إيجار الوقف
781- أحكام إيجار الوقف مصدرها الشريعة الإسلامية : عرض التقنين المدني الجديد لإيجار الوقف في مواد سبع ( م 628 – 634 ) ، وقد أخذ هذه النصوص من الشريعة الإسلامية ، وهي مصدر النظام القانوني للوقف وما يتعلق به من أصل وإدارة . ولا يوجد مقابل لهذه النصوص في التقنين المدني القديم ، فلم يعرض هذا التقنين لإيجار الوقف على أهميته العلمية في العهد الماضي . بل ترك الأمر للقضاء ، وطبق القضاء المختلط دون القضاء الوطني أحكام الشريعة الإسلامية في ذلك( [1] ) ، وقنن التقنين المدني الجديد هذه الأحكام كما طبقها القضاء المختلط .
$1405 لذلك عندما اقترح بعض مستشاري محكمة النقض أمام لجنة مجلس الشيوخ ، عند النظر في مشروع التقنين المدني الجديد ، حذف هذه النصوص لأنها تقنين للشريعة في أحكام إيجار الوقف ، بدعوى أن قضاء محكمة النقض استقر في أحكام عديدة على سريان أحكام القانون المدني على معاملات الوقف ومنها الإيجار ، وبدعوى أنه لا مبرر للتمييز في المعاملة بين مستأجري العقارات الموقوفة ومستأجري غيرها( [2] ) ، رفضت اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح . ولاحظت بحق “أن هناك دعوى إلى اقتباس أحكام الشريعة الإسلامية ، وحي نقتبسها في مواضيعها يطلب حذف هذا الاقتباس”( [3] ) . وجاء في تقرير اللجنة في هذا الصدد : “لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح ، لأن للوقف نظاماً خاصاً روعيت فيه مصلحته ، وتقنين أحكام الشريعة في المشروع أكفل برعاية هذه المصلحة . ويلاحظ أن قضاء محكمة النقض في صدد الوقف بني على اجتهاد مرجعه غموض التشريع الحالي ( القديم ) ونقصه ، وهو بعد اجتهاد لا يمنع من تضارب الأحكام واختلاف المحاكم فيما بعد . وإذا لم يكن بد من منع هذا الخلاف وذلك التضارب من طريق التصريح بالحكم ، فأحكام الفقه الإسلامي هي الخليقة وحدها بأن تكون مرجعا للتقنين ، لأن الناس ألفواها منذ مئات السنين ، فضلا عن صدورها عن إدراك دقيق لحاجات الوقف وما ينبغي له من حماية .ويراعى من ناحية أخرى أن الوقف أحوج إلى الحماية من غيره . والاعتراض على التفريق بين مستأجري العقارات الموقوفة ومستأجري غيرها هو اعتراض على أساس التشريع وحكمته في الحماية ، وهو من هذا الوجه لا يختلف عن الاعتراض على التفريق بين مشتري عقار البالغ ومشتي عقار القاصر”( [4] ) .
782- نطاق تطبيق أحكام إيجار الوقف – نص قانوني : والأحكام التي أوردها التقنين المدني في إيجار الوقف يقتصر تطبيقها على حالة ما إذا كان الشيء المؤجر عينا موقوفة ، وفي المسائل التي عرضت لها هذه الأحكام . فإذا $1406وجدت مسألة في إيجار الوقف لم يعرض لها نص من النصوص الواردة في هذا الصدد ، سرت على هذه المسألة أولا أحكام عقد الإيجار بوجه عام ، ثم تسري بعد ذلك أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً من مصادر القانون .
وتنص المادة 634 من التقنين المدني في هذا الصدد على ما يأتي : “تسري أحكام عقد الإيجار على إجارة الوقف ، إلا إذا تعارضت مع النصوص السابقة”( [5] ) . ويخلص من هذا النص أن إجارة الوقف تسري عليها المصادر الآتية بالترتيب الآتي :
أولا – نصوص المواد 628 إلى 634 من التقنين المدني ، وهي النصوص الخاصة بإيجار الوقف .
ثانياً – فإن لم يوجد نص من ذلك ، سرت أحكام قانون إيجار الأماكن فيما إذا كانت التعين الموقوفة من المباني ، وسرعت أحكام قانون الإصلاح الزراعي والنصوص المتعلقة بإيجار الأراضي الزراعية وبالمزارعة فيما إذا كانت العين الموقوفة أرضاً زراعية .
ثالثاً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سرت أحكام عقد الإيجار بوجه عام ، ثم أحكام العقد بوجه عام .
رابعاً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سري العرف .
خامساً – فإن لم يوجد عرف ، سرت مبادئ الشريعة الإسلامية في الوقف ثم في الإيجار بوجه عام .
$1407 سادساً – فإن لم يوجد حكم من ذلك ، سرت مبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة .
والذي يعنينا بحثه هنا من كل هذه المصادر هو المصدر الأول ، وهو المواد 628 إلى 634 من التقنين المدني الخاصة بإيجار الوقف . وتعرض هذه النصوص : ( 1 ) لمن له الحق في إيجار الوقف . ( 2 ) ومن له الحق في استئجاره . ( 3 ) وكيف تقدر أجرة الوقف . ( 4 ) ولاية مدة يجوز إيجار الوقف .
وقبل بحث هذه المسائل على هذا الترتيب ، نلاحظ أن موضوع إيجار الوقف ، وإن كان من الموضوعات الهامة في الماضي ، قد فقد كثيراً من أهمية بعد إلغاء الوقف الأهلي . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ( المعدل بالمسوم بقانون رقم 342 لسنة 1952 ) على أن “يعتبر منتهياً كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصاً لجهة من جهات البر” . ولم يعد هناك إلا الوقف الخيري ، إذ نصت المادة الأولى من المسوم بقانون سالف الذكر على أنه “لا يجوز الوقف على غير الخيرات” . ونصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من نفس المرسوم بقانون على ما يأتي : “فإذا كان الواقف قد شرط في وقف لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر ، اعتبر الوقف منتهياً فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات” .
فلم يعد خاضعاً للحكام التي سنتولى بحثها الآن إلا إيجار الوقف الخيري( [6] ) .
§ 1 – من له الحق في إيجار الوقف
783- ولاية إيجار الوقف – نص قانوني : تنص المادة 628 $1408 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- للناظر ولاية إجارة الوقف . 2- فلا يملكها المقوف عليه ولو انحصر فيه الاستحقاق ، إلا إذا كان متولياً من قبل الواقف ، أو مأذوناً ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض”( [7] ) . وهذا النص مأخوذ من المادة 681 من مرشد الحيران ، وتجري على الوجه الآتي : “للناظر ولاية إجارة الوقف ، فلا يملكها الموقف عليه إلا إذا كان متولياً من قبل الواقف أو مأذوناً ممن له ولاية الإجارة من ناظر أو قاض” . وقد نص فقهاء الشريعة الإسلامية على أن إجارة مستغلات الوقف لا يملكها إلا الناظر ، فلا يملكها الموقوف عليهم ولو كان واحداً وانحصر الاستحقاق فيه ، على ما عليه الفتوى( [8] ) .
فالذي يملك إيجار الوقف إذن هو الناظر وحده( [9] ) . ويشترط ألا يكون $1409 قد نصب ناظراً لعمل معين غير الإجارة تنتهي نظارته به ، كما إذا عين شخص ناظراً على وقف لاسترداد عين من أعيانه تحت يد الغير وحفظها عنده على ذمة الوقف دون أن يكون له الحق في إيجارها( [10] ) .
ولا يملك إيجار الوقف الموقوف عليه ، أي المستحق فيه( [11] ) ، ولو كان المستحق واحداً وانحصر فيه الاستحقاق . ذلك أنه ، وإن كان له في هذه الحالة ريع الوقف ، لا يملك إدارته ، فلا يملك إيجاره ، والذي يملك ذلك هو النظار دون غيره وقد يكون المستحق متولياً من قبل الواقف ، فيملك الإيجار بصفته متولياً لا بصفته مستحقاً . وقد يأذن الناظر أو القاضي للمستحق في إجارة الوقف فتجوز إجارته ، لا بصفته مستحقاً بل بصفته وكيلا عن الناظر أو متولياً من القاضي( [12] ) .
وإذا أجر الناظر الوقف ، صحت إجارته . وتبقى سارية حتى لو مات الناظر $1410 أو عزل قبل انقضاء مدة الإيجارة . وفي هذه الحالة يسري الإيجار في حق الناظر الذي يأتي بعده . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني تضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 849 من هذا المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “لا تنتهي إجارة الوقف بموت الناظر ولا بعزله” . فحذف هذا النص في لجنة المراجعة( [13] ) . ولكن الحكم يتفق مع القواعد العامة ، فيعمل به بالرغم من هذا الحذف( [14] ) .
784- ولاية قبض الأجرة – نص قانوني : تنص المادة 629 من التقنين المدني على ما يأتي : “ولاية قبض الأجرة للناظر لا للموقوف عليه ، إلا إن أذن له الناظر في قبضها( [15] )” . والنص مأخوذ من المادة 682 من مرشد الحيران .
ونرى منه أن الذي يملك قبض الأجرة قبضاً مبرئاً للذمة هو ناظر الوقف( [16] ) . فلا يجوز للمستأجر أن يعطي الأجرة لغيره ، ولو كان هذا الغير هو $1411 المستحق في الوقف وقد انحصر فيه الاستحقاق( [17] ) . فهذا المستحق إنما يستحق ريع الوقف ولا يملك إدارته كما قدمنا ، وقبض الأجرة عمل من أعمال الإدارة فلا يملكه . وإذا أذن له الناظر في قبض الأجرة ، جاز له قبضها ولكن كوكيل عن الناظر( [18] ) . وإذا دفع المستأجر الأجرة لغير ناظر الوقف لم يكن هذا الدفع $1412 مبرئاً لذمته ، وجاز للناظر أن يرجع عليه بالأجرة ، وللمستأجر أن يرجع على من دفع له .
وللناظر ولاية قبض الأجرة حتى لو كان المؤجرة غيره ، كأن كان المؤجر ناظراً سبقه .
ولكن ليس للناظر المعزول قبض الأجرة ولو أن عن إيجار عقده بنفسه وقت أن كان ناظراً ، بل للناظر الذي حل محله قبض هذه الأجرة كما قدمناه . فلو دفعها المستأجر للناظر المعزول ، أجبر على دفعها مرة ثانية للناظر المنصوب ، ورجع بها على الناظر المعزول( [19] ) . ويجب أن يعلم الناظر بعزله حتى ينعزل ، وعلى ذلك يكون جميع التصرفات التي باشرها بعد العزل وقبل العلم به صحيحة متى كان مسلطاً عليها شرعاً( [20] ) .
ويجوز للناظر أن يقبض الأجرة معجلة ، بشرط ألا يجاوز المقبوض مقدماً حدود الناظر في الإيجار ، بمعنى ألا تزيد الأجرة المقبوضة مقدماً على مجموع أجرة الثلاث السنوات الجائز للناظر أن يؤجر فيها الأعيان الموقوفة( [21] ) . فإذا $1413 ما أصيب المستحق بضرر من قبض الناظر الأجرة معجلا في هذه الحدود ، فله الرجوع على الناظر أو على تركته ،ولا يجبر المستأجر على دفع الأجرة مرة ثانية إلا إذا ثبت أن المستأجر كان سيء النية ومتواطئاً مع الناظر( [22] ) .
§ 2- من له الحق في استئجار الوقف
785- أي مستأجر يتعاقد معه الناظر : ويجوز إيجار الوقف لأي مستأجر يتعاقد معه الناظر ، مع مراعاة القيود التي سيأتي ذكرها من حيث الأجرة والمدة . فيجوز إذن ، مع مراعاة هذه القيود ، أن يستأجر الوقف مستحق فيه ، وبذلك يكون المستحق مديناً للوقف بالأجرة ودائناً بمقدار استحقاقه ، وقد تقع المقاصة بين الدينين إذا توافرت شروطها( [23] ) .
وقد كان المروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى ، هو المادة 844 من هذا المروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “يجوز للموقوف عليه أن يستأجر الوقف ، دون إخلال بالقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة السابقة” ، أي دون إخلال بأن تكون الأجرة هي أجرة المثل إذا كان الموقوف عليه المستأجر هو أحد أصول الناظر أو أحد فروعه . وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “أما من له حق استئجار الوقف فمن يتعاقد معه الناظر على الإيجار ، ولو كان مستحقاً في الوقف”( [24] ) . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة ، لأن حكمة وارد في النص السابق عليه( [25] ) .
789- الأحكام الخاصة بناظر الوقف وأصوله وفروعه – نص قانوني : وتنص المادة 630 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- لا يجوز للناظر أن يستأجر الوقف ولو بأجر المثل . 2- ويجوز له أن يؤجر الوقف لأصوله وفروعه ، على أن يكون ذلك بأجر المثل”( [26] ) . ونرى من ذلك أن هناك فريقين من الأشخاص يخضعان لأحكام خاصة في استئجار الوقف :
$1415 ( الفريق الأول ) ناظر الوقف نفسه ( أو ولده الذي هو في ولايته ) . فهذا ليس له أن يستأجر الوقف ولو باجر المثل ، بل ولو بأكثر من أجر المثل . ويعللون ذلك بأن الناظر هو المؤجر فلو جاز له استئجار الوقف لكان مستأجراً من نفسه ، فعلقت به التهمة . والواحد لا يتولى طرفي العقد إلا في مسائل مخصوصة ، ليست هذه منها . ولهذا لو قبل الإجارة من القاضي صحت ، لانتفاء ما ذكر( [27] ) . أما لو استأجر الناظر أعيان الوقف من نفسه ، لا من القاضي ، فإن الإيجار يكون باطلا ، ويجبر على الإخلاء مع دفع أجر المثل عن المدة التي بقي فيها بأعيان الوقف مع التعويض إن كان له مقتض ، وكذلك يجوز عزله من النظارة على الوقف .
( والفريق الثاني ) أصول ناظر الوقف وفروعه . وهؤلاء يجوز لهم استئجار الوقف من الناظر ، بشرط أن يدفعوا أجر المثل ، فلا يجوز الغبن اليسير ، وذلك نفياً للتهمة( [28] ) . وهذا هو قول الصاحبين ، وبه أخذ التقنين المدني . أما الإمام أبو حنيفة فيقول بوجوب أن تكون الأجرة أكثر من أجر المثل( [29] ) ، وقد أخذ بهذا القول قبل صدور التقنين المدني الجديد المحكمة العليا الشرعية . فقض بأنه من موجبات عزل ناظر الوقف إجارته لمن لا تقبل شهادته له من أصوله وفروعه ، بدون أن يكون للإجارة خير للوقف ولو كان بأجر المثل( [30] ) .
$1416 أما أقارب ناظر الوقف غير الأصول والفروع ، كالأخ والعم والخال وابن الأخ وابن العم وابن الخال ، فتصح الإجارة لهم ، كما تصح لغير الأقارب أصلا ، إن كانت بأجر المثل أو بغبن يسير كما سنرى .
ونرى مما تقدم تدرجاً ملحوظاً : فناظر الوقف لا يصح له استئجار الوقف أصلا . أما أصوله وفروعه فيصح لهم استئجار الوقف ، بشرط أن يدفعوا أجر المثل . وأما الأقارب الآخرون وغير الأقارب فيصح لهم استئجار الوقف بأجر المثل أو بغبن يسير . ولا يصح الغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف كما سيأتي .
§ 3- أجرة الوقف
787- نصوص قانونية : تنص المادة 631 من التقنين المدني على ما يأتي : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين” .
وتنص المادة632 من التقنين المدني على ما يأتي :
“1- في إجارة الوقف تكون العبرة في تقرير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” .
“2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد”( [31] ) .
$1417 ونبادر إلى ملاحظة أن المادتين 631 و 632 سالفتي الذكر وقع في ترتيبهما خطأ مادي . فقد كانتا في المشروع النهائي للتقنين المدني مادة واحدة من فقرات ثلاث ، الفقرة الأولى منها هي المادة 631 ، والفقرتان الأخريان هما المادة 632 $1418 بفقرتها . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقرر إفراد الفقرة الثانية – أي الفقرة الأولى من المادة 632 – بمادة خاصة . فأصبحت الفقرة الثالثة – أي الفقرة الثانية من المادة 632 – فقرة ثانية في المادة 631 . فكان الواجب أن تكون المادة 631 من فقرتين ، وتكون فقرتها الثانية هي الفقرة الثانية من المادة 632 ، وأن تكون المادة 632 من فقرة واحدة هي فقرتها ألأولى . ويكون الترتيب الصحيح للنصوص هو على الوجه الآتي :
م 631 : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين – 2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” .
م 632 : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” .
وهذا هو الترتيب الطبيعي للنصوص . أما الترتيب الذي جاء في التقنين المدني فغير طبيعي ، وهو نتيجة خطأ مادي وقع عند نقل النصوص . ويتبين ذلك من الرجوع إلى الأعمال التحضيرية ، وقد أثبتناها في هامش هذه الفقرة .
788- لا يجوز أن يكون في الأجرة غبن فاحش : ويخلص من النصوص التي قدمناها أن الناظر لا يجوز له إيجار الوقف بغبن فاحش( [32] ) . والغبن الفاحش في الشريعة الإسلامية هو ما يزيد على الخمس( [33] ) ، وقد كان المشروع $1419 التمهيدي ينص صراحة على أنه “لا تصح إجارة الوقف بأقل نم أربعة أخماس أجر المثل” ، وكان المشروع النهائي ينص كذلك على أن “الغبن الفاحش هو ما يزيد على خمس أجرة المثل” . ولكن لجنة مجلس الشيوخ رأت ألا تعين نسبة الغبن الفاحش في النص وتركت تقديرها لأحكام الشريعة الإسلامية( [34] ) . فإذا كانت أجرة المثل للعين الموقوفة عشرين جنيها مثلا ، جاز للناظر أن يؤجرها بعشرين وبأكثر وبأقل بحيث لا تنقص الجرة عن ستة عشر جنيها( [35] ) .
وقد قدمنا أنه إذا أجر الناظر العين لأحد من أصوله أو فروعه ، لم يجز حتى الغبن اليسير ، ووجب أن تكون الأجرة هي أجرة المثل أو أكثر ، فتكونن عشرين جنيها أو أكثر ولا تنزل عن ذلك .
وكما يجب ألا تكون ألأجرة فيها غبن فاحش ، كذلك يجب ألا تكون مجهلة . فإذا أجر الناظر أرض الوقف وجعل الأجرة تقصيب الأرض وتصليحها ، كان ذلك موجبا للجهالة في مقدار الأجرة ، لأن ما يصرف على التقصيب والتصليح في كل سنة غير مقدر في العقد ولا هو معروف عادة ، لاختلافه باختلاف حالة الأطيان المراد تصليحها وباختلاف الزمان وباختلاف ما يستعمل في التصليح من الماشية والآلات ، وذلك موجب لفساد الإجارة( [36] ) .
ويستثنى من عدم جواز أن يكون بالأجرة غبن فاحش أن يكون الناظر $1420 الذي أجر العين بالغبن الفاحش هو المستحق الوحيد في الوقف( [37] ) ، لأن الضرر في هذه الحالة لا ينال أحد غيره ، وقد قبله ونزل عن حقه في تكملة الأجرة فيصبح ذلك( [38] ) . ولكن إذا تعدى الضرر إلى غيره ، بأن مات قبل أن ينتهي الإيجار ، كان للناظر الذي يليه أن يطلب تكملة الأجرة من وقت موته مراعاة لحق المستحقين التالين . وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 631 إذ تقول كما رأينا : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق يليه من المستحقين”,
وإذا أجر الناظر بالغبن الفاحش في غير الاستثناء المتقدم ، لم يقع العقد باطل ، بل يطلب الناظر من المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل من وقت العقد( [39] ) ، ولا يكفي أن يكمل الأجرة إلى أربعة أخماس أجر المثل( [40] ) . فإن رفض $1421 المستأجر ذلك ، جاز للناظر طلب فسخ العقد( [41] ) . ومما يوجب عزل الناظر أن يؤجر الوقف بغبن فاحش وهو متعمد ذلك . فإن كان غير متعمد ، بل أجر بغبن فاحش لسلامة نيته ، كان مأمونا ، جاز للقاضي أن يبقيه في وظيفته( [42] ) . ولا يملك المستحقون أن يرفعوا دعوى على المستأجر مباشرة بتكملة الأجرة للغبن( [43] ) ، وإنما يملكون طلب عزل الناظر الذي أجر بغبن فاحش ، فإذا عزل ونصب ناظر جديد طلب هذا من المستأجر تكملة الجرة . وإذا بقي الناظر ولم يعزل لسلامة نيته ولأنه مأمون ، فالظاهر أنه بصفته ممثلا للوقف تكون له صفة في رفع دعوى تكملة الأجرة ولو كان هو الذي صدر منه الإيجار( [44] ) .
789- يقدر أجر المثل وقت العقد ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك : وتقدير أجر المثل لمعرفة ما إذا كان في الأجرة غبن فاحش أو غبن يسير إنما يكون وقت إبرام عقد الإيجار ، ولا يعتد بما يطرأ على أجر المثل بعد ذلك من نقص أو زيادة ( م 632/1 مدني ) . فإذا أجر الناظر بأجر المثل وقت إبرام العقد ، وفي أثناء الإجارة تغير هذا الأجر نقصاً أو زيادة ، فإن نقص أجر المثل مما كان $1422 عليه وقت الإيجار ، ألزم المستأجر بدفع الأجرة المتفق عليها ، ولا يجاب إلى إنقاص الأجرة ولا إلى فسخ العقد ، لما يترتب على ذلك من الضرر بالوقف ، ولأن الناظر لا يمك الإقالة إلا إذا كان فيها خير للوقف( [45] ) . وإن زاد أجر المثل ، فلا يلتفت إلى الزيادة اليسيرة وهي التي تدخل تحت تقويم المقومين( أو لا تزيد على خمس المبلغ المتفق عليه ) . أما إذا كانت الزيادة فاحشة ولم تكن نتيجة تعنت بأن يقصد أحد الناس ألإضرار بالمستأجر فيعرض أجرة كبيرة بل كان هذا نتيجة طبيعية لكثرة الرغبات في العين المؤجرة ، فإن هذه الزيادة لا يعتد بها أيضاً وتبقى الأجرة على حالها إلى انتهاء المدة ، وهذا هو ما يقضي به صريح النص في التقنين المدني الجديد إذ تقول المادة 632/1 مدني كما رأينا : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقف الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” وقد أخذ التقنين المدني الجديد في هذا برأي مرجوح في الشريعة الإسلامية مراعاة للاستقرار( [46] ) . ولكن الرأي الراجح في الشريعة الإسلامية هو أنه يعتد بهذه9 الزيادة مراعاة لمصلحة الوقف ، ويخير المستأجر بين قبول الزيادة أو فسخ العقد( [47] ) . وفي عهد التقنين $1423 المدني القديم ، حيث لم يكن هناك نص صريح كنص المادة 632/1 من التقنين المدني الجديد ، أخذ القضاء مع ذلك بالرأي المرجوح الذي أخذ به التقنين المدني الجديد ، فلم يعتد بزيادة أجرة المثل أثناء مدة الإيجار( [48] ) . ولا شك في أن هذا الرأي هو الذي يحقق استقرار التعامل ، وقد أحسن التقنين المدني الجديد صنعا في الأخذ به بنص صريح( [49] ) .
§ 4- مدة إيجار الوقف
790- لا يجوز أن تزيد مدة إيجار الوقف على ثلاثة سنوات – نص قانوني : تنص المادة 632 من التقنين المدني على ما يأتي : “1- لا يجوز للناظر ، بغير إذن القاضي ، أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول أنقصت إلى ثلاث سنين . $ 1424 2- ومع ذلك إذ كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال يحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين”( [50] ) . ويتبين من النص المتقدم الذكر أنه لا يجوز للناظر إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات . ويستوي في ذلك أن تكون العين المؤجرة من المباني أو من الأراضي الزراعية .
والشريعة الإسلامية تميز بين ما إذا كانت العين من المباني أو من الأراضي . والقول المعول عليه فيها ألا تزيد مدة الإجارة على سنة في الدار والحانوت ، وعلى ثلاث سنين في الأراضي ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت أو النقص في إجارة الأرض( [51] ) . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى هو المادة 847 من هذا المشروع ، وكانت $1425 تجري على الوجه الآتي : “إذا أهمل الواقف تعين مدة الإجارة في كتاب الوقف ، تؤجر الدار والحانوت وما إليها سنة ، والأرض ثلاث سنين ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت ، أو النص في إجارة الأرض” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بنص المادة 633 مدني( [52] ) . وما دام حذف النص كان للاكتفاء بنص المادة 633 مدني ، وجب الرجوع إذن إلى هذه المادة . وقد رأينا أنها تقضي بأنه لا يجوز إيجار أعيان الوقف – دون تمييز بين ما إذا كانت العين من المباني أو من الأراضي – لمدة تزيد على ثلاث سنوات( [53] ) . ومن ثم يجوز إيجار المباني لمدة تزيد على سنة ، $1426 كما يجوز إيجار الأراضي لمدة تقل عن ثلاث سنوات ، وذلك فيما عدا الأراضي الزراعية فلا يجوز إيجارها لمدة تقل عن ثلاث سنوات وفقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي ولا لمدة تزيد على ثلاث سنوات وفقاً لأحكام إيجار الوقف فيجب إذن أن تكون مدة إيجارها ثلاث سنوات دائماً .
والمهم ألا تزيد مدة إيجار العين الموقوفة ، مبني كانت أو أرضاً ، عن ثلاث سنوات( [54] ) . ويستوي أن يكون ذلك بعقد واحد أو بعقود مترادفة . فلا يجوز إيجار الوقف لمدة أربع سنوات في عقد واحد . كما لا يجوز إيجاره في عقدين مترادفين يتخللهما وقت قصير ، ويكون العقد الأول مدته سنتان ، والعقد الثاني مدته سنتان أيضاً تبدآن بعد السنتين الأوليين . فهذه طريقة للتحايل على القانون ، تفادي بها الناظر أن يبرم عقداً واحداً مدته أربع سنوات( [55] ) . كذلك يعتبر تحايلا على القانون أن يبرم الناظر عقداً لمدة ثلاث سنوات ، ويجدده قبل انقضاء مدته الأولى بوقت طويل لمدة ثلاثة سنوات أخرى( [56] ) . ولكن إذا جدد الإيجار قبل انتهائه بمدة قصيرة تقدر حس ب الظروف ، جاز ذلك ، ولو كانت المدة السابقة والمدة الجديدة تزيدان معاً على ثلاث سنوات ، $1427 إذا كان هذا التجديد يستدعيه حسن الإدارة( [57] ) . وإذا جدد الإيجار قبل نهاية مدته ، لم يجز إنقاص مجموع المدة إلى ثلاث سنوات إذا لم ترفع الدعوى بذلك إلا بعد البدء في تنفيذ الإيجار الجديد( [58] ) . وإذا أجر الناظر العين الموقوفة لمدة سنة تمتد سنة بعد أخرى إذا لم ينبه أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء قبل انقضاء السنة بشهرين مثلا ، جاز ذلك ، حتى لو بقي المستأجر في العين مدة أكثر من ثلاث سنوات لأن تنبيهاً بالإخلاء لم يصدر من أي من الطرفين . كذلك إذا أجر الناظر العين الموقوفة دون أن يعين مدة ، على أن تدفع الأجرة كل شهر أو كل سنة ، فاعتبرت المدة شهراً أو سنة بحسب مواعيد دفع الأجرة على أن ينتهي الإيجار إذا نبه أحد الطرفين على الآخر بالإخلاء في المواعيد القانونية ، فإن ذلك يجوز حتى لو بقي المستأجر في العين أكثر من ثلاث سنوات بسبب عدم صدور التنبيه بالإخلاء .
وتراعى في كل ما تقدم أحكام قانون إيجار الأماكن وقانون الإصلاح الزراعي من حيث امتداد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدته الأصلية .
791- حكم إيجار الوقف إذا زادت مدته على ثلاث سنوات : فإذا أجر الناظر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ، سواء كان ذلك بطريق مكشوف أو بطريق مستتر تحايلا على القانون ، لم يقع العقد باطلا ، ولكن تنقص مدته إلى ثلاث سنوات( [59] ) . ولما كان الناظر بعمله هذا قد جاوز حدود سلطته ، $1428 فإنه يمكن طلب عزله أو ضمن ناظر إليه . فإذا عزل أو انضم إليه ناظر آخر ، كان الذي يطلب إنقاص المدة هو الناظر الجديد الذي يخلفه أو الناظر المنضم إليه( [60] ) بحسب الأحوال . ولا نرى ما يمنعن إذا لم يعزل الناظر الذي صدر منه العقد ولم ينضم إليه ناظر آخر لثبوت حسن نيته ، من أن يتولى هذا الناظر نفسه طلب إنقاص المدة بالرغم من صدور العقد منه( [61] ) . ذلك أنه لا يمثل نفسه بل يمثل الوقف ، سواء في إبرام الإيجار أو في طلب إنقاص المدة ، فيكون الوقف هو الذي يطلب إنقاص المدة وهذا من حقه دون شك( [62] ) .
ولا يجوز للمستحقين طلب إنقاص المدة ، لنهم ليسوا طرفاً في عقد الإيجار . وإنما يجوز لهم أن يطلبوا من المحكمة عزل الناظر الذي جاوز حدود سلطته معتمداً ، وتعيين ناظر آخر مكانه . والناظر الجديد هو الذي يطلب إنقاص المدة كما سبق القول . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في عهد التقنين المدني القديم ، بأن ناظر الوقف هو الممثل الشرعي الوحيد للوقف بالنسبة إلى الغير فيما يتعلق بأعمال الإدارة ، فلا يجوز للمستحقين أن يطلبوا إبطال الإجارات الصادرة منه ، وليس لهم إلا دعوى مباشرة ضد الناظر للمطالبة باستحقاقهم . أما في حالة سوء تصرف الناظر ، فلهم أن يطلبوا عزله وتعيين آخر مكانه من الجهة المختصة( [63] ) .
$1429 792- استثناءان يجوز فيهما إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات : وهناك استثناءات نصت عليهما المادة 633 مدني سالفة الذكر يجوز فيهما إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات :
( الاستثناء الأول ) نصت عليه الفقرة الأولى من المادة مدني ، إذ تقول كما رأينا : “لا يجوز للناظر بغير إذن القاضي أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين . .” . فيجوز إذن للناظر أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات إذا أذن القاضي له في ذلك . ويأذن القاضي إذا وجد مسوغ للإذن . ويقع ذلك غالباً إذا كانت العين الموقوفة مخربة ، ولا يجد الناظر من يصلحها ويعمرها إلا بشرط استئجارها لمدة طويلة( [64] ) . وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ومع ذلك يجوز الإيجار لمدة أطول من ثلاث سنوات في حالتين : ( أ ) إذا أذن القاضي : ويأذن للضرورة كما لو كان الوقف محتاجاً للعمارة . .” ( [65] ) .
( والاستثناء الثاني ) نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 633 مدني ، إذ تقول كما رأينا : “ومع ذلك إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد ، جاز له $1430 أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي ، وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين” .
فإذا كان ناظر الوقف هو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر أعيان الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات بلا حاجة إلى إذن القاضي( [66] ) . وذلك لنفس الاعتبارات التي قدمناها في جواز إيجار الناظر للوقف بغبن فاحش إذا كان هو المستحق الوحيد ، فالضرر من زيادة المدة على ثلاث سنوات لا ينال أحداً غيره ، وقد قبله فيصح ذلك( [67] ) . ولكن إذا تعدى الضرر إلى غيره ، بأن مات قبل أن ينتهي الإيجار ، كان للناظر الذي يليه أن يطلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنوات مراعاة لحق المستحقين التالين( [68] ) . فإذا أجر ناظر الوقف الذي هو المستحق الوحيد الوقف لمدة خمس سنوات مثلا ، ومات بعد سنتين ، لم يسر الإيجار في حق الناظر الذي يخلفه إلا لمدة سنة واحدة لاستكمال الثلاث السنوات ، ويكون لهذا الناظر الحق في إنقاص المدة من خمس سنوات إلى ثلاث . وإذا مات الناظر المؤجر بعد ثلاث سنوات أو أربع من بدء الإيجار ، لم تسر بقية المدة في حق الناظر الخلف وجاز لهذا أن يطلب الإخلاء فوراً لأن المستأجر قد استوفى مدة الثلاث السنوات التي تسري في حق هذا الناظر( [69] ) .
$1431 وإذا كان ناظر الوقف هو الواقف نفسه ، سواء كان هو المستحق الوحيد أو لم يكن ، فإنه يجوز له أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات بلا حاجة إلى إذن القاضي . والأصل في ذلك أنه يجوز ، في الشريعة الإسلامية ، أن يؤجر الواقف أعيان وقفه أكثر من ثلاث سنوات( [70] ) ، بل له أن يعين مدة إجارة وقفه في كتاب الوقف . فإن عينها لم يكن للناظر مخالفته ، إلا إذا رخص الواقف في ذلك المنفعة الوقف كأن يشترط عدم إيجار أعيان وقفه لمدة تزيد على سنة إلا إذا كانت مصلحة الوقف في مدة أطول من ذلك ، ففي هذه الحالة يجوز للناظر الإيجار لمدة أطول دون رجوع إلى القاضي . أما إذا لم يرخص الواقف في الاستثناء ، فلا يجوز للناظر الإيجار لمدة أطول من سنة ، حتى لو تحققت مصلحة الوقف في ذلك ، ويجب عليه الرجع إلى القاضين وه الذي يؤجرها للمدة التي يرى فيها مصلحة الوقف . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 846 من هذا المشروع تنص على أنه “1- يراعى شرط الواقف في إجارة وقفه ، فإن عين الواقف مدة الإجارة اتبع شرطه وليس للمتولي مخالفته . 2- إذا كان لا يغب في استئجار الوقف المدة التي عينها الواقف ، أو كانت الإجارة أكثر من تلك المدة أنفع للوقف ، جاز للناظر ، بعد $1432 استئذان القاضي ، أن يؤجر الوقف لمدة أطول ، إذا لم يكن مأذوناً في ذلك من قبل بكتاب الوقف” .وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بنص المادة 633 مدني( [71] ) . فوجب إذن الرجوع إلى هذه المادة لمعرفة مقدار المدة التي يستطيع الناظر أن يصل إليها في إيجار الوقف إذا كان الناظر هو الواقف نفسه . وقد رأينا أن الفقرة الثانية من هذه المادة تقضي بأنه إذا كان الناظر هو الواقف ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي . فإذا أجر الوقف لمدة ست سنين مثلا ، سرت هذه المدة ما دام الواقف حياً . فإذا مات بعد خمس سنين مثلا ، كان للناظر الذي يخلفه أن ينقض الإجارة في السنة السادسة( [72] ) . أما إذا مات بعد سنتين ، بقي المستأجر في العين سنة أخرى حتى يستكمل الثلاث السنوات التي تنقص إليها المدة فتصبح ثلاثا بدلا من ست .
793- العبرة في هذه القيود بأن تكون العين وقفاً عند إبرام الإيجار : والعبرة في القيود التي قدمناها متعلقة بمدة إيجار ، وكذلك في القيود التي سبق ذكرها فيما يتعلق بالأجرة ، بأن تكون العين المؤجرة وفقاً عند إبرام الإيجار ، أي بأن يكون الإيجار واقعاً منذ البداية على عين موقوفة . أما إذا كان واقعاً على ملك ثم وقف هذا الملك أثناء الإيجار ، فلا تطبق هذه الأحكام . فإذا أجر المالك ملكه لمدة تسع سنوات بأجرة فيها غبن فاحش وكان هذا الإيجار صحيحاً عند إبرامه ، فإنه يسري لمدته وبأجرته ، حتى لو وقف المالك العين أثناء الإيجار . ولا يجوز في هذه الحالة لناظر الوقف ، سواء كمان هو الواقف نفسه أو غيره ، أن يطل إنقاص $1433 مدة الإيجار إلى ثلاث سنوات ، أو تكملة الأجرة إلى أجر المثل . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى بأنه إذا أجر المالك ملكة بعقد إيجار ثابت التاريخ ، ثم وقف هذا الملك ، فلا يجوز لناظر الوقف بعد انعقاد الوقف أن يطلب تنقيص مدة الإيجار ، ولا أن يطلب رفع سعر الإيجار ، بناء على أن أعيان الوقف لا يجوز إيجارها لمدة طويلة كما لا يجوز إيجارها بغبن على جهة الوقف ، لأن العبرة بتاريخ انعقاد الإجارة ، والإجارة انعقدت في يوقت كان للمالك أن يتصرف في ملكه كيف يشاء( [73] ) .
وعلى العكس من ذلك ، إذا أجر ناظر الوقف العين الموقوفة لمدة تسع سنوات بأجرة فيها غبن فاحش ، وحل الوقف بعد سنة طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ، فأصبحت العين المؤجرة ملكاً ، فإن المستحق الذي أصبح مالكاً للعين ، ولو كان هو نفسه ناظر الوقف الذي أجر العين عدما كانت وقفاً ، يستطيع أن يطلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنوات فلا يبقى لانقضاء مدة الإيجار غير سنتين ، كما يستطيع أن يطلب تكملة الأجرة إلى أجر المثل منذ بداية الإيجار إلى انقضاء الثلاث السنوات ، وذلك كله بالرغم من أن العين قد أصبحت ملكاً . إذ العبرة ، كما قدمنا ، في كون العين ملكاً أو وقفا ، بوقت إبرام الإيجار .
( [1] ) كان القضاء المختلط في عهد التقنين المدني القديم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – 5 ديسمبر سنة 1912م 25 ص 52 – 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – 18 أبريل سنة 1917م 29 ص 381 – 5 يناير سنة 1932م 44 ص 201 – 17 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 13 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في هذا المعنى بأنه يجب الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ، لأن هذه الأحكام متصلة اتصالا تاماً بطبيعة الوقف وبالوظيفة التي يؤديها وهو نظام إسلامي محض ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 142 : في هذه القضية طلب أحد الخصوم تطبيق القانون المدني فيما يتعلق باجرة الأعيان الموقوفة ، وليس في القانون ما يسمح بالفسخ أو تكملة الثمن للغبن في الإيجار على العموم . فلم تأخذ المحكمة بهذا الرأي ، وطبقت الشريعة الإسلامية ، وهذه تقضي بأن أجرة الأعيان الموقوفة يجب أن تكون أجرة المثل ) . ومع ذلك انظر استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1939م 51 ص 261 .
وأخذ بعض أحكام القضاء الوطني بالشريعة الإسلامية في إيجار الوقف : مصر الكلية الوطنية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 64 ص 138 – العطارين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 901 – ولكن القضاء الوطني في مجموعه لم يكن يأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية في إيجار الوقف ، بل كان يطبق قواعد القانون المدني : استئناف مصر 9 مارس سنة 1937 المحاماة 17 رقم 118 ص 594 – 28 يناير سنة 1947 المحاماة 31 رقم 130 ص 3487 – طنطا الكلية 19 مارس سنة 1928 المحاماة 9 رقم 63 ص 101 – منفلوط 29 يناير سنة 1945 المحاماة 28 رقم 457 ص 1099 – عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285 ص 530 – وكان القضاء الوطني يستبعد بوجه خاص من أحكام الشريعة الإسلامية الحكم القاضي بعدم جواز الغبن الفاحش في الأجرة . فقضت محكمة استئناف مصر بأنه “وأن كان علماء الشرع قالوا إنه إذا أجر المتولي على الوقف بغبن فاحش بتجاوز الخمس نقصاً في أجرة المثل تكون الإجارة فاسدة ، وجرت المحاكم المختلطة دائما على تطبيق هذه القاعدة ، إلا أن هذه المحكمة ترى أن القانون المدني الذي نظم بين الأفراد المعاملات على اختلاف نوعها من بيع وإيجار وغيرهما لم يخرج إجارة الوقف من سلطان أحكامه . فهي لذلك خاضعة له ، إذ لو أردا الشارع إخراجها عن نطاق هذه الأحكام ، لأحال الفصل فيها على أحكام الشريعة الإسلامية كما فعل حينما انتزع بمقتضى المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية دعاوي معينة من اختصاص هذه المحاكم وجعل مناط الفصل فيها للمحاكم الشرعية . ومع كنه أورد من ضمنها الدعاوي المتعلقة بأصل الوقف ، لم يذكر شيئاً عن إجارة الأعيان الموقوفة مع علمه بأن لها عند علماء الشرع أحكاما تخالف نظيراتها في باب الإجارة في القانون المدني” ( استئناف مصر 28 يناير سنة 1947 المحاماة 31 رقم 130 ص 347 وهو الحكم الذي سبقت الإشارة إليه ) . وظاهر من هذا الحكم أن المحكمة تجعل الاختصاص التشريعي ملازما للاختصاص القضائي ، مع أن هذا التلازم غير ضروري ، فقد تكون المحكمة الوطنية هي المختصة اختصاصا قضائياً دون المحكمة الشرعية ، ومع ذلك تطبق المحكمة الوطنية أحكام الشريعة الإسلامية إذ هي القانون المختص اختصاصاً تشريعياً ، فتختص المحاكم الوطنية أو المحاكم المختلطة بنظر قضايا إيجار الوقف وتطبق فيها أحكام الشريعة الإسلامية . وهذا ما أدركه القضاء المختلط .
هذا وقد استبعدت محكمة النقض هي الأخرى حكم الشريعة الإسلامية القاضي بعدم جواز الغبن الفاحش في إيجار الوقف ، وإن كانت لم تستبعد الحكم الذي يقضي بأن الناظر لا يملك الإيجار للمدة الطويلة إلا بإذن القاضي ، وقد جاء في حكمها ما يأتي : “إن النزاع في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن فيه هو بطبيعته نزاع مدني صرف يخضع لحكم القانون المدني ، والإيجار لا يفسده الغبن في هذا القانون . ذلك بأنه كلما كان مدار البحث في صدد الوقف هو القانون الواجب التطبيق ، فالتفرقة واجبة بين الوقف من حيث ذاته وبين نشاطه في ميدان التعامل . فأما المرجع في تعرف ذات الوقف وتقصي مقوماته فهو الشريعة الإسلامية ، وأما متى وجد الوقف وبدا منه نشاط في ميدان التعامل فباع أو ابتاع وأجر أو استأجر فشأنه في هذا كله شأن أشخاص القانون كافة حقيقيين كانوا أو اعتباريين ، من حيث خضوعهم جميعاً لأحكام القانون المدني دون الشريعة الإسلامية . إذ هذه الشريعة كانت في مصر الشريعة العامة التي تحكم المعاملات وغيرها ، ثم استبدل بها القانون المدني بالنسبة إلى المعاملات ، فأصبح هذا القانون وحده دونها هو الواجب التطبيق على كل ما هو داخل في دائرة التعامل ، بقطع النظر عن طبيعة الأشخاص المتعالمين . والشارع المصري فيما شرعه من أحكام عامة للعقود عند وضعه القانون المدني قد نحا نحو الشرائع التي غلبت سلطان الإرادة . فجاء في ذلك شبيهاً بالشريعة الإسلامية والشريعة الفرنسية من حيث أن الأصل عنده – كالأصل عندهما – أن الغبن ليس سبباً للطعن في العقود . بيد أنه مع ذلك خالف هاتين الشرعيتين ، فم يورد كل ما أوردناه من استثناء على هذا الأصل . والحالة الوحيدة المستثناة في القانون المدني هي حالة بيع عقار القاصر بغبن يزيد على خمس الثمن ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 ) ، ومع ذلك فإنه لم يرتب للقاصر في هذه الحالة حق نقض العقد ، بل رتب له الحق في طلب تكملة الثمن مشترطاً إقامة الدعوى بهذا الحق في غضون سنتين من وفاة البائع أو بلوغه سن الرشد وإلا سقط الحق فيه . ثم إن المنازعة في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن الفاحش لا يصح اعتبارها منازعة في ولاية الناظر على الوقف مما يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية . لن حكم ولاية الناظر على الإيجار – وفق ما هو مقرر في الشرعية وفي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية معاً – هو أنه لا يملك الإيجار للمدة الطويلة إلا بإذن القاضي ، مما يفيد أنه مستقل به في الإيجار للمدة غير الطويلة . وإذا كانت الشريعة الإسلامية تقول بعدم لزوم عقد الإيجار المشوب بالغبن الفاحش ، فإن ذلك ليس سببه أن ولاية الناظر في الإيجار تنحل عنه حين يعقد العقد بالغبن ، إذ تصرفه في هذه الحالة ، في الرأي المختار ، هو تصرف صادر من أهله في محله ، بل سببه أن الغبن في ذاته سبب لفسخ العقود كافة متى كانت واقعة على مال القاصر أو الوقف أو اليتيم ، مما لا دخل له في ولاية الناظر ( نقض مدني 23 يناير سنة 1947 مجمعة عمر 5 رقم 141 ص 305 – وانظر أيضاًً نقض مدني 20 فبراير سنة 1947 مجموعة عمر 5 رقم 158 ص 354 ) .
وقد أضافت محكمة النقض بحق في الحكم سالف الذكر أن “القول في الفقه الإسلامي بفساد إجارة الوقف بسبب الغبن إذا جاوز الخمس نقصاً في أجر المثل إنما هو تفريع من قول الفقهاء في باب المعاملات إن الغبن لا يؤثر في سلامة العقود ما لم يصاحبه تغرير ، إلا إذا كن فاحشاً ووقع على مال اليتيم أو الوقف أو بيت المال” . ولم يقل فقهاء الشريعة الإسلامية ذلك إلا بعد أن رتبوا أحكام الوقف واليتيم وبيت المال ، فوجدوا الحاجة قائمة لحماية هؤلاء الأشخاص ، الطبيعي منهم والمعنوي . فمنع إيجار الوقف بالغبن الفاحش يدخل في ولاية الناظر ، كما دخل في ولايته منعه من إيجار للمدة الطويلة . والحكمان لصيقان بالوقف لا ينفصلان عنه ، بل لعل الحكم المتعلق بالغبن الفاحش أكثر التصاقاً ، فإن الواقف – كما سنرى – يجوز أن يؤجر أعيان وقفه للمدة الطويلة ولا يجوز له إيجارها بالغبن الفاحش . فإذا تقرر وجوب إتباع أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بمدة الإيجار في الوقف ، وجب من باب أولى إتباع أحكامها المتعلقة بالغبن .
على أن محكمة النقض قضت بعد ذلك بأن القول بأن ناظر الوقف له أن يؤجر أعيانه ولو بغبن فاحش إنما هو خاص بتحديد العلاقة بين المستأجر وبين الناظر المؤجر له ومن يخلفه في النظر ، ولا يتعدى ذلك إلى المستحقين ولا يسري عليهم ، لأن الناظر إذا كان يتقاضى أجراً يعتبر مسئولا عن تقصيره وفقاً للقواعد الخاصة بعقد الوكالة . وقالت المحكمة في أسباب حكمها . “وإن كان القانون المدني الذي أجرت أطيان الوقف وقت سريانه في 27/6/1947 لم ينص عند تحديد العلاقة بين المؤجر والمستأجر على فسخ عقد الإيجار لغبن فاحش ، أو تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، إلا أن العلاقة بين ناظر الوقف والمستحق تحكم وفقاً لحكم المادة 50 من القانون رقم 48 لسنة 1946 ولأحكام الوكالة التي تقضي بمسئوليته ناظر الوقف الذي يتقاضى أجراً عن خطأه ( نقض مدني 8 ديسمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 213 ص 1551 ) .
( [2] ) ولم يتضمن القانون رقم 48 لسنة 1946 الذي قنن أحكام الوقف نصوصاً تتعلق بإيجار الوقف .
( [3] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 647 .
( [4] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 646 – ص 647 .
( [5] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 850 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وصار رقمه 662 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 661ن ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 634 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 661 – ص 663 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وقد قدمنا كيف كان يجري القضاء المختلط والقضاء الوطني في عهد هذا التقنين 0اف 781 في الهامش ) .
ويقابل في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 601 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 633 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
( [6] ) وحتى الوقف الخيري قد يكون في طريقه إلى الزوال فيما يتعلق بالأراضي الزراعية ، إذا صح أن هناك مشروعاً يقضي بتوزيع الأراضي الزراعية الموقوفة وقفاً خيرياً على صغار الفلاحين في مقابل سندات على الحكومة تغل ريعاً هو الذي يصرف على جهات البر . فلا يبقى عندئذ إلا المباني الموقوفة وقفاً خيرياً هي التي يسري عليها أحكام إيجار الوقف .
( [7] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 841 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة ، وصار رقمه 657 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 656 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 628 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 648 – ص 649 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة 65 ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 595 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 627 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراق : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
( [8] ) مباحث الوقف للشيخ محمد زايد ص 62 . وقال الفقيه أبو جعفر : لو انحصر الاستحقاق في واحد ولم يكن الوقف محتاجاً إلى ى العمارة ، ملك إجارته في الدور والحوانيت . وأما الأراضي ، فإن شرط الواقف تقديم الشعر والخراج وسائر المؤن وجعل للموقوف عليه الفاضل ، لم يكن له أن يؤجرها ، لأنه لو جاز كان كل الأجر له بحكم العقد فيفوت شرط الواقف . ولو لم يشترط يجب أن يجوز ، ويكن الخراج والمؤن عليه ( مباحث الوقف ص 87 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 65 هامش 2 ) .
( [9] ) ولو كان ناظراً على حصته ( استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1889م 2 ص 67 ) . وكما يملك الناظر الإيجار ، يملك كذلك إقالة المستأجر من عقد الإجارة ، لكن بشرط أن يكون فيها خير للوقف ، سواء أكان الناظر هو الذي باشر العقد أم باشره ناظر قبله ، وسواء أعجلت الأجرة أم لم تعجل ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 63 ) . ولناظر الوقف كذلك الحق في طلب إخلاء المستأجر ، ولا تتوقف مارسته لهذا الحق على إذن القاضي ( نقض مدني 27 أكتوبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 188 ص 1397 – 3 نوفمبر سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 192 ص 14233 ) . وقد صدر القانون رقم 657 لسنة 1953 معدلا لقانون إيجار الأماكن ، وهو يجيز لناظر الوقف إخلاء المكان المؤجر إذا أجره المستأجر من الباطن ، أو تنازل عن الإيجار ، وقد تقدم تفصيل ذلك ( انظر آنفاً فقرة 644 وما بعدها ) .
( [10] ) استئناف مختلط 16 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – وإذا شرط الواقف عدم إيجار أطيان الوقف وشرط زراعتها ، وجعل لنفسه ولكل من ذريته الشروط العشرة وتكراراها ، فإذا خالف الناظر وهو من ذرية الواقف هذا الشرط وأجر الأرض المشترط زراعتها ، لا يعد ذلك منه خيانة لأنه يملك تغيير هذا الشرط ( قرار شرعي رقم 30 يوليه سنة 1903 مجلة الأحكام الشرعية السنة الثانية عدد 7 ص 148 ) .
( [11] ) هنا وفي كل ما يأتي ، عندما يجيء ذكر المستحق في الوقف ، فإنما يكون ذلك عن الماضي ، فقد ألغي الوقف الأهلي كما قدمنا وألغيت معه طبقة المستحقين في الوقف . والوقف الخيري لا مستحق فه إلا جهة الخير التي رصد عليها .
( [12] ) فتوى شرعية 15 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 ص 642 – استئناف وطني 24 نوفمبر سنة 1913 ( دفتر قيد الخلاصات والأحكام – مسائل الوقف لعزيز خانكي فقرة 325 ) – استئناف مختلط 3 يناير سنة 1900م 12 ص 61 .
ومع ذلك قد يملك الوقوف عليهم حق الإيجار إذا قسمت الأعيان بينهم قسمة مهايأة ، ولا يملك الناظر في هذه الحالة إيجار الأعيان الموقوفة . وإذا أجر لا ينفذ إيجاره ، ويرجع عليه المستأجر بالتعويض ( استئناف مختلط 14 ديسمبر سنة 1898م 11 ص 43 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي قرة 323 الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 85 هامش 1 ) .
( [13] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 659 في الهامش .
( [14] ) انظر م 699 من مرشد الحيران – وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “أما من له حق إيجار الوقف فهو الناظر . ولا ينتهي الإيجار بموته أو بعزله ، بل يسري إيجاره الصحيح على الناظر الذي يأتي بعده . أما المستحق ، ولو انحصر فيه الاستحقاق ، فلا يملك الإيجار ، إلا إذا أذن له في ذلك الواقف أو الناظر أو القاضي” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 661 – ص 662 ) .
( [15] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 842 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عله في التقنين المدني الجديد ، وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 658 في المشروع النهائي . ووافق عله مجلس النواب تحت رقم 657 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 629 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 649 – ص 650 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 86 ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 596 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 628 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
( [16] ) ولكن الأجرة تستحق لمستحقين من وقت حلولها ، فلو كان الوقف على الفقراء ، وتحققت صفة الفقرة في مستحق قبل حلول الأجرة ، وانتفت عنه وقت الحلول ، لم يعتبر مستحقا . وبعكس ذلك يكون مستحقاً لو كان فقيرا وقت حلول الأجرة ، وإن انتفت عنه هذه الصفة وقت الاستحقاق ( الإيجار للمؤلف فقرة 67 ص 91 ) – ومع ذلك فقد قضت محكمة لانقض بأنه إذا توفي المستحق في وقف قبل حلول قسط إيجار أعيان الوقف ، كان لورثته الحق في جزء من الإيجار مناسب للمدة التي انقضت حتى وفاته ، أما باقي الإيجار فيكون من حق المستحق اللاحق ، إذ حق المستحق في الوقت هو حق انتفاع عينين وصاحب حق الانتفاع له ما يقابل مدة انتفاعه في أجرة العين محل الانتفاع ( نقض مدني 21 أبريل سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 130 ص 1006 – انظر عكس ذلك استئناف وطني 25 ديسمبر سنة 1912 المجموعة الرسمية 14 رقم 37 ص 68 – 19 يناير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 663 ص 812 – 17 ديسمبر سنة 1929 المحاماة 10 رقم 214 ص 434 – المادتين 366 و 382 من قانون العدل والإنصاف ) .
وليس للمستحق أن يرجع باستحقاقه على المستأجر لأنه لا يملك قبض الأجرة ، ولأن المستأجر مدين بالأجرة للوقف لا لمستحق بالذات ، والمستحقون يرجعون باستحقاقهم على ناظر الوقف ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 101 – ص 102 ) . ولكن يجوز للمستحقين أن يحجوا تحت يد المستأجرين لأعيان الوقف حجز ما للمدين لدى الغير حجزاً حفيظاً أو تنفيذيا ، حتى يستوفوا استحقاقهم ، وهو ثابت في ذمة ناظر الوقف والمستأجرون مدينون لهذا الأخير بالأجرة ( الإيجار للمؤلف فقرة 67 ص 91 هامش 2 ) .
ودائنو المستحق لا حق لهم فيما قبضه الناظر من أجرة قبل استحقاقها إذا مات المستحق قبل الاستحقاق ( استئناف مختلط 24 نوفمبر سنة 1931م 44 ص 24 ) .
كذلك ليس للمستأجر أن يخصم الأجرة من دين له في ذمة أحد المستحقين . وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أجرت بعض أعيان الوقف إلى شخص ليستد من الأجرة ديناً شخصياً له على أحد المستحقين في هذا الوقف ، ثم حكم بفسخ التأجير وعادت الأرض إلى حوزة الوقف ، فإن الوقف لا يكون مسئولا قبل الدائن عن ذلك الدين المستحق ( نقض مدني 16 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 349 ص 1095 ) .
( [17] ) استئناف مختلط 7 نوفمبر سنة 1935م 48 ص 15 – وإذا دفع المستأجر الأجرة لأحد نظار الوقف برئت ذمته ، إذ لكل ناظر ولاية قبض الأجرة ( استئناف وطني 3 أبريل سنة 1906 محمود عياشي الأولى ص 59 ) .
( [18] ) استئناف وطني 10 ديسمبر سنة 1896 عزيز خانكي فقرة 114 – استئناف مختلط 28 يناير سنة 1919 جازيت 9 رقم 182 ص 103 – وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “والناظر هو الذي يقبض الأجرة ، حتى لو كان المؤجر غيره ، إلا إذا أذن الناظر في القبض لغيره” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 664 ) .
( [19] ) الخبرية تاب الإجارة ص 109 .
( [20] ) مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 81 .
( [21] ) استئناف وطني 23 أبريل سنة 1903 عزيز خانكي فقرة 75 – استئناف مختلط 14 فبراير سنة 1894م 6 ص 168 – وقد صدر في هذا المعنى فتوى شرعية نصها ما يأتي : “تصرف الواقف الناظر على وقفه بتأجير أعيان الوقف للمدة المعينة بالسؤال – ثلاث سنوات – وقبضه أجرتها مقدماً صحيح معتبر شرعاً . وليس للناظر بعده مطالبة المستأجر بمبلغ الإجارة الذي أقر الناظر السابق بقبضه منه ، كما يعلم ذلك مما جاء بصحيفة 226 من الجزء الأول من تنقيح الحامدية طبعة أميرية سنة 1300 هجرية ، حيث قال جواباً عن سؤال ما نصه\ : ليس للناظر الجديد مطالبة المستأجر بدفع أجرتين للناظر . وللناظر الجديد مطالبة تركة الناظر السابق بالأجرة المذكورة ، لأن لمتولي الوقف مطالبة من بذمته شيء من غلة الوقف ، وذلك ما لم يحقق أنه صرفها في مصارف الوقف أو أنه مات مجهلا لها بالمعنى المشار إليه ، فإنه لا يضمن على ما أفتى به العلامة خير الدين الرملي ونقله عنه صاحب الفتاوى المهدية صحيفة 676 من الجزء الثاني” ( فتوى شرعية بتاريخ 28 شوال سنة 1340 المحاماة 3 ص 357 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 65 ص 86 هامش 2 ) .
ويجوز لناظر الوقف أن يحول الأجرة للغير في حدود الثلاث السنوات ، وتكون الحوالة ضماناً لمبلغ قبض من المحال له ( استئناف مختلط 29 يناير سنة 1946م 58 ص 31 ) . وتجوز حوالة الجرة إلى مستحق في مقابل نصيبه في الاستحقاق ( استئناف مختلط 27 ديسمبر سنة1900م 13 ص 90 ) .
( [22] ) استئناف مختلط أول مايو سنة 1923م 35 ص 417 – أما إذا قبض الناظر الأجرة معجلا مجاوزاً حدوده في الإيجار ، لم يجز للمستأجر أن يحتج بهذا الدفع على المستحق . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلط بأنه لا يصح لمستأجر أعيان الوقف أن يحتج على المستحق الجديد بأنه دفع إلى ناظر الوقف إيجار خمس سنوات عجلا ، لا سيما إذا كان دفع الإيجار حصل قبل تسلم أعيان الوقف بسنة تنفيذاً لعقود جددت إيجارات سابقة قبل انتهاء آجالها بخمس سنوات . فمثل هذه الأعمال خارجة عن حد التصرفات الجائزة للنظار شرعاً ، لأنها لست أعمالا متعلقة بالإدارة ، بل أعمالا فيها تصرف في الوقف لا يقع صحيحاً إلا إذا صدر به إذن من القاضي الشرعي لضرورة تسوغها مصلحة الوقف ( استئناف مختلط 7 أبريل سنة 1897م 10 ص 244 ) . وواضح من ظروف القضية أن هناك فوق ذلك تواطؤ بين الناظر والمستأجر .
( [23] ) الإيجار للمؤلف فقرة 66 ص 88 هامش 3 .
( [24] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 .
( [25] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 651 في الهامش – وفي الشريعة الإسلامية توجد حالة يتعين فيها على الناظر أن يؤجر لمستأجر بالذات ، وذلك إذا كان هذا المستأجر قد سبق أن استأجر الوقف وثبت له حق القرار في العين من بناء أو غراس قائم بحق ، فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجرة الثمل . وقد أخذت بهذا الحكم ، في عهد التقنين المدني القديم ، محكمة الاستئناف المختلطة ، فقضت بأنه لا يكون للباني أو الغارس في أرض الوقف حق أولوية استئجار العين الموقوفة إلا إذا بني أو غرس بإذن الناظر ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1901م 13 ص 106 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 ) . ولكن التقنين المدني الجديد لم ينقل هذا الحكم فيما نقله من أحكام الشريعة الإسلامية . وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ولم ينقل المشروع المادة 693 من مرشد الحيران ونصها ما يأتي : إذا انقضت مدة الإجارة تؤجر بأجر المثل لمن يرغب فيها ولو كان غير المستأجر الأول ، ما لم يكن للمستأجر الأولى حق القرار في العين المستأجرة . فإن كان له حق القرار من بناء أو غراس قائم بحق ، فهو أولى بالإجارة من غيره بشرط أن يدفع أجر المثل – فيكون المستأجر الذي بني أو غرس في أرض الوقف خاضعاً للأحكام العامة فيعقد الإيجارة” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) . وهنا نرى مثلا لمسألة لم يرد فيها نص من النصوص المتعلقة بإيجار الوقف في التقنين المدني . ولا تسري على هذه المسألة أحكام الشريعة الإسلامية رأساً ، بل تسري عليها أولا أحكام القانون المدني في عقد الإيجار . وقبل ذل تسري أحكام قانون إيجار الأماكن إذا كانت العين المؤجرة من المباني فيكون للمستأجر حق البقاء عن طريق امتداد الإيجار بحكم القانون بعد انتهاء مدته ، أو تسري أحكام قانون الإصلاح الزراعي في الأرض الزراعية فيمتد الإيجار في نصف المساحة بحكم القانون دون حاجة لأن يكون المستأجر قد غرس في الأرض . فإذا كانت العين المؤجرة أرضاً فضاء غير زراعية ، فتسري أحكام عقد إيجار بوجه عام ، فلا يكون للمستأجر حق البقاء في الأرض ولو بني فيها أو غرس . وهذا ما تشير إليه المذكرة الإيضاحية عندما قالت : “فيكون المستأجر الذي بني أو غرس في أرض الوقف خاضعاً للأحكام العامة في عقد الإيجار” .
( [26] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 843 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عيه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 659 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 658 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 630 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 650 – ص 653 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به ( الإيجار للمؤلف فقرة66 )ز
ويقابل النص في التقنين المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 597 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 629 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
( [27] ) مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 64 – أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 115 – استئناف مختلط 27 يونيه سنة 1917م 29 ص 520 .
( [28] ) فإذا استأجر أحد من هؤلاء الوقف بغبن فاحش أو بغبن يسير ، لم يقع العقد باطلا ، بل يلزم المستأجر بدفع أجر المثل وإلا فسخ العقد . ويجوز كذلك عزل الناظر .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز أن يؤجر الناظر الوقف لولده عن طريق المزاد ( استئناف مختلط 25 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 25 ) . ولكنها قضت من جهة أخرى بأن يكون إيجار الوقف بأجر المثل ولو تم التأجير من طريق المزاد ( استئناف مختلط 9 نوفمبر سنة 1937م 50 ص 12 ) . ومعنى ذلك أنه يجوز للناظر أن يؤجر الوقف لولده عن طريق المزاد ، بشرط أن تبلغ الأجرة التي رسا بها المزاد أجر المثل على الأقل .
( [29] ) أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 116 .
( [30] ) المحكمة العليا الشرعية 30 أبريل سنة 1917 المحاماة 8 رقم 396 ص 607 .
( [31] ) تاريخ النصوص : ورد هذان النصان معاً ( م 631 و م 632 ) في المادة 845 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بأقل من أربعة أخماس أجر المثل ، ولو كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، هذا مع عدم الإخلال بالغبن الوارد بالفقرة الثانية من المادة 843 . 2 – إذا أجر المتولي الوقف بأقل من أربعة أخماس أجر المثل ، كان للمستأجر أن يطلب الفسخ أو أن يدفع أجر المثل” . وفي لجنة المراجعة اقترح تعديل الفقرة الأولى بما يجعل حكم إجارة المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف جائزة بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . فوافقت اللجنة على ذلك ، وأصبح نص المادة كما يأتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . 2- والغبن الفاحش هو ما يزيد على خمس أجرة المثل . والعبرة في تقدير أجرة المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك . 3- وإذا أجر المتولي الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أربعة أخماس أجرة المثل ، وإلا فسخ العقد” . وأصبح رقم المادة 660 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب على النص تحت رقم 659 . وفي لجنة مجلس الشيوخ تقرر إفراد الفقرة الثانية من النص بمادة خاصة تالية تجري على الوجه الآتي : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” . وبذلك أصبحت الفقرة الثالثة من النص فقرة ثانية ، وعدلت على الوجه الآتي” : “وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . ورأت اللجنة ألا تعين نسبة الغبن الفاحش في هذه النصوص ، وتركت تقدير هذه النسبة لأحكام الشريعة الإسلامية . وأصبح هناك مادتان لا مادة واحدة . الأولى هي المادة 631 ، وتضم الفقرتين الأولى والثالثة ، فتجري على الوجه الآتي : “1- لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش ، إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف ، فتجوز إجارته بالغبن الفاحش في حق نفسه لا في حق من يليه من المستحقين . 2- وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . والثانية هي المادة 632 ، وتقتصر على الفقرة الثانية ، فتجري على الوجه الآتي : “في إجارة الوقف تكون العبرة في تقدير أجر المثل بالوقت الذي أبرم فيه عقد الإيجار ، ولا يعتد بالتغيير الحاصل بعد ذلك” . ووافق مجلس الشيوخ على المادتين بها الترتيب ، وعلى الوجه الذي عدلتهما به لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 652 – ص 658 ) .
وعند نقل هذه النصوص ، وقع خطأ مادي في نقلها . إذ جاءت المادة 631 مقصورة على فقرتها الأولى دون الفقرة الثانية ، ومع ذلك رقمت في الطبعة الرسمية للتقنين المدني برقم 1 ، دون أن تتلوها فقرة تحمل رقم 2 . وهذا يؤكد أن المادة631 نقلت غير كاملة ، وتنقصها الفقرة الثانية . وهذه الفقرة الثانية التي تنقص المادة 631 نقلت خطأ إلى المادة 632 ، وأدرجت فيها على أنها الفقرة الثانية .
ولا مقابل للنصين في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامهما كانت معمولا بها في القضاء المختلط دون القضاء الوطني ( انظر آنفاً فقرة 781 في الهامش – الإيجار للمؤلف ص 67 ) .
ويقابل النصان في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 598 – 599 ( مطابقتان ) .
التقنين المدني الليبي م 630 ، 631 ( مطابقتان ) .
التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في الموضوع .
( [32] ) انظر في عهد التقنين المدني القديم : استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1912م 35 ص 51 – 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – 18 أبريل سنة1917م 29 ص 381 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 – 17 يناير سنة 1928م 40 ص 1 – 5 يناير سنة 1932م 44 ص 201 – 17 نوفمبر سنة 1936م 49 ص 13 – مصر الكلية الوطنية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 64 ص 138 – العطارين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 901 .
انظر آنفاً فقرة 781 في الهامش .
( [33] ) أحكام الوقف للشيخ احمد إبراهيم ص 136 في الهامش – استئناف مختلط 18 أبريل سنة 1917م 29 ص 381 .
( [34] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 655 – وانظر آنفاً فقرة 787 في الهامش .
( [35] ) ويلاحظ وجوب تطبيق قانون إيجار الأماكن في المبنى الموقوف ، وقانون الإصلاح الزراعي في الأرض الموقوفة ، فلا يجوز إيجار العين الموقوفة باجرة تزيد على الحد الأقصى الذي فرضه هذان التشريعان .
( [36] ) قرار شرعي رقم 3 أكتوبر سنة 1906 مجلة الأحكام الشرعية عدد 8 ص 184 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي فقرة 384 – ومن استوفى منفعة وقف ، ولو كان بتأويل ملك أو عقد ، يلزم أجر المثل . ودعوى عمارة المستأجر لأماكن الوقف بمصيرها قابلة للسكن لا يسقط عنه ضمان أجر المثل ( قرار شرعي 18 نوفمبر سنة 1906 مجلة الأحكام الشرعية عدد 5 ص 272 – مسائل الأوقاف لعزيز خانكي فقرة 355 ) – وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن ليس للمستأجر إنقاص أجر المثل لما قام به من العمارة ، وكل ما له أن يطلب حق الأولوية في المدة التالية : ( استئناف مختلط 8 يناير سنة 1908م 30 ص 272 : وحق الأولوية في الاستئجار الذي تشير إليه المحكمة هو حق الأولوية المبني على حق القرار في العين لبناء أو غراس قائم بحق ، وقد قدمنا أن التقنين المدني الجديد أغفل هذا الحق ولم ينقله فيما نقل من أحكام الشرعية الإسلامية في إيجار الوقف : انظر آنفاً فقرة 785 في الهامش ) .
( [37] ) وقد جاء في صدر المادة 631 مدني : “لا تصح إجارة الوقف بالغبن الفاحش إلا إذا كان المؤجر هو المستحق الوحيد الذي له ولاية التصرف في الوقف . .” . والذي له ولاية التصرف في الوقف هو الناظر .وقد يكون أيضاً غير الناظر بأن يكون مأذوناً من الناظر أو من الواقف أو من القاضي ، فيصح إذن أن يؤجر أحد هؤلاء الوقف بغبن فاحش إذا كان هو المستحق الوحيد ( سليمان مرقس فقرة 322 ص 610 ) .
( [38] ) انظر عكس ذلك م 688 من مرشد الحيران ، وتنص على أنه “لا تصح إجارة الوقف بأقل من أجر المثل إلا بغبن يسير ، ولو كان المؤجر هو المستحق الذي له ولاية التصرف في الوقف” . انظر أيضاً في هذا المعنى في عهد التقنين المدني القديم استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 152 ( ويقرر الحكم أنه لا فرق بين ما إذا كان الناظر المؤجر هو ناظر الوقف والمستحق الوحيد فيه وبين ما إذا كان ه الواقف والناظر في الوقت ذاته ، لأن الوقف له شخصية مستقلة عن شخصية الواقف والمستحق ، فتجب حماية مصالح الوقف ولو ضد هؤلاء ، ولا يصح أن يتنازل النظار ولو كان هو الواقف عن دعوى تكملة الأجرة للغبن حتى لو صادق على هذا التنازل جميع المستحقين الموجودين ) – وانظر أيضاً استئناف مختلط 20 مايو سنة 1930م 42 ص 435 .
( [39] ) انظر في هذا المعنى في عهد التقنين المدني القديم فتوى شرعية في 6 ماس سنة 1924 المحاماة 5 ص 561 – استئناف مختلط 21 يونيه سنة 1916م 28 ص 440 – وانظر م 689 من مرشد الحيران وتنص على أنه “إذا أجر المتولي بغبن فاحش لا يدخل تحت التقويم نقصاً في أجر المثل ، فالإجارة فاسدة ، ويلزم المستأجر إتمام أجر المثل ودفع ما نقص منه في المدة الماضية من حين العقد” .
( [40] ) وكان المشرع النهائي للتقنين المدني الجديد ينص على أنه “إذا أجر المتولي الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أربعة أخماس أجر المثل ، وإلا فسخ العقد” . فعدل هذا النص في لجنة مجلس الشيوخ على الوجه الآتي : “وإذا أجر الناظر الوقف بالغبن الفاحش ، وجب على المستأجر تكملة الأجرة إلى أجر المثل وإلا فسخ العقد” . واستقر النص على هذا الوجه في التقنين المدني الجديد ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 654 – ص 655 – وانظر آنفا فقرة 787 في الهامش ) . وقد أصبح النص بعد هذا التعديل موافقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، فإن هذه تقضي بأنه إذا أجر الناظر الوقف بغبن فاحش ، وجبت تكملة الأجرة إلى أجرة المثل ( م 689 مرشد الحيران – أحكام الوقف والمواريث للشيخ أحمد إبراهيم ص 137 ) .
( [41] ) مصر الكلية مستعجل 19 فبراير سنة 1952 المحاماة 32 رقم 502 ص 1511 – فإذا انتهى العقد قبل أن يطلب الناظر تكملة الأجرة لم يعد هذا الطلب مجدياً فإن الجزاء عليه هو فسخ العقد والعقد قد انتهى ( عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285 ص 530 ) .
( [42] ) مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 80 – ص 81 .
( [43] ) استئناف وطني 4 يونيه سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 رقم 73 ص 168 .
( [44] ) استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928م 40 ص 142 ( قارن عكس ذلك استئناف مختلط 26 فبراير سنة 1913 الجازيت 4 رقم 108 ص 42 ) .
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “وإذا عقد إيجار بغبن فاحش ، خير المستأجر بين الفسخ ودفع أجر المثل ، ويستطيع الناظر الذي صدر منه الإيجار أن يطالب بذلك” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) .
( [45] ) مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 90 – وتنص المادة 670 من مرشد الحيران في هذا المعنى على أنه “إذا أجر المتولي دار الوقف أو أرضه مدة معلومة ، فنقص اجر المثل قبل انتهائها عما كان وقت العقد ، فلا ينقص شيء من الأجر المسمى ولا يفسخ العقد” .
( [46] ) يقول بعض فقهاء الشريعة الإسلامية بعدم مراعاة الزيادة ، لأننا لم نراع النقص لمصلحة المستأجر فلا يجب أن نراعى الزيادة لمصلحة الوقف ، ولأن أجر المثل إنما يعتبر وقت العقد لا بعده ، ولأن المستأجر ملك المنفعة في وقت محدود وبأجر مخصوص فلا يبطل حقه ( مباحث الوقف للشيخ محمد زيد ص 91 ) – ويقول الشيخ احمد إبراهيم في هذه المسألة : “أقول إن القواعد تقضي باحترام العقد وشروطه حتى تنتهي المدة . والعدل يقضي إما بهذا وإما بمراعاة حالتي الزيادة والنقص جميعاً . ولا معنى لتفضيل مصالح الموقوف عليهم . . فلا ينبغي للناس أن يأكلوا الوقف ويغتاله باطلا ، ولا ينبغي للوقف أن يأكل الناس ويغتالهم باطلا ، وأما قاعدة “يفتى بما هو انفع للوقف مما اختلف فيه العلماء” ، فليس محلها عدم احترام العقود الشرعية الصحيحة الواجبة الوفاء بها بالنصوص المشددة والمؤكدة . وإنما محلها أنه إذا وجد رأيان اجتهاديان الأخذ بأحدهما أنفع للوقف ، وجب الأخذ به ، كما في حكم منافع الغصب ، وأما المساس بالحقوق المكتسبة فلا ، إلا إذا حوفظ على التوازن والعدل في المعاملات بين الناس ، لا فرق في ذلك بين وقف وملك ، إذ الكل تعود منفعته وضرره الحقيقيان على الناس على السواء” ( أحكام الوقف والمواريث للشيح احمد إبراهيم سنة 1938 ص 139 هامش 1 ) .
( [47] ) هذا إذا لم تكن العين مشغولة ببناء أو بزرع أو بغرس للمستأجر . فإن كانت مشغولة بما له نهاية معلومة ( زرع ) ، تترك الأرض في يد المستأجر إلى أن يحصد الزرع ، ويدفع الزيادة في أجر المثل من وقت نشوئها إلى وقت حصاد الزرع ، ثم يفسخ العقد بعد ذلك . وإن كانت مشغولة بما ليس له نهاية معلومة ( بناء أو غرس ) ، لا يفسخ العقد ، بل يلزم المستأجر بدفع أجرة المثل ، وهذا في مصلحته . وتنص المادة 691 من مرشد الحيران في هذا المعنى على ما يأتي : “إذا زاد أجر المثل في نفسه ، لكثرة الرغبات العمومية فيه لا لتعنت ، في أثناء مدة الإجارة زيادة فاحشة ، تعرض على المستأجر ، فإن رضيها فهو أولى من غيره ويعقد معه عقد ثان بالأجرة الثانية من حين قبولها إلى تمام مدة الإجارة ، ولا يلزمه إلا المسمى عن المدة الماضية” . وتنص المادة 692 على أنه “إذا لم يقبل المستأجر الزيادة المعتبرة العارضة في أثناء مدة الإجارة ، يفسخ العقد ويؤجر لغيره ، ما لم تكن العين المستأجرة مشغولة بزراعته ، فإن كانت كذلك يتربص إلى أن يستحصد الزرع ، وتضاف عليه الزيادة من وقتها إلى حصاد الزرع وفسخ العقد” .
( [48] ) استئناف مصر 9 مارس سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 151 ص 403 – مصر الكلية 4 أبريل سنة 1937 المجموعة الرسمية 38 رقم 138 ص 369 – عابدين 19 فبراير سنة 1950 المحاماة 30 رقم 285 ص 530 – استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1889 المجموعة الرسمية المختلطة 14 ص 282 – العاطرين 2 نوفمبر سنة 1930 المحاماة 12 رقم 448 ص 601 – المنشية 16 أبريل سنة 1931 الجريدة القضائية 115 ص 13 .
( [49] ) وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ولم ينقل المشروع أحكام الشريعة الإسلامية في حالة ما إذا نقص أجر المثل أو زاد قبل انتهاء الإيجار – م 690 – 692 مرشد الحيران – وآثر استقرار التعامل يجعل الأجرة المتفق عليها هي التي تسري إلى أن ينتهي الإيجار” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 662 ) – انظر مصر الكلية مستعجل 19 فبراير سنة1952 المحاماة 12 رقم 504 ص 1511 .
( [50] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 848 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- وفي كل حال لا يجوز للناظر أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين ولو كان ذلك بعقود مترادفة ، إلا إذا أذن له القاضي في ذلك . فإذا عقدت الإجارة لمدة أطول ، أنقصت المدة إلى ثلاث سنين . 2- ومع ذلك إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد ، جاز له أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنين بلا حاجة إلى إذن القاضي وهذا دون إخلال بحق الناظر الذي يخلفه في طلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنين” . وفي لجنة المراجعة . أدخل تعديل لفظي على الفقرة الأولى ، وفي الفقرة الثانية عدلت عبارة “إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد” على الوجه الآتي : “إذا كان الناظر هو الواقف أو المستحق الوحيد” . وأصبح النص بذلك مطابقاً عليه استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 661 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 660 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 633 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 658 – ص 660 ) .
وأن مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامه في مجموعها كانت معمولا بها ( الإيجار للمؤلف فقرة 68 ) .
ويقابل النص في التقنينات المدنية العربية الأخرى :
التقنين المدني السوري م 600 ( مطابق ) .
التقنين المدني الليبي م 632 ( مطابق ) .
التقنين المدني العراقي : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع .
تقنين الموجبات والعقود اللبناني : لم ترد فيه نصوص في هذا الموضوع :
( [51] ) وتنص المادة 686 من مرشد الحيران على أنه “إذا أهمل الواقف تعيين مدة الإجارة في الوقفية ، تؤجر الدار أو الحانوت سنة والأرض ثلاث سنين ، إلا إذا كانت المصلحة تقتضي الزيادة في إجارة الدار والحانوت أو النقص في إجارة الأرض” .
( [52] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 654 في الهامش .
( [53] ) وكان القضاء المختلط ، في عهد التقنين المدني القديم ، لا يفرق ين الأرض والمباني ، فيجيز الإيجار لمدة ثلاث سنوات في الجميع وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن يجوز لناظر الوقف أن يؤجر أعيان أو أطيان الوقف لمدة ثلاث سنوات بدون احتياج إلى استصدار إذن من القاضي ، سواء كان الشيء المؤجر عقاراً أو أطياناً زراعية ، وقد ورد في أسباب هذا الحكم ما يأتي : “إن زعم وزارة الأوقاف بأن الناظر لا يجز له أن يؤجر الدور والدكاكين الموقوفة لمدة تزيد على سنة بدون إذن القاضي يخالف القضاء الذي جرت عليه المحاكم المختلطة من قديم الزمان بألا فرق بين الدور والأطان الزراعية في ذلك . ومن يراجع كتاب موسيو كلافل في الوقف جزء 2 ص 90 يجد ما يأتي : يعتبر أبو ليث العقود التي لا تزيد مدة إيجارها على ثلاث سنوات محتمة نافذة بدون التمييز بين دور السكن والأطيان الزراعية . وقدري باشا نفسه الذي يرتكن عليه المستأنف يظهر أنه يمل إلى تأييد هذا الرأي ، لأنه يقول بأن الناظر له أن يؤجر الدور الموقوفة لمدة تزيد على سنة إذا كان التأجير لهذه المدة فيه مصلحة لجهة الوقف . وقد تظهر مصلحة الوقف في التأجير لمدة تزيد على سنة في العقارات أكثر من الأطيان الزراعية ، وفي حادثتنا هذه قد بني المستأجر بماله الخاص ، ولكن لمصلحة الوقف ، مباني مهمة أضافها إلى العقار المؤجر له وهو المعروف بقهوة ألف ليلة وليلة . .” ( استئناف مختلط أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 ) – انظر أيضاً في هذا المعنى استئناف مختلط 12 ديسمبر سنة 1889 م 2 ص 67 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 132 – 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 – ولكن القضاء الوطني ، في عهد التقنين المدني القديم ، كان يميز بين الأراضي الزراعية والمنازل ، فلا يجيز في المنازل الإيجار لمدة تزيد على سنة إلا بإذن القاضي . وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه ليس لناظر الوقف أن يؤجر منزلا موقوفاً لمدة تزيد على سنة إلا بإذن القاضي ، ولو كانت هناك ضرورة قصوى بأن تخرب المنزل مثلا ولم يكن تحت يد الناظر ريع للوقف يكفي لتعميره وتعهد المستأجر بدفع المصروفات اللازمة للعمارة بشرط أن تعقد الإجارة لمدة طويلة حتى يتسنى له خصم المصروفات التي صرفها من قيمة الأجرة ، فإذا لم يكن هناك إذن من القاضي كانت الإجارة الصادرة في هذه الحالة باطلة ، وليس للمستأجر حبس العين لحين وفاء دينه ( استئناف وطني 21 مايو سنة 1921 المجموعة الرسمية 24 رقم 7 ص 9 ) .
( [54] ) بل إنه إذا اشترط الواقف في كتاب وقفه أن تكون مدة الإجارة اقل من ثلاث سنوات ، وجب على الناظر أن يتقيد بكتاب الوقف فلا يؤجر لأكثر من المدة المذكورة فيه ، إذ أن شرط الواقف كنص الشارع ( استئناف وطني 18 نوفمبر سنة 1902 الحقوق 17 رقم 129 ص 262 – 13 فبراير سنة 1906 عزيز خانكي فقرة 350 – استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 سليمان مرقس فقرة 323 ص 615 – محمد كامل مرسي فقرة 335 ص 430 هامش 3 وقرب منصور مصطفى منصور فقرة 266 ص 661 ) .
( [55] ) وقد قضي بأنه إذا أجر الناظر الوقف بعقود مترادفة كل عقد منها لمدة ثلاث سنوات ، فلا يصح منها إلا العقد الأول ، أما العقود الأخرى فباطله لما فيها من الضرر بالوقف ( استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 424 ص 860 ) .
( [56] ) استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1901 المجموعة الرسمية 4 ص 69 – 19 ديسمبر سنة 1903 الحقوق 18 ص 105 – 25 يناير سنة 1910 المجموعة الرسمية 11 ص 217 – 12 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 571 ص 746 – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1898م 10 ص 216 ( حتى لو صدرت إجارتان لشخصين مختلفين مجموعها أكثر من ثلاث سنوات ) – 15 فبراير سنة 1906م 18 ص 121 – 8 نوفمبر سنة 1906م 9 ص 7 – 17 فبراير سنة 1910م 22 ص 152 ( ولو جددت الإيجارات لأشخاص مختلفة ) – 6 يناير سنة 1916م 28 ص 95 – 29 مايو سنة 1917م 29 ص 458 .
( [57] ) استئناف مختلط 30 أبريل سنة 1912 م 25 ص 351 – وانظر أيضاً استئناف مصر 21 ديسمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 424 ص 860 – مصر الكلية الوطنية 26 يناير سنة 1931 المحاماة 12 رقم 78 ص 132 – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1898م 10 ص 216 .
( [58] ) استئناف وطني 4 يونيه سنة1907 المجموعة الرسمية 1908 رقم 73 – 28 مايو سنة 1911 المجموعة الرسمية 12 ص 222 .
( [59] ) استئناف وطني 24 أكتوبر سنة1893 المحاكم 5 ص 325 – 20 ديسمبر سنة1894 القضاء 2 ص 99 – 18 نوفمبر سنة 1902 المجموعة الرسمية 6 ص 7 – الإسكندرية الوطنية 22 ابريل سنة 1907 المجموعة الرسمية 9 ص 72 – استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 125 – 8 يناير سنة 1918م 30 ص 99 – ولا يستطيع المستأجر أن يحتج بعدم علمه بحدود سلطة ناظر الوقف في الإيجار ، وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأن ادعاء الأشخاص الذين تعاقدوا مع ناظر الوقف بأنهم لا يعلمون ما اشتمل عليه كتاب الوقف من الشروط لا يعتد به ، والواجب أن يطلبوا من الناظر الاطلاع عليه وعلى تقرر النظر ( استئناف وطني 19 ديسمبر 1901 المجموعة الرسمية 4 رقم 69 ص 29 ) . ويحكم للمستأجر على الناظر بالتعويض إذا كان هذا الأخير سيء النية ( استئناف وطني 30 ديسمبر سنة 1894 القضاء 2 ص 99 – بني سويف الاستئنافية 25 يوليه سنة 1893 الحقوق 9 ص 15 ) .
( [60] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز أن يرفع مدير الأوقاف المنضم في النظر إلى ناظر الوقف دعوى بطلان الإيجار الصادر من هذا الأخير ( استئناف مختلط 17 فبراير 1901م 22 ص 125 ) .
( [61] ) عكس ذلك استئناف وطني 12 مارس سنة1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – سليمان مرقس فقرة 617 .
( [62] ) وعلى ذلك فالظاهر أن ناظر الوقف الذي أجر لمدة أطول من ثلاث سنوات له أن يؤجر لمستأجر آخر بعد انقضاء الثلاث السنوات الأولى ، ويجوز للمستأجر الثاني ، بعد إدخال الناظر في الدعوى ، أن يتمسك ضد المستأجر الأول بإنقاص مدته إلى ثلاث سنوات ( استئناف وطين 20 ديسمبر سنة1894 الحقوق 10 ص 7 – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 68 ص 95 هامش 2 ) .
( [63] ) استئناف مختلط 11 مارس سنة 1914م 26 ص 265 – وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه ليس للناظر أن يؤجر أعيان الوقف لأكثر من ثلاث سنوات ، وعلم الناظر الذي عين بعد وفاة الناظر الأول بتلك العقود لا يفيد قبوله بها ( استئناف وطني 9 ديسمبر سنة1914 الشرائع 2 ص 118 ) .
( [64] ) استئناف وطني 18 مايو سنة 1911 المجموعة الرسمية 13 ص 220 – 21 مايو سنة 1921 المحاماة 2 رقم 26 ص 68 – 13 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – 16 فبراير سنة 1934 المجموعة الرسمية 34 رقم 44 ص 83 – استئناف مختلط 21 فبراير سنة 1878 المجموعة الرسمية المختلطة 3 ص 128 – 20 فبراير سنة 1879 المجموعة الرسمية المختلطة 4 ص 149 – 12 يناير سنة 1905م 17 76 – 22 فبراير سنة 1912م 24 ص 164 – 28 يناير سنة1916م 28 ص 95 .
وقد نصت المادة 677 من مرشد الحيران على انه “لا يجوز لغير اضطرار إجارة دار الوقف أو أرضه إجارة طويلة ولو بعقود مترادفة . فان اضطر إلى ذلك لحاجة عمارة الوقف بأن تخرب ولم يكن له ريع يعمر به ، جاز لهذه الضرورة إجارتها بإذن القاضي مدة طويلة بقدر ما تعمر به” – وإذا أذن القاضي في الإيجار لمدة طويلة لوجود مسوغ لذلك ، كان هذا الإذن منصرفاً إلى مدة واحدة فقط ، فلا يجوز الإيجار لمدة طويلة مرة أخرى إلا بإذن جديد ( استئناف وطني 13 مارس سنة1924 المحاماة 4 رقم 492 ص 647 – استئناف مختلط 26 يناير سنة 1926م 38 ص 200 ) .
( [65] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 663 .
( [66] ) استئناف وطني 15 مارس سنة 1906 المجموعة الرسمية 7 ص 155 – 12 مارس سنة 1924 المحاماة 4 رقم 571 ص 746 – الفشن 19 أبريل سنة 1926 المحاماة 7 رقم 257 ص 380 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1898م 10 ص 223 – 7 أبريل سنة1898م 10 ص 235 – 7 يونيه سنة 1900م 12 ص 316 – 25 مايو سنة 1904م 16 ص 266 – أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 – 20 مايو سنة 1930م 42 ص 505 – عكس ذلك استئناف مختلط 11 ديسمبر سنة 1889م 2 ص 67 .
( [67] ) انظر آنفاً فقرة 788 .
( [68] ) استئناف مختلط 25 مايو سنة 1904م 16 ص 266 – أول مايو سنة 1923 الجازيت 13 رقم 325 ص 192 – الفشن 19 أبريل سنة 1926 المحاماة 7 رقم 257 ص380 .
( [69] ) وقد قضي في عهد التقنين المدني القديم بأنه يجوز لناظر الوقف أن يؤجر الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ولو لم يكن هو المستحق الوحيد إذا وافقه على ذلك جميع مستحقي الوقف الموجودين ( استئناف وطني 3 يناير سنة 1905 الاستقلال 4 ص 172 ) . ومع ذلك فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه لا يجوز التوسع في القاعدة التي تقضي بأن لناظر الوقف أن يؤجر لمدة أكثر من ثلاث سنوات إذا كان هو المستحق الوحيد أو إذا صادق على الإيجار جميع مستحقي الوقف ، لأن الوقف شرع لحماية أولاد الواقف من ضعفهم ومن احتياجهم ، والشارع عني أيضاً بحماية الوقف نفسه من عدوان المستحقين عليه ، فالعقد الذي تتجلى فيه دلائل انتهاز المستأجر فرصة ضعف الناظر والمستحقين لاستصدار إجارة منهم لمدة طويلة باطل لا يمكن للقضاء أن يقره ( استئناف مختط 26 يناير سنة 1926 المحاماة 6 ص 728 ) .
( [70] ) وهذا بخلاف الأجرة ، إذ لا يجوز للواقف ، إذا لم يكن هو المستحق الوحيد ، أن يؤجر بغبن فاحش . والظاهر أن الفرق بين الحالتين هو أن الإيجار بغبن فاحش محقق الضرر ، أما الإيجار لمدة طويلة ، فالضرر فيه محتمل غير محقق . وقد جاء في إحدى الفتاوى الشرعية : “المنصوص عليه شرعاً أنه يجوز للواقف أن يؤجر أعيان وقفه أكثر من ثلاث سنين ، كما يؤخذ ذلك مما ذكره العلامة ابن عابدين في رد المحتار على الرد المختار بصحيفتي 614 و 615 من الجزء الثالث طبعة أميرية لسنة 1286 ونصه : تنبيه : محل ما ذكر من التقييد ما إذا كان المؤجر غير الواقف ، لما في القنبة أجر الواقف عشر سنين ثم مات بعد خمس وانتقل إلى مصرف آخر ، انتقضت الإجارة ويرجع بما بقي في تركة الميت” ( فتوى شرعية في 7 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 ص 168 ) . وجاء في فتوى أخرى : “لواقف أن يؤجر أعيان وقفه سنين كثيرة متى كان التأجير بأجر المثل مراعيا فيه مصلحة الواقف ، كما يؤخذ من لسان الحكام نقلا عن المنبع ومن رد المحتار نقلا عن القنبة والله أعلم” ( فتوى شرعية في أول يونيه سنة 1921 المحاماة 4 رقم 51 ص 58 ) – وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 58 ص 91 هامش 3 .
( [71] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 653 .
وقد جاء في المادة 683 من مرشد الحيزان : “يراعى شرط الواقف في إجارة وقفه ، فإن عين الواقف مدة الإجارة اتبع شرطه ، وليس للمتولي مخالفته” – وجاء في المادة 684 : “إذا كان لا يرغب في استئجار الوقف المدة التي عينها الواقف ، وكانت إجارتها أكثر من تلك المدة أنفع للوقف وأهله ، يرفع المتولي الأمر إلى القاضي ليؤجرها المدة التي يراها أصلح للوقف” . وجاء في المادة 685 : “وإذا عين الواقف المدة ، واشترط إلا يؤجر أكثر منها إلا إذا كان انفع للوق وأهله ، فللقيم أن يؤجرها المدة التي يراها خيراً للوقف وأهله بدون إذن القاضي” .
( [72] ) جاء في ابن عابدين : “محل ما ذكر من التقييد ما إذا كان المؤجر غير الواقف ، لما في القنبة أجر الواقف عشر سنين ثم مات بعد خمس وانتقل إلى مصرف آخر ، انتقضت الإجارة ويرجع بما بقي فقي في تركة المبيت ( ابن عابدين 3 ص 614 – ص 615 ) .