بعض البيوع الموصوفة
66 – يدخل على البيع ما يدخل على سائر العقود من أوصاف :
والبيع كسائر العقود قد تدخل عليه أوصاف مختلفة ، فيكون معلقاً على شرط أو مقترنا بأجل ، يكون متعدد المحل بأن يكون بيعا مع خيار التعيين أو بيعا ينطوي على التزام بدلي كالبيع بالعربون . والقواعد العامة التي سبق أن بسطناها في أوصاف الالتزام من شرط ( 2 ) وأجل ( 3 ) ومن التزام تخييري ( 4 ) والتزام $127 $128 بدلي ([1]) ، وكذلك في البيع بالعربون ([2]) ، هي التي تنطبق ، فلا نعود إليها هنا ([3]) .
وإنما نقف عند بعض بيوع موصوفة كثيرة الوقوع في العمل . فنبسط ما يميزها من خصائص ، ونختار البيوع الآتية : ( 1 ) البيع بشرط التجربة ( vente a la degustation ) ( 2 ) البيع بشرط المذاق ( vente a l’essai ) ( 3 ) بيع الوفاء ( vente a remere ) ( 4 ) للبيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن ( vente a temperament ) أو الإيجار السائر للبيع ( location – vente ) ( 5 ) البيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير ( vente avec faculte d’elire commande ) .
البيع بشرط التجربة
( Vente a l’essai )
67 – النصوص القانونية : تنص المادة 421 من التقنين المدني على ما يأتي :
1 – في البيع بشرط التجربة يجوز للمشتري أن يقبل المبيع أو يرفضه ، $129 وعلى البائع أن يمكنه من التجربة . فإذا رفض المشتري المبيع وجب أن يعلن الرفض في المدة المتفق عليها ، فإن لم يكن هناك اتفاق على المدة ففي مدة معقولة يعينها البائع ، فإن انقضت هذه وسكت المشتري مع تمكنه نم تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا )) .
(( 2 – ويعتبر البيع بشرط التجربة معلقاً على شرط واقف هو قبول المبيع ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ ([4]) )) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المادة 242 / 308 ([5]) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 389 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 410 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 524 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 374 بند 3 والمادة 391 ([6]) .
$130 ويلخص من النص أن البيع قد يعلق على شرط التجربة ، فنبحث في هذا الصدد المسائل الآتية : ( 1 ) كيف يعلق البيع على شرط التجربة ، ( 2 ) كيف تكون التجربة والوقت الذي تتم فيه ، ( 3 ) التجربة كشرط واقف ، ( 4 ) التجربة كشرط فاسخ .
68 – كيف يعلق البيع على شرط التجربة : يكون ذلك عادة بأن يشترط المشتري أن يجرب المبيع ليتبين صلاحيته للغرض المقصود منه أو ليستوثق من أن المبيع هو الشيء الذي يطلب ، ولا يكون مجرد رؤية المبيع كافياً للاستيثاق من ذلك .
وأكثر ما يكون شرط التجربة صريحاً . ولكنه قد يكون ضمنياً ، يستخلص من طبيعة المبيع أو من ظروف التعامل . فشراء ملابس ينطوي عادة على شرط ضمني أن المشتري قد اشتراها بشرط تجربتها ، حتى إذا كانت لا تناسبه نقض البيع ([7]) . وشراء آلات ميكانيكية للزراعة أو الصناعة أو لغير ذلك من الأغراض ، إذا كانت من الدقة بحيث لا يستوثق من صلاحيتها إلا بعد تجربتها ، تفترض فيه التجربة شرطاً ضمنياً . وإذا اشترى شخص سيارة مستعملة لم يسبق له فحصها ، فالغالب أن يشترط أن يكون البيع بشرط التجربة ، وكثيراً ما يكون هذا الشرط مفهوماً ضمناً من ظروف التعامل ومن سبق استعمال السيارة . وقد يستقر $131 العرف في أشياء معينة أن يكون شراؤها معلقاً على شرط التجربة ن فيفهم الشرط ضمناً عن طريق العرف .
ونرى من ذلك أن البيع بشرط التجربة يقع عادة على الأشياء التي لا يمكن الاستيثاق منها إلا بعد استعمالها ، كالملابس والآلات الميكانيكية والآلات الكاتبة والتركيبات الكيماوية والأسمدة والسيارات والآلات الفوتوغرافية والصور والتبالوهات والراديوهات والأثاث المنزلي وكلاب الصيد وخيل السابق ونحو ذلك . وكل هذه الأشياء منقول ، ولكن لا يوجد مانع من أن يقع بيع التجربة على عقار فيشترط المشتري لمنزل يريد سكناه أن يكون البيع بشرط التجربة .
69 – كيف تكون التجربة والوقت الذي تتم فيه : إذا كان البيع بشرط التجربة ، وجب أن يمكن البائع المشتري من تجربة المبيع ، ويكون ذلك عادة بتسليمه إياه لاستعماله بنفسه ([8]) . وليس من الضروري أن تكون التجربة بمحضر من البائع ، فيجوز أن يجرب المشتري المبيع للاستيثاق من صلاحيته بعيداً عن البائع .
والتجربة يقصد بها أحد أمرين :
1 – إما لتبين أن المبيع صالح للغرض المقصود منه ، كأن يكون آلة ميكانيكية للحرث أو للدراسة ، فيجربها المشتري ومتى تبين أنها تصلح للحرث أو للدراسة فلا يستطيع أن يتحكم وينقض البيع بدعوى أن المبيع غير صالح فالصلاحية هنا معيارها وفاء المبيع بالأغراض المقصودة منه ، فمتى وجد المبيع صالحاً للوفاء بهذه الأغراض فلا يملك المشتري أن يرفضه ، وإذا وقع خلاف $132 حسمه الخبراء . وهنا يقترب معنى صلاحية المبيع من معنى خلوه من العيوب الخفية إذ المبيع غير الصالح يكون منطوياً عادة على عيب خفي يجعله غير صالح .
2 – وإما للاستيثاق من أن المبيع يستجيب لحاجة المشتري الشخصية ، فإذا اشترى ملابس أو فرساً أو منزلاً للسكني بشرط التجربة ، فالعبرة ليست بصلاحية المبيع في ذاته بل بملاءمته للمشتري . فقد تكون الملابس أو الفرس أو المنزل صالحة في ذاتها ، ولكن المشتري لم ترقه الملابس أو لم يجد في الفرس صفات خاصة كان يتطلبها أو لم يرتح للسكني في المنزل ، فله عند ذلك أن يرفض المبيع ، والقول في ذلك قوله هو لا قول الخبراء . وقد عرضت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي لهذا الأمر الثاني إذ تقول : (( ولم يقتصر المشروع على إدخال هذا التعديل ، بل بين كيف تتم التجربة ، فقرر إلزام البائع بتمكين المشتري من تجربة المبيع ، وللمشتري حرية القبول أو الرفض ، فهو وحده الذي يتحكم في نتيجة التجربة . وقد جارى المشروع في ذلك التقنين الألماني ( م 223 ) والتقنين البولوني ( م 339 ) ن فإن المفروض أن يكون المبيع من الأشياء التي يتطلب فيها أن تناسب المشتري مناسبة شخصية ، فهو وحده الذي يتسطيع أن يقرر ذلك ([9]) )) . وغني عن البيان أن ما ورد في المذكرة الإيضاحية إنما يفرض الأمر الثاني ويعتبره هو المتفق عليه بين المتبايعين ، ولكن ذلك لا يمنع من أن يتفقا على أن المقصود بالتجربة هو الأمر الأول ، أي أن يكون الشيء صالحاً في ذاته للأغراض المقصودة منه ، ومتى قوع خلاف بين الطرفين في ذلك حسم الخلاف أهل الخبرة ([10]) . فالعبرة إذن باتفاق المتبايعين ، فإن قصدا $133 من التجربة صلاحية الشيء في ذاته كان للخبراء القول الحاسم ، وإن قصدا منها مناسبة الشيء لحاجة المشتري الشخصية كان قول المشتري هو القول الأخير . وإذا وقع شك في قصدهما ، فالمفروض – نظراً لعبارة النص ولما جاء في المذكرة الإيضاحية – أن المقصود هنا مناسبة المبيع لحاجة المشتري ، فيكون للمشتري القول الحاسم في صلاحية المبيع .
والتجربة – سواء كان القصد منها تبين الصلاحية في ذاتها أو المناسبة لحاجة المشتري الشخصية – يجريها المشتري بنفسه في العادة ، لا سيما إذا كان القصد منها الاستيثاق من مناسبة المبيع لحاجته . ولكن قد يستعين فيها برأي صديق أو رأي خبير ، كما في الصور والتابلوهات والآلات الميكانيكية ([11]) .
وكثيراً ما يحدد المتبايعان وقتاً معيناً يعلن فيه المشتري نتيجة التجربة ([12]) . فإذا لم يحددا وقتاً لذلك ، جاز للبائع أن يقوم هو بتحديد مدة معقولة ، وللقضاء حق الرقابة عليه في ذلك ([13]) .
فإن قبل المشتري المبيع أو رفضه في خلال مدة التجربة ، اعتبر البيع من وقت إعلان القبول أو الرفض بيعاً تاماً أو كأنه لم يكن تبعاً للقبول أو الرفض ([14]) $134 أما إذا انقضت المدة ، وسكت المشتري عن القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ([15]) ، فإن سكوته يعد قبولا . ذلك أن التجربة شرط علق عليه البيع ، وقد جعله المشتري بامتناعه عن التجربة أبو بامتناعه عن إعلان نتيجتها مستحيلا ، فيعتبر الشرط إذا كان واقفاً أنه تحقق ، وإذا كان فاسخاً أنه تخلف ، طبقاً للقواعد المقررة في الشرط ([16]) .
70 – التجربة شرط واقف : بقي أن نبين هل شرط التجربة الذي علق عليه البيع شرط واقف أو هو شرط فاسخ . تجيب الفقرة الثانية من المادة 421 مدني ، كما رأينا ، بأن البيع بشرط التجربة يعتبر (( معلقاً على شرط واقف هو قبول المبيع ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ )) . فالأصل إذن أن يكون شرط التجربة شرطاً واقفاً ، وإذا لم يبين المتعاقدان صراحة أو ضمناً أنهما أرادا شرطاً فاسخاً ، أو كان هناك شك في فيما قصدا إليه ، كان المفروض أنهما أرادا أن تكون التجربة شرطاً واقفاً .
ويكون المشتري بشرط التجربة في هذه الحالة مالكاً تحت شرط واقف ([17]) ، ويبقى البائع مالكاً للمبيع تحت نفس الشرط ولكنه يكون شرطاً فاسخاً بالنسبة إليه . والشرط الذي يعتبر واقفاً بالنسبة إلى المشتري وفاسخاً بالنسبة إلى البائع هو قبول المشتري المبيع بعد تجربته ، بإعلانه هذا القبول إلى البائع في الميعاد المتفق عليه $135 أو الميعاد المعقول الذي حدده البائع على التفصيل الذي قدمناه . فالشرط يتحقق بقبول المبيع ([18]) . ومتى تحقق الشرط أصبحت ملكية المشتري للمبيع ملكية باتة بأثر رجعي ، فاستندت إلى وقت البيع لا إلى وقت القبول فحسب . وزالت ملكية البائع بأثر رجعي أيضاً ، فاستند زوالها إلى وقت البيع . ومن ثم تزول كل الحقوق العينية التي ترتبت من جهة المشتري . ويتخلف الشرط برفض المشتري للمبيع ، وإعلانه هذا الرفض للبائع في الميعاد . ومتى تخلف الشرط ، زال البيع بأثر رجعي واعتبر كأن لم يكن . وزالت مع البيع بأثر رجعي ملكية المشتري التي كانت معلقة على شرط واقف ، وأصبحت ملكية البائع التي كانت معلقة على شرط فاسخ ملكية باتة منذ البداية . وتبقى الحقوق العينية التي ترتبت على المبيع من جهة البائع في خلال مدة التجربة ، وتزول تلك التي ترتبت من جهة المشتري . أما إذا سكت المشتري عن إعلان القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ، فقد رأينا أنه بسكوته هذا جعل تحقق الشرط مستحيلا ، فيعتبر الشرط قد تحقق وأن المشتري قبل المبيع ، وتجري الأحكام التي قدمناها في حالة تحقق الشرط . وتقول الفقرة الأولى من المادة 421 مدني في هذا المعنى ، كما رأينا ، أنه (( إذا انقضت المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع ، اعتبر سكوته قبولا )) .
وإذا اعتبرنا التجربة شرطاً واقفاً ، كما هو الأصل ، وهلك المبيع بسبب أجنبي وهو لا يزال تحت التجربة وقبل تبين مصير الشرط ، هلك على البائع . ذلك لأن البائع هو المالك للمبيع تحت شرط فاسخ ، ولأن الشرط إذا تحقق – ويتعذر أن يتحقق في هذه الحالة فإن المشتري لن يقبل المبيع بعد أن هلك – لم $136 يكن لتحققه أثر رجعي ، فيبقى المالك وقت هلاك المبيع هو البائع لا المشتري ، فيهلك على البائع ([19]) .
71 – التجربة شرط فاسخ : على أنه يجوز للمتبايعين أن يتفقا على أن تكون التجربة شرطاً فاسخاً . ويكون الاتفاق على ذلك صريحاً ، أو ضمنياً يستخلص من الظروف وملابسات التعاقد . فعند ذلك ينفذ البيع منذ البداية ، ويصبح المشتري مالكاً للمبيع ملكية معلقة على شرط فاسخ ، بينما يصبح البائع مالكاً له ملكية معلقة على شرط واقف . والشرط هنا يصبح عدم قبول المشتري للمبيع وإعلان البائع بهذا الرفض ، فهذا هو الشرط الفاسخ بالنسبة إلى المشتري ، وهو في الوقت ذاته شرط واقف بالنسبة إلى البائع . فإذا تحقق الشرط ، بأن أعلن المشتري البائع رفضه للمبيع ، انفسخ البيع بأثر رجعي ، واعتبر المشتري كأنه لم يملك المبيع والبائع كأنه هو المالك منذ البداية ، وتزول الحقوق التي ترتبت من جهة المشتري على المبيع وتبقى تلك التي ترتبت من جهة البائع . أما إذا تخلف الشرط – أو صار في حكم المتخلف بأن سكت المشتري $137 عن القبول أو الرفض – فإن البيع يصبح باتا ن ويعتبر المشتري مالكاً للمبيع ملكية باتة منذ البداية ، وتزول ملكية البائع بأثر رجعي . وتبقى الحقوق التي ترتبت من جهة المشتري على المبيع ، بينما تزول الحقوق التي ترتبت من جهة البائع ([20]) .
وإذا هلك الشيء بسبب أجنبي ، هلك على المشتري لا على البائع ، لأنه وقت أن هلك كان ملك المشتري ، وذلك حتى لو تحقق الشرط فليس لتحققه أثر رجعي ( م 270 / 2 مدني ) .
2 – البيع بشرط المذاق
( vente a la degustation – vente ad gustum )
72 – النصوص القانونية : تنص المادة 422 من التقنين المدني على ما يأتي :
(( إذا بيع الشيء بشرط المذاق ، كان للمشتري أن يقبل المبيع إن شاء ، ولكن عليه أن يعلن هذا القبول في المدة التي يعينها الاتفاق أو العرف ، $138 ولا ينعقد البيع إلا من الوقت الذي يتم فيه هذا الإعلان )) ([21])
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولا به دون نص ([22]) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 390 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 411 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 525 – ويقابل في تقنين الموجبات والعقود اللبناني المادة 374 بند 4 والمادة 392 ([23]) .
$139 73 – كيف يعلق البيع على شرط المزاق : يكون ذلك عادة بأن يشترط المشتري على البائع ألا يتم البيع إلا إذا ذاق المشتري المبيع وقبله . وهذا الشرط قد يكون صريحاً ، وقد يكون ضمنياً يستخلص من الظروف والملابسات . ومن أهم الظروف التي يستخلص منها هذا الشرط طبيعة المبيع ، فمن المبيعات ما لا يدرك كنهه إدراكاً تاماً إلا بمذاقه ، وذلك كالزيت والزيتون والخل وبعض أنواع الفاكهة والنبيذ ونحو ذلك من المأكولات والمشروبات التي تختلف فيها أذواق الناس . فالمفروض أنه إذا بيع شيء من ذلك ولم تدل الظروف على أن المتبايعين أرادا استبعاد شرط المذاق ، فقد قصد المتبايعان أن يكون البيع بشرط المذاق ، فلا يتم إلا بعد المذاق وقبول المشتري للمبيع .
على أنه قد يتفق المتبايعان على استبعاد شرط المذاق حتى في المأكولات التي تقدمت الإشارة إليها ن وقد يستخلص هذا الاتفاق ضمناً من الظروف والملابسات . فإذا كان المشتري تاجراً يتجر في مثل هذه الأشياء ، واشترط على البائع بالجملة أن يبيعه منها كميات معينة ، على أن تكون من صنف جيد أو من صنف متوسط أو من الصنف التجاري المألوف ، وعلى أن ترسل إلى مكان المشتري وهو بعيد عن مكان البائع ، فهذه الظروف كلها يمكن أن يستخلص منها أن البيع بات وقد نزل المشتري عن شرط المذاق ، فهو تاجر يبيع لعملائه وليس لذوقه الشخصي دخل في الصفقة ، وقد اشترط الصنف الذي يريد وهذا أمر يترك لتقدير الخبراء عند النزاع ، وإرسال البضاعة إلى مكان بعيد يفهم منه أن الصفقة قد تمت وإلا لما خاطر البائع بإرسالها إلى هذا المكان البعيد قبل أن تتم . وكذلك إذا تم البيع على موجب عينة ، فالمفروض أن المشتري قد ذاق العينة وأقرها ، وأن المبيع الذي يجيء وفق العينة يكون البيع باتاً فيه وأن اختلافه عن العينة يكون محل تقدير الخبراء ([24]) .
$140 74 – كيف يتم المذاق – الزمان والمكان اللذان يتم فيهما :
يتم المذاق في الزمان والمكان اللذين يتفق عليهما المتبايعان . فإن لم يكن هناك اتفاق ، لا صريح ولا ضمني ، على الزمان والمكان ، اتبع عرف الجهة . فإن لم يكن عرف ، فالمذاق يتقدم تسلم المشتري المبيع من البائع ، فيتم في المكان الذي يكون فيه التسليم ، ويسبق التسليم فوراً ، بحيث إذا تسلم المشتري المبيع اعتبر تسلمه إياه رضاء به وقبولا له بعد مذاقه .
والذي يذوق المبيع هو المشتري شخصياً ([25]) ، وله الحرية الكاملة في قبول المبيع أو في رفضه حسب ذوقه ([26]) . فالبيع بالمذاق يختلف عن البيع بشرط التجربة في أن التجربة قد تكون لتبين صلاحية الشيء في ذاته وقد تكون للاستيثاق من مناسبة الشيء لحاجة المشتري ، أما المذاق فيتمحض في الاستيثاق من مناسبة الشيء لذوق المشتري . وحتى لو كان المشتري تاجراً واشترط مذاق المبيع ، فالعبرة بذوقه الشخصي ، وهو الذي يقرر – لا الخبراء – أي صنف يلائم عملاءه ([27]) . وغني عن البيان أن البائع يلتزم بأن يمكن المشتري من مذاق المبيع ([28]) .
ولا بد من أن المشتري يعلن قبول المبيع بعد مذاقه وسكوته لا يكفي ، وهذا فرق آخر بين بيع المذاق وبيع التجربة ([29]) . ولكن قبول المبيع قد يكون $141 صريحاً وقد يكون ضمنياً . ويستخلص القبول ضمناً ، كما قدمنا ، من تسلم المبيع ، أو من وضع المشتري ختمه أو علامة خاصة على المبيع ، فهذا وذاك دليل على أنه ارتضى المبيع بعد أن ذاقه ([30]) .
75 – التكييف القانوني للبيع بالمذاق : والبيع بالمذاق ليس بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ، بل ولا على شرط واقف ، وفي هذا يختلف أيضاً عن بيع التجربة . ذلك أن البيع بالمذاق ليس بيعاً أصلا ، بل هو مجرد وعد بالبيع . وهذا الوعد صادر من المالك ، وقد قبل الطرف الآخر الوعد ولم يقبل بعد البيع ذاته ([31]) . فإذا ذاق المبيع وارتضاه ، فقد قبل البيع . وينعقد البيع من وقت هذا القبول ، فليس للقبول أثر رجعي كما له هذا الأثر في بيع التجربة ([32]) . ومن ثم رأينا المادة 422 مدني تقول : (( كان للمشتري أن يقبل البيع )) . أما في البيع بالتجربة ، فتقول المادة 421 مدني : (( يجوز للمشتري أن يقبل المبيع )) . وهذا الفرق بين العبارتين نتيجة متفرعة عن الفرق بين العمليتين في طبيعتهما . فبيع التجربة بيع كامل وإن لم يكن باتاً ، ولذلك يقبل المشتري المبيع ، أما البيع فقد سبق له قبوله . وبيع المذاق ليس بيعاً كاملا ، بل وعداً بالبيع ، ولذلك يقبل المشتري البيع ، $142 ونرى من ذلك أن بيع المذاق إذا تم بيعاً بقبول المشتري للبيع – أي بقبوله للوعد وتحويله بيعاً بهذا القبول كما هو شأن الوعد بالبيع – فإن ملكية المبيع لا تنتقل إليه إلا من وقت هذا القبول . ويترتب على ذلك الأمور الآتية :
( 1 ) إذا كان دائن للبائع قد وقع حجزاً على المبيع قبل قبول المشتري للبيع ، كان الحجز صحيحاً إذ وقع على شيء مملوك للبائع ، وجاز الاحتجاج بالحجز على المشتري لو قبل البيع ، وهذا بخلاف بيع التجربة . ( 2 ) إذا أفلس البائع قبل قبول المشتري للبيع ، ثم قبل المشتري البيع ، فإنه لا يستأثر بالمبيع دون سائر الدائنين ، أما في بيع التجربة فيعتبر مالكاً من وقت البيع أي قبل الإفلاس فيستأثر بالمبيع . ( 3 ) إذا هلك الشيء قبل مذاقه ، هلك على البائع ([33]).
76 – الفروق بين بيع المذاق وبيع التجربة : والآن نستطيع أن نلخص الفروق ما بين بيع المذاق وبيع التجربة ([34]) فيما يأتي :
1 – المذاق ، بخلاف التجربة ، يراد به محض التثبت من ملاءمة الشيء لذوق المشتري ، ولا يمكن أن يقصد به الاستيثاق من صلاحية الشيء في ذاته ، فلا يجوز في المذاق أن يترك الأمر لتقدير الخبراء .
2 – المذاق يكون عادة قبل أن يتسلم المشتري المبيع ، أما التجربة فتكون عادة بعد التسليم .
3 – لا يكفي سكوت المشتري في بيع المذاق بل لابد من إعلان قبوله للبيع ، ويكفي السكوت في بيع التجربة ويكون معناه قبول المبيع .
4 – بيع المذاق مجرد وعد بالبيع ، أما بيع التجربة فبيع كامل معلق إما على شرط واقف وإما على شرط فاسخ .
5 – إذا وقع دائن البائع حجزاً على المبيع قبل قبول المشتري ، ففي بيع المذاق ينفذ الحجز في حق المشتري ، وفي بيع التجربة لا ينفذ .
$143 6 – إذا أفلس البائع قبل قبول المتشري ، ففي بيع المذاق لا يستأثر المشتري بالمبيع ، وفي بيع التجربة يستأثر .
7 – إذا هلك الشيء قبل قبول المشتري ، ففي بيع المذاق يكون هلاكه دائماً على البائع ، وفي بيع التجربة يكون الهلاك على البائع إذا كانت التجربة شرطاً واقفاً وعلى المشتري إذا كانت التجربة شرطاً فاسخاً ([35]) .
3– بيع الوفاء
( vente a remere )
77 – النصوص القانونية : تنص المادة 465 من التقنين المدني على ما يأتي :
$144 (( إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة ، وقع البيع باطلا )) ([36]) .
ويقابل هذا النص في التقنين المدني السابق المواد 338 – 347 / 421 – 433 – ([37]) .
$145 ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 433 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 454 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 1333 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني المواد 473 – 486 ([38]) . $146
وقد كان التقنين المدني السابق يقر بيع الوفاء وينظمه تنظيما مسهباً ، أما التقنين المدني الجديد فقد أبطله كما رأينا . فيحسن إذن أن نبحث بيع الوفاء : ( أ ) في عهد التقنين المدني السابق ، إذ لا يزال موجوداً حتى اليوم بيوع وفاء أبرمت في عهد التقنين السابق فتسري عليها نصوص هذا التقنين . ( ب ) في عهد التقنين المدني الجديد .
$148 1 – بيع الوفاء في عهد التقنين المدني السابق
78 – بيع الوفاء والرهن : بيع الوفاء في عهد التقنين المدني السابق كان طريقاً من طرق التأمين ، يتجرد فيه المالك عن ملكه لدائنه ، فيتملك الدائن المبيع تحت شرط فساخ ، هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات للدائن ، فينفسخ البيع ويعود المبيع إلى ملك البائع بأثر رجعي . فالبائع وفاء هو المدين ، والمشتري وفاء هو الدائن ، ويتجرد الأول عن ملكه للثاني على أمل استرداده في المستقبل . أما في رهن الحيازة فلا يتجرد الراهن عن الملك بل عن الحيازة فقط ، وفي الرهن الرسمي لا يتجرد عن الملك ولا عن الحيازة . فظاهر أن الرهنين يفضلان بيع الوفاء من هذه الناحية الهامة . ولكن بيع الوفاء – من ناحية أخرى أهل أهمية – يمتاز على كل من الرهنين . فهو يمتاز على رهن الحيازة بأن المبيع وفاء إذا هلك في يد المشتري هلك عليه دون البائع ، أما إذا هلكت العين المرهونة في يد المرتهن فإنها تهلك على الراهن دون المرتهن . ثم إن المشتري في بيع الوفاء لا شأن له ببقية أموال البائع الخارجة عن المبيع ، أما المرتهن فله عدا حقه العيني على الشيء المرهون حق شخصي يضمنه جميع أموال الراهن . ويمتاز بيع الوفاء على الرهن الرسمي بهاتين الميزتين وبأنه لا حاجة فيه إلى ورقة رسمية والرهن الرسمي لابد لانعقاده من هذه الورقة ، وبأنه يجوز في العقار وفي المنقول ، والرهن الرسمي لا يجوز إلا في العقار .
عن أن بيع الوفاء كثيراً ما يتخذه المتعاقدان ستاراً لإخفاء رهن حيازي ([39]) لو كشفنا عنه كان غير مشروع . ويتحقق ذلك في الفروض الآتية : ( 1 ) يقصد المتعاقدان إبرام قرض بربا فاحش مضمون برهن حيازي ، فلا يكشفان عن هذا القصد لعدم مشروعيته ، بل يلجآن إلى بيع الوفاء ، فيبيع المدين من الدائن عيناً بيعاً وفائياً ، ثم يستأجرها ويدفع أجرة هي عبارة $149 عن الربا الفاحش ([40]) . أو يشترط عليه المشتري ( الدائن ) إذا أراد استرداد العين أن يدفع ثمناً يكون أكثر من الثمن الذي قبضه ، والفرق ربا فاحش . ( 2 ) يقصد المتعاقدان التخلص من بطلان شرط امتلاك المرتهن للشيء المرهون إذا لم يف الراهن بالدين ، فيلجآن إلى بيع الوفاء . فيتخذ الدائن المرتهن سمة المشتري وفاء ، ويستطيع بذلك أن يتملك المبيع إذا لم يرد الراهن – وهو البائع وفاء – ما اقترضه وسماه ثمناً في بيع الوفاء . ( 3 ) يقصد المتعاقدان التخلص من قانون الخمسة الأفدنة ، فيسميان رهن الحيازة بيع وفاء . فلا يحتاج الدائن ( المشتري وفاء ) إلى الحجز والبيع ، بل يمتلك المرهون ( المبيع وفاء ) بمجرد عدم قيام المدين ( البائع وفاء ) بسداد الدين .
وقبل قانون رقم 49 / 50 سنة 1923 ، وكان على القاضي ، إذا عرض عليه عقد موصوف بأنه بيع وفاء ، أن يفسر هذا العقد بحسب نية المتعاقدين الحقيقية ، فيعتبره بيع وفاء أو رهناً ، ويجري على كل عقد حكمه . ثم صدر هذا القانون قاضياً بأن العقد الموصوف بأنه بيع وفاء ، إذا كان واقعاً على عقار ، وتبين أنه رهن ، فإنه يكون باطلا لا باعتباره بيع وفاء فحسب بل أيضاً باعتباره رهناً . وقالت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون : (( إن في إبطال عقود الرهن التي تكون في شكل بيع وفائي إبطالا تاماً الوصول إلى الغاية المطلوبة ، إذ من المؤكد أن الدائنين سيمتنعون من وصف عقود الرهن بصفة عقود بيع وفائي نظراً لما يترتب على هذا العمل من النتائج الخطيرة وإبطال العقد إبطالا تاماً . وعلى ذلك تكون هذه القاعدة بمثابة نظام رادع لمنع استعمال البيع الوفائي الذي ينطوي على الرهن ، وإلا كان جزاء المخالف إلغاء كل أثر لعقده )) . وقد جعل تشريع سنة 1923 من القرائن على أن بيع الوفاء يستر رهناً ، فيبطل كبيع وكرهن معاً ، اشتراط المشتري على البائع إذا أراد الاسترداد أن يرد مع الثمن فوائده ، وذلك لأن المشتري وفاء يقبض ريع المبيع ، فإذا ضم إليه الفوائد كان هذا قرينة على الربا الفاحش . وجعل من هذه القرائن أيضاً أن تبقى العين في حيازة البائع بأي سبب ( [41] ) . وهذه القرائن غير قاطعة ، فيجوز إثبات عكسها ( [42] ) .
79 – دوران في بيع الوفاء : ويمر بيع الوفاء على دورين : الدور الأول عند انعقاد البيع ، والدور الثاني عند استعمال حق الاسترداد .
أولاً – عند انعقاد بيع الوفاء :
80 – أركان بيع الوفاء : هي أركان أي بيع آخر ، رضاء المتعاقدين والمبيع والثمن ، ولا يشترط التسليم ( [43] ) . وهو بيع معلق على شرط فاسخ ، هو أن البائع إلى المشتري المبالغ التي يتفق عليها – وهي غالباً الثمن والمصروفات – في مدة معينة . فإذا تحقق هذا الشرط انفسخ البيع واعتبر كأن لم يكن ، ورجع المبيع إلى مالك البائع واعتبر أنه لم يخرج من ملكه أصلاً .
وحتى يعتبر هذا الشرط صحيحاً يجب توافر أمرين : ( 1 ) أن يكون الشرط معاصراً لعقد البيع ولو لم يكن مذكوراً في عقد البيع ذاته ، فالمعاصرة الذهنية تكفي ( [44] ) . فإذا تخلف الشرط عن عقد البيع ، فإن البيع ينعقد باتاً ، ويكون الشرط اللاحق إما وعدا بالبيع أو بيعاً معلقاً على شرط واقف تبعاً لنية المتعاقدين . وتكييف الشرط اللاحق بأنه بيع معلق على شرط واقف هو الذي تنص عليه المادة 425 مدني مختلط إذ تقول : إذا لم يشترط حق الاسترداد في العقد نفسه فمن يكسب هذا الحق لا يعود مالكاً إلا من يوم اشتراطه هذا الحق ” . ولا نظير لهذا النص في التقنين الوطني السابق ، ولكنه تطبيق للقواعد العامة ولنية المتعاقدين . ( 29 إلا تزيد المدة التي يصح فيها الاسترداد على خمس سنوات في التقنين الوطني ، وعلى سنتين في التقنين المختلط . وسنعود إلى هذه المسألة فيما يلي :
81 – حقوق كل من المشتري والبائع : يصبح المشتري ، بعد تسجيل بيع الوفاء إذا كان المبيع عقاراً ، مالكاً للمبيع تحت شرط فاسخ ، وله أن يتصرف فيه ولكن يكون تصرفه معلقاص على هذا الشرط . فله أن يبيع وأن يهب وأن يرهن ، فإذا تحقق الشرط فسخت كل هذه التصرفات . ويستطيع أن يطهر العقار مما عليه من الرهون ، ويبقى هذا التصرف نافذاً حتى لو تحقق الشرط الفاسخ . وله أن يطلب الأخذ بالشفعة ( [45] ) ، ويبقى تصرفه هذا أيضاً نافذاً ولو تحقق الشرط . وله من باب أولى أن يقوم بأعمال الإدارة ، كان يؤجر العين ، ويكون إيجاره نافذاً حتى لو تحقق الشرط الفاسخ وردت العين إلى البائع ، ويلتزم هذا بتنفيذ الإيجار إذا كان ثابت التاريخ ووقع دون غش ولم تجاوز مدته ثلاث سنوات ( 345 / 431 مدني سابق ) . وإذا كان بيع الوفاء صادراً من غير مالك ، فإن كان المبيع منقولا ملكه المشتري إذا كان حسن النية بموجب الحيازة ، وللمالك الحقيقي أن يستعمل حق الاسترداد . وإذا كان المبيع عقاراً ، أمكن المشتري أن يملكه بالتقادم الخمسي إذا كان حسن النية ، وللبائع حسن النية إذا استرد المبيع إني ضم مدة حيازة المشتري إلى مدة حيازته إذا اقترنت بسبب صحيح لأن المشتري يعتبر حائزاً لحسابه ( [46] ) . أما إذا كان المشتري سيء النية ، فإنه لا يملك المبيع إلا بالتقادم الطويل ، سواء كان المبيع عقاراً أو منقولا ، وله أن يضم مدة حيازة البائع ، فإذا ملك المبيع بالتقادم بقى للبائع حقه في الاسترداد .
ويصبح البائع مالكاً تحت شرط واقف . فإذا تصرف المشتري في المبيع ، ثم تحقق الشرط ، عادت الملكية إلى البائع بأثر رجعي ، وأمكن هذا أن يسترد المبيع ممن تصرف له المشتري . ويستطيع البائع أن يتصرف في ملكيته المعلقة على شرط واقف وأن يرهنها خاضعة لهذا الشرط ( [47] ) ، فإذا كان المبيع عقاراً وجب التسجيل أو القيد . وللبائع فوق ذلك حق شخصي في ذمة المشتري ، يستطيع بموجبه أن يسترد المبيع في مواجهته ، حتى لو انتقل إلى يد أجنبي .
ثانياً – عند استعمال حق الاسترداد :
82 – من يستعمل حق الاسترداد وضد من يستعمل وعلى أي شيء يقع : الذي يستعمل حق الاسترداد هو البائع ، وورثته من بعده ، ومن انتقل إليه حق البائع أي خلفه الخاص ( [48] ) . ولدائني البائع ، إذا كان هذا معسراً ، أن يستعملوا حقه باسمه وفقاً لأحكام الدعوى غير المباشرة ( [49] ) .
ويستعمل حق الاسترداد ضد المشتري أو ورثته من بعده . ويجوز أيضاً استعماله ضد المشتري من المشتري ( أي الخلف الخاص ) ، إلا إذا كان المبيع منقولا وكان المشتري الثاني حسن النية فإنه يملك المبيع ملكاً باتاً ويبقى للبائع أن يرجع بتعويض على المشتري . أما إذا كان المشتري الثاني يعلم شرط الاسترداد أو كان المبيع عقاراً ، فإنه يجوز للبائع أن يسترد منه المبيع ولا يدفع إلا الثمن المتفق عليه بينه وبين المشتري الأول حتى لو كان هذا الثمن أقل مما اشترى به المشتري الثاني ، ويرجع هذا على البائع له – أي على المشتري – بالفرق . أما إذا كان الثمن الذي اشترى به المشتري الثاني أقل ، فإنه يسترد من البائع الثمن الأكثر ، ولا يرد الفرق إلى المشتري لأنه تلقى عنه حقوقه بالثمن الذي دفعه له . ويلاحظ أن استرداد البائع من المشتري الثاني يكون بموجب دعوى عينيه هي دعوى الاستحقاق ، إذ يرجع المبيع إلى ملك البائع باستعمال حق الاسترداد . وقد تقدم أن للبائع عدا هذا دعوى شخصية قبل المشتري الأول ، وتظهر فائدتها في حالتين : ( 1 ) إذا كان البائع متأكداً من أن المبيع تحت يد المشتري الثاني ، إذ يجوز أن يكون هذا قد باعه لثالث ، ففي هذه الحالة لا يستطيع البائع أن يستعمل حق الاسترداد ضد المشتري الثاني ، وهو لا يعلم أين ذهبت العين ، فخير طريق يسلكه هو أن يستعمل حق الاسترداد ضد المشتري الأول بموجب حقه الشخصي فيضمن أن يكون استعماله لحق الاسترداد صحيحاً . ( 2 ) إذا كان البيع منقولا وقد ملكه المشتري الثاني حسن النية بالحيازة ، فلا يستطيع البائع في هذه الحالة أن يرفع عليه دعوى الاسترداد ، ولا يبقى له إلا الرجوع بتعويض على المشتري الأول بموجب حقه الشخصي ، وقد تقدم ذكر ذلك .
ويقع الاسترداد على نفس المبيع ، سواء كان ملكاً كاملاً أو حصة مشاعة أو حصصاً مقسومة ( م 346 / 432 مدني سابق ) . ولكن لهذه القاعدة استثناءات .
1 – فقد يتعدد البائع ، بان يرثه ورثة متعددون أو يكون هو نفسه في الأصل متعدداً . فإذا كان البيع بعقد واحد وبثمن واحد ، جاز للمشتري أن يطلب من البائعين جميعاً أن يتفقوا فيما بينهم على استرداد كل المبيع أو لا يستردون شيئاً أصلاً . ولا بد من اتفاق الجميع على الاسترداد ، فلو عرض أحدهم أن يسترد كل المبيع لنفسه لم يجبر المشتري على اجابة هذا الطلب إلا إذا نزل باقي البائعين للبائع الذي يريد الاسترداد عن حقهم فيه . أما إذا لم يستعمل المشتري حقه في طلب اتفاق البائعين على الاسترداد ، فكل بائع لا يسترد إلا نصيبه ، وبذلك ينقسم حق الاسترداد ( أنظر المواد 1668 – 1670 مدني فرنسي ، وهي مجرد تطبيق للقواعد العامة ) .
2 – وقد يتعدد المشتري ، بأن يرثه ورثة متعددون أو يكون هو نفسه في الأصل متعدداً . فيستطيع البائع إني ستعمل حقه في الاسترداد ضد كل واحد منهم بقدر نصيبه ( [50] ) . أما إذا وقع المبيع كله في نصيب أحد الورثة ، استعمل البائع حقه في الاسترداد ضد هذا الوارث بالنسبة إلى كل المبيع . ويبقى سائر الورثة كل منهم مسئولا بدعوى شخصية بمقدار نصيبه كل المبيع بأن كان مثلا منقولا وملكه مشتر ثان حسن النية بالحيازة . وليس للورثة أو للمشترين أن يطلبوا من البائع استرداد كل الشيء المبيع كما في حالة تعدد البائع ، بل ينقسم هنا حق الاسترداد حتما ( م 346 / 432 مدني سابق وم 1672 مدني فرنسي ) .
3 – وتقضي المادة 347 / 433 مدني سابق ( أنظر 1766 مدني فرنسي ) بأنه إذا كان المبيع بيع وفاء حصة شائعة في عقار ، واشترى مشتريها الحصة الباقية من مالكها بعد طلب هذا المالك مقاسمته ، فللمشتري المذكور عند مطالبة بائعه الأول باسترداد الحصة المبيعة بيع وفاء أن يلزمه بأخذ العين بتمامها . ذلك أن المشتري وفاء قد اضطر ، لحفظ الحصة الشماعة التي اشتراها ، أن يشتري حصة الشريك ، فلزم البائع أن يستردها مع الحصة المشاعة وأن يرد إلى المشتري الثمن الذي دفعه للشريك . ولكن للمشتري أن يحتفظ بما اشتراه في طلب المقاسمة وأن يرد للبائع الحصة المشاعة التي اشتراها منه فقط . فإذا لم يشتر المشتري وفاء حصة الشريك عند طلب القسمة ، بل بيعت كل العين لهذا الشريك أو لأجنبي ، فثمن الحصة المشاعة المبيعة وفاء هو الذي يستعمل فيه حق الاسترداد ( [51] ) . ويلاحظ أنه إذا كان المشتري وفاء هو الذي طلب القسمة ، فليس له أن يطالب البائع إلا باسترداد الحصة التي اشتراها منه ، وإذا خرجت العين من يده نتيجة للقسمة لم تسر القسمة في حق البائع وفاء بل له أن يسترد حصته المبيعة من يد من انتقلت إليه ، وله دعوى شخصية ضد المشتري وفاء كما قدمنا .
83 – متى يستعمل حق الاسترداد : الحد الأقصى للمدة التي يجوز أن يستعمل فيها حق الاسترداد هو خمس سنوات ( [52] ) . فإن اتفق المتعاقدان على أقل من هذه المدة ، سرى ما اتفقا عليه . وإن اتفقا على أكثر ، انقص ما اتفقا عليه إلى خمس سنوات ( [53] ) . وإن سكتا عن تعيين المدة ، اعتبرت المدة خمس سنوات ( [54] ) . والمدة تحسب بالتقويم الهجري ، بحسب المتبع في عهد التقنين المدني السابق . وتبدأ من وقت البيع ( [55] ) ، ولا يحسب يوم البيع ويحسب يوم الاسترداد ، وتحسب أيام الأعياد ولو انتهى بها الميعاد ، لأن المدة مدة سقوط لا مدة تقادم ، ومن ثم تسري على القاصر ولو لم يكن له نائب ( [56] ) .
وتنص المادة 342 / 427 مدني سابق على أن ” الميعاد المذكور محتم بحيث يترتب على تجاوز سقوط حق الاسترداد ، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بعدم سقوط الحق في أي حال من الأحوال ولو في حالة القوة القاهرة ” . فإذا انقضى الميعاد ولم يستعمل البائع حقه في الاسترداد ، أصبح بيع الوفاء الذي كان معلقاً على شرط فاسخ بيعاً باتاً ، وأصبح المشتري مالكاً للمبيع ملكا باتا منذ البيع لا منذ انقضاء المدة ( [57] ) ، فأصبحت جميع تصرفاته في البيع باتة . وعلى العكس من ذلك تزول ملكية البائع بأثر رجعي منذ البيع ، وتزول جميع تصرفاته وتعتبر كأنها لم تكن ، لأن هذا كله كان معلقاً على شرط واقف ولم يتحقق الشرط .
أما المتعاقدان فيستطيعان باتفاق لاحق مد الميعاد إذا كان أقل من الحد الأقصى بحيث لا تجاوز المدة بعد المد هذا الحد . وإذا اتفق متعاقدان في البداية على مدة معينة ، ثم مداها بعد ذلك ، فإن كان الاتفاق على الحد قبل انتهاء المدة الأولى فالحكم ما تقدم ، وإن كان بعد انتهاء المدة الأولى أمكن تفسير ذلك بان بيع الوفاء أصبح باتا بانتهاء المدة الأولى وأن المتعاقدين اتفقا بعد ذلك على بيع معلق على شرط واقف وحدد لتحقق الشرط مدة هي مقدار ما مد من الأجل ( م 428 مختلط ) ( [58] ) . ولا يجوز في جميع الأحوال أن يضر الاتفاق على مد المدة بحقوق الغير ( [59] ) . فإذا فرض أن المدة التي حددت أولاً هي سنتان ، وفي غضون السنة الأولى رتب المشتري وفاء رهناً على العقار المبيع ، ثم اتفق مع البائع قبل انتهاء الميعاد على مدة سنة ثالثة ، فإن الرهن يصبح باتا بانقضاء السنتين ، لأن الدائن المرتهن كسب حقه معلقاً على شرط فاسخ يجب أن يتحقق في هذه المدة ، فإذا انقضت ولم يتحقق صار حقه باتا . أما إذا كسب دائن آخر رهناً على العقار بعد مد الميعاد ولو قبل انتهاء السنتين ، فالميعاد الثاني الممدود هو الذي لا يسري الميعاد الأول ( [60] ) .
84 – كيف يستعمل حق الاسترداد : في فرنسا اختلف الرأي في الفقه . ففريق يذهب إلى أن البائع يستعمل حقه في الاسترداد بعرضه الثمن والمصروفات على المشتري عرضاً حقيقياً ، وفريق ثان يذهب إلى جواز الاقتصار على العرض الفعلي دون العرض الحقيقي ، وفريق ثالث يذهب إلى عدم ضرورة العرض إطلاقاً ويكفي إظهاره البائع للمشتري استعداده أن يدفع له فوراً الثمن والمصروفات فيتم الاسترداد بإرادة منفردة من جانب البائع يعلن بها رغبته في استرداد المبيع مع استعداده لرد الثمن والمصروفات . وبهذا الرأي الأخير يأخذ القضاء في فرنسا ، ويزيد عليه أن الاسترداد على هذا النحو يكون هو نفسه معلقاً على شرط واقف ، ويتحقق الشرط بأن يرد البائع للمشتري فعلا الثمن والمصروفات ، فإن لم يردها اعتبر الاسترداد كأن لم يكن فيخلص للمشتري ملك المبيع باتا ويأمن بذلك مزاحمة دائني البائع .
أما في مصر فالقضاء والفقه يذهبان إلى الأخذ بهذا الرأي الأخير ، وإلى أن مجرد إظهار البائع استعداده لدفع الثمن والمصروفات كاف ( [61] ) . ولكن يحسن إذا أخذ بهذا الرأي ، التمشي مع القضاء الفرنسي في أن الاسترداد على هذا النحو يكون معلقاً على شرط واقف هو الدفع الفعلي ، فإذا لم يتحقق هذا الشرط لم يعتبر البائع قد استرد وأصبح البيع باتا لعدم الاسترداد ، وبذلك يخلص للمشتري ملك المبيع فلا يزاحمه فيه دائنو البائع ( [62] ) .
85 – الآثار التي تترتب على استعمال حق الاسترداد : تترتب على استعمال البائع لحق الاسترداد النتائج الآتية :
أولاً – ينفسخ بيع الوفاء ويعتبر كأن لم يكن ، فتنفسخ تصرفات المشتري وفاء في المبيع وقد كانت معلقة على شرط فاسخ فتحقق الشرط ( [63] ) ، وتنفذ كل تصرفات البائع وقد كانت معلقة على شرط واقف فتحقق الشرط أيضاً .
ثانياً – يصبح البائع مديناً بما يأتي : ( 1 ) أصل الثامن . وليس من المحتم أن يكون الثمن الذي يرده البائع هو نفس الثمن الذي دفعه المشتري ، وإن كان هذا هو الذي يقع غالباً . ولكن قد يتفق المتعاقدان على أن البائع يرد ثمناً أكثر أو أقل ، إلا أنه في حالة اشتراط رد ثمن أكثر يكون هذا موجباً للشك في أن العقد رهن بربا فاحش . وليس على البائع رد فوائد الثمن ، فإن المشتري قد استغل المبيع مدة البيع الوفائي ويقوم ذلك مقام الفوائد حتى لا يجمع بين الفوائد والريع . بل أن اشتراط رد الفوائد يعتبر من القرائن على أن بيع الوفاء إنما هو رهن . ( 2 ) المصروفات المترتبة على البيع والتي تترتب على استرداد المبيع . فيرد البائع للمشتري رسوم التسجيل ، ويتحمل مصروفات الاسترداد من نقل المبيع والتأشير على هامش التسجيل وغير ذلك . ( 3 ) المصروفات الضرورية التي صرفها المشتري غير ما صرفه في صيانة المبيع ، وكذلك في المصروفات النافعة يرد أقل القيمتين ما صرف فعلا وما زاد في قيمة المبيع . ويشترط في المصروفات النافعة إلا تكون فاحشة ، فقد يتعمد المشتري تحسين المبيع تحسيناً يعجز البائع عن در مصروفاته ، ففي هذه الحالة يكون البائع غير ملزم بردها وعلى المشتري أن يرد الشيء إلى أصله وينزع منه ما زاد عليه من بناء أو غراس أو غير ذلك ( [64] ) .
وليس للمشتري حق امتياز على المبيع ، لأن الاسترداد فسخ للبيع الأول وليس بيعاً جديداً ، ولكن يستطيع المشتري أن يعتبر الاسترداد كأن لم يكن إن لم يستوف الديون المتقدم ذكرها على الرأي الذي نذهب إليه . وللمشتري على كل حال حبس المبيع حتى استيفاء هذه الديون .
ثالثاً – يصبح المشتري مديناً برد المبيع . ولا يرد الثمرات لأنها في مقابل الفوائد ، ويستحق منها بنسبة المدة التي بقى فيها بيع الوفاء دون فسخ ، سواء كانت الثمرات طبيعية كمحصول الأرض ( [65] ) أو مدنية كأجرة المنزل . وإذا نقص المبيع ، فإن كان بغير فعل المشتري لم يلزم بشيء ولكن للبائع ببداهة إلا يسترد ، وإن كان بفعل المشتري فهو مسئول عنه .
( ب ) بيع الوفاء في عهد التقنين المدني الجديد
86 – بيع الوفاء باطل – الأعمال التحضيرية للتقنين الجديد وما دار في لجنة مجلس الشيوخ : قدمنا أن المادة 465 من التقنين المدني الجديد تنص على أنه ” إذا احتفظ البائع عند البيع بحق استرداد المبيع خلال مدة معينة ، وقع البيع باطلا ” . وذكرنا أن مشروع التقنين الجديد كان يقر بيع الوفاء وينظمه على غرار التنظيم الذي قدمناه في عهد التقنين السابق . ولكن لجنة مجلس الشيوخ ، عندما نظرت المشروع ، انقسمت إلى رأيين ( [66] ) :
( الرأي الأول ) ذهب إلى حذف هذه النصوص جملة واحدة ، وعدم النص على بيع الوفاء اكتفاء بأحكام الرهن ، إذ تبين من العمل أن كثيراً من البيوع الوفائية تستر رهونا حيازية عقارية ، حتى أن المشرع في سنة 1923 نص على أن البيع الوفائي إذا ستر رهناً كان العقد باطلا بوصفة بيعاً أو رهناً . وقد دلل أصحاب هذا الرأي على صحة ما ذهبوا إليه بما يأتي : ( 1 ) أن بيع الوفاء لا وجود له إلا من الناحية النظرية ، وهو في الحقيقة يهدف إلى تحقيق أحكام الرهن من أيسر السبل . فنظام الرهن بنوعيه يغني عنه ، وبخاصة رهن الحيازة . ( 2 ) أن هذا النظام يقضي على مزية حماية الملكية الصغيرة المتمثلة في قانون خمسة الأفدنة ، فيستطيع المرابى عن طريق بيع الوفاء أن يشتري أرض الفلاح الصغير وتخلص له ملكيتها إذا لم يسترد البائع ، وكان لا يستطيع ذلك عن طريق الرهن إذ لا يستطيع الحجز على الأرض وهي لا تزيد على خمسة أفدنة . ( 3 ) أن بيع الوفاء يدفع صغار الملاك إلى بيع أموالهم وهم يعتقدون إنهم يستردونها ، والغالب أنهم يعجزون عن ذلك ، فتضيع عليهم أموالهم بأبخس الأثمان . 04 ) أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع أن يبيع ماله مرة ثانية بيعاً باتاً ، ويستطيع ذلك في الرهن .
( والرأي الثاني ) ذهب إلى الإبقاء على نظام بيع الوفاء ، لأن في حذف هذا النوع من البيوع انعدام بعض التصرفات المقبولة التي جرى عليها العمل . وليس من الصواب القول بأن كل بيع وفائي يستر رهناً ، لأن المشتري في بيع الوفاء الحقيقي يطمع بعد انقضاء المدة في أن يكون مالكا ملكا باتا والبائع يطمع في أن يسترد ملكه ، فإذا حرم البائع من هذا التصرف وألحت عليه الحاجة وكان من صغار الملاك اضطر إلى بيع ملكه بيعاً نهائياً . وما دام القانون قد وضع الضمانات التي راها كافية لحفظ الملك لصاحبه إذا رد الثمن ، فلا محل لحذف بيع الوفاء .
وقد قيل من جانب الحكومة في لجنة مجلس الشيوخ ، تأييداً للرأي الثاني ، إنه يجب الإبقاء على بيع الوفاء ، لأن العمل اثبت الحاجة إليه . وفي الإمكان ، حماية لصغار الملاك والفلاحين ، الكشف عن البيوع الوفائية الساترة الرهون ومحاربتها ، كما فعل المشرع المصري في سنة 1923 . وأما ما قيل من أن البائع في البيع الوفائي لا يستطيع بيع ملكه مرة أخرى بيعاً نهائياً فمردود ، لأنه يستطيع بيع حقه المعلق على شرط واقف وهذا لا يختلف كثيراً عن بيع ماله المرهون مثقلا بالرهن . والقانون بإلغاء البيع الوفائي لم يثبتوا أن العمل ابان أن بيع الوفاء ضرره أكثر من نفعه . ثم وجهت الحكومة نظر اللجنة إلى أن حذف النصوص المتعلقة ببيع الوفاء من المشروع لا يمنع من تطبيق القواعد العامة ، فيكون هناك بيع وفاء ولكنه غير منظم تنظيما تشريعياً ، وهذا وضع أسوأ . وليس أمام اللجنة إلا أحد طريقين : إما أن تبقى بيع الوفاء فستبقى تنظيمه التشريعي ، وإما أن تحرمه فتنص على ذلك نصاً صريحاً .
وقد رأت اللجنة تأجيل البت في المسألة حتى تستطلع آراء المزارعين والمحامين في شأنها . ثم اعادت اللجنة النظر فيها ، ورأت حذف النصوص المتعلقة ببيع الوفاء والنص صراحة على تحريمه ، لأن عدم النص على هذا التحريم يدع للناس مجالا للتعامل به مستهدين فيه بتطبيق القواعد العامة .
وجاء بعد ذلك في تقرير لجنة مجلس الشيوخ ، تلخيصاً لما دار في المسألة من مناقشات ، ما يأتي ( [67] ) : ” تناولت اللجنة بيع الوفاء ، وقد رأت بالإجماع أن هذا النوع من البيع لم يعد يستجيب لحاجة حيوية في التعامل ، إنما هو وسيلة ملتوية من وسائل الضمان ، تبدأ ستاراً لرهن ، وينتهي الرهن إلى تجريد البائع من ملكه بثمن بخس . والواقع أن من يعمد إلى بيع الوفاء لا يحصل على ثمن يتناسب مع قيمة المبيع ، بل يحصل عادة على ما يحتاج إليه من مال ولو كان أقل بكثير من هذه القيمة . ويعتمد غالباً على احتمال وفائه بما قبض قبل انقضاء أجل الاسترداد . ولكنه قل أن يحسن التقدير ، فإذا أخلف المستقبل ظنه وعجز عن تدبير الثمن خلال هذا الأجل ، ضاع عليه دون أن يحصل على ما يتعادل مع قيمته ، وتحمل غبنا ينبغي أن يدرأه القانون عنه . ولذلك رؤى أن تحذف النصوص الخاصة ببيع الوفاء ، وأن يستعاض عنها بنص عام يحرم هذا البيع في أية صورة من الصورة . ولهذا لا يكون أمام الدائن والمدين إلا الالتجاء إلى الرهن الحيازي وغيره من وسائل الضمان التي نظمها القانون وأحاطها بما يكفل حقوق كل منهما ، دون أن يتسع المجال لغبن قلما يؤمن جانبه ” .
87 – ما الذي يترتب على بطلان ببيع الوفاء : فبيع الوفاء إذن ، في التقنين المدني الجديد ، باطل . ويمكن تأسيس هذا البطلان على هذا النص الخاص ( م 465 مدني ) ، كما يمكن القول إن البطلان هنا راجع على أن المشرع قد استحدث تغييراً في نظرته إلى النظام العام ، فوجد أن بيع الوفاء – ويقصد به عادة أن يكون ستاراً لتصرف غير مشروع – أمر مخالف للنظام العام ، فيكون باطلا تطبيقا للقواعد العامة في البطلان ( [68] ) .
وأحكام هذا البطلان هي الأحكام التي تقررها القواعد العامة . فهو بطلان مطلق ، لا تلحقه الاجارزة ، ولا يرد عليه التقادم ، ويستطيع أن يتسمك به كل من كان له مصلحة فيه ، ويجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها . ولا يترتب عليه أثر ( [69] ) ، لا فيما بين المتعاقدين ، ولا بالنسبة إلى الغير ، وفقاً للتفصيلات التي أوردناها عند الكلام في البطلان في الجزء الأول من الوسيط . فيجب على المشتري رد المبيع وثمراته إلى البائع ، وله أن يسترد المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة ، وذلك كله طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن . ويجب على البائع أن يرد للمشتري فوراً ما قبضه من ثمن ولا يعتاد بالأجل ، ويكون الرد بموجب قاعدة استرداد غير المستحق . ولا يكون المبيع مثقلا بأي حق عيني لضمان رد الثمن ، فإن بيع الوفاء جعله القانون باطلا باعتباره بيعاً أو رهناً . وإذا كان قد سبق تسجيله ، فعند تقرير البطلان يؤشر بذلك على هامش التسجيل .
وفي الفترة السابقة على تقرير بطلان بيع الفواء ، إذا تصرف المشتري في المبيع ببيع أو رهن ، اعتبر التصرف صادراً من غير مالك وجرى عليه حكمه . أما إذا تصرف البائع في المبيع ، فتصرفه صحيح لأنه هو المالك . وإذا انقضت المدة المحدد للاسترداد ولم يسترد البائع المبيع ، فإن ذلك لا يمنعه من التمسك ببطلان البيع ( [70] ) . أما إذا استرد البائع المبيع في المدة المحددة ، فلا عبرة بهذا الاسترداد ، ويرجع المبيع إلى البائع لا بحكم الاسترداد وفسخ البيع ، بل بحكم أن البيع باطل من الأصل كما سبق القول .
ولا يصلح بيع الوفاء ، وهو بيع باطل ، أن يكون سبباً صحيحاً للتقادم القصير . على أن المشتري وفاء إذا باع العين لمشتر حسن النية ، ملكها المشتري الثاني في المنقول بالحيازة ، وأمكن أن يملكها في العقار بالتقادم القصير ، لأن البيع الصادر من المشتري وفاء بيع صادر من غير مالك فيجري عليه حكمه .
88 – نميز منطقة بيع الوفاء عن البيع المعلق على شرط فاسخ : ولما كان بيع الوفاء ليس إلا بيعا معلقاً على شرط فاسخ ، وكان دون سائر البيوع المعلقة على شرط فاسخ بيعاً باطلا في التقنين المدني الجديد ، لذلك أصبح تميزه عن هذه البيوع وتحديد منطقته أمراً بالغ الأهمية ، حتى يختص هو وحده بالبطلان .
ولا صعوبة في تمييز الشرط الوفائي عن الشرط الفاسخ غير المتعلق بإرادة البائع . ذلك أن الشرط الوفائي هو شرط يتعلق حتما بإرادة البائع ، إذ هو يسترد المبيع متى أعلن إدارته في الاسترداد . فإذا كان الشرط الفاسخ غير متعلق بإرادة البائع ، أو متعلقاً بها وبأمر آخر خارج عنها ، لم يكن هذا الشرط فالاسخ شرطاً وفائياً ، وكان البيع المعلق عليه بيعاً صحيحاً . مثل ذلك أن يبيع موظف داراً له في الإسكندرية ، ويعلق البيع على شرط فاسخ هو نقله إلى هذه المدينة إذ يحتاج عند ذلك إلى الدار لسكناها ، فالبيع هنا معلق على شرط خارج عن إرادة البائع ويكون صحيحا . وإذا باع شخص داراً وعلق البيع على شرط فاسخ هو أن يتزوج ، فالشرط هنا مختلط يتعلق بإرادته وبارادة الزوجة ، فلا يكون شرطاً وفائياً ويكون البيع المعلق عليه بيعاً صحيحاً .
ويدق الأمر عندما يكون الشرط الفاسخ متعلقاً بإرادة البائع . فهناك شرط متعلق بإرادة البائع وليس شرطاً وفائياً فيبقى معه البيع صحيحاً ، وشرط متعلق بإرادة البائع وهو شرط وفائي فيبطل معه البيع . ونرى أن التمييز بين الشرطين يقوم على الاعتبار الآتي : في بعض الأحوال يجعل البائع لنفسه حق الفسخ ليستبقى فسحة من الوقت يتروى فيها كما في البيع مع الاحتفاظ بحق العدول أو البيع المقترن بخير الشرط ( [71] ) ، ففي هذه الحالة يكون الشرط للتروي فيصبح ويصح معه البيع . وفي أحوال أخرى يجعل البائع لنفسه حق الفسخ مؤملا أن يسترد المبيع برد الثمن ، ففي هذه الحالة يكون الشرط وفائياً فيبطل ويبطل معه البيع ، فالشرط الصحيح هو ما كان للتروي ، والشرط الباطل هو ما كان للتمكن من استرداد المبيع .
ويمكن أن نتصور ، بعد أن أصبح بيع الوفاء باطلاً ، أن تتحايل الناس لتجنب هذا الحكم بإحدى وسيلتين ( [72] ) : ( 1 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً ، ثم يبيع المشتري بعقد جديد نفس العين للبائع معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يسترد الثمن والمصروفات في مدة معينة . ( 2 ) يبيع المالك العين للمشتري بيعاً باتاً ، ثم يبيع المشتري العين لأجنبي بعقد ثاني ، ثم يبيع الأجنبي العين للبائع بعقد ثالث معلقاً البيع على شرط واقف هو أن يرد البائع الثمن والمصروفات في خلال مدة معينة . وتمتاز هذه الوسيلة الثانية عن الوسيلة الأولى في أنه قد توسط أجنبي ما بين البائع والمشتري ، فجعل الشبهة أبعد ( [73] ) . وعندنا أنه إذا اشتبه القاضي في حقيقة البيع هل هو بيع وفائي فيبطله ، وجب عليه ألا يقف عند تكييف المتابعين للعقد ، بل يحلل الصفقة أو مجموعة الصفقات ليرى هل الغرض من ذلك هو ضمان رد المبيع إلى البائع إذا رد الثمن فإذا لم يرده خلصت ملكية المبيع للمشتري ، فعند ذلك يكون التصرف ساتراً لبيع وفاء ويجب عليه الحكم ببطلانه . ومما يعينه على تبين ذلك القرائن التي كانت في عهد التقنين المدني السابق تتخذ دليلاً على أن العقد رهن لا بيع وفاء . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد – وقد أقر بيع الوفاء نظمه كما قدمنا – يتضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 631 من هذا المشروع ، وكانت تقضي بما يأتي : ” 1 – إذا ستر بيع الوفاء رهن حيازة عقارية ، كان العقد باطلاً بوصفه بيعاً أو رهناً . 2 – ويعتبر بيع الوفاء ساتراً لرهن حيازي إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقى المبيع في حيازة البائع بأية صفة كانت . ويجوز بأية طريقة أخرى إثبات الرهن المستتر ، دون الوقوف عند الألفاظ التي وردت في العقد ” . ( [74] ) ونرى أن نستهدي بهذا المبدأ ، ففي الصورتين اللتين قدمناهما ، وفيهما صدر البيع معلقاً على شرط واقف إلى البائع من المشتري أو من أجنبي ، إذا سلم المشتري أو الأجنبي المبيع للبائع بالرغم من أن ملكية هذا البائع لا تزال معلقة على شرط واقف ، أو كان على البائع أن يرد الثمن مع الفوائد ، أو قامت قرائن أخرى كأن يرد البائع ثمناً أكبر أو أن تطول مدة التعليق كما يكون عادة في مدة الاسترداد في البيع الوفائي ، سهل على القاضي أن يتبين أن العقد يستر بيع وفاء فيقضي ببطلانه ( [75] ) .
89 – ليس للتقنين الجديد أثر رجعي : رأينا أن التقنين المدني الجديد قد استحدث حكم بطلان بيع الوفاء أصالة من غير تمييز بين بيع جدي وبيع يستر رهناً ، فهذا الحكم الجديد وإن كان يمت للمصلحة العامة لا يعتبر من النظام العام ، فلا يكون له أثر رجعي ، ويترتب على ذلك أن كل بيع وفاء أبرم قبل 15 من شهر أكتوبر سنة 1949 يبقى خاضعاً لأحكام التقنين المدني السابق المعدل بالقانون رقم 49 / 50 لسنة 1923 ، وتسري عليه هذه الأحكام فلا يكون باطلاً إلا إذا كان بيعاً يستر رهناً ، وذلك حتى لو لم تكن مدة الاسترداد قد انقضت في 15 أكتوبر سنة 1949 ( [76] ) .
أما بيوع الوفاء التي تبرم ابتداء من يوم 15 أكتوبر سنة 1949 ، فهذه تخضع لأحكام التقنين المدني الجديد ، ومن ثم تكون باطلة حتى لو لم يثبت أن بيع الوفاء يستر رهناً ( [77] ) .
4 – البيع بالتقسيط مع الاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن أو الإيجار السائر للبيع
( vente a temperament – location – vente )
9 – النصوص القانونية : تنص المادة 430 من التقنين المدني على ما يأتي :
” 1 . إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يشترط أن يكون نقل الملكية إلى المشتري موقوفاً على استيفاء الثمن كله ولو تم تسليم المبيع ” .
” 2 . فإذا كان الثمن يدفع أقساطاً ، جاز للمتعاقدين أن يتفقا أن يستبقى البائع جزءاً منه تعويضاً له عن فسخ البيع إذا لم توف جميع الأقساط ، ومع ذلك يجوز للقاضي تبعاً للظروف أن يخفض التعويض المتفق عليه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 224 ” .
” 3 . فإذا ما وفيت الأقساط جميعاً ، فإن انتقال الملكية إلى المشتري يعتبر مستنداً إلى وقت البيع ” .
” 4 . وتسري أحكام الفقرات الثلاث السابقة ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً ” ( [78] ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني السابق ، ولكن الحكم كان معمولاً به دون نص .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى : في التقنين المدني السوري المادة 398 – وفي التقنين المدني الليبي المادة 419 – وفي التقنين المدني العراقي المادة 534 – وفي تقنين الموجبات والعقود اللبناني لا يوجد مقابل النص ( [79] ) .
91 – تطبيقات عملية : يقع كثيراً أن يبيع شخص عيناً بثمن مقسط ، وحتى يستوثق من أن المشتري يوفي الثمن وتحرزاً من إعساره يشترط أن يحتفظ بملكية البيع فلا تنتقل باتة إلى المشتري حتى يقوم بوفاء جميع أقساط الثمن . وأكثر ما يقع ذلك في بيع السيارات والآلات الميكانيكية والدراجات وماكينات الخياطة والراديوهات والبيانوهات والآلات الكاتبة والبرادات ( الثلاجات ) والغسالات ونحو ذلك من المنقولات . وقد يقع أيضاً في بيع المحلات التجارية والأراضي والدور والفيلات . فيجمع إلى أصل الثمن فوائده ، ويقسم المجموع أقساطاً متساوية على عدد من الشهور أو السنين ، إذا وفاها المشتري جميعها خلصت له ملكية المبيع ( [80] ) .
وأول صورة لهذا البيع كانت هي البيع بالتقسيط ( vent a temperament ) . ثم تدرج التعامل من هذه الصورة إلى صورة الإيجار الساتر للبيع ( location vente ) . وهو الآن في سبيله إلى التدرج نحو صورة ثالثة هي الإيجار المقترن بوعد بالبيع ( location complete par une promesse de vente ) . ونستعرض هذه الصور الثلاث التي وقف منها التقنين المدني الجديد عند الصورتين الأوليين ، لأنهما هما الصورتان ، الأكثر انتشاراً .
92 – البيع بالتقسيط : عرضت الفقرات الثلاث الأولى من المادة 430 مدني ، كما رأينا ، لحالة البيع بالتقسيط . فإذا باع تاجر عيناً – سيارة أو آلة كاتبة أو راديو أو غير ذلك – بثمن مؤجل واجب الدفع في ميعاد معين ، أو بثمن مقسط أقساطاً متساوية على النحو الذي قدمناه ، واشترط البائع على المشتري أن يكون البيع معلقاً على شرط واقف هو وفاء المشتري بالثمن المؤجل في الميعاد المحدد أو وفاؤه بالأقساط جميعاً في المواعيد المتفق عليها ، فإن البيع بهذا الشرط يكون صحيحاً . ويجب إعمال الشرط ، حتى لو سلم البائع المبيع للمشتري قبل استيفاء الثمن أو قبل استيفاء أي قسط من أقساطه .
وفي هذه الحالة تنتقل ملكية المبيع معلقة على شرط واقف إلى المشتري ، ويستبقي البائع ملكية المبيع معلقة على شرط فاسخ ( [81] ) . وكل من الشرط الواقف والشرط الفاسخ هنا حادث واحد ، هو أن يوفي المشتري بالثمن أو بأقساطه في الميعاد المجدد . فإذا فعل تحقق الشرط الواقف وانتقلت الملكية باتة بأثر رجعي إلى المشتري ، وتحقق في الوقت ذاته الشرط الفاسخ وزالت الملكية عن البائع بأثر رجعي أيضاً ( [82] ) . ومن ذلك نرى أن البيع بالتقسيط هو صورة معكوسة لبيع الوفاء ، إذ في بيع الوفاء يكون البائع هو المالك تحت شرط واقف والمشتري مالك تحت شرط فاسخ .
وقبل تحقق الشرط يكون المشتري ، كما قدمنا ، مالكاً للمبيع تحت شرط واقف . ولا يمنع من وقف ملكيته أن يكون قد تسلم المبيع ، فالذي انتقل إليه بالتسليم هو حيازة المبيع ، أما الملكية فانتقلت إليه بالبيع موقوفة . ولكن ذلك لا يمنع المشتري من أن يتصرف في هذه الملكية الموقوفة ، ويكون تصرفه هو أيضاً معلقاً على شرط واقف . فيجوز له أن يتصرف في المبيع بالبيع والرهن ، ويكون المشتري من المشتري مالكاً تحت شرط واقف ، كما يكون للمرتهن حق رهن معلق على شرط واقف . وإذا كان المبيع منقولاً – كما هو الغالب – وتصرف فيه المشتري تصرفاً باتاً لمشتر حسن النية لا يعلم أن ملكية المشتري معلقة على شرط واقف ، فقد تملكه المشتري من المشتري تملكاً باتاً بموجب الحيازة ( [83] ) . ولا يعتبر المشتري في هذه الحالة مبدداً ، فالتبديد يقتضي قيام عقد معين – الإيجار أو العارية أو الوديعة أو الرهن – ولس البيع بالتقسيط من بين هذه العقود ( [84] ) . ولو أفلس المشتري ، والشرط لا يزال معلاقً ، كان الباقي من الثمن ديناً في التفليسة يزاحم فيه البائع سائر دائني المشتري إذ لا يكون امتياز البائع سارياً في حق التفليسة ولا يستطتيع البائع من جهة أخرى أن يسترد المبيع من التفليسة ( [85] ) ، فهذان أمران يجريان على غير ما يشتهي البائع : عدم اعتبار المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع ، وعدم استطاعة البائع استرداد المبيع عيناً من التفليسة .
وإذا تحقق الشرط ، ووفى المشتري بالثمن ، فقد صار مالكاً للمبيع هو وثمراته منذ البداية ، وزال عن البائع ملكيته للمبيع بأثر رجعي . أما إذا تخلف الشرط ، وتأخر المشتري عن دفع الثمن ، فإن ملكية المشتري التي كانت معلقة على شرط واقف تزول بأثر رجعي لعدم تحقق الشرط ( [86] ) ، وتعود الملكية باتة إلى البائع منذ البداية إذ أن البيع يعتبر كأن لم يكن . ولا يحتاج البائع في ذلك إلى حكم بزوال البيع ، فإن تخلف الشرط الواقف وحده كان في ذلك وفقاً للقواعد المقررة في الشرط ( [87] ) . وللبائع في هذه الحالة أن يطالب المشتري بتعويض ، ويغلب أن يكون قد اشترط في عقد البيع أن يكون التعويض هو احتفاظه بكل أو بعض الأقساط التي يكون قد استوفاها . ويعتبر هذا الشرط شرطاً جزائياً تسري عليه أحكام الشرط الجزائي ، وأهم هذه الأحكام – وهو ما تشير إليه الفقرة الثانية من المادة 430 مدني – أنه يجوز للقاضي تخفيضه إذا كان مبالغاً فيه . ويكون مبالغاً فيه إذا كان المشتري قد وفى عدداً كبيراً من الأقساط بحيث يكون احتفاظ البائع بها يزيد كثيراً على الضرر الذي لحقه من جراء عدم استيفائه الباقي من الثمن ( [88] ) . ففي هذه الحالة يحكم للقاضي بإرجاع بعض هذه الأقساط إلى المشتري ، ويحتفظ البائع من الأقساط التي استوفاها بما يكفي لتعويضه ( [89] ) .
93 – الإيجار الساتر للبيع : وحتى يتجنب البائع المحظورين اللذين أشرنا إليهما – عدم اعتبار المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن وعدم استطاعة البائع استرداد العين من تفليسة المشتري – يعمد في كثير من الأحيان أن يخفى البيع بالتقسيط تحت ستار عقد الإيجار ، فيسمى البيع إيجاراً . وغرضه من ذلك ألا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد العقد ، حتى هذه الملكية المعلقة على شرط واقف والتي كانت هي المانعة من اعتبار المشتري مبدداً ومن استرداد البائع للمبيع من التفليسة . فيصف المتعاقدان العقد بأنه إيجار ، ويصفان أقساط الثمن بأنها هي الأجرة المقسطة ، ثم يتفقان على أنه إذا وفى المشتري بهذه الأقساط انقلب الإيجار بيعاً وانتقلت ملكية البيع باتة إلى المشتري . وحتى يحكما ستر البائع يتفقان في بعض الحالات على أن يزيد الثمن قليلاً على مجموع الأقساط ، فتكون الأقساط التي يدفعها المشتري هي أقساط الأجرة لا أقساط الثمن ، فإذا وفاها جميعاً ووفى فوق ذلك مبلغاً إضافياً يمثل الثمن انقلب الإيجار بيعاً باتاً .
ويحسب البائع بذلك أنه قد حصن نفسه : ( 1 ) فهو أولاً وصف البيع بأنه إيجار ، وسلم العين للمشتري على اعتبار أنه مستأجر ، فإذا تصرف المشتري فيها وهو لا يزال مستأجراً أي قبل الوفاء بالثمن ، فقد ارتكب جريمة التبديد ومن ضمن عقودها الإيجار . ( 2 ) وهو ثانياً قد أمن شر إفلاس المشتري ، إذ لو أفلس وهو لا يزال مستأجراً ، فإن البائع لا يزال مالكاً للمبيع ملكية باتة ، فيستطيع أن يسترده من تفليسة المشتري ( [90] ) .
ولكن بالرغم من تذرع المتعاقدين بعقد الإيجار يستران به البيع ، فإن الغرض الذي يرميان إلى تحقيقه واضح . فقد قصدا أن يكون الإيجار عقداً صورياً يستر العقد الحقيقي وهو البيع بالتقسيط ، والمبلغ الإضافي الذي جعله المتعاقدان ثمناً ليس إلا ثمنا رمزياً والثمن الحقيقي إنما هو هذه الأقساط التي يسميانها أجرة . ومن ثم قضت الفقرة الرابعة من المادة 430 مدني بأن أحكام البيع بالتقسيط تسري على العقد ” ولو سمى المتعاقدان البيع إيجاراً ” ( [91] ) . ويترتب على ذلك أن الإيجار السائر للبيع يعتبر بيعاً محضاً ، وتسري عليه أحكام البيع بالتقسيط التي تقدم ذكرها ( [92] ) ، وأهمها أن تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري معلقة على شرط واقف منذ إبرام العقد . وانتقال الملكية إلى المشتري على هذا النحو يترتب عليه أنه إذا تصرف المشتري في المبيع قبل الوفاء بالثمن لم يعتبر مبدداً ، وأنه إذا أفلس المشتري ( [93] ) لم يستطع البائع أن يسترد المبيع من التفليسة ( [94] ) .
94 – الإيجار المقترن بوعد بالبيع : وقد لا يتحدث المتعاقدان عن بيع أصلاً في عقد الإيجار ، فيصدر العقد على أنه إيجار محض ، ولكنه مقترن بوعد بالبيع من المؤجر إذا أبدى المستأجر رغبته في الشراء خلال مدة الإيجار ونرى في هذه الحالة التمييز بين فرضين .
( الفرض الأول ) أن يكون المتعاقدان يريدان في الحقيقة بيعاً بالتقسيط منذ البداية . وآية ذلك أن يجعل المؤجر الوعد بالبيع الصادر منه معلقاً على شرط وفاء المستأجر بأقساط الإيجار في مواعيدها ، وأن يجعل الثمن في حالة ظهور رغبة المستأجر في الشراء هو أقساط الإيجار وقد يضاف إليها مبلغ رمزي . ففي هذا الفرض يكون العقد بيعاً بالتقسيط لا إيجاراً ، ويعتبر المشتري مالكاً تحت شرط واقف ، فلا يكون مبدداً إذا هو تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن ، ولا يستطيع البائع استرداد المبيع من تفليسة المشتري ( [95] ) .
( الفرض الثاني ) أن يعقد المتعاقدان إيجاراً جدياً يقترن به وعد بالبيع . فيؤجر المالك داراً أو سيارة لآخر مدة معينة بأجرة تدفع أقساطاً ، وبعد المالك المستأجر في عقد الإيجار بأن يبيع منه الدار أو السيارة إذا هو أبدى رغبته في شرائها في خلال مدة الإيجار . ويكون للعين الموعود ببيعها ثمن جدي مستقل عن أقساط الأجرة ، ويتناسب هذا الثمن مع قيمة العين ( [96] ) ، وتكون الأقساط التي يدفعها المستأجر هي أقساط لأجرة حقيقية وليست أقساط الثمن . ففي هذا الفرض يكون العقد إيجاراً لا بيعاً بالتقسيط ، فلا تنتقل الملكية إلى المستأجر ، وإذا تصرف المستأجر في السيارة التي استأجرها كان مبدداً ، وإذا أفلس استرد المؤجر السيارة من تفليسته . فإذا ما أظهر المستأجر رغبته في شراء العين ، انتهى عقد الإيجار ، وتم عقد بيع ينقل الملكية إلى المشتري من وقت ظهور الرغبة ولا يستند بأثر رجعي وقت الإيجار . وزال التزام المستأجر بدفع أقساط الأجرة ، وحل محله التزام المشتري بدفع الثمن المتفق عليه ، ويكون الثمن مضموناً بحق امتياز على المبيع .
5 – البيع من حق التقرير بالشراء عن الغير
( vente avec faculte d’elie command – avec declaration de command – avec election d’ami )
95 – الصور العملية لهذا البيع : يقع في العمل أن شخصاً يريد شراء معين ، ولكنه لا يريد أن يظهر نفسه مشترياً ، إما لعدم رغبته في ذيوع الخبر لسبب خاص به ، وغما لخشيته من أن البائع إذا علم أنه هو المشتري يطلب ثمناً عالياً لعلمه أنه رجل ثري ، أو أن له مصلحة بارزة ، أو حاجة ملحة ، لإتمام هذه الصفقة . فيعمد من يرغب في الشراء إلى إخفاء اسمه ، ويكلف صديقاً أو وسيطاً أن يتقدم هو لشراء الشيء على أن يشترط لنفسه حق التقرير بالشراء عن الغير . ولا تتسع النيابة العادية لهذه الصورة من صور التعامل ، إذ لو أن الوسيط تقدم وكيلاً عن المشتري لا نكشف اسم الموكل ، والموكل يريد كتمان اسمه كما قدمنا . كذلك لا يتسع التعاقد بمسخر أو باسم مستعار prete – nom ، إذ لو تقدم الوسيط للشراء باسمه الشخصي كوسيط مسخر ، لوقع العقد له هو ، ولاحتاج في نقل ملكية الشيء لمن وسطه في الشراء إلى يعقد بيع جديد برسوم جديدة ، ولانتقلت الملكية إلى هذا الأخير مثقلة بالحقوق العينية والتكاليف الآتية من جانب الوسيط . لم يبق إذن إلا أن يشتري الوسيط الشيء باسمه مع احتفاظه بالحق في أن يقرر في مدة يتفق عليها أنه اشترى لشخص يعلن اسمه ، ومتى أعلن الاسم وقع البيع مباشرة لهذا الشخص الآخر ، ويعتبر الوسيط نائباً في الشراء . فإذا لم يعلن الوسيط اسم أحد في المدة المعينة ، بقى البيع باسمه واعتبر أصيلاً في الشراء لا نائباً .
ويجز أن يكون للبيع مع حق التقرير بالشراء عن الغير صور عملية أخرى . منها أن شخصاً يعلم بحاجة شخص آخر إلى شراء شيء معين ، ولا يتسع الوقت أو لا تواتي الظروف أن يطلب إليه تفويضاً في شرائه ، فيقدم على شراء الشيء باسمه مع الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير ، ثم يعرض الصفقة بعد ذلك على الشخص الآخر ، فإن قبلها قرر المشتري أنه اشترى باسم هذا الشخص الآخر ، وإلا استبقى الصفقة لنفسه . ومن صور هذا البيع أيضاً ألا يكون عند المشتري فكرة واضحة عن شخص آخر يشتري له الصفقة ، فشتري الصفقة باسمه مع الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير ، ثم ينظر بعد ذلك فقد يجد الشخص الملائم الذي يريد الصفقة فيعلن اسمه ، أو يجد الخير في استبقاء الصفقة لنفسه . ومن صور هذا البيع أخيراً صورة خاصة نص عليها تقنين المرافعات وسيأتي تفصيلها فيما يلي :
ومن ذلك نرى أنه حتى يكون بيع مع التقرير بالشراء عن الغير ، يجب توافر شرطين :
( 1 ) أن يحتفظ المشتري عند الشراء – لا بعده – بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ( faculte d’elire command ) ( [97] ) .
( 2 ) أن يتفق مع البائع على مدة يعلن المشتري في خلالها اسم من اشترى له الصفقة ، فإن لم يفعل بقيت الصفقة له . وتكون هذه المدة في العادة مدة قصيرة ، حتى لا يبقى البائع معلقاً مدة طويلة لا يدري أباع للوسيط أم باع لغيره ( [98] ) .
ويجوز أن يكون الاحتفاظ بحق التقرير بالشراء عن الغير في أي بيع ، سواء كان بيعاً بالممارسة أو بيعاً بالمزاد ( [99] ) . ولم يرد فيه نص في التقنين المدني المصري ، ولا في التقنين المدني الفرنسي ( [100] ) ، وفي مصر تسري القواعد العامة على هذا العقد ( [101] ) ، فننظر في حكمه قبل التقرير بالشراء عن الغير ، ثم ننظر كيف يكون هذا التقرير ، وما هي الآثار التي تترتب عليه إذا وقع أو إذا لم يقع .
96 – حكم البيع قبل التقرير بالشراء عن الغير : ينعقد البيع صحيحاً بالشرط المتقدم الذكر . وقبل أن يستعمل المشتري حقه في التقرير بالشراء عن الغير وإعلان اسم هذا الغير ، وفي خلال المدة التي عينت لهذا التقرير ، يكون البيع موصوفاً بالخصوصية الآتية : المشتري للصفقة قد يكون هو الذي تقدم للشراء وقد يكون شخصاً آخر سيعلنه هذا المشتري في الميعاد المحدد . فالمشتري إذن شخص تخييري ( [102] ) ، إذا جاز نقل هذا التعبير المعروف من محل الالتزام إلى طرف الالتزام ، وتعيينه بيد من تقدم للشراء محتفظاً بهذا الحق ، فيكون إما هو ذاته أو يكون شخصاً آخر يعلن اسمه في خلال المدة المتفق عليها .
وليس من تقدم للشراء مجبراً ، بطبيعة الحال ، على التقرير بالشراء عن الغير ، فهذا حق احتفظ به لنفسه ، فله أن ينزل عنه ويحتفظ لنفسه بالصفقة ( [103] ) . وهو في هذا ليس في حاجة إلى أن يتقدم بتقرير يبين فيه أنه يحتفظ بالصفقة لنفسه ، بل يكفي أن يدع الميعاد المحدد ينقضي دون أن يقرر أنه اشترى لشخص آخر ، فيكون هو المشتري على وجه بات .
ويجوز له أن يتصرف في المبيع ، فيبيعه أو يرهنه أو يرتب عليه حق إرتفاق أو حق انتفاع أو غير ذلك ، ويحمل تصرفه في هذه الحالة على أنه قرر ضمناً أن يستبقى الصفقة لنفسه ، لأنه لا يفعل ذلك إلا إذا كان ملاكاً للمبيع ( [104] ) . ولكن أعمال الإدارة – كأن يرمم المبيع أو يؤجره أو يودعه – لأي ستخلص منها أنه قرر استبقاء الصفقة لنفسه ، بل يجوز له قان يقوم بها مع استبقاء الحق في التقرير بالشراء عن الغير ، لأن القيام بأعمال الإدارة لا يتنافى مع الاحتفاظ بهذا الحق ( [105] ) .
97 – كيف يكون التقرير بالشراء عن الغير : فإذا لم يرد المشتري أن يستبقى الصفقة لنفسه ، فعليه أن يقرر بالشراء عن الغير الذي اشترى له الصفقة . وليس هذا التقرير شكل خاص ، فيكفي أن يخطر البائع بأنه يقرر أنه اشترى لشخص معين ويذكر اسم هذا الشخص . ولكن عليه أن يثبت صدور هذا الإخطار منه وفقاً للقواعد العامة ، فإذا كان الثمن يزيد على عشرة جنيهات وجب الإثبات بالكتابة أو بما يقوم مقامها . فيحسن إذن أن يكون الإخطار بالكتابة ، بكتاب مسجل أو بإنذار على يد محضر ، حتى يتوفر للمشتري وسيلة قوية للإثبات .
ويجب أن يعلم البائع بهذا التقرير في الميعاد المتفق عليه . فإذا اقنضى هذا الميعاد ولم يصل إلى علم البائع تقرير من مالمشتري ، اعتبر البائع أن الصفقة قد وقعت نهائياً للمشترين وكان هذا هو المسئول عن التزامات المشتري وله جميع حقوقه ، حتى إذا أعلن المشتري أسم شخص آخر بعد انقاضء المدة ، عد هذا الإعلان منه بيعاً جديداً إذا قبله الشخص الآخر ( [106] ) .
وإذا أعلن المشتري اسم الشخص الذي اشترى له في الميعاد ، فإذا كان هذا الشخص قد قبل الصفقة من قبل واتفق مع المشتري على أن يتقدم للشراء لحسابه لم يلزم قبول منه آخر . وإذا كان لم يسبق منه قبول للصفقة ، فعند ذلك يجب أن يصدر منه قبول ، لأنه لا يجبر على أن يحل محل المشتري دون قبول منه . لذلك يجوز للبائع ، بعد أن يصله تقرير المشتري بالشراء عن الغير ، أن يطلب من المشتري إثبات قبول هذا الغير للصفقة ، قبولاً سابقاً أو قبولاً لاحقاً . فإذا لم يستطع المشتري إثبات ذلك ، فإن تقريره بالشراء للغير آل ينتج أثراً ، وتقع الصفقة له هو لا للغير ( [107] ) .
وإذا قرر المشتري أنه اشترى لشخص معين على النحو المتقدم الذكر ، وجب أن تقع الصفقة لهذا الشخص المعين بنفس الثمن وبنفس شروط البيع الذي تم . فإن اختلف الثمن أو اختلف الشروط ، كان التقرير بيعاً جديداً صادراً من المشتري للغير إذا قبله هذا ، ووجب دفع رسوم جديدة ، وتنتقل الملكية فيه من المشتري إلى الغير مثقلة بجميع التكاليف الآتية من جانب المشتري ( [108] ) .
وقد يعلن المشتري ، لا شخصاً واحداً تقع له الصفقة ، بل شخصين أو أكثر ، فتقع الصفقة لهؤلاء الأشخاص المتعددين ( [109] ) . وقد يستبقى جزءاً من الصفقة لنفسه ، ويعلن اسم شخص آخر يقع له الباقي من الصفقة ( [110] ) .
98 – حكم البيع بعد التقرير بالشراء عن الغير : فإذا قرر المشتري أنه اشترى للغير ، وقعت الصفقة لهذا الغير كما سبق القول ، واعتبر أنه هو المشتري مباشرة من البائع ، وأن المشتري الظاهر لم يكن إلا وكيلاً عنه ( [111] ) ، ولا تتقاضى إلا رسوم واحدة إذ لا يوجد إلا بيع واحد .
ومن ثم يكون للشخص الذي أعلن اسمه جميع حقوق المشتري يطالب بها البائع مباشرة ، لأنه اشترى منه عن طريق نائب عنه هو المشتري الظاهر . فيجوز للمشتري الحقيقي أن يطالب البائع بنقل ملكية المبيع إليه وبتسليمه إياه ، ويرجع عليه مباشرة بضمان الاستحقاق وبضمان العيوب الخفية وبجميع الحقوق التي تكون للبائع بموجب هذا البيع الذي أبرم بين البائع والمشتري الظاهر .
كذلك يكون على الشخص الذي أعلن اسمه جميع التزامات المشتري . فللبائع أن يطالبه مباشرة بالثمن والفوائد والمصروفات . وليس للبائع أن يرجع على المشتري الظاهر بشيء من ذلك . وإذا كان المشتري الظاهر قد دفع عند التعاقد الثمن للبائع ، كان على المشتري الحقيقي أن يرده للمشتري الظاهر ، ولكن دون أن يكون للمشتري الظاهر حق امتياز على المبيع ، فإنه يرجع على المشتري الحقيقي بالثمن إما بدعوى الوكالة إذا كان متفقاً معه على أن يدفع الثمن عنه ، وإما بدعوى الإثراء بلا سبب إذا لم يكن متفقاً معه على ذلك . وليس هو بائعاً للمشتري حتى يكون له امتياز بالثمن ، فقد قدمنا أن المشتري الحقيقي يعتبر مشترياً مباشرة من البائع دون توسط المشتري الظاهر الذي لم يكن في هذا البيع إلا نائباً عنه . ولكن لا يوجد ما يمنع من أن المشتري الظاهري يلتزم شخصياً بدفع الثمن للبائع ، ويعتبر في هذه الحالة كفيلاً للمشتري بالثمن . ولا تعارض بين صفته هذه ككفيل وصفته كنائب في الشراء ، فإن الوكيل بالشراء قد يكون كفيلاً بالثمن للموكل ( [112] ) .
ويترتب على أن البيع يعتبر صادراً مباشرة من البائع إلى المشتري الحقيقي وأن المشتري الظاهر يعتبر وكيلاً بالشراء عن المشتري الحقيقي ، أنه إذا أخذ أحد دائني المشتري الظاهر اختصاصاً على العقار المبيع في المادة السابقة على التقرير بالشراء ، سقط حق الاختصاص هذا لوقوعه على عقار غير مملوك للمدين ( [113] ) . أما إذا رتب المشتري الظاهر بنفسه على المبيع حقوقاً عينية أو تكاليف ، كرهن أو حق إرتفاق أو حق انتفاع ، فقد قدمنا أن هذا يعتبر منه نزولاً ضمنياً عن حقه في التقرير بالشراء عن الغير فتستقر الصفقة له . وإذا أخذ شفيع العقار المبيع بالشفعة ، لم يؤثر في الأخذ بالشفعة أن تستقر الصفقة للمشتري الظاهر أو أن يقرر هذا أنه اشترى لشخص آخر ، ففي الحالتين تصح الشفعة لأن العبرة فيها بالعقار المشفوع فيه ولا يعتد بشخص المشتري ( [114] ) .
99 – صورة خاصة – تقرير الراسي عليه المزاد الشراء عن الغير : وتوجد صورة خاصة للبيع مع التقرير بالشراء عن الغير ، أوردها تقنين المرافعات في المادة 670 منه على الوجه الآتي : ” يجوز للراسي عليه المزاد أن يقرر في قلم كتاب المحكمةن قبل انقضاء ثلاثة الأيام التالية ليوم البيع ، أنه اشترى بالتوكيل عن شخص معين ، إذا وافقه على ذلك كل من الموكل والكفيل عند الاقتضاي ، وبهذا يبرأ الوكيل وتعتبر الكفالة عن الموكل ( [115] ) ” . وهذه الصورة تتميز بالخصوصيات الآتية :
1 – ليس واجباً فيما أن يشترط من يتقدم للمزايدة أنه يشتري مع الاحتفاظ بحقه في التقرير بالشراء عن الغير ، بل ولا يشترط أن يرد الاحتفاظ بهذا الحق في قائمة شروط البيع . ذلك أن هذا الحق يجعله القانون لكل رأس عليه المزاد في بيع جبري دون شرط خاص بذلك .
2 – المدة التي يجب فيها التقرير بالشراء عن الغير محددة في القانون ، وهي ثلاثة أيام من يوم وقوع البيع ورسو المزاد على المشتري .
3 – التقرير بالشراء عن الغير له شكل خاص بينه القانون ، فيكون بتقرير في قلم كتاب المحكمة ، ومن ثم لا يجوز أن يكون بإخطار ولو مكتوب أو مسجل أو على يد محضر ، فما لم يكن بتقرير في قلم كتاب المحكمة فإنه لا ينتج أثراً .
فإذا روعيت هذه الخصوصيات الثلاث ، سرت على الصورة التي نحن بصددها الأحكام الأخرى التي قدمناها . فإذا لم يقرر الراسي عليه المزاد في قلم كتاب المحكمة في الثلاثة الأيام التالية لرسوم المزاد أنه اشترى بالتوكيل عن شخص معين ، وقعت الصفقة له على وجه بات . أما إذا قرر ذلك ، ووافقه على تقريره الموكل – وإذا كان الراسي عليه المزاد كفيل وجب أراضً أن يقبل الكفيل كفالته للموكل فتسقط كفالته للوكيل – اعتبر الموكل هو الراسي عليه المزاد وأن من رسا عليه المزاد فعلاً لم يكن إلا وكيلاً عنه ، ووقعت الصفقة مباشرة للموكل دون الوكيل ، وأصبح للأول دون الثاني كل حقوق الراسي عليه المزاد ، وعليه كل التزاماته .
الفرع الثاني
المحل في عقد البيع
100 – للبيع محلان : المحل في واقع الأمر ركن في الالتزام لا في العقد . ولما كان البيع عقداً ملزماً للجانبين ، فإنه ينشئ التزامات في جانب البائع محلها هو المبيع ، وينشئ التزامات مقابلة في جانب المشتري محلها الرئيسي هو الثمن ( [116] ) ، لذلك يكون للبيع محلان رئيسيان هما المبيع والثمن .
([1]) فيقع البيع على شيء معين ، ولكن يجوز للبائع أن يستبدل به شيئاً آخر فتبرأ ذمته .
([2]) أنظر في البيع بالعربون آنفاً فقرة 44 – فقرة 46 .
([3]) وتوجد بيوع موصوفة تقع كثيراً في التأمل التجاري ، منها : ( أ ) البيع بالغليارة ( vente par filiere ) ، وهو بيع ينتهي إلى دفع الفروق ( استئناف مختلط 5 مايو سنة 1920 م 32 ص 306 ) . ( ب ) بيع المحمول في سفينة معينة ( vente sur navire designe ) ، وتعين فيه السفينة التي تحمل المبيع ، فإذا لم يأت في السفينة المعينة كان لا بد من إعذار البائع لإمكان فسخ البيع ( استئناف مختلط 28 يناير سنة 1925 م 37 ص 196 ) ، وأنظر أيضاً في هذا الضرب من البيع : استئناف مختلط 12 أبريل سنة 1922 م 34 ص 312 – 10 مايو سنة 1922 م 34 ص 391 – 23 مايو سنة 1923 م 35 ص 460 – 12 مايو سنة 1926 م 38 ص 402 – 3 يناير سنة 1945 م 57 ص 73 – 16 مايو سنة 1945 م 57 ص 154 – (جـ) البيع بشرط سلامة الوصول ) ( vente a l’heureuse arrive du navire) ( أنظر بودري وسينيا ص 193 – ص 194 ) – ( د ) البيع بثمن شامل لمصروفات النقل والتأمين ( la clause cout, fret, assurance compris – Cif ) وسنعود إليه فيما يلي ( أنظر فقرة 248 ) .
([4]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 561 من المشروع التمهيدي على وجه يكاد يكون مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة أدخل على النص تعديل لفظي طفيف أصبح بعده مطابقاً ، وأصبحت المادة رقمها 434 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 421 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 25 – ص 27 ) .
([5]) التقنين المدني السابق م 242 / 308 : البيع على شرط التجربة يعتبر موقوفاً على تمام الشرط .
0 ولا فرق في الأحكام بين التقنينين السابق والجديد ، إلا أن نص التقنين السابق جاء مقتضباً واقتصر على تقرير أن البيع بشرط التجربة يعتبر بيعاً معلقاً على شرط واقف . أما التقنين الجديد فاعتبر أن هذا هو الأصل ، إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ . ثم يبين التقنين الجديد كيف تتم التجربة ، والمدة التي تتم فيها ، وما هو حكم سكوت المشتري عن القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع ، وهذه كلها مسائل لا تخلو من أهمية عملية : المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 25 – 26 ) .
([6]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 389 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري – وانظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 56 – فقرة 62 ) .
التقنين المدني الليبي م 410 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 524 ( مطابقة للمادة 421 من التقنين المدني المصري – وانظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 81 – فقرة 87 والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 217 – فقرة 224 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 374 بند 3 : يكون البيع : 1 – إما .. 3 – وإما على شرط التجربة .
م 391 : إن البيع على شرط التجربة يعد في جميع الأحوال منعقداً على شرط التعليق . ( ولا فرق بين التقنين اللبناني والتقنين المصري ، غير أن التقنين اللبناني لما جعل بيع التجربة منعقداً على شرط التعليق لم يبين هل الأصل في هذا الشرط أن يكون شرطاً واقفاً أو شرطاً فاسخاً ، أما التقنين المصري فقد بين كما رأينا أن الأصل في شرط التجربة أن يكون شرطاً واقفاً ) .
([7]) بودري وسينيا فقرة 164 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 248 .
([8]) وللمشتري مطالبة البائع بتسليم المبيع لتجربته ، حتى لو حجز عليه دائن البائع ، وحتى لو أفلس البائع بعد البيع وقبل التسليم . ولو كان بيع التجربة معلقاً على شرط واقف ، فإنه بتحقق الشرط ورضاء المشتري بالمبيع بعد تجربته يعتبر مالكاً إياه من وقت البيع أي من وقت سابق على الحجز والإفلاس ، ومن باب أولى لو كان بيع التجربة معلقاً على شرط فاسخ ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 211 ص 249 – كولان وكابيتان 2 فقرة 837 ) .
([9]) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 26 .
([10]) أنظر في أن التجربة يقصد منها ذلك غالباً بودري وسينيا فقرة 165 – وأنظر لوران 24 فقرة 148 – أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 . وأنظر في الفقه المصري : الأستاذ سليمان مرقس فقرة 38 ص 52 – ص 53 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 31 ص 51 – الأستاذ عبد المنعم البدرواي فقرة 112 ص 167 وهامش رقم 4 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 49 ص 85 – ص 86 . الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 220 ( في الفقه العراقي ) وقارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 42 ص – 57 – ص 58 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 155 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 26 ص 59 – الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 62 ( في الفقه السوري ) . الأستاذ حسن الذنون فقرة 82 ( في الفقه العراقي ) .
([11]) وإذا مات المشتري قبل التجربة ، انتقل حقه إلى ورثته ( تيسييه فقرة 171 – ترولون 1 فقرة 112 – جيوار 1 فقرة 46 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 38 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 157 ) .
([12]) فإذا لم يتمكن المشتري من تجربة المبيع في المدة المحددة لسبب أجنبي لا يد له فيه ، فالظاهر أن يكون البائع بالخيار ، إما أن يمهل المشتري مدة أخرى لتجربة المبيع : وإما أن يفسخ البيع فيتحلل من التزاماته . ولمشتري أن يمنع البائع من الفسخ إذا هو قبل المبيع بالرغم من عدم تمكنه من تجربته ( أنظر في هذا المعنى في القانون السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 60 ص 93 ) .
([13]) وإذا سكت المشتري وقتاً طويلاص دون أن يعلن نتيجة التجربة ، فالمفروض أن بقاءه ساكتاً هذه المدة الطويلة يتضمن قبوله المبيع ( استئناف مختلط 7 يونية سنة 1900 م 12 ص 304 – 2 مايو سنة 1908 م 20 ص 239 ) .
([14]) وقد يتفق المتبايعان على أن في حالة رفض المشتري للشيء بعد تجربته يجب عليه شراء شيء آخر من نفس البائع ، فإن أمكن تخريج هذا الاتفاق على أنه وعد بالشراء من جانب المشتري – بأن ذكر ثمن الشيء الآخر على وجه التحديد أو قيل مثلا إن ثمن الشيء الآخر يعدل ثمن الشيء المفروض – التزام المشتري بالشراء . أما إذا لم يذكر الثمن ، لم يقم الوعد بالشراء ، ولم يلتزم المشتري عند رفضه المبيع أن يشتري شيئاً آخر مكانه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 212 ص 250 ) .
([15]) وقد بينا الحكم فيما إذا لم يتمكن المشتري من التجربة لسبب أجنبي لا يد له فيه ( أنظر نفس الفقرة في الهامش ) .
([16]) جيوار 2 فقرة 45 – بودري وسينيا فقرة 169 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 212 – وقارن أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 – وأنظر مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 26 .
([17]) ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض ( الدائرة الجنائية ) بأن بقاء الشيء تحت يد المشتري على شرط التجربة يعتبر على سبيل الوديعة ، فإذا تصرف فيه يعد خائناً للأمانة ، وذلك لأنه ثبت لها أن الطرفين قد اتفقا على بقاء الملكية للبائع حتى يجرب المشتري المبيع ( نقض جنائي 25 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 247 ص 549 ) .
([18])ولا يقال إنه شرط إرادي متوقف على إرادة المشتري ، إذ المشتري ، هو الدائن بنقل الملكية ويجوز أن يكون الشرط متوقفاً على إرادة الدائن ، أما الشرط الإرادي المحض الذي يبطل العقد فهو الذي يتوقف على إرادة المدين . أما التزام المشتري بدفع الثمن ، فإنه إذا ألغاه بإرادته المحضة ألغى في مقابل ذلك حقه في انتقال الملكية إليه . هذا إلى إنه لو كان المقصود من التجربة تبين صلاحية الشيء في ذاته ، لم يكن الأمر موكولا إلى محض إرادة المشتري ، بل القول الحاسم عند النزاع للخبراء ( أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 84 ص 157 ) .
([19]) ولا يمنع من صحة هذا الحكم أن المشتري قد تسلم المبيع لتجربته وأن هلاك المبيع يكون على المشتري بعد التسليم ، فإن ذلك إنما يكون في البيع المنجز ، أما والبيع معلق على شرط واقف فالهلاك يكون على البائع ( الوسيط جزء 3 ص 73 هامش رقم 1 – الأستاذ عبد الحي حجازي 1 ص 180 – وقارن الأستاذ مصطفى الزرقا في عقد البيع في القانون المدني السوري ص 90 – ص 92 ) .
أما في القانون المدني العراقي ، حيث يجب التمييز بين يد الأمانة ويد الضمان ، فإن يد المشتري في بيع التجربة هي يد ضمان ، فيكون الهلاك عليه ولو كانت التجربة شرطاً واقفاً وهلك المبيع قبل أن يتحقق الشرط ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 224 ) ، ويؤيد ذلك أن هلاك المقبوض على سوم الشراء في القانون العراقي يكون على القابض ، وليس المشتري بشرط التجربة بأدنى حالا في أن تكون تبعة الهلاك عليه من القابض على سوم الشراء ، بل إن المشتري بشرط التجربة ، وقد انعقد البيع وانتقلت الملكية معلقة على شرط واقف ، أولى يتحمل تبعة الهلاك من القابض على سوم الشراء ولم ينعقد له بيع ولم تنتقل إليه ملكية . وقد ورد نص صريح في التقنين المدني العراقي يجعل تبعة الهلاك على القابض على سوم الشراء ، إذ تنص الفقرة الأولى من المادة 548 من هذا التقنين على أن (( ما يقبض على سوم الشراء مع تسمية الثمن إذا هلك أوضاع في يد القابض ، لزمه الضمان ، أما إذا لم يسلم له ثم ، كان أمانة في يده فلا يضمن إذا هلك أوضاع دون تعد أو تقصير منه )) .
([20]) وإذا كانت التجربة شرطاً فاسخاً ، فإن البيع بشرط التجربة يكون قريباً من صورة البيع مع ضمان البائع صلاحية المبيع لمدة معلومة . وقد نصت المادة 455 مدني في صدد هذه الصورة الأخيرة على ما يأتي : (( إذا ضمن البائع صلاحية المبيع للعمل مدة معلومة ثم ظهر خلل في المبيع ، فعلى المشتري أن يخطر البائع بهذا الخلل في مدة شهر من ظهوره ، وأن يرفع الدعوى في مدة ستة شهور من هذا الإخطار ، وإلا سقط حقه في الضمان – كل هذا ما لم يتفق على غيره )) .
ففي هذه الصورة الأخيرة تقتصر تجربة المبيع على التثبت من صلاحيته للعمل مدة معينة ، فإذا ظهر المبيع غير صالح للعمل – والحكم في ذلك للخبراء 0 كان على المشتري أن يخطر البائع بما في المبيع من خلل في مدة شهر من ظهور الخلل وأن يرفع دعوى ضمان في مدة ستة شهور من هذا الإخطار . فيختلف هذا البيع إذن عن بيع التجربة ، إذ هو لا ينطوي على شرط فاسخ إذا تحقق انفسخ البيع من تلقاء نفسه ، بل لابد من فسخ البيع بالتقاضي أو بالتراضي . وسنعود إلى هذا البيع عند الكلام في ضمان العيوب الخفية ( أنظر ما يلي فقرة 380 ) .
([21]) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 562 من المشروع التمهيدي على وجه يقارب ما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وفي لجنة المراجعة عدل تعديلا لفظياً طفيفا فأصبح مطابقاً للتقنين الجديد ، وأصبحت المادة رقمها 435 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب ، فمجلس الشيوخ تحت رقم 422 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 27 – ص 29 ) .
([22]) أختلف الفقه المصري ، في عهد التقنين السابق ، في بيع المذاق لانعدام النص . فذهب فريق إلى أن المشتري حق المذاق في كل الأشياء التي اعتاد الناس مذاقها قبل شرائها ، وفقاً للعرف وتطبيقاً للمادة 245 / 311 مدني سابق ( جرانمولان فقرة 195 ) . وذهب فريق ثان إلى أن بيع المذاق اندمج حكمه في أحكام العلم بالمبيع ، لأن العلم بالمبيع علماً كافياً قد لا يتحقق إلا بالمذاق ( الأستاذ محمد حلمي عيسى فقرة 1067 ) . وذهب فريق ثالث إلى أن بيع المذاق اندمج في بيع التجربة المنصوص عليه في التقنين السابق ( الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 527 ) . والرأيان الأخيران لا يمكن الأخذ بهما ، لأن عدم العلم بالمبيع لا يمنع من انعقاد البيع أما شرط المذاق فيحول دون انعقاده ، ولأن بيع التجربة ينعقد معلقاً على شرط وبيع المذاق لا ينعقد قبل المذاق . والرأي الأول هو الرأي الذي اختاره التقنين المدني الجديد ، وقننه في المادة 422 سالفة الذكر ، فتعتبر هذه المادة مفسرة لأحكام التقنين المدني السابق ويسري حكمها حتى على العقود التي أبرمت قبل نفاذ التقنين المدني الجديد ( أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 61 – ص 63 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 39 ص 54 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 51 ص 88 ) .
([23]) التقينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 390 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 63 – فقرة 65 ) .
التقنين المدني الليبي م 411 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 525 ( مطابقة للمادة 422 من التقنين المدني المصري ) .
( أنظر في القانون العراقي الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 225 – فقرة 227 – والأستاذ حسن الذنون فقرة 89 – فقرة 94 ويرى أن خيار الرؤية كان يغني عن بيع المذاق ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني م 374 بند 4 : يكون البيع : 1 ) .. 4 ) وأما على شرط المذاق .
م 392 : إن البيع على شرط المذاق لا يعد تاما ما دام المشتري لم يقبل المبيع – ( وأحكام التقنين اللبناني متفقة مع أحكام التقنين المصري ) .
([24]) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 12 – بودري وسينيا فقرة 160 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 526 .
([25]) وقد يستأنس بذوق أجنبي وهذا نادر ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 304 ) .
([26]) وإذا رفض المشتري المبيع ، لم يستطع البائع إجباره على اختيار صنف ، كما لا يستطيع هو إجبار البائع على أن يسلمه صنفاً آخر يلائم ذوقه الشخصي . أما إذا كان المشتري قد نزل عن شرط المذاق ، ورضي أن يكون الشيء من الصنف المألوف في التجارة أو من صنف معين ، فإن البيع يكون قد تم ولا يكون مجرد وعد بالبيع ، فإذا لم يكن الشيء من الصنف المشترط استطاع المشتري إجبار البائع على تسليمه شيئاً من الصنف المشترط أو اشتراه على حسابه ( أوبري ورو 5 فقرة 349 هامش رقم 13 – بودري وسينيا فقرة 163 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 61 – الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 525 ص 531 هامش رقم 5 ) .
([27]) بودري وسينيا فقرة 159 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 85 ص 160 – ص 161 وقارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 39 ص 56 .
([28]) أوبري ورو 5 فقرة 349 ص 13 .
([29]) الأستاذ أنور سلطان فقرة 43 ص 60 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 114 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 51 ص 89 .
([30]) بودري وسينيا فقرة 160 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 85 ص 161 .
([31]) ولكنه قد التزم أن يذوق الشيء ، وهو بعد ذلك حر في رفضه ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 303 ص 378 هامش رقم 2 ) .
([32]) وفي هذا تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : (( يختلف بيع المذاق عن البيع بشرط التجربة ، لا في أن المشتري حر في القبول أو في الرفض في مدة يحددها الاتفاق أو العرف فالاثنان حكمهما واحد في ذلك ، ولكن في أن البيع لا يعتبر معلقاً على شرط واقف أو فاسخ ، بل هو لا يتم إلا من وقت إعلان المشتري للقبول دون أثر رجعي – فبيع المذاق ، قبل قبول المشتري ، إنما هو وعد بالبيع من جانب واحد : أنظر في هذا المعنى التقنين الفرنسي 1587 والتقنين الإيطالي م 1452 والمشروع الفرنسي الإيطالي م 326 والتقنين اللبناني م 392 – على أن هناك من التقنينات الأجنبية ما يعتبر بيع المذاق بيعاً معلقاً على شرط واقف : أنظر التقنين الأسباني م 1453 والتقنين البرتغالي م 1551 والتقنين الهولندي م 1499 والتقنين الأرجنتيني م 1370 )) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 28 ) .
أما الفقه في فرنسا فيميل إلى القول بأن بيع المذاق مجرد إيجاب ملزم للبائع ولكن لوحظ على هذا القول أن المشتري ملتزم هو أيضاً بمذاق الشيء ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 303 ص 378 – جوسران 2 فقرة 1064 ) .
([33]) بودري وسينيا فقرة 155 .
([34]) الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 33 – أنظر في انتقاد إيجاد بيع المذاق إلى جانب بيع التجربة ووجوب التسوية من ناحية التشريع بين البيعين فيكون كل منهما بيعاً معلقاً على شرط الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 65 .
([35]) والفقه الإسلامي يواجه كلا من بيع التجربة وبيع المذاق بالبيع مع خيار الشرط . وفي الفقه الإسلامي أيضاً البيع على سوم النظر المجلة م 299 ) والبيع على سوم الشراء ( المجلة م 298 ) ، وهذان ليسا بيعين كاملين ، والأول منهما أقرب إلى أن يكون مجرد إيجاب من البائع ، أما الثاني فأقرب إلى أن يكون وعداً بالبيع فهو من هذا الوجه يشبه بيع المذاق . وهناك أيضاً في مذهب مالك خيار الثلاثة الأيام وخيار العام .
وقد سار التقنين المدني العراقي على هدى الفقه الإسلامي ، فأورد إلى جانب النصوص المتعلقة ببيع التجربة وبيع المذاق نصوصاً متعلقة بخيار الشرط على الوجه الآتي : م 509 عراقي : يصح أن يكون البيع بشرط الخيار مدة معلومة . ولا يمنع هذا الشرط من انتقال الملكية إلى المشتري ، سواء كان الخيار للبائع أو للمشتري أولهما معاً أو لأجنبي . م 510 عراقي . إذا شرط الخيار للبائع والمشتري معاً ، فأيهما فسخ في أثناء المدة انفسخ البيع ، وأيهما أجاز سقط خيار المجيز وبقي الخيار للآخر إلى انتهاء المدة . م 511 عراقي . إذا مضت مدة الخيار ولم يفسخ من له الخيار ، لزم البيع . م 512 عراقي : خيار الشرط لا يورث ، فإذا مات من له الخيار سقط خياره . م 513 عراقي : في جميع حالات الخيار ، إذا تلف المبيع في يد المشتري قبل الفسخ ، هلك من ماله ولزمه الثمن المسمى .
أنظر في شرح خيار الشرط في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 46 – فقرة 56 ، وهو ينتقد الجمع بين خيار الشرط وبين بيع التجربة وبيع المذاق . وأنظر في تفنيد هذا الانتقاد تفنيداً موفقاً الأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 215 وفقرة 227 . وظاهر أن خيار الشرط أوسع من كل من بيع التجربة وبيع المذاق ، فلا ضير من هذا الجمع ، ويكون البيعان الأخيران صورتين خاصتين من صور خيار الشرط .
([36]) تاريخ النص : كان المشروع التمهيدي يشتمل على المواد من 617 إلى 631 ، وهي نصوص تقر بيع الوفاء وتنظمه تنظيماً مفصلا على الوجه الذي سار عليه التقنين المدني السابق ( أنظر نصوص هذه المواد وما يقابلها من نصوص التقنين المدني السابق والمذكرة الإيضاحية المتعلقة بها في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 164 – ص 190 في هوامش هذه الصفحات ) . وقد سار المشروع التمهيدي في مراحله أمام لجنة المراجعة ، فمجلس النواب ، حتى إذا وصل لجنة مجلس الشيوخ رأت هذه اللجنة إلغاء هذه النصوص والنص صراحة على أن بيع الوفاء يكون باطلا في المادة 465 التي نحن بصددها ، ووافق مجلس الشيوخ صراحة على أن بيع الوفاء يكون باطلا في المادة 465 التي نحن بصددها ، ووافق مجلس الشيوخ على هذه المادة كما وضعتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 164 – ص 180 ) .
([37]) التقنين المدني السابق م 338 / 421 ( معدل بالقانون رقم 49 / 50 لسنة 1923 )( : حق استرداد المبيع أو الشرط الوفائي هو شرط يحفظ به البائع لنفسه حق استرداد العين المبيعة في مقابلة المبالغ المنصوص عليها في المادة 344 في الميعاد المتفق عليه .
م 339 / 422 – 423 ( معدلة بالقانون 49/50 لسنة 1923 ) : إذا كان الشرط الوفائي مقصوداً به إخفاء رهن عقاري ، فإن العقد يعتبر باطلا لا أثر له ، سواء بصفته بيعاً أو رهنا . ويعتبر العقد مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات – ويجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه .
م 340 / 424 : بمجرد بيع الوفاء يصير المبيع ملكاً للمشتري على شرط الاسترداد ، بمعنى أنه إذا لم يوف البائع بالشروط المقررة لرد المبيع تبقى الملكية للمشتري – وإما إذا صار توفية الشروط المذكورة ، فيعتبر كأنه لم يخرج من ملكية البائع .
م 425 مختلط ( مقابل لها في الأهلي ) : إذا لم يشترط حق الاسترداد في نفس عقد البيع ، فمن صار له ذلك الحق فيما بعد لا يعتبر مالكاً بالثاني إلا من اليوم الذي حصل فيه شرط الاسترداد .
م 341 / 426 : لا يجوز للبائع أن يشترط لاسترداد المبيع ميعاد يزيد على خمس سنين من تاريخ البيع ، وكل ميعاد أزيد من ذلك يصير تنزيله إلى خمس سنين ( في المختلط سنتان بدلا من خمس ) .
م 342 / 427 : الميعاد المذكور محتم بحيث يترتب على تجاوزه سقوط حق الاسترداد ، ولا يجوز للمحكمة أن تحكم بعدم سقوط الحق في أي حال من الأحوال ولو في حالة القوة القاهرة .
م 428 مختلط ( لا مقابل لها في الأهلي ) : تطويل الميعاد المتفق عليه يقوم مقام بيع من المشتري للبائع الأصلي معلق على شرط ، إذ يعتبر المشتري المذكور مالكاً للمبع ملكاً باتا من يوم البيع الأول إلى يوم تطويل الميعاد .
م 343 429 : يجوز للبائع بيع وفاء أن يطلب الاسترداد ممن انتقل إليه المبيع ، ولو لم يشترط الاسترداد في عقد الانتقال .
م 344 / 430 : لا يجوز للبائع بيع وفاء أن يفسخ البيع إلا إذا عرض على المشتري في الميعاد المعين أن يؤدي له على الفور الأشياء الآتي بيانها : أولا – أصل الثمن . ثانياً – المصروفات المترتبة على البيع والتي تترتب على استرداد المبيع . ثالثاً – المصاريف اللازمة التي صرفها المشتري غير ما صرفه لصيانة المبيع ، ثم يؤدي أيضاً ما زاد في قيمة المبيع بسبب المصاريف الأخرى التي صرفها المشتري بشرط ألا تكون فاحشة .
م 345 / 431 : عند رجوع المبيع بيع وفاء إلى البائع ، يأخذه خالياً عن كل حق ورهن وضعه عليه المشتري ، إنما يلتزم البائع بتنفيذ الإيجارات التي أجرها ذلك المشتري بدون غش بشرط أن تكون مدتها لا تتجاوز ثلاث سنين .
م 346 / 432 الاسترداد لا يقع إلا على نفس المبيع ، سواء كان المبيع ملكاً كاملا أو مشاعاً أو مقسوماً إلى حصص ، إلا إذا كانت دعوى الاسترداد مقامة على ورثة المشتري بالنسبة للحصص المشاعة بينهم أو المفروزة التي يملكها كل منهم .
م 347 433 : إذا كان المبيع بيع وفاء حصة شائعة في عقار ، واشترى مشتريها الحصة الباقية من مالكها بعد طلب هذا المالك مقاسمته ،فللمشتري المذكور عند مطالبة بائعه الأول باسترداد الحصة المبيعة بيع وفاء أن يلزمه بأخذ العين بتمامها .
([38]) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 433 ( مطابقة للمادة 465 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 246 – فقرة 253 ) .
التقنين المدني الليبي م 454 ( مطابقة للمادة 465 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 1333 : بيع الوفاء يعتبر رهناً حيازياً .
( والتقنين العراقي كان يشتمل في مشروعه التمهيدي على نصوص – المواد من 595 إلى 605 – تقر بيع الوفاء وتفصل أحكامه باعتبار أنه بيع معلق على شرط فاسخ على نمط الفقه الغربي . ولكن عند مراجعة هذا المشروع حذفت هذه النصوص ، وتوسط التقنين العراقي بين موقف الفقه الغربي من بيع الوفاء ويقره كما رأينا وبين موقف التقنين المصري وهو يبطله كما سبق القول ، فجعل بيع الوفاء لا بيعاً صحيحاً ولا بيعاً باطلا ، بل جعله رهناً حيازياً ، أي أنه وضع قرينة قانونية غير قابلة لإثبات العكس على أن بيع الوفاء رهن حيازي . وقد جرى التقنين العراقي في ذلك على تقاليد الفقه الإسلامي والمجلة ، فبيع الوفاء هناك إنما هو رهن حيازي . ويجب التمييز في القانون العراقي بين بيع الوفاء والبيع المقترن بخيار شرط للبائع . فبيع الوفاء بيع قصد به تأمين المشتري على ماله وتأمين البائع على استرداد العين المبيعة بعد وفاء المشتري حقه ، ويأخذ حكم الرهن الحيازي ، فلا تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بل يبقى المبيع عنده تأميناً حتى يستوفي حقه من البائع ، أما البيع المقترن بخيار شرط للبائع ، فقد قصد به أن يكون للبائع فسحة من الوقت يتدبر أمره وينظر هل من مصلحته أن يجعل البيع باتا أو أن يفسخه . فهو بيع صحيح لا رهن ، ينقل ملك المبيع إلى المشتري تحت شرط فاسخ لأنه مقترن بخيار التروي أو خيار الشرط . وتكون المدة في خيار الشرط عادة مدة قصيرة ، إذ لا يحتاج البائع في التروي إلى وقت طويل . أما مدة الاسترداد في بيع الوفاء فتكون عادة مدة طويلة قد تصل إلى سنني عدة ، إذ هو قرض مضمون برهن حيازي كما سبق القول – قارن الأستاذ حسن الذنون في البيع في القانون المدني العراقي فقرة 418 – فقرة 419 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني :
م 473 : إن البيع مع اشتراط حق الاسترداد أو البيع الوفائي هو الذي يلتزم فيه المشتري بعد البيع التام أن يعيد المبيع إلى البائع مقابل رد الثمن . ويجوز أن يكون موضوع البيع الوفائي أشياء منقولة وغير منقولة .
م 474 : لا يجوز أن يشترط لاسترداد المبيع ميعاد يتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ البيع وإذا اشترط ميعاد يزيد عليها أنزل إلى ثلاث سنوات .
م 475 : إن الميعاد المذكور متحتم ، لا يجوز للقاضي أن يحكم بإطالته وإن لم يتمكن البائع من استعمال حقه في الاسترداد لسبب لم يكن فيه مختاراً . أما إذا كان عدم استعماله هذا الحق ناشئا عن خطأ من المشتري ، فانقضاء المهلة لا يحول دون استعماله .
م 476 : إن المبيع وفاء يصبح بحكم البيع ملكاً للمشتري تحت شرط الوفاء ، بمعنى أن المشتري يبقى مالكاً له إذا لم يقم البائع بالشروط المتفق عليها لاسترداده . أما إذا قام بهذه الشروط ، فيعد المبيع كأنه لم يخرج قط عن ملكية البائع . وفي كل حال يتمتع المشتري بالمبيع كالمالك إلى أن تنتهي المهلة أو إلى أن يستعمل البائع حق الاسترداد مع مراعاة أحكام المادتين 482 و 485 ، فيحق له أن يجني ثمار المبيع وأن يقيم كل دعوى مختصة به على شرط ألا يرتكب احتيالا .
م 477 : يجري حق الاسترداد بأن يبلغ البائع إلى المشتري رغبته في استرداد المبيع ، ويجب عليه في الوقت نفسه أن يعرض رد الثمن .
م 478 : إذا توفى البائع قبل أن يستعمل حقه في الاسترداد ، انتقل هذا الحق إلى ورثته ، فيتسعملونه في المدة الباقية لمورثهم من المهلة .
م 479 ك لا يجوز للورثة أن يستعملوا حق الاسترداد إلا مجتمعين ، ولا أن يطلبوا سوى رد المبيع بجملته . ويسري هذا الحكم أيضاً فيما إذا باع عدة أشخاص بمقتضى عقد واحد شيئاً مشتركاً بينهم ولم يحفظوا لكل منهم حقه في استرداد حصته .
م 480 : يجوز أن تقام دعوى استرداد المبيع على ورثة المشتري مجتمعين . أما إذا جرى توزيع التركة ودخل المبيع في حصة أحد الورثة ، فتقام دعوى الاسترداد عليه وحده بالمبيع كله .
م 481 : إذا أعلن إعسار البائع ، كان حق الاسترداد للدائنين .
م 482 : يحق للبائع وفاء أن يقيم دعوى الاسترداد على المشتري الثاني .
م 483 : إن البائع الذي يستعمل حق الاسترداد لا يمكنه أن يعود إلى وضع يده على المبيع إلا إذا رد : أولا – الثمن الذي قبضه – ثانياً – النفقات المفيدة بمقدار ما زادنه في قيمة المبيع . أما فيما يختص بالنفقات الكمالية ، فليس للمشتري سوى نزع ما أدخله على المبيع من التحسين إذا استطاع نزعه بلا ضرر . ولا يمكنه أن يطلب استرجاع المصاريف الضرورية ولا مصاريف الصيانة ولا نفقة جنى الثمار – ويجب على المشتري من جهة أخرى أن يرد : أولا – المبيع وما ازداد فيه منذ عقد البيع – ثالثاً – الثمار التي جناها منذ اليوم الذي دفع أو أودع فيه الثمن . وللمشتري أن يستعمل حق الحبس إذا لم يرد ما يجب له ، ذلك كله مع الاحتفاظ بالشروط المتفق عليها بين الفريقين .
م 484 : إن المشتري مسئول من جهة أخرى عما يصيب المبيع من الضرر أو الهلاك بفعله أو بخطأه أو بخطأ الأشخاص الذين يكون مسئول عنهم . وكذلك هو مسئول عن التغييرات التي أدت إلى إحداث تبديل جوهري في المبيع مخالف لمصلحة البائع . غير أنه لا يسأل عما يصيب المبيع من جراء قوة قاهرة أو تغيير قليل الشأن ، ولا يحق للبائع في هذه الحال أن يطلب تخفيض الثمن .
م 485 : إن البائع الذي يسترد ملكه بمقتضى حق الاسترداد يكتسب في الوقت نفسه الحق في محو قيود جميع الحقوق العينية والأعباء والرهون التي أنشأها عليه المشتري . غير أنه ملزم بتنفيذ عقود الإيجار التي عقدها المشتري بلا احتيال ، على شرط ألا تتجاوز مدة الإجارة المهلة المنصوص عليها للاسترداد وأن يكون عقد الإيجار ذا تاريخ صحيح .
م 486 : إذا كان المبيع ملكاً زراعياً واستعمل البائع حق الاسترداد في أثناء السنة الزراعية حق للمشتري إذا كان قد ألقى البذار هو أو الذين آجرهم أن يبقى محتلا للأقسام المزروعة حتى انتهاء السنة الزراعية ، وإنما يلزمه أن يدفع ما يوجبه عليه العرف المحلي عن المدة الباقية من يوم الاسترداد إلى آخر السنة الزراعية ( وتقرب أحكام التقنين اللبناني في بيع الوفاء من أحكام التقنين المصري السابق ) .
([39]) وبيع الوفاء في الفقه الإسلامي هو رهن لا بيع ، ولكنه يبيح للمشتري وفاء ثمرات المبيع وكان لا يتملكها في الرهن إلا على سبيل الرخصة التي يجوز الرجوع فيها ( أنظر ابن عابدين جزء 4 ص 281 – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 247 – فقرة 250 وفقرة 253 ) .
([40]) وطبقاً لقانون رقم 49 / 50 لسنة 1923 – وسيأتي ذكره – يكون كل من بيع الوفاء والرهن باطلا ، ويصبح المشتري دائناً عادياً يستحق فوائد عن المبلغ الذي دفعه ثمناً ، والاتفاق على الأجرة هو في حقيقته اتفاق على الفائدة ، فيجب إنزال الأجرة إلى الحد المسموح به قانوناً للفوائد الاتفاقية ( نقض مدني 26 فبراير سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 275 ص 549 ) – وقد قضت محكمة استئناف أسيوط بأنه إذا باع شخص لآخر عقاراً بيعاً وفائياً ، ثم حكمت المحكمة ببطلانه سواء باعتباره عقد بيع أو باعتباره عقد رهن ، فإن حق المشتري في استرداد ما دفعه من الثمن لا يبتدئ حساب مدة سقوطه إلا من يوم صيرورة هذا الحكم نهائياً ( 13 فبراير سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 157 ) .
( [41] ) والقرائن المذكورة في تشريع سنة 1923 ليست واردة على سبيل الحصر . وقد صدرت أحكام كثيرة من القضاء الوطني والقضاء المختلط في عهد التقنين المدني السابق ، في شأن بيع الوفا الذي يستر رهناً وما يقوم من القرائن في هذا الصدد ، سواء قبل صدور قانون سنة 1923 أو بعد صدوره .
ونذكر من أحكام القضاء الوطني ما يأتي : استئناف وطني 3 يناير سنة 1 895 الحقوق 10 ص 66 – 11 مايو سنة 1905 المجموعة الرسمية 6 رقم 111 ص 240 – 8 يونيه سنة 1905 الاستقلال 4 ص 464 – 14 ديسمبر سنة 1905 الاستقلال 5 ص 94 – 30 يناير سنة 1919 المجموعة الرسمية 21 رقم 6 ص 11 – 14 مارس سنة 1921 المحاماة 1 رقم 91 ص 465 – 27 مارس سنة 1923 المحاماة 4 رقم 177 / 1 ص 245 – استئناف مصر 14 ابريل سنة 1925 المحاماة رقم 505 / 1 ص 609 – 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 472 ص 774 – 30 ابريل سنة 1929 المحاماة 9 رقم 536 ص 992 – 9 مارس سنة 1933 المحاماة 13 رقم 633 ص 1243 – 30 مايو سنة 1940 المجموعة الرسمية 42 رقم 112 – استئناف أسيوط 10 يناير سنة 1945 المجموعة الرسمية 46 رقم 138 – استئناف أسيوط 17 مايو سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 263 – استئناف أسيوط 3 يونيه سنة 1948 المجموعة الرسمية 49 رقم 545 .
ونذكر من أحكام القضاء المختلط ما يأتي : استئناف مختلط 11 يونية سنة 1890 م 2 ص 317 – 8 ابريل سنة 1891 م 3 ص 287 – 6 فبراير سنة 1895 م 7 ص 114 – 4 مايو سنة 1899 م 11 ص 203 – 24 يناير سنة 1900 م 12 ص 97 – 29 نوفمبر سنة 1900 م 13 ص 27 – 19 مارس سنة 1903 م 15 ص 209 – 7 ديسمبر سنة 1904 م 17 ص 31 – 27 فبراير سنة 1908 م 20 ص 106 – 9 ابريل سنة 1908 م 20 ص 175 – 2 فبراير سنة 1911 م 23 ص 153 – 7 مارس سنة 1912 م 24 ص 175 – 10 ديسمبر سنة 1918 م 31 ص 55 – 9 يناير سنة 1919 م 31 ص 110 – 5 فبراير سنة 1919 م 31 ص 154 – 22 ابريل سنة 1919 م 31 ص 255 – 5 فبراير سنة 1920 م 32 ص 150 – 16 مارس سنة 1920 م 32 ص 191 – 4 ابريل سنة 1922 م 34 ص 283 – 6 ديسمبر سنة 1928 م 41 ص 79 – 29 يناير سنة 1931 م 43 ص 196 – 10 فبراير سنة 1931 م 43 ص 223 – 19 نوفمبر سنة 1936 م 49 ص 18 – 18 مايو سنة 1937 م 49 ص 227 – 11 نوفمبر سنة 1937 م 50 ص 16 – 30 أكتوبر سنة 1945 م 58 ص 3 – 28 مايو سنة 1946 م 58 ص 205 .
( [42] ) وقد ورد ، كما رأينا ، في آخر المادة 339 / 432 – 433 من التقنين المدني السابق أنه يجوز بكافة الطرق إثبات عكس ما في العقد بدون التفات إلى نصوصه . وليس ذلك إلا تطبيقا للقواعد العامة التي تجيز في العقود المنطوية على غش الإثبات بجميع الطرق . وقد قضت محكمة النقض بان المادة 339 من القانون المدني ( السابق ) تجيز للبائع أن يثبت بكافة الطرق ، ومنها البينة والقرائن ، أن العقد لم يكن بيعاً باتاً ، وإنما هو – على خلاف نصوصه – يستر رهناً حيازياً . فإذا ادعى المستأنف أن العقد الذي صدر منه في صورة بيع لم يكن إلا استدانة بفائدة ربوية مضمونة برهن تأميني افرغ في قالب بيع بات اقترن به تأجير العين له ، وكذلك إقرار من العاقد معه برد العين إليه في الأجل المحدد وبالقيمة المتفق عليها في العقد ، ثم أخذت محكمة الدرجة الأولى بدعواه وبينت الأدلة والقرائن التي استندت إليها ، ولكن محكمة الاستئناف ، رغم تمسكه بدعواه هذه وطلبه إجراء التحقيق لإثباتها ، لم تأخذ بها ، متعللة في قضائها بأن محل ذلك أن يكون العقد قد أشتمل على شرط الاسترداد ، وإلا فلا يمكن إثبات عكس الوارد به بغير الكتابة ، فقضاؤها بذلك مخالف لحكم المادة 339 سابقة الذكر ( نقض مدني 4 مارس سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 37 ص 101 ) . وقضت أيضاً بأنه يجوز للبائع أن يثبت بأي طريق من طرق الإثبات أن العقد ، وإن كان بحسب نصوصه الظاهرة بيعاً باتاً ، فإنه في حقيقة الأمر يستر رهناً حيازياً . فإذا كان الحكم قد استخلص من شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة أن الإقرار الصادر بعد العقد محل الدعوى بحوالي أربع سنوات إنما ينصب على هذا العقد ، واستنتج من عباراته أن الطرفين في ذلك العقد إنما قصدا به في الحقيقة أن يكون ساتراً لرهن حيازي ، فإنه لا يكون قد أخطأ . إذ يكفي في اعتبار الإقرار ورقة ضد توافر المعاصرة الذهنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخها . وإذا كان الأوراق المختلف على تكييفها – هل هي ورقة ضد عن العقد المتنازع على حقيقة المقصود منه أم هي وعد بالبيع – مذكوراً فيها أنه ” إذا مضى الميعاد المحدد ولم يدفع المبلغ فيكون البيع نافذ المفعول ” ، فهذا يدل على أن البيع لا يكون نافذ المفعول في مدة الوفاء ، وليس هذا شأن بيع الوفاء الحقيقي الذي ينفذ مفعوله كبيع بمجرد التعاقد وإن تعلق على شرط فاسخ . واذن فاعتبار تلك الورقة متضمنة شرط تمليك الدائن للأطيان مقابل الدين في نهاية الأجل المحدد للوفاء هو اعتبار تسوغ عبارتها ، وليس فيه مسخ لمدلولها ( نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 30 ص 102 – وانظر أيضاً : نقض مدني 11 يناير سنة 1915 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 44 ص 229 ) . وبقاء حيازة العين في يد البائع ، إذا كانت تعد قرينة قانونية طبقاً لتشريع سنة 1923 – فإنها كانت تصلح قرينة قضائية قبل هذا التشريع ( نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 18 ص 93 ) . وكون الثمن المدفوع لا يتناسب مع الثمن الحقيقي يصلح قرينة على الرهن ( نقض مدني 8 مايو سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 153 ص 1027 – 10 يونيه سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 145 ص 942 ) . ولو فسخ الإيجار بناء على طلب المشتري واسترد المشتري العين كمالك ، فهذا لا يمنع من كون التصرف يستر رهناً باطلا ، ولا حجة فيما قاله المشتري من أنه وضع يده كمالك لا كمرتهن بعد الفسخ ( نقض مدني 16 أكتوبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 2 ص 6 ) .
ويؤخذ من ظاهر عبارات محكمة النقض في حكم حديث لا إنها تعتبر القرائن الواردة في تشريع سنة 1923 قرائن قانونية قاطعة . فقد قضت بان بيع الوفاء ، قبل تعديل المادة 339 مدني ( قديم ) ، كان قد اتخذ لستر بعض التصرفات القانونية الممنوعة ، مما حدا بالمشرع لإصدار القانون رقم 49 لسنة 1923 معدلا للمادة 339 مدني قديم ، فكانت تنص على بطلان بيع الوفاء الذي يقصد به إخفاء رهن وأنه لا أثر له سواء بصفته بيعاً أو رهنا ، وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات . والذي يبين من الباعي على تعديل المادة 339 مدني ومن المذكرة التفسيرية الخاصة بهذا التعديل أن المشرع إنما أورد هذه القرينة كقرينة قانونية قاطعة للاستدلال بها على حقيقة المقصود بالعقد وأنه يستر رهناً . ويؤيد هذا النظر اتجاه المشرع إلى إلغاء البيع الوفائي نهائياً في القانون المدني الجديد اكتفاء بالنصوص الخاصة بالرهن . ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اعتبرت القرينة ليست قاطعة وأحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن عقد البيع هو في الواقع عقد رهن فإنه يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 15 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 47 ص 316 ) . ولكن يبدو أن محكمة النقض إنما تأخذ على الحكم المطعون فيه أنه لم يعتد بقرينة بقاء العين في حيازة البائع ، وكان من شأن هذه القرينة أن تعفى البائع من عبء الإثبات ، وتلقيه على عاتق المشتري لثبت هو بالرغم من وجود هذه القرينة أن العقد حقيقته بيع وفاء لا رهن . فبدلا من ذلك ، ألقى الحكم المطعون فيه عبء الإثبات على البائع ، لثبت أن عقد البيع هو في الواقع عقد رهن . وهذا لا شك خطأ في الحكم المطعون فيه يبرر نقضه ، ولكن ليس هذا معناه أن القرينة القانونية إذا وجدت لم يجز إثبات عكسها . بل إن الواجب في القضية التي نحن بصددها أن تحال الدعوى إلى التحقيق ، ولكن لا ليثبت البائع أن العقد هو في حقيقته رهن ، بل ليثبت المشتري أن العقد بالرغم من وجود القرينة القانونية على أنه رهن هو في حقيقته بيع وفاء . فإذا خلا بيع الوفاء من القرائن القانونية ، كان على البائع الذي يدعى أن البيع الوفائي يخفى رهناً أن يقيم هو الدليل على ذلك ( نقض مدني 25 أكتوبر سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 121 ص 847 ) ، ومن حقه أن يجاب إلى طلبه إذا هو طلب إثبات أن بيع الوفاء يخفى رهناً ( نقض مدني 21 مارس سنة 1957 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 32 ص 259 ) .
( [43] ) استئناف وطني 3 يناير سنة 1905 الحقوق 20 ص 135 .
( [44] ) نقض مدني 15 ديسمبر سنة 1949 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 30 ص 102 وهو الحكم السابق الإشارة إليه يكفي في اعتبار الإقرار ورقة ضد توافر المعاصرة الذنية التي تربطه بالعقد وإن اختلف تاريخهما ) – استئناف مصر 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ( ورقة ضد تحررت في يوم العقد البات ) . ويخلص من ذلك أنه ليس من الضروري إني كون عقد البيع ذاته هو الذي يثبت شرط استرداد العين المبيعة . وقد قضت محكمة النقض أنه ليس صحيحا القول بأن اشتراط استرداد العين المبيعة يجب أن يثبت بعقد البيع نفسه وإلا اعتبر وعداً بالبيع ، فإن المادة 339 مدني ( سابق ) تجيز للبائع أن يثبت بكافة الطرق ومنها البينة والقرائن أن العقد لم يكن بيعاً باتا وإنما هو على خلاف نصوصه يستر رهناً حيازياً ( نقض مدني 22 نوفمبر سنة 1951 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 17 ص 87 – وانظر أيضاً : نقض مدني 8 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 45 ص 318 – 16 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 34 ص 263 – استئناف مصر 3 يناير سنة 1935 المجموعة الرسمية 36 رقم 117 ) . وقضت محكمة النقض كذلك بأن إثبات أن عقد البيع قصد به إخفاء رهن مقترن بفوائد ربوية يحرمها القانون مراعاة للنظام هو أمر جائز بكافة الطرق ، سواء صور عقد البيع الظاهر بأنه بات أم وفائي ( نقض مدني 22 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 223 ص 1602 ) .
( [45] ) نقض مدني 23 نوفمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 15 ص 74 .
( [46] ) بودري وتيسييه فقرة 636 – الأستاذ انور سلطان ص 375 هامش رقم 1 .
( [47] ) استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 36 .
( [48] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه يجوز عرض ثمن المبيع وفائياً على المشتري من أحد الورثة من مال الورثة جميعاً ، ويكون الوارث الذي قام بالعرض قد باشره نيابة عنهم . ولما كان حق الاسترداد مخولا أصلاً للبائع ولورثته ، فإنه يجوز استعماله لمن يقوم مقام الورثة وهو الدائن لهم والملتزمون قبله بنقل ملكية العين محل الاسترداد إليه . وإذن فمتى كان ورثة البائع وفائياً قد باعوا العين إلى شخص ورفعوا الدعوى بطلب استرداد هذه العين من المشتري وفائياً ، ثم تنازل بعض الورثة عن طلب الاسترداد محتفظين بحقهم في الثمن المودع ، فإن الحكم إذ قبل تدخل المشتري من الورثة منضما إلى باقي المدعين في طلب الاسترداد لا يكون قد خالف القانون ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .
( [49] ) وفي القانون الفرنسي للمشتري إلزام الدائنين بتجريد البائع من أمواله الأخرى قبل استعمال حق الاسترداد ( – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 194 – قارن الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 488 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 258 ) .
( [50] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان الاسترداد لا يقع – بحسب الأصل – إلا على المبيع كما هو ، فإن الفقرة الثانية من المادة 346 من القانون المدني ( السابق ) قد استثنت الحالة التي تكون فيها دعوى الاسترداد ” مقامة على ورثة المشتري بالنسبة إلى الحصص المشاعة بينهم أو المفروزة التي يملكها كل منهم ” . وهذا لا يصح معه القول بأن توجيه العرض أو الدعوى إلى بعض الورثة يعتبر توجيها إلى الباقين . وإذا كان البائع عند وفاة المشتري أن يجزئ دعوى الاسترداد بمطالبة بعض الورثة دون الآخرين ، فإن القول بأنه عند تجزئة الدعوى تعتبر الإجراءات موجهة إلى جميع الورثة يكون قولا غير سديد ( نقض مدني 8 فبراير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 204 ص 557 ) .
( [51] ) بودري وسينيا فقرة 657 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 196 – قارن الأستاذ أنور سلطان فقرة 378 .
( [52] ) وفي التقنين المختلط سنتان ، وفي التقنين المدني الفرنسي خمس سنوات .
( [53] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن العقد الذي يظهر من روايته أنه بيع وفائي باستكماله أوضاع البيع الوفائي تسري عليه الأحكام المختصة بذلك ، ولا يصح اعتباره بيعاً تحت شرط أحقية البائع في الفسخ في أي وقت أراد . فإذا عين في العقد المذكور ميعاد لاسترداد البائع العين المبيعة أكثر من خمس سنوات ، وجب تنزيل الميعاد إلى خمس سنوات . وحق الرجوع في البيع إما أن يكون مطلقاً بلا قيد وإما أن يكون مقيداً بشرط فاسخ ، وفي جميع هذه الأحوال لا يعرف إلا بيع وفائي ، ولا يمكن أن تتجاوز مدة الرجوع خمس سنوات ( 4 مايو سنة 1905 الحقوق 20 ص 170 ) .
( [54] ) أوبرى ورو 5 فقرة 357 ص 166 – الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 .
( [55] ) أو من وقت تحقق الشرط الواقف إذا كان بيع الوفاء معلقاً أيضاً على شرط واقف .
( [56] ) الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 .
( [57] ) استئناف مصر 14 ديسمبر سنة 1937 المجموعة الرسمية 39 رقم 41 – فإذا كان بيع الوفاء لم يسجل ، ثم أصبح باتاً على النحو المشار إليه ، جاز للمشتري رفع دعوى صحة التعاقد . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان البائع بيعاً وفائياً لم يستعمل حقه في استرداد المبيع في الميعاد المتفق عليه ، فرفع المشتري – بعد فوات مدة الاسترداد – دعوى صحة تعاقد على اعتبار أن هذا البيع بات ، وتبينت المحكمة من بحثها واقعة تخلف شرط الاسترداد أن المهلة المحددة للاسترداد قد انقضت بغير أن ينفذ هذا الشرط ، فإنه يكون لها أن تقضي بصحة التعاقد على اعتبار أن العقد أصبح بيعاً باتاً ، إذ هذا التحول في طبيعة العقد يتم حتما بحكم القانون بمجرد تخلف الشرط ( نقض مدني أول فبراير سنة 1945 مجموعة عمر رقم 203 ص 556 ) . هذا ولا يوجد ما يمنع ، حتى قبل إني صبح بيع الوفاء باتاً ، من أن يطلب المشتري تسجيله على اعتبار أنه لا يزال بيع وفاء ، فيرفع دعوى صحة التعاقد على هذا الأساس .
( [58] ) كولان وكابيتان 2 ص 554 – ويذهب رأي إلى أن شرط المد يعتبر وعداً من جانب المشتري بإعادة بيع المبيع للبائع ، ومن ثم لا يكون له أثر رجعي ، ولا يضر بحقوق الغير المسكوبة في الفترة بين المد والاسترداد ( الأستاذ أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 487 ص 495 ) .
وقد قررت محكمة النقض جواز مد المتبايعين للأجل في عبارات يؤخذ عليها إغراقها في الإطلاق ، وكانت في حاجة إلى شيء من التقييد . فقضت بان المادة 342 مدني ( قديم ) وإن منعت المحاكم من مد الأجل المحدد للاسترداد . والاتفاق على ذلك جائز قبل فوات الأجل المحدد أولاً للاسترداد ، كما هو جائز بعد فواته ، دون أن يؤثر ذلك في طبيعة العقد وكونه قصد به أن يكون عقد بيع وفائي ( نقض مدني 4 نوفمبر سنة 1948 مجموعة عمر 5 رقم 333 ص 655 – وانظر في انتقاد هذا الحكم الأستاذ سليمان مرقس ص 436 ) .
( [59] ) ويجب تسجيله حتى يحتج به على الغير الذي كسب حقا بعد الاتفاق على المد ( الأستاذ أنور سلطان فقرة 319 ص 369 ) .
( [60] ) الأستاذان أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 487 ص 496 – ص 497 .
( [61] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1889 م 1 ص 343 – 19 ابريل سنة 1894 م 6 ص 237 – قنا الإستئنافية 19 سبتمبر سنة 1903 المجموعة الرسمية 5 رقم 45 / 1 ص 92 – السنطة 18 سبتمبر سنة 1899 المجموعة الرسمية 1 ص 206 – جرانمولان فقرة 212 – دي هلتس 4 لفظ VENTE فقرة 299 – الأستاذ محمد حملي عيسى فقرة 781 – ومع ذلك فقد قضت محكمة استئناف مصر بأنه يجب إلى جانب إبداء الرغبة دفع الثمن فعلا في الميعاد لوضوح نص المادة 238 مدني المعدلة بالقانون رقم 49 لسنة 1923 ، ولا محل بعد هذا التعديل للاستناد على عبارة المادة 344 مدني للقول بغير ذلك ، لأن المادة الأخيرة في الواقع إنما وضعت خاصة لبيان ما يجب على البائع دفعه فوراً ( 26 أكتوبر سنة 1937 المجموعة الرسمية رقم 20 ) . وانظر أيضاً في هذا المعنى الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 500 .
واسترداد البائع المبيع إذا كان عقاراً يكفي فيه التأشير في هامش تسجيل عقد بيع الوفاء ، ولا تحصل رسوم نسبية على هذا التأشير بل يسترد البائع نصف الرسوم النسبية التي دفعت عند تسجيل بيع الوفاء ويردها البائع للمشتري . أما إذا أصبح بيع الوفاء باتا ، ثم اتفق المتبايعان على شرط جديد للاسترداد ، فلا بد عند الاسترداد من تسجيل جديد ، ويستوى في ذلك أن يكون الاتفاق على شرط الاسترداد الجديد قد اعتبر بيعاً معلقا ًعلى واقف أو وعداً بالبيع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 256 ص 434 ) .
( [62] ) الأستاذ سليمان مرقس فقرة 261 ص 440 – وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد – وهو يقر بيع الوفاء وينظمه كما قدمنا – يتضمن نصاً ( م 622 / 2 من المشروع ) يقول : ” ويجوز للمشتري أن يحدد للبائع ميعاداً يلزمه فيه أن يعرض المبالغ المنصوص عليها في الفقرة السابقة عرضاً حقيقياً ، فإذا انقضى الميعاد ولم يقم البائع بذلك اعتبر فسخ البيع الذي ترتب على استعمال حق الاسترداد كأن لم يكن ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 173 – ص 174 في الهامش ) .
( [63] ) وذلك فيما عدا التطهير والأخذ بالشفعة والإيجار على النحو الذي قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 81 ) .
( [64] ) وقد قضت محكمة النقض بان البائع وفائياً لا يلزم إلا برد المصروفات الضرورية التي صرفها المشتري لحفظ المبيع من التلف أو الهلاك ، وكذلك بالمصروفات التي تزيد قيمة المبيع بقدر ما زاد من قيمته بشرط إلا تكون فاحشة ، وأما المصروفات التي ينفقها المشتري لاستغلال المبيع وفائياً فلا يلزم بها البائع متى كان إنفاقها في مقابل استغلالها لهذا المبيع وقبض ثمراته ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .
وإذا وقع نزاع بين البائع والمشتري على المبالغ الواجب ردها ولم يكن المشتري محقاً فيه ، كان للبائع أن يعرض المبالغ التي يرى نفسه ملزماً بردها عرضاً حقيقياً ويودعها خزانة المحكمة ، وله أن يخصم رسم الإيداع . وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان المشتري وفائياً قد رفض قبول عرض الثمن والملحقات بغير مسوغ قانونين ، فإن قيام ورثة البائع بخصم رسم الإيداع من المبلغ المعروض لا يؤثر في صحة العرض والإيداع ( نقض مدني 2 ديسمبر سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 26 ص 199 ) .
( [65] ) ولا يشترط جنيه بالفعل .
( [66] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 168 – 176 .
( [67] ) أنظر مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 178 – ص 179 .
( [68] ) على أن القول بأن بطلان بيع الوفاء قاعدة من النظام العام قد يقتضي أن يكون للنص القاضي بالبطلان أثر رجعي ، فيسري على بيوع الوفاء التي أبرمت قبل 14 أكتوبر سنة 1949 . فالأولى إذن أن يقال بأن قاعدة البطلان ، وإن كانت تمت للمصالحة العامة ، لا تعتبر من النظام العام ، وبأن البطلان هنا مؤسس على نص خاص في القانون ( أنظر ما يلي فقرة 89 ) .
( [69] ) ولا يمكن حمل بيع الوفاء على أنه يستر في الحقيقة رهناً فتجري أحكام الرهن ، فالعقد الساتر هنا عقد باطل بحكم القانون فلا يصلح أن يستر أي تصرف آخر ، وقد قصد المشرع إبطال بيع الوفاء أصلاً سواء باعتباره بيعاً أو رهنا ( أنظر الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 56 ) .
( [70] ) وقد يبقى المشتري واضعاً يده على المبيع ، كمالك ملكا باتا ، بعد انقضاء مدة الاسترداد ، ويستطيع في هذه الحالة أن يتملك المبيع بالتقادم الطويل ، دون التقادم القصير كما سيأتي .
( [71] ) أما البيع بشرط التجربة ، فقد يكون بيعاً معلقاً على شرط فاسخ كما سبق القول ، ولكن الشرط هنا لا يتعلق بإرادة البائع بل بإرادة المشتري ، والقول فيه على كل حال للخبراء لا للمشتري في إحدى صورتيه .
( [72] ) وهناك وسيلتان أخريان لا يستطيع المتعاملان أن يلجآ إليهما ، إذ تقعان مباشرة تحت حظر القانون . الوسيلة الأولى أن يرهن المالك العين عند الدائن ، ويشترط الدائن أن يتملك العين إذا لم يستوف الدين في الميعاد ، فيصل بذلك إلى النتيجة التي كان يصل إليها ببيع الوفاء . وهذه الطريقة حرمها القانون بنص صريح ، هو المادة 1052 مدني في الرهن الرسمي والمادة 1108 مدني في الرهن الحيازي . والوسيلة الثانية أن يعتمد المتعاملان إلى إخفاء بيع الوفاء تحت ستار بيع بات لا يوجد فيه شرط وفائي ، ويحرران بالشرط الوفائي ورقة ضد فيما بينهما وقد يؤخران تاريخها عن تاريخ البيع البات . وقد كشف القضاء منذ عهد التقنين المدني السابق عن هذا التحايل ، وأوردنا أحكاماً كثيرة تقضي بأن البيع في هذه الحالة يعتبر بيعاً وفائياً ، عاصر فيه الشرط الوقائي البيع ولو معاصرة ذهنية .
( [73] ) وهناك صورة يسهل تمييزها عن صورة بيع الوفاء ، وإن كانت بيعاً معلقاً على شرط فاسخ ويتحقق الشرط بإرادة البائع : يشترط البائع على المشتري أن يكون البيع معلقاً على شرط فاسخ هو عدم الوفاء بالثمن أو يسقط منه في الميعاد المتفق عليه . وتتميز هذه الصورة عن بيع الوفاء بأن الثمن فيها مؤجل ، أما الثمن في بيع الوفاء فيكون عادة معجلاً أو قريب الأجل . ويكون الفسخ في هذه الصورة راجعاً إلى أن البائع لم يستوف الثمن ، أما الفسخ في بيع الوفاء فيرجع إلى أن البائع قد استوفى الثمن ثم رده إلى المشتري .
وقد يبيع شخص عينا لآخر ، ويعلق البيع على شرط واقف هو ألا يوفي البائع ديناً على المشتري . فهذا ليس بيع وفاء ، ولكنه بيع قد يخلى رهناً اشترط فيه انتقال الملك في الرهن إلى المرتهن إذا لم يستوف الدين في الميعاد ، فيكون هذا الشرط باطلاً ( استئناف مختلط أول ديسمبر سنة 1897 م 10 ص 26 ) .
( [74] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 190 في الهامش .
( [75] ) وقد يعد المشتري البائع بإعادة بيع المبيع له إذا أبدى البائع رغبته في الشراء مدة معينة ، فمثل هذا العقد جائز . وهو يختلف اختلافاً جوهرياً عن بيع الوفاء ، إذ البائع فيه قد تجرد من ملكية المبيع تجرداً نهائياً ، وليس له إلا حق شخصي قد لا يستطيع بموجبه أن يسترد المبيع وذلك إذا تصرف المشتري فيه قبل أن يبدي البائع رغبته في الشراء . أما في بيع الوفاء فقد استبقى البائع على المبيع حق ملكية معلقاً على شرط واقف ، وهو واثق من استرداد المبيع إذا هو استعمل حقه في الاسترداد .
( [76] ) وآخر بيع وفاء يمكن تصوره خاضعاً لأحكام التقنين المدني السابق هو بيع وفاء أبرم في يوم 14 من شهر أكتوبر سنة 1949 واتفق على أن تكون مدة الاسترداد فيه خمس سنوات . فيجوز في مثل هذا البيع للبائع أن يسترد المبيع حتى يوم 14 من شهر أكتوبر سنة 1954 ، وبعد هذا اليوم لا يمكن تصور استرداد صحيح يقع من البائع ( الأستاذ سليمان مرقس فقرة 254 ) . ولكن يمكن تصور نزاع يقوم بعد هذا التاريخ حول استرداد استعمل في حدود هذا التاريخ ، وقد يبقى النزاع سنين طويلة منظوراً أمام المحاكم ويلزمها فيه تطبيق أحكام التقنين المدني السابق .
( [77] ) أنظر في هذا المعنى الأستاذ أنور سلطان فقرة 336 – الأستاذ سليمان مرقس فقرة 254 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 109 .
* بعض رسائل حديثة في الموضوع : هابير ( habert ) رسالة من باريس سنة 1931 – فيدور ( fedor ) رسالة من باريس سنة 1931 – مانيو ( magniaux ) رسالة من رون سنة 1933 – ميشليه ( michelet ) رسالة من باريس سنة 1933 – سجانيك ( sganek ) رسالة من باريس سنة 1933 – يونج ( yung ) رسالة من باريس سنة 1933 – ليمستر ( le mestre ) رسالة من باريس سنة 1936 – روسو ( rousseau ) رسالة من باريس سنة 1936 – فيلوتريكس ( villoutreix ) دراسة اقتصادية وقانونية لبيع السيارات بالتقسيط رسالة من باريس سنة 1936 .
( أنظر في هذا بلانيول وريبير وهامل 10 ص 256 هامش 1 ) .
( [78] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 570 من المشروع التمهيدي . وكانت الفقرة الأولى من الماد ة 570 المذكورة تجري على الوجه الآتي : ” إذا كان البيع مؤجل الثمن ، جاز للبائع أن يحتفظ بالملكية إلى أن يستوفى الثمن كله ، حتى لو تم تسليم المبيع ” ، أما الفقرات الثلاث الأخيرة فلا تختلف عما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد إلا في بعض فروق لفظية . وأقرب لجنة المراجعة نص المشروع التمهيدي ، وأصبح رقمه المادة 443 في المشروع النهائي . وفي لجنة الشؤون التشريعية مجلس النواب عدلت الفقرة الأولى إلى النص الذي استقر في التقنين المدني الجديد ، لأن نص المشروع يوهم أن الملكية لم تنتقل بتاتاً من البائع إلى المشتري ، مع أن الواقع أن الملكية تنتقل إلى المشتري معلقة على شرط واقف هو استيفاء الثمن كله ، فعدلت اللجنة النص حتى يؤدي هذا المعنى بوضوح . وحذفت اللجنة من الفقرة الثالثة عبارة ” عند الشك ” حتى يكون العقد قاطعاً في أن انتقال الملكية يستند دائماً إلى وقت البيع . ووافق مجلس النواب على النص كما عدلته لجنته . ووافق مجلس الشيوخ عليه تحت رقم 430 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 47 – ص 48 و ص 50 – 51 ) .
( [79] ) التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 398 ( مطابقة للمادة 430 من التقنين المدني المصري – أنظر في القانون المدني السوري الأستاذ مصطفى الزرقا فقرة 91 – فقرة 93 ) .
التقنين المدني الليبي م 419 ( مطابقة للمادة 430 من التقنين المدني المصري ) .
التقنين المدني العراقي م 534 ( متفقة مع نص المشروع التمهيدي للمادة 430 من التقنين المدني المصري والأحكام واحدة في التقنين – أنظر في القانون المدني العراقي الأستاذ حسن الذنون فقرة 141 – فقرة 143 – والأستاذ عباس حسن الصراف فقرة 52 – فقرة 59 وفقرة 302 – وفقرة 304 ) .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : ليس فيه نص مقابل ، ولكن نص التقنين المصري ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة ، فيمكن الأخذ بأحكامه في لبنان .
( [80] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” تجيز المادة أن يشترط البائع ، إذا كان الثمن مؤجلاً ، أن يحتفظ بالملكية إلى أن يستوفى كل الثمن ، حتى لو سلم المبيع قبل ذلك . وهذا ضمان لت<أ إليه عادة الشركات التي تبيع سلعها بالتقسيط – كالآلات وعربات النقل وكالأراضي التي تباع بأثمان مقسطة – فاحتفاظ البائع بملكية المبيع حتى يستوفى الثمن أبلغ في الضمان من فسخ البيع بعد أن تكون الملكية قد انتقلت ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) .
وأنظر في الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية لهذا البيع ، وفي انتشاره في أمريكا ، وفي أنه يهيء السبيل لذوي الموارد المحدودة إلى الحصول على سلع ما كانوا يحصلون عليها لو كان الثمن واجب الدفع فوراً ، ولكنه يخلص في الوقت ذاته حاجات جديدة للناس ، ويدفع التاجر إلى رفع سعر السلعة حتى يواجه احتمال إعسار المشتري وبخاصة في أوقات الانكماش الاقتصادي : جوسران 2 فقرة 1022 – فقرة 1023 .
( [81] ) وقد احتفظ بها بموجب الشرط ( clause de reservati domini – pactum reservati domini ) : أنظر استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1916 م 28 ص 445 – 6 فبراير سنة 1917 م ص 200 – 5 يونيه سنة 1917 م 29 ص 482 – وقد يشترط البائع – دون أن يحتفظ بملكية المبيع – ألا يتصرف المشتري في البيع قبل الوفاء بثمنه ، ما لم يوفي المشتري من المشتري بالثمن ( استئناف مختلط 2 مارس سنة 1911 م 23 ص 208 ) .
( [82] ) ويلاحظ أن البيع لو كان باتاً غير معلق على شرط واقف ، وتأخر المشتري عن دافع الثمن ، جاز للبائع أن يطلب فسخ البيع ، ولكن هذه الصورة تختلف عن الصورة التي نحن بصددها في أمرين : ( أ ) الملكية في البيع البات تنتقل إلى المشتري ملكية باتة ، أما في البيع المعلق شرط واقف فلا تنتقل إلا معلقة على هذا الشرط . ( ب ) ثم إن الملكية الباتة التي انتقلت إلى المشتري في البيع البات لا تنفسخ من تلقاء نفسها بمجرد عدم وفاء المشتري بالثمن ، بل لا بد من حكم بالفسخ ، والقضي غير مجبر على فسخ البيع بل يجوز أن يمنح المشتري مهلة لدفع الثمن وفقاً للقواعد المقررة في فسخ العقد . أما في البيع المعلق على شرط واقف فمجرد تأخر المشتري في الوفاء بالثمن يعتبر تخلفاً للشرط ، يعتبر البيع كأن لم يكن دون حاجة إلى حكم وفقاً للقواعد المقررة في الشرط .
ولا يوجد ما يمنع من أن البيع ، بدلاً من تعليقه على شرط واقف ، يكون معلقاً على شرط فاسخ هو عدم الوفاء بالثمن . فتنتقل الملكية إلى المشتري معلقة على شرط فاسخ ، وإذا لم يف بالثمن يتحقق الشرط الفاسخ فيزول البيع بأثر رجعي دون حاجة إلى حكم . وهذه الصورة الأخيرة – وهي التي قلنا إنها تشتبه ببيع الوفاء فيما قدمناه ( أنظر آنفاً فقرة 88 في الهامش ) – تختلف عن البيع البات القابل للفسخ في أن إنفساخ البيع فيها يكون من تلقاء نفسه بمجرد تحقق الشرط الفاسخ وفي البيع البات يكون الفسخ بحكم ، وفي أن الذي ينتقل إلى المشتري فيها ملكية معلقة على شرط فاسخ وفي البيع تنتقل إلى المشتري ملكية باتة .
( [83] ) استئناف مختلط 12 أبريل سنة 194 م 57 ص 122 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 .
( [84] ) بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 – نقض فرنسي جنائي 18 أكتوبر سنة 1934 سيريه 1936 – 1 – 39 – أول يونيه سنة 1935 جازيت دي باليه 1935 – 2 – 315 – 4 ديسمبر سنة 1936 جازيت دي باليه 1937 – 1 – 136 .
ويلاحظ أن المادة 42 من القانون رقم 100 لسنة 1957 ، في مصر ، قضت بأنه يحظر على المشتري ، بدون إذن سابق م البائع ، أن يتصرف بأي نوع من أنواع التصرفات في السلعة موضوع التقسيط قبل الوفاء بثمنها . ونصت المادة 45 من نفس القانون على العقوبة ، وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور والغرامة التي لا تجاوز مائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين . فهذا القانون قد خلق إذن جريمة جديدة هي جريمة التصرف في الشيء المبيع قبل الوفاء بكامل الثمن ، ولكن هذه الجريمة لا تكون إلا في البيوع التجارية ويشترط فيها أن تكون حرفة البائع هي البيع بالتقسيط ( أنظر الأستاذ إسماعيل غانم ص 74 – ص 75 ) .
( [85] ) أنظر المادة 354 من التقنين التجاري – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 61 – 62 وفقرة 181 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 217 ص 257 – ص 258 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location – vente فقرة 28 – فقرة 30 .
( [86] ) زوال ملكية المشتري لعدم تحقق الشرط الواقف هو التعبير الصحيح ، والتعبير في هذا المقام بلفظ ” الزوال ” أدق من التعبير بلفظ ” الفسخ ” الذي ورد في الفقرة الثانية من المادة 430 مدني .
( [87] ) على أنه من الممكن القول بأن البائع بالخيار ، فإما أن يعتبر أن الشرط الواقف قد تخلف فزال البيع كما قدمنا ، وإما أن ينفذ على أموال المشتري بالباقي من الثمن ويكون له على المبيع بالذات حق امتياز البائع . وإمكان اختياره للتنفيذ بباقي الثمن يؤسس على أنه قد نزل عن الشرط وهو مقرر لمصلحته فيجوز له النزول عنه . وقد ياقل أيضاً إن للبائع أن يعتبر تخلف الشرط الواقف راجعاً إلى تعمد المشتري فقد امتنع عن الوفاء بالثمن ، فيكون الشرط حكم المتحقق ويصبح البيع باتاً ويجوز للبائع أن ينفذ الباقي من الثمن .
وتصرح المذكرة الإيضاحية بجواز أن يطالب البائع بتنفيذ البيع بدلاً من المطالبة بفسخه ( الأدق : بدلاً من المطالبة بزواله ) فتقول : ” وغني عن البيان أن البائع يستطيع ، بدلاً من المطالبة بفسخ البيع ، أن يطالب بتنفيذ العقد ، فيقتضي من المشتري ما بقى في ذمته من الأقساط ” . ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) . والفقه المصري أيضاً يقول بذلك : أنظر الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 124 ص 220 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 85 ص 130 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 61 ص 89 – الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 11 ص 21 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 247 .
وعلى هذا الرأي أيضاً سار القضاء . فقد قضت محكمة الاستنئاف المختلطة بأن للبائع أن يطالب بتنفيذ البيع مع احتفاظه بشرط استبقاء الملكية ( 23 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 46 – ولكن قارن 7 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 22 ) . وإذا طلب الفسخ لم يحتفظ بما قبض من أقساط ولكن له أن يطلب تعويضاً يراعى فيه قيمة الشيء وقت استرداده ( استئناف مختلط 7 ديسمبر سنة 1944 م 57 ص 22 وقد سبقت الإشارة إليه ) ، فإذا حجز على المبيع للتنفيذ بالثمن فقد نزل عن حقه في استبقاء الملكية ( استئناف مختلط 16 يناير سنة 1947 م 59 ص 46 ) على أن مجرد حصول البائع على حكم بالباقي من الثمن لا يفيد حتماً نزوله عن شرط استبقاء الملكية ( استئناف مختلط 27 مايو سنة 1930 م 42 ص 521 – 27 ديسمبر سنة 1932 م 45 ص 92 – 6 يونيه سنة 1934 م 46 ص 315 ) . فإذا اختار تنفيذ الحكم بالباقي من الثمن لم يجز له الرجوع إلى المطالبة بفسخ البيع ( استئناف مختلط 6 فبراير 1934 م 46 ص 156 ) . ولا يجوز له اتخاذ إجراءات التنفيذ وإجراءات الفسخ في وقت واحد ( استئناف مختلط 20 نوفمبر سنة 1934 م 47 ص 30 ) . ولكن التنبيه لا يعتبر حتماً نزولاً عن طلب الفسخ ، فللبائع العدول عن التنبيه بالدفع إلى طلب الفسخ ( استئناف مختلط 23 أبريل سنة 1936 م 28 ص 240 ) أما توقيع الحجز فيعتبر نزولاً عن المطالبة بالفسخ ( استئناف 23 أبريل سنة 1936 م 48 ص 240 وقد سبقت الإشارة إليه ) .
أما في فرنسا فيجيز القضاء والفقه ، في الإيجار الساتر للبائع ، أن يعدل المستأجر عن الصفقة ، فيرد الشيء إلى المؤجر ، ويعتبر الأقساط التي دفعها أجرة في مقابل انتفاعه بالشيء ، ولا يستطيع المؤجر إجباره على المضي في الصفقة ودفع بقية الأقساط ليتحول الإيجار بيعاً ( نقض مدني فرنسي أول يوليه سنة 1925 سيريه 1926 – 1 – 261 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ lovation –vente فقرة 17 ) .
( [88] ) ويبدو أنه ما دام التخفيض جائزاً تبعاً لجسامة الضرر ، فإن وجود الضرر نفسه يكون شرطاً لاستحقا البائع أي جزء من الأقساط المرفوعة ، فإن لم يصبه أي ضرر وجب عليه رد كل الأقساط ( قارن الأستاذ سليمان مرقس فقرة 44 ص 69 – ص 70 – الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 179 ص 259 – ص 260 ) .
( [89] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : ” وتجيز المادة أن يشترط البائع ، في حالة عدم سداد الأقساط وفسخ البيع تبعاً لذلكن أن يستبقى الأقساط المدفوعة ( وهي جزء من الثمن ) على سبيل التعويض . إلا أن المشروع كيف هذا الاتفاق بأنه شرط جزائي ، وأجاز تخفيضه تطبيقاً للقواعد التي قررت في هذا الشأن ( م 302 فقرة ثانية من المشروع ) ، حتى يمنع التعسف الذي يقع في هذه الأحوال . فقد يحدث أن البائع يكون قد استوفى أكثر الأقساط ، ثم يفسخ البيع لعدم استيفاء ما بقى منها ، ويحتفظ بكل الأقساط التي استوفاها وفي هذا عنت على المشتري يستطيع القاضي أن يدفعه إذا خفض الشرط الجزائي وقضى أن يرد للبائع بعض هذه الأقساط . وغني عن البيان أن البائع يستطيع ، بدلاً من المطالبة بفسخ البيع ، أن يطالب بتنفيذ العقد ، فيقتضي من المشتري ما بقى في ذمته من الأقساط ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) .
( [90] ) أما إذا هلك الشيء بسبب أجنبي في يد المشتري ، فإنه يهلك من مال البائع ، ويستوي في ذلك أن يعتبر العقد إيجاراً إذ البائع يكون مؤجراً فهو المالك للشيء فيهلك عليه ، أو يعتبر بيعاً معلقاً على شرط واقف إذ الهالك في هذه الحالة يكون على البائع ولا يكون لتحقق الشرط الواقف أثر رجعي وفقاً للقواعد المقررة في الشرط ( قانون الأستاذ أنو سلطان فقرة 154 ص 173 – الأستاذ مصطفى الزرقا في البيع في القانون المدني السوري فقرة 91 ص 129 ) .
ويلاحظ أنه إذا كان البيع معلقاً على شرط واقف وهلك المبيع ، فإنه يهلك على البائع ، حتى لو كان قد سلم المبيع إلى المشتري فهلك بعد التسليم ، ويتحقق ذلك في صورتين عمليتين : البيع بالتجربة والبيع بالتقسيط .
( [91] ) الأستاذ سليمان مرقس فقرة 44 ص 68 وص 70 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 85 ص 129 وفقرة 17 ص 27 – الأستاذ جميل الشرقاوي فقرة 50 ص 131 – ص 132 الأستاذ عبد المنعم البدراوي فقرة 64 ص 96 – ص 97 وفقرة 65 – فقرة 66 .
( [92] ) وقد حسن التقنين المدني الجديد كما نرى الخلاف في هذه المسألة بنص صريح ، فقد كانت مسألة خلافية في عهد التقنين المدني السابق . فذهب رأي إلى أن العقد إيجار مقترن بشرط فاسخ ومصحوب ببيع معلق على شرط واقف ( استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1913 م 25 ص 350 – 26 أبريل سنة 1916 م 28 ص 278 – وأنظر في انتقاد هذا الرأي الأستاذ منصور مصطفى منصور فقرة 11 ص 22 – ص 23 ) . وذهب رأي إلى اعتبار العقد مركباً يهدف إلى غرضين مختلفين في وقت واحد ، نقل الملكية إلى المشتري وتأمين البائع من إعسارهن ولا يمكن الفصل ما بين الغرضين دون أن تشوه إرادة المتعاقدين ، ومن ثم يكون العقد عقداً غير مسمى ( رسالة الأستاذ الشيتي فقرة 65 ص 86 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن حقيقة العقد بيع لا إيجار ( 11 ديسمبر سنة 1929 م 42 ص 89 – 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 27 ) ، ولكنه بيع احتفظ فيه البائع بالملكية حتى الوفاء بالثمن ( استنئاف مختلط 20 مايو سنة 1930 م 42 ص 510 – 25 يناير 1931 م 43 ص 182 – 19 يناير سنة 1932 م 44 ص 122 – 29 مارس سنة 1932 م 44 ص 252 – 20 نوفمبر سنة 1934 م 48 ص 30 – 2 أبريل سنة 1935 م 47 ص 224 – 14 ديسمبر سنة 1937 م 50 ص 54 ) . ويجب أن يكون العقد واضحاً في أنه بيع مع احتفاظ البائع بالملكية حتى الوفاء بالثمن ، فلا يتضمن شروطاً متعارضة ( استئناف مختلط 29 أبريل سنة 1930 م 2 ص 459 – 19 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 2 – 23 ديسمبر سنة 1936 م 49 ص 46 ) ، ولا يستخلص من مجرد أن البائع قد اشترط حلول الباقي من الأقساط إذا تأخر المشتري في دفع قسط ( استئناف مختلط 19 نوفمبر سنة 1935 م 48 ص 25 وقد سبق الإشارة إليه ) . ولا يجوز للبائع ، إذا تأخر المشتري في الدفع ، أن يبيع المبيع بدون ترخيص من القضاء ولو كان ذلك مشترطاً في العقد وأن يحتفظ في الوقت ذاته بالأقساط المدفوعة ( استئناف مختلط 22 ديسمبر سنة 1938 م 51 ص 82 ) . وإذا احتفظ البائع بملكية آلة زراعية ، منع ذلك من أن تصبح هذه الآلة عقاراً بالتخصيص في أرض المشتري ( استئناف مختلط 18 ديسمبر سنة 1941 م 54 ص 27 ) . وللبائع المحتفظ بملكية المبيع ، إذا تأخر المشتري في دفع الأقساط ، أن يحجر على المبيع حجزاً استحقاقياً ( saisie – revendication ) ( استئناف مختلط 25 يونيه سنة 1942 م 54 ص 256 ) .
وذهبت محكمة النقض إلى أن تكييف العقد هل هو بيع أو إيجار يتبع فيه قصد المتعاقدين ، وتستخلص محكمة الموضوع هذا القصد مستهدية بنصوص العقد . فقضت بأن التكييف القانوني للعقود المصطلح على تسميتها في فرنسا باسم location –vente لا يزال موضوع خلاف بين المحاكم والفقهاء ، فإذا اعتبر قاضي الموضوع عقداً من هذا القبيل عقد يع ، مستهدياً في ذلك بنصوص العقد ومستظهراً منها حقيقة قصد المتعاقدين وقت التعاقد بحيث لم يقع منه تحيف لأي نص من نصوصه ولا مسخ لحكم من أحكامه ، بل كان ما فعل إنما هو تغليب لمعنى من المعاني الواردة به على معنى آخر ، فإن محكمة النقض لا تستطيع سوى إقرار ما ذهبت إليه ( نقض جنائي 21 مايو سنة 1934 المجموعة الرسمية 35 رقم 206 ) .
( [93] ) لكن إذا حجز دائنو المشتري على العين ، فإن البائع يستطيع أن يفسخ البيع ، كما أن له حق امتياز على العين يتقدم به على دائني المشتري . أما إذا اعتبر البائع مؤجراً ، فإنه يبقى مالكاً للعين ، ويكون الحجز الموقع من دائني المستأجر حجزاً باطلاً ( أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location –vente فقرة 33 – فقرة 34 ) . فإذا كان دائن المشتري هو مؤجر المكان الذي وضعت فيه العين ، فإن له امتيازاً يسبق امتياز البائع ولو اعتبر هذا البائع مؤجراً ، إذ القاعدة أن مؤجر المكان له امتياز على المنقولات في العين المؤجرة حتى لو كانت هذه المنقولات ملكاً للغير ما دام المؤجر حسن النية ( أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ 3 لفظ location –vente فقرة 35 ) .
( [94] ) وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : ” وقد حسم المشروع إشكالاً بإيراده هذا النص ، فقد جرت العادة أن البيع الذي يبرم على هذا النحو يسميه المتعاقدان إيجاراً إمعاناً من البائع في ضمان حقه ، إذ هو بذلك يستوفي الأقساط أجرة لا ثمناً ، وإذا ما تصرف المشتري في المبيع عد هذا منه تبديداً . فأقر المشروع الأمور في نصابها ، وسمى الأشياء بأسمائها حتى لو سميت باسم آخر ، فهذا العقد بيع لا إيجار ، ويعتبر معلقاً على شرط واقف هو سداد الأقساط جميعها ، فإذا ما سددت انتقلت الملكية إلى المشتري منسحبة إلى وقت البيع ” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 – ص 50 ) .
أما في فرنسا – حيث لا يوجد نص مماثل للنص الذي أورده التقنين المدني المصري الجديد مقتبساً إياه من المادة 445 من التقنين المدني الألماني والمادة 331 من المشروع الفرنسي الإيطالي ( أنظر المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 49 ) – فيعتبر الإيجار الساتر للبيع فيما بين المتعاقدين فيكون المشتري مبدداً إذا تصرف في المبيع قبل الوفاء بالثمن ، ولكنه بالنسبة إلى دائني المشتري يعتبر بيعاً فلا يستطيع البائع أن يسترد المبيع من تفليسة المشتري ( أنظر بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 219 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2435 – فقرة 2436 – أنسيكلوبيدي داللوز 3 لفظ location – vente فقرة 10 – فقرة 35 .
( [95] ) أنظر عكس ذلك في فرنسا بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 220 ص 261 . ولكن أنظر في أن العقد قد يكون بيعاً معلقاً على شرط فاسخ كولان وكابيتان 2 فقرة 835 ص 558 – وقد صدرت في فرنسا قوانين مختلفة تنظيم بعضاً من هذه البيوع : أنظر قانون 29 ديسمبر سنة 1934 في تنظيم بيع السيارات بالتقسيط ، وقد جعلت أحكامه تسري على بيع الجرارات الزراعية بموجب قانون 2 نوفمبر سنة 1941 . وأنظر قانون 12 مارس سنة 1900 في تنظيم بيع الأوراق المالية بالتقسيط ، وقانون 14 ديسمبر سنة 1926 في تحريم بعي الأوراق المالية ذات ” اليانصيب ” ( valeurs a lots ) بالتقسيط لما تنطوي عليه عادة من استغلال للمشتري ، وجعلت العقوبة في هذا القانون هي عقوبة النصب – وقارن في مصر القانون رقم 100 لسنة 1957 في شأن بعض البيوع التجارية ، وقد خلق جريمة جديدة هي جريمة التصرف في الشيء المبيع قبل الوفاء بكامل الثمن ( أنظر آنفاً فقرة 92 في الهامش ) .
أنظر في بيع قريب من البيع بالتقسيط هو البيع عن طريق الاشتراك ( vente par abonnement ) كالاشتراك في الجرائد والمجلات والمياه والغاز والنور ، بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2438 .
( [96] ) الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 124 ص 220 – الأستاذ عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 17 ص 26 – ص 28 .
( [97] ) فيقرر أنه يشتري لنفسه أو لغيره ، وقد يقرر أنه يشتري لنفسه ولغيره وهذا لا يلزمه بأن يستبقى لنفسه جزءاً من الصفقة ( بودري وسينيا فقرة 176 ص 170 ) .
ويستثنى من هذا الشرط الصورة الخاصة التي تنص عليها تقنين المرافعات كما سنرى .
( [98] ) بودري وسينيا فقرة 183 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 213 .
( [99] ) بل إن هذا الضرب من التعامل بدأ في العقود بالمزاد أما القضاء ، وانتقل منها بعد ذلك إلى العقود بالممارسة ( كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 ) . وكانت محكمة الاستئناف المختلطة في حكم قديم لها قد قضت بأن التقرير بالشراء لا يجوز في البيوع القضائية ( استئناف مختلط 28 نوفمبر سنة 1889 م 2 ص 25 ) . ولكنه يجوز في كل البيوع ، الاختيارية والجبرية ، غير القضائية ( الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 547 – وأنظر في أن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة المشار إليه إنما يمنع التقرير بالشراء عن الغير في البيوع غير القضائية إذا لم يوجد شرط بذلك في البيع الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي ص 550 هامش رقم 3 ) .
( [100] ) ولكن هناك تشريعات فرنسية قديمة ، صدرت أثناء الثورة الفرنسية ، ذكرت هذا البيع . وكان معروفاً في القانون الفرنسي القديم ، وله تقاليد قديمة ، فنظمته تشريعات الثورة الفرنسية ، واستكمل تنظيمه الفقه والقضاء في فرنسا ( بودري وسينيا فقرة 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 213 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2328 – كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 – جوسران 2 فقرة 1062 ) .
( [101] ) فيما عدا الصورة الخاصة التي عرض لها تقنين المرافعات في المادة 670 وسيأتي ذكرها – وأنظر في جواز التعامل بهذا البيع في مصر جرانمولان فقرة 222 – الأستاذين أحمد نجيب الهلالي وحامد زكي فقرة 500 ص 551 .
( [102] ) أنظر كولان وكابيتان 2 فقرة 836 ص 558 .
( [103] ) ومن أجل هذا لا يعتبر من تقدم للشراء وكيلاً عادياً ، لأن الوكيل لا يستطيع أن يحتفظ بالصفقة لنفسه ، إذ هي تقع مباشرة لموكله . بل ليس ضروريا لمن تقدم للشراء ، إذا أراد أن يكون وكيلاً ، أن تكون الوكالة قد صدرت إليه قبل الشراء كما هو شأن الوكيل العادي ( بودري وسينيا فقرة 175 ) .
وقد قضت محكمة النقض بأن تكييف العلاقة القانونية بين المشتري الذي يحتفظ بحق اختيار الغير وبين المشتري المستتر بأنها وكالة تجري أحكامها على الآثار التي تترتب على هذه العلاقة ين الطرفين وبالنسبة إلى الغير ، غير جار على إطلاقهز فإن بين أحكام الوكالة والأحكام التييخضع لها شرط اختيار الغير والآثار التي تترتب عليه تنافراً ، فاستناد ملكية المشتري المستتر إلى عقد البيع الأول رغم عدم وجود تفويض أو توكيل منه إلى المشتري الظاهر قبل البيع ، وبقاء العين في ملكية المشتري الظاهر إذا مل يعمل حقه في الاختيار أو إذا أعمله بعد الميعاد المتفق عليه ، وهي أحكام مقررة في شرط اختيار الغير ، كلها تخالف أحكام الوكالة تماماً . ولئن كان الفقه والقضاء في فرنسا قد ذهبا فيتبرير إسناد ملكية المشتري المستتر إلى العقد الأول ، وهو أهم ما يقصد من شرط اختيار الغير ، إلى افتراض وكالة المشتري الظاهر عن الغير ، إلا أن ذلك ليس إلا مجازاً مقصوراً على حالة ما إذا أعمل المشتري حقه في اختيار الغير في الميعاد المتفق عليه مع البائع . أما قبل ذلك ، أو إذا لم يعمل هذا الحق ، أو إذا أعمله بعد هذا الميعاد ، فالإفراض يزول وتزول معه كل الآثار المترتبة على الوكالة ( نقض مدني 9 مارس سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 – وقد سبق ذكر هذا الحكم أيضاً آنفاً عند التمييز بين عقد البيع وعقد الوكالة أنظر فقرة 11 في الهامش ) .
( [104] ) بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 ص 252 هامش رقم 4 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 38 ص 546 .
( [105] ) بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 – ص 174 – بلانيول وريبير وهامل 10 ص 254 هامش رقم 4 .
( [106] ) بودري وسينيا فقرة 177 .
( [107] ) وإذا صدر قبول من الغير وكان هذا الغير ناقص الأهلية ، ولم تلحق الإجازة قبوله فأبطل ، وقعت الصفقة للمشتري الظاهر ، وهناك رأي مرجوح يذهب إلى أن البيع نفسه يبطل ( بلانيول وريبير وهامل 10 ص 254 هامش رقم 2 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 545 ) .
( [108] ) بودري وسينيا فقرة 179 ص 171 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 215 ص 254 .
( [109] ) ولكل من هؤلاء الأشخاص المتعددين الحصة التي أعلنها المشتري ، فإذا لم يعلن هذا حصة كل منهم فالمفروض أن حصصهم متساوية . ويشترط في ذلك ألا يختلف الثمن أو الشروط كما قدمنا ، فإذا أعلن المشتري أن كلاً من الأشخاص المتعددين يتحمل جزءاً معيناً من الثمن ، وجب أن يكون مجموع ما يدفعونه جميعاً معادلاً للثمن الأصلي دون زيادة أو نقصان ، وإلا اعتبر التقرير بيعاً جديداً كما سبق القول ( بودري وسينيا فقرة 179 ص 171 – ص 172 – بلانيول ص 172 ) .
( [110] ) فإذا أعلن المشتري مثلاً أنه اشترى المبيع نصفه لنفسه ونصفه لشخص آخر ، انقسم الثمن عليهما مناصفة ، واعتبر كل منهما مشترياً للنصف من البائع مباشرة ( بودري وسينيا فقرة 179 ص 172 ) .
ويجوز لمن تقدم للشراء أن يتقاضى ممن اشترى له أجرة على الخدمة التي أسداها إياه ، وللقاضي التثبت من أن هذه الأجرة ليست في حقيقتها زيادة في الثمن الأصلي ( بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 215 ص 254 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 545 ) .
( [111] ) بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2330 .
( [112] ) بودري وسينيا فقرة 179 ص 172 وفقرة 181 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 214 ص 253 .
( [113] ) بودري وسينيا فقرة 182 ص 173 – بلانيول وريبير وهامل 10 فقرة 214 ص 252 .
( [114] ) وقد قضت محكمة النقض في الحكم السابق الإشارة إليه بأن الشفعة في العقار المبيع بشرط اختيار الغير تخضع لأحكام هذا النوع من البيوع ، تكملها وتجد منها أحكام الشفعة . وحاصل ما اتفق عليه الرأي في أحكام البيع على شرط اختيار الغير أن عقد البيع يظل قائماً نافذاً في حق المشتري الظاهر إلى أن يعمل حقه في اختيار الغير . وإذا كان إعمال هذا الاختيار يسند شراء من يختاره إلى عقد البيع الأول ومن تاريخ انعقاده فيرتب له قبل البائع نفس الحقوق المقررة في عقد البيع المذكور ، فإنه يكسبه أيضاً حقوقاً قبل المشتري الظاهر إذ يحل محله في جميع الحقوق والالتزامات المترتبة على عقد شرائه والتي كانت تظل متعلقة به لو أنه لم يعمل حقه في الاختيار . ولما كان مقرراً بالمادة 12 من قانون الشفعة ( السابق ) أن الشفيع لا يحاج بأي حق اكتسبه الغير ضد المشتري بعد ستجيل إنذار الشفعة ، فإنه إذا كان إنذار الشفعة قد سجل قبل الإنذار المعلن للشفيع الذي ثبت به تاريخ الاتفاق الذي عقد بين المشتري الأول وبين من أدخلهم معه في الشراء والذي قال فيه هذا المشتري أنه تنازل لهم عن بعض العقار المبيع له وهو ما يعتبرون إعمالاً لحق اختيار الغير ، كان الحكم الذي يقضي بعدم جواز الاحتجاج على الشفيع بما ترتب على هذا الاختيار من حقوق لمن أدخلوا في الشراء ، وبالتالي عدم سقوط حقه في الشفعة لإدخالهم في الدعوى بعد الميعاد المقرر في القانون حكماً قائماً على أساس قانوني صحيح لا يؤثر في صحته ما يكون قد اعتوره من تقريرات أخرى مخالفة للقانون . و المفاضلة في حق الشفعة بين المشترين الذين أدخلهم المشفوع منه بحق اختيار الغير وبين من شفع منه لا تجوز ، إذ الحقوق التي آلت إليهم بإعمال المشفوع منه لحق اختيار الغير بعد تسجيل إنذار الشفعة لا تسري على الشفيع . فلا يحاج الشفيع بشرائهم ، ولا يعتبرون بالنسبة إلى مشترين مشفوعاً منهم يحق لهم دفع دعواه بأنهم أولى منه بالشفعة ( نقض مدني 9 مارس سنة 195 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 81 ص 312 ) .
( [115] ) وقد كانت المادة 576 / 658 من تقنين المرافعات السابق تنص على أنه ” يجوز للمشتري أن يقرر يفي قلم كتاب المحكمة ، في اليوم التالي ليوم البيع ( في التقنين المختلط في ثلاثة الأيام التالية ليوم البيع ) ، أنه اشترى بطريق التوكيل عن شخص معين ، إذا صدق على ذلك كل من الموكل والكفيل ، وبذلك يخلو سبيله وتعتبر الكفالة عن الموكل ” .
هذا يشترط ألا يكون الموكل من الأشخاص الممنوعين من التقدم للمزايدة ، حتى لا يكون هناك تحايل على القانون ( الأستاذ رمزي سيف في التنفيذ فقرة 430 – الأستاذ محمد كامل مرسي فقرة 286 ص 547 ) .
( [116] ) وقد يكون محل التزامات المشتري غير الثمن ، فالمشتري ملتزم أيضاً بدفع مصروفات البيع وبتسلم المبيع ، فمحل الالتزام الأول هو المصروفات ، ومحل الالتزام الثاني هو المبيع .
وكذلك المزيد في مقال توكيل محامي