حق المستأجر حق شخصي


حق المستأجر حق شخصي

435- ليس للمستأجر حق عيني بجانب حقه الشخصي  :

 لا شك في أن للمستأجر حقاً شخصياً قبل المؤجر يخوله المطالبة بالتزامات هذا الأخير نحوه من تسليم العين وتعهدها بالصيانة وضمان التعرض والعيوب الخفية  . وهذا الحق الشخصي لا ينازع ولم ينازع فيه أحد  . ولكن هل للمستأجر  ، إلى جانب حقه الشخصي قبل المؤجر  ، حق عيني في الشيء المؤجر نفسه؟

ذهبت بعض المحاكم الفرنسية قديماً إلى ذلك( 1 )  . وكان هذا الرأي شاذاً  ، ثم أخذ يتقوى عندما أخذ الأستا ترولون على نفسه الدفاع عن هذا الرأي( 2 )  ، وجمع حوله نفراً من الفقهاء ( 3 ) وطائفة من المحاكم( 4 )  . ولكن محكمة النقض الفرنسية  . وكان الأستاذ ترولون نفسه رئيساً لها في ذلك العهد  ، قضت على نظرية الرئيس  ، وأصبح الآن ثابتاً في القضاء( 1 ) وفي الفقه ( 2 ) أن ليس للمستأجر إلا حق شخصي  ، وليس له أي حق عيني  .

ونبدأ بإثبات أن المستأجر ليس له إلا  حق شخصي  ، ثم نذكر ما يترتب من النتائج على شخصية حق المستأجر  ، ونبحث بعد ذلك هل من المرغوب فيه أن يكون للمستأجر حق عيني إلى جانب حقه الشخصي ( 1 ) .

المطلب الأول

إثبات شخصية حق المستأجر

436- تفسير أدلة الحق العيني وإثبات الحق الشخصي : نفذ أو لا ما يقدمه عادة أنصار الحق العيني من الأدلة على صحة مذهبهم ، ثم نقيم الدليل على أن المستأجر ليس له إلا حق شخصي  .

1- تنفيذ أدلة أنصار الحق العيني  :

437- حق المستأجر في التتبع  : أهم حجة يقدمها أنصار الحق العيني هي الاستناد إلى المادة 1743 من التقنين المدني الفرنسي ، وتقابلها المادة 604 من التقنين المدني المصري ( والمادة 389/474 من التقنين المدني المصري القديم )  .

وتقضي هذه النصوص بأنه إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة إلى الغير ، فإن الإيجار يسر في حقه إذا كان ثابت التاريخ قبل انتقال الملكية ، ويقاس على ذلك أيضا انتقال حق عيني إلى الغير دون حق الملكية ، كحق انتفاع أو رهن حيازة ، فإن الإيجار ثابت التاريخ قبل انتقال الحق العيني يسري في حق المنتفع أو في حق المرتهن رهن حيازة ، ويقول أنصار الحق العيني إن هذا دليل على أن للمستأجر حق التتبع droit de suitre  ، إذ أنه يستطيع أن يحتج بحقه كمستأجر على كل من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة أو من انتقل إليه حق عيني فيها  ، وهذا هو حق التتبع بعينه( [1] )  ، وشأن المستأجر في ذلك هو شأن المنتفع( [2] ) وشأن الدائن المرتهن ، فكل من هؤلاء يستطيع بموجب حق التتبع أن يحتج بحقه على الغير ، وإذا لم يكن هناك شك في أن حق كل من المنتفع والدائن المرتهن هو حق عيني ، فلماذا يقوم الشك في عينيه حق المستأجر َ!

وهذه الحجة لا يجوز أن يقام لها وزن إذا رجعنا إلى التفسير التاريخي للمادة 1743 مدني فرنسي ( وهي الأصل في نصوص التقنين المصري ) ثم إذا نظرنا إلى طبيعة عقد الإيجار باعتباره من عقود الإدارة بل هو العقد الرئيسي فيها ، ثم إذا طبقنا نظرية الاستخلاف على الحقوق فيما يتعلق بالخلف الخاص  .

فالتفسير التاريخي للمادة 1473 مدني فرنسي يتلخص في أن حق المستأجر في القانون الروماني كان دون شك حقا شخصيا ، ومن ثم كان لا يحتج به كقاعدة عامة على المشتري ، ولم تتغير طبيعته في القانون الفرنسي القديم ، ولكن مع ذلك كان يسمح للمستأجر إذا كانت مدة إجراته طويلة أن يبقى في العين المؤجرة طول مدة الإيجار ولو يبعث العين قبل انقضاء هذهالمادة  ، ولم يكن ذلك في مصلحة المستأجر وحده ، بل كان أيضا في مصلحة المالك نفسه ، لأن المستأجر لا يقدم على استئجار عين لمدة طويلة وينفق مصروفات باهظة لتحسين الأرض واستغلالها إذا علم أنه مهدد في كل وقت بإخلاء العين في حالة ما إذا باعها المؤجر ، فجرت العادة أن يشترط المستأجر على المؤجر أن بيع العين المؤجرة لا يفسخ الإيجار ، وأصبح هذا الشرط عاما حتى كان يفترض وجوده ولو لم يذكر  ، وأصبح ثابتا في تقاليد القانون الفرنسي القديم أن الأجازات المعقودة لمدة طويلة لا يفسخها البيع( [3] )  . وفي عهد

 الثورة الفرنسية صدر قانون 28 سبتمبر – 6 أكتوبر سنة 1791 يقضي بأن إيجار الأرض الزراعية إذا كانت مدته لا تزيد على ست سنوات ينفذ في حق المشتري إطلاقا ، وإذا كانت مدته تزيد على ست سنوات ينفذ أيضا في حق المشتري  ، إلا إذا كان هذا قد تهد بأن يزرع الأرض بنفسه ونبه على المستأجر بالإخلاء في ميعاد سنة وعوضه عما كان يجنبه من ربح لو أنه استمر يستغل الأرض إلى نهاية الإيجار( [4] ) ولما وضع تقنين نابليون ، لم يتنبه واضعوه إلى أن بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد بيعها إنما كان مقصورا على الأراضي الزراعية طبقا لقانون سنة 1791 ، وهو استثناء من القواعد العامة لأسباب عملية محضة  ، فعمموا هذا الحكم وجعلوه شاملا لكل إيجار ، ومن هنا أتى النص الذي يتمسك به أنصار الحق العيني ، وليس معناه أن المشرع أراد أن يغير منم طبيعة حق المستأجر وهو حق شخصي طبقا للتقاليد والنصوص الصريحة ، بل هو نتيجة رغبة المشرع لأسباب عملية في الاحتفاظ بقاعدة قديمة مع تعميمها كما تقدم( [5] )  .

على أن بقاء المستأجر في العين المؤجرة بعد بيعها ، بصرف النظر عن التفسير التاريخي الذي تقدم ذكره ، هو الحل الذي يتفق معه طبيعة عقد الإيجار وأنه من عقود الإدارة ، ذلك أن القواعد العامة تقضي بأن عقود الإدارة ، وعلى رأسها عقد الإيجار ، تبقى سارية حتى بعد زوال الملكية عن المؤجر ، فالمالك ، في سبيل إدارته لملكه ، وحتى تستقر أعمال الإدارة وهذا أمر يستوجبه استقرار التعامل ، يجب أن تكون عقود الإيجار الصادرة منه محترمة وسارية في حق من يخلفه على العين المؤجرة ، وفي القانون تطبيقات عديدة لهذا المبدأ  ، نذكر منها المالك تحت شرط فاسخ ( والمشتري وفاء في التقنين المدني القديم ) يبقى عقد الإيجار الصادر منه حتى بعد فسخ حق ملكيته ، والمالك الظاهر يبقى عقد إيجاره ساريا في حق المالك الحقيقي  ، فليس بدعا أن يبقى عقد الإيجار الصادر من المالك – ساريا في حق المشتري للعين المؤجرة ، وليس في هذا إلا تطبيق للمبدأ العام المتقدم الذكر( [6] )  .

يضاف إلى ذلك أن سريان الإيجار في حق المشتري للعين المؤجرة ليس إلا تطبيقا تشريعيا لمبدأ عام آخر هو مبدأ الاستخلاف على الحقوق الشخصية( [7] ) ، وفي هذا ما يقطع بأن ليس للمستأجر إلا حق شخصي ، فقد نصت المادة 146 مدني على أنه ” إذا أنشأ العقد التزامات وحقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص ، فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء ، إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص بعلم بها وقت انتقال الشيء إليه ) فعقد الإيجار الصادر من المالك أنشأ التزامات وحقوقا شخصية تتصل بالعين المؤجرة ، ويمكن اعتبار الالتزامات محددة للعين( [8] ) ، كما يمكن اعتبار الحقوق مكملة لها ، فإذا انتقلت ملكية العين بعد ذلك إلى المشتري ، فإن هعذه الالتزامات والحقوق الناشئة عن عقد الإيجار تنتقل مع العين إليه  ، أي أن عقد الإيجار يصبح ساريا في حقه ، وكل ما استحدثته المادة 604 مدني في هذا الصدد أنهعا أغفلت شرط وجوب علم المشتري بالإيجار وقت الشراء ، فجعلت الإيجار يسري في حقه ولو لم يكن عالما به ما دام ثابت التاريخ وسابقا على البيع  .

ومن أجل ذلك وجدت المادة 604 مدني  ، فهي تطبيق تشريعي للمادة 146 مدني( [9] ) راعي المشرع فيه اعتبارات عملية تتعلق بوجوب استقرار عقود الإدارة  ، فأغفل شرط علم المشتري بالإيجار حتى يتم لهذا العقد استقراره ، فلا يحتج المشتري على المستأجر بأنه كان يجهل وقت الشراء وجود عقد الإيجار ، والمشرع ، إذا عمد إلى تطبيق تشريعي لمبدأ عام سبق أن قرره ، إنما يعمد إلى ذلك لحكمك يتوخاها ، قد تكون تجلية لخفاء يحيط بالمسألة ، وقد تكون تنويها بأهمية التطبيق  ، وقد تكون تحويرا للمبدأ العام لاعتبار بيرر هذا التحوير كما فعل في إغفال شرط علم المشتري بالإيجار : وقد تكون لهذا كله أو لغيره من الاعتبارات  .

438- من المستأجر في التقدم  : ويقدم أنصار الحق العيني حجة أخرى  ، فيقولنن إن للمستأجر كذلك حق التقدم droit de prelerence ، ويستخلصون ذلك من المادة 684 من تقنين المرافعات الفرنسي ( ويقابلها م 621 مرافعات مصري جديد و م 543/612 مرافعات مصري قديم ، وانظر أيضا م 1045 مدني مصري جديد ) وتقضي هذه النصوص بأن الإيجار الثابت التاريخ قبل تسجيل التنبيه بنزع الملكية في إجراءات نزع ملكية العقار يسري في حق الدائنين الحاجزين والراسي عليه المزاد  ، ومعنى ذلك أن هؤلاء الدائنين يجب عليهم احترام حق المستأجر في هذه الحالة ، فهو مفضل عليهم ولا يدخل معهم دائنا عاديا يقسم بينهم ثمن العقا وقسمة غرماء ، فكأن له حق التقدم عليهم  .

وهذه الحجة أيضا لا وزن لها  ، فإن المادة 684 مرافعات فرنسي مأخوذة من القانون الفرنسي القديم( [10] )  ، وقد كان هذا الحكم موجودا فيه ولم يقل أحد مع ذلك إن للمستأجر شيئا من الثابت يتمكن به من استغلال العين المؤجرة كما ينبغي( [11] )  .

ومن الجائز أن تفسر المادة 684 مرافعات فرنسي بأنها مجرد تطبيق للمادة 1743 مدني فرنسي  ، ذلك أن تفضيل المستأجر على الدائنين الحاجزين إنما أتى من أن هؤلاء الدائنين إذا باعوا العقار في المزاد العلني وانتلقت ملكيته إلى من رسا عليه المزاد ، نفذ في حق هذا المشتري كل إيجار ثابت التاريخ ، ولو باع المدين المنفذ ضده العقار قبل إجراءات نزع الملكية ومن غير ماد علني ، فإن الإيجار الثابت التاريخ والسابق على البيع ينفذ في حتى المشتري طبقا للمادة 1743 سالفة الذكر ، فكأن المادة 684 مرافعات فرنسي ما هي إلا مجرد تطبيق للمادة 1743 مدني فرنسي( [12] )  .

على أن الواقع من الأمر أن نفاذ الإيجار في حق الدائنين ليبس آتيا من ناحية أن للمستأجر حق التقدم عليهم ، بل هو آت من طبيعة مركز المستأجر ، فإن له حق الانتفاع بالعين المؤجرة ، وهو دائن في التزام بعمل ، فلا يخضع لمزاحمة الدائنين بمبالغ من النقود لأن هذه المزاحمة لا يمكن تصورها ، فلا بد إذن أن يخلص أه الانتفاع بالعين المؤجرة ولا يزاحمه في ذلك الدائنون الآخرون ، شأنه في ذلك شأن الدائن في الالتزام بالامتناع عن عمل ، إذ لو التزم تاجر بعدم منافسة تاجر آخر وأفلس التاجر الأول ، الخلص للتاجر الآخر كل الالتزام وتعين على دائني التفليسة أو يمتنعوا عن منافسته ، ونرى من ذلك أن طبيعة الالتزام بعمل أو الالتزام بالامتناع عن عمل تقضي بأن يخلص للدائن كل حقه دون أن يتحمل مزاحمة الدائنين الآخرين ، ولا يرجع ذلك إلى أن له حق التقدم عليهم ، بل يرجع لطبيعة الالتزام ذاته كما قدمنا ، يدل على ذلك أنه لو تحول حق المستأجر إلى مبلغ من النقود ، بأن رجع على المؤجر بتعويض ، فإن المستأجر في هذه الحالة ، وقد أصبحت طبيعة حقه تسمح بالمزاحمة ، يدخل مع الدائنين الآخرين في قسمة الغرماء( [13] )  .

439- حجج أخرى لأنصار الحق العيني  : ويسوق أنصار الحق العيني حججا أخرى أقل أهمية مما تقدم  ، نذكر منها ما يأتي  :

يعزز أنصار الحق العيني رأيهم بالاستناد إلى القاعدة التي تقضي بوجوب تسجيل عقد الإيجار إذا زادت مدته على حد معين ( تسع سنوات في القانون المصري واثنتي عشرة سنة في القانون الفرنسي( [14] ) ) حتى يسري في حق الغير طول مدة الإيجار ، ويتخذون من هذا التسجيل دليلا على أن حق المستأجر حق عيني لأن الحقوق العينية وحدها هي التي تسجل  ، وليس هذا صحيحا ، لأن بعض الحقوق الشخصية تسجيل أيضا ، فالنزول عن الأجرة مقدما صحيحا ، لأن بعض الحقوق الشخصية تسجل أيضا ، فالنزول عن الأجرة مقدما لمدة تزيد على ثلاث سنوات يجب تسجيله حتى يسري فلي حق الغير ، ولا شك في أن حق المؤجرة في استبقاء الأجرة من المستأجر إنما هو حق شخصي فالنزول عنه لآخر يعد تصرفا في حق شخصي( [15] ) . ( مقال محامي عقاري منشور على موقع حماة الحق – محامي الأردن )

وكذلك المخالصة بالأجرة مقدما لمدة تزيد على ثلاث سنوات يجب تسجيلها حتى تسري في حق الغير( [16] ) ، على أنه لو صح أن عقد الإيجار يجب تسجيله لأن للمستأجر حقا عينيا ، لوجب تسجيل جميع عقود الإيجار أيا كانت مدة العقد  ، ولو لم تزد هذه المدة على تسع سنوات  .

ويستند أنصار الحق العيني إلى المادة 573 مدني من أنه إذا تعدد المستأجرون لعين واحدة فضل من سبق منهم إلى وضع يده دون غش ، فإذا كان مستأجر عقار قد سجل عقده وهو حسن النية قبل أن يضع مستأجر آخر يده على العقار المؤجرة أو قبل أن يتجدد عقد إيجاره فإنه هو الذي يفضل ، فيقولون إن تفضيل المستأجر الذي سبق إلى تسجيل عقده دليل على أن حقه حق عيني ، إذ الحقوق العينية هي التي تتفاضل بالسبق إلى التسجيل ، ولكن هذا القول يسهل رده  .

فقد قدمنا أن نص المادة 573 مدني ، فيما يتعلق بالمنقول ، ليس إلا تطبيقا لقاعدة شخصية حق المستأجر ، ولا دخل للتسجيل . ولكن هذا القول يسهل رده .

فقد قدمنا أن نص المادة 573 مدني ، فيما يتعلق بالمنقول ، ليس إلا تطبيقا لقاعدة شخصية حق المستأجر ، ولا دخل للتسجيل في هذه الحالة( [17] ) ، أما في العقار فالتسجيل ليس هو وحده المحور الذي ترتكز عليه المفاضلة فيما بين المستأجرين المتزاحمين ، وقد كان هذا هو الواجب لو أن حق المستأجر كان حقا عينيا ، إذ يوجد إلى جانب التسجيل وضع اليد ، فمن سبق من المستأجرين إلى وضع يده على العقار المؤجر قبل أن يسجل الآخر عقده كان هو المفضل( [18] ) وهذا لا يتفق في شيء مع عينيه حق المستأجر ، فالمادة 573 مدني هي إذن ، في شطر منها فيما يتعلق بالمنقول ، ليست إلا تطبيقا محضا لشخصية حق المستأجر ، وهي في الشطر الآخر ، فيما يتعلق بالعقار ، لا يمكن أن تكون تطبقا لعينيه حق المستأجر ، وإنما هي قد وضعت قواعد لتفصيل أحد المستأجرين المتزاحمين على المستأجر الآخر ، وبنت هذه القواعد على اعتبارات عملية محضة لا يستخلص منها إطلاق أن حق المستأجر حق عيني  .

وقد يستند أنصار الحق العيني أخيرا إلى ما تقرر من أن للمستأجر أن يرفع جميع دعاوى الحيازة على المتعرض له ، سواء كان التعرض ماديا أو كان تعرضا مبنيا على سبب قانوني  ، وقد ورد نص صريح فيما يتعلق بالتعرض المادي ( م 575/ 1 مدني )  ، ويقاس على التعرض المادي التعرض المبني على سبب قانوني( [19] ) ، فيقولون إنه إذا كان للمستأجر أن يرفع جميع دعاوى الحيازة ، فما ذلك إلا لأن له حقا عينيا تحميه هذه الدعاوى ، وهذه الحجة غير مقبولة ، فقد سبق أن بينا أن المستأجر إذا لم يكن له حق عيني في العين المؤجرة ، فإن له الحيازة فيها ، ويستطيع أن يحمي حيازته هذه بجميع دعاوى الحيازة  ، وقد كان لا يعترف في التقنين المدني القديم للمستأجر إلا بدعوى استرداد الحيازة لأن الحيازة في هذا التنقنين كان نطاقها ضيقا ، وكانت حيازة عارضة كحيازة المستأجر لا تعطي للحائز إلا هذه الدعوى ، أما التقنين المدني الجديد فقد وسع من نطاق الحيازة ، وأجاز حيازة أي حق ولو كان حقا شخصيا ، فأصبح المستأجر حائزا تحميه جميع دعاوى الحيازة( [20] )  ، فدعاوى الحيازة إذن ، في التقنين المدني الجديد ، تحمي الحق الشخصي كما تحمي الحق العيني ، وإعطاؤها للمستأجر لا يدل إطلاقا على أن له حقا عينيا( [21] )  .

3- المستأجر ليس له إلا حق شخصي

440- التقاليد  : بعد أن فندنا أدلة أنصار الحق العيني ، يبقى أن ندلى بالأدلة التي تثبت بجلاء أن المستأجر ليس له إلا حق شخصي  .

وللتقاليد حكمها في مثل هذا الموضوع ، فإذا رجعنا إليها تبين أن القانون الروماني والقانون الفرنسي القديم لم يعطيا للمستأجر إلا حقا شخصيا ، وعنهما أخذ التقنين الفرنسي وليس فيه ما يدل على أنه أراد العدول عن هذه التقاليد ، وقد ساير التقنين المصري القديم ، ومن بعده التقنين المصري الجديد ، التقنين الفرنسي في ذلك( [22] )  .

441- النصوص الصريحة  : على أن النصوص متضافرة في صراحتها بأن المستأجر ليس له إلا حق شخصي ، ففي تعريف الإيجار نفسه ، تنص المادة 558 مدني على أن ( الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم ) وقد ورد في التقنين المدني القديم ، ما يقابل ذلك ، فإن المادة 362/445 من هذا التقنين كانت تقضي بأن المؤجر يلتزم ( s’oblige, s’engage ) بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة فالمستأجر إذن ، طبقا للتعريفين المتقدمي الذكر ، ليس له إلا حق شخصي في ذمة المؤجر  ، ولم يرد في أي من التعريفين ما يشعر إطلاقا بأن للمستأجر حقا في نفس العين المؤجرة ، بل إن المستأجر لا يتصل بالعين مباشرة وإنما يتضل بها عن طريق المؤجر  ، ولو قارنا هذا بما ورد في تعريف حق الانتفاع في التقنين المدني القديم – ولم يرد تعريف لهذا الحق في التقنين المدني الجديد – لوجدنا الفرق واضحا  .

فقد عرفت المادة 13/29 من التقنين المدني القديم حق الانتفاع بأنه حق للمنتفع في استعمال ملك غيره واستغلاله ، ومن ذلك نرى أن المشرع يصرح بأن حق المنتفع يقع على الشيء نفسه ، أما حق المستأجر فيتعلق بمجرد التزام في ذمة المؤجر( [23] ) ، وهذا صريح في أن حق الأول عيني وحق الثاني شخصي  .

وقد ورد في المادة 572/1 مدني أنه ( إذا ادعى أجنبي حقا يتعارض مع ما للمستأجر من حقوق بمقتضى عقد الإيجار ، وجب على المستأجر أن يبادر إلى إخطار المؤجر بذلك وكان له أن يخرج من الدعوى ، وفي هذه الحالة لا توجه الإجراءات إلا إلى المؤجر ) ، وقد سبق أن قررنا أنه يتعين على المؤجر في هذه الحالة أن يتدخل فورا في الدعوى بمجرد إخطاره بها ، وللمستأجر أن يطلب إخراجه من الدعوى ويبقى المؤجر فيها وحده لأنه هو الخصم الحقيقي ، والحكم الذي يصدر يسري في المستأجر( [24] ) ، وهذا معناه أن المستأجر ليس له حق عيني في الشيء المؤجر ، ولا لاستطاع وحده أن يقاضي المتعرض دون إدخال المؤجر في الدعوى( [25] )  .

هذا إلى أنه في التقنين المدني القديم ، لما ذكر المشرع الحقوق العينية على سبيل الحصر في المادة 5/19 لم يذكر من بينها حق المستأجر ، أما التقنين المدني الجديد فليس فيه نص مقابل للمادة 5/19 مدني قديم ، ولكنه لما عرض في القسم الثاني للحقوق العينية بسطها جميعا ولم يشر فيها إلى حق للمستأجر( [26] )  .

المطلب الثاني

ما يترتب من النتائج عن شخصية حق المستأجر

442- ناجيتاف : يترتب على أن ليس للمستأجر إلا حق شخصي نتائج عدة ، يمكن النظر فيها من ناحيتين : ( أولا ) من حيث صفة الحق هل هو عقار أو منقول ( ثانيا ) من حيث علاقة المستأجر بالغير( [27] )  .

شخصية حق المستأجر من حيث صفته – هل هو عقار أو منقول

443- من المستأجر منقول دائما : إذا كان الشيء المؤجر منقولا ، فلا شك في أن حق المستأجر يكون منقولا أيضا ، سواء اعتبرنا أن ليس للمستأجر إلا حق شخصي كما هو الصحيح ، أو اعتبرنا أن للمستأجر حقا عينيا على رأي القائلين بذلك .

أما إذا كان الشيء المؤجر عقارا ، فعلى رأي القائلين بأن للمستأجرين حقا عينيا يكون هذا الحق عقارا دون شك ، ونظير ذلك حق المنتفع في العقار ، ولكن الرأي الصحيح كما قدمنا هو أن حق المستأجر شخصي ، وليس له حق عيني في الشيء المؤجر ، ومن ثم يكون حقه منقولا ولو تعلق بعقار ، وهناك رأي يذهب إلى أن حق المستأجر ، وإن كان شخصيا ، إلا أنه يكون عقارا إذا كان الشيء المؤجر عقارا ، لأن هذا الحق الشخصي إنما يرمي إلى تسليم عقار للمستأجر ويمكن تنفيذ التزام المستأجر بالتسليم تنفيذا عينيا فيحصل المستأجر على عقار بفضل حقه ولذلك يكون هذا الحق عقارا( [28] ) ، ولكن الرأي الصحيح أن الحقوق الشخصية إذا تعلقت بعقار لا تعد عقارا إلا إذا كانت تلزم المدين بنقل ملكية هذا العقار ، كما في البيع غير المسجل فإن حق المشتري لعقار بعقد غير مسجل يكون حقا عقاريا ، أما إذا كان الحق لا يلزم المدين بنقل الملكية ، بل يقتصر على إلزامه بعمل أو بالامتناع عن عمل ، فإن الحق يكون منقولا ولو تعلق بعقار ، وهذه هي حالة حق المستأجر( [29] ) ومن ذلك نرى أن حق المستأجر يكون دائما منقولا ، سواء أكان الشيء المؤجر منقولا أم عقارًا  .

444- ما يترتب على أن حق المستأجر منقول : ومن النتائج التي تترتب على اعتبار حق المستأجر منقولا ما يأتي  :

أولا – لا يجوز للمستأجر أن يرهن حقه رهنا رسميا ، لأن هذا الحق منقول والرهن الرسمي لا يرد في الأصل إلا على عقار ، وهذه النتيجة المترتبة على أن حق المستأجر شخصي فيكون منقولا دائما يقف عندها أنصار الحق العيني ، ويتخذون منها حجة على وجوب أن يكون للمستأجر حق عيني حتى يتمكن من رهنه رهنا رسميا ، فينفتح أمامه باب للائتمان إذا احتاج إلى مال لاستغلال العقار المؤجر ، وسنعود إلى ذلك فيما يلي( [30] )  .

ثانيا – يجوز للمستأجر أن يرهن حقه رهن حيازة ، لأن الرهن الحيازي جائز في المنقول( [31] ) ، ولكن هذا الرهن لا يفيد منه المستأجر عمليا ، إذ هو مضطر للتخلي عن استغلال العين المؤجرة للدائن المرتهن رهن حيازة ، فإن هذا من حقه أن يستوفى غلة العين باستثمارها استثمارا كاملا ، على أن يخصم ما يستولي عليه من المصروفات ثم من الفوائد ثم من أصل المدين المضمون بالرهن ( م 1104 وم1126 مدني ) ولا يكفي أن يجوز الدائن المرتهن سند الإيجار ، فإن هذه الحيازة إنما هي شرط لنفاذ الرهن في حق الغير ( م 1123/ 2 مدني ) ، ولا تغني عن أن يتولى الدائن المرتهن استغلال العين بنفسه حتى يستولى على الغلة( [32] )  .

ثالثا – الحجز على حق المستأجر يكون حجزا على منقول لا حجزا عقاريا ، وهناك فرق في القواعد والإجراءات بين الحجزين( [33] ) .

رابعا – إذا تنازل المستأجر عن حقه للغير ، فإنما يتصرف في منقول لا في عقار ، ومن ثم لا يسجل التنازل عن الإيجار ، وتتبع فيه القواعد المقررة في حوالة الحق من حيث قبول المؤجر للتنازل أو إعلانه به ، وسيأتي بيان ذلك عند الكلام في التنازل عن الإيجار( [34] )  .

خامسا – المحكمة المختصة بنظر قضايا الإيجار ليست محكمة العقار المؤجر ، بل هي محكمة المدعي عليه( [35] ) ، سواء كان المؤجر أو المستأجر ، لأن الحق المتنازع عليه حق شخصي منقول ، فإذا طالب المؤجر المستأجر بالأجرة( [36] ) ، أو رفع دعوى بإخلاء العين المؤجرة ، أو رفع دعوى يطلب تعويضا عما أحدثه المستأجر من التلف بالعين المؤجرة ، أو رفع دعوى بفسخ عقد الإيجار ، فإن الدعوى ترفع في جميع هذه الأحوال أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المستأجر ، وإذا طالب المستأجر المؤجر بتسليم العين ، أو بإجراء الترميمات الضرورية ، أو بدفع التعرض ، أو بضمان العيوب الخفية ، فإن الدعوى ترفع أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المؤجر ، والمادة 55 من تقنين المرافعات صريحة في هذا المعنى ، إذ تقول ( في دعاوى الحقوق الشخصية أو المنقولة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه . . . )  ، وإذا كانت الفقرة الثانية من المادة 56 مرافعات تقضي ، في الدعاوى الشخصية العقاري, بأن يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعي عليه  ، فإن المقصود بالدعاوى الشخصية العقارية الدعاوى التي يطالب فيها المدعي بحق شخصي يلزم المدين بنقل ملكية عقار كما في دعوى صحة التعاقد في بيع العقار ، أما دعوى المستأجر على المؤجر فهي دعوى شخصية منقولة كما سبق القلو ، وكذلك دعوى المؤجر على المستأجر( [37] ) .

2- – شخصية حق المستأجر من حيث علاقة المستأجر بالغير

445- الفروض المتنوعة لعلاقة المستأجر بالغير : قد يكون هذا الغير مشتريا للعين المؤجرة ، أو مستجرا مزاحما ، أو متعرضا للمستأجر ، أو مستأجرًا سابقا .

وسيأتي بحث الفرض الأول – إذا كان الغير مشتريا للعين المؤجرة – عند الكلام في انتهاء الإيجار بانتقال ملكية العين المؤجرة إلى شخص آخر ، وسبق بحث الفرض الثاني – إذا كان الغير مستأجرا مزاحما – عند الكلام في تعدد المستأجرين لعين واحدة من مؤجر واحد وتزاحمهم( [38] ) ، ويبقى الكلام في الفرضين الآخيرين : الغير شخص متعرض للمستأجر ، والغير مستأجر سابق( [39] )  .

446- الغير شخص معرض للمستأجر  : إذا كان الغير شخصا متعرضا للمستأجر ، فقد قدمنا أنه يجب التمييز بين ما إذا كان التعرض ماديا أو كان مبنيا على سبب قانوني  .

فإذا كان التعرض ماديا ، فالمستأجر حر في دفع التعرض عن نفسه بجميع الوسائل التي يخوله إياها القانون ، ودفع التعرض المادي هو من حقه ، لا بصفته مستأجرًا ، بل بصفته شخصا تعدي الغير عليه وهو يدفع عن نفسه هذا الاعتداء كما كان يدفعه لو لم تكن له صفة المستأجر( [40] ) .

وإذا كان التعرض مبنيا على سبب قانوني ، فقد قدمنا أنه يتعين على المؤجر في هذه الحالة أن يتدخل ، لأن المستأجر ليس له حق عيني في الشيء المؤجر ، فلا تكون له صفة في دفع التعرض بنفسه ، ويتعين عليه توسيط المؤجر ، فالمؤجر هو المدين بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة ، ولا بد من تدخله ليدفع التعرض عن المستأجر( [41] )  .

وسواء كان التعرض ماديا أو كان مبنيا على سبب قانوني  ، يستطيع المستأجر أن يرفع ضد المتعرض جميع دعاوى الحيازة ولو أن حقه شخصي ، فقد قدمنا أن التقنين المدني الجديد قد وسع من نطاق الحيازة ، وأجاز حيازة الحق الشخصي ، ومن ثم جاز للمستأجر أن يحمي حيازة حقه الشخصي بجميع دعاوى الحيازة( [42] )  .

447- الغير مستأجر سابق  : وإذا كان الغير مستأجرا سابقا لم يخل العين المؤجرة ، فليبس للمستأجر الحالي أن يرفع عليه دعوى مباشرة بإخلاء العين ، لأن الصلة القانونية المباشرة بين المستأجر السابق والمستأجر اللاحق غير موجودة ، ولابد من وساطة المؤجر بينهما ، إذ أن كلا منهما لا تربطه صلة مباشرة إلا بالمؤجر لشخصية حقه ، وعلى ذلك لا يبقى أمام المستأجر اللاحق ، إذا أراد إخلاء العين من المستأجر السابق  ، إلا أن يرفع دعوى خصية بذلك على المؤجر نفسه  ، وهذا هو الذي يطلب من المستأجر السابق إخلاء العين ، وقد قضى بأن المستأجر الجديد ليس له أن يقيم على المستأجر السابق دعوى بطلب تسليم العين المؤجرة ، بل يجب أن يرفع دعواه على المالك مباشرة لأن حقه حق شخصي محض( [43] )  .

وقضى أيضا بأنه إذا كانت العين المؤجرة  ، مبدأ الإيجار تحت يد المستأجر السابق الذي انتهت مدة إجارته ، ورفعت عليه دعوى من المالك بطلب تسليم تلك العين ، فليس للمستأجر الجديد الدخول في هذه الدعوى بصفة خصم ثالث ومطالبة المدعي عليه بتعويضات بسبب منعه من تسلم الأعيان المؤجرة ، وبما أن المستأجر دائن للمؤجر فقط فله الرجوع عليه وحده( [44] )  .

المطلب الثالث

هل من المرغوب فيه أن يكون للمستأجر حق عيني إلى جانب حقه الشخصي  .

448- رأى لنا قديم  : كتبنا قديما تحت عنوان ” من المرغوب فيه أن يكون للمستأجر حق عيني إلى جانب حقه الشخصي ) ما يأتي  :

” إذا بحثنا عن السبب الذي قضى بجعل حق المستأجر شخصيا وحق المنتفع عينيا مع أنه لا فرق في الجوهر بين الحقين ، وجدنا أ ، هذا السبب يرجع إلى القانون الروماني لما كانت العقود لا تنشئ حقوقا عينية بل تولد مجرد التزامات شخصية في أحوال خاصة ، فلم يكن من شأن عقد الإيجار- وقد كان في القانون الروماني عقدا من العقود الرضائية الأربعة- أن يعطي للمستأجر إلا حقا شخصيا .

أما حق الانتفاع فقد كان يعطي بوصية ، والوصية في القانون الروماني تنشئ حقوقا عينية  ، ومن هنا نشأ الفرق بين حق المستأجر الشخصي المنتفع العيني  . وانتقل هذا التمييز إلى القانون الفرنسي القديم ، وأصبح من التقاليد القانونية المحترمة التي أخذ بها المشرع الحديث ، مع الفوارق الموجودة بين القانونين القديم والحديث ، ومع زوال العلة التي اقتضت هذا التمييز ، ففي القانون الحديث لم يعد من سبيل لتميز الوصايا عن العقود من حيث إنشاء الحقوق العينية ، فالعقد كالوصية ينقل الحق العيني كما في البيع والهبة ، وعلى ذلك لم يعد هناك من سبب قانوني للتفريق بين حق المنتفع وحق المستأجر ) .

” وكما أن الاعتبارات القانونية المحضة لا تجعل هناك داعيا للتفريق بين الحقين ، كذلك تقضي الاعتبارات الاقتصادية بإعطاء المستأجر حقا عينيا إلى جانب حقه الشخصي ، فإن ذلك من شأن أن يكسب حقوق المستأجر ثباتا واستقرارا يكون من ورائهما أن يستطيع استغلال العين المؤجرة على الوجه الأكمل ، ذلك أنه إذا تقرر للمستأجر حق عيني استطاع أن برهنه رهنا رسميا لا سيما إذا كانت العين المؤجرة أرضا زراعية ، ولا يخفى أن كثيرا من الفلاحين يستأجرون مساحات واسعة من الأرض فيستطيعون لو تقرر لهم حق عيني أن يرهنوه رهنا رسميا دون أن تنزع الأرض من أيديهم كما يكون الأمر في رهن الحيازة ، وبذلك بتوافر لهم وجه كبير الأهمية من وجوه الائتمان فيقترضون من المال ما يحتاجون إليه في زراعتهم ويقدمون ضمانا للقرض حقوقهم العينية كمستأجرين .

ولقد قضت بعض التشريعات الحديثة بإعطاء المستأجر حقا عينيا ، وخالفت بذلك التقاليد العتيقة ( انظر المادة 1095 من القانون المدني النمساوي وهي تقضي بإعطاء المستأجر حقا عينيا إذا سجل عقد الإيجار – هذا ويلاحظ أنه في جميع التشريعات تقريبا دعت الحاجة إلى الاعتراف بعقود إيجار استثنائية تعطي للمستأجر حقا عينيا كالحكر والأمفتيوز وغيرهما ، وهذا مما يدعو إلى الاعتقاد بأن ضرورة تقوية حق المستأجر في بعض الفروض حاجة طبيعية عملت الشرائع على سدها بخلق أنواع من الإيجار يعطي فيها المستأجر حقا عينيا )  .

«ويحسن إذا أريد تقرير حق عيني للمستأجر أن يؤخذ بعض الحيطة في ذلك ، فلا يقرر هذا الحق لكل مستأجر ، بل يقتصر ذلك على المستأجرين لمدد طويلة ، ونرى أن الإيجار إذا زادت مدته على ثلاث سنوات وجب اعتباره خارجا عن نطاق الإدارة المعتادة ، ومن ثم وجب إعطاء المستأجر حقا عينيا ، ولا نذهب مع المشرع المصري الذي لا يوجب تسجيل الإيجار ليسري على الغير إلا إذا زادت مدته على تسع سنوات  . . .  ، فإنه يكفي أن تزيد المدة على ما جرت العادة باعتباره في دائرة أعمال الإدارة المعتادة حتى يخرج الإيجار من هذه الدائرة إلى عمل من طبيعة أخرى فيكون من ضمن أعمال التصرفات»  .

«وسنرى فيما يلي في إعطاء المستأجر فيما يلي أن في إعطاء المستأجر حقًا عينيًا حلاً لكثير من المشاكل القانونية التي نشأت من التناقض الموجود بين حالة التشريع الحاضر وبين وجوب حماية المستأجر حتى يتمكن من استغلال العين استغلالاً كاملاً . فمن ذلك أنه يستطيع أن يحمي حيازته بجميع دعاوى وضع اليد ، وسنرى أنه محروم في التشريع الحالي من بعض هذه الدعاوى لعدم ثبوت حق عيني له . ومن ذلك أن حقه إذا سرى على المشتري للعين المؤجرة لم يكن في هذا خروج على القواعد القانونية والمبادئ العامة . وكذلك على سبب قانوني يستطيع المستأجر بفضل حقه العيني أن يدفع عن نفسه التعرض دون حاجة أو وساطة المؤجر . كذلك يكون له أن يقاضي باسمه الشخصي مستأجرًا سابقًا قد انتهت مدته ويطالبه بإخلاء العين ، أو مستأجرًا ينازعه في أفضلية عقده دون أن يدخل المؤجر في الدعوى . وفي كل هذا مزايا واضحة للمستأجر ، وتبسيط في الإجراءات ، وتوفيق بين القواعد العامة وأحكام الإيجار»( [45] ) .

449- تطور الإيجار في فرنسا وفي مصر يؤيد ما سبق أن كتبناه : ومنذ كتبنا هذه السطور – في سنة 1929 – وتطور الإيجار في فرنسا وفي مصر يزيد معناه تأكيدًا ، ويلح في أن يكون للمستأجر حق عيني إلى جانب حقه الشخصي . فقد توالت التشريعات الاستثنائية والدائمة ، وفي فرنسا وفي مصر ، وكلها توقي من حق المستأجر وتكسبه من الثبات والاستقرار ما لا يتفق إلا مع خصائص الحق العيني . وقد أصبح المستأجر ، بعد أن خولت له هذه التشريعات حقوقًا متنوعة ، وبخاصة الحق في تجديد الإيجار بحكم القانون رضي المؤجر أو أبى ، يكاد يكون شريك المؤجر في ملكه ، وحتى أصبح حق المستأجر للمكان الذي يستغل فيه متجره في فرنسا يدعى «حق الملكية التجارية» ( propriété commerciale ) . ويتبين أثر ذلك في وضوح فيما يكتبه الفقهاء في فرنسا وفي مصر في الوقت الحاضر ، ونورد أمثلة مما يكتب في هذا الصدد .

من ذلك ما جاء في بيدان : «ومع ذلك فإن العوامل السياسية والاقتصادية تتجه لمصلحة النظرية القائلة بالحق العيني ، وهي النظرية التي يبدو أنها ستتغلب في النهاية . وإذا كانت هذه النظرية لا أساس لها من الناحية القانونية المحضة ، فإن نتيجة من نتائجها يمكن الأخذ بها في التشريع ، بل لعل الأخذ بها هو الأفضل ، فسيعتبر حق المستأجر للعقار ، عاجلاً أو آجلاً ، حقًا عينيًا عقاريًا يجوز رهنه رهنًا رسميًا»( [46] ) .

وجاء في موضع آخر من نفس الكتاب : «قد يكون من المناسب ، لو أ ، القانون يعاد سنه ، الخروج على التقاليد وإعطاء مستأجر حقًا عينيًا ، فإن هذا ينطوي على طائفة من المزايا تتوافر بوجه خاص في إيجار الأراضي الزراعية»( [47] ) .

وجاء في بلانبول وريبير وتُسنْك : «ومع ذلك فإن التطورات الحديثة لعقد الإيجار طرحت المسألة ( عينية حق المستأجر ) على بساط البحث من جديد ، وبخاصة فيما يتعلق بحق مستأجر الأرض الزراعية . فليس هناك شك في أن نظام إيجار الأراضي الزراعية ، بزيادته في مزايا حق المستأجر ، أوجدت المستأجر في وضع قريب جدًا من وضع المستأجر بعقد الأمفتيوز . فحق المستأجر لأرض زراعية يتجه نحو التأييد بفضل امتداد الإيجار بحكم القانون . ولهذا الحق كثير من المزايا تميل به إلى أ ، يكون حقًا عينيًا لا مجرد حق شخصي : فمستأجر الأرض الزراعية له الحق في إجراء تغييرات في العين ، وحق في التحسينات الزراعية التي يستحدثها ، وله بوجه خاص حق الأخذ بالشفعة . وما قيل عن إيجار الأرض الزراعية يقال أيضًا عن الإيجار التجاري ، وإذا كانت عبارة «حق الملكية التجارية» لا تتفق مع الحقيقة القانونية ، لا في تشريع 30 يونيه سنة 1926 ولا في دكريتو 30 سبتمبر سنة 1953 ، فإنها مع ذلك تشعر بالاتجاه الحديث . فإن تقييد حق المؤجر لمكان يستأجر للتجارة في استرداد ملكه عند نهاية الإيجار دون أن يدفع تعويضًا ، هذا التقييد الشديد الذي أتى به قانون 31 ديسمبر سنة 1953 ، يدعم حق التاجر دعمًا بالغ القوة . كذلك ما قضى به قانون 24 مايو سنة 1951 ، ونقلته عن المادة 35 من ندكريتو سنة 1953 ، من الترخيص في التنازل عن الإيجار لمشتري المتجر ولو وجد شرط مخالف ، يكفل الحق المستأجر استقلالا يكاد يكون كاملاً بالنسبة إلى حق المالك . والتطور أقل وضوحًا فيما يتعلق بإيجار المساكن وإيجار أماكن المهن الحرة ، ومع ذلك فامتداد الإيجار بحكم القانون يكفل للمستأجر حق البقاء شبه الدائم ، ويعطي قانون سنة 1948 للمستأجر حقوقًا معينة في التحسينات المستحدثة في العين المؤجرة . ونرى من ذلك أن جميع هذه التشريعات الخاصة تتجه إلى إعطاء المستأجر مركزًا مستقلاً ، وفي هذه إحياء لضرب من ضروب الملكية الفعلية domaine utile لصالح المستأجر يقوم إلى جانب الملكية القانونية أو الملكية العليا domaine eminent للمؤجر . ويتجه القانون إلى قصر هذه الملكية الأخيرة على الحق في الأجرة ، وهو حق تدخل كذلك في تقييده التشريع والقضاء إلى حد بعيد . وفي هذا كله ما يفسر اتجاه جانب من الفقه الحديث إلى التحدث من جديد عن الحق العيني للمستأجر»( [48] ) .

وفي مصر يردد الفقهاء هذا الصدى :

من ذلك أن كتب الأستاذ محمد علي إمام : «رأينا حق المستأجر هو دون شك مجرد حق شخصي . على أن ذلك لا يمنعنا من التسليم بأن تقرير حق عيني للمستأجر إلى جانب حقه الشخصي يوفر له كثيرًا من المزايا الهامة . . . ويمكننا أن نلخص أهم هذه المزايا في أنه لو اعتبر حق المستأجر عينيًا لأمكنه أن يستفيد منه على أكمل وجه ، وذلك عن طريق رهنه رهنًا رسميًا إذا كان موضوعه عقارًا . . وهو لا يستلزم التخلي عن حيازة المال المرهون كما هو الحال في الرهن الحيازي . . . ويترتب على منح المستأجر حقًا عينيًا أنه يستطيع أن يدفع تعرض الغير القانوني بنفسه دون حاجة إلى وساطة من جانب المؤجر . فيستطيع في هذه الحالة أن يدفع بنفسه مباشرة التعرض القانوني ، سواء صدر من المستأجر السابق الذي يمنعه من وضع اليد على العين المؤجرة ، أو من مستأجر مزاحم ينازعه في أفضليته عليه ، أو حتى من الغير . وهو لا يستطيع ذلك طالما أن حقه مجرد حق شخصي ، إذ لابد له من وساطة المؤجر»( [49] ) .

ويميل الأستاذ منصور مصطفى منصور إلى تغليب عنصر انتفاع المستأجر بالشيء مباشرة مما يقتضي القول بأن للمستأجر حقًا عينيًا ، وإن كان يسلم أن المشرع المصري قد غلب عنصر تمكين المؤجر للمستأجر في الانتفاع بالشيء مما لا يجعل للمستأجر إلا حقًا شخصيًا ، فيقول في هذا المعنى : «لاشك أن للمستأجر سلطة قانونية في الانتفاع بالشيء مما يسمح بالقول إن تعريف الحق العيني يصدق عليه . ولكن له في الوقت نفسه عدة حقوق شخصية قبل المؤجر ترمي في مجموعها إلى تمكينه من الانتفاع بالشيء ، ومن هنا تظهر الصعوبة في تكييف حق المستأجر . . . ولما كان حق المستأجر في الانتفاع وحدة قائمة بذاتها فيجب إلحاقه بإحدى الطائفتين من الحقوق المالية ، ويكون الإلحاق على أساس العنصر الغالب . ويبدو لنا أن المنطق يقضي باعتبار حق المستأجر في الانتفاع بالشيء مباشرة هو العنصر الغالب ، فهو الغرض المقصود وليست التزامات المؤجر إلا وسيلة لتمكين المستأجر من الانتفاع على الوجه الكامل . ومع هذا فيجب التسليم وفقًا لما رأيناه من قبل أن المشرع إذ يجعل حق المستأجر حقًا شخصيًا ، فهو يغلب التزامات المؤجر ، وعندئذ يعتبر انتفاع المستأجر نتيجة لقيام المؤجر بتنفيذ التزاماته»( [50] ) .

ويقول الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة : «والواقع أن رأي من يعتبرون حق المستأجر حقًا عينيًا لا يخلو من قدر من الصواب . إذ الحقيقة أن حق المستأجر يقف في مرحلة وسط بين الحق الشخصي العادي والحق العيني . وقد يسفر المستقبل عن تطور جديد في خصوص هذا الحق ، فيجعل منه الشارع حقًا عينيًا في الإيجارات التي تجاوز مدتها حدًا معينًا»( [51] ) .

450-ومع ذلك لم يعط التقنين المدني الجديد للمستأجر حقًا عينيًا – الأسباب التي دعته إلى ذلك : وبالرغم من وضوح تطور حق المستأجر نحو العينية كما يظهر في جلاء من الأقوال التي نقلناها فيما تقدم ، فإنه لما أتيحت فرصة تنقيح التقنين المدني ، استبقى التقنين المدني الجديد كما رأينا حق المستأجر حقًا شخصيًا دون أن يقترن به حق عيني( [52] ) . وهذا الموقف المنطوي على التحفظ دعت إليه أسباب يمكن تلخيصها فيما يأتي :

أولاً – تمشي التقنين المدني الجديد مع سياسته التشريعية المألوفة في التطوير التدريجي للمبادئ القانونية دون أن يسبق الزمن . فاكتفى ، مع استيفاء حق المستأجر حقًا شخصيًا ، بأن يعطي هذا الحق جميع المزايا المقصودة من إعطاء المستأجر حقًا عينيًا . فالإيجار يسري في حق من انتقلت إليه ملكية العين المؤجرة ، لا بموجب حق التتبع الذي هو من خصائص الحق العيني ، بل بموجب نظرية الاستخلاف على الحقوق واعتبار المشتري للعين المؤجرة خلقًا خاصًا تنتقل إليه الحقوق والالتزامات المتولدة من عقد الإيجار . وجعل الإيجار ساريًا في حق الدائنين الحاجزين ، لا بموجب حق التقدم الذي هو من خصائص الحق العيني ، بل مطاوعة لطبيعة حق المستأجر التي تأبى مزاحمة الدائنين الآخرين ، ونتيجة ضرورية لسريان الإيجار في حق الراسي عليه المزاد . وأعطى للمستأجر دعاوى الحيازة جميعًا ، لا لن حقه عيني ، بل لأن دعاوى الحيازة أصبحت في التقنين المدني الجديد تحمي الحق الشخصي كما تحمي الحق العيني ، واستبقى وجوب تسجيل الإيجار إذا زادت مدته على تسع سنوات ، فإن التسجيل يرد على الحقوق الشخصية كما يرد على الحقوق العينية . ومن ثم جعل التسجيل وجهًا من وجوه تفضيل أحد المستأجرين المتزاحمين على المستأجر الآخر ، فليس التسجيل مقصورًا على الحقوق العينية كما قدمنا ، كما أنه ليس هو الوجه الوحيد للتفضيل بل يوجد إلى جانبه وجه آخر هو وضع اليد .

ثانيًا – بعد أن وفر التقنين المدني الجديد لحق المستأجر جميع هذه المزايا ، لم تعد هناك حاجة في مصر( [53] ) – على الأقل في الوقت الحاضر – لتعديل طبيعة حق المستأجر . فبقي هذا الحق شخصيًا ، ولا ضير من قبول جميع النتائج التي تترتب على هذه الصفة . وأهم هذه النتائج ، وهي التي تتردد كثيرًا في أقوال من ينتصرون لإعطاء المستأجر حقًا عينيًا ، عدم جواز رهن حق المستأجر رهنًا رسميًا . ولا نخال هذا الأمر جد خطير ، وإذا كان الفقهاء في فرنسا ينعون هذا العيب على حق المستأجر الشخصي فلأنهم ألفوا هذه الوسيلة من وسائل الائتمان( [54] ) ، أما في مصر فيندر أن يفكر المستأجر لعقار في أن يرهن حقه أيًا كان هذا الرهن ، رسميًا كان أو حيازيًا . وإذا كان من مقتضيات الحق الشخصي أن يدخل المستأجر المؤجر في دعوى دفع التعرض المبني على سبب قانوني ، فإن هذا احتياط حكيم ينبغي ألاَّ يفوت المستأجر ، غذ المؤجر أولى بدفع هذا التعرض ، وهو أدرى بمبلغ صحة ادعاء المتعرض . ودخول المؤجر في الدعوى له فوق ذلك مزية أخرى ، إذ يستطيع المستأجر أن يرجع عليه بالضمان في نفس الدعوى فيما إذا كان المتعرض على حق في ادعائه . وقل مثل ذلك في ضرورة إدخال المؤجر في دعوى المستأجر على مستأجر سابق( [55] ) . وتبقى بعد ذلك نتائج لشخصية حق المستأجر لا يوجد أي حرج في قبولها ، وإلا فما الحرج في أن يكون الحجز على حق المستأجر حجز منقول لا حجز عقار ، وفي ألاَّ يسجل تنازل المستأجر عن حقه للغير ويكتفي بإتباع قواعد حوالة الحق ، وفي أن تكون المحكمة المختصة بنظر قضايا الإيجار هي محكمة المدعى عليه!

ثالثًا – ثم إن في الوقوف عند هذا الحد في خصوص حق المستأجر ، والاكتفاء بأن توفر له المزايا المرغوب فهيا مع استبقائه حقًا شخصيًا ، مزيتين ، إحداهما نظرية والأخرى عملية . أما المزية النظرية فهي عدم تجزئة الملكية في غير مقتض ، فإن إعطاء المستأجر حقًا عينيًا في العين المؤجرة من شأنه تفكيك ملكية العين دون مسوغ يبرر ذلك( [56] ) . والمزية العملية هي ألاَّ يكون المستأجر مضطرًا لتسجيل عقد الإيجار الذي لا تزيد مدته على تسع سنوات ، ولا تسجيل التنازل عن هذا الإيجار للغير ، والإيجارات التي لا تزيد مدتها على تسع سنوات تربى بكثير على الإيجارات التي تزيد مدتها على هذا القدر . وفي اضطرار المستأجر للتسجيل ، فيما لو كان له حق عيني ف ي العقار المؤجر ، تعقيد في الإجراءات لا يحتمله التعامل المألوف . ويكفي أن نتصور العدد الكبير من عقود الإيجار الذي يبرم كل يوم لندرك إلى أي مدى تزدحم بهذه العقود مكاتب الشهر العقاري فيما لو أوجبنا تسجيلها ، هذا إلى ما يقتضيه التسجيل من نفقات ووقت . وحتى لو قصرنا الحق العيني على الإيجارات التي تزيد مدتها على ثلاث سنوات مثلاً ، فلا يزال التعقيد باقيًا في هذا العدد من الإيجارات دون مقتض ، فضلاً عن أنه من غير المستساغ أن تتغير طبيعة حق المستأجر بتغيير مدة الإيجار . فما دام حق المستأجر شخصيًا ، فإنه يبقى كذلك أيًا كانت مدته . وقد بقى كذلك فعلاً في التشريع القائم ، حتى لو زادت مدة الإيجار على تسع سنوات فوجب تسجيل العقد( [57] ) . يضاف إلى ذلك أن عدم إعطاء المستأجر حقًا عينيًا يستبقي عقد الإيجار بين عقود الإدارة ، فلا يصبح من عقود التصرف ، ولا يقتضي أهلية التصرف بل تكفي في أهلية الإدارة . وفي ذلك تيسير كبير للتعامل ، فلا يحتاج الإيجار إلى توكيل خاص ، ولا يستوجب الإجراءات المعقدة التي تستوجبها أعمال التصرف في أموال ناقصي الأهلية وفاقديها .

451- الخاصية التي تميز حق المستأجر : على أن لحق المستأجر ، بالرغم من أنه حق شخصي ، خاصية تميزه . فهو حق في الانتفاع بالعين المؤجرة ، ومن ثم يتصل اتصالاً وثيقًا بهذه العين . وهذا الاتصال هو الذي يفسر كيف يحتج بهذا الحق على ما انتقلت إليه ملكية العين ، وعلى الدائنين الموقعين حجرًا على العين . وإذا كان بعض الحقوق الشخصية يقتصر أثرها على طرفي الحق الدائن والمدين ، فإن بعضًا آخر يمتد أثره إلى الغير ومن بينها حق المستأجر . وإذا كنا قد ورثنا عن القانون الروماني أن الحق الشخصي لا يمتد أثره إلى الغير ، فقد حان الوقت لتمحيص ذلك ، والتسليم بأن من الحقوق الشخصية ما يقترب من الحقوق العينية في هذه الناحية .

والذي يجب أ ن يعاد النظر فيه ليس هو حق المستأجر وفيما إذا كان يبقى حقًا شخصيًا ، بل هو الحق الشخصي ذاته وفيما إذا كان يبقى حقًا موحدًا أو ينبغي التمييز بين حق شخصي وحق شخصي . والذي نراه أن الحق الشخصي إذا كان محله عملاً ، فإما أن يكون هذا العمل متصلاً بعين معين بالذات موجودة قبل وجود الحق كما هو الأمر في حق المستأجر ، وإما أن يكون غير ذلك كما هو الأمر في حق رب العمل في عقد المقاولة وفي عقد العمل .

ونقف عند الحق الشخصي إذا كان محله عملاً متصلاً بعين معينة بالذات كحق المستأجر . هذا الحق يتميز بطبيعته عن سائر الحقوق الشخصية ، ويرجع ذلك إلى أنه لا يتصور استعماله إلا مرتبطًا بهذه العين المعينة بالذات . وإذا قلنا إن المستأجر دائن للمؤجر ، فهو دائن له في تسليم العين ، وفي تعهد العين بالصيانة ، وفي ضمان التعرض في العين ، وفي ضمان العيوب الخفية في العين . فالدين الذي للمستأجر على المؤجر يتركز دائمًا في العين المؤجرة .

هذا الارتباط الكامل بين الحق الشخصي والعين يترتب عليه ، بحكم طبائع الأشياء ، نتائج قانونية لا مفر منها . فالحق يقع على العين ، وهو من هذه الناحية يشبه الحق العيني ، فيجب أن يكون له نفاذ بالنسبة إلى الغير فيما يتعلق بالعين . فإذا انتقلت العين إلى ملك شخص آخر ، وجب أن تنتقل مثقلة بهذا الحق ، وهذه هي نظرية الخلافة الخاصة . ويستوفى الدائن حقه من العين دون أن تحتمل طبيعة مركزه أن يشاركه في ذلك دائن آخر ، فيخلص للمستأجر حقه دون سائر الغرماء وفي موجهة مستأجر مزاحم . وإذا اتسعت دعاوى الحيازة لحماية الحق الشخصي ، فهذا هو الحق الذي تسمح طبيعته أن تحميه دعاوى الحيازة . ولأن الحق يقع على العين فيثقلها ، وجب إذًا بلغ حدًا يستوجب تنبيه الغير إليه أن يشهر عن طريق التسجيل .

ومن هذا نرى أن هذا الحق الشخصي يشترك مع الحق العيني في بعض خصائصه من حيث سريانه في حق الغير . ولا يرجع ذلك إلى أنه حق عيني ، بل يرجع إلى طبائع الأشياء ذاتها( [58] ) .


( [1] ) وإذا اشترط في عقد الإيجار أن المشتري إخراج المستأجر من العين ولو كان عقده سابقا على عقد البيع ، ولم يعرض عقد الإيجار لما إذا كان المستأجر يتقاضى تعويضا ، فللمستأجر أن يطلب تعويضا ويبقى في العين حتى يستوفي هذا التعويض من المؤجر أو من المشتري ( م 1749 مدني فرنسي – وانظر أيضا م 605 مدني جديد وم 390/477 مدني قديم )  ، وهذا حق حبس يثبت للمستأجر على العين المؤجرة  .

( [2] ) وقد كان التمييز بين حق المستأجر وحق المنتفع ، كما يقول أنصار الحق العيني  ، مفهوما في القانون الروماني ، فقد كان هذا القانون يجعل مصدر حق المستأجر عقد الإجار  ، والعقد في القانون الروماني لا يولد إلا حقوقا شخصية ، ومن ثم كان حق المستأجر حقا شخصيا تحية دعوى شخية ( actio conducte  ) أما حق المنتفع في القانون الروماني فقد كان مصدره الوصية ، والوصية وبخاصة الوصيةper vindicationem تنقل الحقوق العينية ، ومن ثم كان حق المنتفع حقا عينيا تحميه دعوى عينية ( action confessione ) ( جيرار الطبعة الخامسة ص 379 وص 572 وص 927 )  ، وانتقلت هذه التقاليد إلى القانون الفرنسي القديم ( بوتييه في الإيجار فقرة 277 وفقرة 285 وفقرة 288  ) ومن هذا القانون نتقلت إلى التقنين المدني الفرنسي  .

وهكذا بقيت تقاليد القانون الروماني بعد أن زالت مبرراتها  ، في القانون الحديث ينقل العقد الحق العيني كما ينشء الحق الشخصي  ، وحق الانتفاع نفسه يجوز إنشاؤه بالعقد كما يجوز إنشاؤه بالوصية ، فلم يعد هناك مبرر للبقاء على تقاليد القانون الروماني ، وأصبح الآن ممكنا أن ينشئ عقد الإيجار حقا عينيا للمستأجر كما ينشئ عقد ترتيب حق الانتفاع هذا الحق للمنتفع ، يضاف إلى ذلك أنه لما كان حق المستأجر في القانون الروماني حقا شخصيا  ، لم يكن يحتج بهذا الحق على المشتري العين المؤجرة إلا بتعهد خاص من المشتري للمستأجر  ، وقد أصبح يحتج به في القانون الحديث بدون هذا التعهد ، مما يشعر بتطور الحق من شخصي في القانون الروماني إلى عيني في القانون الحديث ( بيدان 11 فقرة 537 وفقرة 543 ص 508 – كولان وكابيتان ودي لأمور أنديير 2 فقرة 1001 )  .

( [3] ) بوتييه في الإيجار فقرة 292 وما بعدها – بل إن الإيجار في القانون الفرنسي القديم إذا زادت مدته على تسع سنوات يعطي للمستأجر حقا عينيا وكان يسمى بالإيجار ذي الدخل ( bail a rente  ) ( بوتييه في الإيجار فقرة 4 – بودري وقال 1 فقرة 687 )  .

( [4] ) بيدان 11 فقرة 543 – بودري وقال 1 فقرة 1271 ص 731 – بلانيول وربير 10 فقرة 648 ص 937 هامش 2  .

( [5] ) جيوار 1 فقرة 28 وفقرة 299 – بودري وقال 1 فقرة 685 – بيدان 11 فقرة 543 – بلانيول وربير 10 فقرة 547 ص 756 – بلانيول وربير وبولانجيه 2 فقرة 2674 – كولان وكابيتان ودي لأمور انديير 2 فقرة 1002 – جوسران 2 فقرة 1219 – الإيجار للمؤلف فقرة 377 – سليمان مرقس فقرة 237 ص 426 – ص 427 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 254 ص 401 هامش 1- محمد على إمام فقرة 153 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 12 ص 21-ص 22 )  .

( [6] ) بيدان 11 فقرة 544- أو يرى ورو وِإسمان 5 فقرة 365 ص 208 – كولان وكابيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1003  .

( [7] ) وقد ورد ذكر ذلك صراحة في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في صدد المادة 604 مدني إذ تقول  : ( ويلاحظ أن هذا تطبيق تشريعي للمبدأ القاضي بأن الخلف الخاص يتأثر بالعقد الذي لم يكن طرفا فيه  ) ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 593 )  .

( [8] ) قارن الوسيط 1 فقرة 353  .

( [9] ) انظر في هذا المعنى سليمان مرقس فقرة 276- فقرة 278- عبد الفتاح عب الباقي فقرة 315- محمد على إمام فقرة 154 ص 370-371 – منصور مصطفى منصور فقرة 166 ( ولكن قارن فقرة 220 ص 561 هامش 2 ) – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 12 ص 24 وفقرة 208 ص 282 وفقرة 210 ص 288 – وانظر ما يلي فقرة 534 وما بعدها – وقارن عبد المنعم البدراوي ص 32  .

( [10] ) بوتييه في الإيجار فقرة 304  .

( [11] ) بيدان 11 فقرة 542 – بل إن عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فنفذ في حق الدائنين إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة ( م 621 مرافعات جديد و م544/631 مرافعات قديم و م 1045 مدني جديد ) وهذا يدل على أن الغرض هو حماية عقد الإيجار ، لا باعتباره سابقا على تسجيل التنبيه فيكون للمستأجر حق التقدم ، بل باعتباره من عقود الإدارة التي يجب أن يتوافر لها الثبات والاستقرار  .

( [12] ) بلانيول وربير 10 فقرة 347 ص 756 – بلانيول وربير وبولانجيه 2 فقرة 2667 – وما قيل في نصوص القانون الفرنسي ينطبق كذلك على نصوص القانون المصري ( الإيجار للمؤلف فقرة 377 )  .

( [13] ) كولان وكابيتان ودي لأمور أندير 2 فقرة 1005 مكررة ثالثا – جوسران 2 فقرة 1219  .

( [14] ) وكان حد المدة في فرنسا ثماني عشرة سنة في قانون 23 مارس سنة 1855 ، ثم انقض هذا الحد إلى اثنتي عشرة سنة بدكريتو 4 يناير سنة 1955  .

( [15] ) الإيجار للمؤلف فقرة 379  .

( [16] ) وقد قال مقرر قانون 23 مارس سنة 1855 الفرنسي الخاص بالتسجيل ، والقاضي بتسجيل الإيجار إذا زادت مدته على ثماني عشر سنة ، صراحة ما يأتي  : ( كان لابد أن يخضع للتسجيل كان التصرفات التي  ، دون أن تنشئ حقوقا عينية ، تفرض مع ذلك على الملكية تكاليف من شأنها أن تغير من قيمتها تغييرا محسوسا ، وذلك كالإيجار لمدة طويلة ) ( تقرير debelleyme في داللوز 55-4-30 فقرة 27- بودري وقال 1 فقرة 385 ص 688 – بلانيول وربير وبولانجية 2 فقرة 2667  )

( [17] ) انظر آنفا فقرة 290  .

( [18] ) انظر آنفا فقرة 290  .

( [19] ) انظر آنفا فقرة 271  .

( [20] ) انظر آنفا فقرة 271  .

( [21] ) ومن الحجج الثانوية التي يستدل بها أنصار الحق العيني أيضا على صحة رأيهم أن المؤجر لا يضمن للمستأجر التعرض المادي الصادر من الغير ، بل يترك للمستأجر الحق في أن يقاضي المتعرض مباشرة وباسمه الشخصي ، ويقولون إن هذا يدل على أن للمستأجر حقا عينيا في الشيء المؤجر لأنه يستطيع أن يدفع تعرض الغير له في هذا الشيء بدون رجوع إلى المؤجر وبدون إدخاله في الدعوى ، ويسهل الرد على هذه الحجة بأن دفع التعرض المادي ليس من شأن المؤجر ، والمستأجر حر في دفع كل تعد عليه بالوسائل التي يعطيها إياه القانون دون أن يكون له حق عيني على الشيء المؤجر ( بودري وقال 1 فقرة 685 ص 386 – وانظر آنفا فقرة 281 – فقرة 282 ) – فدفع المستأجر تعدي المتعرض له تعرضا ماديا هو من حقه ، لا بصفته مستأجرا ، بل بصفته شخصا تعدي الغير عليه وهو يدفع عنه هذا التعدي كما كان يدفعه لو لم تكن له صفة المستأجر ، أما إن كان التعدي موجها إليه بصفته مستأجرا ، كما هو الأمر في التعدي المبني على سبب قانوني ، فلابد من وساطة المؤجر ( الإيجار للمؤلف فقرة 378 )  .

وقد كانت سلبية التزام المؤجر في التقنين المدني القديم من الحجج الثانوية التي يمكن أن يستند إليها أنصار الحق العيني ، فالمعروف أن التقنيين المدني القديم جعل التزام المؤجر – تبعا للتعبير المألوف – التزاما سلبيا ، فهو لا يلتزم يجعل المستأجر ينتفع بالعين ، ل يقتصر التزامه على تركه ينتفع بالعين ( م362 / 445 مدني قديم ) وقد ترتب على ذاك كثير من الأحكام سبقت الإشارة إليها ، وهي أحكام تتلاقى في بعض النواحي مع أحكام حق المنتفع ، فإن مالك الرقبة كالمؤجر ليس ملتزما بالتزام إيجابي وما عليه إلا أن يترك المنتفع وشأنه ينتفع بالعين في الحدود التي بينها القانون ( هالتون 2 ص 113 )  ، ولكن مهما قيل عن الصبغة السلبية التي تستند عادة إلى التزام المؤجر في التقنين المدني القديم ، فإن هذه السلبية وحدها لا تكفي لتغيير طبيعة حق المستأجر وجعله حقا عينيا ، فلا نزاع في أن حق المستعير في العارية حق شخصي لا عيني ، ومع ذلك فالمعايير- وهو في مقام المؤجر – ليس ملتزما بأكثر مما يلتزم به المؤجر في التقنين المدني القديم ( الإيجار للمؤلف فقرة 380 )  ، وإذا كانت هذه الحجة لا تقوم في التقنين المدني القديم ، فأولى ألا تقوم في التقنين المدني الجديد ، فإن هذا التقنين كما رأينا عدل عن هذه الصبغة السلبية وجعل المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة  .

ويستند أنصار الحق العيني أخيرا إلى اعتبارات اقتصادية ترجع عندهم إعطاء المستأجر حقا عينيا يكون له من الثبات والاستقرار كوسيلة من وسائل الائتمان ما ليس للحق الشخصي ، فيجوز للمستأجر بوجه خاص أن يرهن حقه رهنا رسميا ( انظر في هذه الاعتبارت بيدان 11 فقرة 539 ) ولكن هذه الاعتبارات الاقتصادية إن صحت في فرنسا ، فإنها لا تصح في مصر ، إذ لا يبدو أن هناك حاجة إلى تمكين المستأجر من رهن حقه رهنا رسميا كما سيجيء ( انظر حايل فقرة 450 )  .

( [22] ) الإيجار المؤلف فقرة 381  . 

( [23] ) ومالك الرقبة لا يلتزم بشيء نحو المنتفع ، أما المؤجر فيلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع بالعين ( بيدان 11 فقرة 532 )  .

( [24] ) انظر آنفا فقرة 270  . 

( [25] ) أو بري ورووإسمان 5 فقرة 365 هامش 7 – بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2667- جوسران 2 فقرة 1221 – وينتقذ الأستاذان بودري وقال هذه الحجة ، ويريان أنها وحدها لا تكفي للتدليل على أنه ليس للمستأجر إلا حق شخصي ، فإن المنتفع – وله حق عيني بلا نزاع- يجب عليه ، إذا اغتصبت العين أو حصل تعد على حقوق مالك الرقبة بأي شكل آخر ، أن يخير المالك بذلك ( م 614 مدني فرنسي ، وانظر أيضا في نفس المعنى م 991 مدني مصري ) ( بودري وقال 1 فقرة 685 ص 387 ) ، ولكن هذا الانتقاد غير مقنع ، فإن هناك فرقا بين التزام المستأجر بإدخال المؤجر ضمانا في الدعوى عند حصول تعرض له مما لا يمكن تعليله إلا بأن المستأجر ليس له حق عيني فلا يستطيع التقاضي باسمه الشخصي ، ومن التزام المنتفع بإخبار مالك الرقبة بحصول تعد على حقوق هذا الأخير ، فالتعدي الذي يحصل عنه الإخبار ليس تعديا واقعا على حق الانتفاع نفسه ، وإلا لما كانت هناك حاجةلإخبار مالك الرقبة به بل كان المنتفع يدفع هذا الاعتداء بنفسه ، بل هو تعد واقع على حقوق مالك الرقبة ولذلك وجب إخباره به ( الإيجار للمؤلف فقرة 382 ص 480 هامش1 ) .

( [26] ) انظر في ذلك الإيجار المؤلف فقرة 382 .

( [27] ) ويترتب أيضا على أن حق المستأجر شخصي لا عيني أن عقد الإيجار يعتبر من أعمال الإدارة إلا من أعمال المتصرف ، ولهذا أهمية كبيرة وبخاصة فيما يتعلق بالأهمية ، وقد سبق بيان الأهلية الواجبة في عقد الإيجار  .

( [28] ) كولميه دي سايتير 7 فقرة 198 مكررة- بودري وقال 1 فقرة 688 – بيدان 11 فقرة 540 مكررة ص 503 هامش 2  .

( [29] ) جيوار 1 فقرة 24 – ديمولومب 9 فقرة 154 وما بعدها – هيك 10 فقرة 343 – أو بري وروواسمان  – أو بري وروواسمان 5 فقرة 365 ص 207 – بلانيول وريبير 10 فقرة 546 ص 754 وفقرة 548 – دي باج 4 فقرة 526 – بلانيول وربير وبولانجيه 2 فقرة 2670 – كولان وكبيتان ودي لامور انديير 2 فقرة 1005 مكررة ثالثا – جوسران 2 فقرة 1221 – أنسيكلوبيدي داللوز 3  Louagفقرة 666 ، الإيجار للمؤلف فقرة 390 – سليمان مرقس فقرة 238 ص 430 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 257 – محمد كامل مرسي فقرة 86 ص 90 – محمد علي إمام فقرة 157 ص 377 – ص 378 – عبد المنعم البدراوي ص 101 – منصور مصطفى منصور فقرة 218 ص 557 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 14 ص 26 عبد الحي حجازي فقرة 46 ص 78  .

ويبقى حق المستأجر منقولا حتى لو أقام المستأجر على الأرض المؤجرة بناء ليكون ملكه ، ويجب تمييز حقه كمستأجر وهو منقول عن حقه كما لك للبناء وهو عقار ( بودري وقال 1 فقرة 689 )  .

( [30] ) انظر ما يلي فقرة 450  . 

( [31] ) بودري وقال 1 فقرة 690  .

( [32] ) سليمان مرقس فقرة 238 ص 431 هامش 1- محمد علي إمام فقرة 156 ص 374 – وقارن عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 257 ص 405 هامش 2

( [33] ) وكان المنطق يقضي بأن الحجز على حق المستأجر – وهو دين في ذمة المؤجر- يكون حجز ما للمدين لدى الغير ، ولكن العمل جرى على اتباع إجراءات حجز المنقول  ، فيدخل حق المستأجر ضمن المنقولات الواردة في محضر الحجز والتي تباع بالمزاد العلني ( كولان وكابيتان ودي لامور أنذيير 2 فقرة 1005 مكررة ثالثا )  .

( [34] ) انظر ما يلي فقرة 453  .

( [35] ) أي المحكمة الجزئية أو المحكمة الكلية بحسب قواعد الاختصاص النوعي ، وبالنسبة إلى قانون إيجار الأماكن تكون المحكمة الكيلة هي المختصة دائما وحكمها لا يكون قابلا لأي طعن ( م 15 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 )  .

( [36] ) ويلاحظ أن المادة 63 مرافعات تقضي بأن يكون الاختصاص ، في المنازعات المتعلقة بأحد المساكن ، للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق أو نفذ متى كان فيها موطن أحد الخصوم  .

( [37] ) انظر في هذا المعنى أحمد مسلم في التنظيم الفضائي ونظرية الدعوى سنة 1957 فقرة 238 ص234 – وقارن سليمان مرقس فقرة 238 ص 430 – وانظر في ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 388 – فقرة 391  .

( [38] ) انظر آنفا فقرة 288 وما بعدها  .

( [39] ) وقد كان التقنين المدني القديم لا يعتبر التعرض غير المستند إلى حق عيني تعرضا مبنيا على سبب قانوني يضمنه البائع للمشتري ، ومن ثم كان لا يعتبر تمسك المستأجر بحقه قبل المشتري للعين المؤجرة تعرضا مبنيا على سبب قانوني ، لأن حق المستأجر شخصي فهو لا يستند إلى حق عيني في تعرضه ( استئناف أسيوط 5نوفمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 121 ص 231 )  ، أما التقنين المدني الجديد فقد نص في المادة 439 على ضمان البائع لفعل أجنبي يكون له وقت البيع حق على البيع يحتج يده على المشتري ، فلم يفرق بين أن يكون الحق عينيا أو شخصيا ، ومن ثم يكون تمسك المستأجر بحقه في التقنين المدني الجديد تعرضا مبنيا على سبب قانوني يضمنه البائع ( الوسيط 4 فقرة 341 )  .

( [40] ) انظر آنفا فقرة 281 – فقرة 282 وفقرة 439 في الهامش  .

( [41] ) انظر آنفا فقرة 270 وفقرة 441  .

( [42] ) انظر آنفا فقرة 271 وفرة 439 – وقد قضت محكمة النقض بأنه متى ثبتت الحيازة المستأجر في مواجهة المتعرضين له وردت إليه بحكم نهائي ، فإن المؤجر يعتبر مستمرا في وضع يده مدة الحيازة التي لمستأجرة ( نقص مدني 25 فبراير سنة 1943 مجموعة عمر رقم 31 ص 60 )  .

وانظر في ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 394  .

( [43] ) دشنا 29 يوله سنة 1920 المجموعة الرسمية 23 رقم 33 ص 55- الزقازيق الكلية 17 سبتمبر سنة 1921 المحامدة 3 رقم 124 ص 174 – استئناف مختلط 20 أبريل سنة 1932 م 44 ص 279 – ولا يجوز للمستأجر الجديد مطالبة المستأجر الجديد مطالبة المستأجر القديم مباشرة بالأجرة وبالتعويض إذا لم يكن الانتفاع بالعين ( استئناف مصر 5 نوفمبر سنة 1931 المجموعة الرسمية 33 رقم 121 ص 231  )  .

( [44] ) استئناف وطني 15 يناير سنة 1907 المجموعة الرسمية 7 رقم 75 ص 164- أول ديسمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 61 ص 145 – استئناف مختلط 7 مايو سنة 1896م 8 ص 270-18 فبراير سنة 1897 م 9 ص 159 – 8 ديسمبر سنة 1898 م 11 ص 38 – 28 ديسمبر سنة 1899 م 11 ص 38 – 28 ديسمبر سنة 1899 م 12 ص 53- 11 ديسمبر سنة 1901 م 14 ص 45-14 فبراير سنة 1918 م 30 ص 222- الإسكندرية المختلطة مستعجل 26 فبراير سنة 1920 جازيت 10 رقم 155 ص 125  .

وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا دفع المستأجر الجديد على المؤجر دعوى لإثبات حالة الأطيان المؤجرة وتقديم الضرر الذي عدد عليه من بقاء الأرض مشغولة بما عليها من زراعة المستأجر السابق ، ثم رفع بعد ذلك دعوى الموضوع ضد المؤجر يطالبه فيها بمبلغ التعويض الذي قدره ، فأدخل المؤجر المستأجر السابق ضامنا له للحكم عليه مباشرة بما يحكم به المدعي ، واحتياطيا لأن يحكم عليه بما عساه يحكم به المدعي قبله ، ثم دفع الضامن بأنه لم يكن ممثلا في دعوى إثبات الحالة وأنه لذلك لا يصح الاحتجاج عليه بتقرير الخبير المعين بها ، فردت المحكمة على ذلك بقولها إنه لا سبيل لندب خبير آخر لأن المعالم قد زالت ، فضلا عن أن الطاعن كان ممثلا في الدعوى بالمؤجر ، فذلك فيه ما يكفي الرد على هذا الدفع ، إذ أن مسئولية الضامن قبل المؤجر هي مسئولية ضمان ، وكان المؤجر ألا يرفع عليه دعوى الضمان إلا بصفة أصلية بعد انتهاء النزاع بينه وبين المستأجر الجديد ، وحينئذ لا يكون في مقدور المستأجر السابق إلا أن يضع دفاعه على أساس تهاون المؤجر وتقصيره في دفع الدعوى التي رفعت عليه  ، مما مقتضاه أن العبرة ليست بتدخل الضامن في دعوى إثبات الحالة ، بل بالاعتراضات التي توجه إلى الدليل المستمد منها ( فقض مدني 18 يناير سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 189 ص 534 ) وقضت أيضا في نفس الحكم بأنه ما دامت الدعوى الأصلية المرفوعة من المستأجر الجديد بطلب تعويض عن عدم تمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة لم توجه إلا إلى المؤجر وقضى فيها استقلالا ، فإنه لا يكون بين هذا المستأجر والمستأجر السابق الذي أدخله المؤجر في الدعوى ايه علاقة قانونية تسمح لهذا الأخير بتوجيه طعنه إليه لأنه لم يكن خصما في دعواه ، فإذا كان المؤجر قد رضى بالحكم ونفذه ولم يطعن فيه  ، فالطعن المرفوع من المستأجر السابق يتعين عدم قبوله بالنسبة إلى المستأجر الجديد ( نفس الحكم )  .

ولا يجوز للمستأجر رفع دعوى الإخلاء على من يشغل العين دون سند ( استنئاف مختلط 11 ديسمبر سنة 1901م 14 ص – 45- الأقصر 31 ديسمبر سنة 1930 المحاماة 11 رقم 495 ص 985  ) أو مطالبته بتسليمه إياها ( استئناف وطني أول ديسمبر سنة 1908 المجموعة الرسمية 10 رقم 61 ص 145- جرجا الجزئية 18 أكتوبر سنة 1926 المحاماة 8 رقم 284 ص 387 – استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1897 م 9 ص 159 – 11 ديسمبر سنة 1901 م 14ص 45- عكس ذلك مصر الوطنية بهيئة استئنافية17 مارس سنة 1930 المحاماة 10 رقم 303 ص 613 ) ، أو مطالبته بأجرتها ( استئناف مختلط 18 فبراير سنة 1897م 9 ص 159 )  ، أو طلب أبطال العقد الصادر له من المالك ذاته أو فسخه ( نقض مدني 10 ديسمبر سنة 1931 مجموعة عمر 1 رقم 19 ص 26- استئناف مصر 19 أكتوبر سنة 1947 المحاماة 28 رقم 272 ص 800  )  .

انظر أيضا نقض مدني 19 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 55 ص 198- استئناف مصر 10 ديسمبر سنة 1936 المجموعة الرسمية 38 رقم 70- قويسنا مستعجل 18 نوفمبر سنة 1939 المحاماة 20 ص 13- استئناف مختلط 17 يونيه سنة 1924 م 36 ص 435 ) وانظر في ذلك الإيجار للمؤلف فقرة 396  . 

( [45] ) الإيجار للمؤلف ( سنة ( 1929 ) فقرة 383 – فقرة 386 .

( [46] ) بيدان 11 فقرة 456 ص 512 .

( [47] ) بيدان 11 فقرة 533 ص 491 .

( [48] ) بلانيول وريبير 10 فقرة 10 فقرة 547 مكررة – وانظر أيضًا في نفس ا لمعنى : بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2669 – كولان وكابيتان دوي لاموراديير 2 فقرة 1001 ص 660 وفقرة 1005 مكررة .

( [49] ) محمد علي إمام فقرة 156 .

( [50] ) منصور مصطفى منصور فقرة 220 ص 561 – ص 562 .

( [51] )عبد المنعم فرج الصدة فقرة 15 ص 27 – وانظر أيضًا سليمان مرقس فقرة 238 ص 432 – ص 433 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 256 – عبد المنعم البدراوي ص 99 – عبد الحي حجازي فقرة 52 ص 93 – ص 94 .

( [52] ) وهذا ما استظهره بعض الفقهاء في مصر ( انظر سليمان مرقس فقرة 237 ص 429 وهامش رقم 2 من نفس الصفحة ) – ويذهب الأستاذ عباس حسن الصراف في العراق إلى أن للعوامل الاقتصادية أثرًا في عدم إعطاء المستأجر حقًا عينيًا في التقنين المدني الجديد ( عباس حسن الصراف فقرة 952 ص 400 هامش 1 ) .

( [53] ) أما في فرنسا فيبدو أن حق المستأجر قد بلغ من التطور مبلغًا يصح معه التفكير في أن تسبغ عليه صفة العينية في بعض أنواعه ، وبخاصة فيما يتعلق بحق مستأجر الأرض الزراعية .

( [54] ) وحتى لو أعطى المستأجر حقًا عينيًا في القانون الفرنسي ، لما كان هذا كافيًا لجواز رهنه رهنًا رسميًا . بل يجب فوق ذلك تعديل المادة 2118 مدني فرنسي التي لا تجيز الرهن الرسمي إلا ف ي حق الملكية العقارية وحق الانتفاع العقاري ( بيدان 11 فقرة 539 – بلانيول وريبير 10 فقرة 546 ص 754 ) .

( [55] ) أما إدخال المؤجر في دعوى المستأجر المرفوعة على مستأجر مزاحم فغير ضروري كما قدمنا ( انظر آنفًا فقرة 271 وفقرة 292 ) . كذلك إدخال المؤجر خصمًا في الدعوى بين المستأجر والمشتري للعين المؤجرة غير ضروري ( انظر آنفًا فقرة 271 ) .

( [56] ) يضاف إلى ذلك ، من الناحية النظرية ، أننا لو قلنا إن للمستأجر حقًا عينيًا لوجب التسليم بجواز أن يملك المستأجر هذا الحق ، لا يعقد الإيجار فحسب ، بل أيضًا بالتقادم المكسب كما هو الأمر في حق الانتفاع ، ويعسر قبول ذلك ( انظر عبد الحي حجازي فقرة 52 ص 96 ) . ثم إذا سلمنا بأن للمستأجر حقًا عينيًا ، فهل نستطيع أن نقف عند هذا الحد ، ولم لا يكون حق المستعير هو أيضًا حقًا عينيًا ، ولا فرق بين حق المستعير وحق المستأجر إلا في أن الأول يعطي تبرعًا والآخر يعطي معاوضة .

( [57] ) ولا يصح الالتفات إلى القاعدة الغربية التي قررها التقنين المدني النمساوي من أن حق المستأجر الشخصي يصبح حقًا عينيًا بشهره . فإن الشهر ، حتى في نظام التسجيل العيني ، ليست له هذه القوة السحرية . فهو في نظام السجل العقاري ينقل الحق العيني بقوته وحده ، ولكنه مع ذلك لا يستطيع أن يغير من طبيعة الحق ، فيكون الحق شخصيًا قبل الشهر حتى إذا ما شهر انقلب حقًا عينيًا .

( [58] ) وننقل هنا بعض ما يتردد في الفقه الفرنسي وفي الفقه المصري في هذا الصدد :

جاء في بيدان : «إن صفة الحق الشخصي المعطاة لحق المستأجر لا يعني إطلاقًا أن هذا الحق يماثل حقًا شخصيًا محله مبلغ من النقود ، ويجب على العكس من ذلك الاعتداد بطبيعة محل الالتزام» ( بيدان 11 فقرة 541 ص 506 ) . وجاء في موضع آخر : «إن القانون يعتد بطبيعة محل الالتزام» ( بيدان 11 فقرة 541 ص506 ) . وجاء في موضع آخر : «إن القانون يعتد بطبيعة محل الالتزام ، فالالتزام الذي يكون محله الانتفاع بشيء معين لا يماثل من جميع الوجوه التزامًا محله مبلغ من النقود . وعلى هذا الأساس تفسر جميع أحكام القانون ( المتعلقة بشخصية حق المستأجر )» ( بيدان 11 فقرة 546 ص 511 ) .

وجاء في بلانيول وريبير وتنك : «ما بين منطقة الحق العيني ونفاذه في مواجهة الغير نفاذ مطلق ، ومنطقة الحق الشخصي ولا ينفذ إلا في مواجهة شخص واحد ، توجد مناطق وسطى . وإذا سلمنا بأن حق المستأجر ، وهو في ذاته متنوع تبعًا لطبيعة الإيجار والغرض المقصود منه ، حق شخصي ، فإنه يجب مع ذلك التسليم بأن هذا الحق ، بماله من نفاذ في مواجهة الغير وبما ينطوي عليه من مكنات يعطيها للمستأجر على الشيء المؤجر ، يتلاقى مع الحق العيني في وجوه من الموافقات لا يمكن إلا أن تزيد مع اتجاه القانون المعاصر إلى الزيادة من حقوق المستأجر أي حقوق الملكية الفعلية ( domaine utile ) بالنسبة إلى حقوق المالك أي حقوق الملكية القانونية أو الملكية العليا ( domaine éminent ) ( بلانيول وريبير 10 فقرة 547 مكررة ص 759 ) .

وجاء في بلانيول وريبير وبولانجيه : «إن حق المستأجر لا ينفذ في مواجهة المؤجر فحسب ، بل يتعدى أثره إلى طوائف أخرى من الأشخاص . فليس هنالك بين الحق العيني والحق الشخصي هذا التباين الجوهري الذي تقول به النظرية التقليدية ، والحقوق إنما تتميز بدرجة نفاذها في مواجهة الغير . وبين الحق العيني ونفاذه في مواجهة الغير نفاذ مطلق ، والحق الشخصي ولا ينفذ إلا في مواجهة المدين ، توجد في منطقة متوسطة طائفة من الحقوق تنفذ في مواجهة الغير نفاذًا مقيدًا ، ومن هذه الحقوق حق المستأجر» ( بلانيول وريبير وبولانجيه 2 فقرة 2668 ) .

ويقول الأستاذ عبد المنعم فرج الصدة : «هذا الحق ( حق المستأجر ) يختلف عن غيره من الحقوق الشخصية ، لأن مزاولته تقتضي أن يكون للمستأجر سلطة على الشيء حتى يستطيع أن يفيد منه ، فهو في هذا أشبه ما يكون بحق الانتفاع . وقد اقتضى هذا من المشرع ، بحكم طبيعة الأشياء ومراعاة لاعتبارات عملية لها قيمتها التي لا تنكر ، أن يعامل حق المستأجر معاملة خاصة يختلف فيها عن بقية الحقوق الشخصية» ( عبد المنعم فرج الصدة فقرة 15 ) .

ويقول الأستاذ عبد الحي حجازي : «ومن ثم لا نجد حرًا في أن نقول مع الفقيه الألماني Gierke إن حق المستأجر يعتبر منطقة وسطًا أو جسرًا بين منطقة الحق الشخصي ومنطقة الحق العيني . . . الحقيقة أنه يمكن أن تقسم العلاقات المالية إلى قسمين : علاقات عينية وعلاقات شخصية . وتنقسم العلاقات الشخصية بدورها إلى حقوق انتفاع شخصية ومجرد حقوق شخصية ( حقوق الدائنية ) . وتدخل علاقات الإيجار في طائفة حقوق الانتفاع الشخصية ، وليس في طائفة مجرد الحقوق الشخصية . والمقصود من كونها «حقوقًا» هو مكنة الانتفاع بما هو محل للحق ، وليس المقصود هو مجرد ارتقاب أداء المدين» ( عبد الحي حجازي فقرة 52 ص 94 وص95 ) . ويقول في موضع آخر : «هذه المكنة لا تعتبر حقًا شخصيًا بعد استلام المستأجر الشيء المؤجر . حقيقة أنه كان دائنًا ( باستلام الشيء ) بعد انعقاد العقد ، إلا أنه لا يكون دائنًا بالانتفاع بعد تسلمه الشيء» ( عبد الحي حجازي فقرة 52 ص 95 ) . لكنا نأخذ على الأستاذ عبد الحي حجازي أمرين : ( 1 ) قوله أن المستأجر لا يكون دائنًا بالانتفاع بعد تسلمه الشيء فيه إغراق لا يتفق مع المسلم به من أن المؤجر يلتزم بتمكين المستأجر من الانتفاع ، لا يتركه ينتفع فحسب . وقد وصل هذا الإغراق إلى حد أن يقول : «ويدل هذا على أن المؤجر ، إذ يسلم الشيء المؤجر وملحقاته في حالة يصلح معها لأن يفي بما أعد له من المنفعة ، يعتبر أنه قد نفذ التزامه ، ثم يتخذ بعد ذلك موقفًا سلبيًا هو تركه المستأجر ينتفع بالشيء المؤجر ، في حين يتخذ المستأجر موقف من تكون له مكنة الانتفاع ، تلك المكنة التي تخلص له من العقد . وهو وحده الذي يحققها دون أي تدخل من جانب المؤجر» ( عبد الحي حجازي فقرة 52 ص 94 – ص 95 ) . ( 2 ) قوله في موضع آخر إن للمستأجر أن يحمي حيازته ضد المؤجر نفسه بدعوى منع ا لتعرض ودعوى استرداد الحيازة ( فقرة 52 ص96 ) ، والمسلم أن دعاوى الحيازة إنما تكون للمستأجر في مواجهة الغير لا في مواجهة المؤجر نفسه ، إذ العلاقة بين المؤجر والمستأجر ينظمها عقد الإيجار ولا دخل لدعاوى الحيازة فيها .

محامي الأردن

توكيل محامي

اذا كان لديك ملاحظة اكتبها هنا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s