قيود مفروضة على المؤجر وأخرى مفروضة على المستأجر
685- الهدف من هذه القيود : بعد أن بحثنا الأحكام الاستثنائية التي وردت في قانون إيجار الأماكن متعلقة بتحديد الأجرة وبانتهاء الإيجار ، وهذه هي أهم الأحكام الاستثنائية ، لم يبق في الأحكام الموضوعية التي خرج فيها هذا $1202 القانون على القواعد العامة إلا طائفة من القيود ، بعضها فرض على المؤجر وبعض آخر فرض على المستأجر . وقد استحدثت هذه القيود جميعها في المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 ، ومنه انتقلت إلى قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ووردت في المواد 9 و 10 و 11 من هذا القانون .
وتهدف هذه القيود إلى التفريج من أزمة المساكن عن طريق آخر غير طريق نظام أوامر الإيجار بواسطة السلطة الإدارية الذي كان معمولا به في التشريعات الاستثنائية التي سبقت المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 . وقد كان هذا النظام يقضي بوجوب إبلاغ الملاك السلطة الإدارية عن المساكن الخالية ، فتتولى هذه السلطة بنفسها إيجار المسكن الخالي لأول شخص يتقدم لاستئجاره . فألغي المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 هذا النظام لما تبين نم إرهاق إجراءاته لرجال الإدارة ، ورغبته في العودة إلى النظام الطبيعي بأن تصبح العلاقة بين المؤجر والمستأجر علاقة مباشرة .ولكن المشرع وضع مكان هذا النظام قيوداً على حرية المؤجر في عدم تأجير المسكن الخالي ، بل أوجب في بعض الأحوال إيجاره لشخص معين هو الموظف الذي ينقل إلى البلد الذي يوجد فيه المسكن . ووضع كذلك قيودا على حرية المستأجر ، بأن أوجب عليه إذا كان موظفاً ونقل إلى بلد آخر أن يخلي مسكنه للموظف الذي ينقل إلى هذا البلد . وفرض على كل من المؤجر والمستأجر ألا يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد . وفرض عقوبة جنائية على كل من يخالف هذه الأحكام . وقد هدف بهذه القيود إلى الاستكثار من عرض المساكن الخالية على راغبي السكنى ، فيساعد بذلك على تفريج أزمة المساكن كما سبق القول .
وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 في هذا الصدد : “رؤى إلغاء نظام أوامر الإيجار بواسطة السلطة الإدارية وإيجاب الإبلاغ عن المساكن الخالية ، لما تبين من إرهاق هذه الإجراءات لرجال الإدارة ، وللرغبة في العودة إلى النظام الطبيعي بأن تصبح العلاقة بين المؤجر والمستأجر مباشرة . . ( و ) قرر المواد 9 و 10 و 11 أحكاماً جديدة . فنصت الأولى منها على أن الموظف الذي ينقل إلى بلد يكون له حق الأولوية على غيره في استئجار المسكن الذي كان يشغله موظف آخر . . أما المادتان الأخريان فتهدفان إلى غرض $1203 واحد هو تهيئة السبيل أمام طلاب السكنى ليصلوا إلى بغيتهم ، فحرم على كل شخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه أو لإيجاره من الباطن ، كما حرم إبقاء المساكن المعدة للاستغلال خالية مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية” .
المطلب الأول
قيود مفروضة على المؤجر
686- قيود ثلاثة : قدمنا أن قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 نقل عن المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 قيوداً ثلاثة فرضها على حرية المالك في تأجير ملكه أو عدم تأجيره : ( 1 ) فأوجب على صاحب المسكن الخالي أن يؤجره لمن يتقدم لاستئجاره بالأجرة القانونية إذا بقي خالياً مدة ثلاثة أشهر . ( 2 ) وأوجب عليه أن يجعل الأولوية في استئجار المسكن الذي أخلاه موظف لموظف آخر منقول إلى البلد الذي فيه المسكن . ( 3 ) وحرم عليه أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد( [1] ) . فسنعرض هذه القيود الثلاثة .
687- 1 . عدم ترك المسكن خاليا مدة تزيد على ثلاثة أشهر : تنص المادة 11 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على أنه “لا يجوز إبقاء المساكن المعدة للاستغلال خالية مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا تقدم لاستئجارها مستأجر بالأجرة القانونية” . ويفرض القانون هنا وضعا يشترط في قيامه توافر شروط أربعة : ( 1 ) أن يكون هناك مسكن ، فلا ينطبق النص على مكان ليس بمسكن كالدكان والجراج وما إلى ذلك . فهذه لا يجبر صاحبها على إيجارها ، ولو بقيت خالية أكثر من ثلاثة أشهر . ( 2 ) وأن يكون المسكن معداً للاستغلال ، فلو كان صاحبه قد أعده لحاجته الشخصية ، كأن احتجزه $1204 مسكنا للتصييف أو للمشتى( [2] ) ، أو أعد لسكني ولده الذي يريد أن يستقل بمسكن أو لابنته بعد زواجها أو نحو ذلك ، لم يجبر على إيجاره ولو بقي خالياً مدة تزيد على ثلاث أشهر . ويلاحظ هنا أنه لا يطلب أن تقوم بصاحب المسكن ضرورة ملجئة لشغل المكان بنفسه أو بأحد أولاده حتى يصح له احتجازه دون أن يؤجره ، فالضرورة الملجئة إنما هي شرط في إخلاء العين من شاغلها لا في شغل العين الخالية( [3] ) . ( 3 ) وأن يبقى المسكن خالياً مدة تزيد على ثلاث أشهر دون أن يشغله صاحبه أو يؤجره . ( 4 ) وأن يكون قد تقدم لصاحب المسكن ، خلال مدة الثلاث الأشهر أو بعدها ، مستأجر يرغب في استئجار المسكن بالأجرة القانونية فلم يرض صاحب المسكن بإيجاره .
فإذا توافرت هذه الشروط الأربعة ، جاز توقيع جزائين على صاحب المسكن الخالي ، جزاء مدني وجزاء جنائي .
أما الجزاء المدني فهو أن يجبر صاحب المسكن على إيجاره لمن يعرض الأجرة القانونية . والسبيل إلى ذلك هو أن الشخص الذي يريد استئجار هذا المسكن ، سواء تقدم لاستئجاره خلال الثلاثة الأشهر أو تقدم بعد ذلك ، يطالب صحاب المسكن بإيجاره له بالأجرة القانونية . فإن لم يقبل ، رفع عليه دعوى ، أمام $1205 المحكمة الكلية المختصة طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي ووفقا للإجراءات التي رسمها هذا التشريع ، يثبت فيها أن المسكن بقي خالياً مدة تزيد على ثلاثة أشهر وأنه يعرض لاستئجاره الأجرة القانونية . ولصاحب المسكن أن يدفع هذه الدعوى بأن المسكن غير معد للاستغلال وأنه احتجزه لنفسه أو لأحد من أقاربه .وله كذلك أن يتعاقد أثناء الدعوى مع شخص آخر يؤجر له المسكن ويقدم عقد الإيجار للمحكمة ، فإن القانون لم يلزمه أن يؤجر المسكن الخالي لمستأجر معين إلا في حالة الموظف المنقول ، فإذا أجره لمستأجر آخر غير المدعي فقد استعمل حقه . ولكن يحكم عليه بمصروفات الدعوى ، لأنه تأخر في إيجار المسكن مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وقد تقدم إليه المدعي قبل رفع الدعوى فلم يقبل أن يؤجره إياه . كذلك يجوز للمدعي أن يطعن في عقد الإيجار بالصورية ، وله أن يثبتها بجميع الطرق . فإذا لم يدفع صاحب المسكن الخالي الدعوى بطريق أو بآخر ، حكم بإلزامه بإيجار المسكن للمدعي ، ويكون الحكم نهائياً غير قابل لأي طعن . ذلك أن صاحب المسكن ملتزم بحكم القانون بإيجار المسكن إذا بقي خالياً مدة تزيد على ثلاثة أشهر لمن يعرض الأجرة القانونية ، وهذا التزام بعمل . وفي الالتزام بعمل ، كما تقضي المادة 210 مدني ، يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا سمحت بهذا طبيعة الالتزام( [4] ) .
أما الجزاء الجنائي فعقوبة نصت عليها المادة 16 من قانون إيجار الأماكن وهي الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين . ويستطيع طالب الاستئجار أن يدخل مدعيا مدنيا في الدعوى الجنائية ، كما يستطيع أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة .
$1206 688- 2 . الأولوية للموظف المنقول : تنص المادة 9 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على أن “الموظف المنقول إلى بلد يكون له حق الأولوية على غيره في استئجار المسكن الذي كان يشغله موظف آخر إذا قام بإعلان المؤجر في مدى أسبوع على الأكثر من تاريخ الإخلاء برغبته في ذلك بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول . وعلى كل حال يجب على الموظف المنقول إلى بلد آخر أن يخلي المسكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على سكن في البلد المنقول إليه ، إلا إذا قامت ضرورة ملجئة تمنعه من إخلاء سكنه” . ويفرض القانون هنا وضعا يشترط في قيامه توافر شروط أربعة : ( 1 ) أن يكون المكان الذي يراد استئجاره سكنا ، فلو كان الموظف المنقول من البدل يستأجر مسكنا وجراجا فإن الأولوية للموظف المنقول إلى البلد إنما تكون في المسكن لا في الجراج . ( 2 ) وأن يكون هذا المسكن شغله موظف ثم أخلاه بسبب نقله من البلد . والمقصود بالموظف هنا أن يكون موظفاً عاماً ، حتى تتحقق الحكمة من النص من أنه “مرتبط بالصالح العام” كما سيجيء . وسنرى أن الموظف الذي شغل المسكن ، ونقل من البلد ، يجب عليه أن يخلي المسكن بمجرد حصوله على سكن في البلد ، ليتلقى موظفاً جديداً منقولا إلى البلد( [5] ) . ( 3 ) أن يكون هناك موظف منقول إلى البلد . فلا تعطي الأولوية إذن لموظف قديم في البلد ساكن فيه قبل إخلاء الموظف المنقول لمسكنه ، إذا أراد هذا الموظف القديم تغيير سكنه . وإنما تعطي الأولوية لموظف جديد ينقل إلى البلد ولم يكن ساكناً فيه من قبل . ويبدو أنه من الضروري أن يكون الموظف الجديد قد جاء ليحل محل الموظف القديم في نفس الوظيفة ، وإذا كان النص مطلقاً قد خلا من هذا القيد ، إلا أن حكمة التشريع والأعمال التحضيرية تملي جميعها أن يكون الموظف الجديد قد جاء ليحل محل الموظف القديم( [6] ) . فناظر المدرسة المنقول من البلد يحل محله في السكن وفي العمل ناظر . $1207 المدرسة المنقول إلى البلد ، وكذلك القاضي ووكيل النيابة ومهندس الري والمدرس وضابط البوليس والكاتب وغيرهم من الموظفين . ( 4 ) أن يعلن الموظف الجديد صاحب السمك ، في مدى أسبوع على الأكثر من تاريخ الإخلاء ، برغبته في شغل المسكن بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول . ويجوز أن يكون إعلان هذه الرغبة قبل إخلاء المسكن( [7] ) ، والمهم ألا يتأخر وصول الإعلان عن أسبوع من تاريخ الإخلاء . كما يصح أن يكون الإعلان على يد محضر ، ولا يكتفي الموظف الجديد بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول . فإذا تأخر وصول إعلان الغربة في الاستئجار عن أسبوع من تاريخ الإخلاء ، كان صاحب المسكن في حل من تأجيره لمن يشاء ، سواء كان المستأجر أجنبياً أو الموظف الجديد نفسه( [8] ) .
ومتى توافرت هذه الشروط ، التزم صاحب المسكن بإيجاره للموظف الجديد في استئجار المسكن( [9] ) . فإذا امتنع صاحب المسكن من إبرام عقد الإيجار ، جاز $1208 للموظف الجديد أن يرفع دعوى ، أمام المحكمة الكلية المختصة طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي ووفقاً للإجراءات التي رسمها هذا التشريع ، يطلب فيها إلزام صاحب المسكن بتأجيره إياه . ويقوم حكم القاضي – وهو حكم نهائي غير قابل لأي طعن – مقام التنفيذ على النحو الذي بيناه في الحالة الأولى . ويكون صاحب المسكن في الوقت ذاته ، بامتناعه عن الإيجار للموظف الجديد قد ارتكب جريمة معاقباً عليها ، طبقاً للمادة 16 من قانون إيجار الأماكن ، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تجاوز مائيتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين . ويستطيع الموظف الجديد أن يدخل مدعياً مدنياً في الدعوى الجنائية ، كما يستطيع رفع دعوى الجنحة المباشرة .
على أنه من الجائز أن يكون صاحب المسكن قد قامت به ضرورة ملجئة لشغل المكان بنفسه أو بأحد أولاده ، ففي هذه الحالة إذا كان الموظف الجديد لم يقض له بعد بشغل المسكن أمكن لصاحب المسكن أن يدفع الدعوى بقيام ضرورة ملجئة فيقضي لصالحه( [10] ) . أما إذا كان قد قضي للموظف الجديد بشغل المسكن وشغله فعلا ، لم يبق أمام صاحب المسكن إلا أن يرفع عليه دعوى بالإخلاء للضرورة الملجئة ، كما كان يرفعها على الموظف القديم لو أنه لا يزال باقياً في المسكن( [11] ) .
689- 3 . تحريم احتجاز أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد : تنص المادة 10 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على أنه “لا يجوز للشخص الواحد أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه أو لتأجيره من الباطن” . والمفهوم من النص أن احتجاز المسكن قد يكون عن $1209 طريق الملك أو عن طريق الاستئجار . فالمالك ، إذا احتجز لنفسه مسكناً يملكه ويكون له في الوقت ذاته مسكن آخر يملكه في نفس البلد ، يعتبر أنه قد احتجز لنفسه في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد . وغير المالك ، إذا استأجر لنفسه مسكنين في بلد واحد ، يكون هو أيضاً قد احتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد . وكلا منا الآن في الحالة الأولى ، حيث يحتجز الشخص المسكنين عن طريق الملك . أما إذا احتجزهما عن طريق الاستئجار ، فمنعه من ذلك إنما هو قيد على حرية الاستئجار ، وسنبحثه في القيود المفروضة على المستأجر .
ونفرض الآن أن المالك يسكن في ملكه ، ثم خلا مسكن آخر هو أيضاً ملك له ولكنه في بلد آخر . ففي هذه الحالة إذا كان المستأجر السابق لهذا المسكن الآخر موظفاً نقل من البلد ، فقد قدمنا أن المالك يكون ملتزماً بإيجار المسكن للموظف الجديد الذي حل محل الموظف المنقول . وهو على كل حال لا يصح له أن يترك المسكن الآخر خالياً مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا عرض عليه شخص استئجاره بالأجرة القانونية ، إلا إذا كانت له حاجة حقيقية بالمسكن فيستطيع احتجازه لنفسه كما سبق القول . أما إذا كان هذا المسكن الآخر في نفس البلد الذي يسكن فيه ، فليس له أن يحتجزه ولو كانت له حاجة حقيقية به( [12] ) ، لأنه يكون في هذه الحالة قد احتجز أكثر من مسكن واحد في بلد واحد ، والواجب عليه أن يؤجره بمجرد أن يتقدم له مستأجر بالأجرة القانونية ولو قبل انقضاء مدة ثلاث أشهر م خلو المسكن . ولا يستطيع أن يحتجزه إلا إذا قامت ضرورة تلجئه لشغله بأحد $1210 أولاده . أما إذا كانت الضرورة تلجئه لشغله بنفسه ، فعند ذلك ينتقل من المسكن الذي هو فيه إلى المسكن الآخر ، ولعيه أن يؤجر المسكن الأول حتى لا يكون محتجزاً لسكنين في بلد واحد( [13] ) .
فإذا ثبت أن شخصاً احتجز مسكنين في بلد واحد على الوجه المتقدم الذكر ، كان مخالفاً للقانون وجاز لكل ذي مصلحة أن يطلب إليه إخلاء احد المسكنين . فإذا امتنع ، رفع عليه دعوى أمام المحكمة الكلية المختصة طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي ووفقاً للإجراءات التي رسمها هذا التشريع . وتقضي المحكمة ، بحكم نهائي غير قابل لأي طعن ، بأن يخلى احد المسكنين ويستبقى المسكن الذي يختاره . والمسكن الذي يخليه يصبح ملزماً بألا يتركه خالياً متى عرض عليه شخص أن يستأجره بالجرة القانونية . وقد يكون هذا الشخص هو نفس الشخص الذي رفع الدعوى ، وقد يكون شخصاً آخر ، فللمالك أن يختار المستأجر الذي يشاء ، ولكنه ملزم على كل حال بإيجار المسكن على الوجه الذي بيناه فيما تقدم .
والمالك الذي يحتجز أكثر من مسكن واحد في بلد واحد يكون أيضاً مرتبكاً لجريمة عقوبتها ، بحسب أحكام المادة 16 من قانون إيجار الأماكن ، الحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين . ويستطيع ذو المصلحة أن يدخل مدعياً مدنياً في الدعوى ، كما أن له أن يرفع دعوى الجنحة المباشرة .
المطلب الثاني
قيود مفروضة على المستأجر
690- قيدان : فرض قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على $1211 المستأجر قيدين : ( 1 ) فأوجب عليه ألا يستأجر أكثر من مسكن واحد في بلد واحد . ( 2 ) وأوجب عليه إذا كان موظفاً منقولا من بلد أن يخلي المكان الذي استأجره في هذا البلد .
691- 1 . تحريم استئجار أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد : رأينا المادة 10 من قانون إيجار الأماكن تقضي بأنه لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه أو لتأجيره من الباطن . وقد استعرضنا حالة الاحتجاز عن طريق الملك ، أما هنا فنستعرض الاحتجاز عن طريق الاستئجار .
ونفرض أن شخصاً استأجر مسكناً في القاهرة . فانهه يجوز لهذا الشخص أن يستأجر مسكناً آخر في الإسكندرية ليجعله مصيفاً له ، ومسكناً ثالثاً في الأقصر ليجعله مشتى فهو قد استأجر مساكن ثلاثة في بلاد متفرقة ، ولكنه لم يستأجر أكثر من مسكن واحد في بلد واحد .
فإذا استأجر إلى جانب المسكن الذي له في القاهرة مثلا مسكناً آخر في نفس المدينة ، إما توسعة على نفسه في السكن وإما لأنه يريد تأجير المسكن الآخر من الباطن أو يستغله حجراً مفروضة أو “بنسيون” أو نحو ذلك ، وقد يستأجر المسكنين لتأجير كل منهما من الباطن ويقيم في بلد آخر ، ففي جميع هذه الأحوال لا يجوز له أن يجمع بين مسكنين في بلد واحد ، سواء أرادهما لسكنه خاصة ، أو لتأجيرهما من الباطن ، أو أراد أحدهما لسكنه والآخر لتأجيره من الباطن . وسواء كان هذا عن طريق الإيجار الأصلي ، أو عن طريق امتداد الإيجار بحكم القانون( [14] ) .
$1212 فإذا ثبت أنه جمع بين مسكنين في بلد واحد على الوجه المتقدم الذكر ، كان مخالفاً للقانون ، وجاز لكل ذي مصلحة أن يطلب إليه إخلاء أحد المسكنين . ولكن لا يعتبر المؤجر لهذين المسكنين من ذوي المصلحة في طلب الإخلاء ، لأن أسباب إخلاء المؤجر للمستأجر مذكورة على سبيل الحصر في المادتين 2 و 3 من قانون إيجار الأماكن وليس الجمع بين مسكنين في بلد واحد من بينها ، ولأن الغرض الذي يهدف إليه منع الجمع “هو تهيئة السبيل أمام طلاب السكنى ليصلوا إلى بغيتهم” كما جاء في المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946( [15] ) . فطلاب السكنى إذن هم أصحاب المصلحة ، ويجوز لأي منهم أن يطلب من المستأجر للمسكنين أن يخلي احدهما( [16] ) . فإن امتنع عليه دعوى أمام المحكمة الكلية المختصة $1213 طبقاً لأحكام التشريع الاستثنائي ، ووفقاً للإجراءات التي رسمها هذا التشريع ،وتقضي عليه المحكمة ، بحكم نهائي غير قابل لأي طعن ، بإخلاء أحد المسكنين واستبقاء الآخر ، وهو الذي يختار المسكن الذي يستبقيه . فإذا أخلى أحد المسكنين ، كان من رفع الدعوى ملزماً باستئجاره بالأجرة القانونية من مالكه ، إلا إذا رأى المالك إيجاره لمستأجر آخر ، والمالك على كل حال ملزم بألا يتركه خالياً مدة تزيد على ثلاثة أشهر( [17] ) .
وكان النص الأصلي للمادة16 من قانون إيجار الأماكن يعاقب كل من خالف أحكام المادة 10 ، فكان ذلك يشمل المالك والمستأجر . ولكن التعديل الذي أدخله القانون رقم 55 لسنة 1958 على المادة 16 قصر العقوبة على المؤجر ، ويراد بذلك المالك الذي يحتجز أكثر من مسكن واحد في بلد واحد من طريق الملك كما رأينا فيما تقدم . أما المستأجر الذي يجمع بين مسكنين في بلد واحد ، فلا عقاب عليه بعد التعديل الذي أدخله قانون سنة 1958( [18] ) .
$1214 692- 2 . إلزام الموظف المنقول من بلد بإخلاء مسكنه فيه : رأينا أن الفقرة الثانية من المادة 9 م قانون إيجار الأماكن تنص على ما يأتي : “وعلى كل حال يجب على الموظف المنقول إلى بلد آخر أن يخلي المسكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على سكن في البلد المنقول إليه ، إلا إذا قامت ضرورة ملجئة تمنعه من إخلاء سكنه” . وقد رأينا فيما تقدم أن إخلاء الموظف المنقول لمسكنه في البلد المنقول منه يتيح الفرصة للموظف المنقول إلى هذا البلد في أن يستعمل حق الأولوية في استئجار هذا المسكن( [19] ) . ورأينا كذلك أن المادة 609 مدني تجيز للموظف ، إذا اقتضى عمله أن يغير محل إقامته ، أن يطلب إنهاء إيجار مسكنه إذا كان هذا الإيجار معين المدة ، على أن يراعى المواعيد المبينة في المادة 563 مدني ، ويقع باطلا كل اتفاق على غير ذلك( [20] ) . فنرى من هذا أن إخلاء الموظف المنقول من بلد لمسكنه في هذا البلد ، في الجهات التي تسري فيها التشريعات الاستثنائية ، حق له وواجب عليه في وقت واحد .
وقد كان مشروع قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 خالياً من الفقرة الثانية للمادة 9 سالفة الذكر . فأضافتها لجنة الشؤون التشريعية لمجلس النواب ، وقالت في تقريرها الأول بياناً لذلك : “منحت المادة التاسعة الموظف المنقول حق الأولوية في استئجار المسكن الذي كان يشغله الموظف المنقول بدله بشروط معينة . وقد كملت اللجنة هذا النص بإضافة فقرة جديدة وهي : ” وعلى كل حال يجب على الموظف المنقول إلى بلد آخر أن يخلي المسكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على مسكن في البلد المنقول إليه . وواضح أن الحكمة من هذه الإضافة هي معالجة أزمة المساكن بقدر الإمكان” . وقد رأت اللجنة التشريعية أن هذه الإضافة ضرورية لتمكين الموظف المنقول إلى بلد م سكنى المكان الذي كان يشغله الموظف المنقول من البلد . غير أنها اقتصرت على الجزء الأول من الفقرة الثانية كما نرى . وأكملت لجنة العدل بمجلس الشيوخ الفقرة بإضافة العبارة الأخيرة وهي : “إلا إذا قامت ضرورة ملجئة تمنعه من الإخلاء مسكنه” . وقالت لجنة العدل في تقريرها الأول بياناً لذلك : “نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة $1215 على وجوب أن يخلي الموظف السكن الذي كان يشغله بمجرد حصوله على سكن في البلد المنقول إليه . وقد رأت اللجنة أنه قد تحدث ظروف قهرية للموظف تمنعه من الإخلاء بمجرد حصوله على سكن في البدل المقول إليه بسبب مرض أحد أولاده أو زوجته أو حالة الوضع وغير ذلك من الأحوال . ولذلك رأت إضافة العبارة الآتية إلى الفقرة الثانية من المادة التاسعة وهي : “إلا إذا قامت ضرورة ملجئة تمنع من إخلاء مسكنه” .
ويخلص من كل ذلك أن الموظف المنقول نقلا نهائياً من بلد كان يشغل فيه مسكناً يلتزم بحكم القانون أن يخلي هذا المسكن ، ويكون هذا غالباً لمصلحة الموظف الذي يحل محله . ويشترط في ذلك أمران : ( 1 ) أن يحصل على مسكن في البلد الذي ينقل إليه ، فقبل حصوله على هذا المسكن يجوز له أن يترك أسرته في المسكن الذي هي فيه ، ويقيم هو إقامة مؤقتة في البلد الذي نقل إليه ، إلى أن يعثر على مسكن دائم . فعند ذلك يلتزم بإخلاء مسكنه الأول ، وينتقل بأسرته إلى هذا المسكن الدائم . ( 2 ) ألا تقوم ضرورة تلجئه إلى البقاء بعض الوقت في المسكن الأول ، فيبقى بقدر هذه الضرورة . مثل ذلك ، كما تقول لجنة العدل بمجلس الشيوخ فيما رأينا ، مرض أحد أولاده أو زوجته أو حالة الوضع . ويمكن أيضاً أن يكون ضرورة ملجئة التحاق أولاده بمدرسة في البلد الذي فيه المسكن وضرورة بقائهم في المدرسة إلى نهاية العام الدراسي . وبمجرد زوال الضرورة – شفاء المريض أو النقاهة من الوضع أو نهاية العام الدراسي – يلتزم الموظف بإخلاء المسكن .
ويبدو أن الموظف يلتزم بالإخلاء حتى قبل انقضاء المدة الأصلية للإيجار . وقد قدمنا أن هذا من حقه( [21] ) ، والآن نرى أن هذا من واجبه حتى يخلي المكان للموظف الذي يجئ بعده . ولكنه لا يلتزم بذلك إلا إذا كان الموظف الذي يجئ بعده يرغب في شغل المسكن .
فإذا توافر الشرطان المتقدم ذكرهما ، وجب على الموظف إخلاء المسكن . فإن امتنع ، جاز للمؤجر أن يطالبه بالإخلاء قضاء( [22] ) ، ويرفع الدعوى أمام $1216 المحكمة الكلية المختصة طبقاً لإحكام التشريع الاستثنائي ووفقا للإجراءات التي رسمها هذا التشريع ، ويكون الحم نهائياً غير قابل لأي طعن . ويجوز أيضاً للموظف المنقول إلى البلد أن يستعمل حق المؤجر بطريق الدعوى غير المباشرة( [23] ) . ويجوز للمحكمة أن تمنح أجلا للموظف المنقول من البلد لإخلاء مسكنه ، وذلك طبقاً لأحكام المادة 346/2 مدني .
ولا يوجد جزاء جنائي على مخالفة الموظف لإلزامه من إخلاء المسكن . والجزاء الذي قررته المادة 16 إنما فرض على المؤجر الذي يخالف أحكام المادة 9 ، فقد رأينا أن المؤجر الذي يمتنع عن إعطاء الأولوية للموظف المنقول إلى البلد يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين( [24] ) .
الفرع الثاني
الأحكام الاستثنائية الإجرائية
693- الغرض من هذه الأحكام : وضع المشرع أحكاماً استثنائية من ناحية الإجراءات ، كما وضع أحكاماً استثنائية من ناحية الموضوع وهي الأحكام التي سبق بحثها فيما تقدم . وقد هدف من الأحكام الاستثنائية الإجرائية ، التي خرج فيها على القواعد العامة المقررة في قانون المرافعات ، إلى تيسير التقاضي وتبسيط إجراءاته ، حتى لا يطول الانتظار وتتعقد الإجراءات في مسائل تحمل طابع الاستعجال لو أن الإجراءات العادية هي التي اتبعت .
فنصت المادة 15 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 على ما يأتي :
“ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة $1217 بطلب يقدم من ذوي الشأن إلى قلم كتاب تلك المحكمة” .
“وعلى قلم الكتاب أن يعطي الطالب إيصالا بتسلم الطلب ، وأن يرفع الطلب المذكور في خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ تسلمه إلى رئيس الدائرة المختصة الذي يحدد جلسة للنظر في النزاع” .
“ويقوم قلم الكتاب بإبلاغ طرفي الخصومة مضمون الطلب وتاريخ الجلسة قبل الموعد المحدد لها بخمسة أيام على الأقل بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول” .
“ويفصل في النزاع على وجه الاستعجال ، والحكم الذي يصدر فيه لا يكون قابلا لأي طعن” .
“وتظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث موضوع النزاع والاختصاص القضائي والإجراءات” .
ونرى من ذلك أن المشرع قد يسر في إجراءات التقاضي وبسطها من نواح ثلاث : ( 1 ) ناحية الاختصاص ، فيجعل المحكمة الكلية هي المختصة نهائياً في نظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 . ( 2 ) ناحية الإجراءات ، فبسط في إجراءات رفع الدعوى ، وأوجب أن يكون الفصل في النزاع على وجه الاستعجال . ( 3 ) ناحية الحكم الصادر في النزاع ، فجعله حكماً نهائياً غير قابل لي طعن . ونبحث كلا من هذه النواحي الثلاث .
المبحث الأول
الأحكام المتعلقة بالاختصاص
694- المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي وقواعد الاختصاص فيها : وتحدد أولا ما هي المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي . ثم نبين قواعد الاختصاص في هذه المنازعات . فقد رأينا الفقرة الأولى من المادة 15 من إيجار الأماكن تقول : “ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة” .
$1218§ 1 – تحديد المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام
التشريع الاستثنائي
695- أهمية تحديد هذه المنازعات وكيف تحدد : تحديد هذه المنازعات مسألة أساسية ، لا في الأحكام المتعلقة بالاختصاص بحسب ، بل أيضاً في الأحكام الخاصة بالإجراءات وفي صدور الحكم في النزاع نهائياً غير قابل لأي طعن ، أي في نواحي الإجراءات الثلاث التي سنتناولها بالبحث . ذلك أنه متى عرف أن نزاعاً ميعنا هو نزاع ناشئ عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي ، فإن هذا النزاع يكون خاضعاً لقواعد الاختصاص الاستثنائية ، وتتبع في الوقت ذاته في شأنه الإجراءات التي رسمها التشريع الاستثنائي ، ويصدر الحكم فيه نهائياً غير قابل لأي طعن .
وحتى يكون النزاع ناشئاً عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي ، يجب أن يكون الفصل فيه مستلزماً لتطبيق حكم ممن أحكام هذا التشريع( [25] ) . ونسترشد بهذا المعيار لنستعرض المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي ، ولنستعرض بعد ذلك أمثلة من المنازعات غير الناشئة عن تطبيق أحكام هذا التشريع . وقبل ذلك نقرر أن تحديد ما إذا كان النزاع ناشئاً عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي أو غير ناشئ عن تطبيق هذه الأحكام مسألة أولية ، تسبق النزاع نفسه ، فلا تدخل فيه . ويترتب على ذلك أن النزاع في هذه المسألة الأولية لا يكون نزاعاً ناشئاً عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي( [26] ) . ومن $1219 ثم إذا عرض نزاع على المحكمة الكلية المختصة بنظر المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي – ونسميها توخيا للاختصار بالمنازعات الإيجارية – وتمسك المدعي عليه بأن هذا النزاع لا يدخل في المنازعات الإيجارية ، أي دفع بعدم اختصاص المحكمة ، فإن هذا النزاع في الاختصاص لا يدخل في المنازعات الإيجارية ، ويكون الحكم فيه قابلا للطعن بالأوجه التي تقررها القواعد العامة( [27] ) . $1220 فالفصل في أن المحكمة مختصة بنظر النزاع لأنه يدخل في المنازعات الإيجارية أو غير مختصة بنظره لأنه لا يدخل فيها هو فصل في نزاع لا يدخل هو ذاته في المنازعات الإيجارية . ويخضع الحكم الصادر بالاختصاص أو بعدم الاختصاص ، من حيث قابليته للطعن فيه ، للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات ، لا لقواعد التشريع الاستثنائي التي تجعل الحكم نهائيا غير قابل لأي طعن( [28] ) .
696- أ . المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي : يمكن رد هذه المنازعات إلى طوائف ثلاث تقابل الطوائف الثلاث التي قسمنا إليها أحكام التشريع الاستثنائي الموضوعية : ( 1 ) الأحكام المتعلقة بتعيين الحد الأقصى للأجرة ، وتقابلها دعاوي الأجرة . ( 2 ) الأحكام المتعلقة بانتهاء $1221 الإيجار ، وتقابلها دعاوي الإخلاء . ( 3 ) الأحكام المتعلقة بالقيود المفروضة على المؤجر وعلى المستأجر ، وتقابلها دعاوي التأجير على المؤجر ودعاوي إخراج المستأجر لتعدد مسكنه أو لنقله من البلد .
697- ( 1 ) الحد الأقصى للأجرة – دعاوي الأجرة : يدخل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي ، أي المنازعات الإيجارية ، دعاوي الأجرة . ويقصد بدعاوي الأجرة كل المنازعات التي تتعلق بالحد الأقصى الذي فرضه التشريع الاستثنائي للأجرة . فكل منازعة بين المؤجر والمستأجر في الأجرة الفعلية التي يدفعها الثاني للأول . يريد الأول زيادتها لترتفع إلى الحد الأقصى ، أو يريد الثاني تخفيضها لتنزل إلى هذا الحد ، تعتبر من المنازعات الإيجارية . غير أن هناك ، فيما يتعلق بتعيين الحد الأقصى للأجرة ، القانون رقم 169 لسنة 1961 وهو يخفض كما رأينا الأجور بمقدار الضرائب التي أعفى الملاك منها . وقد كان ينبغي أن تدخل المنازعات المتعلقة بهذا التخفيض في المنازعات الإيجارية . ولكن يعترض على ذلك بأن هذه المنازعات ناشئة عن تطبيق قانون غير قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، ومن ثم تخضع هذه المنازعات للاختصاص العادي ويكون الحكم فيها قابلا للطعن فيه بالأوجه المقررة في قانون المرافعات . وقد يجتمع تخفيض فرضه قانون إيجار الأماكن مع تخفيض الضريبية ، ويرفع المستأجر دعوى واحدة بالتخفيضين أمام دائرة الإيجارات( [29] ) . فالحكم الصادر في الدعوى يكون هائياً فيما يتعلق بالتخفيض الذي قرره قانون إيجار الأماكن ، ويجوز الطعن فيه بالأوجه المقررة في قانون المرافعات فيما يتعلق بتخفيض الضريبة . وكل ذلك دون حكمة مفهومة في التفريق بين التخفيضين ، غير هذه المصادفة التشريعية غير المقصودة من عدم إدماج تشريع تخفيض الضريبة في قانون إيجار الأماكن كما كان ينبغي ، أو في القليل النص في تشريع تخفيض الضريبة على خضوع المنازعات الناشئة عن تطبيقه لأحكام المادة 15 من قانون إيجار الأماكن . وقل مثل ذلك في القانون رقم 46 لسنة 1962 ، وهو الذي يحدد أجور أماكن القسم الخامس على أساس قيمة الأرض والمباني $1222 مع إضافة الضرائب ، فهذا القانون أيضاً لم يدمج في قانون إيجار الأماكن ، ومن ثم لا تدخل المنازعات الناشئة عن تطبيقه في المنازعات الإيجارية( [30] ) .
ويخلص مما تقدم أنه ، فيما عدا الاستثنائين المتقدم ذكرهما الخاصين بالقانون رقم 169 لسنة 1961 والقانون رقم 46 لسنة 1962 ، يدخل في المنازعات الإيجارية جميع الدعاوي المتعلقة بالحد الأقصى للأجرة .
فيدخل في المنازعات الإيجارية الدعاوي المتعلقة ببطلان الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على مجاوزة الحد الأقصى للأجرة فيما زادت فيه الأجرة على هذا الحد( [31] ) .
ويدخل أيضاً في المنازعات الإيجارية الدعاوي المتعلقة بمطالبة المؤجر بزيادة الأجرة لترتفع إلى الحد الأقصى( [32] ) .
ويدخل كذلك في المنازعات الإيجارية الدعاوي المتعلقة بمطالبة المستأجر بتخفيض الأجرة لتنزل إلى الحد الأقصى( [33] ) .
وهذه الدعاوي المتقدمة الذكر تستلزم تطبيق أحكام المواد 1 و 4 و 5 و 5 مكرراً ( 1 ) و ( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) و ( 5 ) و 6 و 8 و 14 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 .
698- ( 2 ) انتهاء الإيجار – دعاوي الإخلاء : وتعتبر منازعات إيجارية المنازعات التي تنشأ عن تطبيق الأحكام الاستثنائية المتعلقة بانتهاء الإيجار( [34] ) . $1223 فامتداد الإيجار بحكم القانون بعد انقضاء مدته الأصلية( [35] ) ، وبطلان الاتفاق على غير ذلك( [36] ) ، ووجوب أن يراعى المستأجر أو المستأجر من الباطن الذي يرغب في الإخلاء المكان المؤجر بعد امتداد الإيجار بحكم القانون مواعيد التنبيه المنصوص عليها في المادة 563 مدني طبقاً لأحكام المادة 13 من قانون إيجار الأماكن( [37] ) ، ونفاذ الإيجار في حق المالك الجديد ولو لم يكن له تاريخ ثابت سابق على تاريخ التصرف الناقل للملكية طبقاً لأحكام المادة 12( [38] ) ، كل هذه أحكام استثنائية متعلقة بانتهاء الإيجار ، والمنازعات التي تنشأ عن تطبيقها تعتبر منازعات إيجارية .
وتعتبر منازعات إيجارية بوجه خاص دعاوي الإخلاء الستة التي نصت عيها المادتان 2 و 3 من قانون إيجار الأماكن وهي :
1- دعوى الإخلاء لتأخر المستأجر في الوفاء بالأجرة( [39] ) .
2- دعوى الإخلاء لإيجار المستأجر المكان من الباطن بغير إذن من المؤجر( [40] ) . ويدخل في ذلك دعوى ناظر الوقف ، عند إيجار العين الموقوفة من $1224 الباطن أو التنازل عن إيجارها ، بإخلاء العين أو التمسك بالعقد الجديد( [41] ) . ولكن دعوى إبقاء الإيجار لمشتري المصنع أو المتجر ( الجدك ) تطبقاً لأحكام المادة 594/2 مدني لا تعتبر من المنازعات الإيجارية ، لأنها لا تنشأ عن تطبيق الأحكام الاستثنائية بل تنشأ عن تطبيق قواعد القانون العام( [42] ) .
3- دعوى الإخلاء لاستعمال المكان المؤجر بطريقة تنافي شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المالك( [43] ) .
4- دعوى الإخلاء لأيلولة المكان للسقوط( [44] ) .
5- دعوى الإخلاء لرغبة المالك في هدم المكان المجر لإعادة بنائه بشكل أوسع( [45] ) . ويلحق بذلك دعوى المستأجر بالعودة إلى المكان المؤجر وبالتعويض ، إذا أخل المؤجر بواجباته ، فلم يشرع في الهدم خلال شهر من تاريخ الإخلاء ، أو شرع في الهدم خلال شهر ولكنه لم يشرع في البناء فوراً بعد تمام الهدم( [46] ) .
6- دعوى الإخلاء ودعوى الطرد لقيام ضرورة تلجئ المؤجر لشغل المكان $1225 بنفسه أو بأحد أولاده( [47] ) . ويلحق بذلك دعوى المستأجر بالعودة إلى المكان المؤجر وبالتعويض ، إذا أخل المؤجر بواجباته ، فلم يشغل المكان خلال شهر م تاريخ الإخلاء ، أو لم يبق فيه سنة بعد شغله( [48] ) .
وهذه الدعاوي تستلزم تطبيق أحكام المواد 1 و 2 و 3 و 7 و 8 و 12 و 13 و 14 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 .
699 ( 3 ) القيود المفروضة على المؤجر وعلى المستأجر – دعاوي التأجير على المؤجر ودعاوي إخراج المستأجر لتعدد مسكنه أو لنقله من البلد : وتعتبر منازعات إيجارية المنازعات التي تنشأ عن تطبيق القيود المفروضة على المؤجر وعلى المستأجر بموجب المواد 9 و 10 و 11 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 .
فتعتبر منازعات إيجارية دعاوي التأجير على المؤجر : 1- الدعاوي الناشئة عن ترك المسكن خالياً مدة تزيد على ثلاث أشهر( [49] ) . 2- الدعاوي الناشئة عن وجوب إعطاء الأولوية للموظف المنقول إلى البلد( [50] ) . 3- الدعوى الناشئة عن تحريم احتجاز المالك لأكثر من مسكن واحد في البلد الواحد( [51] ) .
وتعتبر كلك منازعات إيجارية : 1- الدعوى الناشئة عن تحريم استئجار أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد( [52] ) . 2- دعوى إخراج الموظف من مسكنه بالبلد المنقول منه( [53] ) .
وهذه الدعاوي تستلزم تطبيق أحكام المواد 9 و 10 و 11 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947( [54] ) .
$1226 700 – ب . المنازعات غير الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي : وما عدا ما تقدم من المنازعات لا يعتبر منازعات إيجارية ، لأنه لا ينشأ عن تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، بل ينشأ عن تطبيق أحكام القانون العام . وعلى ذلك تبقى هذه المنازعات خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث الموضع ، وترفع أمام المحكمة المختصة طبقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات ، وتتبع فيها الإجراءات العادية التي تقررها هذه القواعد ، ويكون الحكم فيها قابلا للطعن بالطرق التي تقررها أحكام القانون العام . وتقول الفقرة الأخيرة من المادة 15 من قانون إيجار الأماكن في هذا الصدد كما رأينا : “وتظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث موضوع النزاع والاختصاص القضائي والإجراءات”( [55] ) .
فلا تعتبر إذن منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بإيجار ما يخرج عن نطاق التشريع الاستثنائي ، وهو المنقول والعقار الذي هو ملك عام والأراضي الزراعية والأراضي الفضاء غير الزراعية( [56] ) . والأماكن الموجودة في مناطق غير $1227 مبينة في الجدول المرافق لقانون إيجار الأماكن والمساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت الحكومية والأماكن المشغولة بغير عقد إيجار( [57] ) فيما عدا الأماكن المستولي عليها والأماكن المنزوع ملكيتها( [58] ) .
وفيما يدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي( [59] ) قدمنا أنه لا تعتر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بتخفيض الأجرة على أساس قيمة الأرض والمباني مع إضافة الضرائب( [60] ) . ولا تعتبر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بالتزام المستأجر بدفع الأجرة بعد تحديد مقدارها قانوناً ، لا من حيث إخلاء المكان المؤجر للتأخر في دفع الأجرة فهذه المنازعات تعتبر منازعات إيجارية كما سبق القول ، بل م حيث إلزام المستأجر بدفع الأجرة غير المتنازع في مقدارها( [61] ) واستعمال حق امتياز المؤجر$1228 على منقولات المستأجر وحبس هذه المنقولات وتوقيع الحجز التحفظي عليها . ولكن إذا دفع المستأجر أجرة تجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً ، فإن استرداده لما دفع زائداً يعتبر منازعة إيجارية كما أسلفنا القول . فإذا رد المالك الجديد هذه الزيادة للمستأجر وأراد لرجوع بها على المالك السابق ، فإن أحكام القانون العام هي التي تسري ، ومن ثم لا تعتبر المنازعة في هذا الشأن منازعة إيجارية( [62] ) .
كذلك لا تعتبر منازعات إيجارية ، فيما يدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي ، المنازعات المتعلقة بالتزامات المستأجر الأخر ، إلا إذا لجأ المؤجر إلى دعوى من دعاوي الإخلاء جزاء على إخلاء المستأجر بالتزاماته فقد قدمنا أن دعاوي الإخلاء تعتبر منازعات إيجارية . فلا تعتبر منازعات إيجارية مطالبة المؤجر للمستأجر باستعمال العين فيما أعدت له ، وبالمحافظة عليها ، وبإجراء الترميمات التأجيرية ، وبوجوب الإخطار عما يستوجب تدخل المؤجر ، وبرد العين المؤجرة عند انتهاء الإيجار . ولا تعتبر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بالمصروفات التي أنفقها المستأجر على العين ضرورية كانت أو نافعة أو كمالية ، ولا المنازعات المتعلقة بما أوجده المستأجر في العين من بناء أو تحسينات أخرى . ولا تعتبر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بمسئولية المستأجر عن حريق العين المؤجرة .
ولا تعتبر منازعات إيجارية أيضاً ، فيما يدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي ، المنازعات المتعلقة بالتزامات المؤجر ، من التزام بالتسليم ، والتزام بتعهد العين بالصيانة وإجراء الترميمات الضرورية( [63] ) ، والتزام بضمان التعرض ، $1229 والتزام بضمان العيوب الخفية( [64] ) .
وأخيراً لا تعتبر منازعات إيجارية ، فيما يدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي ، المنازعات المتعلقة ببطلان الإيجار ، وإبطاله ، وعدم نفاذه( [65] ) ، $1230 وانتهائه بسبب لا تتناوله أحكام التشريع الاستثنائي ، كالتقابل ، وانفساخ الإيجار بهلاك العين هلاكاً مادياً أو هلاكاً قانونياً ، واتحاد الذمة( [66] ) ، وتحقق الشرط $1231 الفاسخ الذي علقت عليه التزامات أحد الطرفين ، وموت المستأجر ، والعذر الطارئ بوجه عام .
§ 2- قواعد الاختصاص في المنازعات الناشئة عن تطبيق
أحكام التشريع الاستثنائي
701- الاختصاص النوعي والاختصاص المحلي : رأينا الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون إيجار الأماكن تقول : “ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة . . .” . وهذا النص يتناول كلا من الاختصاص النوعي والاختصاص المحلي . فالمحكمة الابتدائية : هذا هو الاختصاص النوعي . ومن المحاكم الابتدائية المتعددة : المحكمة المختصة طبقاً لأحكام الاختصاص المحلي .
702- ا . الاختصاص النوعي : جعلت المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام التشريع الاستثنائي من اختصاص المحكمة الابتدائية ، وذلك استثناء من القواعد العامة . فنستعرض أولا في إيجاز أحكام القواعد العامة ، ثم نبحث أحكام التشريع الاستثنائي في الاختصاص النوعي .
703- الاختصاص النوعي في مسائل الإيجار بحسب أحكام القواعد العامة : الأصل في الاختصاص النوعي أن “تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوي المدنية والتجارية المنقولة أو العقارية ( مقال محامي عقاري منشور على موقع حماة الحق – محامي الأردن ) التي تتجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً . ويكون حكما انتهائياً إذا لم تتجاوز قيمة الدعوى خمسين جنيهاً” ( م 45 مرافعات ) . “وتختص المحكمة الابتدائية بالحكم ابتدائياً في جميع الدعاوي المدنية والتجارية التي لست من اختصاص محكمة المواد الجزئية . ويكون حكمها انتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تتجاوز مائتين وخمسين جنيهاً . وتختص كذلك بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من محكمة المواد الجزئية أو من قاضي الأمور المستعجلة” ( م 51 مرافعات ) .
وكان مقتضى هذا الأصل العام أن تكون دعاوي الإيجار من اختصاص المحكمة الجزئية إذا لم يزد مجموع الأجرة على مائتين وخمسين جنيهاً ، ويكون الحكم $1232 نهائياً فيما لا يزيد على خمسين جنيهاً . لكن المادة 46 مرافعات نصت على أن “تختص محكمة المواد الجزئية كذلك بالحكم ابتدائياً مهما تكن قيمة الدعوى ، وانتهائياً إذا لم تتجاوز قيمتها خمسين جنيهاً ، فيما يأتي : ( أ ) دعاوي المطالبة باجرة المباني أو الأراضي وطلب الحكم بصحة الحجز على المنقولات الموجودة في الأمكنة المؤجرة وطلب إخلاء هذه الأمكنة وطلب فسخ الإيجار وطلب طرد المستأجر . وذلك كله إذا كانت الأجرة لا تزيد على مائتين وخمسين جنيهاً في السنة . .” . فخرج المشرع عن الأصل العام في أهم دعاوي الإيجار ، وهي المطالبة بالأجرة ( ويعنينا منها أجرة المباني ) وما يدعم ذلك من طلب الحكم بصحة الحجز على المنقولات في الأمكنة المؤجرة ، وطلب فسخ الإيجار وما يتبع ذلك من طلب الإخلاء أو الطرد .
ففي دعاوي المطالبة بالأجرة ودعاوي الفسخ والإخلاء – وهذه هي أهم المنازعات التي تعتبر منازعات إيجارية بالمعنى الذي حددناه فيما تقدم – تقضي القواعد المقررة في قانون المرافعات أن يكون الاختصاص للمحكمة الجزئية أيا كانت قيمة ولو زادت على مائتين وخمسين جنيهاً إذا كانت الأجرة السنوية لا تزيد على مائتين وخمسين جنيهاً( [67] ) ، ويكون الحكم نهائياً يما لا تجاوز قيمته خمسين جنيهاً . وتقدر قيمة دعوى الإيجار إذا كانت بصحة العقد “باعتبار مجموع الأجرة عن مدة الإيجار كلها ، وإذا كانت بصحة التنبيه بالإخلاء كان التقدير باعتبار أجرة المدة التي قام النزاع على امتداد العقد إليها . وإذا كانت بفسخ الإيجار كان التقدير باعتبار أجرة المدة الواردة في العقد أو الباقي منها حسب الأحوال . فإن كانت مدة الإيجار أو المدة الباقية تزيد على تسع سنين ، قدرت دعوى الفسخ على أساس تسعة أضعاف الأجرة السنوية” ( م 38 مرافعات ) . فتكون دعوى فسخ الإيجار والإخلاء مثلا من اختصاص المحكمة الجزئية إذا كانت الأجرة السنوية لا تزيد على مائتين وخمسين جنيهاً ، ولو زادت أجرة المدة الباقية من العقد على مائتين وخمسين جنيهاً . وتكون دعوى المطالبة بالأجرة من اختصاص المحكمة $1233 الجزئية إذا كانت الأجرة السنوية لا تزيد على مائتين وخمسين جنيهاً ، ولو زادت أجرة المدة الباقية من العقد على مائتين وخمسين جنيهاً .وتكون دعوى المطالبة بالأجرة من اختصاص المحكمة الجزئية كذلك إذا كانت الأجرة السنوية لا تزيد على مائتين وخمسين جنيهاً ، ولو كانت الأجرة المطالب بها هي أجرة متأخرة عن أكثر من سنة وبلغ مجموعها أكثر من مائتين وخمسين جنيهاً .
أما إذا زادت الأجرة السنوية على مائتين وخمسين جنيهاً في السنة ، فإنه يجب الرجوع إلى الأصل العام . فتكون الدعوي من اختصاص المحكمة الجزئية إذا لم تجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً ، ويكون الحكم نهائياً فيما لا تجاوز قيمته خمسين جنيهاً . وتكون الدعوى من اختصاص المحكمة الكلية إذا جاوزت قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً ، ويكون الحكم ابتدائياً ويجوز استئناف أمام محكمة الاستئناف .
ولما كان يغلب في دعاوي الإيجار ألا تزيد الأجرة السنوية فيها على مائتين وخمسين جنيهاً ، فإن أكثر دعاوي الإيجار بحسب القواعد المقررة في قانون المرافعات ، تقع في اختصاص المحكمة الجزئية . ويكون الحكم فيها نهائياً فيما لا تجاوز قيمته خمسين جنيهاً ، فإذا جاوزت القيمة هذا المبلغ جاز استئناف الحكم أمام المحكمة الكلية .
ولا تزال هذه هي قواعد الاختصاص النوعي في دعاوي الإيجار إذا تعلقت هذه الدعاوي بمنازعات لا تعتبر منازعات إيجارية على النحو الذي حددناه فيما تقدم . أما إذا تعلقت بمنازعات إيجارية ، فقد جعل المشرع الاختصاص فيها للمحكمة الكلية على الوجه الذي سنبينه فيما يلي .
704- اختصاص المحكمة الكلية بالمنازعات الإيجارية : نصت الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون إيجار الأماكن ، كما رأينا ، على أن “ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة . .” . فالمنازعات الإيجارية إذن ، وهي المنازعات التي تنشأ عن تطبيق قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، تقع كلها في اختصاص المحكمة الكلية( [68] ) . وكان أكثر هذه المنازعات ، كما رأينا ، يقع في اختصاص المحكمة الجزئية ، $1234 ويستأنف الحكم الصادر فيه أمام المحكمة الكلية . كما كان القليل من هذه المنازعات – وهو الذي تزيد الأجرة السنوية فيه على مائتين وخمسين جنيهاً وتزيد قيمته على هذا المبلغ – يقع في اختصاص المحكمة الكلية ، ويستأنف الحكم الصادر فيه أمام محكمة الاستئناف . فأراد المشرع اختصار الطريق في المنازعات الإيجارية ، توخيا للسرعة وتبسيطاً للتقاضي . فترك مبدأ تعدد درجات التقاضي في هذه المنازعات ، وجعل التقاضي من درجة واحدة يصدر الحكم منها نهائياً غير قابل لأي طعن . واختار لهذه الدرجة المحكمة التي كانت في الأصل تصدر أكثر الأحكام النهائية في مسائل الإيجار وهي المحكمة الكلية . فقد رأينا أن أكثر دعاوي الإيجار تقع ، بحسب القواعد المقررة في قانون المرافعات ، في اختصاص المحاكم الجزئية ، ويستأنف الحكم أمام المحكمة الكلية فيكون حكم هذه المحكمة نهائيا في هذه الدعاوي . فالذي اختصر المشرع في المنازعات الإيجارية من درجتي التقاضي ، ليس هو الدرجة الثانية ، بل هو الدرجة الأولى . فقد اختصر المحكمة الجزئية ، وجعل المنازعات الإيجارية ترفع رأساً إلى المحكمة الكلية التي كانت من اقبل تنظر هذه المنازعات بصفة استئنافية . فكان من الطبيعي إذن أن يجعل حكم المحكمة الكلية في المنازعات الإيجارية حكماً نهائياً لا يقبل الطعن . ولم يخسر المتقاضون بذلك إلا محكمة أول درجة وهي المحكمة الجزئية ، أما المحكمة الاستئنافية وهي المحكمة الكلية فقد احتفظوا بها( [69] ) . وفي هذا أيضاً تقدير من $1235 المشرع لأهمية المنازعات الإيجارية ، إذ تفادى أن تنظر هذه المنازعات أمام المحكمة الجزئية لما يتضمنه قانون إيجار الأماكن من مزايا عديدة للمستأجرين وقيود ثقيلة على المؤجرين .
ولما كن اختصاص المحكمة الكلية بالمنازعات الإيجارية هو اختصا نوعي ، فإنه يعتبر متعلقا بالنظام العام . وقد نصت المادة 134 مرافعات على أن “عدم اختصاص المحكمة بسبب عدم ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو في الاستئناف” . فإذا رفعت منازعة إيجارية أمام المحكمة الجزئية ، جاز للمدعي عليه أن يدفع بعدم الاختصاص . فإذا سكت ، جاز للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي بعدم اختصاصها( [70] ) . ويجوز للمدعي عليه الدفع بعدم الاختصاص ، كما يجوز للمحكمة أن تقضي بعدم الاختصاص من تلقاء نفسها ، في أية حالة كانت عليها الدعوى ، أي سواء قبل نظر الموضوع أو بعده . بل إذا فات محكمة الدرجة الأولى القضاء به ، جاز للمحكمة الاستثنائية أن تقضي به إذا أبدى الدفع أمامها لأول مرة في أية حالة كانت عليها الدعوى ، بل يجوز لها أن تقضي به من تلقاء نفسها . ولا يجوز الاتفاق بين الخصوم ، لا قبل رفع الدعوى ولا بعد رفعها ، على مخالفة هذه الأحكام .
ويتبين مما تقدم أن المحكمة الكلية لها في دعاوي الإيجار نوعان من الاختصاص ( 1 ) اختصاص استثناء تنظر بموجبه جميع المنازعات الإيجارية . ونظرا لكثرة هذه المنازعات ، خصصت بقرار من وزارة العدل بعض الدوائر في المحاكم الكلية لنظرها ، وسميت بدوائر الإيجارات . والأحكام التي تصدر من دائرة الإيجارات في المنازعات الإيجارية أحكام نهائية غير قابلة لأي طعن . ( 2 ) واختصاص عادي تنظر بموجبه دعاوي الإيجار التي لا تدخل في المنازعات الإيجارية ، طبقاً لقواعد الاختصاص المقررة في قانون المرافعات . فتنظر المحكمة الكلية $1236 – في دوائرها العادية لا في دوائرها الإيجارية – المنازعات غير الناشئة عن تطبيق أحكام قانون إيجار الأماكن ، سواء بصفة ابتدائية إذا زادت الأجرة السنوية على مائتين وخمسين جنيهاً وكانت قيم الدعوى تزيد على هذا المبلغ ، و بصفة استئنافية في أحكام المحاكم الجزئية التي تستأنف أمامها . والأحكام التي تصدر منها بصفة ابتدائية في غير المنازعات الإيجارية تقبل الطعن فيها بالاستئناف أمام إحدى محاكم الاستئناف .
وتخصيص بعض دوائر المحكمة الكلية لنظر المنازعات الإيجارية بقرار من وزارة العدل لي إلا تخصيصاً إدارياً محضاً قصد به تنظم العمل ، وتخصيص بعض القضاة في هذا النوع من المنازعات حتى يحيطوا بدقائقه فينجزوا عملهم القضائي في يسر ودقة .ولكن لا يزال لكل دائرة من دوائر المحكمة الكلية ، دائرة عادية كانت أو دائرة إيجارية ، كل ما للمحكمة الكلية من اختصاص عادي أو استثنائي . فإن هذا الاختصاص تقرر بموجب القانون ، فلا يجوز أن يعدله قرار إداري( [71] ) . ومن ثم يجوز لدائرة عادية أن تنظر منازعة إيجارية ، كما يجوز لدائرة إيجارية أن تنظر دعوى إيجار لا تدخل في المنازعات الإيجارية . فإذا رفعت منازعة إيجارية أمام دائرة عادية كان لهذه أن تنظرها ، ويكن حكمها في هذه الحالة حكماً نهائياً لا يقبل الطعن بأي وجه . كما أن لهذه الدائرة العادية أن تحيل المنازعة الإيجارية إلى دارة من دوائر الإيجارات ، عملا بحكم المادة 135 مرافعات . إذا رفع دعوى إيجار لا تدخل في المنازعات الإيجارية وتجاوز نصاب القاضي الجزئي أمام دائرة إيجارية ، كان لهذه أن تنظرها( [72] ) ، ويكون $1237 حكمها في هذه الحالة حكما غير نهائي ، ويجوز الطعن فيه بالاستئناف( [73] ) . كما أن لهذه الدارة الإيجارية أن تحيل الدعوى إلى دائرة من الدوائر العادية( [74] ) . ويستوي في كل ذلك أن يكون المدعي عليه قد دفع بعدم الاختصاص أو لم يدفع( [75] ) .
والعبرة في تكييف المنازعة بأنها منازعة إيجارية ليست بتكييف المدعي أو المدعي عليه ، بل بالتكييف الذي أخذت به المحكمة( [76] ) . فإذا رفع المؤجر دعوى بإخلاء المستأجر لعوامة استأجرها منه أمام دائرة الإيجارات ، وقضت الدائرة بأن العوامة لا تدخل في نطاق تطبق التشريع الاستثنائي فلا تكون المنازعة منازعة إيجارية ، ولكنها مع ذلك قضت بإخلاء العوامة تطبيقاً للقواعد العامة باعتبار أن النزاع يدخل في الاختصاص العادي للمحكمة الكلية ، كان هذا الحكم قابلا للاستئناف ، ويجوز لمستأجر الذي قضيب بإخلائه أن يستأنفه ، ويجوز ، من جهة أخرى للمؤجر أن يستأنف الحكم فيما تضمنه من قضائه بعدم اختصاص المحكمة باعتبارها دارة إيجارية ، إذ أن الحكم قد قضي بأن العوامة لا تدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي فيكون قد قضي ضمنا بعدم الاختصاص $1238 ينظر الدعوى باعتبارها منازعة إيجارية . فإذا رفع الاستئنافان معاً إلى محكمة الاستئناف ، ورأت هذه المحكمة أن العوامة لا تدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي ، رفضت الاستئناف المرفوع من المؤجر ، وقضت في الاستئناف المرفوع من المستأجر بتأييد الحكم الابتدائي بالإخلاء أو بإلغائه حسبما ترى . أما إذا رأت محكمة الاستئناف أن العوامة تدخل في نطاق تطبيق التشريع الاستثنائي – كما هو الصحيح في رأينا( [77] ) . – فإنها تقضي بعدم قبول استئناف المستأجر لأن الحكم المستأنف حكم نهائي لا يقبل أي طعن ، وتقضي بقبول استئناف المؤجر وإلغاء الحكم المستأنف فيما تضمنه من عدم اختصاص المحكمة باعتبارها دائرة إيجارات وباختصاصها على هذه الصفة ، ومن ثم لا نتعرض لموضوع الدعوى لأن الحكم الصادر فيه حكم نهائي لا يقبل أي طعن( [78] ) .
$1239 705- ب . الاختصاص المحلي : أما الاختصاص المحلي بالنسبة إلى المنازعات الإيجارية ، فلم يستحدث قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 فيه جديداً ، واقتصرت المادة 15 من هذا القانون على أن تقول : “ترفع المنازعات الناشئة عن تطبق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة . .” ، أي المختصة طبقاً للقواعد العامة المقررة في قانون المرافعات في شأن الاختصاص المحلي ، كما سبق القول .
ونجد هذه القواعد العامة ، في خصوص جميع دعاوي الحقوق الشخصية أو المنقولة ويدخل فيها دعاوي الإيجار( [79] ) ، منصوصاً عليها في المادة 55 مرافعات ، وهي تجري بما يأتي : “في دعاوي الحقوق الشخصية أو المنقولة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مون المدعي عليه ، فإن لم يكن له موطن بمصر فللمحكمة التي يقع بدائرتها سكنه . وإذا تعدد المدعي عليهم ، كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن احدهم” . فتكون المنازعات الإيجارية – وشأنها في ذلك شأن سائر منازعات الإيجار ولو كانت منازعات غير إيجارية – من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه ولو كان المكان المؤجر واقعاً في دائرة محكمة أخرى . غير أنه في المنازعات الإيجارية يون الاختصاص للمحكمة لكلية التي يقع في دارتها موطن المدعي عليه ، وفي $1240 المنازعات الأخرى يكون الاختصاص تارة للمحكمة الجزئية وتارة المحكمة الكلية .
فإذا رفع المؤجر على المستأجر دعوى متعلقة بمنازعة إيجارية ، كدعوى إخلاء أو دعوى زيادة الأجرة لتصل إلى الحد الأقصى ، رفعها أمام المحكمة الكلية التي يقع في دائرتها موطن المستأجر ، فإن لم يكن له موطن بمصر فللمحكمة التي يقع في دائرتها سكنه . وإذا تعدد المستأجرون ، كان الاختصاص للمحكمة الكلية التي يقع في دائرتها موطن أحدهم .
وإذا رفع المستأجر على المؤجر دعوى متعلقة بمنازعة إيجارية ، كدعوى تخفيض الجرة أو دعوى استرداد ما دفعه من الأجرة زائداً على الحد الأقصى ، رفعها أمام المحكمة الكلية التي يقع في دائرتها موطن المؤجر( [80] ) ، على التفصيل الذي قدمناه فيما يتعلق بسكن المؤجر إذا لم يوجد له موطن وفيما يتعلق بتعدد المؤجرين .
هذا وتنص المادة 63 مرافعات على أنه “في المنازعات المتعلقة بالتوريدات والأشغال وأجور المساكن وأجور العمال والصناع يكون الاختصاص للمحكمة التي في دائرتها تم الاتفاق أو نفذ متى كان فيها موطن أحد الخصوم” . ويتبين من ذلك أن محكمة المدعي تكون مختصة ذلك ، فيما يتعلق بأجور الأماكن ، متى كان عقد الإيجار قد تم أو نفذ في موطنه . ولما كان المستأجر لمسكن يقوم بتنفيذ العقد بالسكن ويتحدد غالبا موطنه به ، فتكون محكمة موطنه هي المحكمة التي نفذ في دائرتها العقد وتكون مختصة ولو كان هو المدعي . ويلاحظ أنه إذا رفع الدعوى أمام محكمة المدعي عليه ، لم يشترط أن تكون هذه المحكمة هي التي تم العقد في دائرتها أو نفذ ، وذلك بالغرم من ظاهر النص( [81] ) .
$1241 المبحث الثاني
الأحكام المتعلقة بالإجراءات
706- إجراءات مبسطة وإجراءات عادية : رسم التشريع الاستثنائي للمنازعات الإيجارية إجراءات مبسطة في بعض النواحي ، وهي الإجراءات المتعلقة وهي الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى ووجوب أن يكون الفصل في هذه المنازعات على وجه الاستعجال . وفيما عدا ذلك ، فإن الإجراءات الواجب إتباعها في المنازعات الإيجارية هي نفس الإجراءات العادية الواجبة الإتباع في المنازعات الأخرى . فنبحث أولا هذه الإجراءات المبسطة ، ثم نستعرض بعد ذلك في إيجاز أمثلة من الإجراءات العادية التي تخضع لها المنازعات الإيجارية .
أما المنازعات التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر غير المنازعات الإيجارية ، فهذه تخضع لجميع الإجراءات العادية التي تخضع لها سائر المنازعات ، وليس لها – خلافاً للمنازعات الإيجارية – إجراءات مبسطة غير ما تقرره القواعد العامة . وقد نصت الفقرة الأخيرة من المادة 15 من قانون إيجار الأماكن صراحة على ذلك ، إذ تقول : “وتظل المنازعات المدنية الأخرى التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر خاضعة للقواعد القانونية العامة من حيث موضوع النزاع والاختصاص القضائي والإجراءات” .
§ 1- الإجراءات المبسطة
707- طائفتان من الإجراءات : تنحصر هذه الإجراءات المبسطة في طائفتين : ( أ ) الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى . ( ب ) الإجراءات المتعلقة بوجوب الفصل في النزاع على وجه الاستعجال .
708- ا . الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى : رسم تقنين المرافعات الإجراءات الواجب إتباعها في رفع الدعوى ، وتسري هذه الإجراءات على كل الدعاوي التي ترفع أمام المحاكم ما لم يقض القانون بغير ذلك ، فتسري على المنازعات التي تنشأ بين المؤجر والمستأجر غير المنازعات الإيجارية ، لأن المنازعات الإيجارية $1242 قضي فيها القانون بغير ذلك كما سنرى . وتتلخص إجراءات رفع الدعوى التي رسمها تقنين المرافعات في أن ترفع الدعوى إلى المحكمة بناء على طلب المدعي بصحيفة تعلن للمدعي عليه على يد أحد المحضرين ( م 69 مرافعات ) . وميعاد الحضور أمام المحكمة الابتدائية يكون ثمانية أيام على الأقل في الدعاوي المدنية ، ويجوز في حالة الضرورة نقص هذا الميعاد إلى ثلاثة أيام ( 72 مرافعات ) . وعلى المدعي بعد تسلمه أصل الصحيفة المعلنة أن يقدمه لقلم الكتاب لقيد الدعوى بجدول المحكمة في اليوم السابق لتاريخ الجلسة المحددة لنظرها على الأكثر ( م 75 مرافعات ) . وإذا سبق دفع الرسم بأكمله قبل إعلان الصحيفة ، وجب على قلم المحضرين تسليم الأصل لقلم الكتاب بعد إعلانه ، وعلى قلم الكتاب إجراء القيد من تلقاء نفسه ( م 77 مرافعات ) .
هذه هي الخطوط الرئيسية للإجراءات التي رسمها تقنين المرافعات في رفع الدعوى . ومنها يتبين أن الدعوى ترفع بصحيفة تعلن على يد محضر للمدعي عليه ، وميعاد الحضور أمام المحكمة الكلية يجب أن يكون ثمانية أيام على الأقل ، وبعد تمام إعلان صحيفة الدعوى يرد الأصل إلى المدعي ليقدمه إلى قلم الكتاب لقيد الدعوى . وقد بسط المشرع هذه الإجراءات في المنازعات الإيجارية ، إذ تقضي المادة 15 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، كما رأينا ، بأن ترفع هذه المنازعات “إلى المحكمة الابتدائية بطلب يقدمن ذوي الشأن إلى قلم كتاب تلك المحكمة . وعلى قلم الكتاب أن يعطي الطالب إيصالا بتسلم الطالب ، وأن يرفع الطلب المذكور في خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ تسليمه إلى رئيس الدارة المختصة ، الذي يحدد جلسة للنظر في النزاع .ويقوم قلم الكتاب بإبلاغ طرفي الخصومة مضمون الطلب وتاريخ الجلسة قبل الموعد المحدد بخمسة أيام على الأقل بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول” . فالمدعي في المنازعة الإيجارية يقدم طلباً بدعواه ، لا إلى قلم المحضرين ، بل إلى قلم كتاب المحكمة . ويبين في الطلب موضوع الدعوى وسببها وطلباته فيها بالإيجاز( [82] ) . وبعد دفع الرسم يتولى $1243 قلم كتاب المحكمة بنفسه ، بعد أن يعطي إيصالا لمدعي بتسلم الطلب ، إجراءات تحديد الجلسة وإعلان الطلب وقيد الدعوى . فيرفع الطلب ، في خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ تسليمه ، إلى رئيس دائرة الإيجارات لتحديد جلسة لنظر الدعوى . ثم يعلن مضمون الطلب وتاريخ الجلسة إلى طرفي الخصومة ، لا على يد محضر ، بل بطريق البريد بكتاب مسجل بعلم وصول . ويجب أن يصل الإعلان قبل الموعد المحدد للجلسة بخمسة أيام على الأقل ، لا بثمانية أيام كما هو الأمر في الدعاوي العادية على ما رأينا . فالمدعي إذن ليس عليه إلا أن يقدم الطلب لقلم كتاب المحكمة مع دفع الرسم ، ثم ينتظر بعد ذلك حتى يعلن بتاريخ الجلسة بكتاب مسجل بعلم وصول ، فيحضر الجلسة في الميعاد المحدد . وفي هذا تبسيط ظاهر في إجراءات رفع الدعوى( [83] ) .
$1244 هذا وتقضي المادة 25 من القانون رقم 96 لسنة 1957 الخاص بالمحاماة بألا يجوز تقديم صحيفة الدعوى التي ترفع أمام المحاكم الكلية دون أن تكون موقعاً عليها من محام مقرر للمرافعة أمام هذه المحاكم . ولما كانت المنازعات الإيجارية ترفع أمام المحكمة الكلية ، فإن الطلب الذي يقدمه المدعي إلى قلم كتاب المحكمة على النحو الذي بيناه يجب أن يكون موقعاً عليه من محام مقرر للمرافعة أمام المحاكم الكلية ، وإلا كان الطلب باطلا وكانت الدعوى غير مقبولة . والبطلان هنا يتعلق بالنظام العام ، فيجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها( [84] ) .
ولبطلان الطلب – وهو صحيفة الدعوى بالنسبة إلى المنازعات الإيجارية – وجوه أخرى . فقد نصت المادة 79 مرافعات على أنه “إذا كان الخطأ أو النقض في بيانات صحيفة افتتاح الدعوى من شأنه أن يجهل بالمحكمة أو بالمدعي أو بالمدعي عليه أو بالمدعي به أو بتاريخ الجلسة بطلت الصحيفة . فإن وقع الخطأ أو النقص فيما عدا ذلك من بياناتها ، جاز الحكم بالبطلان” . ونصت المادة 80 مرافعات على أن “عدم مراعاة مواعيد الحضور المنصوص عليها يترتب عليه بطلان صحيفة الدعوى” . فإذا وقع بالطلب وجه من وجوه البطلان على النحو المبني في النصوص $1245 المتقدم ذكرها ، وحضر المدعي عليه الجلسة بالرغم من ذلك وتمسك بالبطلان ، فإن المادة 140 مرافعات تقول إن “بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أو عن عدم مراعاة مواعيد الحضور يزول بحضور المعلن إليه ، وذلك بغير إخلال بحقه في التأجيل لاستكمال ميعاد الحضور” . ومن ثم يزول البطلان بحضور المدعي عليه . وإن هو غاب وحكم عليه غيابياً ، فهذا الحكم نهائي لا تجوز المعارضة فيه ولا هو قابل لأي طعن آخر . فلا تتاح للمدعي عليه في المنازعة الإيجارية الفرصة التي تتاح للمدعي عليه في المنازعات الأخرى ، وهي أن يتخلف عن حضور الجلسة حتى لا يزول البطلان ، فإن حكم عليه غيابياً أمكنه أن يعارض في الحم وأن يتمسك في المعارضة ببطلان التكليف بالحضور . وهذا ما حمل بع المحاكم على تجيز للمدعي عليه في المنازعة الإيجارية أن يحضر الجلسة ، وأن يتمسك ببطلان الطلب ، دون أن يكون حضوره سبباً في زوال هذا البطلان ، خلافاً لما تقضي به المادة140 مرافعات ، وبذلك تتاح له فرصة التمسك بالبطلان كما أتيحت للمدعي عليه في المنازعات الأخرى( [85] ) .
709- ب . وجوب الفصل في النزاع على وجه الاستعجال : وتنص $1246 الفقرة الرابعة من المادة 5 من قانون إيجار الأماكن ، كما رأينا ، على ما يأتي : “ويفصل في النزاع على وجه الاستعجال” . وعندما ينص القانون على أن نزاعاً ما يجب الفصل فيه “على وجه الاستعجال” أو “على وجه السرعة” ، فإن أهم ما يترتب على ذلك أمران :
( الأمر الأول ) ما نصت عليه المادة 118 من أن “الدعاوي المستعجلة ودعاوي شهر الإفلاس والدعاوي البحرية متى كانت السفينة في الميناء ودعاوي السندات الاذنية والكمبيالات وكل الدعاوي التي ينص القانون على وجوب الفصل فيها على وجه السرعة ودعاوي التماس إعادة النظر جميعها تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على لتحضير . ويتعين على المدعي فيها أن يودع مستنداته قلم الكتاب عند قيد دعواه ، ويقدم المدعي عليه ما يكون لديه من مستندات في جلسة المرافعة نفسها . وفي جميع الأحوال تعطي المحكمة الخصوم المواعيد الناسبة للاطلاع على المستندات والرد عليها . وكلما اقتضت الحال تقديم مستندات أو طلبات عارضة أو إدخال خصوم ، حددت المحكمة المواعيد التي يجب أن يتم فيها ذلك” .
( والأمر الثاني ) ما نصت عليه المادة 386 مرافعات من أنه “لا تجوز المعارضة في الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة ولا في المواد التي يوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة” .
وفي المنازعات الإيجارية – ويجب الفصل فيها على وجه الاستعجال كما رأينا – لا حاجة إلى الاستناد إلى نص المادة 386 مرافعات للقول بأنه لا تجوز المعارضة في الأحكام الصادرة فيها . ذلك أن الحكم الذي يصدر في منازعة إيجارية يكون ، بموجب نص المادة 15 من قانون إيجار الأماكن ، حكماً نهائياً لا تجوز المعارضة فيه ولا هو قابل لأي طعن آخر .
بقي الأمر الأول ، وهو ما نصت عليه المادة 118 مرافعات . فلا تعرض دعوى المنازعة الإيجارية على قاضي التحضير ، وتنظرها المحكمة رأساً ، وهي التي تقوم بتحضيرها ، حتى لو كانت الدعوى تجاوز نصاب القاضي الجزئي .وعلى المدعي أن يودع مستنداته قلم كتاب المحكمة عند قيد الدعوى ، وعلى المدعي عليه تقديم مستنداته في جلسة المرافعات نفسها . وذلك كله حتى يتمكن المدعي عليه من الاطلاع على مستندات خصمه قبل الجلسة ، فيعد دفاعه ويودع مستنداته $1247 في الجلسة الأولى . ولكن ذلك لا يمنع المدعي عليه من أن يطلب التأجيل في الجلسة الأولى للاطلاع على مستندات خصمه والرد عليها ، لأن القانون لا يلزمه بالحضور إلى المحكمة قبل الجلسة للاطلاع على هذه المستندات . ويتعين على المحكمة أن تجيبه إلى طلب التأجيل ،وإلا تكون قد أخلت بحقوق الدفاع . وإذا أودع المدعي عليه مستنداتهن فللمدعي أن يطلب ميعادا للاطلاع والرد . وإذا اقتضت الحال تقديم مستندات جديدة أو طلبات عارضة ، من المدعي أو من المدعي عليه ، أو اختصام الغير أو إدخال ضامن في الدعوى ، تعين على المحكمة أن تحدد المواعيد المناسبة التي يجب أن يتم فيها ذلك( [86] ) .
§ 2- الإجراءات العادية
710- سريان الإجراءات العادية على المنازعات الإيجارية : وفي غير ما قدمناه من إجراءات مبسطة ، تسري على المنازعات الإيجارية الإجراءات العادية المقررة في تقنين المرافعات لسائر المنازعات .
711- حضور الخصوم وغيابهم : فتسري القواعد المقررة في حضور الخصوم وغيابهم . وفي اليوم المعين لنظر الدعوى يحضر الخصوم بأنفسهم أو يحضر عنهم من يوكلونه من المحامين . ويلاحظ ما قدمناه من وجوب توقيع الطلب المفتتح للخصومة من محام مقرر للمرافعة أمام المحاكم الكلية . وإذا لم يحضر المدعي ولا المدعي عليه ، قررت المحكمة شطب الدعوى . فإذا بقيت الدعوى مشطوبة ستة شهور ولم يطلب المدعي السير فيها ، اعتبرت كأن لم تكون . وإذا غاب المدعي في الجلسة الأولى وحضر المدعي عليه وحده وأبدى طلبات ما ، أجلت المحكمة القضية إلى جلسة أخرى يعلنه بها المدعي عليه ، فإن لم يحضر كان المدعي عليه بالخيار بين أن يطلب اعتبار الدعوى كأن لم تكون وبين أن يطلب الحكم في موضوعها .
ولا أهمية لغياب الخصوم من حيث أثره في جعل الحكم الذي يصدر في $1248 الدعوى حكما غيابياً ، فسواء صدر الحكم حضورياً أو صدر غيابياً فإنه لا تجوز المعارضة فيه ولا يقبل الطعن بأي وجه .
712- الدفوع وإجراءات الإثبات : والدفوع الجائز للمدعي عليه إبداؤها قبل التعرض للموضوع هي بعينها الدفوع التي يجوز إبداؤها في سائر الدعاوي . وهي الدفع بعدم اختصاص المحكمة بالنظر في الدعوى ، والدفع يطلب إحالة الدعاوى إلى محكمة أخرى لقيام نفس النزاع أمامها أو لارتباط الدعوى بدعوى أخرى مقامة أمامها ، والدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور ، والدفع بعدم قبول الدعوى . وقد قدمنا أن الدفع بعدم اختصاص دائرة الإيجارات بسبب أن الدعوى لا تتعلق بمنازعة إيجارية لا يمنع الدائرة من نظر الدعوى في حدود اختصاصها العادي ،ولها أيضاً تحيلها إلى دارة عادية من دوائر المحكمة الكلية إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز نصاب القاضي الجزئي وإلا أحالتها إلى المحكمة الجزئية . وقدمنا كذلك أن هناك رأياً يذهب إلى أنه يجوز للمدعي عليه الحضور والدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور ، دون أن يزيل حضوره بطلان هذه الأوراق( [87] ) .
وإجراءات الإثبات هي عينها التي تتبع في سائر الدعاوي . ويجب أن تكون الواقعة المراد إثباتها متعلقة بالدعوى ، منتجة فيها ، جائزاً قبولها . وللمحكمة أن تستجوب من يكون حاضراً من الخصوم ، ولكن منهم أن يطلب استجواب خصمه الحاضر ،وللمحكمة كذلك أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب خصمه ، وعلى من تقرر استجوابه أن يحضر بنفسه الجلسة التي حددها القرار . ويجوز توجيه اليمين الحاسمة ، ويجب على من يوجه هذه اليمين لخصمه أن يبين بالدقة الوقائع التي يريد استحلافه عليها ويذكر صيغة اليمين عبارة واضحة جلية . وللمحكمة ، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم ، أن تقرر الانتقال لمعاينة المكان محل النزاع ، وأن تندب أحد قضاتها لذلك . وعلى الخصم الذي يطلب الإثبات بشهادة الشهود أن يبين الوقائع التي يريد إثباتها كتابة أو شفاها في الجلسة . وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تأمر بالتحقيق في الأحوال التي يجيز القانون فيها الإثبات بشهادة الشهود . وقد قدمنا أنه في إثبات $1249 أجرة الأساس ، في دعوى زيادة الأجرة أو تخفيضها ، إذا لم توجد عقود كتابة أو تعذر الحصول عليها ، جاز إثبات شروط التعاقد والأجرة المتفق عليها والتكاليف الإضافية بشهادة الشهود( [88] ) . وللمحكمة عند الاقتضاء أن تحكم بندب خبير . ويجوز الطعن في الورقة المقدمة للإثبات – كمخالصة بالأجرة – بإنكار اخط أو الإمضاء فتسري إجراءات تحقيق الخطوط ، كما يجوز الطعن فيها بالتزوير فتسري إجراءات التزوير .
713- اتساع نطاق الخصومة : ويجوز اتساع نطاق الخصومة من ناحية الموضوع أو من ناحية الخصوم .
فيتسع نطاق الخصومة من ناحية الموضوع بالطلبات العارضة . وللمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوع لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى ، وما يكون مكملا للطلب الأصلي أو مترتبا عليه أو متصلا به بصلة لا تقبل التجزئة؛ وما يتضمن إضافة أو تغييراً في سبيل الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله ، وما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطا بالطلب الأصلي ، وللمدعي كذلك أن يطلب الأمر بإجراء تحفظي أو وقتي . وللمدعي عليه أن يقدم من الطلبات العارضة – دعاوي المدعي عليه – طلب المقاصة القضائية ، وطلب الحكم له بتضمينات عن ضرر لحقه من الدعوى الأصلية أو من إجراء فيها ، وأي طلب يترتب على إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعي عليه ، وأي طلب يكون متصلا بالدعوى الأصلية بصلة لا تقبل التجزئة ، وما تأذن المحكمة بتقديمه مما يكون مرتبطاً بالدعوى الأصلية .
ويتسع نطاق الخصومة من ناحية الخصوم بالتدخل في الدعوى ، وباختصام الغير وإدخال ضامن فيها . فيجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم ، أو طالبا الحكم لنسه بطلب مرتبط بالدعوى . وقد قضي بأنه إذا أقام المؤجر دعوى إخلاء على مستأجر شقة بالدور الرابع لاضطراره إلى هدم هذا الدور لتخفيف البناء على الأدوار السفلى ، جاز لمستأجر شقة أخرى في نفس الدور أن يتدخل في الدعوى منضما للمدعي عليه ، إذ أن إخلاء $1250 المدعي عليه للشقة التي يستأجرها يستتبع إخلاء المستأجر الآخر لشقته( [89] ) . وللخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها ، كما أن للمحكمة ولو من تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من كان مختصما في الدعوى في مرحلة سابقة أو من تربطه بأحد الخصوم رابطة تضامن أو حق أو التزام لا يقبل التجزئة ، أو من قد يضار من قيام الدعوى و من الحكم فيها إذا بدت للمحكمة دلائل جدية على التواطؤ أو الغش أو التقصير من جانب الخصوم . ويجب على المحكمة إجابة الخصم إلى تأجيل الدعوى لإدخال ضامن فيها ، ويقضي في طلب الضمان والدعوى الأصلية بحكم واحد كلما أمكن ذلك ، وإلا فصلت المحكمة في طلب الضمان بعد الحكم في الدعوى الأصلية . فإذا رفع المستأجر دعوى تخفيض الأجرة واسترداد ما دفع منها زائداً على الحد الأقصى على المالك الجديد ، جاز لهذا أن يدخل المالك القديم ضامنً في الدعوى إذا كان هذا الأخير قد ضمن للمالك الجديد أن الأجرة لا تزيد على الحد الأقصى . ولا يعترض على ذلك بأن رجوع المالك الجديد على المالك القديم بضمان العقد في هذه الحالة لا يعتبر منازعة إيجارية ، فلا يجوز إدخال المالك القديم ضامناً في الدعوى متعلقة بمنازعة إيجارية مرفوعة أمام دارة الإيجارات( [90] ) . فقد قدمنا أن دائرة الإيجارات لها أن تفصل في دعوى لا تتعلق بمنازعة إيجارية في حدود اختصاصها العادي ، ويكون حكمها في هذه الحالة قابلا للطعن فيه وفقاً للقواعد المقررة في تقنين المرافعات . وقد نصت المادة 67 مرافعات على أن “تختص المحكمة التي تنظر الدعوى الأصلية بالحكم في الطلبات العارضة . على أنه يجوز للمدعي عليه في طلب الضمان أن يتمسك بعدم اختصاص المحكمة إذا اثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته” . فما دام المالك القديم لم يثبت أن الدعوى الأصلية لم تقم إلا بقصد جلبه أمام محكمة غير محكمته ، لم يجز له أن يتمسك بعدم اختصاص دائرة الإيجارات . ونصت المادة 52 مرافعات على أن “تحكم المحكمة الابتدائية في الطلبات الوقتية والمستعجلة وطلب الضمان وسائر الطلبات العارضة مهما تكن قيمتها” . فالمحكمة الكلية مختصة بنظر $1251طلب الضمان ولو كانت قيمة هذا الطلب لا تجاوز نصاب القاضي الجزئي ، ولكن المحكمة الجزئية غير مختصة بطلب الضمان إذا جاوزت قيمته نصاب القاضي الجزئي( [91] ) . وغني عن البيان أن لدائرة الإيجارات ألا تنظر دعوى الضمان باعتبار أنها لا تدخل في المنازعات الإيجارية ، فتحيلها في هذه الحالة على دارة عادية من دوائر المحكمة الكلية .
714- انقضاء الدعوى دون حكم : وتنقضي الدعوى المتعلقة بالمنازعة الإيجارية دون حكم في الأحوال التي تنقضي فيها دون حكم سائر الدعاوي . فقد توقف الخصومة ، أو تنقطع ، أو تسقط ، أو تنقضي بمضي المدة ، أو تنقضي بترك المدعي إياها .
وتوقف الخصومة بناء على اتفاق الخصوم على عدم السير فيها مدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاقهم ، وإذا لم تعجل الدعوى في ثمانية الأيام التالية لنهاية الأجل اعتبر المدعي تاركا دعواه . ويجوز للمحكمة أن تأمر بوقف الدعوى كلما رأت تعليق حكمها في موضوعها على الفصل في مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم .
وينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين . يترتب على انقطاع الخصومة وقف جميع مواعيد المرافعات التي كانت جراية في حق الخصوم وبطلان جميع الإجراءات التي تحصل أثناء الانقطاع .
ولكل ذي مصلحة من الخصوم ، في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعي أو امتناعه ، أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة من آخر إجراء صحيح من إجراءات القاضي . ولا تبتدئ مدة سقوط الخصومة في حالات الانقطاع إلا من اليوم الذي قام فيه من يطلب الحكم بسقوط الخصومة بإعلان ورثة خصمه الذي توفي أو من قام مقام من فقد أهليته للخصومة أو مقام من زالت صفته بوجود الدعوى بينه وبين خصمه الأصلي . والحكم بسقوط الخصومة يترتب عله سقوط الأحكام الصادرة فيها بإجراء الإثبات وإلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى ، ولكنه لا يسقط الحق في أصل الدعوى $1252 ولا في الأحكام القطعية الصادرة فيها ولو كانت غيابية ولا في الإجراءات السابقة لتلك الأحكام أو الإقرارات الصادرة من الخصوم أو الأيمان التي حلفوها . على أن هذا السقوط لا يمنع الخصوم من أن يتمسكوا بإجراءات التحقيق وأعمال الخبراء التي تمت ، ما لم تكن باطلة في ذاتها . وفي جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها .
ويجوز للمدعي أن يترك الخصومة ، ولا يكون الترك إلا إذا حصل بإعلان من التارك لخصمه على يد محضر أو بتقرير منه في قلم الكتاب أو بيان صريح في مذكرة موقع عليها منه أو من وكيله مع اطلاع خصمه عليها أو بإبدائه شفويا بالجلسة وإثباته في المحضر . ولا يتم الترك بعد إبداء المدعي عليه طلباته إلا بقبوله ، ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى . ويترتب على الترك إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك صحيفة الدعوى والحكم على التارك بالمصاريف ، ولكن لا يمس ذلك الحق المرفوعة به الدعوى .
715- الحكم الذي يصدر في الدعوى : وتسري على الحكم الذي يصدر في الدعوى المتعلقة بمنازعة إيجارية جميع الإجراءات التي تسري على الحكم الذي يصدر في الدعوى المتعلقة بمنازعة إيجارية جميع الإجراءات التي تسري على الأحكام التي تصدر في الدعاوي الأخرى . فإذا تعدد القضاة في الدارة ، كانت المداولة سراً بين القضاة مجتمعين ، ولا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا .وينطق بالحكم بتلاوة مطوقه أو بتلاوة منطوقه مع أسبابه ، ويكون النطق به علانية وإلا كان باطلا . وإذا نطق بالحكم عقب المرافعة ، وجب أن تودع مسودته المشتملة على أسبابه موقعاً عليها من الرئيس والقضاة مبينا بها تاريخ إيداعها ، وذلك في ظرف سبعة أيام ( في القضايا التي يحكم فيها على وجه السرعة ومنها المنازعات الإيجارية كما سبق القول ) وإلا كان الحكم باطلا . فإن كان النطق بالحكم في جلسة أخرى غير جلسة المرافعة ، وجب أن تودع مسودته عقب النطق به ، وإلا كان الحكم باطلا كذلك . ويكون المتسبب في البطلان ملزما بالمصاريف وبالتضمينات إن كان لها وجه . ويجب أن يكون الحكم مشتملا على الأسباب التي بني عليها ، وإلا $1253 كان باطلا . وصورة الحكم التي يكون التنفيذ بموجبها تبصم بخاتم المحكمة ويوقعها الكاتب بعد أن يذيلها بالصيغة التنفيذية ، ولا تسم إلا للخصم الذي تضمن الحكم عودة منفعة عليه من تنفيذه .
ويحكم بمصاريف الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها ، ويدخل في حساب المصاريف مقابل أتعاب المحاماة . وإذا تعدد المحكوم عليهم ، جاز الحكم بقسمة المصاريف بينهم بالسوية أو بنسبة مصلحة كل منهم في الدعوى على حسب ما تقدره المحكمة ، ولا يلزمون بالتضامن في المصاريف إلا إذا كانوا متضامنين في أصل التزامهم المقضي فيه . وللمحكمة أن تحكم بإلزام الخصم الذي كسب الدعوى بالمصاريف كلها أو بعضها إذا كان الحق مسلما به من المحكوم عليه ، أو إذا كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة فها ، أو كان قد ترك خصمه على جهل بما كان في يده من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات . وإذا أخفق كل من الخصمين في بعض الطلبات ، جاز الحكم بأن يتحمل كل خصم ما دفعه من المصاريف أو بتقسيم المصاريف بين الخصمين على حسب ما تقدره المحكمة في حكمها ، كما يجوز لها أن تحكم بها جميعها على أحدهما . ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتضمينات في مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد .
ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر في منازعة إيجارية بأي وجه ، ولكن يجوز تصحيح الحكم أو تفسيره ، وسنبحث ذلك تفصيلا فيما يلي( [92] ) .
716- التنفيذ : وينفذ الحكم الصادر في منازعة إيجارية بالطرق والإجراءات التي تنفذ بها الأحكام الصادرة في المنازعات الأخرى . ولما كان الحكم الذي يصدر في منازعة إيجارية حكماً نهائياً ، فإنه يكون واجب التنفيذ فوراً . ومن الأحكام التي تصدر في المنازعات الإيجارية ما يعتبر منفذاً بطبيعته ، كالحكم بزيادة الأجرة حتى ترتفع إلى الحد الأقصى أو بتخفيضها حتى تنزل إلى هذا الحد . ومنها ما ينفذ بالقوة الجبرية عند الاقتضاء ، كالحكم الصادر بالإخلاء . ومنها ما ينفذ بطريق الحجز ، كالحكم الصادر برد ما دفع من الأجرة زائداً على الحد الأقصى . ويسبق التنفيذ إعلان صورة الحكم التنفيذية . ويكون التنفيذ $1254 بطريق الحز وفقاً للإجراءات المرسومة في تقنين المرافعات في الحجز على المنقول أو في الحجز على العقار أو في حجز ما للمدين لدى الغير بحسب الأحوال .
ويرفع ما يعرض في التنفيذ من إشكالات إلى قاضي الأمور المستعجلة إذا كان المطلوب إجراء وقتياً ، أما موضع هذه الإشكالات فيرفع إلى دائرة الإيجارات التي أصدرت الحكم( [93] ) . وجميع الإشكالات المتعلقة بالتنفيذ يحكم فيها على وجه السرعة .
( [1] ) وقد فرضت الأوامر العسكري قيوداً أخرى على حق المؤجر أثناء حرب فلسطين ، منها الأمر العسكري رقم 141 لسنة 1945 بالنسبة إلى الأماكن الواقعة في دائرة معينة من قصر عابدين وقصر المنتزه وقصر رأس التين ووزارة الدفاع الخ . ومنها الأمران العسكريان رقم 81 و 82 لسنة 1949 . وقد ألغيت هذه الأوامر بالقانون رقم 2 لسنة 1950 الذي ألغي الأحكام العرفية .
( [2] ) وقد كان أصل النص في المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 : “لا يجوز إبقاء الأماكن المعدة للسكن” . وفي أثناء المناقشات التي دارت في الجمعية العامة لمجلس الدولة في شأن هذا المرسوم بقانون اقترح أحد المستشارين تعديل النص على الوجه الآتي : “لا يجوز إبقاء المساكن المعدة للاستغلال” ، حتى يسمح النص بأن يكون للشخص مسكن للمصيف يكون فيما عدا فصل الصيف خالياً ، فلا يتناوله النص لأنه غير معد للاستغلال وإن كان معداً للسكن ، فوافقت الجمعية العامة على هذا التعديل .
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن حجز صاحب الفندق لشقة يلحقها بالفندق للنازلين فيه لا يعتبر إبقاء لمكان معد للسكن ممنوعاً بحكم التشريع الاستثنائي ( استئناف مختلط 26 مارس سنة 1946م 58 ص 77 ) .
( [3] ) وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في عهد الأوامر العسكرية السابقة ، بأنه يحق للمالك شغل المكان الذي خلا بنفسه إذا كان في حاجة إليه دون أن تصل هذه الحاجة إلى حد الضرورة الملجئة ، إلا لإخلاء العين من شاغلها لا لشغل العين الخالية ( استئناف مختلط 3 يناير سن 1946م 58 ص 66 ) . وانظر سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 110 .
ويلاحظ أن احتجاز المسكن خالياً لحاجة صاحبه إليه مقيد بألا يحتجز صاحب المسكن في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه .
( [4] ) ويذهب الأستاذ سليمان مرقس إلى أن طالب الاستئجار يطالب “بتعويض عما يكون قد لحقه من ضرر بسبب تعسف المالك في عدم التأجير إليه ، وقد ترى المحكمة أن يكون تعويضه عينا فتأمر المالك بأن يؤجر إليه ، وتستعمل في ذلك طريقة التهديدات المالية” ( سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 110 ص 313 ) . ويظهر لنا أن هناك التزاماً قانونياً مفروضاً على صاحب المسكن الخالي بتأجيره ، وقد قام حكم القاضي مقام التنفيذ العيني ، فنحن إذن في نطاق التنفيذ العيني لا التعويض العيني ، وفي غنى عن التهديدات المالية لأن حكم القاضي يقوم مقام الإيجار .
وإذا رفع الدعوى أكثر من طالب واحد للاستئجار ، فأيهم حكم له أولا كان هو المستأجر على التفصيل الذي بيناه ، أما الباقي فيحكم لهم ضد صاحب المسكن بمصروفات الدعوى .
( [5] ) لذلك إذا كان الموظف لم ينقل من البلد ، وإنما أخلى المسكن إلى مسكن آخر في نفس البلد ، فالمسكن الخالي لا أولوية فيه لموظف منقول إلى البلد ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 218 ص 1932 ) .
( [6] ) فقد جاء في تقرير اللجنة المشكلة في وزارة العدل في سنة 1946 لوضع المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 ما يأتي : “وضع نص في القانون الجديد يعطي الأولوية في المسكن الذي يخلو بنقل موظف للموظف الذي يحل محله” . وجاء في التقرير الأول للجنة التشريعية بمجلس النواب عند نظر قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 : “منحت المادة التاسعة الموظف المنقول حق الأولوية في استئجار المسكن الذي كان يشغله الموظف المنقول بدله بشروط معينة” . وانظر في هذا المعنى الأستاذ كامل محمد بدوي وهو يشترط “أن يكون طالب السكن موظفاً نقل بدل الموظف الذي أخلى المسكن . . فلأي قاضي الأولوية على غيره في المكان الذي خلا بنقل قاضي آخر ، ولأي ضابط بوليس هذا الحق في استئجار المكان الذي خلا بنقل ضابط بوليس آخر ، إنما ليس له الأولوية في استئجار المكان الذي يخلو بنقل ضابط جيش مثلا ، ويحل الكاتب في الداخلية محل كاتب آخر في الداخلية ، وهكذا” ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 218 ) . وانظر أيضاً في هذا المعنى سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 111 ص 315 .
( [7] ) بعد ظهور حركة التنقلات مثلا ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 218 ص 193 ) .
( [8] ) ويترتب على ذلك أن صاحب المسكن يجب عليه أن يترك المنزل خالياً ، بعد إخلائه ، مدة أسبوع ينتظر فيه وصول إعلان برغبة الموظف الجديد في استئجار المسكن . وفي تقصير الميعاد ما يشعر بأن المشرع أراد ألا يطول انتظار صاحب المسكن ، وتضيع عليه الأجرة في المدة التي يظل فيها المسكن خالياً ، ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 219 ) .
( [9] ) كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 220 ص 195 – وتقول المذكرة الإيضاحية لكل من المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 وقانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، تبريراً لهذا الحكم الاستثنائي ، ما يأتي : “وليس في هذا النص جنوح إلى تمييز طائفة الموظفين على غيرهم . ولكن لما كان نقل الموظف إلى بلد ما ليباشر شؤون وظيفته ، ويقوم بالعمل الذي عهد به إليه ، مما يرتبط بالصالح العام بل بمصلحة الأهلين أنفسهم ، فإنه يكون من المتعين أن تيسر له طريقة السكن كي يتوافر له الاطمئنان والاستقرار” .
( [10] ) قارن كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 217 ( ويذهب إلى أنه “إذا أراد المالك شغل المكان نفسه فليس عليه من حرج مادام قد أصبح خالياً ولو لم تكن لديه ضرورة ملجئة لذلك ، لأن القانون لم يسلبه حقه في الانتفاع بملكه إلا بالقدر الذي أفصح عنه في نصوصه” ) .
( [11] ) ذلك أن الموظف الجديد إنما حل محل الموظف القديم فيعتبر “استمراراً له” . وهذه العبارة وردت على لسان رئيس مجلس الشيوخ عند مناقشة هذا النص في المجلس . فقد قال احد الشيوخ : “إذا فرض وكانت الشقة خالية ، ورغب الموظف المنقول السكنى في هذه الشقة ، وجاء المالك فقال إنني أريد هذه الشقة لسكنى أو لسكن أحد أولادي ، فما الرأي في هذه الحالة”؟ فرد عليه رئيس المجلس : “إذا كان هناك ضرورة ملجئة ، فهذا أمر آخر – الفكرة في هذه المادة هي أن الموظف الذي يحل محل الموظف المنقول يعتبر استمراراً له” .
( [12] ) ومع ذلك فقد قضي بأنه لا يوجد ما يمنع من احتجاز أكثر من مسكن واحد في بلد واحد= ما دام ثمة مقتض أو موجب لذلك ، ويكون تقدير المقتضي متروكا للمحكمة ( مصر الكلية الوطنية 2 يونيه سنة 1949 المحاماة 29 رقم 218 ص 419 ) . انظر أيضاً في هذا المعنى سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 109 ص 312 . وهذا الرأي محل للنظر ، فإن القانون أطلق المنع ولم يقيده بعدم وجود مقتض ، إلا إذا كان المقتضي هو الضرورة الملجئة حيث يوجد نص صريح في ذلك .
على أنه قد تعرض حالات تدق فيها المسألة . فلو كان شخ يسكن في القاهرة ، واتخذ في الوقت ذاته مشتى له في حلوان ، فهل يعتبر محتجزاً لمسكنين في بلد واحد؟ ترى ترك الأمر في هذه الحالة لتقدير المحكمة ، فقد ترى أن هناك ضرورة تلجئ هذا الشخص لاتخاذ المشتى في حلوان لاعتبارات صحية ا واعتبارات ترجع إلى عمله . وقد ترى أن المشتى الذي اتخذه في حلوان ليس مسكناً ثانياً بالمعنى المقصود من النص ، بل هو مأوى موقت لا يصلح إلا أن يكون مشتى ولا يصلح سكناً دائما لشخص آخر .
( [13] ) ويصح ما قدمناه حتى لو كان الشخص يملك أحد السكنين ويستأجر السكن الآخر وهما في بلد واحد . ففي هذه الحالة أيضاً يكون محتجزاً لأكثر من مسكن واحد في بلد واحد ، وهذا لا يجوز ، وعليه أن يخلي أحد المسكنين ، إما المسكن الذي يملكه فيؤجره للغير ، وإما المسكن الذي يستأجره فيتيح للغير فرصة استئجاره . وهو إذا أخلى المسكن الذي يملكه ليؤجره للغير ، كان هذا قيداً مفروضاً عليه بصفته مؤجراً ، إذ هو مجبر على تأجير مسكن يملكه . وإذا أخلى المسكن الذي يستأجره ، كان هذا قيداً عليه بصفته مستأجراً ، إذ هو مجبر على إخلاء مسكن يستأجره .
( [14] ) ومع ذلك فقد قضيب بأن للشخص أن يستأجر أكثر من مسكن واحد إذا اقتضت الضرورة ذلك ، كأن يكون متزوجاً من اثنتين ( مصر الكلية 2 يونيه سنة 1949 المحماة 29 رقم 218 ص 419 – محمد لبيب شنب فقرة 71 ص 93 ) . وقد قضي أيضاً في هذا المعنى بأنه ليس ثمة ما يمنع من أن يحتجز الإنسان أكثر من مسكن في بلد واحد ما دام أن هناك مقتضيات أو موجباً لذلك ، وبأن المادة 10 من قانون الإيجارات وإن كانت تنص على أنه لا يجوز للشخص الواحد أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن واحد لسكناه ، إلا أن مفهوم هذا النص ومدلوله أنه يحرم على الشخص الواحد احتجاز أكثر من مسكن واحد في بلد واحد دون مقتض أو موجب لذلك . أما إذا وجد موجب يدعو لهذا الاحتجاز أو قامت ضرورة مقتضية كان من حقه أن يحتجز أكثر من مسكن واحد حسبما تتطلبه تلك الضرورة . ولما كان المدعي عليه قد جاهر منذ البداية بأنه عقب وفاة زوجته تزوج بأخرى ، ورفضت أن تقيم في العين المتنازع عليها مع أولاده ، فاستأجر لها شقة أخرى ، وبذلك يكون في حالة ضرورة ملجئة لأن يقيم بأولاده في مسكن وهو وزوجته الجديدة في مسكن آخر ( مصر الكلية أول أبريل سنة 1961 دائرة أولى إيجارات قضية رقم 4553 سنة 1959 ) .
ويخلص مما تقدم أنه يجوز للضرورة احتجاز أكثر من مسكن واحد في البلد الواحد ، فيحتجز الشخص مسكناً مملوكاً له وآخر يستأجره ، أو مسكنين مملوكين له ، أو مسكنين يستأجرهما . ونرى من ذلك أن القضاء ، وهو يواجه الضرورات العلمية ، يهذب من القوانين التي يندفع فيها المشرع في اتجاه اندفاعاً ينسيه الملابسات الأخرى .
ويلاحظ فوق ذلك أن المحظور هو احتجاز مسكنين . فلو احتجز الشخص مكانين لغير السكن كأن يباشر فيهما حرفته ، فهذا ليس بمحظور . كذلك ليس بمحظور أن يحتجز شخص مسكناً آخر بقصد أن يترك المسكن الأول ( انظر في كل ذلك محمد لبيب شنب فقرة 71 ص 94 ) .
( [15] ) وقد قشي بأن القانون لم يفصح عمن يحق له التمسك بالجزاء المدني ، أهو المؤجر ،وفي هذه الحالة أي المؤجرين؟ أم هو طالب السكن ، وفي هذه الحالة أيهم؟ وعلى الحالين لم يبين الطرق الذي يسلكه صاحب الحق للوصول إلى مبتغاه . على أن ما ورد في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من أن المادة 10 سالفة الذكر “تهدف إلى غرض وحيد هو تهيئة السبيل أمام طلاب السكن ليصلوا إلى بغيتهم” تجعل من المشكوك فيه بالأقل أن يكون المؤجر هو صاحب الحق الذي يتعدى إليه حكم تلك المخالفة ، وبالتالي أن يكون ذا صفة في طلب إخلاء المستأجر بحكم قضائي استناداً عليها ( مصر الكلية 20 نوفمبر سنة 1949 المحاماة 29 رقم 563 ص 1227 ) – وانظر أيضاً مصر الكلية 31 ماس سنة 1956 دارة 4 قضية رقم 3316 سنة 1955 – 18 أبريل سنة 1957 دائرة 13 قضية رقم 1823 سنة 1956 – 29 أبريل سنة 1957 دائرة 12 قضية رقم 187 سنة 1957 .
( [16] ) محمد علي شنب فقرة 71 ص 94 – علي البارودي ص 157 – رضا علي في تعليقه في النشرة القانونية لمحكمة الإسكندرية الابتدائية السنة الأولى ش 13 .
( [17] ) وقد نوقشت هذه المسألة في الجمعية العامة لمجلس الدولة عند نظر المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 على الوجه الآتي : “أحد المستشارين : أرى أن يفسخ الإيجار فيما عدا المسكن الواحد ، ويكون الفسخ بناء على طلب ذي مصلحة ، ويكون للمستأجر أن يختار هذا المسكن – مستشار آخر : إن ترتيب جزاء مدني يعرض لمشاكل كثيرة ، فمن ذا الذي ينفذ الجزاء؟ ثم لمن يكون التأجير عند تعدد الطالبين؟ ثم كيف نرغم المؤجر على التأجير لشخص بعينه وهو صاحب الحق في اختيار من يستأجر منه؟ المستشار الأول : طريقة التنفيذ ميسورة ، فإنه بعد الفسخ يعتبر المسكن خالياً ، ومع وجود النص الذي يحظر إبقاء الأماكن المعدة للسكن خالية يكون المالك مضطراً إلى أن يؤجر سكنه لمن يطلبه – وقد انتهت الجمعية العامة إلى إبقاء حكم المادة كما هو ، على أن يكون لكل ذي شأن أن يطلب الفسخ” .
( [18] ) سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 109 ص 312 هامش 2 – ويصح التساؤل عما إذا كان نص المادة 16 بعد تعديل سنة 1958 يسمح بعقاب المؤجر إذا كان الإيجار الصادر منه يسمح للمستأجر باحتجاز مسكن ثان في نفس البلد وكان المؤجر يعلم ذلك . ولكن لما كان لا يجوز التوسع في تفسير نص يفرض عقوبة ، فالأولى أن نقف عند الظاهر من النص .
أما قبل تعديل سنة 1958 فكان عقاب المستأجر لا شك فيه ، حتى ذهب بعض المحاكم إلى أن المشرع قد اكتفى بهذا الجزاء الجنائي واستعاض به عن الجزاء المدني ( مصر الكلية 20 نوفمبر سنة 1949 المحاماة 29 رقم 563 ص 1227 وقد سبقت الإشارة إلى هذا الحكم ، وجاء فيه فيما نحن بصدده : “أن المادة 10 من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، وإن كانت قد حظرت على المستأجر الجمع بين مسكنين أو أكثر في البلدة الواحدة لسكناه أو لتأجيره من الباطن ، فإنها لم ترتب جزاء مدنياً على مخالفة هذا النص اكتفاء بالجزاء الجنائي الذي نصت عليه المادة 16 من القانون المذكور” ) .
( [19] ) انظر آنفاً فقرة 688 .
( [20] ) انظر آنفاً فقرة 563 .
( [21] ) انظر آنفاً فقرة 563 .
( [22] ) انظر عكس ذلك مصر الكلية أول أكتوبر سنة 1950 المحاماة 31 رقم 177 ص 610 ( وتقول إنه وإن كانت المادة 9 قد أوجبت على الموظف المنقول نهائياً إخلاء مسكنه الذي يشغله بالبلدة التي نقل منها ، إلا أنها لم ترتب جزاء مدنياً على مخالفة هذا النص اكتفاء بالجزاء الجنائي الذي نصت عليه المادة 16 من القانون المذكور – ويلاحظ أنه لا يوجد جزءا جنائي على الموظف المنقول من البلد كما سنرى ، ومن هنا تتبين أهمية إيجاد جزاء مدني حتى يمكن إجبار الموظف على الإخلاء ( سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 116 ص 321 هامش 10 ) .
( [23] ) سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 116 ص 321 .
( [24] ) انظر آنفاً فقرة 688 .
( [25] ) استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1949م 61 ص 58 .
( [26] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه لما كانت المادة الأولى من قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 قد نصت على أنه يسري على الأماكن وأجزاء الأماكن المعدة للسكن أو ليغر ذلك من الأغراض واستثنت صراحة الأرض الفضاء ، وكان النزاع يدور على ما إذا كانت العين المؤجرة بمقتضى العقد الذي تستند ليه الطاعنة أرضاً فضاء كما تذهب الطاعنة أو مكاناً مؤجراً تسري عليه أحكام القانون المشار إليه كما يقول المطعون عليه ، هذا النزاع لا يكون مما تفصل فيه دائرة الإيجارات فصلا نهائياً عملا بالمادة 15 من القانون المذكور ، ذلك بأن حكم هذا النص لا يسري إلا على المنازعات الخاضعة للقانون 121 لسنة 1947 ( نقض مدني 5 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 65 ص 456 ) – وانظر أيضاً نقض مدني 24 يونيه سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 153 ص 987 – استئناف مصر 8 مايو سنة 1949 المحاماة 32 ص 851 – استئناف أسيوط 10 فبراير سنة 1954 التشريع والقضاء 6 رقم 49 ص 198 – استئناف مختلط 23 نوفمبر سنة 1948م 61 ص 16 .
( [27] ) استئناف مختلط 23 نوفمبر سنة 1948م 61 ص 16 – وذلك سواء قضت المحكمة باختصاصها أو بعدم اختصاصها ، وسواء صدر الحكم في الاختصاص من المحكمة الكلية أو المحكمة الجزئية أو محكمة الاستئناف . ويصدر الحكم في الاختصاص من المحكمة الجزئية ، كان ترفع أمامها دعوى إخلاء منزل يشغله موظف كميزة من مزايا الوظيفة ثم يترك وظيفته ، فيدفع بعدم اختصاص المحكمة الجزئية ، باختصاصها أو قضت بعدم الاختصاص ، فإن حكمها هذا يكون غير نهائي ويكون قابلا للطعن فيه بجميع أوجه الطعن المقررة في قانون المرافعات ( نقض مدني 10 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 102 ص 789 ) . ويصدر الحكم في الاختصاص من محكمة الاستئناف ، كأن ترفع دعوى إخلاء أمام المحكمة الكلية ، فيدفع المستأجر بعدم الاختصاص لأن المكان المطلوب إخلاؤه أرض فضاء فلا يسري عليه التشريع الاستثنائي ، فتقضي المحكمة باختصاصها ، ويستأنف المستأجر هذا الحكم ، فسواء قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الابتدائي بالاختصاص أو قضت بإلغائه وبعدم اختصاص المحكمة الكلية ، فإن حكمها في الاختصاص على نحو أو على آخر يكون قابلا للطعن فيه بالنقض ( نقض مدني 29 أكتوبر سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 14 ص 115 ) . وإذا قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم وباختصاص المحكمة الكلية ، امتنع عليها النظر في الموضوع ، إذ يكون الحكم قد صدر نهائياً من المحكمة الكلية المختصة ( استئناف مصر 15 مايو سنة 1950 المحاماة 31 رقم 166 ص 556 ) – وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كان الواقع هو أن الدعوى رفعت من المؤجر أمام دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية بطلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة ، وكانت هذه الدائرة قد أحالت الدعوى إلى دارة أخرى من دوائر المحكمة الابتدائية تأسيساً على أن العين المؤجرة هي أرض فضاء ولا ينطبق عيها قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، فطعن المستأجر في هذا الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت بتأييده ، ثم طعن بطريق النقض – وكانت الدائرة التي أحيلت إليها الدعوى بالمحكمة الابتدائية قد أحالتها إلى محكمة المواد الجزئية لاختصاصها بحسب قيم النزاع فاستأنف المستأجر هذا الحكم ، فإن محكمة الاستئناف إذ أيدته لا تكون قد أخطأت . ذلك أن الحكم الصادر من دائرة الإيجارات والقاضي بإحالة الدعوى إلى إحدى الدوائر المدنية بالمحكمة الابتدائية لاختصاصها قد أصبح نهائيا ( لأنه استؤنف وتأيد في الاستئناف ورفع النقض لا يمنع من نهائية الحكم ) ، فكان لزاماً عليها أن تتقيد عند نظر الدعوى بذلك الحكم ، أي باعتبار أن النزاع خاضع لأحكام القانون العام ، وكان يتعين عليها أن تفصل بداءة فيما إذا كانت مختصة بالقضاء في الدعوى من حيث قيمتها وفقاً للمادة 134 مرافعات ، وقد رأت أن الدعوى بحسب قيمة النزاع وفقاً للمادتين 45 و 46 مرافعات من اختصاص القاضي الجزئي ( نقض مدني 10 مارس سنة 1955 مجموعة أحكام النقض 6 رقم 102 ص 789 ) .
( [28] ) وقد يكون الحكم في الاختصاص قضاء ضمنياً ، فيكون قابلا للطعن فيه . وقد قضي بأنه إذا كان النزاع بين الطرفين يدور حول تكييف المنشأة ، وهل هي أنشئت إنشاء جديداً بعد سنة 1944 بما حصل فيها تعديل يعتبر جوهرياً في البناء القديم ذهب به وأوجد شيئاً آخر بدله فأصبح المالك حراً في التعاقد في حقوقه في ظل القانون المدني ، أم أن المنشأة لم تكن إلا نتيجة تعديل في البناء القديم الذي ظل حافظاً لحالته وإن تغير في بعض مظاهره فيخضع للقانون رقم 121 لسنة 1947 ، فإن هذا النزاع الجوهري الذي يتوقف على الفصل فيه القضاء باختصاص دارة الإيجارات أو بعدم اختصاصها بنظر الدعوى يجعل الحكم الصادر فيها قابلا للاستئناف عملا بالقواعد العامة وتطبقاً للمادة 401 مرافعات . ولا يغير هذا الوجه من النظر أن الحكم المستأنف لم يتعرض للدفع بعدم الاختصاص ، لأن الحكم في الموضوع يعتبر مشتملا على قضاء ضمني برفض الدفع بعدم الاختصاص مما يجيز للمحكوم عليه الطعن فيه بطريق الاستئناف ( استئناف مصر 28 ديسمبر سنة 1954 استئناف رقم 750 سنة 71 قضائية ) . وانظر أيضاً استئناف المنصورة 20 ديسمبر سنة 1956 استئناف رقم 43 مدني سنة 8 قضائية – 20 ديسمبر سنة 1956 استئناف رقم 136 سنة 8 قضائية – كذلك يعتبر الحكم الصادر بتطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 حكماَ ضمنياً برفض الدفع بعدم الاختصاص ، فيجوز استئنافه فيما يتعلق برفض هذا الدفع ( سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 135 ص 359 ) .
ومع ذلك فقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر من محكمة ابتدائية بصفة استئنافية لا يقبل الطعن في بطريق النقض فيما يتعلق بالاختصاص إلا إذا كان الطعن وارداً على الاختصاص بالذات . فإذا كان غير وارد على الاختصاص بل منصباً على تخطئه المحكمة في تفسيرها عقد الإيجار حين رفضت الدفع بعدم الاختصاص وقضت في موضوع الدعوى بانية قضاءها بذلك على أن نية المتعاقدين كانت منصرفة إلى تأجير الأنوال لا إلى تأجير المصنع ، وأنه متى كان الإيجار معقوداً على أنوال وهي منقولة فإنه لا يخضع لأحكام الأمر العسكري رقم 315 سنة 1942 ، فإن هذا الطعن يكون مقبولا ( نقض مدني 26 أبريل سنة 1945 مجموعة عمر 4 رقم 243 ص 634 ) .
( [29] ) هذا إذا كان تخفيض الضريبة يجاوز نصاب القاضي الجزئي ، ويغلب أن يكون النزاع في هذه الحالة غير مقدر القيمة فيدخل في اختصاص المحكمة الكلية .
( [30] ) نظر ما سبق بيانه آنفاً فقرة 608 فقرة 608 بالنسبة إلى القانون رقم 46 سنة 1962 ، وفقرة 610 في الهامش بالنسبة إلى القانون رقم 169 لسنة 1961 .
( [31] ) انظر آنفاً فقرة 622 .
( [32] ) انظر آنفاً فقرة 586 – فقرة 588 – وقد قضت محكمة النقض بأن النزاع الخاص بتحديد مبدأ زيادة الأجرة واستحقاق أجر المثل من المنازعات التي تفصل فيها دائرة الإيجارات فصلا نهائياً وفقاً للمادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 ، وإذن فإن محكمة الاستئناف لم تخالف القانون إذ قضت بعدم قبول الاستئناف المتعلق بهذا النزاع ( نقض مدني 12 فبراير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 70 ص 482 ) .
( [33] ) انظر آنفاً فقرة 623 .
( [34] ) انظر آنفاً فقرة 624 – وانظر مصر الكلية 27 مارس سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 5226 سنة 1953 – حتى لو كن ما دفع زائداً على الحد الأقصى قد دفع كتعويض في مقابل الترخيص في الإيجار من الباطن أو كخلو رجل ( مصر الكلية 30 أكتوبر سنة 1954 – المحاماة 36 رقم 443 ص 910 ) – وحتى لو كانت المطالبة بعد فسخ الإيجار ( مصر الكلية 29 فبراير سنة 1953 دائرة 12 قضية رقم 3653 سنة 1952 ) .
( [35] ) انظر آنفاً فقرة 627 وما بعدها .
( [36] ) انظر آنفاً فقرة 628 .
( [37] ) انظر آنفاً فقرة 628 .
( [38] ) انظر آنفاً فقرة 632 وما بعدها .
( [39] ) انظر آنفاً فقرة 638 وما بعدها – وليس أمام المؤجر ، إذا تأخر المستأجر في دفع الأجرة ، إلا دعوى الإخلاء يرفعها أمام المحكمة الكلية طبقاً للإجراءات التي نص عليها التشريع الاستثنائي التي بسطناها فيما تقدم . وليس له أن يرفع دعوى فسخ الإيجار أمام المحكمة الجزئية طبقاً للقواعد العامة . وقد قضي بأنه إذا طلب المؤجر فسخ الإيجار لعدم دفع الأجرة ، ولم يكن قد قام بتكليف المستأجر بدفعها وفقاً لأحكام المادة 2 فقرة ثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1947 ، تعين رفض دعواه . ولكن لا يترتب على ذلك عدم اختصاص المحكمة الابتدائية واعتبار المحكمة الجزئية مختصة بطلب الفسخ وفقاً للقانون العام ، لأن أحكام القانون المدني معطلة في البلاد التي يسري عليها القانون رقم 121 لسنة 1947 ، ولا يجوز الرجوع إليها إلا عند عدم توافر الشروط التي يستلزمها هذا القانون الأخير ( منوف 30 ديسمبر سنة 1950 التشريع والقضاء 4 – 3 رقم 44 ص 13 ) .
( [40] ) انظر آنفاً فقرة 644 وما بعدها – استئناف أسيوط 10 فبراير سن 1954 التشريع والقضاء 6 رقم 49 ص 198 . أما المطالبة بتعويض لمخالفة المستأجر شرط امنع من التأجير من الباطن فلا تعتبر من المنازعات الإيجارية ( نقض مدني 27 مارس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 119 ص 693 ) .
( [41] ) انظر آنفاً فقرة 648 .
( [42] ) انظر آنفاً فقرة 649 – وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان موضوع الدعوى نزاعاً على بيع محل تجاري ( جدك ) وعلى جواز حلول المشتري محل المستأجر ، فتسري على الدعوى قواعد المرافعات العامة ولا نطبق عليها التشريك الاستثنائي ( نقض مدني 12 يناير سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 1 رقم 53 ص 184 ) . وانظر أيضاً نقض مدني 6 ماس سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 3 رقم 107 ص 628 .
( [43] ) انظر آنفاً فقرة 651 وما بعدها – استئناف مختلط 30 مارس سنة 1946م 58 ص 176 – 24 ديسمبر سنة 1946م 59 ص 57 – أما طلب التعويض عن ذلك طبقا للقواعد العامة فلا يعتبر منازعة إيجارية ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 228 – ص 230 وأحكام النقض المشار إليها فيه ) .
( [44] ) انظر آنفاً فقرة 655 وما بعدها .
( [45] ) انظر آنفاً فقرة 658 وما بعدها – وقد قضي بأن دعوى الإخلاء للهدم وإعادة البناء تبقى منازعة إيجارية حتى لو ادعي المستأجر أن المجر رخص له في بإقامة مبان في العين المؤجرة ، فكل ما للمستأجر في هذه الحالة هو أن يسترد تعويضاً في حدود القانون ، وهذا حق لا شأن له بإخلاء العين فتبقى المنازعة إيجارية ( مصر الكلية 17 يونيه سنة 1953 دائرة 13 رقم 3754 سنة 1952 .
( [46] ) انظر آنفاً فقرة 665 – وقد قضي بأن الحكم يكون قابلا للطعن من جهة تقدير التعويض على أساس القواعد العامة ( مصر الكلية 25 يونيه سنة 1955 دائرة 4 قضية رقم 3802 سنة 1954 .
( [47] ) انظر آنفاً فقرة 666 وما بعدها .
( [48] ) انظر آنفاً فقرة 684 .
( [50] ) انظر آنفاً فقرة 688 .
( [51] ) انظر آنفاً فقرة 689 .
( [52] ) انظر آنفاً فقرة 691 .
( [53] ) انظر آنفاً فقرة 692 .
( [54] ) وإذا ارتبط منازعة غير إيجارية بمنازعة إيجارية ارتباطاً وثيقاً بحيث تكون المنازعة الأولى تابعة تبعية كاملة للمنازعة الثانية ، كالمطالبة بفوائد الأجرة الزائدة المطلوب ردها وكطلب مهلة للإخلاء طبقاً لأحكام المادة 346/2 مدني وكطالبة المؤجر للمستأجر بثمن الأشياء التي أتلفها أو فقدها من العين المؤجرة ، فإن المنازعة غير الإيجارية تتبع الأصل وتعتبر منازعة إيجارية ( مصر المختلطة 7 يونيه سنة 1945م 57 ص 176 ) – ويعتبر الإشكال الموضوعي في تنفيذ حكم صادر في منازعة إيجارية هو أيضاً منازعة إيجارية تدخل في اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المستشكل في تنفيذه ( مصر الكلية 27 فبراير سن 1958 دائرة 13 قضية رقم 3934 سنة 1957 ) .
( [55] ) عابدين 5 يونيه سنة 1951 المحاماة 32 رقم 35 ص 107 .
( [56] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه متى كانت العين المؤجرة هي أرض فضاء ، فإن المدعى تخضع لقواعد القانون العام المتعلقة بالاختصاص ، ولا يغير نم هذا النظر أن المستأجر لتلك الأرض الفضاء قد أقام عليها بناء ، إذ مناطق البحث ينحصر فيما إذا كانت الأرض المؤجرة أرضاً فضاء أو مكاناً معداً للسكنى أو غير ذلك من الأغراض ، ولا محل للتوسع في تفسير هذا القانون الاستثنائي لأنه جاء على خلاف أحكام القانون العام ( نقض مدني 14 ديسمبر سنة 1950 مجموعة أحكام النقض 22 رقم 30 ص 158 ) – وانظر أيضاً استئناف مصر 15 مايو سنة 1950 المحاماة 31 رقم 661 ص 556 – مصر الكلية 26 مارس سنة 1953 قضية رقم 230 سنة 1953 – 16 يناير سنة 1954 دائرة 4 قضية رقم 1603 سنة 1953 . انظر كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 222 – ص 223 – وص 226 – 229 وأحكام النقض المشار إليه فيه .
( [57] ) وقد قضي بأن الدعوى المبنية على أن المكان مشغول دون سند لا تعتبر منازعة إيجارية ، ويكون الحكم الذي يصدر فيها من المحكمة المختصة بحسب القواعد العامة غير نهائي ( استئناف مختلط 27 مايو سنة 1947م 59 ص 224 – 27 يناير سنة 1948م 60 ص 46 – 26 يونيه سنة 1949م 61 ص 134 – مصر الكلية 11 أبريل سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 512 سنة 1955 – 11 أبريل سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 3334 سنة 1954 ) . ويستوي أن يكون المكان المشغول دون سند مغتصباً أو أن عقد إيجاره عقد صوري أو أنه عقد جدي وانقضت مدته ولم يتجدد قبل صدور أول تشريع استثنائي قضي بامتداد عقد الإيجار بحكم القانون ( مصر الكلية 25 يونيه سنة 1955 دائرة 4 قضية رقم 1262 سنة 1955 ) . ويستوي كذلك أن يكون شغل المسكن مجاناً كمزية إضافية من مزايا عقد العمل ( مصر المختلطة 21 ديسمبر سنة 1944م 57 ص 71 : لا يستمر المستأجر في شغل المسكن بعد فصله من الخدمة ) أو كان شغله بموجب عقد إداري كاستغلال مقصف إحدى المداس ( مصر الكلية 13 فبراير سنة 1954 دائرة 4 قضية رقم 4804 سنة 1953 ) ، أو إخلاء المستأجر من كازينو النزهة بالإسكندرية فإن هذا أمر إداري لا يجوز الطعن فيه بالإلغاء إلا أمام القضاء الإداري ( كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن فقرة 230 – ص 231 وأحكام النقض المشار إليها فيه ) .
ولا يعتبر طلب تحديد القيمة الإيجارية لمكان يستغله ساكنه دون عقد إيجار منازعة إيجارية ، إذ يجب أن يسبق الطلب تعاقد على الإيجار حتى يعتبر منازعة إيجارية ( مصر الكلية 11 أبريل سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 3334 سنة 1954 ) . كذلك لا يعتبر منازعة إيجارية طلب إخلاء شاغل العين دون سند لعدم دفعه مقابل الانتفاع أو لإساءته استعمال العين ( مصر الكلية 15 مارس سنة 1958 دائرة 4 قضية رقم 3106 سنة 1957 ) .
( [58] ) انظر آنفاً فقرة 571 فقرة 574 .
( [59] ) انظر آنفاً فقرة 575 – فقرة 577 .
( [60] ) انظر آنفاً فقرة 697 .
( [61] ) قرب الإسكندرية المختلطة 13 مارس سنة 1947م 60 ص 6 .
( [62] ) مصر الكلية 17 نوفمبر سنة 1956 دائرة 4 قشرة رقم 4819 سنة 1955 – والمفروض أن الأجرة تزيد على الحد الأقصى وقد حصل المؤجر عنها أقساطاً ، ثم باع العين المؤجر ، فاستمر المشتري يحصل أقساطاً أخرى . فرفع المستأجر دعوى على المشتري يطالبه برد كل ما دفعه زائداً على الحد الأقصى ، فهذه المنازعة تعتبر منازعة إيجارية . أما رجوع المشتري على المؤجر السابق ( البائع ) بما حصله هذا زائداً على الحد الأقصى قبل البيع ودفعه عنه المشتري للمستأجر ، فهذا تسري في شأنه القواعد العامة ( قواعد الإثراء بلا سبب ) فلا يعتبر منازعة إيجارية .
( [63] ) وكذلك حق المؤجر في إجراء الترميمات اللازمة لحفظ العين . وقد قضي بأنه إذا نبه المؤجر على المستأجر بإخلاء العين لإجراء إصلاحات فيها على أن يعود إليها بعد ذلك ، فأجابه إلى طلبه ، ولما تم إصلاح العين طالب المستأجر المؤجر بتمكينه من العودة فرفض ، فإن هذه المنازعة لا تعتبر منازعة إيجارية ولا تدخل في اختصاص دوائر الإيجارات ( مصر الكلية13 فبراير سنة 1958 دائرة 13 قضية رقم 2049 سنة 1957 ) .
وتقضي كذلك بأن طلب المستأجر ، الذي أخلى العين المؤجرة بناء على أمر البلدية لإجراء ترميمات في العين المذكور ، تمكينه من العودة إلى هذه العين لا يعتبر من المنازعات الإيجارية . وذلك لأن إخلاء المستأجر للعين لم يكن تطبيقاً لقانون إيجار الأماكن ، بل تطبيقاً لقوانين التنظيم . وكذلك فإن حقه في العودة إلى تلك العين – إن وجد – يكون مستمداً من هذه القوانين الأخيرة لا من قانون إيجار أماكن ( مصر الكلية 10 نوفمبر سنة 1957 دائرة12 قضية رقم 2727 سنة 1957 ) . وقضي بأنه إذا لم يقم المؤجر بما تعهد بإجرائه من الإصلاحات مقابل زيادة الأجرة ، كان إلزامه بأجرائها من اختصاص القضاء العادي ، فإذا نص في عقد الإيجار على أن ما تضمنه من زيادة في الأجرة يقابل إصلاحات معينة تعهد المؤجر بإجرائها ، فتجري مطالبة المستأجر بإجراء ما تعهد به أمام القضاء العادي 0مصر الكلية 2 يناير سنة 1954 دائرة 4 قضية رقم 2543 سنة 1953 ) .
( [64] ) وقضي بأن المنازعات التي تدور حول التزام المؤجر بتقديم المياه الساخنة والتدفئة المركزية لا تكون منازعة إيجارية ( استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1944م 56 ص 62 ) .
( [65] ) فلا تعتبر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بصحة عقد الإيجار من حيث صدوره من ذي صفة في التأجير ( طنطا الكلية بهيئة استئنافية 20 يناير سنة 1950 التشريع والقضاء 4 – 3 رقم 55 ص 157 ) ، ولا المنازعات المتعلقة بالمفاضلة بين مستأجرين متزاحمين لعين واحدة في وقت واحد ( مصر الكلية 18 يناير سنة 1954 دائرة 12 قضية رقم 5181 سنة 1952 ) . ولا تعتبر منازعات إيجارية المنازعات المتعلقة بصحة تقدير الأجرة التي تكون مبنية على أحكام القانون العام لا على أحكام التشريع الاستثنائي . وقد قضت محكمة النقض في هذا المعنى بأنه إذا كان النزاع قد انحصر في مقدار الأجرة المتفق عليها ولم يتناول ما زيد عليها عملا بالأمرين العسكريين رقمي 289 و 315 ، وكان مبني هذا النزاع ما أدعاه المستأجر من أن الأجرة المتفق عليها قد خفضت باتفاق بينه وبين المؤجر ، وأن الناظر الذي خلف الواقف في النظر لا ينازع في وقوع هذا الاتفاق وإن كان يذهب إلى أنه اتفاق باطل لأن التخفيض الذي يوجبه فيه غبن على الوقف ، فذا النزاع لا تختص به المحكمة الابتدائية بالتطبيق للأمر العسكري رقم 315 الذي يجعل لها الاختصاص في المنازعات على زيادة الأجرة التي قررها ، بل الاختصاص يبقى – وفقاً للقواعد العامة – لمحكمة المواد الجزئية ( نقض مدني 13 يونيه سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم 95 ص 191 ) . وقضي أيضاً بأنه إذا طلب المؤجر تحددي القيمة الإيجارية للعين المؤجرة بما في ذلك الحديقة التي يستغلها المستأجر رغم أنه لم يكن متفقاً عليها بالعقد ، فضلا عما تعرض له المؤجر بسبب ذلك من زيادة نفقات المياه ، فإن دائرة الإيجارات تكون غير مختصة بنظر هذه الدعوى ، لأن مقابل زيادة المنفعة مجاله تطبيق القواعد العامة للقانون المدني لا قواعد القانون الاستثنائي ( مصر الكلية 8 نوفمبر سنة 1956 دائرة 13 قضية رقم 2712 سنة 1956 ) .وقضي بأنه إذا أجري المستأجر هدماً وتعديلا في العين المؤجرة خلافاً لشروط العقد ، وقبل زيادة الأجرة التي يقدرها قومسيون وزارة الأوقاف ( المؤجر ) نظراً لهذه التعديلات ، ثم رفض قبول الزيادة التي تعهد بها ، فالمنازعة التي تقوم في هذا الشأن لا تعتبر منازعة إيجارية ( مصر الكلية 5 ديسمبر سنة 1953 دائرة 4 قضية رقم 4634 سنة 1953 ) . ولكن تعتبر منازعة إيجارية المنازعة في تحديد القيمة إيجارية على أساس أجرة المثل في شهر سبتمبر سنة 1952 ( مصر الكلية 13 فبراير سنة 1958 دائرة 13 قضية رقم 2081 سنة 1957 ) . أما طلب تفسير عقد الإيجار فيما يتعلق بمدة الإجارة وبمقدار الأجرة ، مما لم يتناوله التشيع الاستثنائي ، فلا يعتبر منازعة إيجارية ( استئناف مختلط 2 مايو سنة 1944م 56 ص 139 – 27 مايو سنة 1947م 59 ص 230 – مصر الكلية 9 ديسمبر سنة 1954 دائرة 13 قضية رقم 3243 سنة 1954 ) . وطلب فرق الأجرة بموجب بند متنازع عليه في عقد الإيجار لا يعتبر منازعة إيجارية ( مصر الكلية 9 ديسمبر سنة 1954دائرة 13 قضية رقم 3243 سنة 1954 وهو الحكم السابق الإشارة إليه ) .
وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا كان العقد يشمل إيجار المكان المؤجر كما يشمل علمية مالية أخرى مرتبطة به ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، فإن النزاع عن هذا العقد لا يكون منازعة إيجارية . وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه ، إذ قضي بجواز الاستئناف ، استند في ذلك إلى أن الاتفاق المبرم بين الطرفين يشمل أجرة المكان كما يشمل عملية مالية أخرى ، وهي أن الطعون عليهما دفعا إلى الطاعن مبلغً انفق في تجديد وتجميل العين المؤجرة داراً للسينما ، وأن المتعاقدين قد اتفقوا على أن هذا المبلغ يستهلك بأقساط شهرية تدفع كأجرة للسينما بكل محتوياتها ، على أن تسلم هذه الدار وما شملته عدا آلة السينما إلى المطعون عليهما في نهاية عقد الإيجار ، والى أنه قد لوحظ في تقدير المبلغ الواجب دفعه شهرياً ما أدخل على دار السينما من تحسين وما يستهلك من الأدوات والإنشاءات وهي جملة عناصر متداخلة يتعذر التفرقة بينها ، لأن في ذلك تجزئة لتعاقد واحد معترف من الطاعن بوجوده بجميع عناصره ، والى أن هذا الاتفاق لم يعقد بقصد التحايل على أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 ، فإن ما قرره هذا الحكم صحيح في القانون ( نقض مدني 27 يناير سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 57 ص 395 ) .
( [66] ) وقد قضت محكمة النقض بأنه إذا أقام المؤجر دعواه بطلب إخلاء المستأجر من العين المؤجرة لعدم وفائه بالأجرة المستحقة استناداً إلى المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 ، ورفضت المحكمة طلب الإخلاء تأسيساً على أن علاقة الإيجار التي كانت قائمة بين المؤجر والمستأجر قد انتهت بشراء الأخيرة العين المؤجرة ، فإن هذا الذي قررته المحكمة ليس تطبيقاً لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما هو وفقاً لقواعد القانون العام . ومتى كان الثابت بالأوراق أن قيمة كل من الدعوى وعقد الإيجار الذي دفع بانتهائه تقل عن ائتين وخمسين جنيهاً ، فيكون الحكم قد صدر من المحكمة الابتدائية بصفة انتهائية ، ومن ثم يكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً وفقاً للمادة 45 من قانون المرافعات ( قبل تعديل سنة 1952 ) ( نقض مدني 30 نوفمبر سنة 1952 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 20 ص 125 ) .
( [67] ) وهذا في العلاقة ما بين المؤجر والمستأجر ، أما في العلاقة ما بين المستأجر والغير ، كمستأجر آخر من نفس المؤجر بدعي أنه مقدم ، فإن تقدير قيمة الدعوى يكون باعتبار مجموع الأجرة عن مدة الإيجار كهلا ( نقض مدني 7 يناير سنة 1954 مجموعة أحكام النقض 5 رقم 58 ص 395 ) .
( [68] ) وهذا هو الحكم أيضاً في التشريعات الاستثنائية التي سبقت قانون إيجار الأماكن ، فقد جعلت أكثر هذه التشريعات – المرسوم بقانون 140 لسنة 1946 لسنة 1946 والمرسوم بقانون رقم 97 لسنة 1945 والأمر العسكري رقم 315 لسنة 1942 – الاختصاص للمحكمة الكلية . أما الأمر العسكري رقم 598 لسنة 1945 فكان يجعل الاختصاص للجنة خاصة نص على كيفية تشكيلها .
( [69] ) وقد دارت مناقشة في هذا الصدد في مجلس الشيوخ عند نظر قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ، إذ قال أحد الشيوخ : “إن الضرورة تقضي بإعطاء المتقاضين حق الطعن ، إذ من الجائز أن تخطئ المحكمة الابتدائية ، ولذا أرى أن تكون هذه الأحكام قابلة للطعن” . فأجاب رئيس لجنة العدل بمجلس الشيوخ : “تنص المادة على أن الدعاوي ترفع إلى المحكمة الابتدائية ، وهي الهيئة الاستئنافية لأحكام المحاكم الجزئية . والواقع أنه رؤى – اختصاراً للإجراءات – أن ترفع الدعاوي إلى المحكم الابتدائية مباشرة بدل المحاكم الجزئية فالذي حذف هو الدرجة الأولى لا الدرجة الثانية . والمحكمة الابتدائية – كما قلت – هي الهيئة الاستئنافية لأحكام المحاكم الجزئية ، وحكمها نهائي في مثل هذه الدعاوي” .
على أنه لابد من القول أن في القليل من الدعاوي – وهي الدعاوي التي تجاوز الأجرة السنوية فيها مائتين وخمسين جنيهاً وتزيد قيمتها على هذا المبلغ – قد كان أمام المتقاضي درجتان ، الدرجة الابتدائية منهما هي المحكمة الكلية والدرجة الاستئنافية هي محكمة الاستئناف ، فخسروا بذلك الدرجة الاستثنائية نفسها لا الدرجة الابتدائية . ولكن هذه الخسارة ليست بذي بال ، فهي لا تقع إلا في القليل من الدعاوي كما سبق القول . والخسارة الحقيقية في جعل حكم المحكمة الكلية نهائياً غير قابل لأي طعن هي في انعدام المرجع لتوحيد المبادئ التي يسير عليها القضاء في تفسير قانون إيجار الأماكن وتطبيقه ، لتشتت آراء المحاكم في بعض هذه المبادئ ، مما يجعل فتح باب الطعن بالنقض في الأحكام التي تصدر في المنازعات الإيجارية ، ولو بقيود معينة ، أمراً مرغوباً فيه . وسنعود إلى هذه المسألة عند الكلام في نهائية هذه الأحكام ( انظر ما يلي فقرة725 في آخرها في الهامش ) .
( [70] ) الخليفة 14 يناير سنة 1946 المجموعة الرسمية 47 رقم 179 .
( [71] ) وقد قضي بأن دائرة الإيجارات تختص باعتبارها درجة أولى للتقاضي بكل المنازعات التي لم يعط الاختصاص فها للمحاكم الجزئية ، شأنها في ذلك شأن باقي دوائر محكمة مصر الابتدائية ، وليس عرض قضايا الإيجارات عليها دون غيرها إلا توزيعاً إدارياً للعمل أقره وزير العدل ، وليس من شأن هذا القرار أن يلغي القانون ( استئناف مصر 28 ديسمبر سنة 1954 استئناف رقم 750 سنة 71 قضائية ) . وقضي كذلك بأن حكم المحكمة الابتدائية ، مهما تكن الدائرة التي أصدرته ، يكون غير قابل للطعن بأي طريق إذا أصدر على مقتضى الاختصاص الاستثنائي في منازعة يحكمها قانون الأماكن المؤجرة ( مصر الكلية 23 أكتوبر سنة 1954 المحاماة 36 رقم 440 ص 907 ) .
( [72] ) مصر الكلية 9 يونيه سنة 1952 دائرة 12 قضية رقم 17 وقضية رقم 441 سنة 1952 – 8 نوفمبر سنة 1956 دائرة 13 قضية رقم 2712 سنة 1956 .
( [73] ) استئناف مصر 4 أبريل سنة 1948 المحاماة 30 رقم 535 ص 1229 – 8 مايو سنة 1949 المحاماة 32 ص 851 – استئناف مختلط 5 فبراير سنة 1946م 58 ص 39 .
( [74] ) وقد قضت محكمة النقض بأن الحكم الصادر من دائرة الإيجارات والقاضي بإحالة الدعوى إلى الدائرة الخامسة لاختصاصها إذ أن النزاع المطروح عليها لا يحكمه القانون 121 لسنة 1947 وإنما هو خاضع لتطبيق أحكام القانون العام – بعد أن أصبح ذلك الحكم نهائياً – كان لزاماً أن تتقيد المحكمة عند نظر الدعوى بذلك الحكم ، أي باعتبار أن النزاع خاضع لأحكام القانون العام ، وكان يتعين عليها أن تفصل بداءة فيما إذا كانت مختصة بالقضاء في الدعوى من حيث قيمتها وفقاً للمادة 134 مرافعات ( نقض مدني 10 مارس سنة 1955 المحاماة 36 رقم 347 ص 691 ) .
( [75] ) ولا يستطيع الخصوم بمحض إرادتهم أن يعدلوا من قواعد الاختصاص ولا أن يتفقوا على ما يخالفها لتعلق هذه القواعد بالنظام العام كما سبق القول . فرفع الدعوى إلى دائرة الإيجارات ليس من شأنه بأي حال أن يؤثر في مسألة الاختصاص . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأنه مادام قانون إيجار الأماكن لم ينظر حالة من يشغلون الأماكن دون سند ، فإن الدعوى التي ترفع على شخص باعتباره شاغلا العين دون سند أمام دارة الإيجارات لا تدخل في الاختصاص الانتهائي للمحكمة ، ومن ثم يكون حكمها قابلا للاستئناف ( استئناف مختلط 26 يونيه سنة 1949م 61 ص 134 ) .
( [76] ) استئناف مختلط 22 فبراير سنة 1949م 61 ص 58 – مصر الكلية 23 أكتوبر سنة 1954 المحاماة 36 رقم 440 ص 907 .
( [77] ) انظر آنفاً فقرة 571 في الهامش وفقرة 575 .
( [78] ) وكون المحكمة الكلية هي المحكمة المختصة بنظر المنازعات الإيجارية لا يمنع من اختصاص القضاء المستعجل بنظر المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت في هذه المنازعات ، تطبيقاً لأحكام المادة 49 مرافعات ، فيجوز ، تمهيداً لرفع دعوى الإخلاء بسبب استعمال المستأجر العين المؤجرة استعمالا لا يضر بمصلحة المالك ، رفع دعوى إثبات الحالة أمام القضاء المستعجل ( سليمان مرقس إيجار الأماكن فقرة 1121 ص 341 ) . وقد قضي بأن القضاء المستعجل مختص بدعوى إثبات الحالة ، ولكنه غير مختص بالحكم بطرد المستأجر لإساءة استعمال العين لأن هذه المنازعة الأخيرة تعتبر منازعة إيجارية لا يختص بها القضاء المستعجل ( مصر الكلية مستعجل 6 نوفمبر سنة 1954 دائرة 3 رقم 7395 سنة 1954 – وانظر في عدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر المنازعات الإيجارية من حيث موضع المنازعة ذاته نقض مدني 12 ديسمبر سنة 1946 مجموعة عمر 5 رقم123 ص 278 – 7 مايو سنة 1953 مجموعة أحكام النقض 4 رقم 151 ص 990 ) . وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن التشريعات الاستثنائية الخاصة بإيجار الأماكن لا تمنع اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في حالات الاستعجال ، فإذا رفع المؤجر دعوى إخلاء أمام المحكمة الكلية ، ثم حدث بعد ذلك من المستأجر تصرفات توجب الاستعجال في إخلاء العين المؤجرة ، كأن استعمل العين على وجه يضر بها ضرراً جسيماً أو استخدمها منزلا للدعارة ، جاز للمؤجر أن يرفع الأمر إلى قاضي الأمور المستعجلة ليقضي بالإخلاء موقتاً دون مساس بالدعوى الموضوعية المرفوعة أمام المحكمة الكلية ( استئناف مختلط 17 يونيه سنة 1942م 54 ص 239 ) .
وفي قضية آجر مجلس بلدي لشخص داراً للسينما والتمثيل ، وعند انقضاء المدة الأصلية للإيجار انتزع المجلس العين من المستأجر ووضع عليها الأختام ، فرفع المستأجر دعوى أمام القضاء يطالبه بفض الأختام واسترداد حيازته للعين ، ورفع المجلس دعوى فرعية بصفة مستعجلة يطالب بطرد المستأجر من العين استناداً إلى أن العقد هو ترخيص في استغلال مرفق عام . فحكم القضاء المستعجل بفض الأختام ورد الحيازة للمستأجر ، وفي الدعوى الفرعية بعدم الاختصاص تأسيساً على أن المرافق ذات الصفة التجارية أو الاقتصادية لا تعتبر مرافق عامة فدعوى الطرد تختص بنظرها دارة الإيجارات . فطعن المجلس في الحكم بالنقض بسبب أن القضاء المستعجل أخطأ في تكييف العلاقات القانونية بينه وين المستأجر بأنها عقد إيجار مع أنها في حقيقتها ترخيص في استعمال مرفق عام ، ولو التزم القضاء المستعجل التكييف الصحيح لقضي بالطرد لأن التشريع لا يسري في هذه الحالة . فقضت محكمة النقض بأن خطأ القضاء المستعجل في تكييف العلاقة القانونية بأنها عقد إيجار ، بفرض حصوله ، ليس إلا خطأ في تقدير وقتي عاجل للنزاع اقتضته ضرورة الفصل في إجراء الوقتي المطلوب ، ولا تأثير له على أصل الحق الذي يبقى سليماً للطرف ، أن يناضلا فيه لدى المحكمة المختصة بالفصل فيه ، ويقع على كاهل من استصدر الحكم بهذا الإجراء الموقت مسئولية التنفيذ به إن ثبت فيما بعد أن الحق لم يكن في جانبه . ومن ثم لا يكون هذا الخطأ ، على فرض حصوله ، سبباً للطعن عملا بالمادة 10 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض ( نقض مدني 10 مايو سنة 1951 طعن رقم 119 سنة 19 قضائية منشور في كامل محمد بدوي في قانون إيجار الأماكن ص 233 – ص 234 ) . ومعنى ذلك أن القضاء المستعجل ، مع قوله بأن المنازعة إيجارية ، حكم باختصاصه بالإجراءات الوقتية في هذه المنازعة ، وأقرته محكمة النقض على ذلك .
( [79] ) انظر آنفاً فقرة 444 .
( [80] ) وقد قضت محكمة مصر الكلية بعدم الاختصاص في دعوى تخفيض الأجرة عن منزل بالقاهرة مملوك لشخص يقيم بالإسكندرية ، وكان المستأجر قد رفع الدعوى أمام محكمة مصر الكلية ، فقررت المحكمة إحالتها ، عملا بالمادة 135 مرافعات ، إلى محكمة الإسكندرية الكلية التي يقع بدائرتها موطن المؤجر المدعي عليه ( مصر الكلية 11 أكتوبر سنة 1953 دائرة 12 قضية رقم 5237 سنة 1952 ) .
( [81] ) لأن المشرع – كما قال الأستاذ احمد مسلم – أراد التخفيف لا التشديد ( احمد مسلم في التنظيم القضائي ونظرية الدعوى سن 1957 فقرة 249 – وأنظر أيضاً فقرة 240 – فقرة 244 فيما يتعلق بقواعد لاختصاص المحلي المقررة في قانون المرافعات- وانظر آنفاً فقرة 444 في الاختصاص المحلي فيما يتعلق بدعاوي الإيجارات غير المتعلقة بالمنازعات الإيجارية ) .
( [82] ) وهذا عدا البيانات المتعلقة بالخصوم . وتبين العين المؤجرة بياناً كافياً .وقد قضي مع ذلك بأن الخطأ في بيان العين المطلوب إخلاؤها لا يؤثر في صحة الإجراء متى كان مجرد خطأ مادي أو كتابي صار تصحيحه في الوقت المناسب ولم يترتب عليه أي ضرر ،إذ المقرر في فقه المرافعات أن البطلان لا يقع عند عدم النص عليه إلا إذا كان العيب الذي شاب الإجراء عيباً جوهرياً يفوت على الخصم مصلحته التي يقصد القانون إلى صيانتها بما أوجبه وحصلت المخالفة فيه ( مصر الكلية 23 أكتوبر سنة 1954 المحاماة 36 رقم 441 ص 908 ) .
( [83] ) وهذه الإجراءات المبسطة تقررت لمصلحة المدعي فيجوز له أن ينزل عنها يلجأ إلى الطرق العادي لرفع الدعوى على يد محضر وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات التي سبق بيانها ( استئناف مختلط 14 يناير سنة 1947م 59 ص 61 – مصر المختلطة 22 مارس سنة 1945م 57 ص 143 – مصر الوطنية 29 يناير سنة 1955 المحاماة 36 رقم 564 ص 1384 – 17 مارس سنة 1956 قضية رقم 927 سنة 1955 – 14 أبريل سنة 1956 قضية رقم 4369 سنة 1955 ) . ويتحقق ذلك عملا إذا رفع المدعي الدعوى بالمنازعة الإيجارية إلى المحكمة الجزئية مثلا بصحيفة دعوى تعلن على يد محضر ، فتحيل المحكمة الجزئية الدعوى إلى دائرة الإيجارات بالمحكمة الكلية ، فلا يجوز عندئذ للمدعي عليه أن يدفع أمام هذه الدائرة بأن رفع الدعوى غير صحيح لعدم إتباع الإجراءات المبسطة التي رسمها التشريع الاستثنائي ، فإن هذا التشريع لم يحرم ذوي الشأن من رفع الدعوى بالطريق العادي ( مصر الكلية 19 ديسمبر سنة 1953 دائرة 4 قضية رقم 501 سنة 1953 – 20 فبراير سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 114 سنة 1955 ) . وقد قضي في دعوى تخفيض إيجار مرفوعة بصحيفة معلنة على يد محضر ، أعلنها مخاطباً مع السيد مأمور قسم الزيتون دون أن يبين في إعلانه الخطوات التي سبقت تسليم الصورة وهو ما يوجب بطلان الإعلان طبقاً لما استقر عليه قضاء النقض ، بأن للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان صحيفة الدعوى إذا تبين لها بطلانها ( مصر الكلية 5 يونيه سنة 1961 دائرة أولى إيجارات قضية رقم 542 سنة 1961 ) . ولا يترتب على رفع المنازعة الإيجارية بالطريق العادي أن تتغير طبيعة هذه المنازعة ، بل تبقى منازعة إيجارية تنظر أمام دائرة الإيجارات على وجه الاستعجال ويكون الحكم الصادر فيها نهائياً غير قابل لأي طعن ( استئناف مختلط 14 يناير سنة 1947م 59 ص 61 ) – والعكس أيضاً صحيح ، فإذا رفعت دعوى أمام دائرة الإيجارات بالإجراءات المبسطة التي رسمها التشريع الاستثنائي ، ورأت دائرة الإيجارات أن الدعوى ليست منازعة إيجارية فنظرتها وفقاً لاختصاصها العادي أو أحالتها إلى دارة عادية ، فلا يجوز للمدعي عليه أن يدفع بن رفع الدعوى غير صحيح ، ذلك أن الخصومة – كما تقول محكمة مصر – تنعقد صحيحة من جهة الشكل إذا اتبع المدعي في رفعها طريقاً مرسوماً في قانون خاص وكانت له مندوحة في الاعتقاد بانطباق هذا القانون على النزاع ( مصر الكلية 23 أكتوبر سنة1954 المحاماة 36 رقم 440 ص 907 – سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 128 ص 343 – ص 344 ) .
( [84] ) مصر الكلية 22 مارس سنة 1958 دائرة 4 قضية رقم 2734 سنة 1957 – 29 مارس سنة 1958 دائرة 4 قضية رقم 3351 سنة 1957 ( وقد جاء في هذا الحكم أن المراد بالتوقيع هو توقيع المحامي بيده شخصياً لا بطريق إنابة أحد غيره في التوقيع عنه ، وإلا انتفت الحكمة التي وضع النص من أجلها وهي ضمان صياغة الصحيفة بواسطة المحامي نفسه ) – 26 أبريل سنة 1958 دارة 4 قضية رقم 2390 سنة 1957 ( وقد جاء في هذا الحكم أن البطلان يكون واجباً إذا نص القانون عليه ، وينص القانون على البطلان بلفظه أي صراحة ، وقد ينص عليه بعابرة ناهية و نافية أي دلالة كالحالة التي نحن بصددها ، فقد نهي قانون المحاماة رقم 96 لسنة 1957 في المادة الخامسة والعشرين منه عن تقديم صحف الدعاوي أمام المحاكم الابتدائية دون أن يكون موقعاً عليها من محام مقرر للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية ) – 17 مايو سنة 1958 دائرة 4 قضية رقم 1381 سنة 1958 .
ويجب أن يوقع الطلب محام حتى لو كان النزاع المرفوع أمام دائرة الإيجارات لا تجاوز قيمته نصاب القاضي الجزئي ، كأن يطالب المستأجر برد ما فدعه من الأجرة زائداً على الحد الأقصى ويكون ما يطالب برده لا يزيد عن مائتين وخمسين جنيهاً ( مصر الكلية 14 نوفمبر سنة 1957 دائرة 13 قضية رقم 2759 سنة 1957 ) .
( [85] ) وقد قضت محكمة مصر الكلية في هذا المعنى بأنه “إذا كانت الدعوى قد رفعت تأسيساً على التشريع الاستثنائي رقم 121 لسنة 1947 ، فإن حضور المدعي عليه لا يزيل البطلان الناشئ عن عيب في الإعلان متى دفع به منذ البداية . ومناط هذا النظر أن الشارع رسم ذلك التشريع بطابع فريد ، وميزه بإجراءات خاصة بصوالح الاختصام قدر اتصالها بالنظام العام ، لذلك كان على المحاكم أن تقوم من تلقاء نفسها بتطبيق القانون في أصوله جميعاً على الوجه الذي يحقق مراد الشارع وحكمة التشريع . ولما كان ذلك ، وكانت إجراءات التقاضي المقررة في المادة 15 من قانون إيجار الأماكن تحول دون الطعن في الأحكام الصادرة تطبيقاً له بأي طريق ، فإنه لا يصح إعمال المادة 140 مرافعات والقول بأن حضور المدعي عليه يزيل البطلان ، لأن علة زوال البطلان بالحضور هي أن تكون أمام الخصم الغائب فرصة الطعن على الحكم والتمسك في طعنه بالبطلان . وهذه الفرصة غير متاحة أصلا في المنازعات التي يكون الحكم فيها غير قابل لأي عن ، فمن أعلنت إليه الدعوى إعلاناً باطلا لا وسيلة له إلى منع صدور حكم نهائي عليه إلا الحضور في جلسة المرافعة والتمسك ببطلان الإعلان ، ولا يجوز في المنطق القانوني حرمانه من الفرصة الوحيدة المهيأة للدفاع عن حقوقه ، والتي إن فاتت صدر الحكم ضده انتهائياً ومعصوماً من أي سحب أو إلغاء ( مصر الكلية 29 يناير سنة 1955 المحاماة 36 رقم 564 ص 1383 ) – وانظر أيضاً في هذا المعنى سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 132 .
( [86] ) انظر في هذه المسألة أحمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية سنة 1952 فقرة 380 .
( [87] ) انظر آنفاً فقرة 708 في آخرها .
( [88] ) انظر آنفاً فقرة 617 .
( [89] ) مصر الكلية 29 يوليه سنة 1953 دائرة 4 رقم 3675 سنة 1953 .
( [90] ) انظر في تأييد هذا الاعتراض سليمان مرقس في إيجار الأماكن فقرة 131 .
( [91] ) احمد أبو الوفا في المرافعات المدنية والتجارية سنة 1952 فقرة 172 ص 175 .
( [92] ) انظر آنفاً فقرة 717 وما بعدها .
( [93] ) مصر الكلية 16 يناير سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 4958 سنة 1954 – 31 يناير سنة 1955 دائرة 12 قضية رقم 3010 سنة 1954 .