النقود بالرجوع إلى سعرها في البورصة لا تزال غير نقود ، فالعقد يكون مقايضة ( [3] ) . بل تعيين الثمن أسهما أو سندات ، وهي عادة معروفة السعر في البورصة ، أو تعيينه سبائك ذهبية ، لا يجعل العقد بيعاً ، بل يكون العقد مقايضة كذلك ( [4] ) .
وإذا كان الثمن بعضه نقود وبعضه غير نقود ، نظر إلى العنصر الغالب . فإن كان هو النقود ، كان العقد بيعاً . وإن كان هو البدل غير النقود ، كان العقد مقايضة . وعن الشك يكون العقد مزدوجاً ، فهو بيع في حدود الثمن النقدي ، ومقايضة في حدود البدل غير النقدي . فإذا اشترى شخص سيارة جديدة بألف وخمسمائة ومع ذلك المبلغ سيارة قديمة كانت عند المشتري قومت بثلثمائة ، كان العنصر الغالب هنا هو الثمن النقدي ، فالعقد بيع . وإذا أعطى شخص داراً في مقابل عشرين فداناً ومعها ثلثمائة ، كان العنصر الغالب هو البدل غير النقدي ، فالعقد مقايضة والثلثمائة معدل لها ( soulte ) . أما إذا أعطى الشخص داراً في مقابل خمسة فدادين ومعها ألف ، فالعقد مزدوج ، بيع في حدود الألف ومقايضة في حدود خمسة الفدادين ( [5] ) .
205 – يصح أن يكون الثمن إيراداً مؤيداً أو مدى الحياة : ويكفي أن يكون الثمن نقوداً ، وليس من الضروري أن يكون رأس مال . فقد يكون الثمن إيراداً دائماً أو إيراداً مرتباً مدى الحياة ، ما دام هذا الإيراد نقوداً ( [6] ) .
فيصح أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن مقداراً معيناً من النقود ، وأن يتفقا في الوقت ذاته وفي نفس عقد البيع على تحويل هذا المقدار إلى إيراد مؤبد ( rente prerpetuelle ) أو إلى إيراد مرتب للبائع مدى الحياة ( rente viagere ) . كما يصح أن يتفق البائع والمشتري على أن يكون الثمن رأساً إيراداً مؤبداً أو إيراداً مرتباً مدى حياة البائع . ففي الحالتين لا يكون الإيراد المؤبد أو الإيراد المرتب مدى الحياة عقداً مستقلاً ، وإنما يكون ركناً في عقد البيع هو الثمن ( [7] ) . وسنبحث الإيراد المؤبد والإيراد المرتب مدى الحياة في مكان آخر ، ويكفي أن ينشير هنا إلى أن المادة 743 مدني تقضي بأن عقد البيع الذي يكون الثمن فيه إيراداً مرتباً مدى الحياة لا يكون صحيحاً إلا إذا كان مكتوباً . فالكتابة هنا ركن شكلي في البيع .
ولا يعتبر إيراداً نقدياً مرتباً مدى الحياة ، ومن ثم لا يصح أن يكون ثمناً ، أن يتفق شخص مع آخر على أن يعطيه داراً مثلاً في مقابل أن الآخر يعول الأول فيقدم له المسكن والطعام والكسوة وما إلى ذلك من النفقة ( bail a nourriture ) . ذلك أن التزاما لآخر بأن يعول الأول ليس محله نقوداً وإن أمكن تقديره بمبلغ من النقود ، وإنما هو التزام بعمل . بل إن العقد لا يكون هنا مقايضة ، لأن التزام كل من المتقايضين يجب أن يكن التزاماً بنقل ملكية أو حق عيني ، والالتزام هنا كما قدمنا التزام بعمل . فالعقد إذن ليس بيعاً ولا مقايضة ، وإنما هو عقد معاوضة غير مسمى ، يلتزم به أحد المتعاقدين بأن يعول المتعاقد الآخر في مقابل عوض يأخذه منه ( [8] ) .
المطلب الثاني
يجب أن يكون الثمن مقدراً أو قابلاً للتقدير
206 – النصوص القانونية : تنص المادة 423 من التقنين المدني على ما يأتي :
” 1 – يجب أن يقتصر تقدير الثمن على بيان الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد ” .
” 2 – وإذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق ، وجب ، عند الشك ، أن يكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيها تسليم المبيع للمشتري . فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق ، وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية ” .
وتنص المادة 424 على ما يأتي :
” إذا لم يحدد المتعاقدين ثمناً للمبيع ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما ( [9] ) ” .
وليس لهذه النصوص مقابل في التقنين المدني السابق ، ولكن الأحكام كان معمولاً بها دون نص لاتفاقها مع القواعد العامة ( [10] ) .
وتقابل هذه النصوص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادتين 391 – 392 – وفي التقنين المدني الليبي المادتين 412 – 413 – وفي التقنين المدني العراقي المواد 526 – 529 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 386 ( [11] ) .
207 – تقدير الثمن أو قابلية للتقدير يجب أن يكون باتفاق بين المتبايعين : ولما كان الثمن هو أحد محلي البيع ، فيجب ، كما هو الأمر في كل محل للالتزام ، أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين ، وتعيين الثمن أو قابليته للتعيين يجب أن يكون متفقاً عليه بين المتبايعين ، فلا يستقل به أحدهما دون الآخر . لا يستقل به البائع ، لأنه قد يشتط فيغبن المشتري . ولا يستقل به المشتري ، لأنه قد يبخس الثمن فيغبن البائع ( [12] ) . فلا بد إذن أن يكون تعيين الثمن أو قابليته للتعيين متفقاً عليه بين المتبايعين ( [13] ) . ولا يكفي في ذلك أن يبيع البائع الشيء بما يساويه من القيمة أو بثمن عادل ، لأن هذه القيمة أو هذا الثمن العادل هو الذي يجب أن يكون محل اتفاق بين المتبايعين ، والبيع على هاذ النحو يكون باطلاً لعدم تقدير الثمن ( [14] ) . ولكن ليس من الضروري أن تكون القيمة مقدرة فعلاً باتفاق المتعاقدين ، بل يكفي أن تكون قابلة للتقدير باتفاقهما ، كأن يتفقا على أجني لتقدير الثمن ( [15] ) وسيأتي بيان ذلك .
208 – قابلية الثمن للتقدير . الأسس التي يقوم عليها التقدير : وليس من الضروري أن يكون الثمن مقدراً ، بل يكفي كما قدمنا أن يكون قابلاً للتقدير ، ما دامت الأسس التي يقوم عليها تقديره متفقاً عليها بين المتبايعين ( [16] ) .
ويمكن تصور أسس مختلفة يقوم عليها تقدير الثمن ، ذكر منها المشرع اثنين في المادتين 423 و 424 مدني السالفتي الذكر ، ونضيف إليهما اثنين آخرين ، فنستعرض الأساس الأربعة الآتية : ( 1 ) أن يكون أساس تقدير الثمن هو الثمن الذي اشترى به البائع المبيع . ( 2 ) أن يكون الأساس هو سعر السوق . ( 3 ) أن يكون الأساس هو السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتبايعين . ( 4 ) أن يترك التقدير لأجنبي يتفق عليه المتعاقدان .
209 – أساس التقدير الثمن الذي اشترى به البائع – المرابحة والتولية الاشتراك والوضيعة : قد يتفق المتبايعان على أن يكون الأساس الذي يقوم عليه تقدير الثمن هو الثمن الذي اشترى به البائع . فيشتري المشتري بمثل ما اشترى البائع أو بأكثر أو بأقل ( [17] ) . وفي هذه الحالة يكون الثمن الذي اشترى به البائع المبيع أمراً جوهرايً لا بد من التثبت منه حتى يقدر على أساسه الثمن الذي اشترى به المشتري المبيع من البائع . وعلى البائع أن يبين هذا الثمن ، وللمشتري أن يثبت أن الثمن الذي بينه البائع يزيد على الثمن الحقيقي وله أن يثبت ذلك بجميع طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن ( [18] ) .
ولهذه الصورة من البيع مكان خاص في الفقه الإسلامي ، ويطلق عليها فيه ” بياعات الأمانة ” ، وتشتمل على صور أربع هي بيع المرابحة وبيع التولية وبيع الإشراك وبيع الوضيعة . وقد أخذها عن الفقه الإسلامي التقنين المدني العراقي ، فنصت المادة 530 من هذا التقنين على أنه ” 1 – يجوز البيع مرابحة أو تولية أو إشراكاً أو وضيعة . 2 – والمرابحة بيع بمثل الثمن الأول الذي اشترى به البائع مع زيادة ربح معلوم ، والتولية بيع بمثل الثمن الأول دون زيادة أو نقص ، والإشراك تولية بعض المبيع ببعض الثمن ، والوضيعة بيع بمثل الثمن الأول مع نقصان مقدار معلوم منه . 3 – ويلزم في هذه البيوع أن يكون الثمن الأول معلوماً تحرزاً عن الخيانة والتهمة ” .
وقد كتبنا عن هذه البياعات في الفقه الإسلامي ما يأتي ( [19] ) : ” حدد الفقه الإسلامي منطقة حراماً يفرض فيها على الناس الأمانة في التعامل إلى أبعد مدى ، ولا يسمح فيها بأي غش ، حتى ليجعل مجرد الكذب فيها خيانة وتدليساً . وهذه هي ما تسمى ببياعات الأمانة . فيفسخ فهيا الفقه الإسلامي السبيل لمن قلت خبرته في التعامل ، أو في ضرب يقوم عليه من ضروبه ، أن يتوقى غش الناس إياه ، بأن يتبايع معهم على حدود مرسومة ، فتعتبر مجاوزة هذه الحدود خديعة وتغريراً وجملة القول في بياعات الأمانة هذه أن المبتاع ، وهو يحتكم إلى ضمير البائع ويطمئن إلى أمانته ، يبتاع منه السلعة على أساس الثمن الذي اشترى به البائع نفسه هذه السلعة . فأما أن يزيد فهيا قدراً معلوماً من الربح يضاف إلى الثمن الأصلي ، ويسمى البيع مرابحة . وإما أن ينقضه قدراً معلوماً من الربح يضاف إلى الثمن الأصلي ، ويسمى البيع مرابحة . وإما أن ينقصه قدراً معلوماً يطرح من الثمن الأصلي ويحمل البائع فيه الخسارة ، ويسمى البيع وضيعة . وإما ألا يزيد ولا ينقص ، بل يشتري السلعة بمثل ثمنها الأصلي ويسمى البيع تولية إذا أخذ المشتري كل السلعة ، أو إشراكاً إذا أخذ جزءاً منها بما يقابله من الثمن . . . ولا يكتفي من البائع ببيان مجمل عن الثمن ، بل يجب عليه أن يبين ما أحاط الثمن من ملابسات وتما اقترن به من أوصاف . فيبين إن كان الثمن معجلاً أو نسيئة ، مؤجلاً أو مقسطاً ، ثم يبين إن كان قد دفع هذا الثمن نقداً أو بدين له على بائعه ، وإن كان بدين فهل دفعه عن طريق المماكسة والمساومة أو على سبيل الصلح . ثم يذكر إن كانت السلعة بقيت على حالها عنده بعد أن اشتراها أو هي تعيبت ، وما إذاك أن العيب حادثاً بفعل منه أو بفعل الغير أو قضاء وقدراً . كل هذه أوصاف وملابسات تؤثر في رضاء المشتري بالصفقة ، والكذب فيها أو الانتقاص منها يجعل البيع مشوباً بالغش والتدليس ” .
وغني عن البيان أن الأمر في القانون المصري يتوقف على نية المتبايعين ، فإن قصدا التأسيس على الثمن الأول بكل ما أحاطه من ملابسات على النحو المتقدم الذكر ، وجب الاعتداد به الملابسات ، ويترتب على ذلك أن البائع إذا كتم شيئاً منها كان هذا تدليساً وجاز إبطال البيع ( [20] ) . وإن قصدا مجرد التأسيس على الثمن الأول دون نظر إلى هذه الملابسات ، وجب على المشتري قبول المبيع بحالته التي اشتراه بها وأن يدفع الثمن الأول أو أقل أو أكثر حسب الاتفاق . فإن دفع للبالغ ثمناً أكثر مما ارتضاه ، سواء كان ذلك بغش من البائع أو بدون غش منه ، كان له أن يرجع عليه بما دفعه زيادة على المقدار الذي ارتضاه ( [21] ) . ويجوز للمشتري أن يرجع على البائع بتعويض إذا وقع من البائع غش أو تقصير في بيان الثمن الأول .
ويخلص مما قدمناه أن ما يسمى ببيع الأمانة في الفقه الإسلامي حكمه في القانون المصري هو ما يأتي : إذا كتم البائع عن المشتري بعض الملابسات الجوهرية للثمن ، كأن قال مثلاً إنه اشترى بمائة معجلة وكان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً ، كان هذا غشاً من البائع ، وجاز للمشتري إبطال البيع للتدليس وإذا لم يكتم البائع عن المشتري شيئاً من هذه الملابسات الجوهرية ، ولكن أثبت المشتري أن الثمن الأول الذي ذكره البائع أعلى من الحقيقة ، كان البيع صحيحا ، ولكن يحط من الثمن المقدار الزائد من رأس المال وما ينسبه من الربح إن كان البيع مرابحة ، أو المقدار الزائد من رأس المال فقط إن كان البيع تولية أو إشراكاً ، أو المقدار الزائد من المال وما يناسبه من الخفض إن كان البيع وضيعة . وهذا المقدار الزائد وما يتبعه يسترده المشتري من البائع إن كان قد دفعه ، ولا يلتزم بدفعه له إن لم يدفعه . وللمشتري في جميع الأحوال أن يرجع بتعويض على البائع إذا أثبت في جانبه غشاً أو تقصيراً ( [22] ) .
210 – أساس التقدير سعر السوق : وقد يتفق المتبايعان على أن يكون الثمن هو سعر السوق . فهنا الثمن غير مقدار ، ولكنه قابل للتقدير ، ويمكن تقديره بالرجوع إلى سعر السوق . فإن كان المتبايعان قد اتفقا على سوق في مكان معين وفي زمن معين ، كان سعر هذه السوق هو المعتبر . أما إذا اقتصرا على ذكر سعر السوق دون أن يبينا أية سوق ، فقد افترضت الفقرة الثانية من المادة 433 مدني ، كما رأينا ، أنهما قصدا ” سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشتري ” ( [23] ) . فإذا باع شخص غلالا بسعر السوق ، وكان التسليم في شهر أكتوبر ، فالمفروض أن املتبايعين قد قصدا أنيكون الثمن مطابقاً لسعر الغلال في بورصة الإسكندرية في شهر أكتوبر . فإذا كان التسليم ي كفر الزيات ، كانت السوق هي سوق كفر الزيات ، إذ لايشترط أنتكون السوق بورصة ( [24] ) . وإذا كان التسليم في قرية صغيرة ليس فيها سوق منظمة ، وجب الرجوع إلى المكان الذي يقضي العرف بأ ، تكون أسعاره هي السارية ، وقد يقضي العرف في هذه الحالة با ، تكون أسعار أقرب سوق هي الأسعار السارية . هذا كله قد نصت عليه صارحة الفقرة الثانية من المادة 423 مدني ، كما رأ]نا إذ تقول : ” وإذا اتفق على أن الثمن هو سعر السوق ، وجب عند الشك أنيكون الثمن سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب فيهما تسليم المبيع للمشتري . فإذا لم يكن ي مكان التسليم سوق ، وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره هي السارية ” . وهذا النص مأخوذ عن التقنين المدني الألماني ( م 453 ) وتقنين الالتزامات البولوني ( م 296 ) ، ويتضمن حكماً معقولاً يتفق مع القواعد العامة ( [25] ) .
211 – أساس التقدير السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بين المتبايعين : وقد لا يحدد المتبايعان ثمناً للمبيع ، وسنرى أنهما إذا لم يحددا الثمن أصلاً كان البيع باطلاً لانعدام ركن من أركانه . ولكن قد يكون سكوتهما عن تحديد الثمن ينطوي تبعاً للظروف والملابسات التي أحاطت التعاقد ، على اتفاق ضمني على أن يترك تحديد الثمن إلى السعر المتداول في التجارة . فهنا أيضاً يكون الثمن قابلاً للتقدير ، بالرغم من أن المتبايعين لم يقدراه . ويرجع في تقديره إلى سعر السلعة المتداول بين التجار ، سواء كان هذا السعر هو سعر البورصة أو سعر الأسواق المحلية في مكان تسلم المبيع أو غيره من الأمكنة والعبرة هنا ليست بقيمة المبيع في ذاته ، بل بسعره المتداول في الأسواق ، سواء كان هذا السعر أقل أو أكثر من قيمة المبيع الحقيقية ( [26] ) . وإذا لم يتبين للقاضي ي وضوح السعر المتداول في الأسواق ، كان له أن يلجأ في تبينه إلى خبير من التجار .
وقد يظهر من الظروف والملابسات أن المتبايعين قد اتفقا اتفاقاً ضمنياً على أن يكون الثمن هو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما ، فيرع إلى هذا السعر في تحديد الثمن . فإذا كان بين المتبايعين سابق تعامل ، بأن كان أحدهما قد اعتاد أن يورد للآخر سلعة معينة بسعر معين أو بسعر يتغير بتغير أسعار السوق ، فاستمرار الأول في توريد السلعة للآخر دون ذكر الثمن يكون معناه أنهما متفقان ضمنا على أن يكون الثمن هو هذا السعر المعين أو السعر المتغير الذي جرى عليه التعامل بينهما .
وهذا كله قد نصت عليه صراحة المادة 424 مدني ، كما رأينا ، إذ تقول : ” إذا لم يحدد المتعاقدان ثمناً للميبع ، فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين من الظروف أن المتعاقدين قد نويا اعتماد السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما ” ( [27] ) .
212 – ترك التقدير لأجنبي يتفق عليه المتبايعان : وقد يترك المتبايعان تحديد الثمن لأجنبي يتفقان عليه عند البيع ( [28] ) . فيصح ذلك ، لأن الثمن هنا وإن لم يقدره المتبايعان إلا أنهما جعلاه قابلاً للتقدير . وما يقدره الأجنبي ثمناً للمبيع ملزم لكل من البائع والمشتري ويكون هو الثمن ، لأن الأجنبي مفوض من المتبايعين في تحديد الثمن ، فهو كيل عنهما في ذلك ويسري تقديره في حقهما ( [29] ) . والبيع يعتبر قد تم ، لا من وقت تقدير المفوض للثمن فحسب ، بل من وقت اتفاق المتبايعين على المفوض ففي هذا الوقت كان البيع مستكملاً لجميع عناصره ومنها الثمن إذ كان قابلاً للتقدير كما سبق القول . ويعتبر تقدير المفوض للثمن بمثابة شرط واقف لانعقاد البيع ( [30] ) ، فإذا تحقق الشرط بأن قدر المفوض الثمن ( [31] ) ، اعتبر البيع قد تم من وقت العقد . ومن ثم تنتقل الملكية في المنقول المعين بالذات من وقت البيع ، وفي العقار من وقت التسجيل ولو سجل العقد قبل تقدير المفوض للثمن ( [32] ) . وإذا لم يقم المفوض بتقدير الثمن لأي سبب ، كأن امتنع عن ذلك ولو بغير عذر أو مات قبل أن يقدر الثمن أو تعذر عليه تقديره لعدم خبرته أو لأي سبب آخر ، فإن الشرط الواقف لا يتحقق ، ويعتبر البيع كأن لم يكن ( [33] ) . ولا يستطيع القاضي إجبار المفوض على تقدير الثمن كما لا يستطيع أن يعين شخصاً مكانه ، أو أن يقوم بتقدير الثمن بنفسه ( [34] ) . ولكن يستطيع المتبايعان الاتفاق على شخص آخر يحل محل الأول ، فإذا ما قدر المفوض الجديد الثمن اعتبر البيع قد تم من وقت تعيين هذا المفوض الجديد ولا يتأخر تمام البيع إلى وقت تقدير الثمن .
وقد يقتصر المتبايعان على أن يجعلا تقدير الثمن لمفوض يعينانه في المستقبل ، فما داما لم يعينا هذا المفوض فإن الثمن لا يكون قابلاً للتقدير . ومن ثم لا يتم البيع . فإذا ما عيناه ، تم البيع من وقت تعيينه معلقاً على شرط واقف هو تقديره للثمن ( [35] ) . وإذا امتنع ، في الحالة التي نحن بصددها ، أحد المتبايعين عن الاتفاق مع الآخر على تعيين المفوض ، كان هاذ إخلالاً بالتزامه من وجوب الاتفاق على تعيين مفوض ، وكان مسئولاً عن التعويض وفقاً للمبادئ العامة ، ولكن البيع لا يتم ما دام المفوض لم يعين ( [36] ) .
هذه هي القواعد العامة في ترك تعيين محل العقد لمفوض . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد يشتمل على نص اقتبس من المواد 315 و 317 و 319 من التقنين المدني الألماني ، ويخرج في بعض المسائل على هذه القواعد . فكانت المادة 185 من المشروع التمهيدي تنص على أنه ” كان إذا ترك تعيين الشيء لأحد المتعاقدين أو لأجنبي عن العقد ؛ فيجب أن يكون التعيين قائماً على أساس عادل . فإذا أبطأ التعيين أو قام على أساس غير عادل ، فيكون تعيين الشيء بحكم القضاء . 2 – ومع ذلك إذ ترك التعيين لأجنبي عن العقد ولمحض اختياره ، فإن هذا العقد يصبح باطلاً إذا لم يستطع هذا الأجنبي أن يقوم بالتعيين أو لم يرد القيام به أو لم يقم به في وقت معقول أو قام به وكان تقديره غير عادل ” . وقد حذفت لجنة المراجعة هذا النص في المشروع النهائي ( [37] ) ، فلم يعد هناك مجال لإتباع أحكامه فيما خالف فيه القواعد العامة التي تقدم ذكرها ( [38] ) ، وبخاصة في جواز أن يحل القاضي محل الأجنبي إذا أبطأ هذا في تقدير الثمن أو كان تقديره غير عادل كما تقضي الفقرة الأولى من النص ، وفي وجوب أن يكون التقدير عادلاً ( [39] ) كما تقضي الفقرة الثانية ، فإن هذا وذاك لا يتفق مع القواعد العامة التي سبق بيانها .
213 – ترك التبايعين الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير : أما إذا ترك المتبايعان الثمن غير مقدر وغير قابل للتقدير ، فإن البيع لا يتم ، إذ ينقصه ركن من أركانه وهو الثمن . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” أما إذا لم يتفق المتعاقدان ، لا صراحة ولا ضمناً ، على تحديد الثمن أو على جعله قابلاً للتحديد ببيان الأسس التي يحدد بمقتضاها ، فغن البيع يكون باطلاً لفقده ركناً من أركانه ” ( [40] ) .
ويقرب من ذلك أني صرح المتبايعان أنهما تبايعا دون ثمن ، أي قصدا إيقاع البيع دون ثمن . فالعقد في هذه الحالة لا يتم باعتباره بيعاً ، لأن الثمن ركن في البيع لا يتم بدونه . ولكن قد يستخلص من الظروف أنهما قصدا بإيقاع البيع بدون ثمن أن يكون العقد هبة ، وعند ذلك لا تكون الهبة مستترة ، بل هبة مكشوفة يشترط لتمامها ورقة رسمية في الأحوال التي يوجب فيها القانون ذلك .
أما إذا قدر المتعاقدان الثمن أو جعلاه قابلاً للتقدير وكان الثمن تافهاً ، أو عيناً ثمناً مناسباً وذكر البائع أنه وهبه للمشتري ، فسنرى أن العقد يكون أيضاً هبة مكشوفة لا بد فيها من ورقة رسمية في الأحوال التي يجب فيها ذلك .
وإذا قدر المتعاقدان الثمن وكان صوريانً ، فسنرى أن العقد يكون هبة مستترة ، لا يشترط لتمامها ورقة رسمية .
المطلب الثالث
يجب أن يكون الثمن جدياً
214 – التمييز بين الثمن غير الجدي والثمن البخس : يجب أن يكون الثمن جدياً ( serieux ) ، ولا يكون جدياً إذا كان تافهاً ( derisoire ) ، أو كان صورياً ( fictif ) . ولكن ليس منا لضروري ليكون الثمن جدياً ألا يكون ثمناً بخساً ( vil ) ، فقد يكون بخساً يدخله الغبن الفاحش ، ومع ذلك يكون جدياً . وآية أن الثمن جدي أن يكون البائع قد أبرم العقد بقصد الحصول عليه مهما كان بخساً ، وقد رضى بالثمن البخس مضطراً لحاجة ملحة أو جاهلاً لقيمة المبيع ، أو لغير ذلك من الأسباب . فيصح البيع ، وإن جاز الطعن فيه بالغبن في حالة استثنائية ( [41] ) سيأتي بيانها .
فنستعرض مسألتين : ( 1 ) الثمن الجدي . ( 2 ) الثمن البخس ودعوى الغبن الفاحش .
1 – الثمن الجدي
215 – الثمن الصوري : لا يكون الثمن جدياً إذا كان ثمناً صورياً لا يقصد البائع أن يتقضااه من المشتري ، بل ذكر مبلغاً من النقود ليكون ثمناً حتى يسلم للبيع مظهره الخارجي . ومتى يثبت أن الثمن صوري فإ ، العقد لا يكون بيعاً ( [42] ) ، ولكنه قد يكون هبة مستترة في صورة بيع فيصح كهبة دون حاجة إلى ورقة رسمية ( [43] ) ، وسنرى تفصيل ذلك عند الكلام في عقد الهبة . وقد سبق بحث إثبات الصورية فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ( [44] ) .
ومما يقطع في صورية الثمن أن يبرئ البائع في عقد البيع نفسه المشتري من الثمن المذكور في العقد ، أو أن يهبه إياه ، فإن هذا معناه أن البائع ليس في نيته أن يتقاضى الثمن ، وإنما يريد أني سبغ على العقد صورة البيع . وفي هذه الحالة لا يكون العقد بيعاً ، و إذا اعتبر هبة فإنه يكون هبة مكشوفة لا مستترة ، فيجب انعقادها أن تكتب في ورقة رسمية في الأحوال التي تشترط فيها الرسمية في الهبة ( [45] ) .
ولكن إذا تم عقد البيع بذكر ثمن جدي فيه ، ثم بعد ذلك أبرأ البائع المشتري من الثمن أو وهبه إياه ، فإن البيع يبقى صحيحاً فقد سبق أن انعقد بثمن جدي ، وإبراء البائع المشتري من الثمن أو هبته له بعد ذلك ليس من أسباب البطلان ( [46] ) .
216 – الثمن التافه : ويلحق بالثمن الصوري الثمن التافه ، وكما لا يتم البيع بثمن صوري كذلك لا يتم بثمن تافه . والثمن التافه هو مبلغ من النقود يصل من التفاهة في عدم تناسبه مع قيمة المبيع إلى حد يبعث على الاعتقاد بأن البائع لم يتعاقد للحصول على مثل هذا المقدار التافه ، وإن كان قد حصل عليه فعلاً ( [47] ) . فإذا باع شخص داراً قيمتها ألف بعشرين مثلاً ، كان الثمن تافهاً ، فلا يتم البيع . وإذا اعتبر العقد في هذه الحالة هبة ، فإن الهبة تكون مكشوفة لا مستترة ، وتجب فيها الرسمية في الأحوال التي يشترط القانون فيها ذلك ( [48] ) .
ويلحق بالثمن التافه ، فيكون كالثمن الصوري لا يتم به البيع ، أن يبيع شخص عيناً بثمن هو إيراد مرتب مدى حياة البائع ولكن هذا المرتب أقل من ريع العين . فإذا باع شخص داراً ريعها مائة بإيراد مرتب مدى حياته مقداره خمسون ، فقد وضح أن المشتري لا يدفع شيئاً من ماله فيم قابل الدار ، إذ هو يقبض ريعها ويعطي البائع منه الإيراد المرتب . وفي هذه الحالة يكون العقد هبة لا بيعاً ( [49] ) ، والهبة مكشوفة لا مستترة ( [50] ) ، يشترط فيها الرسمية في الأحوال التي يتوجب القانون فيها ذلك ( [51] ) . على أن البائع إذا باع الدار بإيراد يعادل الريع الحالي للمبيع ، وظهر من الظروف أن هذا الريع الحالي غير مستقر ، وأنه عرضة للنقصان إما لأسباب طبيعية وإما لسبب خاص كأن كانت الدار معرضة للتخريب من غزو أو سطو أو غير ذلك ، فأراد البائع أن يكفل لنفسه إيراداً ثابتاً وإن كان لا يزيد على الريع الحالي للدار ، جاز اعتبار الثمن هنا ثمناً جدياً لا تافهاً ، وإن كان ثمناً بخساً ، وصح البيع ( [52] ) .
2 – الثمن البخس
( دعوى الغبن الفاحش )
217 – النصوص القانونية : تنص المادة 425 من التقنين المدني على ما يأتي :
” 1 – إذا بيع عقار مملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية وكان في البيع غبن يزيد على الخمس ، فللبائع أن يطلب تكملة الثمن إلى أربعة أخماس ثمن المثقل ” .
” 2 – ويجب لتقدير ما إذا كان الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار بحسب قيمته وقت البيع ” .
وتنص المادة 426 على ما يأتي :
” 1 – تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن ، إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع ” .
وتنص المادة 427 على ما يأتي :
” لا يجوز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ( [53] ) ” .
وتقابل هذه النصوص في التقنين المدني السابق المادتين 336 – 337 / 419 – 420 ( [54] ) .
وتقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المواد 393 – 395 – وفي التقنين المدني الليبي المواد 414 – 416 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 124 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادتين 213 – 214 ( [55] ) .
ونرى من ذلك أن الثمن البخس ، وهو الثمن الذي يقل عن قيمة المبيع كثيراً ولكنه ثمن جدي قصد البائع أن يتقاضاه ، لا يمنع تمام البيع كما قدمنا ، إذا توافر فيه شروط الثمن . فإذا باع شخص كامل الأهلية داراً قيمتها أربعة آلاف بألفين أو بألف ، كان البيع صحيحاً ( [56] ) ، ولا يدخل عليه البطلان من طريق بخس الثمن ، فهو ثمن جدي وإن كان ثمناً قليلاً ( [57] ) .
على أن بخص الثمن – كما يخلص من النصوص المتقدمة الذكر – يعيب البيع في حالة واحدة ، هي حالة بيع عقار مملوك لغير كامل الأهلية ولكن بشروط معينة إذا توافرت جاز الطعن في البيع بدعوى الغبن الفاحش ( [58] ) .
1 – الشروط الواجب توافرها لتحقق الغبن الفاحش
218 – شروط أربعة : يجب لتحقق الغبن الفاحش الذي يعيب البيع توافر شروط أربعة تستخلص من نصوص المواد 425 – 427 مدني : ( 1 ) أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . ( 2 ) وأن تكون العين المبيعة عقاراً ( 3 ) وألا يكون البيع في مزاد علني تم وفقاً لأحكام القانون ( 4 ) وأن يقل الثمن عن قيمة العقار وقت البيع بأكثر من الخمس .
219 – الشرط الأول – صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية : يجب أولاً أن يكون صاحب العين المبيعة غير كامل الأهلية . فإن كان كامل الأهلية ، فهو حر في أن يبيع ماله بأي ثمن شاء . وإن باعه بثمن قليل ، لم يؤثر في سلامة البيع مقدار الغبن الذي لحق به مهما كان هذا الغبن فاحشاً ، ما دام الثمن جدياً قصد البائع أن يحصل عليه ( [59] ) . وليس يعيب بيع كامل الأهلية ، عن طريق الغبن ، إلا أن يستغل طيش بين أو هوى جامح وأن تتوافر سائر شروط الاستغلال ، ويختل معيار الاستغلال عن معيار الغبن في أن ذاك ذاتي وهذا موضوع ( [60] ) .
فالواجب إذن أن يكون صاحب العين المبيعة غير كاملة الأهلية ، سواء كان فاقد الأهلية أصلاً أو ناقصها فحسب ( [61] ) . فيجوز أن يكون صبياً غير مميز أو مجنوناً أو معتوهاً ، وهؤلاء فاقدوا الأهلية أصلاً ، ويبيع بالنيابة عنهم الولي أو الوصي أو القيم . ويجوز أن يكون صبياً مميزاً أو محجوراً عليه لغفلة أو لسفه ، وهؤلاء ناقصوا الأهلية ، ويبيع بالنيابة عنهم الولي أو الوصي أو القيم ، وقد يباشرون البيع بأنفسهم . أما النائب والمحجور عليه لعقوبة جنائية ومن أقيم له مساعد قضائي ، فهؤلاء لا يعتبرون ناقصي الأهلية بسبب الغيبة أو العقوبة أو العاهة ، وحكمهم هو حكم كامل الأهلية .
220 – الشرط الثاني – العين المبيعة عقار : ويجب ثانياً أن تكون العين المبيعة عقاراً . فبيع المنقولات بأي ثمن جدي مهما قال لا يعيبه الغبن الفاحش ، ولو كانت هذه المنقولات مملوكة لغير كامل الأهلية ( [62] ) . ومن ثم إذا بيعت أسهم ( [63] ) أو سندات أو سيارة أو ” عوامة ” أو آلة ميكانيكية أو غير ذلك من المنقولات ذات القيمة الكبيرة بغبن فاحش ، لم يؤثر ذلك في سلامة البيع ، ولو كانت هذه المنقولات مملوكة لقاصر أو لمحجور عليه . وكذلك إذا بيع متجر ( fonds de commerce ) فالمتجر يعد منقولا ( [64] ) . فالمنقولات لا تحميها إذن دعوى الغبن الفاحش وإنما تحميها الإجراءات التي رسمها المشرع لحماية القصر والمحجور عليهم في قانون الولاية على المال ، وأهمها وجوب الحصول على إذن المحكمة .
أما إذا كان المبيع عقاراً ، فتحميه دعوى الغبن الفاحش . ويستوي أن يكون هذا العقار حق ملكية على عقار كدار أو أرض ( [65] ) ، أو يكون حقاً عينياً دون حق الملكية ما دام واقعاً على عقار كحق الانتفاع بدار أو أرض وحق الرقبة وحق الارتفاق وحق الحكر ( [66] ) . ولكن حوالة الحق الشخصي غير العقاري ، ولو كان هذا الحق مكفولاً بتأمين عيني واقع على عقار كرهن أو اختصاص أو امتياز ، لا يعتبر بيع عقار . بل هو بيع منقول لا تحميه دعوى الغبن الفاحش ، لأن البيع وقاع على حق شخص غير عقاري . فإذا كان الحق الشخصي واقعاً على عقار ، كحوالة حق المشتري القاصر أو المحجور عليه لعقار اشتراه ولم يسجل عقد البيع ، اعتبر عقاراً وجازت حمايته بدعوى الغبن الفاحش .
وإذا كان المبيع عقاراً ومنقولا بيعا صفقة واحدة بثمن واحد ، وكانت الصفقة قابلة للتجزئة ، جزئت وقسم الثمن على العقار والمنقول ، وجاز الطعن بالغبن في العقار دون المنقول . وإذا لم تكن الصفقة قابلة للتجزئة ، جاز الطعن في البيع كله بالغبن ، على ألا يدخل في حساب الغبن إلا قيمة العقار وحده منسوبة إلى حصته في الثمن ( [67] ) .
221 – الشرط الثالث – لا يكون البيع في مزاد علني ثم وفقاً لأحكام القانون : ويجب ثالثاً ألا يكون البيع في مزاد علني . ونلاحظ بادئ ذي بدء أن الذي تحميه دعوى الغبن الفاحش هو البيع ( [68] ) لا الشراء . فإذا اشترى القاصر أو المحجور عليه عقاراً ولو بغبن فاحش ، فليست دعوى الغبن هي التي تحميه ( [69] ) ، وإنما تحميه الإجراءات المرسومة لهذا الغرض في قانون الولاية على المال ، وأهمها وجوب الحصول على إذن المحكمة كما سبق القول .
فالبيع وحده هو الذي تحميه دعوى الغبن . ويجب ألا يكون البيع حاصلاً بالمزاد العلني ، لأن المزاد يفسخ السبيل للحصول على أكبر ثمن ممكن للعقار المبيع . فإذا رسا المزاد بثمن يقل عن قيمة العقار بأكثر من الخمس ، فهذا دليل على أن العقار لا يجد مشترياً باكثرم ، هاذ الثمنن فلا محل إذن للطعن في المبيع بالغبن . هذا إلى أن جعل البيع بالمزاد امهدداً با ، يطعن فيه بالغبن قد يكون سبباً لإحجام كثيرين من الدخول في المزاد ، فلا تتهيأ الأسباب كاملة للوصول بثمنه إلى أعلى مقدار ممكن ، وتنقلب الحماية ضرراً لا نفعاً .
وقد كان المشروع التمهيدي للمادة 427 مدني تجري على الوجه الآتي : ” لا يجوز الطعن بالغبن في بيع ينص القانون على أنه لا يتم إلا بطريق المزاد العلني ” . فكان الطعن بالغبن ممتنعاً ، بموجب ها النص ، في بيع يحتم القانون أن يكون بالمزاد العلني ، وذلك كبيع عقار المدين للتنفيذ بالدين وبيع العقار لعدم إمكان قسمته عيناً . أما إذا كان البيع لا يتحتم قانوناً أن يكون بالمزاد العلني ، كبيع عقار غير كامل الأهلية والغائب ( [70] ) ، فإنه يجوز الطعن فيه بالغبن ولو حصل بالمزاد العلني . ولكن نص المشروع التمهيدي حور في لجنة المراجعة ، واستقر النص في المادة 427 من التقنين المدني الجديد على الوجه الآتي : ” لا يجوز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ” ( [71] ) . فأصبح ، بموجب هذا النص ، الطعن بالغبن ممتنعاً في بيع عقار غير كامل الأهلية إذا اشترطت المحكمة بيعه بالمزاد العلني ، وتم البيع فعلاً بالمزاد كنص القانون أي وفقاً للإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات في بيع عقار غير كامل الأهلية والغائب ( م 712 – 717 مرافعات ) ( [72] ) .
ويخلص مما قدمناه أنه لا يجوز الطعن بالغبن في الأحوال الآتية : ( 1 ) بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذاً لدين ( [73] ) . ( 2 ) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني لعدم قسمته عيناً . ( 3 ) إذا بيع عقار غير كامل الأهلية في المزاد العلني تنفيذاً لأمر المحكمة التي أذنت في البيع ( [74] ) .
ويجوز الطعن بالغبن في الأحوال الآتية : ( 1 ) إذا باع ناقص الأهلية العقار بنفسه دون إذن أو إجازة ، فيكون البيع قابلاً الطعن فيه بدعوى الغبن وبدعوى الإبطال معاً ( [75] ) . ( 2 ) إذا باع الأب مال ولده فيما لا تزيد قيمته على ثلثمائة جنيه ، إذ لا يحتاج في هذه الحالة إلى الحصول على إذن من المحكمة ( [76] ) . ( 3 ) إذا باع الولي أو الوصي أو القيم مال المحجور بعد الحصول على إذن من المحكمة وبعد أن أخذت المحكمة رأي الخبير ، ولكن دون أن يكون البيع حاصلاً بالمزاد العلني لعدم اشتراط المحكمة ذلك . فقد يقع في هذه الحالة الأخيرة غبن يزيد على الخمس ، وذلك بالرغم من رأي الخبير الذي وافق على البيع ، وبالرغم من أن المحكمة كانت تملك رفض الإذن إذا كان الغبن يزيد على خمس القيمة .
ولا يمنع من الطعن في البيع بالغبن أن يكون البيع احتمالياً ، إذ يجوز أن يداخل الغبن البيع الاحتمالي . فإذا بيع عقار محجور عليه بإيراد مرتب مدى حياته وكان هذا الإيراد لا يزيد على ريع العقار ، فالثمن هنا جديو لكنه ثمن بخس ، وقد لحق البائع منه غبن فاحش ، فيجوز الطعن في البيع بالغبن ( [77] ) .
222 – الشرط الرابع – الثمن يقل عن قيمة العقار المبيع وقت البيع بأكثر من الخمس : والغبن لا يكون فاحشاً إلا إذا زادت قيمة العقار المبيع وقت البيع على ثمنه بأكثر من خمس القيمة . أما إذا بيع العقار بثمن هو أربعة أخماس قيمته وقت البيع أو بثمن أكثر من ذلك ، فلا محل للطعن في البيع بدعوى الغبن . ونقف هنا عند رقم محدود لا نتعداه ، وهذا الرقم مأخوذ من الفقه الإسلامي ففيه أن الغبن الفاحش هو ما يزيد على الخمس ، ومن ثم كان معيار الغبن موضوعياً بخلاف الاستغلال فإن معياره ذاتي ( [78] ) كما قدمنا .
والعبرة في تقوم العقار ، لحساب مقدار ما وقع من غبن ، بوقت البيع ( [79] ) ، لا بقوت الطعن بالغبن . فإذا كانت قيمة العقار ألفاً وبيع بسبعمائة ، كان هناك غبن يزيد على خمس قيمة العقار وقت البيع . ومن ثم يجوز الطعن في هذا البيع بالغبن ، واستكمال المائة التي يقل بها الثمن عن أربعة أخماس القيمة ، حتى لو نزلت قيمة العقار وقت الطعن بالغبن إلى سبعمائة فأصبح الثمن مساوياً لقيمة العقار وقت رفع الدعوى .
وكذلك العبرة بالثمن الذي يستحقه صاحب العقار المبيع ، ولا تدخل المصروفات فهي لا تعود على صاحب العقار بفائدة ( [80] ) .
ب – ما يترتب من الأثر على تحقق الغبن الفاحش
223 – دعوى تكملة الثمن : ليس الغبن سبباً من أسباب إبطال البيع وإنما هو سبب لتكملة الثمن ( [81] ) . ذلك أن المشرع لا يسمح بأن يباع عقار غير كامل الأهلية بأقل من أربعة أخماس قيمته ، فإذا بيع بأقل من ذلك لم يبطل البيع ، ولكن يستكمل الثمن إلى أن يصل إلى أربعة أخماس القيمة ( [82] ) . وبذلك يتحقق غرض المشرع من أن غير كامل الأهلية لا يغبن في أكثر من الخمس ، وهو المقدار الذي يتغابن فيه الناس عادة . ولا يكون الغبن سبباً في إبطال البيع ، إلا إذا كان نتيجة غلط أو تدليس ( [83] ) .
والذي يرفع الدعوى هو صاحب العقار المبيع ، بنفسه أو بورثته من بعده أو بواسطة وليه . يرفعها بنفسه عند بلوغه سن الرشد وإجازته للبيع إذا كان هو الذي باشره . فإذا مات قبل بلوغ سن الرشد أو بعد بلوغه هذه السن وقبل تقادم دعوى الغبن ، رفعها ورثته من بعده ( [84] ) . ويرفعها وليه نيابة عنه إذا كان هو لا يزال قاصراً ، سواء باشر القاصر البيع بنفسه أو باشره عنه الولي بعد إذن المحكمة ( [85] ) . وترفع الدعوى على المشتري أو ورثته ، لأن تكملة الثمن التزام في ذمة المشتري ( [86] ) . وترفع أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المشترين لأنها دعوى بحق شخصي ( [87] ) . وعلى المدعى ، أي صاحب العقار المبيع ، أن يثبت حقه في تكملة الثمن ، فيثبت أن قيمة العقار وقت البيع تزيد على الثمن بأكثر من خمس القيمة ، وله أن يطلب تعيين خبير لتقدير قيمة العقار وقت البيع . فإذا أثبت ذلك ، حكم القاضي على المشتري بتكملة الثمن إلى أن يبلغ أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع . ولصاحب العقار أن ينفذ بهذا الحكم على جميع أموال المشتري ، ويدخل في ذلك العقار المبيع ذاته ، لأن الحق شخصي في ذمة المشتري كما قدمنا فجميع أمواله ضامنة للوفاء به . بل إن تكملة الثمن – وهي جزء من الثمن – تكون مكفولة أيضاً بحق امتياز البائع على العقار المبيع ( [88] ) . فإذا بقى العقار في ملك المشتري ، فإن البائع بماله من حق امتياز يتقدم فيه على سائر دائني المشتري ويستوفي حقه قبلهم من ثمن هذا العقار . أما إذا تصرف فيه المشتري ، معاوضة أو تبرعاً ، فللبائع أن يتتبعه في يد الغير بحق امتيازه إذا كان قد قيده قبل شهر التصرف الصادر من المشتري .
وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 426 مدني ، كما رأينا ، على أن ” تسقط بالتقادم دعوى تكملة الثمن بسبب الغبن إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من اليوم الذي يموت فيه صاحب العقار المبيع ” . وقد جعل التقنين المدني الجديد مدة التقادم ثلاث سنوات – وكان التقنين المدني السابق يجعلها سنتين ( [89] ) حتى يتسق التشريع في دعاوى الإبطال مع دعوى تكملة الثمن ( [90] ) طوال المدة التي يبقى فيها الصبي غير كامل الأهلية ، حتى إذا بلغ سن الرشد فله هو أن يرفع دعوى تكملة الثمن في خلال الثلاث السنوات التي تلى بلوغه هذه السن . فإن مات قبل انقضاء الثلاث السنوات ، كان لورثته رفع الدعوى في المدة الباقية . وإن مات بلوغه سن الرشد ، فللورثة رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته . والمدة مدة تقادم لا مدة سقوط ، فيرد عليها من أسباب الانقطاع ما يرد على سائر مدد التقادم . ولكنها لا توقف ، لأن التقادم الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات لا يرد عليه الوقف بسبب عدم توافر الأهلية ولو لم يكن للدائن نائب يمثله ( م 382 / 2 مدني ) . أما إذا كان صاحب العقار محجوراً عليه ، فإنه يكون للقيم أن يرفع دعوى تكملة الثمن طوال مدة الحجر . فإن مات صاحب العقار وهو لا يزال محجوراً عليه ، فلورثته رفع الدعوى في خلال ثلاث سنوات من وقت موته . وإذا رفع الحجر كان لصاحب العقار نفسه أو لورثته من بعده رفع الدعوى في خلال الثلاث سنوات التي تلي رفع الحجر على النحو الذي تقدم في شأن القاصر ( [91] ) .
وقد قدمنا أن دعوى تكملة الثمن قد يقترن بها دعوى إبطال البيع لنقص الأهلية ( [92] ) . ودعوى الإبطال هذه تسقط هي أيضاً بالتقادم إذا انقضت ثلاث سنوات من وقت توافر الأهلية أو من وقت موت البائع ، فمدة التقادم واحدة لكل من الدعويين .
224 – دعوى الفسخ : ولصاحب العقار المبيع إذا لم يدفع له المشتري تكملة الثمن بعد الحكم بها عليه ، أن يطلب أيضاً فسخ البيع ، شأنه في ذلك شأن كل بائع لم يستوف الثمن بأكمله ( [93] ) . فإذا فسخ البيع ، استرد البائع العقار ورد ما قبضه من الثمن ، ولكن له أن يطلب الحكم على المشتري بتعويض ( [94] ) .
ويسترد البائع العقار بعد الفسخ من تحت يد المشتري . فإذا كان المشتري قد تصرف في العقار معاوضة أو تبرعاً ، فإن المتصرف إليه إذاك أن حسن النية – وحسن النية مفروض فيه ( [95] ) – لا يصيبه ضرر من دعوى الفسخ . ذلك أن دعوى تكملة الثمن وما ينتج عنها من دعوى الفسخ لا تلحق ضرراً بالغير حسن النية إذا كسب حقاً عينياً على العقار المبيع ( م 426 / 2 مدني ) ( [96] ) . ومن ثم لا يستطيع البائع أن يسترد العقار من تحت يد الغير حسن النية ، ولا يبقى له إلا الرجوع بالتعويض على المشتري ( [97] ) . فإذا استطاع البائع أن يثبت سوء نية الغير أي أن يثبت أن الغير كان يعلم وقت تعامله مع المشتري بقيام دعوى تكملة الثامن ، جاز له بعد فسخ البيع أن يسترد العقار من تحت يد الغير سيء النية .
وغني عن البيان أن دعوى الفسخ مستقلة عن دعوى تكملة اليمن ، وإن كانت تقوم نتيجة لها ( [98] ) . فلا تسقط دعوى الفسخ إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت قيام سبب الفسخ أي من وقت امتناع المشتري عن دفع تكملة الثمن ، وهذا بخلاف دعوى تكملة الثمن فإنها تسقط بثلاث سنوات على التفصيل الذي قدمناه .
الفصل الثاني
الآثار التي تترتب على البيع
225 – تطبيق القواعد العامة : البيع عقد ملزم للجانبين ، فالآثار التي تترتب عليه هي التزامات في جانب البائع والتزامات مقابلة في جانب المشتري ( [99] ) .
ونبحث هنا التزامات البائع ، ثم التزامات المشتري ( [100] ) .
الفرع الأول
التزامات البائع
226 – التزامات أربعة : يلتزم البائع بموجب عقد البيع ذاته دون حاجة إلى اتفاق خاص ، بالتزامات أربعة : ( 1 ) نقل ملكية المبيع إلى المشتري ( 2 ) تسليم المبيع له . ( 3 ) ضمان التعرض والاستحقاق . ( 4 ) ضمان العيوب الخفية ( [101] ) .
المبحث الأول
نقل ملكية المبيع
227 – المقصود بالمبيع – تفرق النصوص القانونية : قدمنا ( [102] ) أن المبيع قد يكون حق ملكية وهو الغالب ، وقد يكون حقاً عينياً آخر متفرعاً من حق الملكية كحق الانتفاع وحق الرقبة وحق الارتفاق وحق الحكر ، كما يكون حقاً شخصياً فيسمى البيع عندئذ بحوالة الحق ، بل قد يكون المبيع حقاً معنوياً كحقوق المؤلف والملكية الفنية والملكية الصناعية .
وفي جميع الأحوال ينقل البيع الحق كما هو ، بمقوماته وخصائصه ، من البائع إلى المشتري طبقاً للقواعد والإجراءات التي قررها القانون . فبيع الدار يترتب عليه نقل ملكية الدار إلى المشتري ، وبيع الحق الشخصي يترتب عليه نقل ملكية الحق الشخص ، وبيع حق المؤلف يترتب عليه نقل ملكية هذا الحق ، وهكذا . وهذا هو الذي نعنيه بنقل ملكية المبيع .
وقد نظم التقنين المدني نقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في نصوص متفرقة ، هي المواد 204 إلى 207 مدني والمواد 428 إلى 430 مدني والمواد 932 إلى 934 مدن ، و سنعرض لهذه النصوص فيمايلي . أما نقل الحق الشخصي – وهذه هي حوالة الحق – فقد عرض له التقنين المدني في المواد 303 إلى 314 مدني ، وقد سبق بحث حوالة الحق في الجزء الثالث من الوسيط فنستبعدها من بحثنا هنا . وكذلك نستبعد نقل الملكية المعنوية كحقوق المؤلف فكأنها قوانين خاصة أشارت إليها المادة 86 مدني إذ تقول : ” الحقوق التي ترد على شيء غير مادي تنظمها قوانين خاصة ” .
فيبقى إذن للبحث نقل حق الملكية والحقوق العينية الأخرى المتفرعة عن الملكية ، وذلك عن طريق عقد البيع . وهذه هي الحقوق التي نعنيها بلفظ ” المبيع ” ، فإذا قلنا نقل الملكية في المنقول أو في العقار ، قصدنا بذلك نقل حق الملكية في منقول أو عقار ، أو الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وتكون واقعة على منقول أو عقار . وعلى هذا الوجه نبحث ما يأتي : ( 1 ) نقل الملكية بوجه عام . ( 2 ) نقل الملكية في المنقول . ( 3 ) نقل الملكية بالعقار .
المطلب الأول
نقل الملكية بوجه عام
228 – مسائل ثلاث : لم يكن البيع في القديم يولد التزاماً بنقل الملكية ، فلم يكن عقداً ناقلاً للملكية . ولكنه تطور بعد ذلك تدرجاً ، حتى أصبح ينقل الملكية فنبحث في هذا الصدد مسائل ثلاثا : ( 1 ) التطور التاريخي للبيع كعقد ناقل للملكية ( 2 ) تحليل معنى نقل الملكية . ( 3 ) ما يتضمنه الالتزام بنقل الملكية وما يترتب على نقل الملكية فعلاً .
1 – التطور التاريخي للبيع كعقد ناقل للملكية
229 – البيع في القانون الروماني : كان البيع في القانون الروماني عقداً لا ينقل الملكية بذاته ، بل الذي كان ينقل الملكية هو وضع من الأوضاع المادية المعروفة في هذا القانون : الإشهاد ( mancipatio ) أو التنازل القضائي ( jure in cessio ) أو القبض ( traditio ) أو التقادم ( usucapio ) .
بل لم يكن البيع يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ، وكان كل ما يلتزم به البائع بمجرد البيع – ما لم يوجد شرط صريح في العقد يلزمه بنقل الملكية – هو أن ينقل إلى المشتري حيازة هادئة بموجبها يضع يده على المبيع كمالك دون أن يتعرض له أحد ودون أن يتعرض له البائع نفسه . فكان البائع ، إلى جانب التزامه بنقل هذه الحيازة ، يلتزم أيضاً بضمان التعرض الصادر من جهته هو أو الصادر من أجنبي . وكان هذا يعتبر كافياً لتحقيق الغرض الذي يستهدفه البيع ، فما دام المشتري واضعاً يده على المبيع يجوزه حيازة هادئة ، وينتفع به بجميع الطرق المشروعة ، دون أن يتعرض له أحد في ذلك ، فما عليه ألا يكون مالكاً وقد حوى في يده جميع الميزات التي توخاها من كسب هذه الملكية . وكان يترتب على ذلك أن البائع في القانون الروماني يصح أن يستبقى الملكية عنده دون أن ينقلها إلى المشتري ، والضمان الذي يكفل للمشتري تحقيق بغيته هو التزام البائع بعدم التعرض له . بل كان يترتب على ذلك أن الشخص كان يستطيع بيع ملك غيره ، وكان بيع ملك الغير صحيحاً ما دام البائع ، دون أن يكون مالكاً ، قادراً على نقل حيازة المبيع إلى المشتري على النحو الذي أسلفناه ، وقادراً في الوقت ذاته على منع أي عمل يكدر على المشتري حيازته إذ هو ضامن له التعرض والاستحقاق كما سبق القول .
على أن البيع في القانون الروماني ، إذا كان لا يستلزم نقل الملكية ، كان من طبيعته نقلها . والدليل على ذلك أمران : ( أولهما ) أنه كان يجوز للمشتري أن يشترط في عقد البيع على البائع أن ينقل له ملكية المبيع ، وكان هذا الشرط صحيحاً لأنه يتآلف مع طبيعة البيع ، وعند ذلك كان على البائع أن ينقل ملكية المبيع للمشتري ولا يقتصر على نقل الحيازة الهادئة . ( والأمر الثاني ) أنه كان لا يجوز للبائع أن يشترط على المشتري ألا ينقل له ملكية المبيع ، فهذا الشرط يتنافى مع طبيعة البيع ، ومن ثم كان غير جائز ( [103] ) .
230 – البيع في القانون الفرنسي القديم : وانتقلت أحكام القانون الروماني في هذا الصدد إلى القانون الفرنسي القديم ، فكان البيع لا ينقل الملكية ولا يرتب التزاماً بنقلها . وبقى من طرق نقل الملكية ، وهي الأوضاع المادية التي كانت سائدة في القانون الروماني ، القبض وحده ، بعد أن اختفى الإشهاد والتنازل القضائي . فكان البيع في القانون الفرنسي القديم ينقل إلى المشتري حيازة هادئة على أساس أنه مالك ، ولم تكن الملكية تنتقل إليه إلا بالقبض ، ومن ثم كان بيع ملك الغير صحيحاً في هذا القانون . وبقى القانون الفرنسي القديم على هذا النحو إلى آخر مراحله ، حتى أن بوتييه ، وهو الفقيه الذي ختم عهود القانون الفرنسي القديم ، لم يدخل في تعريف البيع أنه ينقل الملكية إلى المشتري ( [104] ) .
على أن تطور القانون الفرنسي القديم طوال مراحله أدى إلى أن يكون البيع سبيلاً غير مباشر لنقل الملكية ، لا لأنه كان يرتب التزاماً بنقل الملكية ، بل لأن التعامل قد جرى على أن تنتقل الملكية إلى المشتري بالقبض . ثم ألف الناس أن يجعلوا هذا القبض أمراً صورياً ، فكانوا يكتبون في بياعاتهم أن القبض قد تم ( clause de dessaisine – saisine, vest et devest ) فكان من وراء هذا القبض الصوري أن تنتقل الملكية إلى المشتري ، والمفروض أنها انتقلت بالقبض ، والواقع أنها انتقلت بذكر حصول القبض في العقد . على أن ذكر حصول القبض ما لبث أن أصبح هو أيضاً شرطاً مألوفاً ( clause de style ) في عقد البيع .
231 – البيع في الفقه الإسلامي : وقد جاوز الفقه الإسلامي هذه المرحلة التي وصل إليها القانون الفرنسي القديم ، فجعل المالك ينتقل بالعقد مباشرة ، ويصبح المشتري للعقار أو للمنقول مالكاً للمبيع بمجرد العقد . وقد جاء في البدائع ( [105] ) : ” وأما باين صفة الحكم فله صفتان . . . الثانية الحلول ، وهو ثبوت الملك في البدلين للمحال ، لأنه تمليك بتمليك ، وهو إيجاب الملك من الجانين للحال ، فيقتضي ثبوت الملك في البدلين للمحال . بخلاف البيع بشرط الخيار ، لأن الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم ، فيمنع وقوعه تمليكاً للحال . وبخلاف البيع الفاسد ، فإن ثبوت الملك فيه موقوف على القبض ، فيصير تمليكاً عنده ” . ويبين من هذا النص أن العقد ذاته هو الذي ينقل الملك ، وفي ذلك يختلف التصور الفني في الفقه الإسلامي عنه في الفقه اللاتيني . ففي الفقه الإسلامي ينتقل الملك بالعقد ، أما في الفقه اللاتيني فالعقد ينشئ التزاماً بنقل الملك ويتم تنفيذ هذا الالتزام فوراً بمجرد نشوئه فينتقل الملك ولكن تنفيذاً للالتزام لا بحكم العقد .
وقد كان مقتضى انتقال الملك إلى المشتري بالبيع في الفقه الإسلامي أن يملك المشتري التصرف في المبيع بمجرد البيع ، حتى قبل القبض . وهذا هو مذهب مالك ( [106] ) ، أما عند الشافعية والحنابلة فلا يجوز للمشتري أن يتصرف في المبيع قبل قبضه سواء كان منقولاً أو عقاراً ( [107] ) . وأما عند الحنفية فلا يجوز للمشتري التصرف في المنقول قبل قبضه إذ يجوز أن يتلف قبل القبض فيبطل البيع بذلك ويؤدي إلى الغرر بالمشتري الجديد ، ويجوز التصرف في العقار قبل قبضه عند أبي حنيفة وأبي يوسف لأن هلاك العقار غير محتمل ( [108] ) .
ويخلص مما تقدم أن الملك ينتقل بالبيع في الفقه الإسلامي ، ولكن القبض يزيد نقل الملكية تأكيداً ، فهو الذي يطلب يد المشتري في التصرف في أكثر المذاهب على ما رأينا .
232 – البيع في القانون الحديث – القانون الفرنسي والقانون المصري : ولما رأى واضعو تقنين نابليون إلى أين انتهى التطور في القانون الفرنسي القديم على النحو الذي أسلفناه ، خطوا آخر مرحلة من مراحل هذا التطور ، فجعلوا البيع ذاته ناقلاً للملكية إذ يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقلها إلى المشتري . وغذا كانت الفقرة الأولى من المادة 1582 من التقنين المدني الفرنسي لا تزال تحمل أثر القانون الفرنسي القديم ( [109] ) ، إلا أن سائر النصوص في هذا التقنين قاطعة في أن البيع أصبح بذاته ناقلاً للملكية . من ذلك المادة 1583 مدني فرنسي وهي تقول : . . . . يكسب المشتري من البائع قانوناً ملكية المبيع ، بمجرد اتفاقهما على المبيع والثمن ، ولو كان المبيع لميسلم والثمن لم يدفع ( [110] ) .
وجاءت نصوص التقنين المدني المصري – القديم والجديد – صريحة في أن البائع يلتزم بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ( [111] ) .
ومن ثم صاحب السمو الملكي الأمير بيع ملك الغير لا يتلاءم مع طبيعة البيع بعد أن أصبح البيع ناقلاً الملكية ، فجاءت النصوص صريحة في بطلان بيع ملك الغير في كل من التقنين المدني الفرنسي والتقنين المدني المصري ، وقد سبق بيان بذلك تفصيلاً .
2 – تحليل معنى نقل الملكية
233 – الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية فعلاً : يجب التمييز بين ترتيب البيع لالتزام بنقل الملكية وبيع تنفيذ هذا الالتزام بنقل الملكية فعلاً ، وإن كان الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه كقاعدة عامة فوراً بمجرد نشوئه . على أنه قد يسبق تنفيذ الالتزام بنقل الملكية أعمال تمهيدية يلتزم بها البائع ، ولابد على كل حال من توافر شوط معينة حتى يتم نقل الملكية فعلاً . فإذا قام البائع بما عسى أن يكون ضروريا من الأعمال التمهيدية لنقل الملكية ، وتوافرت الشروط الواجبة لنقلها ، انتقلت فعلاً من البائع إلى المشتري بحكم القانون وقد كسبها المشتري بعقد البيع .
فنتكلم إذن في القاعدة التي تقضي بأن الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه فوراً بحكم القانون ، وفي التزام البائع بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية ، وفي الشروط الواجب توافرها لنقل الملكية فعلاً .
234 – الالتزام بنقل الملكية يتم تنفيذه فوراً بحكم القانون : جرى التقنين المدني المصري على تقاليد القوانين اللاتينية في الطريقة التي بموجبها ينقل البيع الملكية إلى المشتري . فالبيع ينشئ أولاً التزاماً في جانب البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري ، ثم يتم تنفيذ هذا الالتزام فوراً بحكم القانون ، إذا توافرت الشروط المطلوبة ، فتنتقل الملكية فعلاً إلى المشتري . فيبدو أن نقل الملكية كان أثراً مباشراً لعقد البيع ، ولكن نقل الملكية من ناحية الصناعة الفنية ليس إذا تنفيذاً للالتزم بنقلها ، والأثر المباشر لعقد البيع هو إنشاء هذا الالتزام .
فالقاعدة إذن أن الالتزام بنقل الملكية ينقل الملكية من تلقاء نفسه متى قام البائع بما عسى أن يكن ضروريا من الأعمال التمهيدية لنقلها ، ومتى توافرت الشروط الواجب لذلك . وهاذ ما قررته المادة 204 مدني إذ تقول : ” الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم ، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل ” . ثم أكدته المادة 932 مدني وأحالت على النص السالف الذكر إذ تقول : ” تنتقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية في المنقول والعقار بالعقد ، متى ورد على محل مملوك للمتصرف طبقاً للمادة 204 ، وذلك مع مراعاة النصوص الآتية ” ( [112] ) .
وقد سبق أن عالجنا هذه المسألة في الجزء الثاني من الوسيط ( [113] ) ؛ فكتبنا ما يأتي : ” ويلاحظ أن التقنين الجديد سار على النظرية التقليدية من أن نقل الملكية يسبقه التزم بنقلها ، وهذا الالتزام يتم تنفيذه من تلقاء نفسه فتنتقل الملكية إلى الدائن بحكم القانون ، وينقضي الالتزام بنقل الملكية بمجرد نشوئه . وهذا الوضع بقية تخلفت عن تقاليد القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم ، حيث كانت الملكية لا تنتقل بالعقد ” . ثم كتبنا في الحاشية ” ويذهب بنكاز bonnecase إلى أنه لا يوجد اليوم ما يمنع من القول بأن العقد ذاته ينقل الملكية دون افتراض التزام موهوم يسبق نقل الملكية ، وينقضي بمجرد أن ينشأ . ويكفي للوصول إلى هذه النتيجة القول بأن العقد حرك القانون فجعله ينقل الملكية ، وبذلك يكون القانون لا العقد هو الذي رتب الأثر : أنظر التصرف القانوني والواقعة القانونية دروس لقسم الدكتوراه للمؤلف ص 77 . على أنه في بلد تتبع نظام السجل العقاري livre foncier يبرز التمييز بين الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية بالفعل : فالعقد لا ينقل الملكية بنفسه بل يقتصر على إنشاء التزام بنقلها ، أما نقل الملكية بالفعل فلا يتم إلا بتسجيل العقد في السجل العقاري . وفي فترة الانتقال التي تجتازها مصر اليوم إلى نظام السجل العقاري يبرز أيضاً هذا الفرق بين الالتزام بنقل الملكية ونقل الملكية بالفعل ، فالعقد ينشئ التزاماً بنقل الملكية ، ولا تنتقل الملكية إلا بالتسجيل ” .
قلنا إنه قد توجد أعمال ضرورية يلتزم البائع القيام بها تمهيداً لنقل الملكية ، وهناك شروط يجب توافرها حتى يتم تنفيذ الالتزام بنقل الملكية فوراً بحكم القانون فتنتقل الملكية فعلاً إلى المشتري ، فما هي هذه الأعمال؟ وما هي هذه الشروط؟ .
235 – التزام البائع بالأعمال التمهيدية الضرورية لنقل الملكية – نص قانوني : تنص المادة 428 من التقنين المدني على أنه ” يلتزم البائع أن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق المبيع إلى المشتري ، وأن يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الحق مستحيلاً أو عسيراً ( [114] ) ” .
فقد تكون هناك أعمال ضرورية ، إيجابية أو سلبية ، لا بد أن يقوم بها البائع أو يكف عنها حتى يمكن أن ينتقل الحق المبيع ( [115] ) على المشتري . وتورد المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي أمثلة لهذه الأعمال فتقول : قد يطلب من البائع أن يقوم بأعمال مادية ، إيجابية أو سلبية ، من شأنها أن تجعل نقل الملكية متيسراً . من ذلك تقديم الشهادات اللازمة للتسجيل ، وتصديق البائع على إمضائه تمهيداً لتسجيل العقد ، وشطب التكاليف المقررة على العين قبل البيع ، وفرز المثليات ، والامتناع عن التصرف في العين تصرفاً يضر بالمشتري ( [116] ) ” . وقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على نص هو المادة 573 من هذا المشروع ، وكان يجري على الوجه الآتي : يلتزم البائع أن يزود المشتري بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، وأن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الشيء . وورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد هذا النص : ” وعلى البائع أن يزود المشتري بالبيانات الضرورية عن الشيء المبيع ، كأن يبين له حدود العين المبيعة وما عليها من حقوق وتكاليف ، وعليه أن يقدم له الأوراق والمستندات المتعلقة بالمبيع كمستندات الملكية والعقود المتعلقة بالمبيع ويكون من شأنها أن تسري في حق المشتري وصورة من المستندات التي يستبقيها لتضمنها حقوقاً أخرى غير حق المشتري ( [117] ) ” . وقد حذفت هذه المادة في لجنة المراجعة ” لأنها مستفادة من القواعد العامة ( [118] ) ” .
ويتبين مما قدمناه أن هناك نوعين من الأعمال يلتزم البائع بهما ، أعمالاً إيجابية وأعمالاً سلبية ( [119] ) .
أما الأعمال الإيجابية التي من شأنها التمهيد لنقل الملكية ، فمثلها في العقار تصديق البائع على إمضائه حتى يتمكن المشتري من تسجيل العقد ( [120] ) ، وشهر حق الإرث الواجب حصوله قبل تسجيل البيع ( [121] ) ، وتقديم الشهادات اللازمة للتسجيل كمستندات ملكية البائع وشهادة الضريبة العقارية وبيان بجدول العقار . ومثلها في المنقول إفراز المبيع إذا لم يكن معيناً إلا بجنسه ونوعه ، لأن الملكية في هذه الحالة لا تنتقل إلا بالإفراز . أما بيان ما على للعقار من حقوق وتكاليف ، وشطب هذه الحقوق والتكاليف ، فهذا لا يبدو ضرورياً لنقل الملكية ، ولكنه لا يزال عملاً يلتزم به البائع ويدخل في التزامه العام بضمان الاستحقاق ، وسيأتي بيان ذلك . كذلك تقديم العقود المتعلقة بالمبيع ويكون من شأنها أن تسري في حق المشتري : كعقد إيجار واقع على العين المبيعة وثابت التاريخ بحيث يسري في حق المشتري وبيان بما لا يزال باقياً في ذمة المستأجر من الأجرة ، وكعقد رهن ثقل به المبيع فأصبح للدائن المرتهن حق تتبع العين في يد المشتري ( [122] ) ، ليس ضرورياً لنقل ملكية المبيع إلى المشتري ، وإن كان لا يزال التزاماً في ذمة البائع تابعاً لالتزامه العام بضمان الاستحقاق .
وأما الأعمال السلبية التي يلزم البائع الكف عنها حتى يتيسر نقل الملكية إلى المشتري ، فمثلها أن يتصرف البائع في العقار بعد البيع بحيث يتمكن المشتري الثاني من التسجيل قبل المشتري الأول ، وأن يتصرف البائع في المنقول بعد البيع ويسلمه للمشتري الثاني إذا كان هذا حسن النية . فيجب أن يكف البائع عن هذه الأعمال ، إذ من شأنها أن تجعل نقل الملكية إلى المشتري مستحيلاً ، ويمكن أن يندرج هذا الالتزام أيضاً تحت الالتزام العام بضمان التعرض والاستحقاق كما سنرى . ومثل ذلك أيضاً يلحق البائع بالمبيع تلفاً أو تخريباً بحيث تهلك العين هلكاً كلياً أو جزئياً فيتعذر انتقال ملكيتها خالصة إلى المشتري ، وهذا أيضاً يمكن إدخاله تحت التزام البائع بضمان التعرض ( [123] ) . وهناك من الأعمال ما لا يجعل نقل الملكية للمشتري مستحيلاً ولكن يجعله عسيراً . وهذه أيضاً يجب على البائع أن يكف عنها ، إذ النص كما رأينا يلزمه ” أي يكف عن أي عمل من شأنه أن يجعل نقل الملكية مستحيلاً أو عسيراً ” . مثل ذلك أن يخفى البائع مستندات ضرورية للتسجيل كشهادة الضريبة العقارية ، فهذه يجوز الحصول عليها ولكن بمشقة ، فإخفاؤها يجعل نقل الملكية شاقاً ، ومن ثم يلتزم البائع أن يكف عنه .
236 – الشروط الواجب توافرها لانتقال الملكية إلى المشتري : فإذا قام البائع بالأعمال التمهيدية لنقل الملكية انتقلت الملكية فعلاً إلى المشتري بحكم القانون ، و إذا توافرت الشروط المذكورة في المادة 204 مدني والمادة 932 مدني السالفتي الذكر . وهي شروط ثلاثة : ( 1 ) أن يكون المبيع عيناً معينة بالذات . ( 2 ) وأن يكون مملوكاً للبائع . ( 3 ) وألا يعلق القانون أو الاتفاق انتقال الملكية على القيام بعمل معين ( [124] ) .
أما أن يكون المبيع عيناً معينة بالذات فهذا شرط طبيعي ، فإن الملكية لا تنتقل من شخص إلى آخر إلا في شيء معين بالذات . بل إن هذا الشرط لم يصبح ذكره ضرورياً بعد ما قررناه من أن البائع يلتزم بالأعمال الضرورية التي تمهد لنقل الملكية ، فمن يبين هذه الأعمال إفراز المبيع إذا لم يكن معيناً إلا بالنوع كم اسبق القول ، فمتى قام البائع بالتزامه وأفرز المبيع ، فقد أصبح المبيع عيناً معينة بالذات وتوافر الشرط . على أن المبيع قد يكون غير معين بالذات في حالتين آخريين : ( الحالة الأولى ) بيع شيء لم يصنع بعد ، كما إذا باع مصنع نسيج كميات من القماش لم يبدأ نسجها ، فيكون المبيع هنا شيئاً غير معين بالذات ، ولا يتصور أن تنتقل ملكيته إلى المشتري إلا بعد تمام نسجه . ولا يعتبر الغزل الذي يصنع منه النسيج ملكاً للمشتري ، بل يبقى ملكاً للمصنع إلى أن يتم نسجه ، ذلك أن المصنع لم يبع غزلاً وإنما باع نسيجاً ( [125] ) . ( الحالة الثانية ) بيع يكون محله تخييرياً ( alternatif ) ، فلا يتعين المبيع في هذه الحالة إلا عندما يعمل صاحب الخيار خياره ، ولا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري إلا عندما يتم الاختيار . وقد رأينا عند الكلام في الالتزام التخييري أن إعمال الخيار له أثر رجعي فيستند إلى وقت البيع ، وتعتبر الملكية قد انتقلت من وقت البيع لا من وقت إعمال الخيار . أما لو كان المحل بديلاً ( facultatif ) ، فإن المبيع يكون معيناً بالذات من وقت البيع ويكون هو الشيء الأصلي لا البديل ، وإن كان يحق للبائع أن يبرئ ذمته من التزامه بإعطائه البديل دون الشيء الأصلي ( [126] ) .
وأما أن يكون المبيع مملوكاً للبائع فهذا أيضاً شرط طبيعي ، فالملكية لا تنتقل إلا عن مالك . وإذا لم يكن البائع مالكاً لم يستطع أن ينقل ملكية المبيع فإن فاقد الشيء لا يعطيه ، كما لا تنتقل الملية عن المالك الحقيقي فإن هذا أجنبي عن البيع فلا يسري في حقه . وقد بسطنا تفصيل القول في ذلك عند الكلام في بيع ملك الغير .
بقى الشرط الثالث ، وهو ألا يعلق القانون أو الاتفاق انتقال الملكية على القيام بعمل معين . أما القانون فيعلق نقل الملكية في العقار على التسجيل ، وفي المنقول غير المعين بالذات على الإفراز ، كما رأينا . وكل من التسجيل والإفراز يدخل في الأعمال التمهيدية التي يلتزم بها البائع حتى تنتقل الملكية إلى المشتري ، كما سبق القول . وأما الاتفاق فقد يتم بين المتعاقدين على تأخير نقل الملكية إلى حين استيفاء شرط معين . يتفق المتبايعان مثلاً على ألا ينتقل الملكية إلا عند تسليم المبيع إلى المشتري أو إلا عند القيام بإجراءات معينة ( [127] ) ، أو يكون البائع غير مالك للمبيع وقت البيع فيتفق مع المشتري على تأخير نقل الملكية إلى أن يحصل هو عليها ، أو يتفق المتبايعان على ألا تنتقل الملكية إلى المشتري إلا بعد أن يوفى جميع أقساط الثمن وهذا هو البيع بالتقسيط . ونلاحظ فيما قدمناه أمرين : ( الأمر الأول ) مهما يكن شأن الاتفاق على تأخير نقل الملكية ، فإن هذا لا يمنع عقد البيع من أن يرتب في الحال التزاماً في جانب البائع بنقل الملكية ، والذي يتأخر ليس هو نشوء هذا الالتزام بل تنفيذه . ( والأمر الثاني ) أن الاتفاق على تأخير نقل الملكية ليس اتفاقاً على أجل تنتقل بعده الملكية ، بل هو اتفاق على شرط يعلق انتقال الملكية إلى حين تحققه . ذلك أن الملكية تستعصى طبيعتها على أن تقترن بأجل ، فالأجل يجعلها موقتة والملكية حق دائم لا يلحقه التوقيت ( [128] ) . فتأخير نقل الملكية إلى حين التسليم ومل وعين للتسليم مدة محددة ، هو تعليق لنقل الملكية على شرط التسليم ، وليس تأجيلاً لنقل الملكية إلى حين انقضاء هذه المدة المحددة . وتأخير نقل الملكية إلى أن يحصل البائع عليها من المالك الحقيقي هو تعليق لنقل الملكية على شرط حصول البائع عليها ، وكذلك تأخير نقل الملكية إلى تمام وفاء أقساط الثمن هو تعليق لنقل الملكية على شرط وفاء الأقساط .
237 – البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن – إحالة : ومن أهم الصور العملية للاتفاق على تأخير نقل الملكية اتفاق المتبايعين على أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على الوفاء بجميع أقساط الثمن . وهذا هو البيع بالتقسيط أو الإيجار الساتر للبيع لأن المتبايعين كثيراً ما يسميان البيع في هذه الحالة إيجاراً . وقد وردت المادة 430 مدني ، كما رأينا ، في صدد هذا البيع إذ تقول : ” 1 – إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله ولو تم تسليم المبيع . 2 – فإذا كان الثمن يدفع أقساطاً ، جاز للمتعاقدين أن يتفقا على أن يستبقى البائع جزءاً منه تعويضاً عن فسخ البيع إذا لم توف جميع الأقساط ، ومع ذلك يجوز للقاضي تبعاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفاقً للفقرة الثانية من المادة 224 . 3 – فإذا وفيت الأقساط جميعاً ، فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مستنداً إلى وقت البيع . 4 – وستري أحكام الفقرات الثلاث السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً ” .
ونقتصر هنا على إيراد النص ، وقد سبق تفصيل القول فيه ، فنكتفي بالإحالة على ما قدمناه في ذلك ( [129] ) .
3 – ما الذي يتضمنه الالتزام بنقل الملكية
وما الذي يترتب على انتقالها فعلاً
238 – ما الذي يتضمنه الالتزام بنقل الملكية : يقرر التقنين المدني كقاعدة عامة أن كل التزام بنقل حق عيني – ويندرج تحت ذلك التزام البائع بنقل ملكية المبيع – يتضمن في الوقت ذاته التزاماً بتسليم الشيء الذي تعلق به الحق العيني وبالمحافظة على هذا الشيء حتى يتم التسليم . وقد رأينا ( [130] ) أن المادة 206 مدني تنص في هذا الصدد على أن ” الالتزام بنقل حق عيني يتضمن الالتزام بتسليم الشيء والمحافظة عليه حتى التسليم ” .
ويبين من ذلك أن التزام البائع بنقل ملكية المبيع يتضمن التزامين تبعيين ، أحدهما التزام بتسليم المبيع إلى المشتري وهو التزام بتحقيق غاية ، والثاني التزام بالمحافظة على المبيع إلى أن يتم تسليمه للمشتري وهو التزام ببذل عناية ( [131] ) .
وللصفة التبعية التي أثبتناها للالتزام بتسليم المبيع أهيمة كبيرة في تحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم . وذلك أن الالتزام بالتسليم إذا كان التزاماً تبعياً ، فإنه يكون التزاماً مكملاً للالتزام بنقل الملكية ، إذ لا يخلص المبيع مادياً للمشتري إلا بتسليمه من البائع . ومن ثم إذا هلك المبيع قبل التسليم هلك على البائع ، حتى لو كانت ملكية المبيع قد انتقلت قبل التسليم إلى المشتري ، فالهلاك لا يكون على المالك كما هو الأصل ، بل يكون على المدين بالتسليم .
وقد سبق أن كتبنا في هذا الصدد في الجزء الثاني من الوسيط ( [132] ) : ” فإذا كان الالتزام بالتسليم التزاماً تبعياً يتضمنه التزام بنقل حق عيني ، فالأصل أن الهلاك يكون على المدين بالتسليم ، ولو أنه أصبح غير مالك إذ انتقلت الملكية إلى الدائن تنفيذاً للالتزام الأصلي بنقل الملكية . ويبرر هذه القاعدة أن الالتزام بالتسليم في هذه الحالة ليس في حقيقته إلا التزاماً مكملاً للالتزام بنقل الملكية ، إذ لا تخلص الملكية فعلاً للدائن إلا بالتسليم . ومن ثم كان الهلاك على المدين ، وهو مدين بنقل الملكية وبالتسليم معاً . وقد طبق التقنين المدني الجديد هذه القاعدة في كل من البيع والقسمة ” ( [133] ) . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في تحمل تبعة هلاك المبيع قبل التسليم ( [134] ) .
239 – ما الذي يترتب على انتقال الملكية فعلاً للمشتري : فإذا توافرت الشروط الواجبة لانتقال ملكية المبيع إلى المشتري ، وهي الشروط السالفة الذكر ، فأصبح المشتري مالكاً للمبيع ، ترتبت على ذلك النتائج الآتية :
أولاً – يكون للمشتري حق التصرف في المبيع باعتباره مالكاً له ، ولو قبل أن يتسلمه من البائع . ويستوي في ذلك العقار والمنقول ( [135] ) . أما المنقول فظاهر ، فهو عين معينة بالذات انتقلت ملكيتها إلى المشترين فلهذا أن يتصرف في ملكه ولو قبل قبضه من البائع . وأما العقار فالمشتري لا يصبح مالكاً إلا إذا سجل عقد البيع ، فإذا سجل العقد أصبح مالكاً ولو قبل القبض ، واستطاع أن يتصرف في المبيع وهو لا يزال في يد البائع ( [136] ) .
ثانياً – يكون للمشتري ثمر البيع ونماؤه باعتباره مالكاً له ، وعليه تكاليفه من نفقات حفظ وصيانة وضرائب وغير ذلك من الأعباء . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 458 مدني صراحة على ذلك ، إذ تقول : ” وللمشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع ، وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً . هذا ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغيره ” ( [137] ) .
ثالثاً – إذا أفلس البائع بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع ، جاز للمشتري أن يأخذ عين المبيع باعتباره قد أصبح ملكاً له ، ولا يزاحمه في ذلك دائنو البائع ( [138] ) .
رابعاً – تنتقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري ، لا في حق المتبايعين وحدهما ، بل أيضاً في حق الورثة والدئانين . فوارث البائع لا يرث المبيع ، ولا يستطيع دائن البائع أن ينفذ على المبيع . وعلى العكس من ذلك يرث المبيع وارث المشتري ، ويستطيع دائن المشتري أن ينفذ على المبيع .
خامساً – كان من المقبول أن يكون هلاك المبيع قبل التسليم على المشتري باعتباره مالكاً ، وهذا هو بالفعل حكم التقنين المدني الفرنسي ( م 1138 وم 1624 ) وحكم تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( م 396 ) ، لولا أن التقنين المدني المصري – ومعه التقنين السوري والتقنين الليبي والتقنين العراقي – راعي أن الالتزام بالتسليم التزام تبعي كما قدمنا ، فإذا هلك المبيع بسبب أجنبي قبل التسليم انفسخ البيع ، فتحمل البائع تبعة الهلاك كما سيأتي .
المطلب الثاني
نقل الملكية في المنقول
240 – التمييز بين الشيء المعين بذاته والشيء المعين بنوعه : حتى نتبين كيف تنتقل الملكية إلى المشتري في المنقول ، يجب التمييز بين الشيء المعين بذاته والشيء المعين بنوعه ، فقد رأينا أن الملكية في الحالة الأولى تنتقل فوراً بمجرد تمام العقد ، ولا تنتقل في الحالة الثانية إلا بالإفراز .
وقبل أن نتناول في شيء من التفصيل كلاً من الحالتين ، نلاحظ أن هذا التمييز يسري أيضاً على العقار ، فهناك عقار لا يعين إلا بنوعه كما إذا بيع ألف متر تفرز من أرض مساحتها أكبر من ذلك ، فتسري في هذه الحالة الأحكام التي سنذكرها في المنقول ، ولا يتعين المبيع ، ومن ثم لا يمكن تسجيل البيع لنقل الملكية ، إلا بعد إفراز ألف متر بالذات وهي المساحة المبيعة ( [139] ) . ولكن لما كانت هذه الحالة نادرة ، ويغلب كثيراً أن يكون الشيء المعين بنوعه لا بالذات منقولاً لا عقاراً ، كما يغلب كثيراً أن يكون العقار شيئاً معيناً بالذات ، فقد عرضنا للتمييز بين الشيء المعين بالذات والشيء المعين بنوعه في صدد المنقول .
1 – الشيء المتعين بذاته
241 – انتقال الملكية فوراً بمجرد تمام العقد : فإذا كان البيع منقولاً معيناً بالذات ، وتوافرت الشروط الواجبة قانوناً التي أسلفنا ذكرها ، فإن الملكية تنتقل إلى المشتري وفراً بمجرد تمام العقد . وعقد البيع ذاته هو الذي ينقل الملكية ، بعد أن ينشئ التزاماً بنقلها يتم تنفيذه فوراً بمجرد نشوئه على الوجه الذي قدمناه . وقد رأينا أن التقنين المدني المصري قرر هذه القاعدة في المادة 204 مدني ، وأكدها في المادة 932 مدني ( [140] ) .
وتنتقل الملكية فوراً بمجرد تمام العقد في المنقول ، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى الغير .
242 – انتقال الملكية فيما بين المتعاقدين : فتنتقل الملكية بمجرد تمام العقد أولاً فيما بين المتعاقدين . فول أن شخصاً باع سيارة معينة بالذات مملوكة له من شخص آخر ، فإن ملكية السيارة تنتقل من البائع إلى المشتري بمجرد تمام عقد البيع ( [141] ) . ويترتب على ذلك أن المشتري ، وقد أصبح مالكاً للسيارة ، يستطيع أن يتصرف فيها حتى قبل أن يتسليمها من البائع . فإذا باعها لمشتر ثان انتقلت ملكيتها من المشتري الأول إلى المشتري الثاني بمجرد تمام البيع الثاني ، ولو كانت السيارة لا تزال باقية في يد البائع الأول . ولا يعتبر المشتري الثاني ” غيراً ” ، فسنرى أن الغير هو شخص تلقى حقاً عينياً من البائع الأول على نفس المبيع ، والمشتري الثاني إنما تلقى حق الملكية من المشتري الأول لا من البائع الأول .
243 – انتقال الملكية بالنسبة إلى الغير : وتنتقل ملكية المنقول بمجرد تمام العقد أيضاً بالنسبة إلى الغير . فلو أن البائع الأول للسيارة في المثل المتقدم باع السيارة مرة أخرى لمشتر آخر ، فإنه يكون قد باع ما لا يملك إذ أن الملكية قد انتقلت منه إلى المشتري الأول بالبيع الأول ، لا فيما بينهما فحسب ، بل أيضاً بالنسبة إلى المشتري الآخر الذي تصرف له بالبيع مرة أخرى وهذا هو الغير .
فلو بقيت السيارة في يد البائع الأول ، فإن الذي يستردها منه هو المشتري الأول لأنه هو المالك ، ويرجع المشتري الآخر بتعويض على البائع الأول إذ أن هذا قد باع ما لا يملك كما سبق القول ، وذلك وفقاً للقواعد المقررة في بيع ملك الغير .
وإذا سلم البائع الأول السيارة للمشتري الأول ، فإنه يكون قد سلمها إلى مالكها ، وليس للمشتري الآخر أن يرجع بشيء على المشتري الأول ، وإنما يكون رجوعه على البائع الأول كما قدمنا .
ولكن إذا سلم البائع الأول السيارة للمشتري الآخر ، وكان هذا المشتري الآخر حسن النية لا يعلم أن السيارة بيعت قبل ذلك للمشتري الأول ( [142] ) ، فإنه يملك السيارة . ولكنه لا يملكها بعقد البيع الصادر له من البائع الأول ، فقد قدمنا أن البائع الأول وقت أن باع السيارة للمشتري الآخر لم يكن مالكاً لها ، وبيع ملك الغير لا ينقل الملكية بذاته . ولكن المشتري الآخر يملك السيارة بسبب غير البيع ، وهذا السبب هو الحيازة بحسن نية . وتنتقل إليه الملكية لا من البائع الأول فهو غير مالك ، ولكن من المشتري الأول الذي أصبح مالكاً بالبيع الأول كما أسلفنا ( [143] ) . ويملك المشتري الآخر حسن النية السيارة بالحيازة ، حتى لو كان المشتري الأول قد باع قبل ذلك السيارة إلى مشتر ثان في المثل الذي قدمناه ، وإنما تنتقل الملكية في هذه الحالة إلى المشتري الآخر الحائز بحسن نية لا من المشتري الأول بل من المشتري الثاني الذي أصبح مالكاً بالبيع الصادر له من المشتري الأول .
244 – انتقال الملكية في البيع الجزاف : إحالة : وقد رأينا أن المادة 429 مدني تنص على أنه ” إذا كان البيع جزافاً ، انتقلت الملكية إلى المشتري على النحو الذي تنتقل به في الشيء المعين بالذات ، ويكون البيع جزافاً ولو كان تحديد الثمن موقوفاً على تقدير المبيع ” . وسبق أن حددنا متى يكون البيع جزافاً ، وبينا أن المبيع إذا كان مما يوزن أو يكال أو يقاس أو يعد ، ولكنه لا يحتاج في تعيينه إلى تقدير بل هو معين بالذات ، ولو كان تحديد الثمن موقوفاً على تقديره ، فإن البيع يكون في هذه الحالة جزافاً ( [144] ) . وذكرنا أن بيع الجزاف ، من حيث انتقال الملكية ، حكمه هو حكم بيع الشيء المعين بالذات ، فتنتقل الملكية فيه بمجرد تمام العقد فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير ( [145] ) . ونكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه في ذلك .
2 – الشيء معين بنوعه
245 – انتقال الملكية بالإفراز : وإذا كان المنقول شيئاً غير معين بالذات بل معيناً بنوعه ( [146] ) ، وكان البيع بالتقدير ( [147] ) ، لم تنتقل الملكية بمجرد تمام عقد البيع على خلاف ما رأيناه في الشيء المعين بالذات ، وإنما تنتقل بإفراز المبيع وجعله بالإفراز معيناً بالذات ولو قبل التسليم . ذلك أن الشيء قبل إفرازه غير معروف بالذات ، فهناك إذن استحالة طبيعية في أن تنتقل ملكيته إلى المشتري قبل الإفراز ( [148] ) .
وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 205 مدني إذ تقول : 1 – إذا ورد الالتزام بنقل حق عيني على شيء لم يعين إلا بنوعه ، فلا ينتقل الحق إلا بإفراز هذا الشيء . 2 – فإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ، جاز للدائن أني حصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه في حالة الاستعجال ، كما يجوز له أن يطالب بقيمة الشيء من غير إخلال في الحالتين بحقه في التعويض ( [149] ) ” . ثم أكدته المادة 533 مدني إذ تقول : ” المنقول الذي لم يعين إلا بنوعه لا تنتقل ملكيته إلا بإفرازه طبقاً للمادة 205 ” .
246 – كيف تنتقل الملكية بالإفراز – إحالة : وقد قدمنا في هذا الجزء من الوسيط ( [150] ) ، وفي الجزء الثاني منه ( [151] ) ، كيف يكون الإفراز ، وكيف تنتقل الملكية به ولو قبل التسليم ، وإن كان المألوف في التعامل أن يتم الإفراز وقت التسليم ، واستعرضنا حالة ما إذا كان الشيء غير المعين إلا بنوعه نقوداً ( [152] ) أو غير نقود ( [153] ) . وبينا أن البيع يرتب في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ، حتى قبل التسليم وحتى قبل الإفراز ( [154] ) . وذكرنا كذلك ألا فرق في تحمل تبعة الهلاك أن يهلك الشيء قبل الإفراز أو بعده ( [155] ) . فنكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه هناك .
247 – الحكم فيما إذا امتنع البائع عن الإفراز – إحالة : وإذا لم يقم البائع بتنفيذ التزامه من إفراز المبيع ، جاز للمشتري أن يحصل على شيء من النوع ذاته على نفقة المدين ، فيقوم بشرائه بنفسه ويرجع بالثمن والمصروفات على البائع ، بل ويرجع أيضاً بالتعويض عما قد يكون أصابه من خسارة بسبب تأخر البائع في تنفيذ التزامه . والأصل أن يستأذن المشتري القاضي في ذلك ، فإذا كانت الظروف لا تحتمل الإبطاء كان له دون استئذان ، ولكن بعد إعذار البائع ، أن يقوم بالشراء . وقد سبق أن بسطنا القول في ذلك في الجزء الثاني من الوسيط ( [156] ) ، فنكتفي هنا بالإحالة إلى ما قدمناه في ذلك .
248 – نقل الملكية في الأشياء المصدرة إلى المشتري : تنص المادة 94 من التقنين الجاري على أن ” البضائع التي تخرج من مخزن البائع أو المراسل يكون خطرها في الطريق على من يملكها ، ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك ” . وانتقال الملكية هنا يكون بالإفراز طبقاً للقاعدة التي أسلفناها . ولكن الإفراز فيما نحن بصدده يتخذ صورة خاصة هي التسليم ( [157] ) ، فما لم يتفق المتبايعان على شيء آخر ، فإن المفروض أنهما اتفقا على أن يتم انتقال الملكية وقت التسليم فقبل التسليم تبقى الملكية للبائع ، وهو الذي يتحمل تبعة الهلاك ، وبالتسليم تنتقل الملكية إلى المشتري وتنتقل معها تبعة الهلاك . ونرى من ذلك أن البائع لا يزال يتحمل تبعة الهلاك قبل التسليم وفقاً للقاعدة العامة ، ولكنه قبل التسليم يبقى أيضاً مالكاً للمبيع إذ الملكية لا تنتقل إلا بالتسليم ، ومن ثم لم تتعارض القاعدة التي تقضي بأن الهلاك على البائع قبل التسليم مع القاعدة التي تقضي بأن الهالك على المالك ولو قبل التسليم ، لأن البائع هنا هو المالك .
ويبقى بعد كل ذلك أن نعرف متى يتم تسليم البضائع ، لنعرف متى تنتقل الملكية إلى المشتري فتنتقل إليه تبعة الهلاك ( [158] ) . ولا تخرج الحال عن أحد أمرين : ( 1 ) فأما أن يتم التسليم عند الشحن أي في محطة التصدير . فإذا تم الشحن انتقلت الملكية إلى المشتري ، وكانت تبعة هلاك البضائع في الطريق عليه . ( 2 ) وأما أن يتم التسليم عند التفريغ أي في محطة التوريد ، فلا تنتقل الملكية إلى المشتري بالشحن بل تتراخى إلى حين وصول البضائع ، وتكون تبعة هلاك البضائع في الطريق على البائع الذي يبقى مالكاً لها إلى حين وصولها إلى محطة التوريد .
يغلب أن يتفق المتعاقدان على أحد الأمرين . فأما أن يتفقا على أن يتم التسليم عند الشحن ( [159] ) ، وهو ما يقع عادة في النقل البري عند اشتراط التسليم في محطة الشحن ( franco gare depart ) وفي النقل البحري عند اشتراط تسليم السفينة ( vente fob, franco bord ) . وفي هذه الحالة تنتقل ملكية البضائع وتبعة الهالك إلى المشتري بمجرد الشحن كما قدمنا ، وتكون مصروفات النقل عليه ، ومن ثم يلتزم البائع بشحن البضائع على السفينة التي يعينها له المشتري ، ويتكفل المشتري بدفع مصروفات النقل والتأمين الناولون . وقد يوكل المشتري البائع في اختيار السفينة وفي التأمين عليها اقتصاداً لأجر الوسيط ، فيتضمن الثمن المصروفات والتأمين والناولون : ( cout – assurance – fret caf – cost – insurance – freight : cif ) ، ( [160] ) ولا يعتبر تسليم البضائع قد تم إلا إذا أرسل البائع للمشتري البيانات الدالة على ذلك ( [161] ) . وإما أن يتفق المتعاقدان على أن يتم التسليم عند التفريغ ، وفي هذه الحالة تبقى البضائع ملكاً للبائع ، وعليه تبعة الهلاك أثناء الطريق ، وعليه مصروفات النقل ، ولا تنتقل الملكية إلى المشتري وتنتقل معها تبعة الهلاك إلا إذا وصلت البضاعة سليمة إلى محطة التوريد .
فإذا لم يتفق المتعاقدان متى يتم التسليم ، وجب في المسائل المدنية تطبيق المادة 436 مدني وتنص على أن التسليم يكون عند التفريغ في محطة التوريد ، إذ تقول : ” إذا وجب تصدير المبيع للمشتري ، فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك ” ( [162] ) . أما في المسائل التجارية ، فيراعى مع هذا النص عرف التجارة ( [163] ) .
وهذا كله إذا كان المبيع بضائع ، أي منقولاً غير معين إلا بنوعه . أما إذا كان البيع منقولاً معيناً بالذات ، انتقلت ملكيته من وقت العقد ، ولكن التسليم لا يتم إلا في مكان التفريغ ، فتكون تبعة الهلاك قبل التسليم على البائع إلا على المالك ( المشتري ) ، لأننا نكون قد خرجنا عن نطاق التعامل التجاري إلى نطاق التعامل المدني ( [164] ) .
( [1] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 30 – ص 31 – وأنظر ما يلي فقرة 206 في الهامش .
( [2] ) فلو أن شخصاً نقل إلى شخص آخر ملكية شيء لقاء خدمة يؤديها الشخص الآخر له ، لم يكن العقد بيعاً ، بل يكون عقداً غير مسمى ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 35 ) .
( [3] ) جيوار 1 فقرة 92 – هيك 10 فقرة 34 – بودري سوينيا فقرة 128 – بيدان 11 فقرة 112 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 131 – عكس ذلك : ديرانتون 16 فقرة 129 – ماركاديه م 1591 .
( [4] ) الأستاذ سليمان مرقس فقرة 86 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 96 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 110 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 .
ولكن إذا حدد الثمن نقوداً فالعقد بيع ، حتى لو اشترط أن يدفع الثمن أسهما أو أقطاناً أو نحو ذلك بسعرها في البورصة ، فيكون المشتري قد باع بالثمن الذي في ذمته الأسهم أو الأقطان المشترطة ( أبوري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 24 ) – كذلك يكن العقد بيعاً إذا حدد الثمن نقوداً ثم حول المشتري للبائع حقاً له من النقود في ذمة أجنبي ، أو استوفى المشتري حقاً له في ذمة البائع نفسه بمقابل هو الثمن الذي في ذمته ( أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 447 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 33 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 84 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 134 ) .
أما في الفقه الإسلامي فالبيع أوسع نطاقاً ، إذ أن له صوراً أربعاً : ( 1 ) مبادلة عين بدين وهذا هو البيع المطلق ( 2 ) مبادلة عين بعين وهذه هي المقايضة . ( 3 ) مبادلة دين بعين وهذا هو السلم . ( 4 ) مبادلة دين بدين وهذا هو الصرف .
( [5] ) أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 441 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 234 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 85 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 59 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 44 ص 18 – ص 109 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 51 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 ص 28 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 109 وانظر أيضاً المادة 483 مدني – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للمادة 485 مدني ، وتشير المذكرة إلى المادة 483 مدني وهي تجيز أن يكون في المقايضة معدل من النقود كمعدل القسمة ، ثم تقول : ” على أنه يجب ألا يكون هذا المعدل هو العنصر الغالب ، وإلا انقلبت المقايضة بيعاً ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 238 ) .
( [6] ) والصفة الاحتمالية ، فيما إذا كان الثمن إيراداً مرتباً مدى الحياة ، إنما تثبت لمقدار الثمن لا للثمن في ذاته ( دي باج 4 فقرة 35 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 ص 173 ) .
( [7] ) وإذا كان الثمن إيراداً مؤبداً وأريد استبداله . فإن كان هناك ثمن قدر في عقد البيع وحول في العقد نفسه إلى إيراد مؤبد ، كان رأس المال الواجب الرد هو مقدار الثمن الذي كان قد قدر أولاً في عقد البيع ، إلا إذا اتفق على مبلغ أقل ، أما إذا كان المتبايعان قد اتفقا على أن يكون الثمن رأسا إيراداً مؤبداًن فرأس المال الواجب الرد يكون مبلغاً من النقود فائدته محسوبة بالسعر القانونية مساوية للإيراد . وهذا الحكم مستفاد من المادة 548 مدني وتنص على ما يأتي : ” 1 – إذا رتب الدخل مقابل مبلغ من النقود ، تم الاستبدال برد المبلغ بتمامه ، أو بدر مبلغ أقل منه إذا اتفق على ذلك . 21 – وفي الحالات الأخرى يتم الاستبدال بدفع مبلغ من النقود تكون فائدته محسوبة بالسعر القانوني مساوية للدخل ” . وانظر في هذا المعنى بودري وسينيا فقرة 128 مكررة .
ويذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا كان الثمن رأساً إيراداً مؤبداً أو إيراداً مؤقتاً ، فإنه يتمثل لا في أقاسط الإيراد بل في حق الإيراد ذاته ، ومن ثم يكون العقد مقايضة ( بيدان 11 فقرة 113 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 87 ) . ولكن هذا الرأي لم يسد في الفقه ولا في القضاء ، ولم يأخذ به المشرع المصري ( أنظر المادتين 545 و 741 مدني – وانظر الأستاذ أنور سلطان فقرة 135 . الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 110 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 15 ) .
( [8] ) لوران 24 فقرة 68 – جيوار 1 – فقرة 95 هيك 10 فقرة 34 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 23 – بودري وسينيا فقرة 128 ص 126 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 132 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 84 الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 95 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 58 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 110 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 134 .
م 423 : ورد هذا النص في المادة 563 من المشروع التمهيدي ، وكان المشروع يتضمن فقرة تجري على الوجه الآتي : ” يجب أن يكون الثمن مقدراً بالنقد ” . فحذفت هذه الفقرة في لجنة المراجعة لأنها مستفادة من تعريف البيع الوارد في المادة 418 مدني ، وأدخلت تعديلات لفظية طفيفة على ما بقى من النص فأصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 436 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 423 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 30 – ص 31 ) .
م 424 : ورد هذا النص في المادة 564 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما ستقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 437 في المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 424 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 – ص 34 ) .
( [10] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادتين 423 و 424 مدني : ” هذان نصان لا نظير لهما في التقنين الحالي وهما وإن كان حكمهما تمكن استفادته من القواعد العامة ، يعالجان مسائل عملية يجرد أن تكون لها حلول تشريعية ، أنظر التقنين الألماني م 453 وتقنين الالتزامات السويسري م 212 فقرة أولى والتقنين البولوني م 296 والتقنين البرازيلي م 1124 ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 ) .
( [11] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 391 – 392 ( مطابقتان للمادتين 423 – 424 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 67 – فقرة 76 ) .
التقنين المدني الليبي م 412 – 413 ( مطابقتان للمادتين 423 – 424 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 526 : 1 – الثمن ما يكون بدلاً للمبيع ويتعلق بالذمة . 2 – ويلزم أن يكون الثمن معلوماً بأن يكون معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة .
م 527 : 1 – في البيع المطلق يجب أن يكون الثمن مقدراً بالنقد ، ويجوز أن يقتصر التقدير على بيان الأسس التي يحدد الثمن بموجبها فيما بعد .
2 – ( هذه الفقرة مطابقة للفقرة الثانية من المادة 423 من التقنين المدني المصري ) .
م 528 ( مطابقة للمادة 424 من التقنين المدني المصري ) .
م 529 : 1 – زيادة المشتري في الثمن وتنزيل البائع من الثمن أو زيادته في المبيع بعد العقد يصح ، ولتلحق الزيادة والتنزيل بأصل العقد . 2 – وما زاده المشتري في الثمن يعتبر في حق العاقدين لا في حق الشفيع ، وما حطه البائع من الثمن يجعل الباقي بعد الحط مقابلاً لكل المبيع حتى في حق الشفيع ، وما زاده البائع في المبيع يكون له حصة من الثمن . 3 – وللبائع أن يحط جميع الثمن قبل القبض ، ولكن لا يلحق هاذ الحط بأصل العقد . فلو أبرأ البائع المشتري من جميع الثمن وأخذ الشفيع المبيع ، وجب أن يأخذه بالثمن المسمى . [وهذا النص لا نظير له في التقنين المدني المصري ، وهو مأخوذ من الفقه الإسلامي ، ويتفق مع القواعد العامة] .
[ويلاحظ أن التقنين المدني العراقي أخذ في البيع بالمعنى الواسع الذي أخذ به الفقه الإسلامي ، فأصبحت المقايضة فيه نوعاً من أنواع البيع ، أما البيع بثمن نقدي فسماه البيع المطلق : م 527 عراقي – أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 111 – فقرة 133 – الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 244 – فقرة 292] .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 386 : يجب أن يعين المتعاقدون ثمن البيع . ويجوز أن يفوض تعيين الثمن إلى شخص ثالث ، وفي هذه الحالة إذا امتنع أو عجز الشخص الثالث عن تقدير الثمن فلا ينعقد البيع . [ولا فرق في هذه الأحكام بين التقنينين اللبناني والمصري] .
( [12] ) وهناك رأي يذهب إلى أنه إذا ترك تحديد الثمن لأحد المتعاقدين بشرط أني كون الثمن عادلاً ، جاز أن يكون هذا ، تبعاً للظروف ، تحديداً كافياً . فإذا حدد المتعاقد ثمناً غير عادل ، أو امتنع عن التحديد ، أو أبطأ فيه ، جاز للمتعاقد الآخر رفع الأمر للقضاء لتحديد الثمن العادل ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 ص 128 ) . ولكن يؤخذ على هاذ الرأي أن ما اتفق عليه المتعاقدان ليس في الواقع من الأمر إلا أن يكون الثمن عادلاً ، ولا يكفي في تحديد الثمن ، كما سنرى ، بأن يقتصر المتعاقدان على التبايع بثمن عادل ( الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 29 – وقارب الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ) .
( [13] ) على أن مقدار الثمن قد يكون مفروضاً على البائع ، كما في حالة التسعير الجبري وفي حالة تسعير المرافق العامة كالمياه والغاز والنور وفي حالة نزع الملكية للمنفعة العامة . وقد يشترط البائع بالجملة على البائع ” بالقطاعي ” سعراً معيناً يبيع به ولا يزيد عليه حتى تروج السلعة ، ويمكن النقل في هذه الحالة إن البائع بالجملة قد اشترط لمصلحة المستهلك ، ولهذا أن يطالب البائع ” بالقطاعي ” أن يكون الثمن هو هذا السعر المعين ( قارب : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2379 – كولان وكابيتان 2 فقرة 885 – بيدان 11 فقرة 115 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 708 – فقرة 709 ) . وأنظر في أن السعر الإجباري للعملة له تأثير في فرض الثمن أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 674 – فقرة 696 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 149 – فقرة 151 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 33 .
( [14] ) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 18 – بودري وسينيا فقرة 132 ص 132 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 36 ص 36 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 112 .
( [15] ) ولا يكون بيعاً العقد الذي جعل فيه الثمن هو المقدار الذي يعرضه أجني على صاحب السلعة ، بل يكون هذا شرط تفضيل pacte de preference يشترط فيه شخص على صاحب السلعة تفضيله على أجنبي يعرض في السلعة ثمناً يرتضيه صاحبها ، فيلتزم هذا الأخير بتفضيل الأول على الأجنبي في يع السلعة له بالثمن الذي يعرضه الأجنبي 0 بودري وسينيا فقرة 133 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 128 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 29 ) .
واشتراط تعديل الثمن تبعاً لطارئ معين جائز ، ولكن إذا اتفق المتعاقدان على تحديد الثمن في تاريخ تال لم ينعقد البيع إلا عند تحديد الثمن ( دي باج 4 فقرة 37 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 102 ص 177 – 178 ) .
( [16] ) بيدان 11 فقرة 115 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2389 – كولان وكابيتان 2 فقرة 871 – جوسران 2 فقرة 1024 .
( [17] ) أو يجوز أن يكون الثمن هو ثمن التكلفة مع إضافة ربح معين ، أو متوسط الأثمان التي باع بها التاجر في وقت معين ، أو على أساس التسعيرة الرسمية ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 89 ص 127 ) .
( [18] ) ذلك أنه يثبت واقعة مادية ، إذ شراء البائع للمبيع بثمن معين يعتبر بالنسبة إلى المشتري واقعة مادية لا تصرفاً قانونياً ، فضلاً عن أن البيان الصادر من البائع بثمن أعلى من الثمن الحقيقي ينطوي على غش والغش يثبت بجميع الطرق .
( [19] ) أنظر مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 166 – ص 167 .
( [20] ) وقد نصت المادة 121 / 2 من التقنين المدني العراقي على أنه ” يعتبر تغريراً عدم البيان في عقود الأمانة التي يجب التحرز فيها عن الشبهة بالبيان ، كالخيانة في المرابحة والتولية والإشراك والوضيعة ” .
( [21] ) وهذا هو قول أي يوسف في المذهب الحنفي ، ويبدو أنه أكثر الأقوال انطباقاً على القواعد العامة في القانون المصري . وفي الفقه الإسلامي أقوال أخرى في المذهب الحنفي وفي غيره من المذاهب تتبين من النصوص الآتية :
جاء في الهداية ( فتح القدير 5 ص 256 ) وهي من كتب الفقه الحنفي : ” فإن اطلع المشتري على خيانة في المرابحة ، فهو بالخيار عند أبي حنيفة إن شاء أخذه بجميع الثمن وغن شاء تركه ، وإن أطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن . وقال أبو يوسف رحمه الله يحط فيهما . وقال محمد رحمه الله يخير فيهما . لمحمد رحمه الله أن الاعتبار للتسمية لكونه معلوماً . والتولية والمرابحة ترويح وترغيب فيكون وصفاً مرغوباً فيه كوصف السلامة ، فيتخير بفواته . ولأبي يوسف رحمه الله أن الأصل فيه كونه تولية مرابحة ، ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان ذلك معلوماً ، فلا بد من البناء الأول وذلك بالحط ، غير أنه يحط في التوليد قد الخيانة من رأس المال وفي المرابحة منه ومن الربح . ولأبي حنيفة رحمه الله أنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية لأنه يزيد على الثمن الأول فيتغير التصرف فتعين الحط ، وفي المرابحة لو لميحط تبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير ” .
وجاء في القوانين الفقهية لابن جزي ( ص 263 – ص 264 ) وهي من كتب الفقه المالكي : ” لا يجوز الكذب في التعريف بالثمن . فإن كذب ثم اطلع المشتري على الزيادة في الثمن ، فالمشتري مخير بين أن يمسك بجميع الثمن أو يرده ، إلا أن يشاء البائع أن يحط نه الزيادة وما ينوبها من الربح فيلزمه الشراء ” .
وجاء في المذهب ( جزء أول ص 288 – ص 290 ) وهو من كتب فقه الشافعي : ” ومن اشترى سلعة جاز له بيعها براس المال وبأقل منه وبأثكر منه . . وإذا ظهر أن رأس المال مائة وباع على ربح درهم في كل عشرة ، ثم قال اخطأ أو قامت البينة أن الثمن كان تسعين ، فالبيع صحيح . . وأما الثمن الذي يأخذه به ففيه قولان : أحدهما أنه مائة وعشرة ، لأن المسمى في العقد مائة وعشرة ، فإذا بان تدليس من جهة البائع لميسقط من الثمن شيء كما لو باعه شيئاً بثمن فوجد به عيباً . والثاني أن الثمن تسعة وتسعون ، وهو الصحيح ، لأنه نقل ملك يعتبر فيه الثمن الأول ، فإذا أخبر زيادة وجب حط الزيادة كالشفعة والتوليد ، ويخالف العيب ، فإن هناك الثمن هو المسمى في العقد وههنا الثمن هو رأس المال وقدر الربح ، وقد بان أن رأس المال تسعون والربح تسعة . فإن قلنا إن الثمن مائة وعشرة ، فهو بالخيار بين أن يمسك المبيع ب الثمن وبين أن يفسخ ، لأنه دخل على أن يأخذ المبيع برأس المال وهذا أكثر من رأس المال فثبت هل الخيار ” .
وجاء في الشرح الكبير على متن المقنع ( جزء 4 ص 100 – ص 103 ) وهو من كتب الفقه الحنبلي : ” السادس خيار يثبت في التولية والشركة والمرابحة والمواضعة . . . فإن باعه السلعة مرابحة ، مثل أن يخبروه أن ثمنها مائة ويربح عشرة ، ثم علم بينة أو إقرار أن ثمنها تسعون ، فالبيع صحيح ، لأنه زيادة في الثمن فلم يمنع الصحة كالعيب . وللمشتري الرجوع على البائع بما زاد في الثمن وهو عشرة وحظها من الربح وهو درهم ، فيبقى على المشتري تسعة وتسعون درهماً . وبهذا قال الثوري وابن أبي ليلى وهو أحد قول الشافعي . وقال أبو حنيفة يخير بين الأخذ بكل الثمن أو يترك قياساً على العيب ” .
ويخلص من هذه النصوص أن قول أبي يوسف في الفقه الحنفي والقول الصحيح في فقه الشافعي والمنصوص عليه في الفقه الحنبلي ، هذه كلها تذهب إلى أن المشتري يسترد من البائع ما دفعه زيادة على ما ارتضاه من الثمن ، وهذا هو المتفق مع القواعد العامة في الفقه الغربي كما قدمنا . وهناك أقوال أخرى في المذاهب المختلفة ، أبرزها أن المشتري يكون بالخيار بين أن يستبقى المبيع بكل الثمن أو أن يفسخ البيع . وإذا أخذنا بالقول الأول ، وكان البيع مرابحة ، كأن كان الثمن الأول مائة ويزيد عشرة مرابحة ، ثم يتبين أن الثمن الأول تسعون لا مائة ، وجب حط العشرة من رأس المال وما يناسب العشرة من الربح وهو واحد ، فيكون الثمن تسعة وتسعين . وإذا كان البيع تولية أو إشراكاً ، حططنا العشرة من رأس المال . و إذا كان البيع وضيعة ، كأن كان الثمن الأول مائة وينقص عشرة وضيعة ، ثم تبين أن الثمن الأول تسعون ، فما دام قد اشترى المائة بتسعين ، ثم ظهر أن الذي اشتراه هو تسعون فقط ، فإنه يشتري التسعين بواحد وثمانين .
أنظر في بياعات الأمانة مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 166 – ص 174 ومراجع الفقه الإسلامي المذكورة فيه .
( [22] ) قارن الأستاذ حسن الذنون فقرة 130 – فقرة 133 .
( [23] ) ومكان تسليم المبيع هو المكان المتفق عليه ، فإن لم يوجد اتفاق فالمكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع إذا كان المبيع عيناً معينة بالذات ، وإلا فموطن البائع أو مركز أعماله وقت وجوب التسليم ( 347 مدني ) . وزمان التسليم هو الوقت المتفق عليه ، فإذا لم يوجد اتفاق وجب التسليم وفراً بمجرد انعقاد البيع ( م 346 / 1 مدني ) .
وإذا وجب تصدير المبيع للمشتري ، كان مكان التسليم هو المكان الذي يصلي فيه المبيع إلى المشتري ( م 436 ) .
( [24] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 142 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 30 ص 55 ( وإذا تعددت أسعار اليوم في البورصة ، فالسعر المتوسط ) .
( [25] ) أنظر المذكرة الإيضاحية لمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 32 – ص 33 . وأنظر م 212 / 1 من تقنين الالتزامات السويسري .
( [26] ) ويعرف الفقه الإسلامي بيع الاسترسال ، وفيه يستأمن المشتري – ويكون عادة لا دراية له بالأسواق أو بالسلعة التي يشتريها – البائع فيشتري منه السلعة بما تبيع به الناس أي بالسعر المتداول في التجارة . وقد كتبنا عن هاذ البيع في الفقه الإسلامي ما يأتي : ” وغذى جانب بياعات الأمانة – وفي نفس المنطقة التي تسود فيهما نزاهة التعامل – يعرف الفقه المالكي والفقه الحنبلي بيعاً آخر ه وبيع المسترسل أو المستأمن . وفيه يكشف العاقد عن خبيئة نفسه ، ويبين أنه لا دراية له فيما هو بسبيله من التعامل ، وأنه يستأمن المتعامل معه ويستنصحه ويسترسل إلى نصحه ، ويطلب إليه أن يبيع منه أو يشتري بما تبيع به الناس أو تشتري . فالأساس هنا ليس هو الثمن الأصلي كما في بياعات الأمانة ، بل هو سعر السوق . فإذا لمي صدقه المتعامل معه ، ولم يكشف له عن حقيقة سعر السوق ، بل كذب عليه في ذلك وغبنه ، فإن هاذ الكذب وحده يعتبر غشاً وتدليساً يوجب للعاقد خيار الرد ” ( مصادر الحق في الفقه الإسلامي للمؤلف جزء 2 ص 175 – وأنظر الخطاب جزء 4 ص 470 – والشرح الكبير للدردير هامش الدسوقي جزء 3 ص 141 ص 142 – والشرح الكبير على متن المقنع جزء 4 ص 79 ) .
( [27] ) وهذا النص هو الحل الذي أورده تقنين الالتزامات البولوني في المادة 298 منه ، وهو حل يتفق مع القواعد العامة ( المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 33 ) .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه قد جرت العادة في سوق القطن أن يباع القطن أو البذرة سعر يحدده البائع فيما بعد في ميعاد يعلن به المشتري ، فيقطع السعر يوم الإعلان بحسب أسعار الكونتراتات أو بحسب السعر الجاري المحلي ، ويخصم من الثمن الذي يحدد على هاذ النحو ما عسى أن يكون المشتري قد عجله يوم البيع ( 13 يناير سنة 1904 م 16 ص 101 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا كان الثمن يحدد بسعر البورصة في اليوم الذي يعينه المشتري ، ثم أقفلت البورصة بقرار من الحكومة فأصبح متعذراً تحديد الثمن ، فإذا لم يتفق المتبايعان على طريقة أخرى لتحديد الثمن لم يجز للمحكمة أن تتولى هي نفسها هاذ التحديد ولو بطريق قريب من سعر البورصة ، ويسقط البيع لعدمت حديد الثمن ( 15 نوفمبر سنة 1918 م 30 ص 137 ) . وقضت بأن حق البائع في تحديد الثمن بعد الميعاد الأخير لتسليم آخر دفعة من القطن لا يجوز استعماله قبل أن يسلم البائع القطن المبيع للمشتري ( 9 يناير سنة 1918 م 30 ص 137 ) – وأنظر أيضاً في تحديد سعر القطن حسب سعر البورصة في يوم يحدده البائع أو المشتري : استئناف مصر 7 أبريل سنة 1924 المحاماة 4 رقم 704 ص 926 – استئناف مختلط 13 مارس سنة 1919 م 31 ص 207 – 8 ديسمبر سنة 1921 م 34 ص 46 – 19 يناير سنة 1922 م 34 ص 124 – 23 فبراير سنة 1922 م 34 ص 199 – 6 ديسمبر سنة 1922 م 35 ص 85 – 29 نوفمبر سنة 1923 م 36 ص 62 – 27 أبريل سنة 1925 م 37 ص 349 ( بذرة القطن ) – 12 مايو سنة 1927 م 39 ص 475 .
( [28] ) ويصح أن يتفق المتبايعان على أكثر من واحد يفوضان لهم أن يحددوا الثمن باتفاقهم جميعاً أو بأغلبيتهم ( بودري وينيا فقرة 134 ) .
( [29] ) كما يسري تصرف الوكيل في حق الموكل ، ويكون المتبايعان كأنهما هما اللذان قدرا الثمن ، وذلك كله طبقاً لأحكام الوكالة . فالثمن الذي يقدره المفوض ملزم للمتبايعين ، لا يستطيع البائع أن يحتج بأنه بخس ولا المشتري بأنه مبالغ فيه . ولكن يجوز الطعن في التقدير إذا وقع تدليس على المفوض من أحد المتبايعين أو من الغير . ونرى من ذلك أن الأجنبي الذي يكل إليه المتبايعان تحديد الثمن لا يعتبر خبيراً ( expert ) لأن رأي الخبير غير ملزم ، ولا يعتبر حكماً ( arbitre ) لأن الحكم يفترض قيام نزاع ولا نزاع بين المتبايعين فهما متفقان على أن يكلا تقدير الثمن لأجنبي . وإنما الأجنبي وكيل عن المتبايعين معاً ، مفوض منهما في تقدير الثمن ، فلأي منهما أن يحتج بما يقع فيه الوكيل من غلط أو تدليس أو إكراه ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة – بلانيول وريبير وهالم 10 فقرة 37 – فقرة 38 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2380 ) . وإذا عين المفوض باتفاق المتبايعين ، لم يجز لأحدهما أن ستقل أن يقدر الثمن ، لم يعد يجوز له أن يقدره . ويجوز للمتبايعين أن يتفقا على مفوض آخر لتقدير الثمن ، ويجوز لهما أن يتفقا مباشرة على الثمن ، ولكن البيع لا يعتبر تاماً إلا من وقت اتفاقهما على الثمن ، أو من وقت اتفاقهما على تعيين المفوض الآخر ويكون البيع في هذه الحالة موقوفاً على تقدير المفوض الجديد للثمن ( بودري وسينيا فقرة 136 ) .
وقد اعترض الأستاذ سليمان مرقس ( فقرة 91 – ص 131 ) على أن يكون المفوض وكيلاً مما يأتي : ( 1 ) لا يجوز أن يكون شخص واحد نائباً عن طرفي العقد . ويرد على هاذ الاعتراض بأن هذا يجوز بإجازة لاحقة ، وهنا يوجد ما هو أقوى من الإجازة اللاحقة فالمتبايعان أقرا معاً أن يقوم المفوض بتقدير الثمن . ( 2 ) الوكيل يجوز عزله وهنا المفوض لا يجوز أني ستقل أحد المتبايعين بعزله . ويرد على هاذ الاعتراض بان الوكيل الذي يعينه المتبايعان معاً لا يجوز عزله إلا باتفاقهما كما سبق القول . ( 3 ) تحديد الثمن عمل مادي ، والوكيل لا يقوم إلا بتصرف قانوني . ويدر على هذا الاعتراض أن تحديد الثمن هو جزء من عقد البيع وعنصر جوهري فيه ، فهو تصرف قانوني لا عمل مادي .
أنظر في الفقه المصري : الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 114 هامش رقم 1 ( ويذهبان إلى أن تعيين الأجنبي تفويض في تحديد الثمن ونيابة في قبوله ) – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 117 – 118 – وقارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 140 ( ويذهب إلى أن تحديد الثمن عمل مادي . ثم يقول إن المفروض في الوكالة بأن يكون الوكيل منفذاً لإرادة الموكل ، أما هنا فالمفوض يفوض إرادته على موكله . ويرد على ذلك بأن النائب يجري التصرف بإرادته هو لا بإرادة الأصيل وتنفذ هذه الإرادة في حق الموكل لأنه ارتضى ذلك مقدماً ) – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 ص 58 ( ويذهب إلى أن تحديد الثمن عمل مادي ، ومن ثم يقول إن التفويض عقد غير مسمى ) .
( [30] ) لوران 24 فقرة 74 – فقرة 76 – أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 17 – جيوار 1 فقرة 105 – بودري وسينيا فقرة 135 – بيدان 11 فقرة 117 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 147 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 92 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 141 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 – قارن بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 ص 39 .
( [31] ) ويقدر المفوض الثمن وفقاً للسعر الجاري وقت البيع لا وقت التقدير .
( [32] ) وهذا ما يجدر بالمشتري أن يفعله ، فلا يؤخر تسجيل العقد إلى أن يقوم المفوض بتحديد الثمن ، بل يبادر إلى التسجيل حتى يمتنع على البائع التصرف في المبيع ، أما هلاك المبيع قبل تقدير الثمن ، ولو كان في يد المشتري ، فهو على البائع . لأن الشرط ليس له أثر رجعي بالنسبة إلى تحمل تبعة الهلاك ( بودري وسينيا فقرة 135 ) .
( [33] ) أنظر المادة 386 / 2 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ( آنفاً فقرة 206 في الهامش ) .
( [34] ) كذلك لو كان المفوض شخصين ولم يتفقا على تقدر الثمن ، لا يتم البيع ، ولا يستطيعان الاتفاق على شخص ثالث يكون حكماً بينهما . ولو كان المفوض عدة أشخاص ويجب اتفاقهم جميعاً لتقدير الثمن ، فامتنع أحدهم ، لا يتم البيع ، ولا يستطيع الآخرون تعيين شخص يحل محل الشخص الممتنع ( بودري وسينيا فقرة 137 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 39 ) . ولا تستطيع المحكمة كذلك تعيين شخص يحل الشخص الممتنع ، بل لو اتفق المتبايعان على أن تعين المحكمة مرجحاً عند اختلاف المفوضين في تقدير الثمن ولكن أحد المفوضين امتنع عن إبداء رأيه فإن المحكمة لا تستطيع تعيين شخص يحل محله ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 40 هامش 1 ) . والقاضي لا يستطيع تقدير الثمن بنفسه ، حتى لو عهد إليه المتبايعان في ذلك وجعلاه هو المفوض ، لأن القاضي لست مهمته أن يكمل العقود التي لم تتم ، بل أن يحسم الخلاف في عقود تمت ( لوران 24 فقرة 75 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 27 مكرر – عكس ذلك : بودري وسينيا فقرة 139 بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 37 ص 37 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 145 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 ) .
( [35] ) بودري وسينيا فقرة 138 ص 136 – وقد يترك المتبايعان تعيين المفوض لأجنبي يقوم هذا الأجنبي بتعيينه ، فالبيع لا يتم في هذه الحالة بمجرد تعيين الأجنبي الذي وكل إليه تعيين المفوض ، بل يجب أن يعين الأجنبي المفوض فعلاً حتى يتم البيع موقوفاً على شرط واقف هو تقدير المفوض للثمن ( بودري وسينيا فقرة 139 مكررة أولاً ) . ويكون تقدير المفوض للثمن بحسب السعر الجاري وقت تعيين المفوض لأنه هو الوقت الذي يستند إليه قيام البيع ، ويصدق ذلك في حالة تعيين المفوض بواسطة أجنبي وفي حالة تعيين المتبايعين للمفوض في اتفاق لاحق .
( [36] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 39 ص 40 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2383 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 119 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 93 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 116 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 139 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 31 ص 56 – بل ولا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالي : أنسيكلوبيدي داللوز لفظ vente فقرة 760 .
وهناك رأي يذهب إلى أن التعويض في هذه الحالة لا ينشأ عن التزام تعاقدي ، بل عن خطأ تقصيري ( بودري وسينيا فقرة 138 ) .
( [37] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 215 – ص 216 في الهامش .
( [38] ) أنظر الوسيط الجزء الأول ص 389 هامش رقم 1 .
( [39] ) وكان دوماً ( القوانين المدنية 1 فقرة 26 ) وبوتييه ( البيع فقرة 24 ) في القانون الفرنسي القديم يذهبان إلى وجوب أن يكون الثمن الذي يعينه المفوض ثمناً عادلاً . ولكن هذا الرأي لا يمكن الأخذ به دون نص خاص يماثل النص الذي ورد في التقنين المدني الألماني فيما قدمناه ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 38 هامش 4 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 117 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 149 – الأستاذ عبد المنعم عبد البدراوي فقرة 142 – وقارن أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 16 – ص 17 ) .
ولكن يصح أن يتفق المتبايعان على وضع حدود لتقدير المفوض للثمن ، كأن يضعا حداً أدنى واحداً أعلى ، فلا يجوز للمفوض في هذه الحالة أن يجاوز في تقديره الحد الأعلى ولا أن ينزل عن الحد الأدنى ، وإلا كان تقديره باطلاً واعتبر البيع كأن لم يكن ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة ثانياً – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 ) . ولو أدخل المفوض ، دون تفويض خاص في ذلك ، احتمال ارتفاع الأسعار في المستقبل في حسابه عند تقدير الثمن ، يكون قد جاوز مهمته ( بودري وسينيا فقرة 140 مكررة ثانياً – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 38 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 149 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 92 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 105 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 67 ) .
( [40] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 33 .
( [41] ) كما قد يجوز الطعن فيه بالغلط أو التدليس أو الإكراه ، بحسب السبب الذي دفع البائع إلى قبول هذا الثمن البخس .
( [42] ) استئناف وطني 4 مايو سنة 1905 الاستقلال 4 ص 343 .
( [43] ) الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 147 .
( [44] ) الوسيط جزء 2 فقرة 628 – فقرة 630 – ومن القرائن القوية على الصورية أن يكون عجز المشتري عن دفع الثمن واضحاً كل الوضوح ، بحيث لا يعقل أن يكون البائع قد أخذ الأمر على محمل الجد ، وأن الثمن المذكور في العقد ليس إلا ثمناً صورياً والعقد ليس إلا تبرعاً ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 المحاماة 13 رقم 61 ص 185 – جيوار 1 فقرة 95 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 35 ص 35 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 106 ) . على أنه لا يجوز أن يستفاد دائماً م مجرد إعسار المشتري وعلم البائع بهذا الإعسار أن الثمن صوري ليس في نية البائع تقاضيه ، فقد يؤمل البائع أن المشتري سيلقى بعد عسر يسراً ( بودري وسينيا فقرة 129 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 137 ص 195 ) – أما العكس فغير صحيح ، فقد يكون المشتري في حالة تمكنه من دفع الثمن ويكون مع ذلك الشراء الحاصل منه صورياً ، إذ لا تلازم بين حالة الإعسار وصورية العقد . فإذا اقتنعت المحكمة بأن تصرفاً ما كان صورياً ، فليس هناك ما يحتم عليها أن تعرض بالبحث للمستندات المقدمة من المشتري إثباتاً ليسره ومقدرته على دفع الثمن ، فإن هذا لا يقدم ولا يؤخر ( نقض مدني 2 يناير سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 88 ص 296 ) .
( [45] ) ولا يقال إن البيع يكون باطلاً ويتحول إلى هبة صحيحة ، بل العقد هبة مكشوفة رأساً ( الأستاذ جميل الشرقاوي ص 106 ) . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا ذكر الثمن في عقد البيع مع إبراء المشتري منه أو هبته إياه ، فإن العقد في هذه الحالة لا يصح أن يكون ساتراً لهبة ، لأن القانون وإن أجاز أن يكون العقد المشتمل على الهبة موصوفاً بعقد آخر ، إلا أنه يشترط أن يكون هذا العقد مستوفياً الأركان والشرائط اللازمة لصحته ( نقض مدني 9 يونيه سنة 1938 مجموعة عمر 2 رقم 130 ص 400 ) .
( [46] ) بودري وسينيا فقرة 129 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 137 ص 159 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 97 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 105 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 144 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 28 – ويترتب على ذلك أنه يجوز الأخذ بالشفعة في هذا البيع ، ويأخذ الشفيع العقار بالثمن المسمى الذي أبرئ منه المشتري أو وهب إياه ، ولو اعتبر العقد هبة لما جاء الأخذ بالشفعة . وفي التقنين المدني العراقي نص صريح في هذا المعنى ، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 529 من هذا التقنين على ما يأتي : ” وللبائع أن يحط جميع الثمن قبل القبض ، ولكن لا يلحق هذا الحط بأصل العقد . فلو أبرأ البائع المشتري من جميع الثمن وأخذ الشفيع المبيع ، وجب أن يأخذه بالثمن المسمى ” ( أنظر آنفاً فقرة 206 في الهامش ) .
( [47] ) محكمة مصر 18 أبريل سنة 1914 الحقوق 29 ص 187 – وهذا ما يميز الثمن التافه من الثمن الصوري . فالثمن التافه مقدار قليل جداً من النقود لا يتناسب أصلاً مع قيمة المبيع ، ولكن البائع يحصل عليه فعلاً . أما الثمن الصوري فيكون عادة مقداراً من النقود مناسباً لقيمة المبيع ، ولكن البائع لا يحصل عليه ولا يقصد ذلك .
( [48] ) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 16 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 138 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 107 هامش 3 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 147 ص 214 – أنظر عكس ذلك وأن الهبة تكون مستترة لا مكشوفة بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 41 .
( [49] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2372 – قارن جوسران 2 فقرة 1025 .
( [50] ) قارن بيدان 11 فقرة 143 .
( [51] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه على فرض أن الإيراد المقرر في العقد مدى حياة البائع هو دون ريع المنزل المبيع ، وأن هذا يجعل الثمن معدوماً فيعتبر العقد باطلاً كبيع ، فإن الحكم قد أقام قضاءه على أساس أن العقد يعتبر في هذه الحالة هبة صحيحة شكلاً لإفراغها في قالب بيع ( نقض مدني 5 أبريل سنة 1951 ، مجموعة أحكام النقض رقم 96 ص 573 ) .
( [52] ) أنظر لوران 24 فقرة 85 وما بعدها – جيوار 1 فقرة 97 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 26 – بيدان 11 فقرة 142 – كولان وكابيتان 2 فقرة 871 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 107 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 146 – وقارن ماركاديه م 1591 فقرة 3 – بودري وسينيا فقرة 130 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 41 ص 42 – ص 43 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 107 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 99 .
ويجوز الطعن في البيع بدعوى الغبن الفاحش إذا توافرت شروطها ، كما سنرى .
م 425 ورد هذا النص في المادة 565 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل تعديلاً طفيفاً فصار مطابقاً ، إلا في عبارة واحدة عدلتها لجنة الشئون التشريعية في مجلس النواب ، إذ كان نص المشروع كما يأتي : ” فليس للبائع إلى أن يطلب تكملة الثمن ” فاستبدلت بهذه العبارة عبارة ” فللبائع أن يطلب تكملة الثمن ” لأن العبارة الأولى توهم أن البائع ناقص الأهلية لا يملك في حالة الغبن إلا دعوى تكملة الثمن ، والواقع أنه يملك أيضاً دعوى إبطال العقد لنقص أهليته ، وقد يرى المصلحة في إحدى الدعويين دون الأخرى . وصار رقم النص 438 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 425 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 35 – ص 37 ) .
م 426 : ورد هذا النص في المادة 566 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل تعديلاً طفيفاً فصار مطابقاً ، وأصبح رقمه 435 في المشروع النهائي ، ووافق عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 426 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 37 – ص 38 ) .
م 427 : ورد هذا النص في المادة 567 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : ” لا يجوز الطعن بالغبن في بيع ينص القانون على أنه لا يتم إلا بطريق المزاد العلني ” . وفي لجنة المراجعة حور النص تحويراً يجعل المعنى أدق ، فأصبح المعنى مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 440 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 427 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 وص 41 ) .
( [54] ) التقنين المدين السابق م 336 / 419 : الغبن الفاحش الزائد عن خمس ثمن العقار المبيع لا يترتب عليه حق إلا للبائع في طلب تكملة الثمن ، ويكون ذلك في حالة بيع عقار القصر فقط .
م 337 / 420 : يسقط حق إقامة الدعوى بالغبن الفاحش بعد بلوغ البائع سن الرشد أو وفاته بسنتين . ولا يترتب على ذلك الحق إخلال بحقوق أصحاب الرهون العقارية .
والفروق ما بين التقنينين الجديد والسابق بينتها المذكرة الإيضاحية فيما يأتي :
1 – التقنين السابق لم يذكر إلا القاصر ، وجرى القضاء المصري على أن ذلك يشمل غير القاصر أيضاً من غير كاملي الأهلية كالمحجوز عليه ، فسجل التقنين الجديد هاذ القضاء بأ ، نص على بيع العقار المملوك لشخص لا تتوافر فيه الأهلية ( استئناف مختلط 10 أبريل سنة 1889 م 1 ص 115 – قارن 10 ديسمبر سنة 1890 م 3 ص 70 ) .
2 – نص التقنين الجديد على الطريقة التي يقدر بها الغبن ، فذكر أنه يجب لتقدير ما إذاك أن الغبن يزيد على الخمس أن يقوم العقار حسب قيمته وقت البيع . وهذا ما جرى عليه القضاء المصري ، فقننه التقنين الجديد ناقلاً في ذلك عن المشروع الفرنسي الإيطالي ( م 395 ) .
3 – جعل التقنين الجديد مدة التقادم ثلاث سنوات بدلاً من سنتين ، حتى يتسق التشريع في دعاوى الإبطال مع دعوى تكملة الثمن للغبن ( أنظر سريان التقنين الجديد بالنسبة إلى الزمان فيما يلي فقرة 223 ) .
4 – نص التقنين الجديد على عدم جواز الطعن بالغبن في بيع تم كنص القانون بطريق المزاد العلني ، كالبيع جبراً للتنفيذ على مال المدين وكبيع عقار القاصر في المزاد العلني ، لأن المفروض في هذه البيوع أن كل الإجراءات اللازمة للحصول على أعلى ثمن ممكن وقت البيع اتخذت ، فإذا رسا المزاد رغم ذلك بثمن فيه غبن ، فليس في الأمر حيلة . وفي هذا أيضاً تقنين لما جرى عليه القضاء في مصر .
أنظر فيما تقدم مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 – ص 40 .
وتمكن إضافة فرق خامس إلى هذه الفروق الأربعة ، هو الخاص بحماية الغير حسن النية ، فقد عم التقنين الجديد إذا شمل بالحماية كل من كسب حقاً عينياً على العقار المبيع ، وقصر التقنين السابق الحماية على أصحاب الرهون العقارية .
( [55] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى : التقنين المدني السوري م 393 – 395 ( مطابقة للمواد 425 – 427 من التقنين المدني المصري – وأنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 77 – فقرة 83 ) .
التقنين المدني الليبي م 414 – 416 ( مطابقة للمواد 425 – 427 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 124 : 1 – مجرد الغبن لا يمنع من نفاذ العقد ما دام الغبن لم يصحبه تغرير . 2 – على أنه إذا كان الغبن فاحشاً وكان المغبون محجوراً أو كان المال الذي حصل فيه الغبن مال الدولة أو الوقف ، فإن العقد يكون باطلاً . 3 – لا يجوز الطعن بالغبن في عقد تم بطريق المزايدة العلنية .
( ويختلف التقنين العراقي عن التقنين المصري بوجه خاص في الجزاء المترتب على الغبن ، في التقنين المصري الجزاء هو تكملة الثمن ، أما في التقنين العراقي فالجزاء هو بطلان العقد أصلاً ) .
تقنين الوجبات والعقود اللبناني م 213 : الغبن هو التفاوت وانتفاء التوازن بين الموجبات التي توضع لمصلحة فريق والموجبات التي تفرض على الفريق الآخر في العقود ذات العوض .
م 214 : إن الغبن لا يفسد في الأساس رضا المغبون . ويكون الأمر على خلاف ذلك ويصبح العقد قابلاً للبطلان في الأحوال الآتية : أولاً –إذا كان المغبون قاصراً . ثانياً – إذا كان المغبون راشداً وكان للغبن خاصتان : الأولى أن يكون فاحشاً وشاذاً عن العادة المألوفة ، والثانية أن يكون المستفيد قد أراد استثمار ضيق أو طيش أو عدم خبرة في المغبون . ويمكن إلى الدرجة المعينة فيما تقدم إبطال عقود الغرر نفسها بسبب الغبن .
( ويختلف التقنين اللبناني عن التقنين المصري فيما يأتي : ( 1 ) لم يحدد التقنين اللبناني رقماً ثابتاً للغبن ، وقد حدد التقنين المصري رقماً فجعله الخمس . ( 2 ) مزج بين الغبن والاستغلال . ( 3 ) قصر الغبن على القاصر دون غيره ممن لم تتوافر فيهم الأهلية . ( 4 ) جعل جزاء الغبن إبطال العقد لا تكملة الثمن ) .
( [56] ) استئناف مختلط 15 ديسمبر سنة 1931 م 44 ص 62 – 4 فبراير سنة 1932 م 44 ص 159 – 22 يونيه سنة 1932 م 44 ص 389 – 30 نوفمبر سنة 1933 م 46 ص 62 – 30 أبريل سنة 1935 م 47 ص 281 .
( [57] ) وقد يدخله البطلان من طريق عيب من عيوب الإرادة كالإكراه أو التدليس أو الغلط ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 59 ص 305 – وأنظر آنفاً فقرة 214 في الهامش ) .
( [58] ) أما الغبن ذو المعيار الذاتي الذي يعيب الرضا نفسه ولو كان المتعاقد كامل الأهلية – الاستغلال – فقد سبق بحثه ( أنظر الوسيط جزء أول فقرة 202 – فقرة 212 ) .
( [59] ) أما في القانون الفرنسي فيجوز الطعن في بيع العقار المملوك لكامل الأهلية إذا زاد الغبن على 7 / 12 من قيمة العقار وقت البيع ، ويجبر المشتري إما على رد العين واسترداد الثمن وإما على تكملة الثمن إلى تسعة أعشار القمية وقت البيع . فرد المبيع هو الالتزام الأصلي ، وتكملة الثمن التزام بدلي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 246 ص 302 – ص 303 – جوسران 2 فقرة 1055 ص 551 ) أنظر في تاريخ دعوى الغبن في القانون الفرنسي وأصل هذه الدعوى في القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم بودري وسينيا فقرة 671 – فقرة 763 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 235 .
وفي الفقه الإسلامي يمنع الغبن إطلاقاً في الأموال الربوية ( وهي المطعومات والأثمان أو المكيلات والموزونات ) . وفيما عدا الأموال الربوية لا يؤثر الغبن إذا لم يصحبه تغرير ، ولكن مجرد الغبن إذا كان فاحشاً يؤثر في بيع أموال المحجور وبيت المال والوقف فيجعل العقد فاسداً .
( [60] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” ويلاحظ أن معيار الغبن هنا معيار مادي . أم الغبن في العقد بصفة عامة ، وهو الاستغلال المنصوص عليه في الالتزامات بوجه عام ، معياره معيار نفسي : ولا يشترط فيه الوقوف عند رقم معلوم . . . . ويستخلص مما تقدم أن بيع عقار كامل الأهلية لا يطعن فيه بالغبن إلا إذا توافرت فيه شروط الاستغلال التي سبق بيانها ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 41 ) .
( [61] ) ويندر أن يكون صاحب العقار المبيع فاقد الأهلية أصلاً ، لأنه إذا باشر العقد بنفسه كان العقد باطلاً ، وإذا باشره عنه وصية بغير إذن المحكمة كان العقد باطلاً أيضاً . فيبقى أن يباشر العقد الوصي بإذن المحكمة ، ولا يباع العقار في مزاد علني ، ويقع في البيع غبن فاحش . ويبقى أيضاً أن يباشر العقد الولي في الحدود التي لا يشترط فيها إذن المحكمة ، ويقع في البيع غبن فاحش أما إذا كان صاحب العقار المبيع ناقص الأهلية ، فيضاف إلى هذين الفرضين فرض ثالث ، هو أن يباشر ناقص الأهلية العقد بنفسه ويقع في البيع غبن فاحش ، فيكون البيع قابلاً للطعن فيه بدعوى الإبطال وبدعوى الغبن الفاحش . أنظر ما يلي فقرة 221 .
( [62] ) استنئاف مختلط 11 يناير سنة 1905 م 17 ص 73 .
( [63] ) غير أن بيع حصص في شركة عقارية يعتبر بيع عقار ، إذا أدى إلى تجميع الحصص كلها في يد شريك واحد ومن ثم انحلت الشركة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 238 ص 285 ) .
( [64] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 238 ص 285 .
( [65] ) لو كان العقار عقاراً بالتخصيص فيدخل مع العقار الأصلي في حساب الغبن .
( [66] ) ويستوي أن يكون العقار مفرزاً أو شائعاً – ولا يعتبر عقاراً المنقول بحسب المآل كما في بيع البناء بقصد هدمه ، وبيع الأشجار بقصد قلعها ، وبيع حق استخراج المعادن والأحجار من المناجم والمحجر ( بودري وسينيا فقرة 680 ) .
( [67] ) أوبري ورو 5 فقرة 358 هامش 6 – بودري سوينيا فقرة 681 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 338 ص 285 – ص 286 ) .
( [68] ) على أنه لا يجوز الطعن ، في عهد التقنين المدني الأسبق ، في بيع الوفاء بالغبن ، وقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه لا يجوز تطبيق قواعد الغبن الفاحش على عقد البيع والوفائي الصادر من ولي القاصر للغير عن جزء من أملاك القاصر ، وذلك سواء أكان العقد عقد بيع وفائي أم كان المقصود به إخفاء رهن عقاري . وذلك لأن للبائع في العقد الأول استرداد المبيع إذا رد الثمن في الميعاد ، ولأن المشتري في العقد الثاني ليس له أي حق عيني على العين وإنما له دين عادي ، وبذلك ينتفي حصول أي ضرر للقاصر من جراء تصرفات وليه في ماله لإمكان استرداد العين المبيعة في الحالتين ( 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) .
( [69] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن المشتري لا يستطيع الطعن في الشراء بدعوى الغبن ، ولو اشترى بأكثر من قيمة المبيع بما يزيد على الخمس ( 7 يناير سنة 1891 م 3 ص 121 ) .
كذلك لا يجوز الطعن بالغبن في المقايضة ، أو تقديم عقار كحصة في شركة ، ولا في الوفاء بدين مقابل هو عقار وإن كانت هذه الحالة الأخيرة محل شك ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 153 – الأستاذ جميل الشرقاوي ص 44 ) .
( [70] ) فهذا البيع يصح أن يقع بالمزاد العلني وفقاً لإجراءات رسمها تقنين المرافعات ( أنظر المواد 712 – 717 ) ، وإن كان القانون لا يحتم ذلك . فقد يحصل الوصي على إذن المحكمة في بيع عقار القاصر ، وتقتصر المحكمة على أخذ رأي خبير في قيمة العقار ومناسبة الثمن لهذه القيمة دون أن تحتم أن يكون البيع بالمزاد العلني .
( [71] ) أنظر آنفاً فقرة 217 في الهامش .
( [72] ) أنظر عكس ذلك الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 112 والأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 35 ص 62 – ص 63 .
وفي معنى الرأي الذي نذهب إليه قضت محكمة النقض بأن المادة 614 مرافعات ( قديم ) لا توجب بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ، ولا يترتب البطلان على عدم إتباع هذا الطريق ، كما أن قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925 لم يشر بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة المشار إليها . ولازم ذلك أن بيع عقار القاصر بالممارسة مع تصديق المجلس الحسبي لا مخالفة فيه للقانون ولا للمادة المشار إليها . ويكون حكم النص المذكور غير واجب الإتباع إلا في حالة بيع عقار القاصر المأذون في بيعه من الجهة المختصة بالمزايدة ( نقض مدني 25 مايو سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 134 ص 534 ) .
( [73] ) ويستوي أن يكون المزاد العلني قضائياً أو إدارياً ، فإذا بيع عقار محجوراً بيعاً إدارياً لاستيفاء الضريبة ، لم يجز الطعن في البيع بالغبن ، لأنه بيع تم بطريق المزاد العيني كنص القانون ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 112 ) .
( [74] ) كذلك لا يجوز الطعن بالغبن في نزع ملكية عقار مملوك لغير كامل الأهلية للمنفعة العامة ، بحجة أن التعويض غير كاف وأنه ينطوي على غبن فاحش : فالمفروض أن صاحب العقار المنزوع ملكيته قد طرق السبل القانونية التي فتحها له القانون لجعل التعويض عادلاً لا ينطوي على غبن ( كولان وكابيتان 2 فقرة 878 ص 586 – جوسران 2 فقرة 1052 ص 551 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 471 ) .
( [75] ) فإذا أجاز القاصر البيع بعد بلوغ سن الرشد ، زال سبب الإبطال وبقى سبب الغبن ، فيجوز له حينئذ أن يطعن في البيع بالغبن . وتتحقق مصلحته في ذلك إذا نزلت قيمة العقار المبيع وقت الطعن بالغبن عما كانت وقت البيع ، فإن هو طعن بالإبطال استرد عقاراً قد تكون قيمته أقل مما كانت وقت البيع بأكثر من الخمس . فتكون له إذن مصلحة في أن يطعن بالغبن دون الإبطال حتى يستكمل أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع ، فيكسب من دعوى الغبن أكثر مما يكسب من دعوى الإبطال ، مثل ذلك أن تكون قيمة العقار وقت البيع ستمائة ، فيبيعه القاصر بثلثمائة ، فإذا بلغ سن الرشد ، وقد نزلت قيمة العقار إلى أربعمائة ، كانت إجازة البيع واستكمال أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع بدعوى الغبن خيراً للبائع من إبطال البيع واسترداد العقار مع رد ثمنه . ذلك أنه في الحالة الأولى يكسب مائة وثمانين ، وهو المقدار الذي يستكمل به أربعة أخماس قيمة العقار . وأما في الحالة الثانية فيسترد عقاراً قيمته وقت استرداده أربعمائة ، ويرد الثمن وهو ثلثمائة ، فالفرق الذي يكسبه هو مائة فقط .
وكذلك المزيد في مقال توكيل محامي
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد ، وكان نظام المجالس الحسبية إذ ذاك قائماً ، ما يأتي : ” هذا ويلاحظ أن نظام المجالس الحسبية يمنع في أحوال كثيرة من تطبيق هذه الأحكام ، فإن بيع عقار القاصر والمحجور عليه يكون عادة بقرار من المجلس الحسبي بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الغبن ، على أن الغبن يتصور وقوعه بالرغم من ذلك ، كما إذا باع القاصر عقاره بثمن بخس دون الرجوع إلى المجلس الحسبي . فيكون البيع قابلاً للبطلان من جهة ، وقابلاً للطعن عليه بالغبن من جهة أخرى . وقد يجيز القاصر البيع بعد بلوغ سن الرشد ، ثم يطعن فيه بالغبن إذا كانت له مصلحة في ذلك . وتتحقق المصلحة إذا نزلت قيمة العقار المبيع وقت الطعن بالغبن عما كانت وقت البيع ، بحيث تكون تكملة الثمن التي يحصل عليها من وراء الطعن بالغين خيراً له من استرداد المبيع إذا هو طعن في البيع بالبطلان ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 – ص 41 ) .
وقد قضت محكمة استئناف مصر بأن بيع الولي لمال القاصر بغبن فاحش يعطي الحق في طلب تكملة الثمن لا في طلب بطلان العقد ، أما إذا باشر القاصر البيع بنفسه فيكون له الحق عند وجود الغبن الفاحش في رفع إحدى دعويين ، هما دعوى بطلان التصرف لعدم الأهلية ودعوى تكملة الثمن ( 3 أكتوبر سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) .
ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه يجوز الطعن في عقد وقع ممن حل محل القاصر شرعاً في التعامل عنه ، أما إذا صدر البيع من القاصر نفسه فإن القاصر يجوز له طلب إبطال هذا البيع لنقص الأهلية ( 24 يناير سنة 1911 الحقوق 27 ص 67 ) .
( [76] ) الأستاذ سليمان مرقس فقرة 125 ص 175 – 176 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 153 ص 223 .
( [77] ) أنظر آنفاً فقرة 216 في الهامش – كذلك إذا كان العقار المبيع هو حق انتفاع مدى حياة المنتفع أو حق رقبة انفصل عن حق انتفاع مدى حياة المنتفع ، فإن هذا بيع احتمالي لكن يجوز أني دخله الغبن ( أنظر فيت طور ههذ المسألة في القضاء الفرنسي وانتهائه إلى إقرار هذا المبدأ بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 239 : وأنظر كولان وكابيتان 2 فقرة 1052 – أنسيكلوبيدي داللوز 5 لفظ vente فقرة 489 – فقرة 497 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 35 ص 61 – ص 62 – الأستاذ إسماعيل غانم ص 58 – الدكتور توفيق فرج في نظرية الاستغلال رسالة من الإسكندرية سنة 1957 ص 260 – ص 272 – وقارن الأستاذين نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 477 ) .
( [78] ) فلا يشترط في الغبن أن تكون إرادة المغبون معيبة ، بل يصح أن يكون على بينة من أمره غير مضغوط عليه وقد باع مختاراً بهذا الغبن الفاحش . أما في الاستغلال فلا بد أن يكون قد استغل في المغبون طيشه البين أو هواه الجامح .
ومن ذلك نرى أن دعوى الغبن ترجع في طبيعتها لا إلى عيب في الإرادة ولا إلى نقص في الأهلية ولا إلى تخلف السبب جزئياً ولا إلى مسئولية تقصيرية ، وإنما ترجع إلى فكرة التعادل ما بين المبيع والثمن ، ولذلك جاء الكلام فيها بعد الكلام في تقدير الثمن ، وهكذا فعل التقنين المدني الجديد . والقانون عندما يتطلب هاذ التعادل في حالة القاصر والمحجور لا يتسامح إلا في يسير لا يزيد على خمس القيمة ، ولذلك كان الغبن الفاحش عيباً في العقد ذاته أي في التعادل ما بين المبيع والثمن ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 152 – وقارن الأستاذ جميل الشرقاوي ص 47 – ص 49 ) .
( [79] ) كذلك إذا كان البيع إنما وقع تنفيذاً لوعد سابق بالبيع ذكر فيه الثمن ، فالعبرة بقيمة العقارات وقت ظهور رغبة الموعود له ، بالبيع في شراء العقار ، إذ في هذا الوقت يتم البيع . ولا يعتد بوقت الوعد بالبيع ، وقد ترتفع قيمة العقار أو تنخفض كما قد تتغير قيمة العملة ، والاعتبار في كل ذلك إنما يكون بالوقت الذي يتم فيه البيع أي عند ظهور رغبة الموعود له في الشراء ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 244 ) .
( [80] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 243 ص 295 ) .
( [81] ) استئناف وطني 30 أبريل سنة 1923 المحاماة 4 رقم 181 / 1 ص 150 – استئناف مختلط 30 مايو سنة 1895 م 7 ص 309 .
( [82] ) فإذا كان الثمن إيراداً مرتباً مدى الحياة ، قدرت تكملة الثمن وفقاً للحساب المتبع في شركات التأمين ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 302 هامش 3 ) .
ولم ينص التقنين المدني المصري ، كما نص التقنين المدني الفرنسي ( م 1682 ) ، على أن للبائع المطالبة أيضاً بفوائد تكملة الثمن بالسعر القانوني من وقت المطالبة القاضية بتكملة الثمن . فالبد من إتباع القواعد العامة في مصر ، فلا تكفي المطالبة القضائية بتكملة الثمن لاستحقاق الفوائد بالسعر القانوني ، بل لا بد من المطالبة القضائية بالفوائد ذاتها .
( [83] ) استئناف مختلط 4 يناير سنة 1900 م 12 ص 68 – 27 يناير سنة 1921 م 33 ص 155 – 18 يناير سنة 1939 م 51 ص 121 .
( [84] ) والدعوى لا تتجزأ ، فإذا تعدد الورثة وجب أن يتفقوا جميعاً على رفعها ( بلانيول وهامل 10 فقرة 240 ص 291 ) .
( [85] ) استئناف مصر 3 أكتوبر سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 74 ص 115 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 36 ص 63 – وقارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 474 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 125 ص 174 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 111 .
( [86] ) وإذا أخذ شفيع العقار بالشفعة ، حل محل المشتري في الالتزام بتكملة الثمن ، ورفعت الدعوى عليه ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 65 ص 86 ) .
( [87] ) أما في فرنسا فهي دعوى فسخ يتفادها المشتري بتكملة الثمن ، ومن ثم فهي دعوى مختلطة ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 237 ص 484 ) .
( [88] ) ويجب شهر حق الامتياز عن طريق قيد تكميلي يأخذ مرتبته من وقت القيد ( الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 115 ) .
( [89] ) فإذا كانت دعوى الغبن قد تقادمت بسنتين قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، وهو يوم تقادم التقنين الجديد ، فإنها تسقط . أما إذا كانت مدة السنتين لم تنقض في هذا اليوم ، طبقت أحكام التقنين الجديد وأكلت مدة التقادم إلى ثلاث سنوات .
( [90] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 39 – وأنظر آنفاً فقرة 217 في الهامش .
( [91] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وتسقط الدعوى بثلاث سنوات من وقت الأهلية الكاملة أو من وقت وفاة غير كامل الأهلية ، وتنتقل الدعوى في هذه الحالة إلى الورثة ، ولا يوقف التقادم حتى لو كان بين الورثة من هو غير كامل الأهلية ولم يكن له نائب شرعي ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 ) .
ويلاحظ أنه إذا بلغ البائع سن الرشد أو انتهى الحجر فبدأ سريان مدة الثلاث السنوات ، فإن هذه المدة لا تقف ولو حجر في خلالها على البائع ، لأن الوقف لا يرد عليها كما سبق القول ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 476 ) .
ويجوز بعد أن يستكمل البائع أهليته أن ينزل عن دعوى تكملة الثمن وعن دعوى الإبطال . أما وهو لا يزال غير كامل الأهلية ، فلا يجوز له ذلك ، بل لا يجوز ذلك أيضاً للولي ولا للمحكمة ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 473 ) .
( [92] ) أما دعوى الاستغلال فتعطى لكامل الأهلية ، إذ أن غير كامل الأهلية ليس في حاجة إليها وعنده ما هو أقوى منها وهي دعوى الإبطال ( قارن الأستاذ جميل الشرقاوي ص 47 ) .
( [93] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : ” فإذا حكم بالتكملة ، ولم يدفعها البائع ، جاز فسخ البيع – لا إبطاله – تطبيقاً للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 ) . ولصاحب العقار المبيع كذلك أن يمتنع عن تسليم المبيع إلى المشتري ، إذا كان لم يسلمه إياه ، وذلك إلى أن يستوفى تكملة الثمن ، وهذا هو الدفع بعدم تنفيذ العقد .
( [94] ) فإذا كانت قيمة العقار قد نزلت إلى أقل من أربعة أخماسها ، واسترد البائع العقار ، كان له أن يطلب تعويضاً هو الفرق بين أربعة أخماس قيمة العقار وقت البيع وقيمته بعد النزول .
( [95] ) ولكنه يعتبر سيء النية من وقت أن يسجل البائع عريضة دعوى الفسخ ، فإذا لم يكن المتصرف إليه قد شهر حقه العيني – ملكية أو حق إرتفاق أو حق رهن أو حق اختصاص أو غير ذلك – قبل تسجيل عريضة دعوى الفسخ ، سرى الفسخ في حقه . أما إذا كان قد شهر حقه قبل تسجيل عريضة دعوى الفسخ ، فلا يسري في حقه الفسخ إذا كان حسن النية ، فإن كان سيء النية سري الفسخ في حقه .
( [96] ) المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 40 .
( [97] ) ولا يكفي في التعويض باستكمال الثمن إلى أربعة أخماس قيمة المبيع ، بل يطلب قيمة المبيع كاملة إذا كانت هذه القيمة لم تنزل . ذلك أن البائع بعد الحصول على حكم بفسخ البيع ، انتقل حقه من استكمال الثمن إلى استرداد المبيع ذاته ، فإن تعذر عليه الاسترداد بفعل المشتري وجب على هاذ تعويض كامل أي دفع قيمة المبيع ( قارن الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 155 ) .
( [98] ) وفي القانون الفرنسي ، كما رأينا ، يطلب البائع فسخ البيع ، فيستطيع المشتري أن يتفادى الفسخ بتكملة الثمن . فالبائع في القانون الفرنسي يبدأ بدعوى الفسخ ، وينتهي بتكملة الثمن . أما البائع في القانون المصري فيبدأ بدعوى تكملة الثمن ، وينتهي بالفسخ .
( [99] ) فإذا لم يقم المتبايعين بالتزاماته ، جاز للآخر وفقاً للقواعد العامة ، فسخ البيع . وجاز له أيضاً حبس المبيع إذا كان هو البائع ، أو حبس الثمن إذا كان هو المشتري . وللبائع حق امتياز على المبيع يكفل له استيفاء الثمن بأكمله ، ومحل بحثه عند الكلام في حقوق الامتياز .
( [100] ) ويلاحظ أنه في تفسير التزامات كل من البائع والمشتري تسري القاعدة التي تقضي بأن يكون التفسير لمصلحة الملتزم ، فيكون تفسير التزامات البائع لمصلحة البائع وتفسير التزامات المشتري لمصلحة المشتري ، وقد اعتبر القضاء الفرنسي هذا النص استثناء فلم يتوسع في تطبيقه ، وقصره على الشروط المألوفة في المبايعات ، أما الشروط غير المألوفة التي تعد بها البائع فتفسر لمصلحته ( بودري وسينيا فقرة 283 – فقرة 284 – وأنظر آنفاً فقرة 24 ) .
وقد كان القضاء المختلط يفسر البيع لمصلحة المشتري إذا تطرق الشك إلى بيان الشيء المبيع مع أن هذا داخل في التزامات البائع فكان ينبغي أن يفسر لمصلحته لا لمصلحة المشتري . وكان هذا القضاء يستند في ذلك إلى أن البائع أدرى بالشيء المبيع ، فإذا لم يبينه بياناً كافياً فهو المقصر وفسر الشك ضده ( استئناف مختلط 29 ديسمبر سنة 1910 م 23 ص 95 – 19 يناير سنة 1911 م 23 ص 119 – 10 مايو سنة 1943 م 55 ص 148 – 29 مارس سنة 1944 م 56 ص 98 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة أيضاً بأنه إذا أخذ المشتري على عاتقه قيمة الرهن الذي يقل العين المبيعة ، فالفرق بين قيمة الرهن الحقيقية والقيمة المسماة في عقد البيع يفيد منها المشتري لأن الشرط يفسر لصالحه ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1901 م 13 ص 362 ) . وكان القضاء المختلط يجري بذلك على حكم نص التقنين المدني الفرنسي ، مع أن نص المادة 1602 من هذا التقنين لم تنقل في التقنين المدني المختلط . على أن محكمة الاستئناف المختلطة قضت مع ذلك في حكم لها بأن القواعد العامة هي التي تسري في تفسير التزامات كل من البائع والمشتري ، فالشك في الثمن يفسر لمصلحة المشتري والشك في المبيع يفسر لمصلحة البائع ( استئناف مختلط 19 أبريل سنة 1914 م 26 ص 355 ) .
وقد قضت محكمة النقض أخيراً بأنه متى تبين أن محكمة الموضوع قد فسرت شروط البيع في خصوص تحديد كمية المبيع تفسيراً سائغاً لم يخرج به عن حد حمل عباراتها على ما يمكن أن تحتمله ، ودعمت حكمها في هاذ الخصوص بما يؤيده من اعتبارات معقولة ، فإن ذلك مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع لا رقابة لمحكمة النقض عليها ( نقض مدني 20 مارس سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 29 ص 223 ) .
( [101] ) وقد أورد تقنين الموجبات اللبناني النصوص المتعلقة بانتقال ملكية المبيع في فصل خاص ، ثم أورد بعد ذلك سائر التزامات البائع ، بعد أن جمع على غرار التقنين المدني الفرنسي بين ضمان التعرض والاستحقاق وضمان العيوب الخفية تحت عبارة ” ضمان المبيع ” ، فنص في المادة 401 منه ( أنظر أيضاً المادة 1603 مدني فرنسي ) على ما يأتي : ” على البائع واجبان أساسيان : أولاً . تسليم المبيع – ثانياً . ضمان المبيع ” .
( [102] ) أنظر آنفاً فقرة 101 .
( [103] ) والسبب في أن القانون الروماني لم يكن يجعل البيع ناقلاً للملكية أن حق التملك كان مقصوراً على المواطن الروماني . ولما ألزمت ضرورات التطور التعامل مع غير المواطنين الرومانيين ، ووجب التوفيق بين هذه الضرورات وبين القواعد القانونية العتيقة ، جعل أثر البيع مقصوراً على تمكين المشتري من الانتفاع بالمبيع ، وبهذا تيسر التعامل مع غير المواطنين الرومانيين ( كولان وكابيتان 2 فقرة 508 ) .
( [104] ) فقد عرف بوتييه البيع على النحو الآتي : البيع عقد بموجبه يلتزم أحد المتعاقدين ، وهو البائع ، نحو المتعاقد الآخر أن ينقل إليه شيئاً يحوزه كمالك ( lui faire avoir librement a titre de propietaire une chose ) لقاء ثمن هو مبلغ معين من النقود ، ويلتزم المتعاقد الآخر ، وهو المشتري ، في مقابل ذلك أن يدفع الثمن ( بوتييه في عقد البيع فقرة 1 ) ، ويقول بوتييه ، في تعليقه على هذا التعريف ، إن البائع يلتزم بتسليم الشيء إلى المشتري وبضمان التعرض والاستحقاق ، ولكنه لا يلتزم بنقل الملكية فعلاً إلى المشتري ( بوتييه في البيع فقرة 1 – وأنظر بودري وسينيا فقرة 6 ص 5 ) .
( [106] ) بداية المجتهد لابن رشد 2 ص 135 .
( [107] ) ويذكرون لتعليل ذلك أسباباً مختلفة : كنها أن انتقال ملك المبيع إلى المشتري لا يتأكد إلا بالقبض ، فإذا تأكد بالقبض استطاع المشتري أن يتصرف فيه . ومنها أن المبيع قبل القبض يكون في ضمان البائع لا في ضمان المشتري ، ولا يجوز للمشتري أن يبيع ما ليس في ضمانه . ومنها أن المشتري الذي يبيع ما لم يقبض لا يكون قادراً على التسليم ، فلا يجوز له أن يبيع المبيع حتى يقبضه ليكن قادراً على تسليمه . أنظر الأم الشافعي جزء 3 ص 60 – فتاوى ابن تيمية 4 ص 74 – ص 75 .
( [108] ) مختصر الطحاوي ص 84 – ص 85 .
( [109] ) إذ تعرف البيع على الوجه الآتي : ” البيع اتفاق بموجبه يلتزم أحد المتعاقدين بتسليم المبيع ، ويلتزم المتعاقد الآخر بدفع ثمنه ” . وهذا هو الأصل الفرنسي للنص :
Art . 1582 : la vente est une convention par laquelle l’un s’obnlige a liver une chose, et l’autre a la payer .
( [110] ) وهذا هو الأصل الفرنسي للنص :
Art . 1583 :… . . la propriete est acquise de droit a l’acheteure a l’egard du vendeur, des qu’on est conveuu de la chose et du prix, quoique la chose n’ait pas encore ete livree ni le prix paye .
وأنظر أيضاً المادتين 711 و 1138 من التقنين المدني الفرنسي ، وأنظر الأعمال التحضيرية التقنين المدني الفرنسي وهي تصرح بأن هذا التقنين جعل البيع ينقل ملكية المبيع من تلقاء نفسه ( بودري وسينيا فقرة 8 – فقرة 10 ) . وهذا لا يمنع من أن تكن هناك إجراءات تلابس عقد البيع لينقل الملكية ، إما بالنسبة إلى الغير ، أو حتى فيما بين المتعاقدين . فتسجيل عقد البيع في العقار ضروري في القانون المصري : لا فحسب لنقل الملكية في حق الغير ، بل أيضاً لنقلها فيما بين المتعاقدين .
( [111] ) فنصت المادة 235 / 300 من التقنين المدني السابق على أن ” البيع عقد يلتزم به أحد المتعاقدين نقل ملكية شيء للآخر في مقابل التزام ذلك الآخر بدفع ثمنه المتفق عليه بينهما ” . ونصت المادة 418 من التقنين المدني الجديد على أن ” البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل المشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي ” .
( [112] ) وقد نصت المادة 393 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني على ما يأتي : ” إن بيع العقار أو الحقوق العينية المترتبة على أي عقار لا يكون له مفعول حتى بين المتعاقدين إلا من تاريخ قيده في السجل العقاري ” ونصت المادة 394 من نفس التقنين ما يأتي : ” إن المشتري يكتسب حتماً ملكية المبيع إذا كان عيناً معينة عندما يصبح للبيع تاماً باتفاق المتعاقدين ، ما لم يكن ثمة نص قانوني مخالف كالنص الوارد في المادة السابقة . ويكون الأمر كما تقدم حتى في الحالتين الآتيتين : أولاً – إذا كان التسليم أو دفع الثمن مربوطاً بأجل . ثانياً – إذا كان البيع منعقد على شرط الإلغاء ” .
( [114] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 568 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 441 من المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 428 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 42 – ص 43 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني الأسبق ، ولكن حكمه كان معمولاً به دون نص لاتفاقه مع القواعد العامة .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 396 ( مطابقة ) ، وفي التقنين المدني الليبي المادة 417 ( مطابقة ) ، وفي التقنين المدني العراقي المادة 353 ( مطابقة ) ، ولا مقابل لها في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ولكن الحكم متفق مع القواعد العامة في القانون اللبناني . أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 89 – فقرة 90 ، وفي القانون المدني العراقي الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 298 – فقرة 299 .
( [115] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في عبارة ” الحق المبيع ” : ” وهذه عبارة عامة لا تقتصر على نقل الملكية ، بل تشمل أي حق عيني أو شخصي يقع عليه البيع ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 43 ) . و بديهي أن التزام البائع بأن يقوم بما هو ضروري لنقل الحق يقصد به أن يقوم بما هو ضروري من جانبه ، ولا شأن له بما يجب على المشتري أن يقوم به لنقل الملك ( قارن الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي ص 299 هامش 1 ) .
( [116] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 43 .
( [117] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 52 – ص 53 .
( [118] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 55 في الهامش .
( [119] ) استئناف مختلط 21 ديسمبر سنة 1926 م 39 ص 101 – 7 فبراير سنة 1928 م 40 ص 186 .
( [120] ) ولكن كتابة العقد وما يسبق ذلك من إجراءات في قسم المساحة وإعداد العقد بوجه عام للتسجيل يقع على المشتري لا على البائع ، وليس البائع ملزماً إلا بتقديم البيانات اللازمة لإعداد العقد للتسجيل . وقد قضت محكمة النقض بأن أحكام قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 والقرارات الصادرة بتنفيذه تحتم دفع رسوم التسجيل مع رسوم التصديق على الإمضاءات عند تقديم العقد للتوقيع عليه . ولما كان المشتري هو الملزم بداهة بدفع هذه الرسوم ، فإنه هو الذي يكون عليه تجهيز العقد بناء على البيانات التي يحصل عليها ، سواء من البائع أو من الأوراق ، وبعد ذلك يكون له أن يطالب البائع بالحضور إلى قلم كتاب المحكمة لإمضاء العقد . وإذن فمن الخطأ أن تعتبر المحكمة البائع ملزماً بتجهيز العقد وتقديمه للمشتري لإمضائه ، خصوصاً إذا كان العقد الابتدائي صريحاً في أن البائع غير ملزم إلا بإمضاء العقد النهائي وكان المشتري لم يطلب من البائع في الإنذار الذي وجهه إليه إلا الحضور إلى قسم المساحة لتحرير العقد النهائي ( نقض مدني 28 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 164 ص 468 ) . وقضت أيضاً بأنه إذا استخلص من نص العقد أن المشتري هو الذي يحرر العقد النهائي وأن ما التزم به البائع هو أن يذهب مع المشتري في اليوم الذي يحدده إلى ديوان المساحة لمراجعة العقد والمصادقة عليه أمام رئيس القلم ، تعين على المشتري ، بدلاً من إنذار البائع بتحرير العقد النهائي في أجل معين وهو عمل لم يلتزم به ، أن يحدد في إنذاره يوماً للذهاب إلى ديوان المساحة ( نقض مدني 8 مارس سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 78 ص 423 ) – أنظر أيضاً الأستاذ أنور سلطان فقرة 152 .
( [121] ) الأستاذ محمد علي إمام فقرة 179 .
( [122] ) وقد يستبقى البائع مستند الدين والرهن في يده لأنه لا يزال ملزماً بالدين ، ويعطي صورة من هذا المستند للمشتري .
( [123] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الحكم قد استخلص عدم استحالة التنفيذ من أن التعاقد أبرم بعد صور قانون تقسيم الأراضي رقم 52 لسنة 1940 ، وأن امتناع المساحة عن تسجيل العقد كان متوقعاً كأثر من آثار هذا القانون ، فلا يمكن لبائع أن يستفيد من رفض التسجيل للتذرع بفسخ العقد لاستحالة التنفيذ ، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً سائغاً لا رقابة لمحكمة النقض عليه ( نقض مدني 28 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 110 ص 789 ) .
( [124] ) هذه هي الشروط اللازمة لانتقال الملكية فعلاً إلى المشتري ، ولا يشترط غيرها . فتنتقل الملكية إلى المشتري إذا توافرت هذه الشروط ، حتى لو كان متفقاً بين المتبايعين تأجيل تسليم المبيع ، أو تأجيل دفع الثمن ، أو دفعه أقساطاً على تفصيل سنورده فيما بعد ، وحتى لو كان البيع معلقاً على شرط فاسخ . أما إذا كان البيع معلقاً على شرط واقف ، فإن نقل الملكية يقف حتى يتحقق الشرط . وقد نصت المادة 394 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني صراحة على هذا الحكم كما رأينا إذ تقول : ” ويكون الأمر كما تقدم ( أي يكسب المشتري ملكية المبيع ) حتى في الحالتين الآتيتين : أولاً – إذا كان التسليم أو دفع الثمن مربوطاً بأجل . ثانياً – إذا كان البيع منعقداً على شرط الإلغاء ” .
( [125] ) فإذا تم صنع الشيء أو تقدم صنعه لدرجة تكفي لتعيينه ، فإن ملكيته تنتقل إلى المشتري من هذا الوقت ولو قبل التسليم ، فيكون ضماناً لدائنيه ولا يجوز للبائع إتلافه ( بيدان 11 فقرة 167 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 11 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 160 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) . وكان الفقه في فرنسا يذهب إلى أن ملكية الشيء الموصي بصنعه ( chose a fabriquer ) لا تنتقل إلا بتسليمه للمشتري وقبوله منه ، فهو بيع على شرط التسليم ( vente a livrer ) ، وذلك كالأثاث الموصي بصنعه يبقى على ملك الصانع إلى أن يتم تسليمه للمشتري ( بلانيول وريبير وبيكار 3 فقرة 622 – بلانيول وريبير ورواست 11 فقرة 925 – بلانيول وريبير وبولانجيه 1 فقرة 2895 ) . ثم اتجه القضاء الفرنسي إلى أن نقل الملكية يتم بمجرد الانتهاء من صنع الشيء أو التقدم في صنعه بحيث يكون ذلك كافياً في تعيينه كما سبق القول ، وتبع القضاء بعض الفقهاء كما رأينا ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) على أنه يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على أن الملكية لا تنتقل إلا عند قبول المشتري الشيء الموصي بصنعه وتسلمه إياه ، وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمناً من أن البائع هو الذي يورد الخامات التي يصنع منها الشيء ( بيدان 11 فقرة 167 ) .
وفي الأشياء التي تصنع على نموذج واحد ( fabrication en serie ) يعتبر المبيع بعد الانتهاء من صنعه متعيناً بنوعه فقط ، ومن ثم يجب إفرازه بعد ذلك لتعيينه بذاته ، فتنتقل ملكيته من وقت الإفراز ( بيدان 11 فقرة 167 – ديموج 6 فقرة 65 – كولان وكابيتان 1 فقرة ؟ 1977 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 160 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 175 ) .
وفي بيع المحصولات المستقبلة إذا كان البيع جزافاً ، تنتقل الملكية بوجود المحصول : منذ بدء وجوده وانعقاده أو من وقت حصاه وجمعه بحسب قصد المتعاقدين ، وعند الشك يكون من وقت الحصاد والجمع . وإذا كان البيع بالتقدير ، لم تنتقل الملكية إلا بالإفراز كما في سائر بيوع التقدير ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 174 ) .
والإنتاج الفني لا تنتقل ملكيته إلى من اشتراه إلا إذا سلمه الفنان للمشتري أو وضعه تحت تصرفه ، لأن الفنان له وحده الحق في نشر إنتاجه متى أرضاه ( الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 176 ) .
( [126] ) أنظر في كل ذلك بودري وسينيا فقرة 11 – فقرة 13 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 10 فقرة 11 .
( [127] ) ولا يعتبر البيع هنا معلقاً على شرط بل هو بيع منجز ، والمعلق على الشرط هو تنفيذ البيع لا انعقاده ( لوران 24 فقرة 4 – أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش 39 – بودري وسينيا فقرة 11 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 10 ) .
( [128] ) وقد درج الفقه في مصر وفي فرنسا على التحدث عن اقتران الملكية بأجل ، وفي رأينا أن هذه نظرة فقهية غير سليمة . فالملكية كما قدمنا حق دائم تستعصى طبيعته على التوقيت ، والأجل توقيت فلا يجوز أن تقترن به الملكية . وإذا اتفق البائع مع المشتري مثلاً على ألا تنتقل إليه ملكية الدار المبيعة إلا بعد سنة ينتفع فيها البائع بسكنى الدار ، وجب تفسير قصد المتبايعين بأن البائع اشترط الاحتفاظ بحق الانتفاع بالدار مدة السنة ، أما الرقبة فتنتقل إلى المشتري دون انتظار انقضاء السنة . هذا التفسير يفي بجميع الأغراض التي قصد إليها المتبايعان ، فقد احتفظ البائع بحقه في سكنى الدار سنة ، انتقلت الملكية في الرقبة دون المنفعة إلى المشتري قبل انقضاء السنة . وإذا قلنا بغير ذلك ، وقررنا أن البائع يحتفظ بالملكية كاملة ، انتفاعاً ورقبة ، مدة السنة ، فهل يزيد حقه بذلك شيئاً؟ الواقع أنه يكون في نفس الوضع الذي احتفظ فيه لنفسه بحق الانتفاع فقط ، فهذا الحق وحده هو الذي يستطيع أن يستغله وأن يتصرف فيه . أما ملكية الرقبة لمدة سنة فلا يفيده شيئاً ، ولا تجدي ملكية الرقبة إلا إذا كانت ملكية دائمة .
( [129] ) أنظر آنفاً فقرة 90 – فقرة 94 .
( [130] ) أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 425 .
( [131] ) ويترتب على أن الالتزام بالتسليم التزام بتحقيق غاية أنه إذا لم يتم تسليم المبيع إلى المشتري ، ولو بغير خطأ البائع بل ولو بقوة قاهرة ، كان البائع مخلاً بالتزامه ، وينبني على ذلك فسخ البيع أو انفساخه وتحمل البائع تبعة هلاك المبيع قبل التسليم كما سنرى . ويمكن الوصول إلى هذه النتيجة من طريق آخر ، هو القول بتبعية الالتزام بتسليم المبيع على الوجه الذي سنذكره . ويترتب على أن الالتزام بالمحافظة على البيع التزام ببذل عناية أن البائع يعتبر قد قام بالتزامه إذا هو بذل عناية الرجل المعتاد في المحافظة على المبيع قبل تسليمه ، ولا يكون مسئولاً عن هلاك المبيع هلكاً كلياً أو جزئياً إلا بموجب التزامه بالتسليم على النحو الذي بيناه .
( [133] ) وهذه هي أيضاً القاعدة في الفقه الإسلامي ، فالمبيع يهلك قبل التسليم على البائع ، ولو أن الملكية انتقلت إلى المشتري .
( [134] ) وسنرى هناك أثر الإعذار في تحمل الهلاك ( م 207 مدني – الوسيط 2 فقرة 432 ) . وأنظر في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 396 – 400 ، وهو كالتقنين المدني الفرنسي يحمل المشتري باعتباره مالكاً تبعة هلاك المبيع قبل التسليم .
( [135] ) وقد رأينا أن المشتري في أكثر مذاهب الفقه الإسلامي ليس له أن يتصرف في المبيع قبل قبضه بالرغم من أنه أصبح مالكاً له ( أنظر آنفاً فقرة 231 ) . وقد فارق التقنين المدني العراقي الفقه الإسلامي في ذلك ، فنصت المادة 532 من هذا التقنين على أن ” للمشتري أن يتصرف في المبيع ، عقاراً كان أو منقولاً ، بمجرد انتقال الملكية إليه ولو قبل القبض ” . وهذا هو الحكم أيضاً في تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، إذ تنص المادة 295 من هذا التقنين على أنه ” يحق للمشتري منذ إتمام العقد ، حتى قبل التسليم ، أن يتفرغ عن المبيع ، ما لم يكن ثمة اتفاق أو نص قانوني مخالف . ويحق للبائع أن يتفرغ عن حقه في الثمن قبل قبضه ” . وكذلك هذا هو الحكم في كل من التقنين المدني السوري والتقنين المدني الليبي ، طبقاً للقواعد العامة في هذين التقنينين وهي نفس القواعد العامة في التقنين المدني المصري .
( [136] ) وهذا حكم صحيح حتى لو لم يسجل عقد البيع وكان المبيع لا يزال في يد البائع ، فإن المشتري يستطيع حتى هذه الحالة أن يتصرف في العقار ، وعند تسجيل البيع الأول يصبح مالكاً فيكون التصرف الذي صدر منه قد صدر من مالك ، إما بفضل الأثر الرجعي للتسجيل على الرأي الذي نقول به ، وإما باعتبار أن المشتري وقت أن باع كان لا يملك ثم ملك بالتسجيل فينقلب البيع صحيحاً طبقاً لقواعد بيع ملك الغير السالف ذكرها .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه إذا كانت حدود الأرض المبيعة في عقد البيع تخالف الواقع ، فالذي انتقلت ملكيته بالبيع هو ما يتفق مع التحديد الوارد في عقد البيع لا التحديد الواقعي ( استئناف مختلط أول أبريل سنة 1915 م 27 ص 260 ) .
( [137] ) وهذا هو أيضاً ما تقضي به المادة 572 / 2 من التقنين المدني العراقي إذ تقول : ” والزيادة الحاصلة في المبيع بعد العقد وقبل القبض ، كالثمرة والنتاج ، تكون حقاً للمشتري ، وعليه تكاليف المبيع ، ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك ” . وتقضي بذلك أيضاً المادة 396 من تقنين الموجبات والعقود اللبناني ، فتنص على أنه ” يجب على المشتري عند صيرورة العقد تاماً – ما لم يكن ثمة ص مخالف – أن يتحمل : أوالً – الضرائب والتكاليف وسائر الأعباء المترتبة على المبيع . ثانياً – نفقات حفظ المبيع ومصاريف تحصيلها . ثالثاً – مخاطر العين المبيعة ” . ثم تنص المادة 417 من نفس التقنين على أن ” جميع منتجات المبيع وجميع زياداته المدنية والطبيعية تصبح ملكاً للمشتري من تاريخ إتمام البيع . ويجب أن تسلم إليه مع المبيع ، ما لم يكن هناك نص مخالف ” . أنظر أيضاً في هذا المعنى المادة 426 / 2 من التقنين المدني السوري والمادة 447 / 2 من التقنين المدني الليبي .
وأنظر في تملك المشتري لثمار المبيع ونمائه من وقت تمام البيع وتحمله تكاليف المبيع من هاذ الوقت أيضاً ما يلي فقرة 392 – فقرة 393 .
( [138] ) وقد نص التقنين المدني العراقي صراحة على هذا الحكم في المادة 533 ، وهي تقول : ” إذا قبض البائع الثمن ثم أفلس قبل تسليم المبيع إلى المشتري ، أخذ المشتري المبيع من البائع أو من ورثته دون أن يزاحمه سائر الغرماء ” .
( [139] ) الوسيط جزء 2 فقرة 422 ص 77 .
( [140] ) أنظر آنفاً فقرة 234 .
( [141] ) الوسيط ج 2 فقرة 417 .
( [142] ) أما إذا كان المشتري الآخر سيء النية ، فإنه لا يملك السيارة بالحيازة . وتبقى السيارة مملوكة للمشتري الأول ، وله أن يستردها من المشتري الآخر بدعوى الملكية ، ويرجع المشتري الآخر على البائع الأول كما قدمنا .
( [143] ) الوسيط جزء 2 فقرة 417 ص 177 – وأنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 514 – ص 515 ، وفي الوسيط جزء 2 ص 771 هامش رقم 1 .
( [144] ) أنظر آنفاً فقرة 119 .
( [145] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [146] ) أنظر آنفاً فقرة 117 .
( [147] ) أنظر آنفاً فقرة 118 .
( [148] ) أنظر الوسيط جزء 2 فقرة 420 .
( [149] ) أنظر في هذا النص الوسيط جزء 2 فقرة 419 .
( [150] ) أنظر آنفاً فقرة 120 .
( [151] ) الوسيط جزء 2 فقرة 421 – فقرة 422 .
( [152] ) الوسيط جزء 2 فقرة 421 .
( [153] ) الوسيط جزء 2 فقرة 422 .
( [154] ) أنظر آنفاً فقرة 122 .
( [155] ) أنظر آنفاً فقرة 121 .
( [156] ) الوسيط جزء 2 فقرة 423 .
( [157] ) فيتم الإفراز عند التسليم .
( [158] ) وكذلك إذا أفلس البائع والبضائع في الطريق ، جاز للمشتري أخذها إذا كانت الملكية انتقلت إليه عند الشحن ، ولا يجوز له ذلك إذا كانت ملكية البضائع في الطريق لا تزال للبائع ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 246 – ص 240 – الأستاذ محمد علي إمام فقرة 115 ص 216 – ص 217 ) .
وقضت محكمة النقض بأن القاعدة التي تقضي بأن الهلاك على المالك إنما تقوم إذا حصل الهلاك بقوة قاهرة ، أما إذا نسب إلى البائع تقصير فإنه يكون مسئولاً عن نتيجة تقصيره ( نقض مدني 27 يونيه سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 108 ص 767 ) .
( [159] ) استئناف مختلط 10 مايو سنة 1900 م 12 ص 245 – 33 مارس سنة 1904 م 16 ص 167 .
( [160] ) أنظر في القضاء المختلط في البيع ( cif ) وفي أن المسئولية خطر الطريق على المشتري لا على البائع : استئناف مختلط 3 ديسمبر سنة 1913 م 26 ص 71 – 14 أبريل سنة 1920 م 32 ص 276 – 20 مايو سنة 1925 م 37 ص 442 – 19 نوفمبر سنة 1927 م 39 ص 178 – 13 فبراير سنة 1929 م 41 ص 220 – 31 ديسمبر سنة 1930 م 43 ص 128 – 27 يناير سنة 1932 م 44 ص 148 – 8 مارس سنة 1933 م 45 ص 196 – 11 أبريل سنة 1934 م 46 ص 245 – 20 نوفمبر سنة 195 م 48 ص 31 – 12 يونيه سنة 1940 م 52 ص 309 – 12 نوفمبر سنة 1941 م 54 ص 8 – 18 نوفمبر سنة 1942 م 55 ص 9 – 6 يناير سنة 1943 م 55 ص 26 – 3 فبراير سنة 1943 م 55 ص 149 – 15 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 21 – 22 ديسمبر سنة 1943 م 56 ص 29 – 5 يناير سنة 1944 م 56 ص 42 – 8 مارس سنة 1944 م 56 ص 69 – 22 مارس سنة 1944 م 56 – ص 90 – 19 أبريل سنة 1944 م 56 ص 124 – 31 مايو سنة 1944 م 56 ص 178 – 3 يونيه سنة 1944 م 56 ص 56 ص 181 – 13 ديسمبر سنة 1944 م 5 ص 26 – 28 فبراير سنة 1945 م 57 ص 78 – 16 مايو سنة 1945 م 57 ص 154 – 30 مايو سنة 1945 م 57 ص 159 – 13 فبراير سنة 146 م 58 ص 54 – 5 مايو سنة 1948 م 60 ص 107 – 23 يونيه سنة 1948 م 61 ص 13 – 22 ديسمبر سنة 1948 م 61 ص 33 .
وقضت محكمة استئناف مصر بأن البيع cif معناه وفاء البائع ثمن البضاعة وأجرة التأمين وناولون الشحن وتحمل المشتري مسئولية العجز أو التلف الحاصل للبضاعة بعد الشحن ( استئناف مصر 15 يونيه سنة 1927 المحاماة 8 رقم 129 / 1 ص 173 ) .
وأنظر في البيع ( fob ) أي باشتراط تسليم السفينة ، استئناف مختلط 12 مايو سنة 1946 م 58 ص 189 – 11 ديسمبر سنة 1946 م 59 ص 55 – 19 مارس سنة 1947 م 59 ص 148 – 17 ديسمبر سنة 1947 م 60 ص 51 – 8 يونيه سنة 1949 م 61 ص 129 .
( [161] ) والبيانات هي في النقل البحري اسم السفينة والعلامات أو الأرقام التي تحملها البضائع . وفي النقل البري إذاك أن التسليم فيم حطة الشحن ، قد يلتزم البائع بحجز العربات اللازمة لشحن البضاعة ( franco sur wagon ) .
أنظر في كل ذلك بيدان 11 فقرة 165 .
( [162] ) وكان التقنين المدني السابق ينص في المادة 170 / 233 على أن الوفاء يكون فيم وطن المتعهد أي التسليم يتم فيم حطة الشحن لا في محطة التفريغ ( استئناف مختلط 18 مايو سنة 1899 م 11 ص 244 – 12 ديسمبر سنة 1916 م 29 ص 97 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 246 ص 241 ) . فيسري حكم التقنين السابق على كل العقود التي تمت قبل يوم 15 أكتوبر سنة 1949 .
( [163] ) الأستاذان أنور سلطان فقرة 161 وص 181 هامش رقم 1 – الأستاذان محمد علي إمام فقرة 115 .