عقود الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع
794- الإيجارات طويلة المدة : إلى جانب الإيجار الموقت الذي كان محل البحث إلى هنا وهو إيجار محدود المدة في بداية أمره على الأقل ، توجد إيجارات طويلة المدة يعرفها كثير من الشرائع ، وكان بعضها عند نشأته التاريخية إيجاراً دائمياً . والإيجار الدائمي أو طويل المدة يسد حاجة اقتصادية وحاجة اجتماعية . أما الحاجة الاقتصادية فهي تعمير الأراضي والمباني الخربة التي لا يستطيع الملاك تصليحها ، فيؤجرونها إلى من يستطيع ذلك ، ويميل المستأجر في الغالب إلى أن يكون الإيجار دائمياً أو لمدة طويلة حتى يطمئن إلى أن الأموال $1434 التي سينفقها في التصليح والتعمير ستثمر ولو بعد زمن طويل ثمرة يساهم في جنيها . والحاجة الاجتماعية هي رغبة طبقة الملاك أن يبقوا ملاكاً ، مع جعل حق الملكة يتجزأ بينهم وبين من هم أكثر صلاحية منهم لاستغلالها( [1] ) .
وقد عرفت مصر والبلاد العربية الأخرى ، ولا تزال تعرف حتى اليوم ، ضروباً من هذه الاجارات الدائمية أو طويلة المدة . كما عرفت ذلك ولا تزال تعرفه البلاد الغربية .ونستعر في عجالة سريعة بعضاً مما تعرف البلاد العربية وما تعرفه فرنسا باعتبارها البلد الغربي الذي يتصل بمصر اتصالا قانونياً وثيقاً . ثم نتفرغ بعد ذلك لبحث هذه الإجارات في مصر .
يعرف التقنين المدني السوري حق السطحية ( م 994 – 997 مدني سوري ) وحق الإجارتين ( م 1004 – 1016 مدني سوري ) وحق المقاطعة أو الإجارة الطويلة ( م 1017 – 1027 مدني سوري ) . فحق السطحية هو حق المالك في أبنية أو منشآت أو أغراس قائمة على أرض هي لشخص آخر ، ويسقط هذا الحق بهدم الأبنية أو المنشآت أو نزع الأغراس القائمة على الأرض . وقد نصت المادة 997 من التقنين المدني السوري على أن “يظل ممنوعاً إنشاء حق سطحية جديد . وعقد الإيجارتين “عقد يكتسب بموجبه شخص ما ، بصورة دائمة ، حق استعمال عقار موقوف واستغلاله ، مقابل تأدية ثمنه . ويقوم هذا الثمن بمبلغ معين من المال يعتبر كبدل إيجار معجل معادل لقيمة الحق المتفرغ عنه ، ويضاف إلى ذلك المبلغ مرتب دائم بمعد 3 بالألف من قيمة العقار حسبما تحد القيمة المذكورة بالتخمين المتخذ أساساً لجباية الضريبة العقارية” . ولصاحب الإجارتين الحق في استعمال العقار واستلاله كمالك حقيقي ، وله أن يشتري في أي وقت ملكية العقار المجردة مقابل بدل معادل لقيمة ثلاثين قسطاً سنوياً . والإجارة الطويلة “عقد يكتسب به صاحبه ، مقابل بدل معين ، حق إحداث ما شاء من الأبنية وغرس ما شاء من الأعراس في عقار موقوف” .ولا يكون عقد الإجارة الطويلة إلا بالمقاطعة ، أي ببدل سنوي مقطوع ، ويكون هذا البدل مبلغاً معينا من المال معادلا لقيمة الحق المتفرغ عنه مضافاً إلى ذلك المبلغ مرتب دائم بمعدل 2 .5 بالألف من قيمة العقار كما هي محددة فالتخمين المتخذ $1435 أساساً لجباية الضريبة للعقارية . وصاحب حق المقاطعة مالك لكل الأبنية المشيدة ولكل الأغراس المغروسة في العقار الموقوف ، ويجوز له أيضاً أن يشتري الملكية المجردة للأرض ذاتها في أي وقت مقابل بدل معادل لقيمة ثلاثين قسطاً سنويا . وإذا لم يبق في الأرض أثر للأبنية أو للأغراس ، سقط عن صاحب المقاطعة حقه إذا من يجدد هذه الأبنية أو الأغراس بعد إنذار موجه إليه من متولي الوقف .
ويعرف التقنين المدني العراقي حق المساطحة ( م 1266 – 12270 مدني عراقي ) ، وهو حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناء أو منشآت أخرى غير الغراس على أرض الغير بمقتضى اتفاق بينه وبين صاحب الأرض ، ويحدد هذا الاتفاق حقوق المساطح والتزاماته . ولا يجوز أن تزيد مدة حق المساطحة على خمسين سنة ، ويملك المساطح ملكا خاصاً ما أحدث على الأرض من بناء أو منشآت أخرى ، وله أن يتصرف فيه مقترنا بحق المساطحة ، وتنتقل ملكية البناء والمنشآت الأخرى عند انتهاء حق المساطحة إلى صاحب الأرض ، على أن يدفع للمساطح قيمتها مستحقة للهدم ، ما لم يوجد شرط يقضي بغير ذلك .
وتعرف القوانين الفرنسية ضروبا مختلفة من الإجارات طويلة المدة ، وهي مبنية على العرف والعادات الفرنسية ، وتختلف باختلاف الأقاليم( [2] ) . وأهم هذه الاجارات وأكثرها انتشاراً هو عقد الأمفتيوز( [3] ) ، وهو شبيه بالحكر( [4] ) ، ويقال إن الحكر مأخوذ عنه( [5] ) . وعقد الأمفتيوز منشأه القانون الروماني . $1436 وانتقل إلى القانون الفرنسي القديم ، وكان من الجائز في هذا القانون أن يكون دائميا ، حتى صدر قانون 18 ديسمبر سنة 1790 في عهد الثورة الفرنسية فقضى بأن تكون أقصى مدته تسعا وتسعين سنة أو ثلاثة أجيال . ولم يتعرض تقنين نابليون لذكره . ولكن صدر قانون 25 يونيه سنة 1902 ( م 937 – 950 من التقنين الزراعي ) ينظم هذا العقد ويختلف عن عقد الإيجار العادي في أن مدته طويلة لا تقل عن ثماني عشرة سنة ولكن لا تزيد على تسع وتسعين ، وفي أن المستأجر ( emphyteote ) يلتزم عادة بتصليح العقار أو الأرض يجعلها قابلة للزراعة ، وفي أن الأجرة ( canon ) نظراً لوجود هذا الالتزام مضافا إليها تكون زهيدة ، وفي أن حق المستأجر حق عيني ويستطيع أن يرهنه وأن يبيعه وأن يرتب له أو عليه حق ارتفاق . وعند نهاية الأمفتيوز يرد المستأجر العقار خاليا من كل تصرف ( انظر مقال محامي عقاري منشور على موقع محامي الأردن حماة الحق تاريخ النشر 2019 ) ، ولا يدفع المؤجر شيئاً مقابل ما استحدثه المستأجر من الإصلاحات . ويجوز فسخ العقد إذا لم يقم أحد المتعاقدين بالتزاماته ، ولكن إذا تأخر المستأجر عن دفع الأجرة فلا يجوز فسخ العقد إلا إذا كانت الأجرة المتأخرة أجرة سنتين على الأقل . وأهم ما يفترق فيه الأمفتيوز ع الحكر هو أن الأجرة في الأمفتيوز ثابتة ، أما في الحكر فهي أجرة المثل فتختلف زيادة أو نقصاً ومن ثم يجوز تصقيع الحكر إذا زادت أجرة المثل كما سنرى .
795- منشأ الإجارات طويلة المدة في مصر وفي البلاد الإسلامية الأخرى : ويبدو أن مصر والبلاد الإسلامية الأخرى قد عرفت الاجارات الدائمية الطويلة المدة بسبب قيام نظام الوقف فيها . فالأعيان الموقوفة ، وهي خارجة عن التداول؛ تنتهي عادة إلى أن تكون أراضي بوراً أو مباني مخربة ، دون أن يستطيع الوقف أن يصلحها . ولما كانت القيود على إيجار الوقف كثرة كما رأينا ، ولا يمكن إيجار الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات إلا بإذن القاضي ، وقبل أن يوجد مستأجر يقبل هذه القيود ويغامر بالكثير من النفقات لإصلاح العين ثم يخرج منها دون طائل . ولما كان يندر أن يكون للوقف مال يصلح به أعيانه المخربة ، ولا يستطيع أن يبيعها إلا عن طريق الاستبدال ، ولا يجد مشتريا إلا بأقل الأثمان ، وتنقطع بذلك صلة الوقف بالعين نهائيا . ومن أجل ذلك $1437 نشأت فكرة إيجار العين الموقوفة المخربة إيجارا دائميا أو لمدة طويلة ، فيأخذ الوقف أجرة زهيدة – حتى لا تنقطع صلته بالعين – من شخص يقوم على إصلاح العين ثم استغلالها بعد ذلك فيسترد ما دفع من نفقات كبيرة على المدى الطويل . وقد قامت على هذه الفكرة الأساسية عقود مختلفة ، منها الخلو( [6] ) . والمرصد ( [7] ) . $1438 والجدك( [8] ) . والكر دار( [9] ) ، وأهمها الحكر وما ينطوي تحته من صورتين خاصتين هما عقد الإجارتين وخلو الانتفاع . وقد تكون هذه العقود تأثرت بأحكام عقد الأمفتيوز المعروف في القانون الروماني ، ولكن الباعث على إيجارها دائماً هو التحايل على أحكام الوقف الجامدة ، وتلمس ثغرة تنفذ منها يد الإصلاح إلى الأعيان الموقوفة المخربة . وقد كان الوقف ، عند صدور $1439 التقنين المدني الجديد ، قائماً بقسميه الأهلي والخيري ، فاحتفظ هذا التقنين من هذه الإجارات بالحكر والإجارتين وخلو الانتفاع . وأضاف إليها مشروع التقنين المدني حقاً جديداً استقاه من مصادر أجنبيه هو حق القرار ، ولكن النصوص المتعلقة بهذا الحق في المشروع حذفت في لجنة نجلس الشيوخ على ما سنرى . ونقول كلمة موجزة عن حق القرار كما نظم في مشروع التقنين المدني ، ثم كلمة تمهيدية في حقوق الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع وهي الحقوق التي وردت في التقنين المدني ذاته .
796- حق القرار في مشروع التقنين المدني : جاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ، في صدد الموازنة بين حق الحكر وحق القرار ، وقد تضمن المشروع كليهما ، ما يأتي : “هذان حقان يشتركان في أن كلا منهما حق عيني يترتب لصاحبه على أرض للغير ، ويراد به الانتفاع بهذه الأرض مدة طويلة ، وهذا ما يدعو إلى أن يكون الحق عينيا حتى يكن له من الاستقرار والبقاء ما ليس للحق الشخصي الذي يعطيه القانون للمستأجر . ولكن الحقين يختلفان أحدهما عن الآخر في المصدر وفي الغض الاقتصادي . أما في المصدر فحق الحكر مأخوذ من الشريعة الإسلامية ، وحق القرار مستمد من التقنينات الأجنبية . وأما في الغرض الاقتصادي ، فالغرض من الحكر أرض في حاجة إلى الإصلاح إلى شخص يصلحه وينتفع بها مدة طويلة ، حتى يتمكن من استثمار الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض استثمارا يجزي ما انفق عليها في إصلاحها . ولذلك يغلب أن تكون الأرض المحكرة وقفا مخربا ، وإن كان يجوز تحكير الأعيان غير الموقوفة . والغرض من حق القرار إيجاد طريقة أكثر استقراراً من الإيجار لاستغلال الأرض بالبناء عليها أو بالغرس فيها ، والقرار يفضل الإيجار من حيث الاستقرار بأنه حق عيني وبأن مدته تكون عادة طويلة . وليس الغرض من القرار استصلاح أرض مخربة كما هو الأمر في الحكر”( [10] ) . وتقول المذكورة الإيضاحية في ناحية أخرى : “استحدث المروع حق القرار لمواجهة حالة خاصة ، فقد يحتاج شخص للانتفاع بأرض مدة طويلة ، يبني فيها أو يغرس ، ولا يكفيه في $1440 ذلك أن يستأجر الأرض فإن حق المستأجر لا يكفل له القدر الكافي من الاستقرار ، ولا يريد صاحب الأرض أن يحكرها فإن الحكر تصرف خطير لا يبرره إلا أن الأرض مخربة والحكر هو الوسيلة إلى استصلاحها ، يختار الطرفان عقد القرار ليكون وسطاً بين الإيجار والحكر ، وليترتب للمنتفع بالأرض حق عيني لمدة طويلة . والمهم في حق القرار هو تسوية علاقة مالك الرقبة بصاحب القرار عند انتهاء الحق ، وتحديد مصير ما أحدثه صاحب القرار على الأرض من بناء أو غراس ، وهذا ما تكفلت ببيانه المادة . . من المشروع”( [11] ) .
وقد عرفت المادة 1279 من المشروع حق القرار بأنه حق عيني يخول صاحبه أن يقيم بناء أو غرسا على أرض الغير . وينشأ حق القرار بعقد رضائي . فهو يختلف عن الحكر في ذلك ، ويختلف عنه أيضاً في أنه لا يبيح لصاحبه إلا البناء أو الغراس ، وفي أنه ليس من الضروري أن تكون الأجرة في القرار هي أجرة المثل فلا محل للتصقيع فيه . ولا يجوز أن تزيد مدة حق القرار على خمسين سنة . ولا ينتهي حق القرار بزوال البناء أو الغراس ، وينتقل هذا الحق بالميراث . وإذا تأخر صاحب القرار عن دفع الأجرة مدة سنتين ، كان لمالك الرقبة أن يطلب فسخ العقد . ويملك صاحب القرار ملكا خاصاً ما أقام عل الأرض من بناء أو غراس ، وله أن يتصرف فيه وحدة أو مقترنا بحق القرار . وتنتقل ملكية البناء أو الغراس ، عند إنهاء حق القرار ، إلى مالك الرقبة ، على أن يدفع هذا لصاحب القرار قيمة البناء أو الغراس وق انتقال ملكيتهما . ولمالك الرقبة أن يطلب من صاحب القرار أن يبقى طوال المدة التي يمكن فها الانتفاع بالبناء أو الغراس ، فإن رفض صاحب القرار ذلك سقط حقه في المطالبة بقيمة البناء أو الغراس ولم يكن له إلا أن ينزعهما على أن يعيد الأرض إلى حالتها الأولى( [12] ) .
وقد اجتازت نصوص حق القرار مراحل التشريع واحدة بعد أخرى ، حتى وصلت إلى لجنة مجلس الشيوخ . فاعترض عليها في هذه اللجنة ، “ورؤى أن حق القرار حق جديد على المصريين ، ولا يوجد ما يبرره في البيئة المصرية ، ويغني $1441 عنه حق الحكر والإيجار” . فرد على ذلك بأن “هناك فرقاً بين حق الحكر وحق القرار ، وأن حق الحكر له وظيفة اقتصادية هي تعمير أرض مخربة ، أما حق القرار فلا يشترط فيه أن تكون الأرض مخربة ، وإنما هو يفترض أن شخصاً عجز عن استغلال ملكه فاتفق مع آخر على أن يستعمل هذا الملك بأن رتب له حق قرار على الأرض” . وبعد مناقشة رؤى حذف المواد الخاصة بحق القرار “تفادياً من وضع أحكام مختلفة لصور متقاربة ، ولأن نظام الحكر في مصر يواجه بعض الحاجة ، والإجارة الطويلة بما تتضمنه مشروط تواجه الباقي ، وإذا وجدت بعض مصلحة فهي يسيرة لا تتطلب استبقاء أحكام هذا الحق”( [13] ) .
797- حقوق الحكر والإجارتين وخلو الانتفاع : هذه الحقوق مأخوذة من الشريعة الإسلامية ، وقد اقتصر التقنين المدني الجديد على أن تقنين أحكام الشريعة الإسلامية فيها على الوجه الذي قرره القضاء المصري من وطني ومختلط ، ووضعها في مكانها لا مع عقد الإيجار بل بين الحقوق العينية .
وكان معمولا بهذه الحقوق ، في عهد التقنين المدني القديم ، ولم يكن منصوصاً عليها في هذا التقنين( [14] ) . فكان القضاء ينقل أحكام الشريعة الإسلامية ويطبقها في أقضيته( [15] ) . ومن ثم كان الحكر عقداً يؤجر به مالك العقار( [16] ) عقاره لمستأجر إلى الأبد أو لمدة طويلة في مقابل أجرة المثل( [17] ) . والعادة أن العقار المحكر يكون وقفاً مخرباً ، ولا يكفي ريعه لتصليحه ، ولا يمكن استبداله ، فيلجأ ناظر الوقف $1442 إلى تحيكره( [18] ) بعد أخذ إذن القاضي ، لأن الحكر يعتب رمن أعمال الإدارة إذ أنه يعطي للمحتكر حقاً عينياً على العقار المحتكر( [19] ) . ولكن كان من الجائز أيضاً أن يكون الحكر موضوعه عقار غير موقوف( [20] ) .
وإذا كان التقنين المدني الجديد ق قنن أحكام الشريعة الإسلامية كما قررها القضاء ، فإنه مع ذلك “استرشد في الحكر بسياسة عامة هي العمل على تحديد انتشاره والتضييق فيه . فهو قيد خطير على حق الملكية ، بل هو ملكية تقوم على الملكية الأصلية ، مما يجعل أمر الاستغلال والتصرف في الأرض المحكرة من الأمور غير الميسرة . فقصر التقنين المدني الجديد الحكر على الأرض الموقوفة ، وحدد من مدة الحكر وجعل أقصاها ستين سنة ، وجعل لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يشفع في حق الآخر ، ونص على أن أحكام الحكر هذه تسري على الأحكار القائمة على أرض غير موقوفة في وقت العمل بهذا القانون . كما ذكر التقنين نوعين خاصين من الحكر ، هما حق الإجارتين وحق خلو الانتفاع ، وكل منهما لا يكون إلا على عين موقوفة ، ولكن أولهما حق عيني والآخر حق شخصي”( [21] ) .
وقد طاوع الظروف التي تلت صدور التقنين المدني الجديد سياسة هذا التشريع في التضييق من الحكر ، إذ صدر القانون رقم 180 لسنة1952 بحل الأوقاف الأهلية ، فنجم عن ذلك انتهاء حق الحكر الذي كان مترتباً على الأعيان $1443 الموقوفة طبقاً للمادة 1008/3 وهي الكثرة الساحقة من الأحكار . ولم يعد باقياً من الأحكار القديمة إلا تلك المترتبة على الأوقاف الخيرية وعلى الأعيان غير الموقوفة . ثم صدر القانون رقم 649 لسنة 1953( [22] ) فأجاز بقرار من وزير الأوقاف بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف أن ينهي الأحكار المترتبة على الأوقاف الخيرية إذا اقتضت المصلحة ذلك . ويخلص من كل هذا أن الحكر قد أصبح الآن ، بفضل هذه التشريعات المتعاقبة ، ذا مجال ضيق محدود . فهو منذ صدور التقنين المدني الجديد ، لا يمكن ترتيبه على أرض موقوفة . والأرض الموقوفة التي يمكن ترتيب حق الحكر عليها قد انحصرت في الوقف الخيري بعد إلغاء الوقف الأهلي . وحتى في هذا المجال الضيق – الوقف الخيري – يندر ترتيب حكر جديد ، وما هو قائم من أحكار قديمة يمكن إنهاؤه بقرار إداري .
المبحث الأول
عقد الحكر
§ 1- أركان عقد الحكر
798- أركان أربعة : للحكر نفس الأركان الأربعة التي للإيجار : التراضي والعين المحتكرة والمدة والأجرة . ولكن لكل من هذه الأركان الأربعة في الحكر أحكام خاصة به يختلف فيها الحكر عن الإيجار .
799- ( 1 ) التراضي في الحكر – نص قانوني : تنص المادة 1000 منن التقنين المدني على ما يأتي :
“لا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة وبإذن من المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها الأرض كلها أو أكثرها قيمة . ويجب أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة أو من يحيله عليه من القضاء أو الموثقين . ويجب شهره وفقاً لأحكام تنظيم الشهر العقاري”( [23] ) .
$1445 ويخلص من هذا النص أن الحكر عقد شكلي ، فلا ينعقد إلا بتوثيق رسمي .ولما كان ، من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، لا يجوز إنشاء الحكر إلا على عين موقوفة ، فيجب قبل التوثيق استصدار إذن بإنشائه من المحكم الكلية( [24] ) . التي تقع في دائرتها الأرض كلها أو أكثرها قيمة . ذلك أن الحكر ينشئ حقاً عينياً على العين المحتكرة ، فيعتبر تصرفاً في عين موقوفة ، ولا يجوز التصرف في الوقف إلا بإذن من القاضي . والذي يطلب الإذن في التحكير هو ناظر الوقف . ويجب أن يثبت أن تحكير الوقف أمر اقتضته الضرورة بأن كان الوقف مخرباً ولا مال له يستصلح به ، أو أملته مصلحة الوقف بأن يكون المحتكر أقدر بكثير من الوقف على استصلاح الأعيان التي يراد تحكيرها . فلحكر ليس حقاً عينياً عادياً كحق المنفعة يزول حتما بموت المنتفع ، بل هو حق طويل ألمد ، ويصح أن يبقى ستين سنة . فهو إذن تصرف خطير ، ومن ثم وجب إذن المحكمة في إنشائه .
ومتى أذنت المحكمة ، وجب أن يكون إنشاؤه ، لا بموجب ورقة رسمية عادية توثق في مكتب التوثيق ، بل بأن يستصدر المتعاقدان ، ناظر الوقف والمحتكر ، حجة به على يد رئيس المحكمة التي أنت في إنشاءه ، وهي المحكمة التي يقع في دائرتها العين المحتكرة كلها أو أكثرها قيمة ، أو على يد من يحيل رئيس المحكمة عليه من القضاء أو المؤثقين من كتبة المحكمة . فلا ينعقد الحكر إذن إلا بعد الإذن على الوجه المتقدم ، وبهذا الضرب من التوثيق سالف الذكر .
وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “يكون $1446 الحكر بورقة رسمية إشعارً بخطره ، والرسمية شرط للانعقاد . فإن كانت العين موقوفة ، وهو الغالب( [25] ) ، فلا تكفي الرسمية العادية ، بل يجب أن يستصدر ناظر الوقف من المحكمة الشرعية ( المحكمة الوطنية الآن ) التي تقع في دائرتها الأرض الموقوفة حجة شرعية ، لأن الحكر ضرب من ضروب التصرف ، ولا يجوز التصرف في الوقف إلا بإذن من القاضي . ويجب أن يقدم الناظر مبرراً للتحكير ، بأن يثبت أن إنشاء الحكر أمر تقتضيه المحافظة على العين الموقوفة ، ويكون ذلك عادة بإثبات أن الوقف مخرب ولا يكفي ريعه لإصلاحه ، فيحكر حتى يستصلحه المحتكر( [26] )“
ولما كان الحكر حقاً عينياً كما قدمنا ، وهو حق عيني أصلي ، فإنه لا ينشأ ، لا فيما بين المتعاقدين ولا بالنسبة إلى الغير ، إلا إذا سجل وفقاً لأحكام المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقاري ، وإلا فلا يكون لعقد الحكر غير المسجل من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن( [27] ) .
والحكر على هذا النحو لا يجوز إثباته إلا بالورقة الرسمية التي ينعقد بها . فهو ، كالرهن الرسمي والهبة والوقف ، تصرف شكلي ولكن الاحكار القديمة التي أنشئت على أعيان غير موقوفة ، إذا لم تكن هناك أوراق لإثباتها( [28] ) ، فإنه يكفي أن يكون قد مضي على المحتكر وهو واضع يده على الحكر ويدفع أجرته لغير مالك العقار مدة التقادم ، حتى يكسب الحق بالتقادم الطويل أو بالتقادم $1447القصير على حسب الأحوال( [29] ) . وهذا لا ينطبق على الحكر الذي ينشأ منذ العمل بالتقنين المدني الجديد ، فإن هذا الحكر لا يترتب إلا بموجب عقد شكلي . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصاً هو المادة 1258 من المشروع ، وكانت تجري على الوجه الآتي : “يجوز أن يكسب حق الحكر بالتقادم” . وجاء في المذكر الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “كسب الحكر بالتقادم مبدأ سار عليه القضاء المختلط . فإذا وضع شخص يده على أرض موقوفة باعتباره محتكراً دون أن يكون له هذا الحق ، واستمر يدفع أجرة الحكر ثلاثاً وثلاثين سنة ، كسب حق الحكر بالتقادم . أما إذا كان الأرض غير موقوفة ، فإنه يملك حق الحكر بالقادم الطويل في خمس عشرة سنة ، أو بالتقادم القصير في خمس سنوات ( استئناف مختلط 15 مايو سنة 1901م 13 ص 308 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193( . على أن كسب الحكر بالتقادم فيه نظر ، لأن الحق في الأرض الموقوفة لا ينشأ إلا بعد استصدار حجة شرعية . . والأصل أن الحق الذي لا ينشأ إلا بعد مراعاة إجراءات شكلية موضوعة لا يكسب بالتقادم ، كما هو الحال في الرهن الرسمي وفي الوقف . وقد أصبح هذا الأصل أولى بالإتباع بعد أن قرر المشرع الرسمية في تقرير الحكر . . لذلك يحسن أن يحذف هذا النص من المشروع ، ويستبدل به نص ييسر إثبات الحكر إذا كان قديماً ، فيفي ببعض $1448 الأغراض التي أريد تحقيقها بالنص القائم” . وقد حذف هذا النص فعلا في لجنة المراجعة ، وفقاً لتوجيه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي( [30] ) .
800- ( 2 ) العين المحتكرة – نص قانوني : تنص المادة 1012 من التقنين المدني على ما يأتي :
“1- من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 الفقرة الثالثة . 2- والأحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة”( [31] ) .
ويتبين من هذا النص أن العين المحتكرة لا بد أن تكون عيناً موقوفة ، $1449 فلا يجوز إنشاء حق الحكر على عين غير موقوفة . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد على خلاف ذلك ، إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 1257 من هذا المشروع تجري على الوجه الآتي : “يجوز ترتيب الحكر على عين موقوفة أو على عين غير موقوفة( [32] )” . فحذف هذا النص في لجنة المراجعة( [33] ) ، إذ رأت هذه اللجنة قصر الحكر على الأرض الموقوفة ، وأقرت نصاً في هذا المعنى هو الفقرة الأولى من المادة 1074 من المشروع النهائي على الوجه الآتي : “الحكر عقد به يكسب المحتكر حقاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر وذلك في مقابل أجرة معينه” . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت هذه القرة “لوضوح حكمها بالنسبة إلى حقوق المحتكر ، ولأن الحكم الخاص بقصر الحكر على الأرض الموقوفة قد ورد في المادة 1012( [34] )” . وبقيت بذلك المادة 1012 مدني وحدها هي التي تقضي بأن الحكر لا يجوز ترتيبه على أرض غير موقوفة ، ومعنى ذلك بدلالة مفهوم العكس أن الأرض الموقوفة وحدها هي التي يجوز ترتيب حق الحكر عليها . وقد ضاق بذلك نطاق تطبيق الحكر ، وبخاصة بعد أن ألغيت الأوقاف الأهلية ، ثم بعد أن أصبح أمر إلغاء الحكر على الوقف الخيري منوطاً بقرار إداري كما سبق القول( [35] ) . وقد قدمنا أنه لا بد أن تكون هناك ضرورة أو مصلحة في تحكير العين الموقوفة . فلا يكفي أن تكون العين موقوفة حتى يجوز تحكيرها ، بل يجب فوق ذلك أن تكون مخربة أو في القليل في حاجة إلى الإصلاح ، وليس لها ريع بكيفي لإصلاحها ، ولا يوجد من يقبل استئجارها عن طريق الإيجار العادي ، في يبقى أمام ناظر الوقف إلا أن يطلب الإذن من المحكمة في تحكيرها( [36] ) .
ولم يكن هذا هو الحكم في عهد التقنين المدني القديم . فقد كانت أحكام الشريعة الإسلامية هي التي تطبق في ذلك العهد ، وهذه تجيز تحكير الوقف وغير $1450 الوقف . فجرى القضاء على جواز تحكير الأعيان غير الموقوفة ، ولم يعترضه في ذلك أن حق الحكر حق عيني والحقوق العينية في التقنين المدني القديم مذكورة على سبيل الحصر وليس حق الحكر من بينها ، فقد كان هذا الحق مستمداً من قانون معمول به في نطاقه المخصص له وهذا القانون هو الشريعة الإسلامية( [37] ) . فانبنى على ذلك أن أنشئت أحكار على أعيان غير موقوفة ، وإن كان الغالب أن الحكر حتى في ذلك العهد يترتب على الوقف .
ولما كان التقنين المدني الجديد لا يجيز ، كما رأينا ، ترتيب الحكر إلا على الوقف ، فإن هذا الحكم المستحدث لا يكون له أثر رجعي ، ولا يعمل به إلا ابتداء من العمل بالتقنين المدني الجديد ، أي ابتداء من 15 أكتوبر سنة 1949 ، فمن ذلك اليوم لا يجوز إنشاء الحكر إلا على أرض موقوفة . وقد حرص التقنين المدني الجديد على أن ينص على ذلك صراحة ، فقضت الفقرة ألأولى من المادة 1012 ، كما رأينا ، بأنه “من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 الفقرة الثالثة” . وسنرى أن الفقرة الثالثة من المادة 1008 مدني تقضي بانتهاء حق الحكر “إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، إلا إذا كان زوال هذه الصفة بسبب رجوع الوقف في وقفه أو إنقاصه لمدته ، ففي هذه الحالة يبقى الحكر إلى انتهاء مدته” . فإذا أصبحت العين الموقوفة المحكرة ملكا حراً ، وكان ذلك بسبب رجوع الواقف في وقفه أو بسبب إنقاصه لمدته ، فإن الحكر يبقى مع ذلك على الأرض بالرغم من أنها أصبحت ملكا لا وقفاص ، وذلك لأن الواقف بعد أن وقف رجع في وقفه رجوعاً كلياً أو رجوعاً جزئياً ، فيكون قد نقض ما تم من جهته ، فيرد ذلك عليه ، ويبقى الحكر الذي رتبه على الأرض عندما كانت موقوفة باقيا عليها بالرغم من أنها أصبحت ملكا وذلك إلى نهاية مدة الحكر .
ومقتضى ألا يكون للتقنين المدني الجديد أثر رجعي أن الأحكار القائمة على أراضي غير موقوفة قبل 15 أكتوبر سنة1949 تبقى صحيحة قائمة حتى بعد $1451 صدور التقنين المدني الجديد ، ولا يمس من صحتها أنها قائمة على أراضي غير موقوفة ، وتسري عليها جميع الأحكام التي أوردها التقنين المدني الجديد في شأن الحكر( [38] ) فيما عدا وجوب أن تكون العين المحتكرة أرضاً موقوفة . وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 1012 مدني على هذا الحكم صراحة ، إذ تقول كما رأينا : “والأحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة” . ومن باب أولى تسري الأحكام الواردة في التقنين المدني الجديد على الاحكار القائمة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 على أراضي موقوفة ، بل إن الأحكام هنا لا يستثنى منها حتى الحكم القاضي بأن تكون العين المحتكرة أرضاً موقوفة . ومن ثم تخضع جميع الأحكار القائمة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، سواء قامت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، لجميع أحكام الحكر التي نتولى بحثها الآن . وذلك فيما عدا الحد الأقصى للمدة ، فسنرى أن هذه الأحكار لا تخضع في مدتها لحد أقصى إلى أن يصدر في شأنها تشريع خاص( [39] ) .
801- ( 3 ) المدة في الحكر – نص قانوني : تنص المادة 999 من التقنين المدني على ما يأتي :
“لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة . فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقودا لمدة ستين سنة( [40] ) .
$1452 ويتبين من هذا النص أن الحد الأقصى لمدة الحكر في التقنين المدني الجديد هو ستون سنة . ولم يكن لمدة الحكر في عهد التقنين المدني القديم حد أقصى ، بل كان يصح أن يعقد الحكر لمدة غير معينة وفي هذه الحالة يبقى الحكر ما بقي البناء أو الغراس في الأرض وما بقي المحتكر يدفع الأجرة . وتقضي المادة 702 من مرشد الحيران بأنه “لا يكلف المحتكر برفع بنائه ولا قلع غراسه وهو يدفع أجر المثل المقرر على ساحة الأرض خالية من البناء والغراس” . كما تقضي المادة 704 بأنه “يثبت للمستحكر حق القرار في الأرض المحتكرة ببناء الأساس فيها أو بغرس شجرة بها ، ويلزم بأجر مثل الأرض ما دام أس بنائه وغراسه قائماً فيها ، ولا تنزع منه حيث يدفع أجر المثل” . فكان الحكر على هذا النحو يصح أن يكون دائميا( [41] ) .
$1453 فحدد المشروع التمهيدي لمدة الحكر حداً أقصى للتضييق منه جرياً على سياسته ، وكانت هذه المدة تسعا وتسعين سنة .وخفضت لجنة مجلس الشيوخ هذه المدة إلى ستين سنة ، “توخيا لإبراز معنى توقيت الحكر . ولا سيما بعد أن أصبح تعمير العين المحكرة واستبدالها ميسورين في مدة اقصر من المدة التي كان يقتضيها تحقيق هذين الغرضين في الزمن الماضي”( [42] ) . فأصبحت الاحكار التي يصح أن تنشأ ابتداء من يوم 15 أكتوبر سنة 1949 على أراض موقوفة لا يجوز أن تزيد مدتها على ستين سنة . فإذا اتفق المتعاقدان على مدة أقل جاز ذلك ، وإن اتفقا على مدة اكبر انقضت المدة إلى ستين سنة . وإذا أغفل المتعاقدان تحديد المدة ، أو ذكرا أن المدة غير معينة ، كانت المدة في الحالتين ستين سنة .
أما الأحكار التي أنشئت قبل 15 أكتوبر سنة 1949 ، سواء أنشئت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، فهذه تبقى خاضعة للأحكام التي كانت سارية وقت إنشائها . فإذا لم تكن لها مدة محددة ، بقيت ما دام البناء أو الغراس قائما في الأرض وما دام المحتكر يدفع الأجرة( [43] ) . وقد كانت هذه المسألة مثاراً لمناقشات طويلة أثناء المراحل التشريعية التي اجتازها التقنين المدني الجديد . وكاد يستقر الأمر في لجنة مجلس الشيوخ على إقرار النص الآتي : “1- في الأحكار القائمة وقت العمل بهذا القانون ، إذا مضي على عقد الحكر ستون سنة على الأقل من وقت إنشائه ولم تكن مدته قد انقضت ، جاز لكل من المحتكر والمحكر أن يطلب إنهاء العقد . 2- فإذا كان المحتكر هو الذي يطلب ذلك طبقت أحكام المادة السابقة ( 1010 مدني ) ، إلا إذا اختار تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب . 3- وأما إذا كان من يطلب إنهاء الحكر هو المحكر ، ألزم بأن يدفع إلى المحتكر ما فات هذا من فائدة بسبب إنهاء العقد قبل حلول الأجل المعين لانتهاء أو قبل انقضاء تسع وتسعين سنة إذا لم يكن $1454 للعقد أجل معين ، بشرط ألا تنقص المدة التي تحسب عنها الفائدة في الحالة الأخيرة عن خمس عشرة سنة ، وبأن يدفع فوق ذلك قيمة البناء أو الغراس مستحقي الإزالة أو قيمتهما مستحقي البقاء أيهما أقل ، وذلك كله في مقابل تملكه للبناء أو الغراس . كل هذا ما لم يطلب المحتكر تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب” . وقد بنت لجنة مجلس الشيوخ الأحكام الواردة في النص المتقدم على أساس ثلاثة : ( أولها ) أن يكون حكم النص قاصراً على الأحكار القائمة وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، ففي هذه الأحكار إذا كان قد انقضى على عقد الحكر ستون سنة من وقت إنشائه ولم تكن مدته قد انقضت ثبت لكل من المتعاقدين حق طلب إنهاء الحكر . ( الأساس الثاني ) أنه جعل للمحتكر حق تملك الأرض المحكرة بقيمتها كاملة وقت الطلب أيا كان صاحب الرغبة في إنهاء الحكر ، لأن المحتكر يبذل عادة في استغلال العين من الجهد ما هو خليق بالتشجيع . ( والأساس الثالث ) هو إلزام المحكر بأن يدفع للمحتكر ما فاته من فائدة بسبب إنهاء العقد قبل حلول أجله ، لأن العدالة تقتضي احترام الحق المكتسب الذي ثبت للمحتكر قبل العمل بالتقنين الجديد( [44] ) .
$1455 ولكن لجنة مجلس الشيوخ لم تثبت نهائياً على هذا النص ، وانتهت إلى حذفه دون أن تستعيض عنه بنص آخر “حتى لا تقطع بالرأي في مسألة تعارضت فيها المصالح والحقوق تعارضاً يستعصى على التوفيق ، وبحسن أن تترك هذه $1456 الحقوق والمصالح على حالها إلى أن يصدر في شأنها تشريع خاص”( [45] ) .
وإلى أن يصدر هذا التشريع الخاص ، تبقى الأحكار القديمة على الأعيان غير الموقوفة سارية لمدتها ولو زادت على ستين سنة ، بل لو كانت مؤبدة . أما بالنسبة إلى الأعيان الموقوفة وقفاً خيرياً فقد صدر القانون رقم 649 لسنة 1953 بإنهاء الحكر على هذه الأعيان ، وأعقبه القانون رقم 295 لسنة 1954 فالقانون رقم 92 لسنة 1960 ، وسنورد أحكام هذه القوانين عند الكلام في انتهاء الحكر( [46] ) .
802- ( 4 ) الأجرة في الحكر – نصوص قانونية : تنص المادة 1004 من التقنين المدني على مايأتي :
“1- لا يجوز التحكير بأقل من أجر المثل . 2- وتزيد هذه الأجرة أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً ، على أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير” .
وتنص المادة 1005 على ما يأتي :
“يرجع في تقدير الزيادة والنقص إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير . ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها ، بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس ، ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ، ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار” .
وتنص المادة 1006 على ما يأتي :
“لا يسري التقدير الجديد إلا من الوقت الذي يتفق الطرفان عليه ، وإلا فمن الأرض يوم رفع الدعوى”( [47] ) .
$1457 ويخلص من النصوص المتقدمة الذكر أن الأجرة في حكر الأرض الموقوفة $1458 لا يجوز أن تكون اقل من أجر المثل وقت التحكير ، وهذا الحكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ( قانون العدل والإنصاف م 332 و 335 و 336 ) . فينطبق الحكم على الأحكار الجديدة التي تنشأ منذ 15 أكتوبر سنة 1949 على أعيان موقوفة ، كما ينطبق على الأحكار القديمة التي أنشئت قبل ذلك على أراض موقوفة( [48] ) . وإذا لم يبين كتاب الوقف قيمة الحكر ، جاز للمحكمة انتداب خبير لتقديره( [49] ) . ولما كان الحكر لا بد فيه من إذن المحكمة ، فالمحكمة لا تأذن إلا إذا كان بأجر المثل . ولكن إذا وقع خطأ وحكرت العين الموقوفة بأقل من أجر المثل ، وجب رفع الأجرة إلى أجر المثل .
ولا يكفي أن يكون الحكر بأجر المثل وقت التحكير ، بل إن هذا الأجر يزيد وينقص تبعاً لزيادة أجرة المثل أو نقصه( [50] ) ، وهذا ما يسمى بتصقيع الحكر . وهو أيضاً حكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ( قانون العدل والإنصاف م 336 و 337 ) ، فينطبق على جميع الأحكار المنشأة على أعيان موقوفة ، جديدة ، كانت أو قديمة . وتصقيع الحكر مختلف فيه ، فلم تتفق عليه كل المذاهب ، ولا تقول به المالكية ، ويقول به الصاحبان في المذهب الحنفي وهو الرأي الراجح في المذهب ، وبه أخذ التقنين المدني الجديد ومن قبل ذلك سار عليه القضاء المصري كما سنرى ، وقد وضع له التقنين المدني الجديد ضوابط فأوجب ألا تزيد أجرة الحكر أو تنقص $1459 إلا “كلما بلغ التغيير في أجر المثل حداً يجاوز الخمس زيادة أو نقصاً ، على أن يكون قد مضى ثماني سنوات على آخر تقدير” ( م 1004/2 مدني . فليس أي تغيير في أجر المثل يجيز تصقيع الحكر . بل يجب أن يكون ذلك غير راجع إلى تحسين أو تلف أحدثه المحتكر بالأرض المحتكرة ، وغير راجع إلى ما أنشاه المحتكر في الأرض من بناء أو غراس ، كما سنرى عند الكلام في طريقة تصقيع الحكر ، وأن يكون التغيير فاحشاً وقد قدره التقنين المدني الجديد كما رأينا بما يزيد على الخمس قياساً على الغبن الفاحش . وتقول المادة 703 من مرشد الحيران في هذا الصدد : “إذا زاد أجر مثل الأرض المحتكرة بسبب بناء المستحكر أو غراسه فلا تلزمه الزيادة ، فإن زاد أجر المثل في نفسه زيادة فاحشة لزمته الزيادة . فإن امتنع من قبولها أمر برفع البناء والغراس ، وتؤجر لغيره بالأجرة الزائدة” . و يصقع الحكر إلا كل ثماني سنوات ، حتى يكون هناك شيء من الاستقرار في التعامل ، فلا تكون الأجرة عرضة للتغيير في كل وقت . وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد لا يضع حداً زمنياً ، بل قال “كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبيراً زيادة أو نقصاً” . ثم وضع المروع النهائي حداً زمنياً ثلاث سنوات ، فقال : “على أن يكون قد مضي ثلاث سنوات على آخر تقدير” . ثم رفعت لجنة مجلس الشيوخ ثلاث السنوات إلى ثماني سنوات “تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقدير الضرائب الخاصة بالعقارات”( [51] ) . وإذا صقع الحكر بأن يعاد تقديره في المواعيد المقررة قانوناً – أي كل ثماني سنوات – وتبين أن أجرة الثمل قد زادت أو نقصت بما يجاوز الخمس ، فإن التقدير الجديد لا يسري على المحتكر من تلقاء نفسه ، بل يجب أن يقبل المحتكر الزيادة أو يقبل المحكر النقص ، ومن يوم الاتفاق على الزيادة أو النقص يسري التقدير الجديد . فإذا لم يتم الاتفاق ، وجب الرجوع إلى القضاء ، لأن التصقيع لا يكون إلا برضاء أو قضاء . ويسري التقدير الجديد ، إذا صدر به حكم ، لا من يوم الحكم بل من يوم رفع الدعوى ، طبقاً للقاعدة التي تقضي بأن الحكم يستند إلى يوم رفع الدعوى ( م 1006 مدني )( [52] ) .
$1460 وتسري أحكام تصقيع الحكر المتقدمة الذكر ، وكذلك الطريقة التي يتم بها التصقيع وهي التي سنبينها فيما يلي ، على كل حكر جديد أو قديم ، أنشئ على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، “إلا أن الأراضي غير الموقوفة – كما تقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي( [53] ) – يمكن الاتفاق في تحكيرها على غير أجرة المثل وعلى بقاء الأجرة دون تغيير” . وقد كان المروع التمهيدي يتضمن نصاً في هذا المعنى ، فكانت المادة 1266 من المروع تجري على الوجه الآتي : “تسري على الأراضي غير الموقوفة الأحكام الخاصة بالأراضي الموقوفة من حيث تقدير الأجرة وزيادتها ونقصها ، ما لم يوجد شرط يقضي بغير ذلك” . وحذف هذا النص في لجنة المراجعة دون بيان سبب الحذف( [54] ) ، ولكن الظاهر أنه حذف اكتفاء بالقواعد العامة . ويتبين من ذلك أن تقدير أجرة الحكر بأجر المثل ، وتغير هذه الأجرة زيادة أو نقصاً أي تصقيع الحكر ، يعتبر من النظام العام إذا كانت الأرض المحتكرة موقوفة( [55] ) ، فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه . ولا يعتبر من النظام العام إذا كانت الأرض المحتكرة غير موقوفة ، فيكون هو القاعدة الواجبة الإتباع إلا إذا اتفق المتعاقدان على خلاف ذلك( [56] ) .
8703- طريقة تصقيع الحكر : بقي أن نعرف الطريقة التي تصقع بها الحكر . وقد كانت هذه الطريقة محل خلاف شديد حتى حسمت محكمة النقض هذا الخلاف قبل صدور التقنين المدني الجديد ، وقد أخذ هذا التقنين بالرأي الذي أقرته محكمة النقض .
فقد كان لطائفة المحتكرين نظرية تعرف بنظرية “النسبة” راعوا فيها مصلحتهم ، وجارتهم عليها كثير من المحاكم . وتقضي هذه النظرية بالرجوع إلى $1461 النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت ، ثم تزاد الأجرة بالنسبة التي زادت بها قيمة الأرض وقت التصقيع . فإن كانت الأجرة وقت التحكير جنيهاً مثلا وكانت قيمة الأرض ألف جنيه ، ثم زادت قيمة الأرض وقت التصقيع إلى عشرة آلاف ، وجبت زيادة الأجرة إلى عشرة أمثالها ، أي تكون أجرة الحكر بعد التصقيع في هذه الحالة عشر جنيهات . وظاهر أن هذه الطريقة هي في مصلحة المحتكرين ، وقد طالبوا بها أمام لجنة مجلس الشيوخ( [57] ) ، إذ أن أجرة الحكر وقت التحكير تكون في العادة زهيدة جداً ، فمضاعفتها ولو عشر مرات أو أكثر لا يعود على المحركين بفائدة محسوسة( [58] ) .
$1462 وكان لطائفة المحكرين ، وعلى رأسهم وزارة الأوقاف ، نظرية أخرى راعوا فيها هم الآخرون مصلحتهم . وتتلخص هذه النظرية في أن يقدر الحكر وهو حق مالك الرقبة بالثلث ، وحق المحتكر وهو صاحب المنفعة بالثلثين ، وذلك من قيمة أجرة الأرض المحكرة حرة خالية من البناء ، وأن تحسب هذه الرجة باعتبار 5% من ثمن الأرض حرة ، وألا يعدل عن هذه القاعدة إلا في الأحوال التي يقضي فيها صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص عن القدر المتقدم ذكره . ففي المثل سالف الذكر ، وقد بلغت قيمة الأرض وقت التصقيع $1463 عشرة آلاف من الجنيهات ، تحسب الأجرة بمقدار 5% من هذه القيمة فتكون خمسمائة جنيه . ويكون نصيب حق المحكر من هذه الأجرة هو الثلث ، فتكون أجرة الحكر بعد التصقيع هي جنيهاً بدلا من 10 جنيهات بحسب نظرية طائفة المحتكرين . وظاهر أن الفرق كبير بين التقديرين ، وأحدهما يستهدف مصلحة المحتكرين ، والآخر يرعى مصلحة المحكرين( [59] ) .
$1465 وقد حسمت محكمة النقض هذه المسألة بحكم لها معروف ، صدر في 14 يونيه سنة 1934( [60] ) . وقد رفضت المحكمة كلتا النظريتين ، نظرية المحتكرين ونظرية المحكرين . وأخذ بالنظرية التي تقضي بها الشريعة الإسلامية كما هي مبسوطة في المواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل الإنصاف لقدري باشا ، مؤيدة بالمادتين 20 و 23 من لائحة إجراءات وزارة الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يونيه سنة 1895 . فلا ينظر إلى قيمة الأرض وقت التصقيع لأخذ نسبة منها تقدر الأجرة على مقتضاها ، وإنما تقدر الأجرة وقت التصقيع على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء ، وعلى أساس ألا يلاحظ فيها سوى حالة الصقع ( أي الجهة والناحية ) ورغبات الناس ، وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر . ذلك أن البناء الذي يقيمه المحتكر في أرض الوقف من شأنه أن يقلل من قيمة الحكر وهي أجر المثل إذا كان له دخل ما في تحسين صقع الجهة التي فيها أرض الوقف ، بحيث أن قاضي الموضوع ، متى اقتطع من أجل المثل قدراً ما مقرراً أنه ثبت له أن بناء المحتكر قد زاد في الصقع بقدر هذه الحطيطة التي يقتطعها ، فلا رقابة لأحد عليه( [61] ) . ونطبق هذه الطريقة هنا $1467 أيضاً على المثل المتقدم الذكر . فنغفل من حسابنا أن الأرض المحتكرة قد بلغت قيمتها عشرة آلاف من الجنيهات وقت التصقيع ، وتقدر القيمة الإيجارية لهذه الأرض وقت التصقيع على اعتبار ا ،ها حرة خالية من البناء ، وقد يقدر الخبر هذه القيمة بما يبلغ مائة وخمسين جنيها . ولما كان الواجب ألا نلاحظ في تقدير أجرة الحكر سوى حالة الصقع ورغبات الناس بصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو بصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر ، ويجوز اقتطاع قدر معين من أجر المثل في مقابل هذا التحسين ، فقد يرى قاضي الموضوع أن يقتطع ثلث القيمة الإيجارية أو نصفها بحسب تقديره وبعد الاستئناس برأي الخبير ، فتهبط القيمة الإيجارية من مائة وخمسين إلى مائة أو إلى خمسة وسبعين . وتكون أجرة الحكر بحسب نظرية محكمة النقض متراوحة بين مائة جنيه $1467 وخمسة وسبعين ، بينما هي عشرة بحسب نظرية المحتكرين و حسب نظرية المحكرين :
وتوجه محكمة النقض النظر بعد ذلك إلى مسألتين هامتين .
( المسألة الأولى ) أن تحسب القيمة الإيجارية للأرض دون تأثر بما للمحتكر عليها من حق القرار . فلا يجوز في المثل المتقدم الذكر ، وقد حسبنا القيمة الإيجارية للأرض من خمسة وسبعين إلى مائة وهي غير مشغولة بحق القرار ، أن نعيد حسابها باعتبار الأرض مشغولة بحق القرار ، فتبقى أجرة الحكر متراوحة بين مائة وخمسة . ذلك أن دفع أجرة المثل هو السبب في استمرار حق البقاء والقرار ، فإذا اقتطعنا من القيمة الإيجارية ما يقابله سقط الحق نفسه ، أو كما تقول محكمة النقض : “فإذا زال السبب سقط المسبب وهو حق البقاء . ونظرية الوزارة ( وزارة الأوقاف ) تقلب الوضع ، فتجعل حق البقاء حقاً أساسياً أصلا يكون لصاحبه ثلثا الأجرة بدون أن تبين لهذا الاستحقاق سبباً . وكأنها تقول إن المحتكر ، بمجرد حصوله على عقد الاحتكار ودفعه الأجرة أول مرة ووضع أس بنائه في الأرض ، يسقط عنه حتما ثلثا الأجرة في المستقبل ، وهذا قول بيِّن الفساد”( [62] ) .
( للمسألة الثانية ) أن تقدير الأجرة على مثل أرض الوقف يقتضي معرفة ماذا كانت عليه حالة أرض الوقف عند التحكير ، “فربما كانت بركة أو قاعاً منحطاً أو تلا أو أنقاضاً متهدمة ، فردمها المحتكر أو أزال التل والأنقاض بنفقة من طرفه $1469 حتى أصبحت صالحة للبناء أو الغراس ، فمثل هذه الأرض عند تقدير أجرتها لابد من أن يكون التقدير باعتبار أنها بكرة أو قاع أو تل أو أنقاض متراكمة . وبما أن كثيراً من الأوقاف المحتكرة تصعب معرفة أصل حالتها عند التحكير لمضي الزمن ، فالمحتكر هو المكلف بإثبات حالتها تلك القديمة ، إذ هذه من قبله دعوى مخالفة للظاهر من الأمر ، وقاضي الموضوع متى تحري وحقق وقدر للأرض حالة أصلية خاصة ، أو متى قدر الخبير لها حالة خاصة ، واعتمدها القاضي وبيَّن في حكمه علة اعتباره إياها على هذه الحالة الخاصة في مبدأ التحكير ، كان رأيه في ذلك طبعاً من مسائل الموضوع التي لا رقابة عليه فيها”( [63] ) . ومؤدى ذلك أننا لو فرضنا في المثل المتقدم أن قاضي الموضوع ثبت له أن الأرض المحتكرة كانت بركة مثلا وقت التحيكر ، وجب عليه أن يحسب قيمتها الإيجارية يوم التصقيع على اعتبار أنها لا تزال بركة ، لا على أنها قد ردمت وأصبحت صالحة للبناء أو الغراس ، وقد ينزل هذا بالقيمة الإيجارية إلى عشين جنيهاً أو خمسة وعشرين بدلا من مائة أو خمسة وسبعين . وعبء إثبات أن الأرض كانت بركة وقت التحكير يقع على المحتكر ، لأنه يدعي خلاف الظاهر كما تقول محكمة النقض( [64] ) .
وقد اخذ التقنين المدني الجديد كما قدمنا بنظرية محكمة النقض ، فنصت المادة 1005 مدني كما رأينا على أنه “يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى مالا للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير . ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها ، بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس ، ودون $1470 اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ، ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار” . فنبذ بذلك نظرية المحكرين وهي الاعتداد بقيمة الأرض وقت التصقيع وحساب أجرتها على أساس 5% من هذه القيمة وتخصيص الثلث من هذه الأجرة لحق الحكر ، وإذا كان هناك وجه لهذا الحساب فإنما يكون في تقدير قيمة حق الحكر عند الاستبدال ، وقد نوهت بذلك محكمة النقض في حكمها السالف الإشارة إليه( [65] ) . ونبذ التقنين المدني الجديد أيضاً نظرية المحتكرين ، فلم يأخذ بالنسبة بين أجرة الحكر عند التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت ، واستبقاء هذه النسبة بين الأجرة وقيمة الأرض عند التصقيع . وما دار من المناقشات في لجنة مجلس الشيوخ في هذا الصدد قاطع في أن التقنين المدني الجديد قد نبذ هذه النظرية متعمداً نبذها ، بعد أن تقدم بها إلى اللجنة مندوب عن المحتكرين( [66] ) . إذا كان قد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي إشارة صريحة إلى ألأخذ بهذه النظرية ، وقد نسبت خطأ في هذه المذكرة إلى محكمة النقض( [67] ) ، فقد نسخ ذلك ما جرى بعد هذا $1471 من تعديلات أدخلت على النص في لجنة الشيوخ ، وما ظهر جلياً من اتجاه هذه اللجنة لعدم الأخذ بنظرية “النسبة” التي تقدم بها مندوب المحتكرين كما سبق القول .
§ 2- آثار الحكر
804- حقوق المحتكر والتزاماته : يتبين من النصوص الواردة في التقنين المدني في هذا الموضوع أن المحتكر له حقوق ولعيه التزامات . فحقوقه تنحصر في حق عيني يثبت له في العين المحتكرة هو حق الحكر ، وحق ملكية تامة فيما أحدثه على الأرض المحتكرة من بناء أو غراس .ويلتزم بالوفاء بالأجرة للمحكر ويجعل الأرض المحتكرة صالحة للاستغلال .
مواضيع متعلقة بالعقود ننصح بالاطلاع عليها:
كتابة العقود في المملكة العربية السعودية
كيفية أحصل على نماذج عقود
محامين سعوديين متخصصين في العقود
مراجعة العقود محامي في السعودية
محامي سعودي متخصص في كتابة العقود
الصياغة القانونية للعقود القانونية وعقود الاتفاق
محامين كتابة وصياغة العقود في المملكة العربية السعودية
805- حق الحكر في الأرض المحتكرة – نص قانوني : تنص المادة 1001م التقنين المدني على ما يأتي :
“للمحتكر أن يتصرف في حقه ، وينتقل هذا الحق بالميراث”( [68] ) .
وعقد الحكر ينشئ للمحتكر حقاً عينياً أصلياً في الأرض المحتكرة ، هو حق الحكر( [69] ) . ويخول له هذا الحق الانتفاع بالأرض بجميع وجوه الانتفاع ، بشرط $1472 أن تكون الأعمال التي يجريها في الأرض من شأنها أن تؤدي إلى تحسينها . وله بوجه خاص أن يقيم على الأرض بناء أو غراساً ، وله حق القرار في الأرض ببنائه أو غراسه إلى أن ينتهي حق الحكر . وله أن يحدث تصليحات في الأرض ، وأن يغير فيها بشرط ألا ينقص من قيمتها . وقد كان المشروع التمهيدي يتضمن نصا هو المادة 1260 منه ، وكانت تجري بما يأتي : “للمحتكر الحق في أن يعلو بالبناء القائم على الأرض المحكرة ، وفي أن يحدث به زيادة أو تعديلا ، ما لم ينص السند المنشئ لحق الحكر على غير ذلك” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة( [70] ) ، وهو ليس إلا تطبيقاً للقواعد العامة . فلمحتكر أن يعلو بالبناء ما شاء من طبقات( [71] ) ، أما إذا كان الحكر مقصوراً على الطابق الأرضي ، فلا يجوز للمحتكر أن يبني فوق هذا الطابق أطباقاً أخرى ، لأن حقه لم يتعلق إلا بالسفل وحق العلو لا يزال مملوكاً لجهة الوقف أو للمحكر( [72] ) .
وللمحتكر أن يتصرف في حق الحكر بجميع أنواع التصرفات ، فله أن يبيعه أو يهبه( [73] ) ، أو يرتب له أو عليه حق ارتفاق ، أو يرتب عليه حق انتفاع ، وله أن يؤجره ، بل له أن يقفه وقفاً خيرياً ولو كانت الأرض المحتكرة ليست وقفاً( [74] ) ، وأن يحكر حق حكره فينشئ حق حكر على حق الحكر( [75] ) . ويجوز له أن يوصي به ، وينتقل عنه بالميراث ، فحق الحكر بخلاف حق الانتفاع يبقى بعد موت صاحبه ولا ينقضي حتما بالوفاة ، وهذا ما يجعل حق الحكر أقوى من حق الانتفاع( [76] ) . والمحتكر يعد بالاختصار مالكاً مع المالك الأصلي ، فيقوم إلى جانب $1473 حتى ملكية الرقبة للمحكر حق الحكر يقترن بحق الرقبة . فهناك إذن نوع من التدخل ( juxtaposition ) ما بين الحقين( [77] ) .
ويترتب على أن حق المحتكر هو حق عيني عكس النتائج التي قررتاها بالنسبة إلى حق المستأجر وهو حق شخصي( [78] ) .
فيكون حق المحتكر عقاراً دائما لأنه حق عيني مترتب على عقار ، بخلاف المستأجر فهو منقول دائماً كما قدمنا( [79] ) . ويترتب على ذلك أنه يجوز للمحتكر أن يرهن حق الحكر رهنا رسمياً ، ما لم يكن هذا الحق موقوفاً ، ولا يستتبع كون العين المحتكرة وقفا أن يكون حق الحكر ذاته موقوفاً ، فقد يوم حكر غير موقوفا على أرض موقوفة كما يقوم على أرض غير موقوفة ، وقد يوقف حق الحكر وهو قائم على أرض غير موقوفة( [80] ) . والحجز على حق الحكر يكون حجزاً عقارياً لا حجزاً على منقول . ويجب تسجيل حق الحكر كما قدمنا لأنه حق عيني أصلي قائم على عقار ، وكذلك يجب تسجي كل تصرف ناقل $1474 له كما إذا بيع أو وهب . والمحكمة المختصة بنظر قضايا الحكر هي محكمة العقار المحتكر .ويستطيع المحتكر أن يرفع ضد المتعرض له جميع دعاوي الحيازة ( actions posse ) ، والمستأجر في ذلك مثله كما قدمنا( [81] ) . ولكن المحتكر يستطيع فوق ذلك أن يرفع دعاوي الملكية ( actions petitoires ) فيسترد العقار ممن يغتصبه( [82] ) . دون حاجة إلى توسيط المحكر( [83] ) .
ويترتب كذلك على أن حق المحتكر حق عيني أن عقد الحكر يعتبر من أعمال التصرف ، وليس كالإيجار من أعمال الإدارة . فيجب أن تتوافر في الحكر أهلية التصرف ، ولا يدخل التصرف بالحكر في سلطة الوكيل وكالة عامة بل يجب فيه توكيل خاص( [84] ) . وظهور حق حكر على عقار يوجب ضمان الاستحقاق ، حتى في عهد التقنين المدني القديم حيث لا يضمن إلا استحقاق الحق العيني( [85] ) .
ولم يكن للمحتكر في عهد التقنين المدني القديم حق الأخذ بالشفعة كالمالك( [86] ) . ولكن التقنين المدني الجديد ( م 936 ) أثبت الحق في الأخذ بالشفعة “لمالك الرقبة في الحكر إذا بيع حق الحكر ، وللمستحكر إذا بيعت الرقبة” . فيكون ذلك سبا من أسباب انقضاء حق الحكر عن طريق اتحاد $1475 الذمة ، جريا على السياسة التي اختطها التقنين المدني الجديد في التضييق من حق الحكر والتخلص منه بقدر الإمكان( [87] ) .
806- حق الملكية في البناء والغراس – نص قانوني : تنص المادة 1002 من التقنين المدني على ما يأتي :
“يملك المحتكر ما أحدثه من بناء أو غراس أو غيره ملكا تاما ، وله أن يتصرف فيه وحده أو مقترنا بحق الحكر( [88] ) .
ويتبين من النص المتقدم الذكر أن المحتكر إذا بني أو غرس في الأرض المحتكرة ، كان البناء أو الغرس ملكا له دون اتفاق على ذلك مع المحكر ، هذا بخلاف المستأجر إذا بني أو غرس في العين المؤجرة فإن البناء أو الغراس يصبح ملكا للمؤجر عن طريق الالتصاق ما لم يكن هناك اتفاق يقضي بغير ذلك ( م 592 مدني ) .
ويكون للمحتكر في هذه الحالة حقان يتميزان أحدهما عن الآخر : حق عيني في الأرض المحتكرة وهو حق الحكر سالف الذكر ، وحق ملكية تامة في البناء أو الغراس الذي أحدثه في العين المحتكرة . ويجوز له أن يتصرف في كل حق مستقلا عن الحق الآخر . فيبيع مثلا البناء أو الغراس مع استبقاء حق الحكر ، ويجب على المشتري في هذه الحالة أجر مثل الأرض المحتكرة دون التفات إلى القيمة المقررة في عقد الحكر الأول( [89] ) . ويبيع حق الحكر مع استبقاء البناء $1476 أو الغرس ، وفي هذه الحالة يكون عليه هو أن يدفع أجر المثل لمن اشترى حق الحكر . ولكن يغلب أن يتصرف في الحقين معاً ، فيبيع البناء أو الغراس مقترنا بحق الحكر ، ويحل المشتري في هذه الحالة مكانه في كل من الحكر والبناء أو الغراس ، وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي في هذا الصدد : “ما يقيمه المحتكر على الأرض من بناء أو غراس يملكه ملكا خالصا ، وتتميز هذه الملكية عن حق الحكر . وينبني على ذلك أن للمحتكر أن يتصرف في البناء أو الغراس منفصلا عن حق الحكر ، كما إذا باع البناء لمشتر واكتفى بأن يؤجر له حق الحكر ، فيكون للعقار في هذه الحالة ملاك ثلاثة ، صاحب الرقبة والمحتكر وصاحب البناء ، ويفي المحتكر بأجر الحكر لصاحب الرقبة ويستوفي الأجرة المشترطة من صاحب البناء . كما يجوز أن يتصرف المحتكر في حق الحكر دون البناء أو الغراس ، ويصبح هو المستأجر لحق الحكر في هذه الحالة مع بقائه مالكا للبناء أو الغراس . ولكن الغالب أن يتصرف المحتكر في حقيه مجتمعين ، لأن كلا منهما مكمل للأخر”( [90] ) .
وإذا انقضى حق الحكر وكان البناء أو الغراس لا يزال قائماً في الأرض ، فسنرى أن للمستحكر أن يطلب إزالتهما أو استبقاءهما مقابل دفع اقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء ( م 1010 مدني ) .
807- التزام المحتكر بدفع الجرة – نص قانوني : تنص المادة 1003 من التقنين المدني على ما يأتي :
“1- على المحتكر أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المحكر ، 2- وتكون الأجرة مستحقة الدفع في نهاية كل سنة ، ما لم ينص عقد التحكير على غير ذلك”( [91] ) .
$1477 ويخلص من النص المتقدم الذكر أن عقد الحكر يرتب في ذمة المحتكر التزاما شخصياً بدفع الأجرة للمحكر( [92] ) . ويكون للمحكر إذن حقان : حق عيني في الأرض المحكرة وهو ملكية الرقبة مجردة من حق الانتفاع الذي هو حق الحكر ، وحق شخصي في ذمة المحتكر بأن يدفع له الأجرة المتفق عليها . ويجب التمييز بين هذين الحقين . فالحق الأول حق عيني كما قدمنا ، وأي نزاع يقع عليه يكون النظر فيه من اختصاص محكمة العقار المحتكر . ويترتب على ذلك أن الدعوى بتصقيع الحكر تكون دعوى عينية لأنها متفرعة من أصل حق المحكر ، وهو يطلب فيها تعديلا في يحقه كمحكر يزيد المقابل لهذا الحق وهو أجر المثل ، ويكون نظر هذه الدعوى من اختصاص محكمة العقار المحتكر . أما الحق الثاني ، وهو حقه في استيفاء الأجرة عن مدة معينة ، فحق شخصي نظر النزاع فيه من اختصاص محكمة المدعي عليه أي المحتكر( [93] ) .
$1478 وأجرة الحكر تزيد أو تنقص تبعاً لزيادة أجرة المثل أو نقصها ، وقد سبق تفصيل ذلك عند الكلام في تصقيع الحكر( [94] ) . والأجرة تكون زهيدة في العادة( [95] ) . ، وفي الأحكار القديمة المنشأة قبل 15 أكتوبر سنة 1949 تعد إيراداً دائماً إذا كان الحكر مؤبداً .
وتخضع الأجرة في الحكر للواعد العامة التي تسري على الأجرة بوجه عام . فتكون واجبة الدفع في موطن المحتكر ، ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك . وتتقادم بخمس سنوات( [96] ) . ولكنها ، خلافاً للأجرة في اعقد الإيجار ، تكون مستحقة الدفع كل سنة ، وفي نهاية السنة أي تكون مؤجلة لا معجلة ، وذلك كله ما للم يقض الاتفاق بغيره ( م 1003/2 مدني ) .
وإذا لم يدفع المحتكر الأجرة في الميعاد القانوني ، جاز للمحكر مطالبته بها والتنفيذ عيناً مع طلب التعويض إذا كان له مقتض . ولكن لا يجوز للمحكر أن يطلب فسخ عقد الحكر لعدم الوفاء بالجرة ، إلا إذا تأخر المحتكر عن الدفع $1479 ثلاث سنوات متواليات .فقد نصت المادة 1009 من التقنين المدني ، في هذا المعنى ، على أنه “لا يجوز للمحكر ، إذا لم تدفع له الأجرة ثلاث سنين متوالية ، أن يطلب فسخ العقد( [97] )” . فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بفسخ عقد الحكر لتأخر المحتكر في دفع الأجرة سنة أو سنتين ، أو ثلاث سنوات غير متواليات كما لو تأخر سنتين ثم دفع السنة الثالثة وبعد ذلك تأخر في الوفاء بأجرة السنة الرابعة . وكل ما يملك المحكر في هذه الحالة هو أن يطلب الحك على المحتكر بالأجرة المتأخرة ، وينفذ بها على أمواله ، مع التعويض إن كان له محل . ذلك أن الحكر “يختلف عن الإجارة العادية في أنه حق عيني يكلف المحتكر نفقات كثيرة ، ومن ثم فلا يصح أن يهدد بالفسخ إلا بعد الفترة الملائمة من الزمن”( [98] ) .
808- التزام المحتكر بجعل الأرض صالحة للاستغلال- نص قانوني : تنص المادة 1007 من التقنين المدني على ما يأتي :
$1480 “على المحتكر أن يتخذ من الوسائل ما يلزم لجعل الأرض صالحة للاستغلال ، مراعياً في ذلك الشروط المتفق عليها ، وطبيعة الأرض ، والغرض الذي أعدت له ، وما يقضي به عرف الجهة( [99] ) .
ويخلص من النص المتقدم أن عقد الحكر يرتب في ذمة المحتكر التزاماً ثانياً ، هو الغرض الأساسي من التحكير ، وذلك بإلزام المحتكر أن يصلح الأرض المحتكرة ، فإن المحكر لم يكن ليقبل تثقيل الأرض بحق الحك ، وهو حق خطير يكاد يستغرق حق الملكية ، في مقابل أجرة زهيدة كأجرة الحكر ، إلا لأن المحتكر سيقوم باتخاذ الوسائل اللازمة لجعل الأرض صالحة للاستغلال . فيردمها إذا كانت منخفضة . ويرممها إذا كانت في حاجة إلى الترميم ، ويعيد بناءها إذا كانت خربة ، ويسوي سطحها لجعلها صالحة للزراعة إن كانت أرضاً زراعية مع تطهير الترع والمصارف أو حفر ما يلزم الأرض من ذلك إذا لم يكن موجوداً .
ويراعى المحتكر في ذلك الشروط المتفق عليها . فإذا لم تكن هناك شروط ، وجب أن راعى طبيعة الأرض ، فالأرض الزراعية غير أرض البناء . ثم يراعى بعد ذلك الغرض الذي أعدت له الأرض ، فالأرض التي أعدت لزراعة الفاكهة غير الأرض التي أعدت لزراعة الزهور وغير الأرض التي أعدت للمحصولات العادية . ويراعى أخيراً ما يقضي به عرف الجهة ، فقد يقتضيه العرف عناية خاصة أو مسلكاً خاصاً في استغلال الأرض .
$1481 وإذا لم يقم المحتكر بهذا الالتزام ، وجب تطبيق القواعد العامة . فيجوز للمحكر أن يطلب التنفيذ العيني أو الفسخ ، مع التعويض في الحالتين إن كان له مقتض . ولم يتطلب القانون شرطاً خاصاً لطلب الفسخ ، بخلاف التأخر في دفع الأجرة حيث تطلب القانون كما رأينا أن يكون التأخر عن أجرة ثلاث سنوات متواليات . فيترك الأمر لتقدير القاضي إذا طلب منه الفسخ ، يستجيب إلى ها الطلب أولا يستجيب ، ولا يشترط في ذلك أن يثبت إهمال جسيم في يجانب المحتكر . وقد كان المروع التمهيدي يتضمن نصاً يشترط الإهمال الجسيم ، فكانت المادة 1270 من هذا المشروع تنص على أنه “إذا وقع من المحتكر إهمال جسيم في القيام بما يجب عليه من تحسين الأرض ، فللمحتكر أن يطلب فسخ العقد” . وقد حذف هذا النص في لجنة المراجعة اكتفاء بالمادة 1007 سالفة الذكر( [100] ) ، أي أن المسألة تركت للقواعد العامة ، فلا يشترط إذن في طلب الفسخ الإهمال الجسيم .
§ 3- انتهاء الحكر
809- أسباب انتهاء الحكر : ينتهي الحكر بانقضاء الأجل . وقد ينتهي قبل انقضاء الأجل ، ويكون ذلك إما لأسباب خاصة بالحكر وإما لأسباب ترجع إلى القواعد العامة .
فالأسباب الخاصة بالحكر هي : ( 1 ) موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس . ( 2 ) زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة . ( 3 ) صدور قرار إداري بإنهاء الحكر القائم على وقف خيري .
ومن الأسباب التي ترجع إلى القواعد العامة : ( 1 ) اتحاد الذمة . ( 2 ) هلاك الأرض المحتكرة أو نزع ملكيتها . ( 3 ) عدم الاستعمال .
$1482 ( 1 ) انتهاء الحكر بانقضاء الأجل
810- الأحكار الجديدة المنشأة منذ العلم بالتقنين المدني الجديد – – نص قانوني : تنص الفقرة الأولى من المادة 1008 من التقنين المدني الجديد على ما يأتي :
“ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المعين له”( [101] ) .
وقد قدمنا أن أقصى مدة لحق الحكر في الأحكار الجديدة التي تنشأ منذ العمل بالتقنين المدني الجديد ، أي منذ 15 أكتوبر سنة1949 ، هي ستون سنة . فينتهي حق الحكر بانقضاء المدة المعينة له إن كانت هذه المدة ستين سنة أو أقل من ذلك . أما إذا كانت المدة المعينة أكثر منن ستين سنة ، انتهى حق الحكر حتما بانقضاء ستين سنة .
ولما كانت الأحكار الجديدة لا يمكن أن تقام إلا على أراض موقوفة ، فإن جهة الوقوف ، عند انتهاء الحكر بانقضاء مدته ، تخير ، فيما إذا كان للمحتكر بناء أو غراس لا يزال قائماً على الأرض المحتكرة ، بين طلب إزالته أو طلب استبقائه على الوجه الذي سنبينه فيما يلي :
811- الأحكار القديمة المنشأة قبل العمل بالتقنين المدني الجديد : وقد قدمنا( [102] ) أن الأحكار القديمة التي أنشئت قبل 15 أكتوبر سن 1949 ، سواء أنشئت على أرض موقوفة أو على أرض غير موقوفة ، تبقى خاضعة من حيث $1483 المدة للأحكام التي كانت سارية وقت إنشائها ، فيجوز أن تكون مؤيدة فلا تنتهي بانقضاء أجل ما( [103] ) . ويجوز أن تكون لمدة محددة ، كما يجوز ألا تكون هناك مدة معينة ، وفي الحالتين ينتهي الحكر ، حتى لو انقضت المدة المحددة ، ما دام البناء أو الغراس قائماً في الأرض وما دام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، وهذا كله ما لم يتفق على غيره . وقد كان نص المشروع التمهيدي في هذا المعنى ، إذ كان يجري على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المحدد له إن كان البناء الذي أقامه المحتكر قد تهدم أو الغرس الذي أحدثه قد تلف ، وإلا فإن حق الحكر يبقى ما دام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، ما لم يتفق على غير ذلك” . ولكن النص عدل في لجنة المراجعة ، فأصبح نص المادة 1008 كما استقر في التقنين المدني الجديد لا ينطبق على الأحكار القديمة . وقد سبقت الإشارة إلى ذلك( [104] ) .
ولا تثار في الأحكار القديمة مسألة تسوية حساب البناء والغراس عند انقضاء مدة الحكر ، فقد تقدم أن الحكر لا ينتهي ما دام البناء أو الغراس قائماً في الأرض . وإنما تثار في حالة استبدال الحكر ، وقد كان هذا الاستبدال في مشروع التقنين المدني إجبارياً إذا انقضت مدة معينة على الحكر ، ولكن النص الذي يشتمل على هذا الحكم حذف في لجنة مجلس الشيوخ ولم يستعض عنه بنص آخر ، فيكون الاستبدال اختيارياً بحسب اتفاق المحتكر والمحكر( [105] ) .
( ب ) انتهاء الحكر لأسباب خاصة به
812- ( 1 ) موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس – نص قانوني : تنص الفقرة الثانية من المادة 1008 من التقنين المدني على ما يأتي :
$1484 “ومع ذلك ينتهي هذا الحق قبل حلول الأجل إذا مات المحتكر قبل أن يبني أو يغرس ، إلا إذا طلب جميع الورثة بقاء الحكر”( [106] ) .
ويفترض النص أن المحتكر قد مات قبل أن يبدأ تنفيذ التزاماه من البناء أو الغراس في الأرض المحتكرة . ففي هذه الحالة قد تتضرر الورثة من بقاء الحكر ، إما لعجزهم عن البناء أو الغراس ،وإما لعدم اتفاقهم على ذلك . فجعل القانون الخيار للورثة ، وما لم يطلبوا جميعاً بقاء الحكر فيلتزموا بالبناء وبالغراس ويحلوا محل مورثهم في ذلك ، ينتهي الحكر بموت المحتكر وقبل انقضاء أجل الحكر . وهذا الحكم مأخوذ من الشريعة الإسلامية ، ولكنه ورد في المادة 705 من مرشد الحيران على الوجه الآتي : “إذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المحتكرة ، انفسخت الإجارة ، وليس لورثته البناء أو الغراس فيها بدون إذن الناظر” . فالنص هنا لا يكتفي باتفاق الورثة ، بل يوجب أيضاً إذن الناظر ، حتى لا ينفسخ الحكر بموت المحتكر .
ويلاحظ أنه في سبب الانتهاء الذي نحن بصدد – موت المحتكر قبل أن يبني أو يغرس – لا تثار مسألة تسوية حساب البناء أو الغراس ، إذ المفروض أن شيئاً من هذا لم يبدأ .
813- ( 2 ) زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة – نص قانوني : تنص الفقرة الثالثة من المادة 1008 من التقنين المدني على ما يأتي :
“وينتهي حق الحكر أيضاً قبل حلول الأجل إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، إلا إذا كان زوال هذه الصفة بسبب رجوع الواقف في وقه أو إنقاصه لمدته ، ففي هذه لحالة يبقى الحكر إلى انتهاء مدته”( [107] ) .
$1485 ويرجع السبب في وضع هذا النص إلى أن قانون الوقف كان يجعل الوقف موقوتا في بعض الحالات ، فينتهي بانقضاء المدة المعينة له ، أو بانقراض الطبقات المعينة ، أو بصيرورة نصيب المستحقين قليل القيمة . فإذا انتهى الوقف لسبب من هذه الأسباب ، أو أبطل أو استبدل ، وزالت صفة الوقف عن الأرض ، وجب النظر في مصر الحكر الذي قد يكون مترتباً عليا . وقد جرى التقنين المدني الجديد على السياسة التي توخاها من التضييق في حق الحكر والعمل على إنهائه ما أمكن ذلك ، فنص على أنه إذا زالت صفة الوقف عن الأرض المحكرة ، سواء حكرت بعد العمل بالتقنين المدني الجديد أو قبل العمل به انتهى الحكر بزوال صفة الوقف . وهنا يجب النظر في تسوية حساب البناء أو الغراس الذي قد يكون قائماً في الأرض بعد انتهاء الحكر ، وسنعرض لهذه المسألة في الفقرة التالية .
واستثنى المشرع سببين لم يجعل فيهما زوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة مفضيا إلى انتهاء حق الحكر ، هما رجوع الواقف في وقفه وإنقاصه لمدته . ففي هاتين الحالتين يكون الواقف “ناقضا لما تم من جهته ، فيتعين أن يرد عليه سعيه”( [108] ) . ومن ثم يبقى الحكر قائما على الأرض ، حتى بعد أن زالت عنها صفة الوقف برجوع الواقف في وقفه أو إنقاصه لمدته . ويستمر الحكر قائماً على الأرض وقد أصبحت مملوكة ، وذلك إلى انقضاء مدته أو إلى أن ينتهي بسبب آخر غير انقضاء المدة .
وصدر بعد ذلك المسوم بقانون رقم 180 لسن 1952 بإلغاء نظام الوقف $1486 على غير الخيرات ، وقد نصت المادة الثانية منه بأن “يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصا لجهة من جهات البر” . فزالت بذلك صفة الوقف عن جميع الأراضي الموقوفة وقفا أهليا ، واستتبع ذلك انتهاء الأحكار التي كانت قائم على هذه الأراضي بزوال صفة الوقف عنها . وقد أكدت المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 هذا الحكم : إذ نصت على ما يأتي : “يعتبر منتهيا بسبب زوال صفة الوقف كل حكر كان مرتبا على أرض انتهى وقفها وفقاً لأحكام هذا القانون . وفي هذه الحالة تتبع الأحكام المقررة في المواد 1008 وما بعدها من القانوني المدني” . وقد قصد بوجه خاص ، من مواد التقنين المدني المشار إليها ، المادة 1010 التي تنظم تسوية حساب البناء أو الغراس الذي يكون قائماً بالأرض عند انتهاء الحكر . وهذا ما ننتقل الآن إليه .
814- تسوية حساب البناء أو الغراس عند انتهاء الحكر – نص قانوني : تنص المادة 1010 من التقنين المدني على ما يأتي :
“1- عند فسخ العقد أو انتهائه يكون للمحكر أن يطلب إما إزالة البناء أو الغرس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتيهما مستحقي الإزالة أو البقاء .وهذا كله ما لم يوجد اتفاق يقضي بغيره . 2- وللمحكمة أن تمهل المحكر في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر الإمهال ، وفي هذه الحالة يقد المحكر كفالة لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته”( [109] ) .
$1487 وتطبيق هذا النص يكون في إحدى حالتين :
( الحالة الأولى ) إذا فسخ عقد الحكر ، ويفسخ كما رأينا لتأخر المحتكر في دفع الأجرة ثلاث سنوات متواليات ، أو إذا أهمل في إصلاح الأرض . ففسخ الحكر يستوجب ، إذا كان في الأرض بناء أو غراس قائم ، تسوية حسابه .
( الحالة الثانية ) إذا انتهى الحكر بانقضاء أجله في الأحكار الحديثة المنشأة منذ 15 أكتوبر سنة 1949( [110] ) ، أو بزوال صفة الوقف عن الأرض المحتكرة( [111] ) . فانتهاؤه بأحد هذين السببين يستوجب هنا أيضاً ، إذا كان في الأرض بناء أو غراس ، تسوية حسابه .
فإذا اقتضى الأمر تسوية حساب البناء أو الغراس في حالة من الحالتين المتقدمتى الذكر ، كان الخيار للمحكر . فله أن يطلب إزالة البناء أو الغراس من الأرض ، حتى يسترد الأرض خالية . وله أن يطلب استبقاء البناء أو الغراس ، وفي هذه الحالة يدفع للمحتكر أقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء ، فقد تكون قيمتاهما مستحقي البقاء اقل من قيمتيهما مستحقي الإزالة وذلك إذا كانت متخلفات البناء أو الأشجار بعد الهدم أو القلع لها قيمة وهي مفصولة عن الأرض أعلى من قيمتها وهي باقية فيها . وقد تكون القيمة الواجبة الدفع للمحتكر عالية لا يستطيع المحكر دفعها مرة واحدة ، فأجاز القانون للمحكمة ، إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذك ، أن تمنح المحكر أجلا للدفع ، أو أن تجعل الدفع على أقساط ، بشرط أن يقدم للمحتكر كفالة أو رهنا لضمان الوفاء بما يستحق في ذمته .
$1488 وهذه الأحكام تسري إذا لم يوجد اتفاق بين المحكر والمحتكر على غيرها . فقد يتفقان على أن يترك المحتكر البناء أو الغراس دون تعويض ، أو يتفقان على تعويض اكبر أو اقل مما يقرره القانون .
815- ( 3 ) صدور قرار إداري بإنهاء الحكر القائم على وقف خيري : بعد أن زالت الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفا أهليا على النحو الذي رأيناه فيما تقدم ، لم تبق إلا الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً والاحكار القائمة على الأراضي غير الموقوفة . وقد عالج المشرع من هذه الأحكار تلك التي تقوم على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً ، فنص على إجراءات حاسمة لإنهائها كما سنرى .وبقيت الأحكار القائمة على الأراضي غير الموقوفة دون علاج ، فلا يجوز بوجه عام إنهاؤها قبل انقضاء مدتها إلا بالتراضي بين المحكر والمحتكر ، ويهون من أمرها أنها قلة ضئيلة .
أما الأحكار القائمة على الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً ، فقد تعاقبت في شأنها تشريعات ثلاثة تجعلها تنتهي بقرار إداري من وزير الأوقاف : القانون رقم 649 لسنة 1953 والقانون رقم 925 لسنة 1954 والقانون رقم 92 لسنة 1960 .
وقد قدمنا( [112] ) أن القانون رقم 649 لسنة 1953 أجاز لوزير الأوقاف في إنهاء الحكر القائم على وقف خيري . فبعد أن حلت الأوقاف الأهلية ، ولم تبق إلا الأوقاف الخيرية وأكثرها تحت نظارة وزارة الأوقاف ، رؤى ، تمشياً مع السياسة التي تقضي بأنه يجوز لوزير الأوقاف ، بعد موافقة المجلس الأعلى للأوقاف ، أن ينهي بقرار منه أي حكر يقوم على وقف خيري إذا اقتضت مصلحة الوقف ذلك( [113] ) . فإذا كان على الأرض بناء أو غراس للمحتكر ، فإن القانون المشار إليه يقضي بتسوية الحساب على الوجه الآتي :
$1489 تختص وزارة الأوقاف بثلاث أرباع ثمن الأرض ، ويختص المحتكر بالربع الباقي من ثمن الأرض وبكل ثمن البناء والغراس . أما إذا لم يكن في العين بناء ولا غراس ، فإنها يقسم بين وزارة الأوقاف والمحتكر ، للأولى ثلاث أرباع الثمن وللأخيرة الربع .
ويلاحظ أن القانون رقم 649 لسنة 1953 المشار إليه قد تحيف حق المحتكر ، إذ قدره بربع ثمن الأرض ، مع أن وزارة الأوقاف نفسها كانت كما رأينا( [114] ) تعتنق نظرية تذهب فيها إلى أن حق المحتكر بقدر بالثلثين ، وقد أخذت محكمة النقض ، كما سنرى في الفقرة التالية ، بهذه النسبة في تقدير قيمة استبدال الحكر .
ثم صدر القانون رقم 295 لسنة 1954 يتضمن أحكاماً قصد منها تبسيط الإجراءات التي رسمها القانون رقم 649 لسنة 1953 وتيسيرها ، ومنها أن تقوم المحكمة عند عدم الاتفاق بين وزارة الأوقاف والمحتكر على ثمن الأرض ببيع العين الموقوفة وفقاً للأحكام المقررة للبيع الاختياري في قانون المرافعات .
“وعلى أثر صدور هذا القانون ( قانون رقم 295 لسن 1954 ) – كما تقول المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 92 لسنة 1960 الذي حل محله كما سنرى – أوجدت الوزارة ( وزارة الأوقاف ) من التسهيلات ما يمكن المحتكر من الاستبدال ، فقررت أن يكون الاستبدال مقسطاً بأن يدفع المحتكر خمس الثمن والباقي على خمس عشرة سنة . إلا أنه رغماً عن ذلك فإن هذا القانون لم يحقق الغاية المرجوة ، وسارت عملية الاستبدال في بطء شديد حتى كادت تتوقف . . وذلك بسبب ما صادف الوزارة من عقبات ومسائل استعصى حلها . ومن ذلك تعدد المحتكرين ، وقد يكون المحتكر وقفاً أهلياً انتهى على مستحقين كثيرين غير معروفين للوزارة ، ومن الصعوبة بمكان بل من المتعذر في كثير من الأحوال إعلانهم بقرار إنهاء الحكر ، وإن أعلنوا فقد يقبل البعض الاستبدال دون البعض الآخر . . .” .
وانتهى الأمر إلى صدور القانون رقم 92 لسنة 1960 يلغي القانون رقم 295 لسنة 1954 ويحل محله . وتنص المادة الأولى منه على أن “ينتهي حق الحكر $1490 على الأعيان الموقوفة بقرار يصدره وزير الأوقاف إذا اقتضت المصلحة ذلك ، على أن يتم إنهاء جميع الأحكار خلال مدة لا تزيد على خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون” . وتنص المادة الثانية على أن “يختص الوقف مالك الرقبة بثلاث أخماس ثمن الأرض والمحتكر بباقي الثمن . .” . وتنص المادة الثالثة على أنه “يخطر المحتكر بالقرار الصادر بإنهاء الحكر بخطاب موصي عليه بعلم الوصول ، كما ينشر القرار المذكور في الجريدة الرسمية وفي جريدتين يوميتين ويلصق لمدة أسبوع على الباب الرئيسي لمقر البوليس أو العمدة في المدينة أو القرية التي يوجد في دائرتا العقار . . .” . وتنص المادة السادسة على أن “تشكل لجنة الأحكار العليا من مدير إدارة الشؤون القانونية ومن مدير قسم الأملاك والأحكار ومدير قسم الأعيان والاستبدال بالوزارة وعضو من إدارة الفتوى والتشريع المختصة بمجلس الدولة وتكون الرياسة لأعلاهم درجة . وتختص هذه اللجنة بالمسائل التي تحال إليها من لجان شؤون الأحكار ( وهي اللجان التي تتولى فحص الأوراق والمستندات المتعلقة بالعقارات المحتكرة ) ، ويجوز لها أن تقرر التصرف في ثلاثة أخماس الأرض إما بالاستبدال إلى المنتفع الظاهر لها أو إلى بعض المحتكرين أو أحدهم . . كما يجوز لها أن تقرر فرز وتجنيب هذا النصيب . ويعتبر المحتكر في هذه الحالة مالكاً لخمسي الأرض ويحل محل الوزارة في جميع حقوقها .وتسري على العلاقة بين المشتري والمحتكر أحكام عقد الإيجار . وتتبع بالنسبة للمنشآت المقامة على الأرض أحكام المواد 924 و 925 و 926 من القانون المدني” . وتنص المادة السابعة على أن “يكون فرز وتجنيب نصيب الوزارة في الرقبة طبقاً للأحكام والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم55 لسنة 1960 المشار إليه . وإذا رأت لجنة القسمة بيع العقار جمعيه بالمزاد العلني لعدم إمكان قسمته بغير ضرر أو تعذر قسمته بسبب ضآلة الأنصباء ، وكانت الأرض مقاماً عليها منشآت ، فعلى لجنة القسمة تقدير ثمن للمنشآت والأرض كل على حدة ليجري البيع على أساسه . فإذا زاد أو نقص الثمن الراسي به المواد للعقار جميعه عن هذا التقدير ، وزرع الفرق بين المنشآت والأرض بنسبة الثمن الأساسي الذي قدر لكل منهما” . وتنص المادة التاسعة على أن “يتم الاستبدال بالتوقيع على العقد من وزير الأوقاف أو من ينيبه ويشهر العقد” .
$1491 ويلاحظ أن قيمة حق المحتكر قد ارتفعت في هذا القانون الأخير من الربع إلى الخمسين ، ولكنها لا تزال دون الثلثين .
( ج ) انتهاء الحكر لأسباب ترجع إلى القواعد العامة
816- ( 1 ) اتحاد الذمة : كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 1272 منه على ما يأتي : “ينتهي حق الحكر باتحاد الذمة ، إذا تملك صاحب الرقبة المنفعة ، أو إذا تملك صاحب المنفعة الرقبة” . وقد حذف هذا النصف في لجنة المراجعة ، لأنه مجرد تطبق لأحكام اتحاد الذمة( [115] ) .
فإذا ملك المحكر حق الحكر أو ملك المحتكر حق الرقبة ، كأن ورث أحدهما الآخر ، انتهى الحكر باتحاد الذمة ، وأصبح المحكر أو المحتكر باعتبارها مالكاً لها ، ويمتنع عن دفع أجرة الحكر ، وتكون حيازته للأرض كمالك خالية من الغموض ، فيتملك الرقبة بالتقادم ، وذلك بانقضاء ثلاث وثلاثين سنة إذا كانت الأرض وقفاً( [116] ) وخمس عشرة سنة إذا كانت الأرض ليست بوقف( [117] ) . وقد يصبح $1492 المحتكر مالكاً للرقبة بالتقادم ، فإن حق الحكر يزول باتحاد الذمة في شخص المحتكر( [118] ) .
وقد يشتري المحتكر حق الرقبة ، فإذا كانت الأرض موقوفة كان الشراء بطريق الاستبدال . وعندئذ يصبح مالكاً للأرض ملكية تامة ، ويزول حق الحكر باتحاد الذمة في شخصه . وكذلك يجوز أن يشتري المحكر حق الحكر ، فإذا كان هذا الحق موقوفاً كان الشراء بطريق الاستبدال . وعندئذ يصبح مالكاً للأرض خالية من حق الحكر ، ويزول هذا الحق باتحاد الذمة في شخصه . ويطلق على انتهاء حق الحكر بطريق الشراء “استبدال الحكر” . وقد قدمنا أن استبدال الحكر كان في مشروع التقنين المدني الجديد إجبارياً بعد انقضاء مدة معينة على الحكر ، ولكن النص القاضي بذلك حذف في لجنة مجلس الشيوخ( [119] ) . فأصبح الاستبدال اختيارياً ، وذلك فيما يتعلق بالأحكار القائمة على أراض غير موقوفة ، لأن الأحكار القائمة على أراض موقوفة وقفاً أهلياً قد زالت كما قدمنا( [120] ) ، والأحكار القائمة على أراض موقوفة وقفاً خيرياً يجوز إنهاؤها بقرار من وزير الأوقاف كما رأينا( [121] ) . وإذا وقع استبدال الحكر القائم على أرض غير موقوفة بالاتفاق بين المحكر والمحتكر ، جاز تطبيق قواعد استبدال الحكر الواردة في النصوص المحذوفة ، لأنها تتضمن الأحكام الواردة في لوائح وزارة الأوقاف ، وقد أقرتها محكمة النقض في حكمها المعروف( [122] ) .
$1494 وقد يشفع المحتكر في حق الرقابة إذا بيعت ، أو يشفع المحكر في حق الحكر إذا بيع ، وفي الحالتين يزول حق الحكر باتحاد الذمة ، في شخص المحتكر في الحالة الأولى ، وفي شخص المحكر في الحالة الثانية( [123] ) .
817- ( 2 ) علام الأرض المحتكرة أو نزع ملكيتها : كان المشرع التمهيدي للتقنين المدني الجديد ينص في المادة 1275 منه على ما يأتي : “1- ينتهي حق الحكر بهلاك الأرض المحكرة . 2- وإذا نزعت ملكية الأرض المحكرة للمنفعة العامة ، يوزع التعويض ين حق الرقبة وحق الحكر بنسبة كل منهما محسوبة على الأساس المبين في المادة السابقة ، وعلى هذا الأساس يوزع التعويض عن أي ضرر يلحق بالرقبة والحكر على السواء” . وحذفت هذه المادة في لجنة مجلس الشيوخ ، “أن في القواعد العامة ما يغني عن الأحكام الواردة( [124] ) بها” والمادة السابقة التي يشير إليها النص هي المادة 1274 من المشروع التمهيدي ، وهي التي تقضي بأنه لتعيين ثمن الرقبة وثمن حق الحكر تتخذ القيمة الإيجارية للأرض أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشرين سنة ، يختص حق الرقبة منه بالثلث وحق الحكر بالثلثين( [125] ) .
ولما كانت القواعد العامة الواجبة التطبيق في هذه المسألة تقضي بأن هلاك العين المحتكرة أو نزع ملكيتها للمنفعة العامة ينهي حق الحكر ولا يكون للمحتكر الرجوع بتعويض عن حقه ، فإن نصوص المشروع التمهيدي المحذوفة ، وهي متعارضة مع القواعد العامة كما نرى ، لا يجوز تطبيقها بعد أن حذفت . فإذا هلكت الأرض المحكرة ، وهذا لا يكون إلا نادراً كما إذا أكلها البحر ، انتهى بطبيعة الحال كل من حق الرقبة وحق الحكر . والصورة العملية لهلاك الأرض المحكرة هي الهلاك المعنوي بأن تنزع ملكيتها للمنفعة العامة وعند ذلك تصبح الأرض ملكاً عاماً ، وينتهي حق الحكر ، ولا يكون للمحتكر إلا التعويض عن $1495 البناء أو الغراس الذي قد يون قائما في الأرض المحكرة . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه لما كانت الشريعة الإسلامية تقضي بأنه إذا خرب البناء المحتكر أو جف شجره ، ولم يبق لهما أثر في أرض الوقف ، ومضت مدة الاحتكار ، فإن الأرض تعود إلى جهة الوقف ، ولا يكون للمحتكر ولا لورثته حق البقاء وإعادة البناء ، وبأنه إذا لم يمكن الانتفاع بالعين المؤجرة فإن العقد ينفسخ وتسقط عن المحتكر أجرة المدة الباقية . لما كان ذلك كان نزع ملكية الأرض المحكورة هي وما عليها من بناء للمنفعة العامة يترتب عليه حتما أن يفسخ عقد الاحتكار ، ويسقط ما كان للمحتكر من حق البقاء والقرار ، ولا يكون له إلا ثمن بنائه ، أما الوقف فيكون له كل ثمن الأرض( [126] ) .
818- ( 3 ) عدم الاستعمال – نص قانوني : تنص المادة 1011 من التقين المدني على ما يأتي :
“ينتهي حق الحكر بعدم استعمال مدة خمس عشرة سنة ، إلا إذا كان حق الحكر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة”( [127] ) .
وقد قدمنا( [128] ) ، أن حق الحكر منفصل عن حق الرقبة ، وأن أحدهما قد $1996 يكون موقوفاً دون الآخر . فقد تكون الأرض موقوفة وهذا هو الغالب ، ويكون حق الحكر عليها موقوفاً هو أيضاً أو يكون غير موقوف . ولا يلزم من إنشاء الحكر على أرض موقوفة أن يكون الحكر نفسه موقوفاً ، بل هو ينشأ غير موقوف ، وإذا أريد وقفه وجب إنشاء الوقف بتصرف مستقل . وقد تكون الأرض غير موقوفة ، ويكون حق الحكر عليها موقوفاً أو يكون غير موقوف . فيمكن إذن أن نتصور حق حكر موقوف على أرض غير موقوفة ، كما يمكن أن نتصور حق حكر موقوف على أرض موقوفة .
والذي يعتد به في انتهاء الحكر بعدم الاستعمال هو حالة حق الحكر ذاته لا حالة الأرض المحكرة . فإذا كان حق الحكر غير موقوف ، انتهى بعدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة( [129] ) ، ولو كانت الأرض المحكرة موقوفة ، وذلك وفقا للقواعد العامة المقررة في سوط الحق بعدم الاستعمال . وإذا كان حق الحكر موقوفاً ، انتهى بعدم الاستعمال مدة ثلاث وثلاثين سنة ، ولو كانت الأرض المحكرة غير موقوفة ، وذلك وفقاً للقواعد العامة المقررة في شأن الوقف .
( [1] ) الإيجار للمؤلف فقرة 150 ص 198 هامش 2 .
( [2] ) ونذكر من هذه الضروب ما يأتي :
Bail a covenant ou a domaine congeable – Bail a complant – contrat de champart – Bail a rente, a colonage ou a locatairie perpeiuelle .
انظر في ذلك بودريي وفال 1 فقرة 1464 – فقرة 1527 – بلانيول وريبير 10 فقرة 693 – فقرة 715 .
( [3] ) انظر في الأمفتيوز ( emphyteose ) في القانون الفرنسي بودري وفال 1 فقرة 1443 – فقرة 1463 – بلانيول وريبير 10 فقرة 684 – فقرة 692 و 3 فقرة 1000 – فقرة 1001 .
( [4] ) مصر الكلية الوطنية استئنافي 30 يونيه سنة 1930 المجموعة الرسمية 32 رقم 97 ص 215 .
( [5] ) يرى الأستاذ جرانمولان ( العقود فقرة 459 ) أن أحكام الحكر في الشريعة الإسلامية مأخوذة من أحكام عقد الأمفتيوز التي كانت معروفة في القانون الروماني ، ويؤيد الرأي أن صاحب كتاب مطلع الدراري لما تكلم في الحكر ( ص 152 ) قال : في الأمفتيوز أو الحكر ( الإيجار للمؤلف فقرة 152 ص 201 هامش 3 ) .
( [6] ) م 708 مشد الحيران : “الخلو المتعارف في الحوانيت هو أن يجعل الواقف أو المتولي أو المالك على الحانوت قدراً ميعناً من الدراهم ، ثم يؤخذ من الساكن ويعطيه به تمسكاً شرعياً ، فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي ثبت له الخلو ولا إجارة الحانوت لغيره ما لم يدفع له المبلغ المرقوم” .
( [7] ) م 709 مرشد الحيران : “المرصد هو دين مستقر على جهة الوقف للمستأجر الذي عمر من ماله عمارة ضرورية في مستغل من مستغلات الوقف للوقف بإذن ناظره ، عند عدم مال حاصل في الوقف وعدم من يستأجره بأجرة معجلة يمكن تعميره منها” – م 710 مرشد الحيران : “لا يجوز لصاحب المرصد أن يبعه ولا يبيع البناء الذي بناء للوقف ، وإنما له مطالبة المتولي بالدين الذي لصاحب المرصد أن يبيعه ولا يبيع البناء الذي بناه للوقف ، وإنما له مطالبة المتولي بالدين الذي له إن من يرد استقطاعه من أصل أجر المثل”م . 711 مرشد الحيوان : “يجوز لصاحب المرصد ولورثته حبس العين المأجورة إلى حين استيفاء المرصد . فإذا مات المتولي الذي أذن بالعمارة ، فلصاحب المرصد وورثته الرجوع على تركة المتولي بما يكون مستحقاً لهم من المرصد ، وتطالب ورثته المتولي المتوفى من خلفه في نظارة الوقف لأجل أداء المرصد من غلة الوقف” . – وقد صدر في هذا الموضوع أحكام كثيرة من محكمة الاستئناف المختلطة ، نذكر منها ما يأتي : “إذا احتاجت عقارات الوقف للتعمير الضروري ولا مال في الوقف جاز للناظر أن يأذن المستأجر في تعميرها والصرف عليها من ماله وما صرفه يكون مرصداً له على الوقف يخوله حق حبس العين الموقوفة تحت يده والانتفاع بها إلى أن يستوي دينه من غلة الوقف وإلى حين اقتطاعه من أصل الأجرة . لهذا يجوز لناظر الوقف أن يؤجر عقار الوقف لمدة مستطيلة لحين وفاء دين المستأجر ، ولا يجوز للدائنين الآخرين أن يحجزوا تحت يد هذا المستأجر على إيجار ذلك العقار ( استئناف مختلط 6 أبريل سنة 1898م 10 ص 230 ) – الإيجار المعقود من ناظر الوقف ، والذي يقر فيه المستأجر بمبلغ صرف على إعادة بناء الوقف في مقابل أن يسكن المستأجر في العين الموقوفة في نظير أجرة يستنزل بعضها من أصل الدين ويدفع بعضها لجهة الوقف ، هو عقد إيجار صحيح يجب احترامه ، ومثل هذا العقد يعرف في الشريعة الإسلامية بالمرصد . ويجوز لناظر الوقف أن يتخلص من الالتزام الناشئ عن عقد المرصد بأن يدفع الدين من غلة العقارات الأخرى الموقوفة ( استئناف مختلط 26 يناير سنة 1911م 23 ص 143 ) – في العقد المعروف في الشريعة الإسلامية بالمرصد للمستأجر الذي صرف على الوقف بإذن الناظر مصروفات ضرورية ونافعة أن يطالب الناظر بدفع الدين الذي له من غلة الوقف ، هذا إذا لم يختر أن يستنزل هو الدين من الأجرة المستحقة عليه ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1912م 24 ص 127 ) – من استأجر من الوقف عقاراً عليه أبنية قديمة ، واشترط لنفسه الحق في إقامة أبنية جديدة تخصم مصروفاتها جزئياً من الأجرة المستحقة بشروط معينة ، لا يصبح مالكاً للأبنية الجديدة التي صارت ملكاً لجهة الوقف بشرط أن تدفع له ما تكلفه من المصروفات في البناء . وإذا اتفق على غير هذا بدون إذن القاضي كان الشرط باطلا ، ولكن هذا البطلان لا يعفي الوقف من التزامه بتعويض المستأجر لما صرفه على العقار لأنه ليس لأحد أن يثري على حساب الغير ، وللمستأجر وقد أصبح دائناً بموج عقد المرصد أن يحبس العين حتى ستوفي قيمة الأبنية التي أفاد بها الوقف ( استئناف مختلط 21 يناير سنة 1915م 27 ص 133 ) .
( [8] ) م 706 مشد الحيران : “يطلق الكدك على الأعيان المملوكة للمستأجر المتصلة بالحانوت على وجه القرار كالبناء ، أولا على وجه القرار كآلات الصناعة المركبة به . ويطلق أيضاً على الكر دار في الأراضي ، كالبناء والغراس فيها” – م 707 : “والكدك المتصل بالأرض بناء أو غراساً أو تركيباً على وجه القرار هو أموال متقومة تباع وتورث ، ولأصحابها حق القرار ، ولهم استبقاؤها بأجر المثل” . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الكدك يطلق على ما يبنيه مستأجر أرض الوقف من ماله لنفسه بإذن المتولي ، سواء جعل بناءه حانوتاً للتجارة أو للصناعة . ويون الكدك على الأرض الموقوفة ، فمن ادعى أن له كدكاً على أرض انطوى تحت دعواه إقرار منه بأن الأرض وقف ( استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1901م 13 ص 140 ) . وانظر في الكدك أيضاً استئناف مختلط 30 مارس سنة 1926م 38 ص 315 .
( [9] ) إذا كبس إنسان أرض وقف بتراب مملوك لنفسه ، أو أحدث بناء أو غرس أشجاراً فيها ، بإذن المتولي عليها ، سمي ذلك كرداراً . وحكم الشريعة الإسلامية الغراء فيه هو أنه لا يصح نزع الأرض من يد من أجرى فيها ذلك متى كان قائماً بدفع أجر المثل وقام التنازع فيه ، كانت المحاكم الأهلية هي المختصة بنظره ، إذ يكون نظرها في ذلك ليس واقعاً في أصل الوقف ولا ماساً بحكم المحاكم الشرعية الذي لم يتعرض لتعيين أجر المثل ( محكمة طنطا الاستئنافية 10 يونيه سنة 1898 القضاء 4 ص 411 ) . وقد جاء في حيثيات الحكم : “حيث إن الكردار على ما هو مذكور في القاموس وغيره من كتب اللغة هو مثل الأشجار والكبس إذا كبسه من تراب نقله من مكان كان يملكه الكباس . وحيث إن المنصوص عليه في تنقيح الفتاوى الحامدية من باب مشد السكة أن صاحب الكردار يثبت له حق القرار بأجرة مثل الأرض خالية عن الكردار حيث لا ضرر على الوقف ، وإن لأبى الناظر ، نظراً لجهة صاحب الكردار وجهة الوقف . وهذا إذا ثبت أن الكردار وضع بإذن المتولي على الأرض . . . وحيث إنه مذكور في تنقيح الفتاوى الحامدية من كتاب الإجارة نمرة 129 ما مضمونه أنه إذا تنازع الناظر على أرض الوقف وصاحب البناء فيها في أجر المثل ، بأن ادعى صاحب البناء أن ما يدفعه في دكانه هو أجر المثل والناظر يدعي أن أجر المثل زائد عما يدفعه صاحب البناء ، ولا بينة للناظر ، فالحكم أن القول يكون لصاحب البناء ، وعلى الناظر إثبات ما أدعاه من الزيادة” .
( [10] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 560 .
( [11] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 561 في الهامش .
( [12] ) انظر في كل ذلك مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 561 – ص 566 .
( [13] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 560 ص 561 .
( [14] ) استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 القضاء 5 ص 7 .
( [15] ) استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – وقد وردت هذه الأحكام في المواد 700 – 705 من مرشد الحيران . وكان لقضاء محكمة الاستئناف المختلطة وقضاء محكمة النقض شأن عظيم في بسط هذه الأحكام وتطبقها تطبيقاً علمياً على الأحكار في مصر ، وكانت إذا ذاك ذات أهمية كبيرة من حيث العدد ومن حيث القيمة .
( [16] ) ولا يملك المستأجر تحكير العين ، لأن الحكر حق عيني لا يملك منحه إلا من يملك التصرف في الملك ( مصر الوطنية 14 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 643 ص 1269 ) .
( [17] ) استئناف وطني 2 مايو سنة 1902 الحقوق 17 ص 211 – استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894م 7 ص 35 – 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 – جرانمولان في العقود فقرة 457 – الإيجار للمؤلف فقرة 151 ص 200 .
( [18] ) وقد نصت المادة 332 من قانون العدل والإنصاف لقدري باشا على ما يأتي : “إذا خربت دار الوقف وتعطل الانتفاع بها بالكلية ، ولم يكن للوقف ريع تعمر به ، ولم يوجد أحد يرغب في استئجارها مدة مستقبلة باجرة معجلة تصرف في تعميرها ، ولم يمكن استبدالها ، جاز تحكيرها بأجر المثل . وكذلك الأرض الموقوفة إذا ضعفت عن الغلة ، وتعطل انتفاع الموقوف عليهم بالكية ، ولم يوجد من يرغب في استئجارها لإصلاحها أو من يأخذها مزارعة ، جاز تحكيرها” . وعرفته محكمة الاستئناف الوطنية بأنه عقد إجارة يقصد به استبقاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والغرس أو لأحدهما ، والمحكر مؤجر والمحتكر مستأجر ( استئناف وطني 4 فبراير سنة 1897 الحقوق 12 ص 115 ) . ولكنه يختلف عن الإيجار في طبيعته وفي أغراضه ، فهو عقد قائم بذاته ( sui generic ) ( استئناف مختلط 16 يونيه سنة 1921م 33 ص 402 – وانظر استئناف مختلط 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 ) .
( [19] ) استئناف مختلط 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 الحقوق 7 ص 344 – دي هلتس 4 ص 392 فقرة 16 .
( [20] ) استئناف مختلط 25 ابريل سنة1900م 12 ص 215 – 10 ماس سنة 1909 م 21 ص 249 – مصر الوطنية 26 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 رق 619 ص 751 .
( [21] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 561 – ص 567 .
( [22] ) وأعقبه القانون رقم 295 لسنة 1954 الذي حل محله القانون رقم 92 لسنة 1960 – وسنورد أحكام هذا القانون الأخير عند الكلام في انتهاء الحكر ( انظر ما يلي فقرة 814 ) .
( [23] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1257 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- يجوز ترتيب الحكر على عين موقوفة أو على عين غير موقوفة . 2- ويجب أن يكون إنشاء الحكر بورقة رسمية . فإذا كانت الأرض التي ترتب عليها حق الحكر عيناً موقوفة ، وجب على الناظر أن يستصدر من المحكمة الشرعية التي تقع في دائرتها هذه الأرض حجة شرعية ، بعد أن يقيم الدليل على أن إنشاء الحكر أمر تقتضيه المحافظة على العين الموقوفة” . وفي لجنة المراجعة عدل النص على الوجه الآتي : “1- يكون إنشاء الحكر بورقة رسمية . 2- ولا يجوز التحكير إلا لضرورة أو مصلحة وبإذن من المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها تلك الأرض ، ويجب أن يصدر به شهادة على يد رئيس المحكمة أو أحد قضاتها أو مأذون من قبله” ، وأصبح رقم المادة 1075 في المشروع النهائي . وفي اللجنة التشريعية لمجلس النواب ، عدلت الفقرة الثانية تعديلا يتسق مع المادة 2 م مشروع قانون الوقف كما أقرها مجلس النواب أخيرا . ووافق مجلس النواب على المادة كما عدلتها لجنته تحت رقم 1072 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الأولى لأن في الفقرة الثانية ما يغني عنها ، واستبدلت في الفقرة الثانية بكلمة “إشهاد” كلمة “عقد” لأن العرف جرى بإطلاق الإشهاد على ما يعقد من التصرفات بإرادة واحدة والمسألة تتعلق بعقد يتم بتعبيرين صادرين عن إرادتين ، ثم أضيفت إلى الفقرة الثانية العبارة الآتية : “ويجب شهره وفقاً لأحكام قانون تنظيم الشهر العقار” لتبرز فكرة أن حق الحكر حق عيني تتبع في شهر القواعد التي تتبع في شهر غيره من الحقوق العينية . ووافق على النص مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته تحت رقم المادة 1000 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 – ص 572 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم . والذي جرى عليه القضاء المختلط في عهد هذا التقنين التمييز بين ما إذا كانت الأرض المحتكرة وقفاً فيصبح الحكر في هذه الحالة عقداً شكلياً ولا يكون إلا بالكتابة ويجب تسجيله في المحكمة الشرعية ( استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1890م 2 ص 114 – 9 مايو سنة 1900م 12 فبراير سنة 1912 م 24 ص 164 – 3 يناير سنة 1917م 29 ص 133 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193 – 6 فبراير سنة 1923م 35 ص 191 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 455 ) ، وبين ما إذا كانت الأرض المحتكرة غير وقف فينعقد الحكر بمجرد الإيجاب والقبول بلا حاجة إلى كتابة ولا إلى إذن من القاضي ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 ) . أما القضاء الوطني فلم يكن يعتبر عقد الحكر حتى على أرض موقوفة عقداً شكلياً ، فقد نصت محكمة النقض بأن محل العمل بأحكام المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي تنص على منع سماع دعوى الوقف إلا إذا كان ثابتاً بإشهاد ممن يملكه على يد حاكم شرعي بالقطر المصري أو مأذون من قبله وكان مقيداً بدفتر إحدى المحاكم الشرعية أن يكون النزاع في أصلي الوقف . أما إذا كان النزاع قاصراً على المطالبة بالحكر ، فيكفي فيه تقديم الدليل على التحكير ( نقض مدني 2 يوليه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 ) . ولكن محكمة استئناف مصر اشترطت أن يكون الحكر بإذن القاضي إذا كانت الأرض المحتكرة موقوفة ( استئناف مصر 16 فبراير سنة 1932 المحاماة 13 رقم 32 ص 83 : وقد قضي هذا الحكم بأنه إذا أجر ناظر الوقف الأرض لمدة 33 سنة قابلة للتجديد وتعهد بدفع قيمة ما تساويه المباني يوم الإخلاء ، فهذا العقد لا يكون حكراً لأن لائحة الإجراءات الداخلية للمحاكم الشرعية المعدلة بقانون رم 23 لسنة 1921 صريحة في أن الإذن بالتحكير يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية فلابد من إذن القاضي الشرعي في التحيكر ، ويكون العقد في الحالة التي نحن بصددها إيجاراً عادياً لأرض موقوفة فلا يجوز إيجارها هذه المدة الطويلة إلا بإذن القاضي ) . انظر أيضاً استئناف وطني 12 يناير سنة 1912 المجلة القضائية 132 ص 6 .
لما كان التقنين المدني الجديد لا يجيز ترتيب الحكر إلا على أرض موقوفة ، فالحر في هذا التقنين أصبح دائماً عقداً شكلياً لا ينعقد إلا بتوثيق رسمي . وبديهي أن الاحكار التي ترتبت في عهد التقنين المدني القديم على أعيان غير موقوفة بغير توثيق رسمي تبقى قائمة وفقاً للأحكام التي كانت تسري وقت إنشائها ، ولكنها تخضع من حيث الآثار والانتهاء لأحكام التقنين المدني الجديد كما سنرى ( م 1012/2 مدني ) .
( [24] ) ويقول النص “المحكمة الابتدائية الشرعية” ولما كانت المحاكم الشرعية قد ألغيت ، وأصبحت المحكمة الوطنية هي المحكمة ذات الاختصاص العام في جميع المسائل ، فقد حلت بذلك المحكمة الابتدائية الوطنية محل المحكمة الابتدائية الشرعية في الاختصاص بالإذن في إنشاء الحكر على العين الموقوفة .
( [25] ) كان هذا صحيحاً في المشروع التمهيدي ، أما في المروع النهائي فقد أوجبت لجنة المراجعة ، كما سنرى ، ألا يكون إنشاء الحكر إلا على عين موقوفة . واستقر هذا الحكم في التقنين المدني الجديد .
( [26] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 572 – ص 573 .
( [27] ) وكان الحكر ، في عهد التقنين المدني القديم ، واجب التسجيل حتى يكون نافذاً في حق الغير ( مصر المختلطة 19 فبراير سنة 1912 مجموعة التشريع الدائمة باتشي وسستو في تقنين أحكام الوقف تحت المادة 332 فقرة 33 – سليمان مرقس فقرة 329 ص 627 هامش 1 ) .
( [28] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه يجوز إثبات الحكر على أرض موقوفة ، إذا فقدت الحجة الشرعية ، بأوراق أخرى لا تدع أي شك في وجوده ( استئناف مختلط 27 مارس سنة 1913م 25 ص 266 – 31 يناير سنة 1933م 45 ص 150 – 13 فبراير سنة 1934م 46 ص 162 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 – 17 مارس سنة 1936م 48 ص 193 ) .
( [29] ) استئناف مصر 30 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 319 ص 625 – استئناف مختلط 15 مايو سنة 1901م 13 ص 308 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 31 يناير سنة 1918م 30 ص 193 – ولكن إذا كسب شخص حق الحكر من المالك الحقيق ، فلا يجوز له أن يكسب ملكية العقار نفسه بالتقادم بمجرد امتناعه عن دفع أجرة الحكر ، لأنه وضع يده على العقا كمحتكر لا كمالك ( نقض مدني 22 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 – 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 – استئناف مختلط 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 ) ، وهذا ما لم يغير واضع اليد نيته فيضع يده كمالك ويثبت ذلك من الظروف ( استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 29 ص 59 : ويقضي هذا الحكم بأن عدم دفع المحتكر أجرة الحكر لجهة الوقف مدة ثلاث وثلاثين سنة يسقط حق الوقف في المطالبة بأجرة الحكر ويجعل واضع اليد مالكاً ملكية تامة لا مجرد محتكر – استئناف مختلط أو لفبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 28 مايو سنة 1940م 52 ص 286 – 4 مارس سنة 1941م 53 ص 124 – 20 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – احمد فتحي زغلول ص 291 – الإيجار للمؤلف فقرة 160 ) .
( [30] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 – ص 572 في الهامش .
( [31] ) تاريخ النص : لم يكن لهذا النص مقابل في المشروع التمهيدي . وفي لجنة المراجعة رؤى ، لمعاجلة الاحكار القائمة على أرض غير موقوفة من وقت العمل بالقانون ، إضافة النص الآتي : “الاحكار القائمة على أرض غير موقوفة وقت العمل بهذا القانون تسري في شأنها الأحكام المبينة في المواد السابقة” ، وأصبح رقمه المادة 1090 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1087 . وفي لجنة مجلس الشيوخ أضيفت فقرة جديدة – جعلت الفقرة الأولى – لإبراز فكرة المشرع في تحريم الاحتكار على الأرض غير الموقوفة ولو أنها مستفادة من تعريف الحكر الوارد في المادة . . ( ولكن النص الذي ورد فيه تعريف الحكر بأنه لا يكون إلا على أرض موقوفة حذف في نفس لجنة مجلس الشيوخ لأنه من قبيل التعريفات ولأن الحكم الذي تضمنه من قصر الحكر على الأرض الموقوفة قد وردف في المادة 1012 – فأصبحت المادة 1012/1 وحدها هي التي تنص على أن الحكر لا يكون ، من وقت العمل بالتقنين المدني الجديد ، إلا على أرض موقوفة ) . وجرت الفقرة الأولى الجديدة التي أضيفت إلى المادة على الوجه الآتي : “من وقت العمل بهذا القانون لا يجوز ترتيب حق حكر على أرض غير موقوفة ، وذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 1008 فقرة ثالثة” . فأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1012 . وقالت اللجنة في تقريرها : “أضافت اللجنة إلى هذه المادة فقرة أولى . . وقد راعت في هذه الإضافة أن سبل استغلال الأراضي المملوكة ميسرة ، وأن الحكر حق لا ينبغي التوسع في تطبيقه ولهذا قصرت استعماله على الوقف ، إلا أنها رأت أن تستثني الحالة التي يكون فيها الحكر قد رتب على أرض موقوفة زالت عنها فيما بعد صفة الوقف لسبب لا يفضي إلى انتهاء الحكر . وحكم النص الذي أضافته اللجنة لا يسري على الماضي رعاية للحقوق المكتسبة ، ولكنه ينصرف على المستقبل فلا يطبق إلا من وقت العمل بهذا القانون” . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 613 – ص 615 ) .
( [32] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 571 .
( [33] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 573 .
( [34] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 569 .
( [35] ) انظر آنفاً فقرة 797 .
( [36] ) انظر آنفاً فقرة 799 .
( [37] ) استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 10 مارس سنة 1909م 21 ص 249 – مصر الوطنية 26 فبراير سنة 1925 المحاماة 5 رقم 619 ص 751 – انظر عكس ذلك مصر الوطنية 14 نوفمبر سنة 1932 المحاماة 13 رقم 643 ص 1296 .
( [38] ) وكان مقتضى ألا يكون للتقني المدني الجديد أثر رجعي أن الحكر المعقود قبل 15 أكتوبر سنة 1949 يخضع للأحكام التي كانت سارية وقت انعقاده ، فلا يخضع إذن لأحكام التقنين المدني الجديد . ولكن لما كانت أحكام التقنين المدني الجديد لا تختلف كثيراً عن الأحكام السابقة عليها ، وكثيرا من هذه الأحكام تعتبر من النظام العام فتسري بأثر فوري حتى على الاحكار المعقودة قبل العمل بها ، فقد رؤى ، إخضاع جميع الاحكار لقواعد واحدة هي قواعد التقنين المدين الجديد ، حتى لا تتعدد الأحكام في نظام عتيق هو الآن في سبيله إلى الزوال .
( [39] ) انظر ما يلي فقرة 801 .
( [40] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1256 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “الحكر عقد يكسب المحتكر بمقتضاه حقاً عينيا يخوله الانتفاع بأرض ، بإقامة بناء عليها أو باستعمالها للغرس و لأي غرض آخر ، وذلك في مقابل أجرة معينة . 2- لا يجوز الاتفاق على التحكير لمدة تزيد على تسع وتسعين سنة ، فإذا اتفق على مدة أطول ، أو على مدة غير محدودة ، أو أغفل الاتفاق تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة تسع وتسعين سنة” . وفي لجنة المراجعة رؤى قصر الحكر على الأرض الموقوفة وتعديل المادة على الوجه الآتي : “1- الحكر عقد به يكسب المحتكر قحاً عينياً على أرض موقوفة يخوله الانتفاع بإقامة بناء عيها أو باستعمالها للغرس أو لأي غرض آخر ، وذلك في مقابل أجرة معينة . 2- ولا يجوز الاتفاق على التحكير لمدة تزيد على تسع وتسعين سنة . فإذا اتفق على مدة أطول أو على مدة غير معينة أو أغفل الاتفاق تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة تسع وتسعين سنة” . وأصح رقم المادة 1074 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1071 . وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت الفقرة الأولى لوضوح حكمها بالنسبة إلى حقوق المحتكر ، ولأن الحكم الخاص بقصر الحكر على الأرض الموقوفة قد ورد في المادة 1012 . وعدلت الفقر الثانية على الوجه الآتي : “لا يجوز التحكير لمدة تزيد على ستين سنة . فإذا عينت مدة أطول أو أغفل تعيين المدة ، اعتبر الحكر معقوداً لمدة ستين سنة ، إلا إذا أنهى الوقف قبل ذلك” . وقد راعت اللجنة في هذا التعديل أن تخفض المدة التي لا يجوز الاتفاق على مجازتها في التحكير ، توخياً لإبراز معنى توقيت الحكر ، ولا سيما بعد أن أصبح تعمير العين المحكرة واستبدالها ميسورين في مدة أقصر من المدة التي كان يقتضيها تحقيق هذين الغرضين في الزمن الماضي . وأريد بإضافة عبارة “إلا إذا انهي الوقف قبل ذلك” مواجهة حالة انتهاء الوقف الأهلي الموقت إذ قد ينتهي قبل ستين سنة . وفي جلسة أخرى حذفت اللجنة العبارة الأخيرة “إلا إذا انتهى الوقف قبل ذلك” على أن يتضمن حكمها مادة أخرى هي المادة 1008 .وأصبح رقم المادة 999 . ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 568 – ص 570 ) .
ولا يقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولم يكن لمدة الحكر في عهد هذا التقنين حد أقصى ، بل كان يصح أن يكون الحكر دائمياً .
( [41] ) انظر آنفاً م 335 من قانون العدل والإنصاف – استئناف مصر 31 ديسمبر سنة 1938 المحاماة 20 رقم 212 ص 603 – وقضي بأنه إذا نص في عقد تأجير الأراضي الموقوفة على أن التأجير لمدة سنة واحدة ، وعلى أن للمؤجر حق تسلم الأرض ولو في خلال هذه السنة ، كما نص فيه على أن المستأجر ليس له حق البقاء والقرار ، فقد انتفى اعتبار العقد تحكيراً ، لأن هذه النصوص منافية لخصائص الحكر الرئيسية ( عابدين 11 ديسمبر سنة 1949 لمحاماة 30 رقم 174 ص 207 ) .
( [42] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 570 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .
( [43] ) انظر تفصيل ذلك فيما يلي فقرة 811 .
( [44] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 605 – ص 606 في الهامش – وكان المروع التمهيدي يتضمن النص الآتي ( م 1273م المشروع ) : “إذا بقي حق الحكر أكثر من تسع وتسعين سنة بسبب قيام البناء أو الغراس ، كان لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يطلب شراء حق الآخر في أي وقت بعد انقضاء هذه المدة ، وإذا طلب كل مهما الشراء أجيب طلب المحتكر وحده” . وكان هذا النص مقصوداً به أن يسري على كل حكر ، سواء أنشئ قبل العمل بالتقنين المدني الجديد أو أنشئ بعد ذلك . وفي تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تضمن المروع نصاً آخر ( م 1274 ) يجري على الوجه الآتي : “في تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تتخذ القيمة الإيجارية للأرض بالحالة التي هي عليها أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشرين سنة ، إلا إن كان صقع الأرض لا يسمح لصاحبها بأن يحصل على ثمنها في تلك المدة وإنما يتطلب لذلك مدة أطول ، ففي هذه الحالة تقدر الأجرة عن المدة الأطول ، ويكون ذلك ثمناً للعين كلها ، يختص حق الرقبة منه بالثلث ، وحق الحكر بالثلثين” . وفي لجنة المراجعة عدلت المادة 1273 على الوجه الآتي : “1- إذا بقي حق الحكر أكثر من خمسين سنة ، كان لكل من مالك الرقبة والمحتكر أن يطلب شراء حق الآخر في أي وقت بعد انقضاء هذه المدة ، وإذا طلب كل منهما الشراء أجيب طلب المحتكر وحده” . والحكمة في هذا التعدي لهي أن يكون هناك مبرر قوي للشراء وهو طول المدة الباقية على استمرار حالة الحكر . ثم نوقش النص مرة أخرى في اللجنة ، وحضر مفتي وزارة الأوقاف المناقشات وقال : “إن الشريعة لا تعترف بأن الحكر يقلل من قيمة الأرض المحكرة ، والدليل على ذلك أن ناظر الوقف وحده له من حق التحكير بدون أخذ رأي القاضي ، وقال إنه لو كانت قيمة العين تنقص بالتحكير لما أباحت الشريعة الإسلامية ذلك” . وختم كلامه قائلا : “إن المحتكر لم يدفع أي ثمن لحق البقاء والقرار ، وإنما كل ما دفعه هو أجرة انتفاعه بالأرض ، وهذا لا يكسبه إلا حق الأولوية في الإيجار ، وهو بذلك لم يكسب أي حق عينين على العين الموقوفة” . فلم تجار اللجنة هذا الرأي ، وبعد مناقشة وافقت على أن تكون مدة التحكير في الأحكار الجديدة ستين سنة ، وأن يقتصر النص على الأحكار القائمة وقت العمل بالتقنين المدين الجديد ، على أنه بعد مضي ستين سنة على الأقل من وقت إنشاء الحكر يكون لكل من المحكر والمحتكر الحق في طلب إنهائه مقابل تعويض عادل ، وعند التزاحم يفضل المحتكر ويكون شراؤه للأرض المحتكرة نوعاً من استبدال الر الموقوفة تجيزه الشريعة . ثم ناقشت اللجنة النسبة التي يوزع بها ثمن العين بين المحكر والمحتكر ، فلوحظ عليها أنها نسبة تحكمية وفيها ظلم كبير للمحكر لأن ارتفاع قيمة ألأرض لا يرجع دائماً إلى ما أدخله البناء عيها من تحسين وإنما قد يكون بسبب ظروف أخرى ، ففي كثير من الصور يرجع ارتفاع قيمة العقار المحكر لتغير الصقع أو إحداث منشآت عامة ويكون أثر الحكر في زيادة هذه القيمة ضئيلا ، كما أن قيمة حق المحتكر تتغير بتغيير المدة الباقية من الحكر . فليس من العدل التزام النسبة التحكمية ، الثلث والثلثين ، بالرغم من إقرار محكمة النقض لها ، بل العدل أن يختص حق الرقبة وحق الحكر من الثمن بالقدر الذي يتناسب مع كل منهما حسب ظروف كل حالة ، ويترك الأمر للقضاء ويجري التوزيع طبقاً لما تقتضيه العدالة . وفي جلسة تالية قدمت الحكومة نصاً يشتمل على ما انتهت إليه اللجنة من أحكام ، وهو النص الذي أقرته اللجنة أولا وقد ورد ذكره في المنازعات ، ثم عدلت عن إقرارها إياه وحذفته دون أن تستعيض عنه بنص آخر “حتى لا تقطع بالرأي في مسألة تعارضت فيها المصالح والحقوق . .” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 600 – ص 6067 في الهامش ) .
والمصالح المتعارضة هي مصالح طائفة المحكرين ومصالح طائفة المحتكرين . فالطائفة الأولى تمثلها وزارة الأوقاف ، وقد رأينا مفتي هذه الوزارة يقول : “إن الشريعة لا تعترف بأن الحكر يقلل من قيمة الأرض المحكرة . . . ( و ) إن المحتكر لمي يدفع أي ثمن لحق البقاء والقرار ، وإنما كل ما دفعه هو أجرة انتفاعه بالأرض ، وهذا لا يكسبه إلا حق الأولوية في الإيجار ، وهو بذلك لم يكسب أي حق عيني على العين الموقوفة” . وطائفة المحتكرين تنادي بأن الحكر بيع مستتر ، وقد تملك المحتكر الأرض المحتكرة تحت شرط فاسخ هو تعميرها ، فالاستبدال “بناء على ذلك لا يكون على رقبة العين المحكرة ، بل على ملكية الشرط الفاسخ” ( انظر في هذا المعنى عثمان فهمي : الحكر في مصر ) .
وهكذا لم تقطع لجنة مجلس الشيوخ برأي في هذه المسألة الدقيقة ، وحذفت النص المقترح دون أن تستعيض عنه بنص آخر .
( [45] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 606 في الهامش – وانظر نقض مدني 25 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 107 ص 816 .
( [46] ) انظر ما يلي فقرة 814 .
م1004 : ورد هذا النص في المادة 1263 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- لا يجوز تحكير الأراضي الموقوفة بأقل من أجرة المثل . 2- وتزيد هذه الأجرة أو تنقص كلما بلغ التغيير في أجرة المثل حداً كبراً ، زيادة أو نقصاً” . وفي لجنة المراجعة عدلته الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “لا يجوز التحكير بأقل من أجرة المثل” . وأضيفت عبارة “على أن يكون قد مضي ثلاث سنوات على آخر تقدير” في آخر الفقرة الثانية . وأصبح رقم المادة 1079 في المشروع النهائي . ووافق مجلس النواب عليها تحت رقم 1076 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، جعلت المدة التي يصقع الحكر بعد انقضائها ثماني سنوات بدلا من ثلاث ، تمشياً مع النظام المقرر في إعادة تقرير الضرائب الخاصة بالعقارات ، وعدلت المادة بحيث أصبحت مطابقة لما استقرت عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمها 1004 ووافق عليها مجلس الشيوخ كما عدلتها لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 581 – ص 584 ) .
م 1005 : ورد هذا النص في المادة 1264 من المروع التمهيدي على الوجه الآتي : “يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى القيمة الإيجارية للأرض وقت التقدير ، على أن يراعى في ذلك الغرض الذي أعدت له الأرض وحالتها عند التحكير وموقعها ورغبات الناس فيها ، دون اعتبار لما أحدثه المحتكر في الأرض من تحسين أو إتلاف ، وبغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس” . وأقرته لجنة المراجعة بتعديل لفظي طفيف ، وأصبح رقمه 1080 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1077 . وفي لجنة مجلس الشيوخ عدل النص تعديلا من شأنه ألا يدخل في الحساب ما يقع من تحسين أو نقص في الصقع ذاته إذا كان راجعاً إلى فعل المحتكر ، وألا يدخل في الحساب ما يقع من تحسين أو نقص في الصقع ذاته إذا كان راجعاً إلى فعل المحتكر ، وألا يكون ثمة اعتبار لما للمحتكر من حق القرار على الأرض ، فصار النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وأصبح رقمه 1005 . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلته لجنته – وكانت لجنة مجلس الشيوخ في إحدى جلساتها قد استمعت لمندوب عن المحتكين ذكر أن المادة التي أقرتها اللجنة “تضع قاعدة في تقدير الزيادة أو النقص ترجع إلى ما للأرض من قيمة إيجارية وقت التقدير مع مراعاة صقع الأرض ، وهذا الحكم سيؤدي إلى خراب كثير من المستحكرين وهم أغلبية عظيمة ، وأن القاعدة العادلة هي التقدير حسب وقت التحكير . ثم قال إنه يقترح تعديل المادة . . الخاصة بالتصقيع على الوجه الآتي : يكون التصقيع على أساس النسبة بين قيمة الأرض وقت التحكير وقيمتها الحالية وقيمة الحكر وقت إنشائه وقيمته وقت التصقيع . . وعلى الأقل حذف الجزء الأخير من المادة . . ونصه : ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من حق القرار مع حذف كلمة إيجارية . . إذ ليس هناك إيجار ولا أجرة وإن 30 بارة و 8 قناديل زيت ليست أجرة” . فرد عليه بأن “نظرية المادة التي وافقت عليها اللجنة تصرف النظر عن الماضي كما تصرف النظر عما أصاب الأرض من إتلافا وتحسين أدخل على الأرض بسبب البناء ، فلا يضار به المحكر ، وكذلك يجب ألا يستفيد من التحسين . . ( و ) لا يمكن التسليم بنظرية . . أن الحكر بيع مستتر” . وبعد مناقشة سلم المندوب بوجهة نظر اللجنة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 588 – 589 ) .
م 1006 : ورد هذا النص في المادة 1265 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1081 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1078 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 1006 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 589 – ص 591 ) .
( [48] ) استئناف مختلط 7 فبراير سنة 1889م 1 ص 216 – 6 يونيه سنة 1889 المجموعة الرسمية المختلطة 14 ص 222 – 24 نوفمبر سنة 11892م 5 ص 25 – 12 ماس سنة 1896م 8 ص 165 – 17 نوفمبر سنة 1897م 10 ص 9 – 18 نوفمبر سنة 1897م 10 ص 15 – 14 مايو سنة 1908م 20 ص 231 – 14 ديسمبر سنة 1915م 28 ص 55 – 9 مارس سنة 1916م 28 ص 193 – 25 أبريل سنة 1916م 28 ص 277 – 27 أبريل سنة 1916م 28 ص 282 – 7 مارس سنة 1918م 30 ص 270 – استئناف وطني 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 494 ص 809 .
( [49] ) مصر الوطنية 24 يونيه سنة 1904 عزيز خانكي رقم 366 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 313 ص 350 هامش 3 .
( [50] ) استئناف مختلط 14 مايو سنة 1908م 20 ص 231 – 21 فبراير سنة 1924م 36 ص 240 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 453 – 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – 6 ديسمبر سنة 1932م 45 ص 54 – 12 مارس سنة 1946م 58 ص 118 .
ومن ذلك نرى تدرجاً في أحكام الشريعة الإسلامية من حيث تغير الأجرة أثناء مدة الإيجار . فهي ثابتة لا تتغير في الإيجار العادي للأعيان غير الموقوفة . وتتغير في الإيجار العادي للأعيان الموفقة زيادة لا نقصاً . وتتغير زيادة أو نقصاً في الحكر .
( [51] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 582 – ص 584 – وانظر نفس الفقرة في الهامش .
( [52] ) استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 الحقوق 12 ص 185 – 2 مايو سنة 1902 المجموعة الرسمية 3 رقم 74 ص 199 – استئناف مختلط أول مايو سنة 1924م 36 ص 345 – 31 يناير سنة 1937م 45 ص 150 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 251 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 .
( [53] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 585 .
( [54] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 590
( [55] ) استئناف مصر 19 ديسمبر سنة 1922 المحاماة 5 رقم 205 ص 221 .
( [56] ) استئناف وطي 21 مايو سنة 1894 عزيز خانكي 373 ( الحكر المقرر على أرض مملوكة لا تقبل الزيادة حتى لو تصقعت الأرض إذا لم يحفظ المالك لنفسه حق طلب زيادة الحكر في عقد التحكير ) .
( [57] ) انظر آنفاً فقرة 802 في الهامش .
( [58] ) وقد أخذت محكمة استئناف مصر بهذه النظرة وقالت في يحكمها : “بالرجوع إلى المادة 331 من كتاب قانون العدل والإنصاف يتبين أن الحكر عقد إجارة يقصد به استيفاء الأرض الموقوفة مقررة للبناء والتعلي أو للغراس ما دام المحتكر يدفع أجرة المثل . وقد قيل عن كيفية تقديرها إنه يحصل قياسها على أجرة عين مثل الأرض المحكرة ، سبق تحكيها وقبل قيمة الحكر كل من المحكر والمحتكر وأجاز لهما القاضي التحكير . وهذه الأجرة تزيد وتنقص على حسب الزمان والمكان كما جاء بالمادة 336 ، وبالقيود والشروط المبينة تفصيلا بالمادة 337 التي يتبين منها أن الشارع لم يجز رفع الحكر إلا إذا كانت الزيادة في قيمة الأرض فاحشة وجاءت للأرض نفسها لكثرة رغبات الناس في الصقع ، وهي شروط تجعل الزيادة في دائرة ضيقة جداً يجب التقيد بها وعدم التوسع فهيا . فالمادة 337 قضت صراحة بوجوب رفع الحكر حتى تتم أجرة المثل ، ولكنها لم تبين كيفية تقديرها ، فوجب حتما الرجوع إلى أرض مماثلة للأرض المحكرة ومعرفة قيمتها . على أنه قد يتعذر العمل بهذه القاعدة ، بل ويستحيل أحيانا ، فيجع الأمر في ذلك إلى تقدير وهمي قد يخطئ وقد يصيب . ولذا ترى المحكمة أن أعدل طريق لتقدير الزيادة يكون بالرجوع إلى النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ، خصوصاً إذا لوحظ أن منشئ الحكر هو الذي وضع هذه النسبة ، وأقره عليها القاضي الرعي عندما أجاز التحكير ، وأن هذه النسبة هي التي تحقق مبدأ الزيادة التي تجيء من نفس صقع الأرض . وعدم وجود حجة التحكير لا يمنع من الالتجاء إلى القواعد العامة في طرق الإثبات لمعرفة أصل التحكير والثمن ( استئناف مصر 6 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 471 ص 940 – وانظر في نفس المعنى مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 ) . وقد قضي بأنه إذا هبطت قيمة الأرض المحكرة هبوطاً عظيماً بسبب مضي زمن مديد أو بسبب حادث من الحوادث القهرية ، وجب أن ينقص الحكر بسبب نقصان قيمة الأرض المحكرة ، ويراعى في التقدير الجديد النسبة بين قيمة ما تساوي الأرض من الإيجار اليوم وبين ما كانت تساوي وقت تقرير الحكر عليها ( عزيز خانكي 372 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 315 ص 358 ) .
وبهذه النظرية أخذ القضاء المختلط في كثير من أحكامه ، فقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الزيادة لا تجوز إلا إذا زاد صقع الأرض زيادة محسوسة ليس للمحتكر شأن فيها ، ولا يدخل عمله في تحسين صقعها ، وأن صفة الدوام الموصوف بها الحكر تقتضي دوام النسبة التي قررها المنشئ وقت ربط الحكر بين قيمة الأرض ومقدار الحكر وقت التحكير ( استئناف مختلط 26 مايو سنة 19025م 37 ص 453 – 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – 6 أبريل سنة 1926م 38 ص 322 – 12 يونيه سنة 1928م 40 ص 422 – 16 ديسمبر سنة 1930م 43 ص 86 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 250 – 27 نوفمبر سنة 1934م 47 ص 37 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 – 20 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – وقد جاء في حكم لمحكمة الاستئناف المختلطة : “قد يجوز الشك في القول بأن الحكر في الأصل كان كريع الامفتيوز مقدراً تقديراً جزافاً مدة واحدة . وقد جري العمل على هذا في مذهب الحنفية الذي قرر بأن الحكر المبين قدره في حجة الإنشاء لا يمكن أن يزاد بأية حال من الأحوال ( انظر مطلع الدراري ) . ولكن مذهب الحنفية قد توسع في هذا ، وقبل مبدأ تغيير الحكر ، ولكنه تردد كثيراً في قبول هذا المبدأ ( انظر فتاوى الأجهورية ) . وحيث إن مقدار الحكر الأصلي كان سبعة قروش ونصفاً والإيراد من الإيجار لهذه الأرض المحتكرة كان 1200 أي بنسبة ، بناء عليه فإن كل زيادة تكون تبعاً لهذه النسبة” ( استئناف مختلط 9 يونيه سنة 1925م 37 ص 482 – المحاماة 8 ص 116 وهو الحكم السابق الإشارة إليه .
وقد جاء في حكم لمحكمة مصر الوطنية : “ومن حيث إن القاعدة . . هي وجوب المحافظة على التسمية بين مقدار الحكر في وقت إنشائه وثمن الأرض في ذلك الوقت” ( مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 وهو الحكم السابق الإشارة إليه – وانظر في نفس المعنى في القضاء الوطني : استئناف وطني 29 أبريل سنة 1897 المحاكم 8 ص 301 – 2 مايو سنة 1902 الحقوق 17 ص 211 – 16 أبريل سنة 1903 عزيز خانكي 123 – 31 يناير سنة 1928 المحاماة 8 رقم 494 ص 809 ) .
ومع ذلك فقد صدر حكم من محكمة الاستئناف المختلطة يقضي بأنه يجب ألا يكون لقيمة الحكر الأصلية تأثير كبير في تقدير أجر المثل بحيث يجعل قيمة الحكر زهيدة جداً بدرجة لا تتناسب مطلقاً مع القيمة الحقيقية للأرض المحكرة . وقد رفعت المحكمة الحكر من سبعة قروش في السنة إلى ثلثمائة جنيه ( استئناف مختلط 12 يونيه سنة 1924م 36 ص 433 ) .
( [59] ) وقد تقلبت وزارة الأوقاف على نظريات متباينة تنقض بالواحدة الأخرى . فكانت في بداية الأمر تكتفي بأجر زهي للحكر ( 2 .5 في الألف من قيمة الأرض المحتكرة ) . ثم أصدرت منشوراً في 11 سبتمبر سنة 1921 تجعل فيه الحكر كل ريع الأرض ، ثم تتشدد ثانياً في 30 أكتوبر سنة 1922 فتجعل أجرة الأرض حرة 9% من ثمنها وأجرة الحكر 3% من ثمنها . ثم عادت في سنة 1925 واقترحت جعل أجرة الأرض حرة 6% وحكرها 2% ، وتقدمت باقتراحها إلى مجلس الأوقاف الأعلى . فقرر هذا المجلس في 12 يناير سنة 1926 ( المحاماة 6 رقم 12 ص 667 ) أن يقدر في الحكر حق مالك الرقبة بالثلث وحق صاحب المنفعة بالثلثين من قيمة الأرض حرة خالية من البناء ، وأن حساب ريع الأرض بواقع 9% من ثمنها لا يتفق مع الحالة الاقتصادية ، لأن رؤوس الأموال المستثمرة في العقارات تعطي عادة بين 5% و 6% ، فرأي المجلس أن يحسب مجموعة الجرة 5% إلا إذا قضى صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص ، ويكون نصيب الحكر من مجموع الأرجة الثلث ( أي % من قيمة الأرض حرة خالية من البناء ) . وقد أخذ المجلس بالاعتبارات الآتية : إن الذي يتفق مع القواعد الشرعية والمبادئ الاقتصادية هو أن تقرر أجرة المثل على الأرض المحكورة ، ملاحظاً عند تقديرها غض النظر عن جميع الأعمال التي عملها المحتكر في الأرض من بناء وغيره والتي عملها حولها أيضاً لتحسينها . وينظر فقط إلى الأرض نفسها بالنسبة إلى صقعها الذي هي فيه ، والى رغبات الناس العامة فيها ، والى حالتها باعتبارها مشغولة بحق المحتكر ، وتجعل أجرة المثل مدة عشرين سنة هي القيمة التي يصح الاستبدال بها ، إلا إذا كانت الأرض في صقع لا يمكن مالك أرض فيه أن يستغل ثمن أرضه في تلك المدة ، بل يحتاج إلى مدة أطول ، ففي هذه الحالة تضرب أجرة المثل في عدد السنين التي يستغل المالك فيها ثمن أرضه – هذا عن قيمة استبدال الحكر . أما عن تقسيم الأجرة بين حق الرقبة ( أجرة الحكر ) وحق المنفعة بنسبة الثلث إلى الثلثين – فقد بني المجلس رأيه على ما يأتي : إن القانون المدني ( القديم ) في المادة 11 منه عرف الملكية بأنها هي الحق للمالك في الانتفاع بما يملكه والتصرف فيه بطريقة مطلقة ، ويكون بها للمالك الحق في جميع ثمرات ما يملكه سواء كانت طبيعية أو عارضية وفي كافة ما هو تابع له . وأنه يؤخذ من هذا التعريف أن حق الملكية يتكون من ثلاثة عناصر : أولا : حق الاستعمال – ثانياً – حق الانتفاع – ثالثاً – حق التصرف . ولما كان حق الحكر الذي يقرره المالك على العين يعطي المحتكر حق البقاء والقرار ما دام يدفع المحتكر خشية من زوال حقه وهدم مبانيه التي يكون قد صرف عليها مصاريف باهظة تفوق ثمن الأرض وزيادة . وفوق ذلك فإن إعطاء الحكر يحرم صاحب الرقبة نهائياً من حق استعمالها لمصلحته . ولم يبق له بعد ما تقدم إلا حق التصرف في العين . وهذا الحق معيب ، وهذه العيوب لها تأثيرها من الوجهة الاقتصادية ، فإنه لا يمكن التصرف في العين المملوكة عامة إلا لصاحب المنفعة ، ومن النادر أن يقدم شخص على شراء عين محكورة لأنه لا فائدة له من هذا الشراء إلا إذا أخذ قيمة الحكر وهي مما لا يطمع فيه لمن يريد الاستغلال . فلهذه الاعتبارات يقدر حق مالك الرقبة بالثلث وحق صاحب المنفعة بالثلثين من قيمة الأرض حرة خالية من البناء .
وقد أخذ بالرأي المتقدم محكمة استئناف مصر حيث قالته : لتقدير قيمة الحكر ترى المحكمة الأخذ بالقاعدة التي قدرتها وزارة الأوقاف من أن للملكية عناصر ثلاثة : حق الاستعمال وحق الانتفاع وحق التصرف ، وأن للمحتكر الحقين الأولين وللمحكر الحق الأخير باعتباره مالكاً للرقبة . وعلى ذلك يحق للمحكر مطالبة المحتكر بثلث أجر المثل الحاضر الذي يجب تقديره طبقاً 336 و 337 من كتاب قدري باشا . ولا ترى المحكمة الأخذ بالطريقة الأخرى التي ترجع تقدير قيمة الأرض لوقت إنشاء الحكر لمعرفة نسبة الحكر إلى قيمتها في ذلك الحين ، ثم تقدير قيمتها في الوقت الحاضر ورفع قيمة الحكر على أساس هذه النسبة . وفي الطريقة الأولى تحقيق لقواعد الفقه المقررة ، وفي الثانية صعوبات عملية قد يستحيل معها التقدير عن أوقات مضت وانقضت معها ظروفها ( استئناف مصر 30 مايو سنة 1932 المحاماة 13 رقم 210 ص 416 ) .
ولكن محكمة استئناف مصر ، في حكم آخر قبل ذلك وقد سبقت الإشارة إليه ، رفضت الأخذ بنظرية وزارة الأوقاف قائلة : إن وزارة الأوقاف لم تثبت على مبدأ واحد في تقدير الحكر ، وبالتالي في تقدير الزيادة الواجبة إضافتها إلى الحكر القديم ، فلا محل حينئذ للقول بأن للوزارة قاعد تسير عليها حتى أصبحت عرفاً أقرها عليه القضاء وأصبحت واجبة الاحترام ، والقاعدة الأخيرة التي تريد الوزارة أن تتبعها قاعدة تخالف الحكة المقصودة من الحكر ، إذ كان أساس هذه القاعدة النظر إلى قيمة الأرض حرة ، مع أن الواجب افتراض أرض توافرت فيها الشروط التي تبيح الحكر ، أي أرض خربة أو سبخة ضعيفة فاتت منفعتها ولا سبيل لاستغلالها . هذا فضلا عن أن تقسيم الريع إلى ثلاثة أقسام هو تقسيم تحكمي ، فقد جعل تبعاً للحقوق الثلاثة التي على العين ( حق الرقبة وحق المنفعة وحق الاستعمال9 . وليس حتما أن تكون هذه الحقوق متساوية فيما بينها في القيمة ، حتى يصح أن يقسم الريع بينها بالتساوي . ويظهر ذلك جلياً في قطعة أرض صغيرة المساحة يقام عليها مبان شاهقة قيمة . فحق الرقبة لا يمكن أن يساوي حق المنفعة أو الاستعمال ( استئناف مصر 6 يناير سنة 1931 المحاماة 11 رقم 471 ص 940 – وقد قدمنا أن هذا الحكم أخذ بنظرية النسبة التي سبق بيانها ) . ورفض الأخذ بنظرية وزارة الأوقاف أيضاً ، مع الأخذ بنظرية النسبة ، محكمة مصر الوطنية ، إذ قالت في حكم سبقت الإشارة إليه : إن وزارة الأوقاف ، بتحديدها الثلث والثلثين على الوجه الذي أشارت به ، لم ترتكن على أية قاعدة اقتصادية أو قانونية ، بل جاء تقديرها بهذا التحديد جزافاً أيضاً ، ولا يمكن الاعتداد به ما دام غير مبني على أساس قانوني أو اقتصادي صحيح ، بل بنته على مجرد حلول افتراضية تختلف بحسب نظر واضعيها . والقاعدة المنطقية التي تتفق مع المبادئ القانونية والقواعد الشرعية هي وجوب المحافظة على النسبة بين مقدار الحر في وقت إنشائه وثمن الأرض في ذلك الوقت بحيث إذا زادت قيمة الأرض أو نقصت زاد الحكر أو نقص تبعا لذلك وبمقداره ( مصر الوطنية 24 أبريل سنة 1928 المحاماة 9 رقم 59 ص 95 ) .
( [60] ) مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 – انظر أيضاً نقض مدني 21 أبريل سنة 1941 مجموعة عمر 3 رقم 115 ص 331 حيث رددت المحكمة حكمها ، فتكتفي بالإشارة إلى الحكم الأول .
( [61] ) وهذا أهم ما جاء في أسباب الحكم متعلقاً بتقدير أجرة الحكر : “وحيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقاعدة القديمة الواجبة المتابعة في تقدير الحكر الواردة في المادتين 336 و 337 من قانون العدل والإنصاف ، تلك القاعدة التي قضت على أساسها محكمة أول درجة ، وهي تقدير قيمة الأرض المحكرة وقت إنشاء الحكر وتقدير نسبة الحكر إليها ثم تقديرها إلى الوقت الحاضر ورفع قيمة الحكر بنسبة ما ارتفعت إليه قيمة الأرض ( كذا ) – وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه تبين أن محكمة الاستئناف قد صدرت حكمها بالقاعدة التي رأت اعتبارها أساساً لتقدير الحكر الواجب دفعه سنوياً فقالت : “حيث إن الاحتكار شرعاً هو عقد إيجار يبيح للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة مادام يدفع أجرة المثل لمالك رقبتها ، وهذه الأجرة يجب أن يراعى في تقديرها حالة الأرض المحكورة باعتبارها مشغولة بحق المحتكر وحالة صقعها ورغبات الناس فيها . ثم استعرضت أقوال كل من طرفي الخصوم ، فذكرت القاعدة التي ترى وزارة الأوقاف وجوب السير على مقتضاها وهي أن يقدر الحكر ( وهو حق مالك الرقبة ) بالثلث وحق المحتكر ( وهو صاحب المنفعة ) بالثلثين ، وذلك من قيمة أجرة الأرض المحكورة حرة خالية من البناء ، وأن تحتسب هذه الأجرة باعتبار 5% من ثمن الأرض حرة ، وألا يعدل عن هذه القاعدة إلا في الأحوال التي يقضي قيها صقع الأرض والرغبة فيها بالزيادة أو النقص عن القدر المتقدم ذكره ، كما ذكرت القاعدة التي يرى المحتكر إتباعها وهي ما قضت محكمة أول درجة على مقتضاها وأشير إليها في مبنى هذا الطعن – ذكرت هاتين القاعدتين ، ثم قالت بفسادهما وعدم إمكان العمل بهما ، وخلصت إلى القول بأن “أقوم سبيل صح إتباعه لتقدير الحكر هو الرجوع إلى ما تقضي به الشريعة الغراء التي نشأ بمقتضاها هذا النوع من أنواع التأجير ، وأن القاعدة الشرعية هي ما سبق تقريرها بصدر هذا الحكم ، أي وجوب مراعاة حالة الأرض المحكرة باعتبارها مشغولة بحق المحتكر وحالة صقعها ورغبات الناس العامة فيها” – خلصت إلى ذلك ، ثم رأت أن الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة بحكمها التمهيدي الصادر في 14 أبريل سنة 1930 قد راعى هذه الاعتبارات جميعاً ، فعدلت الحكم المستأنف وفقاً لنتيجة تقريره – . . وحي إن الاحتكار من وضع فقهاء الشرع الإسلامي ، وهو عندهم – كما قالت محكمة الاستئناف – عقد إيجار يعطي للمحتكر حق البقاء والقرار على الأرض المحكورة مادام يدفع أجرة المثل . ولما كانت هذه الأجرة تزيد وتنقص على حسب الزمان والمكان ، فقد اهتم الفقهاء ببيان طريقة تقديرها ، فأوجبوا : ( أولا ) أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض حرة خالية من البناء . ( ثانياً ) ألا يلاحظ فيه سوى حالة الصقع ( أي الجهة أو الناحية ) الذي فيه الأرض المحكورة ورغبات الناس فيها ، وأن يصرف النظر عن التحسين اللاحق بذات الأرض أو تصقيع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر ( مفهوم المواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل والإنصاف ) . وهذه المبادئ الشرعية في تقدير الحكر قد أخذ بها الشارع المصري ، وأيدها في المادتين 20 و 23 من لائحة إجراءات وزارة الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يوليه سنة 1895 وصبهما : المادة 20 – الأعيان التي تعطي بالاحتكار يراعى في تحكيرها رغبة الراغبين وأجرة مثل الأرض خالية عن البناء ، وبذكر في حجج تحكيرها أن الأجرة تكون دائماً أجرة مثل الأرض خالية عن البناء بحسب الزمان والمكان بحيث لا يؤثر على ذلك حق البقاء والقرار ، وأن المستحكر ملزم بحفظ العين لأجل وقفها – المادة 23 – على ديوان الأوقاف أن ينظر في كل حكر متعلق بوقف في إدارته ، وتقديره على المحتكر بحسب أجر المثل في الحال بقطع النظر عما أحدث ( أي المحتكر ) في أرض الوقف أو بنائه ، وبقطع النظر عما أحدث ( أي المحتكر ) في أرض الوقف أو بنائه ، وبقطع النظر عما هو مقدر في صك التحكير ، فإن قبله المحتكر يصير تقديره عليه ، وإن لم يمتثل يحال الأصل في ذلك على المحكمة المختصة – وواضح أن نص المادتين المذكورتين يقرر عناصر تقدير الحكر الواجب على المحتكر دفعه على مثال ما تقرره الشريعة الغراء الوارد حكمها في هذا الصدد بالمواد 336 و 337 و 339 من قانون العدل والإنصاف السابق ذكرها . بل إن المادة 20 تنص صراحة على أن حق البقاء والقرار الذي للمحتكر لا تأثر له في تقدير الحكر – وحيث إنه متى كانت هذه هي المبادئ التي قررها الفقهاء وأكدها قانون سنة 1895 الجاري عليه العمل الآن ، وألا محيص من ابتاعها ، فيكون الحكم المطعون فيه قد أصاب إذ قضي بعدم إمكان العمل بأية القاعدتين التي يرى كل من الخصوم السير على مقتضى واحدة منها لتقدير الحكر ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 ) .
ثم استطردت محكمة النقض في نفس الحكم ترد على نظرية وزارة الأوقاف في توزيع ريع الأرض مثالثة بين المحكر والمحتكر للأول الثلث وللثاني الثلثان ، قائلة : “أما ما ذهبت إليه وزارة الأوقاف من أن الحكر الواجب دفعه سنوياً على المحتكر الواجب دفعه سنوياً على المحتكر هو ثلث أجرة المثل ، وما أسست عليه مذهبها هذا من أن للملكية عناصر ثلاثة هي حق الاستعمال وحق الانتفاع وحق التصرف ، وأن جهة الوقف غير باق لها في الأرض المحتكرة سوى حق التصرف ، وأما الحقان الآخران – الاستعمال والانتفاع – فهما للمحتكر ، وأن أجرة الأرض تجب قسمتها بين أرباب هذه الحقوق الثلاثة ، فيكون للوقف الثلث لأن له حقاً واحداً منها ، وللمحتكر الثلثان لأن له حقين إلى آخر ما تقول في مذكرتها – ما ذهبت إليه الوزارة من ذلك غير سديد ، وإذا كانت محكمة الاستئناف قد تابعت الوزارة على هذه النظرية في بعض أحكامها ، كحكمها المستشهد به الآن ، فليس هذا حجة على الحقيقة القانونية ، بل هو في غير محله : ( أولا ) لأن دفع أجرة المثل هو اسبب في استمرار حق البقاء والقرار ، فإذا زال هذا السبب سقط المسبب وهو حق البقاء . ونظرية الوزارة تقلب الوضع ، فتجعل حق البقاء حقاً أساساً أصيلا يكون لصاحبه ثلثا الأجرة بدون أن تبين لهذا الاستحقاق سبباً . وكأنها تقول إن المحتكر بمجرد حصوله على عقد الاحتكار ودفعه الأجرة أول مرة ووضع أسس بنائه في الأرض يسقط عنه حتما ثلثا الأجرة في المستقبل ، وهذا قول بين الفساد . على أنه – كما أسلفنا – يصطدم مع النص الصريح في المادة 20 من لائحة يوليه سنة 1985 . ( ثالثا ) لأن التحليل والتوزيع الذي تعمله الوزارة لعناصر الملكية مبني على تصور خاطئ ، إذ جهة الوقف إذا كان لها حق الرقبة أو حق التصرف في الرقبة كما تشير إليه عبارة الوزارة هي والحكم الذي تستشهد به – إذا كان هلا هذا الحق ، فإن لها أيضاً الأجرة تأخذها من المحتكر ، والأجرة من فوائد الأرض ومن ثمرتها المدنية ( fruit civit ) . فجهة الوقف لها حق التصرف ثم حق الانتفاع بأرضها واستغلالها بطريق التأجير ، ولا يفهم إذن كيف يكون للمحتكر حق الاستعمال وحق الانتفاع ولا يكون للوقف سوى حق التصرف في الرقبة . ( ثالثاً ) إن تلك الحقوق هي حقوق معنوية ، فالوزارة توزعها بين المحكر والمحتكر ذلك التوزيع المشوش ، ثم تجعلها أموراً متساوية في القيمة ، ثم تقسم الأجرة بين أربابها قسمة ميكانيكية ، وكل هذا لا يحتمله العقل” ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 446 – ص 447 ) .
( [62] ) وقد أكدت محكمة النقض هذا المبدأ في حكم آخر ، إذ قضت بأن حكم القانون في تقدير أجر الحكر هو أنه لا يعتد فيه بحق البقاء والقرار الذي للمحتكر ، فإن حق البقاء والقرار هو في مقابل الأجرة المحكرة وصاحبه لا يحصل عليه إلا بهذا المقابل ، فلا يمكن أن يكون لهذا الحق أثر في تقدير المقابل له . ومن ثم يكون المحتكر ملزماً دائماً ولا بد بأجرة المثل كاملة غير منقوصة . أما القول بتقدير القيمة على أساس نسبة الثلث إلى الثلثين من قيمة الأرض على ما ورد في قانون رسم الأيلولة على التركات ، فحله إنما يكون عند تقدير حق كل من المحكر والمحتكر بعد أن يكون المحتكر قد حصل على حق البقاء والاستقرار مقابل الأجرة ، سواء لتحصيل الضريبية المستحقة عليهما أو في حالة استبدال الأرض المحكرة ( نقض مدني 11 أبريل سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 62 ص 150 ) .
( [63] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه في تقدير الحكر لا ينظر إلى الزيادة التي نشأت عن عمل المحتكر كالبناء الذي أقامه على الأرض المحتكرة أو الغراس الذي غرسه فيها ، بل ينظر في صقع الأرض في ذاتها بمراعاة ما يجاورها . فمثلا لا يزاد الحكر على الأرض المحتكرة لو كانت مواتاً فأحياها المحتكر بعمله ، ولكن إذا كان الإحياء ناشئاً عن حفر الحكومة لترع أو مصارف في الجهة التي فيها الأطيان فيزاد الحكر ، وكذلك لو كانت الأرض المحتكرة في حي قاص ثم زادت الرغبة فيه بسب إنشاء مواصلات جديدة بينه وبين وسط المدينة يزاد الحكر ( استئناف وطني 14 ديسمبر سنة 1915 الشرائع 3 رقم 58 ص 240 ) .
( [64] ) وقد رجعت محكمة النقض في حكم آخر لها تؤكد وجوب الاعتداد “بحالة الأرض عند إنشاء الحكر مع وجوب اقتطاع ما يقابل الزيادة بعمل المستحكر من حاصل هذا التقدير” ، ولكن دون إغفال” ما طرأ بعد ذلك على أجرة المثل من تغيير” ( نقض مدني أول مارس سنة1951 مجموعة أحكام النقض 2 رقم 74 ص 4029 .
( [65] ) نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 439 – وانظر ما يلي فقرة 814 في الهامش .
( [66] ) انظر آنفاً فقرة 802 في الهامش .
( [67] ) فقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي ما يأتي : “بقى أن يعرف كيف تتعدل الأجرة تبعاً لتغير أجرة المثل ، وفي هذا قنن المشروع القضاء المصري والشريعة الإسلامية فنص في المادة 1264 على انه . . وهذا ما يسمى بتصقيع الحكر . والقاعدة في التصقيع هي ما قرره قانون العدل والإنصاف في المواد 336 و 337 و 339 ( مؤيداً بالمادتين 20 و 23 من لائحة إجراءات وزار الأوقاف المصدق عليها بالأمر العالي الصادر في 13 يوليه سنة 1895 ) ، وأقرته محكمة النقض في يحكمها الصادر في 14 يونيه سنة 1934( مج نقض 1 ص 349 رقم 198 ) ، من أنه يجب أولا تقدير قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير . . فإذا قدرت قيمة الأرض وقت ابتداء التحكير على هذا النحو ، نسبت إليها الأجرة التي اتفق عليها وقتذاك . ثم تقدر قيمة الأرض وقت التصقيع . . وتكون النسبة ما بين الأجرة الجديدة والقيمة التي قدرت للأرض وقت التصقيع هي نفس النسبة ما بين الأجرة القديمة والقيمة التي قدرت للأرض وقت ابتداء التحكير” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 585 – ص 586 ) . وظاهر أن المذكرة الإيضاحية أخذت بنظرية “النسبة” ، ونسبتها خطأ إلى محكمة النقض – وقد رأينا أن حكمة النقض قد نبذت صراحة هذه النظرية ( قارن سليمان مرقس فقرة 331 ص 632 – محمد كامل مرسي في الحقوق العينية الأصلية 2 سنة 1949 فقرة 318 ص 362 : وقد فسرا نص المادة 1005 مدني بأنه أخذ بنظرية “النسبة” ، متمشيين في ذلك مع ما ورد في المذكرة الإيضاحية ونسب خطأ إلى محكمة النقض ) .
( [68] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1259 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- للمحتكر الحق في أن ينتفع بالأرض المحكرة ، فله أن يقيم عليها بناء أو غراساً ، كما له أن يستعملها في أي غرض آخر ، بشرط أن تكون الأعمال التي يجريها في هذه الأرض من شأنها أن تؤدي إلى تحسينها ، 2- وله أن يتصرف في حقه ، ولو بالوقف ، أو أن يسترده إذا اغتصب ، وينتقل هذا الحق بالميراث” . وفي لجنة المراجعة حذفت الفقرة الأولى ، وعدلت الفقرة الثانية على الوجه الآتي : “للمحتكر أن يتصرف في حقه ، وأن يسترده إذا اغتصب وينتقل هذا الحق بالميراث” . وأصبح رق المادة 1076 في المشروع النهائي . ووافق عليها مجلس النواب تحت رقم 1073 .وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارة “وأن يسترده إذا اغتصب” لأن هذا الاسترداد يثبت لكل صاحب حق وفقاً للقواعد العامة ولا حاجة لنص خاص . وقد أصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1001 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 575 – ص 577 ) .
( [69] ) استئناف مختلط 26 يناير سنة 1911م 23 ص 139 – 26 ديسمبر سنة 1916م 30 ص 125 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 – مصر الوطنية 30 يونيه سنة 1930 المحاماة 13 رقم 637 ص 1254 .
( [70] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 575 – ص 576 في الهامش .
( [71] ) استئناف مختلط 9 أبريل سنة 1935م 47 ص 230 .
( [72] ) استئناف مختلط 6 يناير سنة 1910م 22 ص 86 .
( [73] ) استئناف مختلط 2 يونيه 1898م 10 ص 595 – 21 يناير سنة 1909م 21 ص 122 – 21 يوليه سنة 1909م 21 ص 122 – 6 يناير سن 1910م 22 ص 86 – 6 أبريل سنة 1926م 38 ص 322 – وإذا باع المحتكر حقه ، وجب على المشتري أن يدفع للمحكر الأجرة التي كان المحتكر يدفعها ، حتى لو كان المحتكر قد أخبر المشتري بأجرة أقل ويرجع المشتري على البائع ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1940م 52 ص 265 ) .
( [74] ) استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1928م 41 ص 144 – 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 251 .
( [75] ) استئناف مختلط 17 ابريل سنة 1934م 46 ص 251 .
( [76] ) استئناف مختلط 27 مايو سنة 1914م 26 ص 397 – 26 ديسمبر سنة 1946م 29 ص 125 .
( [77] ) استئناف مختلط 17 نوفمبر سنة 1892م 4 ص 12 – 24 نوفمبر سنة 1892م 5 ص 25 – 5 ديسمبر سنة 1894م 6 ص 330 – 5 ديسمبر سنة1894م 7 ص 34 – 13 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 – 9 مايو سنة 1900م 12 ص 242 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 – سنة 1900م 12 ص 242 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 – وكما تقول محكمة الاستئناف المختلة يكون للمحتكر الملكية الفعلية ( domaine utile ) وللمحكمة الملية العليا ( domaine eminent ) أو الملكية القانونية ( استئناف مختلط 6 يناير سنة 1916م 28 ص 95 – 26 مايو سنة 1925م 37 ص 453 ) – وتقول أحكام أخرى للمحكر الرقبة وللمحتكر حق المنفعة المطلق ( استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 ) .
هذا والإقرار بالحكر للمحتكر يستوجب توكيلا خاصاً ، ولا يكفي التوكيل العام ، لأن الحكر من أعمال التصرف ( استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 ) .
( [78] ) انظر آنفاً فقرة 442 وما بعدها .
( [79] ) انظر آنفاً فقرة 443 .
( [80] ) وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “ويجوز له ( للمحتكر ) أن يقفه ( حق الحكر ) ، فإذا كان الحكر قائماً على أرض موقوفة كان كل من الحكر والرقبة موقوفاً” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 576 ) .
ويخلص مما تقدم صور أربع : ( 1 ) حكر غير موقوف على أرض موقوفة . ( 2 ) حكر غير موقوف على أرض غير موقوفة . ( 3 ) حكر موقوف على أرض موقوفة . ( 4 ) حكر موقوف على أرض غير موقوفة .
( [81] ) انظر آنفاً فقرة 446 – وانظر استئناف مختلط 3 يناير سنة 1917م 29 ص 123 .
( [82] ) استئناف مختلط 5 ديسمبر سنة 1894م 7 ص 35 – 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – 7 مايو سنة 1908م 20 ص 212 – 27 مايو سنة 1914م 26 ص 397 – 26 ديسمبر سنة 1916م 29 ص 125 .
( [83] ) انظر المادة 1259 من المشروع التمهيدي آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وتقول المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي : “وللمحتكر دعاوي الملكية والحيازة ككل ذي حق عيني” ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 576 )
( [84] ) استئناف مختلط 25 أبريل سنة 1900م 12 ص 215 .
( [85] ) استئناف مختلط 10 مارس سنة 1909م 21 ص 249 – 22 يونيه سنة 1910م 22 ص 283 – 26 يناير سنة 1911م 23 ص 139 – 25 مايو سنة 1916م ص 365 – 31 يناير سنة1918م 30 ص 187 – أول مارس سنة 1927م 29 ص 284 .
( [86] ) استئناف مختلط 4 يناير سنة 1906م 18 ص 87 – أول فبراير سنة 1906م 18 ص 107 – الإيجار للمؤلف فقرة 156 ص 203 هامش 3 – عكس ذلك استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 1892 المحاكم 4 ص 2 .
( [87] ) ولا يقاس على المحتكر المستأجر الذي يقيم بناء على الأرض المؤجرة . وقد قضت محكمة النقض بأنه وإن كان للمحتكر أن يشفع ببنائه ، إلا أنه لا يصح أن تقاس حالته على حالة المستأجر الذي يقيم بناء على الأرض التي استأجرها . ذلك أن المحتكر له حق عيني تتحمله العين في يد كل حائز لها ، ويراد به استبقاء الأرض للبناء تحت يد المحتكر له حق عيني تتحمله العين في يد كل حائز لها ، ويراد به استبقاء الأرض للبناء تحت يد المحتكر مادام قائماً بدفع أجر المثل ، بخلاف المستأجر فإن عقد الإيجار لا يخوله إلا حقاً شخصياً قبل المؤجر فلا يثبت له حق الشفعة بوصفه جاراً مالكاً للبناء ( نقض مدني 3 فبراير سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 77 ص 599 ) .
( [88] )تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1261 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1077 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1074 ، ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 1002 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 578 – ص 579 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها فيعهد هذا التقنين .
( [89] ) فتوى شرعية 3 ذي الحجة سنة 1317 المحاماة 5 ص 781 .
( [90] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 578 – ص 579 .
( [91] ) تاريخ النص : ورد هذا النصف في المادة 1262 من المروع التمهيدي على وجه يطابق ما استقر عليه التقنين المدني الجديد ، فيما عدا أن المشروع التمهيدي كان يجري في الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “على المحتكر أو من يخلفه أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المحكر أو من يخلفه” . وفي لجنة المراجعة عدلت الفقرة الأولى على الوجه الآتي : “على المحتكر أو من يخلفه في حق الحكر أن يؤدي الأجرة المتفق عليها إلى المؤجر أو من يخلفه” . وأصبح رقم المادة1078 في المشروع النهائي . ووافق عيه مجلس النواب تحت رقم 1075 .وفي لجنة مجلس الشيوخ حذفت عبارتان “أو من يخلفه في حق الحكير” و “أو من يخلفه” في الفقرة الأولى لأن القواعد العامة تقضي دائما بالتزام الخلف بما يلتزم به السلف .وأصبح النص مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1003 . ووافق عليه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 579 – ص 581 ) .
( [92] ) وينتقل هذا الالتزام الشخصي إلى خلف كل من المحكر والمحتكر ، عاماً كان هذا الخلف أو خاصاً ،وفقاً للقواعد العامة ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 581 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش ) .
( [93] ) وقد قضي بأن الدعوى بمتأخر الحكر تكون كلية أو جزئية تبعاً لمقدار المبلغ المطالب به ، دون الالتفات إلى اعتبار الحكر إيراداً مؤبداً يقدر باعتبار كل سبعة منه في مقام مائة عملا بحكم المادة 346 من قانون المرافعات ( القديم ) ، لأنه يجب التمييز بين الدعوى بأصل الحكر والدعوى بمتأخر الحكر ، فالأولى عينية وتكون خاصة بحق الوقف في الأرض المحكورة والثانية شخصية . كالفرق بين دعوى الملكية ودعوى الإيجار . وطلب ما يستجد من الحكر حتى السداد لا يعتبر طلباً مجهول القيمة يحق استئناف الحكم الصادر به ، لأن العبرة في تقدير مثل هذه الدعاوي بمقدار الطلب الأصلي مضافاً إليه ما يستجد من الأجر أو الريع أو الفوائد لغاية تاريخ إقفال باب المرافعة والقضية أمام محكمة أول درجة ( المنصورة الكلية 3 فبراير سنة 1927 المحاماة 7 ص 510 ) . وانظر الإيجار للمؤلف فقرة 157 ص 204 هامش 3 .
ولكن إذا أثير نزاع ، في الدعوى بمتأخر الحكر ، في أصل الحق أي في حق المحكر في العين المحتكرة ومن ثم في استحقاقه لمتأخر الحكر ، فإن النزاع يصبح عندئذ نزاعاً في أصل الحق ، وتكون الدعوى من اختصاص محكمة العقار ( استئناف مختلط 2 نوفمبر سنة 1899م 12 ص 19 ) . وبهذا المعنى يجب تأويل حكمين آخرين صدرا من محكمة الاستئناف المختلطة ، الأول في 14 يونيه سنة 1900 ( م 12 ص 336 ) والثاني في 30 أبريل سنة 1914 ( م 26 ص 366 ) وما جاء في كتاب الإيجار للمؤلف فقرة 157 ص 204 .
وقد نصت المادة 33 مرافعات على أنه “إذا كانت الدعوى بطلب تقدير قيمة معينة للحكر أو بزيادتها إلى قيمة معينة ، قدرت بالقيمة السنوية المطلوب تقديرها أو بقيمة الزيادة في نسبة مضروباً كل منهما في عشرين” . أما في تقنين المرافعات القديم فتحسب ، في الأحكار المؤبدة ، الأجرة السنوية باعتبار أنها 7% من الأصل شأن كل إيراد مؤبد ( استئناف مختلط 6 يونيه سنة 1889م 1 ص 222 – 5 يناير سنة 1914م 27 ص 102 ) . وقد قضت محكمة النقض بأن الدعوى بطلب الزيادة في مربوط الحكر ( تصقيع الحكر ) ، كالدعوى بأصل الحكر ، تقدر على اعتبارها دعوى بإيراد مؤيد ، فتحتسب فيها كل سبعة بمقام مائة( بحسب قانون المرافعات القديم ) . وذلك لأنها في الواقع تتضمن تعدي ل النسبة بين مقدار ما كان قد ربط من الحكر وقيمة الأرض المحكرة وقت إنشاء الحكر ، وما تكون عليه هذه النسبة بينهما وقت المطالبة بالزيادة . فهي دعوى ينطوي فيها بحث ماهية الاستحكار وأثر تغير صقع الأرض المحكرة في قيمة الحكر المقدر وأثر فعل المستحكر في تحسين الصقع ، مما هو في صميم الحكر ومرتبط بأصله ( نقض مدني 26 يناير سنة 1939 مجموعة عمر 2 رقم 161 ص 485 ) .
( [94] ) انظر آنفاً فقرة 802 – فقر 803 .
( [95] ) استئناف مختلط 9 ماس سنة 1916م 28 ص 193 – مصر الوطنية 3 أبريل سنة 1894 القضاء 1 ص 147 .
( [96] ) نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 . استئناف مختلط 31 ديسمبر سنة 1890م 3 ص 103 – 12 مارس سنة 1896م 8 ص 165 – 15 يناير سنة 1935م 47 ص 104 .
( [97] ) تاريخ النص ورد هذا النص في المادة 1269 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم 1084 في المروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رق 1081 . وفي لجنة مجلس الشيوخ ، اعترض على تعليق طلب الفسخ على عدم دفع الأجرة ثلاث سنين متوالية بدعوى أن هذه المدة طويلة ، فرد على هذا الاعتراض بأن هذا هو ما استقر عيه القضاء ، على أنه يجوز للمحكر أن ينفذ على المحتكر تنفيذً عينياً في أي وقت شاء ، ويتخذ من الإجراءات الأخرى ما يكفل له استيفاء مقابل الحكر ، ولكن لا يجوز له طلب الفسخ إلا بعد ثلاث سنين ، لأن الحكر يختلف عن الإجارة العادية في أنه حق عيني يكلف المحتكر نفقات كثيرة ، ومن ثم فلا يصح أن يهدد بالفسخ إلا بعد هذه الفترة الملائمة من الزمن . وقد أقرت اللجنة النص تحت رقم 1009 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 596 – ص 598 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين القديم ، ولكن الحكم كان معمولا به في عهد هذا التقنين .
( [98] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 598 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش – وقد رأينا في عقد الامفتيوز أنه يكفي التأخر سنتين في دفع الأجرة حتى يحق فسخ العقد .
وكان الفسخ للتأخر في دفع الأجرة ثلاث سنوات متواليات ، في عهد التقنين المدني القديم ، يقع دون حاجة لإعذار طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ( نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 المحاماة 16 رقم 204 ص 467 – استئناف مختلط 27 فبراير سنة 1923م 35 ص 249 – جرانمولان في العقود فقرة 165 هام 5 – الإيجار للمؤلف فقرة 158 ) . ولكن التقنين المدني الجديد ترك المسألة تخضع للقواعد العامة ، ومقتضى تطبيق هذه القواعد أنه لابد من الإعذار ، وأن للقاضي سلطة تقديرية في إجابة المحكر إلى طلب الفسخ ( سليمان مرقس فقرة 337 ص 637 ) .
( [99] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1267 من المروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، فيما عدا خلافاً لفظياً طفيفاً . وفي لجنة المراجعة أدخل تعديل لفظي على النص فأصبح مطابقا لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1082 في المشروع النهائي . وواف عليه مجلس النواب تحت رقم 1079 . وفي لجنة مجلس الشيوخ سأل احد الأعضاء عن الجزاء المترتب على حكم النص وهل يكون الفسخ ، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا قصر الفسخ في حالة دفع الأجرة على التأخر في الدفع ثلاث سنوات متواليات؟ فأجيب بأن الجزاء المترتب على النص هو ما تقضي به القواعد العامة في الإخلال بالعقود ، فقد يكون الجزاء الفسخ أو التنفيذ ، أما الحكم الخاص بعدم دفع الأجرة فقد قصد به تحديد المدة التي يكون للمحكر بعدها طلب الفسخ . وأقرت اللجنة النص تحت رقم 1007 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 591 ص 593 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، ولكن هذه الأحكام كان معمولا بها في عهد هذا التقنين .
( [100] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 597 في الهامش .
( [101] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1268 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بحلول الأجل المحدد له إن كان البناء الذي أقامه المحتكر قد تهدم أو الغرس الذي أحدثه قد تلف ، وإلا فإن حق الحكر يبقى مادام المحتكر قائماً بدفع الأجرة ، ما لم يتفق على غير ذلك” . وفي لجنة المراجعة عدل النص بحيث أصبح مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1083/1 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1008/1 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 593 – ص 596 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، وكان المعمول به في عهد هذا التقنين هو ما ورد في نص المروع التمهيدي قبل تعديله في لجنة المراجعة .
( [102] ) انظر آنفاً فقرة 801 .
( [103] ) وقد قضت محكمة الاستئناف الوطنية بأنه متى كان الاحتكار في أرض الوقف مطلقاً غير موقت لأجل معين ، كان مؤبداً وللمحتكر حق القرار فيه ( استئناف وطني 19 ديسمبر سنة 892 الحقوق 7 ص 344 ) . وقضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن الحكر عقد إيجار مؤبد لا يجوز الرجوع فيه ( استئناف مختلط 9 يناير سنة 1908م 20 ص 56 ) . ويجب التمييز بين الحكم الموقت ويبقى إلى أطول الأجلين انقضاء مدته وزوال البناء أو الغراس ، والحكر الدائم وهو عقد دائمي لا ينتهي ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1929م 41 ص 392 ) .
( [104] ) انظر آنفاً فقرة 801 .
( [105] ) انظر آنفاً فقرة 801 .
( [106] ) تاريخ النص : لم يرد هذا النص في المروع التمهيدي ، وقد أضافته لجنة المراجعة تحت رقم 1083/2 في المشروع النهائي تحت رقم 1008/2 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص ص595 – ص 596 ) .
ولا مقابل لهذا النصف في التقنين المدني القديم . ولكن الحكم منصوص عليه في المادة 705 من مرشد الحيران على الوجه الآتي : “إذا مات المستحكر قبل أن يبني أو يغرس في الأرض المحتكرة ، انفسخت الإجارة ، وليس لورثته البناء أو الغراس فيها بدون إذن الناظر” .
( [107] ) تاريخ النص : لمي رد هذا النصف في المشروع التمهيدي ، ولم تعرض له لجنة المراجعة ولا مجلس النواب . وفي لجنة مجلس الشيوخ ضيف النص كفقرة ثالثة للمادة 1008 . وقد راعت اللجنة هذه الإضافة أن تجعل زوال صفة لوقف مفضياً إلى زوال حق الحكر ، وذلك لمواجهة أحكام قانون الوقف التي تجعل الوقف موقوتاً في بعض حالاته ينتهي بانتهاء المدة أو بانقراض الطبقات أو بصيرورة نصيب المستحقين قليل القيمة . وهذه الأحكام تتطلب مواجهة حالة الأحكار المقررة على هذه الأعيان التي تزول عنها صفة الوقف لسبب أو أكثر من هذه الأسباب . فنص على انتهاء الحكر لهذا السبب ، على أن تواجه القواعد العامة ما يترتب على ذلك من حيث التعويضات وكيفية توزيعها . ولكن اللجنة استثنت حالة زوال صفة الوقف بسبب رجوع الواقف في وقفه أو إنقاصه لمدته ، وهو بهذا يكون ناقضاً لا تم من جهته فيتعين أن يرد عليه سعيه . وأصبح رقم النص 1008/3 ، ووافق عليه مجلس الشيوخ كما وضعته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 595 – ص 596 وص 614 ) .
ولا مقابل للنص في التقنين المدني القديم ، وهو نص مستحدث لمواجهة حالات انتهاء الوقف وفقاً لأحكام قانون الوقف .
( [108] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 596 – وانظر آنفاً نفس الفقرة في الهامش .
( [109] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1271 من المشروع التمهيدي على الوجه الآتي : “1- عند فسخ العقد أو انتهائه يجوز للمحكر أن يطلب إزالة البناء والغرس ، ما لم يوجد اتفاق يقضي بغر ذلك . 2- فإذا كان من شأن الإزالة أن تلحق ضرراً جسيماً بالأرض ، فله أن يستبقي البناء والغرس في مقابل دفع قيمتيهما مستحق الإزالة ، وللمحكمة أن تمهله في الدفع إذا كانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذلك” . وأقرته لجنة المراجعة بعد تعديل لفظي طفيف تحت رقم 1085 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1082 . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن النص لم يتعرض إلا للإزالة ، فأضيف إليه حق المحكر في استبقاء البناء أو الغراس مع دفع قيمته مستحق الإزالة أو البقاء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية . أما الإضافة التي تقضي بوجوب تقديم كفالة ، فذلك لضمان الوفاء حتى تكون مقابل الإمهال . وجاء في تقرير اللجنة ما يأتي : “عدلت اللجنة الفقرة الأولى من هذه المادة ، وجعلت للمحكر عند فسخ العقد أو انتهائه أن يطلب إما إزالة البناء والغراس أو استبقاءهما مقابل دفع أقل قيمتهما مستحقي الإزالة أو البقاء . وقد رأت اللجنة أن تقر هذا الخيار لتيسر الانتفاع بما أقامه المحتكر في الأرض ، وخالفت المشروع في قصر حق المحكر في استبقاء البناء أو الغراس على الحالة التي يكون فيها من شأن الإزالة أن تلحق ضرراً جسيماً بالأرض . على هذا الأساس رأت اللجنة أن تعدل الفقرة الثانية من المادة نفسها ، وأن تقصر حكمها على تخويل المحكمة حق إمهال المحكر في الدفع إذا كانت هناك ظروف تبرر الإمهال ، وأوجبت في هذه الحالة أن يقدم المحكر كفالة لضمان ما يجب عليه أداؤه للمحتكر” . وأصبح النص بذلك مطابقاً لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد ، وصار رقمه 1010 . ووافق عيه مجلس الشيوخ كما عدلته لجنته ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 599 – ص 608 ) .
( [110] ) انظر آنفاً فقرة 810 .
( [111] ) انظر آنفاً فقرة 813 .
( [112] ) انظر آنفاً فقرة 797 .
( [113] ) وكانت محكمة مصر الكلية الشرعية قد قضت قبل ذلك بأنه متى تبين أن الحكر من شأنه الإضرار بالوقف ، فإنه يجوز الحكم في أي وقت بإنهائه ( مصر الكلية الرعية 6 مارس سنة 1934 المحاماة الشرعية 6 ص 661 ) – وانظر استئناف وطني 15 يونيه سنة 893 الحقوق 8 ص 257 – سليمان مرقس فقرة 342 ص 639 .
( [114] ) انظر آنفاً فقرة 803 .
( [115] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 599 – ص 600 في الهامش .
( [116] ) استئناف مختلط 22 مايو سنة 1945م 57 ص 135 .
( [117] ) استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 9 ص 59 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 – 30 يناير سنة 1942م 54 ص 47 – استئناف وطني 30 نوفمبر سنة 1931 المحاماة 12 رقم 319 ص 625 – احمد فتحي زغلول ص 91 – الإيجار للمؤلف فقرة 160 – وانظر آنفاً فقرة 799 في الهامش – ولابد من تغيير صفة وضع اليد حتى يتملك المحتكر الرقبة بالتقادم ، وتغيير الصفة في وضع اليد لا يكون إلا بعم مادي أو قضائي مجابه لصاحب الحق . فإذا باع المحتكر العين دون أن يشير في العقد إلى أنها محكرة ، فذلك منه لا يعد تغييراً في الصفة لأنه لم يحصل في مواجهة الوقف ( نقض مدني 14 مايو سنة 1942 مجموعة عمر 3 رقم 157 ص 444 – وانظر أيضاً نقض مدني 31 أكتوبر سنة 1935 مجموعة عمر 1 رقم 295 ص 912 – استئناف مختلط 6 ديسمبر سنة 1932م 45 ص 54 – 15 يناير سنة 1935 47 ص 104 – 7 يونيه سنة 1938م 50 ص 354 – 10 أبريل سنة 1945م 57 ص 117 .
وإذا وقف المحتكر بناءه القائم على الأرض المحتكرة مقترناً بحق الحكر ، وأقر في حجة إنشاء الوقف بأنه محتكر للأرض التي يقوم عليها البناء ، فهذا الإقرار يمنع من تملكه رقبة الضرورة المحكرة بالتقادم ، ولا يؤثر في ذلك سكوت المحكر عن مطالبة المحتكر بالحكر السنوي مدة طويلة ، لأن وضع اليد سببه معلوم من حجة الوقف ولم يطرأ عليه تغيير ( نقض مدني 2 يونيه سنة 1932 مجموعة عمر 1 رقم 52 ص 117 – 23 أبريل سنة 1936 مجموعة عمر 1 رقم 352 ص 1098 – استئناف مختلط 12 ماس سنة 1896م 8 ص 165 ) .
( [118] ) سليمان مرقس فقرة 340 ص 638 هامش 2 .
( [119] ) انظر آنفاً فقرة 801 في الهامش .
( [120] ) انظر آنفاً فقرة 797 .
( [121] ) انظر آنفاً فقرة 815 .
( [122] ) الحكم الصادر في 14 يونيه سنة 1934 ( مجموع عمر 1 رقم 198 ص 439 – انظر آنفاً فقرة 803 ) – وقد استطرد هذا الحكم إلى بيان أن نظرية وزارة الأوقاف من توزيع ربع الأرض مثالثة بين المحكر والمحتكر ، للأول الثلث والثاني الثلثان ، غير صحيحة فيما يتعلق بتقرير أجرة الحكر ، ولكن لها أساس من الصحة في تقدير قيمة استبدال الحكر ، فقالت : “على أن نظرية وزارة الأوقاف ، إذا كانت غير صحيحة فيما يتعلق بالأجرة السنوية التي يجب على المحتكر دفعها ، فلها أساس من الصحة فيما يتعلق بتقدير الحكر من إرادة استبدال الأرض المحكورة ، ذلك الحكر الذي تكون قيمته في عشرين سنة على الأقل هي قيمة البدل الذي يدفعه المحتكر . حقاً إن في هذه الصورة يمكن تماماً القول بأن للمحتكر حق البقاء والقرار في الأرض ، وأن هذه الأرض معيبة بقدر هذا الحق الذي عليها ، وأن صاحبها ، وهو الوقف ، لا يستطيع عند البيع أخذ ثمنها كما لو كانت حرة خالية من هذا الحق العيني المقرر عليها للمحتكر ، بل يجب أن يترك من ثمنها للمحتكر ما يقابل حقه العيني ذاك . وهذا النظر ليس جديداً ، بل إن الشرع أشار إليه في المادة 18 من لائحة سنة 1895 التي نصها : “ديوان الأوقاف يقبل استبدال الأراضي المحكورة بقيمة تعادل أجر مثلها في الحكر مدة عشرين سنة على الأقل بمراعاة تصقيع . . الخ” ز فقوله “أجر مثلها في الحكر” لا يفهمه أحد ممن يعرفون العربية إلا على اعتبار أن لفظي “في الحكر” هما حال وقيد أو وصف للفظ “مثلها” ، وكأنه قال “أجر مثلها محكوراً” . ومن المقرر أن المثل إذا كان محكوراً أي مقرراً عليه حق البقاء والقرار الذي للمحتكر ، فإن أجره ينقص بقدر ما هو معيب بهذا الحق العيني . وإذا كانت وزارة الأوقاف تقدر ما يخص الوقف صاحب الرقبة بالثلث من الأجرة وما يخص المحتكر بالثلثين ، ثم تأخذ قيمة هذا الثلث عشرين مرة وتجعله هو قيمة البدل الذي في مقابله تتنازل عن الأرض للمحتكر تنفيذاً لقرار مجلسها الأعلى المقدم ضمن مستنداتها ، فإن القانون كما نرى يقر ما رآه مجلس الأوقاف الأعلى من جهة جعل قيمة الأجرة التي تقدر بقصد الاستبدال منقوصة ملاحظا في تنقيصها للمحتكر حقاً على الأرض يعيبها ويقلل من قيمتها . أما كون هذه الأجرة التي للوقف تكون الثلث من كامل الأجرة ، فهذا مالا أسس له سوى التحكم الذي لا بد منه .ولكن ربما كان تحكماً قريباً من الصواب ، إذ قانون المرافعات في تقدير قيمة الدعاوي يقدر رقبة العين بنصف قيمة الكل ، كما يقدر حق الانتفاع بنصف قيمة الكل . وإذا كان انتفاع المحتكر ممكناً أن يدوم بدوام دفعه أجرة المثل ، أمكنان يقال إن قيمته يصح أن تكون أكثر من قيمة حق الانتفاع العادي الذي أكثر ما يطول يكون على قدر مدة حياة المنتفع . هذا وغن منازعات الخصوم في هذه الدعوى هي التي جعلت المحكمة تستطرد لهذا البحث الخاص بتقرير الحكم لأجل الاستبدال ، حتى يتميز عن التقدير لأجل الدفع السنوي وهو موضوع الدعوى” ( نقض مدني 14 يونيه سنة 1934 مجموعة عمر 1 رقم 198 ص 448 – ص 449 ) .
وقد كان المشروع التمهيدي للتقنين المدني يتضمن نصاً لتقدير “الحكر لأجل الاستبدال”قنن فيه الأحكام التي أشارت إليها محكمة النقض فيما تقدم ، وذلك بعد أن أورد المشروع الحالة التي يكون فيها استبدال الحكر إجبارياً ( انظر آنفاً 801 في الهامش ) ، فنصت المادة 1274 من المشروع على ما يأتي : “في تعيين الثمن الذي يشتري به حق الرقبة وحق المحتكر ، تتخذ القيمة الإيجارية للأرض بالحالة التي هي عليها أساساً للتقدير ، ويكون الثمن بقدر الأجرة عشين سنة ، إلا إن كان صقع الأرض لا يسمح لصاحبها بأن يحصل على ثمنها في تلك المدة وإنما يتطلب ذلك مدة أطول ، ففي هذه الحالة تقدر الأجرة عن المدة الأطول . ويكون ذلك ثمناً للعين كلها ، يختص حق الرقابة منه بالثلث ، وحق الحكر بالثلثين” .
انظر في استبدال الحكر استئناف مختلط 17 أبريل سنة 1934م 46 ص 250 – 17م 28ص 95 – 16 ديسمبر سنة 1930م 43 ص 85 – 25 أبريل سنة 1944م 56 ص 112 .
( [123] ) ولكن لا يجوز للمحتكر أن يأخذ بالشفعة عقاراً مجاوراً للأرض المحتكرة ، حتى لو كان هو المالك الوحيد للمباني المقامة على الأرض المحتكرة ( استئناف مختلط 14 مايو سنة 1946م 58 ص 183 ) .
( [124] ) مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 606 – ص 608 في الهامش .
( [125] ) انظر آنفاً فقرة 801 في الهامش .
( [126] ) نقض مدني 11 يناير سنة 1940 مجموعة عمر 3 رقم 23 ص 52 – 25 ديسمبر سنة 1958 مجموعة أحكام النقض 9 رقم 107 ص 816 – المحكمة العليا الشرعية 7 مارس سنة 1938 المحاماة 18 رقم 489 ص 130 – محكمة الإسكندرية المختلطة 8 يناير سنة 1944م 56 ص 119 – سليمان مرقس فقرة 341 ص 639 هامش 1 .
( [127] ) تاريخ النص : ورد هذا النص في المادة 1276 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين المدني الجديد . وفي لجنة المراجعة عدل على الوجه الآتي : “ينتهي حق الحكر بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثين سنة” ، وأصبح رقمه 1089 في المشروع النهائي . ووافق عليه مجلس النواب تحت رقم 1086 . وفي لجنة مجلس الشيوخ لوحظ أن حق الحكر ، ولو كان على أرض موقوفة ، ليس وقفاً حتما ، فلا محل لأن يؤخذ في انتهائه بالمدة المقررة للأرض الموقوفة . وأعيد النص إلى ما كان عليه في المشروع التمهيدي ، وجعل الأصل في حق الحكر أن ينتهي بعدم استعماله مدة خمس عشرة سنة عوضاً عن ثلاث وثلاثين سنة أخذاً بالقواعد العامة في التقادم المسقط ، وتستثنى من ذلك الحالة التي يكون فيها الحر موقوفاً فينتهي بعدم استعماله مدة ثلاث وثلاثون سنة . ووافق مجلس الشيوخ على النص كما عدلت لجنته تحت رقم 1011 ( مجموعة الأعمال التحضيرية 6 ص 608 – ص 612 ) .
ولا مقابل لهذا النص في التقنين المدني القديم ، ولكن أحكامه كان معمولا بها في عهد هذا التقنين لأنها تتفق مع القواعد العامة .
( [128] ) انظر آنفاً فقرة 805 .
( [129] ) استئناف مختلط 21 نوفمبر سنة 1916م 29 ص 59 – أول فبراير سنة 1917م 29 ص 195 .